دراسات قانونية
تطور تشريعات حماية الحقوق المتعلقة بالعلامات التجارية (بحث قانوني)
دراسة وبحث قانوني قيم حول تطور تشريعات حماية الحقوق المتعلقة بالعلامات التجارية
في ضوء الإلتزام بما وردت به الإتفاقيات الدولية
دكـتـــــور
حسن عبد الباسط جميعي
أستاذ و رئيس قسم القانون المدني
مدير مركز البحوث و الدراسات و التدريب
المحام بالنقض و المحكم الدولي
كلية الحقوق – جامعة القاهرة
تمهيد
نظم المشرع المصري حماية الحقوق الخاصة بالعلامات التجارية و البيانات التجارية بالقانون رقم 57 لسنة 1939 ولائحته التنفيذية و الذي تم تعديله على التوالي بالقوانين أرقام 453 لسنة 1953 , 569 لسنة 1954 , 205 لسنة 1956 و القانون رقم 69 لسنة 1959ثم صدر مؤخرا في الثاني من يونيو عام 2002 قانونا جامعا لحماية حقوق الملكية الفكرية تضمن الكتاب الثاني منه حماية العلامات التجارية و هو القانون رقم 82 لسنة 2002.
و على مستوى العالم العربي , أعد مركز التنمية الصناعية للدول العربية إيدكاسسنة 1975 قانون العلامات التجارية العربي الموحد الذي يحتوي على 13 بابا و تضمن 45 مادة في شكل قانون نموذجي.
و يعتبر هذا القانون النموذجي العربي بشأن العلامات التجارية خطوة يهتدى بها في سبيل توحيد قوانين العلامات التجارية في الدول العربية.
على أنه و على المستوى الدولي , فلقد أبرمت في 20 مارس 1883 إتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية و التي عدلت في بروكسل 1900 و في واشنطن 1911 , و في لندن 1934 , ثم في إستوكهولم 1967.
و بمقتضى هذه الإتفاقية يتمتع رعايا الإتحاد في كل بلد منضم إليها بالحقوق المقررة للمواطنين في هذا البلد , فضلا عن تقرير مبدأ الأسبقية و يقضي بأن كل من تقدم بطلب تسجيل علامة تجارية في إحدى دول الإتحاد فإنه يتمتع فيما يختص بالتسجيل في الدول الأخرى بحق أسبقية في خلال ستة شهور من تاريخ تقديم الطلب الأول.
و لقد جاءت إتفاقية تحرير التجارة “الجات G.A.T.T.” التي تولدت عنها إتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية و الإتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية التي عرفت بإسم “التريبس TRIPS” (ملحق 1/ج) لتضع ضوابط جديدة من أجل مزيد من الحماية لحقوق الملكية الذهنية,و التي إحتوت من بين بنودها بنودا خاصة بحماية العلامات التجارية.
ثم في جنيف و بتاريخ 27 أكتوبر 1994 قامت المنظمة العالمية للملكيـة الفكرية ( الوايبو ) بتحرير معاهدة قانون العلامات و لائحتها التنفيذيــة , و التي ورد نص المادة (20) منها بدخولها حيز التنفيذ بعد أن تودع خمس دول وثائق تصديقها أو انضمامها بثلاثة أشهر.
حماية الحقوق المتعلقة بالعلامات التجارية
في إتفاقية التريبس
كان موضوع حقوق الملكية الفكرية من أهم الموضوعات التي أدرجت ضمن جولة مفاوضات أوروجواي و ذلك بالرغم من وجود عدة إتفاقيات دولية لحماية حقوق الملكية الفكرية منذ قرن من الزمان. و يرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية و دول الإتحاد الأوربي قد أصرت على هذه المعالجة , و ذلك بهدف تقرير مستويات أعلى من الحماية لبراءات الإختراع و العلامات التجارية التي تتعرض للإعتداء من خلال التزوير و التقليد.
و يتكون ملحق إتفاقية التجارة المتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية “التريبس” من 73 مادة تتوزع على سبعة أجزاء على النحو الأتي:
الجزء الأول:و المعنون أحكام عامة و مبادئ أساسية(المواد من 1-8) و تعالج هذه المواد طبيعة و نطاق الإلتزامات و علاقة الإتفاقية بالمعاهدات السابقة المبرمة في شأن الملكية الفكرية و المعاملة الوطنية و المعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى بالرعاية و الأهداف و المبادئ.
الجزء الثاني: المعنون المعايير المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية و نطاقها و إستخدامهاو يعالج:
1-حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة (المادة من 9-14)
2-العلامات التجارية (المادة من 15-21)
3-المؤشرات الجغرافية (المادة 22-24)
4-النماذج الصناعية أو التصميمات الصناعية (المادة 25-26)
5-براءات الإختراع (المادة 27-34)
6-التصميمات التخطيطية و الرسومات الطبوغرافية و الدوائر المتكاملة (المادة 35-38)
7-حماية المعلومات السرية (المادة 39-40)
الجزء الثالث:المعنون إنفاذ حقوق الملكية الفكرية :و يعالج المواد من 41-61 :
1-الإلتزامات العامة (المادة 41)
2-الإجراءات و الجزاءات المدنية و الإدارية (المادة 42-49)
3-التدابير المؤقتة (المادة 50)
4-المتطلبات الخاصة فيما يتصل بالتدابير الحدودية (المادة 50-60)
5-الإجراءات الجنائية (المادة 61)
الجزء الرابع :و المعنون “إكتساب حقوق الملكية الفكرية و إستمرارها و ما يتصل بها من الإجراءات التي تؤثر في أطراف العلاقة” (المادة 62)
الجزء الخامس: و المعنون ” منع المنازعات و تسويتها “(المادة 63-64)
الجزء السادس :و المعنون “الترتيبات الإنتقالية” (المادة 65-67)
الجزء السابع :و المعنون ” الترتيبات المؤسسة و الأحكام النهائية”(المادة 68-73)
الفصل الأول
ماهية العلامة التجارية
ورد نص المادة الخامسة عشر من اتفاقية التريبس في تحديد المقصود بالعلامة التجارية القابلة للحماية بأنه :” تعتبر أي علامة أو مجموعة علامات تسمح بتمييز السلع و الخدمات التي تنتجها منشأة ما عن تلك التي تنتجها المنشآت الأخرى صالحة لأن تكون علامة تجارية…. ” . و قد استكملت ذات المادة تحديد المقصود بالعلامات التجارية لتحديد ما يصلح من الحروف أو الإشارات أن يعتبر علامة تجارية , بأن : ” و تكون هذه العلامات لا سيما الكلمات التي تشمل أسماء شخصية و حروفا و أرقاما و أشكالا و مجموعات ألوان و أي مزيج من هذه العلامات , مؤهلة للتسجيل كعلامات تجارية . و حين لا يكون في هذه العلامات مما يسمح بتمييز السلع و الخدمات ذات الصلة , يجوز للبلدان الأعضاء أن تجعل صلاحية التسجيل مشروطة بالتمييز المكتسب من خلال الاستخدام . كما يجوز لها اشتراط أن تكون العلامات المزمع تسجيلها قابلة للإدراك بالنظر , كشرط لتسجيلها.”.
وفي ضوء ما استقرت عليه الاتفاقيات الدولية الملزمة لمصر و ما تم الإطلاع عليه من تشريعات مقارنة فلقد ورد نص المادة الثالثة و الستون من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري الجديد و الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002 في الثاني من يونيو 2002 بتحديد المقصود بالعلامة التجارية على النحو التالي : ” العلامة التجارية هي كل ما يميز منتجا سلعة كان أو خدمة عن غيره ..” و لقد استطرد نص هذه المادة و إلى نهايته في عرض الأمثلة على الأشكال و الرسوم و الحروف التي استقر التشريع و الفقه و القضاء في مصر على اعتبارها من العلامات التجارية .
كذلك قد جاء في النص السابق تحديد أوجه الاستخدام التي يعد استعمال العلامة التجارية فيها شرطا من شروط اعتبارها علامة تجارية مميزة بين السلع أو الخدمات . وبالإضافة إلى ما تقدم و ما ورد بصدر هذه المادة من اعتبار العلامة محل حماية – و بغض النظر عما إذا كانت علامة منتجات أو علامة خدمات – فإن النص قد ورد صراحة أيضا على تحديد أن استخدام العلامة للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات و متى ما كانت مميزة للخدمة حاملة العلامة عن غيرها من الخدمات يعد استكمالا لهذا الشرط من الشروط اللازمة لاعتبار العلامة من العلامات التجارية محل الحماية بموجب القانون .
