دراسات قانونيةسلايد 1
بحث عن التعاون الدولي في مجال استرداد المجرمين والموجودات المتحصلة عن الجرائم في الاتفاقيات الدولية
المستخلص
ان تطور الجريمة كظاهرة اجتماعية بتطور المجتمع ووسائل الاتصال وتتنوع طرق ارتكاب الجريمة، فما يشهده العالم اليوم من تطور هائل ادى الى ان تساهم وسائل الاتصال الحديثة في هروب بعض المجرمين بعد ارتكابه للجريمة او تهريب الاموال المتحصلة منها الى خارج اقليم الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة.
لمواجهة هذه الحالات التي تؤدي الى افلات المجرمين من العقاب، التلافي الاثار الناتجة عن تهريب الاموال، واهمها الاثار الاقتصادية، ولان القانون الجنائي يسري على اقليم الدولة فقط كقاعدة عامة، ولكون ملاحقة المجرمين او الاموال المهربة الى الخارج عمل يمس سيادة الدول، دعت الضرورة الى ايجاد تعاون دولي في مجال استرداد المجرمين والاموال الناشئة عن الجريمة، وان السياسة الجنائية تهدف الى تحقيق الردع اقتضت الحاجة الى تنظيم اجراءات استرداد المجرمين والاموال الناشئة عن الجريمة والتي تم تهريبها الى الخارج، كل هذه الاسباب دعت الى دراسة الموضوع. لذا فقد قسمنا هذه الدراسة الى مبحثين:
المبحث الاول: التعاون الدولي في مجال استرداد المجرمين الناشئة عن الجرائم وفق اتفاقية الامم المتحدة للجريمة المنظمة لسنة 2000
المبحث الثاني: التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات في إطار اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003
المقدمة
اولا- اهمية البحث: تضع السياسة الجنائية القواعد الاساسية التي تتحدد في ضوئها صياغة نصوص القانون الجنائي، سواء ما يتعلق منها بالتجريم او بالعقاب او بالوقاية من الجريمة او معالجة اثارها، ويتمثل القانون بمعناه الواسع أي بشقيه الموضوعي والاجرائي، ولان ايقاع العقاب يتطلب المرور بعدة مراحل ينص عليه القانون الاجرائي منها الاستدلال وجمع الادلة وهو جزء من مرحلة التحقيق(1).
ثانيا- مشكلة البحث: تتطور الجريمة كظاهرة اجتماعية بتطور المجتمع ووسائل الاتصال وتتنوع طرق ارتكاب الجريمة، فما يشهده العالم اليوم من تطور هائل ادى الى ان تساهم وسائل الاتصال الحديثة في هروب بعض المجرمين بعد ارتكابه للجريمة او تهريب الاموال المتحصلة منها الى خارج اقليم الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة، ولمواجهة هذه الحالات التي تؤدي الى افلات المجرمين من العقاب، ولتلافي الاثار الناتجة عن تهريب الاموال، واهمها الاثار الاقتصادية، ولان القانون الجنائي يسري على اقليم الدولة فقط كقاعدة عامة، ولكون ملاحقة المجرمين او الاموال المهربة الى الخارج عمل يمس سيادة الدول، دعت الضرورة الى ايجاد تعاون دولي في مجال استرداد المجرمين والاموال الناشئة عن الجريمة، ولأن السياسة الجنائية تهدف الى تحقيق الردع ومنع استخدام الاموال الناشئة عن الجريمة لارتكاب جرائم اخرى او لتمتع المجرم بها، اقتضت الحاجة الى تنظيم اجراءات استرداد المجرمين والاموال الناشئة عن الجريمة والتي تم تهريبها الى الخارج، كل هذه الاسباب دعت الى دراسة الموضوع.
ثالثا- منهجية البحث: وبغية الاحاطة بالموضوع سنتبع المنهج التحليلي لنصوص الاتفاقيات الدولية المنظمة للموضوع.
رابعاً- هيكلية البحث: قسمنا الدراسة الى مبحثين نتناول في الاول التعاون الدولي في مجال استرداد المجرمين الناشئة عن الجرائم وفق اتفاقية الامم المتحدة للجريمة المنظمة لسنة 2000 (2)، إذ تم تقسيمه الى مطلبين نبين في الاول تعريف استرداد المجرمين، اما الثاني فسنبين فيه شروط نظام استرداد المجرمين. اما المبحث الثاني فسنبين فيه التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات في اطار اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 وقسمناه الى مطلبين سنبحث في الاول مفهوم استرداد الموجودات، اما الثاني فهو لبيان طرق استرداد الموجودات.
المبحث الاول
التعاون الدولي في مجال استرداد المجرمين الناشئة عن الجرائم وفق اتفاقية الامم المتحدة للجريمة المنظمة لسنة 2000
من خصائص السياسة الجنائية انها متطورة، فهي تتميز بالحركة لا بالجمود، وتواكب السياسة الجنائية التطور السريع من خلال ايجاد الاليات اللازمة لمواجهة الجريمة بعد وقوعها، حيث ان افلات المجرم من العقاب ونجاته بفعلته، يجمع بين امرين اولهما خطورته على المجتمع وثانيهما سعيه للإضرار بالمجتمع مستقبلا(3).
ولكون ملاحقة المجرمين خارج حدود الدولة له مساس بسيادة الدولة التي يهرب اليها المجرم، او لان الفعل الذي ارتكبه المجرم لا يمس مصلحة للدولة التي هرب اليها، لهذا أصبح لزاما ايجاد الية معينة تتمكن من خلالها الدول من استرداد من ارتكبوا جرائم على اقليمها، ويتم ذلك من خلال عقد الاتفاقيات المنظمة لتسليم مثل هؤلاء واستردادهم لينالوا جزائهم عما ارتكبوه من افعال.
عليه ستكون دراستنا لهذا المبحث في ثلاث مطالب نخصص الاول منها لتعريف استرداد المجرمين، ونفرد الثاني لشروط الاسترداد وحالات منعه.
المطلب الاول
تعريف استرداد المجرمين
عرف استرداد المجرمين بعدة تعاريف، حيث يسعى كل تعريف لإبراز خاصية من خواصه، كما ان التعاريف جاءت متباينة حسب رؤية كل من يعرفه. فقد عرف استرداد المجرمين بانه “اجراء تعاوني دولي تقوم بمقتضاه دولة تسمى الدولة المطلوب منها الاسترداد، بتسليم شخص يوجد على اقليمها الى دولة ثانية تسمى الدولة طالبة الاسترداد او الى جهة قضائية دولية، بهدف ملاحقته عن جريمة ارتكبها او لتنفيذ حكم قضائي صدر بحقه”[4].
