دراسات قانونية

التنظيم القانوني للعطلة السنوية المؤدى عنها (بحث قانوني)

التنظيم القانوني للعطلة السنوية المؤدى عنها في مدونة الشغل ـــــ اية حماية للأجراء؟ – المغرب

(مجلة مغرب القانون الرقمية، مجلة إلكترونية دولية مُحَكَّمَة، تصدر عن مجموعة العلوم القانونية)

بقلم الأستاذ محمد انوار يوسفي ــ قاضي بالمحكمة الابتدائية بفكيك
مقدمـــة

إذا كانت الأركان الثلاثة لقانون الشغل هي علاقة الشغل والأجر والتبعية، فإن عنصر العمل يبقى العنصر الأكثر أهمية وأسبقية في التنظيم في قانون الشغل من العناصر الأخرى، وذلك لارتباطه ارتباطا وثيقا بإنسانية الأجير من جهة ، وما تقتضيه الضروريات الاجتماعية من جهة أخرى، فالأجير ليس بآلة مهما كانت لياقته البدنية، ولا يستطيع الاستمرار في العمل دون توقف لالتقاط الأنفاس ، وتجديد جسمه ومعنوياته للسنة الموالية ، والتفرغ لعائلته، بما ينسجم مع ظروفه الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية ،وحفاظا أيضا على صحته وسلامته ، مما دفع بمختلف التشريعات المقارنة إلى تنظيم مدة شغل الأجراء، و راحة الأجراء من العطلة السنوية المؤدى عنها، و الراحة الأسبوعية، ورخص التغيب وفقا للقانون.

و نص المشرع المغربي على العطلة السنوية المؤدى عنها ضمن إطار مدونة الشغل في الباب الرابع من القسم الثالث( مدة الشغل) في الكتاب الثاني (شروط الشغل وأجر الأجير ) ، بحيث خص لها المشرع لتنظيمها (المواد من 249 إلى 258 من مدونة الشغل).

و تختلف التشريعات المقارنة في تحديد مصطلح العطلة السنوية، فبعض التشريعات تستعمل مصطلح الإجازة السنوية ،وبعض التشريعات الأخرى تستعمل مصطلح الرخصة الخالصة الأجر في الوقت الذي يستخدم مشرعنا الوطني مصطلح العطلة السنوية المؤدى عنها، ومرد اختلاف التشريعات المقارنة، هو تباينها حول تنظيم المدة العادية للعطلة السنوية المؤدى عنها .
ولم يعرف المشرع المغربي شأنه شأن معظم التشريعات المقارنة العطلة السنوية المؤدى عنها تاركا ذلك للفقه،فقد عرفها بعض الفقه الفرنسي بأنها مجموعة من الأيام المتتالية غير أيام الأعياد والعطل الأخرى، يستفيد بها كل سنة، الأجير المستوفي لشروط محددة بترك عمله إجباريا، مع استمراره في الحصول على أجرته .
و يرجع أول تنظيم قانوني للعطلة السنوية المؤدى عنها لظهير 1937، الذي عوض بعد ذلك بظهير 9 يناير 1946، وبصدور مدونة الشغل الجديدة نظمت هذه العطلة في المواد من 249 إلى 258 منها. بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية التي تم إقرارها من طرف المشرع المغربي، خاصة الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية .

وفي التشريع المقارن،لاسيما التشريع الفرنسي فعرف أول تنظيم قانوني للعطلة السنوية المؤدى عنها في سنة1936، بحيث كانت تقتصر مقتضياتها على بعض الفئات من الأجراء كالصحفيين وموظفي السكك الحديدية،وبعض الأجراء في بعض المقاولات الخاصة. وبقدوم حكومة الحركة الشعبية الفرنسية; ونتيجة الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم، تم تعديل القانون السابق بقانون 20 يونيو1936 . والذي عرف بدوره مجموعة من التعديلات القانونية بعد ذلك .

ويكتسي موضوع العطلة السنوية المؤدى عنها على ضوء مدونة الشغل أهمية كبيرة خاصة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي:
فمن الناحية الاجتماعية يتسبب استمرار الأجير في العمل خلال مدة السنة في المقاولة له في الإرهاق البدني والنفسي والتوتر والملل ، مما يستلزم ضرورة استفادته من عطلته السنوية المؤدى عنها ، وحتى يتفرغ لعائلته ولالتزاماته الخاصة .

