دراسات قانونية
السياسات العقابية والسوار الإلكتروني (بحث قانوني)
نظام السوار الإلكتروني في ظل السياسية العقابية المعاصرة
الأستاذ مسعودي كريم
باحث في قسم الدكتوراه
جامعة سعيدة
الجزائر
نظام السوار الإلكتروني في ظل السياسية العقابية المعاصرة
مقدمة:
أمام الانتقادات الكبيرة التي مازالت تقدم غلى العقوبات السالبة للحرية من منطلق أنها لا توفي بالغرض المرجو منها وهو إصلاح المحكوم عليهم ،زيادة على النفقات الباهظة التي تكلفها للدول،فقد بات لزاما على فقهاء السياسة العقابية الحديثة إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية تتلاءم مع طبيعة المجرم و تحد من ازديادات معدلات الجريمة،كما تساعد المجردين على إعادة الإدماج في المجتمع(1).
من هنا عملت الدول على تطوير أنظمتها العقابية بترشيد سياستها في العقاب،وتضييق نطاق العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة،وعكفت على البحث عن بدائل لها،تكفل تحقيق عدالة متوازنة،حيث يطلق على هذه البدائل “بالعقوبات البديلة”(2)،ومنها الوضع تحت المراقبة الإلكترونية الذي أعتبرها بعض الفقهاء نهاية للعقوبة السالبة للحرية(3).
ومن هنا نطرح التساؤل الآتي: ما هو مفهوم السوار الالكتروني؟وما النظام القانوني الذي يحكم هذه العقوبة البديلة في ظل التشريعات العقابية المعاصرة؟
ومن ثم فإن هذه الدراسة تعالج موضوع السوار الإلكتروني في النظم العقابية المعاصرة بداية من إبراز مفهومه و تطوره،وصولا على تحديد النظام القانوني له بتحليل شروطه و أساليب وضعه موضع التنفيذ.
المبحث الأول:مفهوم نظام السوار الإلكتروني.
ضمن هذا المبحث نتناول تعريف السوار الإلكتروني في المطلب الأول،ثم نوضح مراحل تطور هذا النظام في المطلب الثاني،ثم نتطرق إلى مبررات وضعه في المطلب الثالث.
المطلب الأول:تعريف السوار الإلكتروني.
يعتبر نظام السوار الإلكتروني أحد الأساليب الحديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة خارج السجن_أي في الوسط المفتوح_ بصورة ما يعبر عنه “بالسجن في البيت”،ويقوم هذا النظام على سماح للمحكوم عليه بالبقاء في منزله،غير أن تحركاته محدودة و مراقبة بواسطة جهاز يشبه الساعة أو السوار مثبت في معصمه أو في أسفل قدمه،ومن هنا جاءت تسمية هذا الأسلوب(السوار الإلكتروني)،وهو الوصف الذي يعتمده البعض القليل من فقهاء علم العقاب(4).
لقد تعددت المفاهيم و المصطلحات التي أطلقت على نظام المراقبة الإلكترونية،وإن كانت في مجملها تصب في هدف واحد،حيث عبر عنه الفقه الانجليزي بعبارة الإسورة الإلكترونية،بينما إستعمل البعض الآخر مصطلح الرقابة الالكترونية.
وعلى أية حال تعرف المراقبة الالكترونية على أنها استخدام وسائط الكترونية للتأكد من وجود الخاضع لها خلال فترة محددة في المكان و الزمان السابق اتفاق عليهما بين هذا الخير و السلطة القضائية الآمرة بها(5).
يتضح إذن أن الوضع تحت المراقبة الإلكترونية يعتبر طريقة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج اسوار السجن،يقرر إما في إطار تدابير تحديد الإقامة أو في انتظار المحاكمة أو كبديل عن العقوبة،يعتمد على إلتزام الشخص بالبقاء في منزله خلال ساعات محددة من طرف القضاء،على أن يحمل الشخص المعنى سوارا الكترونيا في قدمه و إذا إبتعدت عن قدمه يتم إنذار المراقب مباشرة بطريقة الكترونية.
المطلب الثاني: تطور نظام السوار الإلكتروني.
