دراسات قانونية

تسجيل العلامات التجارية في القانون الأردني – بحث قانوني متميز

تسجيل العلامات التجارية في القانون الأردني

د. صلاح الأسمر

أتناول في هذه الورقة، بشيء من الإيجاز، المسائل التالية:

أولا: التعريف بالعلامة التجارية.
ثانيا: أسس إختيار العلامة التجارية.
ثالثا: إجراءات تسجيل العلامة التجارية.
رابعا: الأثار التي تترتب على تسجيل العلامة التجارية.
خامسا: سجل العلامات التجارية.

أولا: تعريف العلامة التجارية:

من المعلوم، أن العلامة التجارية في المملكة الأردنية الهاشمية تخضع لأحكام القانون رقم 33 لسنة 1952م. وقد عرف – هذا القانون – العلامة التجارية بأنها: “أية علامة إستعملت أو كان في النية إستعمالها على أية بضائع أو فيما له علاقة بها للدلالة على أن تلك البضائع تخص صاحب العلامة بحكم صنعها أو إنتاجها أو الشهادة أو الإتجار بها أو عرضها للبيع .

كما جاء في قضايا المحاكم الأردنية أن العلامة التجارية هي عبارة عن: “حروف او رسوم او علامات او خليط من هذه الأشياء ذي صفة فارقة (مميزة) وعلى شكل يكفل تمييز بضائع صاحبها عن بضائع غيره من الناس . ويمكن القول، أن العلامة التجارية تعني: “الرمز الذي يتخذه الصانع او التاجر او مقدم الخدمة لتمييز صناعته أو بضاعته او خدماته عن مثيلاتها التي يصنعها او يتاجر بها او يقدمها آخرون . ومن المعلوما أيضا، أن اهمية العلامات التجارية تنبع من الوظائف التي تؤديها، للصانع وللتاجر ولمقدم الخدمة والمستهلك على حد سواء، ويمكن اجمال الوظائف التي تقوم بها العلامات التجارية بالوظائف التالية:

 أولا: العلامات التجارية تحدد مصدر المنتجات والبضائع والخدمات.
 ثانيا: العلامات التجارية تشكل رمز الثقة بصفات المنتجات والبضائع والمنتجات.

 ثالثا: العلامات التجارية تعتبر وسيلة للإعلان عن المنتجات والبضائع.

 رابعا: العلامات التجارية تحفظ جمهور المستهلكين من الغش.

 خامسا العلامات التجارية وسيلة من وسائل المنافسة المشروعة.
ثانيا: أسس اختيار العلامة التجارية:

تعتبر العلامة التجارية، مثابة البطاقة الشخصية للمنتجات والبضائع والخدمات التي تشكل العمود الفقري لإقتصاد الدولة وتتنوع العلامة بتنوع النشاط الذي يمارسه الأشخاص – أفراد أو جماعات – صناعيا كان ذلك النشاط أو تجاريا او خدماتيا.

لذا، ينبغي على كل من يرغب في تسجيل علامة تجارية، أن يتحرى معايير أساسية وخصائص معينة، لدى إختيار علامته، لكي تتناسب مع نشاطه الإقتصادي الذي يزاوله، وبالتالي تصبح عونا له في تحقيق طموحه في النجاح والتمييز، أيا كان النشاط الذي يزاوله، لذا ننصح لدى إختيار العلامة، الاخذ في الإعتبار الأسس والخصائص التالية :

• الأسس (المعايير)التي ينبغي أخذها في الإعتبار لدى إختيار العلامة:

1. تحديد ما هية السلعة (صناعية أو تجارية أو زراعية أو خدماتيه) المنوي إعتبار العلامة رمزا لها.
2. مراعاة طريقة وضع العلامة على السلعة.
3. أخذ رأي المسؤولين عن تسويق السلعة محليا ودوليا.
4. الإهتمام بالوسيلة الإعلانية عن العلامة “المختارة”.
5. الملائمة بين العلامة المختارة وبين العلامات المستخدمة في السوق او المسجلة أصولا.
6. وضع قائمة بمختلف اللغات الأخرى التي يحتمل ترجمة العلامة اليها.
7. إمكانية الترخيص للغير بإستعمال العلامة بموجب عقود الترخيص.

• الخصائص التي ينبغي أن تحتوي عليها العلامة المختارة:

1. أن تكون سهلة النطق والكتابة والتذكر.
2. أن تكون بسيطة في التصميم والشكل والحجم.
3. أن تكون جذابة في المنظر والمظهر.
4. أن تكون قابلة للتثبيت على السلعة بسهولة ويسر.
5. أن تكون مختلفة (مميزة) عن علامات الآخرين وقابلة للتسجيل قانونا.

هذا ويمكن للتاجر – فردا كان أم شركة – أن يختار علامته من الأسماء أو الإمضاء أو الحروف أو الأرقام أو الرموز أو الرسوم أو الصور أو الدفعات أو الأختام أو النقوش أو البطاقات أو الإغلفة أو الأشرطة أو الأشكال أو الألوان أو الكلمات أو خليط مما ذكر أو بعضا منه، شريطة أن تظهر العلامة في نموذج مميز (فارق) وجديد ومشروع .

ثانيا: إجراءات تسجيل العلامات:

1. من له حق التسجيل:

نصت المادة السادسة من قانون العلامات الأردني رقم 33 لسنة 1952 على أن “كل من يرغب في أن يستقل في إستعمال علامة تجارية لتمييز البضائع التي هي من إنتاجة أو صنعة أو انتخابة أو مما أصدر شهادة بها أو البضائع التي يتجر أو التي ينوي الإتجار بها يمكنه ان يطلب تسجيل تلك العلامة وفقا لأحكام هذا القانون” . كما نصت الفقرة الأولى من المادة الحادية عشر من القانون المذكور على أن “كل من يدعي أنه صاحب علامة تجارية استعملت او في النية استعمالها ويرغب في تسجيل تلك العلامة عليه ان يقدم طلبا خطيا الى المسجل وفقاً للأصول المقررة”.

يتضح من ذلك، أن المشرع الأردني لم يحصر من لهم حق طلب تسجيل علامة تجارية في فئة معينة، كما أنه لم يضع شروطا في طلب التسجيل، بل أجاز لكل من يرغب في إستعمال علامة أو يدعي أنه صاحب علامة أستعملت أو كان في النية استعمالها أن يطلب تسجيلها وفقا للأصول المقررة.