ومن الناحية الاقتصادية فان العطلة السنوية المؤدى عنها تعتبر الأصل في تنمية حقيقية لصناعة لأوقات الفراغ ، بحيث تسمح للأجير بالاستفادة من هذه الأوقات، بشكل يعود عليه بنفع اقتصادي له .كما أن استفادة الأجير من عطلته السنوية ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني على مستوى السياحة.
و يطرح موضوعنا إشكالية رئيسية تتمحور حول: مدى كفاية المقتضيات القانونية التي جاء بها المشرع المغربي لحماية العطلة السنوية المؤدى عنها للأجراء؟ وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية:
– ما هي حدود مدة العطلة السنوية المؤدى عنها،وتنظيمها ؟
– ما هي فترات العطلة السنوية المؤدى عنها؟
– على من يقع إثبات العطلة السنوية المؤدى عنها ؟
المبحث الأول: التعريف بنظام العطلة السنوية المؤدى عنها وشروط استحقاقها للأجراء

يلتزم المشغل بعدم إرهاق الأجراء من خلال منحهم الحق في العطلة السنوية المؤدى عنها، والحق في الراحة الأسبوعية الإلزامية، والحق في رخص التغيب في حالات حددها القانون. وتختلف هذه الحقوق في بعض النقط فيما بينها، وتتشابه فيما بينها في نقط أخرى، لذلك سنحاول في هذا المبحث التعريف بنظام العطلة السنوية المؤدى عنها، وتمييزها عن هذه الأنظمة المشابهة لها ( المطلب الأول).
كما يتطلب استحقاق الأجير للعطلة السنوية المؤدى عنها توفر شروط معينة، حددها المشرع المغربي في شرطين: وهما ضرورة وجود عقد شغل أو تدريب، وقضائه مدة معينة من العمل الفعلي لا تقل عن ستة أشهر (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التعريف بنظام العطلة السنوية المؤدى عنها وتمييزها عن بعض الأنظمة المشابهة لها
حددت مدونة الشغل أنواع الراحة التي يستحقها الأجير ضمن القسم الثالث (مدة الشغل) في الكتاب الثاني المسمى (شروط الشغل، وأجر الأجير)، في الراحة الأسبوعية الإلزامية (المواد من 205 إلى 216 من مدونة الشغل)، والراحة في أيام الأعياد المؤدى عنها وفي أيام العطل (المواد من 217 إلى 230 من مدونة الشغل)، وفي العطلة السنوية المؤدى عنها (المواد من 249 إلى 258 من مدونة الشغل) .

وسنحاول في هذا المطلب التعريف بالعطلة السنوية المؤدى عنها( الفقرة الأولى)، وسنميزها من حيث أوجه التشابه والاختلاف عن بعض الأنظمة المشابهة لها، وهما نظام الراحة الأسبوعية الإلزامية (الفقرة الثانية)، وتمييزها كذلك عن نظام رخص التغيب وفقا للقانون المخولة للأجراء (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى:التعريف بنظام العطلة السنوية المؤدى عنها
لم يعرف المشرع المغربي العطلة السنوية المؤدى عنها تاركا ذلك للفقه، فقد عرف بعض الفقه الفرنسي هذه العطلة بأنها مجموعة من الأيام المتتالية غير أيام الأعياد والعطل الأخرى، يستفيد بها كل سنة الأجير المستوفي لشروط محددة بترك عمله إجباريا، مع استمراره في الحصول على أجرته.

كما عرفها بعض الفقه بأنه يقصد بالعطلة السنوية المؤدى عنها إعطاء الأجير الفرصة لاستعادة نشاطه وتجديد قواه، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت الإجازة تستغرق مدة معينة يستفيد منها ويحقق راحته، وهذه الإجازة تحقق المصلحة الشخصية للأجير،ومصلحة عائلته،ورعاية شؤونها .

فالحق في العطلة السنوية هو حق يجبر المشغل على أداء الأجرة للأجير عندما يكون في عطلة حددها له القانون،ويكون حينها لا يزاول العمل داخل المقاولة ، بحيث تساهم هذه العطلة مما لا شك فيه في الحفاظ على إنتاجية المقاولة من جهة، ومن جهة أخرى في الحفاظ على صحة الأجير وإراحته.
وعموما، يقوم أساس العطلة السنوية على الحفاظ على صحة الأجراء النفسية والجسدية، مما يتحتم معه تحديد عدد ساعات عمل الأجراء وراحتهم الأسبوعية لدى العديد من التشريعات المقارنة، بحيث تسمح هذه العطل للأجراء بترك المصنع أو وظيفته، بينما تسمح للمشغل بترك مكتبه حتى يتمتعوا بعطلة حقيقية .

الفقرة الثانية: التمييز بين العطلة السنوية، والراحة الأسبوعية الإلزامية
عرف بعض الفقه الراحة الأسبوعية بأنها وسيلة لحماية الأجراء تسمح لهم من الناحية الفيزيولوجية بضمان تهيئ قواهم وإيجاد توازن ضروري لمواجهة نشاطهم ومن الناحية المعنوية بالمساهمة في تعزيز الروابط العائلية للأجراء ، والتمتع بوقت إضافي للراحة. فما هي أوجه التشابه بين نظام العطلة السنوية ونظام الراحة الأسبوعية الإلزامية؟
يتشابه نظام العطلة السنوية المؤدى عنها مع نظام الراحة الأسبوعية الإلزامية من حيث الغاية المتوخاة منهما، وهي الحفاظ على صحة الأجراء وسلامتهم،وتمتيعهم بالراحة النفسية والبدنية، وتعزيز روابطهم العائلية والاجتماعية،لاسيما أن الراحة الأسبوعية تصادف يوم السوق وعطلة الأبناء المدرسية.
ويعتبر نظاما الراحة الأسبوعية الإلزامية والعطلة السنوية المؤدى عنها كلاهما من النظام العام، بحيث يستشف ذلك من خلال صيغة الوجوب التي اعتمد عليها المشرع المغربي عند وضعه لمقتضياتهما القانونية. فنصت المادة 205 من مدونة الشغل بأنه «يجب تمتيع الأجراء براحة أسبوعية إلزامية تستغرق مدة أدناها أربعة وعشرون ساعة…». كما جاء في المادة 231 من مدونة الشغل بأنه يستحق كل أجير، قضى ستة أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة أو لدى نفس المشغل، عطلة سنوية مؤدى عنها، تحدد مدتها على النحو أدناه، ما لم يتضمن عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي، أو العرف، مقتضيات أكثر فائدة:

