دراسات قانونية
المجلس الوطني لحقوق الإنسان (بحث قانوني)
دراسة وبحث قانوني هام عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان
مقــدمة
تعتبر حقوق الإنسان في مجملها ليست وليدة حقبة زمنية معينة أو مترتبة عن إيديولوجية واحدة ومحددة وإنما هي نتاج تراكمات تاريخية متتالية ومتعاقبة زادت من قيمتها الديانات السماوية التي أغنت محتواها ومددت معالمها، كما أن مختلف فلاسفة و المفكرين ساهموا بقسط وافر في إثرائها جملة وتفصيلا عبر بحوثهم وإبداعاتهم المتنوعة، لكن مع كل هذا يجب الاعتراف في الوقت الحاضر لمنظمة الأمم المتحدة بدورها الكبير في تقنين حقوق الإنسان وتنظيمها في شكل إعلانات ومواثيق عالمية منذ سنة 1948 تاريخ خروج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى حيز الوجود.
وقد عرفت منظمة الأمم المتحدة حقوق الإنسان باعتبارها تلك الحقوق المتأصلة في طبيعتها والتي بدونها يستحيل علينا أن نحيا كبشر، وهكذا بقدر ما يطرح النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها مطلبا مجتمعيا ومتواترا بقدر ما شكلت المؤسسات المحدثة لهذا الشأن موضوع نقاش مستمر بخصوص طبيعتها ووظائفها ولمستوى أدائها وفعاليتها وحجم أثرها، وقد شكل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على مدى عقدين من وجوده أكثر المؤسسات المعنية بهذا النقاش، وبالمناشدات من أجل تعزيز استقلالية وتوسيع صلاحياته وأدواره.
وفي هذا السياق جاءت التعديلات المتعلقة بإعادة تنظيمه في 10 أبريل 2001 التي عززت أدواره بتعزيز صلاحياته بدل وظائفه، والتي حددها في 13 صلاحية تغطي مجال الحماية والنهوض بها. ومن أجل تعزيز استقلاليته وضمان أن يكون جزءا من دينامية الجهوية المتقدمة . تم الارتقاء بهذا المجلس من مؤسسة استشارية إلى مجلس وطني لحقوق الإنسان، وفق المعايير الدولية في هذا الشأن[1].
وقد منح الظهير رقم 1.11.19 الصادر بفاتح مارس 2011 المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان اختصاصات أوسع ، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، الشيء الذي يضمن للمجلس مزيدا من الاستقلالية والتأثير في مجال حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها.
كما يتميز المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتماد آليات جهوية للدفاع عن حقوق الإنسان وصيانتها، في تنظيمه وممارسة اختصاصه.
وبرجوع إلى ما جاء به الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من إصلاح وإعادة هيكلة المجلس الاستشاري، فيعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة تتولى مهمة النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وضمان ممارستها والنهوض بها، وصيانة الكرامة والحقوق والحريات ويسهر المجلس على رصد ومراقبة وتتبع أوضاع حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والجهوي.
وانطلاقا من هذا التصور يطرح التساؤل حول طبيعة هذه المؤسسة، تركيبتها، وعن القيمة المضافة على هذا المستوى قياسا بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
ولمعالجة هذا الموضوع سنحاول الاعتماد على التصميم التالي:
المبحث الأول: تمييز المجلس الوطني لحقوق الانسان عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
à المطلب الأول: تركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وقواعد تسييره
à المطلب الثاني: صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وآلياته
المبحث الثاني: دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان كجهاز مساعد في النزاعات
à المطلب الأول: دور المجلس الوطني في حل النزاعات
à المطلب الثاني:دور اللجان الجهوية في حل النزاعات
المبحث الأول: تمييز المجلس الوطني لحقوق الانسان عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
يعتبر المغرب بلد سمته الأساسية التميز المبني على التغيير والتحول نحو التطور الايجابي بمنطق الابتعاد عن الثابت والجامد، وهو ما عكسته نتائج الربيع العربي الذي ترتب عنه تفاعل قوي بين الملك والشعب من خلال تبني رؤيا سياسية فعالة للقفز على التهميش الاجتماعي والخمول السياسي حيث أصبح للأحزاب دورا أساسيا في تحريك الحياة العامة للدولة وذلك كله من أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات.
