قضايا الساعه

الشراكة والتعاون كأليات لتمويل المشاريع التنموية (بحث قانوني)

د .عادل الصدقى

باحث فى المالية العامة والحكامة

الشراكة والتعاون كأليات لتمويل المشاريع التنموية على ضوء القوانين التنظمية

حظي مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذى يقوم على اساس استقطاب القطاع الخاص لتطوير وتمويل المشاريع التنموية والتي تقدم الخدمات العامة للمواطنين والمواطنات مقابل حصول هدا الاخير على بدل مالي يغطي استثماراته المالية وماتحمله من كلفة يصعب تغطيتها وهذا ماجعل المشرع يهتم بالشراكة والتعاون للجماعات الترابية خاصة وأن هذه الاخيرة أسندت لها بمقتضى القوانين التنظيمية، مسؤوليات كبيرة وجسيمة كانت في الوقت القريب من اختصاص الدولة، وأمام هاته المسؤوليات والأدوار الجديدة يبقى مجال التعاون والشراكة السبيل الأمثل لتحقيق مشاريع تنموية.
وقد جاءت القوانين التنظمية المتعلق بالجماعات الترابية بعدة تعديلات همت استحداث أساليب وآليات جديدة للتعاون والشراكة تستهدف الفعالية والمردودية في مجال التنمية المحلية عن طريق توسيع إمكانيات التعاون، إن على مستوى الأطراف أو على مستوى مجالات التعاون وآلياته، وميز بين أشكال
مختلفة للشراكة و التعاون تشمل إبرام اتفاقيات، وتأليف واستحداث مجموعات للجهات أومجموعات الجماعات الترابية أو إحداث شركات للتنمية الجهوية.[1]

ويعتبر التعاون والشراكة آليتين أساسيتين في نجاح أي تجربة محلية اوجهوية، وذلك نظرا لما تقدمه من حلول للضعف المسجل على المستوى الأداء التنموي للجماعات الترابية، وأهمية هذه التقنيات فرضت ضرورة وجود إطار قانوني متطور يكون في مستوى المكانة التي أصبح يحتلها التعاون والشراكة، كوسيلة تستخدمها الجماعات الترابية لمواجهة حاجياتها المتزايدة أمام عدم كفاية مواردها الذاتية.

المطلب الاول: اليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص

تشكل الموارد المالية التي تتوفر عليها الجماعات الترابية عاملا محددا لتنميتها، إذ أن نقل
الاختصاصات المعتمدة في إطار اللامركزية يجب أن يكون مصاحبا بتوفير الموارد المالية الكافية، غير
أن الضعف الواضح في تمويل التنمية المحلية يعد مؤشرا رئيسيا للمشاكل الكثيرة التي يعرفها التدبير
المحلي، مما يستدعي البحث عن مصادر تمويلية تشكل بديلا ناجعا للموارد التقليدية التي تعتمد عليها
الوحدات اللامركزية.
إن الأمر لا يتعلق فقط بوضع ترسانة من المساعدات ( تسهيلات، إعانات..) ، من أجل حل
الإشكال المالي المحلي، ولكن أيضا لتحديد وتقوية الروابط التنظيمية بين الجماعات الترابية والقطاع
الخاص بهدف تحديد أولويات فيما يخص التمويل، رغم أن هذه الشراكة مع القطاع الخاص في أشكالها
التقليدية، سواء التعاقدية أو المؤسساتية، لم تفلح في بلوغ أهداف التنمية المستدامة.[2]

الفقرة الأولى: مفهوم وتطور عقود الشراكة

تعتبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من أهم أصناف عقود الشراكة التي يُمكن اللجوء إليها
خاصة في ظل محدودية الموارد المالية المتوفرة من الاستفادة من القدرات الابتكارية للقطاع الخاص، ومن ضمان توفير الخدمات بصفة تعاقدية وتقديمها في الآجال وبالجودة المتوخاة وأداء مستحقاتها جزئيا أو كليا من طرف السلطات العمومية وبحسب المعايير المحددة سلفا.

