دراسات قانونية

المنازعات الانتخابية بين النص واجتهادات القاضي (بحث قانوني)

اعداد :
عمرو عبد السميع
طالب باحث في سلك الماستر
ماستر القانون العام الداخلي وانتاج القواعد القانونية
كلية الحقوق بوجدة

تحت إشراف الأستاذة :
د. نعمية البالي

لائحــة المختصرات

صـــــ صفحة
فــــــــ فصل
فــــــق فقرة
ع عدد
ق. ت قانون تنظيمي
ج. ر جريدة رسمية
ق. م. م قانون المسطرة المدنية
ق. ل. ع قانون الالتزامات والعقود
م. د المجلس الدستوري
م. س مرجع سابق
م. إ منازعة انتخابية
و. ب وضعية برلمانية
م. م. إ. م. ت المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية

 

 

مقدمة

تعتبر الديمقراطية من أهم أسس ومقومات الدول المعاصرة والمعيار الأساس الذي بموجبه يتم ترتيبها في سلم البلدان الرائدة في مجال احترام الحقوق والحريات وكفالة تمتع المواطنين بها على قدم المساواة في اطار دولة الحق والقانون، والتنزيل السليم لهذه المقتضيات لن يتأتى إلا بالتنصيص عليها في أسمى وثيقة قانونية لدى كل بلد وهي الدستور، ثم القوانين التنظيمية وباقي الوثائق والنصوص القانونية التي تضمن الممارسة الفعلية لهذه الحقوق والحريات على أرض الواقع، وهي إجراءات تَتبعها جل الدول الديمقراطية وان كانت تختلف من دولة الى أخرى.
وتُعَرَّف الديمقراطية بأنها حكم الشعب نفسه بنفسه، ولما أضحت المجتمعات مرتفعة العدد من حيث السكان، وهو أمر لا محال يستحيل معه تطبيق الديمقراطية على الوجه الذي ذكرنا، كان لا بد من التفكير في أنجع الطرق لتفعيل مقتضياتها، فتم الاهتداء الى الديمقراطية التمثيلية كبديل لنظيرتها المباشرة.

وتنبني الديمقراطية التمثيلية على اعتماد أسلوب يسمح بالمشاركة عبر اختيار ممثلين للقيام بممارسة السلطة باسم أفراد المجتمع ولصالحهم[1]، وبموجبها يتم اعتماد نظام واضح المعالم يقوم على أساس عملية تتحدد بموجب قواعد واضحة تمكن الجميع من الوصول الى السلطة بشكل ديمقراطي، يتمثل هذا النظام في الانتخابات التي تمثل وسيلة بمقتضاها يقوم أفراد المجتمع باختيار ممثليهم في مختلف هيئات الحكم محليا ووطنيا، بعيدا عن كل أشكال الضغط والإكراه، وهو الآلية التي يتحقق بواسطتها “حكم الشعب”، أو على الأصح “حكم أغلبية الشعب”، والأداة التي تعطي للديمقراطية مضمونها وبعدها السياسي وتنقلها من مجرد شعار فارغ الى واقع ملموس.[2] ويتم التمييز في الانتخاب بين عدة أشكال وأنواع منها ما هو مرتبط بالزاوية التي ينظر منها إليه[3]، وما له علاقة بالأهمية التاريخية لكل شكل[4].

ويقصد بالانتخاب لغة: يقال انتخب فلانا: صوت لصالحه, اختاره بإعطائه صوته في الانتخاب, والانتخاب الاقتراع الاختيار والانتقاد أيضا[5].

ويمكن تعريف الاقتراع اصطلاحا بأنه: أن يدلي المواطن (الناخب) بصوته في انتخاب أو تصويت ويقال اقترع المرء : أي عبر عن ٍرأيه في استفتاء أو انتخاب أو تصويت، أي أدلى بصوته وبين رأيه كتابيا (أو إلكترونيا) في من يختاره ممثلا له في مجلس أو لجنة أو غيرها[6].

و قد عُرِف الانتخاب في مختلف الحضارات كالحضارة الرومانية والجرمانية، إلا أنه بدأ يتجلى كأسلوب رئيسي في اختيار وتعيين الحكام في أوربا مع نشأة وتطور النظام البرلماني في انجلترا حيث انتشر استعماله شيئا فشيئا إلى درجة أنه أصبح مرادفا للديمقراطية، وأضحى كل نظام سياسي لا يستمد شرعيته من الانتخابات يوصف بأنه نظام أوتوقراطي واستبدادي بما في ذلك النظم الملكية.

كما مر حق الانتخاب بمجموعة من المراحل التاريخية قبل أن يتم تعميمه، حيث كان يتم تقييده بشروط تؤدي إلى إقصاء مجموعة واسعة من شرائح المجتمع في إطار ما يسمى بنظرية سيادة الأمة أو السيادة الوطنية، ومن جملة هذه الشروط نجد شرط القدرة المالية وضرورة أداء قدر من الضرائب، ثم شرط الكفاءة العلمية التي تتطلب قدرا من التعليم، ثم شرط الجنس إذ كان يتم إقصاء العنصر النسوي من المشاركة في الانتخاب[7]؛ على خلاف ذلك ناد أصحاب نظرية سيادة الشعب بضرورة اعتبار حق الانتخاب حقا ذاتيا ولا يجوز حرمان أي مواطن من ممارسته ولا إجباره على استعماله[8].

وتعميم حق الانتخاب يتطلب تطبيق مجموعة من الأساليب لممارسته، وهي تختلف من نظام لآخر غير أنه يمكن حصر أهمها في ثلاثة أنواع هي نظام الاقتراع الأغلبي، نظام الاقتراع النسبي وأخيرا النظام المختلط الذي يجمع بين مزايا النظامين السالفي الذكر.[9]

والحق في الانتخاب يعد من ضمن الحقوق التي أقرت الدساتير حمايتها كأحد الحقوق السياسية والمواطن في إطاره غير مدعو للتعبير عن رأيه و إنما مدعو لاتخاذ قراره[10]، فهو الأداة التي تسمح بمشاركة الشعب في صنع القرار[11]. ذلك أن مشاركة المواطن في إدارة الشؤون العامة لبلده هي إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان التي أكد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 في المادة 21 منه بنصه على أن: ” لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يُختارون بحرية، وأن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري، وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت”[12]. هذا وأكدت المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أنه يحق لكل مواطن أن : ” يشارك في إدارة الشؤون العامة إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية، وأن ينتخب ويُنتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري ، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين” [13].

المشرع المغربي بدوره، نص في أسمى وثيقة على أن:” السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها وتختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه و المنظم .”[14]، وأن “التصويت حق شخصي وواجب وطني”[15]، ، وقد تم إصدار أول قانون انتخابي[16] بعد الحصول على الاستقلال سنة 1959 والمتعلق بانتخاب مجالس الجماعات الحضرية والقروية[17] الذي بقي ساري المفعول إلى غاية صدور القانون رقم 12.91، الذي عوض بدوره بالقانون رقم 9.97 بمثابة مدونة للانتخابات[18]، الذي عدل بدوره بالقانون رقم 57.11[19] ، وبالقانون التنظيمي 59.11[20] المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية؛ هذه القوانين وغيرها ستكون بمثابة الاطار القانوني الذي سنسترشد به _الى جانب الاجتهاد القضائي المغربي في المادة الانتخابية_ لمقاربة الموضوع الذي بين أيدينا مركزين على الحقبة التاريخية التي تلت صدور مدونة الانتخابات المغربية؛ وجدير بالذكر أن النظام القضائي المغربي الذي يتميز بالازدواجية في اطار القضاء العادي والقضاء الاداري، يؤدي لا محالة الى تعدد الجهات التي يتم الطعن أمامها فيما يتعلق بالمنازعات الانتخابية.

إن العملية الانتخابية يفترض فيها أن تكون سليمة وأن تمر في ظروف نزيهة وشفافة وألا تخرج عن نطاق القانون، وإلا كنا أمام نزاعات وطعون تنصب على العملية الانتخابية سواء في مراحلها التمهيدية أو التي تواكبها أو تلك التي تأتي بعدها.

وهذه النزاعات التي تسبق أو تواكب أو تأتي بعد العملية الانتخابية تشكل موضوعا هاما يعرف ب “المنازعات الانتخابية” والتي تتجلى في مجموعة من الطعون يكون الهدف منها تصويب العملية الانتخابية بالشكل الذي عبرت به الهيئة الناخبة عن رأيها، وقد أضحت تشكل جزءا لا يتجزأ من العملية الانتخابية برمتها، كما أن النزاعات الانتخابية هي التي تؤدي إلى إظهار التعبير الحقيقي عن إرادة الناخبين، وذلك من خلال الفصل في تلك الطعون من طرف القضاء باعتباره الحامي الطبيعي للحقوق والحريات بشكل قانوني ونزيه بسطا لرقابته على العملية من بدايتها الى نهايتها، وكل ذلك من شأنه أن يساهم في إبراز ما للموضوع الذي بين أيدينا من أهمية بالغة، تنضاف إلى كون المنازعات الانتخابية من المواضيع الهامة في علم القانون، لارتباطها بشرعية السلطة السياسية القائمة بالدولة إذ المفترض في العملية أن تمر بسلام بشكل شفاف ونزيه، كما يتحتم أن تخضع لمبدأ سيادة القانون.[21]

ولم يأتي المشرع المغربي بذكر تعريف للمنازعة الانتخابية مما يدفعنا الى الاسترشاد بالتعارف الفقهية، وأغلبها تتجه نحو تعريف الطعن الانتخابي بأنه تلك المنازعة التي تدور حول العملية الانتخابية برمتها انطلاقا من القيد في اللوائح إلى إعلان النتائج.[22]

من خلال ما سبق أمكننا صياغة الاشكالية التالية: الى أي حد استطاع المشرع المغربي احاطة المادة الانتخابية والمنازعات المتعلقة بها بالاطار القانوني الكفيل بضمان نزاهة العملية الانتخابية؟ وما هي الاجراءات المسطرية التي يتوجب اتباعها لممارسة الطعون في المنازعات الانتخابية والجهة القضائية التي يتوجب تقديمها أمامها؟ وما مدى تمكن القاضي الانتخابي من التنزيل السليم لمقتضيات النصوص القانونية المتعلقة بالمادة الانتخابية وسد الفراغ التشريعي الذي قد يصادفه أثناء البث في النزاع من خلال إعمال سلطته التقديرية؟ والى أي حد استطاع فرض رقابته على العملية الانتخابية وتحقيق النزاهة والشفافية كهدف مقصود؟
للاجابة على هذه التساؤلات سنعتمد التقسيم الثنائي من خلال الحديث عن العملية الانتخابية برمتها لابراز أهم ما يتعلق بها من مقتضيات، ثم نعرج على الحديث عن مسطرة الطعون والاختصاص القضائي فالأسباب الموجبة لبطلان العملية الانتخابية ثم الاثبات في المادة الانتخابية؛ وبما أن الانتخابات في المغرب تتفرع بين ترابية، برلمانية، غرف مهنية وأصناف أخرى، فسنعمل على استحضار مختلف هذه الأنواع وأكثرها أهمية في جل مراحل الموضوع، كما أننا سنحاول قدر الامكان _ونحن نسرد مختلف النصوص القانونية المتعلقة بالمجال الانتخابي_ إرفاقها باجتهادات القاضي الانتخابي وهو أمر من شأنه أن يمكننا من الوقوف على مدى التنزيل السليم من طرفه لتلك النصوص والمقتضيات.

الفصل الأول: العمليات التمهيدية والانتخابية
الفصل الثاني: مسطرة الطعون، الاختصاص، البطلان والاثبات في المادة الانتخابية

الفصل الأول: العمليات التمهيدية والانتخابية

كما سبق بيانه، فالعملية الانتخابية لا تتمثل في إدلاء الناخب لصوته واختيار مرشحه المفضل فحسب، بل هي نتاج مجموعة من العمليات المتتالية والمرتبطة فيما بينها بدرجات متفاوتة، ونحن إن رُمنا تقسيم العملية برُمتها فلا مَناص من اعتماد سير المسلسل الانتخابي من الناحية الزمنية كمعيار لتحقيق المبتغى، ومن شأن ذلك أن يضعنا أمام التقسيم الذي يفصل الأعمال الممهدة للعمليات الانتخابية التي تتم قبل يوم الاقتراع والمتمثلة في التقطيع الانتخابي والتسجيل في اللوائح الانتخابية والترشح للانتخابات وصولا إلى الحملة الانتخابية من جهة (مبحث أول)، ومن جهة أخرى العمليات الانتخابية التي تتم يوم الاقتراع والمتعلقة بإجراءات تشكيل مكتب التصويت والعضوية فيه ومسؤولياته في الإشراف على عملية الاقتراع، التصويت وظروف سيره، فرز وإحصاء الأصوات وتحرير المحاضر ثم الإعلان عن النتائج وتسليم المحاضر (مبحث ثاني).

المبحث الأول: العمليات التمهيدية للانتخابات

بما أن العمليات التمهيدية تعد جزءا لا يتجزأ من العملية الانتخابية، وما لها من تأثير واضح على نتائجها، فإنها تتبوأ مرتبة لها من الأهمية بمكان في صلب الاستحقاقات الانتخابية، وفي خضم توضيح أبرز المقتضيات المتعلقة بهذه المراحل، وتوخيا منا من اعتماد بساطة اللغة ووضوح القصد في معالجة الموضوع، سنعمد الى مقاربتها وفق تقسيم ثنائي ازدواجي بحيث يسمح لنا من ضبط مختلف المراحل بشكل مرتب زمنيا وذلك من خلال الجمع بين كل مرحلتين على حدا على مستوى عناوين المطالب، على أن نفصل بين الكل عند الحديث عنها في الفروع، وهذه المراحل هي التقطيع الانتخابي والقيد في اللوائح(مطلب أول)، ثم الترشح للانتخابات والحملة الانتخابية(مطلب ثاني).

المطلب الأول: التقطيع الانتخابي والقيد في اللوائح

يتعلق الأمر بدراسة المقتضيات المتعلقة بعمليتين من أهم العمليات الانتخابية، أولها التقطيع الانتخابي سواء على مستوى انتخابات الجماعات الترابية أو الانتخابات التشريعية، وثانيها التسجيل أو القيد في اللوائح الانتخابية باعتباره حجر الزاوية لضمان انتخابات فاعلة وفعالة.[23]

الفرع الأول: التقطيع الانتخابي

يشكل التقطيع الانتخابي أهمية مركزية في رسم السياسات الانتخابية في إطار الأنظمة الانتخابية الديمقراطية والتنافسية حيث يتحول إلى أداة لمنح مختلف المرشحين حظوظا متساوية للفوز بمقاعد البرلمان أو المؤسسات المحلية المنتخبة. فالأمر هنا لا يتعلق بمسألة شكلية، بل بعامل أساسي في توجيه الانتخابات؛ فهو آلية سياسية قبل أن يكون آلية تقنية لذلك يعد من العوامل الأساسية المؤثرة في النتائج الانتخابية، إذ يحدث أثر مباشر على نتائجها كأن يتم رسم حدود بعض الدوائر بطريقة تؤدي إلى جمع الأصوات الموالية لحزب أو مرشح منافس داخل حي واحد أو اثنين على الأكثر بحيث يحصل هذا الحزب أو المرشح على أغلبية ساحقة هنا في حين يصبح نصيبه من الأصوات في بقية الدوائر هزيلا للغاية.[24]

وعدم خضوع التقطيع لأي مراقبة يجعله لا يخلو من التلاعبات ذات الصبغة التقنية التي لها تأثير في المجال السياسي، وهذا ما عرف عبر التاريخ الانتخابي المغربي،[25] حيث أكد الأستاذ عبد العزيز النويضي أن التقطيع الانتخابي بالمغرب لم يفلت من مساوئ التلاعب الذي يستهدف تقليص تمثيل قوى سياسية معينة لفائدة تضخيم قوى سياسية أخرى[26]، لذلك تحرص الدول الديمقراطية على أن تسند مهمة التقطيع الانتخابي إلى هيئة مستقلة عن الحكومة والبرلمان مثلما هو عليه الحال في بريطانيا استراليا، كندا ، جنوب إفريقيا.[27]
ويتأثر التقطيع الانتخابي بنمط الاقتراع بشكل ملحوظ، فالاقتراع الأحادي الاسمي يقتضي وجود دوائر صغيرة، فيما يتطلب الاقتراع بالتمثيل النسبي توزيع الدوائر الى دوائر كبرى[28]. ووفق التقطيع الانتخابي يتم تقسيم الدولة الى أقسام تسمى كل منها دائرة انتخابية تضم عدة جماعات حضرية أو قروية[29] ينتخب فيها مرشح أو عدة مرشحين بحسب نظام الاقتراع المتبع، ويختلف التقطيع الانتخابي المتعلق بانتخاب النواب البرلمانيين عن باقي الأنواع الأخرى، ففي الاستفتاءات تصبح الدولة دائرة واحدة، أما بالنسبة للانتخابات الجماعية فالدوائر تكون غالبا مطابقة للتقسيم الاداري في البلاد كما هو عليه الحال في المغرب، أما الانتخابات التشريعية المباشرة فتنشأ لها دوائر خاصة، تماثل عدد المقاعد المخصصة للاقتراع المباشر وذلك من انتخاب لآخر.[30]

الفقرة الأولى: المعايير والمبادئ المعتمدة في التقطيع الانتخابي

إن طبيعة المبادئ التي يجب أن تتحكم في إعداد التقطيع الانتخابي لا تعرف جدالا واسعا حولها بين فعاليات المجتمع المغربي سواء السلطة الحاكمة أو الأحزاب السياسية، بل النزاع يدور حول تطبيقها من عدمه[31]، وهذه المبادئ قد تلخصت أساسا في اثنين:

_ أولا: مبدأ التوازن الديمغرافي: فكل مجلس تمثيلي يجب أن ينتخب بناءا على القاعدة الديمغرافية[32]، حيث يجب أن يوجد تناسب بين عدد السكان وعدد المقاعد المخصصة لتمثيلهم، يعني نوع من المساواة بين الدوائر، وهذا لا يعني أن يوجد تطابق تام في عدد السكان بين الدوائر، ولا يجب الخروج عن هذه القاعدة إلا استثناءا ولغرض المصلحة العامة، وإن اضطر المشرع الخروج عن القاعدة فيجب أن يكون محدودا[33].

وقد عمل المشرع المغربي قدر الإمكان على تضمين هكذا مقتضيات في مختلف النصوص القانونية المتعلقة بالمادة الانتخابية، مثل القانون رقم 131.12 المتعلق بالتقطيع الانتخابي[34] والقانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية والأقاليم[35]، وهكذا نصت المادة 129 من هذا الأخير على أنه “يجب المراعاة في تحديد الدوائر الانتخابية قدر الإمكان تحقيق توازن ديمغرافي فيما بينها” و “أن يكون النفوذ الترابي للدوائر الانتخابية متجانسا ومتصلا”؛ ونص سابقه في المادة الثانية بخصوص مبادئ تحديد الدوائر الترابية للجهات على ضرورة “مراعاة معايير الفعالية والنجاعة والتراكم والتجانس والوظيفية والقرب والتناسب والتوازن”؛ ونصت المادة الرابعة من نفس القانون عند الحديث عن مبادئ تحديد الدوائر الترابية للعمالات والأقاليم على مجموعة من المبادئ منها ” تقريب فعلي للإدارة من المواطنين، ملائمة المجال الترابي مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية…”، وتحدثت المادة السادسة بخصوص مبادئ تحديد الدوائر الترابية للجماعات عن ضرورة “تكريس سياسة القرب، معالجة الاختلالات وتقليص الفوارق بين مختلف أجزاء تراب الجماعة…”.

أما التقطيع بالنسبة للانتخابات التشريعية، فإن الدستور أحال على القانون التنظيمي لمجلس النواب لتحديد مبادئ التقسيم الانتخابي، وبالرجوع إلى المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب[36] نجد أنها لم تخرج عما أوردناه بخصوص مراعاة قدر الإمكان تحقيق توازن ديمغرافي فيما بين الدوائر الانتخابية مع مراعاة الجانب المجالي، وضرورة تجانس واتصال النفوذ الترابي للدوائر، وعلى أن تخصص دائرة انتخابية واحدة في كل عمالة أو إقليم أو مقاطعة، ويخصص لها عدد من المقاعد يحدد بمرسوم، غير أنه يجوز أن تحدث في بعض العمالات أو الأقاليم أكثر من دائرة انتخابية واحدة[37].

والملاحظ بخصوص هذه المادة هو ورود عبارة –قدر الإمكان- عند الحديث عن تحقيق توازن ديمغرافي فيما بين الدوائر الانتخابية، هذه العبارة تعد من الثغرات التي يمكن استغلالها من طرف السلطة المكلفة بالتقطيع لإمكانية استغلالها بوجه أو بآخر والحيلولة دون تحقيق الهدف المنشود من النص القانوني، لهذا كان من الأجدر حذف تلك العبارة واعتماد الدقة والوضوح حتى لا يتعرض النص الى التحريف في التأويل أو التنزيل المعيب له على أرض الواقع.
أما بخصوص اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء فإنه يمكن إحداثها على مستوى عمالتين أو إقليمين أو أكثر إذا كان الاختصاص الترابي للمصالح الخارجية التابعة للوزارة يغطي عمالتين أو اقليمين أو أكثر[38]؛ وبخصوص انتخاب مندوبي الأجراء فقد حددت مدونة الشغل الهيئات المعنية بانتخابهم وهي هيئة العمال والمستخدمين، وهيأة الأطر وأشباههم، و يتم توزيع الأجراء وعدد المقاعد بين الهيئات الناخبة بموجب اتفاق بين المشغل والأجراء، كما أن نفس المدونة نصت في مادتها 433 على أنه يحدد عدد مندوبي الأجراء الواجب انتخابهم بناءا على العدد الإجمالي لأجراء المؤسسة المعنية[39].

_ ثانيا: مبدأ الحياد في التقطيع: أو “عدم تحكمية التقطيع”، الذي يسمح بتكافؤ الفرص ما بين القوى السياسية المتنافسة بحيث يضمن الحياد السياسي في التقطيع وعدم اصطناع دوائر متساوية السكان ولكنها متعسفة في هندستها بحيث يتم تشتيت بعض الدوائر الانتخابية القديمة على دوائر جديدة، أو ربط دوائر حضرية بأخرى قروية أو العمل على تمزيق وحدة المدن، وبالقضاء على هذه الاعتبارات يضمن الوصول الى مبدأ التوازن الترابي والسكاني للدوائر ويتم تجنب التعسف في التقطيع[40].

لكن هذا المبدأ ظل محط خرق من قبل السلطة المكلفة بالتقطيع في المغرب والمتمثلة في وزارة الداخلية، وهو أمر أدى الى توجيه انتقادات من الداخل والخارج لهذا الأمر وتمت المطالبة بمنح الاختصاص في هذا المجال للسلطة التشريعية أو على الأقل الى إعمال رقابة على مرسوم التقطيع.

بيد أن هذه الاعتبارات كثيرا ما يجنح المشرع إلى الانحراف عنها بدعوى المصلحة العامة وهو التوجه الذي نجده حاضرا في ذهنية المشرع الفرنسي، وقد سجل الأساتذة الباحثون أصحاب مؤلف القانون الانتخابي المغربي الباحثون عسو منصور، نعيمة البالي واحمد مفيد وجود استثناءات ترد عمى قاعدة التوازن الديمغرافي للدوائر ليتم رصد ثلاثة تليينين في المغرب يجب إعمالها في حدود ضيقة كي لا تصبح هي القاعدة والتوازن هو الاستثناء، يتمثل الأول في امكانية استبعاد التوازن الديمغرافي وذلك من أجل التمثيل الأدنى لكل عمالة أو اقليم مثلا، ويهدف التليين الثالث إلى الأخذ بعين الاعتبار الحقائق الطبيعية لبعض الوحدات الجغرافية والمتضمنات التي توحدها بشرط ألا يتجاوز فارق التمثيل لدائرة ن أخرى من نفس المقاطعة 20 في المائة بالنسبة لمعدل الساكنة[41].

الفقرة الثانية: السلطة المختصة في التقطيع الانتخابي

ظلت السلطة التنفيذية في المغرب هي صاحبة الاختصاص سواء بالنسبة للانتخابات التشريعية أو الجماعية منذ أول تجربة انتخابية سنة 1963 مما أدى الى تحكم وزارة الداخلية في الخريطة السياسية، ومع توالي ضغوطات الأحزاب السياسية ومختلف الفعاليات الديمقراطية، تم التنصيص في دستور المملكة لسنة 2011 على جعل مبادئ التقطيع الانتخابي من اختصاص مجال القانون، حيث نص الفصل 71 منه على أنه: “يختص القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالتشريع في الميادين التالية: (…)_النظام الانتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر الانتخابية”.[42]

رغم هذا التحول النوعي بهذا الخصوص، إلا أن الأمر محط انتقاد نظرا لعدم منح الاختصاص في هذا المجال للسلطة التشريعية على غرار مجموعة من الدول الرائدة ديمقراطيا.

