دراسات قانونية
إرادة المشرع الصريحة (بحث قانوني)
إرادة المشرع الصريحة
وجود النص في القانون
اتفقت المادة (27) من الدستور والمادة (2) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية على أن القوانين يكون لها تأثير على الوقائع السابقة عليها متى كان منبهًا عن ذلك بنص صريح فيها.
وقد نصت المادة (47) من قانون النقض على أن الأحكام المعلنة قبل العمل بقانون النقض التي لم يمضِ عليها وقت نشره الميعاد المنصوص عليه في المادة (14) منه يصح رفع الطعن بالنقض فيها.
ولا شك أنه لا يمكن إعلان الأحكام إلا بعد صدورها وأنه ليس في القانون ما يقيد الصادر له الحكم بإعلانه في وقت معين ويترتب على هذا حتمًا احتمال تراخي الوقت بين صدور الحكم وبين إعلانه لأن الإعلان أمر مرجعه إلى إرادة المحكوم له.
ومعنى هذا أن ميعاد صدور الحكم لا أثر له في تحديد ميعاد الطعن ولا في حرمان المحكوم عليه من هذا الحق لأن الحرمان لا يترتب إلا على فوات ميعاد الطعن مبدئًا.
ومتى ثبت أن النص على سريان قانون النقض على الأحكام السابقة عليه موجود كنتيجة حتمية لتطبيق المادتين (47) و(14) من القانون المذكور كان الدفع بعدم جواز الطعن غير مقبول.
إرادة المشرع الضمنية
تفسير الجمعية العمومية لها
إذا رجعنا إلى ديباجة المرسوم رقم (68) سنة 1901 الصادر بقانون النقض نجد فيها أن السبب في إصداره هو (ما رئي من ضرورة إنشاء محكمة نقض تحقيقًا لحسن سير العدالة).
Pour assurer une meilleure disribution de la justice
ولا شك أن العمل على إزالة الظلم لا ينظر فيه إلى وقت صدوره بل يكفي أن يكون واقعًا وأن يوجد من يشكوا الظلم ومعنى هذا أن قانون النقض الذي قصد به إزالة الظلم يسري على ما قبله لأنه لا يعقل أن يتولى الشارع إزالة الظلم إلا بعد حصوله فالظلم وهو صدور الحكم يكفي قيام أثره ليوجد حق الطعن بشرط أن لا يكون بابه قد سد على المحكوم عليه بحسب أحكام قانون النقض.
فمفهوم ديباجة القانون أن المشرع أراد ضمنًا أن يسري قانونه على ما سبق صدوره من أحكام.
وهذا التفسير هو الذي ينطبق على المادة (47) من القانون وهو الذي قالت به الجمعية العمومية لمحكمة النقض بقرارها الصادر في 20 مايو سنة 1931 من أن ما أرادته من التسهيل على الخصوم في الدعاوى من إباحة عمل تقارير الطعون في المواد المدنية لكل محامٍ مقبول لدى محكمتي الاستئناف (لا يمس مطلقًا ما ورد في الفقرة الأولى من المادة (47) من المرسوم الخاص بإنشاء محكمة النقض من امتداد ميعاد الطعن.. بالنسبة للأحكام المعلنة قبل نشر القانون فكل تلك الأحكام يقبل فيها الطعن طبعًا في المواعيد الواردة بالفقرة المشار إليها…….).
قانون النقض هو من قوانين الاختصاص والمرافعات
Lois de competence et de Procedure
إن المبدأ الذي أقرته قوانين العالم طرأ والذي اختاره المشرع المصري بالنص عليه صراحةً في الفقرة الثانية من المادة (2) من القانون المدني المختلط والذي عليه إجماع المحاكم الأهلية هو أن قوانين المرافعات وقوانين الاختصاص تستند إلى الماضي ويسري مفعولها على ما قبلها من الحوادث.
والنيابة العمومية مسلمة في مذكرتها بأن المرسوم رقم (68) لسنة 1931 الصادر بقانون إنشاء محكمة النقض هو من قوانين المرافعات وقوانين الاختصاص
Les lois relative et à la competence seront applicable au reglement des contestation nées sur les obligations anterieures à la date ci – dessus.
وهذه القوانين يسري مفعولها فورًا وتطبق على جميع المنازعات ولو كان موضوعها حوادث سابقة على نشرها.
Ce sont des lois interessant d’ailleurs aussi bien le droit public que le droit privé sont fait pour assurer une meilleure distribution de la justice et que, des lors, il est à la fois d’ordre public et de l’inter et même des partis qu’elles leur soient applicable immediatement chaque fois que cette application est possible.
Ces lois devraient regir les faits accomplis et mme les instances deja engagées au moment de sa publication.
فقانون النقض يسري مفعوله على الأحكام الصادرة قبله بحكم ذلك، ومن ثم يكون الدافع بعدم جواز الطعن واجب الرفض.
كل ما يملكه المحكوم له هو مجرد أمل
Pas de droit acquis mais des expectatives
إن حق الطعن في الأحكام هو حق تقرر لتحقيق حسن سير العدالة ولذلك جعله قانون المرافعات حقًا لمن يستشعر أن الحكم ظلمة لا يسقط إلا بواحد من اثنين.
الأول: أخذ إقرار من المحكوم عليه بقبوله للحكم وتنازله عنه وهو ما يعبر عنه برضاء المحكوم عليه.
الثاني: بما يقوم مقام الرضا وهو اتخاذ المحكوم له للإجراءات المسقطة للطعن بإعلان الحكم إلى المحكوم عليه على يد محضر حتى تبدأ بذلك مواعيد الطعن وانتظاره المدة المحددة في القانون حتى إذا لم يرفع المحكوم عليه الطعن في الميعاد القانوني كان للمحكم له أن يدفع بسقوط الطعن.
