دراسات قانونية
الشيوع في أحكام التقنين المدني الجزائري
تمهيد:
الشيوع حالة قانونية تنجم عن تعدد أصحاب الحق العيني ، فإذا إمتلك شخصان أو أكثر عقارا أو منقولا غير قابل للإنقسام مثل السيارة ، يكون لكل واحد منهم الحق في حصته تنسب إلى الشيئ في مجموعة كالنصف أو الثلث أو الربع، أما أموال أو حصص الشركاء في الشركة لايعد شيوعا بينهم لأن المالك هو الشركة بإعتبارها شخصا معنويا منفصلا عن شخصية الشركاء.
وتعدد الملاك في الملكية الشائعة يثير عدة إشكالات فيما يتعلق بمزاولة كل مالك لسلطة الإستعمال والإستغلال و التصرف، لأن ممارسة هذه السلطات تقتضي إجماع الشركاء ، وهذا أمر لايتسير دائما.
لذلك تدخل الشرع لتنظيم الملكية الشائعة تنظيما اعتد فيه بإدارة الأغلبية حتى لايتعطل الإنتفاع بالمال الشائع في حالة غياب الإجماع .كما نظم أيضا حالة الشيوع الإجباري في ملكية الطبقات أي ملكية الأجراءات المشتركة في العمارات.
الفــرع الأول : الشيــوع الإختيـــاري
يوصف الشيوع بأنه إختياري إذا كان قابلا للقسمة ، بمعنى أن الخروج منه أو البقاء فيه يتوقف على إرادة المالكين، فكل واحد منهم في حالة عدم وجود إتفاق أن يطلب إفراز نصيبه فيصبح مالكا ملكية مفرزة عن طريق القسمة . وسنتكلم على أحكام الشيوع ثم قسمة المال الشائع
المبحث الأول :أحكام التمتع والتصرف في المال الشائع :
ترتب الملكية الشائعة حقا للشركاء في الإنتفاع به والتصرف فيه شأنه في ذلك شأن الملكية المفرزة ، ولكن مادام حق الشريك يمتد إلى نصيب الشركاء الأخرين ، وهؤلاء يمتد حقهم إلى نصيب الشريك ، فإنه يتنعذر عليه الإنتفاع بالشيئ وحده ، بل لابد من تعيين طريقة لإدارة هذا المال الشائع ، فإذا إتفق الشركاء على طريقة معينة لإدارة المال الشائع ألزمهم ذلك الإتفاق ، أما إذا إختلفوا في ذلك فإن القانون هو الذي يتولى تعيين النصاب الواجب لإدارة المال.وهذا ينطبق كذلك على التصرف في المال الشائع كله ، سواء كان التصرف ماديا أو قانونيا ، ولكن تصرف الشريك في حصته الشائعة دون المساس ببقية حصص الأخرين ، فإنها تخضع لقواعد الملكية المفرزة ولا تستوجب موافقة بقية الشركاء ، وفي المقابل لهم حق طرد المشتري الذي حل محل الشريك عن طريق ممارسة حقهم في الشفعة .
المطلب الأول : إدارة المال الشائع:
قد تكون إدارة المال الشائع من أعمال الحفظ والصيانة ، وقد تكون هذه الإدارة من أعمال الإدارة المعتادة ، وقد تكون من أعمال الإدارة غير المعتادة.
أولاً :أعمال الحفظ والصيانة:
نصت المادة 718 من ت .م على أنه ” لكل شريك في الشيوع الحق في أن يتخذ من الوسائل مايلزم لحفظ الشيء ، ولو كان ذلك بغير موافقة باقي الشركاء “.
فقد خرج المشرع بهذا النص عن قاعدة الإجماع أو الأغلبية لكون هذا العمل لايضر بقية الشركاء ، بل ينفعهم ، لأنه من واجب كل شريك أن يقوم بكل ما من شأنه أن يحفظ الشيئ من الإتلاف وصيانته .
وأعمال الحفظ والصيانة قد تكون أعمال مادية ، كالقيام بقطف الثمار قبل تلفها أو بيعها قبل فسادها ، أو القيام ببعض الترميمات الضرورية لحفظ العقار من التهدم على المارة تجنبا لقيام مسؤلية المالكين على تهدم البناء ( م 140 ت.م.) ، وقد تكون اعمال الحفظ والصيانة من قبيل الأعمال الإدارية أو تصرفات قانونية ، كالوفاء بالضرائب المفروضة على الملكية العقارية ، وقطع التقادم ضد من يحوز العقار بنية كسبه بالتقادم .
ويعتبر الشريك الذي يستقل بهذه الأعمال رغم معارضة الشركاء الأخرين نائبا عنهم نيابة قانونية ، ويحق له الرجوع على كل واحد من الشركاء بقدر نصيبه في النفقات التي أنفقها في حفظ الشيئ أو صيانته ، وذلك على أساس الفضالة ، لأن الشريك قد تولى شأنا لنفسه ، وتولى في نفس الوقت شأنا لغيره من الشركاء نظرا لإرتباط الشأنين ، إذ لايمكن القيام بأحدهما منفصلا عن الأخر ، وفقا لأحكام المادة 151 من التقنين المدني ، أما إذا أجاز بقية الشركاء هذا العمل، فإن الشريك الذي قام بالعمل يعتبر وكيلا عنهم ، لأن الإجازة اللآحقة كالوكالة السابقة كما تقضي بذلك المادة 152 ت .م.
وجميع النفقات التي تصرف من طرف الشريك المنفرد يتحملها الشركاء بقدر حصة كل واحد منهم على أساس الأنصبة وليس بالتساوي بينهم ، كما تقضي بذلك المادة 719 ت .م.
غير أنه لكل شريك أن يتخلص من دفع هذه النفقات إن هو تخلى عن نصيبه لبقية الشركاء وفقا للقواعد العامة التي تجيز التخلي عن الحق العيني ، فيكون لصاحب هذا الحق أن يتخلص حينئذ من كل الإلتزامات التي يتحملها بسبب الشيئ محل الحق.
ويلاحظ أن نص المادة 719 قد أورد ذكر بعض النفقات على سبيل المثال وليس الحصر ، وبالتالي يجب ألا نقف على هذه النفقات فقط ، بل تمتد إلى كل التكاليف ضرورية لحفظ الشيئ ، بإستثناء النفقات التي صرفت في أشياء كمالية غير ضرورية ، فإن الشريك الذي صرفها لايعود على بقية الشركاء فيها إلا إذا أذنوا له في إنفاقها صراحة أوضمنيا.
