دراسات قانونية
الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية (بحث قانوني)
بحث قانوني مميز عن دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية
عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم
المدرس المساعد حسـن حماد حميد
المحتويـات
المقدمة
المطلب الأول: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً
الفرع الأول: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً بسيطاً
الفرع الثاني: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً ماديا غير قابل للتجزئة
المطلب الثاني: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً
المطلب الثالث: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها من الجرائم
الفرع الأول: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً
الفرع الثاني: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً
الخاتمة
المصادر
المقدمة
يُعد الادعاء العام جهاز ذو دورٍ فعال في الدعوى الجزائية لما له من دور في كافة مراحل هذه الدعوى (مرحلة التحري وجمع الأدلة و ومرحلة التحقيق الابتدائي فالمحاكمة ومن ثم طرق الطعن ويكون له دور كذلك في تنفيذ الحكم) وفضلاً عن دوره في هذه المراحل فقد أعطاه القانون دوراً في تحريك الدعوى الجزائية، وإجراء تحريك الدعوى هذا يُعد إجراءاً جوازياً أي إن للادعاء العام سلطة تقديرية إن شاء قام بتحريكها أو أن يتجاهل هذا التحريك وهذا الأمر واضح من خلال الاطلاع على المادة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971، إلا إن الأمر لم يبقى كذلك بصدور قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1979 الذي الزم في المادة (7) منه الادعاء العام في النظر في شكاوى المواطنين ومتابعتها سواء أكانت تلك المقدمة إليه مباشرة أو المحالة إليه من الجهات المختصة، وبما إن قانون الادعاء العام يعد قانون خاص بعكس قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي يعد قانون عام لذلك فالمادة (7) مـن قانون الادعاء العام هي الواجبة التطبيق.
إذن على الادعاء العام واجب تحريك الدعوى الجزائية في الحالات التي يصل إلى علمه خبر عن وقوع جريمة إلا في الجرائم التي قيد المشرع الادعاء العام في تحريكها واشترط شكوى المجني عليه أو من يمثله قانوناً وهي الجرائم الواردة في المادة (3) الفقرة (أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، كما اكد على ذلك قانون الادعاء العام (المادة 2 / اولا). وبالنتيجة إذا وقعت جريمتان من شخصين وكانت إحداهما تتوقف على شكوى المجني عليه دون الُأخرى فالواجب يُحتم على الادعاء العام تحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الُأخرى وهذا أمر طبيعي، وبذلك فان تحريك الدعوى الجزائية في حالة الجريمة الواحدة لا يثير أي إشكال وان تعلقت إحدى الجرائم المرتكبة على شكوى.
أما إذا كنا أمام حالة تعدد جرائم (حالة قيام شخص واحد بارتكاب جريمتين أو اكثر قبل أن يتم الحكم عليه نهائياً من اجل واحدة منها) وكانت إحدى هذه الجرائم يتوقف تحريكها على شكوى المجني عليه فبماذا سيتمثل دور الادعاء العام في تحريك الدعوى عن هذه الجرائم وهو فحوى الإشكال في هذا البحث وموضوعه إذ أُثير الجدل فقهاً حول مدى إمكانية الادعاء بتحريك الدعوى الجزائية عن الجرائم المتعددة هل إن عليه تحريك الدعوى عن الجريمة التي لا يشترط المشرع فيها شكوى المجني عليه دون الجريمة الأخرى وهذا ما يتماشى مع القواعد المنصوص عليها في المواد المشار إليها أعلاه، أم إن عليه تحريك الدعوى عن جميع الجرائم (التي تتوقف على شكوى وغيرها) أم إن القيد في الجريمة التي تتوقف على شكوى يمتد للأخرى وبذلك لا يجوز له تحريك الدعوى عن الجريمتين باعتبار إن هذه الجرائم غالباً ما يكون بينها ارتباط قد يكون بسيط أو ارتباط غير قابل للتجزئة في حالة التعدد المادي وقد يكون الارتباط أقوى من ذلك في حالة التعدد المعنوي لأن الجرائم تنشأ عن فعل واحد وان إثبات الجريمة الأولى من شأنه إثارة الجريمة الثانية، وبذلك فان هذا الجدل الفقهي كان أحد أسباب الخوض ببحث هذا الموضوع والسبب الآخر يتمثل بعدم وجود نصوص في القانون العراقي توضح هذه المسألة المهمة بشكل خاص وان اللجوء للقواعد المذكورة في المادة(3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والمواد (2 / اولا، 7) من قانون الادعاء العام من شأنه إثارة بعض المشاكل ذلك لوجود الارتباط المذكور، لذلك سنتناول بحثنا هذا على ثلاثة مطالب نتناول في المطلب الأول دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً والمطلب الثاني يُخصص إلى دوره في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً أما المطلب الثالث فيُكرس لدوره في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية باعتبار ان جريمة زنا الزوجية من ابرز الجرائم التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً مادياً أو معنوياً وقد أفردنا لها مطلباً مستقلاً وذلك لخصوصيتها.
المطلب الأول: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً
التعدد المادي أو الحقيقي يتمثل بحالة ما إذا قام شخص بارتكاب أفعال متعددة ومستقلة وكون كُل فعل من هذه الأفعال جريمة وفقاً للقانون([1]). قد تكون هذه الجرائم من نوع وصنف واحد كأن تكون جرائم سرقة أو تكون مختلفة نوعاً وصنفاً كقيام نفس الشخص بارتكاب جريمة سرقة وجريمة قتل، كما إن هذه الجرائم قد ترتكب ضد شخص واحد أو مال واحد أو ترتكب ضد أشخاص واموال متعددة ومختلفة.
وتجدر الإشارة إن هذه الجرائم المتعددة تعدداً مادياً قد ترتبط مع بعضها البعض برابطة ضعيفة فيكون التعدد هنا تعدداً مادياً بسيطاً، وقد تكون هناك رابطة قوية بين هذه الجرائم أي عندما ترتكب لغرض واحد بحيث يمكن اعتبارها كلاً غير قابل للتجزئة([2]).
إذا كان التعدد المادي للجرائم له صورتين وهما كما ذكرنا التعدد المادي البسيط والتعدد المادي الذي لا يقبل التجزئة فإن أردنا التطرق لدور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية ([3])عند قيام تعدد مادي بين الجريمة التي تتوقف على شكوى وغيرها من الجرائم لابد لنا أن نتناول ذلك في فرعين يُخصص الفرع الأول لدور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية في حالة التعدد البسيط أما الفرع الثاني فيُكرس لدوره في تحريك الدعوى في حالة التعدد الذي لا يقبل التجزئة.
الفرع الأول:دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً مادياً بسيطاً
التعدد المادي البسيط هو أن يقوم شخص بارتكاب عدة أفعال تؤدي إلى وقوع عدة جرائم مستقلة بعضها عن بعض بحيث لا يكون هناك أي ارتباط بين هذه الجرائم أو يكون بينها ارتباط لكنه بسيط قابل للتجزئة ويتحقق هذا الارتباط البسيط كما يقول البعض([4]) إذا قام بين الجرائم المرتكبة التي يتناولها التحقيق عنصر مشترك من دون أن يؤثر على عناصر الإثبات أو سير التحقيق كأن تكون الجرائم واقعة على مجني عليه واحد من دون أن تكون قد ارتكبت لغرض واحد. أو قد يكون الارتباط هو مجرد التعاصر الزمني أي إن الجرائم ارتكبت بوقت واحد كأن يقوم الجاني بسب شخص ثم ضربِ اخر أو أن يرتكب الشخص جريمة سرقة ثم جريمة خيانة أمانة.
لقد جاء النص على حالة التعدد المادي البسيط للجرائم التي لا تجمع بينها وحدة الغرض في الفقرة (أ) من المادة (143) من قانون العقوبات العراقي إذ جاءت بآلاتي (إذا ارتكب شخص عدة جرائم ليست مرتبطة ببعضها ولا تجمع بينها وحدة الغرض قبل الحكم عليه من اجل واحدة منها، حكم عليه بالعقوبة المقررة لكل منها ونُفذت جميع العقوبات بالتعاقب على أن لا يزيد مجموع مدة السجن أو الحبس معاً على خمس وعشرين سنة).
وبنفس معنى النص السابق جاء نص المادة (36) من قانون العقوبات المصري مع اختلاف بسيط إذ جاء بآلاتي : (إذا ارتكب شخص جرائم متعددة قبل الحكم عليه من اجل واحدة منها، وجب أن لا تزيد مدة الأشغال الشاقة المؤقتة على عشرين سنة وان لا تزيد مدة السجن أو مدة السجن والحبس على عشرين سنة وان لا تزيد مدة الحبس على ست سنين).
ان مقتضى المادتين السابقتين إن الشخص الذي يرتكب عدة جرائم تدخل تحت نطاق التعدد المادي البسيط وقبل الحكم عليه من اجل واحدة منها فانه يعاقب عن كل الجرائم التي ارتكبها بالعقوبة المقررة لكل منها وتنفذ جميعها بالتعاقب بشرط أن لا تزيد المدة المنفذة للعقوبة السالبة للحرية على ما منصوص عليه في المادتين السابقتين.
