منوعات
قانون الأمن في هونج كونج: الصين تقر التشريع المثير للجدل
مررت الصين تشريعا مثيرا للجدل يمنحها سلطات جديدة في هونغ كونغ.
ويجرم قانون الأمن في هونغ كونغ المطالبة بالانفصال وأعمال التخريب والتواطؤ مع القوى الأجنبية، ويفرض قيودا على تنظيم الاحتجاجات وعلى حرية التعبير.
وجاءت هذه الخطوة بعد اضطرابات متزايدة واتساع الحراك المؤيد للديمقراطية في هونغ كونغ .
وقال نشطاء إنهم سيتظاهرون يوم الأربعاء، رغم خطر الاعتقال بموجب القانون الجديد.
لكن منظمة “ديموسيستو” المؤيدة للديمقراطية، التي يقودها الناشط البارز جوشوا وونغ، أعلنت عبر حسابها على فيسبوك أنها ستوقف أنشطتها.
وكان وونغ قد قال في وقت سابق إنه سيترك المنظمة.
وكانت هونغ كونغ مستعمرة بريطانية سابقة، وقد استعادت الصين السيطرة عليها من تحت الحكم البريطاني عام 1997.
وعبر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، عن “قلقه العميق” إزاء القانون الجديد، قائلا: “ستكون هذه الخطوة خطيرة”.
وأدى هذا القانون الذي أعلنته الصين في مايو/أيار إلى إثارة الاحتجاجات فى هونغ كونغ. ولكن الصين تقول إنه ضروري لمعالجة الاضطرابات وعدم الاستقرار، كما أنها ترفض الانتقادات الخارجية معتبرة ذلك تدخلا في شؤونها.
نصوص التشريع الجديد
جرى تمرير التشريع بإجماع اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
ومن المتوقع أن يضاف إلى جملة القوانين الأساسية الخاصة بهونغ كونغ. ويأتي اعتماد التشريع قبل يوم واحد من الذكرى الثالثة والعشرين لتسليم بريطانيا هونغ كونغ إلى الصين، وهو موعد يتميز عادة بخروج المظاهرات والاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.
ومن شأن هذا القانون أن يجرم أي فعل يدعو إلى الانفصال عن الحكومة المركزية في بكين أو القيام بأي عمل تخريبي و”إرهابي” أو التواطؤ مع القوى الخارجية.
وسيتعامل قسم خاص جديد مع قضايا الأمن القومي في هونغ كونغ، ولكن سيكون لهذا القسم صلاحيات أخرى كالإشراف على مناهج التعليم المرتبطة بقضايا الأمن القومي في مدارس هونغ كونغ.
وسيتمتع الرئيس التنفيذي في هونغ كونغ، بسلطة تعيين قضاة للنظر في قضايا الأمن القومي، وهي خطوة أثارت مخاوف بشأن استقلالية القضاء.
والأهم من ذلك، سيكون لبكين سلطة في كيفية تفسير القانون. فإذا كان ثمة قانون يتعارض مع أي تشريع في هونغ كونغ، سيكون لقانون بكين الأولوية في التطبيق.
كيف سيغير القانون هونغ كونغ؟
بالنسبة للكثيرين، سيقوض القانون الجديد الحريات التي ميزت إقليم هونغ كونغ عن بقية الصين.
ويثمّن الناس الحريات المدنية في هونغ كونغ، مثل حرية التعبير والحق في الاحتجاج ووجود قضاء قوي ومستقل بحسب دستورها المصغر؛ وهو القانون الأساسي الذي تم العمل به منذ عودة السيادة على هونغ كونغ إلى الصين.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت هونغ كونغ موجات من الاحتجاجات تطالب بحقوق أكثر. ففي العام الماضي، تحولت المسيرات حول مشروع قانون – تم إلغاؤه الآن – يسمح بتسليم المجرمين والمطلوبين إلى البر الرئيسيالصيني، إلى احتجاجات اتسمت بالعنف وأذكت حركة واسعة مؤيدة للديمقراطية.
