دراسات قانونية
دراسة قانونية حول دور المؤتمرات و الإتفاقيات الدولية في حماية البيئة
بحث ودراسة قانونية عن دور المؤتمرات والاتفاقيات الدولية في حماية البيئة
المطلب الأول
دور المؤتمرات الدولية في حماية البيئة
لقد أسهمت المؤتمرات الدولية من خلال المبادئ والتوصيات الصادرة عنها ، في حماية البيئة الإنسانية بمختلف قطاعاتها ، وقد ساعدت هذه المؤتمرات في وضع العديد من القواعد القانونية التي شكلت اللبنة الأولى في صرح القانون الدولي البيئي .
ومن أهم هذه المؤتمرات نذكر:
أولاً ـ مؤتمر استوكهولم بالسويد عام 1972:
أمام تزايد الأخطار البيئية وتفاقمها ، وبناء على اقتراح المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة ، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث من ديسمبر عام 1968 إلى عقد مؤتمر دولي حول البيئة الإنسانية . وقد عقد هذا المؤتمر في مدينة استوكهولم بالسويد في الفترة من 5 ـ 16 يونيو عام 1972 مستهدفاً تحقيق رؤية ومبادئ مشتركة لإرشاد شعوب العالم إلى حفظ البيئة البشرية وتنميتها . وكذلك بحث السبل لتشجيع الحكومات والمنظمات الدولية للقيام بما يجب لحماية البيئة وتحسينها([20]) .
وفي افتتاح هذا المؤتمر ألقى السيد ( موريس سترونج ) الأمين العام لمؤتمر استوكهولم الذي عرف بـ « قمة الأرض » ، كلمة أكد فيها على المسؤولية المشتركة للدول عن الأخطار والمشكلات التي تعاني منها البيئة الإنسانية والتي شارك في إحداثها المجتمع الدولي كله . وأشار السيد سترونج إلى حاجة العالم الملحة للتعاون الدولي لرفع مستوى البيئة الإنسانية وإنقاذها من التدهور وتطوير قواعد القانون الدولي خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الدولية لتتمشى مع التطورات الحديثة التي تجتاح العالم ، كما أشار إلى ضرورة إقرار أساليب جديدة لحل المنازعات البيئية([21]) .
وقد صدر عن هذا المؤتمر في ختام أعماله إعلاناً عن البيئة الإنسانية متضمناً أول وثيقة دولية بمبادئ العلاقات بين الدول في شأن البيئة وكيفية التعامل معها والمسؤولية عما يصيبها من أضرار بالإضافة إلى خطة العمل الدولي وهي تتكون من 109 توصية و26 مبدأ .
وإذا نظرنا إلى إعلان استوكهولم فإننا نلاحظ أنه قد أكد في أول مبدأ من مبادئه على أن للإنسان حقاً أساسياً في الحرية والمساواة وفي ظروف حياة ، في بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وبتحقيق الرفاه ، وأن على الإنسان واجباً مقدساً لحماية وتحسين بيئته من أجل الجيل الحاضر والأجيال المقبلة([22]) .
وقد نص المبدأ /21/ من إعلان استوكهولم على أن « للدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي ، حق سيادي في استثمار مواردها طبقاً لسياستها البيئية الخاصة ، وهي تتحمل مسؤولية ضمان أن الأنشطة المضطلع بها داخل حدود ولايتها أو تحت رقابتها لا تضر بيئة دول أخرى أو بيئة مناطق تقع خارج حدود الولاية الوطنية »([23]) .
ويعتبر هذا المبدأ من أهم مبادئ إعلان استوكهولم ، حيث عمل على التوفيق بين مسألتين مهمتين: الأولى هي حرية الدولة في ممارسة ما تشاء من أنشطة استثمارية لمواردها في حدود سيادتها الإقليمية ، والثانية هي ألا تتسبب هذه الحرية في الإضرار ببيئة الغير أو خارج الحدود السيادية للدولة مثل المواقع التي تشكل تراثاً مشتركاً للإنسانية جمعاء .
ويمكن القول أن هذا المؤتمر شكل منعطفاً تاريخياً خطيراً ، وكان بداية الانطلاق الحقيقية لبدء الاهتمام بالبيئة الإنسانية عموماً ، حيث تمخض عنه قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة ( UNEP ) United Nations Environment Program ، ومهمته العناية بشؤون البيئة والتعاون الدولي في مجال حماية البيئة الإنسانية بوجه عام .
ثانياً ـ مؤتمر ريودي جانيرو في البرازيل عام 1992:
عقد المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية في مدينة ريودي جانيرو البرازيلية في الفترة من 3 ـ 14 يونيو عام 1992 تحت مظلة الأمم المتحدة . وكان هذا المؤتمر ـ بحق ـ الأكبر والأوسع نظراً للعدد الهائل من المشاركين ، فقد كان أكبر اجتماع عالمي في التاريخ حضره ثلاثون ألفاً من ممثلي /178/ دولة ومائة وثلاثون من رؤساء الدول والحكومات ، اجتمعوا من أجل حماية كوكب الأرض وموارده ومناخه ، ووضع سياسة النمو العالمي والقضاء على الفقر مع المحافظة على البيئة([24]) .
