دراسات قانونية

تشريعات ضائعة .. «الأحوال الشخصية»

تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

 

يبين من ظاهر اسم القانون مدى الخصوصية التي يتمتع بها ، فهو القانون المختص بتنظيم الأمور الشخصية للأفراد من زواج وطلاق ونفقات وأحكام الوفاة والنسب والتركات والأرث ..إلخ من الأمور اليومية التى تكون حديث المنازل والأسر.

 

لذلك فإن فلسفة هذا القانون يجب أن تعتمد على تنظيم تلك الأمور دون أن تكون قيد على الأفراد أو أن ترسم لهم نموذج لحياتهم اليومية وعلاقاتهم الشخصية، فالغرض من قوانين الأحوال الشخصية هي حماية المجتمع وليس تدخل المشرع أو السلطة في فرض ضوابط وقيود على علاقات البشر الإنسانية والتى تتدخل فيها الكثير من الأخلاقيات والجينات والسلوك البشري بصفة عامة.

 

وتكمن أهمية تشريعات الأحوال الشخصية في حماية المجتمع ككل من الأضرار التي يمكن تتسبب فيها تلك المعاملات والعلاقات الشخصية، وهو ما يمكن تلخيصه فى ثلاثة محاور لتشكيل القانون وهم: مكافحة العنف الأسرى والذي ينتج عنه تشوهات نفسية لدى أفراد الأسره بما يفرض علينا توفير بيئة اجتماعية و أسرية سليمة للطفل والذي يشكل مستقبل المجتمع.

 

والمحور الثانى هو كفاله حق الطفل في التمتع بأبويه فى حالة الطلاق دون نصرة طرف علي الأخر فهذه المعركة إن وجدت لا يجب أن يكون للطفل شأن بها، والمحور الأخير هو تنظيم المعاملات المالية الأسرية والتى تعد جزء من ثروة المجتمع والتى تعمل القوانين على الحفاظ عليها.

 

ولقد عاني المجتمع المصرى علي مدار العقود السابقة من خلل تشريعات الأحوال الشخصية وهو ما انعكس بالسلب على الحفاظ على الأسر المصرية وعلى الأطفال مما تسبب فى ارتفاع نسب الطلاق لتصل الي حالة طلاق كل دقيقتين ونصف وفقاً لمركز معلومات دعم وإتخاذ القرار، وارتفاع نسب العنف بين الأطفال والشباب، وإنخفاض حاد فى عمق العلاقات الأجتماعية بين الأفراد، كل هذا من شأنه تدمير مجتمعات ودول دون الحاجة إلى حروب.

 

فلا يوجد أبشع من تفكك المجتمعات وإنحدار الثقة والأمان فى العلاقات الأجتماعية، فمن شأن كل ذلك تحطيم الفرد ذاته ومن ورائه المجتمع ككل.

 

الأمر الذى يفرض علينا ضرورة إعداد مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية يعالج عيوب واَثام هذا المجتمع، قانون يتسم بالعدالة ولا يميز جنس على اًخر ولا طرف على اَخر، فالقانون يجب أن يكون أخلاقى ونابع من المجتمع ومعالجاً لمشاكله، فحينما يتسم القانون بالتحيز والتمييز يفتقد للرضا المجتمعى ومن ثم يصعب تحقيق الغرض منه وتطبيقه.

والحقيقة إن التباطئ الغير مبرر لمجلس النواب فى مناقشة مشاريع قوانين الأحوال الشخصية المقدمة من السادة النواب وعلى رأسهم النائب محمد فؤاد وهو أول من تقدم بمشروع قانون للأحوال الشخصية ورمى حجراً فى مياه المجتمع الراكدة، لهو خروج عن دور المجلس فى تمثيل ناخبيه ومعالجة مشاكل واَثام المجتمع، وإستمرار لمسلسل إهدار تشريعات ضرورية.

إغلاق