فقد تم تعريف عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص فى المادة الاولى[3] من القانون 12.86 فى حين نجد المشرع الفرنسى، فقد عرف عقد الشراكة اداري يعهد بمقتضاه احد الاشخاص القانون الخاص القيام بمهمة شاملة تتعلق بتمويل الاستثمار المتعلق بالاعمال والتجهيزات الضرورية للمرفق العام وادارتها واستغلال وصيانتها طوال مدة العقد المحدد وفق طبيعة الاستثمار او طرق التمويل، فى مقابل مبالغ مالية تلتزم الادارة المتعاقدة بدفعها اليه بشكل مجزا طوال مدة الفترة التعاقدية[4]

إن من بين أهم مبررات اعتماد هذه الآلية دورها في جلب رؤوس الأموال الخاصة للمشاركة في تمويل المشاريع المقامة بالجماعة بما يتناسب واستراتيجية التنمية المحلية، وتحسين مستوى تدبير الجماعات الترابية، وكذا تحديث وعصرنة المرافق العامة، ناهيك عن تسهيل تداول رؤوس الأموال من أجل تمويل البنيات التحتية من غير أن يؤثر ذلك على الميزانية، فضلا عن التشجيع على إنشاء وانتشار المقاولات بالجهات ومن بين الأسباب والأهداف الداعية إلى تقوية أسلوب الشراكة، هناك:
– أهمية ومتطلبات التحديث المجالي والبنى التحتية.
– قوة المنافسة بين الجهات سواء في المحيط الوطني أو الدولي تجعل النشاط الجهوي قاطرة نحو التنمية والرفع من وثيرة مشاريع التهيئة الكبرى والمعقدة في سبيل تحسين صورة الجماعات الترابية على المستوى الداخلى اوالخارجي.
وبناء على ذلك يتضح أن التنمية والتنشيط الإقتصادي للجماعات الترابية لا يقتصر على متدخل واحد بل يحتاج إلى تعددية في المتدخلين وذلك للمساهمة من:
– مساهمة الخواص في تمويل المشاريع والبرامج المقامة بالجماعات الترابية بما يتناسب واستراتيجية التنمية المحلية
– استفادة الجهة من تجربة المقاولات الخاصة فيما يخص أساليب عملهم، والتشبع بروح المقاولة والمبادرة، وذلك لتأكيد فكرة الجماعة المقاولة القادرة على التنشيط الإقتصادي والتنموي.[5]

استفادة الجماعات الترابية من فعاليات المجتمع المدنى فى اطار علاقاتها مع المنظمات الدولية فى دعم مشاريع تنموية

وقد منح المشرع للجماعات الترابية امكانية ابرام اتفاقيات الشراكة بين مختلف المتدخلين من اجل انجاز مشروع او نشاط مشترك لايقتضى اللجوء الى احداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام او الخاص[6]

الفقرة الثانية: تدعيم الشراكة لتقوية اختصاصات الجماعات الترابية

تتميز عقود الشراكة بمجموعة من الخصائص التى تبرز خصوصياتها واختلافها نظرا لتعدد الاطراف المشتركة فى تنفيدها والهدف من الشراكة الدى يكون بالدرجة الاولى بالنسبة للجماعات الترابية هو تحقيق المشاريع التنموية لصالح العام، حيث تعمل الشراكة على إيجاد صيغة ملائمة تمكن الأطراف التي تجمع بينهما (الجماعات الترابية – القطاع الخاص – المجتمع المدنى) أهداف مشتركة أو برامج متشابهة، من اجل تحقيق الغايات المنشودة من خلال توحيد الرؤى والجهود وتكامل القيم، والعمل على تجاوز التحديات والمصاعب التي قد تعترض العمل، الشيء الذي يوفر بيئة صالحة للعمل المشترك سواء على المدى القريب او المتوسط او البعيد وتزداد الأمور صعوبة في حالة عقد الشراكات مع الجهات أو المؤسسات الأجنبية، التي تتطلب السرعة والمهنية في التعامل، حيث يصطدم ذلك بمركزية القرار وابعاده من المستوى الجهة. وحتى في حالة صدور القرار وعقد الشراكة فإن هذه الأخيرة لا تتخذ ذاك الطابع اللازم بها، أي شراكة ذات بعد وطابع جهوي، بل إنها تنحو في الأخير أن تكون اتفاقية مركزية موقعة من طرف أكثر من وزارة أو مسؤول في المركز.

