دراسات قانونية

الشفعة بين القانون اليمني والفقه الإسلامي (بحث قانوني)

أحكام الشفعة دراسة مقارنة بين القانون المدني اليمني وبين الفقه الإسلامي

إعداد الباحث/الطالب/نصار عبده محمد الوجيه

الحمد لله الذي وفقنا لشكره وهدانا لذكره وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وبعد:- فإن موضوع هذا البحث:
هو احكام الشفعة دراسة مقارنة في القانون المدني اليمني وبين الفقه الإسلامي وحيث أن أسباب كسب الملكية إما أن تكون اختيارية أو جبرية، ومن الاختيارية البيع والهبة وغيرها ومن الجبرية الشفعة ونجد أن أحكام الشفعة في القانون المدني اليمني مصدرها التاريخي هو الفقه الإسلامي وإن الشفعة تعد مصدراً من مصادر الحقوق العينية العقارية لذلك تكون سبباً لإكساب الملكية والانتفاع والحكر والشفعة بقوة الشرع.

وقد نظم القانون المدني اليمني أحكامها في الفصل الثالث في المواد (1255-1319) وقد استمدت أحكامها وتعريفاتها من أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي.

ويضم هذا البحث عده جوانب في موضوع الشفعة حيث بدأ بتعريف الشفعة ومشروعيتها ثم أركان وخصائص وشروط الشفعة وأسبابها ومسقطاتها وأثارها من الناحيتين القانونية والفقهية والتعرف على أوجه الاختلاف بين الفقه والقانون وأوجه الشبه بينهما،

وبما أن الشفعة أحد أسباب كسب الملكية ونظراً لما نراه في واقعنا العملي من كثر الخلاف حول كسب هذا النوع وكذا التزاحم فيه فقد آثرنا أن نبحث أحكام الشفعة حسب خطة البحث الإجمالية التالية:
v الفصل الأول:- مضمون الشفعة
v الفصل الثاني:- لزوم الشفعة
v الفصل الثالث:- استحقاق الشفعة
v الفصل الرابع:- مسقطات الشفعة
v الفصل الخامس:- آثار الشفعة

v الفصـــــــــــــل الأول:-

مضمون الشفعة

ونبحث فيه تعريف الشفعة، ومشروعيتها وذلك في المبحثين الآتيين

المبحث الأول: تعريف الشفعة
المبحث الثاني: مشروعيتها

المبحث الأول:-
تعريف الشفعة
أ- تعريف الشفعة في اللغة:
الشفعة على وزن غرفة وهي لغة الضم، من شفعت الشيء أي ضممته إلى مثله فصار أصلها شفعاً أي زوجاً والشفع نقيض الوتر.(1)
والشفعة في اللغة تعني الزيادة وهي أن يشفعك فيما تطلبه حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده وهي آتيه من شفع لي يشفع شفاعة والشفعة هي اسم للملك المشفوع.(2)
ب- تعريف الشفعة في الاصطلاح القانوني:
وهي أخذ شريك على الشياع عقاراً من شخص تجدد ملكه اللازم اختياراً بعوض بمثل الثمن أو القيمة.(3)
فالشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري وفي أحوال معينة إذا توفرت الشروط.(4)
ج- تعريف الشفعة في الفقه الإسلامي:
وردت تعريفات للشفعة في مختلف المذاهب
عند الأحناف هي” تملك البقعة جبراً على المشتري بما قام به”.
عند المالكية هي ” استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمن”.
عند الشافعية هي” حق تميلك قهري يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث في ما ملك بعوض”
وعند الحنابلة هي” استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من من اتصلت إليه.(5)
ويمكن اعتماد التعريف الشامل لكل هذه التعريفات وهو “الحق الخاص السابق لتصرف المشتري الثابت للشريك أو من في حكمه.(6)

تعريفات الشفعة في القانون المدني اليمني
عرف القانون المدني اليمني الجديد(1) الشفعة بأنها: حق تملك عين ولو جبراً ملكت لآخر بعقد صحيح بعوض مال معلوم على أية صفة كانت مثلية أو قيميه منقولة أو غير منقولة بما قام عليها من العوض المؤن.(2)
وأفرد لأحكامها الفصل الثالث منه بالمواد من (1255-1312).
والجديد في هذا القانون- وفقاً لما ورد في التعريف- أنه لم يقتصر على إعطاء حق الشفعة في العقار، وإنما أضاف المنقول أيضاً، كما أنه لم يقتصر على إلزام الشفيع بدفع العوض فقط وإنما أضاف المؤن.
وهو نظر سديد لمعالجة واقع الحال وفقاً للقواعد العامة في الفقه الإسلامي.

المبحث الثاني:
مشروعية الشفعة
قبل التطرق إلى بحث مشروعية الشفعة لابد وأن نتعرض لدراسة الحكمة من مشروعية الشفعة وبعدها نقوم بعرض مشروعيتها في الفقه الإسلامي.
1_ الحكمة من مشروعيتها:
نقول بان الشفعة تؤدي إلى ضم المال المشفوع فيه إلى مال الشافع، وقد شرعت لدفع ضرر الشركاء أو الجوار(1) عند الشفيع لاتصال ملكه بالعقار المبيع اتصال شركة فقد يشتري المبيع شخصاً سيئ الخلق غليظ الطبع لا يراعي لجاره أو شريكه حرمه ولا يعرف له حقاً فقد يؤلمه بأفعاله ونظراته ويؤذيه بأقواله وصياحه وفي البعد عنه رحمة وفي الخلاص من شروره نعمة.(2)
2_ دليل مشروعية الشفعة في الفقه الإسلامي:-
أ) دليل مشروعيتها في السنة:
أساس مشروعيتها ما رويت من أحاديث نبوية حول ذلك.
منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم “إنما الشفعة في ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة”(3)
وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال”من كان له أرض فأراد بيعها فليعرضها على جاره”
وقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم “الشفعة لمن واثبها”
وقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم “لا شفعة إلا في ربع أو حائط”
وعن جابر رضي الله عنه قال/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقها واحد”

وعن جابرً أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم” قضى بالشفعة في كل شراكة لم تقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وأن شاء ترك فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به”.(1)
ب) دليل مشروعية الشفعة بالإجماع:
أما الإجماع فيقول صاحب المغني “قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه وتمكن من بيعه لشريكه وتخلص مما كان بصدده من توقع الخلاص والاستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص شريكه من الضرر فإن لم يفعل ذلك وباعه من أجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه ولا نعلم أحد خالف هذا إلا الأصم”(2)

فالشفعة سواء في الفقه الإسلامي أو في القانون المدني تعتبر سبباً من أسباب كسب الملكية فهي تؤدي إلى تمليك المال المباع للشفيع جبراً على البائع والمشتري وهي تؤخذ قهراً.

فلا يشترط فيها رضاء البائع والمشتري وتجب عند الأحناف لدفع الضرر أما عند الجمهور فتثبت لدفع ضرر مؤنه القسمة.

وهي في القانون المدني اليمني تثبت في العقار والمنقول على حد سواء وذلك خلافاً لما عليه جمهور الفقه الإسلامي الذي لا يجيز الشفعة إلا في العقار وكذلك العديد من القوانين العربية أيضاً.(3)

هذا ولا غرابة في تميز القانون المدني اليمني في الكثير من أحكامه على سائر القوانين الأخرى، لانبثاقه من أقوى الأدلة في الفقه الإسلامي دون الانحياز لفقه مذهبي معين.(4)

v الفصــــــل الثاني:-
لزوم الشفعة

ونبحث فيه أركان ، وخصائص، وشروط الشفعة وذلك في المباحث الثلاثة الآتية:

المبحث الأول:-أركان الشفعة
المبحث الثاني:- خصائص الشفعة
المبحث الثالث:- شروط الشفعة

المبحث الأول:
أركان الشفعة:

1- الشفيـــــــــــع:
وهو فعيل بمعني فاعل فالشفيع هو من له الحق في استشفاع حصة شائعة في عقار يملك فيه جزءاً شائعاً فوتها شريكه للغير بعوض.
2- الشيء المشفوع:-
هو ما يأخذه الشفيع من يد المشتري شفعة.
3- المشفوع منـــه:-
هو تملك بعوض حصة شائعة في عقار بصفة لازمة واختيارية.
4- المشفــوع بـه:-
هو ما يدفعه الشفيع للمشتري المشفوع من يده عوضاً عن الثمن الذي أداة هذا الأخير للبائع مقابل الحصة المطلوب شفعتها ومعلوم وفقها أن الشفيع يجب عليه كي يمكن من الشفعة أن يؤدي للمشتري ما خرج من يده ثمناً وقيمة التحسينات التي قام بها المشتري لكون هذه التحسينات قد زادت من قيمة الحصة المشفوعة.(1)

وفي الفقه الإسلامي نجد أن أركان الشفعة هي نفس الأركان في القانون المدني اليمني حيث وأن القانون اليمني ما هو إلا مأخوذ من أحكام الشريعة الإسلامية.