وخلاصة ما تقدم أن كل ما للمحكوم له فيما يختص بالطعن هو مجرد الأمل في أن يرضى المحكوم عليه بالحكم أو يتقاعس عن رفع الطعن وهي أمور ترجع إلى إرادة المحكوم عليه دون المحكوم لمصلحته، وليس هذا شأن صاحب الحق لأن الحق بحكم تعريفه هو مكنة لصاحبه والمحكوم له في هذه الحالة لا يملك من أمره شيئًا لأن مرجع الطعن إلى إرادة المحكوم عليه.
ومتى كان الأمر كذلك كان كل ما يملكه المحكوم له هو مجرد أمل وهذا لا يقيم له القانون وزنًا وبذلك يكون الدفع غير مقبول.
المحكوم له لا يملك حقًا وإنما يملك إسقاطًا
Pas de droit acquis, mais une déchnéance
واجب الراعي كشف الظلم عن الرعية، وهذا الواجب يقابله حق الرعية في التظلم إلى الراعي وهذا الحق قرره المشرع فيما يختص بالأحكام بتخويل المحكوم عليه حق التظلم من الحكم بالطعن فيه أو بالإشكال في تنفيذه إذا استنفدت جميع أوجه الطعن، أما المحكوم له فلا حق له قبل الحاكم وكل ما في الأمر أنه رخص له في سد باب الطعن على ما بيناه في الوجه السابق.
ومن هذا نرى استحالة أن يكون للمحكوم له حق خاص بالطعن سابق لحق الطعن الذي للمحكوم عليه وأن حق الطعن الذي للمحكوم عليه لا يملك المحكوم له أمامه إلا الإسقاط لا يكون إلا لحق تام فهو لا يصيب الحق إلا بعد وجوده واستعماله.
والإسقاط بطبيعته يستحيل أن يكون حقًا مكتسبًا لأن الاكتساب لا يكون إلا للحق القديم كحق الملك والحياة في حين أن الإسقاط أمر حادث ومقتضى هذا استحالة أن يكون للمحكوم له حق مكتسب في عدم الطعن.
كذلك الإسقاط لا يكون إلا بعد نشوء الحق فهو تالٍ له والفضل للأسبق، وبذلك يكون الدفع في غير محله.
(النسبية – قوة الشيء المحكوم فيه – الحق المكتسب)
Principe de la relativite et la chose jugee
الحق المكتسب وقوة الشيء المحكوم فيه وما إلى ذلك من الحقوق الناشئة عن المعاملات والمدنية منها على الأخص هي حقوق نسبية أو اعتبارية Personnel ou relatif ليس لأحد أن يتمسك بها غير الشخص الذي تقررت لمصلحته ولا تقوم لها قيامة إلا بإصراره على التمسك بها ومباشرته للعمل أو الأعمال الإيجابية actes positifs المانعة من إنكار الغير لوجودها فإذا حكم مثلاً على شخص بأنه مدين لآخر في مائة جنيه وعاود الدائن مطالبة المدين بالمائة جنيه فلا حق لأحد غير المدين أو من يمثل المدين في طلب رفض الدعوى لسبق الفصل فيها.
كذلك ليس لأحد غير الدائن وخلفائه العموميين Ses successeurs à titre universel أن يطالب المدين أو ينفذ عليه بالماثة جنينه باعتبارها حقًا مكتسبًا للدائن لأن هذا الحق يعتبر في حكم العدم ما دام صاحبه لم يطالب به فلا يقام له وزن.
ولذلك نص قانون المرافعات في المادة (633) مرافعات على أن تأخر الدائن مدة ثلاثين يومًا بعد ميعاد الاطلاع على التوزيع المؤقت والمناقضة فيه يسقط حقه.
كذلك أن كتابة سند بالدين لا يجعل الدين حقًا مكتسبًا للدائن حتى يطالب بدينه ويحكم له به أو يدفعه المدين طواعية.
وإذا رجعنا إلى قانون المرافعات نجد أن حق الطعن في الأحكام يلزم لابتداء الميعاد الذي يسقط بفواته أن يباشر المحكوم له إجراء إيجابيًا من قبله un act positif de sa part وهو إعلان المحكوم عليه بالحكم على يد محضر في محله الأصلي وهو الإجراء الوحيد الذي ينفرد بملكيته حتى تبدأ المواعيد التي بفواتها يسقط حق الطعن ويصبح الحكم نهائيًا.
ومقتضى ما تقدم إن لا حق مكتسب للمحكوم له لأن حقه الناشئ عن الحكم لا يعتبر خاليًا من النزاع يصح التنفيذ به إلا بالإعلان، وهذا الإعلان لا يكسب حقًا للمحكوم له إلا بعد فوات ميعاد الطعن ومتى كان للمحكوم عليه أن يطعن قبل انتهاء الميعاد فحق الطعن أي حق المحكوم عليه سابق دائمًا لحق المحكوم له فإن صح أن هناك حقًا مكتسبًا فهو حق الطعن الذي للمحكوم عليه، وبذلك تنهدم النظرية التي تقوم بها النيابة من أساسها ويكون الدفع واجب الرفض لهذا السبب.
