دراسات قانونية

أجهزة المحامين وماليتها (بحث قانوني)

بقلم ذ علال البصراوي

 

محام بهيأة المحاميـــن بخريبكة
حضور ممثل النيابة العامة في المجلس التأديبي تدخل مباشر في شؤون هيأة مستقلة

بقلم ذ علال البصراوي

محام بهيأة المحاميـــن بخريبكة
تراجع وضع المحامين التنظيمي رغم ايجابية تأسيس عدد من الإطارات المهنية

الحديث عن إصلاح منظومة العدالة قديم في المغرب، يتقدم خطوة ويتراجع أخرى، وذلك بسبب تشابك المصالح و تعقدها داخله وبالتأكيد أن أحد جوانب إصلاح العدالة هو إصلاح مهنة المحاماة. و يعد تعديل القانون المنظم للمهنة أحد مداخل هذا الإصلاح ، إلى جانب مداخل أخرى …

سبق أن كان قانون مهنة المحاماة موضوع تعديلات متلاحقة .لكن التعديل المطلوب اليوم يأتي في سياق خاص و يكتسي أهمية خاصة لأسباب واعتبارات متعددة نذكر منها:

أولا : تعديل قانون المهنة يأتي اليوم في ظل دستور جديد وضع قواعد مهمة للإصلاح في البلاد، بل جاء بأهم مقومات الإصلاح بشكل عام و في العدالة بشكل خاص ، بعدما نظم في بابه السابع السلطة القضائية باعتبارها سلطة مستقلة عن باقي السلط ووضع لتلك السلطة مبادئ و أسسا و نظم مؤسسات ، بعدما كان طموح الكثير من المطالبين بالإصلاح قبل الدستور لا يتجاوز في أحسن الأحوال المطالبة بالنص في الدستور على وصف القضاء باعتباره سلطة. هذا النص الدستوري استتبع وضع نصوص قانونية مهمة تهم السلطة القضائية نفسها، أهمها القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و القانون التنظيمي الخاص بنساء ورجال القضاء . وغيرها من القوانين التنظيمية و العادية خاصة تلك المتعلقة بالمحكمة الدستورية وغيرها.

لكن كل ذلك الصرح لا يمكن أن يكتمل إلا بوضع قوانين للمهن الأخرى ذات الصلة بالقضاء وفي مقدمتها المحاماة، تكون في درجة الأولوية نفسها وترتكز على تمثل حقيقي لمبادئ و أسس الدستور الجديد .

ثانيا: يأتي تعديل قانون المهنة أيضا في سياق مطالب الإصلاح التي اتسمت بها هذه المرحلة من تاريخ المغرب، في إطار حراك وطني شكل جزءا من الحراك في الوطن العربي.

و قد كان المحامون جزءا من هذا الحراك، بل إنهم كانوا في طليعته في بعض الدول كما هو الحال في تونس .
أما في المغرب فقد كان موقفهم ملتبسا ، إذ بالرغم من مساهمة عدد منهم كأفراد إلا أنهم كمؤسسات طبع سلوكهم التردد ، حتى في لحظة وضع الدستور.

و لا شك أن ذلك يعكس غياب رؤية واضحة للمحامين في هذه المرحلة.

و هكذا ففي الوقت الذي ظل فيه المحامون يطالبون بالإصلاح ، و أنتجوا في ذلك أدبيات كثيرة ، و راكموا خبرات فردية مهمة ، لكن للأسف لما وصلت ساعة الإصلاح تخلفوا ، وها هي فئات أخرى قريبة منهم تجني نتائج مطالبات المحامين بالإصلاح ، في الوقت الذي تزداد فيه قوانينهم تراجعا و أوضاعهم سوءا .
ثالثـا : يطرح اليوم تعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة في ظل وضـــع سيء تعيشه غالبية المحامين .
فبالإضافة إلى تراجع دورهم السياسي في المساهمة في صنع القرار ووضعهم الاقتصادي الذي جعلهم اليوم فئة تحاول بالكاد أن تغطي حاجاتها، فبالأحرى أن تكون فاعلة اقتصاديا كما كانوا في السابق أو كما هم في دول أخرى ( أين هم المحامون اليوم من القوة الاقتصادية التي كانوا يمثلونها يوم أصدرت فرنسا مذكرة بالجريدة الرسمية سنة 1920 تعرب فيها عن قلقها من تنامي القوة الاقتصادية للمحامين و التي أصبحت تشكل خطرا على سلطتها في المغرب؟.

