دراسات قانونية

فعالية الجزاء الجنائي في مدونة الأسرة (بحث قانوني)

فعالية الجزاء الجنائي في مدونة الأسرة – حلول بديلة

خالد الدك وعلي الجزولي

باحثان في القانون الخاص

فعالية الجزاء الجنائي في مدونة الأسرة – حلول بديلة
مقدمة:

الأسرة هي الركيزة الأساسية لبناء المجتمع، ففسادها يفسده، وصلاحها يصلحه بأسره، ويجب التعامل معها بشكل عقلاني، في اختيار القوانين التي تنظمها، والطابع الزجري للقانون المنظم للأسرة إنما هو وليد جديد في هذا القانون، فقد كانت الأسرة قديما بحكم التقاليد والأعراف لا تلجأ للقانون لمعالجة مشاكلها بل بالنصح، والصلح، وردع الزوجة من قبل والديها، وإرجاعها رغما عنها إلى بيت زوجها، باعتبار أن العلاقة الزوجية يمكن أن تواجهها مشاكل ونزاعات وهذا الشيء طبيعي، إذن يجب على الطرفين الحفاظ على هذا الكيان بالصبر والحكمة، ويتحقق الانسجام قال تعالى في كتابه: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[1] “.
لكن الإشكال المطروح هنا هو متى أدخلت هذه المقتضيات الزجرية؟، لأن القاعدة والأصل في تنظيم الأسرة هو المودة والرحمة، والاستثناء هو الزجر الذي هدف من خلاله المشرع ردع بعض التجاوزات والممارسات التي فرضت نفسها على الواقع وكذلك التعسف في ممارسة الحق[2].

فأهمية الزجر تندرج في حماية الأسرة من الاندثار، هذا من جهة لكن من جهة أخرى يصبح الزجر سلبيا، بأنيفرغ مؤسسة الزواج من محتواها ويحول عقد الزواج إلى عقد مدني مشروط، كالدول الغربية التي تسير في هذا المنحى، فهل يمكن القول أن المغرب يسير في منحى مدنية عقود الزواج، خاصة أن الزوجان بإمكانهما الاتفاقفي وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، على وضع إطار لتدبير أموالهما المكتسبة، وفي حالة عدم الاتفاق يتم اللجوء إلى القواعد العامة للإثبات عن طريق تقدير القاضي لمساهمة كلا الزوجين في تنمية أموال الأسرة.
هناك تضارب في هذا المجال حيث نجد من يسير نحو تأسيس عقد مدني باعتباره يساير تطور المجتمع، كون المرأة مصدر من مصادر جلب المال للأسرة على خلاف المرأة في القدم ويجب حماية حقوقها كعنصر فعال في الأسرة، ويلزم ذلك تدخل الدولة باسم النيابة العامة في حل المشاكل التي قد تواجهها الأسرة هذا من جهة، من جهة أخرى هناك أسر محافظة ترى أن عقد الزواج عقد مقدس يستلزم توحد وانصهار كلا الزوجين ويرفضون أي تدخل في شؤونها إلا إذا تدخلت العائليتين للإصلاح والنصح أما لجوء الزوجين إلى المحاكم أو النيابة العامة فيعتبر آخر مرحلة في ذلك الزواج وسينتج عنه حتما الطلاق.
أهمية الموضوع النظرية تتجلى في أن الموضوع يثير جدلا فقهيا، ومادة علمية خصبة، أما من حيث الأهمية التطبيقية فالموضوع يطرح عدة إشكاليات، من حيث تطبيق المساطر القانونية فإلى أي حد ساهمتمدونة الأسرة بتنصيصعا على المقتضيات الزجرية في الحفاظ على كيان الأسرة وحمايتها؟ وسوف نحاول الاجابة عن هذه الإشكالية من خلال تقسيم الموضوع إلى مبحثين، نعالج في المبحث الأول: دور المقتضيات الزجرية المضمنة في مدونة الأسرة في الحفاظ على مؤسسة الأسرة، أما المبحث الثاني فنخصصه للطرق البديلة في تسوية المنازعات الأسرية و دورها في حماية الأسرة.

المبحث الأول: دور المقتضيات الزجرية في مدونة الأسرة في حماية كيانها

من أهم المستجدات التي عرفتها مدونة الأسرة تنصيصها على بعض المقتضيات الزجرية في بعض موادها، و ذلك بقصد حماية الطرف المتضرر في العلاقة الأسرية، وهذا ما سوف نعالجه من خلال تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول لدراسة الأفعال الجرمية المعاقب عليها في مدونة الأسرة على أن نفرد الثاني للحديث عن آليات ممارسة الحماية الجنائية في مدونة الأسرة.

المطلب الأول: الأفعال الجرمية المحددة في مدونة الأسرة

إن روح مدونة الأسرة تتجلى فيتحقيق العدل والإنصاف، وتحقيق هذه المبادئ رهين بوجود مقتضيات زجرية لحماية الزوجة في حالة تدليس الزوج قصد الحصول على بعض الوثائق(الفقرة الأولى) وأخرى لحماية الطفل أثناء التوقف عن أداء النفقة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: حالة التدليس للحصول على بعض الوثائق

لقد تم تحديد جملة من الإجراءات الإدارية والشكلية في مدونة الأسرة بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق التي يتعين إرفاقها بالإذن بتوثيق عقد الزواج، فما هي الحالات التي يتم صدور هذا الإذن من طرف القاضي (أولا) وكيف يتم إثبات حالة التدليس بخصوص الحصول على الإذن بالتعدد (ثانيا).

أولا: حالات صدور الإذن بتوثيق الزواج

لقد حددت المادة 65 من مدونة الأسرة[3] الحالات التي يجب فيها صدور الإذن بالزواج من طرف القاضي وهي كالتالي:
أ) الزواج دون سن الأهلية؛
ب) تعدد الزوجات؛
ج) زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية؛
د) زواج معتنقي الإسلام والأجانب؛
ه) الإذن بالزواج يسلم من طرف المصالح المختصة بالنسبة للعسكريين وأفراد الدرك الملكي وموظفي الإدارة العامة للأمن الوطني وأفراد القوات المساعدة طبقا لقرار وزير العدل الصادر بتاريخ 03/02/2006.

ثانيا: حالة التعدد المشوب بالتدليس

نظمت مدونة الأسرة أحكام التعدد في المواد من 40 إلى 46 حيث حددت مجموعة من الشروط لمنعه في حالة عدم اشتراط الزوجة على زوجها بعدم التعدد عليها فان الراغب فيه يقدم طلبا إلى المحكمة بقصد الحصول على الإذن بالتعدد، و طبقا للمادة 43 من المدونة فقد شددت على ضرورة حضور الزوجة الأولى للجلسة إلا أنه في حالة غيبة الزوجة المراد التزوج عليها، فانه لا يمكن منح الإذن للزوج إلا إذا أفادت النيابة العامة بتعذر الحصول على موطن أو محل إقامة يمكن استدعاؤها فيه بعد أن تكون قد قامت ببحث بواسطة الشرطة القضائية أو السلطة المحلية.
إلا أنه إذا كان سبب عدم توصل الزوجة بالاستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج بسوء نية لعنوان غير صحيح أو تحريف في اسم الزوجة، هنا تتدخل النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية ضد الزوج طبقا للفصل 361 من مجموعة القانون الجنائي[4].