الطاعنون هم أصحاب الحق المكتسب
إن المرسوم رقم (68) لسنة 1931 خلق حق الطعن بطريق النقض وه وحق لمن صدر ضده الحكم قيد نشوئه بمواعيد مخصوصة ذكرها في المدة 14 منه، وهذه المواعيد لا تسقط إلا بمضي ثلاثين يومًا من إعلان الحكم والحكم المطعون فيه صدر في 23 إبريل سنة 1931 وبعد صدوره بتسعة أيام صدر قانون النقض ونشر بعد ذلك بيومين أي بعد أحد عشر يومًا وبذلك أوجد حق الطعن للطاعنين لصدوره قبل فوات الثلاثين يومًا ليس فقط من تاريخ إعلان الحكم (وهو لم يعلن لغاية الآن) بل من تاريخ صدور الحكم، وبذلك خلق حقًا مكتسبًا للطاعنين في الطعن لأنه منع أن يحوز الحكم المطعون فيه صفة الحكم الانتهائي الواجب التنفيذ بإيجاد حق الطعن فيه بطريق النقض فهو حرم المحكوم له من التمكن من جعل الحكم حقًا مكتسبًا باشتراطه لذلك أن يمضي ثلاثون يومًا على إعلان الحكم وفي الوقت نفسه قرر حقًا مكتسبًا للمحكوم عليه بالتظلم من الحكم بطريق النقض.
وبعبارة أخرى إذا صح أن يكون ثمة حق مكتسب فهو حق المحكوم عليه في التظلم بالطعن بطريق النقض لأن المحكوم له أصبح من المستحيل بحكم قانون النقض ركيز حقه وإزالة صفة النزاع عنه وعلى العكس أصبح الآن لا ريبة في أن لكل محكوم ضده حق الطعن (بالشروط الواردة في المرسوم) في الحكم المدني بطريق النقض.
ومتى كان صاحب الحق المكتسب هو مقدم النقض كان دفع النيابة بعدم جواز الطعن قلبًا للأوضاع وإنكار الحق مكتسب وهي باعترافها بتقديمها الدفع المذكور تسلم بتفضيل صاحب الحق المكتسب على من عداه وهذا معناه أن مقدمي الطعن محقون فيه من الوجهة الشكلية وبذلك يكون الدفع بعدم جواز الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
تصادم رأي النيابة مع التفسير المنطقي للمادة (14)
تنص المادة الرابعة عشرة من قانون النقض على أن ميعاد الطعن بطريق النقض ثلاثون يومًا من تاريخ إعلان الحكم الحضوري أو (إعلان) الحكم الغيابي الصادر في المعارضة أو من التاريخ الذي تصبح فيه المعارضة غير مقبولة فيما يختص بالأحكام الغيابية.
ومن هذا النص نخرج بأن الطعن بطريق النقض جائز في الأحكام الآتية:
1 – الأحكام التي لم تعلن من المحكوم له إلى المحكوم عليه على يد محضر.
وهذا بصرف النظر عن تاريخ صدورها لأن ميعاد النقض مفتوح بالنسبة لها ومدته تمتد إلى ثلاثين يومًا بعد إعلانها.
2 – الأحكام الحضورية التي أعلنت قبل العمل بقانون النقض ولم يمضِ عليها وقت نشره في 4 مايو ثلاثون يومًا.
3 – الأحكام الغيابية الصادرة في المعارضة والتي لم يمضِ على إعلانها ثلاثون يومًا وقت نشر قانون النقض.
4 – الأحكام الغيابية التي أصبحت المعارضة فيها غير مقبولة والتي لم يمضِ عليها إلى وقت نشر قانون النقض ثلاثون يومًا من التاريخ الذي أصبحت فيه المعارضة غير مقبولة والمعارضة لا تكون مقبولة في حالتين:
الأولى: حالة رضاء المحكوم عليه بالحكم الصادر ضده وميعاد الطعن في هذه الحالة يبتدئ من تاريخ صدور الرضا (المادة 331/ 376 مرافعات).
الثانية: حالة عدم رضاء المحكوم عليه بالحكم الصادر حتى يعلم بتنفيذه.
ويعتبر المحكوم عليه غيابيًا عالمًا بالتنفيذ بعد مضي أربع وعشرين ساعة من وقت وصول ورقة متعلقة بالتنفيذ إلى شخصه أو لمحله الأصلي أو وصول ورقة مذكور فيها حصول شيء من التنفيذ والتنفيذ للأحكام الغيابية التي من هذا النوع لا يجوز حصوله إلا بعد إعلانها بثمانية أيام (ما لم يكن التنفيذ المؤقت مذكورًا في الحكم) المادة (330/ 375) مرافعات.
هذه هي الأحكام التي يجوز رفع النقض عنها بحسب القانون الجديد فصلناها على الوجه السابق عن طريق الأخذ بطريق الضد par argument à contrario وهو استنتاج يؤيده الإجماع تشريعًا وقضاءً وفقهًا فيما يختص بقواعد احتساب مواعيد الطعن بطريق المعارضة أو الاستئناف.
وأنه لمن حسن التوفيق أن لا نجد في الأحكام ولا في آراء الشراح رأيًا يقول على خلاف القواعد السالفة وأن يكون هذا رأي الجمعية العمومية لمحكمة النقض في قرارها الصادر في 20 مايو سنة 1921 إذ نصت على أن كل هذه الأحكام يقبل فيها الطعن طبعًا وأن يكون هذا الرأي هو الذي يمتنع معه حصول التنافر بين المادتين (14)، (47) من قانون النقض.
وأن رأيًا آخر لا يمكن التسليم بصحته لما فيه من خروج على قواعد التفسير التي تقضي بأنه يجب تفسير نصوص الشارع بما يمنع من حمل عمله على العبث وما يقضي بأعمال النصوص لا إبطالها.
ومقتضى ما تقدم أن العبرة في تركيز حقوق طرفي الخصومة من حيث جواز الطعن من عدمه هي دائمًا بإعلان الحكم لا بتاريخ صدوره كما تدعي النيابة وإلا تحتم إلغاء مفعول الفقرة الأولى من المادة (47)، وإلغاء المادة (14) من القانون بالنسبة لجميع الأحكام الصادرة قبل 19 مايو سنة 1921 لأنه لم يكن معمولاً به على رأيها إلا من التاريخ المذكور وهي النتيجة المنطقية لنظرية النيابة في الدفع وما نظنها تسلم بها عن طيب خاطر.