ثانياً : إدارة المال الشائع المعتادة:
الأصل في إدارة المال الشائع أن تكون من سلطة الشركاء مجتمعين ، فإن إتفق الشركاء جميعا على نظام معين لإدارة مالهم الشائع بينهم ، كان هذا النظام هو الواجب الإتباع سواء تعلق الأمر بالإدارة المعتادة أو غير المعتادة . وقد يختارون شخصا ينوب عنهم في إدارة المال الشائع سواء كان هذا الشخص منهم ، أو كان اجنبيا عنهم ، وقد يستخلص هذا الإتفاق ضمنيا من ظروف الحال
كأن يقوم أحد الشركاء بالإدارة دون إعتراض بقية الشركا ء.
وقد قدر المشرع الجزائري هذا التنظيم ، فإعتبره أصلا في إدارة المال الشائع ، وذلك في المادة 715 من ت، م . غير أن الوصول إلى هذا الإتفاق بإجماع الشركاء ليس أمرا ميسورا في الغالب من الأحيان ، ولذلك حدد المشرع النصاب المعقول الذي يمكن تحقيقه ، فنص في المادة 716 على أنه ” يكون ملزما للجميع كل ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة ، وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصبة ، فإن لم توجد الأغلبية فللمحكمة بناء على طلب أحد الشركاء أن تتخذ التدابير اللازمة ، ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع .
وللأغلبية أيضا أن تختار مديرا ، كما أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الإنتفاع بالمال الشائع نظاما يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعا سواء أكان الخلف عاما أو خاصا. وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون إعتراض من الباقين عد وكيلا عنهم “
وأعمال الإدارة المعتادة هي الإنتفاع بالشيئ دون تغيير أساسي أو تعديل في الغرض الذي أعد له ذلك الشيئ أو المال الشائع . كإيجار أرض زراعية أو محل تجاري أو شراء السماد للأرض وزراعتها أو جني محصولها وبيعه ، وقد خول النص المذكور أغلبية الشركاء العادية للقيام بهذه الأعمال . والأغلبية المقصود هنا هي النصف زائد واحد.
فلهذه الأغلبية أن تختار مديرا من بين الشركاء أو أجنبيا ، فيكون هو صاحب الشأن في أعمال الإدارة المعتادة .وإذا حددت الأغلبية نظاما لحسن الإنتفاع بالمال الشائع ، تفيد به سائر الشركاء ، كما يسري هذا النظام في حق خلفائهم سواء أكان خلفا عاما أو خلفا خاصا . فكل مايستقر عليه رأي الأغلبية يلزم الأقلية التي خالفت هذا الرأي ، وليس لهذه الأقلية أن تتظلم إلى المحكمة وإذا قامت الأقلية أو إستقل شريك بأعمال الإدارة والمعتادة ، فإنها لاتسري في حق الشركاء الباقين وفقا للقواعد العامة ، كأن يقوم أحد الشركاء أو أقليتهم بتأجير المال المشاع ، فإن هذا الإيجار لايسري إلا في حق من أبرموا العقد ، وبالتالي جاز للأغلبية طرد المستأجر من العين ، وعلى هذا الأخير أن يرجع على المؤجرين إلا إذا كان لا يعلم بحالة الشيوع ، ففي هذه الحالة يستطيع أن يطلب إبطال الإيجار على أساس الغلط.
ثالثاً: إدارة المال الشائع غير المعتادة :
نصت المادة 717 من التقنين المدني على أن ” للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع ، أن يقرروافي سبيل تحسين الإنتفاع بهذا المال من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي أعد له ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة على أن يعلنوا قرراتهم إلى باقي الشركاء ولمن خالف من هؤلاءحق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان . وللمحكمة عند الجوع إليها إذا وافقت على قرار تلك الأغلبية أن تقرر مع هذا كل ما تراه مناسبا من التدابير ولها بوجه خاص أن تأمر بإعطاء المخالف من الشركاء كفالة تضمن له الوفاء بما قد يستحق من التعويضات “.
ويتضح من النص أن أعمال الإدارة غير المعتادة ، وهي التي تنطوي على تغيير أساسي أو تعديل في الغرض الذي أعد له المال الشائع ، لم يكتفي المشرع في شأنها بالأغلبية العادية للشركاء ، بل تطلب أغلبية خاصة للقيام بهذه الأدارة ، وهي ثلاثة أرباع الشركاء ، أو الشركاء الذين يملكون ثلاثة أرباع المال الشائع ، حتى ولوكان شريكا واحدا .
غير أن الإدارة غير المعتادة من شأنها أن تحدث تغييرا جوهريا أو تعديلا في الغرض الذي أعد له المال الشائع ، مثل تهديم منزل قديم وبناء محل تجاري ، أو إقامة بناء في أرض زراعية لإعدادها للإستغلال الصناعي ، ولاشك أن هذه الأعمال أكثر مساسا بحقوق الأقلية ، لذلك نجد المشرع قد ألزم الأغلبية التي خولها هذه السلطة أن تعلن قرارها إلى بقية الشركاء حتى يسري في حق الأقلية . على أن الأقلية لها حق اللجوء في خلال شهرين من يوم إعلانها من طرف الأغلبية بقرارها في الأدارة إلى المحكمة للتظلم في هذا القرار ، وللمحكمة أن تلغي قرار الأغلبية أو تقره ، وذلك بمراعاة مصلحة الشركاء جميعا مسترشدة في ذلك بالسلوك المألوف للشخص العادي ، والمعيار هنا : هل كان الشخص العادي يقوم بما قامت به الأغلبية لو وضع في نفس الظروف التي واجهت الشركاء؟ . فإذا كان الجواب بالإيجاب صادقت المحكمة على قرار الأغلبية وإن كان بالنفي ألغت هذا القرار.
وللمحكمة في حالة إقرار قرار الأغلبية أن تقرر ماتراه مناسبا لضمان حقوق الأغلبية في إستيفاء ما قد يستحقونه من تعويض نتيجة تنفيذ قرار الأغلبية ، إذا تبين فيما بعد أن هذا القرار أضر بمصلحتهم ، كأن تشترط على الأغلبية تقديم كفالة لصالح الأقلية .