يعتبر التشريع العقابي الأمريكي أول تشريع قام بتكريس الوضع تحت المراقبة الالكترونية في نظامه العقابي سنة 1980،غير ان التطبيق الأول لهذا النظام كان في عام 1987 في ولاية فلوريدا (6)،ويستخدم أسلوب المراقبة الالكترونية في التشريع الأمريكي كبديل عن الحرية المراقبة،وكأحد الالتزامات المفروضة ضمن إطار الإفراج المشروط،وكبديل عن الحبس المؤقت(7)،وقد تطور هذا المشروع في السنوات الأخيرة حيث بلغ عدد المستفيدين منه الآن في امريكا وحدها نحو 100 ألف سجين .
بينما تم تطبيقه في أوروبا لأول مرة في بريطانيا عام 1989،إذ بلغ عدد المستفيدين منه الآن نحو 60ألف سجين (8)،كما انتقل بعدها إلى أغلب التشريعات الأوروبية العقابية من بينها السويد سنة 1994،هولندا عام 1995،بلجيكا و فرنسا عام 1997.
وقد أدخل المشرع الفرنسي نظام السوار الالكتروني إلى النظام العقابي من خلال القانون رقم 97_1159 الصادر بتاريخ 19 ديسمبر 1997،المتمم بالقانون رقم 2000_516 المؤرخ في 10جوان 2000،حيث خصص له المشرع الفرنسي المواد من(723مكرر 7إلى 723مكرر 14)من ق.إ.ج.الفرنسي ومن تم أصبح نظام السوار الالكتروني أسلوبا جديدا لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية بطريقة مستحدثة خارج أسوار السجن(9).
المطلب الثالث:مبررات الوضع تحت السوار الالكتروني.
طبقا للمادة 132 مكرر 26 الفقرة 01 من ق.ع.ف،فإن مبررات إخضاع المحكوم عليه بالمراقبة الالكترونية تتمثل في أربع حالات:
_ ممارسة المحكوم عليه لعمل حتى و إن كان مؤقتا،أو لمتابعته لدراسة،أو لتكوين أو لتأهيل مهني،أو للبحث عن عمل.أو مشاركته الفعالة في واجبات الحياة العائلية أو لضرورة خضوعه لعلاج طبي،او في حالة ممارسته لنشاط جاد و فعال تقتضيه مستلزمات إعادة الاندماج الاجتماعي.
أما بالنسبة لطريقة تنفيذ عقوبة الوضع تحت المراقبة الالكترونية فإنها متروكة لسلطة التقديرية لقاضي تنفيذ العقوبة،الذي يحددها بموجب قرار غير قابل لطعن،يتخذه خلال مدة أقصاها 04أشهر من التاريخ المحدد لتنفيذ الحكم(10).
المبحث الثاني:النظام القانوني للسوار الالكتروني.
تقتضي دراسة النظام القانوني للسوار الالكتروني تحديد شروط القانونية المختلفة لتطبيق هذه العقوبة البديلة في المطلب الأول،ثم تحديد كيفية تنفيذ الوضع تحت السوار الالكتروني في المطلب الثاني.
المطلب الأول:الشروط القانونية لتطبيق نظام السوار الالكتروني.
يتضح من دراسة الأحكام التي تحكم نظام السوار الالكتروني في النظام العقابي الفرنسي،أن المشرع وضع مجموعة من الشروط القانونية يستوجب توافرها حتى يتم تطبيق نظام الوضع تحت السوار الالكتروني،وهذه الشروط منها ما يتعلق بالأشخاص،ومنها ما يتعلق بالعقوبة،إضافة إلى الشروط المادية لتقرير الوضع تحت السوار الالكتروني.
الفرع الأول:الشروط المتعلقة بالأشخاص.
إن تنفيذ نظام المراقبة الالكترونية يمكن ان يتعلق بالبالغين و الأحداث و لكن على شرط أن يكون عمر الحدث بين 13 و 18 سنة(11)،وذلك بطبيعة الحال بعد موافقة ولي الحدث،كما ان نظام المراقبة الالكترونية يمكن ان يقرر على المحكومين الموضوعين تحت الرقابة القضائية،غير أن أغلب التشريعات التي تطبق هذا النظام تضع حد أدنى لسن من يراد إخضاعه لنظام السوار الالكتروني.ويختلف الحد الأدنى لسن باختلاف التشريع العقابي ،ففي انجلترا وولز حدد المشرع 18سنة كحد ادنى لسن المحكوم عليه الذي يراد تطبيق هذا النظام عليه.
