دراسات قانونية
بحث قانوني يشرح البيع الرضائي للأصل التجاري بالتفصيل
البيع الرضائي للأصل التجاري – المغرب
مقدمة
بالرغم من كون أن التجارة بشتى أنواعها وأشكالها وطرق ممارستها ومزاولتها تعتبر قديمة من الناحية التاريخية فإن ظهور المؤسسة القانونية المعروفة اليوم بالأصل التجاري le fonds de commerce والذي تختلف تسميته من تشريع لآخر لم يتم بصورة فعلية إلا ابتداء من القرن التاسع عشر ،حيث يعتبر هذا الأخير كأهم آلية ابتدعها الفكر الرأسمالي لتعزيز دور المقاولة الفردية
ويرجع السببب في تأخر ظهور مؤسسة الأصل التجاري إلى الوجود إلى أن ذاتية التاجر وأهمية شخصه كانت قبل التاريخ المذكور من العناصر الأساسية المهيمنة في تحديد قيمة مشروعه التجاري وفي ارتباط زبنائه به، الأمر الذي ما فتئ يتضاءل بالتدرج بفعل التطور الذي عرفته وسائل وتقنيات التجارة حيث بدأ المتجر أو المصنع يأخذ قيمة مستقلة عن قيمة الشخص الذي يستغله وأصبح بالتالي الزبناء مرتبطين بالمتجر أكثر من ارتباطهم بشخص صاحبه
وقد كان من نتائج ظهور تطور فكرة الأصل التجاري أن عملت التشريعات التجارية على مواكبة هذا التطور ، وذلك عن طريق وضع قواعد ثانية خاصة بالأصل التجاري باعتباره مالا ترد عليه الملكية ويمكن تبعا لذلك أن يكون قابلا للتصرف فيه بواسطة البيع او تقديمه كحصة في شركة أو لرهنه مقابل الحصول على ائتمان بنكي او لتأجيره بمعزل عن العقار الذي يستغل فيه وهكذا فعندما برزت أهمية الملكية الصناعية والتجارية بادر المشرع الفرنسي خلال السنوات الأولى من القرن العشرين إلى تنظيم الأصل التجاري،
وذلك بإصداره لقانون 1919 الذي ضمنه العديد من القواعد المتعلقة بكيفية بيع الأصل التجاري ورهنه وتقديمه حصة في شركة مع التركيز في ذلك على الأحكام القانونية الهادفة من جهة إلى توفير الحماية لصاحب الأصل التجاري من كل ما من شأنه أن يسبب في فقدانه او زبنائه ومن جهة أخرى إلى رعاية دائني هذا الأخير الذين تشكل بالنسبة لهم عناصر الأصل التجاري الضمان الفعال لاسيما عمالهم من ديون على مالكه أو مستغله وإلى جانب قانون 1909 المذكور الذي خضع للعديد من التعديلات اللاحقة أصدر المشرع الفرنسي سنة 1956 قانونا خاصا يتعلق بتنظيم عقد التسيير الحر أو الإدارة الحرة للأصل التجاري .
أما بالنسبة للوضع في المغرب فيجب التذكير أنه بعد خضوع بلدنا للحماية الفرنسية ثم إصدار ظهير 31 دجنبر 1914 يتعلق ببيع ورهن الأصل التجاري علما بأن مقتضيات هذا الظهير قد اقتبست في معظمها من القانون الفرنسي لسنة 1909 وقد تلاه بعد ذلك صدور ظهير 23 يونيو 1916 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والأدبية والفنية وكذا ظهير 24 ماي 1955 المنظم لكراء المحلات المعدة للاستغلال الصناعي أو التجاري أو الحرفي.
وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة التجارة ولا سيما الكتاب الثاني المتعلق بالأصل التجاري نجد أن المشرع عرف في المادة 79 الأصل التجاري كما حدد مشتملات هذا الأصل بموجب مقتضيات المادة 80.
وإذا كانت عملية بيع الأصل التجاري تخضع للتنظيم العام للبيع في إطار التشريع المدني، إلا أنه ونظرا لخصوصية الأصل التجاري وما يرتبط به من حقوق ومصالح جعلت المشرع المغربي يقرر للعمليات الواردة عليه بعض الخصوصيات التي لا نحدها في الكثير من العمليات المدنية.
فهذا الازدواج في التنظيم يرجع إلى أهمية الأصل التجاري وإلى الصعوبات التي يطرحها والمصالح التي يهددها ، هذا فضلا إلى أن القواعد العامة لوحدها تبقى غير صالحة ومنسجمة مع طبيعة الأصل التجاري المبيع.
إن الأصل التجاري ما فتئ يتطور في الواقع الاقتصادي والقانوني كغيره من الأموال المعنوية التي دشنت تموضعا خاصا في الحلبة الاقتصادية من حيث التداول والاستمرار، حيث أضحى هذا المال المنقول غاية الكثير من المشروعات الاقتصادية للتكيف مع السوق الاقتصادي الذي يقوم على المنافسة والمضاربة على الربح ، وبذلك فإن بيع الأصل التجاري يبقى غاية في الأهمية سواء من الناحية النظرية أو من الناحية العملية .
وترجم هذه الأهمية من الناحية النظرية في ذلك التفريد الذي يخص به بيع الأصل التجاري فضلا عن القواعد العامة للبيع وذلك بأن وضع المشرع التجاري شروطا شكلية يتعين احترامها من كتابة عقد بيع الأصل التجاري وإشهاره ونشره وتوفير الحماية لعدة مصالح مرتبطة بعملية بيعه وذلك لإضفاء نوع من الاطمئنان حول هذه العملية .
أما من الناحية العملية والتطبيقية فإنه لا يخفى على أحد الدور الحيوي والاقتصادي الذي يتميز به الأصل التجاري فكثير من المحلات التجارية تشتمل على عناصر للأصل التجاري والتي يختلف عددها حسب حجم النشاط التجاري ونوعيته ، هذا فتفويت هذا المال عن طريق البيع بما يحتويه من عناصر مادية ومعنوية يعني انتقال صفقة تجارية ، والتي غالبا ما تكون مربحة من البائع إلى المشتري الأمر الذي ينعش الحياة الاقتصادية والتجارية.
وانطلاقا من أهمية الموضوع ، فإن بيع الأصل التجاري يطرح إشكاليتين أساسيتين والتي ترتبت عنها مجموعة من التساؤلات الفرعية تتمحوران أساسا حول أي حد استطاع المشرع المغربي إرساء قواعد قانونية خاصة ينفرد بها بيع الأصل التجاري عن البيع في القواعد العامة ؟ وإلى أي حد استطاع المشرع كذلك من خلال إرساء الضوابط والإجراءات القانونية لبيع الأصل التجاري توفير حماية قانونية لجميع الفاعلين المتدخلين في هذه العملية ؟
لمقاربة هذه الإشكالية سنعمل على تحليل الموضوع عبر منهجية تروم بيان أهم الضوابط القانونية لبيع الأصل التجاري ( المبحث الأول) ثم بيان الآثار المترتبة عن البيع الرضائي للأصل التجاري ( المبحث الثاني ) دون التركيز على الأركان والشروط الموضوعية وبعض أثاره المنظمة بموجب القواعد العامة والتي يبقى عقد بيع الأصل التجاري خاضعا لجزء هام منها .
المبحث الأول : الضوابط القانونية لبيع الأصل التجاري
لا أحد يناقش في طبيعة عقد البيع كونه عقد رضائي مبدئيا ، وينتج آثاره بمجرد اتفاق الطرفين المتعاقدين على مضمونه ودون اشتراط أي شكل معين لانعقاده ، لكن نظرا لأهمية الأصل التجاري ، ولحماية البائع والمشتري ، فإن الحياة العملية تفرض أن يكون عقد بيع الأصل التجاري يخضع لمقتضيات خاصة به يتميز بها دون غيره من عقود البيع الأخرى ، ويتعلق الأمر بكتابة هذا العقد وما يحتويه هذا الأخير من بيانات إلزامية وإشهاره عبر مراحل مهمة ، وذلك استجابة لضرورة حماية مصالح كل الأطراف المعنية بعملية البيع ، هذه المقتضيات التي أقرها القانون التجاري في ظهير 31 دجنبر 1914 وأعاد تكريسها القانون الجديد لسنة 1996 لذلك سنتطرق إلى كل من كتابة عقد بيع الأصل التجاري في (مطلب أول) على أن نتطرق في (المطلب الثاني) لعملية إشهار هذا العقد .
