دراسات قانونيةسلايد 1
دراسة موجزة حول دور القضاء المصري في حماية حقوق الإنسان
“مقدمة “
يتمتع الأفراد في الدولة القانونية بالحقوق و الحريات بناء على إرادة المشرع الدستوري لا بناء على أفكار القانون الطبيعي وحدها
و لقد كان مذهب القانون الطبيعي يرى أن هناك نوعا من الحقوق لا يحتاج إقراراها إلى إرادة المشرع لأنها طبيعية تنشأ للإنسان بحكم طبيعته الإنسانية و تعتبر حقوقا أساسية لأنه لا يمكن للفرد أن ينعم بحياته داخل المجتمع بدون احترام هذه الحقوق و قد قيل بأنه يمكن التعرف على هذه الحقوق بالعقل فلا يجوز لأي سلطة وضعية أنم تخالفها و إلا كان القانون المخالف لها غير شرعي كما قيل بأنه نظر إلى أن هذه الحقوق الطبيعية يتبينها العقل فإنها تتصف بالعالمية و لذلك فإن القانون الوضعي في تحديده للحقوق و الحريات يخضع للقانون الطبيعي و من ثم نهض القانون الوضعي بدور فعال في حماية هذه الحقوق الطبيعية بما يوفره لها من حماية قضائية تكفل احترامها إذا ما تعرض للانتهاك
و لقد حرص الدستور المصري الصادر سنة 1971 على النص في المادة 41 منه على أن ” الحرية الشخصية حق طبيعي ” مشيرا بذلك إلى التأكيد على أن الحرية و إن أعلنتها إرادة السلطة السياسية إلا أنها مستوحاة و مستمدة من الطبيعة الإنسانية للفرد , و من ثم فهي ليست منحة قابلة العطاء أو المنع , و إنما هي قيمة إنسانية يحميها الدستور كما عني الدستور المصري بالنص صراحة على قائمة م الحقوق و الحريات في الباب الثاني الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع و في الباب الثالث الخاص بالحريات و الحقوق و الواجبات العامة و في الباب الرابع بسيادة القانون
و إذا كان الدستور هو المرجع في تحديد القانون و الحريات و أن التشريع يأتي منظما لممارسة هذه الحقوق و الحريات ثم تأتـي قرارات السلطة التنفيذية في مجال الضبط الإداري ليبين من ذلك كله إلى أي مدة كان احترام القرارات الإدارية لهذه الحقوق و الحريات
إن الرقابة القضائية على مكل ما تقدم تأتي تعبيرا عن الحماية القضائية لحقوق الإنسان حيث أدى القضاء المصري على مدى التاريخ دورا حاسما في تأكيد هذه الحماية و لسوف نعرض في هذه الدراسة الموجزة لأبرز ملامح الحماية القضائية لحقوق الإنسان من خلال ثلاثة أقسام تعرض فيها لاتجاهات الحماية في القضاء في كل من :
المحكمة الدستورية العليا , محكمة القضاء الإداري و المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة المصري و محكمة النقض
القسم الأول :
حماية المحكمة الدستورية العليا لحقوق الإنسان
أولا: حماية حقي الانتخاب و الترشيح
نصت المادة ( 62) من الدستور المصري على أن ” للمواطن حق الانتخاب و الترشيح و إبداء الرأي في الاستفتاء وفقا لأحكام القانون , و مساهمته في الحياة العالمة واجب وطني “
و من أبرز ملامح اتجاهات قضاء المحكمة الدستورية العليا في مجال حماية هذين الحقين المبادئ التالية :
التطبيق الأول للحماية :
الرقابة على التشكيل البرلمان المصري :
1- حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان تكوين مجلس الشعب:
أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها في الدعوى رقم 37 لسنة 9 ق بجلسة 19 من مايو سنة 1990 تأكيدا لدورها الرائد في حماية حقي الانتخاب و الترشيح و قد كان ذلك بمناسبة رقابتها على مدى حق المشرع في اختيار النظام الانتخابي في ضوء المبادئ الدستورية المقررة
و سوف نعرض بإيجاز لمنطوق الحكم و المبادئ القانونية الهامة التي أرساها
منطوق الحكم :
” حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة مكررا من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 فيما تضمنه من أن النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية “
المبادئ القانونية :
1- الحقوق السياسية المنصوص علها في المادة 62 من الدستور و من بينها حقي الانتخاب و الترشيح من الحقوق العامة التي حرص الدستور على كفالتها و تمكين المواطنين من ممارستها و اعتبارها واجبا وطنيا لاتصالها بالسيادة الشعبية 0 حقا الانتخاب و الترشيح من الحقوق العامة التي حرص الدستور على كفالتها ة تمكين المواطنين من ممارستها و اعتبارها واجبا وطنيا لاتصالها بالسيادة الشعبية 0 حق الانتخاب و الترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدونهما و لا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها إذا هما أفرغا من المضمون الذي كفل جدية و فاعلية ممارستهما