وتدخل النيابة العامة مقيد بضرورة وجود طلب من الزوجة المتضررة الذي يعتبر شرطا أساسيا ولازما لتحريك المتابعة، ويتوافق هذا الإجراء مع التوجه العام للمشرع الجنائي والتوجه الخاص نحو حماية الروابط العائلية وربط مصير وحدة الأسرة وتفككها بإرادة أفرادها وبقوة القانون، والتساؤل الذي يطرح بهذا الخصوص هل تملك الزوجة صلاحية سحب الطلب أثناء متابعة الزوج؟ وبالتالي سقوط الدعوى العمومية؟
بالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 43 من مدونة الأسرة نجد أن المشرع المغربي لم يوضح ما إذا كان سحب الطلب من طرف الزوجة المتضررة يضع حدا للمتابعة أم لا ؟

و انطلاقا من الرؤية التشريعية للمدونة التي ترمي إلى حماية مصلحة الأسرة، فإننا نرى انه إذا ارتأت الزوجة المتضررة سحب طلبها فانه من الأجدر أن تسقط الدعوى العمومية حفاظا على الروابط الأسرية وذلك قياسا على سحب الشكاية في الحالات التي تكون لازمة لتحريك المتابعة تطبيقا للقواعد العامة في المسطرة الجنائية.

الفقرة الثانية: حالة التوقف عن أداء النفقة للأولاد

لقد جاءت مدونة الأسرة صريحة في النص على أحكام التوقف عن أداء النفقة من خلال المادة 202[5]، حيث أشارت إلى أنه في حالةتوقف الشخص الذي تجب عليه نفقة الأولاد عن الأداء لمدة أقصاها شهر دون عذر مقبول، تطبق عليه أحكام إهمال الأسرة المنصوص عليها في الفصل 480 من مجموعة القانون الجنائي[6]، لكن التساؤل الذي يطرح في هذا الصدد يتجلى في تحديد عناصر جريمة التوقف عن أداء النفقة؟ (أولا)، وهل يمكن تطبيق مقتضيات المادة 480 من مجموعة القانون الجنائي على الزوج المعسر الممتنع عن أداء النفقة؟(ثانيا).

أولا: عناصر جريمة التوقف عن أداء النفقة

إن التوقف عن أداء النفقة لا يعتبر في حد ذاته جريمة، لكن إحالة الأمر على المادة 480 أضفى عليها طابع التجريم وبالتالي أصبح البحث عن عناصر هذه الجريمة ضروري لتوقيع العقاب وهي كالتالي:
أ) قيام رابطة زوجية صحيحة أو وجود الزوجة في عدة طلاق رجعي؛
ب) تقرير النفقة بحكم قضائي نهائي أو مؤقت؛
ج) رفض الزوج تنفيذ الحكم بالنفقة؛
د) التوقف عن الأداء داخل أجل شهر[7].

ثانيا: مسطرة التوقف عن أداء النفقة

إن حالة التوقف عن أداء النفقة لا بد أن تتوفر على القصد الجنائي المتمثل في الامتناع عن الأداء اختياريا، أما إذا كان مرده إلى عدم القدرة على الإنفاق فينتفي بذلك القصد خلافا لما تنهجه بعض مصالح النيابة العامة والتي تقف عند حرفية النص[8]، بحيث تقوم هذه الأخيرة بتبليغ الحكم إلى الزوج المعسر وتحرير محضر امتناع عن الأداء في حقه ومحضر عدم وجود ما يحجز ويتم إخضاعه لمسطرة إهمال الأسرة على الرغم من تصريحه أنه معسر وليس في استطاعته الإنفاق، ولتجاوز هذا الإشكال يجب على المشرع أن يلزم الضابطة القضائية بضرورة البحث بمختلف الوسائل ما إذا كان الملزوم بالنفقة معسرا أم موسرا قبل اللجوء إلى مسطرة إهمال الأسرة وحتى لا يتخذ الإعسار مطية للتخلص من أداء النفقة، كما يجب الإسراع بتنفيذ مقتضيات صندوق التكافل العائلي لضمان نفقة الأطفال في حالة عجز الأبوين عن الإنفاق سواء خلال فترة الزواج أو بعد وقوع الطلاق[9]. ونكتفي بهذا القدر لنعرج على المطلب الثاني.

المطلب الثاني: آليات ممارسة الحماية الجنائية في مدونة الأسرة

لقد أصبح المشرع في إطار مدونة الأسرة يسلك تطبيق الجانب الأخلاقي على حساب الجانب الزجري الذي أفرز الواقع ضعفه في إعادة بناء الأسرة المغربية، ومن خلال قراءتنا لمقتضيات مدونة الأسرة نلاحظ أنها كرست مجموعة من الضمانات الأساسية لحماية كل أفراد الأسرة (الفقرة الأولى) إلا أن هذه المقتضيات تعاني من عراقيل تحول دون تحقيق المبتغى منها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الضمانات الأساسية لحماية الأسرة

سوف ندرس هذه الضمانات من خلال تدخل النيابة العامة لإرجاع أحد الزوجين إلى بيت الزوجية (أولا) إضافة إلى حالة إثبات نسب الطفل للشبهة (ثانيا).

أولا: تدخل النيابة العامة لإرجاع أحد الزوجين إلى بيت الزوجية

لقد نصت المادة 53 من المدونة على المقتضيات التالية:
” إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته”، ويبدو أن إرادة المشرع المغربي تتجه إلى ضمان استقرار الأوضاع الأسرية عن طريق تخويل النيابة العامة سلطات تمكنها من تسخير القوة العمومية واللجوء إلى وسائل الإجبار[10]، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هل يتم فعلا إرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية في حالة وجوده موصدا؟ وكيف السبيل إلى ذلك في حالة تغيير مفاتيح بيت الزوجية؟

في هذه الحالة تقوم النيابة العامة بتوجيه أوامرها إلى الضابطة القضائية التي تقوم بإرجاع الزوجة إلى البيت مع تحذير الزوج من مغبة تكرار هذا الطرد، وفي حالة ما إذا تم إرجاع الزوجة وتبين أن بيت الزوجية موصدا أو تم تغيير المفاتيح من طرف الزوج في هذه الحالة تقوم الضابطة القضائية بأمر من النيابة العامة باقتحام المنزل بالقوة وإدخال الزوجة إليه[11]، لكن تدخل النيابة العامة هنا قد يصطدم ببعض العراقيل الواقعية منها على سبيل المثال أن يكون الطرف المطرود يشكل خطرا على حياة الأبناء كأن يكون الزوج في حالة سكر[12].
لقد عرف تدخل النيابة العامة تضاربا في الآراء فهناك من يؤيده و يرى أنه ساهم في استقرار الأوضاع الأسرية، والبعض الاخر اعتبره إجراء مؤقت غايته الحفاظ فقط على استقرار الأسرة إلى أن يقول القضاء كلمته[13].