والسؤال الذي يُثار هنا هو إذا ارتكب شخص عدة جرائم تدخل تحت نطاق التعدد المادي البسيط – جرائم متعددة غير مرتبطة أو تكون بينها رابطة ضعيفة ومن دون أن تكون مرتكبة لغرض واحد – وكانت إحدى هذه الجرائم تتوقف على شكوى المجني عليه والجريمة الأخرى غير متوقفة على مثل هذه الشكوى، فما إمكانية الادعاء العام بتحريك الدعوى عن هذه الجرائم باعتباره أحد الجهات المحركة للدعوى الجزائية ([5])؟
للإجابة على هذا السؤال وبما إن التعدد بين هذه الجرائم هو تعدد مادي بسيط فان الحكم هو ما اجمع عليه الفقه ويتمثل بان الادعاء العام تكون له الحرية في فصل الجرائم التي يشترط فيها المشرع شكوى المجني عليه عن تلك التي لا يشترط فيها ذلك، ومن ثم يقوم بتحريك الدعوى عن الجريمة الثانية أي إن الادعاء العام يرفع الدعوى عن الجريمة التي لا يشترط فيها المشرع الشكوى دون أي قيد من القيود، أما الجرائم التي يشترط المشرع لتحريكها شكوى المجني عليه فان الادعاء العام لا يستطيع اتخاذ أي إجراء من اجل تحريك دعوى عن مثل هذه الجرائم إلا بعد أن تقدم الشكوى من الشخص الذي يشترطه المشرع (المجني عليه) ([6]).
وبذلك اذا قام شخص بسب أحد الأشخاص ثم ضربه فهنا يجوز للادعاء العام فصل الجريمتين ومن ثم تحريك الدعوى الجزائية عن جريمة الضرب دون السب وعن جريمة القتل دون جريمة السرقة التي يتوقف تحريك الدعوى فيها على شكوى المجني عليه لان السرقة هنا وقعت بين الأصول والفروع ([7]).
ونحن نذهب مع ما ذهب إليه الفقه من إمكانية قيام الادعاء العام بفصل الجريمة التي تشترط فيها الشكوى عن الجريمة الأخرى ومن ثم قيامه بتحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة الأخيرة دون الجريمة الأولى.
إن قيام الادعاء العام بفصل الجرائم وتحريك إحداهما دون الأخرى لا يثير أي إشكال في هذه الصورة من التعدد المادي والسبب يتمثل بأن الارتباط بين هذه الجرائم هنا أما أن يكون غير موجود أو أن يكون ارتباط بسيط ليس من شأنه أن يجعل من هذه الجرائم كلاً غير قابل للتجزئة.
أما بالنسبة للتشريعات والتي منها ما تأخذ بنظام الملائمة فيما يتعلق بدور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية ومنها التشريع المصري فقد لاحظنا انها اعطت الادعاء سلطة تقديرية إذ له تحريك الدعوى أو الامتناع عن ذلك بالاستناد إلى أسباب عديدة([8]) ومنها عدم الأهمية الذي يمنح الادعاء العام سلطة عدم تحريك الدعوى الجزائية تجاه المتهم بمقتضى حفظ الاوراق لعدم الاهمية على الرغم من ثبوت التهمة قبل المتهم ومعرفة نسبتها اليه ([9])”.
وتأكد هذا المبدأ في الفقرة (هـ) من المادة (805) من تعليمات النيابة العامة إذ ورد فيها إن من أسباب الأمر بحفظ الأوراق الذي من شأنه عدم تحريك الدعوى الجزائية هو عدم الأهمية كما ورد في المادة (807) من ذات التعليمات بيان لحالات عدم الأهمية ([10])، التي هي في الحقيقة لا تقع تحت حصر إذ إن المادة (807) وبعد أن عددت هذه الحالات جاءت بالقول (إن ذلك كله يتوقف على فطنة عضو النيابة وحُسن تقديره).([11])
وبذلك نصل إلى نتيجة تتمثل بان للادعاء العام في مصر أن يقوم بتحريك الدعوى الجزائية أو يمتنع عن ذلك عن طريق الامر بحفظ أوراق الدعوى لعدم الأهمية، وبذلك إذا ارتكب شخص جرائم متعددة تدخل تحت نطاق التعدد المادي البسيط وكانت إحداهما تتوقف على شكوى المجني عليه دون الأخرى فيستطيع الادعاء العام فصل الجريمتين وتحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الأخرى وهذا مما ينسجم مع موقف الفقه بهذا الخصوص.
أما بالنسبة إلى موقف القانون العراقي وهو من القوانين التي تاخذ بالشرعية فيما يتعلق بدور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية، فلم نجد بين ثناياه أي نص يوضح هذه المسألة بصورة خاصة لذلك يجب اللجوء للقواعد المنصوص عليها في المادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والمادتين (2/اولا و 7) من قانون الادعاء العام وان السير على هدى المادتين السابقتين من شأنه إلزام الادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الأخرى. وبذلك فان اللجوء لهذه القواعد يتماشى تماماً مع الرأي الذي أيدناه، إلا انه وعلى الرغم من ذلك كان الأجدر بمشرعنا الجزائي أن يأتي بنص خاص بهذه المسألة وذلك لأهميتها.
الفرع الثاني:دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة
التعدد المادي الذي لا يقبل التجزئة يتمثل بقيام شخص بارتكاب عدة جرائم تكون مرتبطة فيما بينها برابطة قوية بحيث تكون وحدة أو كلاً غير قابل للتجزئة مع تحديد هذا الرباط بوحدة الغرض، وبذلك فان هناك ارتباط غير قابل للتجزئة بين هذه الجرائم والمقصود بهذا الارتباط هو وجود صلة وثيقة بين الجرائم المتعددة حيث تنظمها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال تكمل بعضها بعضاً ([12])، ومن هنا يختلف هذا التعدد عن التعدد المادي البسيط في إن الرابطة فيه تكون أقوى لدرجة إنها تقضي على استقلال هذه الجرائم وتجعل منها كلاً غير قابل للتجزئة، ومسألة قيام هذا الارتباط متروك إلى قاضي الموضوع حسبما توحي إليه الوقائع ([13]).
لقد نص قانون العقوبات العراقي على التعدد المادي الذي لا يقبل التجزئة في المادة (142) إذ جاء فيها (إذا وقعت عدة جرائم ناتجة عن أفعال متعددة ولكنها مرتبطة ارتباطا ًلا يقبل التجزئة وتجمع بينها وحدة الغرض، وجب الحكم بالعقوبة المقررة لكل جريمة والأمر بتنفيذ العقوبة الأشد دون سواها…).
وعلى هذا التعدد نصت المادة (32 ف2)من قانون العقوبات المصري إذ جاءت بالآتي (إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة، وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لاشد تلك الجرائم).
من الاطلاع على النصين السابقين نرى إن النص العراقي أوجب الحكم بالعقوبة المقررة لكل الجرائم وتنفيذ العقوبة الأشد فقط أي أن يتم تحريك الدعوى عن الجريمتين ومحاكمة المتهم عنهما ولكن لا يتم تنفيذ إلا العقوبة الأشد عليه، أما النص المصري فلم يوجب إلا الحكم بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد أي لا يجوز تحريك الدعوى إلا عن الجريمة ذات العقوبة الأشد ومحاكمة المتهم عنها وتنفيذ عقوبتها عليه.
في حالة وقوع عدة جرائم مرتبطة فيما بينها ارتباط غير قابل للتجزئة وكانت إحدى هذه الجرائم يتوقف تحريكها على شكوى دون الجريمة الأخرى فان رأي الفقه قد اختلف حول إمكانية الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عن هذه الجرائم.
ذهب الرأي الأول إلى إن العبرة هنا بالجريمة ذات العقوبة الأشد فإذا كانت الأخيرة هي من يتطلب المشرع لتحريك الدعوى عنها شكوى المجني عليه فلا يجوز للادعاء العام اتخاذ أي إجراء من الإجراءات التي من شأنها تحريك هذه الدعوى من غير أن ُتقدم الشكوى بالنسبة لهذه الجريمة، والقيد الوارد على حرية الادعاء هنا يكون بالنسبة للجريمتين أي إن الادعاء لا يجوز له تحريك الدعوى عن الجريمة ذات الوصف الأشد لتوقفها على شكوى ولا يجوز له كذلك تحريك الدعوى عن الجريمة ذات الوصف الأخف والتي لا يتوقف فيها تحريك الدعوى على شكوى([14])، ومثال ذلك جريمة ضرب بسيط بقصد ارتكاب جريمة سرقة (سرقة بين الأصول والفروع) فبما انه لدينا جريمتان ارتكبتا لنفس الغرض وان أحدهما لا تتوقف على شكوى المجني عليه (جريمة الضرب البسيط) والأخرى تتوقف على تلك الشكوى (جريمة السرقة بين الأصول والفروع) وهي الجريمة ذات الوصف الأشد لذلك فليس للادعاء العام تحريك الدعوى عن الجريمة الأخيرة لأنها من الجرائم التي لا تحرك الدعوى فيها إلا بشكوى كما لا يجوز له تحريك الدعوى عن جريمة الضرب البسيط ذات الوصف الأخف.
