دراسات قانونية
مدى فعالية القانون الدولي في حماية البيئة في النزاعات المسلحة (بحث قانوني)
ملخص مذكرة لنيل شهادة الماستر أكاديمي تخصص القانون الدولي البيئي:
مدى فعالية حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة
Summary of a Master’s Thesis in International Environmental Law Entitled:
What Effectivity of Natural Environment Protection During Armed Conflict?
كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة حسيبة بن بوعلي – الشلف، الجزائر.
إعداد الطالبين منصور بوختاش فاروق ووشان فاتح
إشراف الدكتورة امحمدي بوزينة أمــنة
معلومات عامة
ناقش الطالبان: منصور بوختاش فاروق ووشان فاتح، تحث إشراف الدكتورة امحمدي بوزينة أمــنة، مذكرة لنيل شهادة الماستر أكاديمي تخصص القانون الدولي البيئي، الموسومة ب: مدى فعالية حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، وذلك يوم الأربعاء الموافق ل 20/06/2018، بكلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة حسيبة بن بوعلي – الشلف، بقاعة المناقشات، من الساعة 09:30 صباحا، حيث تكونت لجنة المناقشة من الأساتذة الآتية أسماؤهم:
الأستاذة صامت آمنة …………..أستاذة مساعدة صنف (أ)………. رئيـسـاً
الدكتورة امحمدي بوزينة أمــنة ……. أستاذة محاضرة صنف (أ)……… مشرفاً
الأستاذة عـــــمارة بــــدرة ………….. أستاذة مساعدة صنف (أ)……… عضواً
وبعد المناقشة العلنية والمداولة السرية قررت اللجنة منح الطالبين منصور بوختاش فاروق ووشان فاتح شهادة الماستر بتقدير إمتياز (18.5/20) في القانون الدولي البيئي.
ملخص المذكرة
تكتسب حماية البيئة الطبيعية والمحافظة على مواردها أهمية خاصة زمن النزاعات المسلحة خاصة مع تطور الأسلحة وزيادة قدرتها التدميرية، كأسلحة الدمار الشامل من نووية وبيولوجية وكيماوية، وما ينجم عن استخدامها من تدمير للممتلكات العامة والخاصة وتلويث للمياه والهواء والتربة وأضرار بيئية أخرى تمتد لسنوات طويلة وتقضي على البشرية على المدى البعيد، الأمر الذي يؤثر على النظام البيئي وحياة الإنسان والكائنات الحية بصفة عامة.
ولما كانت مشكلة حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاع المسلح لا تقتصر على أطراف النزاع المسلح فقط، بل تمتد لتصيب الدول المجاورة وربما البعيدة، جراء الضرر البيئي الذي يسهل تنقله بسبب العوامل الطبيعية كالرياح والتربة والأمطار ومياه البحر؛ وجب توفير حماية خاصة للبيئة الطبيعية زمن النزاعات المسلحة، من هنا بات من الضروري التأكيد على أهمية الاهتمام بحماية البيئة الطبيعية، من هنا حظرت قواعد القانون الدولي الإنساني انتهاك أحكام حمايتها والاعتداء عليها أثناء النزاعات المسلحة من خلال التأكيد على ذلك ضمن المعاهدات والاتفاقيات التي كرست حماية مباشرة وغير مباشرة للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، وهو ما كرسه بروتوكول جنيف الإضافي الأول لعام 1977، الذي تضمن قاعدة أساسية لحماية البيئة الطبيعية؛ تحظر استخدام وسائل وأساليب قتالية يقصد بها إلحاق أضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة الطبيعية، وكما سبقته في التأكيد على تلك الحماية إتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى لعام 1976، والتي تضمنت قواعد قانونية تحظر استخدام البيئة الطبيعية كوسيلة للإعتداء، والذي يرتب آثار جسيمة على البيئة الطبيعية واسعة الانتشار أو طويلة الأجل تؤثر سلبيا على حياة الكائنات الحية ككل.