ثانيا: حماية الطفل بإثبات نسبه للشبهة

تعتبر المادة 156 من أهم مستجدات المدونة، فقد جاءت بحلول إنسانية لمشاكل اجتماعية لا حصر لها، غير أنه لا يستطيع أحد أن يجادل كذلك في أن مقتضيات هذه المادة تثير العديد من الإشكاليات القانونية والعملية[14].
فمن خلال الواقع العملي نكون أمام دعوى معروضة أمام القضاء الجنائي بخصوص جريمة الفساد، فيتقدم دفاع الضنينين بدفع مفاده أن الأمر لا يتعلق بجريمة فساد لأن الطرفين يعتبران خطيبين و قد اشتهرت علاقتهما بين الناس، و يظهران أمام الجميع بمظهر الأزواج، وأن العلاقة بينهما أثمرت حملا، ملتمسا التصريح ببراءتهما لكون الحمل الناتج عن هذه العلاقة هو حمل شرعي استنادا إلى المادة 156 المشار إليها أعلاه[15].

لكن أثناء قراءتنا للمادة 156 من مدونة الأسرة، لاحظنا على أنها تنص فقط على إثبات النسب وليس على إضفاء المشروعية على علاقة الخطيبين، بغض النظر عن نوعية المنازعة المعروضة أمام القضاء التي يراد منها إثبات مشروعية العلاقة من عدمها و ذلك حتى لا تضيع حقوق الطفل في إثبات نسبه عن طريق الشبهة المحددة أصلا في مرحلة الخطوبة ليس إلا و درءا لأي تأويل.

الفقرة الثانية: معيقات الحماية الزجرية بمدونة الأسرة

إيمانا من المشرع بأهمية الزجر والعقاب في حماية الأطراف الضعيفة داخل المجتمع كالمرأة والطفل، وعلى الرغم من تنوع المواد الحمائية للمرأة والطفل بمدونة الأسرة، إلا انه توجد بعض المعيقات التي تؤثر سلبا على هذه الحماية، فما هي المعيقات التي تؤثر على حماية حقوق المرأة انطلاقا من تطبيق المادة 53 من مدونة الأسرة؟ وما هي المعيقات التي تؤثر على حقوق الطفل ضحية جرائم إهمال الأسرة؟

أولا: المعيقات التي تؤثر سلبا على حماية حقوق المرأة

في إطار المادة 53 من مدونة الأسرة، فان إرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية هو أمر ضروري ويدخل ضمن اختصاصات النيابة العامة، لكن هذه الأخيرة قد تصطدم ببعض العراقيل الواقعية منها على سبيل المثال كأن يكون الطرف المطرود يشكل خطرا على الزوجة أو الأبناء، كما يمكن أن يعمد الطرف الذي قام بالطرد إلى فسخ عقد الكراء الرابط بينه وبين المكري أو يكون البيت ليس في ملك أحد الزوجين، فيصعب بالتالي على النيابة العامة تنفيذ عملية إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية.
لكن للنيابة العامة أن تتصرف وفق ظروف الحال فمثلا إذا كان أحد الزوجين يتوفر على أقارب في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية فانه ليس هناك ما يمنع من إيوائه عند أقارب الزوج الآخر أو أقاربه هو وذلك بصفة مؤقتة، لكن المسألة تبقى دون حل عند عدم توفر هذه الإمكانية[16]، والملاحظ أن المادة 53 من المدونة لا تتضمن أي جزاء في حالة تعنت الطرف المشتكى به ورفضه تماما إرجاع الطرف المشتكي إلى بيت الزوجية.

وهناك رأي يرى عدم التطبيق الحرفي للمادة 53 وذلك بضرورة تدخل النيابة العامة في كل الأحوال عن طريق إرجاع المطرود بالقوة العمومية إلى بيت الزوجية (خصوصا عند تفاقم الخلاف) لا يكون دائما في صالح الأسرة لا سيما إذا وصل الخلاف ذروته، بحيث لا تتمكن النيابة العامة من حماية الطرف الضعيف الذي يتعرض للاعتداء البدني أثناء تصاعد الخلاف.
كذلك قد تطرد الزوجة من بيت الزوجية دون أن تتمكن من أخذ أوراقها الشخصية وحوائجها ومستلزماتها الضرورية في الحياة اليومية، وهو ما يشكل مساسا بحقوق المرأة والطفل ويؤثر على حياتهم ودراستهم، وهو ما يستوجب تدخل النيابة العامة للحفاظ على حقوقهم[17].

وصفوة القول، فإن التطبيق السليم للمادة 53 يرتبط ببحث تطبيق مبدأ الملائمة من طرف النيابة العامة، التي عليها أن تتخذ الإجراء المناسب الذي من شأنه أن لا يعكر صفو العلاقة الأسرية والزوجية حتى لا تتفاقم المشاكل والمآسي بين الزوجين[18].

ثانيا: المعيقات التي تؤثر على حقوق الطفل ضحية جرائم إهمال الأسرة

إن الطفل بحاجة إلى من يحضنه[19] ليقوم بتوفير مستلزماته اليومية من طعام و ملبس ومسكن وتطبيب، وإذا أهمل أحد الأبوين الالتزامات والواجبات الملقاة على عاتقه ، فإن النيابة العامة لا يمكنها تحريك المتابعة ضده ما لم تتلقى شكاية من الزوج الآخر، وذلك بالرغم مما قد يلحق الطفل من أضرار بسبب إهمال الأسرة[20].

كذلك يلاحظ أن المشرع حدد الأشخاص المسموح لهم بتحريك المتابعة على سبيل الحصر مما طرح إشكالات على الصعيد العملي كما هو الشأن بالنسبة للولد الذي يوجد تحت حضانة شخص آخر، فالحاضن ليس دائما هو النائب الشرعي طبقا لمقتضيات الفصلين 231 و 232 من المدونة، ونلاحظ كذلك في إطار المادة 179 من المدونة التي أجازتللحاضن السفر بالمحضون، مع صلاحيةالمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة، أو النائب الشرعي للمحضون، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب، فإنهفي حالة عدم موافقة المحكمة على الطلب يمكن للحاضن القيام بتهريب المحضون إلى الخارج[21]، لذلك كان لزاما على المشرع المغربي أن يحيل في إطار مخالفة أحكام المادة 179 خصوصا المتعلقة بمنع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي، على مقتضيات الفصل 478 من القانون الجنائي،لكن هذا لا يمنعنا من تسجيل بعض الحالات التي يتعمد فيها بعض الأزواج منع زوجاتهم من السفر خارج الوطن بأبنائهم من أجل العلاج أو الدراسة بدون عذر مقبول.