أما إذا كانت الجريمة ذات العقوبة الأشد لا يشترط المشرع لتحريكها شكوى المجني عليه فهنا للادعاء العام تحريك الدعوى واتخاذ كافة الإجراءات دون التقيد بهذه الشكوى عن الجريمة ذات الوصف الأخف ([15])، ومثال ذلك قيام شخص بسرقة أموال أبيه ثم قتله خادمته التي رأته يسرق وذلك اخفاءً لجريمته، ففي هذه الحالة يجوز للادعاء العام تحريك الدعوى الجزائية عن جريمة القتل ذات الوصف الأشد من دون حاجة لشكوى الأب المجني عليه في جريمة السرقة. والسؤال الذي يثار هنا هل إن إمكانية الادعاء العام في تحريك الدعوى واتخاذ الإجراءات القانونية الأخرى تمتد لتشمل كلا الجريمتين أم إنها تقتصر على الجريمة ذات الوصف الأشد والتي لا يشترط المشرع فيها شكوى المجني عليه ؟
للإجابة على هذا السؤال يمكن القول – حسب وجهة نظر أصحاب هذا الرأي – إن إمكانية الادعاء العام في تحريك الدعوى يشمل الجريمتين سواءاً التي اشترط المشرع فيها شكوى المجني عليه أو التي لم يشترط فيها ذلك ([16]).
أما سبب تبني هذا الرأي من قبل هؤلاء الشُراح الذين يمثلون الفقه المصري هو إن القانون المصري لا يعتد إلا بالجريمة ذات العقوبة الأشد فهي التي يُحاكم ويعاقب عنها الجاني، أما الجريمة ذات العقوبة الأخف فإنها تذوب بقوة الارتباط القانوني مع الجريمة ذات العقوبة الأشد ([17]).
وتجدر الإشارة إلى إن ارتباط الجريمة التي يشترط فيها المشرع الشكوى بجريمة أخرى ارتباط غير قابل للتجزئة يفترض أن تكون الجريمة الأولى قد وقعت فعلاً (جريمة تامة أو في مرحلة الشروع المعاقب عليه)، إذ لا يكفي – من اجل الأخذ بهذا الرأي – أن يرتكب الجاني جريمة غير متوقفة على شكوى بقصد ارتكاب جريمة أخرى متوقفة على شكوى إذا لم تقع الجريمة الأخيرة([18]).
أماالرأي الثاني فيذهب إلى القول – إذا كانت هناك حالة ارتباط غير قابل للتجزئة وكانت إحدى الجريمتين تتوقف على شكوى – إن للادعاء العام الحق في تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا يشترط المشرع لتحريكها شكوى المجني عليه سواء كانت هي ذات الوصف الأشد أو الأخف دون الجريمة الأخرى ([19])، وبذلك إذا ارتكب شخص جريمة انتهاك حرمة مسكن بقصد ارتكاب جريمة سرقة (سرقة بين الأصول والفروع) فهنا يستطيع الادعاء العام تحريك الدعوى الجزائية عن جريمة انتهاك حرمة المسكن دون الحاجة إلى شكوى المجني عليه في الجريمة الأخرى التي ليس للادعاء العام تحريكها. ومن الحجج التي طرحها أصحاب هذا الرأي هو إن المشرع أعطى سلطة تحريك الدعوى الجزائية لعدة جهات ومن ضمنها الادعاء العام واورد على هذه السلطة عدة قيود من ضمنها اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه في بعض الجرائم وكان الهدف منها تحقيق حكمة خاصة وهذه القيود تعد استثناءات على الأصل والاستثناءات تقدر بقدرها، وبذلك لا يجوز أن تفرض قيود على سلطة الادعاء العام في غير الجرائم التي اشترطت فيها هذه القيود ([20]).
إن الآراء التي طرحت تمثل موقف الفقه من دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة،وتجدر الملاحظة إن هذه الآراء طرحت في الدول التي تبنت في قوانينها نظام الملائمة فيما يتعلق بدور الادعاء العام بهذا المجال ومن أبرزها القانون المصري.
أما بخصوص الدول التي تبنت نظام الشرعية فلم نجد آراء للفقهاء قيلت بهذا الصدد حتى إن الفقه العراقي لم يذكر شيء عن هذه المسألة تحديداً لذلك نرى انه من الاصوب القول على الادعاء في مثل هذه الحالة أن يفصل بين الجريمتين ومن ثم يقوم بتحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الأخرى.
هذا بالنسبة إلى موقف الفقه أما بخصوص موقف القوانين فنرى إن اغلبها لم تتطرق لهذه المسألة بنصوص خاصة وتركت حكمها للقواعد الإجرائية المنصوص عليها في قوانينها الجزائية.
فبالنسبة للقانون المصري وهو من القوانين التي تأخذ بنظام الملائمة – كما ذكرنا سابقاً- فالمسألة لا تثير أي إشكال أي إن الادعاء له سلطة تقديرية في تحريك الدعوى الجزائية.
أمـا بالنسبة للقانون العراقي فنرى إنه لم يضع حلاً لهذه المسألة (دور الادعاء العام فـي تحريك الدعوى الجـزائية عنـد تعدد جريمة الشـكوى مع غيرها تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة) بنصٍ خاص بها وترك حكمها للقواعد السابق الاشارة اليها، وكان الأجدر به أن يضع حكماً خاصاً بها وذلك لأهميتها وان الفقه العربي عندما أراد أن يضع حلاً لها قد انقسم إلى رأيين، لذلك نقترح على مشرعنا الجزائي أن يُضمن قانون الادعاء العام حلاً لهذه المسألة من اجل سد باب الاجتهاد الفقهي ومن اجل أن يعرف قاضي التحقيق أو المحقق أو أي مسؤول في مركز الشرطة أو أي من أعضاء الضبط القضائي باعتبارهم الأشخاص الذين تقدم لهم الشكوى متى يستطيعون قبول هذه الشكوى إذا ُقدمت من غير المجني عليه في حالة قيام ارتباط غير قابل للتجزئة بين الجرائم ويا حبذا لو يأتي النص مُلزماً الادعاء العام تحريك الدعوى الجزائية في الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الأخرى.
المطلب الثاني: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً
يُعد التعدد المعنوي أو الصوري كما يسميه البعض الصورة الثانية من صور تعدد الجرائم إلى جانب التعدد المادي أو الحقيقي، ويتحقق هذا التعدد بارتكاب الشخص فعلاً واحداً فقط من شأنه أن يؤدي إلى نتائج إجرامية متعددة كأن يطلق شخص رصاصة عمداً على شخص قاصداً قتله فيجرح هذا الشخص ويقتل آخر وان يعطي شخص امرأة حامل مادة سامة بقصد قتلها فيؤدي الفعل إلى إجهاضها دون قتلها، ففي هذه الأمثلة إن الجاني لم يرتكب اكثر من فعل واحد وهو إطلاق الرصاصة في المثال الأول واعطاء المادة السامة في المثال الثاني وهذا الفعل لم يؤدي إلى نتيجة واحدة بل أدى إلى نتائج متعددة ([21])، ففي المثال الأول أدى فعل الإطلاق إلى إزهاق روح شخص وشروع بإزهاق روح شخص آخر وكلا النتيجتين يعاقب عليها القانون وفي المثال الثاني أدى فعل الجاني (إعطاء المادة السامة) إلى نتيجتين وهما شروع بالقتل بالسم والإجهاض وكلا النتيجتين معاقب عليها قانوناً.
كما يتحقق التعدد المعنوي في حالة ما إذا لم يؤدي الفعل الواحد إلى نتائج إجرامية متعددة وانما أدى إلى أوصاف إجرامية متعددة كل وصف يتضمنه نص تجريم ([22])كقيام الجاني بهتك عرض شخص في محل عام، فالجاني هنا يعتبر مرتكباً لجريمتي هتك عرض وفعل فاضح علني مخل بالحياء ([23])، ففي هذه الحالة الجاني ارتكب فعل واحد انطبق عليه نصان قانونيان هما نص المادة (396) من قانون العقوبات باعتباره جريمة هتك عرض ونص المادة (401) من نفس القانون باعتباره جريمة فعل فاضح علني مخل بالحياء.
يذهب بعض الفقه إلى إن التعدد المعنوي للجرائم يُعد من بين أحوال الارتباط غير القابل للتجزئة ويُبرر ذلك بالقول إن هناك (تعدداً في الجرائم ولكنها اجتمعت في نشوئها عن فعل واحد، واقتضائها تبعاً لذلك عقوبة واحدة، ويعني ذلك إن بينها رباطاً وثيقاً من عدم التجزئة) ([24]).
بينما يذهب رأي آخر إلى إن التعدد المعنوي هـو ليس حالة تعدد جرائم بل حالة جريمة واحدة، أما التعدد الظاهر فهو تعدد أوصاف قانونية أو بعبارة أخرى هو تعدد نصوص قانونية منطبقة على فعل جنائي واحد ([25]).