وأبرز الأسباب التي دعت إلى عقد هذا المؤتمر هي([25]):
1ـ حماية الغلاف الجوي وطبقة الأوزون .
2ـ مكافحة إزالة الغابات .
3ـ مكافحة التصحر والجفاف .
4ـ حفظ التنوع البيولوجي .
5ـ اعتماد سلوك الإدارة السليمة بيئياً للنفايات الخطرة والنفايات المشعة .
6ـ حماية المياه العذبة وإمداداتها من التلوث .
7ـ النهوض بالزراعة والتنمية الريفية وإدارة موارد الأراضي .
8 ـ النظر في ارتفاع عدد سكان العالم والتزايد المخيف لشعوب العالم الثالث .
9ـ تحسين ظروف العيش والعمل ، عن طرق استئصال الفقر ووقف التدهور البيئي .
وقد انقسم المؤتمرون إلى اتجاهين أساسيين([26]):
فدول الشمال الغني ترى أن حماية البيئة هو الهدف الأهم للمؤتمر ما لم تصطدم بمصالحها الاقتصادية . ودول الجنوب الفقير تؤكد أن الهدف من المؤتمر هو التنمية ومحاربة الفقر ولو على حساب البيئة واستنزاف الموارد واجتثاث الغابات .
وقد اختتم المؤتمر أعماله بتوقيع ثلاث اتفاقيات ، وقع عليها أكثر من /150/ دولة وهي([27]):
أ ـ الاتفاقية الأولى: وتتعلق بالتنوع الحيوي وهي تهدف إلى حماية الكائنات الحية الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض .
ب ـ الاتفاقية الثانية: اتفاقية مناخ الأرض وتتعلق بالتغييرات المناخية ومكافحة ارتفاع درجات الحرارة عن طريق الحد من انبعاث الغازات المسببة لسخونة الجو .
ج ـ الاتفاقية الثالثة: معاهدة الغابات والمساحات الخضراء .
وبالإضافة إلى الاتفاقيات السابقة ، فقد صدر عن المؤتمر « إعلان ريو » الذي تبنته كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، وتضمن /27/ مبدأ يجب الاستناد إليها في إدارة الكرة الأرضية باعتبارها « دار الإنسانية » من أجل الحفاظ على البيئة في عملية التنمية .
ومن أهم هذه المبادئ المبدأ الثاني الذي يوجب على الدول « ألا تخلق أنشطتها أضراراً بيئية لدول أخرى »([28]) ، كما نص المبدأ السابع على أن « تتعاون الدول بروح المشاركة العالمية في عمليات حماية البيئة والمحافظة على سلامة النظام الايكولوجي للأرض ، لذلك يتوجب على الدول الصناعية الاعتراف بالمسؤولية الواقعة على عاتقها على صعيد الأبحاث الدولية من أجل تنمية ثابتة وفقاً لقدراتها المالية » .
أما فيما يتعلق بالدول النامية فقد ركّز المبدأ السادس على أن تمنح أولوية خاصة لحالتها واحتياجاتها لا سيما الدول الأقل نمواً والأضعف بيئياً وأن تراعى مصالح واحتياجات جميع الدول فيما يتعلق بالإجراءات الدولية في مجال البيئة والتنمية([29]) .
وأرفقت بالإعلان خطة عمل مفصلة عرفت باسم « جدول أعمال القرن الحادي والعشرين » وهي وثيقة تتكون من /800/ صفحة ، تتضمن مبادئ التنمية المتوافقة مع متطلبات البيئة ، أي التنمية القابلة للاستمرار ، في كافة ميادين النشاط الاقتصادي([30]) .
غير أن مؤتمر قمة الأرض لم يحقق التوقعات المرجوة وأخفق في علاج كثير من القضايا البيئية المهمة ، خاصة فيما يتعلق بنسبة مساعدات التنمية التي تقدمها الدول الغنية للدول الفقيرة ، كما أن إعلان ريو وجدول أعمال القرن الحادي والعشرين واتفاقيتي المناخ والتنوع الحيوي ، كلها نصوص غير مفصلة وغير ملزمة إلا في القليل منها .
وأخيراً فإنه وإن كانت معظم أعمال المؤتمرات الدولية تأخذ شكل توصيات غير ملزمة للدول التي قد ترفض تنفيذها ، ولا توجد قوة حقيقية ملزمة لهذه التوصيات إلا أنها بتواترها وانسجامها مع بعضها البعض ، فضلاً عن صدورها بإجماع الدول المشاركة ، فإنها تشكل اللبنة الأولى في بناء القانون الدولي البيئي ، فهي تساهم في نشأة قواعد عرفية جديدة في نطاق هذا القانون .
كما تتضح قيمة هذه التوصيات ـ كما لاحظ البعض بحق([31]) ـ فيما تجسده من مرحلة انتقالية هامة في تاريخ النظام الدولي ، تمثلت في بدء خطى جماعية نحو حماية البيئة العالمية وتجنيبها كوارث التلوث ، كما أرست مبدأً أساسياً احتل مكانه في نطاق التنظيم القانوني وهو مسؤولية الدولة عن أية أضرار بيئية تحدث للدول الأخرى أو تحدث في مناطق خارج الولاية الإقليمية لأي دولة من جراء ما تمارسه من أنشطة على إقليمها .