المبحث الثاني:
خصائص الشفعة:
من خلال تعريف القانون المدني للشفعة في نص المادة(1255) بأنها ” حق تمليك عين ولو جبراً ملكت لأخر بعقد صحيح بعوض مال معلوم على أي صفة كانت مثلية أو قيمة منقولة أو غير منقولة بما قام عليها من العوض والمؤن.
وبناءً على ذلك فإن خصائص الشفعة في القانون المدني اليمني:
1- ترد الشفعة على العقار والمنقول:
ففي القانون المدني اليمني ترد الشفعة على العقار والمنقول وقد اختارت اللجنة المكلفة بصياغة القانون المدني اليمني ذلك معللة رأيها بثبوت علة الشفعة في كل ما يتصرف فيه وهي دفع الضرر الذي يصيب الشفيع بسبب التصرف للغير فيما له فيه شفعة ولذلك فإنها ترد على العقارات كالأرض الزراعية والدور وترد على المنقول كالسيارات والسيوف والجنابي والذهب والمنقولات الأخرى.

أما في الفقه الإسلامي فيرى جمهور الفقهاء أن الشفعة لأترد إلا على العقارات فقط.(1)
2- اتصال ملك الشفيع العين المشفوعة أو في حق من حقوقها:
ويقصد بذلك أن يكون الاتصال شركة (خلطة) في أصلها أي أن يكون الشفيع شريكاً أو يكون له حقاً من حقوق العين المشفوعة كحق ارتفاق أو حق مساطحة أو حق مجرى أو سيل أي أن يكون له سبب من أسباب الشفعة من جوار غيره ولا يحق له الشفعة في المنافع كالإجارة ولا في الحقوق كالاستطراق لو بيعت أرض ولها حق الإستطراق في الأخرى فليس لذو الأرض فيها الحق وهو الإستطراق أن يشفع بها ذلك الحق ولا تكون الشفعة في الدين وكذلك العارية والإباحة كذلك الميراث والإقرار والوصية.(2)
3- عدم قابلية الشفعة للتجزئة:
أي لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة بعض المال دون البعض الأخر وذلك حتى لا تفرق الصفقة على المشتري فيضار بذلك خاصة إذا كان الثمن جملة بصرف النظر عن قيمة كل جزء من الصفقة وقد يكون الجزء المشفوع أصله في باقي أجزاء الصفقة ولولاه لما رغب المشتري في شراء الصفقة بكاملها.(3)

وقد أوجب القانون المدني اليمني عدم تجزئة الشفعة والزم الشفيع طلب الشفعة في العين المشفوعة كلها وقد نصت على ذلك المادة (1277) من القانون المدني اليمني والتي تنص على (الشفعة لا تقبل التجزئة 000000) وكذلك في الفقة الإسلامي يعتبر من مبطلات الشفعة كما لو صولح الشفيع في بعض المشفوع ويترك البعض الثاني للمشتري فإنها تبطل شفعته في الكل وكذلك لو عفي عن الشفعة في بعض المبيع فإنها تبطل في الكل.(1)

4_ أن تكون الشفعة في عقد صحيح :_
لا ترد الشفعة إلا في عقد صحيح بين المالك والمشتري والذي ينقل المال من المالك إلى المشتري وإذا كان العقد يتطلب الإجراءات الشكلية ولا ينعقد بدونها فانه ليست للشفيع أن يطلب الشفعة قبل انعقاد العقد 0

لان المشتري لا يكون مالكاً إلا إذا كان العقد منعقداً منتجاً لإثارة أما إذا لم ينعقد العقد فان الملكية لا تنتقل إلى المشتري وبذلك لا يكون مالكاً للشيء الذي يشفع به وقت البيع ولا تنتقل الملكية المقترنة بعقد واقف أو فاسخ إلا بعد تحقق الشرط الواقف وتخلف الشرط الفاسخ 0(2)

وقد نص القانون المدني اليمني في المادة (1260) الفقرة الثانية على “أن تكون الشفعة في عقد صحيح 000000” وفي الفقة الإسلامي تكون الشفعة في كل عين ملكت بعقد صحيح نافذ 0

وبذلك يخرج من الشفعة الميراث والإقرار والوصية وما ملك بالشفعة وما ملك بالقسمة وما ملك بالأحياء والغنيمة والوصية وما أخذه الوارث بالأولوية.

وكلمة صحيح يخرج ما ملكه ببيع فاسد فلا شفعة فيه إذ اللازم القيمة وهى إنما تكون بالثمن والعبرة في فساد العقد بمذهب البيعين لا بمذهب الشفيع فان اختلف مذهبهما فلا شفعة مالم يحكم بصحته.(3)

وقد كان يؤخذ بهذا قبل التقنين، أما في ظل التقنين فالعبرة به إذ هو اجتهاد ولى الأمر،واجتهاد ولى الأمر ملزم للجميع حتى ولو خالف مذهب البيعين أو الشافع.

المبحث الثالث :
شروط الشفعة :_

سوف نتطرق هنا إلى الشروط المتعلقة بالشفيع ثم الشروط المتعلقة بالتصرف المجيز للشفعة ثم الشروط المتعلقة بالشيء المشفوع فيه وأخيراً الشروط المتعلقة بالمشفوع فيه
أولاً>>> الشروط المتعلقة بالشفيع :_
1_ ملكية الشفيع للسبب الذي يشفع به :_
فيجب أن يكون الشفيع مالكاً للسبب الذي يشفع به وفي ذلك نص المادة (1260/4) “يشترط لصحة الشفعة أن يكون الشفيع مالكاً للسبب الذي يشفع به”
وبذلك يتفق القانون المدني مع الفقه الإسلامي باشتراط الملك في الشفعة فيخرج من الملك ارض بيت المال ولو اشتراها الأمام أو الوالي لان الشراء هنا لغير معين بخلاف المسجد وكذلك الموقوف عليه ويدخل بذلك المستأجر والمستعار فلا شفعة في حق الاستطراق أو حق السيل.(1)
2_أن تكون ملكية الشفيع ثابتة له وقت إبرام التصرف وحتى تمام الأخذ بالشفعة :_
فيجب أن تتوافر للشفيع سبب الشفعة وقت التصرف المجيز للشفعة وحتى تمام الأخذ بالشفعة فإذا كان مالكاً للسبب الذي يشفع به ثم زالت ملكيته قبل وقوع التصرف فلا شفعة له لأنه لم يكن وقت التصرف مالكاً للسبب وكذلك إذا ثبتت ملكيته بعد التصرف فلا شفعة له كذلك لا يكفي أن تتوافر سبب الشفعة وقت صدور التصرف بل لابد أن يبقى هذا السبب قائما حتى تمام الأخذ بالشفعة وفي ذلك تنص المادة (1269/8) على أنه تبطل الشفعة ويسقط حق الشفيع فيها بأحد الأمور الآتية:

……………..8/ خروج سبب الشفعة من ملك الشفيع عالماً أو جاهلاً باختياره قبل الحكم له بالشفعة أو التسليم له طوعاً”
ويتفق الفقه الإسلامي مع القانون المدني في أن تتوافر شروط الأخذ في الشفيع وقت صدور البيع المشفوع منه حتى تمام الأخذ بالشفعة.

3_ لا يكون الشفيع ممنوعا في الشفعة:
قد تتوافر في الشفيع سبب الشفعة ولكن لا يمكن الأخذ بها لأنه ممنوع منها وهذا المنع إما أن يكون بإرادة الشخص أو بنص القانون.
يعتبر ممنوعاً من الشفعة إذا كان البائع قد عرض عليه المبيع بشروط معينة.
فأظهر رغبته عن الشراء بهذه الشروط وفي ذلك نص المادة(1260)”يشترط لصحة الشفعة…5/ألا يكون البائع قد عرض المبيع عن الشفيع فرغب عن الشراء فيسقط حقه”.
وفي الفقه الإسلامي لا يجوز للوقف أن يأخذ بالشفعة.
وعند الحنفية جاء في تكملة البحر الرائق “رجل له دار في أرض الوقف فلا شفعة له” وعند المالكية “المشهور أن المجلس عليه ليس له أن يأخذ بالشفعة ولو كان يأخذ ليحبسه مثل ما حبس عليه إذ لا أصل له الشقص المحبس أولاً أما لو أراد أن يأخذ للتملك فليس له الأخذ لاتفاق ومن باب أولى الناظر على الوقف….”
وعند الشافعية” الوقف لا يستحق بالشفعة فلا تستحق به الشفعة”.(1)
ثانياً:>>>>>الشروط المتعلقة بالتصرف:
1_ أن يكون التصرف القائم به نقل الملكية تصرفاً ناقلاً للملك بعوض مالي:
حيث جاء في تعريف الشفعة في المادة(1255) بأنها “حق تمليك عين ولو جبراً ملكت لأخر بعقد صحيح بعوض مالي معلوم” حيث تبين أن التصرف المجيز للشفعة ليس هو البيع فقط فتجوز كذلك في كل المعاوضات المالية الناقلة للملك كالإيجار وغيره ولا تجوز في التصرفات الناقلة للملك بصفة فردية كالوصية ولا في العقود الناقلة للملك بدون عوض كالهبة بدون عوض ولا تجوز في الإقرار والقسمة ولا في العوض كالخلع وكذا الميراث وتجوز في الهبة بشرط العوض.(2)