لذلك وجب تفسير المادة (53) من القانون على أنها خاصة بجلوس دوائر محكمة النقض وتشكيلها والإجراءات الداخلية لمحكمة النقض وبذلك يمكن إعمال كل المواد (14)، (47)، (52) في وقت واحد من غير إلغاء أو تنافر.
وإذا رجعنا إلى الحكم المطعون فيه نجده يدخل تحت النوع الأول من الأحكام الجائز للطعن فيها لأنه صدر في يوم 22 إبريل سنة 1931 ولم تعلنه المطعون ضدها على يد محضر إلى الطاعنين لغاية الآن وبذلك كان من الأحكام الممتد ميعاد رفع الطعن فيها لغاية الآن لأن ميعاد الثلاثين يومًا لم يستنفد منه شيء ولهذا يكون الدفع في غير محله وواجب الرفض.
التناقض الذي يؤدي إليه الأخذ برأي النيابة
وأخيرًا تقول النيابة إن نص الفقرة الأولى من المادة (47) من المرسوم إنما وضع لمد ميعاد رفع النقض في الأحكام التي تصدر بعد تاريخ العمل به وقصد به التخفيف على المحامين بإلغاء مفعول المادة (15) مؤقتًا.
ولكن نص الفقرة المذكورة والنص الوارد في قرار الجمعية العمومية لمحكمة النقض الصادر في 20 مايو سنة 1921 هو (إنما المقصود هو الطعون في الأحكام التي لم يمضِ عليها ميعاد المادة (14) وقت نشر القانون)، وهذا النص لم يرد فيه إشارة إلى ميعاد العمل بالقانون أصلاً كما أن الأحكام التي لم يمضِ عليها ميعاد المادة (14) هي أحكام صدرت وأعلنت في ظرف الثلاثين يومًا… إلخ قبل النشر والنشر تالٍ لصدور القانون بيومين فقط فهي أحكام صدرت قطعًا قبل صدور القانون ومتى كان الأمر كذلك كان قول النيابة أن المقصود هو مجرد إباحة رفع الطعن للمحامين عن هذه القضايا تفسير لا يستقيم مع قولها بعدم جواز تقديم الطعن في هذه القضايا وتناقض منها مع نفسها وتأويل للنصوص بغير ما تحتمل وبما فيها إبطالها وهذا على خلاف الأصل المسلم به من ضرورة تفسير نصوص الشارع بما فيه إعمالها لا إبطالها ومن ثم فالدفع واجب الرفض لهذا السبب.
(3)
ملخص بحث الأستاذ زكي عريبي
أساس البحث فيما نحن بصدده ما يسميه الشراح (نظرية تحديد آجال القوانين) أو (تنازع قديمها وحديثها) كيف يجب أن يحدد مدى سريان قانون صدر ثم طوى فحل محله قانون آخر، أيقتصر العمل بأحكام القانون الجديد على ما يقع بعد تاريخ نفاذه أم تنسحب تلك الأحكام على الماضي فتؤثر في حالات نشأت قبل أن يخلق ؟ ومن الناحية الأخرى هل تزول آثار القانون القديم بزوال دولته أو يمتد الزمن بأحكامه فتسيطر على حالات قامت عقب اندثاره ؟
رب قائل يقول: ألم يفض الشارع الفرنساوي المشكل منذ عهد الثورة فقالت المادة (2) من القانون المدني ما نقلته المادة (27) من دستورنا حرفًا بحرف (لا تجري أحكام القوانين إلا ما على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبله) أو يوجد نص أوضح من هذا حكمًا وأسهل تطبيقًا ؟
ولعل في هذا الكلام البسيط فصل الخطاب، وقد قاله بالفعل أمام الفقهاء في هذا العصر ونبراس الباحثين العلامة بلانيول مع تفصيل وقيود ستتبينها فيما يلي من الكلام وأخذه عنه العلامة ديجوي مع اختلاف قليل في التحليل والتعليل فانيرت جوانب المعضلة ودخلت في طريق الحل النهائي، ولكن القدماء من الشراح أمثال ديمولب وأوبري ورو لم يفهموا المسألة على هذا الوجه الطبيعي بل رأوا حالات خيل إليهم أن أحكام القانون تنسحب فيها على الماضي ويقر الفقه والقضاء هذا الانسحاب فراحوا يتلمسون عذرًا لهذا الخروج على الأصل المقرر في المادة (2) فلم يجدوا غير تلك القاعدة الزائفة قاعدة (الحق المكتسب) فقالوا إن بها وبها وحدها تعرف الحالات التي تسري فيها القوانين أو لا تسري على الماضي.
بل لقد ذهب أوبري ورو إلى أبعد من هذا فقالا إن الأصل هو رجعية القوانين، وفسرا هذا المذهب بأن الشارع إنما يغير في التشريع لمصلحة المجموع، ومصلحة المجموع أحق بالمراعاة من مصلحة الفرد فالقوانين الجديدة أيًا كانت يجب أن ينسحب أثرها على الماضي إلا أن يؤذي هذا الانسحاب حقًا مكتسبًا لأحد الناس.
