دراسات قانونية
صندوق المقاصة (بحث قانوني)
صندوق المقاصة
من إنجاز الطالب الباحث :
رشيد صبيح
تحت إشراف الدكتور :
محمد مسلومي
التصميـــم
موضوع : صندوق المقاصة
مقدمة :
الجريدة الرسمية عدد 3388 (10 أكتوبر 1977) الصفحة 2849 و 2850 كبداية.
المبحث الأول : الإطار القانوني لصندوق المقاصة
تعريف صندوق المقاصة
المطلب الأول : التنظيم القانوني
المطلب الثاني : مهام صندوق المقاصة
المبحث الثاني : صندوق المقاصة والتحكم فيه
المطلب الأول : صندوق المقاصة (نظام الدعم)
المطلب الثاني : إعادة هيكلة صندوق المقاصة
نختم موضوع بحثنا : بدراسة حديثة لصندوق المقاصة قام بها السيد : خالد السودي، بالمنذوبية السامية للتخطيط العدالة الاجتماعية وللضريبية بالمغرب لسنة 2007.
مقدمة :
مما لاشك فيه، أن الارتفاع الغير معقلن الذي عرفته أسعار المواد الأولية والغذائية والخدماتية الأساسية وطنيا ودوليا، دفعت العديد من المهتمين الاقتصاديتين والمسؤولين والحكوميين بالتساؤل عن دور صندوق المقاصة، وكيفية تدبيره، وعن الفئات المستفيدة منه. وقد كانت أول بوادر هذا الصندوق من طرف المستعمر الفرنسي في 25 فبراير 1941، كآلية لمواجهة الانعكاسات السلبية الناتجة عن الحرب العالمية الثانية وأثرها على اقتصادها واقتصاد مستعمراتها ومحاولة توفير المنتجات الاستهلاكية الأولية الأوربية بالمغرب بأسعار معقولة.
وفي سنة 1953 تم إنشاء صندوق الموازنة فيما بين أرباب معامل الزيوت الذي اقتصر دوره على توزيع المداخيل والمصاريف على المصانع. وفي سنة 1973 عرف هذا الصندوق عجزا اتجاه المنتجين الذين طالبوا الدولة بالتدخل قصد تحمل مسؤولية عجز الصندوق وإما المساعدة في رفع أسعار البيع أو منح قرض لفائدة صندوق الموازنة مضمون من قبل الدولة، وكان اختيار الدولة أن تتحمل مسؤولية عجز الصندوق الأكثر كلفة. وهذا كله كان نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الأولية.
وفي سنة 1974 شرع رسميا في دعم الزيوت الغذائية.
لم تشرع الدولة في إرساء نظام دعم المواد الغذائية الأساسية إلا ابتداء من أواسط الستينيات بالموازاة مع سياستها لتقنين الأسعار. وفي سنة 1965 سيتمتع صندوق دعم المواد الغذائية الأساسية بصفة مؤسسة عمومية ذات الاستقلال المالي والشخصية المعنوية، في حين لم يصدر القانون الرسمي لصندوق المقاصة إلا بمقتضى ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.403 بتاريخ 5 شوال 1397 الموافق ل 19 شتنبر 1977 يتعلق بإعادة تنظيم صندوق المقاصة.
سطر هذا الظهير ثلاثة أهداف :
تنظيم التزود بالمواد الاستهلاكية الأساسية.
تأمين المقاولات من تقلبات أسعار المواد الأولية.
حماية المستهلكين عبر التحكم في أسعار المواد الاستهلاكية الأولي.
تجدر الإشارة في 06/01/2011 صادق البرلمان على قانون حماية المستهلك.
وقد بني نظام الدعم على قطبين :
القطب الأول : صندوق المقاصة بالنسبة لمنتجات كالزيت والسكر والحليب والمحروقات.
القطب الثاني : المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني لدعم الحبوب (القمح الطري والقمح الصلب).
