دراسات قانونية
عملية الإصلاح في المؤسسات العقابية بالجزائر (بحث قانوني)
الأجهزة المتخصصة بعملية الإصلاح في المؤسسات العقابية الجزائرية
The specialized organs of the reform process in Algerian penal institutions
بوعبسة محمد/ طالب دكتوراه
الدكتور: فرقاق معمر، أستاذ محاضر “أ”
موضوع هام للقراءة : رقم هيئة الابتزاز
مخبر حقوق الانسان والحريات العامة – كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة عبد الحميد ابن باديس – مستغانم- الجزائر.
– البريد الالكتروني:[email protected]
ملخص
لقد كان من نتائج ظهور الإتجاهات الفلسفية والعلمية الحديثة، في مجال الفكر العقابي ومعاملة المساجين، إجماعها على إفلاس النظام العقابي القديم، القائم على الردع والعقاب في محاربة الإجرام، وإقرارها بإعتماد المبادئ الإنسانية، والمعاملة الحضارية الراقية في التعامل مع المساجين، تحترم فيها كرامتهم وتصان آدميتهم كوسيلة لتوجيه سلوكهم وإرشادهم للعدول عن إرتكاب الجرائم.
وعليه تحول إهتمام الفكر العقابي الحديث من معاقبة الفعل الإجرامي، إلى الإهتمام بإستعمال الوسائل النافعة في معالجة الأسباب الدافعة إليه.
ولمعالجة هذه الدوافع وتقويم سلوك الجاني ليصبح شخصا سويا يؤثر إيجابا في مجتمعه، عمد المشرع الجزائري في إطار إصلاح المنظومة العقابية إلى إعتماد أجهزة متخصصة عهد إليها مهمة تهذيب سلوك الجاني وتقويم تصرفاته من خلال آليات ووسائل حديثة تمكنها من القيام بمهامها لتحقيق هدف إعادة إدماجه بالمجتمع.
الكلمات مفتاحية: الأجهزة- المؤسسات العقابية- الإصلاح- العقوبات– الإدماج.
Abstract
It was the result of the emergence of modern philosophical and scientific trends, in the field of punitive thought and treatment of prisoners, its consensus on the bankruptcy of the old punitive system, based on deterrence and punishment in the fight against criminality, and its adoption of the principles of humanity, and civilized treatment of high in dealing with prisoners, respect their dignity and protect their humanity As a means of directing their behavior and guiding them to turn away from committing crimes.
Accordingly, the attention of modern punitive thought has shifted from punishing the criminal act to the use of useful means in dealing with the reasons behind it.
In order to deal with these motives and to evaluate the behavior of the offender to become a person together positively affect his society, the Algerian legislator in the framework of the reform of the penal system to the adoption of specialized organs entrusted with the task of refining the behavior of the offender and the evaluation of his actions through modern mechanisms and means to enable them to carry out their tasks to achieve the goal of re-integration with society.
Key words: devices – penal institutions – reform – sanctions – integration.
مقدمة
اتسم العقاب في الزمن الماضي بالقساوة الشديدة، وكان يتلقاه البشر باسم الدين والآلهة، فكان يحكم عليهم وهم أحياء ويحكم على المذنبين بأشق الأعمال مدى الحياة أو حتى الموت،[1] وكانت أفضل وسيلة لتهذيبهم تكمن في رميهم في غياهب السجون دون محاكمة حتى يأتي الأمر بإطلاق سراحهم أو موتهم في سجنهم، بينما تغيرت المهمة الحديثة للمؤسسات العقابية، ولم تعد تقتصر على حبس الأشخاص وتشديد الحراسة عليهم، بل أضحى دورها يتجلى من خلال تأطيرهم نفسيا وتربويا وتكوينيا، وبوسائط حديثة، بغية إنقاذهم من أدران الجريمة، ووقايتهم مستقبلا من التفكير في الرجوع إلى الفعل الإجرامي المقيت، ليسهل بعد ذلك عودتهم أسوياء لمجتمعهم، يسعون لكسب قوتهم بشرف، وليساهموا بعد ذلك، كباقي المواطنين، في تطوير مجتمعهم، بعد ما كانوا عالة عليه، يعيقون تنميته ويهددون أمنه واستقراره، وهو أمر لن يتأتى إلا عن طريق إعادة تربيته وإدماجهم إجتماعيا، من خلال أجهزة متخصصة بهذا العمل.
وعليه نتسائل: ما هي المؤسسات العقابية الجزائرية؟ وما الأجهزة المكلفة بعملية إصلاح المساجين؟
وللإجابة على هذه الإشكاليات تم تقسيم هذا البحث إلى مبحثين: نستعرض في الأول منه، كل ما يتعلق بالمؤسسات العقابية الجزائرية ، في حين نتطرق إلى الأجهزة المكلفة بالإصلاح داخلها في المبحث الثاني.
المبحث الأول: تنظيم المؤسسات العقابية وسيرها.
نتناول في هذا المبحث دراسة المؤسسات العقابية الجزائرية، من حيث تعريفها، وذكر المصالح المكونة لها، وتصنيفها، وكيفية مراقبتها.
المطلب الأول: تعريف المؤسسة العقابية ومصالحها
الفرع الأول: تعريف المؤسسة العقابية
المؤسسة العقابية هي مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون، العقوبات السالبة للحرية، والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية، والإكراه البدني.
وتأخذ المؤسسة العقابية شكلين: مؤسسات البيئة المغلقة ومؤسسات البيئة المفتوحة:[2]
أولا: نظام البيئة المغلقة
تتميز هذه المؤسسات بتواجدها خارج المحيط العمراني، وتكون محاطة بأسوار مرتفعة، تنصب في أركانها أبراج المراقبة، وتدعم بأبواب ونوافذ حديدية، تؤمن بقضبان وأقفال خاصة، يتميز نظامها الداخلي بالصرامة ومعاقبة كل مسجون يخالف تعليماته ويخل باستقراره وذلك في اطار القانون.[3]
وتؤدي مؤسسات السجون وظيفتين؛ الأولى هي حماية المجتمع بوضعه في مأمن عن الأشخاص الذين يشكلون خطرا على أمنه وسلامته وأمن أفراده، والثانية هي استغلال المدة التي يقضيها هؤلاء في السجن لتحضير إصلاحهم وإعادة تأهيلهم الاجتماعي، وذلك بإعداد وتطبيق برامج إصلاحية ملائمة.
ثانيا: نظام البيئة المفتوحة
تقوم مؤسسات البيئة المفتوحة على معايير معنوية، أساسها إقامة الثقة بين المساجين وإدارة السجون، وقوامها شعور المساجين بالمسؤولية، وقبولهم لعقوبة سلب الحرية كنظام إصلاحي.
وتتخذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مزارع فلاحيه أو مصانع، تنعدم فيها القضبان الحديدية والأسوار العالية، وكل الوسائل الأمنية التي نجدها في مؤسسات البيئة المغلقة، وتخفف فيها الحراسة على المساجين.
ويقوم نظام مؤسسات البيئة المفتوحة على أساس تشغيل المساجين الذين يقيمون فيها ليلا ونهارا، وتنشؤ هذه المؤسسات بقرار وزاري، وتأوي المساجين المحكوم عليهم المبتدئين، والإنتكاسيين البالغين الذين أدوا ثلاثة أرباع(3/4) مدة العقوبة المحكوم بها عليهم..
