دراسات قانونية

بحث قانوني مفصل حول الحماية الجنائية للبيانات المعلوماتية المتعلقة بالحق في الحياة الخاصة

الحماية الجنائية للبيانات المعلوماتية ذات الصلة بالحق في الحياة الخاصة

إن الحق في الحياة الخاصة للإنسان مرتبط بحقه في حريته، وما يترتب على ذلك من احترام لآدميته وصون لكرامته، فالحياة الخاصة للمرء تأبى أي قيد يرد على حريته لجسمه ونفسه في الكون المحيط به، فلا يتطفل عليه متطفل فيما يود الاحتفاظ به لنفسه، ولا تنتهك أسراره أو محادثاته، وكل ما يريد إحاطته من أمور حياته بهالة من السر والكتمان.

وقد عبر الفقيه Alan F. Westia وبحق، عن الرابطة بين حياة الشخص الخاصة وحريته في الوقت الحاضر، بقوله إن الخصوصية هي قلب الحرية في الدولة الحديثة.

فالحق في الحياة الخاصة عميق الجذور من الناحية التاريخية، فقد أقرت الكتب السماوية حماية الشخص من أن يكون مراقبا، كما اعترفت الشرائع اليونانية والصينية القديمة بحق الفرد في الحياة الخاصة.

أما بالنسبة للتشريعات الحديثة، فإن قوانين الدول الغربية أقرت جوانب من حماية الحياة الخاصة منذ عدة قرون. ومع مرور الوقت طورت العديد من هذه الدول حماية متقدمة للحق في الحياة الخاصة، كما تم الاعتراف به في العصر الحديث من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية، وكذلك دساتير الدول حديثة العهد.

وتطور الحق في الخصوصية وحماية البيانات في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي نتيجة للتأثر بتقنية المعلومات، وبسبب القوى الرقابية المحتملة لأنظمة الحواسيب الآلية التي استوجبت وضع قواعد معينة تحكم جمع ومعالجة البيانات الخاصة. وفي هذا المجال تم أول معالجة تشريعية في ميدان حماية البيانات في عام 1970 في “هيس” بألمانيا Land of Hesse in Germany قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الأوربية.

لمناقشة موضوع الحماية الجنائية للبيانات المعلوماتية ذات الصلة بالحياة الخاصة للأفراد، ومحاولة للإحاطة به وتوضيحه أكثر ارتأينا تقسيمه إلى فرعين:

الفرع الأول: حماية الحياة الخاصة خارج إطار المعلوماتية
الفرع الثاني: حماية الحياة الخاصة في إطار المعلوماتية

الفرع الأول: حماية الحياة الخاصة خارج إطار المعلوماتية

يعتبر الحق في الحياة الخاصة من الأسس المتينة لبنيان كل مجتمع سليم، وهو من الحقوق الذي سبق وجوده وجود الدولة ذاتها، لذا حظيت باهتمام بالغ منذ القدم، حيث تم الاعتراف بالحق في الحياة الخاصة أو ببعض مظاهره ومكوناته في القوانين الطبيعية، وفي الكتب السماوية، وكذلك في الدساتير والقوانين الوضعية.

ومحاولة للإحاطة بمنطق هذا الاهتمام وهذه الحماية للحق في الحياة الخاصة للأشخاص في إطارها المادي نقسم الموضوع إلى مبحثين:

المبحث الأول: مفهوم الحق في الحياة الخاصة وبيان طبيعته وتحديد نطاقه
المبحث الثاني: إقرار الحق في الحياة الخاصة لدى مختلف القوانين

المبحث الأول: مفهوم الحق في الحياة الخاصة، وبيان طبيعته، وتحديد نطاقه

إن مبدأ الحق في الحياة الخاصة، أو الخصوصية أو السرية الشخصية كما يسميها البعض مبدأ من المبادئ التي تكرسها جميع الدساتير في دول العالم وتنص عليها في قوانينها، كما تهتم بها الاتفاقيات الدولية والمواثيق العالمية.

والحق في الحياة الخاصة يحتوي على عدة عناصر مكفولة لأفراد المجتمع، وأي إنقاص فيها يعتبر مساسا بالحق في الحياة الخاصة، ومنها حق التعليم، وحق السكن، وحق المعتقد، والحق في التعبير عن الرأي وغيرها من الحقوق التي تدخل ضمن مكونات الحياة الخاصة ولا يستطيع الإنسان أن يعيش من دونها. فالحق في الحياة الخاصة إذن حقيقة مؤكدة لدى جميع الأفراد والمجتمعات.

وسوف نتطرق في البداية للتعريف بالحق في الحياة الخاصة وتحديد نطاقه (المطلب الأول) وبيان طبيعته القانونية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تعريف الحق في الحياة الخاصة وتحديد نطاقه

يكاد ينعقد الإجماع على صعوبة وضع تعريف دقيق وشامل لمفهوم الحق في الحياة الخاصة، وذلك راجع إلى تبدل هذا المفهوم وتطوره باستمرار تبعا لتبدل المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية وتطورها. وربما يكون من الأسهل تعدد العناصر التي يتكون منها مفهوم الحياة الخاصة في مكان وزمان محددين، فضلا عن أن هذا المفهوم يتبدل ويتغير أيضا بين دولة وأخرى، وبين منطقة وأخرى، وبين مجتمع وآخر.

وسنحاول فيما يلي التعرض لبعض التعريفات الفقهية والقضائية بخصوص الحق في الحياة الخاصة (الفقرة الأولى) وعلى تحديد نطاقه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف الحق في الحياة الخاصة

يتعذر إيجاد تصور عالمي موحد للحق في الحياة الخاصة، مع ذلك لم يمنع نشوء العديد من التعريفات من قبل الفقه والأحكام القضائية.
ففي عام 1890 اعتبر قاضي المحكمة العليا الأمريكية لويس برنديس Louis Brandeis الخصوصية أو الحق في الحياة الخاصة بأنها “الحق في أن يترك الشخص ليكون وحيدا”.

وعرف الفقيه مارتنMichaud Martin الحق في الخصوصية بأنه الحق في الحياة الأسرية والشخصية والداخلية والروحية لشخص عندما يعيش وراء بابه المغلق.

وعرفه الفقيه الفرنسي جان كاربونيي Carbounier Jeanبأنه “حق الفرد في استبعاد الآخرين من نطاق حياته الخاصة، والحق في احترام ذاتيته الشخصية الخاصة”.

واعتبر الفقيه الفرنسي روجي نيرسون Nerson Roger الحق في الحياة الخاصة بأنه حق الشخص بأن يحتفظ بأسرار من المتعذر على العامة معرفتها إلا بإرادته والتي تتعلق بصفة أساسية بحقوقه الشخصية. ويقرر أن الحق في الحياة الخاصة يقع في دائرة الحقوق الشخصية وإن كان لا يشملها كلها.

ونفس الموقف عند Malherbe Jeanحيث يرى وجود تطابق بين الحق في الحياة الخاصة والحقوق الشخصية لأنهما يقران حق الشخص في حماية اسمه وشرفه واعتباره ومراسلاته واتصالاته وحياته المهنية والعائلية، وكل ما له تأثير على حياته الشخصية.

وعرفه الفقيه الأمريكي Codey بأنه حق الفرد في حياة هادئة بلا إزعاج أو قلق.
وأمام صعوبة تحديد مفهوم دقيق للحق في الحياة الخاصة، فضل البعض تعداد العناصر المكونة لها كما عند Malherbe، بينما فضل البعض الآخر الاهتمام بذكر أمثلة لصور الاعتداء على الحياة الخاصة دون أن يعطي تعريفا محددا للخصوصية كما هو الشأن عند الفقيه الأمريكي ميز بروسر Prosserحيث قسم الاعتداء على الحق في الخصوصية إلى أربعة أقسام وهي:

1 ـ التدخل في الحياة الخاصة للفرد، كالتجسس على حياته الخاصة أو التصنت.
2ـ النشر العلني للوقائع الخاصة بالفرد، كنشر صورة زوجته المريضة أو نشر وقائع تتعلق بمركزه المالي، بغض النظر عن وسيلة الحصول على هذه المعلومات.

3ـ الإساءة إلى سمعة الشخص في نظر الجمهور، كاستخدام اسمه على نحو يسيء إلى سمعته دون إذنه.
4 ـ استخدام بعض العناصر الشخصية للفرد بقصد الحصول على كسب مادي مثل الاسم والصورة والصوت، فلا يجوز استخدام صورة شخص في إعلان للدعاية دون الحصول على إذنه.

أما مؤتمر استكهولم لرجال القانون الذي عقد في عام 1967 فقد تبنى تعريفا مقاربا للتعريفات السابقة، إذ عرفه بأنه “الحق في أن يكون الفرد حرا وأن يترك يعيش كما يريد مع أدنى حد للتدخل الخارجي”.