إذن بالإضافة إلى التراجع في الأدوار السياسية و الاقتصادية تراجع وضعهم التنظيمي رغم ايجابية تأسيس عدد من الإطارات المهنية، إذ رغم تعدد الإطارات فإن مساهمتهم بقرار موحد في الشأن الوطني ضعيفة إن لم تكن منعدمة. يضاف إلى كل ذلك و يعكسه تراجع كبير على مستوى التكوين الذاتي و العلاقات البينية و الغيرية، و ذلك بعدما كان بينهم مفكرون و كتاب و فنانون و زعماء سياسيون ، و مسؤولون في كل مناحي الحياة العامة الوطنية .
إذن السمة العامة للوضع الحالي للمحامين هو التراجع ، و لا نكاد تسجل أي إضافة إلا في أعدادهم (يشار إلى أن عدد الذين سيسجلون هذه السنة حوالي 2400 شخص) التي يطرح حولها أكثر من سؤال حول أسبابها و تبعاتها .
هذه بعض ملامح و سياق الوضع الذي يطرح فيه اليوم تعديل قانون المهنة.

و إذا كان هذا التعديل سيمس أو ينبغي أن يمس جوانب كثيرة في القانون المنظم من شروط الولوج إلى أداء القسم و الممارسة و التأديب و العلاقات البينية و انتخاب الأجهزة ، فإنني في هذا الحيز سأقتصر على جانبين أعتبرهما مهمين ينبغي أن يعرض لهما التعديل بشكل واسع و عميق ، و يتعلق الأمر بأجهزة الهيأة ثم ماليتها. و لا شك أن اختيار هذا الموضوع في شقيه له مبررات عدة لا يخفى جلها على الممارسين إذ لم نقل كلها ، ذلك أن أجهزة الهيأة هي الساهرة على سير الحياة المهنية اليومية و بتعطلها أو سوء تشكيلها أو تسييرها تتعطل و يسوء سير الحياة اليومية للمهنة.

لذلك ينبغي دائما إيلاؤها الأهمية القصوى من حيث البحث دائما على أحسن الطرق للوصول إلى أجهزة جادة و فعالة ، قادرة على رفع التحديات المطروحة اليوم أمام هيآت المحامين.

أما المالية فلا تخفى على أحد اليوم أنها أصبحت تشكل أحد أوجه التوترغير المعلن داخل الهيآت ، إذ بعدما كانت مالية الهيآت ضئيلة و تتشكل من مساهمات المحامين ، اليوم و بعد دخول حيز التنفيذ مقتضيات الفصل 57 من قانون المهنة تحولت تلك الميزانيات إلى أرقام ضخمة، فشكل ذلك تحولا انعكس مباشرة على جوانب كثيرة في الحياة المهنية ، يأتي تفصيلها لاحقا.

لذلك كله اخترت أن أتناول تعديلات قانون المهنة من خلال هاتين الزاويتين .

المبحث الأول : أجهــزة الهيأة

كما سبق القول فإن أجهزة الهيأة هي الضامن الفعلي لممارسة الحياة المهنية اليومية وبالتالي ينبغي لها ألا تظل خارج عصرها أو خارج السياق التاريخي الذي تمارس فيه مهامها، على الأقل السياق الوطني المتسم في المرحلة الحالية بمطالبات أساسية من تحديث وعصرنة وديمقراطية واعتماد مقاربات أساسية أهمها المقاربة التشاركية و مقاربة النوع ، وكل هذه الأفكار هي منطلقات – من ضمن أخرى – تأسس عليها الدستور الجديد بالمغرب ( دستور 2011 ) ولا ينبغي للمحامين أن يظلوا خارج هذا السياق العام الذي دخله المغرب في السنوات الأخيرة. وبشكل عام فإن أجهزة الهيأة ينبغي أن تحكمها مبادئ أساسية سواء من حيث تشكيلها أو اختصاصاتها أو في ممارستها لتلك الاختصاصات .