جدول بين المواد المدعمة والمقننة من طرف
المواد المدعمة المواد المقننة
البترول
الغاز
السكر
الدقيق الطري (الذي يباع في الأسواق)
Ramed + CNOPS (في الميدان الطبي للفقر أو في إطار خريطة الفقر فئة بدون إمكانيات) النقل الحضري
الماء والكهرباء
تعرفة المفوضين القضائيين
الكتب المدرسية
الجرائد
مواد أخرى
الدكتور مسلومي في إحدى محاضرات الماستر قانون الأعمال فوج 2009 – 2011.
إحصائيات أخيرة لعبته الفقر بالمغرب
من 0 درهم إلى 2400 درهم طبقة فقيرة
من 2400 درهم إلى 6000 درهم طبقة متوسطة
من 6000 درهم فما فوق طبقة ميسورة
الدكتور مسلومي في إحدى محاضرات الماستر قانون الأعمال فوج 2009 – 2011.
فإن النظام عند حساب حجم الدعم يعتمد على عاملين :
1 – حجم الإنتاج : أي أن الدعم يقدم بمراعاة كمية المخزونات لدى مصانع التحويل سواء بالنسبة لذوي الإنتاجية المرتفعة أو للذين يفتقدون لشروطها.
2 – وأيضا حسب سعر التكلفة : أي أنه يتجه نحو الارتفاع كلما ارتفعت التكلفة لسبب من الأسباب.
وقد استمر العمل بطريقة حساب حجم الدعم إلى حدود 1996 أضيفت له CNOPS + Ramed مؤخرا،عندما ستقوم الدولة بمراجعته لينسجم مع سياستها الرامية إلى تحرير نظام الدعم. يعتمد صندوق الدعم في تمويل موارده على مصدرين :
الميزانية.
المعادلات الجمركية : وهي حقوق مضافة إلى حقوق الجمارك الهدف منها حماية الإنتاج الداخلي، ويتم حسابها تبعا للأسعار العالمية.
ويتم توجيهها إلى حسابين :
الأول : تابع لوزارة الفلاحة (المعدلات الخاصة بالدقيق).
الثاني : تابع لوزارة المالية.
فالمعادلات ترتفع عندما تكون الأسعار العالمية وأسعار العملات منخفضة والعكس صحيح. (صندوق التنمية الفلاحية).
ويستقبل معدلات الزيت والسكر ليغذي صندوق المقاصة.
مثال : في سنة 1996 بلغت مداخيل صندوق المقاصة 2،2 مليار درهم مولت منها ميزانية الدولة 1،9 مليار درهم، أي أن معادلات الرسوم مولت بنسبة %60 من تحملات الدعم دون احتساب دعم الدقيق 1،9 من 2،2 تمثل 86% : معادلات الرسوم تمثل أقل من 14% من تحملات الدعم (كميزانية رصدت لصندوق المقاصة في إطار قانون مالية السنة 2011 هي 24 مليار).
المبحث الأول : الإطار القانوني لصندوق المقاصة
المطلب الأول : التنظيم القانوني
تعريفه :
صندوق المقاصة المحدث بظهير شريف المؤرخ في 8 محرم 1360 الموافق لـ 25 فبراير 1941، حيث يعتبر صندوق المقاصة مؤسسة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتوضع تحت وصاية الوزير الأول ويكون مقره بالرباط[1].
ويعهد إلى صندوق المقاصة بتنفيذ السياسية الحكومية لتثبيت الأثمان، ومن أجل هذه الغاية فإن الصندوق يعتبر الهيئة المؤهلة وحدها للقيام بجميع العمليات المتعلقة باستقرار الأثمان ولاسيما القيام بتمويلها وإنجاز أو جمع الاقتطاعات المتعلقة بها[2].
أولا : التنظيم الإداري
يسير صندوق المقاصة من قبل مجلس إداري يتكون من :
الوزير الأول بصفته رئيسا + وزير المالية + وزير الداخلية.