2- عدم التمييز في أس مباشرة الحقوق السياسية بين المنتمين للأحزاب السياسية و غير المنتمين إليها , و النص في المادة 62 من الدستور على كفالة الحقوق السياسية جاء رهينا بصفة المواطنة فحسب طليقا من قيد الحزبية , و مبدأ تكافؤ الفرص و المساواة أمام القانون يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة
3- سلطة المشرع التقديرية في اختيار النظام الانتخابي , حدها عدم الخروج على القيود و الضوابط و المبادئ التي نص عليها الدستور و عدم المساس بالحريات و الحقوق العامة التي كفلتها نصوصه
4- نص المادة الخامسة مكررا المطعون عليها بعدم الدستورية على تحديد مقعد واحد في كل دائرة مخصصا لنظام الانتخاب الفردي يجري الانتخاب عليه بين المرشحين غير المنتمين إليها , و تخصيصها عدة مقاعد في الدائرة خالصة لمرشحي القوائم الحزبية يتضمن إخلالا صريحا بحق المواطنين غير المنتمين لأحزاب سياسية في الترشيح على قدم المساواة و على أساس من تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية و تمييزا قائما على أساس من تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية و تمييزا قائما على أساسا الاختلاف الآراء السياسية بالمخالفة للمواد ( 8 ) و ( 40) و ( 62) من الدستور
5- القضاء بعدم دستورية النص التشريعي الذي أجريت انتخابات مجلس الشعب بناء عليه , مؤداه و لازمه بطلان تكوين المجلس منذ انتخابه و دون أن يستتبع ذلك إسقاط ما أقره المجلس من قوانين و قرارات و ما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة و حتى تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية بل تظل على أصلها من الصحة نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها أو يقضي بعدم دستورية نصوصها التشريعية إن كلن ذلك ثمة وجه أخر غير كما بني عليه هذا الحكم
2- حكمي المحكمة الدستورية ببطلان تكوين مجلس الشورى و المجالس الشعبية المحلية :
1- حكمها في الدعوى رقم 23 لسنة 8 ق جلسة 15/4/1989 ( مجلس الشورى )
2- حكمها في الدعوى رقم 14 لسنة 1989 ( المجالس الشعبية المحلية )
التطبيق الثاني للحماية :
حماية ضمانة الإشراف القضائي على الانتخابات :
أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما تاريخيا أكد على حماية ضمانة الإشراف القضائي على الانتخابات , حيث قضت :
” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية – قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 – فيما تضمنه من جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية “
و قد جاء هذا الحكم تعبيرا عن الحماية القضائية لحقوق الإنسان و منها حقي الترشيح و الانتخاب التي حملها على كاهله كل من قضاء مجلس الدولة و المحكمة الدستورية العليا , و قد تبدى ذلك من خلال المراحل التي مرت بها تلك الحماية و التي تمثلت في حكمي محكمة القضاء الإداري و المحكمة الدستورية العليا و فيما يلي نعرض في إيجاز لهذين الحكمين :
أولا حكم محكمة القضاء الإداري
حكمت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 667 لسنة 45 قضائية بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1990 ” بالسماح للمدعي بإقامة دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرات الثنية و الرابعة و الخامسة من المادة 24 و المادة 34 و الفقرة الثالثة من المادة 35 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقرار بقانون رقم 2:2 لسنة 1990 “
و قد أسست محكمة القضاء الإداري حكمها المشار إليه على الأسس الآتية :
” أنه عن الدفع المبدي من المدعي بعدم دستورية المواد 24 , 29 , 34 , 35/3 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1990 لمخالفتها لنص المادة 88 من الدستور , فإن الدفع المثار بعدم دستورية المواد 24 , 34 , 35/3 من القانون المذكور دون المادة 29 يتوافر له بحسب الظاهر من أسباب الجدية ما ينأى به عن أن يكون محض دفع كيدي و هو ما لا يتأتى حجب المدعي عن قاضيه الطبيعي بتمكينه من اللجوء بدفعه إلى المحكمة الدستورية العليا التي وسد إليها دون غيرها أمانة الفصل في دستورية القوانين و اللوائح “
( صدر الحكم برئاسة المغفور له المرحوم المستشار / نبيل أحمد سعيد رئيس محكمة القضاء الإداري و عضوية السادة المستشارين / بخيت محمد اسماعيل و حمدي ياسين عكاشة)
ثانيا : حكم المحكمة الدستورية العليا :
