دراسات قانونية

قرار محكمة النقض حول إمكانية رفع دعوى استحقاق لعقار خلال تحفيظه (بحث قانوني)

حول إمكانية رفع دعوى الاستحقاق بشأن عقار خلال جريان مسطرة تحفيظه – تعليق على قرار محكمة النقض

-تعليق على قرار محكمة النقض عدد 2946 بتاريخ 21 يونية2011، في الملف المدني عدد
عدد3801/1/3/2010،

ذ. الحسن اولياس
باحث في العلوم القانونية والإدارية

صورة ووقائع النازلة

ا- موجز لصورة النزاع امام محاكم الموضوع:

يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه عدد277 وتاريخ15/02/2010، الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش، ان السيدة(ز.غ)، ادعت امام المحكمة الابتدائية بامنتانوت ان المدعى عليه مفارقها(م.م)، وهبها منزلا وأنها منذ 03/05/1995، وهي تحوزه الى ان قام بطردها منه بعلة تطليقها، والتمست تبعا لذلك الحكم بطرده هو او من يقوم مقامه او بإذنه من الدار المذكورة، مدعمة طلبها بمجموعة من المستندات منها شهادة المحافظة العقارية المتعلقة بالمطلب عدد77/66.

وبعد ذلك، ادلى المدعى عليه بمذكرة جواب أورد من خلالها ان المدعية لم تحز المدعى فيه، وان رسم الصدقة حرر تحت تهديده بفسخ دعوى الزوجية وقد رفع في هذا الشأن دعوى لإبطال الرسم المذكور.

وبعد استيفاء الإجراءات قضت المحكمة الابتدائية بطرد المدعى عليه من المنزل بمقتضى حكمها الذي استأنفه المحكوم عليه مؤكدا دفوعاته المدلى بها خلال المرحلة الابتدائية، موضحا ان الحكم نص على ان رسم الصدقة تضمن معاينة العدلين لحيازة المدعية للمتصدق به خاليا من شواغل المدعي وامتعته، والحال ان المدعية تقر بانه دائما معها كما التمس اجراء مسطرة الزور الفرعي واكد ان النزاع معروض في أطار المرحلة الإدارية للتحفيظ اذ تعرض على مطلب التحفيظ المتعلق بالمنزل.

وبعد تبادل المذكرات والردود، أصدرت محكمة الاستئناف الغاء الحكم المستأنف، والحكم من جديد بعدم قبول الطلب وتحميل المستأنف عليها الصائر، بعلة ان الملك موضوع النزاع في إطار مرحلته الإدارية للتحفيظ، وان هذا الأخير من شانه تطهير الملك مع ما يترتب على ذلك، وان طلب المدعية سابق لأوانه، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.

ب –الوسائل المثارة امام محكمة النقض

خلال مرحلة النقض، تمسكت المعنية بالأمر، بكون القرار المطعون ضده بالنقض من قبلها ورد معيبا ومنعدم الأساس، باعتبار ان مسطرة تحفيظ المنزل بناء على مطلب تقدمت به امام المحافظة العقارية لا يمنع من ممارسة حقها في حماية ملكها من أي اعتداء عليه، وان القول بخلاف ذلك سيجعل المطلوب ينعم باحتلاله الغير المشروع للملك، وفيه اضرار بمصالحها، كما انه لا وجود لأي مقتضى قانوني يمنع طالب التحفيظ من تقديم دعوى لطرد المحتل لعقاره ولو كان هذا الأخير متعرضا على المطلب.

ج-قرار محكمة النقض مع تعليله

انطلاقا مما تقدم، أصدرت محكمة النقض قرار بنقض القرار المطعون فيه، متمسكا بصحة ما نعته الطالبة على القرار المطعون فيه، معللا قراره بما يلي:

“…حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك ان المحكمة ملزمة بالبت في طلبات الأطراف دون تغيير موضوعها او سببها وعليها تطبيق القانون اللازم، وذلك عملا بالفصل3 من قانون المسطرة المدنية، ومن جهة أخرى فانه ليس بالفصل24 من ظهير1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري ولا بالقانون ما يمنع طالبة التحفيظ من إقامة دعوى لحماية العقار موضوع مطلب التحفيظ ولا المطالبة باستحقاقه، مادام المحافظ لم يحل الملف على المحكمة، والمحكمة مصدرة القرار لما عللت قرارها بما سيق أعلاه، تكون قد جعلته فاسد التعليل الموازي لانعدامه وعرضته للنقض. ” .