الفرع الثاني: مصالح المؤسسات العقابية
أولا: المناصب النوعية ومهامها : تشمل هذه المصالح الموجودة على مستوى المؤسسات العقابية، ما يلي:
المصلحة | مـــــــهامها |
كتابة الضبط القضائية[4] | . تسهر على نظام حبس الأشخاص، وإطلاق سراحهم ومتابعة وضعياتهم الجزائية. |
كتابة الضبط المحاسبة[5] | حفظ ودائع المساجين وأموالهم وتسييرها |
مصلحة المقتصدة[6] | . تسيير الممتلكات المنقولة والعقارية.. تسيير المخزونات والمواد الغذائية.. تحضير ميزانية المؤسسة وضمان تنفيذها. |
مصلحة الإحتباس[7] | . حفظ الأمن و النظام داخل أماكن الحبس.. السهر على تصنيف المحبوسين وتوزيعهم.. تنظيم الحراسة والمناوبة والمناداة اليومية .
. السهر على إنضباط الموظفين في أماكن الحبس. |
مصلحة الأمن[8] | . السهر على أمن المؤسسة والأشخاص من خلال متابعة نشاطات الأمن الداخلي والإستعمال العقلاني للموظفين وتسيير العتاد والأجهزة الأمنية.. السهر على تنفيذ مخطط الأمن الداخلي الخاص بالمؤسسة. |
مصلحة الصحة والمساعدةالإجتماعية[9] | . تنظيم التكفل الصحي والنفساني للمحبوسين..السهر على تنفيذ إجراءات الوقاية من الأوبئة والأمراض.. تنظيم ومراقبة وتقييم نشاط الموظفين التابعين للمصلحة.
. التكفل بالمشاكل الاجتماعية للمحبوسين. |
مصلحة إعادة الادماج[10] | . تنفيد مقررات لجنة تطبيق العقوبات وتسيير المكتبة.. متابعة تطبيق برامج تعليم وتكوين المحبوسين.. تنظيم محاضرات ذات طابع تربوي وديني وثقافي
.إذاعة برامج تلفزيونية وإذاعية ومتابعة النشاط الإعلامي. .تنسيق أنشطة إعادة الادماج الإجتماعية للمحبوسين مع الهيئات المختصة. |
وتضم مؤسسات إعادة التأهيل ومؤسسات إعادة التربية بالإضافة إلى المصالح المذكورة أعلاه، مصلحة متخصصة للتقييم والتوجيه[11]، تكلف بما يلي:
مصلحة متخصصة بالتقييم والتوجيه | . دراسة شخصية المحبوس – تقييم خطورة المحبوس.. إعداد برنامج فردي لإعادة التربية لكل محبوس.. إقتراح توجيه المحبوس إلى المؤسسة المناسبة لدرجة خطورته. |
فضلا عن مصالح كتابة الضبط القضائية وكتابة ضبط المحاسبة والمقتصدة المذكورة في المادة 4 أعلاه، تظم مراكز إعادة التربية وإدماج الأحداث المصالح الآتية[12] :
مصلحة الملاحظة والتوجيه | . دراسة شخصية الحدث.. إعداد التقارير الموجهة لقاضي الأحداث والخاصة بإقتراحات توجيههم والتدابير التربوية الملائمة لهم. |
مصلحة إعادة التربية | .متابعة وتنسيق التأطير التربوي والأخلاقي للحدث.. متابعة التكوين المهني والمدرسي للحدث.. إقتراح الحلول والتدابير الكفيلة بإدماج الأحداث.
. التكفل بالمشاكل الإجتماعية للأحداث. |
مصلحة الصحة | . تنظيم التكفل الصحي والنفساني للأحداث.. تنظيم ومراقبة وتقييم نشاط موظفي المصلحة. |
وإضافة إلى هذه المصالح توجد المناصب التالية:
01- منتدب الورشات الخارجية: هو بمثابة مدير للؤسسة العقابية ذات البيئة المفتوحة.
02- مفتش المؤسسات العقابية: يفتش المؤسسات العقابية في أي وقت يشاء، ويعد تقرير مفصل عنها يرفعه إلى السيد المدير العام.
03-المكلفين بمهمة التحويل: ويعتبر المكلف بمهمة تحويل الأشخاص المحبوسين من المناصب العليا، ويحدد عددها بعنوان كل مؤسسة عقابية بموجب قرار مشترك بين وزير العدل حافظ الأختام و وزير المالية والسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية.
04: مدير المؤسسة العقابية
يتولى منصب مدير المؤسسة العقابية في الجزائر، إطارات قطاع السجون، الذين يمثلون سلك ضباط إعادة التربية، وجميع المديرين المشرفين حاليا على تسيير المؤسسات العقابية من حملت الشهادات الجامعية.
يصنف منصب مدير المؤسسة العقابية ضمن المناصب العليا، التابعة لأسلاك موظفي إدارة السجون.
وقد حثت قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين، على أن يكون مدير المؤسسة العقابية مؤهلا تأهيلا كافيا، للقيام بأعباء وظيفته من حيث الخلق والمقدرة الإدارية والتدريب والخبرة المناسبة، وأن يكرس كل وقته لعمله الرسمي، ولا يجوز أن يعيش على أساس العمل بعض الوقت.[13]
ولم تتطرق نصوص قانون تنظيم السجون 05-04، إلى وظيفة مدير المؤسسة العقابية، أما القانون الأساسي الخاص المطبق على موظفي إدارة السجون، فقد أشار إليها بشكل بسيط جدا، وضمنها في إدارة المؤسسة العقابية ومسؤوليته على تسييرها في إطار القوانين والتنظيمات سارية المفعول وتوجيه مصالحها[14].
وحدد القرار الوزاري المؤرخ في 31/12/1989، المتضمن القانون الداخلي للمؤسسات العقابية، مهام مدير المؤسسة العقابية كما يلي:
يكلف رؤساء المؤسسات العقابية بتسيير السجون التي يشرفون عليها، وبإدارتها العامة ويديرون مجموع المصالح التابعة لها، ويسهرون على حفظ الأمن والنظام، وعلى تطبيق النصوص القانونية سارية المفعول.
وما يلاحظ أن هذه النصوص تطرقت لاختصاصات قليلة لمدير المؤسسة العقابية، وكأنها تعكس الوظيفة التقليدية للسجون، وهي إدارة مصالح المؤسسة وتحقيق أمنها، ولم تظهر المفهوم الجديد لوظيفة المدير، التي امتدت إلى وظيفة التهذيب والإصلاح، والالتزام الأدبي على المساجين باعتباره أمينا على تأهيل المحكوم عليهم، ويقتضي ذلك أن يحرص على حماية حقوقهم وأن يكون في سلوكه مثلا لهم ولمرؤوسيه،
والجدير بالذكر أن الدور الحديث لمدير المؤسسة العقابية يتمثل بأداء ثلاث وظائف رئيسية، وهي:
1- إداريا : يشرف على تسيير جميع مصالح المؤسسة ويتولى النشاط التأديبي على الموظفين، ويراقب عمليات المحاسبة لنشاط كاتب الضبط المقتصد والمحاسب، ويشرف على سير كل مصالح المؤسسة العقابية.