ونحن نرى إن التعدد المعنوي هو تعدد للجرائم وليس حالة جريمة واحدة لا سيما إذا أدى الفعل إلى نتائج إجرامية متعددة كل نتيجة تدخل تحت إطار نص تجريم كما ذكرنا في المثال الأول أي عندما يطلق الجاني رصاصة واحدة بقصد القتل فيجرح شخصاً ويقتل شخصاً آخر، فهنا نرى إن الفعل أدى إلى عدة نتائج وكل نتيجة تمثل جريمة وفقاً للقانون، وبما إن هذه الجرائم جاءت نتيجة فعل واحد أي إنها متحدة في ركنها المادي فهناك ارتباط قوي يربط ما بينها يكون أقوى من الارتباط الذي ينشأ بين الجرائم المتعددة تعدداً مادياً إذ إن الجرائم المتعددة تعدداً مادياً وكما رأينا تكون ناتجة عن أفعال متعددة ومستقلة.
لقد نصت القوانين الجزائية على حالة التعدد المعنوي إذ جاء النص عليها في قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة (141) وكالآتي (إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة، وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها اشد والحكم بالعقوبة المقررة لها، وإذا كانت العقوبات متماثلة حكم بإحداها).
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز في العراق انه إذا أدت الطلقة الواحدة إلى قتل أحد الأشخاص واصابة آخر فسنكون أمام جريمتا القتل والشروع فيه وان هاتين النتيجتان قد نشأتا عن فعل واحد وتكون العبرة للجريمة ذات العقوبة الأشد([26])، وفي حكم آخر لها قضت بأنه إذا أدى الفعل الواحد إلى أذى بدني واتلاف مال الغير فيجب التعويل على الجريمة التي عقوبتها اشد والحكم بالعقوبة المقررة لها([27]).
وعلى نفس معنى نص قانون العقـوبات العـراقي نصت المـادة (32/1) مـن قانـون العقـوبات المصـري إذ جاء فيها (إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها اشد…).
ومـن الاطلاع على هـذين النصين نـرى إن العقوبة المترتبة على الجاني في جميع حالات التعدد المعنوي هي عقوبة الجريمة التي ينطبق عليها الوصف الأشد وهو ما ذهبت إليه- كما يقول البعض ([28])- جميع القوانين الجزائية تقريباً والسبب يتمثل بصدور فعل واحد من الجاني.
لقد اختلف الفقه حول دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية إذا كانت هناك جريمتان نشأتا عن فعل واحد – تعدد معنوي – وكانت إحداهما تتوقف على شكوى المجني عليه دون الأخرى إذذهبجانب من الفقه في الدول التي تأخذ قوانينها بنظام الملائمة إلى القول – طالما إن الجريمتين قائمتان – بالجريمة ذات العقوبة الأشد، فإذا كانت الجريمة الأشد هي التي يشترط المشرع فيها شكوى المجني عليه فلا يجوز للادعاء العام اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق بالنسبة لهذه الجريمة كما لا يجوز له ذلك بالنسبة للجريمة ذات الوصف الأخف والسبب في ذلك إن اتخاذ أي إجراء من الإجراءات بالنسبة للجريمة الأخف إنما يتعدى أيضاً للجريمة الأولى ذات الوصـف الأشد، أما إذا كان العكس أي إذا كانت الجريمة ذات الوصف الأشد لا تستلزم الشكوى فهنا للادعاء العام كامل الحرية في رفع الدعوى الجزائية دون انتظار التقدم بشكوى من المجني عليه والسبب في ذلك – كما يقول أصحاب هذا الرأي – هو إن مسؤولية الجاني في هذه الحالة تتحدد على الجريمة ذات العقوبة الأشد وهي لا تستلزم شكوى ([29]).
وذهب جانب آخر إلى إعطاء الحق للادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا يشترط فيها المشرع شكوى المجني عليه بعكس الجريمة الأخرى التي يشترط المشرع فيها ذلك والتي لا يجوز للادعاء العام تحريكها ([30]).
والى نفس الرأي السابق يذهب اغلب الشراح في فرنسا إذ قالوا إن للادعاء العام الحرية المطلقة في تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا يشترط المشرع فيها الشكوى دون الجريمة الأخرى، أي إن الادعاء العام يمكنه السير في الإجراءات عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى هذا في حالة ما إذا أدى الفعل إلى نتائج متعددة أما إذا أدى الفعل إلى تعدد أوصاف قانونية فقط فالادعاء العام يُمكنه تحريك الدعوى عن الوصف الذي لا يتوقف على شكوى ولو كان نفس الفعل يحتمل وصفاً آخر يشترط القانون لتحريك الدعوى عنه شكوى المجني عليه ([31]).
ولعدم وجـود آراء فقهية بهذا الصدد سائدة في الدول التي تأخذ بنظام الشرعية فيمكن القول، وبما إن الجرائم المتعددة هنا قد نشأت عن فعل واحد وبالنتيجة فان الرابطة بينها تكون قوية بحيث إن إثبات إحدى الجرائم من شأنه إثارة الجريمة الأخرى كما إن المشرع العراقي وعند وقوع تعدد معنوي اخذ بالجريمة التي عقوبتها اشد على اعتبار إن المتهم لم يرتكب إلا فعلاً واحداً لذا لا يجوز معاقبته عن هذا الفعل إلا مرة واحدة وان أدى إلى اكثر من نتيجة إجرامية واحدة أو انطبق عليه اكثر من نص قانوني أي إن حكم التعدد هنا هو اعتبار المتهم لم يقصد ارتكاب إلا الجريمة التي عقوبتها اشد دون الجريمة أو الجرائم الأخف لذا لا يجوز للقاضي الحكم بالعقوبات المتعددة ويترك إلى سلطة التنفيذ تنفيذ العقوبة الأشد وانما يجب عليه إن يحكم بالعقوبة الأشد لهذه الجرائم ([32])، انه يجب الأخذ بالجريمة ذات العقوبة الأشد فإذا كانت الأخيرة هي من يشترط المشرع فيها شكوى المجني عليه فلا يجوز للادعاء العام تحريك الدعوى عن هذه الجريمة وعن الجريمة الأخرى ذات الوصف الأخف أما إذا كانت الجريمة الأشد لا تتوقف على شكوى المجني عليه فعلى الادعاء العام في هذه الحالة تحريك الدعوى عن هذه الجريمتين لأن مسؤولية الجاني هنا تتحدد بالجريمة ذات العقوبة الأشد.
ومن الاطلاع على بعض القوانين الإجرائية العربية نرى إنها جاءت خالية من إعطاء بيان لهذه المسألة بالذات (دور الادعاء في تحريك الدعوى الجزائية في حالة تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً معنوياً) فهذا قانون الإجراءات الجنائية المصري لم يأتي بنصٍ خاص يوضح هذه المسألة وترك حكمها للقواعد العامة التي تتمثل بإعطاء الادعاء سلطة تقديرية والتي سبق الحديث عنها.
أما بالنسبة للقانون العراقي انه لم يبين هذه المسألة وترك حكمها للقواعد المنصوص عليها في المواد (2/اولا و 7) من قانون الادعاء العام والمادة (3) من ق.أ.م.ج وكان عليه أن يضع حكماً خاصاً بها وذلك لأهميتها كما إن السير على هدى المواد المذكورة من شأنه إلزام الادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى المجني عليه دون الجريمة الأخرى وهذا يؤدي إلى إشكال لأن الجرائم في هذا النوع من التعدد مرتبطة فيما بينها برابطة قوية جداً ذلك لأنها كما ذكرنا تكون ناشئة عن فعل واحد وان المشرع لم يأخذ بنظر الاعتبار إلا الجريمة ذات العقوبة الأشد، لذلك نقترح على مشرعنا الجزائي أن ينص على دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً معنوياً ويفضل أن يأخذ بالجريمة الأشد أي إذا كانت الجريمة ذات العقوبة الأشد هي من يشترط المشرع فيها الشكوى فلا يجوز للادعاء تحريك الدعوى الجزائية عنها وعن الجريمة ذات العقوبة الأخف لأن الجريمة الاخيرة تذوب بقوة الارتباط القانوني بالجريمة ذات العقوبة الاشد، أما إذا كانت الجريمة ذات العقوبة الأخف هي من تتوقف على شكوى المجني عليه فللادعاء العام في هذه الحالة تحريك الدعوى عن الجريمتين لان مسؤولية الجاني تتحدد بالجريمة ذات العقوبة الأشد.
المطلب الثالث: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها من الجرائم
تكلمنا في المطلبين السابقين عن تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً أو معنوياً بشكل مفصل وهنا سوف نتكلم عن جريمة زنا الزوجية إذا كونت مع غيرها مثل هذا التعدد باعتبارها من ابرز الجرائم التي اشترط المشرع فيها شكوى المجني عليه([33])، وكان من المقتضى أن يتم بحث هذا الموضوع في ثنايا المطلبين السابقين إلا انه وللطبيعة الخاصة لهذه الجريمة إذ تعد من الجرائم الماسة بالشرف لذا قد يرغب المجني عليه في أن تبقى طي الكتمان، وان تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة المرتبطة بها قد يثيرها لا سيما إذا كان هناك ارتباط بين هذه الجرائم لذا سيتم بحثها في هذا المطلب وعلى فرعين يُخصص الفرع الأول لدور الادعاء العام في تحريك الدعوى في حالة ما إذا كونت جريمة زنا الزوجية مع غيرها تعدد معنوي والفرع الثاني يُكرس لهذا الدور في حالة ما إذا كونت هذه الجريمة مع غيرها تعدد مادي.
