دراسات قانونية

المسؤولية القانونية للمستشار المالي عن تضليل العميل في بورصة الأوراق المالية – دراسة مقارنة

خيانة المستشار المالي لثقة عميله في بورصة الأوراق الماليَّة:

تضليل العميل

بين القصد والخطأ غير المقصود

-دراسة مقارنة للمسؤوليَّات القانونيَّة

بين القانون المغربي والإماراتي والأمريكي-

الدكتور همام القوصي*

الملخَّص

يتلخَّص موضوع هذا البحث في توضيح الخيط الرفيع بين قيام المستشار المالي بخيانة عميله قاصداً تضليله بسوء نيَّة عبر استشارات التداول في بورصة الأوراق الماليَّة، وبين وقوع المستشار بخطأٍ بشريٍّ اعتياديٍّ غير مقصودٍ بغضِّ النظر عن درجة فداحة هذا الخطأ، وذلك في إطار قيام مسؤوليَّات المستشار القانونيَّة التأديبيَّة أمام هيئة البورصة أولاً، والمسؤوليَّة المدنيَّة العقديَّة تجاه العميل ثانياً، والمسؤوليَّة الجزائيَّة تجاه النيابة العامَّة ثالثاً.

ونهدف من هذا البحث أن نصل إلى رؤية قانونيَّة للمسؤوليَّات القانونيَّة التي تقوم على المستشار بما يكفل الفصل في قيام المسؤوليَّة والعقوبة على المستشار الـمُضلِّل سيء النيَّة الخائن لثقة عميله من جهة، وعلى المستشار الذي أدَّى وقوعه بخطأ مهني بسيط أو جسيم في تضليل هذا العميل، وذلك عبر دراسة كل ممارسةٍ قد تؤدِّي إلى التضليل بشكلٍ مُفصَّلٍ ومُبسَّطٍ عبر تحليل النصِّ الناظم لها وفقاً للقانون المغربي والإماراتي والأمريكي.

– الكلمات المفتاحيَّة: المستشار المالي، المستشار الاستثماري، التحليل المالي، الاستشارات الماليَّة، المسؤوليَّة القانونيَّة، تضليل العملاء، الاستشارة، النصيحة، البيانات، المعلومات، الخطأ، سوء النيَّة، التضليل.

The Betrayal of Financial Consultant to

the Client’s Confidence

in the Securities Exchange:

Misleading Client between Intent & Unintended Fault

– A Comparative Study of Legal Liabilities

between the law of Morocco & the UAE & the USA –

Dr. Humam Al Qussi *

Abstract

The purpose of this research is to clarify the fine line between the financial advisor’s betrayal of his client with intent to mislead him in bad faith through consultation of trading on the securities exchange, on the other hand the occurrence of the consultant with an ordinary human error unintentionally, regardless of the degree of severity of this error, in front of the disciplinary liability of towards the securities exchange commission first, the civil liability of fault towards the client second, and the criminal liability towards public prosecution third.

The aim of this research is to arrive at a legal vision of the legal liabilities that are based on the consultant, so as to ensure that the misguided and misguided counselor is responsible for the trust of his client on the one hand and the consultant who caused a simple or serious professional fault in misleading the customer according to Moroccan, UAE and US. law.

– Key words: financial consultant, financial adviser, investment advisor, financial analysis, financial advice, liability, misleading, customers, counseling, advice, data, information, fault, bad faith, disinformation.

المقدمة

ما أكثرَ الحديث في عصرنا عن “التضليل عبر المعلومات”“Misleading by Information – Trompe par l’Information” ؛ فقد أضحينا في عالمٍ يضجُّ بضوضاءِ المعلومات الـمُنسابة دون توقُّفٍ، منها ما يَصدرُ بأمانةٍ وضميرٍ مهنيٍّ، ومنها ما يَتغيَّا تضليلَ الـمُتلقِّي، وقد ضاعف ظهور الإنترنت في الألفيَّة الجديدة من هذه الظاهرة التي قد غيَّرت وجه حياتنا إلى الأبد، ثم تضاعفت هذه الوضعيَّة عند انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي تحمل طوفاناً من المواد الـمُضلِّلة أو على الأقل غير الدقيقة.

ونظراً لكون “بورصة الأوراق الماليَّة” “Securities Exchange – Bourse des Valeurs”-كسوق مفتوحة أمام جمهور المستثمرين بغرض تداول الأسهم والسندات وغيرها من الأوراق- من أكثر المكوِّنات الماليَّة في الدولة تأثُّراً بالإعلام، فقد نالها تأثير هذا التغيُّر البنيوي في الكيفيَّة والآلية المعلوماتيَّة، ويزداد الموضوع احترافاً وحساسيَّةً عند الحديث عن المستشار المالي الذي يتمحور دوره في دراسة، وتحليل البيانات، واستنتاج المعلومات، وتقديم النصح والإرشاد لعملائه الـمُنتظرين التوجيه في مجتمع البورصة عديم السكون ودائم المخاطر، ما يجعل من تضليل المستشار لعميله تضليلاً موجَّهاً إلى مستثمر بعينه وليس إلى جمهور من المستثمرين، وهذا ما يجعل من التضليل أشدَّ وطأةً في تأثيره؛ لعلم المستشار بأحوال عميله من جهة، ولقيام سوء نيَّة المستشار تجاه العميل على شكل خيانة الثقة من جهة أخرى.

ومن جهة أخرى، يسعى المشرع إلى تهيئة القاعدة التشريعيَّة والتنظيميَّة الـمُثلى لقيام بورصة عادلة وشفَّافة، وهذا ما يدفعه -بحرصٍ شديدٍ- إلى تنظيم نشاطِ “المستشار المالي” “Financial Consultant – Conseiller Financier” الذي يأخذ شكل الشركة التجاريَّة ذات الشخصيَّة الاعتباريَّة في القانون المغربي[1]، والإماراتي[2]، دون الأمريكي الذي نظَّم عمل “الناصح الاستثماري” “Investment Advisor” بمفهومه القانوني والمالي من أيِّ شخص؛ كالمحامي الذي يُصدر “نصيحة قانونيَّة” “Legal Advice” بأجر[3] أو الشخص العادي المختصِّ بالتحليل المالي[4]، وقد أكَّد المشرع الأمريكي على أنَّ الشخص المقصود بالمستشار المالي هو إمَّا شخص طبيعي أو شركة[5].

ويتمثَّل الدور الأساسي للمستشار بـ: “التحليل المالي” “Financial Analysis – Analyse Financière” و”الاستشارات الماليَّة” “Financial Consultation – Consultation Financière” بدورٍ بالغِ الحساسيَّة والتأثير في بورصة الأوراق الماليَّة، وهو دور الإرشاد والنصح التداولي الذي يقترب إلى حدود “الوصاية” “Guardianship – Garde” على المستثمر بشكلٍ خاصٍّ عندما يكون من ضعيفي الثقافة التداوليَّة.

فيتركَّز عمل المستشار المالي بدور تبسيط آلية عمل السوق أمام المستثمر العادي غير المحترف، ولذلك يبدأ بالتعرُّف على مقدراته وأهدافه التداوليَّة، ثم يُحدِّد أهدافه الاستثمارية “Investment Target – Cible d’Investissement” من استثمار طويل أو مضاربة؛ بهدف تقديم “استشارة ماليَّة” “Financial Consultation – Consultation Financier” مدروسة وفقاً لمقدرات ومصالح هذا المستثمر من جهة، وظروف البورصة واتِّجاهات الأسعار فيها من جهة أخرى، ثم يوقِّع معه عقداً يُلزم المستشار بتقديم الاستشارات المالية بحسن نيَّة ودقَّة ومهنيَّة، ويُلزم العميل بدفع أجر لهذا المستشار.

ويقوم مبدأ “التحليل الفني” “Technical Analysis – Analyse Technique“ لاستخراج هذه الاستشارات والأفكار الماليَّة المستقبليَّة على دراسة الأحداث الاقتصاديَّة من جهة، وعلى دراسة نموذج السوق “Market Pattern – Modèle de Marché” الذي يتشكَّل من تحرُّكات الأسعار التاريخيَّة، فيتم التنبُّؤ بحركة السعر المستقبلية عند الفهم العميق لنموذج السوق[6]، فيما يلجأ بعض المحلِّلين الماليِّين إلى “التحليل الأساسي” “Essential Analysis – Analyse Essentielle” عبر دراسة البيانات المالية الصادرة عن الشركة والمقارنة فيما بينها طوال فترات زمنيَّة ماضية، ما يُظهر تطوُّر عمل الشركة ومستواه، والتغييرات الاقتصاديَّة الطارئة عليها[7].

وهذه الدعم من المستشار المالي يُشجِّع المستثمرين -بغضِّ النظر عن “خبرتهم الاستثمارية”“Investment Experience – Expérience d’Investissement”- على وضع مُدَّخراتهم في بورصة الأوراق الماليَّة، وهذا ما سيؤدِّي إلى تفعيل رؤوس أموال جديدة “Activation New Funds – Activation de Nouveaux Fonds” وإدخالها ضمن “دورة رأس المال” “Capital Turnover – Rotation d’Capital” في السوق، وهو ما يعني رفد الجهات المدرجة في السوق بكميَّاتٍ جديدة من “السيولة” “Liquidity – Liquidité”.

والسيولة المدروسة أكثر ما يعوز البورصات العربيَّة التي تُعاني من ضعف السيولة كبورصة الدار البيضاء في المملكة المغربيَّة التي عانت من أزمة عام 2015، وبورصة دبي في الإمارات العربيَّة المتحدة التي واجهت أزمة عام 2009، وكذلك البورصات الأمريكيَّة التي لطالما واجهت مآزق وأزمات في السيولة –المُعضلة الدوريَّة للاقتصاد الرأسمالي- كان آخرها عام 2008.

وحيث انَّ التغيُّرات الاقتصاديَّة الجذريَّة في العالم تفرض علينا ملاحقتها بالتشريعات المتخصِّصة بشكلٍ دائمٍ خوفاً من تشكُّل الثغرات القانونيَّة والتنظيميَّة[8]، ونظراً لمعرفة دور سوق المال في تكوين الأرباح والخسائر[9]، ودور المستشار المالي في هذا السوق، وعلى اعتبار أنَّ ثقافة المستثمرين تحتاج -في الأسواق الناشئة خاصةً وفي الأسواق المتقدِّمة عامَّة- إلى وجود مستشارٍ مُتخصِّصٍ في عمل تقديم الإرشاد للمستثمر[10]، فقد كان لزاماً تحديد المبادئ والقواعد التي تحكم عمل المستشار المالي وتحظر عليه القيام بممارساتٍ مُضلِّلةٍ تُقيمُ مسؤوليَّاته القانونيَّة.

فالمستشار -كأيِّ شخص- تنشأ له مصالح مختلفة عن عميله، فقد يرغب في رفع الأسعار أو خفضها بغاية ضمان ربح تداولاته الشخصيَّة، أو قد يتلقَّى مُقابلاً لنشر توجُّهٍ تداوليٍّ مُحدَّدٍ بين عملائه خدمةً للشخص الذي قد أغدق عليه مبلغاً معيَّناً أو مقابلاً مصلحيَّاً آخر.

ومن هنا، فقد يقوم المستشار المالي بـ: “تضليل العميل” “Client Misleading – Client Trompeur” عبر “بيان أو معلومة خاطئة أو مُضلِّلة” “False or Misleading Data or Information – Données ou Informations Fausses ou Trompeuses”.

وبذلك يكون المستشار سيء النيَّة قد خان ثقة عميله الذي وثق في مضمون استشارته، وانقاد للتوجُّه الذي دلَّ عليه المستشار بيعاً أو شراءً، ما يوجب إقامة هيئة البورصة المسؤوليَّة التأديبيَّة عليه، ونظراً لإضرار هذه الممارسة بالعميل، فلهذا العميل إقامة مسؤوليَّة المستشار المدنيَّة العقديَّة، أنَّ للنيابة العامَّة إقامة المسؤوليَّة الجزائية عليه في حال انطبق فعل المستشار على الوصف الجرمي المنصوص عليه في القانون.

ومن هنا، تكون المسؤوليَّة القائمة على المستشار المالي تجاه هيئة البورصة –الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل في المغرب[11]، وهيئة الأوراق والأسواق الماليَّة والسلع في الإمارات[12]، ولجنة الأوراق الماليَّة والبورصة في الولايات المتحدة الأمريكيَّة[13]– هي مسؤوليةٌ تأديبيَّةٌ تنشأ عن كون المستشار عضو مُرخَّص للعمل في البورصة التي تخضع لرقابة وتنظيم الهيئة، ما يجعله خاضعاً لسلطة الرقابة والتأديب منها وفقاً للقانون المغربي[14] والإماراتي[15] والأمريكي[16]، وهذه المسؤوليَّة تختلف عن المسؤوليَّة التي قد يخضع لها المستشار أمام نقابة المحلِّلين الماليِّين التي ينتمي لها وفقاً لأنظمة هذه النقابة والمعايير السلوكية التي تفرضها على أعضائها.

في حين أنَّ المسؤولية المدنيَّة للمستشار المالي تجاه عميله هي:

مسؤوليَّة عقديَّة عن الخطأ المهني نابعةٌ من العقد المبرم مع المستثمر بغاية تقديم الاستشارات؛ فيكفي فيها الإخلال بالالتزام ببنود هذا العقد لقيام مسؤوليَّة المستشار، وهي في حالة المستشار المالي مسؤوليَّةٌ عقديةٌ قائمةٌ على أساس الالتزام ببذل عناية الدراسة الماليَّة الوافية وليس تحقيق النتيجة الاستثماريَّة[17]، فتقوم المسؤوليَّة العقديَّة على المستشار وفقاً للقانون المغربي[18] والإماراتي[19] والأمريكي[20] في حال قدَّم استشارة دون دراسة كافية (الخطأ المهني) ما أدَّى إلى خسارة للعميل (ضرر) لأنَّ عدم قيام المستشار بالدراسة الكافية كان السبب المباشر لهذه الخسارة (العلاقة السببيَّة)، ويلعب خطأ العميل في الإفصاح عن وضعه وأهدافه دوراً في تخفيف هذه المسؤوليَّة أو نفيها، ويُفترض أن تنحصر المسؤوليَّة العقديَّة ضمن إطار الضرر الذي كان مُتوقَّعاً من المستشار، إلاَّ أنَّ للقانون الإماراتي والأمريكي رأي آخر كما سنرى.