وبرز التعريف ان الاسترداد هو اجراء دولي، وذكر ان غايته تحقيق التعاون الدولي، كما ان مما يحسب للتعريف انه لم يستخدم لفظ المجرمين، ذلك ان الشخص ربما يكون متهما او محكوما عليه غيابيا، الامر الذي قد يؤدي الى براءته من التهمة المنسوبة اليه، كما برز التعريف ان موضوع الاسترداد ملاحقة الشخص عن جريمة.
الا ان ما يعاب على التعريف توسعه في تحديد الجهات التي تتقدم بطلب الاسترداد فشمل بذلك زيادة على الدول، المحاكم الدولية ومن المعلوم ان تسليم دولة مـــــــــــــــــــــــا لشخص موجود على اراضيها الى المحكمة الجنائية الدولية يعرف اصطلاحا بالتقديم، وهو ما قامت به روسيا عندما قدمت الرئيس السابق (سلوبودان ميلوسوفيتش) للمحكمة الجنائية الدولية، حيث كان متواجدا على اقليمها وطلبت المحكمة منها تقديمه للمحاكمة(5).
كما عُرِفَ بانه” اجراء قانوني تقوم به دولة ضد شخص موجود في اقليم دولة اخرى من اجل تسليمه لتحاكمه او ان تنفذ عليه عقوبة، وهو وسيلة من وسائل التعاون الردعي الدولي”[6].
ويسجل لهذا التعريف انه اسبغ الصفة القانونية على النظام ذلك انه من الاجراءات التي تنص عليها القوانين الاجرائية لأغلب الدول، كما ركز على ان الاسترداد يكون من دولة عن طريق مفاتحة دولة اخرى.
الا ان ما يعاب على التعريف هو استخدامه للفظ التسليم بدل الاسترداد ذلك ان التسليم قد يشمل أي شخص سواء ارتكب جريمة ام لم يرتكب.
هذا غيظ من فيض من التعاريف التي قيلت في بيان معنى استرداد المجرمين، وألينا ان نكتفي بهما ابتعاداً عن الاسهاب الممل، حيث ان اغلب التعاريف تحمل ذات المعنى والدلالة.
ونستطيع ان نعرف استرداد المجرمين بانه اجراء تعاوني دولي تطلب فيه دولة ما من دولة اخرى استرداد شخص موجود على اقليم الاخيرة، لغرض محاكمته عن جناية او جنحة ارتكبها او تنفيذ حكم بات صادر بحقه.
مما سبق ذكره يتضح لنا ان خصائص استرداد المجرمين هي:
اولا- اجراء دولي: الاسترداد اجراء دولي يتم بين دولتين، لذلك فهو يختلف عن الكثير من الاجراءات التي تتم داخل الدولة، فهذه الخاصية تجعل تنظيم الاسترداد من اختصاص القانون الدولي العام عن طريق عقد الاتفاقيات الثنائية او الجماعية(متعددة الاطراف)، من هذا المنطلق فالاسترداد يقيم علاقة بين دولتين(7).
ثانيا- ذو طابع اجرائي ووسيلة تعاونية: من المعلوم ان النصوص التي تنظم اجراء استرداد المجرمين تندرج في القوانين الاجرائية سواء اكان الاسلوب المتبع في اجراءات الاسترداد قضائيا ام اداريا، ففي العراق مثلا فان الاجراءات تبدا من وزير العدل وتنتهي بالمحكمة المختصة(8)، اما في فرنسا فان للاسترداد طابع اداري وقضائي في ذات الوقت(9).
اما عن انه وسيلة تعاون فعندما تستجيب دولة ما لطلب دولة اخرى وتسلمها شخصا متهما بارتكاب جريمة كي تحاكمه وفق قانونها الوطني، فان ذلك يحقق العدالة الجنائية ويمنع افلات
المجرمين من العقاب ويشيع روح التعاون بين الدول.
ثالثا- اجراء منعي وردعي في الوقت ذاته: كلما كان الاسترداد اجراءً واجب الاتباع بين الدول فيما يتعلق بالأشخاص مرتكبي الجرائم كلما تقلصت فرص افلات المجرمين من العقاب، كما يؤمن ذلك ايقاع الجزاء على من يستحقه وبذلك يتحقق عنصر الردع الذي يوضع الجزاء من اجله، فيصبح وسيلة من وسائل منع الجريمة ايضاً اذ من المعلوم ان من اهداف السياسة الجنائية منع ارتكاب الجريمة مستقبلا(10).
وجاءت هذه الخاصية في مقررات معهد القانون الدولي في اكسفورد، حيث بينت ان استرداد المجرمين، يحقق العدالة الجنائية، ويضمن ايقاع الجزاء، ويحقق الردع في المستقبل(11).
رابعا- اجراء تعاقدي: يذهب الفقه في تكيفه لطبيعة استراد المجرمين على انه عقد، طرفاه دولتين او اكثر، ومحله شخص طبيعي ارتكب فعلا مجرما بموجب قانون الدولتين، وانه يختلف عن عقود القانون العام (الادارية) من ناحية المحل الذي ينتج اثره فيه، فالعقود الادارية لا تنتج اثرها في الاشخاص الطبيعية، وهو في ذات الوقت أسمى مراتب التعاون الدولي التي تتم بين اعلى الجهات في الدولتين، ويتميز بالثقة والاستقامة في التنفيذ، اذ يبقى بإمكان أي من الاطراف الغاء الاتفاق او التحفظ على بعض بنوده(12).
المطلب الثاني
شروط الاسترداد وحالات منعه
لدراسة شروط الاسترداد اهمية كبيرة، حيث يعدها البعض بانها تضع الاحكام العامة التي يتم بموجبها الاسترداد(13)، كما حدد القانون حالات يمنع فيها تسليم الشخص المطلوب استرداده.
اولا- شروط الاسترداد: شروط الاسترداد منها ما يتعلق بالشخص المطلوب استرداده، ومنها ما يتعلق بالجريمة المرتكبة.
1. شروط تتعلق بالشخص المطلوب استرداده: لم يشر قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب العراقي رقم(39) لسنة(2015) الى الشروط المتعلقة بالشخص المطلوب استرداده، لكن بالعودة الى نص المادة(27) نلاحظ انها اوجبت ان يتم الاسترداد وفقا لأحكام الاتفاقيات التي صادق عليها العراق.
ومن الاتفاقيات التي صادق عليها العراق، ونظمت استرداد المجرمين في مكافحة جرائم غسيل الاموال وتمويل الارهاب هي اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لسنة 2000، ومعاهدة منظمة التعاون الاسلامي لمكافحة الارهاب الدولي لسنة 2012(14)، الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب لسنة 1998(15)، كما نظمت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد 2003 ضمن الفصل الرابع المخصص للتعاون الدولي وافردت له المادة (44) منها[16].