ويمكن تركيز تلك المبادئ في التالي : الاستقلالية، إذ تعتبر أهم خاصية ترتكز عليها مهنة المحاماة ، وربما هي التي جعلت و تجعل أجيالا من النخب تلتحق بالمهنة تاريخيا، و ذلك لما تضمنه هذه الخاصية من حرية مسؤولة في التفكير و التعبير والممارسة وفي العلاقة اتجاه الأشخاص والمؤسسات. ولذلك ظل المحامي مجسدا لحرية الفكر تاريخيا و في كل الأمم .

وفي المغرب فإنه إذا كانت الاستقلالية الفردية دائما ممارسة ملموسة فإن أجهزة الهيأة ظلت حسب المراحل تثار بها نزوعات الاستقلالية أو التضييق عليها، وذلك منذ بداية القرن الماضي، حيث كان النقيب يعين من طرف محكمة الاستئناف وفق اقتراح من المحكمة الابتدائية التي يزاول مهامه في دائرتها ، وذلك وفق شروط معينة .

ولم يسمح للمحامين باختيار النقيب إلا بمقتضى ظهير 27 أبريل 1920 الذي نظم انتخاب النقيب من طرف المحامين لكن شريطة حصوله على الأغلبية المطلقة من الأصوات في الدور الأول والوحيد، و إذا لم يحصل أي مرشح على ذلك فإن الاختصاص يعود لمحكمة الاستئناف في تعيين النقيب. أما من حيث الاختصاصات، فقد كانت شكلية، و تكفي الإشارة إلى أن التأديب كان كله تقريبا من اختصاص المحكمة الابتدائية و محكمة الاستئناف، و لم يكن للنقيب الاختصاص إلا في حدود عقوبة الإنذار. أما الولوج للمهنة أو التسجيل في الجدول فكان مطلقا من اختصاص محكمة الاستئناف.

هذا جزء من تاريخ المهنة الذي تطور فيما بعد ليصبح على ما هو عليه الآن، عبر سنوات وعقود شهدت صراعات لفرض الاستقلالية، وكان ذلك يعرف مدا وجزرا .

واليوم وبناء على مقتضيات الدستور الجديد وبعد تأسيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية وباعتبار المحامين جزءا من أسرة القضاء حسب ما هو منصوص عليه في قانون المهنة نفسه، فإن استمرار تبعية الهيآت لوزارة العدل عوض المجلس الأعلى للسلطة القضائية أصبح أمرا غير مبرر .

وهكذا فإنه ينبغي تحويل كل الاختصاصات التي هي اليوم لوزارة العدل و تتعلق بالمحاماة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية بدءا من تنظيم مباراة الولوج إلى المهنة و التي ينبغي هي أيضا أن تصبح امتحانا وليست مباراة . فذلك يكرس فكرة الاستقلالية بشكل أكبر . ولعل أكثر الأفكار التي تمس باستقلالية المهنة اليوم هو الطرح الرامي إلى حضور ممثل النيابة العامة في المجلس التأديبي للهيأة، إذ أن هذا المقتضى هو تدخل مباشر في شؤون هيأة مستقلة و نزع اختصاص أصيل منها، و هو أمر كما سبق ذكره حسم فيه منذ بداية القرن الماضي، فالتأديب هو شأن مهني و للنيابة العامة حق الطعن، هذا من حيث المبدأ، أما من حيث الممارسة أيضا فوضعية القاضي الإدارية و الوظيفية والأدبية لا تمكنه مطلقا من أن يلج مقر هيأة المحامين ليحضر مجالسها التأديبية .

إنه مفهوم يطرح في الوسط المهني على كل المستويات منذ ولوج المهنة و أثناء الممارسة وأيضا على مستوى الخيارات الكبرى .

وهكذا فإنه يطرح السؤال اليوم أمام السماح بولوج المهنة لأعداد كبيرة من الوافدين ( هذه السنة أزيد من 2400 وافد ) في الوقت نفسه الذي يتم فيه تضييق مجال اشتغال المحامي ، أمام هذا الأمر يطرح السؤال حول تأثير هذا كله على استقلالية المحاماة مستقبلا.

• الديمقراطية : إضافة إلى مبدأ الاستقلالية الذي يأتي في الرتبة الأولى لأنه لا تتصور أصلا مهنة المحاماة بدون استقلالية ، يأتي مبدأ الديمقراطية أو على الأصح يأتي مبدأ دمقرطة أجهزة الهيأة ، وهذا المبدأ ينصب أساسا على تشكيل الأجهزة من جهة وعلى ممارستها و تحديدا اتخاذها للقرار .