ويتفق الفقه الإسلامي مع القانون المدني في أن يكون التصرف ناقلاً للملكية ويخرج منها الإجارة والعارية والإباحة كذلك لابد أن يكون بعقد ليخرج منها الميراث والإقرار والوصية وما ملكت بالشفعة او ما ملك بالقيمة والأحياء والوصية وما أخذه الوارث بالأولوية وكذلك أن يكون هذا التصرف بعوض ليخرج منه الهبة والصدقة والنذر بغير عوض أو عوض مضمر ولو تم تغييره فيما بعد وان يكون هذا العوض مالاً يخرج منه العوض بغير مال كعوض الخلع والمهر وعوض المستأجر والصلح عن الدماء.(1)

2_ أن يكون العقد قائماً وقت طلب الشفعة وأن يكون صحيحا ونافذاً:-

فيشترط أن يكون قائماً وقت طلب الشفعة فإذا اقتصر على مفاوضات ووساطة تمهيداً لإبرام العقد فلا يجوز طلب الشفعة.
وأن يكون التصرف صحيحاً حيث نصت المادة(1260/2) تثبت الشفعة في العقد الصحيح أما إذا كان باطلاً لا وجود له فالعقد الباطل لا ينتج الآثار المترتبة عليه.

أما إذا كان قابلاً للإبطال فإن الشفعة تجوز لأنه يقع صحيحاً منتجا لأثاره إلى أن يحكم بأبطاله ويشترط أن يكون هذا التصرف نافذاً لا موقوفاً لأن الموقوف غير منتج لأثره كما في نص المادة(1267/3) “………فلا شفعة في عقد بخيار إلا بعد نفوذ العقد” وهو كذلك في الفقه الإسلامي يشترط أن يكون التصرف صحيحاً فأي تصرف ناقل للملكية ببيع فاسد لا شفعة فيه.

أن يكون نافذاً لا موقوفاً ليخرج منه العقد الموقوف قبل نفوذه فلا تصح الشفعة قبل إجازته كالخيار للبائع أولهما.(2)
ثالثاً>>>> الشروط المتعلقة بالمشفوع منه:-
يجب ألا يكون المشفوع منه شفيعاً مقدماً على طالب الشفعة فإذا توفر في المشتري المشفوع منه الشروط والتي نجعل منه شفيعاً مقدماً على طالب الشفعة بان كان شفيعاً في طبقة أعلى أو كان شفيعاً في نفس الطبقة إلا أن به سبب أخص من طالب الشفعة فإن الشفعة في هذه الحالة لا تجوز.

ولا يجوز الأخذ بالشفعة إذا كان المشتري هو شريك البائع على الشيوع في ملكية العين وكان طالب الشفعة هو الشريك في الشرب أو مجرى أو في الطريق.(3)

وبذلك يتفق الفقه الإسلامي في هذا الترتيب والأولوية بحيث لا شفعة للشريك في الشرب مع الشريك في الأصل وهكذا في الجميع ولا للشريك في الطريق مع الشريك في الشرب أو من قبله ولا للجار مع الشريك في الطريق أو من قبله وبذلك لا يستحق الشفعة للأبعد إلا إذا ترك الشفعة من هو أقدم منه أو بطلت بسبب من الأسباب.(4)
رابعاً>>> الشروط المتعلقة بالمال المشفوع فيه:-
1_ الشفعة تجوز في العقار والمنقول:-
حيث يقر القانون بصريح النص عند تعريفه للشفعة أنها تجوز في العقار وعلى المنقول على حد سواء.(1)
أما في الفقه الإسلامي فيرى جمهور الفقهاء (الحنفية – المالكية –الشافعية- الحنابلة) أن الشفعة لا ترد إلا على العقار فقط دون المنقول.(2)
أما في الفقه الزيدي فتجوز عندهم الشفعة في العقار والمنقول(3) كما في القانون المدني اليمني وهذا هو الأصوب في نظرنا.
2_ يجب أن يكون المشفوع فيه عينا غير محقرة:
حيث تنص المادة(1260/1) “على أن يشترط لصحة الشفعة أن يكون المشفوع فيه عيناً فإذا لم يكن علينا بل كان منفعة فلا شفعة كالإجارة وغيرها من المنافع وتنص المادة (1269) على انه” لا شفعة في المحقلا الذي يضر فواته”
والمحقر هو الهين الذي لا وزن له والذي يمكن التسامح من مثله ولا يترتب على التصرف فيه ضرر.
وفي الفقه الإسلامي يجب أن يكون المشفوع عيناً لا منفعة كالإجارة ولا في الحقوق كالاستطراق ولا تثبت في الدين لديهم في المحقر.(4)
3_ عدم تجزئة الشفعة:
حيث تنص المادة(1277) من القانون المدني على أن “الشفعة لا تقبل التجزئة فيلزم الشفيع طلب الشفعة في العين المشفوعة كلها إلا إذا تعددت العين المشفوعة وقام سبب الشفعة بواحد من أفرادها أو تعدد المشترون فتجوز للشفيع طلب الشفعة فيما قام به سببها في الحالة الأولى وطلب نصيب بعض المشترين في الحالة الثانية وإذا اشترى الواحد لجماعة ولم يضف إليهم فلا يعتبر هذا تعدداً”
واعتبرت المادة(1269/7) من مسقطات الشفعة” طلب الشفيع بعض العين المشفوعة إذا كان عالماً غلا إذا تعددت العين المشفوعة او تعدد المشترون على النحو المبين في المادة(1277)” ولا يعتبر شراء الواحد للجماعة تعدداً ما لم يضف إليهم صراحة”.
وكذلك في الفقه الإسلامي الشفعة لا تقبل التجزئة أي لا يجوز للشفيع طلب الشفعة في بعض العين المبيعة دون البعض الأخر حيث يجب أن يطلب الشفعة في العين المشفوعة بأكملها حتى لا يتضرر المشتري بتجزئه الصفقة عليه.(5)

v الفصـــل الثاني:-

لزوم الشفعة

ونبحث فيه أسباب الشفعة، والتزاحم بين الشفعاء وذلك في المبحثين الآتيين:

المبحث الأول: أسباب الشفعة
المبحث الثاني: التزاحم بين الشفعاء

المبحث الاول:
الأسباب التي تثبت بها الشفعة:
نجد في نص المادة(1256) في القانون المدني اليمني أنها تبين سبب الشفعة وتقول سبب الشفعة هو:- اتصال ملك الشفيع بالعين المشفوعة اتصال شركة (خلطة) في أصلها أو في حق من حقوقها”
وتختلف أسباب الشفعة من حيث القوة حسب ما ورد في نص القانون المدني في المادة(1257) تنص على الشفعاء وتبين مراتبهم حيث تنص على أن” تستحق الشفعة لأصحابها على الترتيب التالي:
1) الشريك المخالط على الشيوع في أصل العين.
2) الشريك المخالط على الشيوع في حق الشرب ومجراه
3) الشريك المخالط على الشيوع في الطريق
وهذا الترتيب مبني على القوة من حيث السبب ومن حيث حجم الضرر الذي قد يلحق بالشفيع حيث يكون الضرر على الشريك المخالط في أصل العين أكبر من غيره وهذا التعدد في نص المادة المذكورة سابقاً هو وارد على سبيل الحصر لا المثال حيث حصر القانون المدني اليمني في الثلاثة البنود المذكورة في نص المادة وبذلك نجد أن القانون قد ضيق في أسباب الشفعة وحصرها واشترط كذلك أن يكون المشفوع فيه عيناً وبذلك فلا تصح الشفعة في المنافع.

في القانون المدني لا يعتبر الجوار سبب للأخذ بالشفعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم” إذا نصبت الحدود وسدت الطرق فلا شفعة”
وسنتناول الترتيب السابق في الأسباب كلاً على حدة كالتالي:
1_ الشريك المخالط على الشيوع في أصل العين:
الشريك في أصل العين الذي يثبت له الشفعة هو المالك لحصة شائعة في هذه العين أي انه صاحب حق في ملكيتها كأن يكون مالكاً للرقبة فقط أو للرقبة والانتفاع معاً وإذا كان مالك للانتفاع فقط فلا شفعة في ذلك.

