دراسات قانونية

الشكلية وترسيمها في العقود العقارية (بحث قانوني)

قانون عقاري

شكلية ترسيم العقود العقارية

إعداد : الأستاذ : محمد علي بن قوته

مساعد للتعليم العالي وباحث جامعي

الأستاذة : ريم وناسي

مساعدة للتعليم العالي وباحثة جامعية

المقدمة :

ما من شك في أن للعقار أهمية بالغة سواء على المستوى الإقتصادي أو الاجتماعي أو النفسي فالرغبة في إمتلاك أو تملك عقار قديمة قدم البشرية إذ سعى الإنسان منذ لحظة وجوده إلى السيطرة على الأرض والاستحواذ عليها خاصة مع وجود منابع الحياة وهو ما ساعد على تشكيل البشرية في شكل مجموعات عرفت لاحقا بالقبيلة وهو الأمر الذي أدى إلى إندلاع عدة حروب عبر تاريخ البشرية تحركها الرغبة في السيطرة والتملك وتواصل ذلك إلى حين نشأة الدولة وهو ما أدى لاحقا إلى بروز الموجة الاستعمارية التي تهدف إلى السيطرة على الدول الضعيفة واستغلال ثرواتها وأراضيها الخصبة.

أما على المستوى الإقتصادي فإن للعقار قيمة بالغة سواء كان ذلك من ناحية الاستثمار العقاري عبر إنجاز البناءات والمحلات التجارية والسكنية أو عبر الاستثمار الفلاحي باستغلال العقارات الخصبة في المجال الفلاحي.

أما من الناحية النفسية والاجتماعية فإن العقار يمثل رمز إستقرار الإنسان ومصدرا للثروة نبل المكانة الاجتماعية وكنتيجة لهذه الأهمية كان العقار محل إهتمام المشرّعين بما في ذلك المشرع التونسي الذي خصه بنظام قانوني خاص تتمثل في مجلة الحقوق العينية الصادرة بمقتضى القانون عـ5ـدد لسنة 1965 المؤرخ في 12 فيفري 1965 إلى جانب جملة من القوانين الخاصة المنقحة لهذه المجلة .

وقد عرف نظام الملكية العقارية منذ 1885 تفرقة جوهرية بين العقارات المسجلة الخاضعة لنظام التسجيل العقاري.

والعقارات غير المسجلة الخاضعة لقواعد القانون المدني وقد أدى إدخال نظام الإشهار العقاري إلى ميلاد شكلية جديدة وهي شكلية الترسيم التي تعتبر العماد الذي يرتكز عليه الإشهار العيني عن طريق السجل العقاري، ويمكن تعريف الترسيم بكونه واقعة قانونية وشرط ضروري لإنشاء أو نقل أو تعديل الحق العيني العقاري، ويقتضي التنصيص على الرسم العقاري للحق الذي أقر الحافظ بصحته.

وترتبط وجوبية الترسيم بالعقار موضوع العقد حيث أن هذه الشكلية تخص العقود العقارية التي يكون موضوعها عقارا مسجلا، كما أنها تستوجب أن يكون العقد مكتوبا ومسجلا بالقباضة المالية. وقد حدد المشرع مجال عملية الترسيم لأنها قد تشمل حقوقا عينية أو حقوقا شخصية وقد يقع الإعفاء منها أو تعويضها بشكلية أخرى، فالترسيم هو شكلية تكميلية تلي عمليتي التعاقد والتسجيل وترتبط بهما إرتباطا وثيقا. وتعتبر هذه الشكلية لازمة بالنسبة للعقود الواقعة على عقارات مسجلة بحيث يعتبر تسجيل العقار بسجل الملكية العقارية الشرط الجوهري والأساسي لإنجاز عملية ترسيم العقد إلى جانب إشتراط الكتب عند إبرام العقد وتسجيله بالقباضة المالية (الفقرة 1) كما حدد المشرع نطاق عملية الترسيم (الفقرة 2).

الفقرة (1) :

وجوبية تسجيل العقار بسجل الملكية العقارية لإتمام عملية الترسيم:

يحتوي نظام الشهر العقاري على نظامين : نظام الإشهار الشخصي الذي يعتمد على أسماء المالكين أو المتعاملين مع العقار في تنظيم الإشهار. ونظام الإشهار العيني الذي يعتمد على العقار ذاته بحيث يصبح ركيزة الإشهار ومنطلقه. يميل النظام التونسي نحو الصنف الثاني، وقد فرض المشرع تبعا لذلك إقامة رسم عقاري لكل عقار يحمل إسمه وعدده الرتبي ومساحته ومثاله منذ نشأته بموجب ترسيم حكم بالتسجيل صادر عن المحكمة العقارية. على أنه لفهم نظام التسجيل فإنه لابد من تبيان إجراءاته (أ) وذلك قصد بيان نتائجه (ب).

إجراءات التسجيل

ينقسم التسجيل العقاري إلى نوعين نظام التسجيل العقاري الإختياري ونظام التسجيل العقاري الإجباري. وقد وقع الإختيار على التسجيل الإختياري إلى حدود سنة 1964 حيث وقع إقرار التسجيل الإجباري.