الفرع الأول: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها تعدداً معنوياً
في حالة التعدد المعنوي – كما ذكرنا سابقاً – يقع فعل واحد يؤدي إلى جرائم متعددة (م 141و م 32/ 1عقوبات عراقي و مصري على التوالي) ويكون على حالتين الحالة الأولى هي وقوع فعل واحد يؤدي إلى اكثر من نتيجة إجرامية كل نتيجة يتضمنها نص تجريم أو يقع هذا الفعل وينطبق عليه اكثر من وصف قانوني.
إذن قد يكون هناك تعدد معنوي للجرائم وتكون إحدى هذه الجرائم جريمة زنا الزوجية المذكورة في المادة (377) من قانون العقوبات العراقي والتي يشترط المشرع لتحريكها شكوى المجني عليه والجريمة الأخرى لا يشترط المشرع لتحريكها هذه الشكوى، ومن ابرز الأمثلة على ذلك ارتكاب جريمة زنا الزوجية في مكان عام أو مفتوح إذ نكون في هذه الحالة أمام جريمتين الأولى هي جريمة الزنا والجريمة الأخرى هي جريمة الفعل الفاضح العلني، لذلك فلدينا هنا فعل واحد أدى إلى أوصاف قانونية متعددة كل وصف يتضمنه نص تجريم.
و بما إن الجريمتين نشأتا عن فعل واحد فان بعض أركان الجريمة الأخرى التي لا تتوقف على شكوى لا تقوم إلا بتوافر أركان جريمة الزنا لذلك سيكون هناك ارتباط بين هاتين الجريمتين أقوى من الارتباط الناشئ بين الجرائم في حالة التعدد المادي.
لقد اختلف الفقهفي الدول التي تأخذ قوانينها بنظام الملائمة بشأن إمكانية تحريك الدعوى من قبل الادعاء العام عن الجريمة الثانية في حالة عدم تقديم الزوج لشكواه عن جريمة زنا الزوجية.
ذهبرأي إلى عدم جواز تحريك الدعوى عن الجريمة الثانية (جريمة الفعل الفاضح العلني في المثال الذي أوردناه) إلا إذا تم تقديم الشكوى من المجني عليه في جريمة زنا الزوجية، إذ إن جريمة الفعل الفاضح العلني لا تقوم إلا بتناول فعل الزنا ([34]).( )
ورأي آخر ذهب إلى القول وطالما إن الجريمتين قائمتان إن العبرة بالجريمة ذات الوصف الأشد فإذا كانت هـذه الجريمة (الجريمة ذات الوصف الأشد) هي من يشترط فيها المشرع شكوى المجني عليه أي إن جريمة الزنا هنا هي الجريمة ذات الوصف الأشد ففي هذه الحالة لا يجوز للادعاء العام تحريك الدعوى لهذه الجريمة والجريمة الأخرى ذات الوصف الأخف ذلك إن اتخاذ أي إجراء من الإجراءات بالنسبة للجريمة الأخيرة سوف ينصرف إلى الجريمة الأخرى المقيدة بشكوى وينطبق على هذه الحالة المثال الذي ذكرناه عن ارتكاب جريمة الزنا في مكان عام، إذ إن الفعل المادي هنا شكل جريمتين الأولى جريمة زنا الزوجية والثانية جريمة الفعل الفاضح العلني و الجريمة الأولى هي الجريمة ذات الوصف الأشد، من اجل ذلك لا يجوز للادعاء العام اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى بالنسبة لجريمة الفعل الفاضح إلا بعد تقديم الزوج للشكوى عن جريمة الزنا، أما إذا كانت الجريمة ذات الوصف الأشد لا تتطلب شكوى فللادعاء العام كامل الحرية في تحريك الدعوى الجزائية من دون شكوى مـن المجني عليه إذ إن المسؤولية الجنائية للجاني تتحدد بناء ًعلى الجريمـة ذات الوصف الأشد وهي لا تتطلب شكوى ([35]).
ونحن نرى تأييد الرأي الأول مع التعديل عليه بحيث جعله منسجماً مع اخذ المشرع العراقي بنظام الشرعية، والذي يذهب إلى عدم جواز تحريك الدعوى عن الجريمة المرتبطة بجريمة زنا الزوجية إلا بعد تقديم الزوج لشكواه عن جريمة الزنا. لذلك ندعو المشرع العراقي أن يأخذ بهذا الرأي كقاعدة إذا تعددت جريمة زنا الزوجية مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً، ذلك إن الأخذ بما جاء في المواد (2/اولا و7) من قانون الادعاء العام والمادة (3) من ق.أ.م.ج من شأنه إلزام الادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة المرتبطة بجريمة الزنا دون جريمة الزنا نفسها وهذا سيؤدي إلى خلق إشكال لأن تحريك الدعوى عن الجريمة المرتبطة بجريمة الزنا سيثير جريمة الزنا وذلك للارتباط القوي الموجود بين هذه الجرائم إذ إن الجريمتين نشأتا عن فعل واحد أي انهما متحدتان في الركن المادي وبذلك فان إثبات إحداهما من شأنه إثارة الأخرى وان المجني عليه في جريمة الزنا قد لا يرغب بإثارة هذه الجريمة أمام أي شخص وإبقائها طي الكتمان ([36]).
الفرع الثاني: دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها تعدداً مادياً
عنـدما تُكون جريمـة زنــا الزوجيـة مـع غيـرها مـن الجرائم تعدداً ماديا ًفالرابطـة فـي هـذه الحالـة تختلف عمــا لـو كـان هـذا التعـدد تعـدداً معنـوياً.
والحكم في هذا النوع من التعدد – التعدد المادي بين جريمة زنا الزوجية التي تتوقف على شكوى وجريمة أخرى لا تتوقف على شكوى – مختلف حسب نوع الارتباط بين الجرائم، فإذا كان الارتباط بسيط فالحكم هنا واضح ومقبول وهو أن لا يمتد تقييد الادعاء العام إلى الجريمة الأخرى التي لا يلزم لتحريكها شكوى ومن الأمثلة على ذلك قيام شريك الزوجة الزانية بسرقة مالاً لزوجها، ففي هذه الحالة يستطيع الادعاء العام تحريك الدعوى عن جريمة السرقة دون جريمة الزنا([37]).
أما الحكم فيما لو كونت جريمة الزنا مع غيرها من الجرائم تعدداً مادياً وكان الارتباط بين هذه الجرائم غير قابل للتجزئة وتجمع بينها وحدة الغرضفالبعض يقول إن الحكم هنا لا يختلف عن حكم حالة التعدد البسيط إذ يمكن للادعاء العام تحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتـوقف علـى شكوى (الجريمة المـرتبطة مع جريمة الزنا) دون الجريمة الأخرى التي تتوقف على شكوى (جريمة الزنا) ومن الأمثلة على ذلك أن تقع من الزوج جريمة زنا زوجية وجريمة ضرب على زوجته لإرغامها على السكوت فهنا للادعاء العام تحريك الدعوى عن الضرب ولو لم تتقدم الزوجة بالشكوى عن جريمة الزنا([38])، وكحالة ما إذا قام رجل وامرأة بممارسة جريمة الزنا ثم قاما بتزوير عقد زواج من اجل تغطية هذه الجريمة فالادعاء العام هنا غير مقيد فيما يتعلق بجريمة التزوير إذ له تحريك الدعوى دون انتظار شكوى الزوج المجني عليه ذلك إن القيد مقتصر في هذه الحالة على جريمة الزنا فقط ([39]). وهذا هو الرأي الذي سارت عليه محكمة النقض المصرية ([40]).
ويذهب البعض الآخرإلى إن العبرة في إعطاء الحرية للادعاء العام في تحريك الدعوى بالجريمة الأشد، أي إذا كانت الأخيرة هي التي تتوقف على شكوى فلا يمكن اتخاذ أي إجراء من إجراءات الدعوى عن هذه الجريمة من دون تقديم الشكوى ويمتد هذا القيد إلى الجريمة الأخف التي لا يتوقف تحريك الدعوى فيها على شكوى، مثال ذلك جريمة ضرب بسيط من اجل ارتكاب جريمة زنا فالجريمة الأشد هنا هي الزنا لذلك لا يجوز للادعاء العام اتخاذ أي إجراء بالنسبة للجريمتين، أما إذا كانت الجريمة الأشد لا يتطلب المشرع فيها شكوى فللادعاء الحق في رفع الدعوى دون انتظار الشكوى مثال ذلك التزوير في عقد زواج لاخفاء جريمة الزنا فهنا يكون للادعاء العام رفع الدعوى عن التزوير دون انتظار شكوى المجني عليه في جريمة الزنا ([41]).
إلا إننا نرى عدم تأييد أي من الرأيين السابقين ونذهب إلى عدم جواز تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة المرتبطة مع جريمة الزنا ارتباطاً لا يقبل التجزئة إلا إذا تم تقديم الشكوى عن جريمة الزنا ذلك لان الجريمتين بينهما ارتباط غير قابل للتجزئة و تجمع بينهما وحدة الغرض وان إثبات إحداهما من شأنه إثارة الجريمة الأخرى، لذلك ندعو المشرع الجزائي العراقي أن يتبنى نصاً في قانون الادعاء العام يُوضح فيه هذه المسألة وان ينص على عدم جواز تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة المرتبطة بجريمة الزنا إلا إذا تم تقديم الشكوى عن جريمة الزنا ذاتها.