وقد صدرت جميع قوانين التقطيع الانتخابي في شكل مراسيم وزارية _ما عدا تقطيع سنة 1963 الذي صدر في شكل مرسوم ملكي_ نظرا لكون الوزارة الأولى آنذاك كان يتقلدها الملك، وبهذا فقد استأثرت السلطة التنظيمية بهذا الاختصاص الذي لم ينازعها فيه أي جهاز آخر، فهي من يعد التقطيع وتنشره وتعهد الى وزارة الداخلية لتنفيذه[43].

وكما سبقت الاشارة، فرغم التنصيص الدستوري على جعل مبادئ التقطيع الانتخابي من اختصاص القانون، فقد أحال القانون رقم 131.12 المتعلق بتحديد الدوائر الانتخابية للجماعات على مرسوم يتخذ باقتراح من وزير الداخلية لتحديد عدد الجهات وتسميتها ومراكزها والعمالات والأقاليم المكونة لنفوذها الترابي، وتعين بقرار لوزير الداخلية الحدود الترابية للجماعات وعند الاقتضاء مراكزها، ويحدد داخل كل جماعة معينة بقرار لوزير الداخلية مدار حضري يشمل كليا وجزئيا النفوذ الترابي للجماعة ويعتبر الجزء الباقي قرويا[44]. ونفس الأمر فيما يخص الجهة المختصة بالتقطيع بالنسبة للانتخابات التشريعية أقره القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب الذي أحال عليه الدستور المغربي لسنة 2011 في هذه المسألة، وعليه، نصت المادة الثانية منه على أنه “تحدث الدوائر الانتخابية المحلية ويحدد عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية بمرسوم”[45].

وتحدث اللجان المتساوية الأعضاء بقرار صادر من رئيس الإدارة فيما يخص كل اطار من أطر الموظفين الراجعة لسلطته على صعيد كل عمالة أو إقليم أو إدارة مركزية[46]، وبخصوص مندوبي الأجراء فقد تكلفت مدونة الشغل بتنظيم المقتضيات الخاصة بهم في هذا المجال.

فيما يتعلق بالاجتهاد القضائي المتعلق بالتقطيع الانتخابي فتجب الاشارة الى اختصاص المحاكم الادائرة باعتباره صاحبة الاختصاص فيما يخص مراسيم التقطيع الانتخابي باعتبارها قرارات ادارية قابلة للطعن بالالغاء، ولعل عدم احترام عملية التقطيع الانتخابي لمبدأ المساواة، حتى لا تؤثر هذه العملية المهمة على التوازن بين الدوائر الانتخابية مع النتائج العامة للتصويت وفي هذا الإطار رفضت المحكمة الابتدائية بآسفي[47] بطلان العملية الانتخابية بعلة أن التقسيم الانتخابي لم يكن مناسبا لخلق مكتب تصويت واحد، غير أن المجلس الأعلى اعتبر أن هذه العلة الزائدة يستقيم الحكم بدونها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في قرار آخر عندما اعتبر أن العلة المستمدة من تأثير الانتخابي على العملية الانتخابية علة فاسدة وقد دأب الاجتهاد القضائي المقارن على إلغاء العملية الانتخابية إذا ما ثبت جريانها وفق تقطيع غير قانوني، دونما أن تكون هناك حاجة للطعن مسبقا في قرار تقسيم الجماعة إلى دوائر انتخابية[48].

الفرع الثاني:القيد في اللوائح الانتخابية

أهم سمة تتسم بها عملية القيد في اللوائح الانتخابية إضافة إلى كونها تعد أحد المداخل الرئيسية للمسلسل الانتخابي هي أنها تعتبر صالحة لجميع الانتخابات الجماعية والتشريعية العامة[49]، وما ذكرناه بخصوص خطورة المرحلة السابقة المتعلقة بالتقطيع الانتخابي ينطبق على التسجيل في اللوائح الانتخابية لكن بصورة مختلفة نوعا ما، ذلك أن عملية القيد يمكن أن تشكل أولى حلقات التدليس والغش[50]، إما عن طريق التسجيلات المتكررة أو برفض تسجيل مواطنين فيحرمون بذلك من التصويت ومن الترشح في آن واحد[51].
والمقصود باللائحة الانتخابية تلك الوثيقة التي يسجل بها مجموع من يؤهلهم القانون للمشاركة السياسية، هذا المجموع يسمى بالهيئة الناخبة أو الجسم الانتخابي “corps électoral” [52].

الفقرة الأولى: وضع وإعداد اللوائح الانتخابية

حتى يتسنى لنا مقاربة هذه الجزئية بشكل دقيق، لا بد لنا من الحديث عن شروط القيد في اللوائح الانتخابية وفقدان الأهلية الانتخابية، ثم نحاول ابراز أهم ما يتعلق بمسطرة وضع اللوائح الانتخابية العامة.

_أولا: شروط القيد وفقدان الاهلية الانتخابية: غني عن البيان أن اللوائح الانتخابية العامة هي وحدها التي تعتمد لإجراء الانتخابات العامة أو التكميلية أو الجزئية سواء لمجلس النواب أو مجالس الجهات ومجالس الجماعات والمقاطعات وحتى تلك الخاصة بالغرف المهنية[53]،ويعتبر التقييد في هذه اللوائح إجباريا على جميع المواطنات والمواطنين المغاربة البالغون سن الرشد القانوني والمتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية[54].

كما ينص نفس القانون على عدم أهلية بعض الفئات للانتخابات وبالتالي عدم أهليتها في التقييد في اللوائح الانتخابية وهم أفراد القوات المسلحة الملكية العاملون من جميع الرتب وأعوان القوة العمومية وسائر الأشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو …، والذين لهم الحق في حمل السلاح خلال مزاولة مهامهم. والأفراد المحكوم عليهم نهائيا بإحدى العقوبات الحبسية أو بالغرامة، وكذا الأشخاص الصادرة عليهم احكام جنائية غيابية، والمحجور عليهم قضائيا وأيضا الأشخاص الذين طبقت في حقهم مسطرة التصفية القضائية وأخيرا الأشخاص المحكوم عليهم بالتجريد من الحقوق الوطنية ما لم يستفيدوا من عفو شامل او يسترجعوا حقوقهم الوطنية بعد انصرام المدة المحكوم عليهم بها[55].
ويتم القيد في لائحة الدائرة الانتخابية الواقع في دائرة نفوذها المحل الذي يقيم فيه كل معني بالامر بكيفية فعلية ومتصلة منذ ثلاثة أشهر قبل ايداع طلب التقيد[56]، وتستثنى بعض الفئات من هذا الأجل كالموظفين والأعوان العاملين بالادارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وأفراد عائلاتهم[57]، وكاستثناء أيضا يمكن للأشخاص المولودين في الجماعات الواقعة في مناطق اعتيادية للترحال أن يقدموا طلب القيد بالجماعة التابع لها مكان ولادتهم، كما يمكن للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج أن يطلبوا قيدهم في لائحة الجماعة أو المقاطعة التي ولد فيها الاب او الجد او التي يتوفرون فيها على املاك او على نشاط مهني او تجاري[58].
ويمكن القول أن المشرع حسنا فعل عندما منح لهذه الفئات من المواطنين المغاربة على اختلافها، سواء داخل المغرب او خارجه، الحق بالتقيد في اللوائح الانتخابية، تفعيلا للانتخابات وتحقيق الهدف المتوخى منها اعتبارا لكون اختلاف مكوناتهم تنعكس لا محالة على وجهاتهم وآرائهم وهو أمر يصب في نجاعة ونجاح الانتخابات.
ويتم طلب التقييد بصفة شخصية ممن توفرت فيه الشروط اللازمة وذلك بملئ مطبوع خاص والتوقيع عليه بعد الادلاء بما يثبت توفره على الشروط القانونية المطلوبة، مع استثناء يخص طالب التقييد في اللوائح الخاصة بالانتخابات المهنية إذ يتم اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف وحدها لإثبات الهوية عند التقييد في تلك اللوائح[59]، وهو مقتضى راجع الى الطبيعة الخاصة التي تتميز بها فئة الصناع والتجار والحرفيين.
ويستوجب القيد في اللوائح الانتخابية الخاصة بانتخاب مندوبي الاجراء بلوغ الاجير 16 سنة كاملة عند تاريخ الاقتراع، وان يكون قد اشتغل على الاقل مدة 6 اشهر بالنسبة للمؤسسات ذات النشاط الدائم أو 156 بالنسبة للمؤسسات التي تمارس نشاطا موسميا، شريطة عدم صدور حكم نهائي في حقه إما بعقوبة جنائية او حبسية نافذة من اجل جناية او جنحة باستثناء الجرائم الغير عمدية، ويجب ان يتضمن طلب القيد الاسم العائلي والشخصي للناخب، وتاريخ ميلاده، وتاريخ تشغيله وعدد الشهور والايام التي اشتغلها، والتأهيل المهني وصفة الاجير.
فيما يتعلق باللجان الادارية المتساوية الاعضاء فتعلق اللوائح قبل مضي 40 يوما على التاريخ المحدد للتصويت[60]، ويشترط فيهم ان يكونوا من نفس الاطار المعني بالاقتراع، ويوجدون في وضعية القيام بالوظيفة في تاريخ حصر لوائح الناخبين وتعليقها 40 يوما على الاقل من تاريخ اجراء الاقتراع.

_ثانيا: مسطرة وضع اللوائح الانتخابية العامة والهيئة المكلفة بذلك

تقدم طلبات القيد في اللوائح الانتخابية خلال مدة ثلاثين يوما يحدد تاريخ بدايتها ونهايتها بمرسوم يتخذ باقتراح من وزير الداخلية وينشر بالجريدة الرسمية قبل التاريخ المحدد للشروع في عمليات القيد بخمسة عشر يوما على الأقل[61]؛ و تحدث في كل جماعة أو في كل مقاطعة تابعة لجماعة مقسمة الى مقاطعات لجنة إدارية تتولى بحث طلبات القيد في اللوائح الانتخابية وتضم قاضيا يعينه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التابعة لدائرة نفوذها الجماعة أو المقاطعة المعنية، ممثلا عن المجلس الجماعي أو مجلس المقاطعة ، يعينه المجلس من بين أعضائه؛ الباشا أو القائد أو الخليفة أو من يمثلهم. ويجوز أن تحدث في كل جماعة يفوق عدد سكانها 000 50 نسمة وكذا في كل مقاطعة ، إلى جانب اللجنة الإدارية لجنة أو عدة لجان إدارية مساعدة[62]. و تتخد اللجنة الإدارية قراراتها بأغلبية أصوات أعضائها. وفي حالة تعادل الأصوات، يرجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس .[63]
وبذلك ألغى المشرع ما كان يسمى في القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات[64] بلجنة الفصل نقل اختصاصاتها الى اللجنة الادارية السابق ذكرها.
وتقوم اللجنة الادارية بعد انتهاء اشغالها بتحديد اللائحة الانتخابية المؤقتة للجماعات او المقاطعات وتودعها في مكاتب السلطات الادارية المحلية ومصالح الجماعة خلال أجل 8 ايام كاملة تبتدأ من تاريخ يحدد بمرسوم، وتعلن وتنشر اللائحة الانتخابية خلال هذه الآجال. وبعد تمام هذه الاجراءات تجتمع اللجنة في تاريخ يحدد بمرسوم لتضع اللائحة الانتخابية النهائية التي تعتمد وحدها لاجراء الانتخابات وعمليات الاستفتاء[65].

الفقرة الثانية: مراجعة اللوائح الانتخابية

نظرا لصعوبة مهمة وضع لوائح جديدة غداة كل انتخابات اقتضى الامر ان يتم النص ضمن القانون الانتخابي على اجراء خاص يتعلق فقط بمراجعة اللوائح الانتخابية بدل الغائها ووضع اخرى جديدة كليا مكانها، وهذا التنصيص على المراجعة قد حددها إما عادية “سنوية” وإما استثنائية كلما اقتضى الحال ذلك[66].
بالإضافة الى مراجعة اللوائح الانتخابية تم العمل منذ ابريل 1993 بنظام المعالجة المعلوماتية لها، وهو الأمر الذي أصبح منصوصا عليه منذ 1997 ضمن مدونة الانتخابات بقانون رقم 9.97[67].
تعرف اللوائح الانتخابية مراجعة كلية او جزئية تتم من قبل السلطات الادارية تبعا للتغييرات التي تطرأ على النمو البشري بالبلد. وفي هذا الاطار تقوم اللجنة الادارية كل سنة بمراجعة اللوائح الانتخابية، حيث تتلقى طلبات القيد الجديدة وطلبات نقل القيد المحالة عليها من قبل السلطات الادارية المحلية وتقوم ايضا بالتشطيب على اسماء الاشخاص الذين يوجدون في وضعية عدم الاهلية والاشخاص المتوفين وذلك بعد التاكد من الاحكام القضائية والاطلاع على مستخرج من رسم الوفاة[68].
وتعتمد اللجنة الادارية المتساوية الاعضاء نفس المسطرة تقريبا التي تتم عند وضع اللوائح الانتخابية اول مرة.
بالاضافة الى المراجعة العادية للوائح الانتخابية يمكن اجراء مراجعة استثنائية وذلك وفق ما تنص عليه احكام القانون رقم 88.14 المتعلق بالمراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة[69]، الذي أتى بمقتضيات مهمة وجديدة في هذا الاطار حيث سمح لأول مرة للأحزاب السياسية بالقيام بحملات للتسجيل في اللوائح الانتخابية لعامة خلال الفترة المحددة لذلك بموجب ذات القانون[70]، كما أعطى للمواطنين سواء المقيمين داخل الوطن أو خارجه الغير مسجلين في اللوائح الانتخابية امكانية التسجيل عبر الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض[71].
وقد نص المشرع كذلك على ضرورة استعمال الحاسوب للمعالجة النهائية لتلك اللوائح[72].
هذا، وقد اعتبر المجلس الدستوري-الذي لا ينظر في المنازعات المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية إلا اذا كان هذا التسجيل مقرونا بمناورات تدليسية[73] ترمي الى التأثير على نتيجة الاقتراع[74]- أن انعدام وجود الجدول التعديلي للوائح الانتخابية من شأنه حرمان عدد من المواطنين المتوفرين على الشروط القانونية من المشاركة في الانتخاب؛ وقد جاء في قراره رقم 404 ما يلي: “حيث يستخلص من البحث الذي أجراه المجلس الدستوري في عين المكان…ومن الاستماع الى المطعون في انتخابه بصفته رئيس مجلس جماعة… ورئيس اللجنة الادارية التي تتولى بحث طلبات القيد في اللوائح الانتخابية والبت فيها ولكونه مكلفا بمقتضى القانون بتحرير جدول تعديلي للوائح الانتخابية المحصورة والمراجعة، ومن الاستماع الى اعضاء اللجنة الادارية الاخرين والى الجهات الاخرى الادارية والتقنية المعنية بضبط اللوائح الانتخابية لدائرة… انه لا وجود مطلقا للوائح الانتخابية النهائية للناخبين بالنسبة للدائرة المذكورة التي من المفروض كما يستنتج من 27 من مدونة الانتخابات أن تنتج عن تعديل للائحة المراجعة سنويا، وهي التي وقع العمل بها في الانتخابات الجماعية، عن طريق الجدول المنصوص عليه في الفقرة الاخيرة من المادة 27 المشار اليها، وان هذا الخلل الذي اعترى اللوائح الانتخابية مرده الى تقاعس رئيس جماعة… الذي لم يقم كما يلزمه القانون بذك بتحرير جدول تعديلي للوائح الانتخابية الموجودة، يضم الالغاءات والاضافات مراعيا في ذلك التغييرات التي يمكن أن تدخل على اللوائح المحصورة المراجعة وذلك في الحالات المبينة على سبيل الحصر في المادة 27 من مدونة الانتخابات…؛
وحيث انه يبين من خلال نتائج البحث ان انعدام وجود الجدول التعديلي المشار اليه سلفا قد حرم عددا من المواطنين المتوفرين على الشروط القانونية من المشاركة في انتخاب 14 نوفمبر بصفتهم ناخبين أو مرشحين او مؤطرين للعملية الانتخابية في مكاتب التصويت وأن هذا الحرمان الذي كان نتيجة التقصير الجسيم لرئيس مجلس جماعة… يعد هدرا لحقوق خولها الدستور لجميع المواطنين، فضلا عن انه لم يمكن الهيئة الناخبة بدائرة… من بلوغ الحجم ومن التوفر على البنية المطابقتين لواقع الدائرة المذكورة في وقت الاقتراع، وأنه في هذه الحالة لا يمكن استبعاد كون هذه الوضعية كان لها تأثير في نتيجة الانتخاب”[75].

المطلب الثاني: الترشح للانتخابات والحملة الانتخابية

تعتير هاتين العمليتين بين أهم مراحل العمليات التمهيدية للانتخابات ذلك أنه في حالة عدم وجود مترشحين لا يمكن اجراء انتخابات لعدم وجود اشخاص يتم اختيارهم من قبل الناخبين لتولي المهمة التي يجري الانتخاب لأجلها، كما أن الحملة الانتخابية لها من الهمية بمكان غرار سابقتها، لأن الحملة الناجحة من شأنها ان ترفع من حظوظ المرشح الذي يديرها في الفوز بالمقعد المتبارى حوله على حساب باقي المرشحين.

الفرع الأول: الترشح الانتخابي

من الناحية القانونية لا يمكن قبول أي ترشح إلا وفق شروط محددة مسبقا، وهذه الشروط غالبا ما تتعلق بالشخص نفسه بأن يكون مؤهلا للترشيح، يعني بلوغه سن الرشد القانوني وخلوه من احدى موانع الترشيح، ومنها ما يتعلق بإجراءات تقديم الترشيح كأن يكون هذا الأخير قدم في الأجل المحدد لذلك[76].
الفقرة الأولى: أهلية الترشح

للحديث عن أهلية الترشح لا بد من الحديث عن اهلية الانتخاب قبل ذلك، اذ يجب على الشخص الذي ينوي الترشح سواء لانتخابات عامة او محلية ان يتوفر على اهلية الانتخاب، أي ان يكون مغربيا ذكرا بالغا من العمر ثمان عشر سنة شمسية على الاقل، متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، مقيدا في اللوائح الانتخابية[77]، وغير موجود في وضعية من وضعيات فقدان الاهلية الانتخابية المنصوص عليها في المواد 7 و 8 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة[78].
بعد استيفاء الشروط السابق يذكر، يشترط في الناخب المترشح للانتخابات الجماعية ان يكون مقيما فعليا في الجماعة او ولد فيها وفرضت عليه الضريبة منذ ثلاث سنوات متصلة على الاقل قبل تاريخ الانتخاب بخصوص املاك يتوفر عليها او نشاط مهني او تجاري يزاوله فيها، كما يمكن الترشح في جماعة اصل المعني بالامر، بولادة الاب او الام كما يجب اثبات الانتماء الى الجماعة او المقاطعة بجميع الوسائل المألوفة كالشهادة اللفيفة او غيرها من الوثائق الادارية[79]، كما يمكن للمغاربة المقيمين بالخارج الترشح للانتخابات الجماعية ما لم يكونوا يتولو مسؤولية حكومية او انتدابية او عمومية ببلد اقامتهم[80].
كما يشترط في المترشح لانتخابات المجالس الجماعية ان يكون ناخبا ومتمتعا بالحقوق المدنية والسياسية وان لا تنطبق عليه احدى موانع الترشيح المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بالعضوية في مجالس الجماعات الترابية[81].مكا يمنع من الترشيح ما لم تزد مدة سنة على مزاولتهم للمهام قبل يوم الاقتراع مستخدموا الجماعة والعاملون فيها الذين يتقاضون مرتبهم كلا او بعضا من ميزانية الجماعة، والمحاسبون المشرفون على اموالها والحاصلون على امتياز الادارة من مرافقها ومديروا المرافق التي تكون تابعة لها وتحصل على اعانة مالية منها، ونواب اراضي الجموع[82].
اما الترشح للانتخابات البرلمانية، فبالاظافة الى كون المرشح ناخبا ومتمتعا بالحقوق المدنية والسياسية، جب ألا يكون عضوا في مجلس المستشارين إن أراد الترشح لمجلس النواب والعكس بالعكس أيضا، وإذا سبق أن انتخب باللائحة الوطنية فلا يحق أن يترشح بواسطتها مرة أخرى كما لا يؤهل للترشح من يوجد في إحدى الوضعيات المنصوص عليها في المواد 6 و 7 و 8 و 9 و 10 من القانون التنظيمي لمجلس النواب27.11، وهي نفسها الشروط المنصوص عليها في نظيره لمجلس المستشارين 28.11.
فيما يتعلق بالاجتهاد القضائي في حالة توفر الشروط المذكورة وحصول المرشح على وصل نهائي بقبول ترشيحه للانتخابات، فقد رفض القضاء الاداري قرارات الادارة التي عملت على سحب الترشيح بعد حصول المعني بالامر على وصل نهائي بقبوله. واعتبرت هذا السحب قرارا اداريا قابلا للطعن بالالغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة[83].
أما في حالة رفض قبول الترشيح، فإن القضاء يلغي القرار الصادر عن الجهة المكلفة بتلقي الترشيحات اذا اتسم بعدم الشرعية، ويأمر بقبول طلب الترشيح الذي سبق أن رفض، وقد جاء في حكم صادر عن المحكمة الادارية بالرباط ما يلي: “وحيث يتضح للمحكمة من خلال استقرائها للقرار المطعون فيه انه لم بين على وجه التحديد السبب او الاسباب التي اعتمدتها السلطة المحلية في رفضها لترشيح الطاعن مكتفية بالقول ان هذا الاخير لا يتوفر على الشروط القانونية المطلوبة في حين ان شروط اهلية الترشيح وموانعه قد وردت على حصرا في المادتين 41 و 42 من مدونة الانتخابات ولم يشر القرار المذكور الى المانع او الشرط المتخلف الحائل دون قبول ترشيح الطاعن مخالفا بذلك مقتضيات المادة 41 م نفس المدونة التي توجب ان يكون رفض الترشيح معللا”[84].
أما في حالة انتفاء الشروط القانونية لقبول الترشيح، فيترتب عنه عدم قبول الترشيح ويوجب بطلان الانتخاب، وقد قضت الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بالغاء نتيجة العملية الانتخابية، لأنه اختل في المرشح احد الشروط اللازمة لاكتساب صفة ناخب، وقد جاء في احدى حيثياته ما يلي: “لكن حيث انه من الثابت من اوراق الملف وكما اشار الى ذلك الحكم المطعون فيه فإن المستأنف قد أدين من اجل المشاركة في جريمة النصب والاحتيال وعوقب ستة اشهر حبسا نافذا وغرامة قدرها 500 درهم حسب القرار الجنحي الاستئنافي الصادر عن استئنافية تطوان بتاريخ 25/11/1991[85].