– يوم ونصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل؛
– يومان من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل، فيما يتعلق بالأجراء الذين لا يتجاوز سنهم الثامنة عشرة. »
ويختلف هذين النظامين فيما بينهما من حيث المدة، ذلك أن الراحة الأسبوعية الإلزامية حدد المشرع المغربي مدتها في مدة أدناها 24 ساعة تحتسب من منتصف الليل إلى منتصف النهار ، بينما تحدد مدة العطلة السنوية المؤدى عنها في يوم ونصف من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل وأيام الشغل الفعلي، ويومان من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل، فيما يتعلق بالأجراء الذين لا يتجاوز سنهم الثامنة عشرة .
كما يختلفان هذين النظامين من حيث القواعد العامة والخاصة المنظمة لكليهما.
وهكذا، يتضح لنا أوجه التشابه بين حق الأجير في الراحة الأسبوعية الإلزامية والعطلة السنوية المؤدى عنها في كونهما من النظام العام،ويهدفان معا من حيث الأساس إلى إراحة الأجير وعدم إرهاقه والحفاظ على صحته وسلامته، فيما يختلفان من حيث المدة، والقواعد المنظمة لكل واحد منهما.
الفقرة الثالثة: التمييز بين العطلة السنوية المؤدى عنها، ورخص التغيب وفقا للقانون
نصت مدونة الشغل المغربية على عدة إجازات ورخص تغيب ، يحق للأجراء الاستفادة منها كحقوق اجتماعية أساسية في حالات معينة، وهي قائمة على أساس الاعتبار العائلي والمهني و الصحي ،لتختلف مع نظام العطلة السنوية الذي يقوم على أساس اعتبار حماية صحة الأجراء، وعدم إرهاقهم وتمتيعهم بالراحة؛ كما هو الشأن كذلك بالنسبة للراحة الأسبوعية الإلزامية .
ويعد حق الأجير في العطلة السنوية من النظام العام، بحيث لا يمكن للأجير التنازل عنه، بينما بخلاف ذلك حق الأجير في رخص التغيب، لا يعتبر من النظام العام بحيث يمكن للأجير التنازل عنه، وعدم رغبته في الاستفادة منه.
كما تختلف العطلة السنوية المؤدى عنها مع رخص التغيب وفقا للقانون من حيث الأجر، فالأجير خلال العطلة السنوية يستحق أجره كاملا، بينما الأجر الذي يتقاضاه عندما يستفيد من رخص التغيب، فيعتبر تعويضا يساوي الأجر الذي كان سيتقاضاه لو بقي في شغله، ويسترجع المشغل التعويض المذكور من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في حدود السقف الخاص بمبلغ الاشتراكات الشهرية المدفوعة إلى هدا الصندوق .

وهكذا يختلف نظام العطلة السنوية المؤدى عنها عن نظام الإجازات، ورخص التغيب وفقا للقانون من حيث الأساس، والأجرة المستحقة، والنظام العام. بينما يتشابهان من حيث اعتبارهما من الحقوق الاجتماعية المخولة للأجراء.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا صادف وقوع الولادة كحق يخول رخصة التغيب للأجير الفترة التي يكون خلالها في عطلة سنوية مؤدى عنها أو في إجازة بسبب مرض، أو حادثة أيا كان نوعها، أضيفت إلى العطلة السنوية أو إجازة المرض أو الحادثة إجازة الأيام الثلاثة المذكورة .

المطلب الثاني: شروط استحقاق العطلة السنوية المؤدى عنها
يربط المشرع المغربي استحقاق الأجراء العطلة السنوية المؤدى عنها بضرورة توفر شرطين أساسيان : الأول ضرورة ارتباط الأجير بمشغله بعقد شغل أو تدريب معه( الفقرة الأولى)، أما الشرط الثاني: فضرورة قضاء الأجير مدة معينة من العمل الفعلي لا تقل عن مدة ستة أشهر(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:ضرورة وجود عقد شغل أو تدريب
يتطلب استفادة الأجير من عطلة سنوية ارتباطه بعقد شغل صحيح دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة النشاط الممارس صناعيا كان أو تجاريا أو فلاحيا، وأيا كان نوع العقد محدد المدة أو غير محدد المدة ، أو كان الأجير مرتبطا بعقد تدريب من أجل الإدماج المهني أو التدرج المهني ، فمعظم التشريعات المقارنة تشترط ضرورة ارتباط الأجير بعقد شغل، مما يعكس تبعيته للمشغل مقابل أجر، وبغياب هذا الإطار القانوني تنتفي العطلة السنوية لأنه من المنطقي جدا توفر هذا الشرط .