المطلب الأول : كتابة عقد بيع الأصل التجاري
الفقرة الأولى: طبيعة كتابة عقد بيع الأصل التجاري
أثارت شكلية الكتابة في بيع الأصل التجاري العديد من الإشكاليات حول طبيعتها ، هل هي لإثبات العقد أم لانعقاده؟ واختلفت الأراء الفقهية كما تضاربت مواقف الأحكام والقرارات القضائية بشأنها وهذا ما يجعلنا نقف أو ندرس موقف المشرع المغربي من طبيعة الكتابة، ثم موقف القضاء المغربي من ذلك، وذلك في إطار ربط ما هو عملي بما هو نظري .
أ- موقف المشرع والفقه المغربي من طبيعة الكتابة
تنص المادة 81 من مدونة التجارة على أن ” يتم بيع الأصل التجاري او تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة او تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد بعقد رسمي أو عرفي …. “
من خلال استقراءنا لمقتضيات هذه المادة تبين لنا أن المشرع المغربي يوجب كتابة عقد بيع الأصل التجاري ، كما كان الأمر عليه في الفصل الأول من ظهير 1914 . لكنه لم يرتب جزاء البطلان على تخلفها كما هو الشأن مثلا في العمليات المنصبة على براءة الاختراع الشيء الذي يجعلنا نستنتج أن شكلية الكتابة في بيع الأصل التجاري ما هي إلا شكلية إثبات فقط .
كذلك هناك قرار صدر عن المجلس الأعلى بتاريخ 10/12/1986 جاء فيه أنه لا يترتب على عدم مراعاة الشكليات المنصوص عليها في المادة 1 من ظهير 1914.
فانطلاقا من الحكم السابق ذكره والقرار الصادر عن المجلس الأعلى يتضح لنا موقف القضاء المغربي حول طبيعة الكتابة في عملية بيع الاصل التجاري وذلك من خلال مضمون هذه الأحكام أو القرارات التي تعتبر فيها الكتابة شكلية إثبات وليس شكلية انعقاد .
هذا كله حول طبيعة الكتابة فماذا عن محتوى هذه الكتابة بتعبير آخر بيانات عقد بيع الأصل التجاري ، ذلك ما سنستشفه من خلال الفقرة الثانية .
الفقرة الثانية : بيانات عقد بيع الأصل التجاري
أ- محتوى البيانات
حرص المشرع المغربي في مدونة التجارة من خلال الفصلين 81 و 82 على إعطاء عملية البيع المنصبة على الأصل التجاري شفافية أكثر حماية لمشتري هذا المال المعنوي المعقد ، فالشخص حين يرغب في شراء الأصل التجاري فهو، غالبا ما يتوخى إبرام صفقة ناجحة وذات مردودية ولقد فطن القانون الفرنسي إلى هذه المسألة بعد 26 سنة من إصدار للقانون المنظم للعمليات الواردة على الأصل التجاري من خلال قانون 29 يونيو 1935 فأوجب على البائع تمكين المشتري من حقيقة قيمة الأصل التجاري الاقتصادية وهو ما دفع القانون الفرنسي إلى ضرورة توفير إعلام جيد للمشتري حول هذا المال المعقد من خلال تمكينه من رقم أعمال ورقم أرباح الأصل التجاري في السنوات الثلاث الأخيرة للاستغلال بالإضافة إلى بيانات أخرى .
لذلك كان حظ مشتري الأصل التجاري في مدونة التجارة أقل حظا من مشتري الأصل التجاري طبقا للقانون الفرنسي السالف الذكر، فبالرغم من البيانات الهامة التي أشار إليها الفصل 81 من ق ت والذي ينص على :
1-اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ، ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات
2-حالة تقييد الامتيازات والرهون المقامة على الأصل
3-وعند الاقتضاء الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري
4-مصدر ملكية الأصل التجاري
فإننا نظن أن هذه البيانات قليلة ولا تخدم كثيرا مصالح المشري الذي يقدم على إبرام صفقة يتوخى أن تكون مربحة وذات مردودية مرتفعة
ب- مخالفة بيانات عقد بيع الأصل التجاري
يجب أن نميز هنا بين نوعين من مخالفات البيانات التي أشار إليها الفصل 81 من ق ت فبين تخلف أحد البيانات أو كلها وبين عدم صحة أحد هذه البيانات،
*فيما يتعلق بتخلف أحد بيانات عقد البيع: بالرجوع إلى المادة 82 من القانون التجاري نجد الفقرة الأولى، تنص إذا لم تستمل عقد البيع على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة السابقة جاز للمشتري أن يطلب التصريح بإبطال العقد في حالة تضرره من جراء ذلك .
هكذا نجد أن المشرع من خلال نص المادة 82 رتب قابلية العقد للإبطال في حالة تخلف أحد بيانات التي تم التنصيص عليها في المادة 81 ولكنه شريطة إثبات المشتري الضرر اللاحق به ومع ذلك نطرح التساؤل التالي ، ماذا لو تم إغفال كل بيانات الفصل 81 مادام الفصل 82 يتحدث عن تخلف أحد بيانات الفصل 81 ؟
ليحتفظ هذا العقد برضائيته ، ذلك أن المشرع لو أراد اعتبار هذه الكتابة كتابة إنشاء لرتب على مخالفتها البطلان الذي يعتبر من النظام العام .
وفي هذا الصدد يرى الأستاذ العلمي المشيشي بأن بيع الأصل التجاري يكفي فيه تراضي طرفي العقد على الشيء المبيع وعلى الثمن وأن المشرع المغربي هدف من الكتابة إثبات العقد وتسجيله في تاريخ معين
ويرى الأستاذ عبدالعزيز توفيق كذلك أن بيع الأصل التجاري ينعقد بمجرد تراضي الطرفين وتحديد شروط البيع وثمن المبيع ، ولا يحتاج إلى شكل معين وأن غاية المشرع من الكتابة والتسجيل هي حماية البائع الذي لم يتوصل بمجموع ثمن المبيع في حالة إفلاس المشتري أو من تلاعبه كبيعه الأصل التجاري بمجرد شرائه ، وقبل دفع الثمن للبائع الاول
فإذا كان التشريع قد تعامل مع الكتابة بالشكل الذي أشرنا إليه وكذلك الفقه المغربي ، فكيف تعامل القضاء المغربي مع الكتابة في عقد بيع الأصل التجاري .
ب-موقف القضاء المغربي من طبيعة الكتابة
لقد بحثنا كثيرا في القضاء المغربي لكي نقف على الأحكام او القرارات التي توضح لنا شكلية الكتابة في عملية بيع الأصل التجاري ولم نعتر إلا على أحكام قليلة وقرارا للمجلس الأعلى ليست بحديثة العهد .
أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط في الملف التجاري عدد 98/91 بتاريخ 1-7-91 حكما ذهبت فيه أن بيع الأصل التجاري يجب أن يثبت برسم قانوني عدلي او بخط اليد طبقا للفصل 1 من ظهير 1914.
نقول أنه بالرغم من تخلف كل بيانات الفصل 81 ومادام الفصل 82 ربط جزاء طلب التصريح بالإبطال بالضرر اللاحق بالمشتري وفي غياب جزاء قانوني صريح عن تخلف كل البيانات فإن عقد البيع يبقى عقد إرضائيا صحيحا
في حالة إيراد بيانات غير صحيحة
جاء في الفقرة الثانية من المادة 82 ” إذا كانت البيانات المذكورة في العقد غير صحيحة جاز للمشتري أن يطلب التصريح بإبطال العقد أو بتخفيض الثمن في حالة تضرره من جراء ذلك ” وبذلك يترتب هذا النص حالة إيراد بيانات غير صحيحة كأن يغير بيانات عقد كراء المحل الذي يمارس فيه النشاط التجاري طلب التصريح بإبطال عقد البيع او تخفيض الثمن حالة تضرره من جراء ذلك .