2- رئيسا لمؤسسة اقتصادية وذلك بإبرامه الصفقات مع الممولين، وتسييره وتنفيذه للعمل العقابي الإنتاجي.
3- وصيا أخلاقيا على المساجين، وذلك بحماية حقوقهم وفرض القوانين والأنظمة المطبقة للنظام العام[15].
وإذا تصفحنا وظيفة مدير السجن في الجزائر، فإننا نجدها متشعبة ومتنوعة، حيث يتولى إدارة المصالح التابعة للسجن، ويسهر على تطبيق القوانين والأنظمة، وتنفيذ تعليمات وتوجيهات الإدارة المركزية والنيابة العامة لدى المجلس القضائي الخاصة بتطبيق العقوبات، كما يسهر على فرض الانضباط وقواعد الأمن داخل المؤسسة.
كما نجده يشرف كذلك على إدارة المؤسسة من الناحية الاقتصادية، ويتمثل ذلك في شراء مستلزمات المؤسسة وتسيير منتجاتها، وهذا بصفة عامة، أما فيما يخص مسؤولياته تجاه موظفي المؤسسة، فإنه يسهر على حسن توزيعهم عبر مختلف مصالح المؤسسة وتدريبهم وتحديد مهامهم، وينظم إجازاتهم، ويحرك الدعوى التأديبية ضدهم عن طريق رفع تقارير عن سوء تصرفاتهم وتقصيرهم في أداء مهامهم إلى الإدارة المركزية.
وفيما يتعلق بدوره تجاه المساجين، فإنه يراقب المراسلات التي تصدر عنهم أو ترد إليهم، ويستقبل شكاواهم ويسلم رخصة الزيارة الخاصة بالمحكوم عليهم(68، 73، 79 قانون تنظيم السجون)، ويصدر العقوبات التأديبية ضد من يخالف قواعد الانضباط والأمن بالمؤسسة.
وإستوجب التعدد والتنوع في اختصاصات ومهام مدير المؤسسة العقابية، إحداث منصب نائب مدير، بمؤسسات الوقاية، ومؤسسات إعادة التربية، وإعادة التأهيل، والمؤسسات المتخصصة، وهذا مراعاة لحجم الوظيفة وتعدد النشاطات داخل المؤسسة العقابية.
وما يلاحظ هو عدم تحديد الاختصاصات التي يتولاها نائب المدير، في المؤسسات سابقة الذكر، غير أنه يكتشف دور نائب المدير من الناحية العلمية في سجوننا، في استخلاف المدير عند غيابه والقيام بكل مهامه في هذه الحالة.
المطلب الثاني: أنواع مؤسسات البيئة المغلقة ومراقبتها
الفرع الأول: أنواع مؤسسات البيئة المغلقة
إن أهم ما يلاحظ في مجال أنواع المؤسسات العقابية في الجزائر، أنها جاءت مصنفة حسب أربعة معايير وهي:
1- معيار مدة العقوبة: ويتمثل في وجود مؤسسات للعقوبات القصيرة، التي تقل أو تساوي سنتان، وتمثلها مؤسسات الوقاية، ومؤسسات للعقوبات المتوسطة التي تتراوح بين 02 الى 05 سنوات، وتمثلها مؤسسات إعادة التربية، ومؤسسات للعقوبات الطويلة، التي تفوق خمس سنوات، وتتمثل في مؤسسات إعادة التأهيل.
2- معيار الجنس: ويتمثل في المراكز المختصة بالنساء.
3- معيار السن: ويتمثل بالمراكز المختصة بالأحداث.
4- معيار خطورة المسجون: ويتمثل في مؤسسات اعادة التأهيل التي بها أجنحة مدعمة أمنيا.
وللإشارة تقسم مؤسسات البيئة المغلقة إلى ثلاثة أنواع:
1- مؤسسات الوقاية: يكون مكان تواجدها بدائرة اختصاص كل محكمة، وهي أصغر المؤسسات العقابية من حيث طاقة الاستيعاب والحجم، وهي الأكثر من حيث العدد، تستقبل المحبوسين مؤقتاً، والمحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية لمدة تساوي أو تقل عن (2) سنتين، ومن بقي لانقضاء مدّة عقوبتهم سنتان (2) أو أقل والمحبوسين لإكراه بدني.[16]
2- مؤسسات إعادة التربية: توجد بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي، وهي مخصصة لاستقبال المحبوسين مؤقتاً، والمحكوم عليهم نهائياً بعقوبة سالبة للحرية لمدة تساوي أو تقل عن (5) سنوات، ومن بقي منهم لانقضاء عقوبتهم (5) خمس سنوات أو أقل والمحبوسين لإكراه بدني.
3- مؤسسات إعادة التأهيل: لها طابع وطني وهي مخصصة لحبس المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة الحبس لمدة خمس (5) سنوات وما فوق، والمحكوم عليهم معتادي الإجرام والخطيرين جدا، مهما تكن مدة العقوبة المحكوم بها عليهم، والمحكوم عليهم بالمؤبد والإعدام.
ويمكن أن تخصص بمؤسسات إعادة التربية، ومؤسسات إعادة التأهيل، أجنحة مدعمة أمنياً، لاستقبال المحبوسين الخطيرين، الذين لم تجد معهم طرق إعادة التربية المعتادة ووسائل الأمن العادية.
وأما فيما يتعلق بالمراكز المتخصصة، فتقسم إلى:
1- المراكز المتخصصة للنساء: متخصصة بإستقبال النساء المحبوسات مؤقتاً، والمحكوم عليهن نهائيا بعقوبة سالبة للحرية مهما تكن مدتها، والمحبوسات لإكراه بدني.
2- المراكز المتخصصة للأحداث: مخصصة لإستقبال الأحداث الذين تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة (18)، المحبوسين مؤقتاً والمحكوم عليهم نهائياً بعقوبة سالبة للحرية، مهما تكن مدتها.[17]
الفرع الثاني: مراقبة المؤسسات العقابية وزيارتها
تخضع المؤسسات العقابية للرقابة والزيارة الدورية من جهات مختصة.
أوّلا: مراقبة المؤسسات العقابية[18]
1- المراقبة من طرف القضاة: تكون المؤسسات العقابية والمراكز المتخصصة للنساء والمراكز المتخصصة للأحداث، محل مراقبة دورية يقوم بها قضاة، كلّ في مجال اختصاصه.
أ- وكيل الجمهورية، وقاضي الأحداث وقاضي التحقيق، مرّة في الشهر على الأقل.
ب- رئيس غرفة الاتهام، مرة كل ثلاثة (3) أشهر على الأقل.
ج- رئيس المجلس القضائي، والنائب العام، مرة كل ثلاثة(3) أشهر على الأقل.
ويتعين على رئيس المجلس القضائي والنائب العام، إعداد تقرير دوري مشترك كل ستة(6) أشهر، يتضمن تقييما شاملا لسير المؤسسة العقابية التابعة لدائرة اختصاصها، يوجه إلى وزير العد حافظ الأختام.
2- هيئات الرقابـة: والمقصود بهـا المفتشية العامة لمصالـح السجون، التي أنشئت بالمرسوم التنفيذي رقم 06-284، المؤرخ في 21 أوت 2006، المتضمن تنظيم المفتشية العامة لمصالح السجون وسيرها ومهامها[19].