مسؤولية عقديَّة عن سوء النيَّة أو الخطأ المهني الجسيم تنبعُ من التعدِّي المقصود على العميل عبر سوء النيَّة أو الخطأ الجسيم، فتقوم المسؤوليَّة العقديَّة على المستشار في حال قدَّم استشارة غادِرَة لعميله أو استغلَّه أو أنَّه قام بخطأ خارج عن المألوف لا يُغتفر (الخطأ الغادر المقصود أو المهني الجسيم غير المقصود) ما أدَّى إلى خسارة للعميل (ضرر) لأنَّ الاستشارة الغادِرَة أو الخطأ المهني الجسيم كان السبب المباشر لهذه الخسارة (العلاقة السببيَّة)، وتشمل المسؤوليَّة العقديَّة في هذه الحالة حتى الضرر الذي لم يكنْ مُتوقَّعاً من المستشار، وبالتالي يتساوى التعويض هنا بين المسؤوليَّتين العقديَّة والتقصيريَّة[21] وذلك في القانون المغربي[22]، دون الإماراتي[23] أو الأمريكي[24].

وبالتالي نكون في الحالة الثانية بصدد الحديث عن “جريمة مدنيَّة”“Civil Crime – Délit Civil”في حال قيام مسؤوليَّة المستشار المالي عن خيانة عميله عبر التضليل قصداً، وبصدد “شبه الجريمة المدنيَّة” “Quasi-Civil Crime – Quas-Délit Civil”[25] في حالة الخطأ المهني الجسيم في القيام بعمل المستشار.

وقد نكون هنا بصدد الحديث عن الجريمة الجزائيَّة عند قيام المسؤولية الجزائيَّة على المستشار المالي في حال ثبوت خيانة العميل وانطباق الفعل على أركان التجريم في النص الجزائي؛ لما يُشكِّل ذلك إخلالاً بقواعد الأخلاق المهنيَّة ومبادئ السوق التي يحميها القانون ويُجرِّم مُقتَرِفِها وفقاً للقانون المغربي[26] والإماراتي[27] والأمريكي[28].

وبغاية التشديد فقد يقولُ قائلٌ بفرض المساواة بين الخطأ المهني الجسيم وسوء النيَّة في محاسبة المستشار المالي عن تضليله للعميل، ويبدو أنَّ صعوبة إثبات قصد خيانة العميل بكلِّ صورها هي التي قد أسَّست لوجود هذا الاتِّجاه، إلى جانب الرغبة بتشديد المعاملة مع المستشار المهمل إهمالاً شديداً.

ويظهر التأصيل القانوني لهذا الاتِّجاه في مساواة القانون المدني بين حالتي سوء النيَّة والخطأ المهني الجسيم في كثير من المواضع بخصوص إقامة المسؤوليَّة المدنيَّة، بينما يقف المشرع في قانون العقوبات وقفةً أكثر حرصاً للتفريق بين الخطأ مهما كانت جسامته، وبين القصد عندما يَشترِط النصُّ الجزائيُّ توافر القصد الجرمي.

وسنرى من خلال هذه البحث كيف اختلفت المواجهة القانونيَّة والتنظيميَّة في معالجتها لمسؤوليَّة المستشار المالي فيما يخصُّ اشتراط قصد خيانة ثقة العميل بسوء نيَّة سواءً عبر الغش[29] أو الغدر[30] أو التدليس[31] لقيام مسؤوليَّته التأديبيَّة أمام هيئة البورصة والمدنيَّة تجاه العميل والجزائيَّة تجاه النيابة العامَّة.

وتظهر أهميَّة البحث من حساسيَّة دور المستشار المالي في سوق الأوراق الماليَّة والسلع وأثر نشاطه غير المشروع عليها، ولهذا نقول بأنَّ التحديد القانوني الدقيق لإشكاليَّة اشتراط القصد في ممارسة خيانة المستشار لعميله ومسؤوليَّاتها هي من ضمانات قيامه بدوره على أكمل وجهٍ وبشكلٍ علميٍّ ومنطقيٍّ، ما سيؤدِّي إلى تنشيط السوق “Activation” وتطويرها “Elaboration – élaboration” وتعميقها “Deepening – Approfondissement”، الأمر الذي سيقيها مغبَّة “الركود أو الاضطراب” “Stagnancy or Disturbance – Stagnation ou Perturbation”؛ بسبب قدرة المستشار على الارتقاء بمستوى التداول من جهة، ونشر ثقافة استثمارية ماليَّة واسعة تكفل تمكين العملاء من جهة ثانية.

ونهدف من هذا البحث إلى تحديد الإطار الدقيق لممارسة خيانة المستشار المالي بغرض توضيح ممارسات التضليل التي تستحقُّ اعتبار المستشار خائناً لثقة عميله والتي قد تُقيمُ مسؤوليَّته التأديبيَّة والعقديَّة والجزائيَّة عن هذا الفعل، مع تلك التي يجب أن تُعتبر خطأً مهنيَّاً يسيراً أو جسمياً قابلاً لإقامة مسؤوليَّات قانونيَّة تُراعي حسن نيَّة المستشار فُتُخفِّف من مسؤوليَّته أو تنفيها، مع تحليل موقف مَنْ يُنادي بتوحيد المعاملة القانونية في الحالتين؛ أي مَنْ يدعو إلى إلغاء دور “قصد التضليل” في إقامة مسؤوليَّة العميل القانونيَّة عن التضليل من الأساس.

وحيث أنَّ بحثنا يتمحور في خيانة المستشار المالي لثقة عميله عبر التضليل، فإنَّه يقتصر على وقائع التضليل التي يقوم بها المستشار مُنتهِكاً التزاماته في العقد المبرم مع عميله، والتي ينشأ عنها مسؤوليَّة المستشار المدنيَّة العقديَّة.

وبالتالي فلن يتناول بحثُنا قيام المستشار بتضليل جمهور المستثمرين عبر وسائل الإعلام التي قد ينشأ عنها مسؤوليَّة مدنيَّة تقصيريَّة على المستشار؛ والسبب أنَّ مفهوم خيانة الثقة تَفتَرض قيام علاقة تعاقديَّة فيها معاني اللُّجوء وحسن نيَّة مع المستشار، وهي لا تقوم إلاَّ بوجود عقدٍ يربط بينهما، فينتج عن الإخلال به مسؤوليَّة مدنيَّة عقديَّة، بينما تنتَفي عُرى الثقة دون عقد، وفي الواقع، إنَّ ما يخرقه المستشار عندما يُضلِّل أو يستغل جمهور المستثمرين هو الثقة العامَّة في كفاءة البورصة ووسائل الإعلام، وليس الثقة الشخصيَّة التي ينشأ عنها –وحدها- مفهوم “خيانة العميل”.

كما أنَّ بحثنا سيتناول المسؤوليَّة التأديبيَّة على المستشار في حدود المسؤوليَّة القانونيَّة التي قد تُقام عليه من هيئة البورصة تبعاً لانتهاك قانون بورصة الأوراق الماليَّة، دون مسؤوليَّته أمام نقابة الـمُحلِّلين الماليِّين التي قد تنشأ تبعاً لانتهاك أنظمتها ومعاييرها الداخليَّة.

وسنتَّخذ المنهج الوصفي التحليلي المقارن في معالجة أفكار البحث، فنقوم بوصف تعريفي بسيط للممارسة التي قد يرتكبها المستشار المالي، وبعدها نُحلِّل النصَّ القانونيَّ والتنظيميَّ الحاكِم لها أو المرتبط بها، وهو ما سيقودنا إلى نصٍّ قانونيٍّ وتنظيميٍّ متكاملٍ قادرٍ على تحديد ممارسات خيانة العملاء من المستشار وآثارها بتفصيلٍ قادرٍ على تخصيص المعاملة وفقاً لخطورة الممارسة عند توافر القصد من عدمه.

وسيكون إطار المقارنة الملتزمة الأساسيَّة في هذا البحث ضمن القوانين والقرارات التالية:

في المملكة المغربيَّة: الظهير الشريف رقم 1.13.21 الصادر في 13 مارس 2013 الخاص بتنفيذ قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل رقم 43.12، والظهير الشريف 1.16.151 بتنفيذ القانون 19.14 بتاريخ 25 أغسطس 2016 بشأن بورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي.

وفي الإمارات العربيَّة المتحدة: القانون الاتحادي الإماراتي رقم (4) لسنة 2000م في شأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع، وقرار مجلس إدارة هيئة الأوراق الماليَّة والسلع الإماراتية رقم (48\ر) لسنة 2008 المعدَّل بالقرار رقم (13\ر.م) لعام 2016 بشأن الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي.

أمَّا في الولايات المتحدة الأمريكية: قانون الأوراق الماليَّة والبورصة لعام 1934 المعدل بالقانون 158-112 بتاريخ 10 أغسطس 2012، وقانون المستشارين الاستثماريين لعام 1940 المعدَّل بالقانون 112-90 بتاريخ 3 يناير 2012.

وتتمثَّل إشكاليَّة البحث بالتساؤل التالي: “ما هو الإطار القصدي لممارسات التضليل التي تُعتبر خيانةً من المستشار المالي لثقة عميله بحيث تقيمُ عليه المسؤوليَّة التأديبيَّة أمام هيئة البورصة، والعقديَّة أمام العميل المتعاقد معه، والجزائيَّة أمام النيابة العامَّة؟”.

وهو ما يجد له نظيراً في الجدل القانوني والقضائي الكبير الذي جرى في الولايات المتحدة الأمريكيَّة حول ضرورة اشتراط القصد في الغش المحاسبي من عدمه[32].

ولقد واجهتنا صعوبات علمية جمَّة في إيجاد مراجع البحث، وقد اكتشفنا ندرة غريبة بالأبحاث والمراجع العربيَّة التي درست الاستشارات الماليَّة، ولذلك تعمَّقنا بدراسة مجموعة من الأبحاث المعدَّة باللغة الإنكليزيَّة والفرنسيَّة، والتي تنوعت بين الأبحاث الكلاسيكيَّة والحديثة، كما أنَّنا حرصنا على ذكر أكبر قدرٍ ممكنٍ من السوابق القضائيَّة، والأمثلة التي أعددناها بشكل مُبسَّط، والمصطلحات العلميَّة الخاصَّة بموضوع البحث باللُّغتين الإنكليزيَّة والفرنسيَّة، وعلى هذا نتمنَّى أن يكون بحثنا مبادرة حقيقيَّة للباحثين العرب المهتمِّين بهذا المجال.

وعلى اعتبار أنَّ تضليل العميل يكون بالبيانات أو المعلومات، فإنَّ مخطَّط البحث سيكون على الشكل التالي:

المطلب الأول: إعطاء البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة في الظروف الاعتياديَّة.

المطلب الثاني: إعطاؤها في الظروف الاستثنائيَّة.

المطلب الأول:

إعطاء البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة

في الظروف الاعتياديَّة

يقوم التحليل المالي بشكلٍ أوَّليٍّ على تمييز المتغيِّرات “Variables” المؤثِّرة على “التدفُّق النقدي” “Cash Flow – Flux de Trésorerie” الخاص بالورقة الماليَّة؛ أي العوامل القادرة على تحويل الورقة إلى سيولة نقديَّة والتي تكون غير محدَّدةٍ ولا معروفةٍ، ومن ثم صياغة هذه العناصر وإيجاد الروابط بينها[33]؛ أي دراسة عوامل التدفُّقات النقدية وارتباطها بـ: “اتِّجاهات التداول” “Trading Trends – Tendances d’Négociation” الصاعدة أو الهابطة بالأسعار، وإعطاء العميل استشارةً تداوليَّةً كمعلومة مستندةً على هذه العوامل التي تمَّ تحليلها بناءً على مجموعة من البيانات.

ويتوجَّب هنا توضيح الفرق بين البيانات والمعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة أولاً، والفرق بين إعطاء البيانات غير الصحيحة وإعطاء البيانات الـمُضلِّلة ثانياً، وتحليل الحظر القانوني لها ثالثاً، وكل ذلك في إطار الظروف الاعتياديَّة التي تمرُّ بها البورصة.

أولاً: الفرق بين البيانات أو المعلومات – الخاطئة أو الـمُضلِّلة

تختلف “البيانات” “Data – Donnée“ عن “المعلومات” “Information” في أنَّ البيانات هي المعطيات العامَّة الـمُجرَّدة الآتية عن مَصدر مخوَّل بإصدارها[34] (مثل المركز الإعلامي لإحدى الشركات)، بينما تحمل المعلومات معنى عام يتعلَّق بمجموعة من البيانات التي تمَّت مُعالجتها والتي تتنوَّع مصادرها[35]؛ أي أنَّ البيانات هي المواد الخام التي يُعالجها المستشار المالي ويحوِّلها إلى معلومات يقوم بتأسيس الاستشارة الماليَّة بناءً عليها، وهو ما يُشكِّل “المعرفة” “Knowledge – Connaissance” القادرة على تبصير وتوجيه العميل في اتِّجاه قرار التداول الصحيح (أنظر الصورة المرفقة[36]).

وهكذا، فإنَّ المستشار المالي يقوم بدراسة البيانات الماليَّة، ثم يعالجها ويربط بينها حتى يُصدر الاستشارة الماليَّة لعميله كمعلومةٍ قد نشأت من معالجة مجموعة من البيانات.

وبالتالي فإنَّ المستشار المالي قد يقوم بتضليل المستثمر عبر إعطائه بياناتٍ مُجرَّدة غير صحيحةٍ أو مُضلِّلةٍ، أو معلومات مُعالَجةٍ غير صحيحةٍ أو مُضلِّلةٍ أيضاً.

أمَّا بالنسبة لمعنى المعلومات أو البيانات غير الصحيحة، وتفريقها عن الـمُضلِّلة، فإنَّ صفة “الخاطئة” “False – Faux” تعني غير الواقِعة فعلاً أي الكاذبة تماماً؛ فقد تكون خبراً لم يحدثْ (كبيانٍ غير صحيحٍ) أو استشارةٍ ماليَّةٍ مستندةٍ على معلوماتٍ كاذبةٍ (كمعلومةٍ غير صحيحةٍ).

فيما تحمل صفة “الـمُضلِّلة” “Misleading – Trompeur” قدرة البيانات أو المعلومات على دفع العميل إلى التداول في اتِّجاهٍ لا يخدم مصلحته، أي وضع البيان أو المعلومة في سياقٍ أو أسلوبٍ يجعل منها مُحفِّزاً أو دافعاً للعميل للشراء في وقت البيع أو الانتظار، أو للبيع في وقت الشراء أو الانتظار.

ويجب أن نشيرَ إلى أنَّ البيانات أو المعلومات الخاطئة قد لا تكون مُضلِّلة إن كان كذبُها مكشوفاً للعميل، وقد تكون مُضلِّلة إن كان ظاهرها يدلُّ على صدقها؛ فمثلاً بيان إفلاس إحدى الشركات وهي قائمةٌ على عملها دون أيِّ مستندٍ رسميٍّ منها هو بيانٌ مشكوكٌ فيه لا يُمكن أن يُضلِّل العميل، ولذلك فإنَّ إصداره من المستشار ما هو إلاَّ شروعٌ بالتضليل، بينما البيان الصادر بناءً على مستندٍ مُوقَّعٍ من وكيل التفليسة الخاصِّ بإحدى الشركات هو بيانٌ خاطئٌ ومُضلِّلٌ في آن.