وعليه، يرجع سبب اختيارنا لمعالجة هذا الموضوع إلى كون الحفاظ على البيئة الطبيعية عنصر أساسي لحياة الكائنات الحية بما في ذلك الإنسان، هذا الأخير الذي تؤكد الحقائق أنه أكثر تعرضا للضرر في زمن النزاعات المسلحة، وذلك جراء حرمانه من الماء وتلويث مصادر المياه وتدمير مصانع التغذية والأراضي الزراعية وغيرها من مصادر البيئة الطبيعية التي تضمن بقائه واستمراره والتي تعتبر في نفس الوقت هدفا حيويا أثناء النزاعات المسلحة توجه إليها العمليات العدائية بشكل مباشر، فلم تراعي أطراف النزاع في معظم النزاعات المسلحة قواعد الحماية المكفولة للبيئة الطبيعية في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي، خاصة مع تطور الأسلحة والأساليب التي تستعمل بشكل متزايد أثناء النزاعات الدولية المعاصرة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الجيو فيزيائية.
وعليه، سنسعى من خلال دراستنا إلى تحليل مختلف النصوص القانونية التي تكرس حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، وإبراز أهم الانتهاكات التي تلحق بالبيئة الطبيعية بسبب استعمال أسلحة ِوأساليب محرمة خلالها تؤدي إلى تدمير البيئة الطبيعية، كما سنعرض لبحث مدى فعالية الجهود والآليات الدولية لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
وعن الأسباب الموضوعية التي دفعتنا لاختيار الموضوع، تنحصر في جملة من الأسباب لعل أهمها: الـتأكيد على أن ما نتج عن النزاعات المسلحة من انتهاكات ألحقت أضرار جسيمة بالبيئة الطبيعية خاصة تلك التي مازالت أثارها مستمرة، إذ أن الأسلحة المستعملة حالياً خلال النزاعات المسلحة تخلف دماراً هائلاً لا يمكن وصفه أو تخيله، ولعل خير شاهد على ذلك ما يعرف بالكارثة النووية في قريتي هيروشيما وناكازاكي ضد اليابان عام 1945، كذلك التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية بعد الاستقلال في عام 1965، كذلك كشف الواقع أن البيئة الطبيعية أضحت هدفاً عسكرياً أو سلاحاً تلجأ إليه الأطراف المتحاربة خلال النزاعات المسلحة.
إضافة إلى أن الموضوع يعد من بين الموضوعات الحديثة التي يعد فيها النزاع المسلح سبباً لارتفاع نسبة الإضرار بالبيئة الطبيعية، والذي تشير الإحصائيات إلى استمرارها سيؤدي إلى فناء البشرية لا محالة لأن أثاره الجسيمة تستمر لزمن طويل وتنتشر إنتشارا واسعا.
أما عن الأسباب الذاتية التي دفعتنا لاختيار البحث في موضوع مدى فعالية حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، فتتمثل أساساً في أسفنا الشديد كمختصين في مجال حماية البيئة على الانتهاكات الخطيرة والجسيمة الناتجة عن عدم احترام الأحكام المنصوص عليها في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، بسبب لجوء أطراف النزاع المسلح في الغالب إلى استخدام البيئة الطبيعية كسلاح أو هدف عسكري، وإن المتتبع للتطورات على الساحة الدولية وما تنقله وسائل الإعلام من صور فضيعة عن ما يلحق بالبيئة الطبيعية أثناء النزعات المسلحة؛ إنما يشعر بخيبة الأمل في قواعد القانون الدولي الإنساني الذي كرس حماية للبيئة الطبيعية من العمليات العدائية خاصة وأن القاصي والداني يعلم أن ذلك سيؤدي إلى إفناء البشرية نتيجة الأسلحة التي تستعمل خلالها.
وبهذا، نهدف من وراء البحث في موضوع مدى فعالية حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة إلى الوقوف على ما يلي:
1- التعرف على القواعد القانونية الدولية المنظمة لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ومدى نجاعتها في توفير الحماية الكافية لها.
2– بيان وسائل وآليات الحماية الدولية للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ومدى قدرتها على ضمان تعزيز حمايتها.
3- تحديد إطار إقامة المسؤولية الدولية عن انتهاك قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
على هذا الأساس، فإن الإشكالية التي يثيرها موضوع دراستنا، تبحث في ما مدى فعالية قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بحماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة؟ وما هي الآثار المترتبة عن انتهاك قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة؟.
لتحليل التساؤلات السابقة، أفردنا لموضوع دراستنا عدة فرضيات، نوردها تباعا كما يلي:
يختص القانون الدولي الإنساني بحماية للبيئة الطبيعية من الانتهاكات الجسيمة أثناء النزاعات المسلحة.