الفقرة الثانية: ايداع التصريح بالترشح

لقد أحاطت القوانين التنظيمية هذه المرحلة بمجموعة من الشروط إذا تخلف واحد منها يرفض الترشيح من طرف العامل، مثلا اذا تبين أن التصريح قد أودع أو سجل لفائدة شخص غير مؤهل للانتخاب أو أنه مخالف لإحدى القواعد المنصوص عليها في هذه القوانين التنظيمية وهذه الشروط تعتبر من النظام العام والاخلال بشرط بسيط ينتج عنه عدم قبول ملف لترشيح أو رفض الترشيح من أوله[86].
يجب أن تودع التصريحات بالترشح من طرف كل مترشح أو وكيل كل لائحة بمقر السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات، ولا تقبل الترشيحات الموجهة بواسطة البريد أو بأي وسيلة أخرى في جميع أنواع الانتخابات العامة والمحليةبما فيها انتخاب الغرف المهنية.
وتقدم التصريحات الفردية بالترشح أو لوائح الترشح في ثلاث نسخ ويجب أن تحمل مجموعة من البيانات المنصوص عليها في المادة 7 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجهات من إمضاء المرشحين وأسمائهم وجنسيتهم وتاريخ ومكان ولادتهم وعناوينهم ومهنهم والدائرة الانتخابية التي قيدوا بها وتلك المرشح فيها…وغيرها، وصورة المرشح أو صور المترشحين في اللائحة التي يبين إسمها واسم وكيلها، وشهادة القيد في اللوائح الانتخابية العامة مسلمة من طرف السلطة الادارية المحلية المختصة أو نسخة من القرار القضائي القائم مقامها.
إضافة الى إرفاق التصريح بالترشح للمرشح المنتمي سياسيا بتزكية مسلمة لهذه الغاية من لدن الجهاز المختص في الحزب السياسي الذي تقدم باسمه اللائحة أو المرشح.
وإذا تعلق الأمر بمرشح يقيم خارج المغرب وجب عليه إرفاق طلب الترشح بنسخة من السجل العدلي أو ما يعادلها مسلمة منذ أقل من ثلاثة أشهر من لدن الجهة المختصة ببلد الإقامة، وفيما يتعلق بايداع طلب الترشح لعضوية مجالس الجهات بالاضافة الى الشروط السابقة، تقدم الترشيحات الى غاية الساعة الثانة من زوال اليوم الرابع عشر السابق لتاريخ الاقتراع، ويجب أن تتضمن اللائحة عدد المرشحين مساوي لعدد المقاعد المراد شغلها وأن يحدد فيها ترتيب المرشحين[87].
بالنسبة لانتخاب أعضاء مجالي الجماعات والمقاطعات بمقر السلطة الادارية المحلية المختصة التابعة لدائرة نفوذها الجماعة أو المقاطعة وفق الشكليات المنصوص عليها في المادة السابعة الى غاية الساعة الثانية عشر من زوال اليوم الرابع عشر السابق لتاريخ الاقتراع، ولا يمكن أن تكون لعدة لوائح نفس التسمية في جماعة واحدة أو مقاطعة واحدة، كما يجب أن تشمل كل لائحة عدد من المرشحين مساو لعدد المقاعد الشاغرة، وترفق لوائح الترشيح او التصريحات الفردية الغير منتمية سياسيا بوثيقة تتضمن بالنسبة لكل مقعد توقيعات مصادق عليها لعشرة ناخبين من ناخبي الجماعة المعنية.
ولا يجوز لناخب أن يوقع لأكثر من لائحة أو مرشح فرد غير منتمي سياسيا مع توقيعهم ورقم بطاقتهم الوطنية[88].
وتودع ترشيحات انتخاب اعضاء مجلس النواب في نطاق الدوائر الانتخابية المحلية بمقر العمالة او الاقليم داخل المدة التي يحددها المرسوم الذي يصدر قبل يوم الاقتراع بخمسة واربعون يوما على الاقل، اما اذا تعلق الامر بالترشح للدائرة الانتخابية الوطنية فيودع الترشيح لذا كتابة اللجنة الوطنية للاحصاء مع تضمينه مجموعة من البيانات المحددة في القانون التنظم لمجلس النواب[89].
أما بخصوص الترشيحات لانتخابات اللجان الادارية المتساوية الأعضاء والتي تشكل من ممثلين عن الادارة يعينون بقرار من رئيس الادارة المعني ومن أعضاء متساو لهم ينتخبهم الموظفون ممثلين عنهم لمدة ست سنوات. وتقدم لوائح الترشيح قبل مضي 21 يوما على الاقل من التاريخ المحدد للانتخابات[90]، علاوة على ذلك فكل موظف تتوفر فيه الشروط المطلوبة في الناخبين المسجلين في لوائح هذه اللجنة يحق له التقدم للترشح لها باستثناء الموظفون المستفيدون من رخصة مرض طويل الامد، والموظفون الذين صدرت في حقهم عقوبة الانحدار في الدرجة أو عقوبة الحرمان المؤقت من الأجرة، ما لم يستفيدوا من مقتضيات الفصل 75 من ظهير 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية.
أما انتخابات ممثلي الأجراء فإن المعني بالترشح هم الحاصلون على الجنسية المغربة والبالغين 20 سنة كاملة عند تاريخ الاقتراع وأن يكونوا قد عملوا في المؤسسة لمدة متصلة لا تقل عن سنة واحدة، وأن لا يكونوا من أصول المشغل أو فروعه أو إخوته أو أصهاره المباشرين، وأن لا يكونوا قد صدر في حقهم حكم نهائي بعقوبة جنائية أو عقوبة حبس نافذة من أجل جنحة باستثناء الجرائم غير العمدية ما لم يرد اعتباره. ويجب على المشغل أن يعد نموذج من لائحة الترشيح تتضمن الرقم التسلسلي في اللائحة، الاسم العائلي والشخصي للمترشح، وتاريخ الازدياد، مع تاريخ الدخول الى العمل وعدد الأشهر التي قضاها المرشح بصفة متقطعة أو متواصلة، وتبيان مؤهلات الأجير والهيئة الناخبة التي ينتمي اليها المرشح، مع وجوب الاشارة الى الانتماء النقابي أو عدمه، وأن لا يفوق عدد المرشحين في لائحة الترشيح عدد المقاعد المخصصة لكل هيئة ناخبة، ويعمل المشغل بالاضافة الى هذا على الصاق لوائح الترشيح أسبوعا على الاقل من تاريخ الاقتراع، وأن تعلق في المقر الموضوع رهن إشارة مندوبي الأجراء وأماكن ولوج مقرات العمل.

الفرع الثاني: الحملة الانتخابية

يمثل الدخول في الانتخابات تجربة مختلفة بين القوى السياسية سواء تلك التي تمتلك تاريخا سياسيا أو تلك التي تضع خطواتها الاولى على طريق العمل السياسي، ولذلك فإن الساحة السياسية تمتلك خبرات متباينة فيما يتعلق بالتحظير الجيد للحملات الانتخابية بالصورة التي تؤسس لثقافة انتخابية ايجابية تخدم تكريس الاستقرار السياسي وتجعل الحملات فرصة لتثقيف الناخب وتوعيته بعيدا عن الانجرار خلف أساليب انتخابية سلبية أو هجومية بشكل تام.
تعرف الحملة الانتخابية بأنها تلك الفترة الزمنية التي يحددها المشرع بغية تقديم البرامج الحزبية في الانتخابات للمواطنين، بحيث يتضمن برنامج كل حزب مشارك في الانتخابات تشخيصا دقيقا للقضايا والاكراهات التي يمر منها البلد مع عطاء حلول لمختلف هذه القضايا[91]. كما تُعَرَّف أيضا بأنها مجموعة من الأنشطة السياسية التي تشمل الاجتماعات والخطب والمسيرات والاستعراضات ومواكب السيارات وغيرها من المناسبات المنظمة، إظافة الى استخدام وسائل الاعلام بغية إخبار المواطنين بالبرامج الحزبية أو التعريف بالمرشحين حشدا للدعم الانتخابي[92].
ونظرا للأهمية التي تكتسيها الحملة الانتخابية في تأثيرها على الناخبين في توجهاتهم فإن المشرع المغربي جعل هذه الحملة الانتخابية خاضعة لمجموعة من النصوص القانونية، بغية الوصول الى انتخابات حرة، نزيهة وشفافة، من خلال النص على مقتضيات تضمن المساواة بين الأحزاب والمرشحين وتشجع على حياد السلطة الادارية، ولأجل ذلك نص الفصل 11 من دستور المملكة المغربية 2011 على أن: “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي. وأن السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المرشحين، وبعدم التمييز بينهم؛ يحدد القانون القواعد التي تضمن الاستفادة على نحو منصف من وسائل الاعلام العمومية والممارسة الكاملة للحريات والحقوق السياسية، المرتبطة بالحملات الانتخابية وبعمليات التصويت..؛”[93].
نظرا للصبغة الخاصة التي تتميز بها الحملة الانتخابية فالاشكالية المرتبطة بها تتعلق أساسا بالجانب السياسي، ولا وجود لأي إشكال من الناحية القانونية حول كيفية تنظيمها، وهو ما جعلها من أهم المراحل التي يعرفها المسلسل الانتخابي[94]. وبسبب التداخل الكبير بين القانوني والسياسي وطغيان هذا الاخير على هذه المرحلة، فإن السلطة كانت تعتمد دائما الى التدخل المباشر فيها انطلاقا من وسائل عديدة على رأسها الخطب الملكية التي كانت تلقي بمناسبة الحملات الانتخابية[95].
الفقرة الأولى: الاعلانات وتوزيع البرامج واستعمال الوسائل السمعية البصرية

تفعيلا لمقتضى الفصل 11 من الدستور المغربي 2011 أتت مجموعة من القوانين لتأطير وتنظيم موضوع الحملة الانتخابية من بينها القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 27.11 الذي ينص في مادته 31 على المدة التي يجب أن تجري فيها هذه الحملة حيث تبتدأ من الساعة الأولى من اليوم الثالث عشر الذي يسبق تاريخ الاقتراع، وتنتهي في الساعة الثانية عشر ليلا من اليوم السابق للاقتراع. أما المدة المخصصة للحملة الخاصة بالاستفتاء فإنها تبتدأ من اليوم العاشر السابق للاستفتاء وتنتهي في اليوم الأخير على الساعة الثانية عشر ليلا[96].
تقوم السلطة الإدارية المحلية في كل جماعة ابتداء من تاريخ انتهاء أجل وضع التصريحات بالترشيح بتعيين أماكن خاصة تعلق بها الإعلانات الانتخابية. وتخصص في كل من هذه الأماكن مساحات متساوية للمرشحين أو للوائح المرشحين[97]. ويجب ألا يتعدى عدد هذه الأماكن بصرف النظر عن الأماكن المعينة بجانب مكاتب التصويت :
-12 في الجماعات الحضرية أو القروية التي تضم 2500 ناخب أو أقل ؛
-18 في غيرها مع زيادة مكان واحد عن كل 3000 ناخب أو جزء يتجاوز 2000 ناخب في الجماعات الحضرية أو القروية الموجود بها أكثر من 5000 ناخب[98].
و لا يجوز لأي مرشح أو وكيل كل لائحة أن يضع في الأماكن المشار إليها في المادة 50 أعلاه :
1- أكثر من إعلانين انتخابيين يجب ألا يتجاوز حجمهما 80 على 120 سنتيمترا ؛
2- أكثر من إعلانين حجمهما 25 على 50 سنتيمترا للإخبار بانعقاد الاجتماعات الانتخابية ، ويجب ألا يتضمن هذان الإعلانان إلا تاريخ الاجتماع ومكانه وأسماء الذين سيخطبون فيه وأسماء المرشحين.

يحظر تعليق إعلانات انتخابية خارج الأماكن المعينة لذلك ، ولو كانت في شكل ملصقات مدموغة.[99] كما لا يجوز أن تتضمن الإعلانات غير الرسمية التي يكون لها غرض أو طابع انتخابي وكذا برامج المرشحين ومنشوراتهم اللونين الأحمر أو الأخضر أو الجمع بينهما[100].
والتنزيل السليم للفصل 11 من الدستور السابق ذكره يقتضي ضرورة حياد السلطة الادارية خلال الفترة المخصصة للحملة الانتخابية من أجل نجاح أي عملية انتخابية، ويذهب بعض الباحثين الى القول أن الحياد يبرز في ضرورة تعامل السلطة الادارية على قدم المساواة مع كافة الأحزاب السياسية أو المرشحين للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية والاستفتائية لا من حيث التطبيق الصارم للقانون ولا من حيث كيفية توزيع الدعم المالي العمومي إظافة الى إفراد حصص متناسبة للأحزاب والمرشحين في مختلف وسائل الاعلام العمومية[101].
وعليه، فالسلطات الادارية مطالبة بالتطبيق الصارم للقانون على جميع الاحزاب السياسية من خلال ضبطها لعملية افتتاح هذه الحملة وانتهائها ومراقبتها لجميع الخروقات والتجاوزات التي تعرفها الحملة الانتخابية لا من حيث المدة ولا من حيث باقي ما يتعلق بها من مقتضيات قانونية يتوجب احترامها.
وتفعيلا كذلك للفصل 11 السابق ذكره، فالسلطة الادارية ملزمة بتخصيص وسائل الاعلام العمومية لجميع المرشحين على قدم المساواة. وهو ما أكد عليه قانون 57.11 الذي نص على استفادة الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية والجهوية والجماعية من وسائل الاتصال الاعلام العمومية تضمن لجميع الاحزاب المشاركة في الانتخابات المذكورة من مدد بث منصفة ومنتظمة على أساس تمثيلية هذه الأحزاب في مجلس البرلمان[102]. وبذلك تكون وسائل الاعلام العمومية مضمونة لجميع الاحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية من أجل عرض برامجها في إطار الحملة الانتخابية، لكن يظهر أن شرط التمثيل النسبي في مجلس البرلمان كمعيار للاستفادة من هذه الوسائل الاعلامية العمومية من شأنه أن يخل بمبدأ المساواة السياسية لكون الحيز الأكبر سيتم تخصيصه للأحزاب الكبرى على حساب نظيرتها الصغرى.
الفقرة الثانية: تمويل الحملات الانتخابية

تخضع الحملة الانتخابية لمبدأ المساواة من حيث توزيع الدعم المالي الذي من غيره لا يمكن للأحزاب أو المرشحين القيام بهذه الحملة التي تحتاج الى تمويل ضروري من قبل الدولة من أجل إنجاحها، وليكون هذا التمويل عادل يجب أن يوزع على جميع الأحزاب بشكل متساو، وإخضاعه لرقابة السلطة الادارية، حيث يستوجب على الحزب أو المرشح الذي استفاد من الدعم المالي أن يخصصه ويستعمله وفقا للشكليات المحددة له وفي إطار الحملة الانتخابية النزيهة وإلا فإنه سيتعرض للعقوبات على أساس أنه قام باختلاس المال العام إذا تبين أنه اخترق تلك الشكليات المحددة أو خصصه لأمور غير حملته الانتخابية[103].
أما الانتخابات التي تقوم بها المنضمات النقابية المشاركة في انتخابات أعضاء مجلس المستشارين فإن مساهمة الدولة في تمويل الحملة الانتخابية تخصص على أساس الاصوات التي تحصل عليها كل منظمة نقابية وعدد المقاعد التي تفوز بها.
وينص القانون التنظيمي للأحزاب السياسية على شمول الموارد الداخلية للحزب للدعم المخصص للأحزاب السياسية برسم المساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية العامة، الجهوية و التشريعية.[104]
لكن يلاحظ بالرغم من وجود هذه النصوص القانونية المنظمة لتمويل الحملة الانتخابية والتي تحدد ضوابط وكيفية استعمال المال العام من طرف الأحزاب والنقابات والمرشحين _يلاحظ_ بروز بعض الاشكاليات المتمثلة في التباين الملحوظ في هذه الاعانات المقدمة من طرف الدولة للأحزاب تبعا لمستوى تمثيليتها داخل الهيئة التي تنتخب لها كما سبقت الاشارة، مما يطرح عدم المساواة بين الاحزاب والمنظمات النقابية الكبرى والاحزاب والنقابات الصغرى. إذ أن هذه الاخيرة يصعب عليها مسايرة ايقاع التكاليف المالية الضخمة التي تصرفها الاحزاب الكبرى في حملاتها الانتخابية مما يضرب في جوهر مبدأ المساواة[105].
وتجدر الاشارة الى أن إن مخالفة الإطار القانوني لممارسة الحملة الإنتخابية لاتؤدي إلى بطلان العملية الإنتخابية إلا إذا كان لها تأثير على نتيجة الإقتراع.وهذا الموقف تبنته الغرفة الادارية بمناسبة الطعن الذي قدم في مواجهة المنافس الفائز بالعملية الانتخابية, بدعوى أن الدعاية الانتخابة استمرت إلى صبيحة يوم الإقتراع.وفي هذا الصدد ذهبت الغرفة الإدارية في قرارها عدد 1498 بتاريخ 30/10/ 1997 [106]وهو يرد على وسيلة الطعن بما يلي “لكن حيث إن الطاعن لم يوضح ما إذا كانت واقعة الدعاية الانتخابية قد أثرت على عملية الاقتراع ,وإن كانت مخالفة للقانون، فإنها ما دامت لم تؤثر في نتيجة التصويت الذي يبقى سريا ,وأن الناخب عند تواجده بالمعزل يكون حرا في اختياره, كما أن شهادة الشاهدين لم تقتنع بها المحكمة لكونها مجملة ولم تبين من هم الأشخاص الذين سلمت لهم المبالغ المالية, على أن فارق الأصوات الذي يتعدى المائة بين الطرفين يجعل من هذه الواقعة حتى في حالة حصولها ,لا يمكن الارتكاز عليها للقول ببطلان عملية الانتخاب.” ونفس الشيء ذهبت إليه المحكمة الإدارية بمكناس فقد اعتبرت في حكما عدد 418 بتاريخ 22 يوليوز 1997 أن “المخالفات المتعلقة بالحملة الانتخابية لا تكون مبطلة لعملية الانتخاب إلا إذا كان لها تأثير بين على نتيجة الاقتراع”.[107]

المبحث الثاني: العمليات الانتخابية

تتجلى هذه العمليات فأساسا في مسألة تشكيل مكتب التصويت والعضوية فيه ومسؤولياته في الإشراف على عملية الاقتراع، التصويت وظروف سيره(مطلب أول)، فرز وإحصاء الأصوات وتحرير المحاضر ثم الإعلان عن النتائج وتسليم المحاضر(مطلب ثاني)، وهي كلها أساس عملية الانتخاب[108].
المطلب الاول: تشكيل المكتب وعملية الاقتراع

يعد مكتب التصويت أداة هامة في ترسيخ وتكريس الطابع الديمقراطي والتمثيلي لمختلف الاستحقاقات الانتخابية، فهو بمثابة المسؤول الأول عن حسن سير العملية الانتخابية داخل أروقة مكان الاقتراع كما أنه يشرف ويساهم في عملية تحويل الاصوات المعبر عنها الى مقاعد بعد الاعلان عن النتائج. كما تعتبر عملية التصويت أهم عملية في المسلسل الانتخابي لكون الناخب سيعبر من خلالها عن رأيه واختياره للمرشح المفضل بالنسبة اليه وبالتالي التنزيل الفعلي للمقتضيات القانونية المتعلقة بالديمقراطية وعلاقتها بالانتخابات بشكل عام.
الفرع الأول: تشكيل واختصاصات مكتب التصويت

مكتب التصويت هو القاعة التي تجري فيها عملية الاقتراع[109] ويخضع في ذلك لنظام خاص، وسنحاول أن نلامس ما يتعلق بمكتب التصويت من خلال الحديث عن تشكيل المكتب والعضوية فيه والسلطة المختصة بذلك، ثم نبرز أهم الاختصاصات التي يباشرها أثناء وبعد عملية الاقتراع.

الفقرة الأولى: تشكيل مكتب التصويت والعضوية فيه

إن كيفية تشكيل هذه المكاتب أهم ما فيها هو مسألة تعيين رؤسائها_ حيث أن المكتب تحت سلطة رئيسه يشرف على النظام وسلامة كل العمليات المرتبطة بيوم الاقتراع، فهو اذن الساهر على صيانة النظام_ وبالتالي فتعيين هذا الاخير يكون من طرف السلطة الادارية في شخص العامل أو الوالي حسب الحالات، وتحدد بقرار للوالي أو العامل في كل دائرة انتخابية أماكن إقامة مكاتب التصويت، و أماكن إقامة المكاتب المركزية، عند الاقتضاء، مع بيان مكاتب التصويت التابعة لكل مكتب مركزي.
وتقام هذه المكاتب في أماكن قريبة من الناخبين بالبنايات العمومية، و يمكن، عند الضرورة، إقامة المكاتب المذكورة في أماكن أو بنايات أخرى. ثم يحاط العموم علما بهذه الأماكن عشرة أيام على الأقل قبل تاريخ الاقتراع بواسطة تعليق إعلانات أو النشر في الصحف أو في الإذاعة أو التلفزيون أو بأي وسيلة أخرى مألوفة الاستعمال.
وتقوم السلطة الإدارية المحلية، داخل أجل 48 ساعة على الأقل السابقة لتاريخ الاقتراع، بإيداع لوائح الناخبين بالمكاتب الإدارية و مصالح الجماعة أو المقاطعة مبوبة حسب مكاتب التصويت التابعين لها[110].
وبخصوص موقف القضاء الإداري فيما يخص المخالفات المتعلقة بمكان التصويت فقد كان صريحا[111] في حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء رقم 1212 بتاريخ 25/09/03 ومما جاء فيه” وحيث ولئن كانت السلطة المحلية قد درجت على تعيين مكتب التصويت المتعلقة بالدائرة 07 بدفيلات منذ الانتخابات الجماعية للستينات فإن إقدامها بخصوص الانتخابات الجماعية ليوم 12 شتنبر 2003 على إحداث مكتب التصويت بمدرسة العبريين يكون مشروعا طالما أنه تم وفق الكيفيات المنصوص عليها قي المادة 56 السالفة الذكر الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير مستندة بدورها على أساس سليم من القانون”.