الفقرة الثانية: ضرورة قضاء مدة معينة من العمل الفعلي
يشترط المشرع المغربي لاستحقاق العطلة السنوية المؤدى عنها، بالإضافة إلى وجود عقد شغل أو تدريب، ضرورة قضاء مدة معينة من العمل الفعلي في المؤسسة مدة من الشغل المتصل لا تقل عن 6 أشهر، ما لم يتضمن عقد الشغل أو اتفاقية جماعية أو النظام الداخلي مقتضيات أفضل للأجير .
وفي إطار التشريع الاجتماعي المقارن، نجد معظم التشريعات المقارنة تشترط ضرورة توفر فترة معينة من العمل الفعلي، إلا أنها تختلف من حيث مدتها، فنجد التشريع المصري يحددها في 6 أشهر ، مسايرة للمشرع المغربي، بينما التشريع الفرنسي والتونسي يشترطان فقط شهر واحد من الشغل الفعلي.

ونقترح في نفس الإطار، بضرورة تخفيض المشرع المغربي من شرط قضاء الأجير مدة معينة من العمل الفعلي في المؤسسة مدة من الشغل المتصل لا تقل عن 6 أشهر، إلى 4 أشهر على الأقل، بهدف ضمان عدم إرهاق الأجراء ، لاسيما أن ولوج الأجراء لعمل جديد يتطلب منهم الزيادة في إنتاجيتهم الخاصة ومجهودهم، مما يحق لهم معه الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها، بعد قضائهم مدة 4 أشهر متصلة فقط.

وبالرجوع للمادة 231 من مدونة الشغل أعلاه، نجد أن المشرع المغربي يقصد بمدة الشغل المتصلة الفترة التي يظل فيها الأجير مرتبطا بمشغله بعقد الشغل حتى ولو توقف هذا العقد بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 32 من مدونة الشغل ، وهو ما يعني استبعاد فترة الإضراب والإغلاق القانوني المؤقت من فترة الشغل المتصلة المعتمدة في تخويل العطلة السنوية .

المبحث الثاني: تنظيم العطلة السنوية المؤدى عنها

خص المشرع المغربي تنظيم العطلة السنوية المؤدى عنها بمقتضيات قانونية مهمة، بحيث عمل على وضع حدود دقيقة لمدتها( المطلب الأول) من حيث القواعد العامة التي تسري على كافة الأجراء، أو القواعد الاستثنائية التي خص بها المشرع الأحداث، الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، بهدف حماية صحة هذه الفئة من الأجراء. ولم يغفل المشرع مدة العطلة السنوية المؤدى عنها لبعض الفئات الخاصة من الأجراء لخصوصيتهم، وهم الوكلاء المتجولين أو الممثلين أو الوسطاء في التجارة أو الصناعة أو الأجراء المشتغلين في بمنازلهم، بحيث خص لمقتضياتهم المادة 264 من مدونة الشغل.
وحددت مدونة الشغل المغربية فترات العطلة السنوية المؤدى عنها، بحيث تعد المادة239 الإطار العام المحدد لهذه الفترات. كما أن إثبات هذه الفترات خاصة، ومدة العطلة السنوية المؤدى عنها بصفة عامة، يطرح مجموعة من الإشكاليات سنحاول التطرق لها في هذا المحور (المطلب الثاني).

المطلب الأول: حدود مدة العطلة السنوية المؤدى عنها
عمل المشرع المغربي على تحديد القواعد العامة المطبقة على كافة الأجراء، والاستثنائية المطبقة على الأحداث المنظمة لمدة العطلة السنوية المؤدى عنها من حيث شروط استحقاقها (الفقرة الأولى)، في حين خص المشرع لمدة العطلة السنوية المؤدى عنها لبعض الفئات الخاصة من الأجراء أحكام خاصة، وهم الوكلاء المتجولين أو الممثلين أو الوسطاء في التجارة أو الصناعة أو الأجراء المشتغلين في بمنازلهم (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مدة العطلة السنوية المؤدى عنها بين القواعد العامة والقواعد الاستثنائية

نصت المادة 231 من مدونة الشغل على أن توفر الأجير على الشرط المشار إليه أعلاه، والمتعلق بقضاء مدة ستة أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة، أو لدى نفس المشغل، يخوله الحق في يوم ونصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل، وفي يومين من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل، فيما يتعلق بالأجراء الذين لا يتجاوز سنهم الثمانية عشر سنة، بحيث نجد أن المشرع ميز بين مدة العطلة السنوية المؤدى عنها كقاعدة عامة (أولا)، وبين مدة العطلة السنوية المؤدى عنها الواجبة للأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة (ثانيا).