بينما البيانات أو المعلومات الـمُضلِّلة قد تكون خاطئة وقد تكون حقيقيَّة ولكنَّ المستشار قد قام بوضعها في إطار يدفع العميل إلى التعامل معها على غير معناها؛ كأن يدفع المستشار عميله إلى شراء سندات الدين بناءً على قرار البنك المركزي خفض سعر الفائدة فعلاً، فهنا بيان خفض سعر الفائدة حقيقيٌّ، ولكنَّ المستشار قد قام بتضليل عميله عندما أشار له بشراء السندات؛ على اعتبار انخفاض سعر الفائدة هو الظرف الأمثل لشراء السندات، فيما أنَّ انخفاض سعر الفائدة هو بيانٌ سلبيٌ يدعو إلى بيعها في الواقع.

ولم يقمْ المشرع المغربي في قانون المرشدين بالاستثمار المالي لعام 2016 بتعريف المعلومات أو البيانات سواءً أكانت غير صحيحة أو مُضلِّلة، وكذلك نظام شركات التحليل والاستشارات الماليَّة الإماراتي لعام 2008 الصادر وفقاً لقانون هيئة الأوراق والأسواق الماليَّة والسلع الإماراتي، والأمر ذاته بالنسبة لقانون المستشار الاستثماري الأمريكي لعام 1940 الذي ركَّز على ممارسات الخداع بعموميَّتها دون الدخول في تفاصيل البيانات والمعلومات كما سنرى.

ويبدو من مفهوم البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة أنَّها ترتبطُ فكريَّاً مع توافر قصد المستشار بخيانة عميله إن هو قام بتقديمها لعميله، فالمعنى الواضح لهذه المكوِّنات يرفضُ قيام المستشار بخيانة عميله دون وجود قصد الخيانة لديه، ذلك على الرغم من أنَّ احتمالات الواقع تُفرزُ حالاتٍ أخرى سنأتي على ذكرها إن شاء الله.

ثانياً: الفرق بين إعطاء البيانات أو المعلومات الخاطئة وإعطاء البيانات أو المعلومات الـمُضلِّلة

يتمثَّل “إعطاء البيانات غير الصحيحة” “False Data Offering – Offre de Données Erronées”بتقديم بيانٍ خاطئٍ؛ أي القيام بتسميم مُخيِّلة المستثمر بمعطياتٍ خاطئةٍ، ثمَّ تركه حتى يتَّخذ قراره الاستثماري بناءً عليها، وهو ما سيؤدِّي إلى تشكيل وضعٍ استثماريٍّ أو اتِّجاه سعريٍّ في السوق أو قراراتٍ استثماريةٍ ستؤدِّي في معظمها بالمستثمرين إلى الخسارة، وتؤدِّي بالسوق إلى الوصول لسعرٍ غير حقيقيٍّ، وإلى ضعف كفاءتها؛ كقيام المستشار المالي بتنبيه عميله إلى استقالة رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات لوجود فضيحة استيلاء على أموال الشركة رغم أنَّ المستشار يعرف تمام المعرفة أنَّه لا صحَّة لهذا الخبر على الإطلاق.

فيما يظهر معنى: “إعطاء المعلومات غير الصحيحة” “False Information Offering – Offre Fausse d’Information” بتقديم معالجة خاطئة للبيانات المنشورة من غير المستشار[37]؛ فمثلاً يقوم المستشار بذكر ارتفاع التصنيف الائتماني لإحدى شركات التصنيف العالميَّة بالنسبة لسندات صادرة عن دولة معيَّنة بتأثير بيان انخفاض مُعدَّل دوران السند رغم وقوع شركة التصنيف بخطأ سهو واضح، فهنا المستشار قد قام بنقل معلومة غير الصحيحة من شركة التصنيف الائتماني إلى العميل، حيث أنَّ بيان انخفاض مُعدَّل دوران السند يعني انخفاض تداوله بين المستثمرين ما يوحي بركوده وضعف جاذبيَّته، وهذا البيان قد عالجته شركة التصنيف بشكلٍ خاطئٍ لتخرج بمعلومةٍ خاطئةٍ وهي ارتفاع التصنيف الائتماني للسند، بدل خفض هذا التصنيف، وبعدها قام المستشار المالي بنقل هذه المعلومة الخاطئة لعميله.

أمَّا “إعطاء البيانات الـمُضلِّلة”“Misleading Data Offering – Offre de Données Trompeuse” فيعني تقديم بيانٍ يوحي بغير الواقع؛ فهو ببساطة تحريض العميل باستخدام البيانات الـمُجرَّدة لاتِّخاذ قرارٍ خاطئٍ؛ أي محاولة إقناع العميل بأنَّ البيانات الـمُقدَّمة هامَّةٌ تستحقُّ أن يتَّخذ قراره الاستثماري بناءً عليها في اتِّجاهٍ معيَّنٍ خاطئٍ، رغم أنَّها -في الواقع- بياناتٌ صادرةٌ عن مصدرٍ غير موثوقٍ يُريدُ منها توجيه المستثمرين نحو اتِّجاهٍ تداوليٍّ خاطئٍ.

فقد يُصدر أحد البنوك بياناتٍ ماليَّةٍ ربع سنويةٍ بعناوينٍ قد ركَّزت على مدى ربحيَّة دوران رأس المال لديه دون أن يتعرَّض لكميَّة التدفُّقات النقديَّة المودعة لديه كودائعٍ جديدةٍ، فهنا يظهر هذا البنك على أنَّه بنكٌ رابحٌ لأنَّه قد حصَّل عدَّة قروضٍ ومديونياتٍ قديمةٍ، رغم أنَّ المودعين في الحقيقة ممتنعين عن إيداع أموالهم النقديَّة فيه، وأنَّه في حالة نقص سيولة وعلى حافِّة الإفلاس، وكانت هذه الوضعيَّة ستنكشف إن قام بالإفصاح عن تدفُّقاته النقديَّة.

كما قد تُضلِّل التفاصيل الماليَّة الزائدة قارئ البيانات الماليَّة غير المعالَجة من المستشار المالي[38]، ولذلك يستطيع المستشار تضليل عميله عبر البيانات التي تركِّز على تفاصيلٍ ماليَّةٍ لا تعطي دلالاتٍ ماليَّةٍ واضحةٍ؛ مثل إعطاء إشارةٍ مبالغٍ بها إلى إقالة خمسة عمَّالٍ من مصنع إحدى الشركات، مع أنَّ هذه الشركة تُشغِّلُ آلاف العمَّال، فلا تعطي إقالة عددٍ قليلٍ منهم دلالةً ماليَّةً تُذكر.

كما قد يتمُّ الإعلان عن البيانات الـمُضلِّلة على لسان رئيس مجلس إدارة الشركة، بغرض جعل المعلومات أكثر أهميَّةً وتصديقاً[39]؛ ما سيرفع من قدرة المستشار على القيام بتضليل عميله بشكلٍ سريعٍ، مؤثِّراً على نفسيَّته وعواطفه، الأمر الذي يُعتبرُ من أهم أسباب اتخاذ قرار استثماري خاطئ[40].

بينما يعني: “إعطاء المعلومات الـمُضلِّلة”“Misleading Information Offering – Offre d’Information Trompeuse” تقديم معالجةٍ خبيثةٍ للبيانات المنشورة بالبورصة، بحيث يتمُّ ربط البيان بالنتيجة بطريقةٍ تحليليَّةٍ أو استنتاجيَّةٍ ظاهرها منطقيٌّ وباطنها تضليليُّ مقصودُ؛ كدفع العميل لبيع الأسهم التي في حوزته بسبب انتشار خبر اقتراض الشركة الـمُصدرة له، رغم أنَّ هذا القرض في الواقع هو قرضٌ استراتيجيٌّ سينقل نشاط الشركة إلى قطاع إنتاجٍ ذو استهلاكيَّةٍ وربحيَّةٍ كبيرةٍ، وكان يُفترض في المستشار أن يُوصي عميله بالاحتفاظ بهذا السهم لأنَّ سعره السوقي قد يتضاعف، وهذا ما يبثُّ في وجدان العميل معالجةً لثوابتٍ وأحداثٍ وأرقامٍ ليست خاطئةً فقط، وإنَّما “مُضلِّلةً”؛ أي قادرةً على توجيه العميل إلى الخسارة شبه الحتميَّة.

وتجب الإشارة إلى أنَّ ممارسة خيانة ثقة العميل من المستشار عبر تضليله قد تكون مباشرةً عبر تقديم بياناتٍ أو معلوماتٍ مُضلِّلةٍ، وقد تكون غير مباشرةٍ عبر تقديم بياناتٍ أو معلوماتٍ خاطئةٍ، ثم ترك العميل حتى يأخذ القرار الضالَّ دون تحريضٍ.

وتأخذ هذه الممارسات صورتها الواقعيَّة في شخص “الوسيط-المتعامل” “Broker-Dealer – Courtier-Concessionnaire”؛ أي الوسيط المالي الـمُرخَّص له بالتداول لحسابه الشخصي إلى جانب حسابات عملائه، بالإضافة إلى الترخيص له بتقديم الاستشارات الماليَّة كما أشارت لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكيَّة في قرارها لعام 2015[41]؛ فيقوم الوسيط-المتعامل بتضليل عملائه بهدف بيعهم ما لا يجد مشترياً له في محفظته الشخصيَّة، وشراء ما لا يجد بائعاً له في هذه المحفظة، ورغم تأكيد الفقه الأمريكي على وقوع اللَّجنة الأمريكيَّة (SEC) بخطأٍ عندما سمحت بازدواج الترخيص كوسيط ومستشار منذ عام 2005[42]، إلاَّ أنَّ شيئاً لم يتغيَّر في هذه المسألة حتى الآن.

ونرى أنَّ التضليل –سواءً عبر البيانات أو المعلومات- يأخذ وصف التدليس؛ فهو عبارة عن تغليط المستشار المالي لعميله عبر دفعه لاتِّخاذ قرارٍ تداوليٍّ خاطئٍ، كما أنَّ التضليل قد يأخذ وصف الغدر إن استغلَّ المستشار وقوع العميل بالضلال، فقام بشراء أوراق العميل أو ببيع الأوراق للعميل بغاية تحقيق مصلحة المستشار الشخصيَّة بالبيع أو الشراء، وقد يأخذ التضليل وصف الغش إن كان في مقابل رشوةٍ تقاضاها المستشار المالي.

ثالثاً: الحظر القانوني لإعطاء البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة

لقد نصَّ الـمشرع المغربي في قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل لعام 2013 على إمكانيَّة تأديب أيِّ شخصٍ يقوم بـ: “إحداث إخلالٍ في سير السوق.. أو تمكين أيٍّ كان من الاستفادة من تصرُّفاتٍ مخالفةٍ للالتزامات المهنيَّة”[43]، فيما قد نصَّ قانون المرشدين في الاستثمار المالي لعام 2016 على واجب المستشار بوضع التدابير الكفيلة بـ: “… احترام مبادئ الإنصاف والشفافيَّة ونزاهة السوق..”[44].

وهذا يعني أنَّ المسؤوليَّة التأديبيَّة وفقاً للمشرع المغربي تشمل ممارسة خيانة العميل عبر تضليله دون تفصيلٍ، وهو ما يشيرُ إلى أنَّ صلاحيَّة الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل في تأديب المستشار تستغرق التسبُّب في تضليل العميل بمختلف صوره وأشكاله القصديَّة وغير القصديَّة؛ لأنَّ “الشفافيَّة” “Transparency – Transparence” المنصوص عليها تستوجب صحِّة البيانات والمعلومات بغضِّ النظر عن وجود قصد المستشار بتضليل عميله، كما أنَّ الخطأ غير المقصود يدخل في مفهوم الإخلال بـ: “الالتزامات المهنيَّة” “Professional Obligations – Obligations Professionnelles”.

وهذا ما يسمح للعميل بإقامة المسؤولية العقديَّة عن خسارته بسبب تضليل المستشار له عن قصد أو عن خطأ، ويُمكن رفع هذا التعويض إلى أعلى من الحدود التي كانت متوقَّعة من المستشار إن أثبت العميل توافر قصد التضليل في المستشار أو وقوعه بخطأ مهني جسيم لا يُغتفر الأمر الذي يعود تقديره للمحكمة وفقاً لقانون الالتزامات والعقود المغربي[45]، وتندرج المساواة بين الخطأ الجسيم وقصد التضليل ضمن إطار تعزيز دور الخطأ في التعويض عن الخطأ العقدي الذي تُطبِّقه القوانين الأوروبية اللاَّتينيَّة بشكلٍ صارمٍ أكثر من القانون الأنجلوساكسوني الـمُطبَّق في الولايات المتحدة الأمريكيَّة[46].

بينما نصَّ قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل عام 2013 على معاقبة: “كل شخص نشر عمداً بين الجمهور بأيَّة طريقة ووسيلة معلومات كاذبة أو مضلِّلة حول آفاق أو وضعيَّة أحد الأشخاص المصدرين للأدوات الماليَّة أو حول آفاق تطوُّر أداة ماليَّة معيَّنة إذا كان من شأنها أن تؤثِّر في الأسعار أو بصفة عامَّة أن توقع الغير في الخطأ“[47]؛ وبالتالي فقد انحصرت إقامة المسؤولية الجزائيَّة في واقعة التضليل العمديَّة أي المدروسة والـمُخطَّط لها دون وجود أيَّة إمكانيَّة لإقامة المسؤوليَّة الجزائيَّة عن التضليل بطريق الخطأ.

بينما نصَّ نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي الإماراتي لعام 2008 على حظر: “تضمين الاستشارات الماليَّة أو تقارير التحليل المالي أيَّ معلوماتٍ أو بياناتٍ غير صحيحةٍ أو مُضلِّلةٍ”[48]، ما يرفع من السلطة التأديبيَّة لهيئة الأوراق الماليَّة والسلع الإماراتيَّة إلى الحدود غير القصديَّة من وقائع تضليل المستشار للعميل؛ لأنَّه قد ساوى بين انعدام الصحَّة في المعلومات أو كونها مُضلِّلة[49].

فالمعلومة غير الصحيحة قد تصل إلى علم المستشار ولا يتأكَّد من صحَّتها، فينقلها لعميله أو يوصي عميله بناءً عليها بالتداول باتِّجاه مُعيَّن، فيضلُّ العميل ويخسر نتيجة خطأٍ مهنيٍّ من مستشاره وليس خيانته قصداً، وقد تحدث هذه الحالة إزاء البيانات أو المعلومات الـمُضلِّلة وإن كان احتمال حدوث ذلك نادراً في الواقع.