وتعرض لذلك بالنسبة إلى كل جهاز :

1 – النقيـب : إن ما يثيره منصب النقيب في علاقته بمبدأ الديمقراطية أمران اثنان .الأول : يتعلق بالشروط الواجب توافرها في منصب النقيب و تحديدا أقدمية خمس عشرة سنة .

إن هذا الشرط هو أساسا متعلق بالأقدمية ولا يرتبط بأية مؤهلات أو كفاءات التي قد تتوفر في من هو أقل أقدمية كما قد لا تتوفر في من له أقدمية خمس عشرة سنة أو أكثر. إن مسألة الأقدمية والسن هي مسألة بيولوجية لا دخل للبشر فيها ، و منطق الحكم للأقدم أو للأكبر سنا لم يعد له ما يبرره اليوم أمام، تعدد الكفاءات التي يفرضها الواقع اليوم .

الثاني : ترشح النقيب لأكثر من ولاية ، هذا المقتضى يمس أحد عناصر الديمقراطية وهو التناوب على المسؤولية ، إذ أن فتح الباب للنقيب ولأعضاء المجلس لأكثر من ولاية جعل بعض المحامين في الواقع العملي يقضون حياتهم المهنية كلها متنقلين بين منصب النقيب وعضوية المجلس، في الوقت الذي تعج فيه الهيآت بطاقات وكفاءات لا تعطاها الفرصة لتحمل المسؤولية.

الجمعية العمومية التي تنتخب النقيب و أعضاء المجلس ليس لها الحق في الإقالة

إن ترشح النقيب لأكثر من ولاية جعل كثيرا من المحامين الذين يتحملون المسؤولية يبقون في حالة حملة انتخابية مستمرة ، يمارس المسؤولية و يقوم بالحملة لولاية أخرى يفكر فيها مما يعطل القوانين و يفتح الباب للمحاباة و التغاضي عن كثير من السلوكات، و لعل أهم نتيجة لهذا السلوك هو تعطيل المساطر التأديبية في أغلب الهيآت ، الأمر الذي دفع المشرع أو القضاء إلى التدخل في كثير من الحالات التي كان يمكن تلاقيها بتدخل المجالس .

ولا شك أن الفصل 57 من القانون الحالي هو خير مثال على ذلك إذ اتفق الجميع على أن من أسباب نزوله هو عدم تحمل المجالس مسؤوليتها في ردع الذين لا يحافظون على ودائع موكليهم .

إذن من خلال ما سبق يتضح كيف أن المس بمبدأ الديمقراطية عن طريق تضييق مجال التناوب يؤدي إلى مخاطر على المهنة ككل قد لا تبدو ظاهرة للعيان للوهلة الأولى لكنها ثابتة.

من أجل كل ذلك فإنه ينبغي حصر ولاية النقيب في ولاية واحدة خاصة أن أمر تكرار تحمل المسؤولية لا يرتبط في الواقع الحالي لا بالكفاءة و لا بالانجازات أو غيرها، وإنما بأساليب الاستقطاب التي أصبح اليوم جزء منها غير مستساغ .

مجلـس الهيأة :

لمجلس الهيأة اختصاصات مهمة تطول كل مناحي الممارسة المهنية داخل الهيأة، لذلك ينبغي أن يضم أجود العناصر الموجودة بالهيأة بعد منافسة حرة و مفتوحة و مبنية على شروط معقولة و ليس على مسألة الأقدمية أو الفئات .

فتفييئ المجالس أو اشتراط أقدمية عشر سنوات أو فرض نقباء سابقين في المجلس بالصفة كلها عناصر تمس الديمقراطية لأنها تحد من الاختيار و التنافس الحر ، و تجعل مثلا شخصا عضوا في المجلس لمجرد أنه النقيب الأسبق الوحيد الموجود أو أن المرشح المنافس الثاني له يتنازل لفائدته …

لهذا فتفييئ المجلس ليس له أي مبرر و لم يقدم خلال هذه التجربة أية ايجابيات للممارسة المهنية.