المطلب الثاني : التصرف في المال الشائع :
قد يتفق الشركاء على التصرف في المال الشائع كله أوفي جزء منه ، وهذه الحالة لا تثير أي إشكال ، وقد يختلف الشركاء فيما بينهم على التصرف في المال الشائع ولاتصل أغلبية الراغبين في التصرف ثلاثة أرباع ، ففي هذه الحالة يكون لمن رفض التصرف أن يطلب القسمة ، أما إذا رغبت ثلاث أرباع الشركاء في التصرف في المال الشائع كله ، وإستندت في ذلك إلى أسباب قوية كان تصرفها صحيحا شريطة أن يعلنوا قرارهم هذا إلى بقية الشركاء ، ولهؤلاء التظلم في هذا القرار في خلال شهرين من يوم الإعلان أمام المحكمة ، وللمحكمة أن تقدر – عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء – ما إذا كان التصرف واجبا أم لا ، وذلك تبعا للظروف المحيطة بالقضية المادة 720 ت .م. وللمحكمة أن تقضي وفقا لطلب الأقلية المتظلمة ، فإذا طلبت الأقلية إلغاء القرار ولم تطلب القسمة ، فإن سلطة المحكمة تنحصر في تقرير ما إذا كان التصرف مبنيا على أسباب جدية تبرره ، وتبعا لهذا التقدير تلغي قرار الأغلبية أو وتقره ، أما إذا طلبت الأقلية القسمة ، فإن المحكمة تنظر أولا ما إذا كانت القسمة ضارة أو غير ضارة بالشركاء، فإذا قدرت أن القسمة لاتضر بمصلحة الشركاء أمرت بالقسمة .
هذا فيما يتعلق بالتصرف في كل المال الشائع ، أو في جزء منه ، أما تصرف الشريك في حصته غير مفرزة ،كالزوجة التي تبيع الثمن أو الربع ،حسب الحالة ،في قطعة أرض كانت مملوكة لزوجها المتوفى، أو الأم التي تبيع السدس في قطعة أرض كان يملكها إبنها قيد حياته، فهذا بيع لايختلف عن بيع الملكية المفرزة ، من حيث سلطة المالك في التصرف ، ومن حيث إجراءات نقل الملكية ، فالخلاف الوحيد أن المشتري يحل محل البائع في حقوقه ويصبح شريكا في الشيوع مع المالكين للعقار ، ولهؤلاء طرده بإتباع إجراءات الشفعة.
المبحث الثاني : إنقضاء الشيوع الإختياري :
ينقضي الشيوع الإختياري بقسمة المال الشائع وإنفراد كل شريك بجزء مفرز من هذا المال يتناسب مع حصته الشائعة ، ويقال لها القسمة النهائية ، وقد يتم تقسيم المال الشائع دون ملكية بين الشركاء ، فيختص كل شريك بالإنتفاع بجزء من المال الشائع وحده ، في مقابل التنازل عن بقية أجزاء المال الشائع لبقية الشركاء ، وتسمى قسمة مهايأة .
المطلب الأول : القسمة النهائية :
وإن كان المشرع قد تولى تنظيم إدارة المال الشائع على الصورة التي سبق شرحها ، فإن ذلك لا يشفع في كون الملكية المفرزة هي الصورة المثلى للإنتفاع بالشيئ ، فالشيوع مهما كانت طريقة إدارته والإنتفاع به ، قد يؤدي إلى إعاقة الإنتفاع بالشيئ على أحسن وجه ، ولهذا ،كان حق أي شريك في الشيوع في طلب القسمة هو الأصل، والبقاء فيه هو إستثناء ، طبقا لأحكام المادة 722 من التقنين المدني التي تنص على أنه ” لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع مالم يكن مجبرا على البقاء في الشيوع بمقتضى نص أو إتفاق ،ولا يجوز بمقتضى الإتفاق أن تمنع القسمة إلى أجل يجاوز خمس سنوات ، فإذا لم يتجاوز هذه المدة نفذ الإتفاق في حق الشريك وفي حق من يخلفه “
ويفهم من هذا النص أن الأصل في الشيوع أنه إختياري ، وأن الخروج منه هو الأصل ، والبقاء فيه إستثناء ، ومن ثم لا يجبر أحد البقاء فيه إلا بنص لأن البقاء فيه إستثناء ، ولا إستثناء إلا بنص في القانون – ومثل ذلك ما نص عليه المشرع في الحائط الفاصل بين الملكيتين المتجاورتين كما رأينا سابقا – أو بإتفاق خاص ، ولكن ما دام هذا الإتفاق هو تقييد للأصل ، فإنه يجب ألا يتجاوز مدة الشيوع الإجباري أكثر من خمس سنوات ، فإذا تم الإتفاق عن البقاء في الشيوع أكثر من خمس سنوات نفذ في حدود خمس سنوات فقط.
والأصل في القسمة أن تكون إتفاقية أي بتراضي الشركاء فيما بينهم ، إلا إذا كان من بينهم من هو ناقص الأهلية ، ففي هذه الحالة يجب أن تكون القسمة قضائية ، أو كانوا كلهم بالغين سن الرشد ولكنهم إختلفوا في طريقة القسمة فتكون القسمة قضائية .
أولاً : القسمة الإتفاقية :
نصت المادة 723 من التقنين المدني على أنه ” يستطيع الشركاء إذا إنعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها ، فإن كان بينهم من هو ناقص الأهلية وجب مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون “.
والإجراءات التي يفرضها القانون على الولي، أبا كان أو أما ، والوصي ، والمقدم هو الحصول على الإذن من القاضي في كل تصرف يتعلق ببيع عقار، أو قسمته ، أو رهنه ، أو إجراء المصالحة ( م 88 / 02 ق.أ.فيما يتعلق بالولي م 95 فيما يتعلق بسلطات الوصي م100 فيما يتعلق بالمقدم) .
غير أنه ليس واضحا من نصوص قانون الأسرة ، كيف يتم هذاالإذن؟ ، وما هي إجرءاته؟ ، وهل المقصود بالإذن أن تكون القسمة قضائية ؟، أم يكفي للقاضي الإطلاع على مشروع القسمة المعد من طرف الخبير الذي عينه الشركاء و المصادقة عليه ، وهل يتولى هذا الأمر رئيس المحكمة أم قاضي الأحوال الشخصية ؟، فكل هذه المسائل نظمها التشريع المصري ، في قانون الولاية على المال وحدد إجراءاتها بينما سكت عنها قانون الأسرة الجزائري.
لذلك جرت العادة بين الناس على أن وجود قاصر بين الشركاء في الشيوع يقتضي القسمة القضائية لغموض إجراءات الحصول على الإذن ، وتأويل كل قاضي لهذا الإجراء حسب فهمه ، وبناء على ذلك نفترض في القسمة الإتفاقية عدم وجود قاصر .