لذلك، يمكن القول أن المشرع الأردني قد جعل الباب مفتوحا أمام أي شخص أو هيئة أو أية جهة أخرى للتقدم بطلب لتسجيل العلامة، إذ أجاز تقديم طلب للشخص أو الهيئة دون تحديد لذلك الشخص أو تلك الهيئة لا بد من حيث النوعية ولا من حيث الجنسية. الأمر الذي يمكن معه القول أنه يجوز تقديم طلب التسجيل من أي شخص سواء كان شخص طبيعي أو معنوي، تاجرا او غير تاجر، أردنيا كان أو غير أردني، كذلك الحال بالنسبة للهيئة فيجوز أن تكون تجارية أو غير ذلك، ويجوز أن تكون خاصة أو عامة . كما يجوز ان تكون اردنية الجنسية أو غير ذلك.
وقد حكم القضاء الأردني بأن المادة السادسة – المشار اليها آنفا – لا تسيغ للشخص ان يطلب تسجيل علامة تجارية بإسمه إلا إذا كان يرغب في أن يستقل في إستعمالها لتميز البضائع التي هي من إنتاجه أو صنعه أو تجاره . كما حكم بأنه “إذا قدمت شركة طلبا لتسجيل علامة تجارية، ثم جرى فسخ تلك الشركة، فلا يجوز السير في إجراءات طلب التسجيل المقدم منها، لأنها – أي الشركة – لم تعد قائمة بعد فسخها إذ انتهت من الوجود ، وفي هذا الحكم دلالة ضمنية على ضرورة توافر الأهلية في مقدم طلب تسجيل العلامة.
ولكن لا بد من إثبات ان طالب التسجيل مالكا للعلامة التي يطلب تسجيلها، فقد حكم بأن “على مسجل العلامات التجارية أن يكلف طالب التسجيل أن يقدم بيناته لإثبات ملكيته للعلامة المطلوب تسجيلها” .
2. كيفية تقديم طلب التسجيل:

ويلزم أن يقدم الطلب على نموذج معين يوقع عليه من مقدم الطلب أو وكيليه، وإذا كان طلب تسجيل العلامة مقدما من قبل شركة عادية، فيجوز أن يوقعه بإسم الشركة أو بالنيابة عنها أي عضو أو أكثر من أعضاء تلك الشركة، وإذا كان الطلب مقدما من هيئة معنوية، فيجوز أن يوقعه أحد مديري إدارة تلك الهيئة أو سكرتيرها أو أحد الموظفين الرئيسيين فيها، وفي كل الأحوال يجوز للوكيل أن يوقع الطلب .

ويجب أن يتضمن كل طلب لتسجيل علامة صورة تلك العلامة كما يجب ان تكون هذه الأخيرة – أي الصورة – من النوع المتين إضافة الى البيانات الشخصية المقدمة من حيث الإسم والعنوان والجنسية.

وعلى مقدم طلب تسجيل العلامة واجب إثبات ملكيته للعلامة التي يرغب تسجيلها، لذلك فقد حكم القضاء الأردني “على مسجل العلامات التجارية أن يكلف طالب التسجيل ان يقدم بيناته لإثبات ملكيته للعلامة المطلوب تسجيلها” .

3. لمن يقدم طلب التسجيل:

يقدم طلب تسجيل العلامة خطيا إلى مسجل العلامات التجارية. ويعين هذا الأخير من قبل وزير الصناعة والتجارة . ويكون من مهامه الإشراف على سجل العلامات، وأن يقيد فيه، كل ما يتعلق بالعلامات التجارية من مسائل وأمور، ويعاون المسجل في القيام بمهام وظيفته عدد من الموظفين.
4. موضوع طلب التسجيل:

يلزم أن تكون العلامة التجارية موضوع طلب التسجيل ذو صفة مميزة (فارقة) وجديدة ومشروعة . كما يلزم أن تكون غير محظورة قانونا .
5. تدقيق طلب التسجيل:

يترتب على المسجل عند إستلامه طلبا لتسجيل علامة تجارية أن يأمر بالتحري بين العلامات التجارية المسجلة وطلبات التسجيل غير المفصول فيها للتثبت مما إذا كان في القيود علامات مسجلة تتعلق بالبضائع نفسها أو بصنف البضائع ذاته مطابقة للعلامة المطلوب تسجيلها او قريبة الشبه بها لدرجة من شأنها ان توحي الى الغش .
كما يترتب على المسجل أن يأمر بالتحري على علامات تشبه العلامات المرسلة إليه من اجل تسجيلها ، كما له الحق في الأذن لكل شخص يرغب في الإطلاع على السجل في جميع الأوقات التي يكون فيها المكتب مفتوحا للجمهور . لذلك، فإن على المسجل ومساعدوه إجراء التفتيش في سجل العلامات التجارية وطلبات التسجيل لديه، للتحري فيهما عن العلامات التي تطابق العلامة المطلوب تسجيلها، كما أنه يحق لطالب التسجيل الإطلاع ومعاينة السجل للغرض نفسه، فإذا لم يظهر لدى المسجل اي اعتراض على تسجيل تلك العلامة، فيجوز له ان يقبل الطلب دون قيد أو يقبله بموجب شروط او تعديلات او تحويلات أو قيود يرى من الصواب فرضها، وعليه عندئذ تبليغ ذلك الى مقدم الطلب خطيا . وإذا قبل المسجل الطلب بشروط او تعديلات او تحويرات او قيود، ولم يعترض الطالب على ذلك، فعليه إعلام المسجل بذلك خطيا ، أما إذا كان له اعتراض على تلك الشروط او التعديلات او التحويرات، فعليه ان يطلب النظر فيها خلال شهر واحد من تاريخ تبلغه قبول طلبه مشروطا، وإلا يعتبر ساحبا لطلبه . أما إذا ما ظهرت بعض الإعتراضات لدى النظر في طلب التسجيل، فيجب إشعار الطالب بتلك الإعتراضات كتابة، وللطالب في هذه الحالة الحق في طلب النظر في تلك الإعتراضات خلال مدة شهر واحد من تاريخ تبليغه، وإلا اعتبر انه مسترد لذلك الطلب .

وفي كل الأحوال، يجوز للمسجل أن يطلب من صاحب الطلب ان يدرج في طلبه التنازل الذي يراه مناسبا أو ضروريا كما يجوز له أن يرفض أي طلب أو أن يقبله بتمامه من دون قيد أو شرط أو يعلن قبوله لذلك الطلب بموجب شروط او تعديلات او تحويرات في طريقة استعمال العلامة او مكان إستعمالها او غير ذلك من الأمور . كما أجاز القانون للمسجل أو لمحكمة العدل العليا – في أي وقت – تصحيح أي خطأ وقع في الطلب او فيما له تعلق به سواء أكان ذلك قبل قبول الطلب أم بعده أو تكليف الطالب تعديل طلبه ، ولا بد – في كل الأحوال – من تبليغ الطالب قرار المسجل وأسبابه . وإن كان القرار برفض تسجيل العلامة، فيجوز للطالب إستئناف ذلك القرار الى محكمة العدل العليا . وعليه، فإن القانون الأردني قد أعطى المسجل صلاحية قبول تسجيل العلامة بلا قيد أو شرط أو فرض القيود أو التعديلات التي يراها ضرورية . كما أوجب عليه رفض التسجيل في حالات معينة . كما أجاز لكل صاحب شأن الطعن بالقرار الصادر عن مسجل العلامات التجارية سواء كان ذلك القرار بقبول طلب التسجيل أو رفضه او تعديله . لذلك، يمكن القول أن القانون الأردني قد أخذ بنظرية الفحص السابق للعلامة من نواحي محددة هي:

‌أ- التأكد من مشروعية العلامة.
‌ب- التأكد من الصفة المميزة (الفارقة) في العلامة.
‌ج- التأكد من عدم مطابقة العلامة المطلوب تسجيلها لعلامة أخرى مسجلة.