ونشير إلى أن المشرع وسعيا منه إلى تسريع عملية بيع الأصول التجارية فقد أخضع طلب التصريح بالإبطال أو دعوى لتخفيض الثمن إلى أجل قصير هو سنة .
هذا كله عن كتابة عقد البيع فماذا عن شهر هذا الأخير ذلك ما سنتطرق له
في المطلب الثاني : تسجيل وشهر عقد بيع الأصل التجاري
الفقرة الأولى: تسجيل عقد بيع الأصل التجاري.
يتم تسجيل عقد بيع الأصل التجاري بمصلحة التسجيل والتنبر طبقا للمادة 81 وذلك حتى تتمكن هذه المصلحة من اقتطاع حقوقها .
الفقرة الثانية: مراحل شهر عقد بيع الأصل التجاري
يحظى الأصل التجاري بمكانة هامة في الذمة المالية لمالكه ( البائع) وغالبا ما يعول عليه دائنوه بالأخص الدائنون العاديون ولما كان بيع هذا المال سيخرجه من ذمة مدينهم . ولما كانت القواعد العامة لا توفر لهم حماية خاصة فكان لزاما على القانون التجاري تمتيعهم بضمانات هامة لا نجدها في القانون المدني ، فيتم الاعتداء إلى إشهار ونشر عقد بيع الأصل التجاري حتى يعلم به دائنوا البائع والتدخل لحماية حقوقهم تبعا للوضعية الجديدة، هذا الشهر الذي يمر عبر مرحلتين من خلال المادة 83 فهناك الشهر الذي يقوم به البائع ( أولا) ثم الشهر الذي يقوم به المشتري ( ثانيا).
أولا: الشهر الذي يقوم به البائع
حسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 83 فإنه بعد ما يتم تسجيل عقد البيع فإنه يجب على البائع إيداع نسخة من العقد العرفي أو الرسمي لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية التي يوجد بها الأصل التجاري أو مركزه الرئيسي إذا تعددت فروعه وذلك داخل أجل15 يوما من تاريخ البيع .
ويقوم بعد ذلك كاتب الضبط بنشر مستخرج من هذا العقد في السجل التجاري، هذا المستخرج الذي يتضمن كافة البيانات التي تهم عملية البيع من تاريخ العقد ، الأسماء الشخصية والعائلية لكل من المشتري والبائع وموطنهما ونوع الأصل التجاري ومقره الرئيسي وثمن البيع المحدد والفروع التي قد يشملها وبيان أجل التعرضات وكذا اختيار موطن للمتعرضين في دائرة المحكمة التجارية التي يتم في دائرتها بيع الأصل التجاري .
وبعدما يتلقى كاتب الضبط ذلك يقوم بنشر المستخرج المقيد بالسجل التجاري في الجريدة الرسمية وكذلك في أحد الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية على نفقة الأطراف .
ثانيا : الشهر الذي يقوم به المشتري
إذا كان القانون قد أوجب على البائع ضرورة شهر عقد بيتع الأصل التجاري داخل أجل 15 يوما من تاريخ عقد البيع، فقد أوجب في الفقرة الأخيرة من المادة 83 تجديد عملية الشهر وذلك حتى يكون كل الدائنين على بينة من وقوع البيع وبالتالي الدفاع عن حقوقهم لكن هذه المرة يقوم بعملية تجديد الشهر المشتري وذلك بين اليوم الثامن والخامس عشر بعد الإشهار الأول الذي يقوم به البائع ولعل ازدواجية وإشهار عقد بيع الأصل التجاري تفسر بإعلام الدائنين وفي نفس الوقت دعوتهم إلى ممارسة حق التعرض القانوني ، هذا الإشهار الذي يحمل خصوصيات لا نحصها في أوضاع قانونية أخرى كإنشاء الشركات او الزيادة في رأسمالها حيث يكون الإشهار مرة واحدة .
كما أن تجديد إشهار عقد بيع الأصل التجاري هو التزام قانوني ملقى على عاتق المشتري مهما كانت وضعية الأصل التجاري وذلك حتى تبرأ ذمته في مواجهة دائني البائع وفي هذا الصدد نجد قرارا صادرا عن المجلس الأعلى جاء فيه ما يلي “… على أن كاتب الضبط هو الذي يقوم بنشر بيع الأصل التجاري لا المشتري الذي يقتصر دوره على تقديم نسخة من عقد البيع إلى الكاتب المذكور وأن المحكمة لما قضت بفسخ البيع على مسؤولية المشتري لعدم إشهار بيع الأصل التجاري بعلة أن الحجز لا يحول دون إشهار البيع مع أنه أدلى بما يثبت أنه قدم إلى كاتب الضبط طلبا بإشهار البيع المذكور، وأن هذا الأخير هو الذي رفض القيام بالإجراء لوجود الحجز على الأصل التجاري يكون قضاؤها مشوبا بالقصور في التعليل الموازي لانعدامه مما يعرض قرارها للنقض “.
الفقرة الثالثة: تقييد الامتياز
يستفيد بائع الأصل التجاري المؤجل الثمن بضمانة هامة تسمى بامتياز بائع الأصل التجاري طبقا للمادة (91) من مدونة التجارة . وحق امتياز البائع هذا يجعله يسبق كل دائن للمشتري ولو تعلق الأمر بأصحاب الرهن الرسمي على الأصل التجاري ولو ترتب هذا الرهن بعد عقد البيع . وقبل تقييد امتياز البائع بشرط أن يتم تقييد امتياز البائع داخل أجل (15) يوما من عقد البيع
شروط ممارسة الامتياز
يستفيد من حق الامتياز بائع الأصل التجاري المؤجل الثمن إذا احترم الشروط التي أوجبتها المادة 91 من مدونة التجارة .
وهكذا فعلى البائع أن يقوم بتقييد امتيازه في السجل التجاري لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها الأصل التجاري او مركزه القانوني والأساسي ولدى المحاكم التي يوجد بها فروع هذا الأصل .
وحددت المادة 92 أجل القيام بهذا التقييد الذي يجب أن يتم في (15) يوما التي تلي عقد البيع للاصل التجاري ويجب تجديد هذا التقييد كل ( خمس سنوات) المادة 137 ويشمل امتياز البائع العناصر التي شملها عقد البيع وإذا سكت العقد عن تحديد هذه العناصر فإن الامتياز لا يشمل سوى الإسم التجاري والشعار والحق في الإيجار والزبناء والسمعة التجارية المادة (91) .
ويجب أن توضع عند تحديد ثمن بيع الأصل التجاري أثمان متميزة للعناصر المعنوية ثم للبضائع ثم للأدوات ويأخذ ذلك أهمية لان الامتياز البائع لا يمارس على كلية الأصل التجاري بل يمارس عبر تجزيء الامتياز على البضائع، و الأدوات ثم العناصر المعنوية .
المبحث الثاني : آثار بيع الأصل التجاري
إذا كان عقد بيع الأصل التجاري ينفرد بخصوصيات إجرائية تمثل ضوابط انعقاده القانونية كما تمت الإشارة إليه في المبحث الأول فإنه كذلك ينفرد آثار خاصة سواء بالنسبة لطرفي هذا العقد او النسبة للأغيار ونخص هنا بالذكر دائني بائع الأصل التجاري خصوصا وأن هذا الاخير يمثل الضمانة الأهم لديونهم لذلك فإن المشرع وفر لهم حصانة خاصة لا نجدها في ظل القواعد العامة .
لذلك فإننا سوف نتناول آثار البيع بالنسبة لطرفي العقد أي البائع والمشتري في ( مطلب أول) وآثاره بالنسبة لدائن بائع الأصل التجاري في ( مطلب ثاني ).
المطلب الأول : الحماية القانونية لطرفي عقد البيع للأصل التجاري
إذا كان عقد بيع الأصل التجاري الرضائي يرتب مجموعة من الإلتزامات على كاهل كل من البائع ( كالالتزامات بضمان العيوب الخفية والاستحقاق والالتزام بالتسليم ، والمشتري كالالتزام بدفع الثمن ، الالتزام بتسليم الأصل التجاري، الالتزام بدفع مصروفات العقد ) وذلك كغيره من البيوع في إطار القواعد العامة، فإن آثار خاصة يرتبها على كل من بائع الأصل التجاري ( فقرة أولى) ومشتريه ( فقرة ثانية) والتي يتمثل لكليهما حماية قانونية خاصة .