إن القانون 86.12 المنظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص حصر الأشخاص العامة التي لها الحق في إبرام عقود الشراكة في الدولة والمؤسسات العمومية التابعة للدولة والمقاولات العمومية، واستثنى بذلك الجهات وباقي الجماعات الترابية، غير أن القوانيين التنظيمية رقمى 111.14 – 112.14-113.14 المتعلق بالجماعات الترابية قد خصص مجموعة من النصوص لاتفاقيات التعاون والشراكة وقد خول المشرع للجماعات الترابية في إطار الاختصاصات المخولة لها، إمكانية إبرام فيما بينها أو مع جماعات تربية أخرى أو مع الإدارات العمومية أو المؤسسات العمومية أو الهيئات غير الحكومية الأجنبية أو الهيئات العمومية الأخرى أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة اتفاقيات التعاون أو الشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص، [7]، وتحدد الاتفاقيات على وجه الخصوص، الموارد التي يقرر كل طرف تعبئتها من أجل إنجاز المشروع أو النشاط المشترك على اعتبار حصة كل طرف فى المشروع سواء كان ماديا اوتقنيا، وتعتمد ميزانية أو حساب خصوصي لإحدى الجماعات الترابية المعنية سندا ماليا ومحاسبيا لمشروع أو نشاط التعاون وترد أغلب اتفاقيات الشراكة في المجالات الحيوية والمهمة، التي من شأنها تدعيم التنمية المحلية والجهوية، وتدفع بالاقتصاد الجهوي ليدعم نظيره الوطني، وذلك في حالة ما إذا تم تجاوز العوائق التي تعترض هذا الأسلوب والمتمثلة أبرزها في:

-1 عدم توفر الجهة على سلطة إبرام اتفاقيات الشراكة، إذ تضطر هذه الأخيرة إلى إرسال طلبات الشراكة إلى المركز وانتظار مصادقة على عقد الشراكة[8]، وهو ما يجعل المنتخبين لا يعملون على التفكير بجد في إبرام شراكات مع المصالح الخارجية.

-2وكذلك من العوائق التي تحول دون تطور وانتشار أسلوب الشراكة، حجم كلفة المشاريع التي تحددها الدولة والتي تكون مرتفعة فترتفع معها حصة مشاركة الجماعات الترابية فيها ، الأمر الذي يجعل الجماعات الترابية بمواردها الضعيفة غير قادرة على الدخول في مثل هذه الشراكات نظرا للالتزامات التى تبقى عاتقها فى اتفاقية الشراكة

إلا أنه تبقى تجارب ضعيفة بالمقارنة مع الاهداف المتوخى من الشراكة، ورغم العوائق التي تعترضها على المستوى المحلى اوالجهوي، فإن هذه الأخيرة قد أبانت عن إيجابيات مشجعة، حيث أنه كلما ساهم أي طرف في إنجاز أي مشروع يكون الهدف منه تنموى، تشجع الجماعات الترابية على عقد شراكات جديدة فى اطار جماعة مقاولة يكون هدفها الاسمى تحقيق التنمية المحلية، بالاضافة الى ظهور فاعل جديد كالمجتمع المدنى، الدى تنامت ادواره فى ظل الدعم الدى يتلقه من المنظمات الدولية فى شكل مشاريع تنموية، على اعتباره قربه من المواطنين وكدا المقاربة التشاركية التى يشتغل بها وهدا ماجعل اختصاصاته تتنامى