وزير الأشغال العمومية والمواصلات + الوزير المكلف بالتجارة والصناعة العصرية والمناجم البحرية التجارية + وزير الشغل والشؤون الاجتماعية + وزير الفلاحة والإصلاح الزراعي + السلطة الحكومية المكلفة بالتخطيط والتنمية الجهوية + السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الاقتصادية.
كما يمكن للمجلس الإداري المسير، أن يستدعي كل من يرى فائدة في الاستماع إليه[3].
يجتمع المجلس الإداري باستدعاء من رئيسه، ويتداول بكيفية صحيحة إذا كان خمسة من أعضائه حاضرين، وفي حالة تعادل الأصوات يرجع الجانب المنتمي إليه الرئيس، ويجتمع المجلس كلما دعت حاجات الصندوق إلى ذلك ومرتين في السنة على الأقل قبل 30 ماي لحصر حسابات ميزانية السنة المالية الموالية[4].
ويتوفر المجلس الإداري على جميع السلطات الضرورية لحسن سير الصندوق، ولهذه الغاية فإنه يسوي بمداولته المسائل العامة التي تهم الصندوق، ويقوم على الخصوص بمايلي :
تحديد العمليات التي يجب أن تستفيد من مساعدة صندوق المقاصة والعمليات التي يجب أن تكون موضوع اقتطاعات لفائدته.
حصر الميزانية والحسابات والبث في تخصيص النتائج وفقا للتعليمات الحكومية.
إعداد النظام الأساسي للموظفين وعرضه للمصادقة عليه طبقا للشروط المنصوص عليها في التشريع المعمول به بالنسبة لموظفي المؤسسات العمومية. ويمكن للمجلس أن يفوض إلى رئيسه في جزء من سلطاته وإلى المدير في السلطات الخصوصية قصد تسوية قضية معينة[5].
يؤهل رئيس المجلس الإداري خلال الفترات الفاصلة بين اجتماعات المجلس الإداري للقيام في حالة استعجالية أو قوة قاهرة باتخاذ التدابير التي لم يحصل في شأنها على التفويض من المجلس الإداري والتي تقتضيها الظروف.
ويمكن على الخصوص أن يدخل تغييرا خلال السنة المالية على الميزانية أو على بيان تقديرات الاستغلال على مصادقة وزير المالية.
ويتعين على الرئيس أن يدلي ببيان حول التدابير المتخذة في أقرب اجتماع للمجلس الإداري[6].
ويدير شؤون صندوق المقاطعة مدير يعين بظهير شريف ويقوم بتنفيذ مقررات المجلس الإداري ومقررات رئيس هذا المجلس المتخذة تطبيقا للمقطع الأخير من الفصل الخامس والفصل السادس من الظهير المذكور، كما يسير هذا الصندوق مدير ويعمل باسمه، كما يقوم أو يأذن في القيام بجميع الأعمال أو العمليات المتعلقة بهدفه ويمثل المؤسسة لدى الدولة والإدارات العمومية أو الخصوصية ولدى الغير وينجز جميع الأعمال التحفظية ويقيم الدعاوى القضائية.
ويتولى تسييره مجموع مصالح المؤسسة والموظفين الموضوعين تحت سلطته[7] ويؤهل لدفع النفقات بواسطة تصرف أو عقدة أو صفقة، ويعمل على إمساك محاسبة النفقات المرصودة ويصفي ويثبت نفقات ومداخيل الصندوق، ويسلم للعون المحاسب الأوامر بالأداء وسندات المداخيل المطابقة.
ويقوم في نهاية كل سنة مالية بإعداد تقرير مفصل حول نشاط المؤسسة قصد عرضه على المجلس الإداري، ويحضر بصفة استشارية اجتماعات المجلس الإداري الذي يتولى كتابته، كما يمثل الصندوق في اللجان أو اللجان المصغرة أو الاجتماعات التي تهدف إلى دراسة كل مسألة تتعلق بمهمة الصندوق.