وفي معرض تعليقه على التعريفات المختلفة يقول الدكتور هشام محمد فريد رستم بأن معظم هذه التعريفات تنطلق من وجهة نظر مبدئية تقره الخصوصية بالانسحاب من الوسط أو العالم المحيط، وتربطها من ثم بفكرة الخلوة أو العزلة. ومن هذا القبيل تعريف الخصوصية بأنها وصف أو حالة للعزلة أو النأي عن الملاحظة، وتعريف الحق في الحياة الخاصة بأنه “حق الشخص في أن يترك وشأنه”.

وانعكاسا لفكرة ارتباط الخصوصية بالخلوة عرف آلان وستين Alan Westin الحق في الخصوصية بأنه: “حق الأفراد والجماعات في أن يقرروا لأنفسهم متى وكيف وإلى أي مدى يمكن أن تصل المعلومات عنهم للآخرين” ، مشيرا إلى أنه إذا ما نظرنا إلى هذا الحق في إطار علاقة الفرد بالمشاركة الاجتماعية لأمكن تعريفه بأنه: “انسحاب الفرد، جسمانيا أو نفسيا، انسحابا اختياريا ومؤقتا، من المجتمع عامة سواء لرغبته في أن يعيش في عزلة أم في مجموعة صغيرة خاصة، أم في حالة تحفظ وانغلاق عندما يكون بين مجموعات أكبر، وهذه الرغبة الفردية في الخصوصية ليست -على الإطلاق- مطلقة، إذ تقابلها بصورة متساوية الرغبة في المشاركة في المجتمع”.

وإزاء صعوبة إيجاد تعريف جامع مانع، ومحدد للحق في الحياة الخاصة، دعا البعض إلى ضرورة ترك ذلك للقضاء مع مراعاة الأعراف والقيم الثقافية والدينية والسياسية السائدة في كل مجتمع بما يضمن للفرد احترام ذاتيته، ويحقق له السكينة والأمان بعيدا عن تدخل الآخرين في حياته.
إلا أن القضاء بدوره ـ وإن كان قد وضع نظرية للحق في الحق في الحياة الخاصة ـ إلا أنه تحاشى إعطاء تعريف محدد لهذا الحق، وتعامل مع كل حالة على حدة.

الفقرة الثانية: نطاق الحق في الحياة الخاصة

إذا كان لكل فرد خصوصيات يتعين على المجتمع احترامها وحمايتها، فإن للمجتمع أيضا مصلحة في توجيه سلوك الفرد، ومعرفة المعلومات عنه والتي تكون أساسا لوضع برامج التنمية، أو مدى مطابقة سلوكه للنظام الاجتماعي والقانوني للدولة. من هنا تطرح مسألة نطاق الحق في الحياة الخاصة.

لقد اعترفت معظم الأنظمة القانونية بالحق في الحياة الخاصة، منها التشريع الفرنسي القديم الذي كان قد جرم التعدي على الأمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة كالأمور التي تتعلق بالشرف والاعتبار وحرمة السكن والمراسلات والمحادثات.

والقضاء بدوره وان لم يعتمد على تعريف ذي نطاق محدد فانه اعتبر عموما أنه يدخل في نطاق الحق في الحياة الخاصة للفرد، حالته العائلية، والعاطفية، والجسمانية، والنفسية، والعقلية، والمعتقدات الدينية، والفلسفية، والصحية.

أما القضاء الأمريكي فقد توسع في تفسير نطاق الحق في الخصوصية حيث أخذ بالتقسيم الذي وضعه الفقيه الامريكي Prosser المشار إليه أعلاه.
أما الفقه ـ أمام عجزه عن وضع تعريف جامع مانع للحياة الخاصة ـ حاول وضع قائمة بالحالات أو الأمور التي تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد، وتبنى القضاء الفرنسي ما ذهب إليه جانب من هذا الفقه. وكأثر لجدل قضائي وفقهي تم سن تشريع خاص بحماية جمع ومعالجة البيانات الشخصية وتجريم مختلف صور الاعتداء عليها سواء من قبل القائمين على عمليات الجمع أم من قبل الغير.

المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة

انقسمت آراء الفقهاء حول تحديد الطبيعة القانونية للحق في الحياة الخاصة، فمنهم من اعتبره من قبيل حق الملكية (الفقرة الأولى)، بينما يراه آخرون من قبيل الحقوق الشخصية(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الحق في الحياة الخاصة من قبيل حق الملكية

لقد شبه بعض الفقهاء الحق في الحياة الخاصة بحق الملكية وأخضعه لما يخضع له حق الملكية الصناعية أو حق الملكية الأدبية، وبمنظار أكثر دقة أنه يشبه حق الاختراع الذي يعود لصاحبه وحده حق الاستثمار، وعليه يرون تصنيف الحق في الحياة الخاصة في إطار الحقوق المعنوية.
فاحترام الحق في الحياة الخاصة، يعطي صاحبه ويمنحه حق التمتع والتصرف في حياته الخاصة بحرية.

إلا أن هذا الرأي تعرض للنقد نتيجة لتعارض خصائص الحق في الحياة الخاصة مع خصائص الملكية، واختلاف طبيعة الحق في الملكية عن الحق في الحياة الخاصة، فالحق في الملكية يفترض وجود صاحب للحق، ومحل يمارس عليه هذا الأخير سلطاته، فإذا اتحد صاحب الحق وموضوعه فإنه يستحيل ممارسة هذه السلطات وهو ما ينطبق على الحق في الحياة الخاصة.

الفقرة الثانية: الحق في الحياة الخاصة من قبيل الحق الشخصي

على عكس الرأي الأول الذي اعتبر الحق في الحياة الخاصة من قبيل حق الملكية يمنح لصاحبه حق التمتع والتصرف في حياته الخاصة بكل حرية، فإن رأي بعض الفقهاء منهم pierre kayser اتجه إلى اعتباره من قبيل الحقوق الشخصية ، وهو ما ذهبت إليه بعض التشريعات كالتشريع الفرنسي حيث جعل الحق في الحياة الخاصة من الحقوق الشخصية. عندما نص في المادة التاسعة من القانون المدني ” لكل شخص الحق في احترام حياته الخاصة”.

ورتب الفقه على هذا الرأي بعض النتائج من أهمها: ثبوت حق المقدرة على التصدي لكل أشكال التدخل أو التحري عن الحياة الخاصة للأفراد، وهذه الحالة تقربنا إلى حالة المدين الذي يخضع لموجب الامتناع عن القيام بعمل ما.

إلا أن هذا الرأي بدوره لم يسلم من النقد، فالفقيه الفرنسي Monique Raymond لم يوافق على النتيجة التي قادت إليها هذه النظرية، لأن هناك اختلافا بين هذه الحالة وبين موجب الامتناع الذي لا يلقى إلا على عاتق شخص واحد محدد، أو على بعض الأشخاص القانونيين. في حين أنه بالمقابل يلاحظ أن عدم إفشاء الأسرار وعدم التدخل في الحياة الخاصة إنما يقع على عاتق المجتمع بأكمله، وبالتالي فإن التصنيف المقترح بموجب هذه النظرية غير واقعي وغير مقبول، لأن الشمولية في الحقوق تقابلها شمولية في الواجبات، وبالتالي يمكننا التساؤل في هذا الإطار عما يمكن الاحتجاج به في وجه الجميع.

المبحث الثاني: إقرار الحق في الحياة الخاصة

لقد كان الإقرار بحق الشخص في حرمة خصوصياته أمرا ضروريا لما يحقق له من الحماية اللازمة إزاء كل تدخل غير مشروع في حياته الخاصة. وهكذا تم الاعتراف به من طرف القوانين الطبيعية والشرائع السماوية (المطلب الأول) والقوانين الوضعية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الحق في الحياة الخاصة في القوانين الطبيعية والشرائع السماوية

إن الإنسان كأي كائن حي يتوق إلى متابعة حياته ويدافع عن نفسه بأي شكل من الأشكال بدافع غريزة حب البقاء، والمحافظة على الذات، و ذلك نابع عن حقه الطبيعي، غير أن ما يميز الشعوب المتقدمة على الإنسان البدائي والشعوب ما قبل التاريخ هو لجوءه إلى فكرة الحق في الوجود والمحافظة عليه حتى قبل صدور القوانين الوضعية التي كرست احترام الحياة الإنسانية. سنحاول التطرق في هذا المطلب إلى حق الإنسان في الحياة الخاصة النابعة من القوانين الطبيعية (الفقرة الأولى) والشرايع السماوية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الحق في الحياة الخاصة في القوانين الطبيعية

يجد الحق في الحياة الخاصة منبعه من القوانين الطبيعية الإنسانية، ويتفرع عنه جملة من العناصر منها:
1 ـ حق الإنسان في الدفاع عن نفسه وعن خصوصياته، فهو حق طبيعي معترف به منذ الأزل إلى يومنا هذا، وهو ثابت في جميع الأنظمة القانونية.

2 ـ حق الإنسان في المحافظة على جسده، عندما يكون عرضة للانتهاك، وذلك باللجوء إلى السلطات العامة لطلب الحماية.