وهي هيئة مراقبة تكلف بمهمة السهر على تفتيش وتقييم كافة المؤسسات العقابية، والمراكز المتخصصة للنساء والمراكز المتخصصة للأحداث، وكذا مؤسسات البيئة المفتوحة والورشات الخارجية، وكل المصالح والهيئات التابعة لإدارة السجون.[20]
تعد هذه الهيئة تقريرا سنويا عن نشاطها، يرسل إلى وزير العدل حافظ الأختام[21]، وتضطلع بالمهام التالية:
1- مراقبة السير الحسن للمؤسسات والهيئات والمصالح التابعة لإدارة السجون، وتقديم كل الاقتراحات التي من شأنها تحسين نوعية الخدمة.
2- التأكد من تنفيذ ومتابعة البرامج والتوجيهات والتدابير التي تقررها السلطة الوصية.
3- التقصي ميدانيا بشأن الصعوبات والعراقيل، التي تعيق السير العادي للمصالح التابعة لإدارة السجون.
4- السهر على المحافظة على الموارد الموضوعة في خدمة مصالح السجون وعلى حسن استعمالها.
5- السهر على تطبيق النصوص المنظمة لشروط ونظامية الحبس، وكذا معاملة المحبوسين وصون حقوقهم ومتابعة وضعياتهم الجزائية.
6- السهر على تطبيق التدابير الأمنية للمؤسسات العقابية، والورشات الخارجية والمراكز المتخصصة ومؤسسات البيئة المفتوحة.
7- مراقبة حالة تنفيذ برامج إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين واحترام إجراءات تشغيل المحبوسين.[22]
ثانيا: زيارة المؤسسات العقابية
يتعين عل الوالي أن يقوم شخصيا بزيارة المؤسسات العقابية المتواجدة بإقليم الولاية، مرّة في السنة على الأقل. ويمكن بترخيص من وزير العدل حافظ الأختام أو النائب العام المختص إقليميا، أن تستقبل المؤسسات العقابية، زيارة الباحثين والجمعيات والمنظمات الحكومية، ذات الطابع الإنساني أو الخيري المهتمة بعالم السجون.[23]
والجدير بالذكر، أن النظام العام للاحتباس ( مكان عيش المساجين) يقسم إلى ثلاثة أنظمة، على النحو الآتي:
01: نظام الإحتباس الجماعي
هذا النظام من أقدم الأنظمة التي عرفتها السجون في بداية نشأتها، واستمر في التطبيق إلى غاية نهاية القرن الثامن عشر[24]، ونصت المادة45/1 من قانون تنظيم السجون رقم 05-04، أنه :” يطبق نظام الاحتباس الجماعي في المؤسسات العقابية، وهو نظام يعيش فيه المحبوسون جماعيا”.
02: نظام الإحتباس الإنفرادي
تعود جذور هذا النظام إلى نشأة السجون الكنسية في العصور الوسطى، أين كان رجال الكنيسة يقومون بحبس الشخص وعزله في زنزانة كوسيلة للتكفير عن الذنب والتوبة، كما جاء أيضاً تجسيداً لأفكار”جون هيوارد” الإصلاحية، الذي نادى بمبدأ الفصل بين المساجين[25].
وتنص المادة 46 من قانون تنظيم السجون 05-04 ” نظام الاحتباس الانفرادي هو نظام يخضع فيه المحبوس للعزلة عن باقي المحبوسين ليلا ونهارا، ويطبق على الفئات الآتية:
1- المحكوم عليه بالإعدام، مع مراعاة أحكام المادة 155 من هذا القانون.
2- المحكوم عليه بالسجن المؤبد، على ألا تتجاوز مدة العزلة ثلاثة (3) سنوات.
3- المحبوس الخطير، بناءاً على مقرر يصدره قاضي تطبيق العقوبات كتدبير وقائي بالوضع في العزلة لمدة محددة.
4- المحبوس المريض أو المسن، ويطبق عليه كتدبير صحي، بناءاً على رأي طبيب المؤسسة العقابية “.
03: نظام الإحتباس المختلط
يقوم النظام المختلط على المزج بين النظامين الجمعي والانفرادي، إذ يعمل على عزل المسجون ليلا في الزنزانة ويسمح له بالاختلاط نهارا، ويعرف بنظام (أوبارن) نسبة إلى مدينة أوبارن الواقعة بولاية نيويورك الأمريكية التي طبق فيها لأول مرة سنة 1816، وسمي أيضاً بنظام “الصمت” لأنه فرض الصمت على المساجين عن طريق حضر الكلام بينهم، ويبتدئ ذلك بمنع النظر إلى بعضهم البعض باعتبار أن النظرة تؤدي إلى الإيماءة وهذه الأخيرة تؤدي إلى الهمس الذي يقود إلى الكلام[26].
وتنص الفقرة 2 من المادة45، من قانون تنظيم السجون الجزائري “ويمكن اللجوء إلى نظام الاحتباس الانفرادي ليلا، عندما يسمح به توزيع الأماكن، ويكون ملائما لشخصية المحبوس، ومفيدا في عملية إعادة تربيته”.
المبحث الثاني: الأجهزة المكلفة بعملية الإصلاح
تتمثل هذه الأجهزة في أجهزة عامة وأخرى خاصة؛ إذ تشمل الأولى كل من: لجنة التنسيق، قاضي تطبيق العقوبات، لجنة تطبيق العقوبات، ولجنة تكييف العقوبات، وأما الخاصة فتشمل: موظفي الأسلاك الخاصة والمشتركة لإدارة السجون.
المطلب الأول: الأجهزة العامة المكلفة الإصلاح
الفرع الأول: لجنة التنسيق
أنشئت اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الاجتماعي، بموجب المادة 21 من قانون تنظيم السجون 05-04، وقد حدد المرسوم التنفيذي رقم 05/429، المؤرخ في 8 نوفمبر 2005، تنظيم هذه اللجنة ومهامها وسيرها.[27]
وبالرجوع إلى مجموع الأعضاء المكونين للجنة، ندرك بأنها تشكل هيئة مركزية، يكون مقرها الدائم في وزارة العدل[28]، تتولى وضع السياسة العامة للدفاع الاجتماعي وبرامج الإصلاح المطبقة في السجون الجزائرية، وهي تعكس في نفس الوقت التوجه الرسمي المطبق في هذا المجال. ولعل دور لجنة التنسيق وأهمية الأعضاء التي تتشكل منها، والصلاحيات الهامة المناطة بها، تبين مدى الأهمية التي أولتها الدولة الجزائرية لمكافحة الإجرام، والوسائل الكبرى التي سخرتها من أجل إصلاح المساجين وإعادة تربيتهم من خلال دراسة وضعيتهم وإعداد الوسائل والبرامج الهادفة إلى تقويمهم بإشراك كافة القطاعات التي يمكن أن تساهم في ذلك.
أولا: تشكيلتها.