الفقرة الأولى: الحماية القانونية لبائع الأصل التجاري بالتقسيط
البيع بالتقسيط هو الذي يتفق فيه المتعاقدان على أداء ثمن المبيع على آجال متعددة او أقساط دورية شهرية او ربع سنوية أو سنوية ” وهو يختلف عن البيع بالأجل الذي يتفق فيه المتعاقدان على تسليم المبيع فور إبرام العقد وتأجيل الثمن بحيث يدفع دفعة واحدة بعد ذلك في خلال شهر أو سنة مثلا .
رغم مزايا بيع الأصل التجاري بالتقسيط فإنه لا يخلو من المخاطر خاصة بالنسبة للبائع وذلك لأن ملكية الأصل التجاري تنتقل إلى المشتري بعد إبرام العقد وقد يتوقف المشتري عن دفع الأقساط بسبب توقفه عن الدفع بل قد يتصرف المشتري في المبيع قبل الوفاء ببقية الثمن إلى مشتري آخر .
وتجنبا لهذه المخاطر حضي المشرع المغربي بائع الأصل التجاري بالتقسيط بحماية قانونية لا مثيل لها في القواعد العامة التي تنضم عقد البيع من خلال تمتيع البائع بما يعرف بالامتياز ( أولا) وبدعوى الفسخ ( ثانيا) .
أولا : امتياز البائع
إن احترام الشروط القانونية لامتياز البائع كما تمت الإشارة إليها في المبحث الأول تخوله مجموعة من الحقوق :
الحصول على دينه بالأولوية والتقدم على غيره من دائني المشتري ( أ) تتبع الأصل التجاري، تحت يد الحائز إذا تصرف فيه المشتري إلى غيره ( ب) وحق طلب بيع الأصل التجاري بيعا جبريا ( ج) بالإضافة إلى بعض الضمانات الإضافية ( د) .
أ- حق الأفضلية
حق الأفضلية ويعني حق الأولوية على الثمن المحصل عليه في حالة بيع الأصل التجاري من جديد من طرف المشتري الأول أو البيع الإجباري الذي يمكن البائع الأول من الحصول على الثمن قبل الدائنين الآخرين
لقد خول المشرع المغربي لبائع الأصل التجاري حق استيفاء دينه بالأفضلية على غيره من الدائنين العاديين والدائنين الممتازين عليه في المرتبة إلا أن الملاحظ أن البائع له الأفضلية في استيفاء دينه على غيره من الدائنين الممتازين حتى ولو كان امتيازه تاليا له في القيد ، وذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 92 م ت التي جاء فيها ما يلي :” تعطى لهذا التقييد الأولوية على كل تقييد اتخذ الأصل نفسه يكون سببا راجعا إلى المشتري …
وقد روعي في تقدير هذا الاستثناء منع المشتري من الإضرار بمصلحة البائع الذي لم يستوف كأصل حقه بتقرير رهون على الأصل التجاري عقب شرائه مباشرة .
والأصل في القواعد العامة أن تراعى تواريخ القيد في ترتيب الأسبقية للدائنين أصحاب الديون المقيدة بحيث تكون الأولوية لمن كان تاريخ قيده قبل غيره غير أن المشرع وضع قاعدة خاصة بالنسبة لامتياز البائع من مقتضاها وجوب قيد هذا الامتياز في ظرف 15 يوما من تاريخ البيع وإلا كان القيد باطلا طبقا للفقرة الأولى من المادة 92 من ق ت ويفسر ذلك على اعتبار أن الأصل التجاري ينتقل إلى المشتري محملا بامتياز البائع ويكون القيد لازما للاحتجاج بهذا الامتياز على الغير، بحيث إذا قيد الامتياز في موعده أمكن الاحتجاج بوجوده من الوقت الذي نشأ فيه البيع ويترتب على هذه القاعدة أن الامتياز الذي قيده البائع في الميعاد القانوني يسبق في المرتبة جميع الرهون التي قررها المشتري على الأصل التجاري ولو تم تقييد هذا الرهن قبل تقييد امتياز البائع لأن الرهن الرسمي على الأصل التجاري يأخذ مرتبة من يوم تقييده بينما امتياز البائع يأخذ مرتبته من تاريخ البيع لا من تاريخ تقييده طبقا للفقرة الثانية من الفصل 92 من ق ت مادام هذا التقييد قد تم داخل أجل 15 يوما من تاريخ البيع .
كما أنه إذا باع المشتري الأصل التجاري بمجرد الشراء دون أن يحصل على الثمن او على جزء منه وقيد امتيازه بصفته بائعا قبل قيد امتياز البائع الأصلي ولما كان تاريخ البيع الأصلي اسبق من تاريخ البيع اللاحق بالضرورة فإن امتياز البائع الأصلي يكون أسبق في المرتبة
وامتياز البائع يحتج به أيضا في مواجهة التسوية والتصفية القضائية للمشتري طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 92 من ق ت مع الانتباه طبعا إلى أن الامتياز في هذه الحالة نشأ قبل التسوية والتسوية القضائية .
ب-حق التتبع
لم يرد حق التتبع في القانون 15/95 لكن برجوعنا إلى القواعد العامة يمكن تقرير هذا الحق للبائع أي تمكينه من تتبع الأصل التجاري في أي يد وجد .
وبداهة فإن الحديث عن هذا الحق لا يكون إلا إذا خرج هذا المال من تحت يد مالكه إلى يد حائز جديد أما إذا بقي تحت يد المشتري واقتضاء حقه من ثمنه .
وبما أن الأصل التجاري يتكون من عناصر مادية وأخرى معنوية فهل تسري قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية في يد الحائز الجديد للعناصر المادية والعناصر المعنوية ؟
لا يستطيع حائز الأصل التجاري أن يحتج بهذه القاعدة لأنها مقررة على المنقولات المادية في حين أن الأصل التجاري مال منقول معنوي .
إلا أن المشكلة تثور بالنسبة للعناصر المادية المكونة للأصل التجاري
( كالسلع والأدوات ) إذا تم تفويتها مستقلة إلى الغير إذ هنا تنطبق قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ولا يمكن للبائع أن يمارس التتبع تحت يد الحائز إذا كان الأخير حسن النية .
ويملك الغير الذي بين يديه الأصل التجاري تفاديا لممارسة البائع حق البيع والاسترداد ممارسة مسطرة التطهير كما في الميدان العقاري.
مسطرة التطهير
يتمتع الحائز الجديد للأصل التجاري بحق تطهير الأصل التجاري إذا لم يتم بيعه قضائيا بالمزاد العلني طبقا للمادة 122 من ق ت
ولكن يتفادى حقه التتبع الذي يستفيد منه الدائنون المقيدون على الأصل التجاري يتعين على المشتري أن يخطر – تحت طائلة سقوط حقه البائع في المحل المختار في تقيده قبل المخالفة أو داخل 30 يوما من إخطاره بالدفع وعلى آخر تقدير داخل سنة تبتدئ من تاريخ الاقتناء طبقا للمادة 122 من القانون التجاري.
يمكن للدائن المقيد ( البائع) أن يطلب بيع الأصل التجاري بالمزاد العلني إذا لاحظ عدم كفاية الثمن الذي بيع به الأصل التجاري ( عملية البيع الثانية) على أن يرفع الثمن الأصلي بزيادة العشر قيمة العناصر المعنوية وان يقدم كفيلا (لضمان أداء الثمن والتحملات او يثبت قدرته على التسديد طبقا للفقرة الأولى من الفصل 123 من ق ت .
ج- حق طلب البيع الجبري
خول المشرع لكل دائن مقيد طريقا خاصا للتنفيذ على الأصل التجاري راعى فيه السرعة والبساطة والتيسير عليه ، هي أمور تستوجب ظروف الحياة التجارية ولم تكن الإجراءات السهلة التي وضعها المشرع للتنفيذ على الأصل التجاري ابتكارا لم يسبق إليه ولكنه أراد أن تسري على بيع الأصل التجاري ذات القاعدة التي تتبع على الرهن التجاري وهي القاعدة المقررة في المادة 14 و 23 من ق ت .