كفلت عدة مبادئ قانونية عامة وأعرافاً إنسانية إلى جانب نصوصه إتفاقية، حماية شاملة للبيئة الطبيعية من آثار العمليات العدائية أثناء النزعات المسلحة، إلا أنها لم تكن كافية لمنع الانتهاكات الجسيمة التي لحقت بالبيئة الطبيعية خاصة في ظل التطور الهائل والمتسارع للوسائل والأساليب المستعملة في العمليات العدائية.
كرست العديد من الآليات الدولية الوقائية والردعية حماية فعالة للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، إلى جانب إلزام أطراف النزاع المسلح بتحمل المسؤولية المدنية والجنائية في حال انتهاكهم لقواعد الحماية وإلحاق أضرار جسيمة بالبيئة الطبيعية.
يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تعتبر وسيلة ناجعة لتحقيق الردع في مجال انتهاك أحكام حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
لمعالجة هذا الموضوع، والإجابة عن الإشكالية السابقة، إعتمدنا على عدة مناهج، فقد إستعنا بالمنهج الوصفي، نظراً لطبيعة الموضوع الذي يتطلب سرد القواعد والمفاهيم والوقائع وتحديد الآليات الدولية الخاصة بحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، كذلك تم الاعتماد بشكل أساسي على المنهج التحليلي بغية الوقوف على أحكام حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، حيث قمنا بتحليل ونقد المبادئ والنصوص القانونية الإنسانية الخاصة بحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة وكذا بيان مدى تفعيلها ووضعها قيد التطبيق واقعيا من خلال مطابقة النصوص النظرية بالتطبيقات الواقعية لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة والتي تشهد على عدم كفاية الإطار الحمائي المقرر للبيئة الطبيعية نتيجة الأضرار التي لحقت بهذه الأخيرة خلال النزاعات المسلحة التي عرفتها الإنسانية خاصة في ظل تطور الأسلحة التي تؤدي إلى إلحاق انتهاكات جسيمة بالبيئة الطبيعية وتدميرها الشامل في كثير من الأحيان، هذا إضافة إلى الاعتماد المنهج التاريخي للوقوف على الإجراءات والظروف التاريخية التي ساهمت في تطور القواعد الدولية الإنسانية الخاصة بحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة وانتقالها من مجرد أعراف إلى قوانين مدونة في مواثيق دولية تلتزم بها أطراف النزاع بغض النظر عن كونها أعضاء فيها أم لا.
أما عن الصعوبات التي واجهتنا خلال إعداد هذه الدراسة، فيمكن إجمالها فيما يلي:
ندرة الأبحاث والدراسات القانونية التي تعالج حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة خاصة المنشورة منها، فعلى الرغم من أن البيئة الطبيعية وحمايتها في أوقات السلم، قد حظيت باهتمام كبير على المستويين الدولي والوطني منذ انعقاد مؤتمر استكهولم لعام 1972، فإنه في المقابل، لم تحظى مسألة حماية البيئة الطبيعية خلال النزاعات المسلحة بنفس بالاهتمام إلا بالسنوات الأخيرة، وبالذات بعد الاعتداءات التي تم تعرضت خلالها البيئة الطبيعية لانتهاكات جسيمة استمرت لأجيال وشملت مساحات واسعة.
عدم كفاية النصوص القانونية التي تعالج حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، كما أن معظمها مبعثرة ضمن العديد من الوثائق الدولية والأعراف التي تكرس بموجبها التأكيد على أهمية حماية للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، والتي لا تكاد تغطي جوانب كثيرة للحماية التي تتطلبها البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، مما يوجب الاهتمام أكثر باستحداث نصوص جديدة تضفي حماية أوسع على البيئة الطبيعية بكافة مشتملاتها من الانتهاكات الجسيمة.
قصر المدة المحددة لإنجاز المذكرة، فهي غير كافية حتى لجمع مادة الموضوع ناهيك عن تحريره وتوثيقه، وليس من السهل إتمامها مع ما يتطلبه الموضوع، ومع ذلك، فإن ما لا يدرك كله لا يترك جله، من هذا المنطلق حاولنا جاهدين أن نضع هذه الدراسة بين أيدي الباحثين في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، عسى أن تكون محاولة تثير الهمم والعزائم لطلبة العلم وأهله.