ونظمت اتفاقية الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية شروط تسليم الشخص المطلوب استرداده، فاذا كان الشخص المطلوب استرداده يحمل جنسية الدولة المطلوب منها تسليمه فلها الامتناع عن ذلك بشرط ان تقدم هذا الشخص للمثول امام قضائها الوطني(17)، كما احالت الى القانون الداخلي للدولة المطلوب منها تسليم الشخص كما لو اشترط قانونها الداخلي اعادته الى الدولة المطلوب تسليمه منها ان تشترط اعادته اليها، فاذا لم تقبل الدولة الطالبة بذلك، فلا يعتبر ذلك امتناعا في حال رفض الدولة الطالبة للشرط اعلاه(18)، كما اشترطت في حال رفض الدولة المطلوب منها الاسترداد تسليم الشخص لتنفيذه حكم صادر من قضائها الوطني، ان تكفل الدولة تنفيذ الحكم الصادر عليه من قضاء الدولة الطالبة، وفقاَ لقانون الدولة المطلوب منها تسليم الشخص المراد استرداده، كما اعتبرت هذه الاتفاقية تسري على الدول التي لا توجد بينها اتفاقيات لتسليم المتهمين والمحكومين، فاذا وجدت بين طرفي الاسترداد مثل هكذا اتفاقية وجب اتباع الاتفاقية الثنائية، بشرط اعلام الامين العام بوجود اتفاقية ثنائية لتسليم المجرمين عند تقديم طلب التصديق.
اما الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب، فإنها جاءت بالشروط ذاتها فيما يخص الشخص المطلوب استرداده(19).
اما اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لم تتطرق الى تحديد الاجراءات الخاصة بالتسليم وهو امر طبيعي حيث يترك ذلك الى ما تنص عليه اتفاقيات التسليم التي ترتبط بها الدول المعنية سواء كانت ثنائية او متعددة الأطراف، او ما يقرره تشريعها الداخلي في حالة وجود مثل هذا التشريع المنظم للتسليم(20).
والتساؤل الذي يثار هنا ما هي الاتفاقية الواجبة الاتباع عند تعدد جنسية المطلوب استرداده؟ للإجابة على هذا التساؤل نقول انه اذا كانت جنسية الدولة المطلوب استرداد الشخص من بين الجنسيات التي يحملها ذلك الشخص فلا يجوز تسليمه، اما اذا لم تكن فيسلم الشخص الى الدولة التي مست الجريمة امنها ومصالحها الوطنية، ثم الى الدولة التي وقعت الجريمة على اقليمها، ثم الى الدولة التي يحمل الشخص جنسيتها(21).
2. شروط تتعلق بالجريمة: هناك عدة شروط يجب توافرها في الجريمة المطلوب استرداد الشخص عنها وهي الاتي:
أ. الشرط الاول: ان تكون من جرائم غسيل الاموال او تمويل الارهاب او جرائم الفساد: جرمت اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لسنة 2000 افعال غسيل الاموال، واوجبت على الدول الاطراف اتخاذ الاجراءات التشريعية اللازمة لتجريم تلك الافعال في قوانينها الوطنية(22). اما الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب لسنة 1998 فقد جرمت هي الاخرى افعالا معينة، واوجبت على الدول الاطراف اتخاذ الاجراءات التشريعية اللازمة لتجريم تلك الافعال في قوانينها الوطنية(23).
والملاحظ على نصوص التجريم في الاتفاقيتين المشار اليها في اعلاه انهما جاءتا بتعداد للأفعال التي تعد جريمة غسيل اموال، مما يعني انها اتبعت اسلوب حصر ما يعد من الافعال جريمة، في حين ان هناك اسلوبين لتبيان ما يعد من الافعال جرائم اولهما يورد الافعال التي يراد تجريمها على سبيل الحصر، اما الثاني فيورد الافعال التي يخرجها من نطاق جريمة غسيل الاموال(24).
وبدورنا نؤيد الجانب التشريعي الذي ينص على صور السلوك الاجرامي على سبيل الحصر عملا بمبدأ الشرعية الجزائية، اضافة الى انه يمثل ضمانة من التعسف في التجريم.
ب. الشرط الثاني: التجريم المزدوج: لما كانت الاتفاقيات تصاغ من قبل اطرافها او من قبل منظمات دولية، حيث تكون غايتها تنظيم جانب معين، ومنها الاتفاقيات الخاصة باسترداد او تسليم المجرمين، وبغية ضمان تنفيذ الاسترداد كإجراء قانوني يوضع شرط التجريم المزدوج ويعني “ان يكون الفعل المطلوب عنه استرداد الشخص مجرم في تشريعي الدولتين طالبة الاسترداد والمطلوب منها الاسترداد”(25).
وهو اهم شروط الاسترداد ذلك انه يمثل اعمالا لمبدأ الشرعية الجزائية، كما انه يؤدي الى عدم مطالبة الدولة التي يوجد الشخص على اقليما بتسليمه لارتكابه فعلا مباحا، اما بالنسبة للدولة طالبة الاسترداد فيبين ان موقفها هو محاكمة الشخص المتهم وايقاع العقاب به(26)، كما انه يجعل كلا الدولتين متحمستين لتنفيذ مما يشكل ضمانة لتنفيذ نظام الاسترداد(27). واكدت اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية على ذلك بقولها(شريطة ان يكون الفعل المراد الاسترداد عنه معاقبا عليه بموجب القانون الداخلي لكلتا الدولتين)(28).
اما الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب فقد اخذت هي الاخرى بهذا الشرط اذ نصت على(بشرط ان يكون الفعل الذي يطلب الاسترداد من اجله مجرما في القانون الداخلي لكلا الدولتين الطالبة والمطلوب منها)(29).
ويدخل في نطاق التجريم المزدوج شرط التماثل في العقاب، فإضافة الى كون الجريمة معاقبا عليها في قانون الدولتين، يجب ان يكون نوع العقوبة معمولا به في كلا الدولتين ومنصوص عليه في قانونهما، فاذا كان القانون العراقي يعاقب على الجريمة بالإعدام وقانون الدولة المطلوب منها استرداد المتهم يحرم عقوبة الاعدام فلا مجال للقول بالاسترداد هنا(30).
ت. الشرط الثالث: عدم الاخذ بنظام التقادم، او العفو العام: يعني التقادم انقضاء فترة من الزمن حددها القانون من وقت وقوع الجريمة دون ان تتخذ السلطات أي اجراء من اجراءات الدعوى الجزائية(31)، اما العفو العام فيقصد به “ازالة الوصف الاجرامي عن الفعل الذي غالبا ما يكون قد ارتكب في ظروف اجتماعية سيئة كفترات الاضطراب”(32).