ويمكنه أن يفوض في جزء من سلطاته واختصاصاته إلى الموظفين الموضوعين تحت سلطته[8].
ثانيا : الموارد المالية للصندوق
تتأصل موارد صندوق المقاصة مما يلي :
الاقتطاعات لفائدة الصندوق.
الإعانات الدولية المالية.
تسبيقات الخزينة والهيئات العمومية أو الخصوصية.
المتحصل من الغرامات الإدارية المقبوضة لفائدته.
المتحصل من الاقتراضات بواسطة سندات لحاملها.
جميع الموارد الأخرى التي يمكن أن تخصص فيها بعد والهبات والوصايا.
ويمسك الصندوق حساباته ويباشر عملياته طبقا للقوانين والأعراف[9] التجارية.
تجرى على[10] الصندوق مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.59.271 المؤرخ في 17 شوال 1379 (14 أبريل 1960) المتعلق بمراقبة الدولة المالية المطبقة على المؤسسات العمومية[11].
المطلب الثاني : مهام صندوق المقاصة
إن صندوق المقاصة كجهاز يشكل تصورا حكوميا بروح اجتماعية، في الوقت الذي اضطرت العديد من البلدان إلى إحداثه لمواجهة الغلاء و التي تعرفها و ستعرفها الأسعار، وتجدر الإشارة إلى أن هناك بوادر إلغاء هذا الصندوق في الآونة الأخيرة فما البديل ؟.
والدولة تتحمل الفرق ما بين تكلفة استيراد إنتاج هاته المواد وثمن البيع وذلك من أجل تنظيم توفير المواد بأثمان مناسبة بشكل مستمر ( وكان هذا أيضا ما أكد عليه وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة سيد ناصري في يوم 25/01/2011) .
وتتمثل المهام الأساسية لصندوق المقاصة فيما يلي (كما أشرنا له سلفا) :
1 – تنظيم التزود بالمواد الاستهلاكية الأساسية.
2 – تأمين المقاولات من تقلبات أسعار المواد الأولية.
3 – حماية المستهلكين عبر التحكم في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.
إن نظام الدعم في المغرب يقوم على قطبين :
صندوق المقاصة.
المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني كجهاز يسهر على تسيير ومراقبة الجودة وكذلك عملية توزيع الحبوب ودعم الدقيق.
السيولة المالية المخصصة لهذا الدعم بلغت 2،5 مليار درهم، (وحاليا 24 مليار في إطار قانون المالية 2011) يدخل فيها مصاريف النقل والتخزين.
وهذا الجهاز يقوم بعملية مراقبة على المطاحن المستفيدة من هذا الدقيق المدعم من خلال المصلحة القانونية التي توجد في المكتب التي سجلت خلال سنة 2009، 45 مخالفة.
وعلى العموم نجد دور هذا الصندوق تطور وتزايد بفعل تصارع الأوضاع الراهنة، والغلاء التي تعرفه المنتجات (أنظر الدراسة الحديثة) 2007. ملحق.
بلغت نسبة الدعم من 4 مليار درهم إلى 36 مليار درهم (يجب مقارنة هذه النسبة بالنسبة المخصصة في إطار قانون المالية 2011 التي هي 24 مليار درهم).
نجد على أن عدم التحكم في هذا الصندوق من خلال الغلاف المالي المخصص، راجع إلى تقلبات الأسعار التي يعرفها العالم، والتي لها تأثير مباشر على الأسعار الوطنية، وهذا ما دفع الصندوق يحدث مديرية متخصصة في تتبع الأسعار على المستوى الدولي.
أنظر – حجم الدعم[12] – كما سيأتي ذكره في المبحث الثاني المطلب الأول.
إذن لصندوق المقاصة دور كبير في الحياة العامة سواء منها الاقتصادية والاجتماعية. لتفادي أعباء الغلاء على المواطنين.