وكذلك إذا كان شريكاً في حق الشرب أو مجراه أو في حق الطريق فإنه لا يستطيع أن يشفع باعتباره شريكاً في أصل العين حتى وإن كان له أن يشفع باعتباره شريكاً في حق من حقوق هذه العين.

ويكون الشريك الحق في الشفعة في حالة بيع شيء من العين الشائعة سواء كان البيع لأجنبي أم لأحد الشركاء ففي الحالة الأولى أمكن للشركاء الحلول محل الأجنبي وفي الحالة الثانية يحق للشركاء مقاسمة الشريك حسب القانون على عدد الرؤوس لا بحسب الحصص.(1)

وتثبيت الشفعة للشريك أيا كانت حصته ولا تثبت الشفعة إلا في تصرف الشريك في حصته الشائعة أو جزءً منها أما إذا وقع التصرف في جزء مفرز من المال الشائع فإن بقية الشركاء لا يستطيعون الأخذ بالشفعة لأن هذا التصرف يعتبر تصرف غير نافذ في حق بقية الشركاء والمتصرف إليه لا يصبح مالكاً على الشيوع ولا يصير شريكاً ويبقى المتصرف هو الشريك حتى نفاذ القسمة وذلك كما في المادة(1260/3) يشترط لصحة الشفعة… أن يزول ملك التعاقد العقد”.

وقد بينت المذكرة الإيضاحية المقصود بزوال ملك المتصرف لقولها:” بأن يكون العقد نافذاً فإن كان العقد موقوفاً أو معلقاً على خيار فلا شفعة حتى ينفذ العقد فتثبت الشفعة.

ونحن نذهب إلى ما رآه البعض في جواز الشفعة في هذه الحالة حيث نص المادة لم تميز جواز الأخذ بالشفعة للشريك بين ما إذا كان التصرف وارد على حصة شائعة أو جزء مفرز.(2)

وكذلك في الفقه الإسلامي يشترط لثبوت الشفعة للمالك أن يكون خليطاً في أصل تلك العين المبيعة ويخرج منها المنافع كالاستطراق وحق المسيل سواء كان مستقلاً أو غير مستقل.

وأجمع العلماء على تقديم الخلط على باقي الشركاء وذلك لأنها أعلى الأسباب لقوتها وأن أساس الشفعة هو دفع الضرر وهنا يكون الضرر أكثر من غيره.(3)

وتثبت الشفعة عندهم في الأشياء المعمورة كالأحجار والأخشاب حتى ولو لم تكن الأرض مملوكة.(4)

2_ الشريك على الشيوع في حق الشرب ومجراه:
حيث قرر هذا المبدأ ما جاء في نص المادة(1256)”سبب الشفعة هو اتصال مللك الشفيع بالعين المشفوعة اتصال شركة (خلطة) في أصلها أو في حق من حقوقها”.
وحق الشرب والمجرى هو من الحقوق التابعة للعين المشفوعة وفي المادة(1257/2) “تستحق الشفعة لأصحابها على الترتيب”
1) الشريك المخالط على الشيوع في أصل العين
2) الشريك المخالط على الشيوع في حق الشرب ومجراه
3) الشريك المخالط على الشيوع في الطريق
المقصود بالشركة هنا هو الشركة في الشرب الخاص لا الشرب العام ويهدف الشرع في هذه الحالة إلى جمع ملكيه المال المشفوع فيه ما يربط بينه وبين حق الشرب والمجرى في يد واحدة والتقليل في عدد الشركاء فضلاً عن الحد من المشاكل العديدة. التي تنجم عن تحميل مال بعبء اتفاق لمصلحة مال أخر(1)

ولم يشترط في القانون لثبوت الشفعة للشريك في حق الشرب أن يكون ملاصقاً للعقار المبيع فهي تثبت له سوى كان ملاصقاً او غير ملاصق له.

وفي الفقه الإسلامي يعتبر من أسباب الشفعة هو الاشتراك في الشرب وذلك كالاشتراك في بئر أو أصل العين “ينبوع” أو الاشتراك في مجرى سيح السوائل العظمي أو لصبابات الجبال التي تصب للأموال عند نزول الأمطار سواء كان المجرى متصلاً بالمبيع أو غير متصل فهنا لا عبره بملك الماء إنما تثبت الشفعة في المقر بالخلطة وفي المجرى بالشرب(2) فإذا كان الماء صبابة بحيث يسقى الأعلى ثم الذي تحته ثم الذي يليها فلا شفعة به وذلك لعدم الاشتراك في المجرى.(3)

وقد ورد في التاج المذهب(4) عن ضباط الشفعة بالشرب قوله أما ضباط الشفعة بالشرب فنقول إذا كان خروج الماء من ملك مشترك كأصل ينبوع النهر والبئر أو كان خروجه من مقر له كالماجل والغدير والسد ونحو ذلك وكان مملوكاً مشتركاً سواء كان تسقى به جهة واحدة أم جهات متفرقة وكل جهة مشتملة على جملة قطع وهي المعروف بـ(الجرب) فإذا كان البيع لقطعه من أي الجهات التي تسقى من ذلك الملك المشترك وهو النهر ونحوه أو الماجل ونحوه فالشفعة في القطعة المبيعة تثبت وهي الساقية التي تشرب منها قطع تلك الجهة لأجل جهتها على حسب الاختصاص وأما نصيبها في البئر أو الغدير حيث بيع معها أو دخل تبعاً فالشفعة فيه لأهل الجهة الكل لأنهم شركاء فيه”
وقد أورد الفقه الإسلامي أشكال صور الشفعة بالشرب وهي كما جاء في التاج المذهب تسعة أمثال.
فالمثال الأول: (صورة ما إذا كانت الساقية معوجة)وهناك خمس قطع فإذا بيعت الأولى كانت الشفعة لمن بعدها من الثانية إلى الخامسة على السواء.
وإذا بيعت الثانية بطل حق الأولى وثبتت الشفعة لمن بعدها من الثالثة إلى الخامسة وهكذا في كل مرة تسقط التي قبلها وتثبت للتي تليها على السواء.
المثال الثاني🙁 صورة ما إذا كانت الساقية غير معوجة) فحكمها نفس الحكم في المثال الأول.
المثال الثالث: (صورة الساقية المتوسطة بين الأملاك التي تسقى إلى جهتين)
فإذا بيعت القطعة الأولى كانت الشفعة لمن تقابلها وهن الأولى من الجهة الثانية ولمن فوقها من الجهتين من الثانية إلى الخامسة دون أخصية أحدهما وإذا بيعت القطعة الثانية بطلت حق الأوليين من الجهتين وهكذا ويمكن قياس ذلك على بقية القطع مهما كانت ومهما طلت الساقية.
المثال الرابع: (صورة ماء النهر أو السيل المجتمع إلى محل مملوك كالماجل أو الغدير ثم يكون خروجه من الماجل أو الغدير إلى ثلاث جهات)
فإنه إذا بيعت قطعة من أي الجهات كانت الشفعة لأهلها خاصة دون غيرها ثم نفصل بين الجهات الثلاث بان كانت المبيعة من ساقيتي اليمين والشمال فالشفعة في المبيع لأهل الجهة على حسب الاختصاص كما في المثال الأول.
وإن كان المبيع من قطع الساقية الوسطي التي تسقى جانبين فالشفعة على حسب المثال الثالث.
المثال الخامس: (صورة النهرين اللذين تسقى بها أرض واحدة ذات قطع متجاورات ابتداء السقي بأحدهما من عند القطعة الأولى والثانية من عند القطعة الخامسة سواء في ساقية واحدة أم كل منهما في جهة مقابلة للأخرى في ساقية متفردة)فإنه إذا بيعت أحدى القطع كانت الشفعة للجميع.
المثال السادس: (صورة العين الفوارة المحيطة بها الأموال وكل مالك يسقي قطعته من جهتها)
فإذا بيعت القطع المحيطة بها فلا شفعة بالشرب ولك توجد شركة في المجرى وتثبت بينهم الشفعة بالخطة أو الجوار.
المثال السابع: (إذا كان السيل يجرى في سائلة مباحة ووضع الملاك مقابل أملاكهم في السايلة رزم(1) يعدل السيل أو بعضه من السايله إلى أملاكهم بواسطة الساقية) فتثبت هنا للملاك بسبب الرزمة أو الساقية الشفعة بالشرب على حسب الاختصاص فالرزمة الأولى تسقي أرض واحدة تكون الشفعة فيها كما في الشكل الأول وكذلك الثالثة أما المتوسطة فالشفعة كما في المثال الثالث.