وهكذا جاء إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان لتكريس مسلسل تعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات ليحل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي تم إنشائه في ظل التحول السياسي الذي شهده المغرب سنة 1990، ليكون إحدى المؤسسات الرئيسية المساهمة في عملية الانتقال الديمقراطي بالمملكة، خاصة في مجال تسوية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إذ يعتبر انتقال المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مجلس وطني مرحلة جد متقدمة في المسار المؤسساتي للمغرب، وخاصة على مستوى الدفاع عن احترام هاته الحقوق. حيث يكمن دور المجلس في تعزيز المكتسبات والانجازات التي حققها المغرب لتقوية دولة الحق والقانون وتعزيز التقدم الديمقراطي[2].
وهنا يطرح السؤال حول ماهي أهم المستجدات التي جاء بها ظهير فاتح مارس 2011 المحدث للمجل الوطني لحقوق الإنسان على مستوى تركيبة المجلس وقواعد تسيره وصلاحياته وآليات اشتغاله بمقارنة مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان؟
وهذا ما سنحاول التطرق إليه من خلال مطلبين: المطلب الأول سنخصصه لتركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وقواعد تسييره بينما سنفرد المطلب الثاني لصلاحيات المجلس وآليات اشتغاله.
المطلب الأول: تركيبية المجلس الوطني لحقوق الإنسان وقواعد تسييره
جاء ظهير إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان على هذا المستوى بمقتضيات جديدة استهدفت بالأساس ضمان فعالية أدائه وتحصين استقلاليته ومراجعة تركيبته في اتجاه التعددية والتنوع في الاهتمامات والمشارب والتخصصات، ويمكن أن نجمل أهم المستجدات في:
تقليص عدد الأعضاء إلى 30 عضوا بدل 44 عضوا قي صيغة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان كما الحرص على ضبط المعايير المعتمدة في العضوية والتنصيص على معايير وهي: التجرد والنزاهة، والتشبث بقيم ومبادئ حقوق الإنسان، والعطاء المتميز في سبيل حمايتها والنهوض بها، والكفاءة الفكرية والخبرة والتجربة طبقا للمادة 34 من ظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إضافة إلى الحرص على التعددية والكفاءة والخبرة وتمثيلية المرأة والتمثيلية الجهوية.
إشراك البرلمان بمجلسيه في اختيار 8 أعضاء وضمنهم عضوان من البرلمان، فضلا عن تمثيل ممثلي بعض الفئات السوسيو-مهنية: كقضاة، ومحامون،و أطباء،و مهندسون،و صحافيون، وجامعيون.
تمتيع أعضاء المجلس بضمانات قانونية تكفل حمايتهم وتضمن استقلاليتهم، سواء أثناء مزاولتهم لمهامهم أو بمناسبة قيامهم بأي نشاط له صلة وثيقة بهذه المهام. وهو إجراء لم يكن واردا في الصيغة السابقة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والذي يمكن اعتباره بمثابة نوع من الحصانة التي بات يتمتع بها الأعضاء وهي مشروطة بما أوردته المادة 37 نفسها، وكذا المادة 38 من ظهير فاتح مارس 2011 القاضي بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي تشير صراحة إلى ما يلي “يلزم أعضاء المجلس بالامتناع عن اتخاذ أي موقف أو القيام بأي تصرف أو عمل من شأنه أن ينال من استقلاليتهم. ويلزمون أيضا بواجب التحفظ بخصوص فحوى مداولات المجلس وسائر أجهزته ووثائقه الداخلي”.
إعادة النظر في طريقة مشاركة ممثلي السلطات العمومية في عمل المجلس من خلال مقتضيات المادة 36 من نفس الظهير التي تعطي سلطة تقديرية واسعة للرئيس لدعوة كل ممثل سلطة عمومية أو مؤسسة عامة أو خاصة، وكل شخصية مؤهلة لمساعدة المجلس على تحقيق أهدافه وتمتد هذه الصلاحية لإمكانية دعوة الرئيس لشخصيات أو هيئات أجنبية أيضا.
كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أصبح يتمتع بالأهلية القانونية والاستقلال المالي وهو بهذه الصفة ترصد لصفة ترصد له اعتمادات من ميزانية الدولة لتغطية نفقات التسيير والتجهيز، بخلاف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي كان يمول من ميزانية البلاط الملكي[3].