أولا :مدة العطلة السنوية المؤدى عنها كقاعدة عامة
يستحق كافة الأجراء كقاعدة عامة، عطلة سنوية مؤدى عنها بعد توفر شروط استحقاقها المتمثلة في قضائه ستة أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة، أو لدى نفس المشغل تحدد مدتها في يوم ونصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل كما نصت على ذلك المادة 231 من مدونة الشغل، باستثناء الأجراء الأحداث الذين تحدد مدتهم في يومان من أيام الشغل الفعلي. فماذا يقصد المشرع المغربي بعبارة أيام الشغل الفعلي؟

عرف المشرع المغربي مدة الشغل الفعلي للأجير في الفصل 236 من مدونة الشغل بأنها الأيام التي هي غير أيام الراحة الأسبوعية، وأيام الأعياد المؤدى عنها، وأيام العطل التي يتعطل فيها الشغل في المؤسسة. بحيث نلاحظ اقتصار المشرع فقط على تحديد هذه المدة من ناحية الأيام، بخلاف المشرع الفرنسي الذي كان أكثر تدقيقا، عندما عرف فترة الشغل الفعلية بأنها المدة التي يكون أثنائها الأجير رهن إشارة مشغله، ويتقيد بتوجيهاته دون التمكن من التفرغ بحرية لانشغالاته الشخصية .

وأكدت محكمة النقض الفرنسية هذا التعريف في إحدى قراراتها بأن اعتبرت فترة الشغل الفعلية بأنها المدة التي يكون أثنائها الأجير رهن إشارة مشغله، ويتقيد بتوجيهاته، دون التمكن من التفرغ بحرية لانشغالاته الشخصية .

ونفس التوجه ذهب إليه حتى المجلس الأعلى لبلادنا الغرفة الاجتماعية، محكمة النقض الحالية في أحد قراراته ، عندما اعتبر «أن الأجير يستحق تعويضا يوازي الأجر أو يقل عنه، شريطة أن يكون قد وضع نفسه رهن إشارة المشغل، ولم يؤجر خدماته للغير مدة توقفه عن العمل، طبق ما ينص عليه الفصل 725 من ظهير الالتزامات والعقود .. ».

وعموما، يستفيد الأجير من العطلة السنوية المؤدى عنها من منطلق المادة 231 من مدونة الشغل، وذلك بعد قضاء مدة ستة أشهر متصلة من الشغل الفعلي في نفس المقاولة أو لدى نفس المشغل، فقضاء الأجير هذه المدة يخول له الحق في مدة، لا يجب أن تقل عن 9 أيام بالنسبة للأجير الراشد، و12 يوما بالنسبة للأجير الحدث، وهي على التوالي نتيجة ضرب 6 أشهر في يوم ونصف عن كل شهر، و6 أشهر في يومين عن كل شهر، مع إضافة أيام الراحة الأسبوعية التي تعطل فيها المقاولة .

وهكذا، فإنه بعد أقدمية ستة أشهر من العمل المتصل يستحق الأجير:
يوم ونصف يوم عن كل شهر إضافي من العمل المتصل.
يومين عن كل شهر إضافي من العمل المتصل إذا كان سنه لا يتجاوز ثمانية عشر سنة.
ويضاف إلى مدة العطلة السنوية يوم ونصف عن كل خمس سنوات من الأقدمية. و تتحدد مدة العطلة السنوية في القانون الفرنسي في يومين ونصف من كل شهر من العمل الفعلي.

وفي هذا الإطار، أكدت محكمة النقض المغربية في احد قراراتها ما جاء به المشرع في المادة 231 من مدونة الشغل، بحيث نصت «…أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت للمطلوب بأجرة شهر عن العطلة السنوية الأخيرة، تكون قد طبقت صحيح مقتضيات المواد المحتج بخرقها على اعتبار أن المطلوب الذي قضى في خدمة المشغلة الطاعنة ما يزيد على 9سنوات من الشغل الفعلي، فانه يستحق بعد مضي ستة أشهر من العمل يوم ونصف اليوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل. وانه بعد المدة التي قضاها المطلوب في العمل ،فانه يستحق ثلاثين يوما عن عطلته السنوية، وبذلك يكون ما قضى به القرار الإستئنافي لفائدة المطلوب بخصوص العطلة السنوية في محله » .

ومن القواعد العامة المنظمة لمدة العطلة السنوية المؤدى عنها، انه يمكن لطرفي العلاقة الشغلية بالاتفاق فيما بينهما على تجزئة العطلة السنوية أو الجمع بين أجزاء من مددها على مدى سنتين متتاليتين، مع العلم أن المشرع المغربي يمنع أن تؤدي تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها إلى تخفيض مدة العطلة التي يقضيها الأجير سنويا إلى أقل من اثنتي عشر يوما، يتخللها يومان من الراحة .و ان تتم الإشارة إلى ذلك في سجل العطلة السنوية المؤدى عنها.