المثال الثامن: (صورة الرحي التي تدور مجرى ماء النهر في محورها)

فإذا كان قرار الرحي ملكاً لرجل والنهر والأرض المجاورة لمحل الرحى لرجل أخر فالشفعة تثبت بين مالك محل الرحى ومجاورها بالجوار أو بالطريق إذا كان الطريق ملكاً لهما، فإذا باع مالك الأرض القطعة الأولى فليس لمالك الرحى الشفعة لعدم الجوار ولو باع القطعة الثانية أو الرابعة كان المالك محل الرحى الشفعة لأنه جار ملاصق وإن بيع قرار الرحى كان لمالك القطعة الثانية والرابعة الشفعة بالجوار أما أذا كان البيع متناولاً للرحى فقط فلا شفعة فيه.

المثال التاسع: (صورة الأرض التي تشرب من السيل النازل من الجبل في سهل أو له صبابة إلى الأعلى أول قطعة ومنها يسيح إلى التي تليها وهكذا”
فلا شفعة هنا بالشرب وتكون بالخلطة أو الطريق أو الجوار حيث أن انصباب الماء يثبت حقاً فقط والحقوق لأتثبت بالشفعة.(1)
3_ الشريك المخالط على الشيوع في الطريق:
ويأتي حسب ترتيب المادة(1257) في المرتبة الثالثة والأخيرة من الأسباب التي تثبت بها الشفعة حيث نصت بقولها” تستحق الشفعة لأصحابها على الترتيب التالي:
4) الشريك المخالط على الشيوع في أصل العين.
5) الشريك المخالط على الشيوع في حق الشرب ومجراه
6) الشريك المخالط على الشيوع في الطريق
والشفعة لا تثبت إلا في الاشتراك على الشيوع في الطريق الخاص ليس الطريق العام المملوكة للعامة ويجب أن تكون الاشتراك على الشيوع في حق من حقوق العين.
ولا يشترط القانون لثبوت الشفعة للشريك في الطريق أن يكون عقاراً ملاصقاً للعقار المبيع.(2)
وفي الفقه الإسلامي يفيد الشيوع في الطريق بان تكون لأهل الاستطراق وهي غير مسبلة كالطريق المنسدة أو الطريق النافذة بين الأملاك وبالنسبة لطريق أعرام الجرب فلا يستطيع المالك منع المارة من المرور والزموا صاحب المال بتصليحها في حال خرابها ويستحق مالك الأرض الشفعة في حالة بيع الأراضي المجاورات المتصلة بهذا العرم حيث إن الملك له وليس للمارة.
أما أمثال الاشتراك في الطريق.
فهو شكل واحد والباقي يطبق نفس الأمثال المقدمة في الشري لاتفاقهم شكلاً وحكماً وهو في صورة الطريق الدوار أي المستدير بالدور والشفعة هنا لجميع أهل الدرب بالطريق على السواء بشرط أن يكون في وسطه.(1)
أما إذا ترك كل مالك من ملكه شيء لكي يكون طريقاً فليس هذا الاشتراك إنما هو جوار(2)
وفي الفقه الإسلامي يأتي بسبب من أسباب الشفعة وهو الجوار ومثاله الجوار في عرصات الدور المتلاصقة في القرار وإن لم يتلاصق البناء ومثلا:
رقاب الأراضي المملوكة لا اتصال الساحات وإنما تثبت الشفعة للجار لان بينهم في القرار جزءً لا ينقسم فكأنه خليط.(3)

المبحث الثاني:
التزاحم بين الشفعاء:
إذا اجتمعت أساب الشفعة لأكثر من شخص في وقت واحد وطلب كل واحد منهم الأخذ بالشفعة فيراعى فيها الترتيب حسب ما جاء في نص المادة(1257) من القانون المدني اليمني.(1)

فيقدم الأقوى فالأقوى وتنص المادة (1258) “إذا تساوى الشفعاء في الطلب قدم صاحب السبب الأقوى على الترتيب المبين في المادة السابقة وإذا تساووا في الطلب والسبب قسمت الشفعة على رؤوس الشفعاء” فإذا تقدم واحد منهم بطلب الأخذ بالشفعة سواء أتحد السبب ام اختلف اصبح ضرورياً حل التزاحم وسوف نتكلم عن هذا التزاحم بين الشفعاء في أربع نقاط.

أولاً>>> تزاحم الشفعاء من طبقات مختلفة:
في هذه الحالة يكون استحقاق الشفعة حسب الترتيب المنصوص عليه في المادة(1257) والمبين على الأقوى فالأقوى من حيث السبب فيقدم المرتبة الأولى على المراتب الأخرى والثانية على الثالثة.

وفي ذلك أيضاً تأكيد المادة(1258)على تقديم صاحب السبب الأقوى عند التزاحم(2) فإذا بيعت حصة شائعة في عين واجتمع في الشفعة كلاً من الشريك على الشيوع في أصل العين والشريك على الشيوع في الشرب والمجرى والشريك على الشيوع في الطريق فيقدم الشريك على الشيوع في أصل العين لأن سببه أقوى من الباقين وطبقته أعلى وكذلك إذا تقدم الشريك على الشيوع في الشرب والمجرى والشريك على الشيوع في الطريق يقدم الشريك على الشيوع في الشرب والمجرى.

ووجد في الفقه الإسلامي قد يطلب الأخذ بالشفعة أكثر من شخص ويكونوا في مراتب مختلفة هذا النوع من التزاحم لا يوجد إلا عند الأحناف باستثناء المالكية بالنسبة للشركاء والورثة عندهم يقدم الشريك في السهم ثم باقي الورثة ثم الموصي لهم ثم الأمين.(3)

أما عند الأحناف فالشفعة لها ثلاث مراتب” الشفعة واجبه للخليط من نفس المبيع ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ثم الجار”

من ذلك نجد أن هناك ثلاث مراتب عندهم كالتالي:
المرتبة الأولى: الشريك في المبيع يقدم على الخليط وعلى الجار الملاصق.
المرتبة الثانية: الخليط في حقوق المبيع يقدم على الجار الملاصق.
المرتبة الثالثة: الجار الملاصق.(1)

الثاني: تزاحم الشفعاء في طبقة واحدة دون أن يكون أحدهم أخص من الباقين إذا تقدم لطلب الشفعة عدد من الشفعاء وكانوا في طبقة واحدة كأن يكونوا جميعاً شركاء في أصل العين أو شركاء في حق الشرب أو شركاء في حق الطريق فقد وضح القانون حكم هذه الحالة في نص المادة(1258) الذي تنص على أنه” إذا تساووا في الطلب والسبب قسمت الشفعة على رؤوس الشفعاء”.

وفي ذلك تبين المادة المذكورة أنه في حالة التساوي في الطلب والسبب تقسم الشفعة على رؤوس الشفعاء بالتساوي لا بحسب الحصص فلا مفاضلة بتعدد سبب الشفعة وكثرته وذلك ماداموا متحدين في السبب الأقوى(2) وهذا هو رأى الفقه الإسلامي أيضاً في نفس الحالة.

الثالث: تزاحم الشفعاء في طبقة واحدة وبعضهم أخص من الباقين إذا تزاحم الشفعاء في طبقة واحدة وفيهم من هو أخص سبباً من الباقين فإنه يستحق الشفعة دون غيره من الشفعاء في نفس الطبقة نظراً لخصوصية السبب وعلى اعتبار أن الضرر عليه أكبر والشفعة إنما شرعت لدفع الضرر(3) وهو كما في الفقه الإسلامي أيضاً ومثال ذلك أن أصحاب السبب الأخص المشتركين في الطريق أو في حق الشرب إذا كان الطريق أو المجرى هم أصحاب العقارات الداخلية وهي التي تسامت العقار المبيع أو تقع بعده في اتجاه الداخل أما العقارات التي تقع قبله في اتجاه بداية الطريق أو المجرى فإنها العقارات الخارجية وحقها ينقطع عند باب الدار أو الفتحة التي يدخل منها الماء إلى العقار فلا يستحق أصحابها الشفعة مع وجود أصحاب العقارات الداخلية وطلبهم لها(4)هذا إذا كان منسداً أما إذا كان نافذاً فإذا بيعت إحدى الدور في الطريق فتكون الشفعة للشركاء المالكين جميعاً على السواء لأنه لا اختصاص لأحد منهم(5) كذلك الحالة في الشرب الخاص إذا كانت الساقية تسقى بها مجموعة من الأراضي بأتيها الماء من الجهتيين كأن تروى من نهرين أحدهما في طرف الساقية والأخر في الطرف الثاني فتأخذ حكم الطريق النافذ.(6)

الرابع: تزاحم الشفعاء والمشتري هو أحد الشفعاء
فإذا تزاحم الشفعاء وكان المشتري هو أحد الشفعاء فإن له ثلاثة صور:
الصورة الأولى: أن يتزاحم المشتري مع غيره من الشفعاء الأعلى طبقة منه: كأن سكون المشتري شريكاً للبائع في حق الشرب ويتقدم للشفعة شريك البائع في أصل العين المبيعة ففي هذه الصورة يستحق الشفعة الشفعاء الأعلى مرتبة من المشتري الشفيع ويتملكوا العين المبيعة منه جبراً.
الصورة الثانية: أن يتزاحم المشتري مع غيره من الشفعاء الأدني طبقة منه:

كأن يكون المشتري شريكاً للبائع في أصل العين ويطلب الأخذ بالشفعة الشركاء في العين ففي هذه الصورة تكون العين خالصة للمشتري الشفيع ولا يكون للشفعاء الأدنى مرتبة أخذها منه.