حكمت المحكمة الدستورية في الطعن رقم 11 لسنة 13 قضائية ” دستورية ” بجلسة 8 من يولية سنة 2000 :
” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية – قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 – فيما تضمنه من جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية “
و أقامت المحكمة حكمها على سند من الأسس الآتية :
1- أن نصوص الدستور لا يمكن أن تكون مجرد نصوص تصدر لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها و إنما هي قواعد ملزمة لا يجوز تهميشها أو تجريدها من أثارها و إيهانها من خلال تحوير مقاصدها أو الإخلال بمقتضياتها أو الإعراض عن متطلباتها , فيجب دوما أن يعلو الدستور , و لا يعلى عليه و أن يسمو و لا يسمى عليه
2- أن الدستور القائم أورد في مادته الثامنة و الثمانين نصا غير مسبوق لم تعرفه الدساتير المصرية من قبل , إذ نص على أن يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب و يبين أحكام الانتخاب و الاستفتاء على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية “
مما يقطع بأن المشرع الدستوري – احتفاء بعملية الاقتراع بحسبانها جوهر حق الانتخاب – أراد أن يخضعها لإشراف أعضاء من هيئة قضائية ضمانا لمصداقيتها و بلوغا لغاية الأمر منها باعتبار أن هؤلاء هم الأقدر على ممارسة هذا الإشراف بما جلبوا عليه م الحيدة و عدم الخضوع لغير ضمائرهم – و هو مما تمرسوا عليه خلال قيامهم بأعباء أمانتهم الرفيعة حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم في مناخ تسوده الطمأنينة على أنه لكي يؤتى هذا الإشراف أثره فإنه يتعين أن يكون إشرافا فعليا لا صوريا و لا منتحلا و إذا كانت عملية الاقتراع تجري وفقا لأحكام القانون – في اللجان الفرعية فقد غدا لزاما أن تحاط هذه العملية بكل الضمانات التي تكفل سلامتها و تجنبها احتمالا للتلاعب بنتائجها , تدعيما للديمقراطية التي يحتل منها حق الاقتراع مكانا عليه بحسبانه كافلا لحرية الناخبين في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية لتكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدر السلطات وفقا للمادة الثالثة من الدستور
3- إنه ما إذا تطلب الدستور أمرا فلا يجوز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكمه برغم استحالة تطبيقه , سيما و إنه لم يستلزم إجراء الانتخاب في يوم واحد و إلا غدا الدستور بتقريره هذه الضمانة عابثا و لانحلت القيود التي يضعها سرابا
4- أنهه و إذا استوجب النص الطعين عقد رئاسة اللجان العامة في جميع الأحوال لأعضاء من هيئة قضائية , إلا أنه يسمح برئاسة اللجان الفرعية التي يجري الاقتراع أمامها لغيره , فأصبح الاقتراع يتم بمنأى عن اللجنة العامة دون أن يكفل المشرع لهذه اللجنة التي يرأسها عضو الهيئة القضائية الوسيلة اللازمة و الكافية لتحقيق الإشراف الحقيقي على الاقتراع و من ثم يضحى النص المطعون عليه قاصرا على الوفاء بما تطلبه الدستور من إشراف أعضاء من هيئة قضائية على الاقتراع مهدرا بذلك ضمانة رئيسية تتعلق بحقي الترشيح و الانتخاب و بالتالي يكون مخالفا لأحكام المواد 3 , 62 , 64 , 88 من الدستور
5- إن إجراء انتخابات مجلس الشعب بناء على نص تشريعي قضي بعدم دستوريته يؤدي إلى بطلان تكوينه منذ انتخابه إلا أن هذا البطلان لا يترتب عليه البته إسقاط ما أقره ذلك المجلس من قوانين و قرارات و ما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بل تظل تلك القوانين و القرارات و الإجراءات قائمة على أصلها من صحة و من ثم تبقى نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستوريا أو يقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم يصدر من هذه المحكمة إن كان ذلك وجه أخر ما بني عليه هذا الحكم
المبادرة إلى تنفيذ الحكم الدستوري و إجراء الانتخاب لعضوية مجلس الشعب عام 2000 تحت الإشراف القضائي للجان العامة و الفرعية :
نفذا لحكم المحكمة الدستورية العليا صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فصار رؤساء اللجان العامة و اللجان الفرعية من أعضاء الهيئات القضائية و تولت كل هيئة قضائية تحديد أعضائها الذين توافق على اختيارهم للإشراف على عملية الاقتراع كما صارت لجنة الفرز برئاسة رئيس اللجنة العامة و عضوية اثنين من رؤساء اللجان الفرعية يختارهما رئيس اللجنة العامة , و يعلن رئيس اللجنة العامة نتيجة الانتخاب