فلا يجوز لأحد انتهاك جسد غيره، ولا يحق له أن يوقع به ضررا أو يجعله يتألم أو يتلاعب في حرياته وتنقلاته، إلا في الحالات التي تبررها المصلحة، من ذلك مثلا إنزال العقوبات على بعض الأفعال التي تعتبر غير مشروعة بهدف إحقاق الحق.

وبالمقابل يحق للإنسان نفسه من حيث المبدأ أن يتصرف بجسمه كما يحلو له، ولا يحق للدولة التدخل إلا إذا كان هناك اصطدام بالنظام العام والآداب العامة.

3 ـ حق التوصية بأحد الأعضاء، من الحقوق الطبيعية كذلك حق الإيصاء بأحد الأعضاء لصالح شخص معين أو بدون تحديد بدافع إنساني، ويعود لأهله تنفيذ هذه الوصية.

ومن الحقوق الطبيعية كذلك حق الإنسان في تغيير بعض أعضاء جسده، لكن رغم عدم تحريم القيام بتغير عضو الرجولة أو الأنوثة في القوانين الأوروبية، فإنه يحرم تغيير اسم هذا الفاعل إلى اسم أنثى أو اسم ذكر تمشيا مع واقع الحال، فيبقى رجلا أو أنثى رغما عن أنفه مع ما يحتمله هذا الواقع من شبهات قد تكون مؤلمة.

4 ـ حق إعطاء الدم وحق إعطاء حليب الأمومة، فهو أيضا من الحقوق الطبيعية فلا يوجد أية أنظمة قانونية تحرم مثل هذه الحقوق، وإنما أتت القوانين لتنظيم مثل هذه العمليات بعد انتشار الأمراض الخبيثة والفتاكة. فهذه الحقوق تنبع من احترام جسم الإنسان.

الفقرة الثانية: الحق في الحياة الخاصة في الشرائع السماوية

أقرت جميع الشرائع السماوية بالمكانة المميزة للإنسان، وحرمت كل الأفعال التي تتناقض وسمو الروح البشري، فالديانة اليهودية أكدت على المحافظة على الحياة الخاصة للأشخاص، كما أن للديانة المسيحية هي الأخرى تأثيرا بالغا في ترسيخ مبدأ الخصوصية واحترام الإنسان، ونبذ كل الأفكار التي لم تعترف بوجود الفرد في حد ذاته، وإنما في خدمة المجتمع فقط.

أما الديانة الإسلامية التي من بين أهدافها النبيلة تكريم البشرية وإعلاء شأنها في الأرض، أعطت اهتماما كبيرا بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وشرعت من المبادئ والأسس العامة ما تضمن به حمايته من كل اعتداء.

فبالرغم من عدم استعمال الفقه الإسلامي اصطلاح الحق في الحياة الخاصة ، إلا أن ذلك لا يعني أنه لم يعترف بهذا الحق، بل العكس هو الصحيح، ولا أدل على ذلك من تطبيقاته العديدة في هذا الفقه. ولعل أبرزها حق الفرد في حرمة مسكنه والعيش فيه آمنا من تطفل الآخرين وهذه الحرمة تقررت في قوله تعالى: “ياأيها الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)”.

فهذه الآيات الكريمة قررت حرمة المسكن، وحق الفرد في أن يتمتع وهو في مسكنه بهذه الحرمة بعيدا عن تدخل الآخرين وفضولهم.
ومن تطبيقات هذا الحق كذلك النهي عن التطفل على حياة الأفراد باقتحام مساكنهم بالنظر والإطلاع على ما يخفونه من أسرار. ومن الأحاديث الواردة في هذا الشأن قوله عليه الصلاة والسلام: “من تسمع حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه ألانك يوم القيامة”.

فهذه النصوص تحرم اقتحام المساكن بالمسارقة البصرية والإطلاع على الأسرار والعورات، وتقر حق الفرد في مقاومة الاعتداء الواقع على الحياة الخاصة ودفعه لأنه اعتداء على حقه في الأمن والاحتفاظ بأسراره.

ومن تطبيقات الحق في الخصوصية كذلك النهي عن التجسس على الغير وتتبع أسرارهم، قال تعالى في هذا الصدد: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ “.
وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: “إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا”.

والقول بتحريم التجسس والتحسس والتنافس، إلا في الأحوال المرخص بها شرعا، يترتب عليه أنه لا يجوز لأي كان، فردا أو حاكما، أن يسترق السمع أو أن يتحسس ثوب الغير ليعرف ما يخفيه، أو أن يقوم بتصنت مكالماته ومراسلاته سواء بالوسائل التقليدية أو بوسائل التكنولوجيا المتطورة. وأحاديث النهي عن التجسس وتتبع العورات كثيرة جدا ولها تطبيقات ووقائع كثيرة مع الخلفاء الراشدين والسلف الصالح.

ومن تجليات الحق في الخصوصية حق الفرد في المحافظة على سمعته واعتباره، لذلك حرصت الشريعة الإسلامية على حماية الشخص من كل ما تمس كرامته وشرفه وذلك بالعقاب على القذف والسب، بغض النظر عن وسائل اقتراف هذه الجرائم.
وهكذا يتضح أن الحق في الحياة الخاصة أو الخصوصية-كما يسميه البعض- معترف به في الشريعة الإسلامية واعتبرته من الآداب العامة التي حرصت دوما على ضمانها وحمايتها.

المطلب الثاني: الحق في الحياة الخاصة في القوانين الوضعية

الفقرة الأولى: تكريس الحق في الحياة الخاصة

لقد تم دسترة الحق في الحياة الخاصة مند قرون، فوثيقة الحقوق البريطانية الصادرة عام 1215 والمعروف بالعهد الأعظم يعتبر أول مدونة دستورية لحقوق الإنسان، وبموجبها تنازل الملك عن سلطاته المطلقة، فمنح عهدا بعدم إلقاء القبض على أحد، أو حبسه، أو نفيه، أو مصادرة أمواله إلا بموجب حكم صادر عن سلطة قانونية.

لقد كان للوثيقة الحقوقية أثرا بالغا في ترسيخ فكرة الحق في الحياة الخاصة، وحملت بعض التشريعات إلى إقرار جوانب محددة من الحق في الحياة الخاصة. ففي عام 1361 تم سن قانون في بريطانيا يمنع اختلاس النظر واستراق السمع وعاقب عليها بالحبس. وفي إطار نفس السياق وتكريسا لبعض مظاهر الحرية صدر عام 1629 نظام الهابيس Habeas-carpus الذي قرر بعض الحقوق في التعامل مع السجناء. وفي عام 1765 أصدر اللورد البريطاني قرارا بعدم جواز وتفتيش منزل وضبط أوراق فيه. ومع مرور الزمن طورت بعض الدول حماية متقدمة للحق في الحياة الخاصة، ففي فرنسا تم التصويت على قانون حقوق الإنسان والمواطن عام 1789، ومنذ ذلك التاريخ أخذ الحق في الحياة الخاصة بعدا عالميا تجاوز حدود فرنسا وأوروبا.

فقد اعتبر هذا القانون أن الإنسان يتمتع بحقوق تنبع من طبيعته البشرية ولا يعود للدولة منحها طالما أنه يملكها ويتمتع بها من جراء كونه كائنا بشريا. فدور الدولة إذن في مجال حقوق الإنسان وحرياته محصورة على المحافظة عليها.

ونص الدستور الفرنسي الصادر عام 1848 على حماية الحياة الخاصة للإنسان وألزم الدولة على أن تضمن المواطن في شخصه، وماله، وعائلته، وعلمه، وعلى احترام الحرية الدينية، وحرية التعليم، وتوفير العمل.

وكرس دستور سنة 1946 نفس المبادئ، حيث نص على احترام الحريات الأساسية للفرد بالإضافة إلى مبدأ المساواة بين الجنسين.

ونص المشرع الفرنسي كذلك في المادة التاسعة من القانون المدني الصادر بتاريخ 17 يوليوز 1970 على احترام الحق في الحياة الخاصة للأفراد، وبالتالي فان كل اعتداء عليه يعتبر جريمة معاقبا عليها.
وفي عام 1890 كتب المحاميان الأمريكيان Samuel Warren and louis Brandeis مقالا عن حماية الخصوصية، واعتبرا الاعتداء عليها من قبيل الفعل الضار، ووصفا الخصوصية بأنها “الحق في ترك الشخص وحيدا”.

وقد انتشر هذا المفهوم في الولايات المتحدة الأمريكية كجزء من القانون العام. وضمن المشرع الأمريكي المدونة الثانية الصادرة عام 1977 صور التعدي على الحق في الحياة الخاصة، وذلك في المادة 252 وتتمثل في:
– التدخل غير المشروع في عزلة الغير.
– استخدام اسم وصفة للغير دون رضائه.
– إفشاء أسرار الحياة الخاصة للغير.
– إظهار الغير بمظهر كاذب يسيء من وضعه أمام الجمهور.