و أخيرا و في جميع الأحوال اشترط النص السالف : “أن تكون العلامة مما يدرك بالبصر “.
هذا و الغرض من وجود العلامة التجارية و تسجيلها هو :
أولا :تمييز المنتجات من السلع أو الخدمات التي ينتجها أو يقدمها أحد المنتجين أو التجار عن منتجات أو خدمات المنتجين أو التجار أو مقدموا الخدمة الآخرين , بالإضافة إلى ما تقوم به العلامة التجارية في جذب العملاء و لفت إنتباههم إلى صاحب العلامة التجارية و ما يوزعه من بضائع أو يقدمه من خدمات , بالإضافة إلى مساعدة العملاء في التعرف على السلع و البضائع و الخدمات لتفادي حدوث خلط مع المنتجات أو الخدمات المماثلة .
ثانيا : و حينما يستخدم المنتج علامة لتمييز البضائع التي ينتجها فإن العلامة تعرف حينئذ بعلامة المنتج .
ثالثا: أما حينما تستخدم المنشآت التجارية علامة لتمييز الخدمات التي تؤديها للجمهور و تسمى بعلامة الخدمة مثل الخدمات التي تؤديها محطات البنزين shell أو شركات الطيران SAS أو TWA , و المنشآت السياحية و غيرها من المنشآت.
و في الحقيقة فإنه لا توجد أهمية عملية للتفرقة بين هذه العلامات في ظل القانون المصري , حيث أن المشرع قرر الحماية القانونية لهذه العلامات على إختلاف أنواعها متى ما توافرت الشروط اللازمة لوجودها . فبالإضافة إلى ما ورد في المادة 63 من القانون المصري الجديد من المساواة بين علامات السلع و الخدمات في تحديد المقصود بالعلامة التجارية , فإن المادة 69 من ذات القانون قد ورد نصها بتعريف العلامة التجارية الجماعية و ذلك على ما يأتي : ” تستخدم العلامة التجارية الجماعية لتمييز منتج ينتجه مجموعة من الأشخاص ينتمون إلى كيان معين و لو كان لا يملك بذاته منشأة صناعية أو تجارية . و يقدم طلب تسجيل العلامة بواسطة ممثل هذا الكيان . ” .
و هكذا يتضح أن العلامات التجارية ليست مجرد إشارة تحملها السلع و الخدمات لتجنب الخلط بينها و بين سلع و خدمات مماثلة , و لكنها تعتبر أيضا في حالات كثيرة شهادة للجودة و مؤشر السمعة التي تكتسبها المنتجات , و هو ما يعني أن تقليد أو تزوير العلامات يعود بالضرر أيضا على المستهلك الذي قد يقبل على شراء سلعة أو طلب خدمة ما يثق في جودتها و كفاءتها , بينما لا تتعدى هذه أن تكون مجرد تقليد رديء للسلعة الأصلية , و لكن تحمل نفس الإسم و العلامة التجارية , أو علامة مشابهة لها إلى حد التطابق , الأمر الذي يؤدي إلى إفساد سمعة الشركة مالكة العلامة و تضليل المستهلك في ذات الوقت .
الفصل الثاني
الأشكال و الصور التي تتخذها العلامات التجارية :
ورد نص المادة 63 من القانون المصري الجديد (الكتاب الثاني)([1]) و على نحو ما ذكرنا آنفا ببيان العديد من الصور التي يمكن أن تتخذها العلامة التجارية فجاء النص بأن:-“العلامة التجارية هي كل ما يميز منتجا سلعة كان أو خدمة عن غيره , و تشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا مميزا , و الإمضاءات , و الكلمات , و الحروف , و الأرقام , و الرسوم , و الرموز و عناوين المحال , و الدمغات و الأختام , و التصاوير , و النقوش البارزة , و مجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصا و مميزا , و كذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي , أو إستغلال زراعي , أو إستغلال للغابات , أو لمستخرجات الأرض , أو أية بضاعة , و إما للدلالة على مصدر المنتجات , أو البضائع , أو نوعها , أو مرتبتها , أو ضمانها , أو طريقة تحضيرها و إما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات .
و في جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرك بالبصر”.
و يلاحظ أن هذا التعداد قد ورد في نص المادة سالفة الذكر على سبيل المثال لأن نص هذه المادة قد ورد به صراحة بأن ما تم ذكره ليس إلا على سبيل الخصوص , مما يعني أن العلامة يمكن أن تتخذ أي شكل آخر طالما توافرت أركانها و شروطها .
و يعد ما تقدم مطابقا لما أقرته إتفاقية باريس الدولية المنعقدة بتاريخ 20 مارس 1883وفقا لما ورد في مادتها الأولى فقرة (3) و التي جاءت بأنه ” تؤخذ عبارة الملكية الصناعية بأوسع معانيها , فلا يقتصر تطبيقها على الصناعات و التجارة بالمعنى الدقيق , بل تشمل الأمور المتعلقة بالصناعات الزراعية و الإستخراجات و جميع المنتجات الصناعية أو الطبيعية كالنبيذ و الحبوب و أوراق التبغ و الفواكه و المواشي و المعادن و المياه المعدنية و البيرة و الزهور و الدقيق”
و في ذات المعنى جاء نص المادة (15) من إتفاقية التريبس بتعداد على سبيل المثال للصور التي يمكن أن تتخذها العلامة حيث ورد به أنه ” تعتبر أي علامة أو مجموعة علامات تسمح بتمييز السلع و الخدمات التي تنتجها منشأة ما عن تلك التي تنتجها المنشآت الأخرى صالحة لأن تكون علامة تجارية …..و تكون هذه العلامة و لا سيما الكلمات التي تشمل أسماء شخصية و حروفا و أرقاما و أشكالا و مجموعات ألوان و أي مزيج من هذه العلامات صالحة للتسجيل كعلامات تجارية …”
و يستفاد بطبيعة الحال من هذا النص أن الإتفاقية قد وسعت من نطاق الحماية للعلامات التجارية من مجال السلع فقط – و كما ورد في إتفاقية باريس- لتشمل الخدمات أيضا .
و يلاحظ من ناحية أخرى أن نص المادة 63 من القانون الجديد قد تطلب في العلامة أن تكون مما يمكن إدراكه بالبصر أي أنه إستبعد العلامات السمعية أو التي يمكن إدراكها بحاسة الشم .
و مع ذلك فإن القانون ومن بعده اللائحة التنفيذية (تحت الإعداد) لم تعرض للعلامات المجسمة مما دفع البعض إلى تصور أن القانون لم يعالجها إلا أننا نعتقد أن التعريف الواسع للعلامة التجارية يسمح بقبول العلامات المجسمة ذات الأبعاد الثلاثية و هو ما سيسفر عنه التطبيق و ما تستقر عليه أحكام القضاء .
هذا و يمكننا إجمال صورة العلامات التجارية كما أوردتها المادة 63 من القانون المصري الجديد و المادة الخامسة عشر من إتفاقية التريبس فيما يلي :
1-الأسماء التي تتخذ شكلا مميزا :
لا بد و أن تتخذ الأسماء شكلا مميزا حتى يمكن إعتبارها علامة تجارية و صناعية فلا تعتبر الأسماء الشخصية المجردة من أي تمييز كذلك , لأن العلامة التجارية وظيفتها تمييز السلعة أو الخدمة عن غيرها .
فإذا إستخدم الإسم كعلامة تجارية بشرط إتخاذه شكلا مميزا فإنه يمنع الغير من حمل ذات الإسم أو إستعماله .
و يتم تمييز الإسم بأن يكتب داخل إطار معين أو يتم تلوين الحروف بألوان تعطي شكلا مميزا أو أن يكتب بخط مميز مثل علامة شركة فورد أو بيجو , كذلك قد تأخذ العلامة صورة توقيع صاحب المنشأة بشرط أن يسمح ذلك بتمييز المنشأة عن غيرها بغير خلط أو لبس .
2-إستخدام الحروف و الأرقام كعلامة تجارية :
و من أمثلة ذلك العلامات الخاصة بالعطور التي تتكون من أرقام مثل 555 أو مثل مشروب 7.UP و من أمثلة ذلك أيضا العلامات التي تتكون من حروف كعلامة سيارات B.M.W أو أجهزة NEC .
3-إستخدام الرموز و الصور و النقوش و الرسوم كعلامة تجارية :
و من أمثلة ذلك إستخدام رمز الصقر كما هو الحال بالنسبة لشركة مصر للطيران أو صورة الموناليزا لتمييز نوع من أنواع الحلوى أو أي رسم لتمييز السلعة أو الخدمة حتى لا تختلط تلك السلعة أو الخدمة بغيرها .
