دراسات قانونية
بحث قانوني حول الديون الممتازة في النظام السعودي
الديون الممتازة في النظام السعودي
تنقسم الديون من حيث الأولوية والأسبقية في اقتضاء الدين إلى نوعين ، الديون الممتازة والديون العادية .
وتعرف الديون الممتازة بأنها : تلك الحقوق العينية التي يعطي القانون صاحبها أسبقية في اقتضاء الحق ، مراعاة لصفته بنص القانون .
فيمكن القول أن الامتياز أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفته . ولا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون .
فعلى ذلك فإن حق الامتياز لا يتقرر إلا بمقتضى نص ، ومن ثم فلا يتقرر بالاتفاق ، إذ الامتياز صفة للحق لا للدائن . وعليه فأي حق توافرت فيه صفة يرعاها النظام ، وينص على كونها ممتازة يكون حقا ممتازا بموجب هذه الصفة أيا كان الدائن بهذا الحق . وهذا ما يفرق بين حق الامتياز وسائر الحقوق العينية التبعية الأخرى كالرهن والاختصاص .
أما الديون العادية فهي سائر الديون التي لم يعطها القانون أحقية السبق والتقديم في الاستيفاء بنص صريح .
والأصل أن يتحقق العدل في توزيع الديون على مستحقيها دون تمييز ، وذلك لتحقيق المساواة بين الدائنين ، إلا أن بعض الديون تقدم على بعض لاعتبارات منها :
-1 رعاية مصلحة عامة كمصلحة خزينة الدولة .
-2 رعاية لفئة معينة من الدائنين تتضرر من عدم وصول حقها لها ضررا شديدا .
-3 احتياط الدائن في توثيق دينه يمنحه هذا الحق كتوثيق الدين بالرهن .
-4 أو أن يكون الدين للمحافظة على أموال المدين .
2-ترتيب الديون الممتازة :
تختلف الأنظمة في ترتيبها لأولوية الديون الممتازة بشكل جلي وواضح ، والنظام السعودي لم يتطرق لتنظيم واضح كامل للديون الممتازة بل هناك جزء منظم وجزء آخر لم يتم تنظيمه بل كان متفرقا ، وبعد البحث يمكن ترتيب الديون الممتازة على النحو الآتي :
-1 النفقة :
وفي ذلك تحدثت المادة السابعة والثلاثون من نظام التقاعد المدني ، فقد ورد فيها ما يلي : ” لا يجوز الحجز على المعاش إلا بنسبة (25 %) ، ويكون الحجز على المعاش بأمر رئيس مجلس الوزراء إذا كان متعلقا بديون الحكومة ، أو بحكم قضائي إذا كان
متعلقا بغير ديون الحكومة ، وفي كل الأحوال يقدم دين النفقة على غيره من الديون”. وقد أضاف نظام التنفيذ الصادر عام 1433 ه ما يؤكد ذلك ، حيث ورد في الفقرة 4/ب من المادة الحادية والعشرين منه أنه عند تزاحم ديون الموظف فيتم الحجز على راتب
الموظف وفقا الآتي : يحجز على نصف الراتب لدين النفقات فقط مقدمين على بقية الغرماء ثم يحجز بعد ذلك على ثلث المتبقي ويتزاحم فيه بقية الدائنون العاديون .
وعادة الدول أن تؤثر المصلحة العامة على مصلحة الأفراد ، فتجعل الأولوية في الديون الممتازة لدين الدولة . إلا أن النظام السعودي تميز في تمييز الديون الممتازة حيث بدأ في الديون الممتازة بدين النفقة ، سواء كانت النفقة متعلقة بشخص المدين أو
بأهله وأبناءه أومن يعولهم .
ولا عجب في هذا ؛ حيث أنه مستمد من الشريعة السمحة الغراء التي آثرت حق الأسرة والحياة على حق الدولة ، وذلك بخلاف سائر الدول .