المبحث الثاني : صندوق المقاصة والتحكم فيه
المطلب الأول : صندوق المقاصة (نظام الدعم)
التراجع عن نظام الدعم من قبل الدولة.
الهجوم على نظام الدعم من خلال رفع أسعار الاستهلاك + تحرير الواردات.
أكبر إشكال الغلاف المالي للصندوق (السيد نزار البركة + تحديد سقف لتحمل مصاريف الدعم سنة 1986 وفي سنة 1996 بوضع نظام جديد الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية لحساب حجم الدعم.
حيث قال : <<الغلاف المالي لهذا الصندوق غير متحكم فيه>>.
المواد الاستهلاكية المستفيدة من الدعم :
السكر : سنة 2006 90 ألف طن.
سنة 2005 70 ألف طن.
الدعم المخصص للسكر سنة 2008 دعم جزافي وصل لـ 2000 درهم للطن.
فمثلا شركة Coca-Cola تستفيد من مبلغ سنوي يصل إلى 120 مليون درهم.
مثال : شركة أونا ONA بعد حصولها في فاتح غشت 2005 بصفقة خوصصة أربعة شركات للسكر، وهناك معطيات تشير على أن 90% من إنتاج السكر (سواء على شكل قالب أو أقراط يعود بالأساس لـ “كوسمار”).
وعليه نتساءل : لماذا، بالرغم من عدم وجود منافسة لكوسمار، تستفيد هذه الأخيرة من الدعم ؟
الدقيق : يخصص الدعم المخصص للدقيق الوطني المدعم حوالي 11% كان جوابا السيد وزير الشؤون الاقتصادية والعامة أمام مجلس المستشارين في جلسة الأسئلة الشفوية بتاريخ 6/5/2008 وجهة الرباط تستفيد من 2688 قنطار من مطاحن الدار البيضاء والصخيرات وسلا.
وقد بلغ حجم الدعم خلال سنة 2008 2 مليار و نصف الدرهم موزعة كالآتي :
مليار ونصف مخصص لدعم الدقيق.
مليار درهم لمصاريف النقل الدقيق اللين ومصاريف تخزينه وإرجاع الفرق.
غاز البوتان : أول مادة يتحملها للغلاف المالي المخصص للصندوق، فقد وصل دعمه سنة 2008 إلى 7 مليار درهم، بعدما حدد في 5 مليار درهم في سنة 2007، و 816 مليون الدرهم سنة 2002.
يبلغ حجم دعم غاز البوتان أكثر من 60% من سعر البيع للعموم، حيث تتحمل ثمن 60 درهم بالنسبة لقنينة الغاز من حجم 12 كيلو غرام والتي عرف ثمنها انخفاضا في السوق العالمية ما بين 55 و 50% وفي سنة 2009 يبلغ ثمنها 80 درهم وتباع ب 40 درهم للعموم.
البترول : مدعم (الدولة تدخل 12 مليار الدرهم منه). أصبح يتزايد 7% لأغراض أخرى تجارية ويستورد بالعملة الصعبة.
إذا كانت الدولة تدعم هذه المادة للاستهلاك المنزلي (المستهلك العادي) إلا أننا واقعيا نجدها تستغل في أغراض تجارية، فما هي الوسائل والإجراءات الكفيلة التي رصدتها الدولة للقضاء على هذا النوع من الاستعمالات والتي تؤثر وبشكل كبير على الكلفة أي بمعنى للمستهلك ؟ ولعل في نظرنا هذا إشكال يجعل الدولة تفكر بإلغاء دعم هذا الصندوق.
المطلب الثاني : إعادة هيكلة صندوق المقاصة
من خلال كل ما رصدته الدولة لدعم صندوق المقاصة وكل الجزاءات والمقومات الكفيلة بالحفاظ على أسعار المنتجات، يظل صندوق المقاصة يواجه عدة إرهاصات تعوق أداء مهمته بالشكل المنوط به، مما مكن من الضروري إصلاح الصندوق بشكل دقيق من خلال إعادة هيكلته.