وللإجابة على التساؤلات السابقة والتأكد من صحة الفرضيات قسمنا دراستنا إلى فصلين: إذ قمنا في الفصل الأول بالتعرض إلى النظام القانوني لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، وذلك في ثلاث مباحث، خصصنا الأول للإطار المفاهيمي للبيئة الطبيعية والنزاعات المسلحة، ثم تعرضنا من خلال المطلب الأول منه لتعريف البيئة الطبيعية وتحديد عناصرها، فالبيئة الطبيعية كما عرفها المشرع الجزائري في نص المادة 04 فقرة 08 من القانون رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة الطبيعية في إطار التنمية المستدامة بأنها: “تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان وبما في ذلك التراث الوراثي وكل أشكال التفاعل بين هذه الموارد وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية”، والبيئة الطبيعية تنقسم إلى عنصرين عناصر حية وهو الإنسان والحيوان والنبات عناصر غير حية تتمثل في الماء والهواء والتربة”.
وأشرنا من خلال المطلب الثاني لتصنيف النزاعات المسلحة الدولية، والتي تنقسم إلى قسمين نزاع مسلح دولي وهو الذي يقوم بين دولتين أو أكثر وينظم مثل هذا النوع من النزاع المادة 01 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 ونزاع مسلح غير دولي وهو الذي يقوم داخل إقليم دولة ما بين قواتها المسلحة وبين قوات مسلحة منشقة والذي نظمت أحكامه المادة 03 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977، أما المطلب الثالث فأشرنا من خلاله لأسس حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، تعرضنا من خلاله إلى طبيعة الضرر البيئي الناجم عن النزاعات المسلحة ووصلنا إلى نتيجة مفادها أن الضرر البيئي يعتبر عدوان وما يؤكد على ذلك نص المادة 03 من قرار الجمعية العامة رقم 14/33 الصادر بتاريخ 14 ديسمبر 1974 والمادة 08 مكرر من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية المعدل عام 2010، كما تعرضنا أيضا من خلال هذا المطلب إلى بحث القيمة القانونية لقواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، بحيث خلصنا إلى أن قواعد حماية البيئة الطبيعية تعتبر ملزمة للدول الأطراف وغير الأطراف وما يؤكد على ذلك نص المادة 6 من ميثاق محكمة نورمبورغ عام 1945 والمادة 60 فقرة 04 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969.
كما تعرضنا من خلال المبحث الثاني إلى قواعد حظر الأضرار التي تلحق بالبيئة الطبيعية لاستعمال أسلحة وأساليب معينة تلحق أضرار جسيمة بالبيئة، بحيث تعرضنا من خلال هذا المطلب الأول إلى الأسلحة المحرم استخدامها ضد البيئة الطبيعية وهي الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل، بحيث تنقسم الأسلحة التقليدية إلى القذائف المتفجرة، الأسلحة السامة والمسمومة، الألغام، الأسلحة الحارقة، أما أسلحة الدمار الشامل فتتمثل في الأسلحة الكيميائية، والبيولوجية والنووية، وتم التركيز من خلال المطلب الثاني على الأضرار التي تلحق بالبيئة الطبيعية نتيجة استخدام أساليب معينة كالهجمات العشوائية التي تم حظرها في المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول، والانتقام التي تم حظره في المادة 55 فقرة 02 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وأعمال الغدر التي تم حظرها في المادة 23 من اتفاقية لاهاي عام 1907، والمادة 37 فقرة 01 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 .
أما المبحث الثالث فقد تعرضنا من خلاله لتحليل القواعد الدولية الإنسانية الخاصة بحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، تعرضنا من خلال المطلب الأول منه إلى القواعد العرفية التي تحمي البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، حيث قمنا بتقسيمه إلى فرعين تضمن الأول القواعد العرفية العامة التي تكفل حماة غير مباشرة للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة التي تتمثل في مبدأ التناسب نص على هذا المبدأ المادة 57/02 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، ومبدأ الضرورة العسكرية والتي نصت عليها المادة 17 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977، ومبدأ التمييز فقد تم النص على هذا المبدأ في المادة 23 من قواعد ليبر لعام 1863 والمادة 23 من اتفاقية لاهاي لعام 1907، ومبدأ الإنسانية التي نصت عليها المادة 35 فقرة 02 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، ومبدأ مارتينز الذي تضمنته المادة 01 فقرة 02 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وخصصنا الثاني للقواعد الخاصة التي تحمي البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، والتي يقف على رأسها مبدأ حصانة البيئة الطبيعية من الأضرار والانتهاكات الجسيمة، ومبدأ حظر الآلام التي لا مبرر لها والتي نصت عليها المادة 35 فقرة 02 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.