التعليق والتحليل

سوف يقتصر تعليقنا في هذا الجانب على الحيثية المعتمدة من قبل المحكمة في تبرير منطوقها بعلة انه لا وجود بالقانون لأي مقتضى يمنع طالب التحفيظ من إقامة أي دعوى ضد الغير ولو كان متعرضا للمطالبة بالتخلي عن العقار او استحقاقه، مادام ملف التعرض على التحفيظ ساريا خلال المرحلة الإدارية للتحفيظ ولم يحل بعد على انظار المحكمة للبت في التعرض.

ولفهم الموضوع اكثر، لابد من ربطه ببعض المحاور المرتبطة به، ومنها ابراز المقصود من نزاع التحفيظ وعلاقته بدعوى الاستحقاق بشان نفس العقار، وما هي حجية الحكم الذي سيصدر في اطار دعوى الاستحقاق خلال المرحلة الإدارية المرتبطة بتحفيظ نفس العقار موضوع المطالبة المتحدث عنها، ( مناقشة النقطة القانونية لقرار محكمة النقض موضوع هذا التعليق)، ، ثم من باب المناقشة وطرح مجموعة من التساؤلات والاستفسارات: وهل يجوز ممارسة نفس الدعوى ( أي دعوى الاستحقاق والتخلي )، حتى بعد المرحلة الإدارية للتحفيظ أي خلال المرحلة القضائية بشكل سيؤدي الى وجود دعويين: نزاع لاستحقاق العقار من جهة ونزاع حول التعرض على المطلب المتعلق بنفس العقار، علما ان النتيجة والاثار المترتبة عن الدعويين متشابهة نوعا ما، كل هذه الأمور تستدعي مناقشتها لوضع التعليق ضمن اطاره القانوني ولتوضيع معالمه بكيفية ناجعة.

أولا:مفهوم التعرض على التحفيظ وعلاقته بمدلول دعوى الاستحقاق والتخلي عن العقار:

يقصد من التحفيظ، اتباع مجموعة من الإجراءات الإدارية والتقنية والاشهارية، الرامية الى اخراج العقار من طابعه التقليدي بكونه عقارا غير محفظ، واخضاعه لنظام ظهير12 غشت1913 المغير والمتمم بالقانون 07/14، تلكم الإجراءات التي تنتهي بتأسيس رسم عقاري للملك، يكشف نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق والتحملات الكائنة على العقار وقت تحفيظه دون غير ذلك من الحقوق التي لم يتم إعلانها.

والجدير بالذكر ان مسطرة التحفيظ هاته مسطرة إدارية، الا انه من الممكن ان تتخلل هذه المسطرة مرحلة قضائية، في حالة وجود تعرض او عدة تعرضات على المطلب المعني، اذ آنذاك يحيل المحافظ على الأملاك العقارية والرهون الملف برمته على انظار القضاء للبت فيه.

وإذا كانت الدعوى في القضايا العادية(ومنها دعوى الاستحقاق والتخلي)، ترفع بمقال مكتوب امام المحكمة المختصة ووفق الشكليات القانونية المتطلبة قانونا في سائر الدعاوى عملا بمقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنيةحيث جاء فيه : “لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه، يثير القاضي تلقائياً انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضرورياً، وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده……”، فانه بالنسبة لدعوى التحفيظ يتم تحديد موضوعها واطرافها خلال المرحلة الإدارية للمسطرة وامام المحافظ العقاري.

وفي هذا الإطار، ورد في قرار صادر عن محكمة النقض:” التعرض دعوى يحدد موضوعها امام المحافظ، ويوضح المتعرض حدود ومدى تعرضه، وتبت فيها المحكمة كما احيلت عليها”.( قرار عدد 2804 بتاريخ05 يوليوز2000، الملف المدني عدد 2251/1/1997، منشور بكتاب قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ، من سنة1991 الى سنة2002، للأستاذ عبد العزيز توفيق، ص74 وما بعدها).