6. إعلان الطلبات التي يتم قبولها من المسجل:

على المسجل عندما يقبل الطلب لتسجيل أية علامة تجارية سواء أكان القبول بصورة مطلقة أم معلقا على بعض الشروط والقيود ان يعلن الصورة التي قبله بها، وذلك في أقرب وقت ممكن، وبحسب الأصول المقررة، وينبغي ان يتضمن هذا الإعلان جميع الشروط والقيود التي قبل الطلب بموجبها إن وجدت ، فعلى المسجل عند قبوله الطلب أن ينشر إعلانا به للمدة التي يقررها، وعلى الصورة التي يراها مناسبة، وتكون نفقات الإعلان على طالب التسجيل ، ويجب ان يتم الإعلان وفقا للأصول المقررة بهذا الخصوص في نظام العلامات التجارية رقم 1 لسنة 1952.

إن قبول مسجل العلامات التجارية للطلب مبدئيا وإعطاء رقما…. لا يعني قبول الطلب نهائيا لأن قبول الطلب لا يعتبر نهائيا إلا بنشر الإعلان وإنتهاء مدة الإعتراض او البت فيه في حالة تقديمه .

وغني عن البيان أن الهدف الذي قصده المشرع الأردني من الزام المسجل بالإعلان على قبول طلب التسجيل هو إعلام الغير لكي يستطيع من له إعتراض على تسجيل تلك العلامة ان يتقدم بذلك الإعتراض.

ولكي يعتبر الإعلان قانونيا، فلا بد أن ينظم تنظيما صحيحا من قبل مسجل العلامات التجارية، لذلك فقد حكم القضاء الأردني بأنه “لا يوجد في قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952 ما يوجب على طالب التسجيل أن يرفق بطلبه الإعلان المتوجب نشره، بل أن مسجل العلامات التجارية هو المكلف بتنظيم الإعلان بالصورة الصحيحة وإرسالة للنشر، لذلك فإن مجرد كون الإعلان قد تضمن رقم العلامة التجارية المطلوب تسجيلها وصنف البضاعة التي ستستعمل عليها فلا يكفي لإعتبار الإعلان قانونيا ما دام ان الإعلان قد أغفل اسم الجهة طالبة التسجيل وذكر أن طالب التسجيل هو جهة أخرى لا علاقة لها بالطلب .

فقد حكم بأنه “على المسجل، في حالة قبوله طلب تسجيل أية علامة أن يعلن الصورة التي قبله بها وأن يتضمن الإعلان كافة الشروط والقيود التي قبل الطلب بموجبها ليتسنى لأي شخص الإعتراض لدى المسجل على التسجيل خلال المدة القانونية المنصوص عليها في المادة 14 من قانون العلامات التجارية وتسير في الإجراءات الواردة في هذه المادة” .

7. إعتراض الغير على قبول المسجل لطلبات التسجيل:

أجاز قانون العلامات التجارية الأردني لأي شخص أن يعترض لدى مسجل العلامات التجارية على تسجيل أية علامات تجارية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان عن تقديم الطلب لتسجيلها أو خلال أية مدة أخرى تعين لهذا الغرض ، وذلك بواسطة إشعار خطي يقدم إلى مكتب مسجل العلامات التجارية، وفق نموذج معين، يعترض فيه على تسجيل تلك العلامة ، فيه الأسباب الموجبة لذلك ، ويقوم المسجل بإرسال نسخة عن ذلك الإعتراض الى طالب التسجيل ، وعندئذ يكون لهذا الأخير الحق في تقديم بينة خطية لدحض أسباب الإعتراض على طلبه ، فله أن يقدم الى مسجل العلامات التجارية بيانا خطيا بالأسباب التي يستند عليها في ذلك ، كما يجب عليه تقديم لائحة جوابية يضمنها بالأسباب التي يستند عليها في الطلب المقدم منه لتسجيل العلامة والا اعتبر انه قد تخلى عنه .

فقد حكم بأنه “على المسجل أن يرسل نسخة من الإعتراض إلى طالب التسجيل الذي عليه أن يرسل الى المسجل، حسب الأصول المقررة، لائحة جوابية خلال المدة القانونية، وإذا كان القرار الصادر عن مسجل العلامات التجارية لم يتعرض للموضوع وإنما قضى في إعتبار طالبة التسجيل متخلية عن طلبها لعدم تقديمها لائحة جوابية على الإعتراض خلال المدة القانونية، فلا يجوز في هذه الحالة البحث في الموضوع .

كما حكم أنه يرسل مسجل العلامات التجارية، نسخة من الإعتراض المقدم على إجراء تسجيل العلامة التجارية الى طالب التسجيل، الذي عليه ان يرسل الى المسجل، حسب الأصول المقررة، لائحة جوابية خلال المدة القانونية، وإذا كان القرار الصادر عن مسجل العلامات التجارية لم يتعرض للموضوع، وإنما قضي في إعتبار طالبة التسجيل متخلية عن طلبها لعدم تقديمها لائحة جوابية على الإعتراض خلال المدة القانونية، فلا يجوز في هذه الحالة البحث في الموضوع .

وقد أعطى القانون المقدم الإعتراض الحق في تقديم بينة خطية لتأييد إعتراضه على تسجيل العلامة موضوع الإعتراض، إذ له ان يودع البينات التي يستند اليها في تأييد اعتراضه في مكتب مسجل العلامات التجارية ، وإلا اعتبر اعتراضه ساقطا ما لم يوعز المسجل بغير ذلك كما أن له – اي المعترض – الحق في تقديم ردا على التصريحات والبينات التي تقدم من قبل طالب التسجيل شريطة أن يكون ذلك الرد محصورا على فحوى تلك البينات .

فالأصل أن يمنع مقدم طلب تسجيل العلامة والمعترض على التسجيل من تقديم بينة أخرى غير البينة التي سبق تقديمها ، غير أنه يجوز لمسجل العلامات التجارية – في جميع الأوقات – أن يسمح للطالب أو المعترض في أية إجراءات لديه بتقديم أية بينة وفق الشروط التي يستصوبها .