وتجدر الإشارة إلى أن المادة 231 من مدونة الشغل نصت على أن “الأجير يستفيد من المقتضيات العامة المتعلقة بالعطلة السنوية المؤدى عنها، ما لم يتضمن عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي أو العرف مقتضيات أكثر فائدة”، ومما يلاحظ في هذه الفقرة، بروز العرف كأحد المصادر التي ما تزال لها أثارا في قانون الشغل، علما بأن عبئ إثبات العرف الأكثر فائدة بالنسبة للأجير،يقع على عاتق هذا الأخير الذي يكون ملزما بالإدلاء، بما يبرر ادعائه .

ثانيا: مدة العطلة السنوية المؤدى عنها الواجبة للأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة

أقر المشرع المغربي للأجراء الأحداث حماية كبيرة في مدونة الشغل الجديدة، لاسيما من خلال تحديد مدة عطلتهم السنوية في يومان من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل، بخلاف مدتها المقررة لباقي الأجراء ، وتكمن فلسفة المشرع المغربي بهذه الأفضلية للأحداث، في كون هذه الفئة من الأجراء تكون في حاجة ماسة من أجل أن تتمتع بالعطلة السنوية، يكون لها تأثير على ضرورة نموهم البدني والنفسي، والذي يؤثر إيجابا أو سلبا على مستقبلهم ، بما ينسجم مع مختلف التشريعات المقارنة والإتفاقيات الدولية .

الفقرة الثانية: مدة العطلة السنوية المؤدى عنها بالنسبة لبعض الفئات الخاصة من الأجراء
خص المشرع المغربي أحكام خاصة لبعض الفئات الخاصة من الأجراء وهم الوكيل المتجول، أو الممثل، أو الوسيط في التجارة والصناعة، بحيث نصت المادة 264 من مدونة الشغل ما يلي:« يستحق الوكيل المتجول، أو الممثل، أو الوسيط في التجارة والصناعة، الذي يمارس مهنته وفق الشروط المنصوص عليها في المواد 79 إلى 85 أعلاه، تعويضا عن عطلته السنوية المؤدى عنها، يحتسب له على أساس متوسط الأجر، الذي تقاضاه خلال الإثني عشر شهرا، التي سبقت العطلة. وتخصم منه، عند الاقتضاء، المبالغ المستردة تغطية لمصاريف أو لنفقات سبق أن تحملها المعني بالأمر بسبب شغله.

و لا يمكن أن يترتب عن أداء هذا التعويض، تخفيض في مبلغ العمولات المستحقة للمعني بالأمر، وفق الشروط المنصوص عليها في العقد، بسبب ما قام به من شغل قبل مغادرته الشغل لقضاء عطلته.

في حالة تعدد المشغلين الذي يشتغل لحسابهم الأجير المشتغل بمنزله، أو الوكيل المتجول أو الممثل أو الوسيط في التجارة والصناعة، فإن موعد الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها يحدد من طرف أقدم مشغل له. »
إن الإشكالية التي تتولد عن طريق احتساب أجور الممثلين التجاريين أو الصناعيين، والذين عادة ما يتقاضونها في شكل عمولات، وتمثل على الأقل الجزء الكبير من أجورهم هي التي جعلت المشرع يتدخل بمادة خاصة وفريدة (المادة 264 من مدونة الشغل)، تركز على كيفية احتساب الأجر فقط، مادامت المقتضيات الأخرى مشتركة بين مختلف الأجراء .
المطلب الثاني: فترات العطلة السنوية المؤدى عنها وكيفية إثباتها
حدد المشرع المغربي فترات العطلة السنوية المؤدى عنها في المادة 239 من مدونة الشغل،لاسيما فترات العطلة السنوية المستحقة عن السنة الفارطة، و الفترة المستحقة عن أجل الإخطار بالفصل عن الشغل ، و الفترات التي يكون فيها عقد الشغل موقوفا في حالات محددة ( الفقرة الأولى). كما يطرح إثبات العطلة السنوية المؤدى عنها عدة إشكالات ، سنحاول إبرازها في ( الفقرة الثانية ) من هذا المحور.

الفقرة الأولى: تحديد فترات العطلة السنوية المؤدى عنها
حدد المشرع المغربي فترات العطلة السنوية المؤدى عنها مراعيا الحفاظ على الحقوق الاجتماعية للأجراء، بحيث نصت المادة 239 من مدونة الشغل «على انه يجب عند احتساب مدة العطلة السنوية المؤدى عنها، اعتبار الفترات المذكورة أسفله، بمثابة فترات شغل فعلي، لا يمكن إسقاطها من مدة العطلة السنوية المؤدى عنها:

فترات العطلة السنوية المؤدى عنها، المستحقة عن السنة الفارطة، أو الفترة المستحقة عن أجل الإخطار بالفصل عن الشغل؛

الفترات التي يكون فيها عقد الشغل موقوفا، وذلك في الحالات المنصوص عليها في الفقرات 1 و2 و3 و4 و5 من المادة 32 أو بسبب التعطل عن الشغل، أو بسبب التغيبات المرخص بها ما لم تتعد مدتها عشرة أيام في السنة، أو بسبب إغلاق المؤسسة مؤقتا بمقتضى حكم قضائي أو قرار إداري،أو قوة قاهرة. »

وقد صدر قرار لوزير التشغيل والتكوين المهني رقم 343.05 يتعلق بتحديد الفترات التي لا يمكن للأجراء الذين يشتغلون في الإستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها الإستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها، بحيث نصت المادة الأولى من القرار بانه لا يمكن في كل ولاية أو عمال أو إقليم، للأجراء الذين يشتغلون في الإستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها خلال فترات الحرث والزرع والحصاد والجني . كما يمكن للمشغل علاوة على الفترات المشار إليها أعلاه في الفقرة الأولى، بعد استشارة ممثلي الأجراء أو لجنة المقاولة عند وجودها، أن يحدد فترات أخرى لا يمكن للأجراء الإستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها، بشكل يراعي طبيعة نشاط الاستغلالية وحق الأجير في العطلة .