وفي البرازيل نصت المادة 162 من القانون الجنائي لسنة 1968 على أن: “كل من ينتهك حرمة غيره الشخصية مستخدما الوسائل التقنية، أو يهدر سرية أحاديثه أو كتاباته التي ليس لها طابع العمومية يحكم عليه بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة تصل إلى ما يعادل ما يجنيه من ربح في خمسين يوما”.

وفي مصر نصت المادة 35 من الدستور على أنه: “لحياة المواطن حرمة يحميها القانون… وللمراسلات والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها والإطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون”.

أما في المغرب فنص الفصل 10 من الدستور على أن “المنزل لا تنتهك حرمته، ولا تحقيق إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون”، ونص الفصل 11 منه على أنه: “لا تنتهك سرية المراسلات”.

فبالإضافة إلى هذه الكفالة الدستور لحماية بعض جوانب الحياة الخاصة، أكد المشرع المغربي هذه الحماية في نصوص قانونية متفرقة. وسنتطرق إليها في فقرة خاصة.

واتساقا مع نفس الاتجاه نصت المادة 1 من الباب الأول من دستور جمهورية مالي على أن: “كرامة الإنسان مقدسة ومصونة، وأن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وأمن وسلامة شخصه”، أما المادة 6 منه فنصت على أن: “المسكن، والملكية، والحياة الخاصة والعائلية، وسرية المراسلات والاتصالات مصونة، لا يجوز المساس بها إلا في إطار الشروط والإجراءات القانونية”.

وفي إطار ذات السياق نصت المادة 125 من القانون الجنائي المالي بان “كل تعد على حرمة الحياة الخاصة لمواطن عن طريق الاستماع إلى أقواله وهو في مكان خاص، أو بتسجيل تلك الأقوال، أو إرساله، بدون موافقة منه.

يتم خارج إطار القانون أو أمر قضائي بأي جهاز كان، سيعاقب الفاعل بعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة تتراوح بين 25000 إلى 300.000 فرنك إفريقيFranc CFA ونصت المادة 126 من نفس القانون على انه” يعاقب بنفس العقوبة كل تعد على حرمة الحياة الخاصة لمواطن بالتقاط صورته في مكان خاص بدون موافقته أو إرسال تلك الصورة بواسطة أي جهاز كان.

وهكذا، يتضح حرص كافة الأنظمة القانونية على اختلاف درجات تقدمها الاجتماعي والاقتصادي على صيانة الحياة الخاصة لمواطنيها، وذلك بالتنصيص في صلب الدساتير على كفالة هذه الحماية.

وأيضا حرص المجتمع الدولي على كفالة حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بإدراج حق المواطن في صيانة وضمان حياته الخاصة من أي عبث أو نقص غير مشروعين ضمن العديد من المواثيق الدولية، على رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دجنبر 1948 والذي نص في المادة 12 منه على أن: “حماية الفرد من التدخل التعسفي في حياته الخاصة أو مراسلاته، ولكل شخص الحق في الحماية القانونية ضد هذا التدخل أو تلك الاعتداءات”.

كما أن العديد من الاتفاقات الدولية نصت على حماية هذا الحق، نذكر منها: العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث نصت في مادته 17 على “عدم جواز التدخل بشكل تعسفي وغير قانوني في حياة الأفراد الخاصة”، ومنها أيضا الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان. والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فبموجب المادة 17 من هذه الاتفاقية التي تحمي الخصوصية تحمي أيضا العائلة والمنزل والمراسلات والشرف والسمعة بالإضافة إلى أمور كثيرة تدخل في إطار الخصوصية.

أما أساليب المنظمات الدولية والخاصة لحماية الحق في الحياة الخاصة فهي متعددة نذكر منها على سبيل المثال: لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في مؤتمرها السابع عشر، والمؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المنعقد في طهران عام 1968، والمنظمة الاستشارية للمجلس الأوروبي المنعقد بتاريخ 31 يناير 1968، ومؤتمر اتحاد المحامين المنعقد في لندن سنة 1969، ومؤتمر الجمعية الدولية للمتفوقين الديمقراطيين المنعقد في هلسنكي سنة 1970 فكل هذه المؤتمرات واللقاءات تهدف إلى حماية حياة الإنسان الخاصة.

الفقرة الثانية: رفض فكرة الحق في الحياة الخاصة لدى بعض الأنظمة

فبالرغم من الاهتمام الكبير الذي حظي به الحق في الحياة الخاصة، فإنه لم يكن محل اتفاق عام، فقد ظهر اتجاه في القانون المقارن يرفض الاعتراف بالحق في الحياة الخاصة، ونذكر منها بالخصوص:

القانون الإنجليزي الذي لازال يرفض الاعتراف بالحق في الخصوصية privacy ، باعتباره حقا مستقلا، إلا أن هذا الرفض لا يعني أبدا عدم توفير أدنى حماية عند المساس بالخصوصية، بل يحاول القضاء الإنجليزي اللجوء إلى أساليب مختلفة لتوفير الحماية، فهو تارة يعتبر المساس بالخصوصية من قبيل القذفDefamation، وتارة أخرى من قبيل التعدي على الغير وملكهTrespass ، وأحيانا أخرى يعتبره من قبيل المضايقات Nuisance، وقد يراه تارة من قبيل الإخلال بالثقة. ومن مبررات رفض الاعتراف بالحق في الحياة الخاصة في القانون الانجليزي ما يلي:

أولا: عدم وضوح فكرة الخصوصية ذاتها، فهي فكرة هلامية غير محددة المضمون. وينتج عن إقرار الحق فيها بالضرورة زيادة عدد الدعاوى التي تستند إلى المساس بها، وتضارب الأحكام التي تصدر في تلك الدعاوى، بل يصبح طريق الادعاء الذي يرتكز عليها غير متاح سوى للطبقات القادرة فقط، حيث لن يغامر الفقراء غالبا برفع دعاوى مجهولة المصير حتى ولو انتهكت خصوصياتهم بالفعل. ومن ثم يكون الخصوصية في النهاية قاصرة على الطبقة البورجوازية دون غيرها من طبقات المجتمع، ولا تستأهل من ثم اهتمام القانون بها.

ثانيا: إن الظرف المعيشية في العصر الحاضر تفرض الانفتاح بصورة اكبر على المجتمع بخلاف ما كان عليه الحال في الماضي، حيث كان الناس ينشغلون بشئونهم الخاصة دونما نظر إلى المجتمع من حولهم.

فلا بد من تضافر الجهود والتعاون بين أعضاء المجتمع بما يساعد في نهاية الأمر على رفع مستوى معيشة أفراده. وهدا يستوجب ان يضحى كل شخص ببعض خصوصياته وان يقبل تدخل الآخرين في أموره الشخصية في حدود معينة. وليس من المبالغة القول بان الكثافة السكانية ونموها في المجتمعات الحضرية الكبيرة جعلت من الخصوصية أمرا يصعب تحقيقه في عالم اليوم.

ثالثا: إن الاعتراف بالحق في الحياة الخاصة أمر له خطورته نظرا لأنه يمس مسائل سياسية ودستورية ذات حساسية خاصة، كما أنه يؤثر على سلطة الحكومة من ناحية، وفكرة الحريات الشخصية من ناحية أخرى.

ومن القوانين الحديثة التي لا تعترف بالحق في الحياة الخاصة كحق مستقل، القانون الأسترالي الذي حذا حذو نظيره الانجليزي، وأيضا القانون الكندي الذي كان يرفضه حتى حين صدور قانون سنة 1974. بتحريم المساس بالحياة الخاصة، بل لازالت بعض المقاطعات الكندية الانجليزية ترفض الاعتراف بالحق في الخصوصية كحق مستقل وذلك في غير مجال القانون الجنائي.

الفرع الثاني : حماية الحياة الخاصة في إطار المعلوماتية

لاشك أن لبنوك المعلومات آثار إيجابية ومزايا كثيرة سواء بالنسبة للأفراد أو للهيئات في مختلف ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والقانونية، وتكمن في قدرة هذه البنوك على جمع وتحليل وتخزين واسترجاع كميات هائلة من البيانات والمعلومات التي يتم تجميعها من قبل المؤسسات والدوائر والوكالات الحكومية، ومن قبل الشركات الخاصة في وقت قصير جدا قد يكون في ثوان معدودة، مع قدرتها على حفظ هذه المعلومات والبيانات لفترة زمنية طويلة، فضلا عن إمكانية نقلها عبر البلد والدول في ثوان وبتكاليف مخفضة نسبيا.

لئن كانت تلك بعض إيجابيات التقدم التكنولوجي المعلوماتي فإنها تكشف في ذات الوقت إلى أي مدى يمكن أن يشكل خطرا وتهديدا على الحياة الخاصة وحريات الأفراد وسكينتهم، لقدرتها الفائقة على ترجمة حياة الفرد خلال ثوان معدودة بعد أن كان يكسوها ثوب من الظلال الكثيفة التي يحجبها عن رؤية الآخرين. ولعل التدابير التشريعية التي اتخذت والجهود الدولية التي بذلت من اجل تطويق هذه التهديدات تعكس مدى هذه الخطورة.