المطلب الثانى: التعاون كأحد دعائم تمويل المشاريع التنموية

تشكل صيغة التعاون ما بين الجماعات الترابية إحدى أهم الآليات التي توظفها لتجسيد التنمية التشاركية، بعناصرها ومفهومها الواسع، نظرا للمزايا العديدة التي تحققها، وتتمثل هذه الأخيرة خاصة في الاستجابة أكثر للحاجيات المتزايدة للمواطنيين، فالتعاون ينم عن ذلك السلوك العقلاني الذي يجب أن يحكم عقلية المنتخب المحلي، إذ بفضله يتم تحقيق مردودية أكبر، وبالتالي تحقيق التوازن للجماعات الترابية، أي تحقيق أكبر قدر من المنفعة بأقل الوسائل الممكنة، وذلك بالبحث عن إطار محكم لعمل يعتمد النظرة المستقبلية الجريئة والتخطيط المتبصر الذي يلائم ضمن استراتيجية شمولية بين خصوصيات الجماعات الترابية ومتطلبات التنمية المحلية وتحديات الاقتصادية المتنامية، وكذلك الكشف عن حقيقة دورالتعاون اللامركزي في تقوية حركية الحكامة المحلية فى اطار مقاربة تشاركية بين مختلف المتدخلين

الفقرة الأولى: الـتأطير القانوني لمبدأ التعاون

يعتبر مبدأ التعاون من القيم التنظيمية المؤطرة للفعل الإداري الناجع والفعال، حيث أجمع الباحثون
في علم الإدارة على أن نجاح العمل الإداري هو رهين بمدى التعاون الحاصل بين الوحدات الإدارية
وتضامنها، لكن رغم الأهمية البالغة للتعاون بين الجماعات الترابية نجد أن هذه الأخيرة لم تلجا بعد إلى تفعيل هذه الآلية على أرض الواقع في أغلب الجماعات الترابية، هذا من جهة ومن جهة أخر أنه لا يمكن لها أن تكون ناجحة في سياستها التنموية، ما لم تشكل نسقا مفتوحا متفاعلا مع المحيط الخارجي، وقد يأخذ هذا التفاعل أشكالا وأبعادا مختلفة لا تتقيد بالزمان ولا بالمكان، لذا فالجماعات الترابية مدعوة لأن تنفتح على محيطها، وهذه إمكانية منحها إياها القانون المنظم للجهات والعمالات والاقاليم والجماعات مع الفاعلين الاقتصاديين بشكل عقلاني ومدروس لبلورة تنمية اقتصادية عبرتهييء الجو الملائم للاستثمار، وما يترتب عنه من حل مشاكل مرتبطة أساسا بتنمية النسيج الاقتصادي ومن خلال تطوير العلاقات التعاونية من جهة مع المؤسسات العمومية وفعاليات المجتمع المدني، لإنجازبرامج اقتصادية واجتماعية مندمجة ومن جهة أخرى مع القطاع الخاص لإحداث مرافق عمومية وتسييرها[9]

وهذا ماجعل القوانيين التنظمية المتعلقة بالجماعات الترابية تتطرق لمسألة التعاون حيث اناط للمجالس التقرير في القضايا المتعلقة بالتعاون ولاسيما

فتدعيم وتعزيز التعاون بين الجماعات الترابية فيما بينها ركيزة من ركائز التنظيم الجهوي الترابي، كما نص عليه في دستور2011 الفصل 136 و144 من شأنه أن يشكل وسيلة للتعاون الترابي في ميدان التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية واعداد التراب الوطني، ويخول بالتالي للجماعات الترابية، التي لا تملك وسائل مادية كافية، الاستفادة من مساعدات لتمكينها من إدارة شؤونها، ومن التقليص من تبعيتها نحو المركز كما أن آلية التعاون هاته تشكل بالنسبة للجماعات الترابية إطارا مرجعيا لسياستها التعاونية ، وانجاز برامج العمل بين الجماعات لجعل الجهة على علم بالاختيارات المتخذة على المستوى المحلي، وبالتالي تكامل المبادرات التنموية حتى تكون أكثر استجابة لمتطلبات وحاجيات ساكنة الجهة، وأكثر نجاعة وفعالية، فالتعاون بين الجماعات الترابية يعتبر اداة للتضامن بين الجهات الغنية والفقيرة ويشكل مرجعا مهما واطار ملائما للنهوض بالعمل الجهوي[10]