الصورة الثالثة:أن يتزاحم المشتري مع غيره من الشفعاء الذين في نفس طبقته:

كأن يكون شريكاً مع البائع في العين المبيعة وطلب الأخذ بالشفعة لبقية الشركاء في العين ففي هذه الصورة يقسم المال المبيع بين الشفعاء جميعاً وبين المشتري باعتباره واحداً منهم بالتساوي على عدد رؤوسهم لا بحسب الحصص.(1)

وفي الفقه الإسلامي بالنسبة للصورة الأولى وهذه لا توجد إلا عند الأحناف وعند المالكية بالنسبة للشركاء الورثة أما عند جمهور الفقه الإسلامي فلا يتصور عندهم هذه الصورة لأنهم لا يأخذون إلا بمرتبة واحدة للشفعة وهي إذ باع أحد الشركاء حصته تثبت الشفعة لباقي الشركاء.

أما عند الأحناف إذا باع الشريك للخليط في المبيع قدم الشريك في المبيع على المشتري الخليط في المبيع.

وعند المالكية بالنسبة للشركاء الورثة كل منهم يدخل على ما بعده دون العكس فصاحب السهم يدخل على الوارث والورثة يدخلون على الموصى لهم وهكذا.(2) وفي الصورة الثانية فهذه الصورة كالصورة الأولى لا توجد إلا عند الأحناف والمالكية بالنسبة للشركاء الورثة.

أما عند جمهور الفقهاء فلا يتصور عندهم هذه الصورة لأنهم لا يأخذون إلا بمرتبة واحدة للشفعة وهي: إذا باع أحد الشركاء حصته تثبت لباقي الشركاء.

أما عند الأحناف إذا باع الشريك حصته في الدار لشريك أخر فلا يحق للخليط في المبيع أو الجار الملاصق أن يطلب الأخذ بالشفعة وإذا باع شخص داره للخليط في المبيع فلا يحق للجار الملاصق أن يطلب الأخذ بالشفعة.

وعند المالكية إذا باع الشريك في السهم حصته لشريكه في السهم فلا يحق لباقي الورثة طلب الأخذ بالشفعة وإذا باع الشريك حصته للورثة فلا يجوز للموصى لهم طلب الأخذ بالشفعة.(1)

وبالنسبة للصورة الثالثة وهي حالة أن تزاحم مع المشتري شفعاء من ذات مرتبته ففيه خلاف ولكن رأى جمهور الفقه الإسلامي لا يفضل المشتري على باقي الشفعاء فإن اشترى أحدهم فهو في الشفعة كواحد منهم فلا يفرق بين أن يكون البيع لأجنبي فيكون بذلك الشفعة للشركاء الآخرين على عدد الرؤوس لا على عدد الحصص.(2)

الفصــــــل الرابع:-

مسقطـــــــات الشفعة:

يسقط الحق في الأخذ بالشفعة رغم توافر شروطها إذا وجد سبب من أسباب سقوطها ويجب أن نفرق بين أسباب سقوط الشفعة وبين موانع الأخذ بالشفعة حيث أن سقوط الحق في الأخذ بالشفعة يتم بعد ثبوته أما موانع الشفعة فهي تمنع من الأخذ بالشفعة ابتداء وسوف نعرض أسباب الشفعة في كل من القانون المدني والفقه الإسلامي.
· أسباب سقوط الشفعة في القانون المدني:
يسقط الحق في الأخذ بالشفعة إذا وجد سبب من أسباب سقوطها والتي نص عليها القانون المدني اليمني في المادة(1269) فتبطل الشفعة ويسقط حق الشفيع فيها بأحد الأمور الآتية:
1- التنازل عنها من الشفيع بعد العقد ما لم ينبني ذلك على اعتقاد مقبول كاعتقاد بطلان البيع ثم حكم القضاء بصحته أو يحط البائع عن المشتري بعض الثمن أو يظهر أو ينكشف خلاف ما أبلغ به فلا تسقط الشفعة.
2- أن يملك الشفعة للمشتري أو لغيره أو تنازل عنها لأيهما بمقابل أو بغير مقابل ولا يلزم العوض إلا إذا كان من المشتري.
3– يترك الشفيع الحاضر مجلس العقد وعدم طلب الشفعة في المجلس.
4- إذا تولى العقد وكان ولياً أو كيلاً عن الغير، كما لا يسقط حقه إذا جعل الخيار له من طرفي العقد أو من أحدهما فقط وأنقذه.
5- طلب الشفيع من ليس له طلبه عالماً ولا يعتبر طلب المخاصمة عن القاضي قبل طلب المشفوع من طلب من ليس له طلبه.
6- طلب الشفيع العين المشفوعة بغير لفظ الشفعة عالماً أو ادعائه ملكيتها بغير الشفعة.
7- خروج سبب الشفعة من ملك الشفيع عالماً أو جاهلاً باختياره أو بدون اختياره قبل الحكم له بالشفعة أو التسليم طوعاً.
8- تراخي الشفيع الغائب عن مجلس العقد بعد علمه به بشهادة كاملة على التصرف أو تراخيه بعد علمه بالعقد بخبر يفيد الضن مرة تزيد على ما يمكنه فيه طلب الشفعة ما لم يكن معذوراً فمن وقت زوال العذر والقول قول الشفيع إذا ادعي عدم حصول الظن وللمشتري تحليفه على ذلك.
9- إذا طلب الشفيع مع شروط الخيار فيها أو نحوه.
10-إذا لم يكن الشفيع قادراً على دفع الثمن وملحقاته.
· مسقطات الشفعة في الفقه الإسلامي:
1- تبطل بالتسليم بعد صدور البيع فإذا قال الشفيع للمشتري أو لغيره بعد البيع بلفظ يفيد الأبطال سواء كان صراحة أو بالدلالة عليه.
2- تبطل بتمليكها الغير بعد البيع ولو جاهلاً إما المشتري أو غيره ولو لغير معين كان يقول ملكتك شفعتي أو وهبتك حقي في الشفعة سواء كان قبل طلب الشفعة أو بعدها سواء كان عالماً أو جاهلاً ولو ملكها الغير بعوض.
3- تبطل بترك الحاضر الطلب للشفعة مع علمه بأن سكوته يبطل الشفعة ولو كان سكراناً وإذا لم تراخى فيه لم تبطل ما لم يعرض أو يخرج المشتري من المجلس أو الشفيع ولم يطلبها بطلت إذا كان عالماً بأن التراخي مبطل ولا تبطل إذا ترك الشافع الطلب بدون عذر.
4- تبطل بتولي الشافع البيع لما هو شفيع غير فضولي بل بالولاية أو الوكالة.
5- تبطل بطلب الشفيع من ليس له طلبه والذي له المطالبة هو المشتري حتى لو كان وكيلاً.
6- طلب الشافع المبيع بغيرها كأن يقول بع مني أو هب مني أو تصدق به علي.
7- طلب الشافع الشفعة بغير لفظ الطلب المعتبر في طلبها والغير كأن يقول عندك لي شفعة أو سلم لي الشفعة أو أنا أقدم منك.
8- طلب الشافع بعض المبيع كأن يقول الشافع للمشتري أنا مطالب لك الشفعة في ثلث ما اشتريته بجواري ولو كان جاهلاً ولا ينفع طلبها بلفظ طلب الشفعة.
9– تبطل الشفعة بخروج جميع السبب المشفوع به عن ملكه ولو بعد طلب الشفعة.
10-تبطل بتراخي الشفيع الغائب عن مجلس من له طلبه من بائع ومشتري ووكيل تتعلق به الحقوق فإذا كان بين الشفيع وبين موضع من له طلبه من بائع أو مشتري ونحوها مسافة ثلاث مراحل يسير الإبل فما دونها الثلاث وتراخى عن الطلب بطلب شفعته بذلك سواء كان داخل البلد أم خارجها.
11-شرط الخيار كأن يقول الشفيع ولي الخيار فإنها باطلة ولو كان جاهلاً.
12-تبطل الشفعة بإعسار الشفيع.

v الفصــــل الخامس:-

آثــار الشفعة

آثار الشفعة:
إذا توفر سبب من أسباب الشفعة وشروطها فإن الشفيع يبدأ إجراءات الشفعة بإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى كل من البائع والمشتري فإن المشتري يمكن أن يستجيب إلى هذه الرغبة وبالتالي تتم الشفعة بالتراضي وقد لا يستجيب المشتري لهذه الرغبة فيضطر الشفيع أن يستكمل الإجراءات ليحصل في النهاية على حكم يثبت له حق في الشفعة فإذا ما ثبت الحق في الشفعة رضاء أو قضاء فإنه يترتب على ذلك حلول الشفيع محل المشتري في ماله من حقوق وما عليه من التزامات في مواجهة البائع وينشأ عن هذا الحلول عدة آثار سواء على مستوى العلاقة بين المشتري والشفيع أو في العلاقة بين الشفيع والبائع أو في العلاقة بين الشفيع والغير الذي تصرف له المشتري في العقار أو الذي رتب له حقاً عينياً عليه.
ويمكن أن نوضح آثار الشفعة على النحو التالي:
أولاً>>> حلول الشفيع محل المشتري:
والحلول هنا هو أن يحل الشفيع محل المشتري في مركزه العقدي أي فيما له من الحقوق والتزامات ودعاوى قبل البائع.(1)
وهذا هو الأثر المباشر للشفعة وذلك بحلول الشفيع محل المشتري في ملك مال المشفوع فيه من وقت التراضي أو من وقت صدور الحكم من القاضي فيترتب عل ما ينشأ عن المبيع من حقوق وما ينشأ من التزامات.