التسجيل الإجباري:
لقد خص التسجيل الإجباري في البداية الأراضي الفلاحية وظل تنفيذه على مراحل واقتصر على الجهات التي أمكن للجان المسح العمل فيها. ثم في مرحلة ثانية توسع ميدان التسجيل الإجباري ليشمل باقي العقارات باستثناء العقارات المبنية داخل المساحات البلدية سنة 1979 ويتصف هذا النظام الإجباري بالصبغة الجبرية وبالمجانية وهو خاضع لبرنامج تضعه السلطة العامة على مراحل وحسب الجهات .

وبالإضافة إلى أعمال السلطة القضائية هناك أعمال فنية ضرورية تقوم بها إدارة قيس الأراض، فكل عقار يجب أن يحرر فيه مثال هندسي يضبط حدوده وأبعاده ويتم ربطه بقواعد جغرافية وفلكية ثابتة. وقد نص قانون التسجيل الإجباري بفصليه 16 و17 على عقاب كل من يقدم تصريحا كاذبا، وتتم عملية المسح بالنسبة لكل مشيخة بقرار من وزير العدل ويعلم به العموم قبل شهرين.

أما الإشهار فيتم عن طريق النشر بالرائد الرسمي وكذلك عن طريق المعلقات بمركز محكمة الناحية ومركز المعتمدية وعن طريق الصحافة والإذاعة حسب مقتضيات الفصل 3 من أمر 20 فيفري 1964. وإثر انتهاء الشهرين يتولى رئيس لجنة المسح بمساعدة كاتب وعون فني وبمحضر العمدة أو نائبه ومالكين اثنين تحديد المنطقة التي عهدت إليه بالنسبة لكل عقار وبطبق الرسوم.

وبعد انتهاء الحاكم من عمليات التحديد يحرر قائمة في جميع العقارات التي أحصاها ويضعها تحت طلب العموم بمركز محكمة الناحية ومركز المعتمدية ويعلن عن إيداعها بالرائد الرسمي والصحافة والإذاعة. وكل من يريد الاعتراض عليه أن يقوم بذلك كتابة في ظرف شهر، وفي حالة وجود اعتراض يحول الملف إلى المحكمة العقارية التي تنظر في الأمر فتصدر قرارا في ختم أعمال المسح، ويقع الإعلام به عن طريق الإشهار. أما الملفات التي ينعدم فيها الاعتراض فإن رئيس اللجنة يصدر حكما بتسجيل العقارات بمجرد انتهاء الأجل المذكور سابقا .

التسجيل الاختياري:
يمثل التسجيل الاختياري الجناح الثاني لنظام التسجيل العقاري في تونس. وقد تم تنظيم هذا الصنف صلب الفصول 319 إلى 357 م ح م ويتميز هذا النظام بصبغته الاختيارية والقضائية حيث أن عملية التسجيل هي رهينة لإرادة صاحب العقار ما لم يخضع العقار لعملية التسجيل الإجباري وهي من جهة أخرى تتم وفق إجراءات قضائية وبحكم من المحكمة العقارية.

ويقوم التسجيل العقاري على فكرة توضيح معاليم الملكية وإخضاع الأراضي والمباني لنظام الشهر العيني بإنشاء رسم بمثابة الحالة المدنية للعقار فلا ترسم به من الحقوق إلا التي أثبتها الحكم بالتسجيل، ومن الحقوق الجديدة إلا الثابتة قانونا.

وتتم عملية التسجيل الاختياري إستجابة لمطلب يقدمه صاحب حق عيني عقاري ويجب أن يحتوي مطلب التسجيل عن جملة من التنصيصات الوجوبية.

ويقدم المطلب إلى كاتب المحكمة العقارية مرفوقا بجميع رسوم الملكية والصكوك العامة والخاصة وغير ذلك من الوثائق التي تثبت الملكية. كما يقوم صاحب مطلب التسجيل بتأمين مبلغ مالي يساوي مصاريف التسجيل. ويطالب الغير الذي بحوزته الرسوم والوثائق التي تهم العقار بتقديمها إلى كتابة المحكمة خلال أجل 8 أيام التي تلي الإنذار الذي يوجهه إليه طالب التسجيل وإلا فهو مسؤول عن تعويض الضرروتشرك ثلاث مؤسسات عمومية في عملية التسجيل وهي المحكمة العقارية وإدارة قيس الأراضي وإدارة الملكية العقارية.

المحكمة العقارية:

لقد أحدث قانون 1 جويلية 1885 محكمة مختلطة مختصة بالنظر في مطالب تسجيل العقارات وتتركب من قضاة فرنسيين وقضاة من علماء الشريعة وأصول الدين ثم وقع تعويضها سنة 1957 بالمحكمة العقارية والتي تتركب من خمسة قضاة . ويمكن أن تكتفي بثلاثة قضاة في صورة عدم وجود إعتراض على مطلب التسجيل.