المطلب الثاني
دور الاتفاقيات الدولية في حماية البيئة
لعبت الاتفاقيات الدولية دوراً مهماً في حماية البيئة في مختلف قطاعاتها ، الأرضية والهوائية والبحرية .
وسوف نستعرض أهم هذه الاتفاقيات كمايلي:
أولاً ـ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة الأرضية([32]):
توجد العديد من الاتفاقيات الدولية التي تهدف لحماية البيئة الأرضية ، أهمها:
1ـ الاتفاقية الإفريقية لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية المنعقدة في مدينة الجزائر عام 1968:
عقدت هذه الاتفاقية تحت إشراف منظمة الوحدة الإفريقية في مدينة الجزائر عام 1968 ، بهدف تشجيع الجهود الفردية والجماعية لحفظ وتنمية التربة والماء والموارد النباتية والحيوانية لرفاهية البشر في الحاضر والمستقبل في جميع المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية .
وتلتزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لحفظ وتنمية التربة والموارد النباتية والحيوانية ، ووضع الضوابط لحفظ هذه الموارد ومنع تلويثها . كما تلتزم بحماية النباتات وحسن استخدام وإدارة الغابات ومراقبة حرق الأشجار والرعي المفرط ، وحماية الحيوانات وحسن إدارة التجمعات الحيوانية ، ومراقبة الصيد والقنص .
ويجب أيضاً منح حماية خاصة للنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض ، حيث يحظر صيدها أو قنصها أو جمعها إلا بتصريح خاص من الجهة المختصة ، كما يجب الحفاظ على الحواجز الطبيعية وإنشاء حواجز جديدة بهدف حماية الأنظمة البيئية .
2ـ الاتفاقية المتعلقة بحماية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية المنعقدة في مدينة رامسار الإيرانية عام 1971:
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 2 فبراير 1971 في مدينة رامسار الإيرانية ، وتهدف هذه الاتفاقية إلى حماية الأراضي الرطبة باعتبارها موطناً مهماً للكائنات البرية والبحرية ولا سيما الطيور المائية .
وتلتزم الدول الأطراف المتعاقدة بتحديد الأراضي الرطبة على إقليمها ، كي تدون في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية ، والمحافظة على أسراب الطيور المائية المهاجرة ، وتدبير وسائل معيشتها وحسن الاستفادة منها . كما تلتزم بإنشاء حواجز طبيعية للأراضي الرطبة ، وأن تتعاون فيما بينها في تبادل المعلومات وتدريب العاملين بهدف إدارة هذه المناطق .
3ـ الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي المنعقدة في باريس عام 1972:
عقدت هذه الاتفاقية في باريس في 16 نوفمبر عام 1972 ، ودخلت حيز النفاذ في 17 ديسمبر 1975 ، وتهدف إلى حماية التراث الطبيعي ذي القيمة العالمية البارزة مثل: الآثار الطبيعية التي نشأت بفعل التكوينات الطبيعية والحيوية والتي لها قيمة عالمية استثنائية من الناحية الجمالية والعلمية ، وكذا التكوينات الجيولوجية والجغرافية والمناطق التي تعتبر موطناً لفصائل الحيوان والنبات المهددة بالانقراض والتي يكون لها أهمية عالمية ، وكذا المناطق والأماكن الطبيعية التي يكون لها قيمة عالمية استثنائية سواء علمية أو جمالية .
ويجب على كل دولة طرف في الاتفاقية أن تحدد المناطق سالفة الذكر والواقعة في إقليمها ، وأن تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية وصيانة هذا التراث من خلال جهودها الذاتية أو عن طريق التعاون الدولي أو العلمي أو الفني .
وقد تم إنشاء لجنة حكومية بمنظمة اليونسكو لحماية هذا التراث تسمى « لجنة التراث العالمي » تتولى حصر التراث العالمي وتعمل على حمايته والحفاظ عليه . كما تم إنشاء « صندوق التراث العالمي » وهو صندوق تموله الأطراف والجهات المعنية ، ومهمته تقديم مساعدات مالية وقروض ومعدات ودراسات وبرامج تدريب للعاملين بهدف حماية هذا التراث العالمي .
4ـ اتفاقية بازل الخاصة بنقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود الدولية لعام 1989([33]):
أبرمت هذه الاتفاقية في مدينة بازل السويسرية في 22 مارس عام 1989 ، وتعد من المعاهدات الدولية التي تكفل حماية البيئة من التلوث بالنفايات الخطرة ، وهي أول اتفاقية دولية في مجال الرقابة على نقل النفايات الخطرة ، وتعتبر أيضاً من المعاهدات الدولية متعددة الأطراف ، أو المعاهدات الشارعة ، ذلك لأنها بداية عقدت في إطار منظمة الأمم المتحدة ، وقد حضرها ووقع على الأعمال الختامية للمؤتمر ما يقرب من /161/ دولة من أعضاء المجتمع الدولي .