فقد حكم بأنه “يجوز لمسجل العلامات التجارية ما دام ان الإعتراض لا يزال أمامه أن يقبل إدخال سبب جديد للطعن في العلامة التجارية وان تعديل لائحة الإعتراض بإضافة سبب جديد ليس هو إعتراض جديد يلغي الإعتراض الأول، وإنما هو إضافة أو تعديل في إعترض قائم . وخلاصة القول، أن الإجراءات والبينات التي تقدم الى مسجل العلامات التجارية – سواء كانت مقدمة من طالب التسجيل أو المعترض على التسجيل – ينبغي أن يتوافر فيها أمران:

الأول : ضرورة أن تقدم تلك البينات على نموذج معين ، وعلى شكل تصريحات (إقرارات) مشفوعة باليمين ، ومصدق عليها من الجهة المعنية ، لذلك فقد حكم بأنه “يترتب إسقاط الإعتراض إذا لم يقدم المعترض بينته على شكل تصاريح مشفوعه باليمين” .

ومع ذلك فإن للمسجل أن يعفي المعترض من تقديم التصاريح المشفوعة باليمين متى توافر شرطين :

أ‌- أن يكون هناك سبب وجيه على أنه لم يكن في وسع المعترض أن يقوم بهذا الإجراء.
ب‌- أن يكون هناك بينات أخرى كافية للبت في الإعتراض.

الثاني: ضرورة أن تقدم تلك البينات خلال المدة القانونية المقررة لذلك ، سواء كانت تلك المدة محددة بنص قانوني أو كانت محددة من قبل مسجل العلامات التجارية . وقد حكم القضاء الأردني بأن “مجرد تخلف المعترض قد أسقط إعتراضه، إذ يجوز للمسجل ان يوعز بغير ذلك “كما حكم بأنه” يجوز لمسجل العلامات التجارية تمديد مدة تقديم البينات أكثر من مرة واحدة . وحكم بأنه “من حق مسجل العلامات التجارية، في حالة تخلف المعترض عن تقديم بيناته خلال المدة المعينة في القانون أن لا يعتبر الإعتراض ساقطا وأن يحدد المدة لتقديم هذه البينات لأكثر من مرة .

8. هل يشترط وجود مصلحة لمقدم الإعتراض:

لما كانت الغاية من الإعتراض هي منع الغش، فإنه لا يشترط وجود مصلحة مباشرة للمعترض على طلب تسجيل أية علامة تجارية . وتطبيقا لذلك فقد حكم القضاء الأردني بأنه “يجوز لأي شخص أن يعترض لدى مسجل العلامات التجارية على طلب تسجيل أية علامات تجارية دون أن يكون للمعترض مصلحة شخصية مباشرة في رفض طلب التشجيل، ومرد ذلك أنه يباح من الجمهور أن يعترض على طلب التسجيل تحقيقا لمنع الغش .

كما حكم بأنه “إذا كانت العلامة التجارية (ناشد أخوان) السورية، معروفة في الأردن، فإن تسجيل العلامة (ناشد) لتوضع على نفس صنف البضاعة من شأنه أن يؤدي الى غش الجمهور، فيكون من حق المعترض – بوصفه أحد أفراد الجمهور – أن يعترض على طلب تسجيل هذه العلامة ما دام أن قانون العلامات التجارية يمنع أصلا تسجيل أية علامة عند توفر هذا السبب . كما أنه لا تأثير لجودة البضاعة على الإعتراض، إذ لا عبرة لإختلاف بضاعة الفريقين في الجودة إذا كان تسجيل العلامة من شأنه أن يؤدي الى غش الجمهور . وحكم بأنه “لا يشترط في الإعتراض الذي يقدم على تسجيل العلامة أن يكون لمقدمة مصلحة شخصية مباشرة في رفض طلب التسجيل، وإنما يجوز لأي شخص من الجمهور أن يعترض على طلب تسجيل أية علامة تجارية، وذلك حتى لا يؤدي تسجيلها إلى غش الجمهور…. فإن إعتماد مسجل العلامات التجارية في رد الإعتراض على أن المعترض قد إتخذ من تقديم الإعتراضات على طلبات التسيجل مهنة له دون أن يكون هدفه من ذلك حماية مصلحة شخصية له، هو اعتماد غير سائغ، إذ ليس في القانون ما يمنع الشخص الواحد من تقديم أي إعتراض على طلبات التسجيل مهما تعددت، إذ أن الغرض من الإعتراض على تسجيل العلامة هو حماية مصلحة الجمهور من الغش وليس تحقيق مصلحة ذاتية مباشرة للمعترض .

وقد تأكد هذا المبدأ في حكم حديث لمحكة العدل العليا جاء فيه “إستقر الإجتهاد على أنه لا يشترط تحقيق المصلحة الشخصية في جانب المعترض على تسجيل العلامة التجارية حيث أجازت المادة 14/1 من قانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 لأي شخص أن يعترض لدى المسجل على تسجيل أية علامة تجارية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر إعلان تقديم الطلب لتسجيلها أو خلال أية مدة أخرى تعين لهذا الغرض. كما اجازت المادة 34 من نظام العلامات التجارية رقم 1 لسنة 1952 لأي شخص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر أي إعلان في الجريدة الرسمية عن طلب تسجيل علامة تجارية أن يرسل إشعارا خطيا إلى المكتب – مكتب المسجل – يعترض فيه على التسجيل .

ومع ذلك، فإنه لا بد من توافر الأهلية في الشخص الذي يقدم الإعتراض، فقد حكم القضاء الأردني “بأن الشخص الذي يجوز له الإعتراض لدى مسجل العلامات التجارية على تسجيل علامة تجارية هو الشخص ذو الأهلية” .

9. نتيجة الطلب والإعتراض:

على المسجل لدى فراغه من النظر في البينات المقدمة من طالب التسجيل والمعترض عليه وسماعه لأقوال الأطراف متى استوجب الأمر ذلك ، أو إذا ما رغبوا في بسط قضيتهم وشرح حجتهم أن يصدر قراره في الموضوع فيما إذا كان من المقتضى السماح بالتسجيل والشروط التي تجب مراعاتها فيه ثم يبلغ قراره الى الفرقاء .

ويجوز إستئناف القرار الذي يصدره المسجل بهذا الخصوص الى محكمة العدل العليا . ويقدم الإستئناف خلال عشرون يوما من تاريخ قرار المسجل (أو تبليغه) وعند النظر في الإستئناف تسمع محكمة العدل العليا الأطراف وتصدر قرارا تبين فيه ما إذا كان من المقتضى السماح بالتسجيل والشروط التي يجب مراعاتها فيه .