وبقي على أصحاب هذا الرأي أن يجدوا تعريفًا لهذا الذي سموه حقًا مكتسبًا فذهبوا في ذلك مذاهب مختلفة أشهرها المذهب القائل بأن الحق المكتسب هو الحق الذي يزيد به صاحبه زيادة يمكن تقويمها وغير المكتسب ما لا يخرج فيه الأمر عن حد الأمل وقد بدت عورات هذا المذهب منذ نشأته، فالتفريق بين الحق المكتسب وغير المكتسب كان تفريقًا صناعيًا لا يرتكن على أساس قانوني صحيح، ولهذا اشتد الخلاف بين الشراح فيما يعتبر من هذا النوع أو ذاك، وظهرت أحوال عديدة اختل فيها المقياس الموضوع فاضطروا إلى الترقيع هنا وهناك، ومع هذا فقد بقيت نظرية الحق المكتسب نظرية محترمة معمولاً بها خلال الجزء الأكبر من القرن الماضي يتناقلها الفقهاء ويتردد صداها حتى في أحكام محكمة النقض بل ليأخذك العجب أن تراجع اليوم بعض الأحكام الفرنسية الحديثة فتجد (الحق المكتسب) مستويًا على عرشه لم تؤثر فيه أعاصير الآراء الصحيحة الحديثة ولا نالت منه منالاً.
ولهذا سوف لا نهمل في بحثنا هذا أمر هذه النظرية العتيقة الوقورة.
أول من نادى بفساد نظرية الحق المكتسب فاراي سوميير Vareilles Sommières في مقال نشر له سنة 1893 ونوه عنه العلامة بلانيول في حاشية 94 من الجزء الأول من كتابه، ثم تناولها هذا الأخير بالنقد فقال إنها نظرية عتيقة لا فائدة فيها من الوجهة العملية، فقد ابتدعت لتكون أداة معرفة الأحوال التي ينسحب فيها أثر القانون على الماضي فإذا بأصحابها يستعينون بالواقع عليها ويقولون بوجود الحق المكتسب أو عدم وجوده حسبما يكون الانسحاب أو لا يكون وإذا بهم يناقضون أنفسهم عند كل خطوة فيضعون الحق المكتسب محل مجرد الأمل أو للعكس حسب مقتضيات الضرورة، وقد ساقتهم هذه الضرورة في كثير من الأحوال إلى إدخال تعديلات على تعريف الحق المكتسب الأصلي مما زاد الأمر تعقيدًا وجعل من النظرية كلها فوضى لا أول لها ولا آخر (بلانيول جزء 1 صحيفة 94 فقرة 241 و242).
ولكن الفقيه العظيم لم يكتفِ بهدم القديم شأن الكثيرين من النقاد، بل استعاض عن الفاسد بعد محوه رأيًا سليمًا أساسه النظر العلمي الصحيح، وإنا لنتعمد أول ما نتعمد على هذا الرأي لإظهار ما انطوى عليه مذهب النيابة من خطأ أصيل فاسمع ما يقوله شيخ الفقهاء وسيد الباحثين غير منازع.
En quoi consiste la retroactivité. La formule à la quelle il convient de s’arrêter est celle ci: la loi est retroactive quand elle revient sur le passé soit pour apprecier les conditions de legalite d’un acte, soit pour modifier ou supprimer les effets d’un droit deja realisés. Hors de la il n’y a pas de retroactivite, et la loi peut modifier les effets futurs de faits ou d’actes même anterieurs sans âtre retroactive.
حل الإشكال بهذا البيان السهل الموجز، ليس ثمة رجعية إلا أن نرجع بالقانون القهقهري فنقيس به شروط صحة عقد سابق أو نتوسل به إلى محو أو تغيير آثار حق تمت واستقرت قبل صدوره، أما في غير هاتين الحالتين فعبث أن نتحدث عن رجعية القوانين لأنه لا يوجد حينئذٍ إلا حالات قانونية etat de droit مشتقة من القانون رأسًا طويلة الأجل بطبعها قد تمتد الحياة بطولها وقد يتوارثها الخلف عن السلف وهي بحكم اشتقاقها من القانون يجب أن تتبع تطوراته فتزول إذا ما زال وتتغير إذا ما تغير، ولنترك التفسير لصاحبه فهو به أولى
Lorsqu’un etat de droit ancien se trouve modifie par la loi nouvelle, est – ce un cas de retroactivite ? On le croit et on le repéte dans l’opinion commune, mais c’est une erreur. Une loi nouvelle peut modifier un etat de droit resultant de faits anterieures, si elle le regit pour l’avenir seulment et à compter de sa promulgation, il n’y a dans son application aucun effete retroactif. Le temps auquel on l’applique ainsi est son domaine propre; elle le gouverne tout naturellement par le seul effet de sa mise en vigueur. On a donc pu dire avec beaucoup de raison, et contrairement a l’opinion tradionnelle, que les lois qui ont aboli les droits féodaux, rendu rachetable les anciennes rentes fonciéres, supprimé l’esclavage des noirs, n’étaient pas des lois retroactives En effet le legislateur ne nous garntit nullement l’exercice indefini dans l’avenir de nos droits actuels, ces droits n’existent et ne durent qu’ autant que la loi qui les regit et qui les permet ils doivent subit l’effet de tout changement de legislation. Quand la loi a aboli l’esclavage ou la feodalite, l’affranchissement de l’homme ou de la terre n’a été prononcé que pour l’avenir, à compter de la promulgation de la loi nouvelle; ces lois ont mis fin a un etat juridique cré anterieurement et susceptible de se prolonger indefiniment; elles ont reglé ce qui etait l’avenir au moment de leur apparition et ceci est toute autre chose que la retroactivité.
(Planiol Tome I page 98)
ثم انتقل العلامة من التعميم إلى التخصيص فكاد أن يمس موضع الداء
C’est pour cela que les lois qui determinenet la competence et la procedure s’appliquent à tous les procès, a partir de leur promulgation, mème a ceux qui porteraient sur des faits ou sur des actes da date antérieure. Elles s’appliquent même aux proces en cours’ et c’est ce qui a permis au ministère Dupuy de faire voter, en fevrier 1899, une loi que dessaisissait la chambre criminelle de la Cour de Cassation du jugement rendre sur l’affaire Dreyfus, pour donner competence a cette Cour jugeant toutes chambres reunies.