وهكذا حدد المشرع المغربي الفترات التي لا يمكن لبعض الفئة من الأجراء الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها خلال فترات محددة. وفي المقابل، حدد فترات العطلة السنوية المؤدى عنها التي يمكن الاستفادة منها، عن فترة السنة الفارطة (أولا )، والفترة المستحقة عن أجل الإخطار بالفصل عن الشغل (ثانيا ) ،الفترات التي يكون فيها عقد الشغل موقوفا في حالات معينة حددها المشرع في الفقرات 1 و2 و3 و4 و5 من المادة 32 من مدونة الشغل (ثالثا) ، وسنحاول الإحاطة بهذه الفترات فيما يلي:

أولا: فترات العطلة السنوية المستحقة عن السنة الفارطة
وهي الفترات التي تمتع فيها الأجير بعطلته السنوية المؤدى عنها عن السنة السابقة، وينبغي في هذه الحالة الأخذ بعين الاعتبار كل المدة التي تعطل فيها عن الشغل، أي ما تمت إضافته إلى مدة العطلة السنوية المؤدى عنها عند الاقتضاء من أيام العطل أو الأعياد المحددة قانونا، أو ما تمتع به الأجير من عطلة سنوية مؤدى عنها أطول، مما هو معمول به تبعا للقواعد العامة ، أو تبعا للقواعد الإستثنائية التي تتعلق بالأجراء الأحداث.

ثانيا: الفترة المستحقة عن أجل الإخطار بالفصل عن الشغل
تنص المادة 239 من مدونة الشغل على الفترة المستحقة عن اجل الإخطار بالفصل عن الشغل، يتعين احتسابها وعدم إسقاطها، عندما يتمتع الأجير بعطلته السنوية المؤدى عنها. مع الإشارة إلى أن المشرع المغربي اوجب التمييز بين مدة العطلة السنوية المؤدى عنها، وبين أجل الإخطار المنصوص عليه في المادة 43 من مدونة الشغل .

وفي هذا الإطار نصت محكمة النقض الفرنسية في احد قراراتها «…إذا تم الإخطار بالإستقالة أو الفصل قبل الذهاب إلى العطلة، فان اجل الإخطار يحتسب، لكن يبقى معلقا مدة العطلة السنوية …. » ، وبقراءة لهذا الإجتهاد القضائي الفرنسي، نستنتج أن أجل الإخطار لا يسقط خلال مدة العطلة السنوية المؤدى عنها، علما بأنه ليس هناك ما يمنع طرفي العلاقة الشغلية على الاتفاق على أن يستفيد الأجير من عطلته السنوية خلال أجل الإخطار، وفي هذه الحالة لا يمدد أجل الإخطار .
ثالثا : الفترات التي يكون فيها عقد الشغل موقوفا في حالات محددة
اعتبر المشرع المغربي في المادة 239 من مدونة الشغل، أن الفترات التالية تعتبر بمثابة فترات شغل فعلي وهي، الفترات التي يكون فيها عقد الشغل موقوفا، وذلك في الحالات المنصوص عليها في الفقرات 1 و2 و3 و4 و5 من المادة 32 أو بسبب التعطل عن الشغل، أو بسبب التغيبات المرخص بها ، ما لم تتعد مدتها عشرة أيام في السنة، أو بسبب إغلاق المؤسسة مؤقتا بمقتضى حكم قضائي أو قرار إداري، أو قوة قاهرة. فما هي هذه الحالات المنصوص عليها في المادة 32 من مدونة الشغل؟

فترة الخدمة العسكرية الإجبارية
نسخ المشرع المغربي المقتضيات القانونية المتعلقة بحذف الخدمة العسكرية ، وألغى معها الفقرة الأولى من المادة 32 من مدونة الشغل التي تعتبر فترات الخدمة العسكرية موقفة لعقد الشغل.
تغيب الأجير لمرض أو إصابة يثبتهما طبيبا إثباتا قانونيا
قد يتعرض الأجير لمرض أو إصابة غير ناتجة عن حادثة الشغل، مما يضطره إلى التغيب بشهادة طبية تثبت التغيب بصفة قانونية. ومن المكتسبات التي تحمي الأجير في هذا الصدد، هو اعتبار المشرع المغربي هذه الفترة ضمن فترات الشغل الفعلية.