وتحكم المحكمة العقارية بثبوت الملكية وبترسيم الحقوق العينية الموظفة على العقار زمن التسجيل بعد ضبط الحالة المادية للعقار بواسطة إدارة قيس الأراضي وبعد بحث على عين العقار والإطلاع على رسوم الملكية وكل وثائق الإثبات وأدلة المعارضة والشهود. ويمكن تبرير الصبغة القضائية بما يمكن أن يوفره القضاء من عدالة وعدم إنحياز لأي طرف إذ أن اللجوء إلى التسجيل الإداري لا يحقق نفس النتائج ولا يحرز ثقة أصحاب الحقوق العقارية.

ويعين رئيس المحكمة العقارية قاضيا مقررا مكلفا بالسهر على الأبحاث وخاصة على حقوق القصر والغائبين وهو يتأمل الوثائق المقدمة إليه من قبل طالب التسجيل والمعترض ويجري بحثا على عين العقار ويستأذن في ذلك رئيس المحكمة العقارية، ثم يحرر تقريرا يحيله إلى كتابة المحكمة لتقع إحالته على الجلسة العلنية، وللمحكمة أن تأذن بزيادة التحري وإن ظهر نقص في ضبط حالة العقار أمكن الإذن بتعديل التحديد والمثال أو إجراء أعمال إشهار جديدة كما تتولى المحكمة العقارية التثبت من تسلسل الانتقالات إستنادا إلى الحالات الاستحقاقية المحررة عند إنطلاق القضية والمعتمدة من قبل المحكمة. وهي كذلك تراقب صحة العقود مثل حافظ الملكية العقارية، لكن يجوز لها القضاء في النزاعات المتعلقة بالأصل والتي يمكن أن تنشب بين الأطراف في خصوص ما تضمنته هذه العقود. وعند صدور الحكم يعلم به كاتب المحكمة الخصوم. وفي حالة الرفض فإن ذلك الحكم لا يحرر على قوة إتصال القضاء ولا أي قوة إحتجاجية ولا ينال من حقوق أي شخص ويبقى المجال فسيحا للقيام بالدعاوي الاستحقاقية أمام الحق العام.

إدارة قيس الأراضي:

أحدثت إدارة قيس الأراضي بمقتضى أمر 21 أفريل 1886 وذلك قصد القيام بعمليات المسح بصفة عامة. وتتركب من رئيس ومهندسين محلفين وتتمتع بالشخصية المعنوية ومهمتها التنسيق مع المحكمة العقارية لإنجاز عمليات التسجيل والأمثلة التي تعدها معتمدة ولها قوة ثبوتية كاملة.

ويعين مدير مصلحة قيس الأراضي في بحر 45 يوما الموالية لنشر المضمون بالرائد الرسمي أحد المساحين المكلفين ليباشر تحديد العقار تحديدا مؤقتا وفق ما تضمنه المطلب ويحرر إعلان عاما ينشر بالرائد الرسمي يعلم فيه العموم بتاريخ التحديد قبل أجل 20 يوما ثم يحرر بعد ذلك محضرا تاما ويبين الإعتراضات ويعلن عن ختم عملية التحديد بالرائد الرسمي ويسلم نظيرا إلى كاتب المحكمة.

كما يجب عن رئيس مصلحة قيس الأراضي أن يسلم إلى كاتب المحكمة العقارية أيضا وفي ظرف 3 أشهر من تاريخ نشر إعلام ختم عمليات التحديد بالرائد الرسمي مثالا للعقار حسب تحديد مهندس محلف، ويمكن التمديد في الآجال سابقة الذكر بقرار معلل من رئيس المحكمة العقارية.

والمثال هو الوثيقة الفنية التي تسمح بتشخيص وتحديد العقار ماديا، وفي صورة تجزئة العقار بالتقسيم ( lotissement) أو القسمة ( partage ) مثال لكل جزء.

ويستخلص مما تقدم مدى تعقد عملية التسجيل وطول إجراءاتها وذلك لتمكين المكلفين بها من القيام بمهامهم على الوجه الأكمل وكذلك لتمكين الأطراف من الإعتراض ومن تقديم الوثائق التي تثبت ملكيتهم لكن بالرغم من طول الإجراءات وتعقدها فإن عملية التسجيل توفر حماية ناجعة لأصحاب الحقوق وتوفر الاستقرار للوضع العقاري.

إدارة الملكية العقارية:

تم إحداث إدارة الملكية العقارية بمقتضى قانون 14 جوان 1886 وهي تختص بإقامة رسوم الملكية العقارية التي أحدثها قانون 1 جويلية 1885. ويقوم حافظ الملكية العقارية بوصفه مديرا لهذه الإدارة بالتحقق من هوية الأطراف وأهليتهم ومن صحة الوثائق المدلى بها. كما يتأكد من أن الترسيم أو القيد الاحتياطي أو التشطيب المطلوب لا يتعارض مع البيانات الواردة برسم الملكية المستخرج من سجل المالكية العقارية الذي يعتبر الوثيقة الاساسية لإقامة هذا الرسم. وهو يحتوي على بيان موقع العقار المسجل في خريطة المساحة الارضية، ومحتواه ومساحته وجميع الحقوق المتعلقة به والخاضعة للإشهار بمقتضي القانون.