وهذا ما يسمح للعميل بإقامة مسؤولية المستشار المدنية العقديَّة عن كلِّ الخسائر التي ترتَّبت عليه بسبب تقديم المستشار لبيانات أو معلومات خاطئة أو مُضلِّلة بغضِّ النظر عن توافر قصد التضليل لدى المستشار من عدمه، كما يمكن للعميل الـمُطالبة بأيَّة أضرارٍ سواءً أكانت متوقَّعةً أم غير متوقَّعة من المستشار حتى في حالة عدم توافر قصد تضليل العميل أو الخطأ الجسيم في المستشار وفقاً لقانون المعاملات المدنيَّة الإماراتي[50].

وبخصوص المسؤوليَّة الجزائيَّة فقد نصَّ قانون هيئة وسوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع رقم 4 لعام 2000، على تجريم: “… تقديم أيَّة بيانات أو تصريحات[51] أو معلومات غير صحيحة من شأنها التأثير على القيمة السوقيَّة للأوراق الماليَّة وعلى قرار المستثمر بالاستثمار أو عدمه”[52]، والمفاجأة أنَّ المشرع الإماراتي هنا لم يشترطْ توفُّر قصد التضليل لمعاقبة الفاعل جزائيَّاً بواقعة تقديم البيانات أو المعلومات غير الصحيحة، وهو تشدُّد كبيرٌ في مكافحة هذا الفعل، حيث أنَّ معاقبة المستشار عن مُجرَّد تقديم البيانات أو المعلومات يعني عدم اشتراط قصد خيانة العميل وليس افتراض هذه الخيانة؛ لأنَّ قرينة البراءة تفرض اعتبار المستشار حسن النيَّة حتى يثبت العكس[53].

إلاَّ أنَّ روح النص الجزائي الإماراتي قد يُشير إلى ضرورة توافر القصد، وأنَّ عدم ذكره بصراحة النص قد كان بسبب ذكر توصيف الممارسة في المادة 36، ثم تجريمها في المادة 40 بعدها؛ ما أسقط اشتراط القصد المتعارف عليه في مثل هذا النوع من الجرائم، ويمكن سوق الدليل على ذلك بأنَّ المادة 16 من نظام الاستشارات الإماراتي ذاته قد ذكر أن سلوك التضليل القابل للتحقيق مع المستشار من الهيئة هو التضليل المقصود، وهو ما ذهب إليه جانب من الفقه العربي[54].

إلاَّ أنَّنا لا نذهب مع هذا الاتِّجاه، فالنظام الإماراتي المذكور قد أضاف إلى حالات التحقيق الممكنة أيضاً جميع مخالفات القانون ومن ضمنها النصوص الـمُجرِّمة للتضليل التي لم تذكرْ أبداً ركن القصد لترتيب العقوبة الجزائيَّة، فالقاضي الجزائي هنا لن يتقيَّد إلاَّ بحرفيَّة النص التي تذكر أركان التجريم بتقديم المعلومات غير الصحيحة؛ وبالتالي يُصبح بإمكانه تجريم المستشار الـمُضلِّل عن غير قصد، حيث أصبحت جريمة التضليل هنا جريمة غير قصديَّة تقوم على أساس ثبوت الخطأ والإهمال فقط.

أمَّا قانون المستشارين الماليِّين الأمريكي لعام 1940 فقد نصَّ في هذا الخصوص على اعتبار فعل المستشار غير قانونيَّاً -سواءً أقام به بشكل مباشرٍ أو غير مباشرٍ- في حالة: “استخدام أيَّة أداة أو مخطَّط أو حيلة بغاية خداع أيِّ عميلٍ قائمٍ أو مُتوقَّعٍ”[55]؛ فتتمحور الأفعال المذكورة حول ممارسة الخداع القصديَّة فقط عبر تضليل العميل بالمعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة.

فـ: “الأداة” “Device – Dispositif” التي قصدها المشرع الأمريكي يقترب معناها من البيان أكثر من المعلومة؛ كون البيان مادة خام صمَّاء تُشبه الأداة الجامدة التي تتحوَّل إلى أداة خداعٍ للعميل عندما تكون خاطئةٍ أو مُضلِّلةٍ، بينما يعني “الـمُخطَّط” “Scheme – Schème” الاستراتيجيَّة المدروسة من المستشار بإحكام بغرض تضليل العميل، وهو ما يُشير إلى البيانات أو المعلومات الـمُضلِّلة دون الخاطئة، كون معنى التخطيط يتلاقى مع التضليل، أمَّا “الحيلة” “”Artifice – Artifice في القانون الأمريكي الأنجول-ساكسوني فهي تأخذ معنى أشبه بالتدليس في القانون اللاَّتيني أي تغليط المستشار للعميل عبر أيَّة وسيلةٍ، وهذا يستغرقُ معنى تضليل العميل مباشرةً عبر الأدوات الـمُضلِّلة أو غير مباشرةٍ عبر الأدوات الخاطئة.

وفي جميع الأحوال، نرى أنَّ وصف “الخداع” “Defraud – Frauder” الذي استخدمه المشرع الأمريكي لا غموض في معناه الدالِّ حصراً على سوء نيَّة المستشار المالي لدى تضليل عميله؛ ما يعني ضرورة توافر قصد تضليل العميل لدى المستشار حتى يُعتبر فعله غير قانونيَّاً.

وهذا ما يعني أنَّ ثبوت قصد تضليل العميل هو شرطٌ أساسيٌّ لقيام المسؤوليَّة التأديبيَّة من لجنة السوق وفقاً لقانون المستشارين الأمريكي، وهو ما شرحه القضاء الأمريكي بـاشتراط توافر: “الحالة الذهنيَّة الـمُتضمِّنة نيَّة الخداع، أو التلاعب، أو الغش” “Mental State Embracing Intent to Deceive, Manipulate, or Defraud” حتى يكون الفعل غير قانوني[56].

وإن كنَّا نرى أنَّ الخطأ المهني الجسيم قد يكون محلاًّ للعقوبات المهنيَّة التي تفرضها نقابة المستشارين الماليين عليهم في حالات الإهمال أو تجاوز القواعد الفنيَّة لهذه المهنة.

بينما قد تقوم المسؤوليَّة المدنيَّة العقديَّة على المستشار المالي في القانون الأمريكي وفقاً لنظريَّة “الخطأ في قانون العقد الأمريكي” “Fault in American Contract Law” التي وجد جانب من الفقه الأمريكي أنَّها تستوعب الأخطاء غير المقصودة، وسوء الأداء المهنيِّ، والظروف غير المتوقَّعة[57]، أمَّا بصدد المسؤوليَّة الجزائيَّة، فقد نصَّ هذا القانون صراحةً على ضرورة قيام الأفعال “بشكل مقصود” “Willfully – Délibérément” حتى يتمَّ تجريم المستشار المالي[58].

وبالنتيجة فإنَّ الاتِّجاه القانوني الأمريكي في اشتراط توفُّر “القصد” لاعتبار فعل المستشار المالي تضليلاً مُؤثَّماً ومُجرَّماً قانوناً لهو الضمانة الأكثر واقعيَّةً وعادلةً حتى يتمَّ إلصاق صفة الخائن بالمستشار المالي، في حين تبقى أخطاء المستشار المهنيَّة غير المقصودة –اليسيرة أو الجسيمة- محلاًّ مُمكناً لمسؤوليَّته المدنيَّة عن الإهمال دون دمجها مع خيانة ثقة العميل بسوء نيَّة.

ويظهر لنا عدم إشارة القوانين السابقة بشكلٍ صريحٍ على قيام المستشار المالي بإخفاء أو كتمان بيانات أو معلومات تُفيد العميل بقصد تضليله، مع أنَّ هذه الواقعة -إن ترافقت مع قصد تضليل العميل بسوء نيَّة من المستشار- فإنَّها تتطابق من حيث خطورتها مع تضليله عبر تقديم البيانات أو المعلومات، وهي الواقعة التي سبق وأن نظرت فيها لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكيَّة (SEC)، حيث أخفى المستشار المالي معلوماتٍ جوهريَّةٍ عن عميله ودفعه للاعتقاد بأنَّه يقوم بتوجيهه بالشكل الأمثل[59].

المطلب الثاني:

تضليل المستشار المالي لعميله عبر البيانات أو المعلومات

في الظروف الاستثنائيَّة

قد تُحيط بخيانة المستشار المالي لعميله ظروفٌ استثنائيَّةٌ تجعل من ممارسة التضليل أشدَّ تأثيراً من تلك التي تتمُّ في الظروف الاعتياديَّة، وتتمثَّل مثل هذه الظروف الاستثنائيَّة بوقوع التضليل في إحدى الحالات الثلاثة التي انفرد نظام الاستشارات الإماراتي بالنص الصريح عليها فيما حاكاها القانون المغربي والأمريكي، وهي: تقديم استشارة أو خدمة ماليَّة خلال مدَّة حظرها أولاً، وتقديم استشارة أو خدمة ماليَّة مع المشاركة بتقديم خدمات إصدار الأوراق الماليَّة ثانياً، وإعطاء نصيحة ماليَّة في الوقت الذي تتعارض فيه مع التحليل المالي ثالثاً.

أولاً: تقديم استشارة أو نصيحة ماليَّة خلال مدَّة حظرها

يُمكننا وضع الحدود التي تميَّز بين مفهومَيْ “الاستشارة” و”النصيحة” بالنسبة للمستشار المالي في أنَّ “الاستشارة الماليَّة” “Financial Consultation – Consultation Financière” هي برأينا عبارة عن: “إبداء رأيٍ غير ملزمٍ بناءً على دراسة احترافيَّة لإمكانيَّات وأهداف العميل فيما يتعلَّق بقرار ٍاستثماريٍّ مُحدِّدٍ”. فهي توجيهٌ مبنيٌّ على دراسة خاصَّة بالعميل[60].

أمَّا “النصيحة الماليَّة” “Financial Advice – Conseil Financier” فهي مفهومٌ عموميٌّ غير مُتخصِّصٍ يشمل: “تقديم النصح لجمهور المستثمرين عبر نشر المعلومات والتحليلات دون طلبٍ من عميلٍ مُحدَّدٍ”، ويشمل كذلك الاستشارة الماليَّة الـمُقدَّمة إل عميلٍ مُحدَّدٍ؛ فالنصيحة هي: “رأيٌ يستند على الخبرة الشخصيَّة، بحيث يُقدَّم لفردٍ أو لمجموعةٍ بهدف تغيير موقفهم أو تعديل سلوكهم”[61].

وبالتالي فإنَّ معنى الاستشارة يحتوي على التحليل الـمُخصَّص الاحترافي، أمَّا النصيحة فهي نتيجةٌ عامَّة لتحليل البيانات التي يتمُّ الإفصاح عنها لحماية مدَّخرات المستثمرين، والتي تساهم بتوفير قاعدةٍ من المعلومات التي تُساعد في صنع القرار الاستثماري[62].

فإن قام المستشار المالي بتقديم “استشارة مُضلِّلة” “”Misleading Consultation – Consultation Trompeuse” أو “نصيحة مُضلِّلة” “Misleading Advice – Conseils Trompeurs”، فنكون مازلنا في فلك التضليل عبر البيانات أو المعلومات في الظروف الاعتياديَّة بمعناها العام.

ولكنَّ تنالُ الأوقات الاستثنائيَّة أحكاماً مختلفة في البورصة؛ نظراً لتأثير الفترات الحرجة على استقرار الأسواق الماليَّة، ومن هنا قد تقوم البورصة بحظر تقديم الاستشارات أو النصائح بشكل عام وإن كانت صحيحةً وصادقةً إلى المستثمرين خلال أوقاتٍ استثنائيَّةٍ مُحدَّدةٍ.

وبناءً عليه، فقد حظر نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي الإماراتي مُنفرداً قيام المستشار خلال مرحلة “إصدار الأوراق الماليَّة” “Securities Issuance – Émission de Titres” بتقديم استشارة ماليَّة خلال مدَّة حظر تقديمها، أو مشاركة الشركة بتقديم الخدمات المتعلِّقة بإصدار الأوراق الماليَّة موضوع الاستشارة.

حيث نصَّ النظام المذكور على حظر: “تقديم استشارة أو نشر تقرير تحليل مالي أو التصريح بوسائل الإعلام المسموعة أو المرئيَّة أو المقروءة أو في أيِّ مكانٍ عامٍّ بشأن ورقة ماليَّة خلال (15) يوم قبل وبعد تاريخ انتهاء مدَّة حظر تداول المؤسِّسين في الشركة المصدرة للورقة الماليَّة[63]، ما لم تطرأ أحداثٌ هامةٌ أو معلوماتٌ جوهريَّةٌ تؤثِّر على المركز المالي للشركة المصدرة وبعد الحصول على الموافقة الخطيَّة لمسئول الرقابة الداخليَّة في الشركة المرخَّصة”[64].

ونعود هنا إلى قانون الشركات الإماراتي رقم 8 لعام 1984 الذي نصَّ على أنَّه: “لا يجوز تداول الأسهم النقديَّة التي يكتتب بها المؤسِّسون او الأسهم العينيَّة قبل نشر الميزانيَّة وحساب الارباح والخسائر عن سنتين ماليَّتين على الأقل من تاريخ اعلان تأسيس الشركة …”[65].

ويبدو أنَّ النصَّ السابق قد شمل بالحظر الاستشارة الـمُقدَّمة للعميل أو النصيحة الـمُعمَّمة للجمهور خلال مدة 15 سابقة ولاحقة لمدَّة حظر المؤسِّسين من تداول الورقة الماليَّة العائدة للشركة المصدرة؛ وهذا بغرض عدم التأثير على قرار المستثمر بشراء الأوراق الماليَّة الجديدة المطروحة عبر الإصدار خلال مدة حسَّاسة تسبق وتتلو وقت الإصدار من ناحية، وبشكلٍ أوسع من المدَّة التي تمَّ حظر تداول المؤسسين فيها لهذه الأوراق من ناحية أخرى.

والحقيقة أنَّ هذه الحالة الاستثنائيَّة من حظر تقديم المستشار للاستشارة لعميله أو النصيحة الماليَّة للجمهور تتعلَّق بشكلٍ واضحٍ بجريمة استغلال المعلومات الداخليَّة في البورصة[66]؛ حيث أنَّ المؤسِّس هو من الأشخاص الـمُطَّلعين على المعلومات الداخليَّة السريَّة والمؤثِّرة على سعر السوق قبل أن يعلمها الجمهور، وهذا ما يُكسبه مركزاً متفوِّقاً قادراً على ضمان تحقيق الربح وانتهاك مبدأ المساواة بين المستثمرين في البورصة، كما يجعل من تداولاته اتِّجاهاً هاماً يُقلِّده الجمهور، وكون الأنظار مُركَّزة على المؤسِّس -ما يُصعِّب عليه استغلال المعلومات التي تقوم عليه قرينة العلم بها-، فيقوم بإفشائها إلى شخص آخر غريب عن الشركة بمُقابل مُعيَّن حتى يقوم الغريب باستغلالها أو بيعها.