4-إستخدام الدمغات و النقوش و الأختام كعلامات تجارية :
و ذلك في نفس السياق السابق متى كانت تلك النقوش أو الأختام مميزة للسلعة أو الخدمة عن غيرها من السلع و الخدمات .
الفصل الثالث
شروط تمتع العلامة التجارية بالحماية القانونية
لما كان الهدف من العلامة التجارية هو تمييز السلع أو الخدمات , فلابد أن تتخذ طابعا مميزا في أصالتها و أن تكون جديدة , حتى لا يحدث بينها و بين العلامات الأخرى لبس أو تضليل فتفقد وظيفتها في التمييز بين السلع و الخدمات , كذلك يجب أن تكون العلامة مشروعة غير مخالفة للنظام العام و الآداب .
1-إشتراط أن تكون العلامة جديدة :
و المقصود بكون العلامة جديدة هو ألا يكون قد تم إستعمالها من جانب منتج أو مقدم خدمة آخر .
على أن الجدة و الأصالة على العلامات التجارية هى حقوق نسبية لأن حق إحتكار و الإستئثار بإستغلال العلامات المميزة المقررة لصاحبها لا يمنع الغير من إستعمال نفس العلامة المميزة لتمييز نوع أخر من السلع و الخدمات .
و هكذا تعتبر جدة العلامة نسبية من حيث الزمان حيث يجوز إستعمال علامة سبق إستعمالها من شخص آخر ترك هذا الإستعمال فترة طويلة بما يسقط حقه في إستعمالها أو حينما تنتهي مدة الحماية القانونية المترتبة على تسجيله للعلامة.
هذا و تعد جدة العلامة نسبية من حيث المكان (مبدأ إقليمية العلامة) حيث لا تمتد حماية العلامة إلى خارج نطاق الإقليم الذي يتم تسجيل العلامة فيه , و مع ذلك فإن نسبية المكان يستثنى منها ما يلي :
أولا:ما وردت به أحكام الإتفاقيات الدولية التي تكفل لرعايا الدول المتعاقدة حماية علاماتهم في بلد كل منها و من ذلك بصفة خاصة إتفاقية باريس .
ثانيا :ألا ينسب لمستخدم العلامة غش أو سوء نية بقصد تضليل الجمهور.
2-شرط تميز العلامة :
و مقتضى هذا الشرط أن تكون العلامة مميزة أي لها خصائص و مميزات ذاتية , في المادة (15) من إتفاقية باريس . و بالإضافة إلى ما تقدم فلقد ورد هذا الشرط في المادة 63 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 و في المادة 67 من ذات القانون و التي وردت فقرتها الأولى بأنه لا تسجل كعلامة تجارية أو كعنصر منها ما يلي : ” 1-العلامات الخالية من أية صفة مميزة أو المكونة من علامات أو بيانات ليست إلا التسمية التي يطلقها العرف على المنتجات أو الرسم أو الصور العادية لها ” .
و يستفاد من هذا النص أن الشكل المميز للعلامة لا يقع تحت حصر طالما إتخذت العلامة شكلا يميزها عن غيرها و يمنع الخلط أو اللبس بشأن ما تميزه من سلع أو خدمات.
3-مشروعية العلامة :
و المقصود بذلك ألا تخالف العلامة نصا قانونيا أو تخالف النظام العام و الآداب , و قد ورد نص المادة السابعة و الستون من قانون حماية الملكية الفكرية الجديد ( الكتاب الثاني و الخاص بالعلامات التجارية و النماذج و الرسوم الصناعية ) أن العلامات التي لا تسجل كعلامات تجارية أو كعنصر من عناصرها, و بالتالي لا تتمتع بالحماية القانونية العلامات هي كالآتي :
1-العلامات المخلة بالنظام العام أو بالآداب العامة.
2-الشعارات العامة و الأعلام و غيرها من الرموز الخاصة بالدولة أو بالدول الأخرى أو المنظمات الإقليمية أو الدولية , و كذلك أي تقليد لها .
3 – العلامات المطابقة أو المشابهة للرموز ذات الصبغة الدينية البحتة.
4- رموز الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو غيرها من الرموز المشابهة و كذلك العلامات التي تكون تقليدا لها.
5- البيانات الخاصة بدرجات الشرف التي لا يثبت طالب التسجيل حصوله عليها.
6-العلامات و المؤشرات الجغرافية التي من شأنها أن تضلل الجمهور أو تحدث لبسا لديه أو التي تتضمن بيانات كاذبة عن مصدر المنتجات من السلع أو الخدمات أو عن صفاتها الأخرى , و كذلك العلامات التي تحتوي على بيان إسم تجاري وهمي مقلد أو مزور.
الفصل الرابع
الحقوق المترتبة على ملكية العلامة التجارية
ورد نص الفقرة الأولى من المادة 16 من اتفاقية التريبس بأنه : “يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق في منع جميع الأطراف الثالثة التي تحصل على موافقة صاحب العلامة من إستخدام العلامة ذاتها أو علامة مماثلة في أعمالها التجارية بالنسبة للسلع و الخدمات ذاتها أو المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها العلامة التجارية حين يمكن أن يسفر ذلك الإستخدام عن إحتمال حدوث لبس . و يفترض إحتمال حدوث لبس في حالة إستخدام علامة تجارية مطابقة بالنسبة لسلع أو خدمات مطابقة . و يحظر أن تضر الحقوق الموصوفة أعلاه بأية حقوق سابقة قائمة حاليا , أو أن تؤثــر في إمكانية منح البلدان الأعضاء حقوقا في العلامات التجارية على أساس الإستخدام .”
و لقد وردت نصوص المادتين113 و 114 من القانون المصري الجديد بتنظيم حق مالك العلامة في منع الغير من استخدامها بغير حق أو من تقليدها أو تزويرها .كذلك نظمت هاتين المادتين حظر استعمال تلك العلامات أو بيعها أو عرضها للبيع أو التداول أو حيازتها بقصد البيع متى ما كانت مصاحبة أو موضوعة على منتجات (سلع و خدمات ) بغير وجه حق أو كانت مقلدة أومزورة و كان المخالف عالما بذلك . كذلك فلقد نظم المشرع في هاتين المادتين العقوبات الجنائية على المخالفات السابقة , بينما نظم المشرع في المادة 115 سلطة الإختصاص بالأمر بالإجراء التحفظي الذي يمنع من الإستمرار في الإعتداء على العلامة و حتى يتم رفع الدعوى الموضوعية أو الدعوى الجنائية بشأن الإعتداء على العلامة و لحين الفصل فيهما أو في أيهما .
هذاو يتصل بحق مالك العلامة التجارية في الإستئثار بها و ما يتعلق بذلك من حق معنوي و حق مالي أنه يصبح وحده صاحب الحق في الترخيص للغير باستعمال العلامة على كل أو بعض المنتجات التي تسجل عنها العلامة أو يتقرر الحق فيها بدون تسجيل كما هو بشأن العلامات المشهورة .
و في هذا الصدد فقد ورد نص المادة 95 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري الجديد ( الكتاب الثاني ) بأنه :” لمالك العلامة أن يرخص لشخص أو أكثر طبيعي أو إعتباري باستعمال العلامة على كل أو بعض المنتجات المسجلة عنها العلامة , و لا يحول الترخيص للغير دون استعمال مالك العلامة لها ما لم يتفق على غير ذلك . ” . على أنه و حتى يضمن المشرع عدم تعسف مالك العلامة في استعمال حقه فقد قيد سلطته في إنهاء عقد الترخيص أو عدم تجديده بأنيكون ذلك قائما على أسباب مشروعة .
الفصل الخامس
أثر تسجيل العلامات التجارية في توفير الحماية القانونية لها
حدد المشرع المصري كما سبق بيانه مهتديا في ذلك ورد به نص المادة (15) من إتفاقية التريبس بتحديد الشروط الواجب توافرها في العلامة حتى تتمتع بالحماية و هو ما يتيح بالتالي إمكانية تسجيلها لضمان هذه الحماية لها .
و الهدف من التسجيل هو إيجاد وسيلة وقائية لحماية الملكية , حيث أن التسجيل يهدف إلى إعلام الغير بوجود العلامة ليمتنع عن إستعمالها أو إغتصابها .