وتجدر الإشارة إلى أن حافظ الملكية العقارية معفى من المسؤولية المدنية التي تتحملها الدولة لكنه يتحمل المسؤولية الجزائية عند مخالفته للشروط التي يلزم توفرها في السجلات .

نتائج الحكم بالتسجيل :
يعتبر تسجيل العقار بسجل الملكية العقارية النتيجة المباشرة لحكم المحكمة العقارية التي تأذن حافظ الملكية العقارية بتسجيله. وهذه العملية تؤثر على الوضعية القانونية للعقار كما أنها تحمي حقوق غير طالب التسجيل.

طبيعة حكم التسجيل:
تتميز طبيعة حكم التسجيل بمرورها بثلاث مراحل.

المرحلة الاولى:
نصت الفصول 331إلى 337 من مجلة الحقوق العينية الصادرة سنة 1965 على أن احكام المحكمة العقارية لا تقبل الطعن بالاعتراض ولا بالاستئناف أو بأية وسيلة أخرى. ويستنتج من ذلك ان الاحكام الصادرة عن المحكمة العقارية تكتسي صبغة باتة تؤدي إلى عدم قابلية الحكم للمراجعة و التعديل حتى في صورة الخطأ والغاية من ذلك وهي إثبات الملكية بصفة قاطعة . وقد فسر بعض الفقهاء مثل الاستاذ محمود شمام والاستاذ البشير الفرشيشي. الصبغة الباتة لأحكام المحكمة العقارية الضمانات التي يوفرها القانون للغير في مرحلة التحديد والاشهار فالصبغة الباتة لأحكام التسجيل توفر استقرار الو ضعيات العقارية لان المشرع غايته من أحكام الفصل 337 م ح ع تطهير العقار واكسائها صبغة الاستقرار والثبوت حتى تزول عنها حالات التلاعب والشغب وفي صورة حصول ضرر لبعض الأشخاص سواء كان نتيجة الخطأ القانوني أو مجرد الخطأ المادي فإن المشرع قد مكنه في هذه الصورة من المطالبة بغرم الضرر طبقا للفصل 337 م ح ع وهو ما أكدته محكمة التعقيب من قرارها عـ 15504 ـدد المؤرخ في 14 جوان 1988 قائلة : “إن شخص تضررت حقوقه من ترسيم أو تسجيل لا يمكن له أصلا الرجوع على العقار لكن في صورة التغرير أثناء عملية التسجيل أو الترسيم يمكن القيام بدعوى في غرم الضرر ضد من صدر منه التغرير”.

المرحلة الثانية :

نظرا لمساوئ الصبغة الباتة لأحكام التسجيل و نظرا لعدم نجاعة الاعتراضات ودعوى غرم الضرر مقاصد يؤدي إلى حرمان بعض الاشخاص من حقوقهم وهو ما ينافي مبادئ الإنصاف والعدل ،فقد حرص المشرع علي حماية حق الملكية وحاول تطوير النصوص القانونية حتى تساير متطلبات العصر وتحقق الاستقرار والتوازن في المعاملات ولجملة هذه الاعتبارات فقد تم تنقيح مجلة الحقوق العينية عام 1995 بمقتض القانون عدد 10 لسنة 1995 المؤرخ في 23 جانفي 1995. وهذا التنقيح اعاد لأحكام المحكمة العقارية طبيعتها القضائية حيث تم اقرار منذ هذا التاريخ مبدأ مراجعة حكم التسجيل وهي في الحقيقة وسيلة طعن جديدة غير موجودة صلب مجلة المرافعات المدنية والتجارية ولا يمكن اعتبارها طريقة طعن عادية أو غير عادية بل هي وسيلة خاصة ذات طبيعة متميزة ولها دور حمائي فهي تحمي المحكمة العقارية من اصدار احكام يشوبها الغلط ،كما انها تحمي صاحب الحق حسن النية من التدليس والتزوير وتحمي الغير حسن النية الذي قد تنتقل إليه ملكية العقار أو يتكون له حق عيني عقاري بين تاريخ صدور الحكم بالتسجيل وصدور الحكم الجزائي بثبوت التدليس أو قبل قيد مطلب المراجعة خلال الاجل القانوني الوارد بالفصل 332 م ح ع .

على ان إقرار مبدأ مراجعة أحكام التسجيل يبقى موكولا لاجتهاد رئيس المحكمة العقارية الذي يلعب دورا كبيرا في تقرير جدية مطلب المراجعة فى عهدها إذ بإمكانه قبول المطلب وتقييده إذا تبين له انه جدي وفي طريقه كما يمكنه رفضه اعتمادا على قاعدة التأويل العكسي .

ونظرا لجملة هذه العلات فقد تدخل المشرع في 2008 واقر مبدأ الطعن بالتعقيب في أحكام التسجيل .