لقد حددت المادة الثانية من المرسوم التنفيذي05/429، الأعضاء المكونين للجنة التنسيق، وهم ممثلون عن القطاعات الوزارية الآتية:
– وزارة الدفاع الوطني – وزارة الداخلية والجماعات المحلية- وزارة المالية – وزارة المساهمات وترقية الاستثمارات – وزارة الشؤون الدينية والأوقاف – وزارة التهيئة العمرانية والبيئة – وزارة التربية الوطنية – وزارة الفلاحة والتنمية الريفية – وزارة الأشغال العمومية – وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات – وزارة الاتصال – وزارة الثقافة – وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – وزارة السكن والعمران – وزارة العمل والضمان الاجتماعي – وزارة التشغيل والتضامن الوطني – وزارة الشباب والرياضة – وزارة السياحة – الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة، ويمكن للجنة أن تستعين في أعمالها بممثلي الجمعيات والهيئات الآتية:
اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها – الهلال الأحمر الجزائري – الجمعيات الوطنية الفاعلة في مجال الإدماج الاجتماعي للجانحين، كما يمكنها أن تستعين أيضا بخبراء أو مستشارين لتوضيح المواضيع التي تدخل في إطار مهمتها.
ويعين هؤلاء الأعضاء بقرار من وزير العدل حافظ الأختام لمدة أربع (4) سنوات بناء على اقتراح من السلطات التي ينتمون إليها، ويجب أن يمارسوا على الأقل وظيفة نائب مدير في الإدارة المركزية.[29]
وتزود هذه اللجنة بأمانة، يعين القائم عليها بموجب مرسوم رئاسي بناء على اقتراع من وزير العدل حافظ الأختام، وتكلف هذه اللجنة على الخصوص بما يلي:
– تحضير اجتماعات اللجنة.
– دراسة الملفات المقترحة على اللجنة.
– متابعة تنفيذ قرارات اللجنة بالتنسيق مع مختلف القطاعات المعنية.[30]
ثانيا : دورها الإصلاحي
من أجل تنفيذ البرامج الإصلاحية ومتابعتها تعقد لجنة التنسيق اجتماعاتها مرة واحدة كل ستة أشهر، ويمكنها أن تجتمع في دورة غير عادية بمبادرة من رئيسها أو بطلب من ثلثي(2/3) أعضائها، ويحدد الرئيس تاريخ انعقاد اجتماعات اللجنة وجدول أعمالها ويستدعي أعضاءها[31]، وتعقد اجتماعات اللجنة لتقييم حصيلة نشاط عمل اللجنة والمجهودات المسخرة، والصعوبات المواجهة في مجال النشاط الإصلاحي المطبق في السجون خلال مرحلة تنفيذ عقوبة سلب الحرية، وقد حددت المادة الرابعة (4) من المرسوم التنفيذي 05/429، المذكور سلفا، أهم النشاطات الإصلاحية التي تقوم بها اللجنة، وهي على الخصوص ما يلي:
1- تنسيق نشاطات القطاعات الوزارية والهيئات الأخرى، التي تساهم في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
2- اقتراح أي تدبير من شأنه تحسين مناهج إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الاجتماعي.
3- المشاركة في إعداد برامج الرعاية اللاحقة للمحبوسين بعد الإفراج عنهم.
4- التقييم الدوري للأعمال المباشرة في مجال التشغيل في الورشات الخارجية والحرية النصفية.
5- تقييم وضعية مؤسسات البيئة المفتوحة ونظام الإفراج المشروط، وتقديم كل اقتراح في هذا المجال.
6- اقتراح كل عمل والتشجيع عليه في مجال البحث العلمي بهدف محاربة الجريمة.
7- اقتراح كل النشاطات الثقافية والأعمال الإعلامية الرامية إلى الوقاية من الجنوح ومكافحته.
8- اقتراح كل التدابير التي من شأنها تحسين ظروف الحبس في المؤسسات العقابية.
وكان نتيجة لاشتراك مختلف القطاعات في عملية إصلاح المسجون اثر صدور القانون 05/04، المتعلق بقانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، والمرسوم التنفيذي 05/429، المتعلق بتنظيم لجنة التنسيق، ومهامها وسيرها، إعطاء مصالحها في الولايات تعليمات خاصة لمنح الدعم والمساهمة المادية والمعنوية في إطار إصلاح السجون، منها التكفل بتجهيز السجون بالوسائل اللازمة، من طرف مفتشي التعليم بالولاية وتدعيمها بالمعلمين لإعطاء الدروس في التعليم العام، وتكليف مديرية الشؤون الدينية بإنتداب أئمة للقيام بالإرشاد الديني والتربية الأخلاقية للمساجين، وهو ما تم تجسيده في الواقع العملي.
الفرع الثاني: قاضي تطبيق العقوبات.
لقد أولى قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، مكانة هامة لدور قاضي تطبيق العقوبات كمؤسسة للدفاع الاجتماعي، في تفعيل وتنشيط والإشراف على عملية إصلاح المسجون، وبالرجوع إلى المهام الإصلاحية العديدة التي يضطلع بها، نجده بحق يمثل الأساس لبناء أركان سياسة الإصلاح والعنصر المحرك الذي ينشط إعادة تربية وإدماج المحكوم عليهم، وذلك من خلال إشرافه على مختلف الهياكل الإصلاحية وإعداد وتنفيذ مختلف البرامج التأهيلية.
ويعين قاضي تطبيق العقوبات بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام ، في دائرة اختصاص كل مجلس قضائي ويختار من بين القضاة المصنفين في رتب المجلس القضائي على الأقل ممن يولون عناية خاصة بمجال السجون.[32]
ثانيا: دوره الإصلاحي
يترأس قاضي تطبيق العقوبات لجنة تطبيق العقوبات، وذلك بموجب المادة الثانية (2) من الرسوم التنفيذي 05/180، المؤرخ في 17 ماي 2005، المحدد لتشكيلة لجنة تطبيق العقوبات وكيفيات سيرها.
وأما مهام قاضي تطبيق العقوبات في مجال الإصلاح، فتتمثل في:
1- تسليم رخصة الزيارة لوصي المحبوس، والمتصرف في أمواله ومحاسبه أو أي موظف أو ضابط عمومي، متى كانت أسباب الزيارة مشروعة (مضمون المادة 67 قانون تنظيم السجون).
2- يخطر قاضي تطبيق العقوبات من قبل المحبوس إذا لم يتم الرد على شكواه المقدمة إلى مدير المؤسسة العقابية، بعد مرور عشرة(10) أيام من تاريخ تقديمها (مضمون المادة 79 قانون تنظيم السجون).
3- يدرس تظلم المحبوس، وينظر فيه في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ إخطاره (مضمون المادة 84).
4- الإشراف على عمل الأساتذة والمختصين في علم النفس، والمساعدين الاجتماعيين، الرامي إلى رفع معنويات المساجين، وتسهيل إعادة إدماجهم الاجتماعي، حتى في مرحلة ما بعد الإفراج وتقديم كافة المساعدات، لتحسين الوضعية المادية، الأخلاقية، المهنية، العائلية والاجتماعية للمحبوسين(مضمون المادة89 قانون تنظيم السجون)
5- يقرر استفادة المحبوس من نظام الحرية النصفية، البيئة المفتوحة، إجازة الخروج، التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، الإفراج المشروط، كما يقرر وضع المحبوس في الورشات الخارجية، كل ذلك بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات.
ويتبين مما سبق أن المشرع الجزائري قد أعطى مكانة هامة للإشراف القضائي في عملية إصلاح المسجون، وذلك تماشيا مع المبادئ التي تنادي بها النظم العقابية الحديثة والمغزى من ذلك هو أن التدبير الجنائي لا يتحقق بمجرد إصدار الحكم، ولكن بمتابعة تنفيذه، وهذا ما يتطلب خضوع المرحلتين لسلطة واحدة.