واخيراً تجدر الإشارة إلى إن الرأي الذي تبنيناه في حالة تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها تعدداً معنوياً أو تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة يختلف عن الرأي المُتبنى عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى (غير جريمة زنا الزوجية) مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً أو تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة و سبب الاختلاف يرجع إلى الخصوصية التي تتمتع بها جريمة زنا الزوجية باعتبارها من الجرائم الماسة بالشرف وان المجني عليه قد يرغب في أن تبقى الجريمة طي الكتمان وهو ما لا يكون عند إلزام الادعاء بتحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة الأخرى وذلك للارتباط الموجود بين هذه الجرائم، بالإضافة إلى ذلك فان الحكمة التي توخاها المشرع عندما اشترط شكوى المجني عليه من اجل تحريك الدعوى عن جريمة الزنا تتمثل بصيانة سمعة العائلة وان تحريك الدعوى عن الجريمة الأخرى من شأنه إهدار هذه الحكمة ذلك إن تحريك الدعوى عن الجريمة الأخرى من شأنه إثارة جريمة الزنا بسبب نوع الارتباط الموجود بين هذه الجرائم.
هناك مسألة أخرى تثار بشأن جريمة زنا الزوجية متعلقة بشريك الزوجة الزانية تتمثل بارتكاب الأخير جريمة انتهاك حرمة مسكن المذكورة في المادة (428 ف2) من قانون العقوبات العراقي والمادة (370) من قانون العقوبات المصري من اجل ارتكاب جريمة زنا فيه. ولكن قبل الدخول في الإشكال في هذه المسألة لابد من التنويه إلى إن البعض قد اعتبر هذه الصورة من التعدد تعدداً معنوياً([42]) والبعض الآخر قد اعتبرها تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة ([43]) ونحن نذهب مع ما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاني باعتبار هذا التعدد تعدداً مادياً غير قابل للتجزئة لأننا أمام جريمتين مستقلتين من حيث الأركان إذ يمكن قيام واثبات أحدهما حتى مع عدم وقوع الأخرى، وهذا ظاهر من بعض أحكام محكمة النقض المصرية فقد جاء في أحد أحكامها انه يجوز أن تقوم جريمة انتهاك حرمة المسكن مع عدم وقوع جريمة الزنا ([44])وهذا يثبت إن التعدد هنا هو تعدد مادي على عكس حالة التعدد المعنوي إذ لا نكون أمام جرائم مستقلة من حيث الأركان لان هذه الجرائم تكون ناشئة عن فعل مادي واحد، بالإضافة إلى ذلك فان الجرائم واقعة لغرض واحد وبذلك فالتعدد مادي غير قابل للتجزئة.
إن الإشكال في هذه المسألة يتمثل بقيام الادعاء العام بتحريك الدعوى على الشريك عن جريمة انتهاك حرمة المسكن في حالة عدم تقديم الشكوى على الزوجة الزانية من الزوج المجني عليه في جريمة الزنا على اعتبار إن تحريك الدعوى عن جريمة الانتهاك يثير وقائع دعوى الزنا([45]).
ذهب بعض الفقه إلى جواز تحريك الدعوى على الشريك عن جريمة انتهاك حرمة المسكن وان لم تحرك الدعوى عن جريمة الزنا ذلك إن الارتباط بين الجرائم لا ينفي الاستقلال الذي تتمتع به كلٍ منهما إذ انه ليس من أركان جريمة الانتهاك إثبات جريمة الزنا ([46]).
وذهب رأي آخر إلى عدم جواز تحريك الدعوى بالنسبة لجريمة انتهاك حرمة المسكن إلا إذا تم تحريك الدعوى في جريمة الزنا بشكوى المجني عليه ذلك إن محاكمة المتهم عن جريمة الانتهاك من شأنه إثارة جريمة الزنا من قريب أو من بعيد، ويجوز ذلك (تحريك الدعوى عن جريمة الانتهاك) إذا أمكن إثباتها دون إثارة الجريمة الأخرى ولا يكون ذلك إلا إذا كانت جريمة الزنا غير تامة ([47]).
أما نحن فنذهب إلى تأييد الرأي الثاني وذلك لخصوصية جريمة زنا الزوجية إذ إن المجني عليه قد يرغب بعدم إفشاء الجريمة لأي كان، وإن جريمة الزنا مرتبطة بالجريمة الأخرى(جريمة انتهاك حرمة المسكن) ارتباط غير قابل للتجزئة و تحريك الدعوى عن الجريمة الأخرى من شأنه إثارة جريمة الزنا.لذلك ندعو مشرعنا الجزائي إلى النص على هذه الحالة بنص خاص وان يكون مضمونه عدم إجازة تحريك الدعوى الجزائية عن جريمة الانتهاك إلا عندما يتم تحريك الدعوى عن جريمة الزنا بشكوى المجني عليه.
وقد ساندنا في ذلك بعض قرارات محكمة النقض المصرية إذ ذهبت إلى إنكار حق الادعاء العام في تحريك الدعوى عن جريمة انتهاك حرمة المسكن بحجة إن إثبات هذه الدعوى في مثل هذه الحالة يوجب إثارة جريمة الزنا ذلك إن إثبات الجريمة الأولى يجب إن يمر عبر إثبات الجريمة الثانية وهو ما لايرضاه المجني عليه في جريمة الزنا لعدم تقديمه الشكوى عن هذه الجريمة، إذ إن محكمة النقض صرحت إن البحث في جريمة انتهاك مسكن بقصد ارتكاب جريمة لا بد أن يتناول البحث في واقعة الزنا ومادام لم يتم رفع الدعوى فيها فلا يجوز أن تثار بوجه الشريك بطريقة أخرى، بل إن حكمة التشريع تقضي بأن يُقال بأن عدم التجزئة الذي يقضي بعدم إمكان رفع الدعوى عن جريمة الزنا على الشريك ما دام رفعها عن الزوجة قد استحال يستبعد الشريك من نتائجه فلا يحاكم حتى على جريمة انتهاك حرمة المسكن، وما يجب ملاحظته إن عدم جواز رفع الدعوى عن جريمة الانتهاك مشروط بان تكون جريمة الزنا قد وقعت أما إذا لم تقع فلا حاجة لشكوى الزوج في هذه الحالة وبذلك يمكن للادعاء العام تحريك الدعوى عن جريمة الانتهاك لأن شكوى الزوج لم تشترط إلا في حالة وقوع جريمة الزنا تامة ([48]).
الخـاتمة
من خلال بحثنا لموضوع تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد جريمة الشكوى مع غيرها من الجرائم توصلنا إلى مجموعة من النتائج والمقترحات وهي كالآتي :
1. رأينا ان المشرع العراقي قد اخذ بنظام الشرعية (حتمية تحريك الدعوى الجزائية) فيما يتعلق بدور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية وبذلك فان الادعاء العام ملزم بتحريك الدعوى في حالة عدم توقفها على شكوى أو إذن من جهة معينة، وبذلك فهو يساير بعض التشريعات بهذا الخصوص ويختلف عن البعض الآخر وأبرزها التشريع المصري.
2. فيمـا يتعلق بدور الادعاء العام بتحريك الدعوى فـي حالة تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مـع غيرها تعدداً مادياً بسيطا ذهبنا مـع مـا اجمع عليه الفقـه من تمكين الادعاء العام بفصل الجرائم المتعددة وتحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة التـي تتوقف على هذه الشكوى، وان ذلك لا يثير إشكال كون التعدد هنا تعدداً بسيطاً.اما فيما يتعلق بموقف التشريعات التي اخذت بنظام الملائمة فيمكن القول ان اخذها بهذا النظام يُمكن الادعاء العام من تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الاخرى وهو ما ينسجم مع موقف الفقه، اما فيما يتعلق بموقف المشرع العراقي الذي اخذ بنظام الشرعية فرأينا خلوه من نص يحكم هذه المسألة مما اقتضى اللجوء للقواعد المنصوص عليها في قانون أصول المحكمات الجزائية وقانون الادعاء العام وعلى الرغم من ان السير على هدى هذه القواعد يتماشى مع ما أيدناه الا انه كان الأجدر بمشرعنا الجزائي ان يأتي بنص خاص يحكم المسألة وذلك لاهميتها.
3. فيما يخص دور الادعاء العام في تحريك الدعوى عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها من الجرائم تعدد مادياً غير قابل للتجزئة رآينا من الاصوب القول يجب على الادعاء في هذه الحالة ان يفصل بين الجريمتين ومن ثم يقوم بتحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الاخرى.
أما بالنسبة الى موقف التشريعات التي تأخذ بنظام الملائمة فيمكن القول أن هذا التعدد لا يثير أي اشكال عن تحريك الدعوى الجزائية من قبل الادعاء العام كونه يمتلك سلطة تقديرية بهذا المجال.
أما بالنسبة للمشرع العراقي فهو لم يضع حلاً لهذه المسألة وترك حكمها للقواعد المنصوص عليها في القوانين السابق الاشارة اليها وكان الاجدر به ان يأتي بنص في قانون الادعاء العام يوضح فيه هذه المسألة ويا حبذا لو يأتي النص ملزماً للادعاء العام بتحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الاخرى.