وفي ذلك تنص المادة(1290) في القانون المدني اليمني على” إذا ثبت الملك للشفيع بالتسليم بالتراضي أو بحكم القاضي تبعته أحكام الملك ويعتبر الأخذ بالشفعة بمنزله شراء مبتدأ يثبت فيه ما يثبت بالشراء مع مراعاة ما هو منصوص عليه في المواد التالية:
مادة (1291) يثبت للشفيع خيار الروية وخيار العيب دون خيار الشرط.

مادة(1292) لا يستفيد الشفيع من الأجل إذا كان الثمن أو بعضه مؤجلاً على المشتري إلا إذا قبل المشتري ذلك.
مادة(1293) تؤخذ العين المشفوعة من المشتري قسراً في حالتين:
1) إذا سلم الشفعة وقبض الثمن فتصير العين في يده كالمبيع.
2) إذا حكم عليه بالشفعة ودفع له الثمن جميعه فتعتبر العين المشفوعة في يده كالأمانة.
ويترتب على هذا أن حلول الشفيع في هذا البيع محل المشتري يكون عند تسليم المشتري للشفيع بطلبه وإذا ما رفض المشتري وذلك برفع الأمر إلى القضاء بطلب الحكم بثبوت الشفعة ومتى تثبت حق الشفيع رضاء أو قضاء فقد حل الشفيع محل المشتري بحكم القانون في البيع المشفوع فيه وحلول الشفيع محل المشتري فيعتبر شراء جديداً تسري عليه أحكام عقد البيع كخيار الرؤية إذا لم يكن قد رأى العين المشفوعة وله خيار العيب إذا ظهر فيها عيب ولا يستفيد الشفيع من تأجيل الثمن أو بعضه والذي منحه البائع للمشتري إذ أن هذا التأجيل في حق المشتري الذي وثق فيه البائع للمشتري إذ أن هذا التأجيل في حق المشتري الذي وثق فيه البائع فأجله أما الشفيع فعليه تعجيل العوض وعدم الانتظار لحلو الأجل إلا إذا قبل المشتري ذلك.
ثانياً>>> التزامات الشفيع:
1- يلتزم الشفيع بدفع ثمن المال المشفوع فيه للمشتري قدراً وجنساً ونوعاً وصفة إن كان مثلياً وقيمته وقت العد أن كان قيمياً.(1)
2- يلتزم الشفيع تجاه المشتري بدفع ما غرمه من مصاريف للدلال ونحوه فليزم تسليمها لأن حكمها حكم الثمن(2)وكذلك رسوم تعميد المستندات في المحاكم وما إلى ذلك.
3- إذا ما تأخر طلب الشفعة إلى وقت نقصت فيه قيمة النقود التي دفعها المشتري فإن الشفيع ملتزم بأداء قيمة العوض ويكون تقدير القيمة بواسطة المقومين العدول وبهذا يطمئن المشتري على أنه سوف يحصل على قيمة ما دفعه سواء تقدم طلب الشفعة أو تأخر.(3)
4- يلتزم الشفيع بعدم التصرف في العين المشفوعة إذا سلم له المشتري بالشفعة بالتراضي إلا بعد قبض العين المشفوعة أما بعد الحكم له بالشفعة بواسطة القضاء فإن للشفيع الحق في التصرف في العين المشفوعة ولو لم يقبضها.(4)
5- يلتزم الشفيع بقيمة ما غرمه المشتري لنماء العين المشفوعة قبل طلب الشفعة أو العلم بها ويكون المشتري مخيراً بين أن يبقى النماء ويلتزم الشفيع بقيمته أو يرفعه ويزيله ويرجع على الشفيع بتعويض ما نقص وأرش نقصانها يوم التخيير ما بين قيمتها قائمة وقيمتها مقلوعة.(5)
6- يلتزم الشفيع بأن يرد إلى المشتري ما كان قد أنفق على تحقق الفوائد الأصلية ولك بقدر ما خصمه في الفوائد التي استحقتها الشفعة.(6)
ثالثاً>>> التزامات المشتري:
1- يلتزم المشتري بتسليم المال المشفوع فيه إلى الشفيع وليس له الامتناع عن التسليم فإذا امتنع عن تسليم المال المشفوع فيه أجبر على التسليم.(1)
2- يلتزم المشتري بتحمل تبعه هلاك العين بعد تسليمه بالشفعة رضاء وقبل تسليم العين المشفوعة إلى الشفيع وذلك كالمبيع في يد البائع.(2)
كما يضمن المال المشفوع فيه إذا كان الهلاك بخطاء منه أو تفريط أو كذلك إذا امتنع عن تسليم المنال المشفوع بعد طلبها وفي هاتين الحالتين يكون غاصباً للمال المشفوع فيه فيضمن ضمان الغاصب.(3)
3- يلتزم المشتري بتسليم المال المشفوع فيه للشفيع عند الحكم بالشفعة أو التسليم بها طوعاً(4) بما في ذلك الفوائد الأصلية المتصلة بالمال(5)أما المنفصلة فهي للمشتري عدى بعض الحالات المنصوص عليها في القانون.
4- يلتزم المشتري بأن يحط من الثمن عوضاً للشفيع في كل ما نقص سواء كان في يد المشتري أم يد غيره بإذنه أو كان قد اخذ من الغير عوضاً في مقابل النقص أو صالحه عليه أو براءة منه مع إمكان استيفائه.(6)
5- يلتزم المشتري بضمان الاستحقاق للشفيع بعد الحكم فيه بالشفعة أو التسليم بها طوعاً فإذا تبين استحقاق الغير للمال المشفوع فيه فإنه يكون للشفيع بمثابة البائع إلى الشفيع فيكون ملتزم بالامتناع عن التعرض كما يلتزم بأن يدفع عنه تعرض الغير وذلك وفقاً لأحكام ضمان الاستحقاق في البيع المنصوص عليها في القانون المدني اليمني في المواد(544) وما بعدها.
وتنص المادة(1297) على أنه “إذا استحقت العين المشفوعة فيضمن المشتري الثمن ويرجع على البائع إليه”
وتقضي المادة (1291) بأنه “يثبت للشفيع خيار الرؤية وخيار العيب دون خيار الشرط”

الخـــاتمة

أتضح من خلال البحث أن القانون المدني كان سباقاً في الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية في هذا البحث كما هو أيضاً معروف عنه في سائر القوانين الاخرى والشفعة وإن كانت من الحقوق التي أوجبها عقد البيع إلا أن وجودها كان يرتكز على دعامة أساسية وهي روابط الجوار والحفاظ عليها والذي ينادي به الإسلام ويأمر المسلمين باحترامه ولازال يوصى به كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (مازال جبريل يوصيني بالجار ضننت أنه سيورثه)

وقد رأينا كيف نظم الفقه الإسلامي والقانون اليمني أحكام هذه الشفعة في بيان مشروعيتها بأنها مشروعة وثابتة وما هي الخصائص التي تمتاز بها وكذلك الشروط اللازمة فيها والأسباب التي تثبت بها الشفعة ونلاحظ كيف حدد مراتب الشفعاء وطرق تزاحمهم وحل ذلك منعاً للخلاف والاختلاف ثم بين ما يؤدي إلى سقوط هذا الحق وما يترتب عليه.