المبحث الثاني: الطرق البديلة في تسوية المنازعات الأسرية ودورها في حماية الأسرة

إن ﺍلطﺭﻕ البديلة لتسوية النزاعات ليست آلية ﺠﺩﻴﺩﺓ،ﻭﺇﻨﻤﺎﻫﻲﻗﺩﻴﻤﺔﻗﺩﻡﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔﻭﻜﺎﻨﺕﻤﻭﺠـﻭﺩﺓﻭفعالة، لكن الجديد ﻫﻭﻀﺭﻭﺭﺘﻬﺎﻓﻲﻭﻗﺕﻴﺤﺘﺎﺝ إليها الجميع ﻋﻠﻰﻤﺨﺘﻠـﻑ المستويات ﻭالمجالاتﻫـﺫﻩ الضرورة ﺃﻓﺭﺯﺘﻬﺎ المعضلة التيﻴﻭﺍﺠﻬﻬﺎ القضاءﻤﻨﺫﺃﻤﺩﺒﻌﻴﺩﻓﻲﻤﺨﺘﻠﻑﺍﻷﻨﻅﻤﺔ القضائية ﻋﺒﺭ العالم ﺘﺘﺠﻠﻰﻓﻲﺘﺭﺍﻜﻡﺃﻋﺩﺍﺩﻫﺎﺌﻠﺔﻤﻥ القضاياﺒﺴﺒﺏ التأخير ﻓﻲﺇﺼﺩﺍﺭﺍﻷﺤﻜﺎﻡﻭالبطءﻓﻲﺤﺴﻡ النزاعات.

وقد عملت معظم التشريعات على الرجوع إلى الوسائل البديلة في تسوية النزاعات الأسرية، بعد أن كانت قد ألغتها من قوانينها السابقة[22]، وذلك كالقانون البلجيكي لـ 4 يوليوز 1976 الذي جعل المصالحة والوساطة في النزاعات الأسرية أمرا ضروريا، وعند حصول الاتفاق يتعين تحرير محضر وأن يصدر حكم به، في حين أعطت بعض الأنظمة كالنرويج والدنمرك، للمصالحة والوساطة طابعا إداريا وأسندت هذه المهمة لضابط المنطقة الذي عليه أن يذكر كل طرف بالتزاماته ويعمل على المصالحة بين الطرفين، أو أن يتقمص صفة الوسيط بينهما.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد شكلت الطرق البديلة لتسوية المنازعات الأسرية دراسة مجموعة من السوسيولوجيين بعد أن أثبتت هذه الطرق فض العديد من النزاعات الأسرية، وبالتالي أحدثت جمعيات متخصصة تهتم بالصلح بين أفراد الأسرة، مع اقتصار دور المحاكم على المصادقة على ما تم التوصل إليه من حلول.
ﻭالمغربﺒﺩﻭﺭﻩ أولىﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﻜﺒﻴﺭﺍ لهذه الوسائلﺤﻴﺙﻨﻅﻡ المشرعﺒﻌﻀﺎﻤﻨﻬﺎﻓﻲﻋﺩﺩﻤﻥﻗﻭﺍﻨﻴﻨـﻪ،ﻭﻤﻨﻬﺎ التحكيم و الوساطة الاتفاقية ﻓﻲﻗﺎﻨﻭﻥ المسطرة المدنية[23]ﻭالصلحﻓﻲﻤﺩﻭﻨﺔﺍﻷﺴرة[24]….، ﻭﺇﺫﺍﻜﺎﻨﺕﻫﺫﻩ المجالات ﺨﺼﺒﺔ لقيام مثل هذه النزاعات التي ﺘﺘﻁﻠﺏﺇﻋﻤﺎلﻫﺫﻩ البدائل، ﻓﺈﻥ اللجوء للوسائل البديلة يزداد أهمية ﻤﺘﻰﺘﻌﻠﻕﺍﻷﻤﺭﺒالمنازعاتﺍﻷﺴﺭﻴﺔﻨﻅﺭﺍ لطبيعة العلاقة التي ﺘﺭﺒﻁﺒﻴﻥﻤﻜﻭﻨﺎﺕﺍﻷﺴﺭة.
فما مدى فعالية الوسائل البديلة المنصوص عليها في مدونة الأسرة في تحقيق الهدف المرجو منها في الحفاظ على كيان الأسرة من الشتات؟ وما هي الإصلاحات والآليات المقترحة لتفعيل الوسائل البديلة في المجال الأسري، هذا ما سوف نحاول بحثه في مطلبين الأول نخصصه لدراسة مدى فعالية الوسائل البديلة المنصوص عليها في مدونة الأسرة على أن نفرد الثاني للإصلاحات والآليات المقترحة لتفعيل تلك الوسائل.

المطلب الأول: فعالية الوسائل البديلة في مدونة الأسرة

لقد أعطت المدونة لقضاء الأسرة سلطات واسعة خلافا لما كان عليه الأمر في مدونة الأحوال الشخصية، وجعلت من قاضي الأسرة ليس هو ذلك القاضي الذي يكيف الوقائع ويطبق عليها النصوص القانونية، بل إن قاضي الأسرة اليوم أصبح حامياللأسرة، ومجتهدا في ابتكار الوسائل والإجراءات من أجل تحقيق ما فيه صلاح و إصلاح الأسرة(الفقرة الأولى)، إلا أنه بالرغم من اجتهاده في تحقيق هذه الغاية، تعترضه بعض الصعوبات التي تحول دون تحقيق الهدف المرجو من الصلح (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دور القضاء في تفعيل مسطرة الصلح

أولا: محاولة الصلح بين الزوجين

ﻴﺨﻀﻊ الصلح ﻤﻥﺤﻴﺙﺃﺤﻜﺎﻤﻪﻓﻲﻗﻀﺎﻴﺎ الطلاق والتطليق إلى مدونة ﺍﻷﺴﺭﺓﻭﻗﻭﺍﻋﺩ الفقه ﺍﻹﺴﻼﻤﻲﻭﺨﺎﺼﺔﻤﻨﻪ المذهب المالكي ﻓﻬﻭﻤﺸﺭﻭﻉ بالكتاب والسنة ﻭﺍﻹﺠﻤﺎﻉ. وبالرجوع إلى ﻤﺴﻁﺭﺓ الصلح ﻓﻲﻗﻀﺎﻴﺎ الطلاق ﻨﺠﺩ أﻨﻪﻗﺩﺘﻡ التنصيص ﻋﻠﻴﻬﺎﺒﺸﻜلﻤﻔﺼلﻓﻲﻤﺩﻭﻨﺔﺍﻷﺴﺭﺓ الحالية، ﻓﻁﺒﻘﺎ للمادة 79 ﻤﻥ المدونة ﻴﺠﺏﻋﻠﻰ طالب الطلاق، ﺃﻥﻴﻁﻠﺏﺍﻹﺫﻥﻤﻥ المحكمة الإشهاد له ﺒﻪ لدى عدلين ﻤﻨﺘﺼﺒﻴﻥ لذلك[25]،