إن التسجيل يعد قرينة على الأسبقية في استعمال العلامة , لذلك فإنه إذا تم التسجيل بحسن نية و استمر استعمال العلامة استعمالا هادئا لمدة خمس سنوات فإن هذا التسجيل يعد منشئا لحق الملكية . و لقد ورد في ذلك صراحة نص المادة 65 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري الجديد (الكتاب الثاني) بأنه “يعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكا لها متى اقترن ذلك باستعمالها خلال الخمس سنوات التالية للتسجيل , ما لم يثبت أن أولوية الاستعمال كانت لغيره , و يحق لمن كان أسبق إلى استعمال العلامة ممن سجلت باسمه الطعن ببطلان التسجيل خلال الخمس سنوات المذكورة .
و مع ذلك يجوز الطعن ببطلان تسجيل العلامة دون التقيد بأي مدة متى إقترن التسجيل بسوء نية”
هذا و التسجيل بما يحققه من إستئثار لصاحب العلامة التجارية يضفي على العلامة المسجلة الحماية الجنائية و المدنية التي قررها المشرع , إذ إعتبر المشرع كل من زور أو قلد أو إغتصب العلامات المسجلة جريمة جنائية ووضع لها عقوبة .
أخيرا فإنه لا يحتج بالتصرفات التي ترد على العلامة على غير المتعاقدين , إلا إذا كانت العلامة مسجلة و تم نشرها بجريدة العلامات التجارية .
و سنتولى فيما يلي إيضاح بعض النقاط الهامة و ذلك على النحو التالي :
1-أصحاب الحق في تسجيل العلامات التجارية .
2-مدة حماية العلامة التجارية .
3-الآثار المترتبة على تسجيل العلامة .
4-التسجيل الدولي وفقا لما وردت به نصوص إتفاقية مدريد .
1-أصحاب الحق في تسجيل العلامات التجارية في مصر:
كان نص المادة الرابعة من قانون العلامات التجارية السابق قد ورد بتحديد الأشخاص الذين يحق لهم حق تسجيل علامتهم في مصر كما يأتي :
1-كل صاحب مصنع أو تاجر مصري الجنسية .
2-كل صاحب مصنع أو منتج أو تاجر مقيم بمصر أو له فيه محل حقيقي.
3-كل صاحب مصنع أو منتج أو تاجر ينتمي لبلاد تعامل مصر معاملة المثل أو يقيم بها أو له فيها محل حقيقي .
4-الجمعيات أو جماعات أرباب الصناعات أو المنتجين أو التجار التي تكون مؤسسة في مصر أو إحدى البلاد المذكورة آنفا إذا كان يمكن إعتبارها متمتعة بالأهلية المدنية.
5-المصالح العامة , فيجوز تسجيل العلامات التي تضعها مثلا مصلحة السجون أو المدارس الصناعية أو الزراعية أو المعاهد المهنية متى كانت تقوم بإنتاج سلع أو بضائع و بيعها للجمهور.
6-الأشخاص و الجمعيات .
و لم يرد بالقانون الجديد مثل هذا التعداد الحصري للأشخاص الذين يجوز لهم التقدم لتسجيل العلامات التجارية , و هو ما يفهم منه أن المشرع في القانون الجديد الصادر عام 2002 قد فتح الباب أمام كل صاحب علامة تجارية للتقدم بطلب تسجيل علامته طالما توفرت في الطلب المقدم و في الطالب الشروط و الخصائص التي أوردها المشرع في نصوص القانون .
و بالرغم من ذلك فإن القانون الجديد و في نص المادة 66 قد وضع المبدأ العام في تحديد أصحاب الحق بالتقدم بطلب لتسجيل العلامات التجارية مراعيا في ذلك حقوق الأجانب و ما وردت به نصوص الإتفاقيات الدولة . لهذا فقد جاء نص المادة 66 بما يلي:
“مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية النافذة في جمهورية مصر العربية يكون لكل شخص طبيعي أو اعتباري من المصريين أو من الأجانب الذين ينتمون أو يتخذون مركز نشاط حقيقي أو فعال لهم في إحدى الدول أو الكيانات الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أو التي تعامل جمهورية مصر العربية معاملة المثل الحق في التقدم إلى مصلحة التسجيل في جمهورية مصر العربية و ما يترتب على ذلك من حقوق طبقا لأحكام هذا القانون بطلب تسجيل علامة تجارية .
و يستفيد مواطنو جميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية من أي ميزة أو أفضلية أو إمتياز أو حصانة يمنحها أي قانون آخر لرعاية أي دولة فيما يتعلق بالحقوق المنصوص عليها في هذا الباب , ما لم تكن هذه الميزة أو الأفضلية أو الحصانة نابعة من :
أ. إتفاقيات المساعدة القضائية أو إتفاقيات إنفاذ القوانين ذات الصبغة العامة .
ب. الإتفاقيات المتعلقة بحقوق حماية الملكية الفكرية و التي أصبحت سارية قبل أول يناير سنة 1995”
و بالإضافة إلى ما تقدم فلقد ورد نص المادة (37) من القانون القديم و نص المادة 70 من القانون الجديد بأن للأشخاص و الجمعيات (سواء أكانت لهم صبغة صناعية أو تجارية أو لم تكن) الذين يتولون مراقبة منتجات معينة أو فحصها فيما يختص بمصدرها أو عناصر تركيبها أو طريقة صنعها أو صفاتها أو حقيقتها أو أية خاصة أخرى لها تسجيل علامة تكون مخصصة للدلالة على إجراء المراقبة أو الفحص و ذلك عندما يرى الوزير المختص في الترخيص تحقيقا لمصلحة عامة و تسمى هذه العلامة “علامة الخدمة”.
كذلك فإن العلامة الجماعية هي علامة تستعملها عدة مشروعات إقتصادية تباشر نوعا معينا من المنتجات لبيان نوع المنتجات أو مصدرها و حينما يجمع بين هذه المشروعات إتحاد أو نقابة أو مؤسسة حينما يرتبط أعضائها بمصالح مشتركة .
هذا و يعد التشريع المصري متوافقا بما نظمه في شأن تسجيل العلامات الجماعية لما ورد في نص المادة السابعة مكرر من إتفاقية باريس من إجازة قيام الهيئات الأجنبية بإيداع علامة جماعية للتسجيل في مصر .
2-مدة الحماية القانونية المقررة للعلامة التجارية :
تتمتع العلامة التجارية في مصر بالحماية القانونية لمدة عشر سنوات من تاريخ تقديم طلب التسجيل . و يمكن لصاحب العلامة طلب إستمرار أو إمتداد الحماية لمدد جديدة و ذلك بتقديم طلب بالتجديد في خلال السنة الأخيرة و ذلك وفقا للأوضاع و الشروط المنصوص عليها في المادة 90من القانون الجديد (و المقابل لنص المادة 21 من قانون العلامات التجارية الملغي بموجب القانون الجديد) .
و تأتي فيما تقدم نصوص القانون المصري متوافقة مع ما ورد به نص المادة 18من إتفاقية التريبس بما يفيد أن تكون مدة الحماية المقررة للعلامة المسجلة سبع سنوات كحد أدنى على أن تجدد لمدة مماثلة عند الطلب مع ملاحظة أن يكون تسجيل العلامة التجارية قابلا للتجديد دوما .
هذا و يترتب على عدم تجديد التسجيل كما تقدم شطب العلامة , و يلاحظ في هذا الصدد أن هذا الشطب قد يكون إداريا أو كما قد يكون قضائيا .
أما بالنسبة للشطب الإداري فتقوم إدارة العلامات التجارية بشطب التسجيل من تلقاء نفسها , إذا لم يقدم صاحب أو مالك لعلامة طلب تجديد خلال الستة أشهر التالية لتاريخ إنتهاء مدة العشر سنوات وفقا لما وردت به المادة 90 من قانون العلامات المصري .
أما الشطب القضائي فله ثلاثة حالات :
الحالة الأولى :- فهي حالة الشطب خلال السنوات الخمس الأولى التي يمكن لذي الشأن فيها اللجوء إلى القضاء ليقض له بشطب تسجيل العلامة التي تم تسجيلها بغير وجه حق و إعتداءا على حقوق الطاعن , و من ذلك أن يكون التسجيل قد تم لعلامة بالرغم من أن لها مالكا يستعملها قبل إجراء هذا التسجيل .
و في هذه الحالة إذا كان الشطب قد تم تنفيذا لحكم قضائي واجب النفاذ بعدم الأحقية في التسجيل جاز تسجيلها لصالح الغير فور الشطب (م 92/3) .