وتتميز هذه المعاهدة أيضاً بأنها جمعت بين الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة الجماعة الأوربية والدول الأعضاء فيها ، والدول الآخذة في النمو في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا .
5ـ الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر لعام 1994:
أبرمت هذه الاتفاقية في باريس بتاريخ 14 أكتوبر عام 1994 وتهدف لحماية البيئة من التصحر .
ثانياً ـ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة الهوائية([34]):
تبلورت الجهود الدولية لحماية البيئة الهوائية في إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن أهمها:
1ـ الاتفاقية الدولية بشأن حماية العمال من الإشعاعات المؤينة لعام 1960:
عقدت هذه الاتفاقية في جنيف بسويسرا بتاريخ 22 يونيو 1960 ، وتهدف إلى حماية صحة العمال وسلامتهم من مخاطر الإشعاعات المؤينة ، وتلتزم الدول الأطراف بتنفيذ أحكام هذه الاتفاقية بموجب قوانين أو قرارات تنظيمية أو أية وسائل أخرى مناسبة .
وتسري هذه الاتفاقية على كافة الأنشطة التي تعرّض العمال لإشعاعات مؤينة أثناء عملهم ، وينبغي على السلطة المختصة وضع الحد الأقصى المسموح به لجرعات الإشعاعات المؤينة التي يجوز أن يتعرض لها العمال .
2ـ اتفاقية المسؤولية المدنية عن أنشطة الطاقة النووية المنعقدة في باريس عام 1960 ، والاتفاقية المكملة لها المنعقدة في بروكسل عام 1963:
تم إعداد هاتين الاتفاقيتين بمعرفة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ، وتهدفان إلى ضمان منح تعويض عادل للأشخاص الذين يصابون بضرر من جراء الحوادث النووية ، وفي نفس الوقت ضمان عدم إعاقة استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية ، وتوحيد القواعد الأساسية المتعلقة بالمسؤولية عن الأضرار في الدول الأطراف في الاتفاقية .
ويكون القائم بتشغيل المنشأة النووية مسؤولاً عن إصابة أو وفاة أي شخص ، وعن تلف أو ضياع أية ممتلكات ، إذا ثبت أن هذه الإصابة أو الوفاة أو الفقد قد حدث بسبب حادث نووي ، أو تسبب فيه الوقود النووي أو النفايات المشعة أو المواد النووية المنبعثة من هذه المنشأة . ويجب على القائم بتشغيل المنشأة الاشتراك في تأمين يغطي مسؤوليته .
3ـ اتفاقية فيينا الخاصة بالمسؤولية المدنية عن الأضرار الناشئة عن استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية لعام 1963:
أشرفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إبرام هذه الاتفاقية بتاريخ 21 مايو عام 1963 ، ودخلت حيز النفاذ في 12 نوفمبر عام 1977 . وتهدف هذه الاتفاقية إلى تحديد المسؤولية عن الأضرار الناشئة عن استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية .
ويكون القائم بتشغيل المنشأة النووية مسؤولاً مسؤولية مطلقة عن الأضرار الناجمة عن استخدام الطاقة النووية ، متى ثبت أن هذه الأضرار نتجت بسبب حادث وقع داخل المنشأة ، أو عن مادة نووية ناشئة عن نشاط المنشأة أو مرسلة إليها . ويلتزم القائم بتشغيل المنشأة بالاحتفاظ بتأمين أو ضمان مالي يغطي المسؤولية المدنية .
4ـ الاتفاقية الدولية بشأن حماية العمال من الأخطار المهنية في بيئة العمل والناجمة عن الضوضاء والاهتزازات ، والمنعقدة في جنيف عام 1977:
وافق مؤتمر جنيف الذي عقد في جنيف بسويسرا بتاريخ 20 يونيو عام 1977 على هذه الاتفاقية ، والتي تهدف إلى حماية العمال من الأخطار المهنية في بيئة العمل الناجمة عن تلوث الهواء أو الضوضاء أو الاهتزازات .
وتلزم هذه الاتفاقية السلطات الوطنية المختصة بتحديد المعايير والضوابط التي تسمح بتعريف مخاطر التعرض لتلوث الهواء والضوضاء والاهتزازات ، كما تلتزم باتخاذ التدابير الضرورية لخفض معدلات التلوث والضوضاء والاهتزازات إلى الحد الذي لا يشكل خطراً على صحة العمال ، وذلك عن طريق الأجهزة والمعدات الفنية ، أو عن طريق اللجوء إلى وسائل جديدة للإنتاج أو من خلال الوسائل الإدارية المتاحة .
ويكون للعمال الحق في الرعاية الطبية خلال فترات زمنية مناسبة ، مع عدم تحملهم لأية مصروفات عن هذه الرعاية ، كما يكون لهم الحق في المعرفة الكافية للمخاطر التي يتعرضون لها في بيئة العمل بسبب ملوثات الهواء والضوضاء والاهتزازات ، والوسائل المتاحة لمنع أو الإقلال من هذه المخاطر .