ﻓﻤﻥﺨﻼلهذا المقتضى ﻴﺘﻀﺢﺃﻥﻤﺩﻭﻨﺔﺍﻷﺴﺭﺓﻋﻠﻰﺨﻼﻑﻤﺩﻭﻨـﺔﺍﻷﺤـﻭﺍل الشخصية الملغاة، ﺠﻌﻠﺕ الطلاقﺘﺤﺕﺭﻗﺎﺒﺔ المحكمة، ﺒﻌﺩﻤﺎﻜﺎﻥﻴﺘﻡﻤﻥﻁﺭﻑ الزوج لدى العدلين ﻭﻴﺒﻘـﻰﺩﻭﺭ القاضي التأشير على وثيقة الطلاق، ﻓﺒﺴﻁ الرقابة القضائية ﻋﻨﺩﺇﻨﻬﺎﺀ العلاقة الزوجية ﻭﺍﺴـﺘﺒﻌﺎﺩﻜـلﻁﻼﻕﺨﺎﺭﺝ المحكمة ﻴﻌﺒﺭﻋﻥﻓﻠﺴﻔﺔ المشرعفي ﺘﻔﻌﻴلﻤﺴﻁﺭﺓ الصلح وذلك ما نصت عليه المدونة في المادة 81 ﺤﻴﺙﺘﺤﺭﺹ المحكمة على ﻀﻤﺎﻥ الحضور الشخصي للطرفين للإصلاح بينهما،ﻭﻋﻨﺩﺤﻀـﻭﺭ الطرفين ﺘﺠﺭﻱ المناقشات ﺩﺍﺨلﻏﺭﻓﺔ المشورة ﺒﻤﺎﻓﻲ ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن تراه المحكمة له ﻓﺎﺌـﺩﺓﻓﻲﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ إليه، ﻭللمحكمةﺃﻥﺘﻘﻭﻡﺒﻜل الإجراءات ﺒﻤﺎﻓﻴﻬﺎﺍﻨﺘﺩﺍﺏ الحكمين ﺃﻭﻤﺠﻠﺱ العائلة[26]ﺃﻭﻤﻥﺘـﺭﺍﻩﻤﺅﻫﻼﻹﺼﻼﺡﺫﺍﺕ البين في حالة ﻭﺠﻭﺩﺃﻁﻔﺎلﺘﻘﻭﻡ المحكمة بمحاولتين للصلح ﺘﻔﺼلﺒﻴﻨﻬﻤﺎﻤﺩﺓﻻﺘﻘـلﻋﻥﺜﻼﺜﻴﻥﻴﻭﻤﺎ[27]، وذلك قصد مراجعة الزوجين لنفسهما و تهدئة الأوضاع وعودة الأمور إلى ما كانت عليه.

وإذا ما قررت هذه الأخيرة القيام بالإجراءات أعلاه فلها أن تختار منها ما تراه ملائما لكل حالة على حدة، بل ويمكن أن تلجأ إلى إجراءات أخرى لأن ما تم التنصيص عليه ضمن المادة 82 من مدونة الأسرة إنما ورد على سبيل المثال لا الحصر، وإذا نتج عن الإجراءات التي باشرتها المحكمة صلح بين الزوجين، حرر به محضر وتم الإشهاد به من جانب المحكمة[28]، ومن تم تستمر العلاقة الزوجية بين الزوجين[29]، أما إذا تعذر الإصلاح بين الزوجين حددت المحكمة مبلغا يودعه الزوج بكتابة الضبط بالمحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما لأداء مستحقات الزوجة والأطفال[30].

فبخصوص الطلاق المملك نجد الفقرة الثانية من المادة89 من مدونة الأسرة تنص على أنه “تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و 82 أعلاه”وكذلك الأمر بالنسبة لكل من الطلاق الاتفاقي والطلاق الخلعي، فبخصوص الأول عند حصول الاتفاق بين الزوجين على الافتراق، يبلغان محتواهللمحكمة التي تعمل على الإصلاح بينهما[31]، أما الثاني فقد يتراضى فيه الزوجان على الخلع، وقد يختلفان في بدل الخلع في هذه الحالة يجب رفع الأمر إلى القضاء قصد النظر فيه ومهمة القاضي تنطلق من محاولة الصلح بين الزوجين أي العمل الجاد على الصلح[32]، وذلك طبقا للمادة 120 من مدونة الأسرة،كذلك الشأن بخصوصطلب أحد الزوجين أوهما معا من المحكمة حل نزاع نشب بينهما يخاف منه الشقاق، فإن المحكمة ملزمة بأن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين وذلك طبقا للمادة 94 من مدونة الأسرة.

ثانيا: اتخاذ تدابير مؤقتة

بما أن الأصل في العلاقة الزوجية الاستمرار والدوام، فان اللجوء إلى حل هذه العلاقة لا يتم إلا في حدود دفع ضرر أشد منه، لهذا عمل المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات على تخويل القاضي سلطة اتخاذ التدابير المؤقتة التي يراها مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال تلقائيا أو بناء على طلب بعد فشل محاولة الصلح[33].
ومن بين أهم التدابير التي يتخذها القاضي في هذا المجال البت في النفقة، لاعتبارها من ضروريات حفظ الحياة وتأمين العيش لكل من الزوجة والأبناء، ولذلك ألزم المشرع القاضي بتقدير نفقة معينة بشكل عاجل بعد فشل محاولة الصلح، إذ نص في الفقرة الثانية من الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية على أنه : ” ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب والحجج التي يمكن الاعتماد عليها”.
كذلك الشأن إذا تعذر الإصلاح بين الزوجين الذين يريدان الطلاق ، فإن المحكمة تحدد مبلغا يودعه الزوج بكتابة الضبط بالمحكمةداخل أجل أقصاه ثلاثين يومالأداء مستحقات الزوجة والأطفال.

وفي هذا الإطار، فانه في حالة استمرار النزاع بين الزوجين يصبح القاضي مجبرا على اتخاذ بعض التدابير المؤقتة، كاختيار سكن الزوجة مع أحد أقاربها أو أقارب الزوج، وذلك قصد تهدئة الأوضاع بين الزوجين، ذلك أنه من الناحية الواقعية غالبا ما تظل الزوجة عند وقوع نزاع مع زوجها ببيت الزوجية أو تغادر بيتها، و يتعذر عليها إيجاد السكن فتبقى عرضة للضياع. و هذا ما تنبهت له المدونة، إذ اعتبرت أن اختيار الزوجة السكن مع أحد أقاربها أو أقارب الزوج من التدابير المؤقتة التي يمكن للمحكمة أن تتخذه.