أما الحالة الثانية :- فهي مماثلة للحالة الأولى إلا أن الطعن فيها لا يتقيد بمدة متى ما أمكن للطاعن إثبات أن تسجيل العلامة قد تم بسوء نية , إذ يجوز الطعن ببطلان تسجيل العلامة في أي وقت (م 65/2) .
أما الحالة الثالثة :- فهي الحالة التي لم تستعمل فيها العلامة المسجلة بصفة جدية لمدة خمس سنوات متتالية فإن المشرع يجيز لكل ذي شأن أن يطلب من المحكمة شطب تسجيل هذه العلامة إلا إذا قام مالك العلامة بتقديم ما يبرر عدم إستعماله لها و من ذلك إثبات السبب الأجنبي أو القوة القاهرة وفقا لما ورد به القانون القانون الجديد .فإذا ما قضت المحكمة بشطب تسجيل العلامة فإنه يجوز إعادة تسجيلها خلال الثلاث سنوات التالية لتاريخ الشطب و لكن لصاحــبها دون غيره طبقا للأوضاع و بذات الإجراءات المقررة للتسجيل (م 92 من القانون الجديد) , و يجوز بعد فوات الثلاث سنوات التالية للشطب لصاحب العلامة و لغيره أن يطلب تسجيل العلامة عن ذات المنتجات طبقا للأوضاع و بذات الإجراءات و الرسوم المقررة للتسجيل أول مرة (م 92/2)
و يرد ما تقدم متفقا مع ما ورد في إتفاقية التريبس من جواز إلغاء تسجيل العلامات التجارية إذا لم يتم إستعمالها لمدة ثلاث سنوات متصلة بشرط ألا يكون هناك عائق قهري يمنع الإستعمال و بصفة خاصة القيود التي تفرضها حكومات الدول الأعضاء , و من ذلك قيود الإستيراد المفروضة على السلع و الخدمات التي تحميها العلامة التجارية المعنية .
3-الآثار التي تترتب على تسجيل العلامة :
إن تسجيل العلامة لا يعني تقرير الحق في ملكيتها إلى من تم التسجيل لمصلحته إذ أن الحق في العلامة يبقى لمالكها الحقيقي متى ثبت أن هناك شخص آخر كان أسبق إلى إستعمال العلامة حيث يتاح له أن يطعن على التسجيل و يحصل على حكم بشطبه , و في هذه الحالة يتاح لمالك العلامة الحقيقي (الأسبق في الإستعمال) أن يقوم بتسجيل العلامة بعد شطب تسجيل من إعتدى على ملكيته لها .
و يلاحظ في هذا الشأن أن المشرع قد فرق بين حالتين :
أما الحالة الأولى فهي حالة تسجيل العلامة بسوء نية و فيها لا يترتب حق لمن تم التسجيل لمصلحته في مواجهة المالك الحقيقي و إنما يكون التسجيل مجرد قرينة على ملكيته للعلامة حتى يتمكن المالك الحقيقي من إثبات أسبقيته و إثبات سوء النية و يحصل على حكم بشطب التسجيل في أي وقت و لو تجاوز ذلك خمس سنوات من تاريخ التسجيل .
أما الحالة الثانية فهي حالة من قام بالتسجيل و إستخدم العلامة لمدة خمس سنوات بدون معارضة من مالكها الأصلي (الأسبق في الإستعمال) إذ بمضي هذه المدة يكتسب من تم التسجيل لمصلحته ملكية العلامة , و هو ما يمكن قياسه على إكتساب الملكية بالتقادم القصير في حالة وضع اليد بموجب سبب صحيح مكسب للملكية في العقارات على نحو ما ورد بالقانون المدني المصري .
و هكذا يترتب على تسجيل العلامة الكشف عن الحق الإستئثاري لمالك العلامة و الذي يتمتع بمقتضاه بالحماية القانونية لملكيتها الأدبية و تجريم تقليدها أو إستعمالها من غير مالكها طوال المدة القانونية (عشر سنوات في ظل القانون المصري الحالي) المقررة للحماية . و لقد نصت المادة 65 من القانون الجديد على أن يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكا لهامتى إقترن ذلك بإستعمالها خلال الخمس نوات التالية للتسجيل , ما لم يثبت أن أولوية الإستعمال كانت لغيره .
وخلاصة ما تقدم أن التسجيل هو الوسيلة التي قررها المشرع حتى يتمكن صاحب العلامة من التمتع بالحماية القانونية , إذ يعد التسجيل قرينة بسيطة على ملكية الشخص, ثم تتحول هذه القرينة إلى سبب مكسب للملكية إذا ما قام مالك العلامة بإستعمالها لمدة خمس سنوات إستعمالا هادئا و كان التسجيل قائما على أساس من حسن النية .
4- حماية العلامة المشهورة بدون حاجة إلى تسجيلها :
وردت نصوص معاهدة باريس 1967 و من بعدها إتفاقية التريبس بتقرير حماية العلامات المشهورة بدون إشتراط أي إجراء شكلي أو استخدام مسبق للعلامة . ففي هذا الشأن فقد ورد نص المادة 16/2 من إتفاقية التريبس و بالإحالة إلى المادة 6 ثانيا من معاهدة باريس (1967) بحماية العلامة المشهورة بغير حاجة إلى استلزام تسجيلها أو استخدامها في البلد العضو بالإتحاد أو بمنظمة التجارة العالمية.
و بالرجوع إلى نص المادة 6 ثانيا من معاهدة باريس نجد أنه قدورد بما يأتي :
” 1-تتعهد دول الإتحاد سواء من تلقاء نفسها إذا أجاز تشريعها ذلك , أو بناء على طلب صاحب الشأن , برف أو إبطال التسجيل و بمنع استعمال العلامة الصناعية أو التجارية التي تشكل نسخا أو تقليدا أو ترجمة يكون من شأنها إيجاد لبس بعلامة ترى الجهة المختصة في الدولة التي تم التسجيل أو الإستعمال أنها مشهورة باعتبارها فعلا العلامة الخاصة بشخص يتمتع بمزايا هذه الإتفاقية ومستعملة على منتجات مماثلة أو مشابهة , كذلك تسري هذه الأحكام إذا كان الجزء الجوهري من العلامة يشكل نسخا لتلك العلامة المشهورة أو تقليدا لها من شأنهن أن يثير لبس بها .”.
كذلك فقد ورد نص المادة 16 /2 من إتفاقية التريبس بأنه :
“2 -تطبق أحكام المادة 6 مكرر من معاهدة باريس (1967) , مع ما يلزم من تبديل , على الخدمات و عند تقرير ما إذا كانت العلامة التجارية معروفة جيدا , تراعى البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني , بما في ذلك معرفتها في البلد العضو المعني نتيجة ترويج العلامة التجارية .”.
و لقد ورد نص المادة 68 من القانون المصري الجديد في شأن حماية حقوق الملكية الفكرية مطابقا لنصوص الإتفاقيات الدولية السابقة , فقد جاء بمايأتي :
” يكون لصاحب العلامة التجارية المشهورة عالميا و في جمهورية مصر العربية حق التمتع بالحماية المقررة في القانون و لو لم تسجل في جمهورية مصر العربية .
و يجب على المصلحة أن ترفض من تلقاء نفسها أي طلب لتسجيل علامة مطابقة لعلامة مشهورة يتضمن استخدام العلامة لتمييز منتجات تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تمييزها , ما لم يكن الطلب مقدما من صاحب العلامة المشهورة .
ويسري الحكم المتقدم على كلبات التسجيل التي تنصب على منتجات لا تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تمييزها إذا كانت العلامة المشهورة مسجلة في إحدى الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية و في جمهورية مصر العربية و كان استخدام العلامة على المنتجات غير المماثلة من شأنه أن يحمل الغير على الإعتقاد بوجود صلة بين صاحب العلامة المشهورة و تلك المنتجات , و أن يؤدي ذلك الإستخدام إلى إلحاق ضرر بصاحب العلامة المشهورة .” .
5-نظام تسجيل العلامة دوليا :
تم إبرام إتفاقية مدريد الدولية بهدف تسهيل تسجيل العلامات التجارية في جميع الدول الأعضاء في الإتحاد الدولي لحماية حقوق الملكية الصناعية , و يتطلب للتسجيل الدولي في هذه الإتفاقية ما يلي من شروط :
1-أن يكون طالب التسجيل من رعايا إحدى الدول الموقعة على الإتفاقية ضمن الإتحاد المحدود (حيث يضم الدول الموقعة على إتفاقية باريس إتحاد يسمى الإتحاد العام).