وقد تم التنصيص على أن يحاط الناخب علما بمكتب التصويت الذي سيصوت فيه، بواسطة إشعار مكتوب يتضمن اسميه الشخصي و العائلي أو أسماء أبويه، إن لم يكن له اسم عائلي، و عنوانه و رقم بطاقته الوطنية للتعريف، و عنوان مكتب التصويت، و الرقم الترتيبي المخصص له في لائحة الناخبين. و توجه السلطة الإدارية المحلية الإشعار المذكور إلى الناخبين بأي وسيلة من الوسائل المتاحة. و لا يعتبر هذا الإشعار ضروريا للتصويت[112].
أما فيما يخص الرؤساء فيقوم الوالي أو العامل، 48 ساعة على الأقل قبل تاريخ الاقتراع، بتعيين من بين الموظفين أو الأعوان العاملين بالإدارة العمومية أو الجماعات الترابية أو من بين مستخدمي المؤسسات العمومية أو الناخبين غير المترشحين الذين يحسنون القراءة و الكتابة، و تتوفر فيهم شروط النزاهة و الحياد، الأشخاص الذين يعهد إليهم برئاسة مكاتب التصويت، و يسلمهم لوائح الناخبين التابعين للمكتب المعهود إليهم برئاسته، و لائحة الترشيحات المسجلة في الدائرة الانتخابية، و أوراق إحصاء الأصوات، و المطبوع الخاص بتحرير محضر العمليات الانتخابية الذي يتضمن البيانات الخاصة بلوائح الترشيح أو المترشحين المسجلين في الدائرة الانتخابية المعنية. و يعين أيضا الأشخاص الذين يقومون مقام رؤساء مكاتب التصويت إذا تغيبوا أو عاقهم عائق.
وفيما يخص مسألة تعيين روساء واعضاء مكاتب التصويت ورقابة القضاء عليها، فقد صدرت عن المجلس الدستوري مجموعة من القرارات تهم السألة، وقد جاء في قراره رقم 780 : “لكن حيث، من جهة، إنه فضلا عن انه ليس ف القانون ما يمنع من تعيين رؤساء مكاتب التصويت من بين موظفي الجماعات التي يرأسها أعضاء مكاتب التصويت من بين موظفي الجماعات التي يرأسها مرشحون للانتخاب أو ذووهم طالما لم يقترن ذلك بتحيز رؤساء وأعضاء تلك المكاتب أو بالاخلال بما يجب أن يتوفر فيهم من نزاهة وحياد، وهو ما لم يثبته الطاعنون، فإن ادعاء قيام رؤساء واعضاء مكاتب التصويت بالضغط على الناخبين للتصويت لفائدة المطعون في انتخابهما لم يدعم بأي دليل يسنده، وأن ارتفاع نسبة عدد الاصوات التي حصل عليها المطعون في انتخابه الأول بمكاتب التصويت التابعةلجماعة دار بوعزة مقارنة مع باقي المكاتب الاخرى، لا يشكل قرينة على أن ضغطا مورس على الناخبين للتصويت لفائدته، ومن جهة اخرى، إنه اضافة على انه ليس في القانون ما يوجب التنصيص في محاضر مكاتب التصويت على ان اعضاء هذه المكاتب من الناخبين وان تسجل فيها ارقام بطائقهم الانتخابية وانهم يعرفون القراءة والكتابة، فإن الطرف الطاعن لم يدل بما يثبت ان تعيين اعضاء المكاتب التصويت تم خلافا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب”[113].
وقد كرس المجلس الدستوري هذا التوجه في قراره رقم 781 الذي جاء فيه: “…لكن حيث، من جهة أولى، إنه في المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ما يمنع تعيين رؤساء مكاتب التصويت من بين موظفي جماعة يرأس مجلسها مرشح للانتخاب، طالما لم يقترن ذلك بتحيز رؤساء تلك المكاتب أو الاخلال بما يجب أن يتوفر فيهم من نزاهة وحياد، وهو ما لم يثبته الطاعن”[114].
ويساعد رئيس مكتب التصويت ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم داخل الأجل و وفق الكيفيات و الشروط المشار إليها أعلاه مع بيان مهامهم. كما يتم تعيين نواب عنهم يقومون مقامهم إذا تغيبوا أو عاقهم عائق[115].
وقد سبق للمجلس أن ذهب في نفس الاتجاه في مجموعة من قراراته، ففي قراره رقم 761 صرح المجلس الدستوري بأن: “… تعيين رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت يرجع الأمر فيه الى العامل وفق أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، والطرف الطاعن لم يثبت أن تعيين رؤساء مكاتب التصويت بجماعة الكنزرة التي يرأس مجلسها المطعون في انتخابه الثالت واختيار أعضاء مكتب التصويت رقم 336 بايت ايشو من عائلة مساندة للمطعون في انتخابه الثاني – على فرض ثبوته – كان نتيجة مناورات تدليسية وأنه بالفعل سهل التلاعب بالاصوات”[116]. هذا التوجه نجده كذلك في مجموعة من قرارات المجلس منها القرار رقم 763[117]، 764[118]، 766[119]، 767[120]، 769[121] و 774[122] وغيرها من القرارات.
أما الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى فقد ألغت نتيجة العملية الانتخابية لأن تعيين نائب الرئيس لم يتم من طرف السلطة المختصة[123]، كما ان المحكمة الادارية بمراكش عمدت الى الغاء نتيجة العملية الانتخابية لتعيين احد اعضاء مكتب التصويت من طرف المقدم قبل يوم الاقتراع، خصوصا وان تعيين هؤلاء يدخل في اختصاص الرئيس، وجاء في احدى حيثياتها ان مكتب التصويت شكل: “على خلاف مقتضيات المادة 57 من مدونة الانتخابات التي تشترط في اعضاء مكتب التصويت ان يتم اختيارهم من بين الناخبين الذين يحضرون للتصويت يوم الاقتراع. وحيث تتجلى الحكمة من ذلك اساسا، تمكين الناخبين من الاشتراك في مراقبة العمليات الانتخابية التي تجري في جماعتهم فضلا عن تحقيق المساواة بين جميع المرشحين المتنافسين من خلال تحقيق الحياد التام لمكتب التصويت الذي يركب من ناخبين غير معروفين من قبل وذلك تفاديا لأي تأثير عليهم أو مساومة لهم”[124].
ويترتب على تشكيل مكتب التصويت بدون كاتب إلغاء العملية الانتخابية، لما لدور الكاتب من اهمية كبرى، خاصة وانه مكلف بتحرير محضر التصويت والاشارة الى كافة الملاحظات المثارة”[125].
كما ان قيام رئيس مكتب التصويت بمهام الكاتب[126]، أو اسناد هذه المهمة لموظفة بغرفة الفلاحة[127]، كاف لالغاء العملية الانتخابية. وبخصوص عدد الاعضاء الواجب توافرهم في مكتب التصويت، فإن المحكمة الادارية بالدار البيضاء صرحت “… بأنه وتطبيقا لمقتضيات الفقرتين الاولى والثانية من الفصل 57 من مدونة الانتخابات فإن تكوين مكتب التصويت باعتباره من العمليات التحضيرية للاقتراع يجب الا يقل على عدد اعضائه عند بداية التكوين عن خمسة اعضاء بما فيهم الرئيس وألا يقل عن ثلاثة طيلة مدة اجراء العمليات الانتخابية.
وحيث إن اشارة مكتب التصويت في محضر العمليات الانتخابية الى ان تكوين اعضاء المكتب اقتصر على اربعة يعتبر مخالفة للمقتضيات المذكورة وينهض بالتالي سببا للطعن”[128].
كذلك بسط القضاء الاداري رقابته على المخالفات المتعلقة بتشكيل مكتب التصويت، وجاء في حكم عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في الملف رقم 2003/1253غ المؤرخ في 29 شتنبر2003 في إحدى حيثياته ما يلي [129]”وحيث إنه بخصوص السبب المعتمد في مكتب التصويت كان مشكلا من أعضاء أميين فإنه من الثابت فقها وقضاء أن الأصل هو حمل الإجراءات المتعلقة باختيار أعضاء التصويت وكونهم يحسنون القراءة إلى أن يثبت العكس وأن مجرد توقيع المعنيين بالأمر على محاضر عمليات التصويت قرينة كافية على عدم أميتهم إلى أن يثبت عكس ذلك…”
وبخصوص المكاتب المركزية فقرار تعيين رؤسائها و أعضاءها و نوابهم يكون كذلك من الوالي أو العامل ضمن نفس الشروط و الكيفيات المحددة سابقا. وينعقد المكتب المركزي يوم الاقتراع بعد اختتام التصويت إلى غاية إنجاز مهامه.
وإذا تعذر حضور الأشخاص المعينين لتشكيل مكتب مركزي، وجب على السلطة الإدارية المحلية تكوين المكتب المذكور من بين رؤساء و أعضاء مكاتب التصويت الملحقة بالمكتب المركزي المعني أو نوابهم أو من بين الناخبين الذين يحسنون القراءة و الكتابة. و يشار إلى هذه الحالة ببيان خاص في محضر المكتب المركزي[130].

الفقرة الثانية:اختصاصات مكتب التصويت

كما سبق وأشرنا، فمكتب التصويت تحت سلطة رئيسه يشرف على النظام وسلامة كل العمليات المرتبطة بيوم الاقتراع، فهو الساهر على صيانة وضبط النظام حتى تمر عملية الاقتراع بشكل سلس وفي ظروف حسنة. و يفصل اضافة الى ذلك في جميع المسائل التي تثيرها عمليات الانتخاب و تضمن قراراته في محضر العمليات الانتخابية.
ويتولى الرئيس مهمة المراقبة و حفظ النظام داخل مكتب التصويت الذي يتولى رئاسته.
ويخول وكيل كل لائحة أو كل مترشح الحق في التوفر في كل مكتب تصويت أو مكتب مركزي على ممثل ناخب مؤهل، ليراقب بصفة مستمرة عمليات التصويت و فرز الأصوات و إحصائها، التي يقوم بها المكتب المعني. كما يحق للممثل المذكور أن يطلب تضمين المحضر جميع الملاحظات التي قد يدلي بها في شأن العمليات المذكورة. و يجب تبليغ اسم هذا الممثل، إلى غاية الساعة الثانية عشرة من زوال اليوم السابق لتاريخ الاقتراع، إلى السلطة الإدارية المحلية التي يتعين عليها أن تخبر بذلك رئيس المكتب المعني.
وتسلم السلطة الإدارية المحلية فورا إلى وكيل اللائحة أو إلى المترشح وثيقة تثبت صفة ممثل. و يجب أن يقدم الممثل هذه الوثيقة إلى رئيس المكتب المعني.
كما يتوجب أن يكون لدى كل مكتب للتصويت لائحة في نظيرين للناخبين الذين يتعين عليه تلقي أصواتهم، تتضمن أرقامهم الترتيبية و أرقام بطائقهم الوطنية للتعريف[131].
أما الأشخاص المعينين لمساعدة رئيس مكتب التصويت، فإذا تعذر حظورهم ساعة افتتاح الاقتراع، اختار رئيس المكتب المذكور لمساعدته الناخبين الاثنين الأكبر سنا و الناخب الأصغر سنا من بين الناخبين غير المترشحين الحاضرين بمكان التصويت الذين يحسنون القراءة و الكتابة. و في هذه الحالة، يتولى أصغر الأعضاء سنا مهام كاتب مكتب التصويت.
انطلاقا مما سبق، يتضح أن أهم دور هو ذلك المسند لرئيس مكتب التصويت، فرغم أن جميع مراحل العملية الانتخابية منظمة قانونا، فإن ذلك لا يعطي حصانة كافية لها، فالرئيس يستطيع أن يقوم بممارسات لا يمكن اثباتها لدى القضاء مثلا كأن يرفض حظور ممثلي المرشحين، بل قد يرفض تسجيل ملاحظاتهم ويمتنع عن تسليمهم نسخا من المحاضر. وبما أنه هو الساهر على صيانة النظام، فله أن يتذرع بأي ذريعة أو مبرر لطرد أحد الممثلين بدعوى الاخلال بالنظام العام، الى غير ذلك من الممارسات التي لها تأثير على نتائج لعملية الانتخابية[132]
الفرع الثاني: عملية التصويت

عملية التصويت هي العمليات التي يقوم بها الناخب تحت مراقبة مكتب التصويت وممثلي المرشحين بدءا من دخوله قاعة التصويت الى غاية خروجه منها[133]، ويكون التصويت سريا، و يتم داخل معزل بوضع الناخب علامة تصويته في المكان المخصص للائحة أو للمترشح الذي يختاره في ورقة التصويت الفريدة الحاملة لطابع السلطة الإدارية المحلية. و يتوجب على الناخبين ألا يهتموا في مكاتب التصويت إلا بالإدلاء بأصواتهم، و لا يجوز لهم إثارة أي جدال أو نقاش كيفما كان نوعه[134].
وتطبيقا لمبدأ سرية الاقتراع، صرحت المحكمة الادارية بوجدة بالغاء عملية انتخاب النائب الثاني والثالث لرئيس المجلس القروي لجماعة إسلي، لأن الاقتراع لم يكن سريا حيث تم التصويت بالاجماع عن طريق رفع الايادي والتصفيق”[135].
وفي حكم صادر عن المحكمة الادارية بفاس، قضت ببطلان العملية الانتخابية لانتخاب النائب الثاني لرئيس غرفة الصناعة التقليدية لإقدام عضو على الاعلان عن تصويته على احد المرشحين اثناء سريان عملية التصويت داخل مكتب التصويت وبشكل علني مما حدا بأعضاء آخرين الى القيام بنفس التعبير الصريح والعلني عن تصويتهم لفائدة المرشح الفائز”[136].
وقد تم التنصيص على أن يفتتح الاقتراع على الساعة الثامنة صباحا و يختتم في الساعة السابعة مساء. و إذا تعذر افتتاح الاقتراع في الساعة المقررة في هذا القانون التنظيمي لسبب قاهر، وجبت الإشارة إلى ذلك في محضر العمليات الانتخابية[137]. وعدم التقيد بهذا المقتضى قد يؤدي الى إلغاء نتيجة الانتخاب، ففي قراره رقم 17 قضى المجلس الدستوري بإلغاء الانتخاب حيث جاء في منطوق هذا القرار أن : “اختتام الاقتراع في ثلاث مكاتب للتصويت قبل الساعة المحددة في المقرر الصادر عن عامل الإقليم بتمديده يؤثر في نتيجة الاقتراع”[138].
ويعد احترام أوقات التصويت مسألة ضرورية لسير عملية التصويت، وقد صرحت الغرفة الادارية بأن “مراعاة الوقت الذي حدده القانون إجراء جوهري يتعلق بالنظام العام كما لاحظت ذلك محكمة الدرجة الاولى وأن أي إخلال به يدخل تحت طائلة البطلان بصرف النظر عن تأثيره أو عدم تأثيره على نتيجة الاقتراع”[139].
كما ان الغرفة الادارية تقضي ببطلان الانتخاب في حالة توقف عملية الانتخاب فترة من الزمن، لتأثير ذلك على النتيجة المعلن عنها[140].
وفي حكم آخر، أقرت المحكمة الادارية بالرباط بأن “توقف العملية الانتخابية فترة وجيزة كانت بسبب اكتشاف اوراق انتخابية ضمن اوراق الطاعن لا يد للفاعل فيها ولم يقم دليل على استعمال تلك الاوراق ا وان لهذا الخطأ المادي المفاجئ تأثير على نتيجة العملية الانتخابية، الامر الذي يكون ما ذهب اليه الحكم المستأنف من الغاء نتيجة العملية الانتخابية بسبب ذلك مجانب للصواب”[141].
وبخصوص اغلاق مكتب التصويت قبل الوقت المحدد قانونا صرحت الغرفة الادارية أن خرق هذا الاجراء القانوني يترتب عنه بطلان الانتخاب بقطع النظر عن عدد الناخبين الذين لم يتمكنوا من التصويت، وتأثيره او عدم تاثيره على نتيجة الاقتراع”[142].
وبعد الافتتاح وقبل الادلاء بالصوات يقوم رئيس مكتب التصويت بإحصاء أوراق التصويت المسلمة له قبل الإعلان عن الشروع في الاقتراع، و يعلن ذلك جهرا أمام مكتب التصويت و ممثلي المترشحين الحاضرين و يضمنه في محضر التصويت.
ثم يعاين الرئيس في الساعة المحددة للشروع في الاقتراع أمام الناخبين الحاضرين أن الصندوق لا يحتوي على أي ورقة ثم يسده بقفلين أو مغلاقين متباينين، يحتفظ بأحد مفتاحيهما، و يسلم الآخر إلى عضو مكتب التصويت الأكبر سنا[143].
وهكذا، فإن المحكمة الادارية بفاس قضت بأن فتح صندوق الاقتراع لاي سبب من الاسباب ثبل موعد انتهاء العملية الانتخابية، يشكل خرقا واضحا لإجراء جوهري يعتبر من النظام العام، وموجب لبطلان العمليات الانتخابية بصرف النظر عن مدى تأثير هذا الاخلال على نتيجة الاقتراع”[144]. ونفس الموقف عبرت عنه الغرفة الادارية في أحد قراراتها حيث صرحت بأن ” … واقعة فتح الصندوق وإخراج الأظرفة الثلاثة منه والتي تحتوي على أصوات المكفوفين، ونزع ما بداخلها من أوراق التصويت الخاصة بالسيد الجيلالي مزهار، ووضع أوراق التصويت الخاصة بالسيد عبد الوهاب الدرة مكانها، وذلك أمام الملأ، وبعد ذلك إغلاق الصندوق لتستمر عملية الاقتراع، هي واقعة يعترف بها الجميع وليست محل نزاع، ومثبتة بمحضر العمليات الانتخابية، فهذا العمل الذي قام به رئيس مكتب التصويت يمس بمبدأ سرية الاقتراع نظرا للإضطراب الذي ساد عملية الاقتراع ويخالف الاجراءات المنصوص عليها في مدونة الانتخابات، لأن الصندوق لا يمكن فتحه إلا عند نهاية عملية الاقتراع للشروع بعملية الفرز، ولا يمكن اعتباره قوة قاهرة لأنه عمل تم بفعل الانسان وإرادته، وبذلك تكون محكمة الدرجة الأولى على صواب عندما قضت ببطلان نتيجة العملية الانتخابية…”[145].
وبعد ذلك تأتي عملية التصويت من طرف الناخب الذي يدخل المكتب ويسلم بطاقته الوطنية للتعريف إلى كاتب مكتب التصويت الذي يعلن بصوت مسموع الاسم الكامل للناخب، بعدها يأمر الرئيس بالتحقق من وجود اسم الناخب في لائحة الناخبين و من هويته، ثم يأخذ الناخب بنفسه من فوق طاولة معدة لهذا الغرض ورقة تصويت واحدة. و يحرص رئيس مكتب التصويت على احترام هذا المقتضى، ويدخل الناخب و بيده ورقة التصويت إلى المعزل و يضع، حسب اختياره، علامة أو علامتي تصويته، في حالة الانتخاب على مستوى دائرتين انتخابيتين، في المكان المخصص للائحة أو للمترشح. و يقوم بطي ورقة التصويت قبل الخروج من المعزل، و يودعها بنفسه مطوية في صندوق الاقتراع، ثم يضع الرئيس على يد المصوت علامة بمداد غير قابل للمحو بسرعة. و يضع إذاك عضوا المكتب في طرة لائحة الناخبين إشارة أمام اسم المصوت، بعدها يعيد الكاتب للناخب بطاقته الوطنية للتعريف، ثم يغادر قاعة التصويت في الحين.
وفي حالة إذا كان الناخب يحمل قرارا قضائيا بالتسجيل في اللائحة الانتخابية العامة، أمكنه التصويت على النحو المبين أعلاه، مع الإشارة إلى ذلك في المحضر.
إذا تعلق الأمر بناخب تابع لمكتب التصويت و موكل من لدن ناخب مقيم خارج تراب المملكة، قام الناخب الوكيل بالتصويت باسمه أولا، وفق الكيفيات المبينة أعلاه، قبل التصويت، وفق نفس الكيفيات، نيابة عن الناخب الذي منحه الوكالة و ذلك بعد الإدلاء بوثيقة الوكالة و بطاقته الوطنية للتعريف. و يشار إلى هذه الحالة ببيان خاص في محضر مكتب التصويت.
وإذا كان الوكيل لا يتوفر على صفة ناخب بمكتب التصويت التابع له الناخب الذي منحه الوكالة أدلى ببطاقته الوطنية للتعريف و بوثيقة الوكالة، ثم باشر عملية التصويت لفائدة الموكل وفق الكيفيات المبينة أعلاه. و يشار إلى هذه الحالة ببيان خاص في محضر مكتب التصويت.
ويمكن لكل ناخب به إعاقة ظاهرة تمنعه من وضع علامة تصويته على ورقة التصويت أو إدخال هذه الورقة في صندوق الاقتراع، أن يستعين بناخب من اختياره، يكون متوفرا على البطاقة الوطنية للتعريف. و يشار إلى هذه الحالة في محضر العمليات الانتخابية. غير أنه لا يمكن لأي شخص أن يقدم المساعدة لأكثر من ناخب معاق واحد[146].
لكن يشترط ألا يكون الناخب الذي يقدم المساعدة من أقرب أقرباء أحد المرشحين وألا تتعدى المساعدة مجرد تمكين الناخب ضعيف البصر من القلم و ورقة التصويت و الذهاب معه للمعزل، ففي حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس[147]، حيث تمسك الطاعن في مقاله بكون عملية الاقتراع المطعون في نتيجتها بالدائرة الانتخابية رقم 2 لجماعة ارغيوة إقليم تاونات، تميزت بقيام أخ المرشح الفائز بالدخول رفقة عدد من الأشخاص المكفوفين إلى مكتب التصويت بعلة مساعدتهم على القيام بالإدلاء بأصواتهم، وفي قرار سابق للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى وهو القرار عدد 1440الصادر بتاريخ 12/10/1997 في الملف الإداري عدد 1518/15/5/2/97 الذي انتهت فيه الغرفة الإدارية إلى أن سرية الاقتراع وما يحيط بها من ضمانات للحفاظ على حقوق المرشحين تقتضي أن تتم مساعدة العجزة و المعاقين و منهم فاقدي البصر من طرف أقربائهم و أوليائهم الذين يطمئنون إليهم، وللحفاظ على السرية و صيانتها فإن هذه المساعدة يجب أن تقتصر على تمكين الناخب ضعيف البصر من القلم و ورقة التصويت و الذهاب معه للمعزل دون أن يمتد الأمر لأكثر من ذلك حفاظا على سرية التصويت.[148]

هذا، وقد اتفقت جميع المقتضيات القانونية على أنه اذا نسي الناخب بطاقته الانتخابية أو أضاعها أمكنه مع ذلك أن يصوت بشرط أن يعرف هويته أعضاء المكتب أو ناخبان يعرفهما أعضاء المكتب وينص على هذه العملية في محضر العمليات[149].

لكن يجب ان لا يتم التمييز بين الناخبين في هذه المسألة، اذ أن تمييز رئيس المكتب بين الناخبين عند التأكد من هويتهم لممارسة حقهم الانتخابي، قد يؤدي الى بطلان العملية الانتخابية، وهو ما قضت به الادارية بفاس لان “… المادة 62 الفقرة الاخيرة من قانون 9.97 توجب على رئيس مكتب التصويت أن يطلب من الناخب غير المتوفر على بطاقة الناخب الادلاء بالشاهدين، فإن هذه الامكانية لم يعممها رئيس مكتب التصويت بالدائرة رقم 10 على جميع الناخبينخارقا بذلك حق المساواة في التصويت لبعض الناخبين المسجلين. وما دام ان هذه الوضعية تكررت لأكثر من ست مرات حسب تصريح أحد الأعضاء مع ان الفرق في نتيجة الاقتراع بين المرشحين هو اربعة اصوات فقط حسب محضر العملية الانتخابية المودع بهذه المحكمة، فان ذلك قد أثر بشكل مباشر في عملية الاقتراع…”[150].
وكل ناخب صوت بتزكية شهود لا يعتبرون من بين الناخبين المعروفين من طرف اعضاء المكتب يؤدي الى بطلان العملية الانتخابية اذا كان لهذا التصويت تأثير على النتيجة المحصل عليها”[151].
أما ما يتعلق بحضور السلطة في عملية الاقتراع في هذا الإطار,اعتبر القضاء الإداري أن مجرد حضور السلطة المحلية في شخص أحد أعوانها لايؤدي إلى بطلان العملية الإنتخابية وللمحكمة أن تتأكد من خلال ظروف النزاع وملابساته من مدى التزام ممثل السلطة الحاضر بالحساد واقتصاره على حفظ النظام والإنضباط ولا يتعداها في أعمال أخرى.ونجد هذا في حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في الملف رقم 279/ 7/ 2009 بتاريخ 31 يونيو2009 [152]والذي جاء في إحدى حيثياته”وحيث لما كان من الثابت أن مجرد حضور السلطة المحلية والدرك الملكي لمكان الإقتراع لم يتجاوز الحضور لحفظ النظام والأمن العام وأنه ليس بالملف مايفيد تدخلها في العملية الإنتخابية فإنه وعملا بالمستقر عليه في القضاء الإداري فإن الوسيلة المثارة تبقى عديمة الأساس ويتعين ردها”.
المطلب الثاني: فرز واحصاء الاصوات، تحرير المحاضر والاعلان عن النتائج

بمجرد اختتام الاقتراع، يتولى المكتب فرز الأصوات بمساعدة فاحصين في المكاتب التي يتجاوز عدد ناخبيها المائتين، على أن تعيين الفاحصين هو من اختصاص رئيس مكتب التصويت، ويجوز لكل مرشح أن يعين فاحصين شريطة أن يسلم أسماء هؤلاء الى رئيس المكتب ساعة قبل اختتام الاقتراع على الأقل[153]. وبعدها يتم الاعلان عن النتائج ثم توثيقها بوضع محاضر رسمية وتسليمها الى السلطة المختصة.