5ـ اتفاقية التلوث بعيد المدى للهواء عبر الحدود ، والمنعقدة في جنيف عام 1979:
تم التوقيع على هذه الاتفاقية بتاريخ 13 نوفمبر عام 1979 في نطاق اللجنة الاقتصادية الأوربية ، وهي تعتبر من أهم الاتفاقيات الدولية التي عقدت على المستوى الدولي فيما يتعلق بمشكلات تلوث الهواء .
وتهدف هذه الاتفاقية إلى حماية الإنسان والبيئة المحيطة به من تلوث الهواء ، حيث تلزم الدول الأطراف باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد والتقليل التدريجي لتلوث الهواء ، وبصفة خاصة التلوث الذي يعبر الحدود الوطنية ، ويصل إلى مناطق بعيدة عن مصدر التلوث .
كما يجب على الدول الأطراف وضع السياسات والضوابط اللازمة للحد من تلوث الهواء ، وكذلك تبادل المعلومات مع الدول الأخرى بصدد السياسات الوطنية والأنشطة العلمية والوسائل الفنية لمكافحة تلوث الهواء .
6ـ قمة لاهاي الدولية بشأن حماية الغلاف الجوي للأرض لعام 1980:
عقدت هذه الاتفاقية في مدينة لاهاي الهولندية في شهر مارس عام 1980 ، وقد حضرها /24/ رئيس دولة وحكومة ، وتهدف لحماية الغلاف الجوي للأرض من الملوثات مختلفة المصادر .
7ـ اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون لعام1985 وبروتوكول مونتريال لعام 1987 وتعديلاته([35]):
بعد أن أكدت الأبحاث العلمية تدهور طبقة الأوزون بسبب استخدام وبث مادة الكلوروفلورو كربون ، قرر برنامج الأمم المتحدة للبيئة ( UNEP ) في دورته التاسعة سنة 1981 ، تشكيل لجنة خاصة من الخبراء القانونيين والفنيين من ثلاث وخمسين دولة وإحدى عشرة منظمة دولية ، وعهد إليها بإعداد مشروع اتفاقية دولية لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول تنفيذي لها بشأن مركبات الكلوروفلورو كربون .
وعقدت عدة اجتماعات ابتداءً من عام 1982 في كل من استوكهولم وجنيف وفيينا . وبعد أن أنهت مجموعة الخبراء عملها في يناير عام 1985 ، دعا في الشهر نفسه ، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى عقد مؤتمر دبلوماسي عام ، لإبرام اتفاقية عالمية لحماية طبقة الأوزون ، وذلك في ضوء تقرير مجموعة الخبراء ، وهو ما تم فعلاً بمدينة فيينا في النمسا في الفترة من 18 إلى 22 مارس عام 1985 .
ولكن على الرغم من إقرار هذا المؤتمر لهذه الاتفاقية ، فإنه لم يتمكن من إقرار بروتوكول مركبات الكلوروفلورو كربون ، وإنما اتخذ قراراً ينص على مواصلة الجهود الدولية لإقرار هذا البروتوكول في غضون عام 1987 .
وتضع اتفاقية فيينا لعام 1985 لحماية طبقة الأوزون على عاتق أطرافها ، عدد كبير من الالتزامات من أجل صيانة طبقة الأوزون والعمل على حمايتها من التدهور والتدمير . وتقوم هذه الالتزامات على أساس التعاون الوقائي ، وذلك إدراكاً من واضعي هذه الاتفاقية أن منع التلوث الضار بطبقة الأوزون أكثر فعالية من علاج الآثار الضارة الناجمة عن تدميرها أو تحديد المسؤولية عن الأضرار ، وأقل كلفة من الناحية الاقتصادية .
وعلى الرغم من أن بعض هذه الالتزامات تمثل التزامات عامة على أطراف الاتفاقية ، فإن ثمة التزامات محددة تنص عليها هذه الاتفاقية ، وتتمثل في: الالتزام بالبحوث وعمليات الرصد المنتظمة لحالة طبقة الأوزون ، والالتزام بتبادل المعلومات في هذا الشأن .
أما بالنسبة لبروتوكول مونتريال لعام 1987 وتعديلاته بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون فقد نص في ديباجته أن أطراف هذا البروتوكول يعترفوا بأن انبعاث المواد المستنفدة للأوزون المتمثلة في مركبات الكلوروفلورو كربون على المستوى العالمي ، يمكن أن تؤدي إلى استنزاف كبير لطبقة الأوزون أو إلى تعديلها بشكل آخر ، الأمر الذي يحتمل أن تنتج عنه آثار ضارة للصحة البشرية والبيئة العالمية .
ولذلك يصمم أطراف هذا البروتوكول على حماية طبقة الأوزون ، وذلك باتخاذ التدابير الوقائية لمنع انبعاث « المواد المستنفدة لطبقة الأوزون » على النطاق العالمي أو الحد على نحو عادل من الحجم الكلي لإنتاج واستهلاك هذه المواد ، مع القضاء عليها كهدف نهائي على أساس التطورات في المعرفة العلمية ومراعاة الاعتبارات الفنية الاقتصادية .
وفي هذا الصدد يجب مراعاة ظروف الدول النامية واحتياجاتها الخاصة من المواد المستنفدة للأوزون ، بما في ذلك توفير موارد مالية إضافية وإمكانية الوصول إلى التكنولوجيا المناسبة .