2-أن يقوم الطالب بتسجيل العلامة في دولته الأصلية .
3-أن يقدم طلب التسجيل إلى المكتب الدولي لحماية الملكية الصناعية ببرن مستوفيا الشروط مثل إسم مالك العلامة , عنوانه , بيان السلع أو المنتجات التي تميزها العلامة , تاريخ التسجيل أو تجديده في الدولة الأصلية .
4-تسديد رسوم التسجيل الدولي , و يترتب على تسجيل العلامة دوليا تمتعها بالحماية في جميع دول الإتحاد المحدود . فإذا فقدت العلامة الدولية حمايتها في بلدها الأصلي فإنها تفقد الحماية الدولية .
و هكذا يمكن حماية العلامة التجارية إما بإيداع طلب تسجيل العلامة التجارية لدى إدارة العلامات التجارية في الدولة الأجنبية لتخضع هذه الحماية المحليــة لمعاهــدة باريس ( 1967) و لقانون الدولة التي تم تسجيل العلامة فيها , أو أن تتخذ إجراءات الحماية وفقا لإتفاقية مدريد و ذلك عن طريق التسجيل الدولي للعلامة التجارية .
الفصل السادس
نظم الحماية القانونية للعلامات التجارية و الصناعية
أولا :- الحماية الجنائية للعلامات التجارية :
بالنظر إلى رغبة المشرع في تحقيق الإستقرار الإجتماعي و الإستتباب الأمني و الإقتصادي و التجاري بين الأفراد بالإضافة إلى القضاء على أهم وسائل خداع المستهلكين , فقد وردت المادة (61) من إتفاقية التريبس بإلتزام الدول الأعضاء بفرض تطبيق الإجراءات و العقوبات الجنائية على الأقل في حالات التقليد المتعمد للعلامات التجارية المسجلة .
أما قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الجديد فقد وردت بالكتاب الثاني منه صور الحماية الجنائية كما يلي :
1-تجريم الإعتداء على العلامة التجارية :
و رد نص المادة (113) من القانون الجديد بأنه :-“مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في أي قانون آخر , يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين و بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه و لا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين :
1- كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقا للقانون أو قلدها بطريق تدعو إلى تضليل الجمهور .
2- كل من إستعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة .
3- كل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره .
4- كل من باع أو عرض للبيع أو التداول أو حاز بقصد البيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك
و في حالات العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهرين و الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه و لا تجاوز ألف جنيه .
و في جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة المنتجات محل الجريمة أو المبالغ أو الأشياء المتحصلة منها , و كذلك الأدوات التي إستخدمت في إرتكابها .
و يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تقضي بغلق المنشأة التي إستغلها المحكوم عليه في إرتكاب الجريمة مدة لا تزيد على ستة أشهر , و يكون الغلق وجوبيا في حالة العود”
كذلك فقد ورد نص المادة 114 من ذات القانون بأنه :-“مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في أي قانون أخر و يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر و بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه و لا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين :-
1- كل من وضع بيانا تجاريا غير مطابق للحقيقة على منتجاته أو محاله أو مخازنه أو بها أو على عناوينها أو على الأغلفة أو الفواتير أو المكاتبات أو وسائل الإعلام أو على غير ذلك مما يستعمل في عرض المنتجات على الجمهور .
2- كل من ذكر بغير حق على علاماته أو أوراقه التجارية بيانا يؤدي إلى الإعتقاد بحصول تسجيلها.
3- كل من إستعمل علامة غير مسجلة ففي الأحوال المنصوص عليها في الفقرات (2 , 3 , 5 , 7 , 8 ) من المادة 67 من هذا القانون .
4- كل من ذكر ميداليات أو دبلومات أو جوائز أو درجات فخرية من أي نوع كان على منتجات لا تتعلق بها أو على أشخاص أو أسماء لم يكتسبوها .
5- كل من إشترك مع آخر في عرض منتجات أو إستعمل لمنتجاته الخاصة المميزات التي منحت للمعروضات المشتركة ما لم يبين بطريقة واضحة مصدر تلك المميزات و نوعها .
6- كل من وضع على السلع التي يتجر بها – في جهة ذات شهرة خاصة في إنتاج سلعة معينة – مؤشرات جغرافية بطريقة تضلل الجمهور بأنها نشأت في هذه الجهة .
7- كل من إستخدم أية وسيلة في تسمية أو عرض سلعة ما توحي بطريقة تضلل الجمهور بأنها نشأت في منطقة جغرافية ذات شهرة خاصة على خلاف المنشأ الحقيقي لها .
8- كل منتج سلعة في جهة ذات شهرة خاصة في إنتاجها وضع مؤشرا جغرافيا على ما ينتجه من سلع شبيهة في مناطق أخرى يكون من شأنها أن توحي بأنها منتجة في الجهة المشار لها .
و في حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهر و الغرامة التي لا تقل عن أربعة آلاف جنيه و لا تجاوز عشرين ألف جنيه”
كذلك فإن قانون قمع الغش و التدليس رقم 281 لسنة 1994 في مصر قد ورد به نص المادة الأولى مشابها لنص المادة 33 من قانون العلامات التجارية رقم 57 لسنة 1939, إذ تعاقب هذه المادة بالحبس مدة لا تقل عن سنة و بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه و لا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق في أحد الأمور :
1-ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه .
2-حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة , و بوجه عام العناصر الداخلة في تركيبها .
3-نوع البضاعة أو منشأها أو أصلها أو مصدرها في الأحوال التي يعتبر فيها –بموجب الإتفاق أو العرف- النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا في التعاقد .
4-عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها .
و أخيرا فقد ورد نص المادة117 من القانون السالف الذكر بأنه :-“يجوز للمحكمة في أي دعوى مدنية أو جنائية أن تحكم ببيع الأشياء المحجوزة و التي تحجز فيما بعد أو إستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات أو الأمر بالتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة .
و تأمر المحكمة بإتلاف العلامات المخالفة , و يجوز لها – عند الإقتضاء – الأمر بإتلاف المنتجات أو البضائع أو عناوين المحال أو الأغلفة أو الفواتير أو المكاتبات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يحمل تلك العلامة أو يحمل بيانات أو مؤشرات جغرافية بالمخالفة لأحكام هذا الكتاب و كذلك إتلاف الآلات و الأدوات التي إستعملت بصفة خاصة في إرتكاب الجريمة .
و يجوز للمحكمة أيضا أن تأمر بنشر الحكم في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه .
و للمحكمة أن تأمر بكل أو ببعض ما سبق حتى في حالة الحكم بالبراءة “.
ثانيا :- الإجراءات التحفظية:
ورد نص المادة 115 من القانون الجديد بأنه:- “لرئيس المحكمة المختصة بأصل النزاع بناء على طلب كل ذي شأن , و بمقتضى أمر يصدر على عريضة , أن يأمر بإجراء أو أكثر من الإجراءات التحفظية المناسبة و على وجه الخصوص :
1- إثبات واقعة الإعتداء على الحق محل الحماية .
2- إجراء حصر و وصف تفصيلي للآلات و الأدوات التي تستخدم أو تكون قد إستخدمت في إرتكاب الجريمة و المنتجات أو البضائع أو عناوين المحال أو الأغلفة أو الفواتير أو المكاتبات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما تكون قد وضعت عليه العلامة أو البيان أو المؤشر الجغرافي موضوع الجريمة , و كذلك البضائع المستوردة من الخارج إثر ورودها.
3- توقيع الحجز على الأشياء المذكورة في البند 2 .
و لرئيس المحكمة في جميع الأحوال أن يأمر بندب خبير أو أكثر لمعاونة المحضر المكلف بالتنفيذ , و أن يفرض على الطالب إيداع كفالة مناسبة .
و يجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة المختصة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الأمر و إلا زال كل أثر له ”
و يقابل ذلك نص المادة (53) من إتفاقية التريبس على أن يكون للسلطات المختصة صلاحية أن تطلب من المدعى تقديم ضمانة أو كفالة معادلة تكفي لحماية المدعى عليه . كذلك فإن إتفاقية باريس أجازت إجراء الحجز عند إستيراد البضائع أو المنتجات من الخارج .
ثالثا:- الحماية المدنية للعلامات التجارية :
و يلاحظ أن هذه الحماية تشمل العلامات المسجلة و غير المسجلة و أنها تستند إلى نص المادة 163 من القانون المدني التي تقضي بأن “كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من إرتكبه بالتعويض”. هذا ويلاحظ أنه يجوز للمحكمة المدنية أن تحكم بمصادرة الأشياء المحجوزة أو التي تحجزها فيما بعد لإستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات أو التصرف فيها بأية طريقة تراها المحكمة مناسبة , كذلك يجوز للمحكمة المدنية أن تأمر بنشر الحكم في جريدة واحدة فأكثر على نفقة المحكوم عليه .