وللحديث عن هذا موضوع حماية الحياة الخاصة في إطار المعلومات سنتناوله من زاوية التدابير التشريعية، ومن زاوية الجهود الدولية لحماية الخصوصية المعلوماتية وذلك وفق التقسيم الآتي:

المبحث الأول: التدابير التشريعية لحماية الحياة الخاصة من المخاطر المعلوماتية
المبحث الثاني: الجهود الدولية لحماية الحياة الخاصة من المخاطر المعلوماتية

المبحث الأول: التدابير التشريعية لحماية الحياة الخاصة من المخاطر المعلوماتية

إذا كانت المعلومات الشخصية فيما قبل منعزلة ومتفرقة، والتوصل إليها صعب ومتعذر، فإنها أصبحت بفعل ازدياد قدرة الحواسيب ووسائط التخزين الإلكتروني مجتمعة ومتوفرة وسهلة المنال، وهكذا تبدو مقولة آتر ميلر Atr Miller صائبة: “أن الحاسب بشراهته لا تملئ من المعلومات، والسمعة التي ذاعت حول عدم وقوعه في الخطأ، وذاكرته التي لا تنسى شيئا مما يختزن فيها، قد تصبح المركز العصبي centre nerveux لنظام رقابي يحول المجتمع إلى عالم شفاف ترقد فيه بيوتنا عارية، ومعاملاتنا المالية واجتماعاتنا، وحالتنا العقلية والجسمانية لأي مشاهد عابر”.

ففي ظل هذا الوضع، لم تجد التشريعات المختلفة بدا من الاهتمام بحماية الأفراد في حياتهم الخاصة وحرياتهم، فتم اتخاذ تدابير تشريعية إلى جانب التدابير الفنية. لكن قبل أن نتطرق إلى هذه التشريعات الخاصة بحماية الخصوصية المعلوماتية (المطلب الثاني) سنحاول إبراز أهم المخاطر المعلوماتية التي تهدد الحياة الخاصة للأفراد وحرياتهم(المطلب الأول).

المطلب الأول: المخاطر والتهديدات المعلوماتية على الحياة الخاصة للأفراد

تشكل مخازن وبنوك المعلومات خطرا كبيرا على الحياة الخاصة للأفراد خصوصا في حالة إساءة استخدام البيانات المتعلقة بخصوصياتهم، أو في حالة استخدامها لغايات غير تلك التي من أجلها جمعت،

من الأحداث الشهيرة في حقل الاعتداء على البيانات الخاصة ما حصلت في جنوب إفريقيا، حيث تمكن معتدون من الوصول إلى الأشرطة التي خزنت عليها المعلومات الخاصة بمصابي أمراض الأيدز Sida، وفحوصاتهم وقاموا بتسريبها إلى جهات عديدة، ومنها أيضا الحادثة التي وقعت عام 1989 حيث قام أحد كبار موظفي أحد البنوك السويسرية بتسريب أشرطة تحتوي على أرصدة عدد من الزبائن إلى سلطات الضرائب الفرنسية. وفي عام 1986 اتهمت شركة IBM بأن النظام الأمني التي تنتجه المعرف بـ “RACF” يستخدم للرقابة على الموظفين داخل المنشآت والمؤسسات.

إلا أنه على الرغم من ذلك يرى البعض أن بنوك المعلومات، وتقنياتها المختلفة وظهور النظام الآلي لمعالجة البيانات لا تمثل سوى وسيلة جديدة لتسجيل البيانات الشخصية للفرد، ومن ثم فلا يرون ثمة معنى للقول بأن هذه التقنيات تمثل خطرا مستجدا أو تهديدا غير مسبوق لحياة الإنسان الخاصة.

وفي تعليقه على هذا، كتب الدكتور عمر الفروق الحسيني ما يلي: “أنه لاشك في وجاهة هذا القول من حيث الشكل، لكن المضمون قد لا يكون على نفس الدرجة من الوجاهة، ذلك أن ما يتميز به نظام معالجة المعلومات آليا من سرعة في العمل، وطاقة كبيرة في الاستيعاب لا ينحصر فقط في حالة تلقيه هذه المعلومات، وإنما يقوم كذلك في حالة استخراج هذه المعلومات من ذاكرته، فتكفي جولة سريعة في ذاكرة النظام الآلي للإطلاع على أكبر قدر من المعلومات المتكاملة عن حياة الإنسان الخاصة في ثوان معدودات.

كما أن حفظ هذه المعلومات بالطرق التقليدية كان مؤداه احتمال نسيانها بعد فترة مناسبة، وهي فترة صلاحية الوسائل التقليدية في الحفظ، من أوراق وبطاقات أو غيرها. أما هذه المخازن والبنوك الإلكترونية فيمكنها تخزين أكبر قدر ممكن من المعلومات عن ملايين الأشخاص والاحتفاظ به إلى الأبد واستخراج بيانات كافية في أي وقت عن أي إنسان من المسجلين بها، وتعرية حكايته بكشف تفاصيل سابقة على وقت استخراجها بزمن طويل مما قد يسبب له أضرارا بليغة يتعذر أو يستحيل إصلاحها.

وإزاء كل هذه المخاطر والتهديدات غير المسبوقة التي ينطوي عليها استخدام الحواسيب كمخازن وبنوك للمعلومات والبيانات بذلت جهود كبيرة لمواجهتها عن طريق وضع ضوابط ومعايير ملائمة ومناسبة تضمن للإنسان الحماية في مواجهة هذه المخاطر والتهديدات.

ونتيجة لتلك الجهود أصبحت “المعلوماتية والحريات” من المواضيع التي تحظى باهتمام بالغ من طرف الهيئات التشريعية والصحافة ـ خاصة في الدول الغربية التي تعتبر مسألة الحريات مقدسة ـ وهو ما جعل شعور الرأي العام يزداد إرهاقا بخطر الحواسيب على الحق في الحياة الخاصة، وأهمية حماية الفرد في مواجهة هذا الخطر، وكان لذلك كله أثره في سن تشريعات ضد أنشطة الاعتداء على حياة الأفراد الخاصة في مختلف النظم القانونية الغربية مع بعض الاختلافات الخفيفة بينها، لعل أهمها تلك المتعلقة بنطاق تطبيق الحماية هل تقتصر على بيانات الأشخاص الطبيعيين فقط أم أنها تمتد للأشخاص المعنويين.

ومن أوجه الاختلاف كذلك الأحكام المتعلقة بالقواعد الإجرائية المتطلبة لعمليات جمع ومعالجة ونقل البيانات والجهات التي تسند إليها مهمة الإشراف والرقابة على الأنشطة المتعلقة بالمعالجة الآلية للبيانات.

ومنها كذلك مسألة تحديد الأفعال الاجرمية التي تعد اعتداء على حماية البيانات الشخصية، ففي بعض الدول لا يستخدم قواعد القانون الجنائي لحماية الخصوصية بشكل عام، نذكر منها على سبيل المثال القانون الأمريكي فهو لا يتضمن سوى أفعال جرمية محدودة، وكذلك التشريع الكندي لا ينص إلا على فعل جرمي واحد في ميدان حماية الخصوصية، وأيضا القانون الياباني لا يجرم إلا الحصول على البيانات الشخصية من جهات إدارية، وتقريبا نفس الموقف في القانون الهولندي الذي لا يعاقب إلا على الإخلال بتسجيل ملفات البيانات .

على العكس من ذلك، هناك العديد من الدول تتضمن قائمة تفصيلية للأفعال الجرمية التي ترجع إلى الكثير من الأنشطة المحظورة من قبل الجهات الإدارية أو الأشخاص، وأبرز مثال على هذه التشريعات القانون الفرنسي التي حدد كافة الأنماط الجرمية التي تستهدف الخصوصية تبعا لمراحل جمع ومعالجة وإدارة البيانات الشخصية.

المطلب الثاني: التدابير التشريعية لحماية الحياة الخاصة في إطار المعلومات

لقد تفطنت بعض الحكومات بمخاطر الوسائل الحديثة للاتصال على الحياة الخاصة للأشخاص، وعملت على تطويقها بإصدار مجموعة من التشريعات الحامية للخصوصية والسرية، مقرة بذلك مبدأ السرية الالكترونية، أما بعض الدول لازالت تدارس هذا الأمر ولم تهيئ سوى مشاريع قوانين لم تجد طريقها بعد إلى حيز التطبيق أو فضلت الاكتفاء بنصوص تقادمت عليها الزمن كما هو الحال بالنسبة لجل الدول الإفريقية والعربية.