-2 المبالغ المستحقة لخزينة الدولة :
وقد ورد في نظام إيرادات الدولة الصادر عام 1431 ه ، في المادة التاسعة عشرة منه ما نصه : ” دين الدولة المستحق دين ممتاز ولا يسقط بالتقادم ” .
-3 إيجارات المسكن والمحلات التجارية .
-4 أجرة الخدم والعمال .
-5 مهر الزوجة .
وفيما سبق نصت عليه المادة ( 119 ) من نظام المحكمة التجارية الصادر عام1350ه بقولها : ” أن إيجارات المسكن ومحلات التجارة وأجر الخدم والكتبة ومهر الزوجة ، كل ذلك من الديون الممتازة على سائر الغرماء ” .
وقد تطرق النظام السعودي لجزء آخر من الديون التي تعطى حق الامتياز ، وذلك وفق للمرسوم الملكي (م/14) وتاريخ 16\4\1421 القاضي بما يلي: مع عدم الإخلال بما تقضي به أحكام الشريعة الإسلامية ، ومنها ما يتعلق بالرهن ، يكون ترتيب
سداد الديون الممتازة في حالة الإفلاس على النحو الآتي :
1/ الديون الناشئة من التصفية وفقا لأحكام نظام الشركات .
2/ المبالغ المستحقة للعامل أو معوليه بمقتضى أحكام نظام العمل.
3/ مبالغ الاشتراكات والإضافات التي تفرض للتأخر عن تسديد مستحقات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الواردة في نظام التأمينات الاجتماعية.
4/ مبالغ الرسوم المقررة على البضائع الموجودة في المنطقة الجمركية حسب نظام الجمارك.أ. ه .
وأرى أن في هذا التقسيم إضافة وتأكيد ، وهذه الإضافة متمثلة في الديون الناشئة من التصفية وفقا لأحكام الشركات . وأرى أن هذه إضافة عامة المقصود منها الالتزام
بالبدء في الديون الممتازة قبل الديون العادية . واضافة خاصة متمثلة في التأكيد على
ما نصت عليه المادة (563) من نظام المحكمة التجارية بقولها : ” جميع الرسوم و المصاريف وأثمان الطوابع التي تصرف في دعاوى الإفلاس تخصم من موجودات الشركة ” .
3
وكذلك أضاف المبالغ المستحقة للعامل وأرى أنها تدخل من قبيل أجور الخدم الواردة في المادة (119 ) من نظام المحكمة التجارية ؛ حيث أن العامل والخادم مشتركان في التبعية النظامية وتبعية النفقة التي يلتزم بها صاحب العمل . فتكون حينئذ إضافة وتأكيد
، مما يترتب عليها أن تكون أجور الخدم والعمال في مرتبة واحدة في الاستحقاق ، وهي المرتبة الرابعة في الديون الممتازة .
أما ما ورد في الفقرتين (3-4) فهي إضافة للديون الممتازة.
وخلاصة القول يمكن حصر وترتيب الديون الممتازة في النظام السعودي على النحو الآتي :
1/ النفقة
2/ المبالغ المستحقة لخزينة الدولة .
3/ إيجارات المسكن والمحلات التجارية .
4/ أجرة الخدم والعمال .
5/ مهر الزوجة .
6/ الديون الناشئة من التصفية وفقا لأحكام نظام الشركات .
7/ مبالغ الاشتراكات والإضافات التي تفرض للتأخر عن تسديد مستحقات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الواردة في نظام التأمينات الاجتماعية .
8/ مبالغ الرسوم المقررة على البضائع الموجودة في المنطقة الجمركية حسب نظام الجمارك .
وفي الختام هذا ما تيسر ايراده في موضوع الديون الممتازة في النظام السعودي بعد قراءة وبحث في نصوص النظام السعودي ، فإن وفقت فذلك بفضل الله وحده ، وإن قصر جهدي وادراكي عن غير ذلك ، فتلك طبيعة البشر ولا عجب .
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
كتبه/عبدالله بن سليمان القنيطير