والقسمة الإتفاقية تقتضي وجود إتفاق بالإجماع بين الشركاء ، ويسري على هذا الإتفاق ما يسري على جميع العقود من أحكام.
وتتم إجراءات القسمة الإتفاقية بإعداد مخطط موقع الأمكنة وخمس نسخ من مشروع القسمة يعدها خبير عقاري مختص ومعتمد، وترفق هذه التقارير بطلب تجزئة العقار من طرف الشركاء في الشيوع أو بطلب الموثق ، وتودع بالمصلحةالتقنية الخاصة بالتهيئة و التعمييرعلى مستوى البلدية ، وبعد مراجعة هذه التقارير ، ومعاينة الأمكنة من طرف الخبير المكلف بالمصلحة ، والتأكد من إحترام المسافات ، وأن الأرض ليست أرضا زراعية ، فإنه يقترح على رئيس المجلس الشعبي البلدي منح قرار التجزئة . وعند إستلام الشركاء لقرار التجزئة يتوجهون بالتقارير المعدة من طرف الخبير، وقرار التجزئة إلىالموثق الذي يقوم بتحريرعقد القسمة وتسجيله وشهره بالمحافظة العقارية .
هذا فيما يتعلق بالقسمة العينية ، إذا كان العقار قابلا للقسمة ، بحيث يمكن لكل شريك في الشيوع أن يحرز على حصة مفرزة ، أما إذا كان العقار غير قابل للقسمة كأن يكون من غرفة واحدة ، أو كانت تجزئته إلى حصص يقلص من قيمته ، لأنه يشكل وحدة للإستغلال، كمصنع مثلا ، ففي هذه الحالة يجوز للشركاء قسمته قسمة تصفية ، وذلك ببيعه عن طريق الممارسة أو عن طريق المزاد العلني بحسب مايتم الإجماع عليه ، وإذا إختلفوا وتوافر نصاب الثلاثة أرباع الشركاء طبقت أحكام التصرف في الشيوع على النحو الذي درسناه.
ثانياً: القسمة القضائية:
تكون القسمة القضائية الطريق الوحيد لإنهاء الشيوع في حالة إختلاف الشركاء عل إقتسامه بالتراضي ، أو في حالة وجود قاصر بين الشركاء المشتاعين ، ولكل شريك يهمه أمر القسمة أن يبادر إلى رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة ، وهي محكمة موقع العقار محل القسمة . ويلزم بتكليف باقي الشركاء للحضور وإعلانهم بعريضة إفتتاح الدعوى ، فإذا لم يكلف أحدهم بالحضور ، لايكون الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ، وإنما يجوز لهذا الأخير الإعتراض عليه بطريق إعتراض الغير الخارج عن الخصومة .
ويجوز أن ترفع دعوى القسمة من دائن أحدالشركاء بإسم هذا الأخير أي مدينه ، إذا توافرت شروط الدعوى غير المباشرة المنصوص عليها في المادتين 189 ، 190 من التقنين المدني، إذا كان بقاء المدين في الشيوع سيزيد في إعبائه .والأصل في القسمة أن تكون عينا ، حيث ينسب لكل شريك جزء مفرز من المال الشائع ، ولكن إذا كان هذا المال لايقبل القسمة عينا إبتداء ، مثل جرار أو سيارة ، فإن القسمة تتم بطلب أحد الشركا ببيع المشاع وذلك أمام محكمة مقر المجلس القضائي، أما إذا كان المال الشائع عقارا لايعرف إبتداء ما إذاكان غير قابل للقسمة أو قابلا لها ، إلا بعد معاينة من طرف المحكمة أو الخبير ، فإن الأمر يحتاج إلى البدء بالقسمة العينية ثم القسمة عن طريق التصفية .
1) القسمة العينية :
الأصل في قسمة العقار كما قلنا أن تكون قسمة عينية ، ولذلك تتولى المحكمة إذا رأت وجها لذلك تعيين خبير عقاري مختص لتقويم المال الشائع وتحديد قيمته الإجمالية ، وهذه المسألة من النظام العام ، لإستيفاء الخزينة حقوقها عند تسجيل الحكم القاضي بالمصادقة على القسمة ، فإذا لم يتضمن تقرير الخبرة قيمة العقار محل القسمة وقيمة كل حصة من حصص الشركاء ، وصادقت المحكمة على هذا التقرير فإن الحكم لايسجل ، وبالتالي لايمكن لأطراف الخصومة الحصول على نسخة منه للتنفيذ ( م .724 ).
غير أنه إذا تعذر لشريك ما أن يأخذ كامل نصييبه عوض بمعدل القسمة Soulte ، أي أن يدفع كل شريك مبلغ من المال بقدر مازاد في نصيبه للشريك الذي لم يأخذ نصيبه كاملا . ويجب أن تكون الحصص على أساس أصغر نصيب ، فإذا كان الشركاء أربعة وكانت أنصبتهم هي النصف، والثلث ، والسدس قسم المال أسداسا فيكون لصاحب النصف 3 أسداس ولصاحب الثلث سدسين ولصاحب السدس سدس واحد .
ويلزم نص المادة 727 أن تجري القسمة بطريق الإقتراع (القرعة) في حالة عدم إتفاق الشركاء على أن يختص كل واحد منهم بحصة معينة . ويجب أن يثبت ما إستقر عليه الإقتراع في محضر يحرره القاضي رئيس الفرع بحضور الشركاء جميعا ، ثم تسند بناء عليه لكل شريك حصته المفرزة .
ويلاحظ أن كثرة الأنزعة المطروحة على المحاكم جعلت معظمها إن لم نقل كلها تتخلى عن صلاحيتها للخبير الذي أصبح هو القاضي في نظر المتقاسمين ، ذلك أن الخبير ما هو في نظر القانون إلا وسيلة يستعين بها القاضي في بعض المسائل التقنية مثل تقويم العقار وتكوين الحصص المتساوية من حيث القيمة ، أما إسناد حصة معينة لهذا أو ذاك ، فهذا أمر يتولاه القاضي بالإقتراع في حالة إختلاف الشركاء مراعيا في ذلك مصلحة الشركاء فيما تستلزمه من جمع أنصبة الشريك أو تفريقها .