وفيما يلي نتطرق إلى صور الحماية الجنائية للحياة الخاصة في إطار المعلوماتية لدى بعض التشريعية المقارنة ( الفقرة الأولى) على أن نخصص في (الفقرة الثانية) مدى الحماية التي توفرها نصوص القانون الجنائية المغربية القائمة للحياة الخاصة في إطار المعلوميات.

الفقرة الأولى: الحماية الجنائية للحياة الخاصة في إطار المعلوميات في التشريعات المقارنة.

أمام المخاطر المعلوماتية تدخلت بعض الأنظمة التشريعية لحماية الحق في الحياة الخاصة وكذا لتقنين جمع ومعالجة ونشر المعطيات الاسمية، كما خصصت نصوصا عقابية عن كل مس بهذا الحق، ومن الأنظمة القانونية الرائدة في هذا المجال النظام التشريعي الفرنسي الذي نص في المادة الأولى من القانون رقم 78-17 الصادر في 06/1/1978 المتعلق بالمعلوميات والملفات والحريات على “أن المعلوميات في خدمة الفرد، ويجب أن لا تمس بحقوق الإنسان، وبالحياة الخاصة، وبالحريات الفردية والعامة”.

وأكدت المادة 6 من هذا القانون هذه الحماية، حيث اشترطت أن تجمع وتعالج البيانات الشخصية الخاضعة للمعالجة بطريقة مشروعة وقانونية ولغاية معينة وصريحة ومشروعة كذلك، وان لا تتم المعالجة بعد ذلك إلا من اجل هذه الغاية المحددة لها، وفي هذه الحالة يجب أن تكون صحيحة وكاملة، وان اقتضى الحال معينة، وان تحفظ بشكل يمكن من إظهار شخصية الفرد المعني بالأمر، ولمدة لا تفوق المدة الضرورية لتحقيق الغاية التي جمعت وعولجت من اجلها. أما المادة 7 فاشترطت أن تسبق أية معالجة للبيانات الشخصية الحصول على موافقة الشخص المعني بهذه البيانات، وان توفر شروط أخرى كاحترام التزام قانوني مفروض على المسؤول عن المعالجة أو حفظ الحياة الخاصة للفرد المعني أو تنفيذ خدمة عامة من طرف المسؤول عن المعالجة أو مستقبلها بشرط مراعاة مصلحة الفرد المعني إلى جانب الحقوق والحريات الأساسية.

وفرضت المادة 35 على المسؤول عن المعالجة اتخاذ كل الاحتياطات الضرورية للحفاظ على البيانات الشخصية، وعدم إفشائها للغير والحيلولة دون تغيير شكلها أو الإخلال بها أثناء المعالجة، أما المادة 36 فنصت على منع حفظ البيانات الشخصية بعد المدة المحددة ما عدا من اجل غايات إحصائية أو علمية أو في حالة ترخيص الفرد أو رخصة اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات.

وأعطت المادة 39 للفرد حق مساءلة القائمين على معالجة بياناته الشخصية عن نوعية هذه البيانات والغاية من معالجتها وعن الأشخاص المستقلين لهده البيانات… كما يمكن له الحصول على نسخة من هذه البيانات.

ونصت مواد الباب الثالث على تشكيل لجنة إدارية مستقلة تسمى “اللجنة الوطنية للمعلومات والحريات Commission nationale de l’informatique et des libertés وهي مكلفة على السهر على مراقبة تنفيذ أحكام القانون رقم 78-17 وقد حددت المادتان 6 و7 طريقة مراقبتها والعقوبات التي يمكن أن تقررها.

ومن التشريعات التي حرصت على حماية البيانات الشخصية المعالجة الكترونيا كذلك، التشريع الاسباني حيث نص في الفقرة الرابعة من المادة 18 من الدستور الصادر في 9 ديسمبر1978، على أن القانون هو الذي يحدد البيانات التي تخضع للمعالجة الالكترونية لضمان الكرامة والحصانة الشخصية والأسرية للمواطنين في ممارستهم لحقوقهم.

وكذلك النظام القانوني البرتغالي الذي نص في الفقرة الأولى من المادة 35 من الدستور البرتغالي الصادر في 2 ابريل 1976، “يكون لكل المواطنين الحق في معرفة المعلومات التي تتعلق بهم وما تتضمنه بنوك المعلومات من بيانات خاصة بهم والاستخدامات المعدة لها، ويكون لهم طلب تصحيحها أو تصويبها أو الإضافة إليها كل فقرة عندما يطرأ عليها تغيير”. أما الفقرة الثانية منها فنصت على انه” لا يجوز استخدام الحواسيب الالكترونية في معالجة البيانات التي تتعلق بالاتجاهات السياسية أو المعتقدات الدينية أو الحياة، عدا البيانات التي تتعلق بالتعداد السكاني أي بقصد إجراء إحصاء للسكان، والبيانات غير الشخصية”.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد صدرت عدة تشريعات لحماية البيانات الشخصية من أخطار قواعد البيانات، ويتعلق الأمر بالقانون رقم91-508 الصادر في 1970 والذي أقر حق الفرد في الوصول إلى البيانات، والقانون رقم 93-579 لسنة 1974 والمتعلق بحماية الخصوصية، ويعد من التشريعات المتقدمة في مجال حماية الحياة الخاصة للأفراد من الإفشاء غير المشروع للمعلومات الخاصة بهم، وقد كان الهدف من هذا القانون تقرير حماية لكل فرد ضد الاعتداءات التي تطال حياته الخاصة، ووضع قواعد لحمايته من الاطلاع غير المشروع على المعلومات الخاصة به والمحفوظة في الكمبيوتر. والقانون رقم53-380 الصادر في 21 غشت 1974 والخاص بإقرار حقوق التربية للأسرة. وبالإضافة إلى ذلك فرض المشرع الأمريكي حماية لخصوصية الأفراد أثناء عمليات الاتصال وتبادل المعلومات من خلال إصداره لقانون خصوصية الاتصالات الالكترونية عام 1986.

وفي تونس افرد المشرع حماية خاصة للمعطيات الشخصية في مواجهة التطور التقني في المواد من18 إلى 42 من قانون التجارة الالكترونية لعام 2000، وفرض عقوبات أصلية وتكميلية على الأفعال التي تقع بالمخالفة لتلك المواد.

فهده بعض من التشريعات المقارنة التي عالجت موضوع حماية الحياة الخاصة والبيانات الشخصية المتعلقة بنظام المعالجة الآلية، وسنحاول فيما يلي التطرق إلى مدى الحماية التي توفرها نصوص القانون الجنائي المغربي للحياة الخاصة في إطار المعلوميات.

الفقرة الثانية: الحماية الجنائية للحياة الخاصة في إطار المعلوميات بمقتضى نصوص القانون الجنائي المغربي

فبالرغم من عدم توفر إطار قانوني خاص لمواجهة الاعتداءات التي تطال حرمة الحياة الخاصة والبيانات الشخصية عن طريق استخدام أنظمة المعالجة الآلية للبيانات بالمغرب، إلا انه يوجد نصوص قانونية متفرقة تعالج هذا الموضوع أو بعض أوجهها، منها:
المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، حيث نصت في فقرتها الأولى على عدم جواز التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها.

إلا أنه في إطار مكافحة الإرهاب تم تعديل هذه المادة بمقتضى قانون رقم 03-03 حيث خول المشرع قاضي التحقيق والوكيل العام للملك صلاحية إصدار أمر بالتصنت للمكالمات والاتصالات ضمن شروط محددة وإجراءات محصورة.

كما أكد المشرع من خلال الفصل 448 من القانون الجنائي المغربي، والمواد 115 و116 من قانون المسطرة الجنائية. على سرية المراسلات الموجهة للغير وعاقبت على كل اختلاس أو تبديد أو فتح أو إتلاف لها أو تسهيل لذلك أو إذاعة لمحتوياتها سواء من طرف موظفي البريد والاتصالات أو الغير.

ونص المرسوم رقم 1026-97-2 الصادر في 05 فبراير 1998 والمتعلق بالشروط العامة لاستغلال الشبكات العامة للمواصلات بالمغرب في المادة 5 منه على سرية الاتصالات والمراسلات وحماية حياة الأشخاص الخاصة، حيث اوجب على المستغلين اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان حياد مستخدميهم تجاه مضمون المراسلات المنقولة على شبكاتهم، ولضمان سرية المعلومات المتوفر عليها ولاسيما المعلومات الاسمية، وعدم الكشف عنها للغير دون موافقة المستفيد المعني بالأمر، ما عدا فيما يتعلق بمتطلبات الدفاع الوطني والأمن العام وامتيازات السلطة القضائية طبقا لأحكام القانون رقم 96-24 وخصوصا أثناء معالجة المعطيات المتعلقة بالفاتورة وحركة الاتصالات وعند التعريف بالخط المنادي أو تحويل النداءات

كما أوجبت على المستغلين، إذا كانت إحدى الشبكات غير متوفرة على شروط السرية المطلوبة، إخبار المشتركين بذلك واطلاعهم على الخدمات المتوفرة والتي تمكن من تعزيز سلامة الاتصالات.