ولهذا تمثلت القواعد الأساسية لهذا البروتوكول في بيان المواد التي تستنفد طبقة الأوزون الخاضعة للرقابة ، وتدابير الرقابة على إنتاج واستهلاك هذه المواد ، والوضع الخاص للدول النامية أثناء تنفيذ هذه التدابير ، وإنشاء آلية مالية ، تتمثل في صندوق متعدد الأطراف ، لأغراض توفير التعاون المالي والتقني من أجل الامتثال لتدابير الرقابة ، وأخيراً إنشاء اجتماع للأطراف لمتابعة تنفيذ أحكام هذا البروتوكول ومراجعتها .
8ـ اتفاقية كيوتو في اليابان لخفض انبعاث الغازات الضارة بالبيئة لعام 1997:
في سياق المساعي التي جرت والمعالجات التي اقترحت خلال المؤتمرات الدولية المنعقدة لحماية البيئة الهوائية ، ألزم الاتفاق الذي وقع عام 1997 في مدينة كيوتو اليابانية والمعروف باسمها ، موقعيه على خفض جماعي لانبعاث الغازات الضارة بالبيئة بمعدل يزيد على 5% لكي تكون التغييرات التي تطرأ على المناخ ضمن حدود يمكن تحملها والتأقلم معها .
بيد أن السيطرة على انبعاث الغازات التي تسبب ارتفاع الحرارة تبدو بحاجة إلى قرارات سياسية صعبة في وقت يشكل فيه النفط مصدراً رئيسياً للطاقة في العالم والبلدان الغنية بصفة خاصة ، ويعد عاملاً أساسياً في تحقيق التنمية الاقتصادية في البلدان المنتجة له .
ثالثاً ـ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة البحرية([36]):
أبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة البحرية من التلوث ، والتعويض عن الأضرار التي تحدث من جرائه إذا لم تفلح الإجراءات الوقائية في منع حدوث الضرر . ومن أهم هذه الاتفاقيات نذكر:
1ـ الاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالزيت لعام 1954:
أبرمت هذه الاتفاقية في لندن بتاريخ 12 مايو عام 1954 وبدأ سريانها في 26 يوليو من العام نفسه ، وقد عدلت في أعوام 1962 ، 1969 ، 1971 .
وتهدف هذه الاتفاقية وتعديلاتها إلى منع تلوث البحار الناشئ عن التفريغ العمدي للنفط من السفن في مناطق معينة بالذات .
وتنطبق هذه الاتفاقية على كافة السفن البحرية المسجلة في أية دولة طرف في الاتفاقية ، وأيضاً السفن غير المسجلة والتي تحمل جنسية إحدى الدول الأعضاء ، ويستثنى من ذلك ناقلات الصهاريج التي تقل حمولتها عن /1500/ طن ، والسفن الأخرى التي تقل حولتها عن /500/ طن ، وسفن المساعدات البحرية .
وتقرر الاتفاقية شروطاً لصلاحية السفينة ، وتلزم الحكومات بتوفير الاستعدادات اللازمة لاستقبال النفايات النفطية المفرغة من السفن في موانيها البحرية .
ولقد حظرت الاتفاقية عمليات الإفراغ إلا إذا كانت السفينة تجري في البحر أو كان معدل الإفراغ الفوري لا يتجاوز /60/ ليتراً في كل ميل . ولا ينطبق هذا الحظر في حالات معينة هي :
إذا كانت نسبة الزيت في السائل المفرغ أقل من /100/ جزء في كل مليون جزء من المزيج أو كان التفريغ بعيداً عن البر بالقدر المقبول عملياً . وفي حالات ناقلات الصهاريج إذا كانت الكمية الكلية للنفط المفرغ في رحلة الصابورة لا يتجاوز جزءاً واحداً من خمسة عشر ألف جزء من سعة الشحنة الكلية ، أو كانت الناقلة بعيدة عن أقرب بر بما يزيد على /50/ ميلاً .
2ـ اتفاقية جنيف الخاصة بأعالي البحار لعام 1958:
تهدف هذه الاتفاقية لحماية البيئة البحرية في مناطق أعالي البحار من التلوث بالنفط أو النفايات المشعة .
3ـ الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتدخل في أعالي البحار في حالات الكوارث الناجمة عن التلوث بالنفط ، المنعقدة في بروكسل عام 1969:
أبرمت هذه الاتفاقية في بروكسل في 19 نوفمبر عام 1969 عقب غرق ناقلة النفط الليبيرية توري كانيون ( Torry Canyon ) في عام 1967 أمام السواحل الجنوبية لإنكلترا ، وتعرض البيئة البحرية لأضرار جسيمة ، وقد بدأ سريان هذه الاتفاقية بتاريخ 16 مايو عام 1975 .
وتهدف الاتفاقية إلى تمكين الدول من اتخاذ الإجراءات اللازمة في أعالي البحار في حالات وقوع كارثة بحرية تؤدي إلى تلوث الشواطئ والبحار بالنفط ، وذلك بمنع أو تخفيض حدة هذا التلوث ، أو إزالة أضراره المحدقة بسواحلها أو مصالحها المتعلقة بالساحل .