في مقابل، القواعد العرفية تعرضنا من خلال المطلب الثاني للنصوص الاتفاقية التي تحمي البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، حيث أشرنا من خلال الفرع الأول منه للقواعد الاتفاقية التي كفلت حماية غير مباشرة للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، نذكر من بينها: المادة 23 من الإعلان سان بيترسبورغ لعام 1868، ونصوص المواد 22 و23 و55 من اتفاقية لاهاي الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907، وبروتوكول جنيف لعام 1925، ونصوص المواد 53، 54، 55، 56 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، واتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية لعام 1968، واتفاقية حظر استخدام الوسائل البكترولوجية والتكسينية لعام 1972، واتفاقية حظر استخدام أو تقييد أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية المنعقدة في 10 أكتوبر عام 1980.
ولما كانت الاتفاقيات السابقة تركز على حماية المدنيين والأعيان المدنية كان لابد من وضع اتفاقيات تحمي البيئة بطريقة مباشرة أثناء النزاعات المسلحة وهي الاتفاقيات التي كانت فصلنا في أحكامها من خلال الفرع الثاني والتي تتمثل في اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة الطبيعية لأغراض عسكرية أو أية أغراض عدائية الأخرى لعام 1976، حيث احتوت هذه الاتفاقية على قواعد قانونية تقضي على حظر استخدام البيئة الطبيعية كوسيلة قتالية من خلال التلاعب بتقنيات التغيير في البيئة الطبيعية لأن ذلك سيلحق بها أضرار جسيمة وبالغة وشديدة الأثر تمتد لفترات طويلة، كما حظرت المادتين 35/3 و55 من البروتوكول الإضافي الأول الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية لعام 1977 استخدام أساليب ووسائل القتال التي تلحق أضرار واسعة الانتشار وطويلة الأجل للبيئة الطبيعية وتضمن وأكدت على نفس الحظر المادتين 14 و15 من البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية لعام 1977، وفي إطار تقرير عقوبات ردعية عن الانتهاكات الجسيمة ضد البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة صنفت المادة 08 من نظام روما الأساسي ضمن جرائم حرب.
وباعتبار أن قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة لا يمكن ضمان فعاليتها إلا من خلال ربطها بآليات لتفعيل الحماية، من هنا كان يتوجب علينا أن نتعرض في الفصل الثاني لآليات تفعيل قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، حيث حاولنا من خلال المبحث الأول الإشارة إلى وسائل تفعيل قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة تعرضنا في المطلب الأول منه إلى الأجهزة الوقائية التي تحمي البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة والذي قسمناه إلى فرعين تعرض الأول لدور أجهزة الإشراف والرقابة في تنفيذ قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، سواء تلك المكرسة بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 كاللجنة الدولية للصليب الأحمر (9، 9، 9، 10 المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949) والدولة الحامية وآلية التحقيق (وقد تم تبنيه من خلال المواد المشتركة فيها على التوالي 8،8 ،8، 9 المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949) وآلية التحقيق (المواد 52 و53 و132 و149 المشتركة) أو الآليات المستحدثة بموجب البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 بحيث استحدثت هذه الأخيرة لتغطي النقائص التي كانت في الآليات السابقة والتي تتمثل في اللجنة الدولية لتقصي الحقائق (المادة 90)، والعاملون المؤهلون (المادة 06)، والمستشارون القانونيون (المادة 82)، في حين بحثنا من خلال الفرع الثاني بدور المنظمات الدولية في حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة فقد لعبت هذه الأخيرة دور كبير في حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة سواء الحكومية خاصة منظمة الأمم المتحدة من خلال أجهزتها، فقد أصدرت الجمعية العامة عدة قرارات لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، ومن بين قراراتها نذكر منها القرار رقم (47/37)، والقرار (2727)، أما مجلس الأمن هو الأخر بدوره ساهم في حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة خاصة القرار رقم (686)، والقرار رقم (687)،كما أشرنا أيضا إلى دور المنظمة الدولية لحفظ الأسلحة الكيميائية في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، أما في ما يخص دور المنظمات الدولية الغير حكومية في حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة تعرضنا إلى دور كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة الدفاع المدني ومنظمة السلام الأخضر ومنظمة أطباء بلا حدود، وعلى الرغم من أن دور المنظمات الدولية الغير حكومية غير ملزم للدول إلا أنه لعب دور كبير في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
كذلك أوجد المجتمع الدولي وسائل ردعية وعقابية للمساءلة عن الانتهاكات ضد البيئة الطبيعية والتي كانت محل دراستنا في المطلب الثاني، بحث تعرضنا إلى دور القضاء الوطني في تنفيذ قواعد حماية البيئة الطبيعية من خلال الفرع الأول، بحيث يكون لهذه المحاكم الأولوية في محاكمة الأشخاص مرتكبي الجرائم ضد البيئة الطبيعية وأن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي وقعت الجريمة على إقليمها الوطني ونصوص المواد (49)، (50)، (129)، (145) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، أما في حالة عدم فعالية القضاء الوطني؛ فإنه يؤول الاختصاص إلى يخص المحكمة الجنائية الدولية طبقا لما قررته المادة 08 من نظامها الأساسي التي صنفت الانتهاكات التي تلحق بالبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ضمن جرائم الحرب وقررت قواعد إقامة المسؤولية عنها والتي تم التعرض إليها من خلال الفرع الثاني.