والآن وقبل أن ننتقل بك إلى غير بلانيول من الشراح الذين سلكوا طريقه في التحليل العلمي نحب أن تلقى معنا نظرة على نقطة البحث في ضوء هذه القواعد، رجل رفعت عليه دعوى فقضى برفضها ابتدائيًا فاستأنف المدعي فقضى بتأييد الحكم وتم هذا كله في ظل التشريع القديم الذي لم يكن يبيح الطعن بطريق النقض، ما هو موقف الخصم المحكوم له إذا ما صدر قانون يبيح للخصم المحكوم عليه أن يلج هذا الباب ؟ أهو متعاقد يراد إخضاع عقده لما كان غير خاضع له قبلاً من شروط الصحة ؟ أهو صاحب حق شخصي أنتج آثارًا نمت في ظل القانون القديم ويراد بتطبيق أحكام القانون الجديد محوها أو تغييرها ؟ لا هذا ولا ذاك بل الرجل في مركز ليس للإرادة دخل فيه من حيث ترتيب الحقوق… أنه في الحالة التي يسميها بلانيول étate de droit والقانون الجديد بسماحة لخصمه بتقديم النقض لا يمس إلا أثرًا راهنًا لهذه الحالة التي لم يضمن الشارع بقاءها على وجه الدوام والاستقرار، إننا نجعل قانون النقض الجديد رجعيًا حقيقة إذا قلنا بقبول طعن قدم قبل صدوره وفي وقت كانت سبل النقض مسددة في وجه طالبيه، ولكن أين الرجعية التي تتحدث عنها النيابة ونحن لا نطلب إلا قبول طعن قدمناه بعد صدور القانون الجديد أي في ظل تشريع يقضي بقبول النقض، إن النيابة بطلبها عدم قبول النقض لا تدافع عن المبدأ القاضي بعدم الرجعية إذ ليس هنا محل تطبيقه، وإنما هي تطلب أن ينسحب ظل الماضي على المستقبل وأن يمتد الزمن بالمنع القديم فتمحوا آيته آية المنح الحديث.
بل خذ الحالة العكسية يزداد أمامك الأمر وضوحًا، قاضيت رجلاً بطلب تعويض فقضى ضدي ابتدائيًا واستئنافيًا في ظل قانون يبيح الطعن بطريق النقض في ظرف ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان الحكم النهائي، وسكت سكت خصمي بعد صدور الحكم الاستئنافي أربعة عشر عامًا لا هو أعلنني بالحكم ولا أنا رفعت نقضًا عنه، ثم رأى الشارع بعد أن مضى هذا الوقت الطويل على الفصل في قضيتي أن يمنع الطعن بطريق النقض، أيجوز بعد أن أصبح طريق النقض مسدودًا أمامي بهذا التشريع الجديد أن أرفع نقضًا عن الحكم الذي خسرت به الدعوى منذ أربعة عشر عامًا بحجة أن القانون الذي كان معمولاً به وقت صدور هذا الحكم كان يبيح لي الطعن بطريق النقض، لتتدبر النيابة هذه الحالة ولتقل أكانت تقول بقبول النقض لو كنا فيها ؟ لا طبعًا. ولماذا ؟ أليس لأن حق النقض مستمد من القانون رأسًا فيكون للخصم أو لا يكون حسب حالة التشريع وقت رفع النقض Tempus regit actum كما يقول بلانيول في كلا الحالتين ففيم التحدث عن الرجعية ولنعرج الآن على العلامة ديجوي.
يشترك ديجوي مع بلانيول في الحملة على فكرة الحق المكتسب ويصفها بأنها فكرة زائفة لا تقدم ولا تؤخر في تفسير قاعدة (الرجعية) بل على العكس تعقدها على غير مقتضٍ وهو يستعيض عن هذه الفكرة العقيمة بمقياس آخر يتفق مع مقياس بلانيول في جوهره وإن اختلف عنه في مظهره وفي طرق التدليل على صحته وإليك محصل نظريته القويمة.
الإنسان في عرف ديجوي لا يخرج عن أن يكون في إحدى حالتين: حالة قانونية عمومية situation de droit objective، وحالة قانونية شخصية أو فردية situation de droit subjectiv حقوقه في الأولى مشتقة من القانون رأسًا وهي حقوق الناس جميعًا، فتتغير بتغير القانون الذي خلقها ولا معنى للكلام على الرجعية بالنسبة إليها، وحقوقه في الثانية حقوق خصوصية لا يشترك فيها سواه وهي مستمدة من عقد عقده في ظل قانون معين فلا يستطيع القانون الجديد أن ينال منها إلا أن يكون رجعيًا
Les nombreuses difficultés que l’on signale ne se seraient certainement pas êlevées si, d’une part, on, avait compris que la loi s’applique aux manifestations individuelle de volonte et si, d’autre par on avait apercu les situtations legales ou situations objectives derivant directement de la loi, alors même qu’elles naissent à la suite d’un acte de volonté qui est alors la condition et non la cause efficiente de leur formation. Ces situation legales. Situations permanentes derivant de la loi, suivent toutes les transformations de la loi nouvelle modifie une situation legale née antérieurement sans produire pour cela un effet retroactif.
La regle est tout simplement celle ci: toute manifestation individuelle de volonte est toujours, quant a sa legalite et à sa validite, regie par la loi en vigueur au moment ou elle s’est produite, quelles que soient les mofifications apportees posterieurement a la loi. Comme le dit Planiol on pourrait formuler la regle (Tempus regit actum) Par application de cette règle, tout acte permis par la loi en vigueur au moment ou il a été fait, reste licite.