ويلاحظ أنه لا يسمح لمسجل العلامات التجارية او للمعترض تقديم بينات أو أسباب جديدة غير الأسباب الواردة في اعتراضه إلا بإذن المحكمة التي تنظر الإستئناف فيجوز لأي فريق من الفرقاء أن يدلي بأية أدلة أخرى متى سمحت المحكمة له بذلك .

وتطبيقا لذلك حكم القضاء الأردني بأنه “لا يجوز إضافة أسباب جديدة بالإستئناف المقدم ضد القرار الذي يصدره المسجل في إعتراض على تسجيل علامة تجارية ” بينما حكم بأنه “يجوز إضافة أسباب جديدة للإستئناف المقدم للطعن في قرار مسجل العلامات التجارية في طلب ترقين العلامة” إستنادا لصلاحية محكمة العدل العليا في فصل أية مسألة ترى من الضروري أو المناسب الفصل فيها .

ويجوز لمحكمة العدل العليا أن تسمح بعد سماع بيانات المسجل بتعديل العلامة التجارية المطلوب تسجيلها على وجه لا يؤثر في ذاتية تلك العلامة، ولكن ينبغي في مثل هذه الحالة قبل تسجيل العلامة المعدلة ان تعلن (تنشر) بشكلها المعدل .

10. عدم إتمام التسجيل بسبب تقصير الطالب أو وفاته:

في حالة عدم إتمام إجراءات تسجيل العلامة – خلال 12 شهر من تاريخ تقديم الطلب – بسبب يعود الى تقصير الطالب، فعلى المسجل إشعاره خطيا بعدم إتمام التسجيل ويضرب له مدة محددة في ذلك الإشعار بمتابعة طلبه، وإن مضت المدة الضرورية له في الإشعار دون أن يبادر الى إتمام التسجيل، جاز للمسجل أن يعتبره متنازلا عن طلبه بالتسجيل .

وفي حالة ما إذا توفي طالب التسجيل بعد تاريخ طلبه وقبل تسجيل علامته التي طلب تسجيلها في سجل العلامات، فإنه يجوز للمسجل بعد مرور المدة المعينة للنشر أن يقيد في السجل أسم من خلف المتوفى متى اقتنع بانتقال الملكية له وثبوت وفاة طالب التسجيل .

11. قيد العلامة في السجل وإصدار شهادة بالتسجيل:

إذا قبل الطلب المقدم لتسجيل علامة تجارية . يسجل المسجل تلك العلامة التجارية بعد دفع الرسم المقرر، بقيدها في سجل العلامات التجارية بالسرعة الممكنة وتسجل تلك العلامة بتاريخ الطلب بإعتبار هذا الأخير تاريخ التسجيل . وينبغي أن يتضمن قيد العلامة التجارية الذي يثبت في السجل إشارة إلى تاريخ التسجيل وأوصاف البضاعة التي سجلت العلامة التجارية بشأنها وأسم صاحبها وعنوانه ومهنته وكل ما يتعلق بها – أي بالعلامة – من أمور وأية تفاصيل أخرى قد يراها المسجل ضرورية .

وبعد إتمام عملية التسجيل يصدر المسجل لطالب التسجيل شهادة بتسجيلها حسب النموذج المقرر لهذه الغاية ، ويدرج في تلك الشهادة أسم صاحب العلامة وعنوانه ومهنته ورقم العلامة وعدد الجريدة التي نشرت به العلامة وصنف البضائع التي سجلت من أجلها ومدة سريان التسجيل .

12. مدة سريان التسجيل وتجديده:

لقد حدد المشرع الأردني، مدة ملكية حقوق العلامة التجارية سبع سنين من تاريخ تسجيلها، إلا أنه أجاز تجديد تسجيل العلامة من حين إلى آخر، وأوجب على المسجل – بناء على طلب صاحب العلامة المسجلة – تجديد تسجيل تلك العلامة لمدة أربعة عشر سنة إعتبارا من تاريخ إنتهاء مدة التسجيل الأول ، وبذلك يمكن لصاحب العلامة الإحتفاظ بعلامته لمدد أخرى متلاحقة قد تصل إلى ما لا نهاية إذا ما رغب في ذلك، إذ يجوز له أن يقدم طلبا لتجديد علامته خلال مدة لا تقل عن ثلاثة شهور قبل إنقضاء مدة تسجيلها الأخير . وإذا لم يقدم طلب تجديد تسجيل العلامة التجارية خلال مدة لا تقل عن شهر واحد قبل انقضاء مدة التسجيل الأخير ولا تزيد عن شهرين قبل ذلك التاريخ يرسل المسجل إخطارا بذلك إلى صاحب العلامة، فإذا ما أنقضت مدة التسجيل الأخيرة ولم يدفع رسم التجديد عن العلامة ينشر المسجل إعلانا بذلك في الجريدة الرسمية، فإن مضت مدة الإعلان المذكور يجوز للمسجل أن يرقن (بشطب) العلامة التجارية من السجل إعتبارا من التسجيل الأخير، فإذا ما رقنت (شطبت) العلامة من السجل . وجب على المسجل أن يتخذ التدابير اللازمة لإدارج قيد بترقينها (شطبها) من السجل مع بيان سبب الترقين . أما إذا ما تم تجديدها وفقا للأصول يرسل المسجل الى صاحب العلامة إشعارا بتجديد التسجيل وينشر إعلانا بذلك في الجريدة الرسمية .

13. حجية التسجيل:

نصت المادة 29 من قانون العلامات التجارية الأردني على أنه “يعتبر تسجيل مالك لعلامة تجارية مقدمة بينة على قانونية التسجيل الأصلي لتلك العلامة، وعلى كل ما يلي من التنازل عنها وتحويلها وذلك في جميع الأجراءات القانونية المتعلقة بتسجيلها.

كما نصت المادة 32 من القانون المذكور على انه “إن الشهادة التي يستدل منها على أنها صادرة بتوقيع المسجل بشأن أي قيد او أمر أو شيء مما هو مفوض بإجرائه وفقاً لأحكام هذا القانون أو أي نظام صادر بمقتضاه تعتبر مقدمة بينة على إجراء ذلك القيد وعلى مضمونه وكذلك على وقوع ذلك الأمر او الشيء او عدم وقوعه”.

يتضح من هذا النص أن المشرع الأردني قد جعل تسجيل العلامة مجرد قرينة على أسبقية أستعمال تلك العلامة فالتسجيل ليس من شأنه أن ينشئ حقا لملكية في العلامة، وإنما هو – أي التسجيل – يقرر وجود ذلك الحق فقط، فالأثر الذي يترتب على تسجيل العلامة، من حيث المبدأ هو تقرير الحق. وبعبارة اخرى فإن المشرع الأردني قد جعل إجراء تسجيل العلامة ليس إلا مقدمة بينة على قانونية ذلك الإجراء، الأمر الذي يعني أن أثر التسجيل مقرر للحق في العلامة فحسب أي ان تسجيل العلامة ليس إلا مجرد قرينة قانونية على ملكية العلامة لمن قام بإجراء تسجيلها إلا أن تلك القرينة قرينة غير قاطعة، أي يجوز إثبات عكسها.

