مقالات وبحوث
متى تكسب القضية
بقلم: المحامي والمستشار القانوني د. نهار بن عبد الرحمن العتيبي
من الأمور التي تؤرق المحامي الصادق المخلص هي كسب القضية التي تم توكيله للترافع فيها، فتراه يسعى بكل ما يستطيع لكسب هذه القضية إذا تيقن من أحقية موكله وأنه صاحب حق في هذه الدعوى وهذا أمر جيد بل هو الواجب على كل محامي .
في بعض الأحيان قد يخسر المحامي القضية لسبب أو لآخر مع قناعته بأن موكله صاحب حق لكن قد لا يتمكن من تحقيق ذلك إما لفقد دليل أو عدم معرفة موكله بالأنظمة أو لغير ذلك من الأسباب، وهنا يغتم المحامي ويهتم بسبب فوات هذا الحق ولثقة موكله فيه ولعدم قدرته على تحقيق ما أراد ، وهنا فالأفضل للمحامي ألا يتوقف إذا رأى إمكانية استفادة موكله من الاعتراض على الحكم لدى محكمة الاستئناف أو طلب النقض من المحكمة العليا فقد يتحقق له ما أراد خصوصا إذا حصل على بينات وقرائن تؤيد دعوى موكله وإذا رغب موكله في ذلك .
المحامي الناصح الذي يخاف الله عز وجل يستطيع من خلال اطلاعه على أوراق القضية أن يحكم عليها هل هي قضية ناجحة أو قضية خاسرة. أي: هل يمكن للمحامي أن يكسبها أو أنه لا يستطيع ذلك.
ومن الواجب عليه هنا أن يبلغ موكله بإمكانية كسب القضية بإذن الله لوجود أسباب تؤيد ذلك ويخبر موكله بأنه لا يستطيع كسب القضية الأخرى إما لعدم وجود الأدلة أو لعدم إيصال هذه الأدلة للمقصود أو غير ذلك ويعتذر مباشرة عن القضية ولا يظلم نفسه و يظلم موكله.
القضية التي يريد الترافع فيها ظالم أو يؤدي الترافع فيها إلى أكل حقوق الآخرين ظلماً أو يتسبب الترافع فيها إلى إلحاق الأذى بالآخرين ظلماً لا يجوز للمحامي أن يقبلها ولا أن يترافع فيها، فإن ذلك من ظلم العباد أو أكل لأموال الناس بالباطل وقد حرم الله تعالى ذلك في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الكسب الحقيقي لأي قضية هو مراقبة الله عز وجل فيها فرضى الله تعالى أهم من رضا المخلوق أيا كان هذا المخلوق وقد نبه إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ. (رواه البخاري).
فقد يكون المحامي قوي الحجة لكن قوة حجته يجب أن تكون في الحق وألا تكون في الباطل ‘.
فإذا قال المحامي الحق وترافع بحق فقد كسب قضيته أمام رب الأرباب في يوم يشيب فيه الولدان وتضع أحمالها ذوات الأحمال.