إلى أن قال وهو بيت القصيد:
Si la loi ne peut pas s’appliquer aux menifestations de volonté individuelles anterieures à sa promulgation’ elle s’applique, au contraire, aux situations légales existant au moment de sa promulgation. On a dit precédement la raison. On reconnait la situation légale à ce qu’elle est une situation générale et permanente; elle est une situation de droit objectif. La situation de droit objectif sera modifiée par la loi, alors même qu’elle est née à la suite d’un act juridique regulier d’après la loi en vigeur au moment ou il a été fait. On ne peut pas dire que la loi, en s’appliquant à la situation légale déja née soit retroactive, s’applique à un acte juridique antérieur à elle et en modifie les effets. On la’ dit déja a plusieures reprises; la situation légale n’est pas un effet de cet acte; elle dérive directement de la loi; la declaration de volonté, même contractuelle, n’a été que la condition de l’application de la loi à telle ou telle personne; et la loi nouvelle modifie seulement cette situation,. Par là beaucoup des difficultés sont écartées.
إلى أن قال مكررًا التنبيه على هذه الحقائق:
La situation légale crée directement par la loi peut toujours être mofifiée par une loi nouvelle. En cela, il n’y a point d’effet retroactif Il en est de même evidemment quand la situation legale, au lieu de naitre directement de la loi prend naissance aprés qu’un acte juridique a été accompli. Elle n’en reste pas moins une situation légale. Elle peut êre modifiée par la loi nouvelle sans qu’on puisse dire que celle ci ait un effet retroactif. L’act qui a été accompli n’est pas touché par la loi nouvelle, mais seulement la situation legale qui lui est consécutive. Né de la loi et non de l’act elle suit toujours les modifications de la loi, Si on avait compris cela. On aurait évité bien de controverses.
(Duguit Tome 11 p. 202, 205)
وفي الحق أن النيابة لم تقف على الحقيقة التي يتشدد فيها ديجوي هذا التشدد عندما قالت في صدر مذكرتها (ومن المبادئ الثابتة أن يتبع في رفع النقض القانون الذي كان جاريًا العمل به عند صدور الحكم لا القانون الذي كان جاريًا العمل بمقتضاه عند إعلان الحكم إذ أن حق النقض متولد عن هذا الحكم وخاضع لأحكام القانون الذي صدر بمقتضاه هذا الحكم).
كلا فليس حق النقض بوليد الحكم ولا هو بوليد الدعوى التي أدت إلى صدور الحكم بل هو وليد القانون، وما الدعوى وما الحكم لموضوعي الذي انتهت به إلى الظروف التي هيأت للخصمين أن يقفا الموقف الذي يسميه بلانيول etat de droit ويسميه ديجوي situation de droit objectif وهذا الموقف كما قلنا غير مرة يتبع سير القانون الذي هو وليده فتارة يجوز فيه للخصوم رفع النقض وتارة لا يجوز حسب حالة التشريع عند سلوك هذا الطريق.
بل أن في القول بتطبيق غير القانون الذي تقدم النقض في عهده قلب لقاعدة اللارجعية التي شمرت النيابة للدفاع عنها، فرفعوا النقض في القضايا المدفوع فيها بعدم القبول ليسوا إلا أشخاصًا امتدت بهم الحالة القانونية etat de droit التي وجدوا أنفسهم فيها عقب صدور الأحكام الاستئنافية حتى أدركهم عهد القانون الجديد فاستعملوا في ظله الحق الممنوح لهم بمقتضاه، وهم في استعمالهم لهذا الحق إنما يطلبون تطبيق أحكام قانون موجود معمول به على حالة راهنة، أما النيابة فليست تطلب في الواقع بعدم قبول النقض سوى بعث أحكام عهد مضى وانقضى لكي تلقى ظلها العافي على أحوال جديدة.
وفي الأمثلة التي ساقها العلامة ديجوي تطبيقًا لمبادئه السليمة سابقة الذكر ما يزيل كل لبس.
خذ القوانين الخاصة بالجنسية مثلاً أول، أجنبي عن فرنسا تجنس بالجنسية الفرنسية ومضى على تجنسه أعوام ثم أصدرت حكومة الجمهورية قانونًا معدلاً لقانون الجنسية الذي حصل به ذلك الأجنبي على فرنسيته، ألة أن يعترض على تطبيق القانون الجديد بحجة أنه يفقده حقوقًا كانت له عندما حصل على الجنسية الفرنسية منذ سنوات، ابحث ما شئت فلن تجد بين الشراح من يأخذ بيد هذا المعترض.
وفي مسائل الأهلية والأحوال الشخصية أمثلة أخرى جديرة بالاعتبار – فالقانون الذي يعدل في سن البلوغ أو غير ذلك من شروط الأهلية يسري على جميع من ولدوا قبل صدوره
L’état et la capacité constituent une situation lcgale que la loi peut tout instant modifier; peu importe qu’elle dérive directement de la loi ou qu’elle naisse pour une personne déterminée a la suite d’un acte qui la conditionne, comme par exemple le mariage, le contrat de mariage, la reconnaissance ou la légitimation d’un enfant naturel.
(Duguit Tome II p. 208)
والمرأة التي عقد نكاحها في ظل قانون يحرم الطلاق يصبح لزوجها حق تطليقها إذا ما صدر قانون جديد يبيح الطلاق وقضت محكمة النقض الفرنسية بأن دعوى إثبات النسب التي كانت ممنوعة قبل سنة 1912 يمكن توجيههًا بعد أن أجازها القانون الصادر في تلك السنة إلى آباء من ولدوا قبل ذلك التاريخ، وقد أقر ديجوي هذه الأحكام وإن كان قد لاحظ عليها اعتمادها على نظرية الحق المكتسب الزائفة في نظره (ديجوي جزء 2 صحيفة 209).