ونصت المواد 38 و44 إلى 51 مكرر من قانون الصحافة على تجريم جنح السب والقذف في حق الأفراد أو المس بحياتهم الخاصة عن طريق وسائل الإعلام.

وعاقبت المواد من 442 إلى 445 من القانون الجنائي، كل تعد على شرف الفرد أو اعتباره الشخصي عن طريق السب والقذف والوشاية الكاذبة.
كما نص الفصل 446 في فقرته الأولى من نفس القانون على حماية السر، وعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم، عن إفشائه من طرف الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة، وكذلك الصيادلة والمولدات، وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه.
إلا أن التساؤل الذي يثور هنا يتعلق بمدى إمكانية تطبيق مقتضيات هذه الفصول لحماية الحياة الخاصة للأفراد في إطار المعلوميات، ومدى إمكانية انطباقها على إفشاء المعطيات والبيانات الشخصية المخزنة في بنوك المعلومات؟

في الحقيقة إن مقتضيات الفصل 446، تثير مسألتين هامتين، أولهما يتعلق بالسر، ومدى مطابقته للمعلومة الاسمية التي تمثل مقومات الحياة الخاصة للفرد في أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات. ذلك أن السر هو”واقعة أو صفة ينحصر نطاق العلم بها في عدد محدود من الأشخاص إذا كانت ثمة مصلحة يعترف بها القانون لشخص أو أكثر في أن يظل العلم بها محصورا في ذلك النطاق”. وعليه يمكن القول بان المعلومات الخاصة بجانب معين من حياة الأفراد الخاصة، والمخزنة في ذاكرة الحاسوب الآلي، تعتبر أسرارا بطبيعتها، ومن هنا فلا صعوبة في التسليم بان المعلومة الاسمية تتصف بأعلى درجات السرية.

وثانيهما، تتعلق بصفة صاحب المهنة أو من اصطلح على تسميتهم ب”أهل الثقة الاضطرارية” المؤتمن عليه السر، سواء صراحة أي في صورة إفصاح صاحب الشأن عنه لصاحب المهنة، أو ضمنا عن طريق تمكين صاحب المهنة من معرفته بنفسه عن طريق مهنته. فهذه المسألة تثور بشأنها صعوبة، مصدرها هي انه ما لم يكن السر مهنيا فلن يكون جديرا بالحماية في مفهوم الفصل 446 من التشريع الجنائي المغربي، بينما من غير المتصور أن تكون مقومات الحياة الخاصة للفرد كلها أسرارا مهنية بهذا المفهوم المتقدم. وعلى ذلك فان الحماية المقررة في الفصل المذكور، تهم جانب الأسرار المهنية فقط من مقومات الحياة الخاصة، دون كيفية احتفاظ المهني بأسراره، سواء كان ذلك في أوراق بصورة تقليدية أم في جهاز الحاسوب الآلي.

أما الجزء الآخر من مقومات الحياة الخاصة، والذي لم يتقدم به هو لصاحب المهنة، أو يمكنه من معرفته بنفسه، فسيظل عارية من أية حماية. ذلك انه لو فرض أن العاملين على نظام المعالجة الآلية للمعلومات في هيئة معينة تجمع فيها بيانات شخصية عن الأفراد، اعتبروا من أهل الثقة المهنية الاضطرارية، فان هناك غيرهم ممن لا ينطبق عليه هذا الوصف كعمال الصيانة أو الفنيين بصفة عامة المنوط بهم صيانة هذا النظام من الاعطاب، أو حتى الرئيس الإداري للمتصلين فعلا بحكم عملهم بالمعلومات المعالجة آليا، حيث يمكن لكل هولاء الاتصال بالنظام الآلي والاطلاع على ما فيه.

ويستنتج في ضوء ما سبق أن النصوص المتعلقة بجريمة إفشاء الأسرار محلها المعلومات ذات الطبيعة السرية والتي يشترط فيها أن تكون أسرارا متعلقة ببعض المهن المؤتمنة التي تفرض الثقة كمحور أساسي لها (كمهنة الطب والمحاماة) وهي بدلك تختلف عن جريمة إفشاء البيانات الاسمية والتي محلها بيانات شخصية معالجة آليا بنظام الحاسوب الآلي.

المبحث الثاني: الجهود الدولية والإقليمية لحماية الخصوصية المعلوماتية

لقد أفرزت ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أنماطا جديدة من الجرائم المعلوماتية، كما أن حدة ارتكاب هذه الجرائم في تزايد مستمر بفعل كثرة الحواسيب الآلية المرتبطة بالشبكات الاتصال العالمية Internet، ولم يعد تنظيم بيئة الخصوصية وإيجاد القواعد الكفيلة لحماية تجميع ومعالجة وتبادل البيانات على عاتق التشريعات الوطنية، بل أصبح الأمر يتطلب تعاونا دوليا، وهو ما استجابت له بعض المنظمات الدولية والهيئات الإقليمية.

ومحاولة لإبراز مدى الجهود الدولية المبذولة لحماية الحياة الخاصة، سنقسم الموضوع إلى مطلبين في (المطلب الأول) نتطرق إلى دور المنظمات الدولية في حماية الخصوصية المعلوماتية، وفي (المطلب الثاني) نتناول دور الهيئات الإقليمية في حماية الخصوصية المعلوماتية.

المطلب الأول: دور المنظمات الدولية في حماية الحياة الخاصة في مجال المعلوميات

لقد قامت بعض المنظمات بأنشطة مختلفة بهدف تنظيم المعلومات الخاصة، وتنظيم تدفق وانتقال البيانات. ومن المنظمات الدولية الرائدة في هذا المجال نذكر منها بالخصوص. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومجموعة الدول الصناعية الثمانية(الفقرة الأولى). ومنظمة الأمم المتحدة ONU، ومنظمة التجارة العالميةOMC (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومجموعة الدول الصناعية الثمانية

أولا: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD

لقد قامت هذه المنظمة مند 1977 بأنشطة مختلفة بشأن حماية الخصوصية ونقل البيانات فوضعت قواعد ذات طابع توجيهي للخطوات التي ينبغي اتخاذها في إطار التشريع الوطني في كل دولة فيما يتعلق بالأحكام الموضوعية والإجرائية. كما وضعت ضمن أجندتها السنوية موضوع تتبع وفحص مختلف الحلول التي تسهل تطبيق مبادئ حماية الخصوصية في بيئة شبكات المعلوماتية العالمية في إطار السعي لبناء الثقة بالتجارة العالمية.

وهذه القواعد بوصفها إرشادية، فهي مجرد توصية فحسب بتنفيذ المبادئ العامة التي تتضمنها، ونطاق تطبيقها يقتصر على الأشخاص الطبيعيين. وأحكامها تسري على القطاعين العام والخاص وعلى المعالجة الآلية وغير الآلية للبيانات وابرز مبادئها الموصى بتطبيقها على المستوى الوطني يتمثل في المبادئ التالية:

1- فرض قيد على تجميع البيانات ذات الطبيعة الشخصية، بشكل يوفر الضمان على أن الحصول على هذه البيانات يتم بطرق وأساليب مشروعة نزيهة، مع توفر علم ورضا أولي الشأن.
2- الاقتصار على طبيعة البيانات الشخصية وتحديد الغرض الذي سوف يستخدم من اجله وان تكون في نطاق الحدود الضرورية لتحقيقه، فضلا عن ضرورة كونها دقيقة وكاملة ومحدثة.
3- تحديد الغرض منها، يقصد بها أن تكون الأغراض التي سوف تستخدم لأجل تحقيقها محددة سلفا.
4- حصر الاستخدام بالغرض المحدد، مقتضى هذا المبدأ الالتزام بعدم إفشاء أو كشف البيانات لغير المصرح لهم بذلك أو استخدامها في غير الأغراض المخصصة لها إلا بموافقة الشخص المعني أو وفقا لأحكام قانونية.
5- الحق في المشاركة، ومقتضى هذه المشاركة أن يكون للأشخاص المعنيين الحق في الحصول والتعرف على البيانات التي تخصهم فضلا عن رقابة مدى صحتها.
6- المحاسبة أو المساءلة، ويعني هذا المبدأ مساءلة الجهات المنوط بها التعامل مع البيانات ذات الصبغة الشخصية عن مدى الاستجابة للإجراءات التي تكفل الفاعلية للمبادئ السابقة.
7- ضرورة أن تكون السياسة العامة للتطوير والخطط والتطبيقات معلنة فيما يتعلق بالبيانات ذات الطبيعة الشخصية، بحيث يكون متاحا للكافة معرفتها.
8- الوقاية الأمنية، ويعني هذا المبدأ ضرورة إحاطة البيانات في مراحل الجمع والتخزين والنقل والمعالجة بسياج من التدابير والإجراءات الأمنية الملائمة
وقد كان لهده القواعد التوجيهية تأثيرا بالغا في توجيه الدول الأوروبية إلى إقرار تشريعات وطنية في مجال حماية الحياة الخاصة.