المطلب الثاني: صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان
لا بد من الإشارة إلى التمايز بين محتويات الظهير السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والظهير الجديد فيما يخص الاختصاصات، شكلا ومضمونا وامتدادا، ففي الوقت الذي تضمن الظهير الأول 12 مادة فقط، اختلط فيها مجالي الحماية والنهوض بحقوق الإنسان، فإن الظهير الجديد قد أفرد 25 مادة تم فيه التمييز والتدقيق للاختصاصات ما بين:
ü مجال الحماية وخصص له 10 مواد؛
ü مجال النهوض وخصص له 12 مادة؛
ü ومجال جديد مرتبط بإثراء الفكر والحوار حول حقوق الانسان والديمقراطية وخصص له الظهير ثلاث مواد؛
ü كما استوعب الظهير الجديد الحقوق البيئية ضمن مجال اهتماماته كمجال ظل مغيبا في الظهير السابق.
* مجال الحماية
غطت المواد العشر مجمل اختصاصات المجلس بشأن مجال حماية حقوق الإنسان المواد : 3-4-5-6-7-8-9-10-11-12من ظهير فاتح مارس 2011 القاضي بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمعطى الأساسي في استقراء هذه المقتضيات يكمن بالأساس فيما يلي:
تقديم أجوبة وإمكانيات جديدة لما لوحظ من أوجه التقصير والخلل في التجارب السابقة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
إطلاق حرية المبادرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان مع تمكينه من الوسائل والآليات القانونية للاضطلاع بمهامه، والتي بمقتضى الظهير الجديد ستغطي العديد من المجالات.
الحرص على تمفصل عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع كل المتدخلين كل في مجال اختصاصه وخاصة التنصيص على التنسيق مع السلطات العمومية.
استحداث آليات تمكن من قياس نجاعة تدخل المجلس في مجال الحماية المادتين 7و8: للحرص على متابعة مآل الشكايات المعروضة على المجلس ووجوب إخبار المعنيين بالأمر وتوجيههم وإرشادهم واعتماد كل التدابير اللازمة من أجل مساعدتهم في حدود اختصاصه وكذا اعتماد مسطرة لتلقي الشكايات والاستماع للأشخاص والأطراف المعنية.
توسيع اختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان- وفقا لأحكام الظهير الجديد- لإجراء التحقيقات والتحريات بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، وإنجاز التقارير بشأنها، وتقديم توصيات لمعالجة تلك الانتهاكات، وكذا الحرص على متابعة مدى إعمالها من قبل الجهة المختصة أو المسؤولة على الانتهاك،
إضافة للإمكانيات الجديدة بشأن زيارة أماكن الاعتقال والسجون ومراكز حماية الطفولة ومستشفيات الأمراض العقلية ومراكز الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية، وذلك بهدف المراقبة والعمل على تحسين الأوضاع.
حدد الظهير الجديد أيضا مجالا جديدا لتدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان يهم التدخل الاستباقي لإيجاد حلول لحالات خرق حقوق الإنسان من خلال آلية الوساطة بمشاركة الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
* مجال النهوض بحقوق الانسان
خصص الظهير الجديد 12 مادة لمجال النهوض بحقوق الإنسان (المواد من 13 إلى 24) وتتحدد مضامينها المستجدة في ما يلي:
توسيع مجال تدخل المجلس فيما يخص ملائمة التشريعات الوطنية مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بتخويله حق تقديم كل التوصيات التي يراها مناسبة بهذا الشأن للحكومة والبرلمان معا.
تمكين المجلس من آليات لتتبع مدى تنفيذ السلطات العمومية للملاحظات والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان.
الاهتمام بمجال النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها من خلال آليات التتبع والتنسيق والتواصل والتوعية وتطوير علاقات التعاون والشراكة وتبادل الخبرات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
التشجيع على إقامة علاقات تعاون مع كل الجهات المعنية بحقوق الإنسان وطنيا ودوليا بما فيها مختلف السلطات العمومية وجمعيات المجتمع المدني، وكذا إفساح المجال للمجلس للمساهمة في تنمية قدرات مختلف هؤلاء المتدخلين عبر برامج للتكوين والتكوين المستمر في مجال حقوق الانسان.
تكريس الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومات عبر تمكين المجلس من نشر وثائقه تلقائيا في الجريدة الرسمية، وإطلاع البرلمان بمجلسيه على حالة حقوق الإنسان بالبلاد في جلسة عمومية، فضلا عن إمكانية رفع المجلس لاقتراحات وتقارير خاصة وموضوعاتية إلى الملك بدون أية قيود.
على مستوى مجال إثراء الفكر والحوار حول حقوق الإنسان والديمقراطية:
أفرد الظهير لهذا المجال الجديد فصلا كاملا من ثلاث مواد (المواد 25-26-27) وعهد إلى المجلس بهذا الخصوص بمهام محددة تتمثل في:
تنظيم منتديات لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان وتطوراتها وآفاقها.