ولكون اغلب التشريعات الجنائية تأخذ بنظام التقادم، لذلك كان لزاما مناقشة هذا الشرط، فأي قانون هو المعيار في انقضاء الدعوى بالتقادم، خصوصا مع سكوت نصوص الاتفاقيات محل المناقشة عن بيان ذلك؟
تقتضي الاجابة على هذا التساؤل ان نعود الى نصوص الاتفاقيات الخــــــــــــــــــــــ ـــــــاصة باسترداد المجرمين والتي يكون طرفي الاسترداد قد صدقــــــــــــــــــــــ ـــــــا عليها، وذلك لان قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب رقم (39) لسنة(2015) يحيلنا الى الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق وذلك في المادة 27 منه، وهنا يقتضي العودة الى اتفاقية الرياض لتسليم المجرمين لسنة 1983 والتي تذهب الى ان انقضاء الدعوى الجزائية بالتقادم او بالعفو استنادا لقانون احدى الدولة طالبة الاسترداد(33).
اما عن العفو العام فان صدور عفو عام عن الجريمة وفقا لقانون الدولة المطلوب منها تسليم الشخص المراد استرداده فان ذلك يمنع من تسليمه للدولة الطالبة ذلك ان العفو العام يمحو كل اثار الجريمة.
ث. الشرط الرابع: انتفاء اختصاص الدولة المطلوب منها الاسترداد بمعاقبة الشخص: علة هذا الشرط انه اذا كانت الدولة التي فر اليها المجرم مختصة بجريمته فالأقرب الى المنطق انها من تتولى محاكمته وتنفيذ العقوبة بحقه، اعمالا لسيادتها، وبذلك لا يكون هناك مبرر لإجابتها على طلب الاسترداد(34).
المبحث الثاني
التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات في اطار اتفاقية الامم المتحدة
لمكافحة الفساد لسنة 2003
منذ بدايات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حدث تطوراً كبيراً في الجهود الدولية الساعية إلى مكافحة الفساد المالي والاداري وغسيل الاموال واسترداد الأموال المتحصلة عن ممارسات الفساد الحكومي والإداري. وقد نتج عن تلك الجهود إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية والاقليمية المعنية بتعزيز وتفعيل التعاون الدولي في تلك المجالات، ومن بين تلك الاتفاقيات وأهمها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد 2003، أكد الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان على أن (الفساد وباء غادر يترتب عليه نطاق واسع من الأثار الضارة في المجتمعات. فهو يقوض الديمقراطية وسيادة القانون، ويؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان وتشويه الأسواق وتدهور نوعية الحياة، ويتيح ازدهار الجريمة المنظمة والإرهاب، وغير ذلك من التهديدات لازدهار الأمن البشري)(35).
وتمس جرائم الفساد اقتصاد الدولة فتؤدي الى انخفاض الدخل القومي عن طريق تقليل الانتاج للمؤسسات الوطنية، كما تؤدي الى انخفاض معدلات الادخار والاستثمار، وارتفاع معدلات التضخم، وتدهور قيمة العملة الوطنية وتشويه صورة الاقتصاد الوطني، وضعف الثقة بقيمة العملة الوطنية(36).
ولتلافي تلك الاثار وتحقيق الردع لمن يتسبب فيها ومنع من يحاول ارتكاب جرائم الفساد مستقبلاً، ارتأينا تقسيم هذا المبحث الى مطلبين نخصص الاول منها لمفهوم استرداد الموجودات. ونفرد الثاني لطرق استرداد الموجودات.
المطلب الاول
مفهوم استرداد الموجودات
جاءت الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد لتؤكد في المواد (43 -62) الموزعة على الفصول: (4، 5، 6) من الاتفاقية على استحالة مكافحة الفساد باعتباره ظاهرة كونية دون وجود تعاون فعال وجدي بين الدول الأطراف في مكافحة الفساد على المستويين الوطني والدولي، حيث تلتزم الدول الأطراف بالتعاون فيما بينها من أجل تبادل المساعدة التقنية والخبرات والمعلومات المتعلقة بالفساد، وخاصة التعاون في التحقيقات والإجراءات المتعلقة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد، وكذلك التعاون في الإجراءات القضائية المتعلقة بالجرائم الواردة في الاتفاقية، وتعاون الدول في نقل الأشخاص المحكوم عليهم في جرائم الفساد لقضاء فترة العقوبة أو اكمالها، والتعاون في مجال نقل الإجراءات الجنائية الخاصة بالأفعال المجرمة بموجب الاتفاقية، والتعاون في انفاذ القانون، والتعاون في مجال تنفيذ أساليب التحري الخاصة المسموح بها قانونا للكشف عن جرائم الفساد، والتعاون في مجال تسليم المجرمين من مرتكبي جرائم الفساد، واسترداد الموجودات المتحصلة من جرائم الفساد، والتعاون في مجال تبادل المعلومات والمساعدة التقنية والتدريب.
ومن خلال استعراض نصوص الاتفاقيات يتبين لنا الاحكام العامة لاسترداد الموجودات المتحصلة عن جرائم الفساد. يتطلب بيان مفهوم الاسترداد اولا، ومن ثم نبين ضوابط تسليم الاموال المطلوب استردادها، واخيرا وقف تسليم الاموال او رفض تسليمها او استردادها بشكل مؤقت، وذلك على النحو الاتي:
اولا. تعريف استرداد الموجودات
والمقصود به مجموعة النصوص الإجرائية والتنسيقية الواردة في الفصل الخامس من الاتفاقية وتهدف هذه النصوص إلى إعادة الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد إلى بلدان الأصل التي نهبت منها هذه الأموال من خلال آليات للتعاون بين الدول الأطراف في الاتفاقية.
ويهدف مفهوم استرداد الموجودات الذي يشكل مبدأ أساسي في الاتفاقية إلى القضاء على الدافع الذي يلجأ إليه مرتكبي هذه النوعية من الجرائم وهو التحايل للحصول على هذه الأموال غير المشروعة، ويؤدي كذلك إلى إقرار العدالة وإعادة بناء الثقة في النظم السياسية والقانونية الوطنية، إضافة إلى ما تقدم يسهم في جبر الضرر الواقع على الدول من جراء تحويل هذه العائدات وبالتالي يؤدي إلى التنمية الاقتصادية.
ويعد استرداد الموجودات من الابتكارات البالغة الأهمية، ويمثل هذا المحور أهم جوانب مكافحة الفساد لاسيما على الصعيد عبر الوطني، إذ يؤدي تفعيل هذا المحور إلى حرمان مرتكبي الجرائم من ثمار مشروعهم الاجرامي مهما بلغت سبل الاخفاء والتمويه من تعقيد، غير أن نجاح هذا الأمر يدور وجوداً وعدماً مع مدي تعزيز الدول الأطراف التعاون فيما بين بعضها البعض في هذا الشأن، وتفيد الدراسات والإحصاءات الصادرة عن المنظمات المعنية بمكافحة الفساد واسترداد الأصول المنهوبة عن ضآلة الأصول التي تم استردادها، وأن نسبة ما تم استرداده لا تتجاوز2%من الأموال المسروقة من دول نامية شعوبها في حاجة إلى لتنمية(37).