وقد حكم بان الفقه والقضاء قد استقر على ان تسجيل العلامة التجارية، وإن كان قرينة على ملكية العلامة إلا أنه يجوز هدم هذه القرينة بدليل عكسي وللمستعمل السابق للعلامة التجارية التي أصبحت العلامة مميزة لبضائعة الحق في ترقين العلامة التجارية المسجلة بإسم شخص آخر .

رابعا: الآثار التي تترتب على تسجيل العلامة:

يترتب على تسيجل العلامة التجارية آثار قانونية هامة من جانبين، الجانب الأول يتعلق بنوع الحماية القانونية للعلامة التجارية، والجانب الثاني يتعلق بملكية العلامة التجارية .

1. إن تسجيل العلامة في سجل العلامات التجارية وفقا للأصول المقررة بهذا الشأن يترتب عليه أثرا هاما يتمثل في أن الحق في العلامة يصبح له حماية جزائية جنائية . إضافة الى الحماية الحقوقية إذ يصبح الإعتداء على الحق في العلامة التجارية يشكل جريمة يعاقب عليها القانون متى كانت تلك العلامة مسجلة . فالتسجيل شرط أساسي لا بد من توافره حتى تقوم الحماية الجزائية (الجنائية) للحق في العلامة في حالة الإعتداء عليه، فالحماية الجزائية للعلامة تدور وجودا وعدما مع التسجيل ، وتجمع التشريعات المختلفة على تعليق الحماية الجزائية (الجنائية) للعلامة على شرط تسجيلها وفقا للإجراءات الشكلية المتبعة في كل تشريع .

وفي هذا الصدد نصت المادة 38 من قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952 على أن “كل من يستعمل علامة تجارية مسجلة بمقتضى هذا القانون أو علامة مقلدة لها على ذات الصنف من البضاعة التي سجلت البضاعة من اجلها يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة أو بغرامة لا تتجاوز مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.

وقد حكم القضاء الأردني بأن “…….. القانون يعاقب على إستعمال علامة تجارية مسجلة أو علامة مقلدة لها على ذات الصنف من البضاعة التي سجلت العلامة من أجلها…….” .

كما أن القانون قد فرض عقابا على كل من قدم علامة تجارية على إعتبار أنهما مسجلة مع انها غير مسجلة . وقرر القضاء إن إستعمال وتداول العلامة المسجلة محرم بحد ذاته .

2. أثر التسجيل على ملكية العلامة التجارية:

نصت المادة 29 من قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952 على أنه “يعتبر تسجيل شخص مالكا لعلامة تجارية مقدمة بينة على قانونية التسجيل الأصلي لتلك العلامة وعلى كل ما يلي من التنازل عنها وتحويلها وذلك في جميع الإجراءات القانونية المتعلقة بتسجيلها”.

كما نصت المادة 32 من نفس القانون على “أن الشهادة التي يستدل منها على أنها صادرة بتوقيع المسجل بشأن أي قيد أو أمر أو شيء مما هو مفوض بإجرائه ……. تعتبر مقدمة بينة على إجراء ذلك القيد وعلى مضمونه وكذلك على وقوع ذلك الأمر أو الشي او عدم وقوعه”.

يتضح من هذا أن القانون الأردني قد جعل إجراء تسجيل العلامة ليس إلا مقدمة بينة على قانونية ذلك الإجراء، الأمر الذي يعني أن اثر التسجيل مقرر للحق في العلامة فحسب، أي ان تسجيل العلامة ليس إلا مجرد قرينة قانونية على ملكية العلامة لمن قام بإجراء تسجيلها إلا أن تلك القرينة قرينة غير قاطعة أي يجوز إثبات عكسها .

هذا “ولقد استقر قضاء محكمة العدل العليا على انه، وإن كان تسجيل العلامة التجارية بإسم شخص يعتبر قرينة على ملكيته للعلامة، إلا أن هذه القرينة، يجوز هدمها بدليل عكسي بحيث إذا إرتطم حق الشخص الذي سجلت العلامة بإسمه بحق مستعمل سابق لهذه العلامة، فيكون للشخص الذي استعملها أولوية على الشخص الذي سجلت بإسمه ومن حقه ان يطلب ترقين التسجيل عند وجود تشابه بين العلامتين من شأنه أن يؤدي الى غش الجمهور ، وفي ذلك إعتراف بحق الأسبق في إستعمال وإستخدام تلك العلامة، إذ يجوز له الإحتجاج بذلك في مواجهة من قام بتسجيل علامته، فالتسجيل لا يحول دون مطالبة الأسبق في الإستعمال لتلك العلامة بحقه فيها وإسترادادها بوجه من الوجوه المقررة قانونا، ويقع عبء سبق الإستعمال على مدعية، وله إثبات ذلك بكافة وسائل الإثبات، لأن واقعة الإستعمال السابق واقعة مادية.

لذلك، فإنه يمكن القول، أن المشرع الأردني قد جعل اساس الحق في العلامة لمن سبق في إستعمالها لا لمن سبق في تسجيلها، لكن هل ذلك مقيد بمدة محددة؟ وبعبارة أخرى هل لصاحب السبق في استعمال العلامة الحق في الإدعاء به في مواجهة من سجلها في أي وقت أراد أم أن حقه في ذلك يسقط بعد مرور زمن محدد من تاريخ التسجيل؟.

هذه مسألة أختلف الفقه فيها، فذهب البعض ، الى القول بأن حق مدعي بأسبقية إستعمال العلامة في مواجهة من قام بتسجيلها يسقط بعد مرور سنتان على تاريخ تسجيل تلك العلامة واستند هذا الرأي الى نص المادة 22/1 من قانون العلامات التجارية الأردني الذي جاء فيه أنه “يجوز لأي شخص ذي مصلحة….. أن يطلب إلغاء تسجيل أية علامة تجارية بانيا طلبة ذاك على أنه لم يكن ثمة نية صادقة لإستعمال تلك العلامة للبضائع التي سجلت من أجلها، وانها – أي العلامة – في الواقع لم تستعمل أستعمالا حقيقيا فيما يتعلق بتلك البضائع او بناء على ان تلك البضائع لم تستعمل بالفعل خلال السنتين اللتين تقدمتا الطلب…..”.