4. اما في نطاق دور الادعاء العام في تحريك الدعوى عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً معنوياً فيمكن القول وللاعتبارات التي ذكرناها ان العبرة هنا بالجريمة ذات العقوبة الاشد فاذا كانت الاخيرة هي من يشترط فيها المشرع الشكوى فلا يجوز للادعاء تحريك الدعوى عن هذه الجريمة وعن الجريمة ذات العقوبة الاخف، أما اذا كانت الجريمة ذات العقوبة الاشد لا يشترط فيها المشرع الشكوى فعلى الادعاء تحريك الدعوى عن الجريمتين لان مسؤولية الجاني تتحدد بالجريمة ذات العقوبة الاشد.
اما فيما يخص موقف المشرع العراقي وهو لم يبين حلاً لهذه المسألة ايضاً وترك حكمها للقواعد المنصوص عليها في قانون اصول المحاكمات وقانون الادعاء العام وكان عليه ان ينص عليها لان السير بمقتضى تلك القواعد من شأنه إلزام الادعاء بتحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون الجريمة الاخرى وهذا يؤدي الى اشكال لان الجرائم هنا مرتبطه فيما بينها برابطة قوية جداً ذلك لانها ناشئة عن فعل واحد وان المشرع لم ياخذ بنظر الاعتبار الا الجريمة ذات العقوبة الاشد، لذلك نقترح على مشرعنا الجزائي ان ينص على دور الادعاء في تحريك الدعوى الجزائية عند تعدد الجريمة التي تتوقف على شكوى مع غيرها تعدداً معنوياً ويفضل ان يأخذ بالجريمة الاشد أي اذا كانت الاخيرة هي من يشترط المشرع فيها الشكوى فلا يجوز للادعاء تحريك الدعوى عنها وعن الجريمة ذات العقوبة الأخف، اما اذا كانت الجريمة ذات العقوبة الاخف هي من تتوقف على شكوى فعلى الادعاء في هذه الحالة تحريك الدعوى عن الجريمتين وذلك للأسباب التي ذكرناها في المتن.
5. فيما يخص دور الادعاء في تحريك الدعوى عن تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها من الجرائم تعدداً معنوياً ذهبنا إلى تأييد احد الآراء ألفقهيه التي قيلت مع التعديل عليه بحيث جعله منسجماً مع أخذ المشرع العراقي بنظام الشرعية بحيث يمكن القول بعدم جواز تحريك الدعوى عن الجريمة المرتبطة بجريمة زنا الزوجية إلا بعد تقديم الزوج لشكواه عن جريمة الزنا، لذلك ندعو المشرع العراقي أن يأخذ بهذا الرأي كقاعدة وذلك للأسباب التي ذكرناها.
فيما يخص دور الادعاء العام في تحريك الدعوى عند تعدد جريمة زنا الزوجية مع غيرها تعدداً مادياً بسيطاً فقد ذهبنا الى مسايرة الفقه في القول بتحريك الدعوى عن الجريمة التي لا تتوقف على شكوى دون جريمة زنا الزوجية.
أما اذا كانت التعدد تعدد مادي غير قابل للتجزئة رأينا عدم تأييد الآراء ألفقهيه التي قيلت في الموضوع وذهبنا الى عدم جواز تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة المرتبطة مع جريمة الزنا ارتباطاً لا يقبل التجزئة الا اذا تم تقديم الشكوى عن جريمة الزنا، لذلك دعونا المشرع الجزائي العراقي ان يتبنى نصاً في قانون الادعاء العام يوضح فيه هذه المسألة وان ينص على عدم جواز تحريك الدعوى الجزائية عن الجريمة المرتبطة بجريمة الزنا الا اذا تم تقديم الشكوى عن جريمة الزنا ذاتها.
الهوامش
[1] – إبراهيم سيد احمد، الارتباط المادي والمعنوي بين الجرائم فقهاً وقضاءً، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2003، ص9.
[2] – د. علي حسين الخلف، تعدد الجرائم و أثره في العقاب في القانون المقارن، ط1، دار الفكر العربي، مصر،1954، ص98-99.
[3]- إن دور أو سلطة الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية في التشريعات الجنائية يحكمها نظامان الأول يسمى نظام الشرعية والذي يحتم على الادعاء العام تحريك الدعوى الجزائية في حالة وقوع جريمة ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر من دون أن يشوبها مانع إجرائي على أن تكون أدلة الاتهام متوفرة ضد المتهم.
أما النظام الآخر فيُعرف بنظام الملائمة والذي لا يُلزم الادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية عن واقعة معينة على الرغم من توافر العناصر القانونية للواقعة ونسبتها إلى شخص معين مع عدم وجود مانع يحول دون تحريك الدعوى، وبذلك فان هذا النظام يُعطي الادعاء العام إمكانية التخلي عن إقامة الدعوى الجزائية على الرغم من إن ذلك ممكن قانوناً، أي إن هناك سلطة تقديرية ممنوحة للادعاء في تقدير ملائمة تحريك الدعوى للمصلحة العامة. د. نبيه صالح، الوسيط في شرح مبادئ الإجراءات الجزائية، ج1، منشاة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص180 –184 ؛ د. عبد الفتاح بيومي حجازي، سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بالا وجه لاقامة الدعوى الجنائية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006، ص142 ؛كذلك انظر في تفصيل هذان النظامان ومبرراتهما د. محمد عيد الغريب، المركز القانوني للنيابة العامة، دار الفكر العربي، 1979، ص343 وما بعدها. وتجدر الإشارة إلى إن جانب من الفقه يطلق على مبدأ الشرعية ” حتمية تحريك الدعوى الجنائية واستعمالها ” أما مبدأ الملائمة فهو ” ملائمة تحريك الدعوى الجنائية واستعمالها “. د. محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط2، دار النهضة العربية، 1988، ص107.
ومن التشريعات التي أخذت بنظام الشرعية هو قانون الإجراءات الجنائية الألماني الذي الزم ووفق المادة (152/2) الادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية بحيث جرده من أي سلطة تقديرية، وقد سايرت القانون الألماني العديد من القوانين منها القانون السويدي واليوناني والأسباني الذي اخذ بنظام الشرعية المطلقة إذ حتم على الادعاء العام تحريك الدعوى إذا توافرت العناصر القانونية للواقعة دون أن يُقدر مدى ملائمة الاتهام. انظر د. محمد عيد الغريب، المصدر السابق، ص351- 353.
وهناك تشريعات أُخرى أخذت – فيما يتعلق بدور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية – بنظام الملائمة كقاعدة مع وجود بعض الاستثناءات ومن هذه التشريعات، قانون الإجراءات الجنائية المصري إذ نص في المادة (1 / 1) على أن (تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها…..) ثم جاء النص في المادة (63) على (إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح، إن الدعوى صالحة لرفعها، بناء على الاستدلالات التي جمعت، تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة المختصة) أما المادة (61) فقد نصت (إذا رأت النيابة العامة أن لا محل للسير في الدعوى تأمر بحفظ الأوراق)، مما تقدم من النصوص نرى إن لهيئة الادعاء العام (النيابة العامة) في مصر الحرية في ملائمة تحريك الدعوى الجزائية فلها تحريك هذه الدعوى أو عدم تحريكها الذي يتمثل بالأمر بحفظ أوراق الدعوى. د. عبد الفتاح بيومي حجازي، مصدر سابق، ص146-147؛ كذلك د. نبيه صالح، مصدر سابق، ص187.
ومن التشريعات التي أخذت كذلك بنظام الملائمة، قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني وذلك في المواد (1 / 1 و53) وقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني.
أما فيما يتعلق بموقف المشرع العراقي فنرى انه قد اخذ بمبدأ الشرعية في هذا المجال حيث إن قانون الادعاء العام وفي المادة (7) منه قد الزم الادعاء العام بتحريك الدعوى الجزائية عندما فرض عليه النظر في شكاوى المواطنين المقدمة إليه أو المحالة عليه من الجهات المختصة ومتابعتها، أي إن قانوننا الجزائي قد اخذ بنظام الشرعية في هذا النطاق (دور الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية) وحسناً فعل ذلك إن الدعوى تُحرك وفق المادة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية من قبل المجني عليه ومن علم بوقوع الجريمة والادعاء العام، وان المجني عليه قد لا يقوم بتحريك هذه الدعوى لاعتبارات عديدة منها الخوف من بطش المتهم أو ذويه أما بالنسبة لمن علم بوقوع الجريمة فهو ايضاً قد يمتنع عن تحريك الدعوى لذلك فيبقى الواجب على الادعاء العام باعتباره ممثل حق الدولة في إيقاع العقاب.
[4] – د. محمد عبد اللطيف فرج، سلطة القاضي في تحريك الدعوى الجنائية، ط1، مطابع الشرطة للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2004، ص234- 235.