الفرع الأول: عملية الفرز واحصاء الاصوات

هما عمليتان مترابطتين ومتتاليتين، إذ ان الثانية تتم مباشرة بع الانتهاء من الأولى التي يتم خلالها الفحص الدقيق للأصوات واستبعاد الأصوات الملغاة نتيجة أخطاء قد تندرج فيها والاحتفاظ بالأصوات الصحيحة لتتم بعدها عملية عدها وإحصائها.
يتولى المكتب فرز الأصوات بمساعدة فاحصين. و يجوز للرئيس و أعضاء المكتب أن يقوموا بأنفسهم بفرز الأصوات دون مساعدة فاحصين إذا كان مكتب التصويت يشتمل على أقل من مائتي ناخب مقيد.
وقد أصدرت المحكمة الادارية بفاس حكما اعتبرت فيه أن استئثار رئيس نكتب التصويت بعملية فرز الأصوات وإحصائها دون مشاركة باقي أعضاء المكتب يعيب العملية الانتخابية[154]، كما صرحت في حكم آخر أن اجراء عملية فرز الأصوات وإحصائها والاعلان عن النتيجة خارج خارج مكتب التصويت يترتب عنه بطلان الانتخاب[155].
ويساعد رئيس مكتب التصويت عدة فاحصين يحسنون القراءة و الكتابة يختارهم من بين الناخبين الحاضرين غير المترشحين و يوزعهم على عدة طاولات يجلس حول كل منها أربعة فاحصين. و يسمح للمترشحين بتعيين فاحصين يجب توزيعهم بالتساوي على مختلف طاولات الفرز بقدر الإمكان. و في هذه الحالة، يجب أن يسلم المترشحون أسماء الفاحصين الذين يقترحونهم إلى رئيس مكتب التصويت قبل اختتام الاقتراع بساعة على الأقل.
وبهذا الصدد اعتبر المجلس الدستوري في قراره رقم 779 “… لكن حيث، من جهة، إنه فضلا عن أن الادعاء المتعلق بعدم تعيين فاحصين وبعدم السماح لممثلي اللوائح المرشحة بحضور عملية الفرز جاء عاما غير محدد لمكاتب التصويت المعنية، فإن شقه الاول لم يدعم بأي دليل، إضافة الى أن عدم التقيد بهذا الاجراء على فرض ثبوته، لا يعني أن ذلك كان له تأثير على نتيجة الاقتراع، طالما لم يقترن الأمر بمناورات تدليسية، وهو ما لم يثبته الطاعن”[156].
كما صرح في قرار آخر بأنه “… من جهة أولى، إن ادعاء عدم الاستعانة في بعض مكاتب التصويت بفاحصين أثناء عملية الفرز ليس من شأنه –على فرض ثبوته – الاخلال بسلامة العملية الانتخابية ما لم يكن في الأمر تدليس، وهو ما لم يقع اثباته، ومن جهة ثانية، إن ما ادعي من عدم تحقق رؤساء مكاتب التصويت من كون عدد أوراق التصويت يقلل أو يزيد عن عدد المصوتين جاء عاما لعدم تحديد مقار وأرقام مكاتب التصويت المعنية”[157].
وفي قرار آخر ذهب الى القول “… حيث من جهة، إنه فضلا على ان الطاعن لم يحدد ارقام ومقار ومكاتب التصويت التي ادعي انه لم يقع فيها التقيد بأحكام الفقرة الاولى من المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، المتعلقة بالاستعانة بالفاحصين عند عملية فرز وإحصاء الأصوات فإنه، حتى على فرض صحة الادعاء، فإن الطرف الطاعن لم يثبت ان ذلك كان نتيجة مناورات تدليسية، ومن جهة اخرى، إن ما ادعاه الطاعن من اطلاع رؤساء مكاتب التصويت وحدهم على اوراق التصويت ومنع ممثلي الطاعنين من ذلك ومن تضمين ملاحظاتهم بشأن عملية الفرز، مع احتساب عدد من أصوات الاوراق الملغاة لصالح المطعون في انتخابهما الثاني والثالث واعتبار عدد آخر من الاوراق الصحيحة الخاصة بالطاعنين الملغاة، جاء عاما ومجردا من أي حجة تثبته”[158].
و بمجرد اختتام الاقتراع، يقوم رئيس مكتب التصويت أو من يعينه لهذه الغاية من بين أعضاء المكتب بفتح صندوق الاقتراع و التحقق من عدد أوراق التصويت. و إذا كان هذا العدد أكثر أو أقل من عدد المصوتين الموضوعة أمام أسمائهم الإشارة المنصوص عليها في المادة 20 أعلاه و جبت الإشارة إلى ذلك في المحضر.
ثم يقوم الرئيس بتوزيع أوراق التصويت على مختلف الطاولات. و يأخذ أحد الفاحصين كل ورقة و يدفعها غير مطوية إلى فاحص آخر يقرأ بصوت عال اسم وكيل لائحة الترشيح أو اسم المترشح الذي وضعت علامة التصويت في المكان المخصص له. و يسجل فاحصان آخران على الأقل في أوراق إحصاء الأصوات المعدة لهذا الغرض، الأصوات التي نالتها كل لائحة أو نالها كل مترشح بالنسبة للانتخاب على مستوى الدائرة الانتخابية المعنية.
وفي حالة ما إذا اشتملت ورقة التصويت، في المكان المخصص للتصويت، على عدة علامات تصويت، تلغى إذا كانت تلك العلامات للوائح أو لمترشحين مختلفين. و تعد بصوت واحد إذا كانت تلك العلامات للوائح أو لمترشحين مختلفين. و تعد بصوت واحد إذا كانت للائحة واحدة أو لمترشح واحد.
أما في حالة الانتخاب على مستوى دائرتين انتخابيتين في نفس ورقة التصويت، تعتبر أوراق التصويت التي لا تشتمل إلا على علامة تصويت واحدة لفائدة لائحة الترشيح أو المترشح أوراقا صحيحة. و لا يحتسب هذا التصويت إلا لفائدة الانتخاب المطابق.
ويعتبر التصويت صحيحا، بالنسبة للانتخاب المعني، و لو امتدت علامة التصويت إلى خارج الإطار المخصص لرمز اللائحة أو المترشح المعني ما لم تصل العلامة المذكورة إلى الإطار الخاص برمز لائحة أخرى أو مترشح آخر[159].
وتلغى الأوراق التي تحمل علامة خارجية أو داخلية من شأنها أن تضر بسرية الاقتراع أو تتضمن كتابات مهينة للمترشحين أو غيرهم أو تشتمل على اسم المصوت أو لا تحمل طابع السلطة الإدارية المحلية؛ وأيضا تلك التي يعثر عليها في صندوق الاقتراع بدون علامة تصويت أو تحمل علامة تصويت لفائدة أكثر من لائحة واحدة أو أكثر من مترشح واحد بالنسبة للانتخاب على مستوى الدائرة الانتخابية المعنية؛ كما تلغى الأوراق المشطب فيها على اسم لائحة أو عدة لوائح أو اسم مترشح أو عدة مترشحين.[160]

الفرع الثاني: تحرير المحضر والاعلان عن النتائج

يقصد بمحضر التصويت الكناش الذي تدون فيه كل الملاحظات المتعلقة بسير عملية الاقتراع والنتائج التي تفرزها العملية الانتخابية، وكذا جميع الخروقات التي تمارس من قبل الافراد، وينبغي أن يحمل توقيع رئيس مكتب التصويت وأعضائه وذلك بعد انتهاء العملية الانتخابية.
و قد ورد في احدى حيثيات المجلس الدستوري ” وحيث ان … عدم توقيع محضر مكتب التصويت وفق الشروط المنصوص عليها في احكام المادة 41 من القانون التنظمي المتعلق بمجلس المستشارين يفقده قوة الاثبات القانونية و يكون مآله البطلان “.[161]
يقوم رئيس مكتب التصويت بإعلان نتيجة المكتب بمجرد انتهاء عملية فرز الأصوات و إحصائها. ثم تحرر على الفور، في ثلاثة نظائر المحاضر الخاصة بالانتخاب على مستوى الدائرة الانتخابية المعنية و يوقع عليها، حسب الحالة، رئيس و أعضاء مكتب التصويت أو المكتب المركزي أو لجنة الإحصاء.
غير أنه، إذا تعذر لسبب قاهر على عضو من أعضاء مكتب التصويت أو المكتب المركزي أو لجنة الإحصاء أن يكون حاضرا في المكاتب أو اللجان المذكورة إلى غاية إنهاء عملية الاقتراع أو فرز الأصوات أو إحصائها أو إعلان النتائج، يوقع المحضر من قبل الأعضاء الحاضرين و ينص فيه على هذه الحالة.
وقد أكد القضاء الادري أن عدم توقيع المحضر من اكثر من عضو لا يترتب عنه الغاء العملية النتخابية ما دامت قد مرت طبقا للقانون، وقد جاء في أحد القرارات : ” انعدام التوقيع من طرف عضو بسبب قاهر، لا يترتب عنه حتما الغاء العملية الانتخابية ، مادامت قد مرت طبقا للقانون و لم تشبها اية شائبة ، اما اذا لم يوقع على المحضر اكثر من عضو دون تبيان ذلك، فان الانتخاب قد يبطل ولو مرة في جو غير مشوب باية خروقات … لان عدم التوقيع على المحضر من اكثر من عضو يضفي على العملية الانتخابية برمتها طابع الشك و الريبة ، و يجعل المحضر المذكور في الميزان”.[162]
أما بخصوص توقيع المحاضر على بياض فقد جاء في احدى حيثيات المجلس الدستوري ” و حيث انه اي كانت الظروف التي حصل فيها ممثل الطاعن على محضر مكتب التصويت المدلى به فانه من الثابت على كل حال و باعتراف رئيس و اعضاء مكتب التصويت انه كان مذيلا بتوقيعاتهم من غير ان تضمن فيه نتائج الاقتراع ، الامر الذي يستخلص منه بالضرورة ان توقيعه تم على بياض …. و حيث انه لا يمكن الاطمئنان الى ان ذلك لم يكن حال باقي نظائر المحضر المذكور ، الامر الذي يجعل النتائج المدونة فيها التي خلا منها المحضر المدلى به ، محل شبهة تحول دون اعتمادها و تستوجب بالتالي الغائها و ابطال الانتخاب تبعا لذلك ” [163].
إذا كانت الدائرة الانتخابية تشتمل على عدة مكاتب للتصويت، يقوم أعضاء كل مكتب من هذه المكاتب بحصر و إمضاء نتيجة الاقتراع الذي تم فيه ثم يحملها رئيس المكتب إلى المكتب المركزي المنصوص عليه في المادة 13 من القانون التنظيمي رقم 59.11، و يباشر هذا المكتب فورا بمحضر رؤساء مكاتب التصويت الأخرى التابعة له إحصاء أصوات الدائرة الانتخابية المعنية و إعلان نتيجتها. بعدها تثبت عملية إحصاء الأصوات و إعلان النتائج في محضر يحرر في ثلاثة نظائر، يوقع عليها رئيس و أعضاء المكتب المركزي[164].
وقد أضافت المادة 24 من القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية بعض المقتضيات تهم حالة ما إذا أحرزت لائحتان أو عدة لوائح نفس البقية، فإنه ينتخب برسم المقعد المعني المترشح الأصغر سنا و المؤهل من حيث الترتيب في اللائحة. و في حالة تعادل السن، تجرى القرعة لتعيين المترشح الفائز.
أما إذا تعلق الأمر بالاقتراع الفردي بالأغلبية النسبية في دورة واحدة، أو في حالة انتخاب عضو واحد في إطار دائرة انتخابية، يعلن عن انتخاب المترشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات.
وإذا أحرز مترشحان أو عدة مترشحين عددا متساويا من الأصوات، انتخب أصغرهم سنا. و في حالة تعادل السن، تجرى القرعة لتعيين المترشح الفائز.
أما المادة 25 فنصت على أنه تسلم فورا إلى ممثل كل مترشح أو لائحة نسخة من المحاضر المشار إليها في المادة 23 بعد ترقيمها و توقيعها من طرف رئيس و أعضاء مكتب التصويت أو المكتب المركزي أو لجان الإحصاء، حسب الحالة. و تكون لنسخ المحاضر هذه نفس حجية نظائرها الأصلية.
و لهذه الغاية، و فضلا عن المحاضر المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 23، يتم باستخدام أي وسيلة متوفرة، إعداد نسخ من المحاضر في عدد يعادل عدد المترشحين أو لوائح الترشيح.
وبخصوص المنازعات المتعلقة بالمحاضر اعتبر القضاء الاداري في إحدى أحكامه ونذكر منه حكم المحكمة الإدارية بالدر البيضاء رقم26 2003/09/غ بتاريخ 26 شتنبر 2003 [165]ومما جاء فيه”وحيث انه بعد اطلاع المحكمة على محضر مكتب التصويت رقم(…)ومقارنته بنظيره المودع بكتابة بضبط هذه المحكمة..تبين لها وجود تعارض في البيانات المضمنة بالمحضرين السالفي الذكر,(…) مما يثير نوعا من اللبس والريبة في كون العملية الانتخابية قد تمت وفق الإجراءات المقررة في القانون وشابتها مناورات تدليسية”.
أما المجلس الدستوري فأورد في قراره “… انه فضلا عن أن ادعاء عدم الاستعانة بفاحصين في مكاتب التصويت التي كان عدد الناخبين المقيدين باللوائح الانتخابية فيها يفوق النائتين لم يدعمه الطرف الطاعن بأي حجة فإن عدم التقيد بهذا الاجراء، على فرض ثبوته، لا يعني أن ذلك كان له تأثير على نتيجة الاقتراع، طالما لم يقترن الأمر بمناورات تدليسية، وهو ما لم يثبته الطرف الطاعن”[166].
ويتوجب مطابقة المحضر مع الواقع الذي مرت فيه عملية التصويت و فرز و احصاء الاصوات و الاعلان عن النتائج ، حيث جاء في حكم المحكمة الادارية بفاس : ” نظرا لوجود محاضر اعدت من طرف نفس مكاتب التصويت، تتعارض نتائجها تعارضا يؤثر في النتيجة التي اعلنت عنها لجنة الاحصاء مما يحول دون اعتماد نتائجها ” و في حكم اخر ” ان تضمين محضر عملية الانتخاب نتيجة فرز الاصوات لتحديد عدد الناخبين المصوتين و عدد الاصوات الصحيحة و عدد الاواراق الفاضلة دون ان يكون ذلك مطابقا ، لما يتكون محضر النتيجة من علامات مضافة باعتبارها اوراق باطلة…. سبب قانوني يعرض نتيجة الاقتراع للبطلان ” .

الفصل الثاني: الاختصاص القضائي، المسطرة، البطلان والاثبات في المادة الانتخابية

من أجل ضمان نزاهة العملية الانتخابية، فتح المشرع باب الطعن في المقررات ذات الصلة بتلك الانتخابات أمام الجهة القضائية المختصة، ذلك أن النظام القضائي المغربي الذي يتسم بالازدواجية بين القضاء العادي والاداري يفرض على أطراف النزاع أن يتقيدوا بقواعد الاختصاص التي تتسم بالنظام العام وبالتالي لا يجوز مخالفتها مهما كان، ورفع الدعوى أمام الجهة القضائية التي أحال عليها المشرع للبت في النازلة، كما ينظاف الى ذات القضاء في المادة الانتخابية اختصاص من نوع آخر، وهو القضاء الدستوري الذي يختص بالبت في مجال معين طبقا لأحكام الدستور وبعض القوانين التنظيمية.
كما وضع المشرع المغربي ترسانة من النصوص والمقتضيات القانونية التي تحدد بكيفية مضبوطة ودقيقة شكليات واجراءات تقديم الطعون امام الهيئة القضائية المختصة، وتكتسي دراسة مسطرة الطعون الانتخابية أهمية قصوى، إذ انها تمكن مختلف الفاعلين من الالمام بطرق ومساطر الطعن، والجهات المختصة وكل الامور المتعلقة بالآجال، وبذلك تساهم في ترسيخ الانتخابات الحرة والنزيهة كشرط أساسي لتكريس الديمقراطية، لأن غياب ذلك يعني غياب الديمقراطية (مبحث أول).
وطبقا للقاعدة الفقهية البينة على من ادعى، فإن الحق يتجرد من قيمته العملية إذا لم يستطع صاحبه إثباته بأن يقدم الدليل على ما يدعيه أمام السلطة المختصة، والتي عليها تمحيص ما يقدم لها من أدلة وفق الشروط القانونية، والفصل في الدعوى اعتمادا على الدليل الذي اقتنعت به، فمدعي الحق لن يستطيع أخذ حقه إلا بعد أن يقيم الدليل عليه، والقاضي لا يستطيع الفصل في الدعوى والبت في طلبات الطاعنين و دفوعهم إلا في ضوء ما يقدم له من أدلة.[167] وعليه، سنعمل _ من خلال _ استقراء مجموعة من الأحكام والقرارات القضائية على استنباط مختلف وسائل الاثبات التي على ضوئها أصدر القاضي الانتخابي قراره، وهو أمر من شأنه أن يبرز لنا مدى حجية تلك الوسائل والسلطة التقديرية للقاضي المختص في تقييم تلك الحجج (مبحث ثاني).

المبحث الأول: الاختصاص القضائي ومسطرة الطعن في المادة الانتخابية

كما سبقت الاشارة، فالمنازعات الانتخابية تتميز بتشتتها بين عدة أنواع من القضاء، فإلى جانب القضاء الاداري والمحاكم العادية، يوجد القضاء الدستوري الذي عرف تطورا مستمرا (مطلب أول)، وتبعا لهذا الاختلاف في الاختصاص تختلف مسطرة الطعون والقواعد المسطرية التي يتعين احترامها سواء من قبل الطاعن أو القاضي المعروض عليه النزاع (مطلب ثاني).

المطلب الأول: الاختصاص القضائي في المنازعات الانتخابية

معالجة هذا المطلب تقتضي الحديث عن مختلف الهيئات القضائية المختصة للنظر في المنازعات الانتخابية ونطاق هذا الاختصاص، وبما ان المحاكم الادارية تعتبر صاحبة الولاية العامة في هذا المجال إلا ما استثني بنص فسنفرد لها الفرع الأول من هذا المطلب، فيما نخصص الفرع الثاني للحديث عن اختصاص المحاكم الابتدائية والقضاء الدستوري.

الفرع الأول: الاختصاص القضائي للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية

الى جانب التنصيص القانوني، كرست الممارسات القضائية للمحاكم الادارية نوعا من الولاية العامة للقضاء الاداري، حيث اعتبرت ادارية الرباط بأن جميع الطعون الانتخابية المتعلقة بمرافق عمومية تخضع للقضاء الاداري ما عدا في حالة وجود نص خاص يسند الاختصاص لجهة قضائية أخرى.[168].

الفقرة الأولى: الولاية العامة للمحاكم الادارية في الطعون الانتخابية

الفصل في المنازعات الانتخابية تتولاه المحاكم الادارية، وذلك بموجب مقتضيات المادة 8 من قانون احداث المحاكم الادارية[169] الذي ينص على اختصاصها كأصل عام في جميع المنازعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات الا ما استثني بنصوص خاصة, وقد عرفت المادة 26 من نفس القانون[170] الاختصاص النوعي للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية وحدد مجال هذا الاختصاص في الطعون المتعلقة بتنظيم العمالات والأقاليم ومجالسها والمنازعات المتعلقة بانتخاب الغرف الفلاحية والصناعة التقليدية والغرف التجارية والصناعية والنزاعات المتعلقة بانتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية المنصوص عليها بالنظام الاساسي للوظيفة العمومية, وتختص المحاكم الادارية بالنظر في هاته النزاعات في اطار القضاء الشامل.
ويتوزع اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية بين ماهو صريح منصوص عليه في المادة من قانون 41.90 وماهر ضمني بالنظر الى طبيعة العمليات الانتخابية.
وقد كرست أحكام المحاكم الادارية مقتضى مفاده ان المنازعات الانتخابية لا ينظر اليها من حيث أطرافها لتحديد الجهة المختصة للبث فيها، وإنما انطلاقا من الطبيعة القانونية للمرفق الذي تنظمه تلك الانتخابات أساسا، فإذا كانت العملية الانتخابية تهدف الى تكوين مرفق عمومي يخضع لقواعد القانون العام، ينعقد الاختصاص للقضاء الاداري في النزاعات الناشئة عنها، أما إذا كانت تهدف الى تكوين مؤسسات تخضع لأحكام القانون الخاص فإن الاختصاص في الطعن الانتخابي ينعقد لجهة القضاء العادي، فتحديد نطاق التمييز في الطعون الانتخابية التي تخضع للقضاء الاداري وبين تلك الخارجة عن نطاقه، يؤكده نص المادة 26 من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم ادارية التي نصت على اختصاص المحاكم الادارية للبث في المنازعات اانتخابية رهين بعدم وجود نص خاص يسند الاختصاص لجهة قضائية أخرى[171].
نستنتج من خلال ما سبق أن اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية يتوزع بين ما هو منصوص عليه بشكل صريح في المادة 26 من قانون 41.90[172] وما هو ضمني بالنظر الى طبيعة العمليات الانتخابية، وتمارس المحاكم الادارية اختصاصها بالبت في المنازعات الانتخابية كقضاء شامل عبر مجموعة من المراحل بدءا بالقيد في اللوائح الانتخابية المنظم بمقتضى المواد 16، 28 و 37 من قانون 57.11 المتعلق بالقيد في اللوائح الانتخابية[173]، وتهم هذه المنازعات بصفة أساسية رفض القيد في اللوائح الانتخابية؛ ثم الطعون المتعلقة بالترشيحات الذي نظمته المادة 26 من قانون 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الجماعية، وأيضا الطعون المتعلقة بإعلان النتائج الانتخابية وأيضا البت في الطعون المتعلقة بانتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية التمثيل، سواء تلك المنصوص عليها في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية أو في الأنظمة الأساسية الخاصة بموظفي الجماعات الحضرية والقروية والعاملين في المؤسسات العامة[174].
وتختص محاكم الاستئناف الادارية في استئناف أحكام المحاكم الادارية الابتدائية فيما يتعلق بالطعون الانتخابية، باستثناء تلك المتعلقة بالترشيحات.
كما تختص بالبت في المنازعاة الناتجة عن انتخاب هيئة الأطباء بمقتضى المادة 18 من القانون التنظيمي 08.12 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني والمجلس الجهوي لهذه الهيئة[175].
وتعتبر محاكم الاستئناف الادارية المرجع الاستئنافي للأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية، فيما يخص الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية –التي يعود فيها الاختصاص لهذه الأخيرة- دون المنازعات المتعلقة بالترشيح، وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام محكمة النقض ما عدا القرارات الصادرة في تقدير شرعية القرارات الادارية[176].
استنادا الى المادة 8 من قانون 41.90 التي تحيل على المادة 26 من ذات القانون، فان الاختصاص بالنظر في الطعون المتعلقة بالمنازعات الانتخابية هو للمحاكم الادارية ، وفق الاجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 41.90 ، إلا انه في المقابل نجد ان المشرع المغربي اورد في المادة 26 السالفة الذكر مجموعة من الحالات المتعلقة بالمنازعات الانتخابية والتي تدخل في اختصاص المحاكم.
وبالرجوع الى المادة 26 من القانون المذكور نجدها حددت اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية التالية :
– الطعون المتعلقة بانتخاب مجالس الجماعات الحضرية و القروية
– الطعون المتعلقة بانتخاب مجالس العمالات و الاقاليم
– الطعون المتعلقة بانتخاب اعضاء الغرف الفلاحية
– الطعون المتعلقة بانتخاب اعضاء غرف الصناعة التقليدية
– الطعون المتعلقة بانتخاب هيئات غرف التجارة و الصناعة
– النزاعات الناشئة بمناسبة انتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية التمثيل.

الفقرة الثانية: الاستثناءات الواردة على اختصاص المحاكم الادارية

انطلاقا من المادة 26 من قاونو 90.41 المحدث بموجبه محاكم استئناف ادارية نجد ان المشرع المغربي نص في ثناياها على اختصاص المحاكم الاداري بالنظر في الحالات المنصوص عليها في ذات المادة دون تحديد لطبيعة هذه الاختصاصات ،هل تم تعدادها كامثلة للمنازعات الانتخابية التي يمكن للقاضي الاداري النظر فيها ، ام انها جاءت على سبيل الحصر وباللي هي مقيدة بالبت في هذه الطعون دون غيرها.
هذا الغموض الذي يلف المادة المذكورة أحدث جدلا كبيرا بين فقهاء القانون وأيضا نتج عنه تذبذب في مواقف القضاء الاداري بين من يعتبرها وردت على سبيل الحصر ويقبل بعض أنواع الطعون التي لم يرد ذكرها في ذات المادة من حيث الاختصاص، وبين من يعتبرها وردت على سبيل الحصر ويرفض البت في الطعون المتعلقة ببعض أنواع الانتخابات التي لم يرد ذكرها في المادة 26 من قانون 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية.
وعليه، ورد في حكم صادر عن إدارية الرباط أن المنازعات الانتخابية الجامعية، رغم عدم التنصيص عليها ضمن المادة 26، هي من اختصاص المحاكم الإدارية، معللة موقفها بما يلي: “ولئن لم تشر المادة 26 المستدل بها إلى أن المنازعات الانتخابية المتعلقة بالجامعات لا تدخل ضمن الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية، فإن ما ورد بهذه المادة من منازعات انتخابية، إنما جاء على سبيل المثال لما تضمنته المادة 8 من منازعات تختص بالبت فيها المحاكم الإدارية، مما تبقى معه هذه الأخيرة هي صاحبة الولاية العامة للبت في سائر المنازعات الإدارية بطبيعتها..”،”فما دامت المنازعات الانتخابية العامة المتعلقة بتنظيم مرفق عمومي، هي منازعات إدارية بطبيعتها، فإن الجهة القضائية الطبيعية المختصة البت فيها هي المحاكم الإدارية، ما لم ينص المشرع على خلاف ذلك”[177].
وقد ذهبت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى الى أن المحاكم الادارية غير مختصة نوعيا للبت في الطعون الانتخابية التي لم تتم الاشارة اليها صراحة في المادة السالفة الذكر، معللة قرارها بكون المشرع وإن جعل من اختصاص المحاكم الادارية حسب المادة 8 من القانون المحدث للمحاكم الادارية، بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية المتعلقة بالانتخابات، فإن المادة 26 من نفس القانون حدد على سبيل الحصر الطعون الانتخابية التي تدخل في اختصاص المحاكم الادارية، وهي الطعون التي أعادت النص عليها في مدونة الانتخابات[178]. وقد كرست الغرفة الادارية هذا التوجه في قرار السيد ميلود ناجي واستئناف حكم المحكمة الادارية بوجدة، التي تتعلق بالطعن في انتخاب رئيس فرع العلوم الاقتصادية بكلية الحقوق بوجدة، وقضت بأن الطعن الحالي لا يندرج في إطار الطعون المخولة للمحاكم الادارية النظر فيها، وعللت قرارها بأن “المشرع حدد في المادة 26 من قانون إحداث محاكم ادارية نوعية الطعون الانتخابية التي أصبحت المحاكم الادارية تنظر فيها، بدلا من المحاكم العادية على سبيل الحصر، وليس من بينها الطعن الحالي المتعلق بانتخاب رئيس فرع العلوم الاقتصادية لكلية الحقوق الشيء الذي يعني أن المحكمة العادية هي المؤهلة للنظر في الطعن المذكور ما دام لا يندرج ضمن الطعون المخول النظر فيها على سبيل الحصر للمحاكم الادارية مما يجب معه إلغاء الحكم المستأنف…”[179].
إلا أن الغرفة الادارية بمحكمة النقض قد تراجعت عن موقفها في قرار حديث نسبيا، بخصوص منازعة انتخابية تهم رئاسة المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين، وعللت القرار بأنه: “ولئن كان القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم ادارية قد أسند للمحاكم الادارية مجموعة من الطعون الانتخابية بمقتضى المادة 26 من القانون المذكور فإن اللائحة التي أوردتها تلك المقتضيات لا تعتبر لائحة حصرية بل هي لائحة على سبيل المثال، وأن المعيار الذي يجب أن أخذه بعين الاعتبار في غياب نص صريح يسند الاختصاص للمحكمة الادارية أو المحكمة العادية النظر في مثل هذه المنازعات هو إما مرفق عام أو السلطة العامة التي تتمتع بها بعض الهيئات”[180].
وعليه، تكون محكمة النقض بهذا القرار قد ضربت عرض الحائط التوجه السابق الذي كان يعتبر أن ما ورد في المادة 26 من قانون 41.90 على سبيل الحصر بناء على تؤيل ضيق لذات المادة ولاعتبارات المعيار التشريعي، واستبدلته بمعيار المرفق العام أو السلطة العامة بصريح العبارة في ذات القرار، وبالتالي تم توسيع مجال اختصاص المحاكم الادارية بهذا الخصوص.
كما تنظر المحاكم الادارية من باب الاستثناء تنظر في بعض القضايا المرتبطة بالمنازعات الانتخابية في اطار قضاء الالغاء خصوصا القرارات المنفصلة عن العملية الانتخابية القابلة للطعن بالإلغاء والقرارات المتعلقة المتعقلة بمعاينة الاستقالة والإقالة الصادرة عن السيد الوالي او العامل في مواجهة اعضاء المجالس الجماعية.