واسترداد الموجودات بناءً على المفهوم اعلاه هو تعاون قانوني وقضائي، غايته كشف الحقيقة في جريمة من الجرائم المنظمة، كما ان هذا الاجراء يخص الجريمة عبر الوطنية اذ ليس من المنطق ان تطلب الدولة من نفسها استرداد اموال في حيازتها، كما ان الاموال المطلوب استردادها قد تكون في حيازة الجاني وقت القبض عليه، وقد يكشف عنها فيما بعد(38).
ثانيا. ضوابط تسليم الموجودات او الاموال المطلوب استردادها
قررت الاتفاقيات الدولية المشار اليها انفاً ان استرداد الموجودات او الاموال المتحصلة من جرائم الفساد او جريمة غسل الاموال او التي ثبت انها يراد استخدامها في تمويل الارهاب يخضع للضوابط التالية(39):
1. تقوم الدولة المطلوب منها استرداد الموجودات او الاموال بالقدر الذي تسمح به قوانينها بضبط وتسليم الدولة الطالبة كل الممتلكات، بما فيها المواد والمستندات التي قد توجد في الدولة الطلوب استرداد الاموال منها والتي تم اكتسابها نتيجة للجريمة او متعلقة بها او التي قد تصلح كأدلة، وذلك اذا تمت الموافقة على الاسترداد(40).
يشكل شرط القيد الذي تسمح به قوانين الدولة المطلوب اليها الاسترداد عقبة في سبيل استرداد الاموال وذلك تتمثل في اختلاف النظم القانونية والقضائية في الولايات القضائية المختلفة، ما يعني في بعض الحالات أن لا يعتبر السلوك المرتكب والمنشئ للطلب، ممثلاً لجريمة في الولاية القضائية المقدم إليها الطلب، إضافة إلى انخفاض مستويات الخبرة القانونية في الدول التي تطالب بالاسترداد في بعض الحالات، وغياب السبل المؤسسية والقانونية التي يمكن من خلالها متابعة المطالبات بنجاح، ووجود حصانات وحقوق لطرف ثالث(41).
كما يجب ان يكون الفعل الذي يمثل الجريمة الاصلية التي اتت منها عائدات جريمة غسل الاموال وتمويل الارهاب مجرما في كلتا الدولتين طالبة الاسترداد والمطلوب اليها الاسترداد(42).
2. يتم تسليم الاموال غير المشروعة حتى ولو تعذر الاسترداد نظراً لوفاة او اختفاء او هروب الشخص المطلوب.
جاء هذا الضابط لان الاموال تعد من الادلة على ارتكاب الجريمة، وبالتالي فهي احد ادلة الاثبات التي تستعين بها سلطات التحقيق، كما انها وسيلة لقطع الطريق على من يرغب بالاستفادة من هذه الاموال(43).
وبدورنا نرى ان هذا الضابط يشتمل على صورتي السياسة الجنائية الدولية والتي تتمثل اولاها بسياسة الردع من حيث إلزام الدولة المطلوب استرداد الاموال منها بضرورة ذلك، وثانيهما منع استخدام تلك الاموال في تمويل الارهاب.
3. احترام حقوق الدولة المطلوب استرداد الموجودات منها او الطرف الثالث والمتعلقة بتلك الموجودات.
غالباً ما يتم إرجاع الاصول المصادرة إلى الخزانة العامة أو صندوق المصادرة لدى الولاية القضائية المقدم إليها الطلب، ولا تعاد مباشرة إلى الولاية القضائية الطالبة. أما إذا كانت اتفاقية الامم المتحدة مطبقة، ففي هذا الحالة، ووفقاً للمادة 57 منها، تلزم الدول المقدم إليها الطلب بإرجاع الاموال إلى الطرف الطالب في حالات اختلاس الاموال العامة أو غسلها، أو عندما يثبت الطرف الطالب على نحو معقول ملكيته للأموال. أما إذا لم تكن اتفاقية الامم المتحدة مطبقة، فيمكن تطبيق (اتفاقيات تقاسم الاصول)، ويجوز إعادة الاصول مباشرة إلى الضحايا، أو إلى ولاية قضائية أجنبية من خلال أمر قضائي بالاسترداد المباشر(44).
4. مراعاة حقوق الغير حسن النية وطبيعة الموجودات محل الاسترداد.
وضع هذا الضابط لضمان حقوق الاشخاص حسنيي النية في الاموال المطلوب استردادها، فليس من العدل استرداد الاموال من شخص ألت اليه عن طريق عقد بيع عقار مثلاً.
5. تجميد الاموال او حجز الممتلكات او التحفظ عليها دون امر قضائي في حالة الاستعجال.
وضع هذا الضابط لمعالجة التعذر في ملاحقة الجاني بسبب الوفاة أو الفرار أو الغياب أو حالات أخرى مناسبة، فقد عالجت الاتفاقية العربية لمكافحة جريمة غسل الاموال وتمويل الارهاب حيث قضت في المادة (28/3) بقيام الدول الاطراف إلى النظر في اتخاذ ما يلزم من تدابير للسماح بمصادرة الممتلكات المتأتية من الفساد دون إدانة جنائية في هذه الحالات. وتعتبر مصادرة الاصول دون الاستناد إلى حكم إدانة، أداة بالغة الاهمية لاسترداد عوائد الفساد، إذ أنها آلية قانونية تقضي بتقييد الاصول غير المشروعة وضبطها ومصادرتها وحجزها تمهيدا لردها الى من يطلب استردادها(45).
ثالثا. وقف تسليم الاموال او رفض تسليمها او استرداها بشكل مؤقت
تضمنت نصوص الاتفاقيات الدولية احكاماً تتعلق بوقف تسليم الاموال، او رفض تسليمها، فقد نصت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لسنة 2000 على (عندما تتخذ الدول الاطراف بناءً على طلب دولة طرف اخرى وفقاً للمادة 13 من هذه الاتفاقية، تنظر تلك الدولة على سبيل الاولوية، بالقدر الذي يسمح به قانونها الداخلي واذا ما طلب منها ذلك في رد عائدات الجرائم المصادرة او الممتلكات المصادرة الى الدولة الطالبة…….)[46].
كما نصت المادة 28/1 من الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب على (تلتزم الدول الاطراف وفقا لنظامها القانوني ان تقدم كل منها للأخرى اكبر قدر من المساعدة القانونية المتبادلة في الملاحقات واجراءات الاستدلال والتحقيقات والاجراءات القضائية الاخرى فيما يتعلق بجرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب).