وعند انتهاك قواعد حماية البيئة الطبيعة أثناء النزاعات المسلحة لابد أن تقوم المسؤولية الدولية عن هذا الانتهاك، وهذا ما تعرضنا له من خلال المبحث الثاني سواء كانت مسؤولية جنائية تقوم في مواجهة الأفراد طبقا لما قررته المادة 03 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 والمواد 49، 50، 129، 145 من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والمادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 (وهذا ما تضمنه المطلب الأول)، أو كانت مسؤولية مدنية تقوم في مواجهة الدولة، ومن المواد التي نصت على المسؤولية المدنية هي نص المادة 03 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 والمادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 التي تم التعرض لها في المطلب الثاني، أما فيما يخص المطلب الثالث تعرضنا فيه إلى العوارض التي تواجه تطبيق المسؤولية عن انتهاك قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة والتي استخدام البيئة الطبيعية لأغراض عسكرية إن كانت البيئة الطبيعية تساهم مساهمة فعالة في العمليات الحربية وإذا تحولت إلى هدف عسكري تساهم في ترجيح قوة العدو، أو في حالة الاعتداء على البيئة الطبيعية الذي تفرضه الضرورة العسكرية.
ومن خلال مما سبق، نخلص إلى أن آليات ووسائل تفعيل قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ليست كفيلة بتجسيد حماية فعالة، وأن السبب لا يرجع إلى نقص تلك القواعد، بل يرجع السبب إلى نقص الوسائل والآليات المكرسة للحماية.
على أنَّه قبل أن نختم بحثنا، سنعرض ما توصلنا إليه من نتائج؛ حاولنا من خلالها الوقوف على عمق الإشكالية ومختلف الأسباب التي أدت إلى قيامها، وذلك سعيا للتأكيد أن أهمية موضوع حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة وذلك ما يبرز من خلال الوقوف على نتائج الدراسة على النحو التالي:
إن القواعد القانونية المعمول بها لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة ليست كافية ولا تحمي هذه الأخيرة من الانتهاكات والأخطار التي تلحق بها نتيجة العمليات العدائية، كما أن ما تحتويه من نصوص ومصطلحات غير واضحة ودقيقة، تؤدي إلى تعدد التفسيرات والتأويلات، وما يترتب على ذلك من ضعف إعمال نصوصها من الناحية الواقعية.
فيما يتعلق بتحديد أساليب القتال المحظورة، فقد رأينا أن هناك العديد من المبادئ والقواعد التي يمكن الاعتماد عليها في هذا الشأن، والتي تلزم أطراف النزاع بتوجيه الهجمات العسكرية ضد الأهداف العسكرية فقط دون المدنية بما في ذلك البيئة الطبيعية، بالإضافة إلى ذلك، فإنها حرمت بصورة مطلقة الهجمات العشوائية التي تؤدي بطبيعتها إلى الإضرار بالأهداف العسكرية والبيئة الطبيعية في أن واحد.