ويكون هذا الغريب مستشاراً ماليَّاً على الأغلب، فيقوم هذا المستشار بتقديم استشارات أو نصائح شبه مضمونة النجاح عن الاتِّجاه الذي سيقوم أحد المؤسِّسين باتباعه في البورصة بيعاً أو شراءً، ولذلك فقد قام النظام الإماراتي المذكور بتجميد نشاط المستشار خلال 15 يوم سابقة وتالية لفترة حظر تداول المؤسِّسين؛ بغرض ضمان عدم وجود تأثير للمعلومة خلال الفترة السابقة، وضمان انتهاء أثر أيَّة معلومات داخليَّة وفقدانها لتأثيرها وصيرورتها إلى معلومات غير ذات تأثير خلال الفترة اللاَّحقة.

ويظهر -بما لا يدعُ مجالٍ للشكِّ- بأنَّ قيام المستشار بتوجيه عميله عبر استشارة خاصَّة في ظروف حظر تداول المؤسِّسين هو فعلٌ مقصودٌ، ولكنَّه قد لا يهدف إلى خيانة العميل بل إلى منحه معلومةً سريَّةً تستطيع ضمان تحقيق الربح له، فهو خيانة للبورصة قد تؤدِّي إلى قيام المسؤولية التأديبيَّة والمدنيَّة والجزائيَّة على المستشار تجاه الهيئة والنيابة العامَّة، ولكن إن احتوت هذه “الاستشارة الداخليَّة” –إن صحَّ التعبير- على قصد الإضرار بالعميل، فتقوم هنا المسؤوليَّة المدنيَّة عن تلك الأضرار وإن لم تكنْ متوقَّعةً من المستشار.

بينما يستطيع جمهور المستثمرين أن يقيموا مسؤوليَّة المستشار المدنيَّة التقصيريَّة[67] عن تضليلهم في حال كانت المعلومات المنشورة كنصيحةٍ عامَّةٍ في وسائل الإعلام، والتي تشمل –في جميع الأحوال- ضمن تقدير التعويض الأضرار غير المتوقَّعة من المستشار.

ولكن يوجد مشكلتين في قاعدة حظر تقديم استشارة أو نصيحة ماليَّة خلال مدَّة 15 يوم سابقة ولاحقة لحظر تداول المؤسِّسين، وهما:

-أنَّ مدَّة 15 يوم قليلة لا تكفي لاستباق أثر المعلومات الداخليَّة أو زواله، حيث أنَّ المدَّة المناسبة تتجاوز الشهر.
-أنَّ المؤسِّس قد يقوم بالامتناع عن التداول خلال المدَّة اللَّاحقة حظر تقديم الاستشارات أو النصائح حتى لا يزول الأثر الدافع للمعلومة الخاصَّة باتِّجاه التداول الذي ينوي السير فيه وذلك بالتواطؤ مع المستشار، ثم بعد انتهاء هذه المدَّة –مهما طالت- يبدأ بالتداول بعد أن يقوم المستشار بتسريب المعلومات الداخليَّة، وبهذه الطريقة تفقد هذه القاعدة أيَّ جدوى من وجودها.
ومن هنا، نرى عدم ضرورة وجود حظر تقديم استشارة أو نصيحة ماليَّة خلال مدَّة لاحقة لحظر تداول المؤسسيِّن، فإمَّا أن يتمَّ الاكتفاء بالحظر والتجريم العام لاستغلال المعلومات الداخلية كما قام المشرِّع المغربي[68]، مع تشديد الرقابة على المستشارين خلال الفترات الاستثنائيَّة ومنها الفترات التي تقع في بحر انتهاء حظر تداول المؤسِّسين، أو الحظر الخاص لممارسات الخداع التي قد يستطيع المستشار تنفيذها مستفيداً عبرها من ظروف البورصة الاستثنائيَّة كما فرض المشرع الأمريكي[69].

ثانياً: تقديم استشارة أو خدمة ماليَّة مع المشاركة بتقديم خدمات إصدار الأوراق الماليَّة

عندما يُشارك المستشار المالي بترويج خدمات إصدار الأوراق الماليَّة لأحد مُصدري الأوراق الماليَّة، فهو يستهدف بالدرجة الأولى طبعاً إنجاح هذا الإصدار؛ وبالتالي فقد يُحاول التأثير على المستثمر الذي يستشيرها حتى تدفعه لاتِّخاذ “قرارٍ استثماريٍّ حدسيٍّ” “Intuitive Investment Decision – Décision d’Investissement Intuitive” ومتسرِّع لا يدرس التفاصيل الماليَّة[70].

ولقد كان قرار مجلس إدارة هيئة الأوراق الماليَّة والسلع الإماراتية رقم (48/ر) لسنة 2008 بشأن الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي حريصاً على عدم حصول “تعارض مصالح” “Inflect of Interests – Inflection d’Intérêts” بين مصلحة المستشار المالي عندما يُشارك في تقديم الخدمات المتعلقة بإصدار الأوراق الماليَّة والمتمثِّلة بنجاح هذا الإصدار، ومصلحة عميله في الحصول على استشارة ماليَّة مدروسةٍ ونزيهةٍ تساعده في اِّتخاذ القرار الاستثماري الصائب بغضِّ النظر عن نجاح عملية الإصدار من عدمها، فيما لم ينص القانون المغربي أو الأمريكي على مثل هذا الموقف خلال تنظيم عمل المستشار المالي الذي يشمله الحظر العام لتضليل العميل.

وعلى هذا نصَّ البند 7 من المادة 10 من النظام الإماراتي المذكور على حظر: “تقديم استشارة أو نشر تقرير تحليل مالي أو التصريح بوسائل الإعلام المسموعة أو المرئية أو المقروءة أو في أيِّ مكانٍ عامٍّ بشأن شركةٍ أو ورقةٍ ماليَّةٍ أو أيٍّ من مشتقَّاتها الماليَّة إذا كانت الشركة المرخصَّة تتولى مهمَّة تقديم أيَّة خدمةٍ من الخدمات المتعلِّقة بإصدار هذه الورقة الماليَّة أو أيٍّ من مشتقَّاتها (سواءً بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ) بما في ذلك إدارة الإصدار أو الترويج له أو التعهُّد بتغطيته وذلك خلال مدَّة تقديم الخدمة”.

لقد ذكر النص السابق حالة الاشتراك غير المباشر للمستشار المالي في تقديم الخدمات المتعلقة بإصدار الأوراق الماليَّة عبر جهة تعمل باسمها ولكن لحسابه، بالإضافة للاشتراك المباشر به، واعتبر أنَّ الحالتين موجبتين لحظر تقديم الاستشارة الماليَّة؛ وفي الواقع قد تقوم شركة الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي بالاشتراك غير المباشر بمثل هذه النشاطات بشكلٍ أوسع من مشاركتها المباشرة بها، وذلك رغبةً منها بإظهار نفسها على أنَّها جهة موضوعيَّة مستقلَّة لا مصلحة لها بنجاح عملية الإصدار من عدمها عندما تقوم بإصدار الاستشارة الماليَّة.

ولكنَّ النقطة الحسَّاسة في هذا النص هي أنَّه لم يشترط توافر أيَّ قصدٍ من المستشار حتى يُعتبر أنَّه قد ارتكب ممارسة تخلُّ بمبادئ انعدام تعارض المصالح مع عملائه، بل حظر عليه تقديم النصح أو الإرشاد المالي على الإطلاق في حالة قيام المستشار كشركةٍ مرخَّص لها بالترويج للاكتتاب بالإصدارات الجديدة بهذا النشاط، فهنا لم يربط المنظِّم الإماراتي سوء نيَّة المستشار بتقديم إعلان غير مشروع للإصدار بحظر النصح أو الإرشاد، بل قام بتجميد الترخيص له بنشاط المستشار عند استخدامه للترخيص بالترويج على نفس الورقة الـمُصدرَة؛ أي أنَّه سدَّ الذرائع.

فحتى وإن كان المستشار المالي افتراضيَّاً؛ أي روبوتاً يستخدم معادلات رياضيَّة مُتقدِّمة كالخوارزميَّات في التحليل المالي كما انتشر مؤخَّراً[71]، فإنَّ قيام المستشار الآلي -الذي لا يُمكن افتراض وجود أيَّ قصدٍ لديه لتضليل العميل- بتقديم استشار مع ترويج الإصدار، سيُعتبر ممارسةً غير مشروعةٍ.

وبهذه الطريقة، ستقوم مسؤوليَّة المستشار التأديبيَّة أمام هيئة البورصة عبر مجرَّد تقديم النصح أو الإرشاد مع الترويج، أي أنَّ قرينة قيام المستشار بخيانة عميله تقوم بمجرَّد حصول هذا الازدواج دون وجود حاجة لإثبات توفُّر قصد خداع العميل، أمَّا مسؤوليَّته المدنيَّة العقديَّة فهي مقترنةٌ بوقوع الضرر على العميل بما يشمل الأضرار غير المتوقَّعة من المستشار عند التعاقد؛ لأنَّ قانون المعاملات المدنية الإماراتي لم يُفرِّق بين حسن أو سوء النية في هذه الحالة كما رأينا[72]، ولا بصدد مسؤوليَّته الجزائية التي تقوم بمجرَّد ثبات صفة الخطأ أو التضليل في المعلومات الـمُقدَّمة للعميل دون اشتراط النص الجزائي توافر قصد تضليل العميل كما مرَّ معنا أيضاً[73].

ويبدو أنَّ تبرير هذا الموقف المتشدِّد مع “المستشار المروِّج” للاكتتابات الأوليَّة هو رغبة المشرع والـمُنظِّم الإماراتي في فرض جوٍّ من الانضباط في أجواء الشركات الأجنبيَّة التي تقوم بالإصدار فيما تقوم شركات أجنبيَّة مرتبطة بها بالترويج لهذا الإصدار وتقديم الاستشارات في نفس الوقت.

وهو موقف مشابهٌ للاتِّجاه الذي انتهجته لجنة الأوراق الماليَّة والبورصة الأمريكيَّة تحت مُسمَّى:“تنظيم غير الأمريكي” “Regulate Non-U.S”؛ بغرض فرض أنظمتها على الشركات الأجنبيَّة الممارِسة لأنشطتها في الولايات المتحدة[74]، ولكنَّ المحكمة العليا في الولايات المتحدة قد ألغت هذا الاتِّجاه عبر اجتهادٍ قضائيٍّ عام 2010 بعد أربعين سنةٍ من تطبيق المحاكم لهذا الاتِّجاه[75].

ونظراً لقسوة الموقف التنظيمي الإماراتي المذكور، ولأنَّ الواقع يفرض حالة ازدواج صفتي المستشار والمروِّج كثيراً، فقد ألغتْ هيئة الأوراق والأسواق الماليَّة الإماراتيَّة أيضاً الفقرة 7 من المادة 10 من نظام شركات الاستشارات المالية وذلك بقرارها عام 2016[76]، وتركتْ مكانها شاغراً، رغم أنَّ الواقع ذاته كان يفرض النصَّ على حظر استغلال المستشار لازدواجيَّة الصفة المذكور عبر حصر قيام مسؤوليَّة المستشار في حالة ثبوت قصد خيانة عميله بسوء نيَّة.

وهكذا يبدو أنَّ السعي وراء جذب سيولةٍ فوريَّةٍ لسوق رأس المال عبر الإصدارات الأوليَّة يُثقل كاهل مُنظِّم البورصة، حيث يجد نفسه مُجبراً أمام نقص السيولة المطروحة في السوق إلى تسهيل إجراءات الإصدار من جهة، والتساهل مع الجهات المشتركة فيها وأهمُّها المروِّج من جهة أخرى.

ولكن علينا التأكيد على أنَّ هناك جهات متعدِّدة قد تسعى إلى تنفيذ مخطَّطاتٍ غير مشروعةٍ بالاشتراك مع المستشار المالي لدى إصدار الأوراق الأولي، ولذلك يجب أن يتمَّ حظر التضليل عبر ازدواج صفتَيْ الإرشاد والترويج؛ لأنَّ تعدُّد الجهات المذكورة سيؤدِّي إلى تعقيد ملاحقتها ومواجهتها وإقامة المسؤوليَّات القانونيَّة كافَّة على القيام بها[77].

كما تجب الإشارة إلى أنَّ تعارض صفتَيْ الإرشاد والترويج قد تدفع المروِّج إلى انتحال صفة المستشار المالي بغرض تضليل المستثمرين، وهنا تكون ممارسة التضليل مُضاعفةً؛ فهي تضليل للمستثمرين بغرض شراء ما قد يكون لا قيمة له من جهة، وتضليلٍ لهم عبر خدعهم بصفة المستشار المالي دون وجود ترخيصٍ له بممارسة هذا النشاط من جهة أخرى[78].

ثالثاً: إعطاء نصيحة ماليَّة في الوقت الذي تتعارض فيه مع التحليل المالي

بخصوص “النصيحة الماليَّة” الـمُتعارضة مع تحليلٍ ماليٍّ مُقدَّم من ذات المستشار، فقد انفرد نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي الإماراتي بحظر: “تقديم نصيحة للعميل تُخالف أو تَتعارض مع أيِّ توصياتٍ تضمَّنتها الاستشارة الماليَّة أو تقرير التحليل المالي الصادر عنها”[79]، الفعل الخاضع للحظر العام الواقع على تضليل العميل في القانون المغربي والأمريكي كما مرَّ معنا، والخاضع لوصف: “التناقض” “Inconsistent – Inconsistant” واجب التصحيح وفقاً للقضاء الكندي كما حكم عام 2017[80].

فطالما أنَّ المستشار غير ملزمٍ بتقديم استشارةٍ لاحقةٍ للتداول[81]، فيستطيع إصدار دراساتٍ وتحليلاتٍ ماليَّةٍ في اتِّجاه يظهر منه أنَّ الورقة الماليَّة في وضعٍ سلبيٍّ، ثم يُصدر فجأةً دون أيٍّ تفسيرٍ ماليٍّ منطقيٍّ نصيحةٍ للجمهور -ومن ضمنهم العميل- بشراءِ هذه الورقة، وبعد أن يقود المستشار عميله نحو الخسارة المحتومة لا يكون عليه واجب بتقديم استشارة لاحقة كما يظهر من أعراف مهنة تقديم المشورة.

وفي حال حدوث هذه الواقعة، فإنَّ قرينة خيانة المستشار لعميله تقوم بمجرَّد ثبوت التعارض بين النصيحة والتحليل المالي فينشأ دليل قابل لإثبات العكس على وجود قصد التضليل في المستشار، فهنا تقوم مسؤوليَّة المستشار عن التضليل في القانون الإماراتي تأديبيَّاً بسبب خرق القاعدة المذكورة، ومدنيَّاً في حال ثبوت الإضرار بالعميل[82] وجزائياً لكون الفعل هنا يتمحور حول تقديم معلومات خاطئة[83] دون ضرورة إثبات أيِّ قصد من المستشار.