وفي حالة ما إذا تعذر على الزوجة الإقامة في بيت أهلها أو أهل زوجها، فان زوجها يكون ملزما بتهيئ سكن ملائم يتناسب مع وضعه المالي[34]، وإلا حددت المحكمة مبلغا يغطي تكاليف سكن الزوجة يودعه الزوج ضمن المستحقات بصندوق المحكمة التي يتواجد بها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب، أما فيما يخص سكنى المحضون فقد أولاه المشرع عناية خاصة فلا يخرج من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأحكام المنصوص عليها في المادة 168 من مدونة الأسرة.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع عند تنصيصه على التدابير المؤقتة التي يتم اتخاذها بعد فشل محاولة الصلح، لم يحددها على سبيل الحصر، بل ترك الأمر للسلطة التقديرية للمحكمة في اتخاذ ما تراه مناسبا سواء تعلق الأمر بالزوجة أو الأطفال، وضمانا من المشرع لتنفيذ هذه التدابير المؤقتة، قرر هذا الأخير تنفيذها على الأصل عن طريق النيابة العامة[35].

الفقرة الثانية: الإشكاليات التي تحول دون فعالية مؤسسة الصلح

مما لاشك فيه وأن مسطرة الصلح في قضايا الأسرة تعترضها عدة معوقات تحول دون تحقيق الغاية المبتغاة منها، حيث ثبت من خلال الواقع المعاش أن أغلبية محاولات الصلح تتكلل بالفشل، وذلك راجع إما لفشل العناصر الأساسية التي تكونها، وإما لكون المؤسسات المرتبطة بالصلح لا تفعل كما يجب أن يكون.
ترجع تجليات فشل مساطر الصلح في المنظومة القانونية بالدرجة الأولى إلى أسباب قانونية وقضائية وأخرى تتعلق بالدفاع والمتخاصمين.

أولا: المستوى القانوني

تكمن أولى هذه الصعوبات في إسناد مهمة القيام بالصلح لقاضي الحكم، حيث يقوم نفس القاضي بعملية التصالح ومتابعة القضية لإصدار حكم فيها، ونجد أن مدونة الأسرة كرست نفس المبدأ وأسندت في كل موادها التي أوجبت فيها سلوك مسطرة الصلح ممارسة المساعي الصلحية لقاضي الأسرة الذي هو قاضي الحكم، وهذا من شأنه أن يعطل هذه العملية وينقص من فعاليتها. فإسناد الصلح لقاضي ذو اختصاص مزدوج يؤدي إلى نتائج تنبئ بفشله وبالتالي عدم نجاحه، كما قد يتخلى عن دوره الرائد في دفع الطرفين للتصالح وتقريب وجهة نظرهما، الشيء الذي يجعله يكتفي بالإشارة إلى مقتضيات الصلح بمجرد الإشارة العابرة كإجراء مسطري روتيني، ويتعامل معه كشكلية ضرورية يقتضيها النص القانوني أو الرقابة القضائية للمحكمة[36]ويعد من أسباب عدم نجاح الصلح، اتخاذ القاضي-وهو يقوم بعملية الصلح-الحيطة والحذر من الغموض في النزاعات الحقيقية القائمة بين الطرفين خوفا من اتهامه بالانحياز لأحدهما، ويجنبه طرح حلول واقتراحات معينة للدفع بالمتخاصمين للوصول إلى الحل الاتفاقي الذي يستوجب تنازل كل طرف عن جانب من ادعاءاته[37].

ثانيا: المستوى القضائي

أمام اكتظاظ المحاكم وضغط القضايا والتراكم الذي تعاني منه المؤسسات القضائية نظرا للإقبال المتزايد على التقاضي، وأمام عدم التناسب الكبير بين عدد القضايا الرائجة أمام القضاء وبين عدد القضاة[38]، فان هذه العوامل أثرت سلبا على الوقت المخصص لعملية الصلح وساهمت في فشله.

ومن الأمور الأخرى التي تحول دون نجاح محاولة الصلح عدم اقتناع القاضي مسبقا بجدوى هذه الآلية وتسليمه بفشلها قبل الإقدام عليها، وهذا راجع إلى عدة عوامل أهمها :
أ‌-غياب نشر ثقافة الحلول البديلة للنزاعات ؛
ب‌-الاعتقاد السائد لدى البعض بأن من شأن نشر هذه الثقافة هيمنة تلك الحلول على النزاعات وإقٌصاء الأحكام وتهميش القضاء[39]؛
ت‌-عدم وجود الوقت الكافي لإبرام الصلح وكثرة المنازعات الأسرية وقلة الموارد البشرية، وعدم اقتناع الأطراف المتنازعة بثقافة الصلح وحل النزاعات بالطرق السلمية وتدخل الأطراف الأجنبية في النزاع بشكل سلمي ؛

ث‌-كما جرى العمل عند فشل محاولة الصلح في أول جلسة بعد حضور الزوجين، إعلان القاضي عن فشل الصلح دون أن يبدل جهدا إضافيا عبر عقد جلسات صلحية أخرى، رغم أن المشرع لا يمنعه من ذلك.

المطلب الثاني: الإصلاحات والآليات المقترحة لتفعيلالوسائل البديلة في المجال الأسري

للحرص على تفعيل مؤسسة الصلح في النزاعات الأسرية وتجاوز المعيقات التي اعترضتها، وجب على المشرع إحداث مؤسسات جديدة (الفقرة الأولى) وتفعيل الوساطة في المجال الأسري (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إحداث مؤسسات جديدة مكلفة بالصلح

أولا: خلق مكاتب الصلح بأقسام قضاء الأسرة

حتى يتخلص القضاء من عرقلة نقص الموارد البشرية وكثرة القضايا المعروضة عليه، أصبح من الضروري اللجوء إلى خلق مكاتب للصلح بأقسام قضاء الأسرة تقوم بمهمة إصلاح ذات البين بين الزوجين في كل القضايا الأسرية، ويشرف عليها قضاة متخصصين في الصلح مع دعمها بأهل الخبرة و المختصين في مجال الإصلاح، وتوفير الإمكانيات المطلوبة لأداء عملهم من موظفين و مكاتب و أجهزة….، كما يتعين تحديد إجراءات قانونية للصلح ولا يتم إخضاعها كما هو الحال إلى السلطة التقديرية لقاضي الأسرة.
ولعل المشرع الفرنسي قد أحسن صنعا عند تحديده لمسطرة الصلح والمتمثلة في الاستماع إلى كل طرف على حدة ثم يوجه إليهما الاستدعاء للحضور إلى جلسة الصلح معا لإجراء مقابلة بينهما بحضوره[40].