ومع ذلك فإن بعض التشريعات تمنع تطبيق نظام المراقبة الالكترونية على فئات معينة من الأشخاص المحكوم عليهم،حيث تنص المادة 34 فقرة أ من قانون العدالة الجنائية في انجلترا وولز الصادر عام 1991 على عدم ملائمة الفئات التالية من السجناء المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية قصيرة المدة و التي لا تزيد مدتها على أربع سنوات لتطبيق نظام الحبس المنزلي عليهم وهم(12):
_ المحكوم عليهم بعقوبة لاقترافهم جرائم العنف و الجنس.
_ العائدون لدرب الجريمة من المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية خلال فترة تطبيق نظام الإفراج الشرطي عليهم.
_ المحكوم عليهم الخاضعون لأمر قضائي بالعلاج الطبي بمقتضى نصوص المواد 37( و45و47فقرة أ)من قانون الصحة العقلية الصادر في عام 1983.
_ المحكوم عليهم الذين تتزايد احتمالات مغادرتهم للبلاد،والمطبق عليهم نص المادة 42من قانون العدالة الجنائية الصادر في عام 1991.
_ السجناء الذي تم إيداعهم في السجن مرة أخرى،بمقتضى نص المادة 40 من قانون العدالة الجنائية الصادر في عام 1991،لإرتكابهم جرائم جديدة قبل نهاية الفترة الأولى من الحكم.
يضاف إلى ما سبق فإن المحكوم عليهم لاقترافهم جرائم جرائم جنسية و المطبق عليهم نص الفقرة الأولى من جرائم الجنسية الصادر في عام 1994،لايجوز تطبيق نظام الحبس المنزلي عليهم(13).
هذا و نشير إلى ان نظام السوار الالكتروني يمكن تطبيقه على الرجال و النساء،كما يمكن أن يشمل المحكومين و الأشخاص الموضوعين تحت المراقبة القضائية،أي المتهمين(14).
الفرع الثاني:الشروط المتعلقة بالعقوبة.
يشترط لتطبيق نظام السوار الالكتروني شرط أساسي يتمثل في أن تكون العقوبة سالبة للحرية،ومن ثم لا مجال لتطبيقه على العقوبات الأخرى كالغرامة.
أما فيما يتعلق بتطبيق نظام السوار الالكتروني في نهاية مدة تنفيذ العقوبة بالنسبة للأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية،شريطة أن تكون المدة المتبقية تساوي أو أقل من سنتين(15).
كما يمكن تطبيق الوضع تحت المراقبة الالكترونية على المحكوم عليه الخاضع للإفراج الشرطي،فتكون المراقبة الالكترونية أحد الالتزامات المفروضة عليه ضمن إطار الإفراج المشروط،بشرط أن لا تتجاوز مدة الخضوع سنة (16).
وبالنسبة لجهات التي يمكن لها أن تقرر الوضع تحت المراقبة الالكترونية فإنها تختلف باختلاف التشريعات،ففي انجلترا وولز يصدر القرار بالإفراج عن السجناء وخضوعهم لهذا النظام لمأمور السجن،بناءا على توصية اللجنة القائمة على إجراءات اختبارات الخطورة(17).
أما في فرنسا فطبقا لنص المادة 723مكرر7من ق.إ.ج.ف،المضافة بموجب المادة الثانية من قانون 19ديسمبر 1997،في فقرتها الأولى،فإنه يجوز لقاضي تطبيق العقوبات بمبادرة منه،أو بناء على طلب من النائب العام او المحكوم عليه أن يخضع هذا الأخير بنظام المراقبة الالكترونية إذا كان قد حكم عليه بعقوبة سالبة للحرية أو بمجموعة من العقوبات السالبة للحرية لمدة لا تتجاوز عام (18)،بناء على ذلك يمكن لنا القول أن أسلوب المراقبة الالكترونية يعد إمكانية جديدة ممنوحة لقاضي تنفيذ العقوبة في القانون الفرنسي،حيث يملك هذا الأخير صلاحيات واسعة بهذا الشأن،سواء من حيث فرض المكنة أو الأوقات التي يتوجب على المحكوم عليها الالتزام بها أثناء تنفيذ العقوبة،أو من حيث تعديل شروط تنفيذ المراقبة،كما له أيضا إمكانية سحب هذه العقوبة إذا ثبت مخالفة المحكوم علية لشروط و الالتزامات المفروضة عليه(19).