ولإعمال كل هذا، عملت الدولة على وضع مخطط استراتيجي شمولي وهيكلي الهدف منه الحفاظ على دور الصندوق في الدعم، وكذا التحكم في الغلاف المالي وبالتالي تحقيق النجاعة الاقتصادية والعدل في توزيع الدعم، والتأكيد على تحسين القدرة الشرائية للفئات المتوسطة وتقوية الحماية الاجتماعية (CNOPS + Ramed مؤخرا أضيفت كمواد مدعمة).
أولا : حسن تدبير الغلاف المالي
من خلال عدة تدابير :
تتعلق بإعادة النظر في تركيبة الأسعار المدعمة، من خلال خلق منظومة جديدة لتسعيرة المواد النفطية والغذائية في أفق تبسيط التركيبة والتحكم في مكونات للتكلفة، وتقليص الدعم الموجه إلى هذه المواد وتثبيت السعر النهائي لضمان احترام الأسعار المحدد وتفادي التلاعبات والمضاربات.
إسناد مراقبة ملفات الدعم لجهاز متخصص لتحسين أداء النظام الحالي للمقاصة.
وضع نظام معلوماتي متطور، لمعالجة الملفات والتصريحات في إطار تحسين صندوق المقاصة.
ثانيا : تحقيق النجاعة الاقتصادية
وذلك من خلال :
تقليص تبعية الاقتصاد الوطني للسوق الدولية للنهوض بالقطاعات الحيوية لضمان الاكتفاء الذاتي بنسب كبيرة، ويهم الأمر بالأساس.
سياسة الحبوب ومخطط المغرب الأخضر.
قطاع السكر : الاتفاق بين الحكومة ومهنيي القطاع.
قطاع الطاقة : وميثاق الطاقة (مؤخرا) كمخطط استعجالي.
ثالثا : تحقيق الإنصاف وتقوية الحماية الاجتماعية
من خلال إرادة حكومية ترتكز على :
الحفاظ على الغلاف المالي المخصص لصندوق المقاصة وحسن تدبيره في سبيل إيجاد موازنة لدعم المواد الأساسية.
تقوية وتأهيل القدرات التدبيرية للإدارات والمؤسسات المعنية بإصلاح نظام المقاصة.
خلق نظام تتبعي للفئات المعوزة وحسن توزيع المواد المدعمة.
لتفعيل كل هذا، وذاك، ثم وضع مقاربة منهجية تضم أوراش عمل وزارية تعمل على دراسة تجارب دولية في مجال المقاصة، وكذا زيارات ميدانية وأيضا الخروج بتقييم القدرات الوطنية للإدارة. وتسيير هذا النظام.
خلاصة :
تبقى المجهودات التي تبدلها الدولة وحدها الكفيلة للخروج ما يعانيه صندوق المقاصة من إرهاصات ومشاكل، ولعل أكبر هذه المشاكل الفئات المتوسطة الميسورة + التجار المستغلين لهذا الدعم في نفس الوقت حيث ظلت تغلب على نظام الدعم وتجاهل الفئات المعوزة والمحتاجة للدعم.
لهذا، من الضروري إيجاد صيغة تقاربية تحد من هذه الاختلالات إما ضريبية وإما مراقبتية وغيرها والتي تكون كفيلة لدعم الصندوق.