إن احترام حقوق المحكوم عليهم هي من صميم وظيفة القضاء الذي يتعين أن يكون مستقلا عن الإدارة العقابية، التي غالبا ما تكون مصدر الاعتداء.[33]
ومن أهم المشاكل التي أصبحت تعيق نشاط قضاة تطبيق العقوبات هي نقص عددهم مقارنة بالمهام العديدة والنشاطات الكبيرة التي يقومون بها، كما تجدر الإشارة إلى عدم تفرغ قضاة تطبيق العقوبات لوظيفتهم، فهم يكلفون بمهام أخرى على مستوى المجالس التي تكون على حساب تنفيذ البرامج الإصلاحية وتصفية الملفات الخاصة بها، وهو ما يؤدي إلى تولي السلطة الإدارية ممثلة في مدير المؤسسة العقابية، بتقلد جميع الصلاحيات في مجال إصلاح المسجون، الخاصة بقاضي تطبيق العقوبات، الأمر الذي يمس بالحقوق الأساسية للمحكوم عليهم ويزيد في تسلط الإدارة.
ويعاني قضاة تطبـيق العقوبات من نقص الإمكانيات المادية والشروط الضرورية لممارسة مهامهم ميدانيا، ولقد أشار تقرير اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة المنصبة من طرف رئيس الجمهورية بتاريخ 19 أكتوبر1999[34] ، إلى قلة الإمكانيات الموضوعة تحت تصرف قضاة تطبيق العقوبات، حيث جاء في توصياتها، وجوب العمل على توفير الظروف المناسبة اللازمة لقاضي تطبيق العقوبات لكي يمارس دوره ومهامه الفعلية، طبقا لقانون تنظيم السجون.
الفرع الثالث: لجنة تطبيق العقوبات
تأسست لجنة تطبيق العقوبات، طبقا لأحكام المادة 24 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، وقد حدد المرسوم التنفيذي رقم 05/180، المؤرخ في 17 ماي 2005، تشكيلتها وكيفيات سيرها[35] ، ويكون مكان تواجدها بمؤسسات: الوقاية، إعادة التربية، إعادة التأهيل وفي المراكز المتخصصة للنساء.
أولا: تشكيلها
لقد بينت المادة الثانية (2) من المرسوم التنفيذي 05-180، سابق الذكر أعضاء لجنة تطبيق العقوبات، وهم كالآتي:
– قاضي تطبيق العقوبات، رئيساً.
– مدير المؤسسة العقابية أو المركز المتخصص للنساء، حسب الحالة، عضواً.
– المسئول المكلف بإعادة التربية، عضواً.
– رئيس الاحتباس، عضوا.
– مسئول كتابة الضبط القضائية للمؤسسة العقابية، عضواً.
– طبيب المؤسسة العقابية، عضواً.
– الأخصائي في علم النفس بالمؤسسة العقابية، عضواً.
– مُِربٍ من المؤسسة العقابية، عضواً.
– مساعدة اجتماعية من المؤسسة العقابية، عضوا.
و يعين الطبيب والأخصائي في علم النفس والمربي والمساعدة الاجتماعية بموجب مقرر من المدير العام لإدارة السجون لمدة (3) سنوات قابلة للتجديد.
ويضاف الى التشكيلة قاضي الأحداث، ومدير مركز إعادة التربية وإدماج الأحداث(عندما يتعلق الأمر في طلبات الإفراج المشروط لمحبوس من الأحداث).
وكذلك عضو من المصالح الخارجية لإدارة السجون(عندما يتعلق الأمر بتقييم تطبيق مختلف الأنظمة الخارجية).
وإذا حصل شغور أو مانع لمنصب رئيس اللجنة، يطلب النائب العام من رئيس المجلس القضائي بانتداب قاضي لمدة أقصاها (3) أشهر، مع إخطار مصالح الإدارة المركزية المختصة بوزارة العدل بذلك.[36]
ويعين النائب العام لدى المجلس القضائي كاتب ضبط، يتولى تسيير أمانة اللجنة تحت سلطة قاضي تطبيق العقوبات، يقوم بالمهام التالية :
1- حضور اجتماعات اللجنة وتحرير محاضرها في ثلاث نسخ أصلية.
2- تسجيل مقررات اللجنة وتبليغها إلى النائب العام والمحبوس في أجل (3) ثلاثة أيام من صدورها، إذا تعلقت بالتوقيف المؤقت للعقوبة، ويبلغ مقرر الإفراج المشروط إلى النائب العام فور صدوره.
3- تسجيل البريد والملفات.
4- تلقي الطعون، وطلبات المحبوسين، التي تدخل ضمن اختصاص اللجنة، ويقوم أمين اللجنة بدور المقرر وليس له صوت تداولي.[37]
ثانيا: دورها الإصلاحي
تعتبر لجنة تطبيق العقوبات الجهاز الجوهري الذي يشرف على إعداد وتطبيق برامج إصلاح المسجون، وتحقيق النظام داخل المؤسسة العقابية، ولتحقيق ذلك تجتمع اللجنة كل شهر، أو كلما دعت الضرورة لذلك، بناء على استدعاء من رئيسها أو بطلب من مدير المؤسسة العقابية، ويحدد رئيس اللجنة جدول أعمال اجتماعاتها وتاريخ انعقادها ويستدعي أعضاءها.[38]
تتداول اللجنة في الملفات المعروضة عليها بحضور ثلثي(2/3) أعضائها على الأقل، وتتخذ قراراتها بأغلبية الأصوات، وفي حال التعادل يكون صوت الرئيس مرجحا.[39] وتفصل اللجنة في الطلبات المعروضة عليها خلال شهر واحد ابتداءً من تاريخ تسجيلها، وبهذه الصفة فإن لجنة تطبيق العقوبات تمارس مهاما رئيسية، أهمها:
1- ترتيب وتوزيع المحبوسين، حسب وضعيتهم الجزائية، وخطورة الجريمة المحبوسين من أجلها، وجنسهم وسنهم، وشخصيتهم، ودرجة استعدادهم للإصلاح.
2- متابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية والبديلة عند الاقتضاء.
3- دراسة طلبات إجازات الخروج وطلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وطلبات الإفراج المشروط، أو الإفراج المشروط لأسباب صحية.
4- دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح والحرية النصفية والو رشات الخارجية.
5- متابعة تطبيق برامج إعادة التربية وتفعيل آلياتها.[40]
الفرع الرابع: لجنة تكييف العقوبات
تم إنشاء هذه اللجنة بموجب المادة 143 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، وحدد تشكيلها وتنظيمها وسيرها، المرسوم التنفيذي 05-181، المؤرخ في 17 ماي [41]2005.
ويقع مقرها بالمديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بحسب المادة الثانية (2) من قاون 05-181.
أولا: تشكيلها
حددت المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي 05-181 ، تشكيلة لجنة تكييف العقوبات، وهي كالآتي:
– قاضي من قضاة المحكمة العليا، رئيسا.
– ممثل عن المديرية المكلفة بإدارة السجون، برتبة نائب مدير على الأقل، عضواً.
– ممثل عن المديرية المكلفة بإدارة الشؤون الجزائية، عضواً.