المرحلة الثالثة:

أمام ما عرفته مراجعة احكام التسجيل من علات وما اثارته من مشاكل عملية.تدخل المشرع التونسي عام 2008 بمقتض القانون عدد 67 لسنة 2008 المؤرخ في 3 نوفمبر 2008

واقر مبدأ الطعن بالتعقيب في احكام التسجيل واضعا بذلك جملة من الحالات المحددة التي بتوفر إحداها يجوز الطعن بالتعقيب.

وقد نص على هذه الحالات الفصل 357 مكرر م ح ع حيث نص :”يمكن الطعن بالتعقيب في الاحكام القاضية بالتسجيل أو بالترسيم الناتج عن حكم التسجيل لدى محكمة التعقيب في الحالات التالية “:

اذا كان الحكم مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
إذا كان الحكم صادرا فيما يتجاوز اختصاص المحكمة التي اصدرته.
إذا كان هناك إفراط في السلطة.
إذا لم تراع في الاجراءات أو في الحكم الصيغ الشكلية التي رتب القانون على عدم مراعاتها البطلان أو السقوط
إذا صدر حكمان أو اكثر بالتسجيل في ذات العقار.
إذا صدر الحكم على فاقد الاهلية دون أن يقع تمثيله في القضية تمثيلا صحيحا أو وقع تقصير واضح في الدفاع عنه وكان ذلك هو السبب الاصلي أو الوحيد في صدور الحكم المطعون فيه.

وينص الفصل 3 من القانون عدد 67 لسنة 2008 المؤرخ في 3 نوفمبر 2008 علي انه:”تطبق الاجراءات المعينة بهذا القانون والمتعلقة بالتعقيب على الطعون الواقعة على الاحكام الصادرة بعد دخول هذا القانون حيز التنفيذ إلا ان الدوائر المجتمعة بالمحكمة العقارية تواصل النظر في مطالب المراجعة سواء المنشورة لديها قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ أو في الاحكام الصادرة قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ .”

وتقتصر محكمة التعقيب على النظر في خصوص موضوع الطعن وتقرر قبوله أو رفضه وفي صورة القبول تقرر نقض الحكم كليا أو جزئيا وتصرح في كل الحالات بإرجاع القضية إلى المركز الاصلي أو الفرعي للمحكمة العقارية الذي اصدر الحكم المطعون فيه لإعادة النظر فيما تسلط عليه النقض بواسطة هيئة اخرى.

والقرار الذي تصدره محكمة التعقيب بالنقض يرجع الطرفين للحالة التي كانا عليها قبل الحكم الواقع نقضه في خصوص ما تسلط عليه النقض.

وإذا حكمت محكمة الاحالة بما يخالف ذلك ووقع الطعن في هذا الحكم بنفس السبب الذي وقع النقض من اجله اولا فان محكمة التعقيب متآلفة من دوائرها المجتمعة تتولى النظر في خصوص المسالة القانونية الواقع مخالفتها من دائرة الاحالة .

وإذا رأت الدوائر المجتمعة وجها للنقض تحيل القضية على محكمة الإحالة ويكون قرارها واجب الإتباع.

وإذا تم الطعن في الحكم بالتعقيب وأصدرت المحكمة قرارها بالنقض والإحالة فإن كاتب محكمة التعقيب يوجه القرار إلى رئيس المحكمة العقارية الذي يحيله على دائرة الإحالة للنظر فيه من جديد بواسطة هيئة أخرى.

أما إذا أصدرت قرارها بالرفض فإن الكاتب يحيل القرار المذكور إلى رئيس المحكمة العقارية الذي يوجهه مع حكم التسجيل إلى إدارة الملكية العقارية لإحداث رسم للعقار المسجل.

آثار التسجيل على وضعية العقار:
لعل من آثار تسجيل العقار بسجل الملكية العقارية وإثر صيرورة الحكم باتا هو إنتقال العقار من نظام العقارات غير المسجلة إلى نظام العقارات المسجلة وبالتالي تغير النظام القانوني للتصرفات القانونية التي تقع عليه وبالتالي فإنه من الضروري مراعاة الأحكام الخاصة بالعقارات المسجلة .

ومن مزايا تسجيل العقار ضبط حالته واسم مالكه بصفة صحيحة لا يعتريها ما كان يعتري رسوم الملكية أو الوثائق التي تقوم مقامها لأن سجل الملكية العقارية يخص كل عقار بورقة منه تتضمن كل الأحوال والانتقالات التي تهم ذلك العقار . فهو وسيلة الإشهار الطبيعي لكل عقار كما يتضمن السجل كل ما على العقار من حقوق عينية وفي ذلك ما يضمن من الناحية الإقتصادية إمكانية تسجيل المعاملات لما في إدراج كل الحالات المتعلقة بالعقار من وسائل إشهار .