كما ورد في قرار اخر، ما يلي:” التعرض هو دعوى يحدد موضوعها امام المحافظ على الأملاك العقارية وان المحكمة تبت فيما يخص وجود ومدى الحق المدعى به من طرف المتعرض، وان ذلك لا يمنع قضاة الموضوع من فحص الرسوم المستدل بها من لدن الأطراف ليقارنوا بين قوة اثبات كل رسم….»(القرار عدد1473، بتاريخ16/04/2008، في الملف عدد 1314/1/1/2006).

هذا وقد تطرق المشرع المغربي الى تنظيم التعرض في صريح المادة 24 من ظهير التحفيظ العقاري، التي ورد فيها:
” يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:
1-في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛
2-في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛ …………..”.

اعتبارا لما سيق ذكره، فان الاختلاف الموجود بين دعوى التحفيظ ونزاع الاستحقاق بشان العقار، يتمثل في طريقة تقديمهما فقط، اذ ان دعوى الاستحقاق والتخلي لابد فيها من احترام الشكل المتطلب قانونا لرفع الدعوى وبواسطة مقال، اما نزاع التحفيظ فان الامر هنا لا يستدعي تقديم مقال امام المحكمة وانما تقديم تعرض في شكل تصريح امام السلطة المختصة، ويحال بعد ذلك الملف برمته على انظار القضاء للبت فيه، هذا من حيث شكليات النزاعين، اما فيما يرتبط بالأثار والمغزى من الدعويين فهو واحد أصلا الا وهو الحكم لصالح طرف ضد الاخر بالعقار او بالحق العيني موضوع المطالبة، ولا شك ان المشرع المغربي نفسه فطن للأمر، حينما استعمل مصطلح الاستحقاق في المادة24 المشار اليها أعلاه لانسحاب مضمونه أيضا لمصطلح ومفهوم التعرض ضد مطلب التحفيظ، وهذا ما زكته محكمة النقض بطريقة صريحة و واضحة أيضا من خلال عدة قرارات صادرة عنها، منها على سبيل المثال فقط ، قرارها عدد 261 بتاريخ 26/01/2005، في الملف عدد 587/1/4/04، الذي جاء فيه:

“…لكن حيث ان المحكمة لما لاحظت ان موضوع الدعوى الحالية هو موضوع مطلب التحفيظ قدمت ضده تعرضات بت فيها القضاء بمقتضى احكام نهائية، وقضت بعدم قبول الدعوى الحالية وعللت قرارها حسب المشار اليه أعلاه، بقولها ان التعرض يعتبر دعوى استحقاقية فلم يبق معه أي معنى لدعوى الحال، فجاء قرارها معللا بما فيه الكفاية ومرتكزا على أساس والوسيلة غير ذات أساس.”

ثانيا: حول المطالبة باستحقاق العقار اثناء سريان مسطرة تحفيظه الإدارية واهم النقط المبررة لصواب اتجاه
قرار محكمة النقض

حري بالتذكير، ان القرار موضوع هذا التعليق، زكى قاعدة قانونية مهمة، الا وهي عدم وجود ما يمنع طالب التحفيظ من المطالبة بالعقار عن طريق رفع دعوى الاستحقاق والتخلي في مواجهة المتعرض او هذا الأخير في مواجهة طالب التحفيظ ، مادام مطلب التحفيظ والتعرض المنصب ضده لم يتجاوز بعد مرحلته الإدارية.

ومعنى عدم تجاوز المرحلة الإدارية، ان المطالبة بالعقار انما اخدت واكتسحت اشواطا إدارية فقط فالمنازعة موجودة أصلا، غير ان القضاء لم يضع بعد يده عليها قصد البت فيها، وبعبارة اصح ان الملف مازال برمته معروضا على انظار المحافظ على الأملاك العقارية والرهون الذي لم يقم بإحالته على المحكمة المختصة للنظر في مدى صحة التعرض على مطلب التحفيظ من عدم ذلك.