هكذا يمكن للبائع صاحب الامتياز حسب الفصل 114 من ق ت ان يحصل على أمر من المحكمة التجارية التي يوجد في دائرتها الأصل التجاري ببيعه كله مع المعدات والبضائع التابعة له طبقا للفصل 113 من ق ت ، وذلك 8 أيام بعدما يكون قد وجه إنذار بالدفع بقي بدون جدوى هذا الإنذار الذي يكون قد وجه إما للمدين المشتري الأول أو إلى الحائز للأصل التجاري عند الاقتضاء وبعدما يوجه هذا الطلب إلى المحكمة فإنها تصدر حكما خلال 15 يوما التي تلي أول جلسة ويكون هذا الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل ولا يقبل التعرض ولكن يمكن استئنافه داخل أجل خمسة عشرة يوما من تبليغ الحكم وفي هذه الحالة فإن القرار الاستئنافي يصدر خلال 30 يوما ويكون قابلا للتنفيذ على الأصل التجاري طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 113 من القانون التجاري ).
د الضمانات التكميلية لبائع الأصل التجاري
بخصوص كل تغيير من شأنه أن يضر بالبائع والذي من شأنه أن يمس بوضعية الأصل التجاري تدخل المشرع المغربي وأوجد بعض الضمانات التكميلية لمصلحته أي البائع والمتمثلة بإخطاره في حالة نقل الأصل التجاري ( أ) كما أنه في حالة ما إذا أقام مالك العقار دعوى فسخ كراء العقار فعليه تبليغ البائع ( ب).
أ-حالة نقل الأصل التجاري
في حالة نقل الأصل التجاري على المشتري إخطار البائع الغير الموفي له بالثمن خلال 15 يوما على الأقل قبل النقل بالمقر الجديد الذي يريد أن يشغل فيه
وعلى البائع خلال 15 يوما من تاريخ إخطاره أو 30 يوما التالية العلية بالنقل أن يطلب التنصيص ما مش التقييد الموجود على المقر الجديد الذي انتقل إليه الأصل التجاري ويجب عليه أيضا إن تم نقل السجل التجاري إلى دائرة محكمة أخرى أن يطلب إعادة تقييد الأول في تاريخ الأصل سواء أكان هذا النقل قد تم في دائرة المحكمة أو خارجها طبقا للفقرة الثانية من المادة 11 من ق ت ويترتب على إغفال هذا التنصيص سقوط امتيازه إذا ثبت أنه تسبب بتقصيره في إلحاق الضرر بالأغيار نتيجة وقوعهم في غلط بشأن الوضعية القانونية للاصل التجاري طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 111 من ق ت .
ونشير إلى أنه إذا تم نقل الأصل التجاري من محل إلى آخر بدون موافقة البائع وسبب هذا النقل نقصا في قيمة الأصل التجاري يمكن أن تصبح الديون مستحقة الأداء طبقا للفقرة الخامسة من الفصل 111 من ق ت .
ب-حالة فسخ عقد كراء المحل التجاري
إذا تخلف التاجر المكتري عن دفع أجرة كراء الأصل التجاري كان للمكري فسخ الكراء تطبيقا للقواعد العامة ، بيد أنه لما كان حق الإيجار من أهم عناصر الأصل التجاري وقد يترتب على الفسخ استحالة الاستمرار أو نقصان قيمة الأصل التجاري فقد أخضع القانون هذا الفسخ لإجراءات خاصة تهدف إلى حماية حقوق الدائنين المقيدين . وذلك ما نص عليه المشرع المغربي في المادة 112 التي تنص على ما يلي :” إذا أقام المالك دعوى بفسخ كراء العقار الذي يستغل فيه الأصل التجاري متقل بتقييدات وجب عليه فسخ طلبه إلى الدائنين المقيدين سابقا في الموطن المختار المعين في تقييد كل مهم ولا يصدر الحكم إلا بعد 30 يوما من هذا التبليغ .
لا يصبح الفسخ الرضائي للكراء نهائيا إلا بعد 30 يوما من تاريخ تبليغ الدائنين المقيدين في الموطن المختار ولكل منهم .
في حالة تبليغ بائع الأصل التجاري برغبة مالك العقار في فسخ الكراء فإن المشرع المغربي لم يبين لنا ماذا يجب على البائع فعله إلا أن الفقه يرى أنه يمكن للبائع أن يدفع الوجيبة الكرائية لمالك العقار إذا كان الفسخ بسبب عدم الوفاء بالوجيبة الكرائية كما يمكن مساندة مشغل الأصل التجاري ضد مختلف الإدعاءات التي يقدمها مالك العقار
وفي حالة عدم اتخاذ البائع أي إجراء مدة شهر من تاريخ الإخطار يصبح الفسخ نهائيا .
إذا لم يبلغ مالك العقار الممارس فيه نشاط الأصل التجاري البائع المقيد بطلبه فإنه يلزم بتعويض الدائن المقيد وهذا ما استقر عليه العمل القضائي المغربي .
ثانيا : دعوى الفسخ
يتمتع البائع الدائن بالثمن المؤجل علاوة على حق الامتياز بالحق في المطالبة بفسخ عقد البيع غير أنه إذا كانت القواعد العامة تقرر لكل بائع الحق في الفسخ طبقا للفصل 259 و 581 من ق ل ع فإن المشرع التجاري قد متع بائع الأصل التجاري بالمطالبة بفسخ البيع إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه هذا الحق كما نصت على ذلك المادة 99 من القانون التجاري حيث يستطيع بائع الأصل التجاري استرداده الإضرار بمصالح الأغيار المالكين الاحقين للأصل التجاري
إن للحديث عن هذا الحق المخول للبائع يستدعي منا أولا أن نشير إلى مسطرة الفسخ (أ ) ثم الأثار المترتبة عليه ( ب).
أ- مسطرة الفسخ
خول المشرع المغربي للبائع ممارسة دعوى الفسخ شريطة الاحتفاظ بها صراحة في تقييد الامتياز ( I) وأن يبلغ الدائنين المقيدين بالرغبة في ممارسة دعوى الفسخ ( II).
I- الاحتفاظ صراحة بدعوى الفسخ في تقييد الامتياز
أوجب المشرع المغربي على البائع الذي يريد الاحتفاظ بدعوى الفسخ تخصيصها صراحة في تقييد الامتياز وذلك ما جاء في المادة 99 من م ت حيث ” يجب لقيام دعوى الفسخ لعدم دفع الثمن الإشارة إليها وتخصيصها صراحة في تقييد الامتياز والمنصوص عليه في المادة 92 ولا يمكن ممارستها تجاه الغير بعد انقضاء الامتياز وتقتصر هذه الدعوى مثل الامتياز على العناصر التي يشتملها البيع وحدها “.
والملاحظ أن المشرع المغربي في المادة أعلاه قرر أن تقييد دعوى الفسخ يخضع لنفس الأحكام لتقييد الامتياز ومن ثم يجب أن تقيد داخل مهلة زمنية 15 يوما من تاريخ عقد البيع وإلا كان القيد باطلا .
لكن ما الذي يترتب عن تقييد حق الامتياز داخل المدة القانونية دون تقييد دعوى الفسخ ؟
المسألة هنا واضحة ذلك أن حق الامتياز يكون صحيحا بسبب حصوله في المدة الزمنية القانونية ، أما دعوى الفسخ بعد انقضاء المهلة المنصوص عليها فلن تقبل في إطار الكتاب الثاني من المدونة التجارية الجديدة ولكنها تقبل في إطار قانون الالتزامات والعقود .
وإذا كان المشرع المغربي قد نص على أن الاحتفاظ بحق امتياز البائع لابد من قيده في عقد البيع وأيضا في التقييد فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة لدعوى الفسخ ،حيث يكتفي أن يحتفظ البائع لها في القيد وإن لم يحصل النص عليها في وثيقة البيع لأن الاحتجاج على الغير لا يكون بالأحكام الواردة في العقد الذي أبرم بين البائع والمشتري ولكن بما ورد في القيد الذي تم شهره بالكيفية القانونية .