إلاَّ أنَّ النظام الإماراتي المذكور قد فتح باب إمكانيَّة مخالفة هذه القاعدة عند توفر شرطين، وهما[84]:

كشف المستشار عن سبب الاختلاف أو التعارض بين النصيحة والاستشارة: فعلى شركة التحليل المالي والاستشارات الماليَّة أن تُظهر أنَّ ما انطبع بذهن العميل من استشاراتٍ ماليَّة قديمةٍ لم تعدْ مناسبةً بعد أن تغيَّرت ظروف السوق فجأةً.
مثل حالة إفلاس مفاجئ لإحدى الشركات الـمُحَرِّكَة للطلب على قطاع الاتصالات، فمثل هذا الحدث الجوهريِّ المؤثِّر بالسلب على طلب الأوراق الماليَّة الخاصَّة بشركات الاتصالات؛ بسبب ظهور اعتقاد لدى جمهور المستثمرين بدخول قطاع الاتصالات مع معظم شركاته المدرجة في السوق في نفقٍ مظلمٍ؛ ففي مثل هذه الحالة يستطيع المستشار أن يُبرِّر إعطاءه نصيحةً للعميل بعدم شراء أسهم إحدى شركات الاتصالات بعد أن كانت قد أعطاه استشارة ماليَّة بشراء ذات الأسهم.

وفي الواقع، إنَّ خبرة المستشار المالي قد تمنحه القدرة على تضليل عميله ثم تبرير هذا التعارض بشكلٍ منطقيٍّ.

كشف المستشار عن سبب الاختلاف أو التعارض قبل تقديم النصيحة للعميل: يُظهر هذا الشرط ضرورة توضيح جميع الظروف والأحداث والمعلومات الجوهريَّة التي دفعت المستشار المالي إلى إعطاء نصيحةٍ متعارضةٍ مع استشارة ماليَّة أو تقرير التحليل المالي.
فهذا الشرط يضمن علم العميل بأسباب هذا التغيير الجذريِّ برأي المستشار، ويعطيه الفرصة لأنْ يتَّخذ قراره الاستثماري بشكلٍ مدروسٍ، إمَّا بالاستمرار بالأخذ بالاستشارة السابقة أو بالأخذ بالنصيحة التالية المتعارضة معها.

كما أنَّ هذا الشرط يُلزم المستشار بتوضيح تسلسل الأحداث أو المعلومات الاستثماريَّة، وكيف أنَّ الخدمة الماليَّة السابقة للنصيحة المتعارضة معها لم تعد تدلُّ على التوجُّه الاستثماريِّ الصحيح، ولم تعدْ صالحةً لتوجيه المستثمر إلى القرار الاستثماري الناجح.

وبالتالي، في حال عدم قدرة المستشار المالي على كشف سبب الاختلاف أو التعارض بين النصيحة والاستشارة ولا سبب الاختلاف أو التعارض قبل تقديم النصيحة للعميل أو قدرته على كشف إحدى هذه الأسباب دون الأخرى، تقوم مسؤوليَّة المستشار تأديبيَّاً ومدنيَّاً وجزائيَّاً وفقا للقانون الإماراتي وإن لم يثبتْ توفُّر قصد التضليل بسوء نيَّة في المستشار المالي.

ويبدو أنَّ واقعة التعارض غير المقصود بين النصيحة أو الاستشارة المفاجئة مع التحليل المالي أو الاستشارات القديمة قد أصبحت من الماضي؛ لأنَّ هذا التعارض هو خطأٌ بشريٌّ، ولا يُمكن تصوُّر حدوث هذه المفارقة في ظلِّ تطبيق الأنظمة الإلكترونيَّة الخوارزميَّة في التحليل وتقديم الاستشارات طالما أنَّها تعمل بشكلٍ ذاتيٍّ دون أيِّ تدخُّلٍ بشريٍّ، الأمر الذي سيضمن تحقيق أقصى مصلحة للعميل[85].

الخاتمة

علينا أن نقول في النهاية أنَّ مُجرَّد عمل “التضليل” لهو فعلٌ مدانٌ على الصعيد الأخلاقي والقانوني، فهذا الفعل هو في حقيقة الأمر “خيانة” عندما يقوم به المستشار المالي تجاه عميله الذي وَثَقَ واستجار به حتى يُرشده إلى القرار الاستثماري السليم وفقاً لوضعه، فبدلاً من ذلك قد يقوم المستشار بتضليل عميله سواءً أكان هدفه تحقيق مصالح شخصيَّة أو مصالح جهاتٍ قد قامت بدفعه لتوجيه عميله نحو الخسارة أو حتى بهدف الإضرار المحض بعميله لوجود تنافس بين شركات مرتبطة تعود لهما.

ولكنَّ الإشكاليَّة القانونيَّة في هذا المجال تتلخَّص في مدى اشتراط توافر قصد المستشار تضليل عميله بسوء نيَّة حتى يتمَّ اعتباره خائناً لثقة عميله، أم أنَّ مُجرَّد الخطأ المهني الجسيم من المستشار الذي قد يؤدِّي إلى ضلال عميله هو كافٍ لاعتبار أنَّ المستشار قد ارتكب عملاً كفيلاً بإقامة مسؤوليَّاته القانونيَّة عن خيانة ثقة عميله.

فقد ينظر المشرع من وجهة نظر التشديد في إقامة المسؤوليَّة القانونيَّة على المستشار المالي من باب أنَّ التنظيم القانوني الصارم يدعم تطور سوق رأس المال[86]، بينما قد ينظر إلى هذه المسألة من وجهة نظر مُغايرة ترى أنَّ نموَّ الاقتصاد مرتبطٌ بتحرُّر رأس المال[87]، وهذا هو الـمُنطلق الذي ينطلق من التسهيل حتى يصل إلى التساهل مع المحترفين في أسواق المال ومنهم المستشار المالي.

وبالنسبة للمشرع المغربي، فقد كان واعياً للتفرقة بين مسؤوليَّة المستشار المدنيَّة والجزائيَّة حينما يقوم بتضليل عميله قصداً، وبين وقوع المستشار بخطأٍ مهنيٍّ اعتياديٍّ أو جسيمٍ بخصوص مدى تعويض العميل عن الأضرار المتوقَّعة أو غير المتوقَّعة، إلاَّ أنَّ نصوص قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل لعام 2013 وقانون المرشدين في الاستثمار المالي المغربي لعام 2016 كانت بعيدةً عن التفصيل، فقد تمَّ النصُّ على قواعدٍ وسلوكياتٍ تتعلَّق بالشفافيَّة والمهنيَّة دون النصَّ الصريح على حظر خيانة المستشار المقصودة لعميله في إطار إقامة مسؤوليَّته التأديبيَّة، بينما كان النصُّ الجزائيُّ الـمُجرِّم لهذا الفعل مُحقَّاً بوصفه له بالفعل العمدي.

بينما كانت المشكلة الكبيرة التي لمسناها في عمل المشرع الإماراتي هي المساواة بين الخطأ والقصد عندما تمَّ ذكر المعلومات الخاطئة والمضلِّلة معاً ضمن إطار وروح النص القانوني الخاصِّ بممارسات خيانة المستشار المالي لثقة عميله، وهو ما قد خلط الخطأ اليسير أو الجسيم عبر تقديم البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة مع قصد تضليل العميل عبرها، وقد شمل هذا الموقف التنظيمي حتى قيام المسؤوليَّة الجزائيَّة على المستشار.

وسبب حدوث هذه الحالة بسبب رغبة المشرع الإماراتي بالابتكار والتجديد في موقف التشديد على المستشار؛ فقد تمَّ وضع معاييرٍ مهنيَّةٍ في غاية القسوة بهدف ردع المستشار عن التساهل في حقوق عملائه من جهة، وإقامة أقسى المسؤوليَّات القانونيَّة عليه دون القلق حيال صعوبة إثبات قصد خيانة العميل -الذي يبقى عنصر ذاتي بحاجة إلى دليل على سوء نيَّة المستشار- من جهة ثانية.

بينما دقَّق المشرع الأمريكي في الأوصاف القانونيَّة لمعظم الأفعال التي قد يرتكبها المستشار لدى تضليله العميل، وقد ظهر ذلك من ألفاظ وروح النصوص الخاصَّة بقانون المستشارين الاستثماريين الأمريكي لعام 1940، فالمسؤوليَّات القانونيَّة كافَّة التي قد تقوم على المستشار في هذا القانون مرتبطةٌ بقصد خداع العميل والاحتيال عليه، ما ينفي أيَّة إمكانيَّة لتطبيق مفهوم خيانة العميل -على مستوى التعويض المترتِّب عليها والعقوبة الزاجرة لها- مع الأخطاء غير المقصودة من المستشار بغضِّ النظر عن جسامتها في القانون الأمريكي.

وفي الحقيقة نرى أنَّ سبب وجود الفكر القائل بالمساواة بين الخطأ الجسيم وسوء النيَّة يعود إلى المدرسة القانونيَّة اللَّاتينيَّة التي أوجدت فلسفة الاقتران بين الخطأ مهني الجسيم والغش في كثيرٍ من المواطن القانونيَّة كما في حالة وصول التعويض إلى القدر غير المتوقَّع عند ثبوت أيٍّ منهما، بينما تنظر المدرسة القانونيَّة الأنجلو-ساكسونيَّة إلى هذا الأمر دون مبالغة؛ فهي تُطبِّق مبادئ العدالة أكثر من القانون، ومن هنا لا يُمكن القول وفقاً لفلسفة هذه المدرسة بالمساواة بين فعل مقصود وآخر غير مقصود أبداً.

وكموقف شخصي ختامي، نرى أنَّ التجديد والابتكار في النصِّ القانوني يجب أن يكون مُقيَّداً بالعدالة، وأنَّ التشديد في المسؤولية القانونيَّة يجب أن يكون مترافقاً مع سوء النيَّة؛ فالخيانة لا يُمكن أن تقترن –ولا حتى أن تقترب- من أيِّ نوع من أنواع الخطأ غير المقصود.

* النتائج:

-خيانة المستشار المالي لعميله هو تضليله قصداً بسوء نيَّة مهما كانت الوسيلة الـمُستخدمة لتحقيق ذلك.
-البيانات خامات أولية، أمَّا المعلومات فهي بيانات مُعالجة.
-تقديم البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة قد يكون بقصد تضليل العميل أو بسبب وقوع المستشار بخطأ مهني بسيط أو جسيم في عدم التأكُّد من صحِّتها أو في طريقة تحليله ومعالجته لها.
-المعلومة السريَّة والمؤثِّرة بالأسعار (المعلومة الداخليَّة) في سوق الأوراق الماليَّة قد يتمَّ استغلالها في إطار الاستشارات الماليَّة خاصةً إن كان مَصدرها شخص من مدراء أو مؤسسي الشركات الـمُدرِجة أوراقها في البورصة.
-نشاط الترويج لإصدار الأوراق المالية هو حقلٌ خصبٌ لقيام المستشار المالي بتضليل عملائه.
-تعارض الاستشارات والتحليلات أمر ممكن الحدوث في مجتمع البورصة دون وجود قصد التضليل، لكنَّه يوحي بوجود التضليل بشكل يستدعي التحقيق بالأمر.
-دخول الأساليب الالكترونيَّة في عمل التحليل المالي وتقديم الاستشارات يقي من خيانة العملاء إن تمَّ ضمان التشغيل الذاتي لها دون تدخُّلٍ بشريٍّ.

التوصيات:

-اعتبار تضليل العميل قصداً بسوء نيَّة هو خيانة العميل التي تستحقُّ الحظر وإقامة شتَّى أنواع المسؤوليَّات القانونيَّة، وتعويض العميل عن كامل أضراره الـمُتوقَّعة وغير الـمُتوقَّعة، وفرض عقوبة تأديبيَّة وجزائَّية مُشدَّدة.
-اعتبار الخطأ المهني الجسيم الذي لا يُغتفَر ولا يقوم به أيُّ محترفٍ بنشاط المستشار المالي ممارسةً غير مقبولةً وخطأ يُقيمُ المسؤوليَّة المستشار القانونيَّة التأديبيَّة أمام هيئة البورصة، ويُقيمُ المسؤوليَّة المدنيَّة أمام العميل، دون الجزائيَّة أمام النيابة العامَّة.
-فرض عقوبة تأديبيَّة مُضاعفة على ثبوت قصد خيانة العميل بسوء نيَّة لدى تقديم معلومات مُضلِّلة.
-اعتبار إخفاء أو كتمان البيانات أو المعلومات كفعلٍ مقصودٍ من المستشار مساوياً لتقديم البيانات أو المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة.
-التأكيد على تشديد التعامل مع خيانة الثقة من المستشار في حال كانت الاستشارة الـمُقدَّمة للعميل قانونيَّة، وذلك في حال الترخيص له بتقديم الاستشارات الاستثماريَّة التي تتضمَّن الشقَّ القانونيَّ كما في الولايات المتحدة.
-معاقبة المستشار المالي الذي يقوم بتضليل العميل عن قصد عبر المعلومات الخاطئة أو الـمُضلِّلة بعقوبة الوقف المؤقَّت عن العمل لمدة ستَّة أشهر، وإلغاء الترخيص مع تكرار المخالفة.
-معاقبة المستشار الذي يقوم بتضليل العميل عبر البيانات الخاطئة بعقوبة الوقف المؤقت عن العمل لمدة سنة كاملة كحد أدنى وبإلغاء الترخيص مع تكرار المخالفة؛ خوفاً من تفشِّي ظاهرة الغش المحاسبي في البيانات.
-معاقبة المستشار المالي الذي يقوم بإعطاء البيانات الـمُضلِّلة بقصد تضليل العميل بعقوبة الوقف المؤقت عن العمل لمدة سنتين كاملتين كحدٍّ أدنى، وسحب الترخيص بالعمل في السوق من أيِّ جهةٍ تقوم بهذه الممارسة للمرَّة الثانية.
-النصُّ على وقف المستشار المالي عن العمل لمدة سنةٍ كاملةٍ كحدٍّ أدنى من تاريخ ارتكاب مخالفة تضليل العميل عن قصد عبر إصدار استشارة أو خدمة ماليَّة مع مشاركتها بنشاط إصدار الأوراق الماليَّة موضوع هذه الاستشارة أو الخدمة الماليَّة، وإلغاء ترخيص المستشار مع تكرار المخالفة.
-وجوب الإفصاح الفوري والسريع عن كلِّ مخالفات المستشارين الماليِّين، فمن جهة يُمثِّلُ هذا الإفصاح عقوبة “تشهير” “Aspersion” للشركة المخالفة، ومن جهة أخرى يرتدع باقي المستشارين عن ارتكاب المخالفات. فالسمعة بالنسبة إلى المستشار المالي هي التي تحافظ على العملاء القدامى وتجلب عملاء جدد[88].
-إنشاء لجنة في تدعى “لجنة دراسة توصيات الخدمات الماليَّة الاستشارية”، وتكون مختصَّةً بدراسة تقارير التحليلات الماليَّة والاستشارات والنصائح الماليَّة، وتبدي الرأي في منطقيَّة التوصيات الماليَّة الآتية من الخدمات الماليَّة الصادرة المستشارين الماليين إذا أثارت توصيات هذه الخدمات شكَّ هيئة البورصة من كونها تهدف إلى تضليل العميل.
-إقامة مؤتمر قانوني دولي يختصُّ في مجال “التنظيم التشريعي لعمل المستشارين الماليِّين والاستثماريِّين والقانونيِّين”، ويكون من ضمن أهدافه الاستفادة من تجارب المشرِّعين في هذا المجال، والتعرُّف على آخر الدراسات القانونيَّة بغاية الوصول إلى نصوص تشريعيَّة وتنظيميَّة تتَّصف بالتفصيل والتخصُّص والعدالة.