ويلاحظ على النصوص اعلاه انها اشترطت لوقف تسليم الاموال او رفض تسليمها ان ينص القانون الداخلي للدولة المطلوب منها الاسترداد على وقف تسليم تلك الاموال، وهذا الوقف سببه اما لتعلق تلك الاموال بإجراءات التحقيق التي تقوم بها الدولة المطلوب منها الاسترداد، او لأنها تمت مصادرتها وفقا لقانون تلك الدولة، او بأية اجراءات تتعلق بالولاية القضائية لتلك الدولة، كما يلاحظ ان اتفاقية الامم المتحدة وضعت شرطا واحدا لرفض تسليم الاموال المراد استردادها وهو التسليم في حالة كون الفعل المطلوب استرداد الاموال الناشئة يشكل جرما بموجب هذه الاتفاقية(47).
ان الملاحظ على هذا النص انه يشكل معوقا لتعزيز التعاون الدولي في مجال استرداد تلك الاموال لذلك نرى ان اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية اشترطت ان تسلم الدول الاطراف في الاتفاقية نسخا من قوانينها الداخلية واللوائح التنظيمية وبنسخ عن اية متغيرات تدخل لاحقا على قوانينها(48).
بينما نجد إن المادة (55/6) من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد جاءت لتنص على جواز الاسترداد المؤقت للأموال بدلاً من رفض طلب الاسترداد او تأجيله، وذلك وفقا لاتفاق ثنائي يعقد مع الدولة طالبة الاسترداد، وقد منحت هذه المادة سلطات الدولة المطلوب منها استرداد الاموال ان تقرر تسليم الاموال مؤقتاً للدولة الطالبة، وذلك في حالة تعلق حقوق الغير حسنيي النية بتلك الاموال، او وجود اتفاق ثنائي بين الدولتين، كما ان الاسترداد المؤقت قد يكون لغرض الاستدلال بالأموال لإثبات جريمة من غسل الاموال او تمويل الارهاب(49).
وفي حالة تعدد طلبات استرداد الاموال من اكثر من دولة فان الاتفاقيات لم تبين ذلك لذا فان فإننا نرى تنفيذ طلبات الاسترداد يكون للدولة التي مست الجريمة بأمنها ومصالحها، ثم الدولة التي ارتكبت الجريمة على اقليمها، ثم الاسبقية في تقديم الطلبات، ثم للدولة التي يحمل مالك الاموال(الجاني) جنسيتها، ثم طبيعة الاشياء المطلوب استردادها، ومفاد ذلك ان الاموال ترد للدولة التي اضرت الجريمة بأمنها ثم للدولة التي ارتكبت في اقليمها الجريمة ثم للدولة التي
يحمل الجاني بجنسيتها فاذا اتحدت الظروف روعي الاسبقية في طلب الاسترداد(50).
المطلب الثاني
طرق استرداد الموجودات
لم تكتف اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد بالإعلان عن إن استرداد الموجودات يمثل مبدأ اساسي في الاتفاقية، انما اهتمت بتفصيل مختلف الاحكام ذات الصلة بمسائل الاسترداد وفي هذا الإطار اقرت طرق متعددة لاسترداد الموجودات بداية من الاسترداد المباشر للممتلكات مروراً باسترداد الممتلكات من خلال التعاون الدولي في مجال المصادرة وصولا لاسترداد الموجودات من خلال التعاون الخاص (التلقائي)، واخيراً ارجاع الموجودات، وذلك على النحو الاتي:
اولا. الاسترداد المباشر للموجودات
نظّمت المادة (53) من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد عمليات الاسترداد المباشر للممتلكات[51] واقرت في هذا الإطار ثلاثة انواع من الاجراءات دعت الدول الأطراف وفقاً لقوانينها الداخلية وضعها موضع النفاذ[52] وهي:
1- السماح لدولة اخرى برفع دعوى مدنية امام محاكم الدولة المطالبة بالحق في الممتلكات التي اكتسبت عن طريق احدى جرائم الفساد المشمولة بالاتفاقية.
2- اصدار محاكم الدولة حكماً بالتعويض ضد احد مرتكبي جرائم الفساد لصالح دولة اخرى متضررة من الجريمة.
3- اعتراف محاكم الدولة او سلطاتها المختصة وهي بصدد اصدار امر المصادرة بحق دولة اخرى في ملكية الاموال المصادرة باعتبارها المالك الشرعي لهده الاموال.
والجدير بالذكر هنا إن الاتفاقية قد حفّزت على انتهاج سبيل الدعوى المدنية كأداة للاسترداد المباشر للموجودات، وكوسيلة مهمة في اطار النظام الاجرائي لملاحقة مرتكبي جرائم الفساد، وتزداد اهميتها بالنظر لكونها تتخذ في دولة لصالح دولة اخرى، وهو ما يعكس تطوراً هاماً في مفاهيم واليات القانون الدولي[53].
في حين إن اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 قد حفّزت على انتهاج سبيل الدعوى الجزائية كأداة للاسترداد المباشر، وهو أمر محمود لما فيها من اجراءات التحقق والاستدلال ما ليس في الدعوة المدنية، ولم تهمل امر الدعوى المدنية وجعلتها بديلاً لها عند الاقتضاء حيث يستلزم الامر احيانا العودة الى الدعوى المدنية لحجر ممتلكات شخص ما او لمنعه من التصرف فيها مؤقتا. كما تعتبر هذه التدابير من صور الحماية القضائية لاسترداد عوائد الفساد والجريمة المنظمة ومنها غسل الاموال ودعم وتمويل الارهاب، التي تزداد أهميتها لكونها تتخذ في دولة لصالح دولة أخرى(54).
ثانيا. استرداد العائدات من خلال التعاون الدولي في مجال المصادرة
كرست اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد طريقة مستحدثة لاسترداد عائدات الفساد وذلك من خلال تنظيم موضوع مصادرة الممتلكات او الاموال المتحصلة عن جرائم الفساد، حيث تعتبر تلك المصادرة مثل أي مصادرة اخرى عقوبة جنائية، ولكن تنفيذ تلك العقوبة في جرائم الفساد يتسم بأهمية وربما بإشكالية خاصة مبعثها إن الممتلكات او الاموال محل المصادرة تكون موجودة في دولة غير تلك الدولة التي وقعت فيها جريمة الفساد، وبالتالي فان الأمر يتعلق بجريمة عابرة للحدود ومن ثم فان اجراءات المصادرة تكون أيضا ذات طابع عابر للوطنية[55].
وقد اهتمت الاتفاقية بتنظيم المصادرة على نحو تفصيلي فأفردت لها بصيغة اساسية المادة (31) من الاتفاقية والمادة (55) من الفصل الخامس الخاص باسترداد الموجودات، ويتم اتخاذ القرارات ومباشرة الاجراءات في مجال مصادرة الاموال او الممتلكات المتحصلة عن جرائم الفساد المشمولة بالاتفاقية وفقاً للقانون الداخلي للدولة الطرف بما يضمه من تشريعات وطنية واتفاقيات وترتيبات ثنائية او متعددة الأطراف تلتزم بها الدولة[56]. فاذا لم تكن الدولة متلقية طلب المصادرة مرتبطة بمعاهدة ثنائية وكان قانونها الداخلي لا يجيز مصادرة اموال متحصلة عن جريمة ارتكبت في دولة اخرى الا بموجب معاهدة، جاز لهذه الدولة إن تعتبر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد هي الاساس القانوني لما تقوم به من اجراءات المصادرة[57].