في حين ذهب رأي آخر إلى القول “بأن النزاع في أحقية صاحب العلامة المسجلة في التمسك بحقه فيها ممكن مهما مضى من أمد على تاريخ تسجيل العلامة، إذا اثبت المنازع الشروط التي رسمها القانون لدعوى الإلغاء” وإستند هذا الرأي على نص المادة 22/1 من قانون العلامات التجارية الأردني أيضا، معتبرا أن نص هذه المادة لا تتعلق بنزاع يثار خلال عامين لاحقين على تاريخ تسجيل العلامة ، وأنه – أي نص تلك المادة – قد أجاز النزاع في العلامة المسجلة مهما طال الأمد على تسجيلها.

وفي تقديري أن الصواب قد جانب هذا وذاك على حد سواء، لأن كل منهما ينم عن فهم خاطئ للمادة 22/1 المذكورة التي جاءت – في الحقيقة – لمعالجة دعوى شطب (ترقين) العلامة التجارية حيث وضحت شروط رفع هذه الدعوى وطريقة دفعها . ذلك أن المادة المذكورة قد جعلت باب الطعن بإلغاء التسجيل مفتوحا لكل ذي مصلحة ولم تقتصر ذلك على من سبق إستعمال العلامة قبل تسجيلها، كما أن مرور سنتين على تسيجل العلامة قبل تقديم طلب الإلغاء لعدم إستعمال تلك العلامة من قبل من قام بتسجيلها هو أمر مفروض لمصلحة هذا الأخير، إذ قدر المشرع أن مدة السنتين كافية لكي تستعمل وتستخدم العلامة من قبل من قام بتسجيلها من توافرت لديه النية الصادقة لذلك، وأن عدم استعمال تلك العلامة يرجع الى وجود أحوال تجارية خاصة، وليس إلى وجود نية ترمي إلى عدم إستعمال العلامة المذكورة أو التخلي عنها فيما يتعلق بالبضائع التي سجلت من أجلها.

وحقيقة الأمر أن المشرع الأردني لم يحدد صراحة مدة معينة تلزم أن يتقدم خلالها مدعي اسبقية إستعمال العلامة في مواجهة من سبق إلى تسجيلها، الأمر الذي قد يوحي بأنه قد جعل باب الإدعاء بأسبقية إستعمال العلامة في مواجهة من قام بتسجيلها مفتوحا في أي وقت ومهما طال الأمد .

ومع ذلك، نجد أن القضاء الأردني قد سد تلك الثغرة التشريعية عن طريق تطبيق المادة 15/1 من قانون العلامات التجارية الأردني التي نصت على انه “إذا قبل الطلب المقدم لتسجيل علامة تجارية ولم يكن قد أعترض عليه وانقضت المدة المعينة للإعتراض وإذا اعترض على الطلب وصدر قرار برد الإعتراض يسجل المسجل تلك العلامة التجارية بعد دفع الرسم المقرر إذا كان الطلب قد قبل بطريق الخطأ او كانت المحكمة قد أشارت بغير ذلك، وتسجل العلامة بتاريخ الطلب بإعتبار هذا التاريخ تاريخ التسجيل”، وكذلك المادة 25/5 من نفس القانون الذي جاء بها” إن كل طلب يقدم لحذف علامة تجارية من السجل بسبب عدم وجود ما يسوغ تسجيلها بمقتضى أحكام المواد 6 أو 7 أو 8 من هذا القانون . أو بسبب أن تسجيل تلك العلامة ينشأ عنه منافسة غير عادلة بالنسبة لحقوق الطالب في المملكة الأردنية الهاشمية يجب أن يقدم خلال خمس سنوات من تسجيل تلك العلامة”.

فقد حكم القضاء الأردني بأنه وإن كان تسجيل العلامة التجارية قرينة على ملكية العلامة إلا انه يجوز هدم هذه القرينة بدليل عكسي، إذ لمستعمل العلامة التجارية السابق التي اصحبت العلامة مميزة لبضائعه الحق في ترقين العلامة المسجلة بإسم شخص آخر إذا توافرت الشروط التالية :

أ- إذا ثبت أن هنالك تشابها بين العلامتين من شأنه أن يؤدي الى غش الجمهور.
ب- إذا كان استعمال العلامة الأولى سابقا لتاريخ تسجيل العلامة المطلوب ترقينها.
ج- إذا لم يمر على تسجيل العلامة المطلوب ترقينها مدة خمس سنوات.
كما حكم بأنه “إذا قدم طلب ترقين (شطب) للعلامة التجارية بعد مضي خمس سنوات على تسجيلها فإن هذا الطلب لا يقبل عملا بالمادة 25 والمادة 25/5 من قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952”. كما أكد القضاء الأردني على نفس المبدأ في قضية أخرى حين قرر أنه لمستعمل العلامة التجارية السابقة التي أصبحت العلامة مميزة لبضائعه الحق في ترقين (شطب) العلامة التجارية المسجلة بإسم شخص أخر إذا توافرت الشروط التالية:

أ‌- إذا ثبت أن هنالك تشابها بين العلامتين من شأنه ان يؤدي الى غش الجمهور.
ب‌- إذا كان إستعمال العلامة سابقا لتاريخ وتسجيل العلامة المطلوبة حذفها.
ج‌- إذا لم يمر على تسجيل العلامة المطلوب ترقينها مدة خمس سنوات.

ويتضح من هذه الأحكام أن القضاء الأردني قد حسم مسألة المدة التي يلزم أن يقدم خلالها طلب الدفع بأسبقية إستعمال العلامة في مواجهة من قام بتسجيلها وحددها بمدة خمسة سنوات تبدأ من تاريخ التسجيل ، فإن انقضت المدة على تسجيل العلامة أصبح للتسجيل أثرا منشأ للحق في العلامة لمن قام بتسجيلها، فيعتبر هو المالك لتلك العلامة.

ولا يخفي أن مسلك القضاء الأردني في هذا الشأن، يؤدي الى تحديد المراكز القانونية للفرقاء في العلامة التجارية، إذ لا شك أن ترك الباب مفتوحا امام مدعي اسبقية إستعمال العلامة في مواجهة من قام بتسجيلها دون تحديد مدة معينة لذلك الإدعاء، يجعل حق من قام بتسجيل تلك العلامة مهددا من وقت لآخر، وبالتالي يجعل مركزه القانوني غير مستقر، فضلا عن أن في ذلك مكافأة للشخص الذي أهمل في تسجيل علامته مكافأة لا يستحقها، فإذا كان قد أهمل في تسجيل علامته حتى قام آخر بتسجيلها ولم يعترض على ذلك التسجيل خلال المدة المضروبة لذلك، عندئذ فلا يؤمن إلا نفسه، فإذا كان القانون لا يحمي المغفلين فإنه ينبغي إلا يحمي المهملين أيضا.