المراجع

أولاً: المؤلَّفات باللُّغة العربية:

* د. إسماعيل عمر، د. الحميدي نجم، نظم المعلومات الإداريَّة، منشوارت جامعة حلب، كليَّة الاقتصاد، حلب، 2011.

* الحجيلان ناصر، “بين المناصحة والإرشاد”، جريدة الرياض، العدد 15242، الخميس 2 ربيع الاخر 1431هـ – 18 مارس 2010م. أنظر الرابط:

http://www.alriyadh.com/507580 (22-2-2018).

* د. علي سماح حسين، الالتزام بتقديم المشورة في سوق الاوراق المالية, بحث منشور في مجلة المحقق الحلي، بابل، العدد 3، 2016، صصـ 630-668.

* د. السنهوري عبد الرزاق، الوسيط، الجزء الأول، مصادر الالتزام.

* د. الصرايرة إبراهيم صالح، “التنظيم القانوني للتعويض عن الضرر المرتد وفقاً للقانون المدني الأردني”، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان قابوس، المجلد 3، العدد 2، أغسطس 2016.

* د. غزيوي هندة، “تعزيز قرينة البراءة على ضوء تعديل قانون الإجراءات الجزائيَّة رقم 17-07 المؤرَّخ 27 مارس 2017″، مجلة دراسات المحكمة، جامعة عمار ثليجي، الأغواطـ، الجزائر، العدد 63، فيفري 2018، صصـ 228-236.

* د. القوصي همام:

“المفهوم القانوني للمعلومات الداخليَّة في سوق الأوراق الماليَّة –دراسة قانونية مقارنة بين القانون الكويتي والسوري والقانون المقارن-، مجلة الحقوق المحكمة، جامعة الكويت، ، المجلد:37، العدد 4، ديسمبر 2013.

“النظام القانوني لعمليَّات التداول في سوق الأوراق الماليَّة”، رسالة أُعدَّت لنيل درجة الدكتوراه بالحقوق، قسم القانون التجاري، قانون سوق الأوراق الماليَّة، جامعة حلب، الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة، نوقشت عام 2017.

ثانياً: المؤلَّفات باللُّغة الإنكليزيَّة:

* ATANASOV, Vladimir, BLACK, Bernard, CICCOTELLO, Conrad S., GYOSHEV, Stanley B., (2008), “how does law affect finance? an examination of financial tunneling in an emerging market,” University of Texas, McCombs School of Business, research paper No. FIN-04-06, January 2008.

* BEN-SHAHAR Omri, “Fault in American Contract Law”, Michigan Law Review, Vol. 107, June 2009, pp. 1341-1348.

* BLACK Barbara, “Brokers and Advisers-What’s in a Name?”, Fordham Journal of Corporate & Financial Law, Vol. XI, 2005.

* COLLINS, Sue A., KEELER, David J., “analysis of life company financial performance”, the Staple Inn Actuarial Society, UK, 2nd November 1993.

* FEIN Melanie L., “Are Robo-Advisors Fiduciaries?”, Presented at a symposium sponsored by Allianz Global Investors and Smith School of Enterprise and the Environment, University of Oxford, Worcester College, Oxford, England, September 12, 2017.

* KAUFMANN, Roger, GADMER, Andreas, KLETT, Ralf, “introduction to dynamic financial analysis,” Astin Buletin, 2005, available on line at:

http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.70.1576&rep=rep1&type=pdf (26-1-2018).

* LABY Arthur B., “The Extraterritorial Application of U.S. Financial Services Regulation”, SZW / RSDA 2/ 2017. See: https://ssrn.com/abstract=3002679 (26-1-2018).

* NOFSINGER, John R., VARMA, Abhishek, “how analytical is your financial advisor?”, Financial Services Review, Vol. 16, No. 4, 2007, pp. 245–260.

* QUINN, Dennis, (1997), “the correlates of change in international finance regulation”, American Political Science Review, Vol. 91, No. 3, September 1997, pp. 531-551.

* ROBERTS, Harry V., “stock-market “Patterns” and financial analysis: methodological suggestions, the journal of finance”, American Finance Association, Vol. XIV, No 1, March 1959, pp. 1-10.

* SHAFFER Danielle K., “A Compromise – Adding a Knowledge Requirement to Rule 13b2-2 of the Securities Exchange Act of 1934”, Akron Law Review, Vol. 50, Iss. 3, Art. 6, 2017, pp. 575-603.

ثالثاً: المؤلَّفات باللُّغة الفرنسيَّة:

* CHEKKAR, Rahma, “communication financière et analyse de discours: une réflexion méthodologique autour du cas SAINT-GOBAIN”, Congres de L’AFC, 26ème, Lille, 2005, pp. 1-16.

* GENDRON, Corinne, “responsabilité sociale et régulation de l’entreprise mondialisée”, 2004 voir le line:

http://www.erudit.org/revue/ri/2004/v59/n1/009128ar.html.

Hawkins v. McGee, 84 N.H. 114, 146 A. 641 (N.H. 1929).

رابعاً: السوابق القضائيَّة:

1- The USA:

* Robinson v. Merrill Lynch, Pierce Fenner & Smith, Inc., Supra, 337 F. Supp 107 (N.D. Ala. 1971).

* Caravan Mobile Horne Sales, Inc. v. Lehman Bros. Kuhn Loeb, Inc., supra 769 F.2d 561,567 99ty Cir. 1985).

* Elliott Assoc. v. Porsche Automobil Hldg. SE, 759 F.Supp. 2d 469, 474 (S.D.N.Y. 2010).

* SEC v. Todd, 642 F.3d 1207, 1215 (9th Cir. 2011).

* The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Frank Bluestein, Administrative Proceeding, Initial Decision, Release No. 860, File No. 3-15317, Jul. 12 2013.

* The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Michael A. Horowitz, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, File No. 3-15790, event 54, Aug. 22 2014.

* The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Michael A. Horowitz, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, File No. 3-15790, event 64, Nov. 3 2014.

* The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Total Wealth Management, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, Release No. 860, File No. 3-15842, August 17, 2015.

2- Canada:

The Securities Legislation of Ontario, Angellist, LLC, ets. Matter, March 27, 2017. See:

file:///documents/en/Securities/ord_20170328_angellist.pdf.

تمَّ بعون وفضل الله

***

**

*

* دكتور في القانون التجاري، تخصُّص: قانون وتنظيم سوق الأوراق الماليَّة، خريج :كلية الحقوق، جامعة حلب، الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة، خبير معتمد لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA)، ومركز الإسكندرية الدولي للتحكيم والاستشارات (AICAC)، عضو الهيئة العلميَّة لدى مركز المنارة للدراسات القانونية، الرباط، المغرب، ومجلة الإرشاد القانوني، مركز العلوم القانونيَّة، مراكش، المغرب، ومنتدى العلوم القانونيَّة، الرباط، المغرب، مُراجع (محكِّم مُعتمد) لدى منصَّة المجلاَّت العلميَّة الجزائريَّة (ASJP)، عضو الهيئة العلميَّة لدى مجلَّة العلوم القانونيَّة والسياسيَّة، كلية الحقوق، جامعة الشهيد حمه لخضر، الوادي، الجزائر، ومجلَّة العلوم القانونيَّة والسياسيَّة، كلية الحقوق، جامعة عمار ثليجي، الأغواط، الجزائر، ومجلَّة الاقتصاد والماليَّة، كلية الاقتصاد، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، الجزائر، ومجلة اقتصاديَّات شمال إفريقيا، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، الجزائر، مُسجَّل لدى موسوعة البحث العلمي الأمريكيَّة (EBSCO)، وعلى صفحة الباحث العلمي في مُحرِّك البحث Google-Scholar بأبحاث مترجمة له إلى اللُّغة الإنكليزيَّة.

* Doctor of Trading Law, Specialized in the Exchange Law, from Aleppo University, Syrian Arab Republic, Certified Expert at the Cairo Regional Center for International Commercial Arbitration (CRCICA), & the Alexandria Center for International Arbitration & Consultation (AICAC), Reviewer at Al Manarah Research Center, Al Rabat, Morocco, & Al Irshad Journal, the Moroccan Law Center, Marrakesh, Morocco, & Forum of Legal Sciences, Rabat, Morocco,

Reviewer at the Algerian Scientific Journals Platform (ASJP), Member of the Scientific Committee of the Journal of Legal & Political Sciences, Faculty of Law, Al-Shaheed Hama Lakhdar University, & Al-Wadi, Algeria, Journal of Legal and Political Sciences, Faculty of Law, Ammar Thaliji University, Laghouat, Algeria, & Journal of the Economics of North Africa, Faculty of Law, University of Ammar Thelegi, Laghouat, University of Hasiba Ben Bouali, Chlef, Algeria, & Journal of Economics and Finance, Faculty of Economic and Commercial Sciences and Management Sciences, University of Hassiba Ben Bouali, Chlef, Algeria, Registered at the American scientific research (EBSCO), & the Google Scholar’s research page.

[1] المادة 60 من قانون بورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي الصادر بالظهير الشريف 1.16.151 بتنفيذ القانون 19.14 بتاريخ 25 أغسطس 2016.

[2] المادة 1، من نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي الصادر بقرار مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية، رقم (48/ر) لعام 2008 الصادر بمقتضى القانون الاتحادي الإماراتي رقم (4) لسنة 2000م في شأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع الصادر بتاريخ 29 يناير 2000.

[3] لقد اهتمَّ القضاء الأمريكي بضرورة دقَّة وشفافيَّة النصيحة القانونيَّة بشكلٍ خاصٍّ بسبب مساسها بالعدالة، ذلك المبدأ الأساسي في تنفيذ القانون الأنجلو-ساكسوني. أنظر المنازعة القضائية بين لجنة البورصة والأوراق الماليَّة الأمريكيَّة (SEC) مع شركة استشارات تُقدِّم النصائح القانونيَّة لعملائها عام 2014:

The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Michael A. Horowitz, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, File No. 3-15790, event 54, Aug. 22 2014, page 14.

[4] أنظر في قانون المستشارين الاستثماريين الأمريكي:

Section. 202. (a) (11), the USA Investment Advisers act of 1940, as amended through P.L. 112-90, approved January 3, 2012.

[5] Section. 202. (a) (16), the USA Investment Advisers act of 1940.

[6] Harry V. ROBERTS, “stock-market “Patterns” and financial analysis: methodological suggestions, the journal of finance”, American Finance Association, Vol. XIV, No 1, March 1959, pp. 1-10, page 1.

[7] Op. cit., page 10.

[8] Dennis QUINN, “the correlates of change in international finance regulation”, American Political Science Review, Vol. 91, No. 3, September 1997, pp. 531-551, page 531.

[9] Roger KAUFMANN, Andreas GADMER, Ralf KLETT, “introduction to dynamic financial analysis,” Astin Buletin, 2005, page 1. See :

http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.70.1576&rep=rep1&type=pdf (26-1-2018).

[10] د. سماح حسين علي، “الالتزام بتقديم المشورة في سوق الاوراق المالية”، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي، بابل، العدد 3، 2016، صصـ 630-668، الصفحة 630.

[11] المادة 1 من الظهير الشريف رقم 1.13.21 الصادر في فاتح جمادى الأول 1434 (13 مارس 2013) بتنفيذ قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل رقم 43.12 لعام 2013، المادة 100 من قانون بورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي العام 2016.

[12] المادة 2 من القانون الاتحادي الإماراتي رقم (4) لسنة 2000م في شأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع الصادر بتاريخ 29 يناير 2000.

[13] The USA Securities & Exchange act of 1934.

[14] المادة 8، قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل لعام 2013، المادة 101، قانون بورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي العام 2016، وحول المجلس التأديبي الخاص بالهيئة المغربيَّة، أنظر المادة 19 من قانونها.

[15] المادة 40 من قانون هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع الصادر بتاريخ 29 يناير 2000، والمادة 17، من نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي الصادر بقرار مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية، رقم (48/ر) لعام 2008.

[16] Section 209. (e), the USA Investment Advisers act of 1940.

[17] د. سماح حسين علي، مرجع سابق، الصفحة 648.

[18] نصَّت المادة 264 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الصادر وفقاً لظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) على أنَّ: “الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقيَّة وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرةً عن عدم الوفاء بالالتزام”.

[19] نصَّت المادة 386 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي الإماراتي الصادر بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 م على أنَّه: “إذا استحال على المدين أن يُنفِّذ الالتزام عيناً حُكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه”.

[20] لا يوجد في الولايات المتحدة الأمريكيَّة قانون اتِّحادي واحد للعقود، وإنَّما يوجد قوانين متفرِّقة في كلِّ ولايةٍ:

https://en.wikipedia.org/wiki/United_States_contract_law#Misrepresentation (19-2-2018)

ولكن يظهر من السوابق القضائيَّة الأمريكية أنَّ القضاء في هذه الدولة قد اتَّجه نحو تعويض المتعاقد المتضرِّر من أخطاء الطرف الآخر على أساس مبدأ “المنفعة الآتية من الصفقة” “Benefit of the Bargain” أي أنَّ الإخلال بالالتزام بعقدٍ معيَّنٍ يوجب على المتعاقد الـمُخلِّ أن يُعوِّضَ المتعاقد الآخر بالقدر الذي يساوي المنافع التي وعد بها ولم يُحقِّقها له أو فوَّتها عليه:

Hawkins v. McGee, 84 N.H. 114, 146 A. 641 (N.H. 1929).

[21] د. إبراهيم صالح الصرايرة، “التنظيم القانوني للتعويض عن الضرر المرتد وفقاً للقانون المدني الأردني”، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان قابوس، المجلد 3، العدد 2، أغسطس 2016، الصفحة 309.

[22] يُستفادُ ذلك من نص المادة 264 من قانون الالتزامات والعقود المغربي التي نصَّت على أنَّه: “..تقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة، التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفيَّة مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه“.