وقد اوضحت الاتفاقية التدابير والاجراءات التمهيدية التي تسبق مصادرة الاموال او الممتلكات المتحصلة عن احدى جرائم الفساد في الفقرة(2) من المادة (55) من الاتفاقية الخاصة بالتعاون الدولي من اجل المصادرة[58].
وتتم المصادرة بإحدى الاليتين، اما بان تقوم الدولة بإحالة الطلب الى سلطاتها المختصة لاستصدار امر مصادرة تقوم بتنفيذه، واما إن تحيل الدولة مباشرة الى سلطاتها المختصة امر المصادرة المقدم اليها من دولة اخرى ليتم تنفيذه بالقدر المطلوب وهذا ما اشارت الفقرة (1) من المادة (55) من الاتفاقية[59].
وفيما يخص الاجراءات اعلاه اوجبت الاتفاقية ان يتم تحديد الاموال المطلوب استردادها على وجه لا يسمح باللبس، فاذا كانت من المنقولات كالعملة النقدية وما شابهها وجب تحديد مكان وجودها او المصرف الذي اودعت به، اما اذا صدر قرار المصادرة عن محكمة مختصة في اقليم الدولة طالبة الاسترداد فيجب تزويد الدولة المطلوب استرداد الاموال منها بنسخة قانونية وعن طريق الجهات المختصة، ليتسنى لها تنفيذ القرار(60).
ثالثا. استرداد العائدات من خلال التعاون الدولي في مجال المصادرة
لم تكتف اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد بوضع الطريقتين الاولى والثانية اللتين لم تكتف اللتين كرستهما لاسترداد الموجودات والمتمثلتين في الاسترداد المباشر للممتلكات واسترداد الموجودات من خلال التعاون الدولي في مجال المصادرة، انما انشأت طريقة ثالثة تتمثل في استرداد الممتلكات من خلال التعاون الخاص[61]، ويقصد به التعاون التلقائي الذي يتم بمبادرة من احدى الدول لصالح دولة اخرى دون إن يكون مسبوقاً بطلب من هذه الاخيرة، فتقوم الدولة بتقديم ما تمتلكه من معلومات تتعلق بعائدات احدى جرائم الفساد المشمولة بالاتفاقية الى دولة طرف اخرى متى قدرت إن لهذه المعلومات جدوى في قيام الدولة الاخرى بأجراء التحقيقات او الملاحقات او أي اجراءات قضائية[62].
وقد يترتب على تقديم هذه المعلومات بشكل تلقائي إن تقدم الدولة التي استفادت منها بتقديم طلب مساعدة لاسترداد عائدات الفساد وقد نصت على التعاون الخاص بشأن التقصي عن متحصلات جرائم الفساد المادة (56) من الاتفاقية تنص على ما يلي(تسعى كل دولة طرف، دون اخلال بقانونها الداخلي، إلى اتخاذ تدابير تجيز لها أن تحيل، دون مساس بتحقيقاتها أو ملاحقاتها أو إجراءاتها القضائية، معلومات عن العائدات المتأتية من الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية إلى دولة طرف أخرى دون طلب مسبق، عندما ترى أن إفشاء تلك المعلومات قد يساعد الدولة الطرف المتلقية على استهلال أو إجراء تحقيقات أو ملاحقات أو إجراءات قضائية أو قد يؤدي إلى تقديم تلك الدولة الطرف طلبا بمقتضى هذا الفصل من الاتفاقية).
رابعا. ارجاع الموجودات او العائدات المتأتية من جرائم الفساد
يعتبر ما اسمته الاتفاقية (ارجاع الموجودات) او عائدات الفساد في المادة (57) منه هو الاجراء الاخير، واكثرها اهمية وجدوى، بالنسبة للدول المتضررة التي ارتكبت فيها جريمة من جرائم الفساد، وقد كان هذا الموضوع من اكثر المواضيع محلا للخلاف واثارة للجدل ابان الاعمال التحضيرية والمفاوضات التي سبقت اقرار الاتفاقية[63].
وقد تضمنت الفقرة (3/ج) من المادة(57) المخصصة لتنظيم ارجاع الموجودات والتصرف فيها طرق مختلفة للإرجاع من بينها ارجاع تلك الممتلكات الى الدولة الطرف الطالبة لها، او الى اصحابها الشرعيين السابقين، او تعويض ضحايا الجريمة، وهذا يعني إن التصرف في عائدات الفساد المصادرة لا يعني في كل الاحوال ارجاعها الى الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم بدليل عدم النص بوجوب ارجاع العائدات الى الدولة التي نهبت منها، من إن مدلول عبارة (اصحابها الشرعيين) تستوعب الدولة الا أنها قد تستوعب غيرها من الشركات او المنظمات او الجمعيات التي يمكن إن تقحم نفسها باعتبارها ضحية من ضحايا جريمة الفساد[64].
كما إن الفقرة (1) من المادة (57) قد بينت بوضوح ايضا إن التصرف في الممتلكات المصادرة المتحصلة عن جرائم الفساد يتم بطرق منها ارجاع هذه الممتلكات الى مالكيها الشرعيين السابقين وهذا يعني إن التصرف بتلك الاموال لا يتم بالضرورة وفي كل الاحوال عن طريق اعادتها الى الدولة التي ارتكبت فيها تلك الجرائم، وهو ما يستفاد من عبارة النص الصريحة (يتم بطرق منها) ومعنى ذلك إن هناك طرق اخرى يمكن من خلالها التصرف بتلك الاموال المصادرة تكتم عنها مشرعي الاتفاقية عن ذكرها[65].
وفي كل حال من الاحوال فقد اكدت الفقرة (2) من المادة (57) على إن (تعتمد كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتمكين سلطاتها المختصة، عندما تتخذ إجراء ما بناء على طلب دولة طرف أخرى، من إرجاع الممتلكات المصادرة، وفقا لأحكام هذه الاتفاقية، ومع مراعاة حقوق الأطراف الثالثة الحسنة النيّة).
الخاتمة
بعد ان انهينا بحثنا هذا نتوصل الى جملة من الاستنتاجات والمقترحات وهي:
اولا. الاستنتاجات:
1. إن عملية مكافحة جرائم الفساد والوقاية منها هي عملية معقدة نظرا لخصوصية هذا النوع من الجرائم الذي يرتكب في دواليب الدولة من قبل شخص نوعي وهو الموظف الذي يسعى الى محو اثار الجريمة والقضاء على ادلتها.