و قد كان لهذه الحماية القضائية لحقوق الإنسان ممثلة في حقي الترشيح و الانتخاب في مصر تحت الإشراف القضائي بما كان كافلا لإنجاز الانتخابات اتسمت من هذا الجانب بالحياد و النزاهة و هي تجربة تستحق المزيد من الفحص و التأمل و الدراسة لتدعيم إيجابيتها و العمل على تلافي سلبياتها
التطبيق الثالث للحماية
انتخاب ممثل العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام :
عبرت المحكمة الدستورية العليا عن حمايتها لحق الترشيح حين عرض عليها أمر مدى دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1973 في بندها السادس الذي كان يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس إدارة وحدات القطاع العام ” ألا يكون من شاغلي وظائف الإدارة العليا ” فقضت المحكمة في القضية رقم 17 لسنة 14 ق ” دستورية ” بجلستها المنعقدة في 14 يناير سنة 1994 بعدم دستورية نص البند السادس من المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1973 فيما تضمنه من حظر ترشيح شاغلي وظائف الإدارة العليا لعضوية مجالس إدارة شركات قطاع الأعمال العالم التابعة و ألزمت الحكومة المصروفات “
أهم المبادئ التي قررتها المحكمة في هذا الحكم :
يملك العاملون في وحداتهم الإنتاجية و وفقا للدستور حق الاقتراع لاختيار من يمثلوهم و يدافعون عن مصالحهم في مجالس إدارتها , و من غير المفهوم أن يقف الدستور من حقهم في الترشيح موقفا مختلفتا بأن يمنعهم منه إذا كانوا شاغلين لوظيفة بعينها في وحداتهم الإنتاجية حال أن المراكز الأعلى لوظيفة بعينها منيت الصلة بالشروط الموضوعية التي يتطلبها التمثيل في مجالس إدارتها
1- حق الاقتراع و الترشيح متكاملان و لا يجوز أن تفرض على أيهما تلك القيود التي لا تتصل بتكامل العملية الانتخابية و ضمان مصداقيتها أو بما يكون كافلا إنصافها و تدفق الحقائق الموضوعية المتعلقة بها
2- لا يجوز التذرع بتنظيم العملية الانتخابية للحد من حرية التعبير التي تتوخى أن توفر لهيئة الناخبين الحقائق التي تعينها على تحديد موقفهم من المرشحين الذين يريدون الظفر بثقتها , من خلال تعريفها بأحقيتهم في الدفاع عن مطالبهم
3- أعاق النص المطعون فيه الشاغلين لوظائف الإدارة العليا بالوحدة الاقتصادية , من نشر لأفكار و الآراء التي يؤمنون بها و نقل رسالتهم إلى هيئة الناخبين التي لا يجوز فرض الوصاية عليها أم بعثرة تكتلاتها , و لا أن تحرم أفرادها أو فئة بينهم – لها توجهها الخاص من أن تكون تجمعاتهم طريقا إلى بلورة أفكارهم و تحديد مطالبهم
ثانيا : حماية حرية التعبير
يصعب الوقوف عند عدد محدود من المبادئ القضائية التي قررتها المحكمة الدستورية العليا إزاء هذا الوخم الهائل من التصدي لهذه الحرية الهامة , و لسوف نعرض لبعض هذه المبادئ فيما يلي :
التطبيق القضائي الأول للحماية حرية التعبير و حق انتقاد القائمين بالعمل العام :
قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 37 لسنة 11 بجلستها المنعقدة في 6 من فبراير سنة 1993 ” بعدم دستورية ما تضمنته المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية من إلزام المتهم – المكلف بالحضور إلى المحكمة مباشرة و بدون تحقيق سابق – بأن يقدم خلال الخمسة أيام التالية لإعلان تكليفه بالحضور بيان الأدلة على صحة كل فعل أسنده إلى موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة و إلا سقط حقه في إقامة الدليل المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات “
و قد قررت المحكمة العديد من المبادئ الهامة حماية لحق التعبير نعرض فيما يلي لبعض منها :
1- لا يجوز أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة العامة أو النيابة أو الخدمة العامة أو مواطن الخلل في أداء واجباتها بل يتعين و كلما نكل القائمون بالعمل تخاذلا و انحرافا عن حقيقة واجباتهم تقوم إعوجاجاتهم باعتبار أن ذلك حق و واجب يرتبط ارتباطا عميقا بالمباشرة الفعالة للحقوق التي ترتكز في أساسها على المفهوم الديمقراطي لنظام الحكم
2- الطريق إلى السلامة القومية إنما يكمن في ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح لمواجهة أشكال من المعاناة – متباينة في أبعادها – و تقرير ما يناسبها من الحلول التابعة من الإرادة العامة , و ليس لأحد بالتالي أن يفرض على غيره صمتا و لو كان معززا بالقانون و لأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل و لحرية الإبداع و الأمل و الخيال , و هو في كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن و التعبير عن أرائه بما يعزز الرغبة في قمعها