إن حكم التسجيل البات يستوجب إقامة رسم عقاري للعقار الذي صدر بشأنه وهذا الرسم يحمل اسمه وعدده الرتبي ومساحته ومثاله منذ نشأته بموجب ذلك الحكم. وقد اعتنى قانون التسجيل العقاري منذ غرة جويلية 1885 بنظام الرسم الذي يسلم إلى من تثبت له ملكية العقار حيث قرر إقامة رسم موحد يشرف عليه مدير إدارة الملكية العقارية وخصص نسخة واحدة تسلم للمالك إن اتحد أو لأحد الشركاء في صورة تعدد المالكين وهذا السند العقاري يحتوي على تنصيصات هامة تخص العقار والمالك وتمكن كل شخص يريد التعاقد حول العقار من معرفة وضعيته القانونية وبالتالي يمكنه أن ينشأ حقوقا على العقار دون مشاغبة من الغير فكل من يروم التعامل مع عقار مسجل عليه الاتصال بإدارة الملكية العقارية للإطلاع على السجل العقاري للتثبت من وضعيته القانونية. أما بالنسبة لتأثير التسجيل على النزاع المتعلق بملكية العقار المسجل فإن حكم التسجيل يخرج العقار من إمكانية الإمتلاك عن طريق الحوز المكسب أي أنه يخرج من دائرة الفصل 45 م ح ع وما بعده لأن العقار المسجل لا يتأثر بالحيازة مهما طالت مدتها. وقد سارت محكمة التعقيب في نفس الإتجاه رفي قرارها عـ21552ـدد المؤرخ في 29 جانفي 1989 حيث قالت “إن الإدعاء المؤسس على عنصر الحيازة لا يصلح أن يكون سندا قانونيا لرد دعوى كف الشغب في الإنتفاع بعقار مسجل لأن الحوز في العقار المسجل مهما طال لا ينشئ حقا لصاحبه”.

إضافة إلى ذلك فإن المشاغبة في الإنتفاع بالعقار المسجل تصبح موضوع دعوى كف الشغب التي يختص بها قاضي الناحية.

كما أن من آثار عملية التسجيل على العقار تغير النظام القانوني للتصرفات القانونية حيث أن عملية تحرير الصكوك والإتفاقات الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري قد أناطها المشرع بأطراف محددة بالفصل 377 مكرر م ح ع وهم:

حافظ الملكية العقارية والمديرون الجهويون وكذلك أعوان إدارة الملكية العقارية المكلفون بمهمة التحرير.
عدول الإشهاد.
المحامون المباشرون غير المتمرنين.
الفقرة 2 : نطاق عملية الترسيم:

ينص الفصل 373 جديد م ح ع على أنه يجب ترسيم جميع الصكوك والإتفاقيات والأحكام المتعلقة بالحقوق العينية سواء كانت تهدف لإنشاء الحق أو نقله أو التصريح به أو تعديله أو إنقضائه أو جعله غير قابل للتفويت، كما تعرض نفس الفصل إلى عقود التسويغ والصكوك والأحكام المثبتة لخلاص أو إحالة معين الكراء. وقد أثير جدل فقهي حول موضوع الترسيم فهل أنه يتسلط على الحق أم على الصك الذي يثبته؟

ينص الفصل 305 م ح ع على ترسيم الحق في حين ينص الفصل 373 من نفس المجلة على ترسيم الصكوك ويرى الأستاذ محمد كمال شرف الدين أن نظام الترسيم يرتكز على تضمن صك معين للحق العيني وعند إشهار الصك يتم إشهار الحق العيني موضوعه. وتستخلص من ذلك أن إنعدام السند المكتوب يخرج التصرف عن مجال الترسيم والمبدأ أن هناك صكوك خاضعة وجوبا للترسيم(أ) وأخرى مستثناة من شكلية الترسيم(ب).

المبدأ أ: الصكوك الخاضعة وجوبا للترسيم:
تتفرع الحقوق موضوع العقود العقارية واجبة الترسيم إلى حقوق عينية وأخرى شخصية.

الحقوق العينية :
نص الفصل 373 جديد م ح ع أن الترسيم يشمل جميع الإتفاقيات بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض والتي يكون موضوعها إنشاء حق عيني أو نقلة أو التصريح به أو تعديله أو إنقضائه أو الحد من حرية التفويت فيه.

كما يشمل نطاق الترسيم حسب الفقرة 2 من الفصل 373 م ح ع تجزئة العقار بالقسمة أو التقسيم.

ويستنتج مما تقدم أن نطاق الترسيم يشمل كل العقود المنشأة للحق العيني لحق الإنتفاع أو السكنى أو الاستعمال أو الإرتفاق وقد خص الفصل 166 م ح ع على ضرورة ترسيم حق الارتفاق الناتج عن الإتفاق.

بالإضافة إلى ذلك يشمل الترسيم العقود الناقلة لحق عيني مثل الملكية ومن أهم هذه العقود عقد البيع العقاري وعقد المعاوضة وعقد الهبة إلى جانب العقود المصرحة بالحق العيني كعقد القسمة وكذلك العقود المعدلة للحق العيني كالإتفاقات التوضيحية أو العقود التكميلية التي تغير مدى ذلك الحق طبقا لأحكام الفصل 424 م ح ع.