الفرع الثاني: اختصاص المحاكم العادية والقضاء الدستوري

بالاضافة الى المحاكم الادارية التي سبق وأسهبنا الحديث فيها عن أنواع الطعون التي تختص بها سواء كولاية عامة أو كاستثناء، تختص المحكمة الابتدائية في اطار المادة المدنية بالنظر في مجموعة من الطعون المتعلقة بالمنازعات الانتخابية، ونفس الشأن بالنسبة للقضاء الدستوري سواء في شكل الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى، أو في شكل المجلس الدستوري.

الفقرة الأولى: اختصاص المحاكم الابتدائية

أخذ المشرع المغربي في بادئ الأمر فيما يتعلق بالاختصاص القضائي في النظر في الطعون الانتخابية لصالح المحاكم الابتدائية باعتبارها ذات الولاية العامة، إلا أنه وبإحداث المحاكم الإدارية بقانون 41.91 أسند لها كامل الاختصاص بواسطة المادة 8 وأصبحت المحاكم الابتدائية هي الاستثناء.
وفي هذا الإطار نصت المادة 296 من مدونة الانتخابات أنه “بصفة انتقالية واستثناءا من أحكام المواد 278-279-214-193-168-68-37-36 من هذا القانون فإن الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية والترشيحات تقدم أمام المحكمة الابتدائية المختصة….” وبذلك فإن المحاكم الابتدائية تختص بشكل استثنائي وانتقالي فيما يخص بالطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية والترشيحات.
_ أولا: اختصاص المحاكم الابتدائية في المنازعات الانتخابية الخاصة
تتجلى هذه المنازعات في الطعون المتعلقة بانتخاب مندوبي الأجراء، وانتخاب الاجهزة المسيرة للنقابات وجمعيات المجتمع المدني.
( أ )_ المنازعات المتعلقة بانتخاب مندوبي الأجراء: تشير الى هذا الاختصاص المواد 443، 453 و المادة 454 من القسم الرابع من الكتاب الثالث المتعلق بالنقابات المهنية الذي يشمله قانون مدونة الشغل الصادر بتاريخ 8 دجنبر 2003[181]، وتنص على أنه يحق لكا ناخب الطعن في العملية الانتخابية داخل أجل ثمانية أيام الموالية للإعلان عن نتيجة الانتخابات حيث يقد كل طعن من خلال مقال يودع ويسجل دون مصاريف لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يوجد في دائرة نفوذها المكان الذي جرى به الانتخاب، ولا يقبل الطعن في هذا الحكم إلا بالنقض وفق الاجراءات المنصوص عليها في قنون المسطرة المدنية. على أنه يقدم الطعن المنصوص عليه في المادة 443 ، من خلال مقال يودع و يسجل دون مصاريف لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية التي يوجد في دائرة نفودها المكان الذي جرى به الإنتخاب، ولا يقبل الطعن في هذا الحكم إلا بالنقض وفق الاجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
( ب )_ المنازعات المتعلقة بتنظيم الجمعيات والنقابات: كما نصت على ذلك المادة 32 من ظهير 1958 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 أكتوبر 1985) كما تم تتميمه وتعديله، إذ منحت الاختصاص في هذا النوع من المنازعات والتي لم تشر اليها المادة 8 و المادة 26 من قانون 41.90 المحدث بموجبه محاكم ادارية.
وتجدر الاشارة الى أن محاكم الاستئناف العادية لها اختصاص في مجال الانتخاب المتعلق بانتخاب نقيب هيئة المحامين، وذلك بمقتضى المادة 89 من القانون رقم 28.08[182].

ثانيا: الاختصاص الاستثنائي للمحاكم الابتدائية في المنازعات الانتخابية

المقصود بهذا الاختصاص هو اختصاص المحاكم الابتدائية بالبت في المنازعات الانتخابية التي تندرج ضمن الولاية العامة للمحاكم الادارية، حيث تختص المحاكم الابتدائية انطلاقا من مقتضيات المادة 296 من مدونة الانتخابات، وذلك بصفة استثنائية على القاعدة العامة التي تسند الاختصاص السالف الذكر الى المحاكم الادارية، وقد جاء في ذات المادة أنه : “بصفة انتقالية واستثناء من أحكام المواد 45، 46، 68، 168، 193، 204، 278 و279 من مدونة الانتخابات، فإن الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية وبالترشيحات تقدم أمام المحكمة الابتدائية المختصة وفقا للكيفيات وفي الآجال المحددة في المواد المشار اليها أعلاه”.
غير أن الاحكام الاستثنائية المنصوص عليها في الفقرة السابقة لا تطبق في العمالات والأقاليم حيث يوجد مقر محكمة ادارية..” وتقدم هذه الطعون بنفس الشروط والآجال المطبقة أمام المحاكم الادارية.
وأيضا تختص المحكمة الابتدائية بالبت في في طلب إلغاء قرار رفض الترشيح بالنسبة لأعضاء مجلس النواب حسب مقتضيات المادة 87 من القانون التنظيمي رقم 27.11[183] التي جاء فيها : “يسوى النزاع المتعلق بايداع الترشيحات طبق الأحكام التالية: يجوز لكل مرشح رفض التصريح بترشيحه أن يرفع قرار الرفض الى المحكمة الابتدائية التابعة لها الدائرة الانتخابية…؛ غير أن دعوى الطعن المنصوص عليها في الفقرة السابقة ترفع الى المحكمة الابتدائية بالرباط فيما يخص الترشيحات التي رفضها كاتب اللجنة الوطنية للاحصاء”.
وهذا الأمر هو نفس ما أكدته المادة 88 من القانون التنظيمي رقم 28.11[184] المتعلق بمجلس المستشارين والتي أكدت على أن هذا الطعن يرجع لاختصاص المحاكم الابتدائيةالعادية.

الفقرة الثانية: اختصاص القضاء الدستوري

يختص المجلس الدستوري بالاضافة الى البت في مطابقة القوانين التنظيمية والقوانين العادية والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان لأحكام الدستور حسب المقتضيات والقوانين التنظيمية، بالبت في منازعات ترتبط أساسا بالانتخابات التشريعية حيث تتدخل لمراقبة صحة انتخاب أعضاء البرلمان وكذا مراقبة صحة عمليات الاستفتاء .

_ أولا: مراقبة صحة انتخاب أعضاء البرلمان

يمارس المجلس الدستوري اختصاصاته طبقا لأحكام دستور 2011[185] وكذا القانون التنظيمي للمجلس الدستوري القائم حاليا[186] وأيضا بمقتضى القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب رقم 11.27[187]، ونظيره المتعلق بمجلس المستشارين رقم 28.11[188].
ورغم التنصيص على إحداث المحكمة الدستورية في دستور 2011[189] فإنه طبقا لمقتضى الفصل 177 من الدستور يستمر المجلس الدستوري القائم حاليا في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور.
( أ )_ اختصاصات القاضي الدستوري في انتخابات أعضاء البرلمان
حسب مقتضيات المادة89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، فإن الطعن في نتائج عمليات انتخاب أعضاء مجلس المستشارين يرفع أمام المجلس الدستوري.
ويمكن أن يقدم الطعن المذكور من طرف كل من: الناخب، المرشح، عامل الجهة، كاتب اللجنة الوطنية للإحصاء.
إضافة إلى الاختصاصات المذكورة التي تواكب العمليات الانتخابية، يمارس المجلس الدستوري اختصاصات لاحقة على الإعلان عن النتائج والتثبت من صحتها.
كما يختص المجلس الدستوري بالبث في الطعون الموجهة ضد نتائج انتخاب أعضاء مجلس النواب طبقا لمقتضيات المادة 88 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب. اضافة الى الطعن في الأعمال الممهدة للعمليات الانتخابية
– الطعن في الإجراءات المتعلقة باللوائح الانتخابية العامة[190].
لا ينظر المجلس الدستوري في المنازعات المتعلقة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية إلا إذا كان هذا التسجيل مقرونا بمناورات تدليسية.
وهذا ما أكد المجلس الدستوري في قراراه رقم 802 الذي جاء فيه” لكن، حيث… أن المنازعات المتعلقة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية حدد لها المشرع مسطرة قانونية خاصة وجهة قضائية مختصة للبث فيها ولا ينظر فيها المجلس الدستوري إلا إذا كان هذا التسجيل مقرونا بمناورات تدليسية، وهو ما لم يثبته الطاعن”[191].
– كما لا يتصدى المجلس الدستوري للمنازعات المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية إلا إذا اقترن ذلك بمناورات تدليسية ترمي إلى التأثير في نتيجة الاقتراع.
ويتبين ذلك من مضمون قرار المجلس الدستوري رقم 792 الذي جاء في حيثياته”، لكن حيث أنه، لئن كانت المشاركة في التصويت تستلزم القيد في اللوائح الانتخابية بصفة قانونية، فإن الطلبات القيد في هذه اللوائح والشطب على أشخاص قد يكونوا قيدوا فيها بصفة قانونية، أخضعها المشرع، طبقا لأحكام مدونة الانتخابات، المسطرة خاصة وآجال محددة وأسند إلى جهات قضائية معينة صلاحية الفصل في الطعون المتعلقة بها إن اقتضى الأمر، ولا يتصدى المجلس الدستوري لهذه المنازعات، بمناسبة طعن في عملية انتخابية معروضة عليه، إلا إذا اقترن ذلك بمناورات تدليسية ترمي إلى التأثير في نتيجة الاقتراع”[192].
– ومن جانب آخر يعتبر المجلس الدستوري، أن انعدام وجود الجدول التعديلي للوائح الانتخابية من شأنه حرمان عدد من المواطنين المتوفرين على الشروط القانونية من المشاركة في الانتخاب[193].
( ب ) _ الطعن في القرارات الإدارية المتعلقة برفض التصريح بالترشيح[194]
– يختص المجلس بالنظر في القرارات الإدارية المتعلقة برفض التصريح بالترشيح لما لها من تأثير في نتائج الانتخابات.
” لكن حيث أن المجلس الدستوري يختص بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل132 من الدستور بالفصل في صحة انتخاب أعضاء البرلمان؛ وحيث إن هذا الاختصاص يشمل، بالنسبة للمجلس الدستوري المحال إليه أمر الانتخاب، النظر في ألأعمال السابقة والممهدة للعمليات الانتخابية ومن ضمنها القرارات الإدارية المتعلقة برفض التصريح بالترشيح، لما قد يكون لذلك من تأثير في نتائج الانتخابات[195].

( ج ) _ الطعن في النصوص التنظيمية المتعلقة بتعديل التقسيم الإداري
– تغيير التقسيم الإداري لا تأثير له على نطاق الدائرة الانتخابية التي قضى المجلس الدستوري بإلغاء نتيجتها وإعادة الانتخاب فيها[196].
( د ) _ الطعن في حكم المحكمة الابتدائية المتعلق برفض التصريح بالترشيح [197]
” يسوي النزاع المتعلق بإيداع الترشيحات طبق الأحكام التالية:
يجوز لكل مترشح رفض التصريح بترشيحه أن يرفع قرار الرفض إلى المحكمة الابتدائية لدائرة النفوذ.
غير أن دعوى الطعن المنصوص عليها في الفقرة السابقة ترفع إلى المحكمة الابتدائية بالرباط فيما يخص الترشيحات التي رفضها كاتب اللجنة الوطنية للإحصاء.
يمكن إقامة دعوى إقامة دعوى الطعن، التي تسجل بالمجان، خلال أجل يوم واحد يبتدئ من تاريخ تبليغ الرفض.
ولا يمكن الطعن في حكم المحكمة الابتدائية أو المنازعة في قرار قبول الترشيح إلا أمام المحكمة الدستورية بمناسبة الطعن في نتيجة الانتخابات”[198]. ولقبول هذا الطعن يجب أن يرفع إلى المجلس في نطاق الدعوى المرفوعة إليه بقصد إلغاء العملية الانتخابية.
وهذا ما أكده المجلس الدستوري في قراره رقم 127، حيث جاء في حيثياته” حيث أن القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب سابقا، ينص في المادة 81 منه على أن حكم المحكمة الابتدائية المتعلق برفض الترشيح لانتخابات مجلس النواب لا يمكن الطعن فيه إلا أمام المجلس الدستوري المحال إليه أمر الانتخاب؛
وحيث أنه يستخلص من هذه الأحكام أن الطعن في حكم المحكمة الابتدائية المتعلق برفض الترشيح لانتخابات مجلس النواب يجب، ليكون مقبولا، أن يرفع إلى المجلس الدستوري في نطاق الدعوى المرفوعة إليه بقصد إلغاء العملية الانتخابية في الدائرة التي كان الطاعن يريد الترشح فيها[199].
( ه ) _ الطعن في القرارات الصادرة عن مكاتب ولجان إحصاء الأصوات[200]
” يمكن الطعن في القرارات التي تتخذها مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجان الإحصاء التابعة للعمالات أو الأقاليم أو عمالات المقاطعات واللجنة الوطنية للإحصاء من لدن الناخبين والمترشحين المعنيين بالأمر أمام المحكمة الدستورية”[201].
من خلال استقراء هاتين المادتين المشار إليها أعلاه، يتبين بأن توجيه الطعن ضد نتيجة الاقتراع لا يجعله مخالفا لأحكام المادة 89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، وهذا جاء به المجلس الدستوري في قراراه 2010-800[202].
كما أن توجيه الطعن ضد نتيجة الاقتراع يجعله مقبولا ما دام أن هذه النتيجة تأسست على قرارات مكاتب التصويت.
وهذا ما ذهب إليه المجلس الدستوري في قراره رقم 2007-639 الذي جاء فيه” لكن، حيث إن العريضة تضمنت طلب إلغاء نتيجة الاقتراع، علما بأن هذه النتيجة تأسست على قرارات مكاتب التصويت والمكاتب المركزية وتم الإعلان عنها من لدن اللجنة الجهوية للإحصاء، فيكون بذلك الطعن موافقا لأحكام المادة 87 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين[203].
ومن وجهة أخرى، فإن توجيه الطعن إلى صحة انتخاب المطعون في انتخابه عملا بأحكام الفصل132 من الدستور يكون مقبولا ما دام أن العريضة تضمنت الشروط التي تقتضيها المادة31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري.
كما لا يشترط القانون عرض الطعن المقدم إلى المجلس مسبقا على اللجنة الإقليمية لتتبع العمليات الانتخابية.
وهذا ما أكدته اجتهادات المجلس الدستوري في قراراه رقم 393.200 الذي جاء فيه” لكن… وحيث، من جهة ثانية، أن القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري لا ينص على عرض الطعن في انتخاب أعضاء مجلس النواب على اللجنة الإقليمية لتتبع العمليات الانتخابية قبل تقديمه إلى المجلس الدستوري…، وعلى مقتضى ما سبق بيانه، تكون دفوع المطعون في انتخابه بعدم قبول الطعنين من حيث الشكل غير مرتكزة على أساس صحيح[204].
ثانيا: مراقبة صحة عمليات الاستفتاء
كما سبقت الاشارة اليه فان المجلس الدستوري يبت في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء بصريح الفصل 81 من دستور المملكة لسنة 1996 الذي يقابله الفصل 132 من دستور 2011.
” يمارس المجلس الدستوري الاختصاصات المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية، ويفصل بالإضافة إلى ذلك في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء[205].
لأجل ذلك فقرارات المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية وفق دستور 2011) لا تقبل أي طريق من طرق الطعن، وهذا ما ورد في الفصل134 لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريق من طرف الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية[206].
كما أكد الفصل36 من القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري على أن المجلس الدستوري يتولى مراقبة الإحصاء العام للأصوات المدلى بها في الاستفتاء.
وينظر في جميع المطالبات المضمنة في محاضر العمليات ويبت فيها بصورة نهائية.
وإذا عاين وجود مخالفات في هذه العمليات يكون له باعتبار نوعها أو جسامتها أن يقضي إما بالإبقاء على تلك العمليات وإما بإلغاء جميعها أو بعضها[207].
كما أن للمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية ) يعود لها اختصاص الإعلان عن نتائج الاستفتاء. وهذا ما ورد بشكل صريح في المادة 37 من القانون التنظيمي رقم93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري تقابله المادة 41 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية،” تعلن المحكمة الدستورية بقرار، عن نتائج الاستفتاء، ويشار إلى هذا الإعلان في الظهير الشريف القاضي بإصدار الأمر بتنفيذ نص الدستور المراجع الذي وافق عليه الشعب[208].
كما أن المادة 141 من مدونة الانتخابات قد أشارت إلى أن المجلس الدستوري يعلن عن نتائج الاستفتاءات بعد التحقق من صحتها والبث في المطالبات وفق المادتين 36 و 37 من القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري[209].
للإشارة فإن المجلس الدستوري قد قام بإصدار ثلاث قرارات تتعلق بالاستفتاءات فالقرار الأول يحمل رقم 90 بالإضافة إلى القرار رقم 117 والقرار الأخير يحمل رقم 815[210].
كما أن المحكمة الدستورية تراقب صحة إجراءات المراجعة الدستورية التي تعرض بظهير على البرلمان، طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 174 من الدستور وتعلن نتيجتها، يشار إلى هذا الإعلان في الظهير القاضي بإصدار الأمر بتنفيذ مراجعة الدستور[211].

المطلب الثاني: مسطرة الطعون في المادة الانتخابية

سنحاول الوقوف على أهم الاجراءات المسطرية المتبعة في مجال تقديم الطعون الانتخابية، وسنحاول التركيز على المسطرة المتعلقة بانتخاب الجماعات الترابية ثم أعضاء البرلمان، وكذا تلك المتعلقة بالغرف المهنية وبعض الهيئات الأخرى المتمثلة في انتخاب مندوبي الأجراء واللجان المتساوية الأعضاء.
الفرع الأول: مسطرة الطعون المتعلقة بالجماعات الترابية وأعضاء البرلمان

تختلف الاجراءات المتعلقة بانتخاب الجماعات الترابية عن الاجراءات المتبعة بمسطرة الطعن المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان
الفقرة الاولى : مسطرة الطعون المتعلقة بالجماعات الترابية