الفصل السابع
حماية العلامات التجارية على المستوى الدولي
أبرمت الكثير من الإتفاقيات الدولية و منها إتفاقية باريس لسنة 1883و المعدلة عام 1967 بهدف حماية الملكية الصناعيــة و مقاومة المنافسة غير المشروعة على المستوى الدولي . هذا و تعتبر إتفاقية باريس بمثابة الدستور الدولي لحماية العلامات التجارية بحيث لا يجوز أن تتعارض قوانين الدول الأعضاء مع ما ورد بها من مبادئ و قواعد . وهو ما أكدته أيضا إتفاقية التريبس في المادة 16 بشأن تطبيق أحكام المادة السادسة مكرر من معاهدة باريس 1967 مع ما يلزم من تبديل على الخدمات , و مع مراعاة ما يلزم من تبديل على السلع و الخدمات غير المماثلة لتلك كالتي سجلت بشأنها علامة تجارية, شريطة أن يدل استخدام تلك العلامة التجارية بالنسبة لتلك السلع أو الخدمات على صلة بين تلك السلع أو الخدمات و بين صاحب العلامة التجارية المسجلة , و شريطة أن تتضرر مصالح صاحب العلامة المسجلة من جراء ذلك الإستخدام .
و تقوم هذه الإتفاقية ( معاهدةباريس ) على المبادئ الآتية :
1-مبدأ المساواة بين رعايا دول الإتحاد و رعايا الدولة :
و في ذلك فقد ورد نص المادة الثانية من إتفاقية باريس بأن يتمتع رعايا كل دولة من دول الإتحاد في جميع الدول الأخرى للإتحاد فيما يتعلق بحماية الملكية الصناعية بالمزايا الممنوحة أو التي تمنحها في المستقبل قوانين تلك الدول لمواطنيها , و ذلك مع عدم الإخلال بالحقوق المنصوص عليها بصفة خاصة في هذه الإتفاقية .
2-مبدأ قبول تسجيل العلامات الأجنبية المسجلة في بلدها الأصلي:
ورد نص المادة السادسة من إتفاقية باريس بقبول تسجيل كل علامة تجارية أو صناعية مسجلة في بلدها الأصلي و منحها الحماية القانونية بالحالة التي هي عليها , و قصد بالبلد الأصلي أي بلد من بلدان إتحاد إتفاقية باريس يوجد فيه لطالب التسجيل مؤسسة تجارية أو صناعية فإن لم توجد هذه المؤسسة , فإن البلد الأصلي هو البلد الذي يوجد فيه لمقدم طلب التسجيل موطنا , فإن لم يوجد له موطن كان البلد الأصلي هو الذي ينتمي إليه بجنسيته إن كان من رعايا دولة من دول الإتحاد .
و مع ذلك يمكن رفض تسجيل العلامة التجارية في دول الإتحاد رغم تسجيلها في البلد الأصلي وفقا لما ورد بالمادة 6/2 من الإتفاقية :
· إذا كانت العلامة من طبيعة تتضمن إعتداء على الحقوق المكتسبة لشخص أخر سجلت العلامة بإسمه في البلد الذي تطلب حماية العلامة فيه .
· العلامات المجردة من أي طابع مميز .
· العلامات المخالفة للنظام العام و الأداب أو التي يمكن أن تؤدي إلى تضليل الجمهور.
3-مبدأ الأسبقية :
ورد نص المادة الرابعة من إتفاقية باريس بأن يتمتع كل من بطلب تسجيل علامة تجارية في إحدى دول الإتحاد و فيما يختص بالتسجيل في الدول الأخرى بحق الأسبقية في خلال ستة شهور من تاريخ تقديم الطلب الأول.
هذا و يعتبر مبدأ الأسبقية إستثناء من قاعدة المعاملة الوطنية التي تقضي بإحتساب مدة الحماية من تاريخ التسجيل في الدولة الأجنبية . و هكذا و يتمتع طالب التسجيل بالحماية من تاريخ أول طلب يقدم لتسجيل العلامة في إحدى دول إتحاد إتفاقية باريس .
4-مبدأ إستقلال العلامات :
ورد نص المادة 6/4 من إتفاقية باريس بأنه إذا سجلت العلامة طبقا للقواعد القانونية في بلدها الأصلي ثم سجلت في دولة أخرى من دول الإتحاد فتعتبر كل من هذه العلامات الأصلية مستقلة عن بعضها البعض من حيث تاريخ تسجيلها و تخضع لأحكام القانون الداخلي في كل بلد سجلت فيه . و يترتب على هذا أن عدم تجديد تسجيل العلامة في بلدها الأصلي لا يؤدي إلى زوال حمايتها في غيرها من دول الإتحاد .
الفصل الثامن
حماية العلامات التجارية في ضوء إتفاقية التريبس
تتمثل المبادئ الأساسية في إتفاقية التريبس فيما يلي :
أولا: – مبدأ الدولة الأولى بالرعاية :
ورد نص المادة الأولى من إتفاقية التجارة في السلع , و المادة الثانية من إتفاقية التجارة في الخدمات , و المادة الرابعة من إتفاقية التريبس بضرورة منح كل طرف متعاقد فورا و بلا شروط جميع المزايا و الحقوق و الإعفاءات التي تم منحها لأي بلد أخر عضو في الإتفاقية و دون حاجة إلى إتفاق جديد.
و قد ورد على هذا المبدأ بعض إستثناءات للدول النامية و ذلك فيما يلي :
1-ترتيبات خاصة بحماية الصناعات الوليدة في الدول النامية حتى تقوى على المنافسة العالمية .
2-السماح بالعلاقات التفضيلية التي تربط بين الدول الصناعية المتقدمة و بعض البلدان النامية التي كانت قديما مستعمرات لها .
3-السماح ببعض الترتيبات المتعلقة بالتكتلات الإقتصادية , مثل السوق الأوربية المشتركة.
ثانيا :- مبدأ المعاملة الوطنية:
و يقصد بهذا المبدأ أن تمنح كل دولة عضو للأجانب الذين ينتمون إلى دولة أخرى عضو بالإتفاقية معاملة لا تقل عن تلك التي تمنحها لمواطنيها في مجال حقوق الملكية الفكرية , سواء من حيث المستفيد من الحماية , أو كيفية الحصول عليها أو نظامها أو مدتها .
ثالثا:- مبدأ الحماية ضد تقليد المنتجات :
و يقصد بهذا المبدأ إلتزام الدول الأعضاء بحماية العلامات التجارية و الصناعية على المنتجات و أيضا إمتداد هذه الحماية خارج إقليم الدولة المنتجة , و يقصد بهذا المبدأ إلتزام الدول الأعضاء بإدراج هذه الحماية في تشريعاتها الوطنية و تجريم تقليد العلامات التجارية .
رابعا:- الإلتزام بما تضمنته الإتفاقية و المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية من أحكام و إلتزامات و بخاصة إتفاقية باريس 1883 و تعديلاتها في إستوكهولم 1967.
ملحق خاص بما يتصل بحماية العلامات التجارية في إتفاقية التريبس
الباب الأول
أحكام عامة و مبادئ أساسية
المادة 1:طبيعة و نطاق الإلتزامات: (00000000000)
المادة 2:المعاهدات المبرمة بشأن الملكية الفكرية :
1-فيما يتعلق بالأجزاء الثاني و الثالث و الرابع من الإتفاق , تلتزم البلدان الأعضاء بمراعاة أحكام المواد من 1 حتى 12 و المادة 19 من معاهدة باريس (1967)
2-لا ينتقص أي من الأحكام المنصوص عليها في الأجزاء من الأول و حتى الرابع من هذه الإتفاقية من أي من الإلتزامات الحالية التي قد تترتب على البلدان الأعضاء بعضها تجاه الأخرى بموجب معاهدة باريس , و معاهدة برن , و معاهدة روما , و معاهدة الملكية الفكرية فيما يتصل بالدوائر المتكاملة .
المادة 3 : المعاملة الوطنية :
1-يلتزم كل من البلدان الأعضاء بمنح مواطني البلدان الأخرى الأعضاء معاملة لا تقل عن المعاملة التي تمنحها لمواطنيها فيما يتعلق بحماية الملكية الفكرية مع مراعاة الإستثناءات المنصوص عليها بالفعل في كل من معاهدة باريس (1967) , و معاهدة برن (1971) و معاهدة روما , و معاهدة الملكية الفكرية فيما يتصل بالدوائر المتكاملة ……..)