[23] لم يُفرِّق قانون المعاملات المدنيَّة الاتحادي الإماراتي رقم 5 لعام 1985 والمعدَّل بالقانون رقم 1 لعام 1987 بين حالة الغش أو التدليس أو حسن النية عند تقدير التعويض في المسؤولية العقدية، حيث نصَّت المادة 289 من هذا القانون على أنَّه: “إذا لم يكن التعويض مقدراً في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه”.

[24] لا يوجد في الولايات المتحدة الأمريكيَّة ما يُشير إلى اتِّجاه القضاء في أيَّة ولايةٍ إلى التفريق في التعويض التعاقدي بين حالة سوء النيَّة أو حسن النيَّة، فالمتعاقد يجب أن يُعوِّض المتعاقد الآخر عن أيَّة أضرار يُسبِّبها له بسبب إخلاله بالتزاماته التعاقديَّة بغض النظر عن قصده. أنظر:

United States Naval Institute v. Charter Communications, Inc., 936 F.2d 692 (Second Cir. 1991).

[25] د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، الجزء الأول، مصادر الالتزام، الصفحة 644.

[26] المادة 26 من الظهير المغربي الشريف رقم 212-93-1 الصادر في 4 ربيع الآخر 1414 الموافق لـ 21 سبتمبر 1993، الخاصِّ بإصدار يتعلق بمجلس القيم المنقولة المغربي.

[27] المادة 16، ثانياً، نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي الصادر بقرار مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية، لعام 2008، والمادة 36 من القانون الاتحادي الإماراتي رقم (4) لسنة 2000م في شأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع.

[28] Section 217, the USA Investment Advisers act of 1940.

[29] مثل تقاضي رشوة من إحدى الشركات في مقابل قيام المستشار المالي بإصدار استشاراتٍ إيجابيَّةٍ لعملائه.

[30] مثل دفع المستشار المالي عميله للشراء من أجل تصريف المستشار لما لديه من أوراقٍ لا يجد مَنْ يشتريها.

[31] أي تغليط العميل؛ مثل تضليل المستشار المالي لعميله عبر إيهامه بمدلول بعض البيانات الماليَّة على أنَّها إيجابيَّة في حين أنَّها تكون سلبيَّةً في الواقع.

[32] وقد أطلق الفقه الأمريكي على الجهة التي تقوم بانتهاك قانون البورصة مع توافر قصد التضليل لديها تسمية: “النجَّار” “”Scienter. أنظر:

Danielle K. SHAFFER, “A Compromise – Adding a Knowledge Requirement to Rule 13b2-2 of the Securities Exchange Act of 1934”, Akron Law Review, Vol. 50, Iss. 3, Art. 6, 2017, pp. 575-603, page 603.

[33] Roger KAUFMANN, Andreas GADMER, Ralf KLETT, op. cit., page 4.

[34] د. همام القوصي، “النظام القانوني لعمليَّات التداول في سوق الأوراق الماليَّة”، رسالة أُعدَّت لنيل درجة الدكتوراه بالحقوق، قسم القانون التجاري، قانون سوق الأوراق الماليَّة، جامعة حلب، الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة، نوقشت عام 2017، الصفحة 160.

[35] د. عمر إسماعيل، د. نجم الحميدي، نظم المعلومات الإداريَّة، منشورات جامعة حلب، كليَّة الاقتصاد، حلب، 2011، الصفحتين 16 و17.

[36] مصدر الصورة: https://kuwait10.net/2010/04/08/data-information-knowledge/ (20-2-2018).

[37] ويُساعدُ عدم التزام الشركات بقواعد الإفصاح والشفافيَّة والمساواة بين المساهمين بالحصول على المعلومة في إنجاح ممارسة إعطاء المعلومات غير الصحيحة أو الـمُضلِّلة؛ لأنَّ “إخفاء الحقيقة يُسهِّلُ مهمَّة تشويهها” برأينا، وبالتالي فإنَّ الشركات التي تخالف أحكام الإفصاح في السوق خدمةً لمصلحتها قد تُفاجأ بسيل من المعلومات والأحداث الـمُخْتَلَقَة التي قد تسيءُ إلى سمعتها، وقد تظهر مركزها المالي بغير حقيقته، وهو ما يضرُّ في النهاية بمصلحتها. أنظر:

Rahma CHEKKAR, “communication financière et analyse de discours: une réflexion méthodologique autour du cas SAINT-GOBAIN”, Congres de L’AFC, 26ème, Lille, 2005, pp. 1-16, page 1.

[38] Sue A. COLLINS, David J. KEELER, “analysis of life company financial performance”, the Staple Inn Actuarial Society, UK, 2nd November 1993, page 31.

[39] Rahma CHEKKAR, op. cit., page 5.

[40] John R NOFSINGER, Abhishek VARMA, “how analytical is your financial advisor?”, Financial Services Review, Vol. 16, No. 4, 2007, pp. 245–260, page 245.

[41] The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Total Wealth Management, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, Release No. 860, File No. 3-15842, August 17, 2015, page 2.

[42] Barbara BLACK, “Brokers and Advisers-What’s in a Name?”, Fordham Journal of Corporate & Financial Law, Vol. XI, 2005, page 56.

[43] المادة 9، قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل لعام 2013.

[44] المادة 84، قانون المرشدين في الاستثمار المالي المغربي لعام 2016.

[45] المادة 264، قانون الالتزامات والعقود المغربي لعام 1913.

[46] Omri BEN-SHAHAR, “Fault in American Contract Law”, Michigan Law Review, Vol. 107, June 2009, pp. 1341-1348, page 1343.

[47] المادة 44، قانون الهيئة المغربيَّة لسوق الرساميل لعام 2013.

[48] المادة 10\2، نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي في سوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع لعام 2008.

[49] وهذا الموقف ليس موقف التشريع والأنظمة الإماراتيَّة وحدها، فالقضاء الكندي قد أشار إلى أنَّه على المستشار أن يُصحِّح توصيته الـمُقدَّمة للعميل إن كانت “خاطئة أو متناقضة أو مُضلِّلة” “Incomplete, Inconsistent or Misleading”، وهو ما يُساوي بين قصد التضليل وعدمه. أنظر السابقة القضائية الكنديَّة:

The Securities Legislation of Ontario, Angellist, LLC, ets. Matter, March 27, 2017. See:

file:///documents/en/Securities/ord_20170328_angellist.pdf.

[50] المادة 289، قانون المعاملات المدنيَّة الاتحادي الإماراتي لعام 1985.

[51] تحمل التصريحات معنى البيانات، وقد ثمَّ ذكرها صراحةً هنا نظراً لأهميَّة التصريحات الصحفيَّة وحساسيَّتها على سعر السوق.

[52] المادة 36، قانون هيئة وسوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع رقم 4 لعام 2000، وقد وقع تجريم هذه الأفعال عبر المادة 41 من ذات القانون.

[53] وقد سارت قوانين الإجراءات الجزائية في اتِّجاه تعزيز قرينة البراءة في الجزائر. أنظر: د. هندة غزيوي، “تعزيز قرينة البراءة على ضوء تعديل قانون الإجراءات الجزائيَّة رقم 17-07 المؤرَّخ 27 مارس 2017″، مجلة دراسات المحكمة، جامعة عمار ثليجي، الأغواطـ، الجزائر، العدد 63، فيفري 2018، صصـ 228-236.

[54] د. سماح حسين علي، مرجع سابق، الصفحة 657.

[55] Section 206 (1), the USA Investment Advisers act of 1940.

[56] SEC v. Todd, 642 F.3d 1207, 1215 (9th Cir. 2011). See: Danielle K. SHAFFER, op. cit., page 577.

وهذا الموقف قد نشأ في الثقافة التنظيميَّة الأمريكيَّة، وما زال يتوطَّد حتى في القواعد الحديثة، فبخصوص ممارسة إصدار البيانات المحاسبيَّة الخاطئة للشركات -التي يقوم التحليل المالي الأساسي على دراستها-، وهو المحظور وفقاً لقانون الأوراق الماليَّة والبورصة الأمريكي لعام 1934. أنظر:

Section 13 (b) 2-2, the USA Securities & Exchange Act, of 1934, as amended Through P.L. 112-158, Approved August 10, 2012.

فقد ألحقتها لجنة الأوراق الماليَّة والبورصة (SEC) بعلم المحاسب بأنَّ هذا الخطأ سيؤدِّي إلى التضليل أو أنَّ الظروف المحيطة بالواقعة كانت تشير إلى أنَّه كان لا بدَّ يعلم بذلك. أنظر:

The USA Securities & Exchange Commission (SEC) Release No. 34-47890.

[57] Omri BEN-SHAHAR, op. cit., page 1342.

[58] Section 217, the USA Investment Advisers act of 1940.

[59] The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Total Wealth Management, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, Release No. 860, File No. 3-15842, August 17, 2015, page 16.

[60] د. سماح حسين علي، مرجع سابق، الصفحة 633.

[61] ناصر الحجيلان، “بين المناصحة والإرشاد”، جريدة الرياض، العدد 15242، الخميس 2 ربيع الاخر 1431هـ – 18 مارس 2010م. أنظر الرابط: http://www.alriyadh.com/507580(22-2-2018) .

[62] Rahma CHEKKAR, op. cit., page 13.

[63] نصَّت المادة 11 من قرار مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية رقم (48/ر) لسنة 2008 بشأن الاستشارات المالية والتحليل المالي على أنَّ حظر تداول المؤسسين للأوراق المالية العائدة للشركة الـمُصدرة يسري على أعضاء مجلس إدارة الشركة المرخصة ومديرها العام أو مديرها التنفيذي والعاملين فيها وأزواجهم وأولادهم القصر.

[64] المادة 10\6، نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي في سوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع لعام 2008.

[65] المادة 173، قانون الشركات الإماراتي رقم 8 لعام 1984.

[66] أنظر حول هذه الممارسة: د. همام القوصي، “المفهوم القانوني للمعلومات الداخليَّة في سوق الأوراق الماليَّة –دراسة قانونية مقارنة بين القانون الكويتي والسوري والقانون المقارن-، مجلة الحقوق المحكمة، جامعة الكويت، ، المجلد:37، العدد 4، ديسمبر 2013.

[67] د. سماح حسين علي، مرجع سابق، الصفحة 653.

[68] المادة 25 من الظهير المغربي الشريف رقم 212-93-1 الصادر في 4 ربيع الآخر 1414 الموافق لـ 21 سبتمبر 1993، الخاصِّ بإصدار يتعلق بمجلس القيم المنقولة المغربي.

[69] Section 206 (4), the USA Investment Advisers act of 1940.

[70] John R NOFSINGER, op. cit., page 247.

[71] Melanie L. FEIN, “Are Robo-Advisors Fiduciaries?”, Presented at a symposium sponsored by Allianz Global Investors and Smith School of Enterprise and the Environment, University of Oxford, Worcester College, Oxford, England, September 12, 2017, page 2.

[72] لم يُفرِّق قانون المعاملات المدنيَّة الاتحادي الإماراتي رقم 5 لعام 1985 والمعدَّل بالقانون رقم 1 لعام 1987 بين حالة الغش أو التدليس أو حسن النية عند تقدير التعويض في المسؤولية العقدية، حيث نصَّت المادة 289 من هذا القانون على أنَّه: “إذا لم يكن التعويض مقدراً في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه”.

[73] المادة 41، قانون هيئة وسوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع رقم 4 لعام 2000.

[74] Arthur B. LABY, “The Extraterritorial Application of U.S. Financial Services Regulation”, SZW / RSDA 2/ 2017, page 2. See: https://ssrn.com/abstract=3002679 (26-1-2018).

[75] Elliott Assoc. v. Porsche Automobil Hldg. SE, 759 F.Supp. 2d 469, 474 (S.D.N.Y. 2010). See: Arthur B. LABY, op. cit., page 4, margin 9.

[76] قرار رئيس مجلس إدارة هيئة وسوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع رقم (13/ر.م) لسنة 2016.

[77] Corinne GENDRON, “responsabilité sociale et régulation de l’entreprise mondialisée”, 2004, section. 48. Voir le line: http://www.erudit.org/revue/ri/2004/v59/n1/009128ar.html (26-2-2018).

[78] د. سماح حسين علي، مرجع سابق، الصفحة 639، وأكثر مَن يقوم بممارسة انتحال صفة المستشار المالي الـمُرخَّص هو مواقع الإنترنت. أنظر في سابقة مشابهة نُشرت أمام القضاء الأمريكي عام 2013:

The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Frank Bluestein, Administrative Proceeding, Initial Decision, Release No. 860, File No. 3-15317, Jul. 12 2013, page 87.

[79] المادة 10\1، نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي في سوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع لعام 2008.

[80] The Securities Legislation of Ontario, Angellist, LLC, ets. Matter, March 27, 2017.

[81] وقد استقرَّ اجتهاد المحاكم الأمريكيَّة على هذا الأمر منذ السبعينيَّات. أنظر:

Robinson v. Merrill Lynch, Pierce Fenner & Smith, Inc., Supra, 337 F. Supp 107 (N.D. Ala. 1971), Caravan Mobile Horne Sales, Inc. v. Lehman Bros. Kuhn Loeb, Inc., supra 769 F.2d 561,567 99ty Cir. 1985), in: The USA Securities & Exchange Commission (SEC) vs. Michael A. Horowitz, Inc., ets, Administrative Proceeding, Initial Decision, File No. 3-15790, Nov. 3 2014, page 66.

[82] لم يُفرِّق قانون المعاملات المدنيَّة الاتحادي الإماراتي رقم 5 لعام 1985 والمعدَّل بالقانون رقم 1 لعام 1987 بين حالة الغش أو التدليس أو حسن النية عند تقدير التعويض في المسؤولية العقدية، حيث نصَّت المادة 289 من هذا القانون على أنَّه: “إذا لم يكن التعويض مقدراً في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه”.

[83] المادة 41، قانون هيئة وسوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع رقم 4 لعام 2000.

[84] جاء نص النظام الإماراتي على حظر هذه الممارسة: ” ما لم تكشف الشركة المرخَّصة (المستشار) عن أسباب هذا التعارض وذلك قبل تقديم النصيحة للعميل”. أنظر: المادة 10\1، نظام الاستشارات الماليَّة والتحليل المالي في سوق الإمارات للأوراق الماليَّة والسلع لعام 2008.

[85] Melanie L. FEIN, op. cit., page 7.

[86] Vladimir ATANASOV, Bernard BLACK, Conrad S. CICCOTELLO, Stanley B. GYOSHEV, “how does law affect finance? an examination of financial tunneling in an emerging market,” University of Texas, McCombs School of Business, research paper No. FIN-04-06, January 2008, page 38.

[87] Dennis QUINN, op. cit., page 541.

[88] John R.NOFSINGER, Abhishek VARMA, op. cit., page 259.

إغلاق