ثانيا: مجموعة الدول الثمانية ( G8)

إن مجموعة الدول الصناعية السبعة التي لحقت بها روسيا وأصبحت معروفة بـ G8، أقرت هي الأخرى في مؤتمرها المنعقد ببروكسل عام 1995 بضرورة حماية الحياة الخاصة للأفراد في المجال المعلوماتية، وذلك بحضور حوالي أربعين مدعوا خاصا من أوساط الشركات.

كما أكدت نفس الموقف في ميثاق أكيناوا حول مجتمع المعلومات العالمي، المنبثق عن مؤتمرها المنعقد بمدينة أكيناوا اليابانية عام 1999، حيث ورد من بين توصيات هذا الميثاق:
1- ضرورة تطوير حماية خصوصية المستهلكين بطريقة فعالة وهادفة، وكذلك حماية خصوصية معالجة المعطيات الشخصية للأفراد، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الانسياب الحر للمعلومات.

2- وجوب مرافقة الجهود الدولية لتطوير مجتمع المعلومات العالمي بالتنسيق الفعلي لرعاية فضاء سيبراني آمن وخالٍ من الجريمة.
3- وجوب وضع مقاييس فعالة من أجل أمن نظم المعلومات، كتلك التي أقرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والتي وضعت قيد التطبيق لمحاربة الجريمة السيبرانية.

الفقرة الثانية: منظمة الأمم المتحدة،ومنظمة التجارة العالمية

أولا ـ منظمة الأمم المتحدة ONU:
لم تكن مسألة حماية الخصوصية والبيانات الشخصية غائبة عن اهتمامات الأمم المتحدة، ولا أدل على ذلك تبني الهيئة العامة التابعة للأمم المتحدة دليلا لتنظيم استخدام المعالجة الآلية للبيانات الشخصية، وذلك بتاريخ 14/12/1990. وتضمن هذا الدليل نفس المبادئ المقررة لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي عبارة عن توصيات للدول الأعضاء لتضمينها التدابير التشريعية في مجال حماية الخصوصية.

كما أنه – تنسيقا مع الاهتمامات الدولية بمسألة حماية الخصوصية- تم انعقاد عدة مؤتمرات خاصة بها نذكر منها: مؤتمر طهران لعام 1968 وهو المؤتمر الدولي الأول الخاص بأثر التقدم التكنولوجي على حقوق الإنسان، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة توصياته واعترفت بحق الحياة الخاصة، وبأن من حق الإنسان أن يعيش لوحده بعيدا عن كشف أسراره، ومنها أيضا مؤتمر فيينا لسنة 1999 لمكافحة استغلال الأطفال في المواد الإباحية عبر شبكة الدولية للاتصالات Internet، ومنها كذلك اتفاقية بودابست Budapestالمنعقدة في 23/11/2001 لمواجهة الأفعال الإجرامية التي ترتكب ضد نظم الحواسيب الآلية والتي وقعت عليها 30 دولة أوربية إضافة إلى كندا واليابان وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ولمسألة حرمة الحق في الحياة الخاصة حضور كذلك في المواثيق الدولية منها ما ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه “لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته.

ثانيا ـ منظمة التجارة العالمية OMC:
منظمة التجارة العالمية، منظمة أنشئت خلفا للاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة GATT بموجب اتفاقية مراكش1994. مهمتها الأساسية هي ضمان انسياب التجارة بأكبر قدر من السلاسة واليسر والحرية، ففي ظلها تم التوصل إلى اتفاقية بخصوص خدمات الاتصالات السلكية، كما وافقت 40 حكومة على تجارة بدون تعريفات خاصة بمنتوجات تكنولوجيا المعلومات.
فعلى الرغم من حداثة هذه المنظمة العالمية مقارنة بالمنظمات العالمية الأخرى، ناقشت بدورها مسائل الخصوصية في إطار اتفاقية تحرير الخدمات، وأقرت بأن الخصوصية قيد عادل على عملية انتقال البيانات.

المطلب الثاني: دور الهيئات الإقليمية لحماية الحياة الخاصة في مجال المعلوميات: نموذج اتفاقية المجلس الأوربي واتفاقية الاتحاد الأوربي.

كان للهيئات والمنظمات الإقليمية كذلك حضور قوي إلى جانب التشريعات الوطنية والمنظمات الدولية في مجال مكافحة المخاطر المهددة للحياة الخاصة للأشخاص، نذكر منها بالخصوص اتفاقية المجلس الأوربي(الفقرة الأولى) واتفاقية الاتحاد الأوربي(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: اتفاقية المجلس الأوروبي

تحقق قيام اتفاق عالمي بشأن حماية الحياة الخاصة للأشخاص بواسطة مجلس أوروبا، وذلك بوضعه الاتفاقية لحقوق الإنسان والحريات العامة لعام 1950، ونصت هذه الاتفاقية على وجوب حماية الأفراد من التدخل والاعتداء على حياتهم الخاصة وحياة أسرهم. كما أوجبت حماية حق الوصول إلى المعلومات. وفي سنة 1981 أصدرت لجنة وزراء من مجلس أوربا اتفاقية أخرى بشأن حماية الأفراد في نطاق المعالجة الآلية للبيانات الشخصية، ووقعت عليها 31 دولة. ومبادئ هذه الاتفاقية التي تمثل الحد الأدنى لمعايير الخصوصية التي يتعين على الدول الأعضاء تضمينها في تشريعاتها الوطنية ملزمة.

وتتمثل محاور مبادئ هذه الاتفاقية -التي تشبه إلى حد كبير مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- في ضرورة كون البيانات صحيحة وكاملة ودقيقة، ومستمدة بطرق مشروعة، ومدة حفظها محددة زمنيا، وعدم إفشائها أو استعمالها في غير الأغراض المخصصة لها، وحق الشخص المعني في التعرف والاطلاع على البيانات المسجلة المتعلقة به وتصحيحها وتعديلها ومناقضتها ومحوها إذا كانت باطلة، وإحاطة البيانات بسياج امني يكفل لها حماية ملائمة، وتحديد الأشخاص والجهات المرخص لهم بالوصول والاطلاع على البيانات وإخضاعهم لقيد الالتزام بالسر المهني، والتبرير الاجتماعي justification social لجمع البيانات وتسجيلها، وذلك فضلا عن مبدأي الانفتاح والمساءلة السابق عرضهما.

فبالإضافة إلى مبادئ الاتفاقية المشار إليها أعلاه، اصدر المجلس عن طريق لجنة الخبراء جملة من الأدلة الإرشادية الموجهة إلى حكومات دول الأعضاء، تتعلق بحماية قواعد المعلومات الطبية المؤتمنة، وقواعد المعلومات المتعلقة بالأنشطة الطبية والإحصاءات وقواعد المعلومات الخاصة لأغراض التسويق، وقواعد المعلومات الخاصة لأغراض الضمان الاجتماعي، وكذلك لأغراض الشرطة والبيانات الجنائية وقواعد المعلومات الخاصة بأغراض التوظيف، وكذلك خدمات الاتصال.

وقد عمل بعض أعضاء اللجنة المذكورة على موضوع البيانات المتعلقة بالقطاع المصرفي، وتحديدا البيانات الخاصة بالبطاقات الماهرة ونقل البيانات من نقاط البيع.

الفقرة الثانية: اتفاقية الاتحاد الأوربي

يعتبر الاتحاد الأوربي منظمة للدول الأوربية تأسست بناءا على معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1992، وتضم في عضويتها 27 دولة أوربية. وقد بذلت هذه المنظمة جهودا مهمة بخصوص توحيد المبادئ المقررة في قوانين حماية الخصوصية منها:
ـ التعليمات الصادرة عنها بتاريخ 8/4/1976 المتعلقة بحماية الأفراد من أنشطة التقييم الآلي للبيانات.

كما أصدرت جملة من التوصيات الموجهة إلى الدول الأعضاء بطلب من البرلمان الأوربي منها:
ـ الدليل التوجيهي بشأن حماية الأفراد فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية وحرية نقلها، وكذلك الدليل المتعلق بحماية معطيات الاتصالات.
عموما، تجيز التوجيهات الصادرة عن الاتحاد الأوربي للدول الأعضاء، تقييد وتضييق الأحكام بالاستناد إلى القواعد المقررة بشأن إنقاذ العدالة، وتطبيق القانون كلما وجد تناقض أو يتوقع حصول تناقض بين ما تقرره الأدلة التوجيهية وبين قواعد أساسية في النظام العام.

وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجنائي العربي النموذجي الموحد احتوى على فصل خاص بالاعتداء على حقوق الأشخاص الناتج عن الجدادات والمعالجات المعلوماتية، وذلك في المواد 461-464 حيث نص على وجوب احترام حماية الحياة الخاصة، وأسرار الأفراد من خطر المعالجة الآلية، وكيفية جمع المعلومات الاسمية وكيفية الاطلاع عليها.

إغلاق