2) قسمة التصفية :
نصت المادة 728 من التنقنين المدني على أنه” إذا تعذرت القسمة عينا ، أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته بيع هذا المال بالمزاد بالطريقة المبينة في قانون الإجراءات المدنية ، وتقتصر المزايدة على الشركاء وحدهم إذا طلبوا هذا بالإجماع “، ونصت المادة 729 أنه ” لدائني كل شريك أن يعارضو في أن تتم القسمة عينا أو يباع المال بالمزاد بغير تدخلهم ، وتوجه المعارضة إلى كل شريك ويترتب عليها إلزامهم أن يدخلوا من عارض من الدائنين في جميع الإجراءات ، وإلا كانت القسمة غير نافذة في حقهم ، ويجب على كل حال إدخال الدائنين المقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة “.
ويتضح من هذين النصين أن قسمة التصفية تكون في حالتين الأولى : إذ ثبت أن القسمة العينية متعذرة لعدم إمكانية الإنتفاع بالمال الشائع إذا تجزء إلى حصص ، كأن يشترك عشرة ورثة في دار من غرفتين ، فإن قسمتها عينا إلى عشرة حصص، سيجعل الإنتفاع مستحيلا .أو إذا كانت التجزئة ستلحق بالعقار نقصا كبيرا في قيمته ، فيما لو بيع كاملا كما هو .وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يعترض على القسمة العينية أحد الشركاء أو دائنه، ذلك أن مصلحة أحد الشركاء في الإعتراض لاتحتاج إلى بيان ، أما مصلحة دائن الشريك فتتمثل في الحفاظ على ضمانه العام، فكلما كانت حصة مدينه في الشيوع أقل من لو بيع العقار كاملا دون قسمته عينا ، كلما تأثر ضمانه العام نقصانا، وهو ذمة المدين.
ولذلك أوجبب المشرع ، عند إعتراض أي دائن من دائني أحد الشركاء ، إدخاله في إجراءات القسمة ، وإلا كانت القسمة غير نافذة في حقه سواء كانت عينا أو عن طريق التصفية . أما الدائنون المقيدون ، أي الذين ترتبت لهم حقوق عينية تبعية على العقار، مثل الدائن المرتهن والدائن الممتاز، فقد أوجب الشرع إدخالهم في دعوى القسمة سواء إعترضوا أولم يعترضوا . لأنهم معرفون لدى الشركاء عن طريق قيد حقوقهم في مصلحة الشهر العقاري بينما الدائنون العاديون لايعرفون من قبل شركاء إلا إذا قدموا إعتراضا على القسمة .
على أنه في كثير من الحالات تثور مسألة المحكمة المختصة في الأمر بقسمة التصفية ، أي ببيع المشاع بالمزاد العلني . فمع غياب النص القانوني ، نجد الكثير من المحاكم تقضي في الإعادة بعد الخبرة ، إذ ا تبين أن المشاع غير قابل للقسمة العينية ، بعد م الإختصاص النوعي ، على أساس أن المحكمة المختصة ببيع المشاع هي محكمة مقر المجلس القضائي ، وليست محكمة موقع العقار ،
غير أن هذا القضاء لايستند على أساس قوي ، ذلك أن المشرع حينما أسند بيع المشاع إلى محكمة مقر المجلس القضائي لم يقصد أن تكون هذه الأخيرة مختصة في قسمة المال المشاع ، وإنما قصد فقد بيع المشاع الذي لاتقبل قسمته إبتداء ، مثل السيارة والجرار والسفينة والطائرة ، وما إذا ذلك ، أما إذا بدأت الدعوى دعوى قسمة ، فإن إعادة السير فيها يجب أن يتم أمام المحكمة التي أصدرت الحكم التمهيدي ، ولكن إذا رفضت الفصل في الدعوى لعدم الإختصاص النوعي تكون قد رفضت الفصل في دعوى القسمة وهي من إختصاصها سواء كانت قسمة عينية أم قسمة تصفية .
وإذا توفرت شروط القسمة عن طريق التصفية نكون أمام فرضين ، فإما أن تكون بالمزايدة بين الشركاء وحدهم إذا طالبوا ذلك بالإجماع ، أو تكون المزايدة العلنية لجميع الناس ، ولكن حتى في هذه الحالة الأخيرة لايمنع دخول الشركاء في المزايدة .
فإذا رسى المزاد على أحد الشركاء ، فإن رسو المزاد إعتبر قسمة عن طريق التصفية ، أما إذا كان الراسي عليه المزاد شخصا أجنبيا ، فإن رسو المزاد يعتبر بيعا عاديا. ويترتب عن ذلك إختلاف في بعض الأثار المتعلقة بضمان الإستحقاق ، إذ أنه في حالة رسو المزاد على أحد الشركاء ، فإنه سيرى نص المادة 731 من التقنين المدني المتعلق بضمان المتقاسمين ، بينما إذا كان من رسى عليه المزاد أجنبيا ، طبقت أحكام المواد 372 وما يليها من التقنين المدني المتعلقة بضمان الإستحقاق المتعلقة بعقد البيع .
ويلاحظ أن المشرع قد ميز فيما يتعلق بإجراءات التقاضي وطرق الطعن في الأحكام بين قسمة المال الشائع الناتج عن تركة ، والمال الشائع الناتج عن حالات أخرى ، فأوجب في حالة قسمة التركة ، أن تتبع الإجراءات المستعجلة فيما يتعلق بالمواعيد وسرعة الفصل في الدعوى ، وطرق الطعن فيها وفقا لأحكام المادة 183 من قانون الأسرة .
ويترتب عن ذلك أنه لاتجوز المعارضة في قسمة التركة في الحكم الغيابي القاضي بقسمة التركة، بينما يجوز في الحالات الأخرى .ولايجوز إستئنافه بعد مرور 15 يوما من يوم تبليغه ، في حين تخضع أحكام القسمة في حالات الشيوع الأخرى لمواعيد الإستئناف العادية المنصوص عليها في المادة 102 من قانون الإجراءات المدنية .
على أن القضاء قد إستقر على ماكان يجري به العمل قبل صدور قانون الأسرة سنة 1984 جاعلا نص المادة 183 منه نصا ميتالم يطبق إلا عند الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا.
ثــــالثــاً : أثار القسمة.