دراسة حديثة : صندوق المقاصة
أكدت دراسة حديثة أنه انتقل الفرق من الاستفادة من صندوق المقاصة، ما بين الفقراء وغير الفقراء من ضعفين(2,1 ) سنة 2001 إلى ضعفين ونصف (2,5 ) سنة ,2007 وأنه في الوقت الذي تبلغ فيه استفادة الفقراء السنوية من صندوق المقاصة 222 درهما ترتفع حصة استفادة غير الفقراء إلى 551 سنة .2007
ويبرز الاختلال في الاستفادة من صندوق المقاصة بين الفقراء والأغنياء جميع المواد المدعومة، سواء تعلق الأمر بالدقيق المدعوم أو السكر أو البوتان أو باقي المحروقات المدعومة. ولم تتغير هذه التغييرات ما بين سنتي 2001 و2007 إلا أنها تعمقت وازدات اتساعا
وأبانت الدراسة أنه هناك تباين بين استفادة الوسطين الحضري والقروي من هذا الصندوق، وذلك باستفادة الأول أكثر من الثاني، سواء في سنة 2001 أو .2007
وأشارت الدراسة التي أعدها خالد السودي من المندوبية السامية للتخطيط العدالة الاجتماعية والضريبية بالمغرب: عناصر إعادة التوزيع والاستهداف والحد من الفقر واللامساواة على هامش مؤتمر السكان بمراكش إلى أن الفقراء يستفيدون من 112 درهما شهرية؛ مقارنة مع 235 درهم لغير الفقراء، أي بفرق يصل إلى أزيد من ضعفين 2,1 وذلك سنة .2001
وقد بلغت كلفة المقاصة في الميزانية العامة للدولة قرابة 31 مليار درهم سنة ,2008 خصصت منها 24 مليار درهم للمنتجات النفطية وغاز البوتان و7 ملايير درهم لدعم المواد الأساسية
ويشكو نظام المقاصة الذي يدعم السكر والدقيق والبوتان والمحروقات من عدة اختلالات؛ تتلخص في سوء استهداف السكان المعوزين وعدم فعالية المؤسسات المسيرة، إضافة إلى عدم تطابق الممارسات مع الأهداف المسطرة، وفق التقرير الاقتصادي والمالي المرفوق بمشروع القانون المالي لسنة ,2010 الذي أضاف أنه من أجل تجاوز هذه النقائص، تم الشروع في تطبيق سياسة استهداف تدريجية لنفقات المقاصة. بالإضافة إلى ذلك؛ تم إصلاح المنظومة التعريفية للمنتجات النفطية، والعمل بنظام جديد لتوزيع الدقيق المدعم ومراقبة تدخلات صندوق المقاصة.
أكدت الحكومة أن الميزانية المرصودة لصندوق المقاصة السنة المقبلة ستصل إلى 14 مليار درهم، بعدما كانت في حدود 33 مليار درهم السنة الحالية.
وأقدمت الحكومة على تطبيق سعر 10 في المائة على بعض المواد النفطية، إذ يخضع حاليا لسعر 7 في المائة كل من غاز النفط والهيدروكربورات الغازية الأخرى وكذا زيوت النفط أو الصخور، وفق وثائق مشروع القانون المالي لسنة .2010 وقال محمد نظيف، أستاذ الاقتصاد، إن تراجع ميزانية المقاصة سيكون له انعكاس على دعم المواد الأساسية، مما سيؤدي إلى تضرر الفئات الضعيفة، متسائلا عن مدى توفر الحكومة على الوسائل لمجابهة ارتفاع الأسعار على الصعيد الدولي. وشدد نظيف في تصريح لالتجديد على ضرورة تخصيص 20 مليار درهم، الميزانية التي قلصت من المقاصة، في دعم مباشر للأسر الفقير بطريقة مباشرة.
و إن ارتفاع الضرائب على بعض المواد الضريبية سيكون لها انعكاس على المستهلك، على اعتبار أن المواد النفطية تعتبر من تكاليف الإنتاج، وتستعمل أغلبية القطاعات الطاقية التي تدخل في مسلسل الإنتاج، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وعلى وسائل النقل وتوزيع البضائع. واعتبر أن المتضرر من هذه الزيادة هو المستهلك، في حين أن المقاولات ستضيف هذه الزيادة إلى التكاليف
وبخصوص دقة الاستهداف، وتوزيع الامتيازات انطلاقا من الدعم، تصل هذه النسبة إلى 96 في المائة لغير الفقراء مقارنة مع 4 في المائة للفقراء خلال سنة .2007
(محاماه نت)