3- انتقاد القائمين بالعمل العام – و إن كان مريرا يظل متمتعا بالحماية التي كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه احرية أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها
قضاء أخر في ذات الاتجاه :
قضت المحكمة الدستورية العليا بمبادئ مماثلة في القضية رقم 42 لسنة 16 ق ” دستورية “
بجلستها المنعقدة في 20 مايو سنة 1995 فقضت بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية من إلزام المتهم بارتكاب جريمة القذف بطريق النشر في إحدى الصحف أو غيرها من المطبوعات أن يقدم للمحقق عند أول استجواب له و على الأكثر في الخمسة أيام التالية بيان الأدلة على كل فعل أسند إلى موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة , أو مكلف بخدمة عامة و إلا سقط حقه في إقامة الدليل المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات “
و من أهم ما أكدته المحكمة في تلك القضية المبادئ التالية :
1- ليس أدعي على إعاقة الحوار الحر المفتوح , من أن يفرض قانون جنائي قيودا باهظة على الأدلة النافية لتهمة التعريض بالسمعة , إلى حد يصل إلى إهدار الحق في تقديمها إسقاط هذه القيود يكون لازما
2- لا يجوز أن يقوم المحامون بعمل من جانبهم يخل بالمعاونة الفعالة التي يقدمونها لموكليهم كذلك لا يجوز التدخل تشريعيا بما يعوق إنفاذ متطلباتها
التطبيق القضائي الثاني للحماية
عدم مسئولية رئيس الحزب عن جرائم النشر :
عبرت المحكمة الدستورية العليا عن حمايتها لحرية التعبير و حق النشر في حكمها الصادر في القضية رقم 25 لسنة 16 ق ” دستورية ” بجلستها المنعقدة يوم 3 من يولية سنة 1995 حين قضت : ” بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 “
و كانت تلك الفقرة تنص على أن :
” يكون رئيس الحزب مسئولا مع رئيس تحرير صحيفة الحزب عما ينشر فيها “
و قد قررت المحكمة العديد من المبادئ الهامة في مجال حماية هذه الحرية أهمها ما يلي :
1- إن إنفاذ القيود التي تفرضها القوانين الجنائية على الحرية الشخصية يتعين أن يكون رهنا بمشروعيتها الدستورية – وجوب صياغة النصوص العقابية بما يحول دون انسيابها أو تباين الآراء حولها أو تقرير المسئولية الجنائية في غير مجالاتها عدوانا على الحرية الشخصية المكفولة في الدستور
2- الأصل في الجريمة ألا يتحمل عقوبتها إلا من ادين بارتكابها و تفترض شخصية العقوبة التي كفلها الدستور شخصية المسئولية الجنائية بما يؤكد تلازمها
3- افتراض براءة المتهم يمثل أصلا دستوريا يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها و ليس بنوع العقوبة المقررة لها , و هو لا يتمحض عن قرينة يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور لكي يوفر من خلالها لكل فرد الأمن في مواجهة التحكم و التسلط و بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها جريمة ثابتة بغير دليل و بما يرد المشرع عن افتراض ثبوتها بقرينة قانونية ينشئها
4- المسئولية التي قررها النص المشار إليه في شأن رئيس الحزب هي في حقيقتها نوع من المسئولية بطرق القياس و هي تفترض أن زمام الصحيفة الحزبية بيد رئيس الحزب و أن إخلالا وقع منه في مجال تقييم ما ينشر بها و هو افتراض لا يستقيم و طبائع الأشياء و تأباه العدالة الجنائية , و يناهض مقوماتها و قواعد إدارتها
ثالثا : حماية الحرية الشخصية
و في مجال حماية الحرية الشخصية لا يتسع المجال لسرد الفيض الهائل من القضاء الحاسم لأمر حماية هذه الحرية العزيزة الغالية , و سوف نكتفي في هذا المجال بعرض أحد النماذج الهامة و هو المتصل بحماية حرية الملبس
التطبيق لقضائي بشأن ” حماية حرية الملبس
تتصل هذه القضية بقرار إداري صدر من وزير التعليم برقم 113 لسنة 1994 بإلزام تلاميذ و تلميذات المدارس الرسمية و الخاصة بارتداء زى موحد وفقا لمواصفات حددها القرار من ثم صدر قرار مفسر له فأقام أحد أولياء الأمور دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لم ترتب عن هذا القرار من طرد ابنتيه المنقبتين و قد أحالت المحكمة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية قرار وزير التعليم المشار إليه
و قد أصدرت المحكمة الدستورية حكمها في القضية رقم 8 لسنة 17 ق “دستورية ” بجلستها المنعقدة في 18 مايو سنة 1996 فقضت برفض الدعوى و أرست و أكدت مجموعة من المبادئ الهامة التي عبرت بها عن دورها في حماية الحرية الشخصية و حرية العقيدة و من أهم هذه المبادئ ما يلي :