يكون للشريك أثناء الشيوع حصة شائعة في المال الشائع كله ، فإذا وقعت القسمة سواء كانت إنفاقية أم قضائية تركز حق الشريك في جزء مفرز من المال الشائع ، ويزول حق الشركاء فيه كما يزول حق الشريك في الحصص التي ألت إلى غيره من الشركاء . وتحقيقا للمساواة الواجب توافرها في حصص الشركاء المتقاسمين، أوجب المشرع على كل شريك أن يضمن للأخرين ما قد يقع من تعرض أو إستحقاق بسبب سابق على القسمة ، وإذا كانت القسمة إتفاقية وغبن فيها أحد الشركاء جاز له نقض القسمة أو الطعن فيها بالغبن .
1) الأثر الكاشف للقسمة:
رتبت المادة 730 من التقنين المدني على القسمة أثرا كاشفا لملكية الشريك لحصته وليس ناقلا للملكية بقولها” يعتبر المتقاسم مالكا للحصة التي ألت إليه منذ أن أصبح مالكا في الشيوع ، وأنه لم يكن مالكا على الإطلاق لباقي الحصص الأخرى “.
وينتج عن ذلك أن المتقاسم لايعتبر خلفا خاصا لبقية المتقاسمين ، وإنما هو خلف خاص للمالك السابق قبل الشيوع ، إن كان سبب الشيوع العقد، أو خلف خاص للمورث إن كان مصدر الشيوع هو الوفاة ، ومقتضى هذا الحكم أن المتقاسم تسري في حقه كل العقود التي أبرمهاالمالك قبل الشيوع وفقا للقواعد العامة التي تقضي بإنصراف أثار العقد إلى الخلف الخاص(م109 ت ، م ) ، أو بإعتباره خلفا عاما إذا كان الشيوع تركة ( م 108 ت . م ).
أما إذا كان التصرف صادرا من الشركاء أثناء الشيوع ، فإنه لايسري في حق المتقاسم ،ذلك أن المتقاسمين يضمنون بعضهم البعض ماقد يقع من تعرض أو إستحقاق بسبب سابق على القسمة وفقا لأحكام المادة 731 ت .م .
ويكون التعويض للمتقاسم الذي إستحق منه العقار بحسب نصيب كل متقاسم ، فإن كان أحدهم معسرا تحمل الباقون، بما فيهم من إنتزعت منه حصته ، نصيب المعسر كل حسب نصيبه.
2) نقض القسمة الإتفاقية :
أجاز المشرع للمتقاسم المغبون إذا تجاوز الغبن الخمس أن ينقض القسمة إذا كانت إتفاقية ، أما القسمة القضائية، فلا يجوز نقضها على إعتبار أن هذه القسمة قد تمت مراقبتها من طرف القضاء وحقق فيها المساواة المطلوبة ، وأن الطرف المغبون قد تظلم في الغبن أثناء إجراءات القسمة.
وما دامت القسمة الإتفاقية هي عقد تسري عليه أحكام العقد من حيث وجوب الإلتزام بكل أثاره ، فإن المشرع طبق على القسمة الإتفاقية أحكام الغبن في بيع العقار المنصوص عليه في المادة 358 من التقنين المدني الواردة في عقد البيع ، ولكن خرج عن هذه القاعدة فيما يتعلق بإزالة الغبن ، ذلك أن الغبن الذي يزيد عن الخمس وفقا لنص المادة 358 يجيز لمن وقع فيه أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس الثمن الحقيقي ، وتقدر قيمة العقار الحقيقية وقت البيع لاوقت رفع دعوى الغبن ، بينما الطعن وفي القسمة الإتفاقية بدعوى الغبن ، إذا تجاوز الخمس فخول صاحبها في طلب تكملة مانقص من حصته عينا أو نقدا كما تقضي بذلك المادة 732 من التقنين المدني، إذ جاء نصها ” يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه لحقه منها غبن يزيد على الخمس ، على أن تكون العبرة في التقدير بقيمة الشيئ وقت القسمة ، ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة ، وللمدعى عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعي نقدا أو عينا مانقص من حصته “.
وتجدر الإشارة إلى أن مدة السنة التي يجب رفع دعوى نقض القسمة في خلالها هي مدة سقوط وليست مدة تقادم ، ومن ثمة لاتخضع للوقف ولا للإنقطاع .
المطلب الثــــــــــــاني : قسمة المهايأة :
قسمة المهايأة ليست قسمة ملكية للمال الشائع ولاينتهي بها الشيوع ، وإنما هي مجرد طريقة من طرف الإنتفاع بالمال الشائع .
وقد فضلت تناولها مع القسمة جريا مع تنظيم المشرع لها مع القسمة النهائية في المواد 733 إلى 736 من التقنين المدني ، وقسمة المهايأة قد تتخذ صورتين ، فإما أن تكون مهايأة زمانية أو مهايأة مكانية . فالمهايأة الزمانية هي مناوبة في الإنتفاع بالمال الشائع ، حيث يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الإنتفاع بجميع المال الشائع لمدة معينة تتناسب مع حصة كل شريك ، كأن ينتفع صاحب النصف بالمال الشائع لمدة سنة ، وصاحب الثلث 08 أشهر وصاحب الربع 6 أشهر وصاحب السدس 4 أشهر ( م . 734 ت . م ) .
أما المهايأة المكانية فهي التي يتفق فيها الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يساوي حصته في المال الشائع متنازلا لشركائه في مقابل ذلك عن الإنتفاع بباقي الأجزاء الأخرى
(م 733 ت ، م ) . على أن إتفاقا مثل هذا لايجوز أن تزيد مدته على خمس سنوات .فإذا تم الإتفاق دون تحديد مدته أو إنتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل إتفاق جديد كانت مدته سنة واحدة تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل إنتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لايرغب في التجديد ( م 733 ت ،م . ويجوز أن تتم المهايأة بأمر من القاضي بناء على طلب أحد الخصوم أثناء إجراءات القسمة القضائية عملا بنص المادة 736 من التقنين المدني ، ” ويمكن الشركاء أن يتفقوا أثناء إجراءات القسمة النهائية على أن يقسم المال الشائع مهايأة ، فإذا تعذر إتفاق الشركاء على قسمة المهايأة ، جاز للمحكمة أن تأمر بها إذا طلب منها ذلك أحد الشركاء ، وبعد الإستعانة بخبير إذا إقتضى الأمر ذلك “.