والجديد في البحث هو الإشارة إلى المرونة التي تميز بها القانون اليمني حيث أوجب على الشفيع أن يدفع إلى جانب الثمن مقابل نقص العملة بما يقدره عدلان خبيران وكذلك مقابل مازاده المشتري من الفوائد المتصلة قبل طلب الشفعة وهو نظر سديد يوفق بين المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وبين عدالة الوضع الشرعي للشفعة في الشريعة الإسلامية ونسأل الله العزيز القدير أن نكون قد وفقنا إلى طرح هذا الموضوع ولو بصورة مختصره.
وبالله التوفيق،،،

(قائــــمة بأســـــــماء المراجع)

1- القاضي أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني-التاج المذهب لأحكام المذهب الجزء الثالث- مكتبة اليمن الكبرى
2- القانون المدني اليمني- رقم 14 لسنة 2002م
3- سليمان الحمزاوي- أحكام الشفعة والصفقة- المغرب- المعهد الوطني لدراسات القضائية.
4- سهيل الفتلاوي-حق الملكية في القانون المدني –الطبعة الأولى- دار الفكر المعاصر لبنان السنة(بدون)
5- عبد الخالق حسن أحمد- الشفعة دراسة مقارنة بين القانون المدني والفقه الإسلامي الطبعة الثالثة- دار الكتاب الجامعي 1997م.
6- مأمون أحمد الشامي- حق الملكية في القانون المدني والفقه الإسلامي الطبعة الثانية- دار الفكر المعاصر صنعاء 1999م.
7- محمد محمد الغشم –محاضرات في حق الملكية في القانون المدني اليمني طبعة 2002م الناشر(بدون).
8- نبيل إبراهيم سعد- الشفعة علماً وعملاً- منشاة المعارف بالإسكندرية 1997م.

الفهرس

الموضوع الصفحة
المقدمة …………………………………………..(5)
الفصل الأول:-
تعريف الشفعة …………………………………….(7)
مشروعية الشفعة……………………………………(9)
الفصل الثاني:-
أركان الشفعة …………………………………….(12)
خصائص الشفعة………………………………….( 13)
شروط الشفعة ……………………………………(15)
الفصل الثالث:-
أسباب الشفعة…………………………………….(20)
التزاحم بين الشفعاء……………………………….(26)
الفصل الرابع:-
مسقطات الشفعة………………………………….(31)
الفصل الخامس:-
آثار الشفعة……………………………………..(34)
الخاتمة…………………………………………(37)
قائمة بأسماء المراجع…………………………….(38)

(1) القاضي أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني “التاج المذهب لأحكام المذهب” الجزء الثالث- مكتبة اليمن الكبري صــ3ـــ.
(2) سليمان الحمزاوي “أحكام الشفعة والصفقة- المغرب المعهد الوطني للدراسات القضائية 1983م صـ7ــ.
(3) عبد الخالق حسن أحمد “الشفعة دراسة مقارنة بين القانون المدني والفقه الإسلامي “الطبقة الثالثة دار الكتاب الجامعي1997ص6.
(4) نبيل إبراهيم سعد “الشفعة علماً وعملاً الإسكندرية – منشأة المعارف بالإسكندرية 1997م صـ7ــ.
(5) عبد الخالق حسن أحمد “الشفعة دراسة مقارنة بين القانون المدني والفقه الإسلامي- مرجع سابق صـ7،6ـــ.
(6) القاضي أحمد بن قاسم العنسي اليماني مرجع سابق صـ3ــ.
(1) صدر بالقانون رقم(14) لسنة 2002م
(2) المادة(1255) مدني يمني
(1) ليم يعد الجوار في المادة(1257) سبباً من أسباب الشفعة.
(2) مأمون أحمد الشامي حق الملكية في القانون المدني الطبعة الثانية- دار الفكر المعاصر صنعاء 1999م صـ233ــ.
(3) أخرجة البخاري في الصحيح كتاب الشفعة باب الشفعة فيما لم يقسم (2257).
(1) عبد الخالق حسن أحمد الشفعة دارسة مقارنة بين القانون المدني والفقه الإسلامي- مرجع حديث صـ7-8ــ.
(2) مأمون أحمد الشامي حق الملكية في القانون المدني والفقه الإسلامي مرجع سابق صـ7-8ــ.
(3) محمد محمد الغشم محاضرات في حق الملكية في القانون المدني اليمني- طبعة2000م صـ161ــ.
(4) راجع أنفاً صــ8ــ.
(1) سليمان الحمزاوي أركان الشفعة والصفة – طبعة جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية- المغرب 1983م صـ11-38ــ.
(1) سهيل الفقلاوي حق الملكية في القانون اليمني- الطبعة الأولى- دار الفكر المعاصر لبنان صـ118-119ــ.
+ محمد محمد الغشم محاضرات في حق الملكية في القانون اليمني-طبعة 2000م صـ186ــ.
(2) القاضي أحمد قاسم العنسي التاج المذهب لأحكام المذهب-الجزء الثالث- مكتبة اليمن الكبري صـ4ـ
(3) سهيل الفقلاوي حق الملكية في القانون اليمني- الطبعة الأولى- دار الفكر المعاصر لبنان صـ119-120ــ
(1) القاضي احمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب لاحكام المذهب “-الجزء الثالث _مكتبة اليمن الكبرى صــ31ــــ.
(2) سهيل الفتلاوي حق الملكية في القانون اليمني “-ـالطبعة الاولى _دار الفكر المعاصر لبنان صـــ119ــ120ــــ.
(3) القاضي احمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب لاحكام المذهب “_ الجزء الثالث –مكتبة اليمن الكبرى صـ5ـــ.
(1) القاضي احمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب “_الجزء الثالث _ مكتبة اليمن الكبرى صــ6-7__.
(1) عبد الخالق حسن احمد “الشفعة دراسة مقارنة في القانون المدني والفقه الإسلامي”- مرجع سابق صـ110ــ.
(2) د/ محمد محمد الغشم محاضرات في حق الملكية في القانون المدني- طبعة 2000م صـ181-182ـــ.
(1) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-الجزء الثالث- مكتبة اليمن الكبرى صـ.
(2) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-الجزء الثالث- مكتبة اليمن الكبرى صـ5ــ.
(3) ) د/ محمد محمد الغشم محاضرات في حق الملكية في القانون المدني- طبعة 2000م صـ186ــ.
(4) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ7ــ.
(1) أنظر القانون المدني اليمني المادة(1255)
(2) د/محمد محمد الغشم –مرجع سابق- صـ185-186ــ
(3) ) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ7ـ.
(4) ) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صــ4-6.ـــــ.
(5) نفس المرجع السابق صــ32ـــ
(1) انظر المادة(1258) القانون المدني اليمني
(2) في هذا رأي د/ عبد الله محمد علي المخلافي في رسالة الدكتوراه بعنوان أسباب الملك في الشفعة القانون اليمني دراسة مقارنة طبعة 1994م.
(3) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ7ـ.
(4) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ7ـ.
(1) قانون أحمد الشامي حق الملكية في القانون المدني- مرجع سابق صـ233ـــ.
(2) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ7ـ.
(3) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ7ـ.
(4) القاضي أحمد بن قاسم العنسي التاج المذهب- مرجع سابق صـ15ــ
(1) الرزم: يعني الحاجز
(1) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ15-21ــ
(2) د/محمد محمد الغشم محاضرات في الملكية القانون اليمني –مرجع سابق- صـ168ــ.
(1) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ22ــ
(2) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ9ــ.
(3) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ9ــ.
(1) راجع صـ19ــ في نفس البحث.
(2) د/محمد محمد الغشم محاضرات في حق الملكية في القانون المدني اليمني” مرجع سابق صـ169ــ.
(3) عبد الخالق حسن احمد الشفعة دراسة مقارنة مرجع سابق صـ87ــ
(1) عبد الخالق حسن احمد الشفعة دراسة مقارنة مرجع سابق صـ88-90ــ
(2)،3) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ11ــ.
(4) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ12ـ
(5) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ23ـــ
(6) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ19ــ

(1) د/محمد محمد الغشم محاضرات في حق الملكية في القانون المدني اليمني” مرجع سابق صـ175ـــ.
(2) عبد الخالق حسن احمد الشفعة دراسة مقارنة مرجع سابق صـ88-93ـــ.
(1) عبد الخالق حسن احمد الشفعة دراسة مقارنة مرجع سابق صـ88-93ـــ
(2) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ11ــ.
(1) نبيل إبراهيم الشفعة علماً وعملاً –مرجع سابق- صـ145ـــ
(1) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ47ـــ
(2) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ48ـــ وكما في المادة (1279) في القانون المدني اليمني.
(3) مادة (128) قانون مدني
(4) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ56ــ نفس المعني في المادة(1295) في القانون المدني
(5) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ49-51ــ نفس المعني في المادة(1299) في القانون المدني
(6) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ51ــنفس المعني في المادة(1301) في القانون المدني
(1) المادة(1293) القانون المدني
(2) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ56ـــ
(3) المادة(1294).
(4) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ51،55ـــ
(5) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ51،55ـــ
(6) القاضي أحمد بن قاسم العنسي “التاج المذهب”-مرجع سابق صـ53ــ نفس المعني المادة(1304) من القانون المدني

إغلاق