II- تبليغ الدائنين المقيدين بالرغبة في ممارسة دعوى الفسخ
للبائع الذي يريد ممارسة حقه في دعوى الفسخ عليه تبليغ الدائن المقيد أو الدائنين المقيدين في الموطن المختار في التقييد وذلك طبقا للمادة 101 م ت والأمر نفسه إذا كان الفسخ قانونيا المادة 102 م ت أما إذا طلب مع الأصل التجاري سواء كان بطلب من سنديك التسوية أو التصفية القضائية أو من أي مصف أو مسير قضائي أو كان قضائيا بطلب من أي ذي حق وجب على الطالب أن يبلغ ذلك للبائعين السابقين في تقييداتهم مصرحا لهم بسقوط حقهم في دعوى الفسخ تجاه من رسى عليهم إذا لم يرفعوها خلال 30 يوما من تاريخ التبليغ وفقا للمادة 103 م ت .
إلا أن الملاحظ أنه في حالة الفسخ القضائي فإن البائع يقوم بالتبليغ أعلاه بعد رفع دعوى الفسخ، أما إذا كان الفسخ قانونيا او اتفاقيا فإن بائع الأصل التجاري يقوم بالتبليغ بعد وقوع الفسخ وكيفما كان الفسخ فإنه لا يصير نهائيا إلا بعد 30 يوما من التبليغ .
وبما أن قانون 15 / 95 لم يحدد طرق تبليغ دعوى الفسخ فإننا نحدد اتباع طرق التبليغ الواردة في ق م م الفصول( 37 و 38 و 39 منها )
وللإخطار شرط صحة لحق البائع في دعوى الفسخ ففي غيابه لا يمكن له الاحتجاج على الدائن المقيد بالفسخ سواء صدر به حكم من القضاء أو وقع بحكم القانون او بالتراضي يستنتج ذلك من المواد 101 و 102 ز 103 م ت التي استعملت فيها يجب مما يفيد إلزامية التبليغ وضروريته.
ب-آثار دعوى فسخ بيع الأصل التجاري
تترتب على دعوى فسخ بيع الأصل التجاري عدة أثار تختلف من البائع ( I) إلى المشتري ( II) ثم أخيرا بالنسبة للغير ( III).
I- آثار دعوى الفسخ بالنسبة للبائع
يترتب على فسخ العقد اعتباره كان لم يكن حيث يسترد البائع الأصل التجاري بجميع العناصر التي شملها البيع بما في ذلك العناصر التي سقط عنها الامتياز حسب مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 100 من ق ت فإذا أضاف المشتري إلى الأصل التجاري عناصر جديدة لم يرد عليها البيع فإن الفسخ لا يشملها ويظل المشتري يحتفظ بها كما إذا أضاف إلى الأصل التجاري بعد الشراء براءة الاختراع وعلامة تجارية فإن فسخ البيع لا يستوجب رد هذه العناصر الجديدة إلى البائع .
ويسترد البائع عناصر الأصل التجاري التي انصب عليها البيع في الحالة التي تكون عليها وقت الفسخ مهما لحقها من تعديلات في الفترة بين وقوع البيع والفسخ سواء بالزيادة او النقصان ، وفي هذه الحالة فإن البائع يكون ملزما بمحاسبة المشتري على ثمن البضائع والمعدات الموجودة وقت الاسترداد بناءا على تقديرها بواسطة خبرة قضائية أو اتفاقية حيث يتم مقارنة ثمن البضائع والمعدات عند البيع وثمنها عند الاسترداد ويستفيد الدائنون المقيدون مما زاد على ذلك إن وجدوا وإلا عاد للدائنين العاديين حسب مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 100 من ق ت .
ويكون للبائع مطالبة المشتري بالتعويضات الناجمة عن الفسخ ويقبل التعويض بقدر ما أصاب البائع من ضرر ( كانخفاظ قيمة الأصل التجاري) وقد يتفق الطرفان على تحديد هذا التعويض مقدما ومع ذلك لا يكون للبائع الحق في الحصول على هذا التعويض إلا إذا تبث أنه قد أصابه ضرر من جراء الفسخ فإذا كان التعويض المنصوص عليه في العقد أكبر من مقدار الضرر الحاصل فإن القاضي يخفظه إلى الحد للازم لجبر هذا الضرر حسب مقتضيات الفصل 264 من ق ل ع .
يبقى السؤال المطروح عن مصير الأرباح التي حققها المشتري من خلال استغلاله للأصل التجاري في الفترة السابقة على الاسترداد ؟ هل يحق للبائع المطالبة بها أم يحتفظ بها المشتري كتعويض عن المجهود الذي بذله ؟
لقد سكت المشرع المغربي عن ذلك ولم يبق سوى الاهتداء بالاجتهادات الفقهية التي ذهبت في أغلبها على أنه من حق البائع استرداد الأرباح بدعوى أن الفسخ يستوجب إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها عند التعاقد وعلى اعتبار أن المشتري كان يدير الأصل التجاري لحساب الغير فيأخذ وضعية المسير حيث يكون المشتري الحق في الحصول على أجر بخصم من هذه الأرباح عن المدة التي مارس فيها استغلال الأصل التجاري
ويذهب البعض الآخر إلى أنه بخصوص أرباح الأصل التجاري فإنه طبقا لقواعد استرداد غير المستحق يحتفظ كل طرف بما استفاده عملا بحسن النية الغاية رفع دعوى الفسخ حيث تنتهي حسن النية ويصبح البائع مسؤولا عن سريان الفوائد منذ تاريخ هذه الدعوى ويلزم المشتري برد الأرباح الناتجة بعد هذا التاريخ .
II- آثار الفسخ بالنسبة للمشتري
يجب على البائع أن يرد للمشتري المبلغ الذي قبضه منه من حساب ثمن الأصل التجاري وقد سبق أن أشرنا أن المشتري يلتزم برد عناصر الأصل التجاري التي انصب عليها البيع بالحالة التي تكون عليها وقت الفسخ فلا يكلف البائع بأن يرد للمشتري شيئا زائد على المبلغ الذي قبضه منه إذا زادت كمية البضائع او الأدوات الموجودة الأصل التجاري عند الاسترداد كذلك لا يحق له أن يخصم شيئا من المبلغ الذي يجب عليه رده إذا نقضت قيمتها .
كذلك يجب على البائع أن يدفع للمشتري فوائد المبلغ الذي قبضه من حساب الثمن ، وتحسب هذه الفوائد بالسعر القانوني من تاريخ قبضها إلى حين الوفاء بها غير أن البائع يكون له أن يتمسك بالمقاصة بين ما هو مطلوب للمشتري من فوائد الثمن وما هو مطلوب للبائع من الأرباح الصافية التي حققها المشتري من استغلال الأصل التجاري ، كذلك يكون للبائع أن يتمسك بإجراء مقاصة ما يجب عليه رده للمشتري من مبلغ الثمن الذي قبضه وبين ما هو مطلوب له من المشتري من تعويض بسبب الضرر الذي أصابه من الفسخ ولا يحول إفلاس المشتري دون إجراء المقاصة في هذه الحالة بسبب الارتباط الوثيق بين الدين الذي للمشتري والدين الذي عليه . ويكون من حق المشتري حسب الأصل التجاري الذي يوجد تحت يده لحين استيفاء المبالغ المستحقة من البائع تطبيقا للقواعد العامة ( الفصل 292 من ق ل ع )
III- آثار الفسخ بالنسبة للغير
المقصود بالغير كل من قرر له المشتري حقا عينيا على الأصل التجاري او على بعض عناصره ، كما هو أعاد المشتري بيع الأصل التجاري إلى مستر جديد او باع بعض عناصر فقط .
ولما كان الفسخ يترتب عليه تمكين البائع من استرداد الأصل التجاري فإن السؤال يثور لمعرفة أثر ذلك بالنسبة للغير ؟
إذا تصرف المشتري في الأصل التجاري برمته إلى مشتر جديد فلا يكون لهذا الأخير تعطيل الفسخ استنادا إلى قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية لأن هذه القاعدة إنما تتعلق بالعناصر المادية دون المال المنقول المعنوي .