وإذا تمت قسمة المهايأة سواء بإتفاق الشركاء أو بأمر من القاضي ، سواء كانت مهايأة زمانية أو مكانية ، فإنها تخضع من حيث الإحتجاج بها على الغير ومن حيث حقوق وإلتزامات أطرافها وطرق إثباتها إلى أحكام عقد الإيجار التي لاتتعارض مع طبيعتها . ذلك أن كل شريك في قسمة المهايأة يعتبر مؤجرا للشريك الاخر لحصته ومستأجرا منه حصته ، لأنها -كما قلنا – قسمة إتتفاع لاقسمة ملكية . ولذلك لاتخضع لأحكام القسمة النهائية ، إنما تخضع لأحكام عقد الإيجار ( م 735 ت . م ) .
وإذا كانت هناك مهايأة مكانية ، وترتب على تجديدها بالإتفاق أو تجديدها ضمنيا سنة بعد سنة ،أن دامت خمسة عشر سنة ، فإنها تنقلب إلى قسمة نهائية مالم يتفق الشركاء على عدم تحولها إلى قسمة نهائية . ويبرر هذه القاعدة أن المهايأة المكانية التي تدوم خمسة عشر سنة دون أن يرغب أحد في إنهائها هي خير قسمة نهائية يستطيع الشركاء أن يصلوا إليها ، وقد وصلوا إليها بالتجربة وإطمأنوا إلى نتائجها ، فإن كانوا يريدون غير ذلك فما عليهم إلا أن يتفقوا مقدما على أن قسمة المهايأة لاتنقلب إلى قسمة نهائية .
ولما كان تحول المهايأة المكانية إلى قسمة نهائية بقوة القانون ، فإنها لاتعتبر قسمة إتفاقية ، ومن ثم لايجوز نقضها بسبب الغبن، أو لكون أحد الشركاء لم تتوافر فيه الأهلية المطلوبة في التصرفات القانونية ، ذلك أن الشرع قد أنشأ قرينة قانونية في المادة 733 فقرة 3 مفادها أنه” إذا حاز الشريك على الشيوع جزءا مفرزا من المال الشائع مدة خمسة عشر سنة ، إفترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسة مهايأة ” . وبذلك قلب عبئ إثبات المهايأة وجعله على عاتق من يدعي أن حيازة الشريك لاتستند إلى مهايأة ، ويترتب على هذه القرينة أن الشريك الذي يدعي أن هناك قسمة نهائية قد تمت بقوة القانون ، يكفيه أن يثبت أنه حاز هذا الجزء المفرز من العقار الشائع خمسة عشر سنة ، وعلى من يدعي عدم وجود قسمة مهايأة أن يقيم الدليل العكسي بإثبات أن حيازة الشريك لاتسند إلى قسمة مهايأة ، أو أن هناك إتفاقا بين الشركاء يقضي بعدم تحول المهايأة إلى قسمة نهائية .
الفرع الثاني : الملكية المشتركة في الطبقات :
( الشيوع الإجباري )
خصص المشرع الجزائري 30 مادة في التقنين المدني لتنظيم الملكية المشتركة في العقارات المبينية ، فعرفت المادة 743 هذه الصورة من صور الملكية بأن ” الملكية المشتركة هي الحالة القانونية التي يكون عليها العقار المبني أو مجموعة العقارات المبنية والتي تكون ملكيتها مقسمة حصصا بين عدة أشخاص تشتمل كل واحدة منها على جزء خاص ونصيب في الإجزاء المشتركة ” .
ويتبين من هذا التعريف أن الملكية المشتركة لاتكون في الأرض الفضاء ، بل لابد من وجود بناء ن كما أن وجود البناء وحده لايكفي للقول أن هناك ملكية مشتركة ، بل لابد أن يتعدد المالكون لبناء واحد أو عدة بيانات ، فإذا كان هناك بناء مملوكا لشخص واحد ويجاوره بناء آخر ويفصل بين هذين البيائين مساحة إستعملها الجارين إشتراكا بينهما، فإنها لا تعد ملكية مشتركة لعدم تعدد الملاك لبناء واحد.
ويلاحظ أن قانون التنازل عن أملاك الدولة 81-01 قد أدى بالإدارة ومصالح أملاك الدولة إلى خرق القانون المدني ، ولاسيما النص السالف الذكر ، وذلك بخلق أوضاع قانونية عجز القضاء عن حلها ، ففي كثير من الحالات نجد الإدارة قد أنشأت الملكية المشتركة دون توافر شروطها ودون حاجة الأشخاص إليها ، مثل بيع بنائين منفصلين لشخصين مختلفين مع وجود مساحة بينهما مشتركة ، في حين أن القانون يقضي في هذه الحالة أن تكون الملكية مفرزة لعدم تعدد الملاك لبناء واحد . ونشوء نظام الملكية المشتركة في ملكية شقق في عمارة أو بناء من طبقات هو مظهر من مظاهر المدنية الحديثة نظرا لما تنطوي عليه من مزايا بالنسبة لذوي الدخل المحدود ، والإقتصاد في الأراضي المخصصة للتعميير .
وهذا النظام إستورده المشرع الجزائري من القانون الفرنسي الصادر في 28/07/1938 بطريق غير مباشر عن القانون المصري الذي نقل عن هذا القانون ، أما الشريعة الإسلامية لاتعرف هذا النظام ، وإنما نظمت ملكية السفل وملكية العلو ، الذي تتضمن تقسيم البناء إلى طبقات ولكن كل طبقة تكون مملوكة بأكملها لشخص واحد ملكية مفرزة ، فيملك صاحب السفل الأرض التي يقوم عليها البناء كله ، ولايكون لصاحب العلو إلا حق القرار على السفل .
وقد حددالمشرع الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة ، ثم بين طريقة إدارة الأجزاء المشتركة .
المبحث الأول: تحديد الأجزاء المشتركة :
حدد المشرع الأجزاء المشتركة في المادة 745 ولكن هذا التحديد ورد على سبيل المثال وليس الحصر ، إذ يمكن إضافة أشياء جديدة لم يذكرها المشرع في النص ، إذا توافرت ضرورة الإستعمال المشترك . ويجب تحديد نسبة الملكية المشتركة بالنسبة لكل مالك وذلك عن طريق إعداد الجدول الوصفي للملكية المشتركة ، كما يجب أن يتضمن المحرر الرسمي الذي يثبت الملكية الخاصة هذه النسبة بالنسبة لـ 1000 ، ونسبة الملكية المشتركة تحدد بحسب مساحة الملكية الخاصة ، فإذا إمتلك شخصان بناء من طابقين ، وكانت مساحة الملكية الخاصة لصاحب السفل 120م2 ، ومساحة الملكية الخاصة لصاحب العلو 80م2 ، فإن نسبة الملكية المشتركة لصاحب السفل هي 600/1000 ونسبة الملكية المشتركة لصاحب العلو 400/1000 .