كما يشمل نطاق الترسيم كل الصكوك الإدارية القاضية بانقضاء الحق العيني كالتي تنهي حق إرتفاقيا أو تتضمن رفع رهن عقاري . وبعد إدخال مبدأ المفعول المنشأ للترسيم حاول المشرع أن يشمل الترسيم بمبدئه الجديد جميع العقود التي يكون موضوعها حقا عينيا عقاريا وذلك قصد المحافظة على الرصيد العقاري ولحماية السياسة الإقتصادية خاصة بالنسبة للرهون العقارية وكذلك لحماية الغير عن طريق تمكينه من معرفة وضعية العقار والإصلاح على جميع التصرفات التي شملته لأن هذه الطريقة تمكن كل من يريد التعامل مع العقار من معرفة وضعه والإطلاع على الحقوق الموظفة عليه.

وتنسحب آثار الترسيم على العقود العقارية الواقعة على عقارات غير مسجلة إذا شملها عقد مع عقارات مسجلة وذلك تجنبا لتجزئة آثار عقد تكون الحقوق الناتجة عنه متحدة وغير قابلة للتجزئة لأن الإقرار بالتجزئة واعتبار الحق العيني المتعلق بالعقار غير المسجل قائما دون الحق العيني الناتج عن العقار المسجل والمتوقف على الترسيم يصطدم بارتباط عناصر العقد.

لكن هذا التوجه لاقى إنتقادا شديدا من طرف الأستاذ محمد كمال شرف الدين الذي اعتبر أن مثل هذا التوجه قد يؤدي إلى تجاوز نطاق المفعول المنشأ للترسيم الذي يمتدّ بصفة غير مباشرة إلى الحقوق المتعلقة بالعقارات غير المسجلة.

أما فيما يخص الصكوك المتأخرة والتي تنشأ في الفترة الممتدة بين تقديم مطلب التسجيل وصدور الحكم به وهي صكوك تبرم في فترة ينتقل فيها العقار من نظام العقارات غير المسجلة إلى نظام العقارات المسجلة فإنها تخضع لشكلية الترسيم بموجب المفعول التطهيري بحكم التسجيل وذلك يشرط أن تكون صادرة عمن حكم لفائدته بالتسجيل. وقد تعرض المشرع لهذه المسألة ونظمها صلب الفصل 350 م ح ع الذي نص على وجوبية إيداع هذه العقود بكتابة المحكمة العقارية إذا كان الحق العيني المضمن بها لا يتكون إلا بالترسيم بالسجل العقاري كما نص هذا الفصل على أن حكم التسجيل يجب أن يأذن بترسيم الحقوق الحاصلة بعد تقديم مطلب التسجيل.

الحقوق الشخصية :
تخضع بعض الحقوق الشخصية لشكلية الترسيم بالسجل العقاري بتأثيرها على الوضعية القانونية للعقار لكنها تبقى استثناء لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم وتتمثل الحقوق الشخصية التي يجب ترسيمها في عقود التسويغ المتعلقة بعقار مسجل والتي تتجاوز مدتها 3 أعوام وعقود التسويغ أو تجديدها التي تقل مدتها عن ذلك والتي تخول الانتفاع بالعقار مدة تتجاوز نهايتها إنقضاء السنة الثالثة من تاريخ الذي أبرمت فيه.

إضافة إلى ذلك يجب ترسيم ما يترتب عن الصكوك والأحكام المثبتة لخلاص أو إحالة مبلغ يتجاوز معين لإنزال أو كراء عام لم يحل أجل أدائه عملا بأحكام الفصل 373 م ح ع وبالرغم من التنصيص على ضرورة ترسيم هذه الحقوق الشخصية بسجل الملكية العقارية على غرار الحقوق العينية إلا أنها لا تخضع لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم.

الاستثناءات الواردة على مجال ترسيم العقود العقارية:
أعفى المشرع بعض العقود العقارية من شكلية الترسيم وعوض شكلية الترسيم بالقيد الإحتياطي بالنسبة للبعض الآخر.

العقود العقارية المعفاة من شكلية الترسيم:
يعتبر الميراث أحد الأسباب القانونية لاكتساب الملكية العقارية وانتقالها الفوري من ذمة المورث إلى ذمة الوارث إلا أن هذا الإنتقال لا يخضع لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم بل إن الفصل 373 جديد م ح ع ينص على أنه لا يجوز للورثة أو الموصى لهم التصرف القانوني في حق عيني مشمول بالتركة أو الوصية قبل ترسيم إنتقال الملكية بالوفاة فالقانون لم يجعل من الترسيم شرط لإنتقال الملكية بموجب الإرث أو الوصية وإنما جعل من ترسيم إكتساب الملكية بالوفاة شرطا للتصرف القانوني في الحقوق المشمولة بالتركة ويهدف المشرع من خلال هذا الاستثناء إلى احترام خصوصية أحكام الميراث المستمدة أساسا من الفقه الإسلامي.

إضافة إلى ذلك فإن العقد الذي يكون موضوعه عقارا غير مسجل أو لم يقدم في شأنه مطلب تسجيل لا يخضع لشكلية الترسيم لأن هذه الشكلية لا تشمل سوى العقود التي يتعلق موضوعها بالعقارات المسجلة.