ويجب على الدولة الساحلية قبل اتخاذ أي إجراء في هذا الشأن أن تقوم بإخطار الدولة التي ترفع السفينة علمها ، وأن تتشاور مع خبراء مختصين ومستقلين ، وأن تخطر أي شخص يمكن أن تتأثر مصالحه بهذا الإجراء ، ومع ذلك يجوز في حالات الضرورة القصوى اتخاذ هذه التدابير فوراً .
ومع ذلك لا يجوز أن تتخذ هذه التدابير في مواجهة السفن الحربية أو السفن المملوكة للدولة وتديرها للأغراض غير التجارية .
4ـ الاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية عن الأضرار الناشئة عن التلوث بالنفط ، المنعقدة في بروكسل عام 1969:
نظراً للأضرار الجسيمة التي لحقت بالبيئة البحرية بسبب غرق الناقلة الليبيرية توري كانيون ، فقد حرصت المنظمة البحرية الدولية على عقد مؤتمر دولي في الفترة من 10 ـ 28 نوفمبر عام 1969 في العاصمة البلجيكية بروكسل ، بهدف وضع القواعد القانونية التي تنظم المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث البحري بالزيت .
وتهدف هذه الاتفاقية إلى منح تعويض ملائم للأشخاص الذين يصيبهم ضرر ناجم عن تسرب الزيت أو تصريفه من السفن ، وتوحيد القواعد القانونية والإجراءات الدولية التي تطبق على المسؤولية المدنية في هذا الشأن .
ووفقاً لأحكام هذه الاتفاقية يكون مالك السفينة مسؤولاً عن أية أضرار تحدث نتيجة وقوع حادث للسفينة يسفر عن تلوث البيئة البحرية بالنفط . ويستثنى من ذلك وقوع الحادث بسبب أعمال الحرب أو بسبب ظاهرة طبيعية غير عادية أو نتيجة لفعل متعمد قام به طرف ثالث أو إهمال من حكومة أو أي سلطة أخرى في الصيانة الملاحية .
وتقوم المسؤولية التضامنية لملاك السفن عندما تتسبب سفينتان أو أكثر في حدوث الضرر . وتلتزم السفن التي تزيد حمولتها على /200/ طن ، أن تقوم بالتأمين لتغطية الأضرار التي تنجم عن حوادث ينجم عنها تسرب النفط .
5ـ الاتفاقية الدولية المتعلقة بإنشاء صندوق دولي للتعويض عن أضرار التلوث البحري بالنفط لعام 1971:
وافق مؤتمر بروكسل لعام 1969 والذي تمخض عنه إبرام الاتفاقية سالفة الذكر ، على قرار يدعو فيه المنظمة البحرية إلى عقد مؤتمر دولي لإعداد اتفاقية دولية خاصة بإنشاء صندوق دولي لتعويض الأضرار الناشئة عن تسرب أو صرف النفط من السفن .
وقد انعقد هذا المؤتمر في الفترة من 29 نوفمبر ـ 18 ديسمبر 1971 ، وأسفر عن توقيع الاتفاقية الدولية الخاصة بإنشاء صندوق دولي للتعويض عن الضرر الناشئ عن التلوث بالنفط .
وتهدف الاتفاقية إلى استخدام حصيلة هذا الصندوق لتغطية التكاليف الخاصة بتنظيف وإزالة التلوث البترولي والتعويض عنه ، حيث يمنح التعويض لكل شخص أصيب بضرر ناجم عن التلوث البحري بالنفط ولا يستطيع الحصول على تعويض كامل ومناسب بمقتضى أحكام اتفاقية بروكسل لعام 1969 بشأن المسؤولية المدنية ، ويدخل في ذلك تكاليف التدابير المعقولة التي اتخذت لمنع أو خفض الضرر . ولا يتحمل الصندوق أية تعويضات إذا وقع الضرر بسبب أعمال حرب أو بسبب تسرب النفط من سفن حربية .
6ـ اتفاقية أوسلو لعام 1972 لمنع التلوث البحري بالإغراق من السفن والطائرات:
انعقد مؤتمر في مدينة أوسلو بالنرويج في أكتوبر عام 1971 ، لمناقشة مشكلات تلوث البيئة البحرية . وانتهى المؤتمرون إلى عقد اتفاقية خاصة بمنع التلوث البحري بالإغراق من السفن والطائرات ، وتم توقيع الاتفاقية بتاريخ 15 فبراير عام 1972 .
وقد قررت هذه الاتفاقية أنه ينبغي على الدول الأطراف منع إغراق المواد الضارة في البحار واتخاذ الخطوات والتدابير لمنع تلوث البحر عن طريق الإغراق من السفن والطائرات . كذلك يجب على الدول الأطراف وضع برامج تكميلية للأبحاث العلمية والتقنية وتبادل المعلومات التي يتم الحصول عليها لرصد توزيع الملوثات وآثارها في المنطقة التي تسري عليها الاتفاقية .