2. إن قضية مكافحة جرائم الفساد بكل صوره وانواعه في اجهزة الدولة قد ازدادت اهمية في السنوات الاخيرة لذا لجأت الدول الى عقد عدد من الاتفاقيات الدولية التي تساعد في مكافحة جرائم الفساد وحث الدول على الانضمام والتصديق عليها.
3. يعد استرداد الأصول أمرا أساسيا في مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، بغية تجريد المجرمين من أرباحهم غير المشروعة وضمان عدم الاستفادة من الجريمة.
4. على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة على المستوى الوطني والدولي في مكافحة الفساد، الا انه ما زال يشوب هذه المكافحة على المستوى الدولي العديد من مواطن القصور وذلك لوجود عوائق مختلفة تعترض هذه المجابهة يتعين الوقوف عندها للتوصل الى كيفية تجاوزها.
5. ضعف فاعلية الجهود الدولية والإقليمية الرامية لمواجهة الفساد والحد منه، وعدم اتخاذ الآليات الكفيلة الكافية في سبيل مكافحته.
6. ندرة المعاهدات الدولية المبرمة ذات الصلة بمكافحة الفساد على الصعيد الإقليمي التي عقدت في سبيل مكافحته، وعدم فاعلية الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.
7. عملية الموائمة لم تتم في داخل الدول، مما زاد الأمر تعقيداً، وذلك من خلال عدم إدماج أو تنفيذ الاتفاقيات ذات الصلة بمكافحة الفساد.
8. لم يكن بمقدور الدول مكافحة الفساد بمفردها، بل تحتاج إلى تعاون دولي من خلال التنظيم الدولي أو عبر الأدوات القانونية المتمثلة في المعاهدات المبرمة.
ثانياً. المقترحات:
1- تلزم المادة (30) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد كل دولة طرف باتخاذ ما يلزم من تدابير واجراءات، وفقا لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية، بملاحقة مرتكبي جرائم الفساد والتحقيق معهم وإحالتهم للقضاء لمحاكمتهم عن تلك الجرائم، وضمان انفاذ الأحكام الصادرة في حق المتهمين منعًا من إفلاتهم من العقاب.
2- التعاون دولياً وإقليمياً لمكافحة الفساد بكل أشكاله، والظواهر الأخرى ذات العلاقة بالفساد كالجريمة المنظمة وغسل الأموال، والانضمام والتصديق على المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحقق مكافحة الفساد.
3- ضرورة وضع نظام صارم لاسترداد الاموال والمنافع المتحصلة من جرائم الفساد.
4- ضعف الخبرة القانونية المتعلقة بعملية استرداد الأموال المهربة إلى الخارج، فضلاً عن ضعف التنسيق على المستوى الوطني بين اللجان المختلفة المشكلة لهذه المسألة.
5- ان التحقيق في قضايا الفساد تتطلب اجراءات صعبة لان الفاسد يلجأ الى اتباع اساليب ملتوية في ارتكاب الجريمة مما يصعب اكتشاف تلك الجرائم ونجد من الضروري ان تمنح هيئة النزاهة صلاحيات اخرى تتمثل في التحري الدقيق عن مرتكبي جرائم الفساد.
6- ضرورة تشديد عقوبة جرائم الفساد وخصوصاً جريمة الرشوة والاختلاس وتعديل القوانين العقابية لخطورة الجرائم المرتكبة وذلك للحد من ارتكاب هذه الجرائم.
7- عقد اتفاقات ثنائية مع الدول التي لم تصادق على الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الجريمة المنظمة او جريمة غسل الاموال وتمويل الارهاب او جرائم الفساد بغية تنظيم اجراءات استرداد المجرمين والاموال الناشئة عن الجرائم.
8- توسيع التعاون الدولي والاتفاقيات الدولية الثانية بين الدول في مجال تبادل لمعلومات والخبرات، واسترداد الموجودات، والمساعدة القضائية وتسليم المجرمين وخاصة في جرائم الفساد، وعدم تذرع الدول بسيادتها الوطنية في هذا الصدد لكونها قد صادقت على الاتفاقيات ذات الإطار.
9- تعتبر ملاحقة مرتكبي جرائم الفساد ومعاقبتهم جنائياً وتأديبياً، من أهم وسائل مكافحة الفساد التي تساهم في الحد منه فيما إذا أْحسن العمل بها والأخذ بالأسباب التي تصلح لتجنب نتائجها السلبية الخطيرة على الوظيفة العامة وحقوق الإنسان.
10- ضرورة تطوير آليات مكافحة الفساد الموجودة في الاتفاقيات الدولية لتتلاءم مع خصوصية البلد التي ستتطبق فيه، مع التأكيد على الأهداف المشتركة لكل تلك البلدان في تحقيق مستوى عالٍ من الحكم الصالح والشفافية، وعدم عرقلة الجهود المبذولة لانضمام كافة تلك البلدان إلى الاتفاقيات العالمية والإقليمية لمكافحة الفساد.
11- تطوير القوانين والتشريعات الوطنية التي تتعلق بمكافحة الفساد بأشكاله المختلفة ومراجعتها باستمرار، والعمل على إزالة أوجه التعارض الذي قد يعتريها، وتكثيف الجهود من أجل تأطيرها وبما يتلاءم من انتشار هذهِ الظاهرة.
12- إن إجراءات استرداد الاموال المهربة الى الخارج تحتاج إلى صدور أحكام قضائية باتة وقاطعة بإدانة المتورطين في ارتكابها، وتخوف الدول التي بها الأموال من إصدار أحكام سياسية، وليست قضائية، كل هذه الأمور أعاقت عملية استرداد الأموال في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي للدول.
13- ضرورة تحميل الدول التي لا تدمج النصوص والأحكام الخاصة بمكافحة الفساد في القوانين الوطنية مسؤولية دولية، علماً أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لم تعالج المسؤولية الدولية المترتبة على المخالفة أو عدم الإدماج.
14- ايلاء موضوع الاوساط الاكاديمية وطلبة الجامعات حصتها من التدريس لموضوع مكافحة الفساد، والمبادرة من قبل اللجنة القطاعية لكليات القانون في الجامعات العراقية على وجه الخصوص في اقرار مادة مستقلة تعنى بتدريس تدابير مكافحة الفساد.
15- لغرض تفعيل العراق للالتزامات الدولية الواردة في اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، ان تتم موائمة التشريعات الوطنية ذات الصلة مع المواثيق الدولية بموجب اسلوب الاحالة، من خلال الجواز للمشرع الوطني اصدار نص قانوني يتكون من مادة واحدة أو بضعة مواد، يحيل بموجبه التشريع الداخلي الى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد، فيما يعد من قبيل جرائم الفساد، على ان يتولى التشريع الداخلي تحديد العقوبات المقررة لتلك الجرائم.