المساهمة في إحداث شبكات التواصل والحوار مع المؤسسات والخبرات الوطنية والأجنبية المماثلة والمتعددة المشارب.
تشجيع وتحضير كل المبادرات الهادفة إلى النهوض بالفكر الحقوقي والعمل الميداني والتنموي المتصل بحقوق الإنسان وطنيا وإقليميا ودوليا من: خلال إحداث “جائزة وطنية لحقوق الإنسان” تمنح لكل شخص أو هيئة مستحقة.
الآليات المستحدثة لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها على المستوى الجهوي:
خص الظهير الخاص بالمجلس الوطني، ذات الصلة، ب 8 مواد: أربعة منها تهم الاختصاصات ومجالات التدخل وآليات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وهي في مجملها مماثلة لإختصاصات المجلس على الصعيد الوطني المواد 28 و29و30 و31، كما مكن اللجان الجهوية من المساهمة في إحداث “مراصد جهوية لحقوق الإنسان”، بمشاركة الجمعيات والشخصيات العاملة في مجال حقوق الإنسان والمنتمية لمختلف المشارب الفكرية والثقافية وذات الإسهام المتميز في ترسيخ قيم المواطنة المسؤولة وأناط بها مهمة تتبع تطور حقوق الإنسان على الصعيد الجهوي لحقوق الإنسان كما أفرد الظهير الجديد 4 مواد وهي المواد 40 و41 و42 و43 لكيفية تشكيل هذه اللجان الجهوية وتعيين رؤسائها واختيار أعضائها.
ويمكن اعتبار هذه الاختصاصات الجديدة تحولا أساسيا من شأنه أن يفتح أفقا فعليا للعمل الحقوقي من خلال تجاوز عوائق عمل الآليات الممركزة، وخلق دينامية جديدة وتفاعل إيجابي بين جمعيات حقوق الإنسان العاملة عن قرب وآليات المجلس على الصعيد الترابي من خلال اللجان الجهوية.
المبحث االثاني: دور المجلس الوطني واللجان الجهوية كأجهزة مساعدة لحل النزاعات
يتولى المجلس الوطني لحقوق الإنسان مهمة تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها ويساعده في ممارسة اختصاصاته لجان جهوية تابعة له سائر جهات المملكة تناط بها حماية حقوق الإنسان والنهوض به في حدود اختصاصها محليا وجهويا ومن أجل قيام المجلس واللجان التابعة له بالدور المنوط بهم تم منحهم مجموعة من الاختصاصات والصلاحيات انطلاقا من ظهير فاتح مارس 2011 المحدث للمجل الوطني لحقوق الإنسان وما يهمنا نحن في هذا المبحث هو دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان كآليات مساعدة لحل النزاعات وهذا ما سنحاول معالجته من خلال مطلبين:
المطلب الأول: المجلس الوطني ودوره في حل النزاعات
يلعب المجلس الوطني لحقوق الإنسان دورا مهما كجهاز مساعد لحل النزاعات وذلك في حدود إختصاصاته والتي تهم حقوق الإنسان دون غيره من المجالات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالمعاملات التجارية والمدنية، وفي هذا الإطار يجب على المجلس رصد ومراقبة وتتبع أوضاع حقوق الإنسان على الصعيديين الوطني والجهوي وإبداء رأيه في كل قضية يعرضها عليه الملك في مجال اختصاصه بالإضافة إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان بسائر جهات المملكة وانجاز تقارير بشأنها ورفعها إلى الجهات المختصة مشفوعة بتوصيات لمعالجة الانتهاكات المذكورة ومن أجل تيسير مهمة المجلس في هذا الشأن مكنه المشرع من القيام بجميع التحقيقات والتحري هذا الشأن مكنه المشرع من القيام بجميع التحقيقات والتحريات اللازمة كلما توفرت لديه معلومات مؤكدة وموثوقة منها بشأن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان.
ويمكن للمجلس التدخل في جميع القضايا التي تتعلق بخرق حقوق الإنسان إما بصفة تلقائية أو بناء على شكاية ممن يعنيه الأمر حيث يتم دراسة هذه الشكايات ومعالجتها وتقديم التوصيات بشأنها إلى الجهات المختصة بالإضافة إلى توجيه وإرشاد الأطراف وذلك عبر تقييم المعلومات والبيانات التي قد يحتاجها هؤلاء واتخاذ التدابير اللازمة من أجل مساعدتهم في حدود اختصاصه.