تأكد لدينا مما سبق بحثه، أهمية دور القواعد العرفية المكرسة لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، كقاعدة التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين وقاعدة التناسب بين الأضرار الجانبية الناجمة عن هذا العمل العسكري والميزة العسكرية المتوقعة من العمل، وقاعدة حظر الآلام التي لا مبرر لها التي تحظر استخدام وسائل وأساليب قتالية تحدث مآسي وآلام إنسانية تتجاوز الغاية المشروعة من الحرب، وقاعدة الضرورة العسكرية التي تحظر العمل العسكري الذي يحقق ميزة عسكرية غير ضرورية لا تتفق مع الغاية المشروعة من الحرب وهي إضعاف القوة العسكرية للخصم، ووجوب تقييد قاعدة الضرورة العسكرية باعتبارها أخطر القواعد التي تهدد برفع الحماية عن البيئة الطبيعية بمجموعة من الضوابط القانونية.
بالرغم من أن مبدأ الضرورة العسكرية يسمح بالخروج عن القواعد الحمائية للبيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، غير أنه لا يجوز التمسك به للمساس بالأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والأشغال الهندسية المحتوية على قوى خطرة ومحطات الطاقة الكهربائية والنووية، إذ تبقى هذه الأخيرة تتمتع بحصانة ضد العمليات العدائية ولا يمكن الاعتداء عليها أو استعمالها كوسيلة للاعتداء مهما كانت المبررات لأن تدميرها سيؤدي إلى فناء للبشرية.
تقاعس بعض الدول المتنازعة عن المصادقة على البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، واتفاقية حظر استخدام تقنيات تغيير البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى لعام 1976، إلى جانب الاتفاقيات التي تقيد أو تحظر استخدام وسائل قتال معينة، رغم أن تلك الاتفاقيات قدمت حماية مباشرة للبيئة الطبيعية وكفلت حصانتها ضد الانتهاكات الجسيمة الناجمة عن العمليات العدائية.
اعتمد كل من نصي المادتين 35/3 و55 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 واتفاقية حظر استخدام تقنيات تغيير البيئة لأغراض عسكرية أو لأية أغراض عدائية أخرى لعام 1976، على معيار الانتهاكات الجسيمة دون تحديد نطاق تلك الأضرار، في حين أنه رأينا أنه معيار متشدد، حيث يتعين أن يكون الضرر واسع الانتشار وطويل الأمد وشديد الأثر، أما ما دون ذلك من أضرار تصيب البيئة الطبيعية؛ فإن الأضرار البسيطة التي تلحق بالبيئة الطبيعية أثناء نزاع مسلح ما لا تعتبر أعمالاً محظورة.
إن للجنة الدولية للصليب الأحمر دور إيجابي في تنفيذ قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، حيث أثبت واقع النزاعات فعالية دورها في مجال حماية البيئة الطبيعية بكافة عناصرها ومشتملاتها.
لم تحظى الدولة الحامية بالقبول الكافي من قبل الدول المتحاربة، فمنذ عام 1949م لم تعين دولة حامية، حيث لم يحدث أن أدى نظام الدولة الحامية مهمته على النحو المطلوب.
تلعب اللجنة الدولية لتقصي الحقائق دورا هاما في مجال الإشراف والرقابة على حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة الدولية، لكن في المقابل لم تخول بالعمل على حماية البيئة الطبيعية خلال النزاعات المسلحة غير الدولية، لذلك يعتبر عد النص على دورها في مجال النزاعات المسلحة غير الدولية فراغ تشريعي في مجال تفعيل دورها لحماية البيئة الطبيعية خلال هذه الأخيرة، فلم يتضمن البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 أحكاما خاصة بذلك.
يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تعتبر وسيلة ناجعة لتحقيق الردع في مجال انتهاك أحكام حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة إذا ما طبقت أحكام نظامها الأساسي ونفذت قواعد العقاب بحق الأشخاص الذين يقومون بانتهاك أحكام تلك القواعد، وكان عملها وفقاً لمعايير موضوعية بعيدا عن الاعتبارات المصلحية والسياسية.
منح النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مجلس الأمن الحق في التدخل لوقف إجراءات التحقيق والملاحقة، يشكل خطورة كبيرة على فعالية المحكمة واستقلاليتها؛ إذ أن منح مجلس الأمن هذه الصلاحيات من شأنه أن يؤدي إلى التعامل مع مرتكبي الانتهاكات الجسيمة ضد البيئة الطبيعية بازدواجية، وهذا الأمر من شأنه إعاقة عمل المحكمة وعدم فعالية دورها في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
بمجرد ثبوت الانتهاكات الجسيمة في مواجهة الدول تتأسس في مواجهتها المسؤولية الدولية وتتحمل التبعية القانونية عن مخالفة قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
تعد المسؤولية المدنية أحد الآثار المترتبة في مواجهة الدول في حال انتهاكها لأحكام حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، ويتحدد نطاقها في التعويض عن الأضرار التي تسبب بها الأفراد التابعين لقواتها، وذلك باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية أو القضاء الوطني.