الفرع الثالث:الشروط التطبيق المادية.
يشترط لتطبيق نظام السوار الالكتروني توافر بعض الشروط المادية وفق ما أكدته في المادة 732مكرر8من قانون إ.ج.ف المعدلة بموجب القانون رقم 2004-204 حيث يجب استخدام جميع الوسائل التقنية بشكل يضمن احترام كرامة الشخص و خصوصيته و حياته الخاصة،وتتمثل هذه الشروط فيما يلي:
_ وجود مكان إقامة ثابت أو إيجار مستقر.
_ وجود خط هاتفي ثابت.
_ شهادة طبية تؤكد أن حالة الشخص الصحية تتوافق مع وضع السوار الالكتروني.
_ الحصول على موافقة مالك العقار او مؤجره،إذا كانت إقامة الشخص في غير منزله.
يعد النظر في مدى توفر هذه العناصر،يتم التأكد من توافر الأجهزة و الأدوات التقنية،والتحقق من الوضع الاجتماعي و العائلي للمحكوم عليه،من خلال تحقيق تقوم به “إدارة المساعدة على الاندماج الاجتماعي و الاختبار”،وذلك طبقا للمادة 57-13من ق.إ.ج الفرنسي(20).
يتمثل الهدف من التحقيق الأولي الذي تجريه هذه الأخيرة-أي إدارة المساعدة على الاندماج الاجتماعي و الاختبار- في ضمان توفيق قرار الوضع تحت السوار الالكتروني،فتحدد أوقات الحضور حسب المعطيات المهنية و العائلية للمحكوم عليه،كما يهدف تحقيق الأولي لإلى التأكد من أن الشخص المقترح وضعه تحت المراقبة الالكترونية يعيش في بيئة مناسبة و ملائمة لتطبيق هذا النظام بالشكل الصحيح(21).
المطلب الثاني:تنفيذ الوضع تحت النظام الالكتروني.
إن تنفيذ نظام السوار الالكتروني يتطلب منا دراسة آلية عمل جهاز السوار الالكتروني،ثم دراسة التزامات المفروضة على الشخص الخاضع له.
الفرع الأول:تقنية عمل جهاز السوار الالكتروني.
تبنى المشرع الفرنسي أسلوب البث المتواصل لتنفيذ الوضع تحت السوار الالكتروني،وهي طريقة تتبناها أغلب دول العالم(22)،حيث وفقا لهذا الأسلوب يسمح للمحكوم عليه البقاء في بيته،لكن تحركاته تبقى محدودة ومراقبة عبر جهاز الكتروني يشبه الساعة،حيث يضع المحكوم عليه جهازا(سوار مثبتا في معصمه أو في أسفل قدمه)،وهو عبارة عن مرسلة الكترونية تحتوي على جهاز إرسال يبث إشارات متتالية محددة كل (15ثانية)إلى مستقبل مثبت في مكان محدد(المنزل،مكان الدراسة، أو العمل)،هذا المستقبل يرسل عن طريق الخط الهاتفي رسائل أو إشارات إلى الجهة التي تتولى المتابعة(مركز المراقبة)،هذا الأخير يستقبل الإشارات المرسلة في المنطقة الجغرافية المحددة كنطاق لمراقبته(23).
من خلال هذه الإشارات و المعلومات يمكن التثبت من عمل الجهاز و التحقق من وجود الشخص المعني في المكان المحدد،ومن ثم التأكد من احترام الشخص للالتزامات المفروضة عليه بموجب نظام المراقبة الالكترونية .
وفي حالة خرق المحكوم عليه لهذه الالتزامات مثل عدم احترام أوقات الحضور أو تعطيل جهاز الاستقبال أو جهاز الإرسال أو محاولة نزع الجهاز،فإن هذا الجهاز يرسل إنذار لمركز المراقبة(24).
الفرع الثاني:الالتزامات المفروضة على الخاضع لسوار الإلكتروني.