1- أن الإسلام أعلى قدر المرأة و حضها على صون عفافها و أمرها بستر بدنها عن المهانة و الابتذال لتسمو المرأة بنفسها عن كل ما يشينها أو ينال من حيائها
2- ليس للمرآة شرعا إطلاق إرادتها في اختيارها لزيها بل يتعين أن يستقيم كيانها و أن يكون لباسها عونا لها على القيام بمسئوليتها في مجال عمارة الأرض
3- الشريعة الإسلامية في جوهر أحكامها و بمراعاة مقاصدها – تتوخى من ضبط ثياب المرأة إعلاء قدرها و بما لا يوقعها في الحرج إذا اعتبر بدنها كله عورة مع حاجتها إلى الخروج لمباشرة ما يخصها من الأعمال التي تختلط فيها بالآخرين ليس جائزا أن يكون لباسها مجاوزا حد الاعتدال و لا احتجابا لكل بدنها ليضيق عليها اعتسافا و لا إسدالا لخمارها من وراء ظهرها زينتها إلا ما لا يعد عورة و هما وجهها و كفاها و بل و قدماها عند البعض
4- لا دليل من القرآن أو السنة على أن لباس المرأة يتعين شرعا أن يكون احتجابا كاملا , متخذا نقابا لا يظهر منها إلا عيناها و محجراها – كشف المرأة لوجهها أكفل لحيائها و أدعى لرفع الحرج عنها
5- قرار وزير التعليم و القرار المفسر له في شأن الزى المدرسي لا يناقض فيما قرره من وصف الزى المدرسي للطالبات نص المادة الثانية من الدستور, فحق الاجتهاد في المسائل الخلافية مقررة لوالي الأمر بما يسر للناس شئونهم و بما لا يعطل المقاصد الكلية للشريعة و لا يناقض هذه المقاصد تنظيم ولي الأمر في دائرة بذاتها ليس الفتاة على النحو الذي صدر به القرار المذكور يدخل في دائرة التنظيم المباح فيما توخاه من تنظيم لرداء الفتاة في دائرة المعاهد العلمية المحددة فيه , و ليس هذا في شأن القرار افتئات على حرية العقيدة
رابعا : : حماية حق تكوين الأحزاب “
نعرض فيما يلي لأحد النماذج من أحكام المحكمة الدستورية العليا فقي مجال حماية حرية حماية حق تكوين الأحزاب و التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحرية التعبير عن الرأي من جانب و بحرية الصحافة و النشر من جانب أخر :
التطبيق القضائي بشأن ” عدم دستورية شرط الموافقة على معاهدة السلام كشرط لتأسيس الأحزاب السياسية:
قضت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة في 7 مايو سنة 1988 في القضية رقم 44 لسنة 7 ق ” بعدم دستورية البند سابعا 9 من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية فيما تضمنه من اشتراط ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قيادته من تقوم أدلة جدية على قيامه بالدعوى أو المشاركة في الدعوى أو التجنيد أو الترويح بأي طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل التي وافق عليها الشعب بتاريخ 20 من أبريل سنة 1979
و قد أكد هذا الحكم على حماية العديد من حقوق الإنسان أبرزها حقه في التعبير عن حقه دون قيود تجهض الحق في ذاته كما أكدت على الحق في تكوين الأحزاب كما أنه لا يجوز حرمان أي مواطن منهنه لاعتناقه ما يراه من الآراء و أهم ما انطوى علبه هذا الحكم الهام من مبادئ ما يلي :
1- أنه و إن كان من المقرر طبقا لقواعد القانون الدولي العام أن المعاهدات الدولية التي تتم إبرامها و التصديق عليها و استفاء الإجراءات المقررة لنفاذها لها قوتها الملزمة لأطرافها و أن على الدول المتعاقدة احترام تعهداتها لمقررة بمقتضاها طالما ظلت المعاهدة قائمة و نافذة إلا أن ذلك ليضفي على المعاهدة حصانة تمتع المواطنين من مناقشتها و نقدها و إبداء رأيهم فيها ذلك أن حرية التعبير عن الرأي بما تشمله من إباحة النقد هي حرية عامة دستورية مقررة بنص المادة 47 من الدستور لكل مواطن أن يمارسها في حدودها المشروعة يؤكد ذلك أن الدستور كفل في المادة 62 منه أن المواطن له حقوقا عامة سياسية و اعتبر مساهمته في الحياة العامة عن طريق ممارسة تلك الحقوق واجبا وطنيا و من هذه الحقوق حق إبداء الرأي في الاستفتاء و إذ كان الرأي يحتمل القبول و ارفض فإن هذا النص الدستور يكون قد أقر للمواطن بحريته الكاملة بالموافقة أو عدم الموافقة على ما يجري عليه الاستفتاء من أمور و جاء مؤكدا لحريته في التعبير عن رأيه فيما يعرض عليه من مسائل أو يدور حوله من أحداث على النحو الذي ترتاح إليه نفسه و يطمئن إليه وجدانه 0 و من ثم لا يجوز أن يكون استعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور هي حرية في التعبير عن رأيه سببا في حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى قررها الدستور