الفقرة الثانية: إشكالات القانونية والممارسة لمبدأ التعاون وتأثيره على الاستقلال
المالي للجماعات الترابية

إن مسألة تأطير التعاون من الناحية الشكلية خاصة على المستوى الدستوري، قد وقع لبس،
بحيث كان من الممكن الاكتفاء بمقتضيات الفصل 136 الذي يجعل من ” التعاون” ركيزة من ركائز
التنظيم الجهوي الترابي، ومن الملاحظات الشكلية، أن المشرع الدستوري من خلال ترتيبه للأبواب، جعل من شركات التنمية تتصدر باقي أشكال التعاون، وهنا لا يعقل أن تتصدر شركات خاضعة للقانون الخاص، مؤسسات عمومية كمؤسسة التعاون بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية والتي تعتبر أشخاصا خاضعة للقانون العام خاصة وأن ترتيب الأبواب في المجال التشريعي له دلالات عميقة تحيل على نوع من التراتبية في الأهمية والمغزى.

وفيما يخص تأطير القانوني للتعاون، فقد أثار عدة إشكالات قانونية خاصة ما يتعلق بمؤسسات التعاون بين الجماعات، والتي تمارس اختصاصات تدخل في صميم اختصاصات مجالس الجماعات الترابية، فضلا عن أن هذه المؤسسات تخضع لنظام تشريعي خاص لا يجد أساسه في الدستور، فبنية مؤسسات التعاون الجماعي تختلف نوعيا عن بنية المجالس الجماعية من حيث التشكيل والنشأة، فإذا كانت المجالس الجماعية ممثلا شرعيا للسكان بانتخابها بالاقتراع العام المباشر، فكيف يعقل أن تمارس هذه الاختصاصات من طرف مؤسسات التعاون الجماعي التي يتندب أعضائها من طرف مجالس الجماعات المعنية

وفي إطار الديمقراطية التشاركية وطبقا للفصل 139 من الدستور، تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها، وهو ما يشكل مصدرا مهما لتعبئة إمكانيات مالية لتنفيذ مشاريع بناء على برامج عمل متفق عليه ..

كما أتاح القانون التنظيمي للجهة إمكانية تنفيذ برنامج التنمية الجهوية عند الاقتضاء، في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين مثلا في إطار ما يسمى بعقود البرامج.

ومن أجل مجابهة هذه الفوارق، عمل دستور 2011 على تكريس مبدأ مواز لمبدأ التدبير الحر بالقوة والدرجة نفسيهما، وهو مبدأ التعاون والتضامن، لضمان حد أدنى من المرافق والخدمات للمواطنين بغض النظرعن النطاق الترابي الذي يوجدون فيه في إطار من التضامن والتآزر، من جهة، ولإيجاد آليات للتعاون في ما بين الوحدات الجغرافية المختلفة في إطار وحدة الدولة، من جهة ثانية.

في هذا الإطار، نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون التنظيمي للجهات على أن التنظيم الجهوي يرتكز على مبدأي التعاون والتضامن بين الجهات، وبينها وبين الجماعات الترابية الأخرى، من أجل بلوغ أهدافها وخاصة إنجاز مشاريع مشتركة وفق الآليات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي.