ومما تجدر الإشارة إليه إلى أنه بالإضافة إلى الدور الهام الذي يلعبه المجلس كجهاز مساعد في حل المنازعات المتعلقة بحقوق الإنسان فقد أنيطت به مهمة لا تقل أهمية عن المهمة السابق ذكرها وهي مهمة ذات طابع وقائي وهذا ما يستشف من خلال المادة 9 من الظهير المحدث للمجل الوطني لحقوق الإنسان والتي أعطت للمجلس إمكانية التنسيق مع السلطات العمومية وغيرها من المؤسسات والجمعيات العاملة في حقوق الإنسان أن يتدخل بكيفية استباقية وعاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التو ثر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، وذلك ببدل كل المساعي اللازمة وسبل الوساطة والتوفيق التي يراها مناسبة بقصد الحيلولة دون وقوع أي انتهاك.
هكذا ومن خلال هذه المعطيات يلاحظ أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يلعب دورا هاما في حل النزاعات وذلك عبر التقارير والتوصيات التي تنير الطريق أمام الجهة الطريق أمام الجهة المختصة للوصول إلى حل النزاع المطروح هذا عن المجلس الوطني فماذا بخصوص اللجان الجهوية؟
المطلب الثاني: اللجان الجهوية ودورها في حل المنزاعات
تختص اللجان بمهام تتبع ومراقبة وضعية حقوق الإنسان وتلقي الشكايات الموجهة إليها المتعلقة بادعاءات انتهاك حقوق الإنسان بالجهة.
هكذا إذا كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان يمارس الصلاحيات والاختصاصات المخولة له على سائر التراب الوطني فإن اللجان الجهوية تبقى مقيدة وتنظر اللجان في جميع الحالات المحلية والجهوية لخرق حقوق الإنسان، إما بمبادرة منها أو بحالة من رئيس المجلس أو بناء على شكاية ممن يعنيه الأمر حيث يتولى رئيس اللجنة الجهوية على الفور إخبار رئيس المجلس بفحواها وبخلاصات دراستها الأولية. كما تقوم اللجنة ببحث هذه الحالات وإجراء تحقيقات وإعداد توصيات بشأنها ليتولى رئيس اللجان رفعها إلى رئيس المجلس للبت فيها.
والملاحظ هنا أن المشرع لم يعطي للجان الجهوية نفس الصلاحيات والاختصاصات المخولة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإذا كان بإمكان هذا الأخير رفع جميع القضايا التي تهم خرق حقوق الإنسان وتقديم تقارير وتوصيات الجهة المختصة للبت في النزاع فإن اللجان الجهوية لا يمكنها ذلك حيث تنحصر صلاحيتها في دراسة القضايا ومعالجتها ورفع توصيات بشأنها للمجلس المذكور الذي تبقى له الصلاحية التامة في تزكية هذه التوصيات والتقارير وتمريرها للجهة المختصة أو عدم القيام بذلك بالإضافة إلى هذا يمكننا طرح التساؤل الآتي حول مدى إمكانية تطبيق مقتضيات المادة 9 من الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالنسبة للجان الجهوية في رأينا رغم عدم تنصيص المشرع صراحة على تطبيق مقتضيات هذه المادة بالنسبة للجان الجهوية فليس هناك ما يمنع من اللجوء إليها لتوسيع اختصاصات اللجان الجهوية لتقوية مساهمة هذه اللجان في ترسيخ منظومة حقوق الإنسان وتفعيلها على أرض الواقع.
من خلال جل هذه المعطيات الملاحظ أن المشرع المغربي أعطى صلاحيات واسعة للمجلس وللجان التابعة له في مجال حقوق الانسان من خلال التطبيق الصحيح لهذه النصوص وذلك كله من أجل ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان بالكيفية المنصوص عليها عالميا.
[1] – تقديم المجلس الوطني لحقوق الإنسان www.ccdh.org.ma
[2] – تقديم المجلس الوطني لحقوق الانسان: www.ccdh.org.ma
[3] – المادة الرابعة عشر من ظهير 10 أبريل 2001 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان التي تنص على ما يلي:” يتمتع المجلس بالاستقلال الإداري والمالي في تدبير إدارته وميزانيته. ولهذه الغاية ترصد له ميزانية خاصة يصرف منها على تسييره وتجهيزه تسجل الاعتمادات المخصصة لها في ميزانية البلاط الملكي”.