خامسا: سجل العلامات التجارية:

1. وضع سجل للعلامات التجارية:

لقد أوجب قانون العلامات التجارية الأردني رقم 33 لسنة 1952 على وزارة التجارة الإحتفاظ بسجل معين، يعرف بسجل العلامات التجارية من أجل تحقيق الغايات التي قصدها المشرع الأردني من هذا القانون، وذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون المذكور بقولها
“يحفظ سجل تحت إشراف مسجل يعينه وزير التجارة يعرف بسجل العلامات التجارية يدون فيه جميع العلامات وأسماء اصحابها وعناوينهم واوصاف بضائعهم وإعلانات التحويل والنقل والتنازل وشروطها وقيودها وكل ما يتعلق بها من امور قد يقرر فرضها من وقت إلى آخر”

وعليه يعتبر سجل العلامات التجارية مرآه حقيقية لجميع الأمور والإجراءات التي تتعلق بالعلامة التجارية المسجلة، إذ تدون فيه جميع العلامات التجارية وكل ما يتعلق بها من أمور قد يقررها المسجل من وقت الى أخر، وفقا للأصول القانونية، ويكون ذلك السجل تحت إشراف مسجل العلامات التجارية الذي يعين من قبل الوزير.

وينظر إلى سجل العلامات التجارية كوحدة واحدة، إذ قررت محكمة العدل العليا أن “سجل العلامات التجارية الموجودة بتاريخ العمل بقانون العلامات التجارية لسنة 1952 يعتبر سجلا قانونيا وجزءا من السجل الجديد سواء أكان ذلك السجل في الضفة الغربية أم في الضفة الشرقية . وبالتالي، فإن تسجيل العلامة التجارية في الضفة الغربية يعتبر منتجا لآثاره في الضفة الشرقية أيضا، والعكس صحيح بالطبع. ومن الجدير بالذكر، أن أول علامة تجارية سجلت لدى مسجل العلامات التجارية ، في فلسطين هي علامة المفتاحين مع رسمه، من أجل إستخدامها في تمييز مادة الصابون ، وما تزال هذه العلامة سارية المفعول. كما أن اول علامة تجارية سجلت لدى مسجل العلامات التجارية ، في الأردن ، هي علامة ثلاثة نجوم مع رسمه، من أجل إستخدامها في تمييز مادة الكبريت .

2. تصحيح سجل العلامات التجارية وتعديله:

نصت المادة 25 من قانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 على أنه “كل من لحقه حيف من جراء عدم إدخال قيد في السجل أو بسبب حذف أي قيد منه أو من تدوين أي قيد فيه من دون سبب كاف يبرر تدوينه أو بسبب بقاء أي قيد في السجل بصورة غير محقة أو وجود خطأ او نقص في أي قيد مدرج في السجل…..”.

كما نصت المادة 80 من نظام العلامات التجارية الأردني رقم 1 لسنة 1952م على أنه يجوز تعديل أي مستند أو رسم أو مصور للعلامة التجارية ويجوز تصحيح أي شكل في الأصول كما يرى المسجل أن من الجائز تصحيحه دون إجحاف بحقوق أي شخص آخر….”.

يتضح من هذا أن المشرع الأردني قد أجاز لكل صاحب شأن طلب تصحيح القيود أو البيانات الواردة في سجل العلامات التجارية ولطالب تصحيح السجل الحرية في تقديم طلبة إلى مسجل العلامات التجارية أو إلى محكمة العدل العليا حسب رغتبه، إذ له الحق في أن يختار بين ان يقدم طلبه مباشرة إلى المحكمة أو أن يقدمه إبتداء الى المسجل (م 25/1).

فإذا ما قدم طلب تصحيح السجل الى المسجل، فإنه يكون لهذا الأخير خياران:

الأول: أن يقوم بالفصل في موضوع الطلب (المسألة المختلف عليها) وذلك بعد سماع الفرقاء ذوي العلاقة .

الثاني: أن يقوم بإحالة الطلب – في أي دور من أدوار الإجراءات – إلى محكمة العدل العليا .

وقد أعطى القانون محكمة العدل العليا صلاحية الفصل في أية مسألة ترى من الضروري أو المناسب الفصل فيها في هذا الخصوص، فيجوز لمحكمة العدل العليا في أية إجراءات قائمة أمامها تتعلق بتصحيح السجل أن تفصل في أية مسألة ترى من الضرورة أو المناسب الفصل فيها .

كما أعطى القانون مسجل العلامات التجارية صلاحية تصحيح سجل العلامات التجارية أيضا فقد نصت المادة 27 من قانون العلامات التجارية الأردني على أنه يجوز للمسجل:

1. أن يصحح أي خطأ في إسم صاحب العلامة المسجلة أو عنوانه أو.
2. أن يسجل أي تغيير طرأ على أسم أو عنوان الشخص المسجل كصاحب العلامة التجارية، أو.
3. أن يشطب من البضائع التي سجلت العلامة التجارية بشأنها أية بضائع أو صنف من البضائع او.
4. أن يسجل أي تنازل أو أية مذكرة تتعلق بعلامة تجارية إذا كان ذلك التنازل او تلك المذكرة لا تزيد في الحقوق التي يخولها التسجيل الحالي لتلك العلامة، أو.
5. أن يلغي أية علامة تجارية مدونة في السجل.

ولا يخفي أن تصحيح سجل العلامات التجارية في مثل هذه الحالات ينبغي ان يأخذ في الإعتبار أمرين:

الأول: أن يتم التصحيح دون إجحاف بحقوق أي شخص آخر.

الثاني : أن يتم التصحيح وفقا للشروط والقيود والطريقة التي يرى المسجل أنه من الصواب فرضها.

وغني عن البيان، أن اي قرار يصدر عن المسجل بمقتضى أحكام المادة 27 سالفة الذكر يجوز استئنافة لدى محكمة العدل العليا.

3. الإعلان عن التغيرات في سجل العلامات:

يجب نشر كافة التغييرات التي تدخل على سجل العلامات التجارية، إذا على المسجل أن يتخذ كل التدابير لنشر كل تغيير أو إضافة يجري في التفاصيل المدرجة في السجل بشان أية علامة تجارية في الجريدة الرسمية وتكون نفقات ذلك على الشخص الذي تسبب في إدخال التغيير أو الإضافة في السجل .

ويحقق للمسجل الإقتراح على وزير التجارة أن يضع من وقت إلى آخر الأنظمة ويعين النماذج ويعمل بصورة عامة الأمور التي يراها ضرورية لتخويل المسجل صلاحية تعديل السجل سواء أكان ذلك عن طريق إدخال قيود جديدة فيه أو حذف بعض القيود منه أو تغييرها بقدر ما تتطلبه الحالة لتامين التطابق بين وصف البضائع أو اصنافها الواردة فيه متعلقة بالعلامات التجارية المسجلة مع أي تصنيف معدل أو تصنيف مستبدل يقرر إدخالة .

إغلاق