ويقول الرئيس التنفيذي في هونغ كونغ، كاري لام، إن القانون الجديد خطوة “مسؤولة” لحماية الأغلبية الملتزمة بالقانون، وإنه سيتم الحفاظ على الحريات والحيوية والقيم الأساسية في هونغ كونغ.
“أداة للقمع”
التشريع الجديد ليس له حدود أو قيود، وهذا يعني أنه أداة لقمع التحريض السياسي.
ومثل القوانين المماثلة في البر الصيني الرئيسي، يبدو أنه يمكن التلاعب به لتلبية متطلبات الحزب الشيوعي، كما هو مطلوب لقمع أي عمل قد يشكل تهديداً له.
وعلى عكس أي مكان آخر في الصين، تتمتع هونغ كونغ بسلطة قضائية مستقلة، فهل ستترك قيادة الحزب تفسير القانون وتطبيقه في أيدي أولئك القضاة؟
بالطبع لا. سيتم اختيار من ينظرون في هذه القضايا من قبل كاري لام، الذي عُين فعلياً حاكماً للمدينة من قبل حكومة بكين.
إذن، قبل تطبيق القانون الجديد، ما هي الإجراءات التي يتخذها النشطاء – مهما كانت تخريبية – التي لا يمكن التعامل بها بموجب القوانين القائمة؟
صنع قنبلة؟ أم تحطيم مباني؟ بالطبع لا.
هل يتعلق الأمر بعقد لقاءات مع المنظمات غير الحكومية الدولية للحديث عن تدهور الحريات في المدينة؟… ربما.
هل يتعلق الأمر بأي دعوة علنية إلى استقلال هونغ كونغ؟… بكل تأكيد.
وكلما سعت بكين، بقيادة شي جين بينغ، إلى السيطرة على هونغ كونغ، كلما دفعت السكان إلى المعسكر المؤيد للديمقراطية.
ردود الفعل
قال زعيم الحزب الديمقراطي، وو تشي واي، إنه سيتحدى منع الشرطة لهم في مسيرة “يوم التسليم” يوم الأربعاء.
وسينضم إليه فيغو تشان، من الجبهة المدنية لحقوق الإنسان، الذي حث الناس على النزول إلى الشوارع، قائلاً: “نحن على دراية بخطر الملاحقة القضائية، لكننا نصر على أخذ زمام المبادرة، كما نريد أن نقول إن سكان هونغ كونغ لا يخشون شيئاً”.
وأفادت صحيفة “ساوث تشاينا” الصباحية، أن الشرطة تخطط لوضع أربعة آلاف شرطي في حالة تأهب لضبط أعمال الشغب.
وأعلنت جماعة “ديموسيستو” أن الكفاح ضد “القمع الشمولي” يجب أن يستمر “بطريقة أكثر مرونة” وعلى “جبهات مختلفة”.
وقال الناشط البارز جوشوا وونغ إن القانون يمثل “نهاية هونغ كونغ التي عرفها العالم من قبل”.
ووصفت منظمة العفو الدولية الحقوقية، القانون بأنه “أكبر تهديد لحقوق الإنسان في تاريخ المدينة الحديث”.
وحذرت تايوان يوم الثلاثاء مواطنيها من مخاطر زيارة هونغ كونغ.
وكانت هناك انتقادات دولية واسعة النطاق حتى قبل تمرير القانون. فقد صوّت البرلمان الأوروبي على إحالة الصين إلى محكمة العدل الدولية في حال فرضها للقانون.
وقالت المملكة المتحدة إنها ستغير قواعد الهجرة وستعرض على الملايين من الناس في هونغ كونغ “طريقا للحصول على الجنسية” إذا مضت الصين قدما في التشريع.
وبدأت واشنطن يوم الاثنين خطوات لإنهاء العلاقات التجارية الخاصة بين هونغ كونغ والولايات المتحدة.
وقالت الصين إنها سترد “بإجراءات مضادة” دون أن تحددها.
لندن – (بي بي سي)