المادة 4: المعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى بالرعاية :
فيما يتعلق بحماية الملكية الفكرية فإن أي ميزة أو تفضيل أو إمتياز أو حصانة يمنحها بلد عضو لمواطني أي بلد أخر يجب أن تمنح على الفور و دون أية شروط لمواطني جميع البلدان الأعضاء الأخرى . و يستثنى من هذا الإلتزام أية ميزة أو تفضيل أو إمتياز أو حصانة يمنحها بلد عضو و تكون :
(أ)نابعة عن إتفاقية دولة بشأن المساعدة القضائية أو إنفاذ القوانين ذات الصبغة العامة و غير المقتصرة بالذات على حماية الملكية الفكرية .
(ب)ممنوحة وفقا لأحكام معاهدة برن (1971) أو معاهدة روما التي تجيز إعتبار المعاملة الممنوحة غير مرتبطة بالمعاملة الوطنية بل مرتبطة بالمعاملة الممنوحة في بلد أخر (……)
(د)نابعة من إتفاقية دولية متعلقة بحماية الملكية الفكرية أصبحت سارية المفعول قبل سريان مفعول إتفاق منظمة التجارة العالمية , شريطة إخطار مجلس الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية بهذه الإتفاقية و ألا تكون تمييزا عشوائيا أو غير مبرر ضد مواطني البلدان الأعضاء الأخرى .
الجزء الثاني
المعايير المتعلقة بتوفير حقوق الملكية الفكرية
و نطاقها و إستخدامها
القسم 1: حقوق المؤلف و الحقوق المتعلقة بها ………. )
القسم 2: العلامات التجارية:
المادة 15 :المواد القابلة للحماية:
1-تعتبر أي علامة أو مجموعة علامات تسمح بتمييز السلع و الخدمات التي تنتجها منشأة ما عن تلك التي تنتجها المنشآت الأخرى صالحة لأن تكون علامة تجارية . و تكون هذه العلامات لا سيما الكلمات التي تشمل أسماء شخصية و حروفا و أرقاما و أشكالا و مجموعات و ألوان و أي مزيج من هذه المعلومات مؤهلة للتسجيل كعلامة تجارية و حين لا يكون في هذه العلامات ما يسمح بتمييز السلع و الخدمات ذات الصلة , يجوز للبلدان الأعضاء أن تجعل الصلاحية للتسجيل مشروطة بالتمييز المكتسب من خلال الإستخدام كما يجوز لها إشتراط أن تكون العلامات المزمع تسجيلها قابلة للإدراك بالنظر , كشرط لتسجيلها.
2-ينبغي عدم فهم الفقرة 1 على أنها تحظر على البلدان الأعضاء رفض تسجيل علامة تجارية لأسباب أخرى , شريطة عدم الإنتقاص من أحكام معاهدة باريس (1967).
3-يجوز للبلدان الأعضاء بجعل قابلية التسجيل معتمدة على الإستخدام , غير أنه لا يجوز إعتبار الإستخدام الفعلي للعلامة شرطا للتقدم بطلب تسجيلها . و يحظر رفض طلب تسجيل لمجرد أن الإستخدام المزمع لم يحدث قبل إنقضاء فترة ثلاث سنوات إعتبارا من تاريخ تقديم الطلب .
4-لا يجوز مطلقا أن تكون طبيعة السلع أو الخدمات التي يراد إستخدام العلامة التجارية بشأنها عقبة تحول دون تسجيل العلامة .
5-تلتزم البلدان الأعضاء بنشر كل علامة تجارية إما قبل تسجيلها أو بعده فورا و بإعطاءه فرصة معقولة لتقديم الإلتماسات بإلغاء التسجيل . كما يجوز للبلدان الأعضاء إتاحة فرصة الإعتراض على تسجيل علامة تجارية .
المادة 16:الحقوق الممنوحة :
1-يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق في منع جميع الأطراف الثالثة التي تحصل على موافقة صاحب العلامة من إستخدام العلامة ذاتها أو علامة مماثلة في أعمالها التجارية بالنسبة للسلع و الخدمات ذاتها أو المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها العلامة التجارية حين يمكن أن يسفر ذلك الإستخدام عن إحتمال حدوث لبس . و يفترض إحتمال حدوث لبس في حالة إستخدام علامة تجارية مطابقة بالنسبة لسلع أو خدمات مطابقة . و يحظر أن تضر الحقوق الموصوفة أعلاه بأية حقوق سابقة قائمة حاليا , أو أن تؤثر في إمكانية منح البلدان الأعضاء حقوقا في العلامات التجارية على أساس الإستخدام .
2-تطبق أحكام المادة 6 مكرر من معاهدة باريس (1967) , مع ما يلزم من تبديل , على الخدمات و عند تقرير ما إذا كانت العلامة التجارية معروفة جيدا , تراعى البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني , بما في ذلك معرفتها في البلد العضو المعني نتيجة ترويج العلامة التجارية .
3-تطبق أحكام المادة 6 مكرر من معاهدة باريس (1967) , مع ما يلزم من تبديل على السلع أو الخدمات غير المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها علامة تجارية , شريطة أن يبدل إستخدام تلك العلامة التجارية بالنسبة لتلك السلع أو الخدمات على صلة بين تلك السلع أو الخدمات و صاحب العلامة التجارية المسجلة , و شريطة إحتمال أن تتضرر مصالح صاحب العلامة التجارية المسجلة من جراء ذلك الإستخدام .
المادة 17 :الإستثناءات:
يجوز للبلدان الأعضاء النص على إستثناءات محدودة من الحقوق الناشئة عن العلامات التجارية , كالإستخدام المنصف لعبارات الوصف , شريطة أن تراعي هذه الإستثناءات المصالح المشروعة لصاحب العلامة التجارية و الأطراف الثالثة .
المادة 18: مدة الحماية :
يكون التسجيل الأول للعلامة التجارية , و كل تجديد لذلك التسجيل لمدة لا تقل عن سبع سنوات و يكون تسجيل العلامة قابلا للتجديد لمرات غير محددة .
المادة 19 : متطلبات إستخدام العلامة التجارية :
1-إذا كان إستخدام العلامة التجارية شرطا لإستمرار تسجيلها , لا يجوز إلغاء التسجيل إلا بعد إنقضاء مدة لا تقل عن ثلاث سنوات متواصلة من عدم إستخدامها , ما لم يثبت لصحاب العلامة التجارية وجود أسباب وجيهة تستند إلى وجود عقبات تحول دون هذا الإستخدام و تعتبر الأوضاع الناشئة بغير إرادة صاحب العلامة و التي تحول دون إستخدامها , كقيود الإستيراد المفروضة على السلع و الخدمات التي تحميها العلامة التجارية المعنية أو الشروط الحكومية الأخرى المفروضة عليها , أسبابا وجيهة لعدم إستخدامها .
2-حين تكون العلامة التجارية خاضعة لسيطرة صاحبها , يعتبر إستخدامها من قبل أي شخص أخر لها لأغراض إستمرار تسجيلها .
المادة 20 : متطلبات أخرى :
يحظر بدون مبرر تقييد إستخدام العلامة التجارية في التجارة بشروط خاصة كإستخدامها إلى جانب علامة تجارية أخرى , و إستخدامها بشكل خاص أو بأسلوب ينتقص من قدرتها على التمييز بين السلع و الخدمات التي تنتجها منشأة معينة و تلك التي تنتجها منشآت أخرى . و لا يستبعد هذا إشتراط إستخدام العلامة التجارية التي تحدد المنشأة المنتجة للسلع أو الخدمات إلى جانب العلامة التجارية المميزة للسلع أو الخدمات المحددة المعنية التي تنتجها تلك المنشأة , دون إرتباطها بها .
المادة 21: الترخيص و التنازل :
يجوز للبلدان الأعضاء تحديد شروط الترخيص بإستخدام العلامات التجارية أو التنازل عنها على أن يفهم أنه غير مسموح بالترخيص الإلزامي بإستخدام العلامات التجارية و بأن لصاحب العلامة التجارية حق التنازل عنها للغير مع أو بدون نقل المنشأة التي تعود العلامة التجارية إليها لصاحب العلامة الجديد .
([1]) المقابل لنص المادة الأولى من القانون المصري رقم 57 لسنة 1939