وتبدو أهمية تحديد هذه النسبة في تحديد نصيب الأعباء والنفقات الواجب دفعها من طرف كل شريك لصيانة الأجزاء المشتركة وترميمها ( م . 750 ت ، م ) ، وليست لتفضيل صاحب النسبة الأكبر للإنتفاع بالأجزاء المشتركة أكثر من صاحب النسبة الأقل ، ذلك أن من يملك في الأجزاء الخاصة مساحة أكبر يفترض فيه أنه بحاجة أكثر لإستعمال الملكية المشتركة ، ولذلك وجب أن يكون نصيبه في النفقات أكثر ، فهو إذا في مركز أسوأ من مركز صاحب النسبة الأقل ، وليس في مركز ممتاز كما يعتقد البعض من الملاك . بل وحتى القضاء عندنا قد إعتمد هذه النسب في قسمة الملكية المشتركة في الحالات التي لاتسمح بها طبيعة العقارات ، فمن يملك مساحة أكبر يعطي مساحة في الملكية المشتركة طبقا للنسبة المحددة في العقد ، بينما يجب أن تتم القسمة بالتساوي .
ولما كانت الأجزاء المشتركة غير قابلة للقسمة ، لأنها شيوع إجباري ناتج عن وضعية وطبيعة العقار ( م 747 ت ، م ) ، فإنها تعتبر لصيقة بالأجزاء المشتركة ، وتدوم بدوام هذا العقار ، ويترتب عن ذلك أنه لايجوز التصرف فيها بمعزل عن التصرف في الأجزاء المشتركة ، ولايجوز الحجز عليها مستقلة عن الأجزاء الخاصة ، لأن الحجز يؤدي البيع ، وطالما أن المدين لايمكنه بيعها مستقلة ، فيكون من باب أولى ألا تباع بالمزاد العلني .
المبحث الثاني : إدارة الملكية المشتركة :
نظرا لكون الملكية المشتركة شيوع لاتجوز القسمة فيه ، فإن المشرع قد خرج في شأن إدارتها وتسييرها عن قواعد إدارة المال الشائع ، فأنشأ هيئة تمثل ملاك الطبقات والإجزاء الخاصة لإدارة الأجزاء المشتركة في البناء ، وهي جماعة الشركاء في الملك أو الشاغلين لهذا الملك .
وقد نظم المشرع المدني كيفية تكوين هذه الجمعية وطريقة الإدارة في المواد 756 – 722 وكل هذه النصوص جاءت تكملة وتعديلا للتقنين المدني بموجب القانون 83-01 المؤرخ في 29/01/93 .
غير أن المشرع قد إستحدث نظاما أخر لا يختلف عن النظام الوارد في القانون المدني ، ولكنه أكثر تفصيلا ، وذلك بالمرسوم 83-666 المؤرخ في 12/11/1983 المتظمن نظام الملكية المشتركة
( أنظر الملحق بهذه المذكرات ) .
وجماعة الشركاء جمعية ذات شخصية مدنية مؤهلة أن تكون مدعية أمام القضاء ومدعى عليها (م 15-16 ن م م ) . ولها جميع الصلاحيات المتعلقة بإتخاذ التدابر الضرورية للحفاظ على الملكية المشتركة وتسييرها وإدارتها .
وتتخذ قرارتها بالإقتراع السري ، وتكلف متصرفا لتنفيذها ( م17 ن م م ) ، وقد حدد المرسوم السالف الذكر الضوابط التي تحكم إنشاء الجمعية وتسييرها وإجتماعاتها ودور المتصرف الذي تستند إليه تنفيذ القرارات ، وكل هذه المسائل تقنية لا يتسع المقام لذكرها .
غير أنه يلاحظ أن هذا النظام قد نقل حرفيا على القانون الفرنسي ، دون مراعاة لخصوصيات المجتمع الجزائري . ذلك أن عقلية المخاطب بهذا النظام في فرنسا تختلف عن عقلية المخاطب بهذا النظام في الجزائر ، فمجتمعنا مجتمع ريفي إستقر في ذهنه نظام العشيرة ، وشيخ القبيلة أو القرية أو مايسمى بـ ( ثدرث ) ، وهو الشعور بإحترام وتنفيذ كل القرارات التي يأمر بها كبير القوم لكون أفراد القوم من عائلة واحدة ، فكان نظام الملكية المشتركة مصانا ولا يجرأ أحد على الإمتناع عن المساهمة في نفقات الترميم أو الصيانة لبعض الأجزاء المشتركة ، كالمسجد في القرية ، ومنابع المياه والطرقات .
وبعد أن تغبر طراز ونمط البناء في الجزائر بحكم التطور الحتمي للمجتمعات ، دخل الجزائري العمارة وملكية الطبقات دون أن يتخلى عن عادات السكن الفردي الريفي ، وأنتج جيلا جديد لا هو ريفي يقدر حق الجوار ، ولا هو مدني متطبع بعادات المدينة ، فنتج عن ذلك أن بقي النظام التشريعي المشار إليه أعلاه مجرد حبر على ورق ، لأن كل قانون لاينبغ من بيئته لايكتسب له النجاح ، فلا جمعية جماعة الشركاء تأسست ، ولا أي تنظيم أخر تولى تسيير إدارة الأجزاء المشتركة ، فبقيت هذه الأجزاء يسودها الفوضى والإهمال إلى درجة أن أصبحت في بعض الأحيان عبارة عن مستودع للقمامة . ويرجع السبب في ذلك إلى إستحالة الحصول على إجماع المالكين للمساهمة في نفقات الصيانة والترميم ، ولو كانت طفيفة فما بالك بالترميم .
ولذلك تدارك المشرع هذا الوضع المزري فأورد ثلاث نصوص في المرسوم التشريعي 93-03 المؤرخ في 01/03/1993 يمنح السلطة الموخولة لجماعة الشركاء بموجب المادة 756 من القانون المدني والمادة 14 من المرسوم 83-666 لأحد المالكين الشركاء منفردا ، وذلك بعد تثبيته بأمر على عريضة يوقعها رئيس المحكمة بناء على طلب المالك الشريك المعني ، وبعد توقيع الأمر يصبح هذا الشريك المنفرد يتمتع بجميع صلاحيات هيئة جماعة المالكين وكل قرارته تلزم البقية إذا تمت وفقا للنصوص الواردة في نظام الملكية المشتركة .