ومن وجهة نظرنا المتواضعة ، فهذا القرار صائب من الناحيتين القانونية والواقعية أيضا، وتبرير ذلك على النمط التالي:

ان مناط دعوى التعرض على مطلب التحفيظ، هو نفسه مضمون دعوى الاستحقاق والتخلي على العقار، وليس هناك من اختلاف يميز الدعويين معا، بمعنى ان الهدف هنهما هو المطالبة بملكية عقار او حق عيني مترتب عليه

ان اطراف وموضوع الدعويين أيضا متشابهين، اذ نجد ان اطراف دعوى الاستحقاق تتمثل في المدعي(المستحق)، المدعى عليه(المستحق عنه) ثم العقار المستحق (موضوع النزاع)، الذي يقابله بالنسبة لدعوى التحفيظ، المتعرض(المدعي)، طالب التحفيظ( المدعى عليه)، ثم الشي او المحل موضوع النزاع( العقار او الحق العيني موضوع المطالبة).

الغرض من كلا الدعويين واحد، الا وهو استحقاق العقار او الحق العيني وجعله من نصيب أحد طرفي النزاع، او كما يصطلح عليه في الفقه الإسلامي ” رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله، او حربة كذلك بغير عوض” او كما ذكر الخطاب: ” الحكم بإخراج المدعى فيه الملكية من يد حائزه الى يد المدعي بعد ثبوت السبب والشروط وانتفاء الموانع” وهذا المدلول هو نفسه تقريبا المتبنى من قبل المشرع المغربي في الفصول169، 482، و483 من قانون المسطرة المدنية.

ان كلا الدعويين، تستلزم الاثبات فالتعرض على مطلب التحفيظ يستوجب تاييده بالحجة المثبتة للملك تحت طائلة صرف النظر عنه، وهو الامر نفسه بالنسبة لدعوى الاستحقاق والتخلي التي تستوجب تدعيمها بالبينة الشرعية الدالة على الحق موضوعها، وان تبنى على معلوم وليس مجهول، لقول صاحب التحفة:

والمدعى فيه له شرطان****تحقق الدعوى مع البيان.

من حيث الاختصاص للنظر في النزاع، فمحكمة موقع العقار هي المختصة للنظر في نزاع التحفيظ، وهو الامر نفسه بالنسبة لدعوى الاستحقاق( الفصل28 من قانون المسطرة المدنية)، بمعنى ان المحكمة الابتدائية التي يوجد بها موقع العقار هي المختصة للنظر في كلا الدعويين والقاضي المختص هو قاضي العقار.

وهذا هو الأهم، عدم وجود أي مقتضى في القانون المغربي يمنع ممارسة دعوى الاستحقاق والتخلي عن عقار موضوع تعرض على عمليات تحفيظه التي لم تتجاوز بعد مرحلتها الادارية ، ومن جانب اخر فانه في حالة صدور حكم نهائي في دعوى الاستحقاق والتخلي لصالح احد الأطراف، يمكن له ان يستغله كوثيقة حاسمة لتزكية ادعاءاته ومطالبه خلال عرض الملف على انظار محكمة التحفيظ ، وبعبارة اصح فان هذا الحكم يضحى حجة جديدة حاسمة تمكن من تعضيد موقف احد الأطراف امام قضاء التحفيظ وليس بالقانون أيضا ما يمنع احد هؤلاء الأطراف من الادلاء بأية حجة جديدة امام قضاء التحفيظ تنضاف لحججه السابقة ما دام الغرض من الادلاء بها لا يغير من طبيعة نزاع التحفيظ في شيء( باعتبار مضمونها وثيقة جديدة وليست بطلب جديد).