يجب على الشخص الموضوع تحت السوار الالكتروني أن يضع السوار الالكتروني 24ساعة على 24ساعة،كما ينبغي عليه أن يحترم الأوقات و الأماكن المحددة لتنقلاته من طرف قاضي تنفيذ العقوبة،ذلك أن جوهر المراقبة الالكترونية يتضمن منع الشخص من مغادرة أو الغياب عن بيته أو الأماكن المحددة من طرف قاضي تنفيذ العقوبة(25).
وفي كل الأحوال و حسب القانون الفرنسي فإن اوقات و أماكن الحضور تحدد وفقا للاعتبارات التالية:
_ متابعة الدراسة و التربص المهني،او ممارسة النشاطات المهنية او اي عمل مؤقت بهدف مساعدة الشخص الموضوع تحت المراقبة الالكترونية على إعادة الاندماج الاجتماعي.
_ المشاركة في الحياة و الواجبات العائلية.
_ الخضوع لعلاج طبي(26).
كما ان النصوص التشريعية الفرنسية منحت لقاضي تنفيذ العقوبات امكانية فرض التدابير المنصوص عليها في المواد 123مكرر 43و132مكرر46من ق.ع.ف على الأشخاص الخاضعين للمراقبة الالكترونية،ومن بينها(27):
_المنع من مزاولة العمل إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بمناسبة ممارسة نشاط مهني.
_ المنع من ارتياد بعض الأماكن المحددة مثل أماكن لعب القمار.
_ المنع من حمل او حيازة سلاح.
_ المنع من الدخول في علاقات من أي نوع مع بعض الأشخاص،كالشهود،وخاصة المجني عليه.
_ المنع من مقابلة بعض الأشخاص،خاصة المساهمين في الجريمة.
وبالنظر إلى ما يمكن أن ينطوي عليه نظام السوار الالكتروني من مساس بالحقوق الشخصية للمحكوم عليه مثل التدخل في حياته الخاصة فقد حرص المشرع الفرنسي على إحاطة هذا النظام بالضمانات القانونية الكافية،فإشترط في كل الأحوال موافقة المحكوم عليه أمام قاضي تنفيذ العقوبة كشرط لتطبيق نظام الوضع تحت نظام المراقبة الالكترونية،كما منع زيارة المحكوم عليه أثناء اليل أو الدخول إلى منزله من دون موافقته(28)ونتيجة لذلك يمكن لقاضي تنفيذ العقوبة من تلقاء نفسه،أو بناء على طلب المحكوم عليه أن يعدل شروط الوضع تحت المراقبة الالكترونية السابق ذكرها،بعد أخد رأي النائب العام(29).
كما يتم إلغاء تطبيق نظام السوار الالكتروني،بقرار يصدر من السلطة المختصة-تتبع في غالب التشريعات التي تطبق هذا النظام السلطة المختصة لإدارة السجون،بناء على تقرير السلطة المختصة بإشراف على تطبيق نظام المراقبة الالكترونية والتي تتتبع الجهة المختصة بالإشراف على تطبيق النظام القضائي في معظم التشريعات التي تطبق هذا النظام،بينما تسند بعض التشريعات قرار إلغاء الحبس المنزلي للقاضي المشرف على تطبيق العقوبة مثلما هو عليه الحال في قانون إ.ج.ف بموجب المادة 727مكرر7.ولا شك ان اسناد تلك المهمة للقضاء يمثل ضمانة مهمة للمحافظة على حقوق الخاضعين لهذا النظام و حماية حريتهم الشخصية(30).
الخاتمة:
على الرغم من الانتقادات الكبيرة التي قدمها الفقه الجنائي لنظام السوار الالكتروني من منطلق أنه لا يحقق الوظيفة المبتغاة من العقوبة وهي تحقيق الردع،إلا أن هذا النظام بالمقابل يساهم في إصلاح الجاني عن طريق إبعاده عن الوسط الجرمي من جهة،كما انه يشكل ضمان من ضمانات حقوق الإنسان من جهة أخرى.
غير أن التشريعات العقابية العربية كلها بمافيها التشريع العقابي الجزائري لم تأخذ بنظام السوار الالكتروني،ويعتبر التشريع العقابي الفرنسي من أهم التشريعات التي أدخلت نظام المراقبة الالكترونية إلى نظامها العقابي بسبب المزايا التي يحققها و من بينها التخفيف من ظاهرة اكتظاظ السجون،والحفاظ علة فرص الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليه في الحياة الحرة.
(محاماه نت)