[5] – هناك العديد من التشريعات قد أعطت الحق بتحريك الدعوى الجزائية إلى جهات متعددة ويُعد الادعاء العام إحدى هذه الجهات ومن هذه التشريعات، التشريع العراقي ففيه الادعاء العام إحدى الجهات المحركة للدعوى الجزائية وهذا ما جاء في الفقرة (أ) المادة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ومن الاطلاع على نص المادة السابق نرى إن للادعاء هنا سلطة تقديرية أي انه يستطيع إن يحرك الدعوى أو يمتنع عن ذلك إلا إن الأمر لم يبقى كذلك بعد صدور قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1979 إذ نراه قد فرض على الادعاء النظر في شكاوى المواطنين المقدمة إليه أو المحالة عليه من الجهات المختصة ومتابعتها، كما أعطى قانون الإجراءات الجنائية اليمني لجهات متعددة إجراء تحريك الدعوى (المادة 23).
وهناك تشريعات أخرى قصرت الحق بتحريك الدعوى على الادعاء العام دون غيره إلا في الأحوال المبينة في القانون ومنها قانون الإجراءات الجنائية المصري (المادة 1) وقانون المسطرة الجنائية المغربي (الفصل 15،34) وقانون أصول المحاكمات الجزائية السوري (المادة 1،10) والأردني (المادة 11،2) واللبناني (المادة6) وقانون أصول الإجراءات الجزائية الفلسطيني (المادتين 1و2).
[6] – د. نبيه صالح، مصدر سابق، ص224 ؛ د. مأمـون محمد سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، ط2، مكتبة القاهرة الحديثة،1973، ص80 ؛ د. ادوار غالي ألدهبي، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة،1980، ص77 ؛ د. حسن صادق المرصفاوي، المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص72 ؛ د. آمال عبد الرحيم عثمان، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة،1975، ص53 ؛ د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، ط4، مطبعة نهضة مصر بالفجالة، 1962، ص68 ؛ د. محمود محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الثامنة، دار ومطابع الشعب، 1962 – 1963، ص70.
[7] – لقد جعل المشرع العراقي جريمة السب وجريمة السرقة الواقعة بين الأزواج أو بين الأصول والفروع من الجرائم التي لا تحرك الدعوى الجزائية فيها إلا بشكوى المجني عليه (المادة 3 الفقرة أ البند 2و3) من قانون أصول المحاكمات الجزئية.
[8] – للاطلاع على أسباب امتناع الادعاء العام في مصر عن تحريك الدعوى الجزائية (الأمر بحفظ الأوراق) انظر د. عبد الفتاح بيومي حجازي، مصدر سابق، ص 168وما بعدها.
[9] – د. عبد الفتاح بيومي حجازي، المصدر أعلاه، ص241.
[10] – د.عبد الفتاح بيومي حجازي، المصدر نفسه، ص239.
جاء في المادة (807) من تعليمات النيابة العامة (يجوز للنيابة رغم ثبوت الواقعة وتوافر أركان الجريمة أن تقرر حفظ الأوراق إذا اقتضت اعتبارات الصالح العام عدم تحريك الدعوى الجنائية قِبل المتهم، كما إذا كانت الواقعة قليلة الأهمية أو كان المتهم طالباً ولم يرتكب جرائم من قبل أو كان قد تصالح المتهم مع المجني عليه، ويعتمد ذلك كله علـى فطنة عضو النيابة وحسن تقديره، ويكون الحفظ في هذه الأحوال لعدم الأهمية، ويراعى فيه على المتهم بعدم العودة لمثل ذلك مستقبلاً). انظر عبد الفتاح بيومي حجازي، مصدر سابق، ص239.
[11] – د. عبد الفتاح بيومي حجازي، المصدر أعلاه، ص241.
[12] – د.اكرم نشـأت إبراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، ط1، مطبعة الفتيان، بغداد،1998، ص343.
[13] – د. علي حسين الخلف، مصدر سابق، ص105.
[14]- د. مأمون محمد سلامة، مصدر سابق، ص81 ؛ د.عمر السعيد رمضان، مبادئ قانون الإجراءات الجنائية، ج1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985، ص97.
[15]- د. مأمون محمد سلامة، مصدر سابق، ص81.
[16]- هذا الجواب مستفاد من كلام الدكتور مأمون سلامة إذ جاء بالقول انه لا يجوز للمحكمة إذا برأت المتهم من الجريمة ذات الوصف الأشد أن تحكم عليه في الجريمة ذات الوصف الأخف والتي يستلزم المشرع فيها الشكوى إلا إذا كانت هناك شكوى مقدمة، مصدر سابق، ص82.
[17]- د. نبيــه صـالح، مصدر سابق، ص 225.
[18]- د. مأمون محمد سلامة، مصدر سابق، ص82.
[19] – د. رؤوف عبيــد، مصدر سابق، ص68 ؛ د. آمـال عبـد الرحيم عثمان، مصدر سابق، ص53 ؛ د. حسن صادق المرصفاوي، مصدر سابق، ص72 ؛ د. ادوار غالي ألدهبي، مصدر سابق، ص78.
[20] – د. حسن صادق المرصفاوي، مصدر سابق، ص72-73.
[21]- د. عبـد الحميد الشـواربي، اثـر تعدد الجرائم في العقاب، دار الفكر الجامعي، الازاريطة، 1989، ص27.
[22] – د. رؤوف عبيد، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية، ج2، دار الفكر العربي، القاهرة، 1963، ص104 ؛ د. اكرم نشأت إبراهيم، مصدر سابق، ص340.
[23] – د. اكرم نشأت إبراهيم، مصدر سابق، ص340.
[24] – د. محمـود نجيب حسـني، مصدر سابق، ص397 -398.
[25] – د. علي حسين الخلف، مصدر سابق، ص79-80 ؛ د. عبد الحميد الشواربي، مصدر سابق، ص29.
[26]- حكم محكمة التمييـز فـي العـراق رقم 561 في 7- 5- 1974 النشـرة القضائية س5 ع2 ص222.
[27] – حكم محكمة التمييـز في العراق رقم 1249 في 18 – 4 – 1974 النشرة القضائية س5 ع2 ص320.
[28] – د. السعيد مصطفى السعيد، الأحكام العامة في قانون العقوبات، ط4، القاهرة، 1962، ص782.
[29] – د. مأمون محمد سلامة، مصدر سابق، ص80-81؛ د.عمر السعيد رمضان، مصدر سابق، ص97.
[30] – د. آمال عبد الرحيم عثمان، مصدر سابق، ص3.
[31] – د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات… مصدر سابق، ص68.
[32] – د. علي حسين الخلف و د. سلطان عبد القادر الشاوي، المباىء العامة في قانون العقوبات، بغداد، 1982، ص461 و 462.
[33] – اشترط المشرع العراقي لتحريك الدعوى عن جريمة زنا الزوجية شكوى المجني عليه أو من يقوم مقامه قانوناً. انظر المادة (3 ف أ البند1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي والمادة (378) من قانون العقوبات العراقي.
[34]- آمال عبد الرحيم عثمان، مصدر سابق، ص54 ؛ د. حسن صادق المرصفاوي، مصدر سابق، ص73.
[35] – د. مأمون سلامة، مصدر سابق، ص80 – 81.
[36] – أما بخصوص إمكانية تحريك الدعوى من أشخاص آخرين هم (المجني عليه ومن علم بوقوع الجريمة) في هذا الفرض فهو لا يُقلل من أهمية الموضوع إذ على المشرع أن يوعز إلى قاضي التحقيق و المحقق و المسؤول في مركز الشرطة و أعضاء الضبط القضائي بعدم اتخاذ أي إجراء عند ورود شكوى أو إخبار إليهم ممن أجاز أو فرض القانون عليه ذلك (المواد 1/أ و47و48 من قانون اصول المحاكمات الجزائية) ولم نتطرق لهذه المسألة لان موضوع بحثنا كان مقتصراً على دور الادعاء العام بهذا المجال.
[37] – د. كامل السعيد، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005، ص87.
[38] – د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات… مصدر سابق، ص68.
[39] – د. محمد علي سالم الحلبي، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005، ص38.
[40] – نقض مصـري 8 ديسمبر 1959 مجموعة أحكام محكمة النقض س10 رقم 204 ص992، أشار إليه د. كامل السعيد، مصدر سابق، ص88.
[41] – د. مأمون محمد سلامة، مصدر سابق، ص81-82.
[42] – د. رؤوف عبيد، مبادئ… مصدر سابق، ص67 ؛ د. كامل السعيد، مصدر سابق، ص86.
[43] – د. أدوار غالي ألدهبي، مصدر سابق، ص76.
[44]- نقض مصري 6/3/1933 مجموعة القواعد القانونية ج3 ق97 ؛ نقض مصري 13/2/1961احكام النقض س12 ق33، أشار إليه د. حسن المرصفاوي، مصدر سابق، ص74.
[45]- أما بالنسبة إلى تحريك الدعوى على الشريك عن جريمة الزنا فقد حسمها قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة (4 الفقرة ب) إذ نص علـى ما يأتي (… فلا تحرك الدعوى ضد الشريك ما لم تقدم الشكوى ضد الزوج الزاني أو الزوجة الزانية)
[46] – د. آمال عبد الرحيم عثمان، مصدر سابق، ص54.
[47] – د. حسن صادق المرصفاوي، مصدر سابق، ص74.
[48] – نقض مصري 13/2/1961 أحكـام النقض س12 ق33، أشـار إليه د. حسن المرصفاوي، مصدر سـابق، ص74.