حدد دستور فاتح يوليوز 2011[212] المقصود بالجماعات الترابية للمملكة في الفقرة الأولى من الفصل 135 المتعلق بالباب الخاص بالجهات والجماعات الترابية الأخرى؛ الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.
أساس تنظيم الطعون المتعلقة بالمنازعات الانتخابية في المادة 27 والتي تحيل إلى المقتضيات المشتركة من القانون التنظيمي 59.11 المتعلقة بهذه الطعون بمقتضى المواد من 27 الى 33، فقد نصت المادة 27 على مايلي” يمكن الطعن في القرارات الصادرة عن مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجان الإحصاء فيما يتعلق بالعمليات الإنتخابية وإحصاء الأصوات وإعلان نتائج الإقتراع وذلك طبقا للأحكام المقررة في هذا القانون التنظيمي.
ويجوز للمترشحين المطعون في انتخابهم طبقا لأحكام هذا القانون التنظيمي الإطلاع على محاضر العمليات الانتخابية و أخذ نسخ منها حسب الحالة بمقر الدائرة الانتخابية أو الجماعة أو العمالة أو الإقليم، خلال ثمانية أيام، أثناء أوقات العمل الرسمية، ابتداء من تاريخ تبليغهم عريضة الطعن.”.
ونذكر بأن الحالات التي سجلتها المادة 32 – نفس مقتضيات المادة 74 من مدونة الإنتخابات- هي كالآتي :
-إذا لم يجر الإنتخاب طبق الإجراءات المقررة في القانون ؛
-إذا لم يكن الإقتراع حرا أوشابته مناورات تدليسية ؛
-إذا كان المنتخب أو المنتخبون من الأشخاص الذين لايجوز لهم الترشيح للإنتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي.
وتتم هذه العملية على مرحلتين، الأولى تهم تحضير الطعن، والثانية تتعلق بجريان الدعوى، المرحلة الأولى تنظمها المواد 27، 28 و 29 وتتعلق مقتضياتها بثلاثة عناصر هي :
_ الإطلاع على محاضر الإنتخابات ؛والتي أكدت المادة 27 على حق المرشحين المطعون في انتخابهم الإطلاع على محاضر تلك العمليات وأخذ نسخ منها.
_ الأشخاص الذين من حقهم تقديم الطعن، فهنا تطبق القواعد العامة بتحديد المعنيين مباشرة بنتائج الإنتخابات والتي تذكر بها المادة 28 إذ تنص على أنه يقدم الطعن في العمليات المشار إليها في المادة السابقة من قبل”…كل من له مصلحة في ذلك أو الوالي أو العامل أو الباشا أو رئيس الدائرة أو القائد الذي تقع الدائرة الانتخابية في نطاق اختصاصهم”.
_ طريقة تقديم الطعن، تختص المحاكم الإدارية بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالمنازعات الإنتخابية وتقدم إليها عن طريق محام, كما ينص على ذلك القانون 41.90 [213] في مادته الثالثة. وبالنسبة لخصوصيات الطعن, تم الاحتفاظ بها في المادة 71 من مدونة الانتخابات التي تنص”يقوم الطعن بعريضة كتابية في ظرف ثمانية أيام كاملة تبتدئ من يوم إيداع المحضر الذي يتضمن إعلان نتائج الاقتراع, ويكون غير مقبول إذا قدم خارج هذا الأجل[214].
وتودع عريضة الطعن بكتابة ضبط المحكمة الإدارية المختصة وتسجل فيها مجانا ,ويجب أن تتضمن أسباب الطعن المطلوب من المحكمة البت فيها”.
وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم ادارية[215] على أنه “ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ويتضمن ما لم ينص على خلاف ذلك البيانات والمعلومات المنصوص عليها في المادة 32 من قانون المسطرة المدنية.”
ويسلم كاتب ضبط المحكمة الإدارية وصلا بإيداع المقال يتكون من نسخة منه يوضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع باقي الوثائق المرفقة”,
وتنص المادة 8 من القانون رقم 80.03[216] المحدث لمحاكم استئناف إدارية على أن استئناف أحكام المحاكم الإدارية يتم أمام محاكم الإستئناف الإدارية ثم بالنقض أمام محكمة النقض وهذا ما نصت عليه المادة 31 فق 2 فقد جاء فيها”تبت المحكمة الإدارية في الطعن في ظرف 15 يوما من تاريخ إيداعه بكتابة ضبطها”.
ونصت كذلك نفس المادة في الفقرة الرابعة منها “في حالة استئناف حكم المحكمة الإدارية تبت محكمة الاستئناف الإدارية في الأمر خلال أجل أقصاه شهر واحد.وفي حالة الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية أمام محكمة النقض.تبت هذه الأخيرة في الأمر داخل أجل أقصاه شهران[217]”.
وكما سبقت الاشارة فقد أسند المشرع للمحاكم الإدارية دورا أساسيا للبث في المنازعات الانتخابية في الطعون المتعلقة بتنظيم العمالات والأقاليم والغرف الفلاحية وغرفة الصناعة التقليدية والغرفة التجارية، وانتخاب ممثلي الموظفين في حظيرة اللجان المتساوية الأعضاء[218]. كما تختص بالنظر في المنازعات الانتخابية المتعلقة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية وقد نظمت مجموعة من المواد مسطرة الطعون في المرحلة التمهيدية وخاصة النزاعات المتعلقة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية ومنها المواد 14، 25، 33 و 36 و 37[219] من مدونة الانتخابات، فقد نصت المادة 14 على أنه يجوز لكل شخص يعنيه الأمر أن يقيم خلال أجل 7 أيام تبتدئ من اليوم الموالي لانتهاء الأجل المشار إليه في الفترة الأخيرة بدعوى طعن في قرارات لجنة الفصل ، ويخول نفس الحق للعامل أو الخليفة الأول للعامل أو الباشا أو القائد . كما نصت المادة 25 على أنه يمكن لكل مواطن أن يطلع على اللائحة الانتخابية خلال أجل 8 أيام تبتدئ من اليوم الموالي لانتهاء المدة المخصصة لإيداع الجدول التعديلي، أما المادة 36 فتتمحور حول الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية العامة، ويفصل فيها وفق القواعد الإجرائية المقررة في القانون 90.41 المحدثة بموجبه محاكم الإدارية، أما فيما يتعلق بالإجراءات والشكليات فقد نصت المادة 37[220] على أن الطعن يتم أمام المحاكم الإدارية بواسطة تصريح يدلي به لكتابة الضبط مقابل وصل وتبت المحكمة في القضية دون مصاريف أو إجراءات بعد استدعاء الأطراف المعنية في أجل أقصاه 3 أيام قبل البث في الطعن، كما نصت نفس المادة على أن الجلسة الأخيرة للمحكمة يجب ألا تتعدى أكثر من 40 يوما عن تاريخ إيداع الجدول التعديلي.
لقد تطرقت مجموعة من المواد لمساطر الطعن أما المحاكم الإدارية، على سبيل المثال لا الحصر فإن المادة68: نصت على أن لكل مترشح رفض ترشيحه أن يطعن في قرار الرفض خلال أجل أربعة أيام من تاريخ تبليغه إياه أمام المحكمة الإدارية التي يشمل نطاق اختصاصها الدائرة الانتخابية التي ترشح فيها صاحب الطعن.
يسجل الطعن مجانا وتبث فيه المحكمة الإدارية ابتدائيا وانتهائيا خلال الأجل المحدد حسب الحالة ابتداء من تاريخ إيداعه بكتابة ضبطها وتبلغ حكمها فورا إلى المعني بالأمر وإلى السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات التي يجب عليها أن تسجل فورا الترشيحات التي حكمت المحكمة بقبولها وتعلن للناخبين وفق الإجراءات المقررة في المادة47.
كما نصت المادة213 على أن الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية يفصل فيها وفق القواعد الإجرائية المقررة في هذا القانون أي مدونة الانتخابات وفي القانون 41.90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية.
أما المادة 214 فقد لامست مسألة الفصل في النزاعات المتعلقة بإيداع الترشيحات وفق أحكام المادة 68 من مدونة الانتخابات غير أن المحكمة الإدارية تبث ابتدائيا وانتهائيا في الطعن في ظرف ثمانية أيام ابتداء من تاريخ إيداعه.
أما بخصوص المادة 217 فهي تنظم الحملة الانتخابية وتحدد المخالفات المرتكبة بمناسبة انتخاب أعضاء مجالس الجماعات وفقا لأحكام الجزأين الثاني والخامس من القسم الثاني من هذا القانون.
أما المادة279 فقد فصلت في مسألة تسوية النزاع المتعلق بإيداع الترشيحات حسب أحكام المادة 68 من هذا القانون مع مراعاة ما يلي[221]:
– يجوز لكل مرشح ولوكيل كل لائحة ثم رفض إيداع ترشيحه أن يطعن في مقرر السلطة المكلفة بتسجيل الترشيحات أمام المحكمة الإدارية المختصة في ظرف ثلاثة أيام تبدأ من تاريخ تبليغ الرفض.
– تبث المحكمة الإدارية نهائيا في ظرف أربعة أيام من تاريخ إيداع الطعن بكتابة ضبطها وتبلغ حكمها إلى السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات.
الفقرة الثانية: اجراءات الطعن في انتخاب أعضاء البرلمان

نص الفصل 62 من الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011 على أنه ينتخب أعضاء مجلس النواب بالإقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات [222].أما أعضاء مجلس المستشارين والذين يتراوح عددهم بين 90 و120، فينتخبون بالإقتراع العام غير المباشر لمدة ست سنوات على اساس توزيعهم على هيئتان أساسيتان هما هيئة الجماعات الترابية “ثلاث أخماس” وهيئات مهنية “خمسان”[223].
كما أسند الدستور الحالي اختصاص النظر في منازعات العمليات الإنتخابية إلى القضاء الدستوري المتمثل في المجلس الدستوري إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية_ كما سبق وأشرنا_، حيث “يمارس المجلس الدستوري الإختصاصات المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية ،ويفصل- بالإضافة إلى ذلك -في صحة إنتخاب أعضاء البرلمان “[224].
وهكذا يبت المجلس الدستوري “المحكمة الدستورية” في الطعون المتعلقة بإنتخاب أعضاء البرلمان ،داخل أجل سنة،ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها ،غير أن للمحكمة تجاوز هذا الأجل بموجب قرار معلل، إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها ، أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها.”[225]
وقد حدد القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب عدد أعضاء المجلس في 395 عضوا ينتخبون بالإقتراع العام المباشر عن طريق الإقتراع باللائحة وبالتمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الاصوات والتصويت التفاضلي.[226]
كما حدد نفس القانون في مادته الأولى اضافة الى نظيره المتعلق بالغرفة الثانية في المادة الأولى الأشخاص الذين يمكنهم الطعن في العمليات الإنتخابية لأعضاء مجلس النواب[227] أو مجلس المستشارين [228] وهم الناخبين أو المرشحين أو عمال الأقاليم أو كاتب اللجنة الوطنية للإحصاء لدى المحكمة الدستورية [229].
حدد الأجل الذي يتم داخله الطعن في انتخاب أعضاء البرلمان أمام المجلس الدستوري في خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن نتيجة الإقتراع [230]،وذلك بعريضة مكتوبة وممضاة من أصحابها أومن محام ،وتتضمن إسم الطاعن وصفته وعنوانه واسم المتنازع في انتخابه ، وبيان الوقائع والوسائل المحتج بها[231] تودع لدى الأمانة العامة للمجلس الدستوري او والي الجهة أو عامل العمالة أوالإقليم المعني أو كاتب الضبط بالمحكمة الإبتدائية المعنية. ويشعر الأمين العام للمجلس الدستوري على الفور وبحسب الحالة مجلس النواب أو مجلس المستشارين بذلك[232].
ويمارس الدستوري مجموعة من السلطات والصلاحيات ذات الأهمية للبت في النزاع المعروض أمامه. وحرصا من المشرع الدستوري على تمكين الطاعن من اثبات الخروقات ، يمكن للمجلس أن يمنح هذا الأخير، بصورة استثنائية، أجلا للإدلاء بجزء من المستندات لإثبات ما يدعيه[233]. ويتم اخبار عضو البرلمان المطعون في انتخابه واطلاعه على العريضة والمستندات[234] بالإضافة إلى ذلك، للمجلس أن يأمر بإجراء تحقيق في الموضوع[235] ثم يبت في القضية عندما تكون جاهزة بعد الإستماع إلى تقرير المقرر داخل أجل ستين يوما[236]
و يقضي المجلس الدستوري بعدم قبول عريضة الطعن أو برفضها إذا كانت غير مقبولة أو كانت لا تتضمن سوئ مأخذ يظهر جليا أنها لم يكن لها تأثير في نتائج الإنتخاب [237]،وإما أنه يقضي لفائدة الطاعن وذلك بأن يلغي الإنتخاب المطعون فيه ،أو بأن يصحح النتائج الحسابية التي أعلنتها لجنة الإحصاء، ويعلن المرشح الفائز بصورة قانونية [238]،وفي جميع الحالات يبلغ المجلس الدستوري قراراته إلى أحد مجلسي البرلمان بحسب الحالة وإلى الأطراف المعنية داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ صدورها[239].

الفرع الثاني: مسطرة الطعون المتعلقة بالغرف المهنية

نظرا للتشابه الكبير بين غرف الصناعة و التجارة و الخدمات وبين باقي الغرف سواء من حيث المقتضيات القانونية المتعلقة بالطعون الانتخابية أو من حيث القواعد العامة للاستحقاقات الانتخابية فإننا سنكتفي بما يتعلق بها بهذا الخصوص على سبيل المثال
تحكم مسطرة الطعن في انتخاب اعضاء غرف الصناعة والتجارة والخدمات مجموعة من الشروط منها ما يتعلق بالأطراف الطعن وآجاله .ومنها ما يتعلق بمقال الطعن .
الطعون المتعلقة بالقيد و الترشيحات و العملية الإنتخابية
وطبقا للفصل الأول من المسطرة المدنية فإنه ” لايصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة”[240] فالصفة شرط جوهري وأساسي لقبول الدعوى التي يتحلى بها طالب الحق في اجراء الخصومة ونفس الشيء بالنسبة للمصلحة التي تعتبر مناط الدعوى وركنها الاساسي، ويقصد بها المنفعة المادية أو المعنوية التي يجنيها المدعى من وراء اقامة دعواه امام القضاء للمطالبة بحقه .
ففيما يتعلق بالطعون المتعلقة بالتقييد في الوائح الانتخابية، ومن خلال تفحص المادة 278 من مدونة الانتخابات، فإنه تسوى الطعون المتعلقة بالتقييد في اللوائح الانتخابية لغرف الفلاحة و غرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري طبقا الاحكام المنصوص عليها في المادتين 36 و37 من هذا القانون، فالمادة 36 من مدونة الانتخابات تقر” بأن تقدم الطعون بالقيد في اللوائح الانتخابية ويفصل فيها وفقا للقواعد الاجرائية المقررة في هذا القانون وفي القانون 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية[241]”،
وتنص المادة 37 من نفس القانون على انه “يقدم الطعن في القرارات المنصوص عليها في المواد 14 و25 و27 من هذا القانون الى المحكمة الادارية المختصة بواسطة تصريح يدلى به لكتاب الضبط بها، ويسلم عنه كاتب الضبط وصلا ، وتبت المحكمة في القضية دون مصاريف أو إجراءات بعد استدعاء يوجه الى الاطراف المعنية بالامر قبل التاريخ المحدد للنظر في الطعن بثلاثة ايام”.
أما بفيما يخص الطعون المتعلقة بالترشيحات فقد اشارت المادة 279 من مدونة الانتخابات على من له الصفة والمصلحة في الطعن بالترشيحات حيث جاء فيها ” يسوى النزاع المتعلق بإيداع الترشيحات حسب الاحكام المقررة في المادة 68 من هذا القانون مع مراعاة مايلي: “يجوز لكل مرشح أو لوكيل كل لائحة ثم رفض ايداع ترشيحه ان يطعن في مقرر السلطة المكلفة بتسجيل الترشيحات أمام المحكمة الادارية المختصة في ظرف ثلاثة أيام”. وتبت المحكمة الإدارية نهائيا في ظرف أربعة أيام من تاريخ إيداع الطعن بكتابة ضبطها و تبليغ حكمها الى السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات”[242].
و بخصوص الطعون المتعلقة بالعمليات الانتخابية فنجد أساسها القانوني في المادتين 280 و 281 من مدونة الانتخابات حيث لا يحكم ببطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا إلا في الحالات المقررة في المادة 74 من هذا القانون، كما يمكن أن تكون المقررات التي تتخذها مكاتب التصويت و المكاتب المركزية و لجان الإحصاء فيما يخص العمليات الانتخابية و إحصاء الأصوات و الإعلان عن نتائج موضوع دعوى الطعن طبق الشروط المقررة في الجزء الرابع من القسم الثاني من هذا القانون.[243]
وبخصوص بدأ سريان فقد تضمنته المادة 71 من مدونة الانتخابات، حيث يقدم الطعن بعريضة كتابية في ظرف ثمانية أيام كاملة تبتدئ من يوم إيداع المحضر الذي يتضمن إعلان نتائج الاقتراع و يكون غير مقبول إذا قدم خارج هذا الأجل[244].
أما فيما يتعلق بشغور مقعد في حالة الوفاة أو ما إذا أعلن عن استقالة عضو في غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات ضمن الشروط المقررة في المواد 272 و 276 و 283 من مدونة الانتخابات أو إذا ما ألغيت نتائج الاقتراع بأحكام المادة 74 من هذا القانون أو على إثر دعوى الطعن المقامة ضمن الشروط المنصوص عليه في المادة 281 أعلاه فإن المقعد الشاغر في اللائحة بالنسبة لغرف الصناعة و التجارة و الخدمات يسند الى المرشح الموالي في نفس اللائحة في الهيئة الناخبة المعنية و إن لم يوجد فإن الانتخابات الجديدة تسير ضرورية تباشر في أجل لا يمكن أن يتجأوز ستون يوما ابتداءا من التاريخ المقرر الذي تعلن بمقتضاه الاستقالة في الحالات المنصوص عليها في المواد 272 و 276 و 283 المذكورة و إن لم يكن ذلك المقرر موضوع دعوى الطعن أو في الأحوال الأخرى ابتداءا من تاريخ الوفاة أو تاريخ تبليغ الحكم النهائي الصادر في دعوى الطعن[245]. و يعلن العامل الذي يوجد بدائرة نفوذه مقر الغرفة حالا عن استقالة كل عضو لسبب طارئ بعد انتخابه في إحدى حالات عدم الأهلية المقررة في المواد 5، 6 و 261 هذا القانون.[246]
و بالتالي فمن يمكنهم الطعن في انتخاب أعضاء غرف الصناعة و التجارة و الخدمات يجب أن تتوفر فيهم الصفة و المصلحة معا فهما وجهان لعملة واحدة فعدم توفر المصلحة يقتضي بالتبعية عدم توفر الصفة كذلك نظرا للترابط الحاصل بين العنصرين في المادة الانتخابية و كما أن الطاعن يجب أن تتوفر فيه الصفة و المصلحة فإن هاتين الأخيرتين يجب أن يتوفرا أيضا في المطلوب في الطعن و من ثم يجب توجيه الطعن ضد كل الأطراف التي لها الصفة و المصلحة في دفع الإدعاءات تحت طائلة عدم القبول .
ولتقديم مقال الطعن في انتخابات اعضاء غرف الصناعة و التجارة و الخدمات يتوجب _كباقي الطعون_ توفر شروط شكلية و بيانات جوهرية يجب مراعاتها و اجراءات و مساطر يجب اتباعها مع احترام الاجال القانونية لرفع الطعن.
والمقصود بالاجراءات الشكلية لتقديم مقال الطعن، الجانب المسطري الذي يجب على الطاعن سلوكه لكي يتم قبول طعنه حيث انه ترفع الطعون الانتخابية بعريضة مكتوبة تبين موضوع الطعن او الدعوى و الوقائع و الوسائل المثارة و كذلك اسباب الطعن المطلوب من المحكمة البث فيها و لايمكن للطاعن بعد فوات الاجل القانوني للطعن اضافة سبب جديد للطعن في العمليات الانتخابية بمقتضى عريضة طعن اضافة الى ان اسباب الطعن يجب ان تكون دقيقة عند عرضها في المقال الافتتاحي للدعوى لا في غيره مما له ان يدلي به فيما يعد من مذكرات و ملاحظات شفوية في الجلسة .
وطبقا لمنطوق مقتضيات المادة 32 من قانون المسطرة المدنية فعريضة الطعن يجب أن تتضمن الاسماء العائلية و الشخصية و موطن او محل اقامة المدعى عليه و المدعي و عند الاقتضاء اسماء و صفة و موطن وكيل المدعي[247] .
وغني عن البيان أن المادة 3 من قانون 41.90 المحدث بموجبه محاكم ادارية اشترطت ضرورة توقيع عريضة الطعن من طرف محامي مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب[248].

المبحث الثاني: الأسباب الموجبة للبطلان والاثبات في المنازعات الانتخابية

قد ترد على العملية الانتخابية مجموعة من التجاوزات و الخروقات، ولذلك عمل المشرع المغربي على حصر مجموعة منها وفي حالة ارتكابها يتم الحكم ببطلان العملية الانتخابية وبالتالي الغاء نتيجة الاقتراع بغية التصدي لها حتى لا تخرج العملية الانتخابية عن مبتغاها.
ويتم هذا التصدي من طرف القضاء المختص حيث يتوجب على الأطراف تدعيم ادعاءاتهم بوسائل للاثبات بناء عليها يصدر القاضي حكمه أو قراره في النازلة، وباختلاف وسائل الاثبات وتعددها تختلف معها درجة حجية كل صنف منها اضافة الى تمتع القاضي الانتخابي بسلطة تقديرية واسعة في تقييم تلك الحجج.

المطلب الأول: الاسباب الموجبة لبطلان العملية الانتخابية

سنحاول قدر الامكان تسليط الضوء على الأسباب الموجبة لبطلان العملية الانتخابية في كافة مراحلها بداية من العمليات التمهيدية وصولا الى العمليات الانتخابية.
وقد حدد القانون بشكل عام حالات بطلان الإنتخابات جزئيا أو كليا كالأتي :
-إذا لم يجر الإنتخاب طبقا للإجراءات المقررة في القانون ،
-إذا لم يكن الإقتراع حرا أو شابته مناورات تدليسية ،
-إذا كان المنتخب أو المنتخبون من الأشخاص الذين لا يجوز لهم الترشح للإنتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي[249]

الفرع الأول: اسباب البطلان المتعلقة بالعمليات التمهيدية للانتخابات

تهم أساسا الأسباب المتعلقة بالبطلان نتيجة عدم احترام مبدأ المساواة، حتى لا تؤثر هذه العملية المهمة على التوازن بين الدوائر الانتخابية مع النتائج العامة للتصويت وفي هذا الإطار رتبت المحكمة الابتدائية بآسفي[250] بطلان العملية الانتخابية بعلة أن التقسيم الانتخابي لم يكن مناسبا لخلق مكتب تصويت واحد، غير أن المجلس الأعلى اعتبر أن هذه العلة الزائدة يستقيم الحكم بدونها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في قرار آخر عندما اعتبر أن العلة المستمدة من تأثير الانتخابي على العملية الانتخابية علة فاسدة وقد دأب الاجتهاد القضائي المقارن على إلغاء العملية الانتخابية إذا ما ثبت جريانها وفق تقطيع غير قانوني، دونما أن تكون هناك حاجة للطعن مسبقا في قرار تقسيم الجماعة إلى دوائر انتخابية[251].
أما فيما يخص القيد في اللوائح الانتخابية فإن من شأن عدم التوفر على شروط التسجيل فيها والوقوع في حالات عدم الأهلية أمور من شأنها أن تؤدي الى الى بطلان العملية الانتخابية،
وبما أن فقدان الأهلية الانتخابية موجب كذلك لفقدان الأهلية للترشح، فإن ذلك من شأنه أن يلغي يؤدي الى الغاء نتائج الانتخابات، وفي هذا الإطار اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن الأهلية الانتخابية تعد من النظام العام ،وان أداء المعني بالأمر بما يفيد تنفيذه للعقوبة الصادرة في حقه يعني استمرار فقدانه الأهلية وحرمانه من الترشح للانتخابات[252] .
أما المجلس الدستوري فقد العديد من القرارات الخاصة برفض الترشح، مزكيا تارة قرارات المحكمة الابتدائية و مانحا الحق للمرشح المتعسف عليه تارة أخرى[253] .واعتبر في العديد من قراراته أن الأهلية الانتخابية من النظام العام ،وتعد شرطا أساسيا وجوهريا للترشح للانتخابات و الاستمرار في المهمة التمثيلية ،كما يمكن إثارتها تلقائيا ،وعليه فقدان الأهلية في أية مرحلة من المراحل يتولد عنه حتما المنع من الترشح أو بطلان الانتخابات.[254]
أما ما يتعلق بالحملة الانتخابية، فإنه لا يترتب البطلان بخصوص مخالفة الإطار القانوني لممارسة الحملة الانتخابية إلا إذا كان لها تأثير على نتيجة الاقتراع، وهو نفس الموقف الذي قدم في مواجهة المنافس الفائز بالعملية الانتخابية، بدعوى أن الدعاية الانتخابية استمرت إلى صبيحة يوم الاقتراع، وفي هذا الإطار ذهب المجلس الأعلى في قراره[255] وهو يرد على وسيلة الطعن بما يلي:” لكن حيث إن الطاعن لم يوضح إذا ما كانت واقعة الدعاية الانتخابية يوم الاقتراع قد أثرت على عملية الاقتراع، وإن كانت مخالفة للقانون فإنها ما دامت لم تؤثر في نتيجة التصويت … على أن فارق الأصوات الذي يتعدى المائة بين الطرفين يجعل من هذه الواقعة حتى في حالة حصولها لا يمكن الارتكاز عليها للقول ببطلان عملية الانتخاب”.
وقد صرح المجلس الدستوري، الذي لا ينظر في النازلة المتعلقة بالحملة الانتخابية إلا اذا كانت تنبني على مناورة تدليسية، ببطلان العملية الانتخابية في قراره رقم 920 وألغى انتخاب السيد محمد يوسف عضوا بمجلس النواب على اثر الاقتراع الجزئي الذي أجري بالدائرة الانتخابية المحلية ” مولاي يعقوب” (إقليم مولاي يعقوب)، وأمر بتنظيم انتخابات جديدة لشغل هذا المقعد، وقد جاء في قرار المجلس الدستوري” حيث إن هذا المأخذ يقوم على دعوى أن المطعون في انتخابه، قام خلال الحملة الانتخابية بتنظيم مهرجان خطابي بدوار الزليلك شارك فيه- إلى جانب قيادات حزبية تنتمي إلى الحزب الذي ترشح باسمه، وفد أجنبي تناول الكلمة حاثا الناخبين على التصويت لفائدة المطعون في انتخابه المذكور، مما شكل مناورة تدليسية أثرت في إرادة الناخبين”[256].