7ـ الاتفاقية الدولية لمنع التلوث البحري الذي تتسبب فيه السفن لعام 1973:
نظراً لأن اتفاقيتي لندن لعام 1954 ، وبروكسل لعام 1969 ، كانتا تقتصران على تنظيم حالات تنظيم ومعالجة حالات التلوث البحري الناجمة عن النفط فقط دون غيره من الملوثات الأخرى ، كما أن مفهوم حماية البيئة البحرية قد بدأ يتطور من الناحية الفنية والقانونية … فإن هذا ما دفع المنظمة البحرية الدولية إلى عقد مؤتمر لندن في الفترة من 18 أكتوبرـ 2 نوفمبر 1973 ، والذي وافق على بروتوكول يسمح بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية بروكسل لعام 1969 على باقي الملوثات الضارة الأخرى ، ومنح المنظمة البحرية الدولية سلطة تحديد هذه الملوثات ، والتي تشمل كل ما يضر بصحة الإنسان أو النباتات أو الحيوانات البحرية ، أو التي تعوق الاستخدامات المشروعة للبحر .
وقد سمح هذا البروتوكول للدول التي وافقت على اتفاقية بروكسل لعام 1969 ، أن تكون طرفاً في هذا البروتوكول ، وخول لها الحق بالتدخل في أعالي البحار في حالة حدوث تلوث بحري بملوثات ضارة غير نفطية .
وتسري أحكام هذه الاتفاقية على كل أنواع الملوثات البحرية سواء كانت منتجات نفطية أو مواد ضارة أخرى ، وتطبق على كل أنواع السفن سواء كانت ناقلات أو غيرها .
وتلتزم الدول الأطراف بأن تخضع كل ناقلة بترول يزيد وزنها على /1500/ طن ، وكل سفينة يبلغ وزنها /400/ طن فأكثر ، إلى فحوص خاصة قبل أن يسمح لمالك السفينة بتشغيلها أو قبل أن يمنح شهادة دولية عن التلوث البحري .
8ـ اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث لعام 1976([37]):
نظراً لزيادة معدلات التلوث في البحر المتوسط ، فقد دعت الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي في مدينة برشلونة الأسبانية بتاريخ 2 فبراير عام 1976 ، وذلك بهدف تحقيق التعاون الدولي ووضع سياسة شاملة لتحسين البيئة البحرية وحماية البحر المتوسط من التلوث .
ووفقاً لأحكام هذه الاتفاقية تلتزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لمنع التلوث أو الحد منه ، وحظر إلقاء الفضلات من السفن أو الطائرات . أو التلوث الناجم عن استكشاف أو استغلال قاع البحر ، أو الناتج عن تصريف الأنهار أو المنشآت الساحلية أو من مصادر أخرى في البر داخل أراضيها الإقليمية .
كما نظمت الاتفاقية التعاون الدولي بشأن اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لحالات التلوث الطارئة أياً كان سببها ، ووضع برامج لرصد التلوث في منطقة البحر المتوسط ، والتعاون في البحوث العلمية والتقنية المتعلقة بكافة أنواع التلوث البحري ، والتعاون لتحديد المسؤولية والتعويض عن الضرر الناشئ عن مخالفة الاتفاقية والبروتوكولات الملحقة بها .
وقد ألحق بالاتفاقية أربعة بروتوكولات اثنان منهما تم التوقيع عليهما مع الاتفاقية ، واثنان تم توقيعهما في مراحل لاحقة .
9ـ اتفاقية قانون البحار المنعقدة في مونتجو عام 1982:
تم إبرام هذه الاتفاقية في الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 وذلك تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة ، حيث تمكن المؤتمرون بعد جهد كبير من التوصل للاتفاقية الدولية التي أطلق عليها « اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار » والتي عالجت موضوعات قانون البحار وأرست المبادئ القانونية الرئيسية للالتزام الدولي بحماية البيئة البحرية من التلوث([38]) .
ووفقاً لأحكام هذه الاتفاقية تلتزم الدول منفردة أو مشتركة بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها ، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تلوث البيئة البحرية وخفضه والسيطرة عليه أياً كان مصدره . ولها في سبيل تحقيق هذا الهدف استخدام أفضل الوسائل العلمية المتاحة لها ، وخفض إطلاق المواد السامة أو الضارة بالبيئة البحرية ، سواء عن طريق الإغراق ، أو من مصادر برية ، أو من الجو .
كما تنص الاتفاقية على ضرورة التعاون الدولي سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي أو من خلال المنظمات الدولية المتخصصة لوضع معايير وقواعد لحماية البيئة البحرية ، وإعداد خطط لحالات الطوارئ وتشجيع وتمويل الدراسات وبرامج البحث العلمي وتبادل المعلومات المكتسبة عن تلوث البيئة البحرية ، وملاحظة وقياس وتقييم وتحليل مخاطر تلوث البيئة البحرية وآثاره بالطرق العلمية المعترف بها .
وتعالج الاتفاقية بشيء من التفصيل موضوع التلوث الناجم عن السفن ، والإجراءات القانونية التي تتخذ قبل السفينة التي تسهم في تلويث البيئة البحرية . وتلتزم الدول كذلك باتخاذ التدابير الضرورية لحماية النظم البيئية والمحافظة على أشكال الحياة البحرية خاصة المستنزفة أو المهددة بالانقراض .