– مدير مؤسسة عقابية، عضواً.
– عضوين يختارهما وزير العدل حافظ الأختام من بين الكفاءات والشخصيات التي لها معرفة بالمهام المسندة إلى اللجنة.
يعين الرئيس مقرر اللجنة من بين أعضائها، ويعين الأعضاء بقرار من وزير العدل حافظ الأختام لمدة (3) ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وفي حال انقطاع عضوية أحدهم قبل انتهائها، يتم استخلافه للمدة المتبقية،[42] ويمكن للجنة أن تستعين بأي شخص لمساعدتها في أداء مهاما.
للجنة تكييف العقوبات أمانة يسيرها موظف معين من قبل المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وتكلف هذه الأمانة بما يلي:
– تحضير اجتماعات اللجنة واستدعاء أعضائها.
– تحرير محاضر اجتماعات اللجنة.
– تسجيل مقررات اللجنة وتبليغها.
– تلقي البريد وملفات الطعون المرفوعة ضد مقررات لجان تطبيق العقوبات.
– تلقي طلبات الإفراج المشروط التي يؤول الاختصاص فيها إلى وزير العدل حافظ الأختام.[43]
ثانيا: دورها الإصلاحي
في سبيل القيام بمهامها تجتمع لجنة تكييف العقوبات مرة كل شهر، كما يمكنها أن تجتمع بناءً على استدعاء من رئيسها كلما دعت الضرورة إلى ذلك[44]، ويضبط رئيس اللجنة جدول أعمالها ويحدد تاريخ انعقادها ويوزع الملفات على أعضائها.[45] وتتداول اللجنة بحضور ثلثي (2/3) أعضائها على الأقل، وتصدر مقرراتها بأغلبية الأصوات، ويكون صوت الرئيس مرجحا[46].
ويمكن إجمال مهام لجنة تكييف العقوبات في الآتي:
1- تبدي اللجنة رأيا في طلبات الإفراج المشروط التي يؤول الاختصاص فيها إلى وزير العدل حافظ الأختام، في أجل ثلاثين يوما ابتداءا من تاريخ استلامها.
2- تبدي اللجنة رأيا في الملفات التي يعرضها عليها وزير العدل حافظ الأختام بشأن إعفاء المحبوس من بعض أو من كل الشروط الواجب توفرها للاستفادة من أحد أنظمة إعادة التربية والإدماج الاجتماعي، عندما يقدم للسلطات معلومات تؤدي إلى الكشف عن المجرمين وإيقافهم.[47]
3- تفصل اللجنة في الطعون المعروضة عليها في أجل خمسة وأربعين (45) يوما ابتداءً من تاريخ الطعن.
4- تفصل في الإخطارات المعروضة عليها من قبل وزير العدل حافظ الأختام، إذا وصل إلى علمه أن مقرر قاضي تطبيق العقوبات بشأن إجازة الخروج، والتوقيف المؤقت لتنفيذ العقوبة والإفراج المشروط لأسباب صحية، من شأنه أن يؤثر سلبا عل الأمن أو النظام العام.[48]
المطلب الثاني: الأجهزة الخاصة المكلفة الإصلاح
الفرع الأول: الأسلاك والرتب الخاصة بإدارة السجون
يقسم قطاع إدارة السجون إلى ثلاثة أسلاك، يحتوي كل سلك على مجموعة من الرتب، هذا بالإضافة إلى سلك المناصب العليا.
أولا: سلك موظفي إعادة التربية: ويضم رتبتين ، عون الحراسة وعون إعادة التربية.
1- أعوان الحراسة: يتولى أعوان الحراسة زيادة على المهام المسندة إليهم في النصوص التي تحكم إدارة السجون، حراسة المحبوسين وحفظ الأمن والنظام والانضباط بالمؤسسات العقابية و الورشات الخارجية، وكذا التأكد من حسن تنفيذ العمل العقابي.
2- أعوان إعادة التربية: يكلفون تحت مراقبة رؤسائهم السلميين وزيادة إلى المهام المسندة لأعوان الحراسة بما يلي:
أ- تأطير و تنسيق ومراقبة نشاط الأعوان الموضوعين تحت سلطتهم.
ب- ضمان حراسة الأشخاص المحبوسين خارج أماكن الحبس طبقا للنصوص السارية المفعول التي تحكم إدارة السجون.
ج- المساهمة في تطبيق برامج إعادة تربية الأشخاص المحبوسين و إدماجهم الاجتماعي.
ثانيا: سلك موظفي التأطير[49]: ويضم 03 رتب : رقيب ومساعد ومساعد أول لإعادة التربية.
1- رقباء إعادة التربية[50]: يتولى تحت مراقبة رؤسائهم السلميين، وزيادة على المهام المنوطة لأعوان إعادة التربية مهام رئيس مركز الحراسة عن الأجنحة المدعمة أمنيا.
مساعدو إعادة التربية[51]: يتولى تحت مراقبة رؤسائهم السلميين وزيادة على المهام المسندة إليهم في النصوص المنظمة لإدارة السجون ما يلي :
– حفظ النظام والإنضباط والأمن بالمؤسسات العقابية والورشات الخارجية، والتأكد من احترام قواعد الأمن والإنضباط والنظافة، وتأطير وتنسيق ومراقبة نشاط الموظفين الموضوعين تحت سلطتهم، ويتولى مهام رئيس مركز الحراسة أو مسؤول عن الأجنحة المدعمة أمنيا عند الاقتضاء، والسهر على حسن تطبيق برامج إعادة التربية والإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
3- المساعدون الأوائل لإعادة التربية[52] : يكلفون تحت مراقبة رؤسائهم السلميين و زيادة على المهام المنوطة بمساعدي إعادة التربية بما يلي :
– السهر على حسن سير التنظيمات، لاسيما في مجال معاملة الأشخاص المحبوسين وحراستهم والسهر على حسن تطبيق برامج إعادة التربية للمحبوسين وإعداد حصائل الانجازات.
ثالثا: سلك موظفي القيادة[53]: يضم أربعة رتب: ضابط، ضابط رئيسي، ضابط عميد، ضابط عميد أول لإعادة التربية.
01– ضابط إعادة التربية[54]: يتولى ضمان حفظ النظام والأمن ويكلف بـ:
– المشاركة في تجسيد برامج إعادة التربية والإدماج الإجتماعي للأشخاص المحبوسين.
– تاطير و تنسيق ومراقبة نشاط الموظفين الموضوعين تحت سلطتهم .
– المشاركة في إنجاز عمليات إستخراج وتحويل المحبوسين.
– المساهمة في تكوين الموظفين الذين ينتمون إلى الأسلاك الخاصة بإدارة السجون.
– ممارسة صلاحيات ضباط الشرطة القضائية بالنسبة للجرائم التي ترتكب داخل المؤسسات العقابية أو خارجها بمناسبة تطبيق إحدى الأنظمة العقابية المنصوص عليها في قانون05-04.
02– رتبة ضابط رئيسي لإعادة التربية[55]: يكلفون تحت مراقبة رؤسائهم السلميين وزيادة على المهام المنوطة بضباط إعادة التربية بتأطير فرق التدخل وحفظ النظام داخل المؤسسات العقابية.