ثالتا: في شان المطالبة باستحقاق العقار اثناء سريان مسطرة تحفيظه القضائية

ان الاشكال الذي قد يتولد عن مدى ارتباط دعوى الاستحقاق بنزاع للتحفيظ حول نفس العقاربلغ مرحلته القضائية، يكمن في وجود دعويين معروضتين على القضاء في هذا الامر تؤدي كل منهما الى التوصل الى نفس النتيجة وبالتالي فما الهدف أصلا من عرض دعويين امام القضاء حول نفس الموضوع وبين نفس الأطراف ، الأولى دعوى مرتبطة بنزاع تحفيظ عقار والأخرى مرتبطة بنزاع حول استحقاقه، حيث يفرز عن الوضع مجموعة من التساؤلات و وجهات النظر وهنا نكتفي ببعض الحالات فقط ، التي من الممكن ان تنشا في الموضوع:

– حالة إحالة ملف التحفيظ على المحكمة في وقت معروض عليها نزاع الاستحقاق بشأن نفس العقار وبين نفس الأطراف: في هذه الحالة وباعتبار نزاع التحفيظ هو بمثابة نزاع حول الاستحقاق واستنادا لعرض النزاعين امام نفس المحكمة، وباعتبار أيضا وحدة الأطراف والموضوع والسبب، يمكن التماس ضم الملفين وإصدار حكم واحد فيهما

– حالة إحالة ملف التحفيظ على المحكمة، ولجوء احد الاغيار الى المطالبة باستحقاق نفس العقار في مواجهة طالب التحفيظ او المتعرض: هنا يمكن لطالب التحفيظ او المتعرض ان يواجه ذلكم الغير بانعدام صفته وعدم قبول دعوى الاستحقاق المرفوعة من قبله، لأنه اتخذ هذه الدعوى مطية للمطالبة بحق بعد ان فاتته فرصة تقديم طلب تحفيظه او التعرض عليه، بمعنى ان طالب الاستحقاق يتقاضى والحالة هاته عن سوء نية.

-حالة إحالة ملف التحفيظ على المحكمةو وجود دعاوى أخرى بشان نفس العقار ( دعوى القسمة نموذجا، دراسة على ضوء قرار محكمة النقض عدد2962 بتاريخ02/09/2009، في الملف العقاري عدد 860/1/1/2008) :

تتلخص وقائع هذا القرار، في كون طالبة التحفيظ اودعت مطلبا لتحفيظ عقار، بعد شرائه من البائعين لها الذين تملكوه بموجب رسم للملكية، غير ان البائعين بادروا الى التعرض ضد المطلب المعني على أساس ان المشترية لم تؤد ثمن البيع، في حين ان المشترية باعتبارها إدارة عمومية قامت بإيداع ثمن الشراء بصندوق الإيداع والتدبير، فأصدرت محكمة اول درجة حكما بعدم صحة التعرض، تم تأييده استئنافيا، فطعن ضده البائعون بالنقض اعتبارا لانعدام التعليل وخرق الفصل971 من قانون الالتزامات والعقود باعتبار الإدارة اقرت ابتدائيا واستئنافيا بوجود نزاع بين الورثة البائعين لها يتعلق بقسمة العقار، مما حذا بها الى إيداع مبلغ التفويت بصندوق الإيداع والتدبير كما سلف ذكره، وانهم التمسوا إيقاف البت في نزاع التحفيظ الى حين انتهاء النزاع بخصوص دعوى القسمة وبما انهم حسب زعمهم لا يشكلون اغلبية الورثة المالكين فان القرار المطعون فيه من قبلهم حري بالنقض.

غير ان محكمة النقض قضت برفض طلبهم، باعتبار انه لا موجب للاستدلال في النازلة بالفصل 971 من قانون الالتزامات والعقود، ما دام الطالبون قد باعوا جميع حصصهم للإدارة المطلوبة، وهم بذلك ملزمون بتنفيذ التزاماتهم، وبالتالي لا موجب لإيقاف دعوى التحفيظ لمجرد وجود دعوى للقسمة، واعتبارا أيضا لكون محكمة التحفيظ تنظر في الملف كما احاله عليها المحافظ العقاري.

هذه فقط امثلة لبعض الإشكالات والحالات التي يمكن ان تتولد ما بين توازي دعويي الاستحقاق والتحفيظ، مع العلم ان الامر قد تنشا عنه مجموعة من الحالات الأخرى لم يسعنا التطرق اليها في هذا الموضوع، والتي سنعود ان شاء الله الى التطرق اليها بشكل مستفيض ضمن موضوع مستقل.

 

(محاماه نت)

إغلاق