وقضاء محكمة النقض هذا خليق بتدبر النيابة، فإنه إن كان في غير استطاعة الوالد الذي أجرم في ظل قانون يحميه من ملاحقة ابنه الطبيعي له أن يتمسك بهذه الحماية بعد زوالها فكم هو ضعيف من ناحية الحق المكتسب مركز الخصم الذي يقول بعد إنشاء محكمة النقض لقد قاضيت خصمي معتمدًا على مخالفة تقع للقانون أو خطأ يرتكب في تطبيقه أو وجه بطلان يعتور الحكم فلا يحق لأحد أن يسلبني هذا الحق المكتسب.
بل أروع من هذا كله حالة سيد يشتري عبدًا في ظل قانون يبيح الاتجار بالعبيد ثم يجد نفسه صفر اليدين من ماله بعد صدور قانون يُحرم الرق، لم يقل قائل مع هذا أن الحق المكتسب يقف حائلاً دون تحرير العبد.
ولم يساور ديجوي شك فيما يختص بمسائل الاختصاص وهي أقرب شيء إلى ما نحن بصدده قال:
Pour la compétence, la chose est évidente. La loi qui modifie la compétence d’un fonctionnaire ou d’un tribunal s’applique à tous les fonctionnaires et à tous les tribunaux et s’applique meme quand l’agent public intervient a l’occasion d’actes qui se sont accomplis anterieurement a la loi nouvelle. La competence de tel tribuanal n’est point l’effet de l’acte juridique ou du fait a l’occasion dugnel s’exerce cette compétence. La compétence des tribunaux est, au premier chef, une situation légale qui peut a tout instant, être modifie par la loi, sans que la loi ait ponr cela un effet
retroactif.
(Duguit Tome 11 p. 212)
ولنفِ الآن بما وعدنا فننازل النيابة في ميدان الحق المكتسب ذاته.
العلامتان بودري وفورساد Baudr et Houques Fourcade الوحيدان بين الشراح العصريين اللذان انتصرا لنظرية الحق المكتسب وقاما يدفعان عنها حملة بلانيول وديجوي المكتسحة، ومع هذا فهما لم يستطيعا الدفاع عنها كما قال بها المتقدمون أمثال أوبري ورو وديمولومب بل بدا بتغيير تعريف الحق المكتسب تغييرًا أساسيًا فقالا إن حقًا مكتسبًا لا يوجد إلا بعمل إيجابي يقوم به إنسان تنفيذًا لخيار قانوني معين
Selon nous, par dtoit acquis il faut entendre les facultés légales regulièrement exercees, et par expectatives ou interêts celles qui ne l’etaient pas encore au moment du changement de legislation qui survient.
ومضى يفسر رأيه هذا فقال:
Sous le nom de droits, la loi nous reconnait des aptitudes, nous ouvre des facultés, don’t elle nous laisse géneralement libres d’user ou de ne pas user. Tant que nous n’avons pas utilisé l’une de ces aptitudes. Nous avons un droit, si l’on veut, en ce sens seulement que nous sommes aptes a acquerir, selon des modes determines; mais ce droit ne nous est acquis que lorsque nous avons eu recours à ces modes et que notre aptitude s’est, en fiat, manifestee par l’acte necessaire pour son utilisation, L’exercice de la faculté legale, qui s’est en quelque sorte materialisée dans cet acte, traduite extérieurement par lui est constitutif du droit acquis. Et ce droit nous appartient desormais a ce point qu’une loi nouvelle ne peut pas nous le ravir sans être empriente de retroactivité. Ce qui se comprend bien: car la loi se detruirait ainsi elle même, en detruisant l’oeuvre qu’elle a permise dans le passé au grand prejudice de son autorite personnelle d’abord, et des interèts de ceux qu’elle regit…. Qu’elle supprime restreigne ou modifie les facultés accordees autrefois et don’t il n’a pas encore ete usé rien de mieux au contraire, car elle ne lese personne en s’ameliorant elle même: elle ferme, ressere ou rectifie une voie qui etait jusque la restèe ouverte, mais oû, par hypothese, les interessés ou du moins certains d’entre eux ne s’etaient pas encore engages.
(Baudry Lac 1 page 107).
وهذا الكلام لا يفرق شيئًا عن النظرية العلمية الحديثة كما قال بها بلانيول وديجوي أو هو على الأقل يؤدي إلى عين النتائج التي قالوا بها فالأول لا يفهم الرجعية إلا أن يراد بالقانون الجديد محو أو تغيير أمور تمت واستقرت نتيجة استعمال حق معين والثاني يحصرها في حالة المساس بالأحوال القانونية الشخصية situation de droit subjectif وهي حالات لا يخرج فيها الأمر عما تقدم، إذن فبودري وفورساد لم يفعلا أكثر من تأييد النظرية الحديثة وقد أحسا هما نفساهما بذلك فقالا في حاشية الصحيفة 107
Ces idées nous paraissent se rapprocher beaucoup de celles qu’a si remarquablement developees M. Duguit.
وقد وصلا بالفعل إلى مثل ما وصل إليه بلانيول وديجوي فيما يختص بالأنظمة القضائية وأحوال الاختصاص قالا في صحيفة 145
Lois relatives a l’organisation judiciaire, a la comptence, à la procedure et aux voies d’execution.
En principe, toutes ces lois sont immédiatement applicables, même aux contesations qui ont pour objet des faits anterieurs a leur publication. On ne peut pas dire, effectivement que les parties aient un droit acquis a l’application de la loi ancienne même avant qu’elles aient saisi un jurdiction de leur litige; tout au plus ontelles pu concevoir a cet egard une simple esperance qu’une loi nouvelle lêur ravit.
(الأستاذ عباس فضلي)