3 – فترة ما قبل وضع الحامل حملها، وما بعده، وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 154 و156 أدناه؛
وتتحدد هذه الفترة قبل تاريخ توقف الوضع، وبعد تاريخ الوضع تبعا للمدد القانونية أو عند تمديد فترة توقف العقد بسبب الوضع طبقا للمقتضيات القانونية.
4 – فترة العجز المؤقت الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني؛
وهي الفترة التي تتطلبها العلاجات الطبية لبرء الجرح طبقا للمقتضيات القانونية التي تضمنها ظهير 6 فبراير 1963 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية، ويرى بعض الفقه على أن هذه الفترة تنتهي بمجرد استئناف الأجير لشغله ، وحتى لو استأنف الأجير المصاب عمل خفيف، يأذن الطبيب المعالج في مباشرته، إذا اعترف الطبيب لدى المؤاجر أو مؤمنه، بأن استئناف العمل من شأنه أن يساعد على برئ الجرح .

5 – فترات تغيب الأجير المنصوص عليها في المواد 274 و275 و277 أدناه؛
وهي الفترات التي يستفيد منها الأجير بسبب أحداث عائلية نص عليها المشرع المغربي المادة 274 من مدونة الشغل، كالزواج أو الوفاة أو الختان… وتندرج أيضا ضمن هذه الفترات تغيبه لاجتياز امتحان أو لقضاء تدريب رياضي وطني أو للمشاركة في مباراة رسمية دولية أو وطنية ، أو من أجل المشاركة في المجالس العامة للمجالس الجماعية واللجان التابعة لها والذين هم أعضاء فيها

الفقرة الثانية : إثبات العطلة السنوية المؤدى عنها
يطرح موضوع الإثبات في مدونة الشغل مجموعة من الإشكاليات في العديد من المواضيع التي تضمنتها المدونة، كالمغادرة التلقائية للأجير، ووجود خطا جسيم، و الساعات الإضافية، ورجوع الأجير بعد العطلة، والتعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها… وغيرها من المحاور التي حددها المشرع المغربي بدقة على من يقع إثباتها. فعلى من يقع إثبات أن الأجير قد استفاد من العطلة السنوية المؤدى عنها؟

فالأصل أن الأجير يقوم بعمله بطريقة مستمرة إلى أن ينقطع ليتمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها، وبذلك يكون عبئ إثبات تمتعه بالعطلة يقع على عاتق المشغل .
وفي هذا الإطار، اعتبرت محكمة النقض المغربية في أحد قراراتها، «…بأنه لا تعني استفادة الأجير من عطلته السنوية استفادته بالضرورة من الأجر عنها، إذ العطلة السنوية يجب أن تكون مؤداة الأجر، ويقع عبئ إثبات الأداء على عاتق المشغل… » .

كما أكد المجلس الأعلى، محكمة النقض حاليا، بكون إثبات استفادة الأجير من العطلة السنوية المؤدى عنها يقع على عاتق المشغل، فنص في أحد قراراته «…وفيما يخص العطلة السنوية، فإن المشغلة هي الملزمة بإثبات تمتيع أجيرها في إبانها تحت طائلة التعويض عنها. والقرار المطعون فيه عندما نص «… بأن المشغلة لم تثبت استفادة الأجير من عطلته، وقضى له بالتعويض عنها…. »، يكون مطابقا للقانون، وتبقى الوسيلتان المستدل بهما على غير أساس…. » .

وهكذا نستنتج من خلال مقاربة مدونة الشغل و الاجتهاد القضائي المغربي، أن عبئ إثبات تمتع الأجير بالعطلة السنوية المؤدى عنها يقع على عاتق المشغل. بحيث يحق لهذا الأخير الاعتماد على جميع وسائل الإثبات التي حددها له القانون .

خاتـــمة

مضى على صدور مدونة الشغل ببلادنا عشر سنوات،وبمضي هذه المدة، نستنتج أن المشرع المغربي حسن صنعا بصياغته للمقتضيات القانونية لنظام العطلة السنوية المؤدى عنها، مما يجعلها أكثر شمولية وكفاية لحماية حقوق الأجراء من جهة،ومن جهة أخرى ضمانا لاستمرارية المقاولة في العمل.ونقترح للرقي بحماية العطلة السنوية المؤدى عنها للأجراء ما يلي :
 استثناء أحكام العطلة السنوية المؤدى عنها من التقادم المحدد في المادة 395 من مدونة الشغل في سنتين، بحيث نقترح جعلالحق في العطلة السنوية المؤدى عنها لا يسقط بالتقادم حفاظا على حقوق الأجير الاجتماعية .
 الرفع من أحقية الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها من يوم ونصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل إلى يومين عن كل شهر من الشغل، رغبة في تعزيز حقوق الأجراء، وأحوالهم الاجتماعية والمادية.
 تخفيض من شرط قضاء الأجير مدة معينة من العمل الفعلي في المؤسسة مدة من الشغل المتصل لا تقل عن 6 أشهر،إلى 4 أشهر على الأقل.
وفي الأخير،يطرح تساؤل عن الاثار المترتبة عن العطلة السنوية المؤدى عنها ؟

 

(محاماه نت)

إغلاق