ومجمل القول أنه بمقارنة قائمة الحقوق العينية العقارية التي حددها الفصل 12 م ح ع مع قائمة الحقوق العينية واجبة الترسيم تفيد أن هناك جزء هام من هذه الحقوق لا يشمله الترسيم ويمكن التعرض إليها رغم إمكانية نشأتها عن غير العقد، فالامتياز لا يرسم لإنبنائه على حكم القانون وكذلك لإنعدام الكتب. وكذلك فإن طبيعة كل من حق الحبس وحقوق الارتفاق الطبيعي والارتفاق بحكم القانون تحول دون إمكانية ترسيمها لانعدام الكتابة في كلا الحالتين.

العقود التي تعلق نطاق الحق فيها بالقيد الاحتياطي:
يمكن تعريف القيد الاحتياطي بأنه إحتراز يدون على صحيفة العقار لتحذير الغير مما يهدد العقار إلى أن يثبت الحق.لطالب القيد أو يحكم ضده فهو يرمي أصالة إلى حفظ حق صاحبه تجاه من يكتسب حقا آخر يتعارض معه إلى أن يتضح الأمر سواء بالتراضي أو بالتقاضي ويعطي حق الأولوية لصاحب القيد ليمتاز بترسيم الحق لفائدته عند زوال المانع أي أنه يحفظ للحق أسبقيته.

ويختلف القيد عن الترسيم من حيث نطاقه وإجراءاته وآثاره ولذلك فإن الحق الذي يدخل في مجال الترسيم يخرج عن نطاق القيد الإحتياطي وما يشمله القيد يستحيل ترسيمه.

وقد أخذ المشرع التونسي نظام القيد الإحتياطي عن القانون الألماني ويشمل مجال القيد الإحتياطي الصكوك التي يكون موضوعها إنشاء أو إحالة حق عيني وتكون متضمنة لشرط تعليقي ويشمل كذلك الوعد بالبيع وعقود التفويت في قطعة مستخرجة من رسم ملكية والتخصيص بها وكذلك حقوق الارتفاق الموظفة على قطعة غير محددة كما يشمل عقود المغارسة. ويستوجب القيد الاحتياطي لجملة هذه العقود التثبت من صحتها وهي توفر كل الشروط القانونية فيها وفي صورة وجود أي إخلال بالمواصفات القانونية فإن إدارة الملكية العقارية ترفض قيد العقد المطلوب.

كما أعطى قانون 1976 المتعلق بالإنتزاع للمصلحة العامة والمنقح عم 2003 إمكانية القيام بقيد أمر الإنتزاع لدى إدارة الملكية العقارية بوصفها صكا ناقلا للملكية. فبالرغم أنه ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية فإن أمر الإنتزاع بقيد بالسجل العقاري قيدا إحتياطيا لمعارضة الغير به فإن غاب هذا القيد فإنه لا تترتب على حافظ الملكية العقارية في ترسيم الحقوق التي يوظفها المنتزع على المشرع رغم نشر أمر الإنتزاع بالرائد الرسمي وهذه الترسيمات لا يمكن لحافظ الملكية العقارية أن يشطب عليها وليس للمشرع إلا القيام بقضية أصلية في التشطيب.

إن إجراءات قيد الصكوك سالفة الذكر قيدا إحتياطيا تخضع إلى المبادئ العامة المنظمة للإشهار العقاري ويمكن لإدارة الملكية العقارية الإمتناع عن القيد أو تأجيله إذا توفر من الأسباب ما يبرز ذلك ويجوز حينئذ لطالب القيد الإلتجاء إلى رئيس المحكمة العقارية للنظر في الصعوبة والإذن بإجراء القيد.

أما إذا تم إنجاز القيد الإحتياطي بعد استيفاء جميع الإجراءات فإنه يدوم 18 سنة بالنسبة لعقد المغارسة و3 سنوات بالنسبة لبقية الصكوك. وبانقضاء هذه المدة يسقط القيد وينعدم مفعوله رغم عدم التشطيب عليه ماديا في سجل الملكية العقارية . وحال قيامه فإن القيد الإحتياطي يوفر حماية كافية لصاحبه حتى أنه يتفوق على الترسيم وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها عـ2921ـدد الصادر في 24 فيفري 1981 الذي جاء فيه “إذا كان القيد الإحتياطي أسبق تاريخا من ترسيم كتب البيع بالسجل العقاري فإن هذا الترسيم الحاصل بعد ذلك لا يمكن أن يعارض به المستفيدون من القيد الإحتياطي التي ترتب حسب تواريخها”.

ويستخلص في الختام قيمة القيد الإحتياطي في حفظ الحقوق رغم أن القيود المجراة لا تتجاوز 0,5% في حصيلة العمليات التي قامت بها إدارة الملكية العقارية لأن هذه النظرية تعتبر مجهولة بالنسبة للمتعاقدين ويبقى الترسيم هو الأكثر إشعاعا خاصة بعد تنقيح 4 ماي 1992.

 

(محاماه نت)

إغلاق