وبخصوص تحديد المرحلة التي يجب أن يتم فيها الصلح يتبين أن المشرع سكت عن ذلك فيما إذا كان الصلح سيقتصر إجراءه فقط في المرحلة الابتدائية أم سيتعداه إلى المرحلة الاستئنافية، الشيء الذي أدى إلى طرح العديد من الأفكار بهذا الخصوص، تجلت في اتجاهين نجملهما فيما يلي :
أ‌-اتجاه يقضي بضرورة إجراء الصلح في المرحلتين معا، وأن باب الصلح يبقى مفتوحا مهما كان الطور الذي وصلت إليه القضية[41] وهو الذي نتمنى أن يتم التنصيص عليه بشكل صريح ؛

ب‌-واتجاه آخر يرى ضرورة إجرائه فقط في المرحلة الابتدائية بالنسبة لبعض القضايا المتعلقة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، التي تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية، طبقا للمادة 128 من مدونة الأسرة.

ثانيا: المساعدة الاجتماعية

بالرغم من الإصلاحات التشريعية التي عرفها المغرب في مختلف الميادين، خاصة المجال الأسري فان هذه الأخيرة تحتاج المزيد من الإصلاحات، والتي يمكن إجمالها في منح المساعدة الاجتماعية الأهمية التي تستحقها على اعتبار أن الأسرة لا ترتبط بالجانب القانوني فقط بل لها علاقة مباشرة بالجوانب الثقافية والاجتماعية، وفي هذا الاطار فقد عملت وزارة العدل و الحريات في شهر دجنبر 2010 على توظيف 31 مساعدة اجتماعية بعد اجتياز مباراة وطنية (100 منصب كانت مفتوحة في ميزانية 2010)،وقد تم إدماج المساعدين و المساعدات الاجتماعيات في فئة كتاب الضبط مع إبراز المهمة الأساسية المنوطة بهم من أجلتسهيل عمل القضاء من خلال تمكين القضاة من معطيات واقعية و علمية بخصوص الوضع الاجتماعي للأسرة موضوع النزاع و مساعدة الأشخاص و الأسر التي تواجه الصعوبات في إيجاد الحلول الناحعة[42].

ومن بين أهم الأدوار التي تلعبها هذه المؤسسة نجد :
أ‌)الدور الوقائي :
الذي يكمن في التوعية الاجتماعية والأسرية عن طريق الاتصال بالأخصائيين في مواقع العمل وعقد الندوات وإلقاء المحاضرات واستخدام مختلف وسائل الإعلام بهدف زيادة الوعي بحقائق الحياة الأسرية، وإنجاز دراسات و بحوث اجتماعية لها علاقة بفقدان الأهلية و زواج القاصر و القاصرة و الكفالةبطلب من القاضي؛
ب‌)الدور التوفيقي :
المساهمة بطلب من القاضي في عمليات الصلح من خلال تدبير الخلاف بين الزوجين.

الفقرة الثانية: تفعيل آليات الوساطة في المجال الأسري

أولا: وضع إطار قانوني خاص بالوساطة في قضايا الأسرة

عمل المشرع المغربي على توفير إطار قانوني حديث للوسائل البديلة لحل المنازعات في المغرب من خلال قانون 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية[43]، ويتلخص مبدأ الوساطة القضائية بقيام شخص محايد من أصحاب الخبرة والكفاءة والنزاهة بتوظيف مهاراته المستحدثة في إدارة المفاوضات من خلال مجموعة من الإجراءات السرية لمساعدة أطراف النزاع على تقريب وجهات نظرهم، وتسوية نزاعاتهم بشكل ودي قائم على التوافق والتراضي بعيدا عن إجراءات التقاضي.. وبما يحقق مجموعة من المميزات هي :
1- ضمان السرية والخصوصية
2- محدودية التكاليف مقارنة بإجراءات التقاضي أو التحكيم.
3- تحقيق مصلحة طرفي النزاع
4- المرونة
5- المحافظة على العلاقة الودية بين الخصوم.
6- استثمار الوقت.
7-الخروج بحلول إبداعية وخلاقة.
8- عدم تحمل أدنى درجة من المخاطرة، نظرا لحرية الخصوم للرجوع عن أي عرض تقدموا به أثناء جلسات الوساطة ما لم يتم تثبيته خطيا[44].
ومن خلال هذا يتضح أن المشرع المغربي فضل إتباع التدرج في إدخال ثقافة الوساطة في القضايا المدنية، وضمنها قضايا الأسرة، على مراحل وخطوات تبتدئ بجعلها اختيارية وليست إلزامية، وذلك من أجل التشجيع على اللجوء إليها باعتبارها وسيلة ناجعة لفض النزاعات بشكل مريح للطرفين[45].
ويجب أن يتضمن عقد الوساطة تحت طائلة البطلان تحديد موضوع النزاع وتعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه[46]، وذلك كتابة إذ نص المشرع المغربي على أنه “يجب أن يبرم دوما اتفاق الوساطة كتابة، إما بعقد رسمي أو عقد عرفي وإما بمحضر يحرر أمام المحكمة “[47].
أما عن مدة الوساطة فان المشرع المغربي لم ينص على ذلك في قانون 80.05 الأمر الذي يمكن معه القول على أن تحديد المدة ترك الأطراف على اعتبار أن هذه الوساطة تتم باتفاق الأطراف على اختيار شخص ثالث لحل نزاعاتهم.
وحتى يتم تفعيل الوساطة الأسرية بالمغرب فانه على المشرع سلوك نفس النهج التي سارت عليه التشريعات المقارنة التي أخذت بالوساطة الأسرية بصفة مستقلة حتى تحقق الهدف المرجو منها، من خلال إصلاح وتذويب الخلاف وتقريب وجهات النظر وجعل الطرفين معا يصلان إلى الحل المناسب الذي يرضيهما معا[48].