عدم إمكانية تحلل الرئيس من المسؤولية عن أعمال المرؤوس عند انتهاك قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
يعتبر انتهاك قواعد حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة جريمة حرب وفقا لما قررته المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.
وبالنظر إلى أهمية الوقوف أمام التحديات التي يفرضها الموضوع، ارتأينا ختم هذا البحث ببعض الاقتراحات والتوصيات، نفردها تباعا فيما يلي:
إن القواعد الاتفاقية لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة غير كافية لتوفير الحماية لها، وعليه يتعين تطبيق القواعد العرفية للقانون الدولي للبيئة الطبيعية، لأن تلك الأخيرة تنطوي على كثير من الالتزامات القانونية الدولية التي تستهدف حماية البيئة الطبيعية في وقت السلم.
ضرورة العمل على وضع اتفاقية خاصة بحماية البيئة الطبيعية بما يتلاءم والتطورات الحاصلة في ميدان الأسلحة المستخدمة أثناء النزاعات المسلحة خاصة أسلحة الدمار الشامل مع التأكيد على الحظر الكلي لتصنيع وإنتاج الأسلحة التي يؤدي استعمالها إلى انتهاك أحكام حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
وجوب الاعتماد على شرط مارتينز في حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة، في ظل جمود القواعد الدولية الإنسانية المخصصة لحماية البيئة الطبيعية، ونقص الإطار الحمائي الذي توفره لهذه الأخيرة، وعدم مسايرتها للتطور الهائل والمتسارع في الوسائل والأساليب القتالية الحديثة، إذ تشهد بعض النزاعات المسلحة استخدام وسائل وأساليب قتالية فتاكة تلحق بالبيئة الطبيعية أضراراً جسيمة واسعة الانتشار وطويلة الأمد، وذلك بالاعتماد على هذا الشرط الذي يقضي ببقاء البيئة الطبيعية، تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام في الحالات التي لا تشملها الحماية الصريحة لتلك النصوص.
دعوة المشرع الإنساني إلى الاهتمام بالجانب الوقائي لحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة من خلال تكريس وسائل وقائية تكفل عدم الاعتداء عليها، وفي هذا الإطار يعتبر نشر قواعد الحماية في وسط العسكريين والأكاديميين.
ضرورة تفعيل دور للجنة الدولية للصليب الأحمر وقدرتها على التصدي للتحديات التي تواجه حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
دعوة المشرع الإنساني إلى التقليل من المخاطر التي تلحقها قاعدة الضرورة العسكرية بحماية البيئة الطبيعية، وذلك بتحديد شروط وضوابط التذرع بها، وحصر حالات اللجوء إليها في أضيق الحدود مع حظر التذرع بها مطلقاً لرفع الحماية عن البيئة الطبيعية ومهاجمتها، مهما كانت الميزة العسكرية التي يحققها المهاجم لأن مثل هذه الميزة المترتبة على مهاجمة عناصر البيئة الطبيعية لا تتفق مع الغاية المشروعة من الحرب، وهي إضعاف القوة العسكرية للخصم، دون إحداث آلام أو إصابات لا مبرر لها.
دعوة المشرع الإنساني لإبرام اتفاقية دولية خاصة بحماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة أن الأحكام الواردة في المادتين 35/03 والمادة 55 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والمادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، بحيث لم تعد تكفي أحكام حماية البيئة الطبيعية في كافة النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
دعوة المشرع الإنساني لإتخاذ إجراءات لتفعيل دور العاملون المؤهلون والمستشارون القانونين واللجنة الدولية لتقصي الحقائق، بحيث تستطيع ممارسة عملها الرقابي في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
تعديل نظام المحكمة الجنائية الدولية بما يعطيها الدور الأساسي بالتحقيق في الجرائم المنصوص عليها في نظام روما وأن لا يكون دورها فقط مكملاً للقضاء الوطني.
تطوير أساليب الرقابة والإشراف على تنفيذ قواعد القانون الدولي في مجال حماية البيئة الطبيعية زمن النزاعات المسلحة، والتعويل على دور المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.
(محاماه نت)