ويشكل كل من صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات مصدرين أساسيين في تحقيق النهوض بأوضاع الساكنة على مستوى الجهات، ونص في هذا السياق الفصل 142 من الدستور على أنه يُحدث لفترة معينة ولفائدة الجهات صندوق للتأهيل الاجتماعي، يهدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات.

كما يُحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات، بهدف التوزيع المتكافئ للموارد، قصد التقليص من التفاوتات بينها. مما سيساعد على تحقيق تحقيق التوازن والتضامن بين الجهات و سد العجز بينها في مجالات التنمية البشرية والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات.

ويمكن القول ان الجماعات الترابية مدعوة قبل اي وقت مضى بابتكار حلول بديلة للتمويل، كعقد اتفاقيات التعاون والشراكة مع القطاع العام والخاص والمجتمع المدنى، واتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي مع جماعات الترابية وطنية وأجنبية. كما يمكن للجماعات الترابية إبرام اتفاقيات مع فاعلين من خارج المملكة في إطار التعاون الدولي فى اطار تحقيق التنمية المحلية وكذا الحصول على تمويلات في نفس الإطار بعد موافقة السلطات العمومية، ولا يمكن إبرام أي اتفاقية بين جماعة ترابية مع دولة أجنبية. ويمكن للجماعات الترابية الانخراط والمشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية فى اطار الاستفادة من التجارب الدول فى تفعيل الية التعاون والشراكة لتمويل المشاريع التنموية.

الهواميش

[1] عادل تميم الجهوية المتقدمة بين اشكالية توزيع الاختصاصات والتاطير الدستوري دراسة مقارنة الطبعة الاولى 2017 مؤسسة افزارن للطباعة بطنجة ص 139
2 يونس سلامة الشراكة قطاع العام- قطاع الخاص التوجه المغربي على ضوء التجارب المقارنة سلسلة المغربية لبحوت الادارة والاقتصاد والمال العدد الرابع مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة الاولى 2011 ص 18

3 تعريف الشراكة بأنها تعد، “عقدا محدد المدة، يعهد بموجبه شخص عام إلى شريك خاص مسؤولية القيام بمهمة شاملة تتضمن التصميم والتمويل الكلي أو الجزئي والبناء أو إعادة التأهيل وصيانة أو استغلال منشأة أو بنية تحتية أو تقديم خدمات ضرورية لتوفير مرفق عمومي.”

4 رشيد عدنان ” نشاة وتطورعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ” مجلة مسالك عدد 17-18 سنة 2011 ص 170

5محمد امين عبدى ” الجهوية المتقدمة ورهان التغيير” بحث لنيل دبلوم الماستر فى القانون العام جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة 2011-2012 ص 30

6 المادة 164 القانون التنظيمى رقم 111.14 المتعلق بالجهات

المادة 132 القانون التنظيمى رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والاقاليم

المادة 149 القانون التنظيمى رقم 113.14 المتعلق بالجماعات

7 المادة 162 القانون التنظيمى رقم 111.14 المتعلق بالجهات

المادة 141 القانون التنظيمى رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والاقاليم

المادة 149 القانون التنظيمى رقم 113.14 المتعلق بالجماعات

8 المادة 10 القانون رقم86.12

يصادق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص المبرمة من طرف الدولة بمرسوم.

يصادق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص المبرمة من طرف المؤسسات العمومية التابعة للدولة من لدن مجلسها الاداري ويتم التصديق عليها من طرف سلطات الوصاية.

يصادق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص المبرمة من طرف المقاولات العمومية وفق مقتضيات نظامها الاساسي.

يتم تبليغ عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص المصادق عليه الى نائل العقد قبل اي شروع في التنفيد.

9نجاة سرار اشكالية العلاقة بين التنمية المستدامة والجهوية المتقدمة اطروحة لنيل الدكتوراه فى القانون العام جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة 2012-2013 ص336

10 عادل تميم الجهوية المتقدمة بين اشكالية توزيع الاختصاصات والتاطير الدستوري مرجع سابق ص 145

إغلاق