ثانيا: دور المحامي في تفعيل الوساطة

لقد اختلفت الآراء حول الجهة التي يجب أن تمارس الوساطة، إذ التجأ البعض بحصر شخص الوسيط في المحامي بالنظر إلى أهليته المهنية، ودرايته القانونية وارتباطه الوثيق بالنزاعات وبتقنيات حلها، في حين ذهب اتجاه آخر إلى ضرورة تعيين الأشخاص المقيدين في لائحة يحصرها وزير العدل والحريات كل سنة بناء على نص تنظيمي لممارسة الوساطة، وقد يقيد بها أيضا:

أ‌)القضاة المتقاعدون- ب) المحامون – ج) الخبراء – د) المهنيون – هـ) الغرف والجمعيات المهنية – و) مراكز التوثيق – ز) مركز الدراسات والاستشارات القانونية وكل شخص طبيعي أو اعتباري يتفق عليه الأطراف ويختارونه للقيام بالوساطة في نزاع معين[49].
وفي هذا الصدد، تبين من تجارب بعض الدول التي أخذت بالوساطة كبديل لحل النزاعات أن نسبة كبيرة من المحامين تكاد تفوق نسبة ٪90 ممن يمارسون مهنة الوساطة محامون بعد إثبات الذات والخبرة والنجاح في الوساطة.
فالقانون رقم 08.28 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة في المادة 43 منه ينص على أنه : ” يحث المحامي موكله على فض النزاعات عن طريق الصلح أو بواسطة الوسائل البديلة الأخرى قبل اللجوء إلى القضاء”[50].
فللمحامي دور كبير في إنجاح مشروع مؤسسة الوساطة وكذلك في مرحلة ما قبل الوساطة من خلال تهيئ زبونه لها وتوضيح مسارها، وأثناء الوساطة في تقييم المواقف والمصالح والتهيؤ للمحاكمة في حالة فشل الوساطة والسعي إلى تقريب وجهات النظر.

استنتاج :

الأصل في تنظيم الأسرة هو المودة والرحمة، والاستثناء هو الزجر الذي هدف من خلاله المشرع ردع بعض التجاوزات والممارسات اللمسؤولة، إلا أن الواقع أثبت ضعفه في إعادة بناء الأسرة المغربية، لذلك عمل المشرع على سلوك الحلول البديلة المتمثلة في الصلح والوساطة كأنظمة بديلة لتسوية المنازعات الأسرية، إلا أن نجاح هذه التجربة رهين بتوعية الفاعلين في الحقل القضائي والقانونيوالمجتمع المدني، إضافة إلى المشاركة الإيجابية لوسائل الإعلام بضرورة ركوب قاطرة الحلول البديلة لتلافي تراكم القضايا بمحاكمنا.

قائمة المراجع

النصوص القانونية :
1- القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماةالصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.101 بتاريخ 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008)؛ الجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ 7 ذو القعدة 1429 (6 نوفمبر 2008)، ص 4044؛
2- القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22 بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004)؛ الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 ( 5 فبراير 2004 )، ص 418. ؛
3- الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية؛ الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص 2741، كما تم تغييره وتتميمه؛
4- الظهير الشريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي؛ الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253، كما تم تغييره وتتميمه؛

المراجع العامة
1- محمد الكشبور- الوسيط في شرح مدونة الأسرة- الكتابالأول- عقد الزواج وآثاره- الطبعة الثانية 2009 ؛
2- خالد بنيس- النفقة بين الواقع والتشريع- مطبعة المعارف الجديدة- طبعة 1992- الرباط؛
3- محمد الأزهر- شرح مدونة الأسرة – مطبعة دار النشر المغربية – الطبعة الثالثة 2008؛
4-خالد برجاوي – مدى استجابة مدونة الأسرة الجديدة لمطالب المجتمع المدني والسياسي المغربي – سلسلة دليل قانون الأسرة بالمغرب – طبعة 2004 – دار القلم – الرباط.

الأطروحات والرسائل الجامعية
1- سومية غزالي- الطابع الزجري لمدونة الأسرة – رسالة لنيل الماستر المتخصص في المهن القضائية و القانونية – تحت إشراف الدكتور خالد برجاوي – جامعة محمد الخامس السويسي- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – نونبر 2010 ؛
2- عبد العظيم الورياغلي ونجيب أفيلال- دور النيابة العامة أمام قضاء الأسرة- رسالة نهاية التدريب – تحت إشراف ذ/ محمد السفريوي – فترة التدريب 2007/2009.
المقالات
1- سفيان ادريوش – دور النيابة العامة في قضاء الأسرة – مقال بمجلة القضاء والقانون – مطبعة الأمنية – الرباط – العدد150 ؛
2- عبد المجيد بناءا- الإشكالات المسطرية والموضوعية بمدونة الأسرة – مجلة محكمة الرماني- سلسلة ندوات محكمة الرماني- العدد4- نونبر2004 ؛
3- يوسف وهابي- اختصاصات النيابة العامة في مدونة الأسرة الجديدة – مجلة الملف- العدد 3أبريل 2004 ؛
4- محمد بوصف – دور النيابة العامة في قانون مدونة الأسرة – مقال منشور بأشغال ندوة علمية نظمتها جامعة مولاي اسماعيل بمكناس- العدد 5- سنة 2004 ؛
5- حفيظة ثونة- المادة 156 من مدونة الأسرة بين النص والتطبيق – مجلة المحاكم – العدد الثاني ؛
6- عبد الرحمان اللمتوني – إثبات النسب بشبهة خلال مرحلة الخطوبة – قراءة في المادة 156 من مدونة الأسرة – مجلة القضاء و القانون ؛
7- التهامي القائدي – قراءة نقدية لبعض فصول مدونة الأسرة – مجلة البحوث – مطبعة دار القلم – الرباط – العدد الخامس ؛

8- يوسف بنصابر – مدونة الأسرة المسار والتطلعات – قراءة تقويمية تحليلية في مستجدات مدونة الأسرة الجديدة 70.03 – سلسلة بنصابر للدراسات القانونية والأبحاث القضائية – العدد 8 – السنة الثانية ؛
9- محمد سلام – أهمية الصلح في النظام المغربي المقارن – مجلة المحاكم المغربية – عدد 93 – أبريل 2002 ؛
10- الحسن بويقيني – أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي – منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية – سلسلة الندوات والأيام الدراسية – العدد الثاني – 2004 ؛
11- السعدية بلمير – الروابط العائلية – منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية – طبعة 1980 ؛
12- ساسي بن حليمة – المحاولة الصلحية على معنى الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية – المجلة القانونية التونسية – عدد 2 ؛
13- زهور الحر – الصلح والوساطة الأسرية في القانون المغربي والقانون المقارن – مقال منشور بسلسلة الندوات الجهوية طيلة سنة 2007 تحت عنوان – الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى – الندوة الجهوية الحادية عشر- قصر المؤتمرات بالعيون يومي 1-2 نونبر 2007 – المطبعة الأمنية ؛
14- بنسالم أوديجا – إدماج الوساطة في النظامين القانوني والقضائي بالمغرب السياق العام – الإشكاليات المطروحة أي دور للمحامي في التجربة – مقال منشور بسلسلة الندوات الجهوية طيلة سنة 2007 تحت عنوان – الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى – الندوة الجهوية الحادية عشر – قصر المؤتمرات بالعيون يومي 1-2 نونبر 2007 – المطبعة الأمنية.

الأحكام القضائية :
حكم صادر بتاريخ27/11/2008 رقم الملف 1221/08 غير منشور صادر عن المحكمة الابتدائية بوجدة – قسم قضاء الأسرة.

 

(محاماه نت)

إغلاق