03– رتبة ضابط عميد لإعادة التربية[56]: يكلف الضباط العمداء لإعادة التربية تحت مراقبة رؤسائهم السلميين و زيادة على المهام المنوطة للضباط الرئيسيين بما يلي:
– السهر على متابعة إنجاز برامج إعادة التربية والإدماج الاجتماعي للأشخاص المحبوسين.
– تسيير العتاد و التجهيزات الأمنية والتأكد من صيانتها.
04– رتبة ضابط عميد أول لإعادة التربية[57]: يكلفون تحت مراقبة رؤسائهم وزيادة على المهام المنوطة بالضباط العمداء بما يلي:
– المساهمة في إعداد برنامج التكفل بالأشخاص المحبوسين وتنسيق عملية وضعها حيز التطبيق في إطار تنفيذ الأحكام القضائية و الحفاظ على الأمن العام للمؤسسة.
– المشاركة في تنسيق نشاطات المؤسسة و مراقبة كل ما يتعلق بتنظيم و تسيير المؤسسة العقابية وكذا ظروف الحياة في الوسط العقابي، وظروف عمل موظفي السجون وإقتراح كل التدابير الكفيلة بضمان تحسينها.
وبعد معرفتنا للأسلاك الخاصة بإدارة السجون وجب التطرق إلى مهام موظفي السجون[58]، والت تتمثل في :
01: مهام أمنية: القبض الجسدي على الأشخاص الموجودين بالمؤسسات العقابية بسند قانوني ومنعهم من مغادرة المؤسسات بالقوة مع توفير الشروط وضروريات الحياة وإحترام كرامتهم.
02: مهام تربوية: المساهمة في إعادة التربية لهؤلاء المنحرفين وتطبيق البرامج المسطرة.
03: مهام إجتماعية : المحافظة على الصلة بين المحبوسين وأسرهم ومن خلالهم بالمجتمع.
ونلاحظ أن كل هذه المهام تصب في هدفين أساسيين، وهما:
أ- الحفاظ على أمن المؤسسة والأشخاص والممتلكات.
ب- إعادة تربية المحبوسين و تهيأتهم لإعادة إدماجهم في المجتمع بعد إنقضاء عقوبتهم .
الفرع الثاني: الأسلاك المشتركة لإدارة السجون
أولا: السلك الطبي وشبه الطبي
إن توفير الظروف الصحية الملائمة داخل المؤسسات العقابية وبالورشات، والوقوف اليومي والدوري للتكفل بالرعاية الصحية للمساجين، إضافة إلى تحقيق شروط النظافة، أدّى بوزارة العدل إلى إبرام (03) قرارات وزارية مشتركة مع وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية، تضمن توظيف بعض الأسلاك الطبية وشبه الطبية لفائدة قطاع السجون، منها سلك الاختصاصيين في علم النفس العيادي للصّحة العمومية، وذلك ما تضمنه القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 10 ديسمبر 1991، كما خوّل القراران الوزاريان المشتركان المؤرخان في 10 ديسمبر 1991، من فتح مسابقات توظيف الأسلاك الطبية وشبه الطبية لفائدة السجون وتتمثل فيما يلي:
1- الممارسون الطبيون العامّون المتمثلون في: الأطباء، الصيادلة، وجراحو الأسنان.
2- مساعدو التمريض.
3- الممرضون.
4- المساعدات الاجتماعيات.
5- المحضرون في الصيدلة.
6- مشغلو أجهزة الأشعة.
7- مساعدو المخبريين.
8- المخبريون.
وزيادة على القرارات الوزارية المشتركة الثلاثة المذكورة سابقا، كان للقرار الوزاري المشترك المؤرخ في13 ماي 1997، المتضمن الاتفاقية الصحية المتعلقة بالتغطية الصحية للمساجين، بالمؤسسات العقابية المبرمة بين وزارتي العدل والصحة[59]، أن فتح المجال أمام تعيين وانتداب أطباء تابعين لهياكل الصحة بالمؤسسات العقابية، ومكنت من مساهمة وزارة الصحة في التكوين المستمر للموظفين الطبيين وشبه الطبيين التابعين لقطاع السجون.
ثانيا- الأسلاك التربوية:
لقد دفع الدور الهام الذي يؤديه التعليم والتكوين في مجال عملية إصلاح المسجون وإدماجه الاجتماعي، بوزارة العدل إلى إنشاء عدة قرارات وزارية مشتركة مع القطاعات المعينة بتأطير برامج الإصلاح الخاصة في هذا المجال، وكان من بينها القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 12 يونيو1993، المبرم مع وزارة الشبيبة والرياضة، حيث تمكنت على إثره وزارة العدل من توظيف مؤطرين في التربية البدنية للمساجين وتشمل الأسلاك التالية:
1- مربوا الشبيبة.
2- المربون المختصون في الشبيبة.
3- المربون الرياضيون.
4- التقنيون السامون في الرياضة.
كما مكّن القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 12 يونيو 1993، المنعقد بين وزارة العدل ووزارة التكوين المهني، لتنشيط برنامج التكوين المهني بالمؤسسات العقابية، وهي:
1- أستاذ التعليم المهني.
2- أستاذ مختص في التعليم المهني.
3- مساعد تقني وتربوي.
كما مكن التعاون بين وزارة العد ووزارة التكوين المهني، من التوصل إلى إبرام اتفاقية تعاون في 17 نوفمبر 1997، تهدف إلى تكوين المساجين مهنيا، وانتداب أساتذة التكوين المهني التابعين لقطاع التكوين بالمؤسسات العقابية، وسمحت هذه الاتفاقية لوزارة التكوين المهني بتكوين موظفي إدارة السجون كأساتذة في التكوين المهني لمن يتوفر على الشروط المطلوبة. وساهمت اتفاقية التعاون في مجال التعليم والتربية الإسلامية والتكوين، المبرمة بين وزارتي العدل والشؤون الدينية في 21 ديسمبر 1997، من توفير موظفي السلك الديني لتنشيط دروس الوعظ والإرشاد، ومعلمين لتحفيظ القرآن الكريم، وتقديم دروس في محو الأمية لفائدة المساجين.
خاتمة:
يسعى البرنامج الإصلاحي الجزائري، إلى تحسين الظروف وتوفير الضمانات من أجل حماية فعلية لحقوق الإنسان، وهو مانجح فيه البلد إلى حد كبير جدا من خلال تنوع مؤسساته العقابية وأساليب المعاملة النوعية التي يتمتع بها المساجين وفقا للقانون، من خلال تسخير أجهزة متخصصة تسهر على ذلك، إلا أنه وبالرغم من هذا فإننا ندعو إلى فتح السجـون للبحث العلمي، و دراسات المختصين في علوم العقاب، الإجرام، القانون، الاجتماع، النفس، الطب وغيرهم، لدراسة مجتمع السجن في الجزائر بكل أبعاده ومكوناته، وتقديم أهم الحلول العملية لظاهرة الإجرام والاقتراحات البناءة في إصلاح السجون وشخصية المساجين، وحفظ كرامتهم الإنسانية، لتكون نتائج هذه الدراسات المادة الخام التي تعتمدها وزارة العدل في بناء سياستها العقابية، بدلا من الاكتفاء بالاعتماد على قوانين المجتمعات الأخرى، التي أثبتت تجربة الكثير منها فشلها بسبب الاختلافات البيئية، الإجتماعية، والثقافية، وحتى الدينية.
(محاماه نت)