وعلى خلاف مسألة التفييئ فإن اعتماد مقاربة النوع هو من الأمور المستعجلة تنظيميا، إذ أن القانون المنظم للمحاماة هو من القوانين القليلة جدا اليوم التي لا تعتمد مقاربة النوع، والتي أصبحت مقتضى دستوريا . وهكذا يكون المحامون وهم أساسا هيأة حقوقية قد تخلفوا عن تطبيق مقتضى كان ينبغي أن يعتمدوه حتى بدون نص .

الجمعية العمومية :

من أغرب المقتضيات الموجودة في قانون المهنة هي تلك المتصلة بالجمعية العمومية، إذ أن هذه الجمعية و التي هي من المفروض أن تكون أعلى هيأة تقريرية، جعلها المشرع بدون أية صلاحيات، إذ بمجرد انتخاب النقيب و المجلس ، تظل هذه الجمعية بدون صلاحيات حقيقية ، ورغم أنها تعقد اجتماعاتها مرتين في السنة إلا أنها لا تتخذ أية قرارات وإنما تناقش، ونقاشها استئناسي فقط ، و لأن الأمر كذلك فإن المحامين هجروا اجتماعات الجمعيات العمومية و أصبحوا لا يحضرون إلا إلى جموعها الانتخابية .

بل من غريب المقتضيات أن الجمعية العمومية التي تنتخب النقيب و أعضاء المجلس ليس لها الحق في إقالتهم أو إقالة أحدهم . وهكذا إذا خالف أحدهم القوانين أو ارتكب أفعالا خطيرة، فإن المحامين يظلوا ينتظرون إلى غاية انتهاء الولاية لاستبداله . وإلا فعليهم اللجوء إلى النيابة العامة ، وهذا طريق يتجنبه المحامون ولم يلجؤوا إليه .

إن الجمعية العمومية هي مصدر كل «السلط « في الهيأة ، و ينبغي أن تكون أعلى هيأة تقريرية، و لن يتأتى لها ذلك إلا إذا منحت لها الصفة التقريرية في كل شؤون الهيأة .

ولا شك أن ذلك سيعيد للجمعية العمومية حيويتها و نشاطها و يجعلها تستقطب حضور المحامين لاجتماعاتها .

المبدأ الثالث : ربط المسؤولية بالمحاسبة.

من المبادئ الأساسية اليوم في تسيير المؤسسات وتحمل المسؤولية ، ومن عناصر الحكامة ، هو ربط المسؤولية بالمحاسبة .

و هو مبدأ لم يعد اختياريا أو مجرد ترف بل أصبح مبدأ دستوريا ، إذ نص الدستور الجديد ( دستور 2011) في فصله الأول على أنه « يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية ، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة».

وإننـي أكرر دائما أن المحامين هم أولى بتطبيق مبادئ و قيم الديمقراطية وحقوق الانسان والحكامة الجيدة .

لذلك فإن هذا المبدأ يجب أن يجد طريقه إلى التطبيق في أجهزة المحامين و أن الطريق الأمثل لذلك هو تمكين الجمعية العمومية من محاسبة المسؤولين أي النقيب وأعضاء المجلس ، وترتيب النتيجة الطبيعية للمحاسبة في حالة وجود الخلل و ذلك بإقالتهم جماعة أو فرادى .

و مادامت الجمعية العمومية لا تملك هذا الحق – حق الإقالة أو سحب الثقة – فإن المسؤولية في هيآت المحامين لا ترتبط بأي محاسبة .

المبدأ الرابع : النجاعــة والفعاليــة :

يفترض أن يتسم عمل كل أجهزة الهيأة بالنجاعة والفعالية . لكن يلاحظ أنه إذا كان تسيير المؤسسات محليا ، الهيآت يبدو عاديا، فإن المشكل يطرح على الصعيد الوطني إذ أن الهيآت، وهي مؤسسات قانونية، لا تستطيع أن تترجم كثيرا من طموحاتها ومطالبها على الصعيد الوطني، وذلك لغياب إطار وطني من الطبيعية القانونية نفسها ، يمثل المحامين و يكون مخاطبا رسميا. مع التذكير طبعا بالأدوار الطلائعية التي أدتها التنظيمات الذاتية ذات الطبيعة الجمعوية و التي راكم من خلالها المحامون مكاسب وتجارب، لكن اليوم يحتاج المحامون إلى مؤسسة وطنية من الطبيعة القانونية نفسها للهيآت تتسم بالتجديد والفعالية.

 

بقلم ذ علال البصراوي

إغلاق