أما إذا تصرف المشتري في بعض عناصر الأصل التجاري غير العناصر اللازمة لوجود الأصل التجاري فإن آثار هذا التصرف يختلف باختلاف العنصر موضوع التصرف فإذا تم تفويت أحد العناصر المعنوية مثل الاسم التجاري فإن فسخ البيع يخول للبائع استرداده من المشتري الجديد ، أما إذا تصرف المشتري في بعض العناصر المادية كالبضائع فلا يكون للبائع رغم فسخ البيع، استرداد هذه العناصر بعلة تمسك المشتري بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية مع إثباته لحسن النية
وإذا كان المشتري قد رتب على الأصل التجاري رهنا في وقت لاحق للبيع فيعتبر كما لو كان الرهن واقعا على مال مملوك للغير ويكون باطلا .
الفقرة الثانية : الحماية القانونية لمشتري الاصل التجاري
إلى جانب الحماية التي خولت لبائع الأصل التجاري فقد منح المشرع المغربي في الفصول الواردة في الكتاب الثاني من مدونة التجارة ضمانات لفائدة المشتري وتتمثل هذه الضمانات في :
ضمان الاستحقاق : ومعنى ذلك أن يدفع البائع عن المشتري كل تعرض يأتي من جانب الغير يكون مستندا إلى سبب يرجع له فالبائع يضمن للمشتري ملكيته للأصل التجاري ويلتزم بالرد على كل دعوى ترفع من الغير باستحقاق الأصل التجاري المبيع كليا أو جزئيا فإذا ظهر انه مملوك كله أو جزء منه للغير او براءة الاختراع مملوكة للغير وحكم لهذا الغير باستحقاق الأصل التجاري كان البائع ملتزما بأن يعوض المشتري عن هذا الاستحقاق .
بالإضافة إلى ضمان العيوب الخفية: ونحو ذلك إذا كان هناك حكم او قرار بغلق الأصل التجاري محل البيع وبنقله إلى مكان بعيد أو كون براءة الاختراع انقضت مدتها ففي مثل هذه الحالات يضمن البائع للمشتري العيب الخفي وحق هذا الأخير في فسخ البيع .
هذا إلى جانب ضمان آخر والذي يتميز به الأصل التجاري عن غيره من البيوع الأخرى والمتمثل في الالتزام بعدم المنافسة أي بعدم مزاولة البائع مهنة مماثلة له في نفس المنطقة .
المطلب الثاني : حماية دائني بائع الأصل التجاري
حسب القواعد العامة فالدائن لا يتلقى حقا او يتحمل بالتزام من العقود التي أبرمها مدينة ، لكنه يتأثر بطريق غير مباشر بهده العقود باعتبارها قد تزيد أو تنقص من احتمال استخلاصه لدينه أي أن ضمانة العامة يظل قائما او يضيف أو ينعدم بحسب تصرفات المدين
وإذا كان المبدأ أن المدين حر في التصرف في أمواله وليس للدائن معارضة في شكل أو صيغة هذا التصرف حتى لو انقص من ضمانة العام فإن جل التشريعات قد ارتأت التدخل تفاديا للأضرار بمصالح الدائن بتخويله عدة وسائل قانونية من شأنها أن تكفل حماية ضمانة من تصرفات المدين الضارة بمصالحه .
لذلك تدخل المشرع المغربي بقواعده العامة والخاصة عند عملية بيع الأصل التجاري لتوفير الحماية اللازمة لدائني البائع من الضرر الذي قد يصيبهم من جراء خروج هذا المال من ذمة مدينهم بحماية مزدوجة : فبالإضافة إلى تمتيعهم بضمانة التعرض على أداء ثمن البيع .
خول لهم حق طلب إعادة بيع الأصل التجاري بزيادة السدس
الفقرة الأولى : حق التعرض على أداء ثمن البيع
من بين الحقوق التي منحها المشرع المغربي وكذلك باقي التشريعات الأخرى لدائني بائع الأصل التجاري حق التعرض على أداء الثمن فيتعرضون لخطر ضياع حقوقهم ، لا سيما وان البيع لا يستتبع بحجم القانون انتقال الديون إلى المشتري .
هكذا خول القانون التجاري حسب المادة 84 ” للدائنين حق تقديم تعرضهم على الثمن سواء كان الدين حالا أم لا تجاريا أم مدنيا .
لكن وحتى يكون التعرض صحيحا ومنتجا لإثارة لابد من احترام الشروط التالية :
+احترام أجل التعرض وهو 15 يوما بعد النشر الثاني
+وقوع التعرض على أداء ثمن البيع فيجب أن يكون الدين محل التعرض هو ثمن البيع
+وقوع شكل التعرض إما عبر رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل توجه إلى كتابة الضبط التي تم إبداع العقد بها أو بإيداع التعرض بذلك الكتابة مقابل وصل .
+تبيان المتعرض تحت طائلة البطلان مبلغ الدين وأسبابه وموطنه المختار داخل دائرة المحكمة وهذا ما ذهبت استئنافية الرباط حيث اعتبرت أن الاعتراض الذي لا يشار فيه إلى أسباب الدين المزعوم والذي لا يصحب بأية ورقة إتباته او حتى بداية إثبات بالكتابة يجب اعتباره باطلا .
والأسباب التي ترد في التعرض يتمتع فيها قاضي الأمور المتسعجلة بسلطة تقديرية واسعة فإذا اقتنع بها اصدر أمرا يمتنع بمقتضاها دفع الثمن إلى البائع ويكون كل دفع مخالف غير ذي أثر في مواجهة الغير
وتجدر الإشارة إلى أن المشتري الذي يقوم بوفاء الثمن قبل إعلام الدائنين به أو قبل انصرام أجل الاعتراض الممنوح لدائني البائع أو دون مراعاة الاعتراض المقدم فإن مثل هذا الوفاء لا يكون مبرءا لذمته اتجاه الدائنين.
والاعتراض عندما يقع صحيحا يكون من شانه أن يجعل الدين غير مستحق بالنسبة للبائع إذ يتجمد الثمن بين يدي المشتري عبر رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل توجه إلى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي تم تسجيل العقد بها أو إيداع التعرض لدى كتابة الضبط مقابل وصل بذلك .
ولا يعطي قاضي الأمور المستعجلة الترخيص يرفع اليد عن الثمن إلا إذا ثبت له أنه لا يوجد دائن آخر معترض بتصريح من المشتري تحت مسؤوليته باعتباره متدخلا في الدعوى على أنه إذا تبين فيما بعد وجود دائنين متعرضين خلافا للتصريح المذكور فإن المشتري يبقى ضامنا لتلك الديون ويمكن له بعد الإدلاء الرجوع على البائع بصفته المدين الحقيقي للمتعرضين عملا بمقتضيات المادة 534 من ق ل ع .
الفقرة الثانية : حق إعادة بيع الأصل التجاري بزيادة السدس
بالإضافة إلى حق التعرض فقد أعطى المشرع لدائني بائع الأصل التجاري ضمانة هامة تتمثل في حق المزايدة بالسدس وذلك في حالة عدم كفاية ثمن البيع لتغطية الديون أو في حالة ما إذا استشعر هؤلاء أن هناك تواطؤ بين البائع والمشتري علي إخفاء جزء من الثمن الحقيقي إضرارا بهم وبذلك أجاز القانون لدائني بائع الأصل التجاري داخل أجل شهر من عملية النشر الثانية أن يطلبوا بيع الأصل التجاري في المزاد العلني بشرط زيادة السدس على الثمن الرئيسي للأصل التجاري دون ان يشمل البضائع والأدوات والمعدات أي سدس قيمة العناصر المعنوية ويستفيد الدائنون من هذه الضمانة في غير حالات البيع العلني الذي يتم بطلب من السنديك في التسوية أو التصفية القضائية وبطلب من الشركاء على الشياع للأصل بالتجاري وكذلك في حالة البيع القضائي وهذا يعني أن ممارسة هذا الحق مرتبط بالبيع الحبي .
ولا يستفيد الدائن من طلب إعادة البيع بزيادة السدس إلا إذا قدم كفيلا لضمان أداء الثمن وتحملات المزاد أو أن يثبت قدرته على التسديد وذلك حماية البائع من التعسف .