2- أنه لما كامن مؤدى هذا النص هو حرمان فئة من المواطنين من حقهم في تكوين الأحزاب السياسية حرمانا أبديا و هو حق كفله الدستور و قد رتب عليه النص المطعون عليه في شق منه هذا لحرمان على أخذ هؤلاء الأشح0اص بأراءهم التي تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل سالفة الذكر , فإن هذا النص يكون قد انطوى على إخلال بحريتهم في التعبير عن الرأي و حرمانهم حرمانا مطلقا و مؤبدا من حق تكوين الأحزاب السياسي بما يؤدي إلى مصادرة هذا الحق و إهداره و يشكل مخالفة للمادتين 5 , 47 من الدستور
خامسا : حماية الحق في تكوين أسرة :
لقد أدت المحكمة الدستورية العليا دورا رائدا و حاسما في حماية عزيز من حقوق الإنسان و هو ( الحق في تكوين الأسرة ) فقضت بعدم دستورية عدد من النصوص التي كانت تحجب أو تقيد من هذا الحق و أبرز هذه النصوص ما كان منها يحد من حرية الزواج و حق الزوج أو الزوجة في أن يرافق أيهما الأخر عند السفر للعمل خارج البلاد
و فيما يلي نعرض لملامح و حدود هذه الحماية في تلك المجالات المتعددة
التطبيق القضائي الأول
حماية حق الزوج و حق اختيار الزوجة :
تصدت المحكمة الدستورية لأمر مدى دستورية نص البند السادس من المادة 73 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 , و التي كانت تورد ضمن شروط التعيين بمجلس الدولة شرط ” ألا يكون متزوجا من أجنبية “
و قد أكدت المحكمة في قضائها الصادر في القضية رقم 23 لسنة 16 ق بجلستها المنعقدة في 18 من مارس سنة 1995 المبادئ التالية :
1- الحرية الشخصية أصل يهيمن على الحياة بكب أقطارها لا قوام لها بدونها و يندرج تحتها تك الحقوق التي لا تكتمل الحرية الشخصية في غيبتها و من بينها الحق في الزواج و ما يتفرع عنه من تكوين أسرة و تنشئة أفرادها
2- لا يجوز التدخل تشريعيا في العلائق الزوجية للحد من فرص الاختيار التي تنشئها على أساس من الوفاق و المودة ما لم تكن القيود التي فرضها المشرع على هذا الاختيار عائد إلى مصلحة جوهرية لها ما يظاهرها
3- إغفال النص في الدستور المصري على حق الزوج لا عني إنكاره , ذلك أن الحق في الخصوصية المنصوص عليه في المادة 45 من الدستور يشملها و أنه لا يجوز أن يركن المشرع لسلطته التقديرية ليحد على ضوئها من بمن يتزوج و بمن لا يتدخل في أغوار هذه العلاقة بعد اكتمال بنيانها بالزواج
4- حق اختيار الزوج تؤيده المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري , و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة
5- إهدار لمبدأ المساواة أمام القانون أو يختص قانون مجلس الدولة أعضاؤه بحكم هذا البند مقرا بمقتضاه قيدا على حقهم في اختيار الزوج للغير مصلحو جوهرية و مايز بذلك بينهم و بين غيرهم ممن ينهضون بأعباء الوظيفة القضائية رغم تماثلهم جميعا في مراكزهم القانونية
__________________
التطبيق القضائي الثاني
حماية الحق في مرافقة الزوج :
كانت المادة 89 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ترخص للجهة الإدارية في منح الإجازة الخاصة التي يطلبها عضة هيئة التدريس لمرافقة زوجه , و قد اعتبرت المحكمة الدستورية العليا هذا الترخيص إخلالا بوحدة الأسرة و إخلالا كذلك بفرض العمل , فقضت في القضية رقم 33 لسنة 15 ق بجلستها المنعقدة في 2 من ديسمبر سنة 1995 ” بعدم دستورية نص المادة 89 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات “
و قد أفرد حكمها العديد من المبادئ القانونية التي عبرت بها عن حرصها على حماية الحق في تكوين أسرة و حماية مبدأ وحدة الأسرة و من هذه المبادئ ما يأتي :
1- الحق في تكوين أسرة – و هو وثيق لصلة بالحرية الشخصية – لا يجوز للمشرع أن يقتحم الحياة العائلية للزوجين متغولا على أسرارها و أن الحق في تكوين أسرة لا ينفصل بالضرورة عن الحق في صونها على امتداد مراحل بقائها
2- إن النص المطعون فيه قد أفرد أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بتنظيم خاص
ينال من وحدة الأسرة و ترابطها و يخل بالأسس التي يقوم عليها و بالركائز التي لا يستقيم مجتمعها بدونها و مايز بذلك و على غير أسس موضوعية بينهم و بين غيرهم من العاملين المدنيين في الدولة فإنه بذلك يكون متبينا تميزا تحكميا منهيا عنه بنص المادة 40 من الدستور
سادسا : حماية الحق في إنشاء النقابات و الاتحادات و حماية الحق في المجتمع بلورت المحكمة الدستورية جهدها الصادق في كفالة هذه الحماية في العديد من أحكامها التي نعرض منهال الأحكام التالية