الفرع الثاني: اسباب البطلان المتعلقة بالعمليات الانتخابية

ما يمكن أن نقوله بشكل عام فيما يخص الأسباب المتعلقة بالعمليات الانتخابية هو وجود مجموعة من الأسباب التي تفضي الى الغاء العملية الانتخابية منها انعدام الحرية حيث فهي التأثير على الناخبين بشكل كبير مما يؤثر في حرية الاقتراع وصدقه ونزاهته ويحرفه عن مجراه الطبيعي، ويمكن أن يصدر هذا السلوك عن المرشحين كما يمكن أن يكون صادرا عن السلطات الإدارية، ففي حالة استعمال الضغط والتهديد ضد الناخبين، وثبوت تأثير ذلك على نتيجة الاقتراع تلغى هذه الأخيرة لانعدام عنصر الحرية في الاقتراع . وهذا ما قضت به المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حيث أوضحت بأن”… قيام عضو من أعضاء مكتب التصويت بأعمال متمثلة في إحداث البلبلة والفوضى وتحريض البعض من الناخبين لمنع آخرين من الإدلاء بصوتهم وتدوين هذه الخروقات بمحضر العمليات الانتخابية يعتبر عملا يعوق حرية الاقتراع وينهض سببا معقولا للطعن في نتائج الاقتراع”[257].
نفس الموقف عبرت عنه الغرفة الإدارية في أحد قراراتها حيث قضت بأن المرشح للانتخاب ومناصريه مارسوا الضغط والتهديد على عدد من الناخبين وعليه فإن الضغط الذي يتمثل في شكل تهديد بالطرد من محل السكنى يؤثر على حرية الاقتراع[258].
كما أن المجلس الدستوري ذهب في نفس الاتجاه، وذلك في قراره رقم 97-95 والذي جاء فيه” حيث إنه يستخلص من الأوراق المدرجة بملف الطعن، ومن ظروف النازلة وملابستها أن العملية الانتخابية لم تتوافر فيها للناخبين حرية كاملة لاختيار المرشح الذي يرغبون في التصويت لفائدته، الأمر الذي يتعين معه إبطال الاقتراع، وإلغاء النتيجة التي أسفر عنها”[259].
كما أن عدم حياد السلطة الادارية يمكن أن يؤدي بالقاضي الى تحميل مسؤولية التزوير والتدليس بطريقة غير مباشرة للسلطة الإدارية، ونذكر من بين هذه القرارات:
– القرار رقم 2000-399 الصادر في 13 يونيو 2000 القاضي بإلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 14 نوفمبر 1997 بدائرة” أولاد سعيد” بإقليم سطات وأعلن على إثره انتخاب السيد محمد مساوي عضوا في مجلس النواب، وجاء في هذا القرار:
” وحث إنه يستخلص من نتيجة البحث الذي أجراه المجلس الدستوري ومن الشهادات التي أدلى بها ممثلان سابقان للسلطة المحلية ومن الاستماع إلى أعضاء في مكاتب التصويت، أن السلطة المحلية لم تلزم الحياد الذي يتوخاه القانون منها وأن ممثليها تدخلوا في بعض الجماعات لتعيين أعضاء في مكاتب التصويت والدعوة للتصويت للمطعون انتخابه؛
وحيث إنه، تبعا لكل ما سلف، تكون الممارسات السابقة مخالفة لأحكام المادة 23 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب، أدت إلى تجريد الاقتراع من الشروط التنظيمية الضامنة لسيره العادي، كما أنها خلقت في بعض الجماعات جوا ينعدم فيه الاختيار للناخبين الذي يشكل العنصر الضروري لاقتراع يطبعه الصدق والسلامة، الأمر الذي يحول دون الاطمئنان إلى النتائج المعلنة للانتخاب، مما يتعين إبطالها”[260].
أما فيما يتعلق بفقدان الأهلية، فيتم التفريق بين فقدان أهلية الانتخاب وأهلية الترشيح، ويأخذ المجلس بشأن الأولى بتقنية فارق الأصوات والتأثير على النائج وهو ما نجده في قرار المجلس الدستوري رقم95-85 [261]” الذي قضى برفض الطلب حيث جاء في إحدى حيثياته ” لكن حيث انه فرص ثبوت ما ادعاه الطاعن فان مشاركة شخص واحد فقد أهلية الانتخاب في الاقتراع ليس من شانه أن يترتب عليه في النازلة ،تأثير في نتيجة العملية الانتخابي “.
أما الثانية والمتمثلة في فقدان الأهلية للترشح فقد تحدثنا عنها في الفرع السابق.
انطلاقا مما سبق ذكره نخلص إلى النتائج التالية :
_ البطلان الجزئي أو المطلق للانتخابات لا يصرح به القاصي إلا إذا كان له تأثير على النتيجة الانتخابية .
_ فقدان الأهلية في أية مرحلة من المراحل تودي حتما الى المنع من الترشح أو بطلان الانتخابات إذا أثرت في النتيجة.
_ الإدانة بحكم نهائي يفقد الأهلية للترشح للانتخابات،و أثار العفو الملكي تنحصر في منع تنفيذ الجريمة الحبسية وحدها دون أن تلغي الجريمة.
أما ما يخص الاسباب المتعلقة بمكتب التصويت ففي قرار للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى،[262] ذهبت إلى القول بوجوب تشكيل مكتب التصويت في البداية من خمسة أعضاء تحت طائلة البطلان : ” يجب أن يكون مكتب التصويت مشكلا عند افتتاح الاقتراع من رئيس يساعده ناخبان أكبر سنا وناخبان أصغر سنا، المقيدين الذين يحسنون القراءة والكتابة لكنها تعود مرة أخرى في قرار آخر[263] يتناقض تماما مع سابقه لتقضي بإلغاء الحكم السابق وتعليل قرارها بأن مكتب التصويت يجب أن يتكون في البداية من 3 أعضاء.
وبخصوص مكان التصويت فإن المخالفات التي ترد بشأنه تعتبر مخالفة للإجراءات القانونية التي يجب أن يجري الانتخاب وفقها ، والمنصوص عليها في المادة 74[264] من مدونة الانتخابات تحت طائلة البطلان، وبالتالي فتحديد مكان التصويت يكون قبل 20 يوما على الأقل حسب الفصل 56 من مدونة الانتخابات، لكن عند رفع الطعون إلى القضاء الإداري بشأن هذه النقطة نجده تارة يقضي ببطلان العملية الانتخابية، وتارة يصرح بأن مكان التصويت غير مهم وهنا نورد حكمين إداريين متعارضين يظهر من خلالهما بوضوح اختلاف تقييم القاضي الانتخابي لأسباب الموجبة للبطلان، ففي القرار الأول وهو قرار للغرفة الإدارية[265]، ذهبت فيه إلى إلغاء نتيجة الاقتراع بسبب تغيير مكان التصويت:” لكن حيث إنه بالرجوع إلى مقتضيات المادتين 56 و 206 من القانون رقم 97-9، يتبين أن تحديد مقر مكتب التصويت يجب أن يعين قبل 20 يوما على الأقل من تاريخ الاقتراع بقرار تتخذه السلطة المحلية، وبناء على ذلك فإن تغيير المقر يجب أن يتم بقرار من نفس الجهة،.. فكان الاقتراع قد أجري في مقر لم يصدر أساسا أي قرار قانوني بتعيينه مقرا للاقتراع، وهذا يعتبر كافيا لإبطال الاقتراع المذكور بغض النظر عن التأثير على المشاركة في الانتخاب، فضلا عن أن تغيير مقر التصويت يوم الاقتراع إلى آخر يبعد بمائة كيلومتر يجب أن يبين سببه”.
في مقابل ذلك نجد القرار الثاني الذي يتعارض تماما مع القرار السابق وهو قرار المحكمة الإدارية بوجدة[266] في قضية الزوين، ذهبت إلى القول فيه بأن مكان إجراء الانتخابات غير مهم بالنسبة لهذه الحالة ما دام أن مكان إجراءها يتوفر على جميع الشروط والأسباب الداعية إلى مرور هذه العملية في جو تطبعه النزاهة والشفافية، وأن انتخاب المكتب بمقر السلطة المذكورة قد يعود إلى أسباب مردها ضيق الجماعة أو عدم وجود التجهيزات الكافية خاصة وأنه لا دليل بمحضر الجلسة يفيد معارضة أي عضو بما فيهم الطاعن بإجراء هذه العملية بمقفر السلطة المحلية، وبانتفاء التأثير على العملية الانتخابية لكون النتائج المعلن عنها من خلالها سليمة طالما لم تشبها مخالفة قانونية، والغريب في هذا القرار ان المحكمة من تلقاء نفسها تعلل تغيير مكان التصويت باقتراضها ظروف أدت إلى ذلك، وتضيف أن العملية مرت وفق ما هو محدد في القانون، متجاهلة أحد أهم الأسباب الموجبة للبطلان.

المطلب الثاني: وسائل الاثبات في المنازعات الانتخابية

المشرع المغربي، ومعه الاجتهاد القضائي، ذهبا إلى أن عبئ الإثبات يقع على الأطراف المتنازعة الذين يتوجب عليهم تدعيم ادعاءاتهم بتقديم الأدلة والحجج على اختلاف أنواعها أمام السلطة القضائية المختصة، والتي على ضوئها يعمل القاضي على الفصل في الدعوى بناء على مدى اقتناعه بحجية ومصداقية مختلف الأدلة ووسائل الإثبات التي تثار بمناسبة النازلة المعروضة عليه، مما ينتج عنه اختلاف في درجة حجية كل صنف منها.

الفرع الأول: وسائل ذات حجية مطلقة وأخرى نسبية

من خلال استقراء مجموعة من الاحكام والقرارات القضائية سواء الصادرة عن القضاء العادي أم عن القضاء الدستوري يتضح أن القاضي الانتخابي منح بعض الحجج والوسائل التي يدفع بها الاطراف في مختلف الدعاوى درجات متفاوتة من الحجية، اذ نجد أن هناك وسائل ذات حجية مطلقة واخرى نسبية.

الفقرة الأولى: وسائل ذات حجية مطلقة

تعتبر محاضر مكاتب التصويت و أحكام المحاكم و قرارات النيابة العامة من وسائل الإثبات ذات الحجية المطلقة في المنازعات الانتخابية .

_أولا: حجية محاضر مكاتب التصويت

قد درج القاضي في المنازعات الانتخابية على تخويل قيمة اثباتية مطلقة لمحاضر التصويت ، عندما تتوفر فيها الشروط الشكلية و الجوهرية لصحتها.
وهكذا ذهبت جل أحكامه الى تأييد ما جاء فيها من وقائع، مطابقة المحضر مع الواقع الذي مرت فيه عملية التصويت و فرز و احصاء الاصوات و الاعلان عن النتائج ، حيث جاء في حكم المحكمة الادارية بفاس : ” نظرا لوجود محاضر اعدت من طرف نفس مكاتب التصويت ، تتعارض نتائجها تعارضا يؤثر في النتيجة التي اعلنت عنها لجنة الاحصاء مما يحول دون اعتماد نتائجها ” و في حكم اخر” ان تضمين محضر عملية الانتخاب نتيجة فرز الاصوات لتحديد عدد الناخبين المصوتين و عدد الاصوات الصحيحة و عدد الاواراق الفاضلة دون ان يكون ذلك مطابقا ، لما يتكون محضر النتيجة من علامات مضافة باعتبارها اوراق باطلة…. سبب قانوني يعرض نتيجة الاقتراع للبطلان ” [267].
عموما فقد استقر القضاء على منح محاضر مكاتب التصويت قيمة مطلقة ذلك ان عدم تحرير محضر عملية الانتخابية يؤدي الى بطلانها بكونه يمنع القاضي من مطابقة تلك العملية للقانون[268]. فالثابت في الاجتهاد القضائي المغربي، ان قاضي الانتخاب دأب على منح المحاضر قيمة اثباتية مطلقة معتبرا اياها وثيقة رسمية مثبتة لنتائج الاقتراع و كل مخالفة لا تتضمنها لا يعتد بها و هو اتجاه يجد جدوره في قرارات الغرفة الادارية و المجلس الدستوري[269], نذكر على سبيل المثال ما ورد في حكم المحكمة الادارية بالبيضاء , حيث اثار الطاعن مجموعة من المخالفات التي وقعت اثناء عملية التصويت ضمن اسباب الطعن المتمسك بها من طرفه دون تقديمه دليلا على جديتها ودون اثبات ان ممثله قد طلب تدوينها بمحضر مكتب التصويت المدلى بنسخة منه من طرف الطاعن نفسه, الامر الذي يجعل هذا المحضر ذو قوة اثباتية لما احتواه ويكون معه تمسك الطاعن لاثبات حرمانه من 60 صوت مستندا في اثبات ذلك على نائبه في مكتب التصويت واحد اعضاء هدا المكتب غير مبني على اساس سليم .[270]

_ثانيا: حجية الاحكام القضائية ومقرارات النيابة العامة

اضافة الى الوسيلة التي تحدثنا عنها آنفا، تكتسب الأحكام القضائية وقرارات الحفظ الصادرة عن النيابة العامة قيمة اثباتية مطلقة يستند اليها القاضي الانتخابي.
ففيما يخص الحكم القضائي المانع من الترشيح، الذي حدد المجلس الأعلى في أحد قراراته شروط الحكم القضائي المؤدي لعدم الأهلية للترشيح وهي أن يكون حكما نهائيا وغير قابل للطعن بالنقض حيث عرّف الحكم القضائي بأنه: “هو الحكم الجنحي أو الجنائي الذي لم يعد قابلا لأي وجه من وجوه الطعن إما لاستيفائها أو لفوات أجلها، وأن الحكم الجنائي المطعون فيه بالنقض لا تأثير له في الوقت الراهن على الأهلية الانتخابية”[271]. وفي نفس السياق قامت المحكمة الإدارية بمكناس بإصدار حكم قضت فيه : ب”إلغاء قرار لجنة الفصل الرامي إلى رفض طلب الطاعن بإعادة تقييده بعد التشطيب على اسمه من طرف اللجنة الإدارية الانتخابية”، وقد عللت حكمها بأن حكم الإدانة قد تم الطعن فيه بالنقض [272] فالحكم المطعون فيه بالنقض لا يؤثر في الأهلية للانتخاب[273] .
وقد نحى القاضي الدستوري نفس المنحى في العديد من قراراته حيث اعتبره من النظام العام.[274]
وبما أن لكل قاعدة استثناء فإن القاضي الانتخابي الإداري وكذا الدستوري يرفض الطعن، رغم توفر الشروط، عندما يتعلق الأمر بعفو ملكي شامل والذي نص عليه الفصل 58 من الدستور والفصل 51 من القانون الجنائي غير أنه لا يصدر إلا بنص تشريعي صريح ويحدد هذا النص ما يترتب عنه من آثار دون المساس بحقوق الغير[275]. فقد جاء في أحد قرارات المجلس الدستوري بأن المطعون في انتخابه لا يملك حق الترشح مادام أنه ليس هناك ما يثبت أن العفو الملكي الذي تمتع به هو عفو شامل[276]
ويرفض القاضي الانتخابي الطعن أيضا، رغم توافر الشروط السالفة الذكر والخاصة بالأحكام القضائية، إذا تعلق الأمر برد الاعتبار وهو إجراء يهدف من ورائه المحكوم عليه ,محو الآثار الناتجة عن عقوبة جنائية أو جنحية أو مخالفة صدرت عن إحدى محاكم المملكة, من بطاقة سوابقه العدلية وذلك بعد توافر مجموعة من الشروط القانونية[277] ، فحسب ماورد في المادة – 6 من القانون رقم 9 – 97 ، المتعلق بمدونة الانتخابات. “لا يجوز للأشخاص المحكوم عليهم بإحدى العقوبات المشار إليها في البنود )ب( و)ج( و)د( من المادة 5 أعلاه أن يطلبوا قيدهم في اللوائح الانتخابية إلا بعد انصرام خمس سنوات من تاريخ قضاء العقوبة أو تقادمها أو من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم نهائيا، إذا تعلق الأمر بعقوبة موقوفة التنفيذ وذلك دون إخلال بالحالات التي يحكم فيها بالحرمان من حق التصويت و بمدة أطول “.
وفي حكم للمحكمة الإدارية بفاس، تبين أنه رغم أن المطعون في انتخابه قد أدين فيما سبق بعقوبة حبسية نافذة، إلا أنه أدلى بما يفيد حصوله على رد الاعتبار، ومن تم فقد اعتبر القاضي الإداري استنادا على الفصل 687 أن المطعون في انتخابه قد استعاد أهليته القانونية للترشيح في الانتخابات[278] .
أما مقررات النيابة العامة، فيتضح أن للنيابة العامة السلطة التقديرية في إحالة الملفات على أنظار المحكمة المختصة متى اقتنعت بضرورة ذلك أو حفظها متى ما تبين لممثلها أنها لا تتطلب متابعة قضائية، وتجدر الاشارة هنا إلا أن قرار النيابة العامة غير قابل للطعن. ومن خلال الاطلاع على بعض نماذج قرارات الحفظ الواردة في شأن شكايات انتخابية يلاحظ أنه من ضمن الحالات التي تقوم فيها النيابة العامة بالأمر بالحفظ: تعذر الوصول للمشتكى به، وفاة المشتكى به، عدم صحة الوقائع وانعدام الإثبات.
وعن تعامل القاضي الانتخابي الدستوري[279] مع قرارات الحفظ، تتم الإشارة إلى أنها شكلت مستندا يرتكز عليه في تعليل عدم صحة الدفوعات التي يتقدم بها الطاعنون لإثبات دعواهم.. إلا أن اتخاذ القاضي لهذا الإجراء كدليل على انتفاء الجرم يجعل الطاعن يخسر دعواه، لأن القاضي يتمسك بظاهر القرار دون الاطلاع على محاضر النيابة العامة ومرفقاتها بشأن الشكاية احتراما لمبدأ الحياد[280].

الفقرة الثانية: وسائل ذات حجية نسبية

يتبين من خلال الاجتهادات القضائية أن هناك صنف آخر من الوسائل لإثبات صحة دفوعات الطاعنين لكنها أقل درجة أو ذات حجية نسبية، حيث نجد أن القاضي الانتخابي في تعامله مع نفس الوسيلة، تارة يأخذ بها وتارة أخرى يستبعدها باعتبارها غير كافية أو يرفض الأخذ بها، معللا ذلك بعدم وجود بداية حجة، إلى جانب ذلك دل واقع الاجتهاد القضائي على أن القاضي يطمئن أحيانا للنتائج التي يجريها القاضي المقرر ومحاضر الضابطة القضائية.

أولا: حجية شهادة الشهود، التصريحات والإفادة الكتابية ثم القرائن
تعتبر شهادة الشهود والقرائن من بين وسائل الإثبات التي نص عليها المشرع المغربي في المادة 404 من قانون الالتزامات والعقود، الشهادة هي تقرير حقيقة أمر توصل الشاهد إلى معرفته أو بإذنه.
بالرجوع للاجتهادات القضائية نجد أنه بالرغم من أن بعض قرارات وأحكام القاضي الإداري أولت عناية خاصة للشهادة كوسيلة إثبات :”وحيث إنه يستخلص من نتيجة البحث الذي أجرته المحكمة ومن الشهادات التي أدلى بها… وأن للمحكمة الصلاحية المطلقة لتقييم الحجج المدلى بها أمامها، وأن للمحكمة سلطة تقديرية في تقديم شهادة الشهود دون رقابة المجلس الأعلى عليها…”، كما قررت :”… وإذا ثبت من شهادة الشهود أن أحد المرشحين قدم نقودا من أجل الصويت لصالحه، فإنها تكون وسيلة لإلغاء نتيجة التصويت”[281].
فإن معظم القرارات ذهبت في اتجاه استبعاد شهادة الشهود كوسيلة للإثبات إما من خلال اعتبار أن هذه الشهادة غير كافية[282]، وإما من خلال اعتبار أن ما ورد في شهادة الشهود ليس من شأنه التأثير في النتيجة[283] غير أنه إذا كانت هذه المبادئ من شأنها إقرار سلطة تقديرية واسعة للقاضي فيما يخص تقييم شهادة الشهود، إلا أن هذه السلطة ورد عليها بعض القيود أقرها المجلس الأعلى منها أن اهمال القاضي الإداري تبرير عدم استدعائه للشهود يعتبر نقصانا في التعليل[284].
أما بخصوص موقف القاضي الدستوري المغربي من الأخذ بشهادة الشهود، فنستشفه من خلال العديد من القرارات، ففي القرار رقم 640 اعتبر المجلس الدستوري أن تأكيد جميع الشهود المستمع إليهم بأن العملية الانتخابية جرت في ظروف عادية يجعل إدعاء الطاعن غير قائم على أساس صحيح حيث جاء بإحدى حيثيات هذا القرار ما يلي: “لكن وحيث … من جهة أخرى، فإن الشهود المستمع إليهم خلال البحث الذي أجراه المجلس الدستوري…، قد أكدوا جميعا أن العملية الانتخابية موضوع الطعن قد جرت في ظروف عادية وأنهم لم يلحظوا أي استعمال للمال أو غيره… الأمر الذي تكون الوسيلة المتخذة من أن الاقترع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية غير قائمة على أساس صحيح”[285].
مقابل ذلك اعتبر المجلس الدستوري في القرار رقم 644 أن شهادة الشهود التي تنتزع بواسطة الغش والتدليس لا يعتد بها[286].
أما عن القيمة الإثباتية لتصريحات الأشخاص التي يدعم بها الطاعن إدعاءاته، فنجد في الغالب إحجام القاضي الإداري عن الأخذ بها كوسيلة إثبات وهذا لا يمنع من وجود استثناءات، وهكذا ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة إلى رفض اعتماد تصريحات كافة أعضاء مكتب التصويت بخصوص واقعة تصويت مجموعة من الناخبين ومشاركتهم في العملية الانتخابية، رغم التشطيب عليهم بصفة قانونية من اللائحة[287]، وقد أيدت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط هذا الحكم على اعتبار أنه: “وعلى فرض صحة مشاركتهم، فإن الطاعن المستأنف لم يثبت كونهم فعلا صوتوا لفائدة المرشح الفائز خاصة وأن عملية التصويت تتم بكيفية سرية”[288].
وبخصوص موقف المجلس الدستوري فقد دأب إلى عدم الاستجابة لهذا الملتمس، معتبرا أن “ما يدلي به الطاعن من تصريحات للأشخاص تدعيما لإدعاءاته لا يكفي وحده لإثباتها”[289]، وفي مقابل ذلك جاء في إحدى حيثيات قراره رقم 400 ما يلي: “حيث إنه يبين من البحث الذي قرره المجلس الدستوري ومن إجراءات التحقيق ومن تصريح رؤساء مكاتب التصويت …، وبعض أعضاء تلك المكاتب… بأنهم حينما تقدموا لتسليم محاضر مكاتب التصويت التي ترأسوها إلى رئيس المكتب المركزي قد تم بحضورهم إعداد محاضر أخرى استبدلت بها المحاضر الحقيقية ثم سلمت المحاضر الجديدة إلى رئيس المكتب المركزي”، “وحيث إنه يستخلص … أن العملية الانتخابية شابتها ممارسات تدليسية وأن هذه الممارسات ترتب عنها إخلال بصدق عملية الاقتراع أدى إلى إفسادها، الأمر الذي يتعين معه إبطالها…” [290]، وبالتالي إلغاء نتيجة الاقتراع.
هذا، وفيما يتعلق بالقيمة الاثباتية للإفادات، فيبدو أن القاضي الإداري يعتبرها مجرد وسيلة مكملة وهذا ما يتضح من خلال اجتهاداته إذ سبق له وأن اعتبر إفادة رئيس مكتب التصويت الذي أشرف على عملية الاقتراع تفند ما جاء مضمنا بمحضر المعاينة المنجزة من قبل المفوضين القضائيين اللذين تخلفا عن حضور جلسة البحث بمكتب القاضي المقرر رغم توصلهما بالاستدعاء.
وأما عن موقف القاضي الدستوري بهذا الخصوص نجد أنه اعتبر في قراره رقم 436 أن الإفادات لا تقوم بمفردها دليلا على ثبوت الإدعاء اذ جاء في إحدى حيثيات هذا القرار ما يلي: “لكن وحيث إن الإفادات المدلى بها لا تقوم بمفردها دليلا على ثبوت الإدعاء إزاء خلو محضر مكتب التصويت من أي ملاحظة…”. و قد اكد في قراره رقم 751 ان الافادات لا تشكل وحدها حجة على صحة ما ورد فيها من وقائع.
فيما يتعلق بالقرائن التي تُعَرَّفُ بأنها ما يستنبطه القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول، وقد عرفتها المادة 449 من ق.ل.ع، بأنها “دلائل يستخلص منها القانون أو القاضي وجود وقائع مجهولة”، وهكذا إذا اقتنع القاضي، من خلال القرائن الواردة في البحث القضائي ان العملية الانتخابية شابتها خروقات، قضى بإلغاء النتيجة[291].
وإذا كانت معظم القرارات والأحكام حاولت أن تستبعد القرينة كوسيلة للإثبات في المنازعات الانتخابات، فقد عثرنا على أحكام نادرة، حيث أخذ القاضي بالقرينة ليلغي العملية الانتخابية، فقد ارتكز على قرينة الدين المستدل به، ليثبت أن العملية الانتخابية شابتها مناورات تدليسية، وهكذا جاء في حكم إدارية الرباط ما يلي: “إن الوثيقة العدلية المتضمنة اعتراف رئيس المجلس الجماعي، قبيل انتخابه بالدين لفائدة الأطراف الدائنة المكونة لمكتب المجلس هي وثيقة ظاهرها قرض وباطنها رشوة، انطلاقا من القرائن وظروف القضية وملابساتها مما يجعل العملية الانتخابية قد شابتها مناورات تدليسية أثرت بشكل مباشر في نتيجتها مما يدعو إلى الحكم بإلغائها”[292]، وورد في حكم آخر عن نفس المحكمة: “إن عدم الإدلاء بمحضر التصويت وعدم وجوده بكتابة ضبط المحكمة الإدارية يشكل قرينة على عدم تحريره، مما يبرر الحكم بإلغاء العملية الانتخابية من أساسها”[293]، كما اعتبر الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في أحد القرارات أن توقيع أعضاء مكتب التصويت على المحاضر يعتبر قرينة كافية على عدم أهميتهم[294].
ويبدو أن القاضي الدستوري قد سار في نفس الاتجاه، حين ا%B

 

(محاماه نت)

إغلاق