وحتى توضع الصورة نورد المثال الآتي :
إذا بيع أصل تجاري بمبلغ إجمالي 100.000 درهم على أساس 10.000 درهم للعناصر المادية و 60000 للعناصر المعنوية فرأى أحد الدائنين المتعرضين بأن هذا الثمن المعلن عنه يقل عن القيمة الحقيقية للأصل التجاري أي أن الثمن المذكور لا يكفي لتغطية الديون المترتبة على التاجر حتى يمارس الدائنون المتعرضون امتيازهم على هذا الثمن ففي هذه الحالة يقوم بزيادة جديدة عن الثمن المعلن عنه قدرها السدس لكن ليس من الثمن الإجمالي بل من قيمة العناصر المعنوية للاصل المبيع كما يلي :
العناصر المادية 40.000 درهم – العناصر المعنوية : 60000 درهم
الثمن المصرح به 10.000 درهم – سدس قيمة العناصر المعنوية 10.000
الثمن المطلوب من الدائنين المزايدة عليه هو : 40.000 + 60.000
60.000 + 40.000 = 100.000 dh = 110.000 dh
وهذا هو الثمن الذي يطرح به الأصل التجاري للمزايدة فإذا تمت المزايدة لم يتقدم مزايدا آخر رسى البيع على الدائن المزايد بالسدس.
خاتمة :
نظرا للأهمية التي أصبح يحتلها الأصل التجاري في العصر الحديث فقد أفرد له المشرع المغربي نصوصا خاصة الهدف منها حماية دائني البائع الذي قد يلجأ إلى الطرق الاحتيالية لتفويت الأصل التجاري خفية قبل إشهار إفلاسه وتوقفه عن دفع ديونه .
وفي ضوء تعدد الدراسات الفقهية والأبحاث الجامعية التي تناولت الأصل التجاري محاولة بسط الإشكالية التي يطرحها وإبراز أحكام تنظيمه التشريعي فإن عرضنا هذا قد أتى في السياق ذاته من خلال محاولة بسط بعض النقاط التي يثيرها الأصل التجاري والمتعلقة أساسا ببيعه رضائيا
وقد لاحظنا من خلال المحاور اعلاه مدى القصور التشريعي على مستوى تنظيمه للبيع الرضائي للأصل التجاري ، حيث تبقى القواعد العامة في كثير من الأحيان هي المرجع الأساسي في هذا الإطار فضلا عن القواعد والإجراءات المسطرة في قانون المسطرة المدنية ، وفي هذا مدعاة للمشرع لبلورة تنظيم موحد ودقيق للبيع الرضائي للأصل التجاري، وذلك بأحكام تشريعية تنسجم مم طبيعة الأصل التجاري كمال منقول معنوي له خصوصيات تميزه عن سائر لأموال المنقولة الأخرى، ثم باعتباره مالا مركب يجب أن تأخذ جميع عناصره بعين الاعتبار عند عملية البيع لأجل حماية جميع الأطراف المرتبطة بعملية البيع من بائع ومشتري ودائني البائع .
لائحة المراجع المعتمدة
المراجع باللغة العربية :
اولا: المرجع العامة
-عبدالرزاق السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني المجلد الرابع دار إحياء التراث العربي بيروت السنة 1967
-عبدالرحمان بلعكيد: وثيقة البيع بين النظر والعمل مطبعة النجاح الجديدة المطبعة الأولى 1993
-محمد نخلي : الوجيز في القانون التجاري طبعة 1994
-فؤاد معلال : شرح القانون التجاري المغربي الجديد طبعة 1996.
-عزالدين بنستي : دراسات في القانون التجاري المغربي ، الجزء الأول، النظرية العامة للتجارة والتجار طبعة 1997
-محمد لفروجي : التاجر وقانون التجارة بالمغرب سلسلة الدراسات القانونية طبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 1997.
-عبدالرحيم شميعة : المبادئ الأساسية للقانون التجاري طبعة 2004.
-أحمد شكري السباعي: الوسيط في الأصل التجاري دراسة في قانون التجاري المغربي والقانون المقارن الفقه والقضاء الجزء الأول الطبعة الأولى 2007.
-أحمد شكري السباعي :الوسيط في الأصل التجاري دراسة في قانون التجارة المغربي والقانون المقارن والفقه والقضاء الجزء الثاني الطبعة الأولى 2007.
ثانيا : المراجع الخاصة
عبدالعزيز مرحال: رهن الأصل التجاري في القانون المغربي ، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق الشعبة القانون الخاص سنة 2005-2006 جامعة الحسن الثاني كلية الحقوق الدار البيضاء .
عبدالعزيز مرحال : بيع الأصل التجاري في القانون المغربي ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في الحقوق شعبة القانون الخاص ، الدار البيضاء ، كلية الحقوق 1997-1998.
– عبدالرحيم شميعة : تقديم الأصل التجاري حصة في الشركة ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، 1994-1995.
-عبدالمجيد مليكي: التنفيذ على الأصل التجاري رسالة نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية 2002
-ابراهيم بشيري: البيع القضائي للأصل التجاري في القانون المغربي رسالة دبلوم ماستر قانون المقاولة جامعة مولاي اسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية 2007-2008.
ثالثا المقالات
أحمد بقالي : بيع الأصل التجاري مجلة القانون المغربي العدد 06 يوليوز 2004.
عبدالواحد المسكيني ، بيع الأصل التجاري – مجلة المعيار العدد 12 سنة 1987.
-أحمد يوسفي البرقي : المضامين المعبرة عن الأصل التجاري والمفاهيم المجاورة له ، المجلة المغربية للقضاء والقانون العدد 24 مراكش سنة 1995.
-محمد جلال: بيع رهن الأصول التجارية المجلة المغربية للاقتصاد والقانون العدد 23 سنة 1995
عبدالرزاق زروق وعمر حالوي : بيع الأصل التجاري بين الرضائية والشكلية ، مجلة المعيار العدد 18 – 19 سنة 1993.
عبدالعزيز توفيق: العمليات الواردة على الأصل التجاري مجلة القضاء العدد 12.
-عبدالقاضي بوجمعة : بيع رهن الأصل التجاري الشروط والآثار مجلة المرافعة العدد 11.
-محمد الطاهري ، تأملات قانونية على ضوء رهن الأصل التجاري ، مجلة المحامي العدد 28.
مولاي علي الحنفي : دعوى فسخ بيع الأصل التجاري ، مجلة المحامي العدد 47.
أحمد البقالي: حجز ورهن وبيع الأصل التجاري بين مدونة التجارة وقانون المسطرة المدنية ومدونة تحصيل الديون العمومية مجلة القانون المغربي العدد 2 السنة 2002.
محمد لهمادي : بيع الأصل التجاري ، مجلة المحاكم المغربية العدد 81 مارس أبريل 2000..
المراجع باللغة الفرنسية :
-Albert- cohen : traité théorique et pratique des fonds de commerce paris 1948
Christian Biquer : les pramesses devente des fonds de commerce : imprimerie de la presse le haver 1958.
Mohammed Nakli : le statut juridique du fonds de commerce revue marocaine d’économie et droit comparé université cady ayyad N° 17 – 1992.
الفهرس
مقدمة
المبحث الأول : الضوابط القانونية لبيع الأصل التجاري
المطلب الأول : كتابة عقد بيع الأصل التجاري
الفقرة الأولى: طبيعة كتابة عقد بيع الأصل التجاري
الفقرة الثانية : بيانات عقد بيع الأصل التجاري
في المطلب الثاني : تسجيل وشهر عقد بيع الأصل التجاري
الفقرة الأولى: تسجيل عقد بيع الأصل التجاري.
الفقرة الثانية: مراحل شهر عقد بيع الأصل التجاري
أولا: الشهر الذي يقوم به البائع
ثانيا : الشهر الذي يقوم به المشتري
الفقرة الثالثة: تقييد الامتياز
المبحث الثاني : آثار بيع الأصل التجاري
المطلب الأول : الحماية القانونية لطرفي عقد البيع للأصل التجاري
الفقرة الأولى: الحماية القانونية لبائع الأصل التجاري بالتقسيط
أولا : امتياز البائع
ثانيا : دعوى الفسخ
الفقرة الثانية : الحماية القانونية لمشتري الاصل التجاري
المطلب الثاني : حماية دائني بائع الأصل التجاري
الفقرة الأولى : حق التعرض على أداء ثمن البيع
الفقرة الثانية : حق إعادة بيع الأصل التجاري بزيادة السدس