التطبيق القضائي الأول :
حماية الحق في إنشاء النقابات :
في حكمها الصادر في القضية رقم 27 لسنة 16 ق دستورية بجلستها المنعقدة في 15 من أبريل سنة 1995 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 38 من قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 فيما تمن عدم جواز الجمع بين عضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية و العضوية العاملة في نقابة مهنية بما يزيد على 20 % من مجموع عدد أعضاء هذا المجلس و بسقوط باقي نص هذه الفقرة
و كانت هذه المادة لا تجيز الجمع بين عضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية و العضوية العاملة في نقابة مهنية بما يزيد على 20 % من مجموع أعضاء هذا المجلس ما لم تكن أغلبية المنظمة النقابية من المنتمين إلى نقابات مهنية
و قد أكد هذا القضاء العديد من المبادئ المؤكدة لدور المحكمة الدستورية في حماية حقوق الإنسان و من أهم المبادئ ما يأتي :
1- مبدأ الحرية النقابية يعني حق العمال و دون تميز فيما بينهم في تكوين منظماتهم النقابية و بغض النظر عن معتقداتهم و أرائهم السياسية و توجهاتهم أو انتمائتهم , و دون إخلال بحق النقابة ذاتها في أن تقرر بنفسها أهدافها و وسائل تحقيقها و طرق تمويلها و إعداد القواعد التي تنظم شئونها
2- لا يقوم التنظيم النقابي إلا على الإرادة الحرة و لكل عامل بالتالي حق الانضمام إلى المنظمة النقابية التي يطمئن إليها و كذلك الحق في أن يعدل عن البقاء فيها
3- الحق في التجمع يعني انضمام عدد من الأشخاص إلى بعضهم لتبادل وجهات النظر في شأن المسائل التي تعنيهم
4- حق المرشحين في الفوز بعضوية المجالس التي كفل الدستور أو المشرع صفتها التمثيلية لا ينفصل عن حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم , لاختيار من يثقون فيه من بينهم ذلك أن هذين الحقين متلازمان و يتبادلان التأثير فيما بينهم
5- لا يجوز إهدار فوز المهنيين الذين فازوا بعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية العمالية لمجرد مجاوزتهم النسبة التي حددها النص المطعون فيه و هي 20 % من مجموع عد أعضاء هذا المجلس و إلا كان ذلك تشويهيا لإرادة القاعدة العمالية إلى منحهم ثقتها على ضوء اقتناعها بوقفهم من قضاياها و أن اختيار من يمثلون أعضاء النقابة بمجلس إدارتها , لا يرتبط بموقعهم من النقابة ذاتها , و ما إذا كانوا هم الأكثر أو الأقل عددت بين جموعها بل بقدرتهم على تأمين مصالحها
التطبيق القضائي الثاني :
حماية حق التقاضي في مجال التنظيمات النقابية :
تعرضت المحكمة الدستورية العليا للقيد الذي أوردته بعض التشريعات على حرية الناخب أو المرشح أو العضو النقابي في الطعن على قرارات الجمعيات العمومية أو انتخاب النقيب و أعضاء مجلس الإدارة الذي اشترط لمباشرة حق التقاضي توقيع مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية و من بين هذه الأحكام
1- حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 15 لسنة 145 ق جلسة 15 مايو 1993 ( الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممي الفنون التطبيقية )
2- حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 18 لسنة 19 ق ( الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية )
و من أم المبادئ التي تقررت بالحكم الأخير المبادئ التالية :
1- كفالة الدستور حق لتقاضي للناس جميعا – عدم جواز إرهاق الخصومة بقيود إجرائية أو مالية تتمخض إعناتا تعثر ه الخصومة القضائية
2- لا تعارض بين حق النقابة في صون مصالحها الجماعية و حق كل من أعضائها في التداعي قضاء لحملها على مراعاة القيود التي فرضها الدستور أو المشرع عليها و هما حقان متوازيان
3- عدم إجازة النص المطعون عليه لعضو النقابة الطعن منفردا باشتراطه نصابا معينا على القرار الصادر من جمعيتها العمومية بجرد حق التقاضي من مضمونه فالمصالح الشخصية لا يحميها إلا أصحابها من خلال الخصومة القضائية و ينافي هذه الخصومة أن يظهر آخرون فيما لا تربطهم بها صلة مباشرة تتوحد من خلالها مصالحهم
و ليس من شك في أن دور المحكمة الدستورية الرائد في حماية حقوق الإنسان كان ويظل السياج الذي حمي الحقوق والحريات و يدفع الإنسان المصري دوما إلى تحقيق آماله إلى تحقيق أمال في مجتمع آمن يساهم في تحقيق تنميته و رفاهيته
__________________
القسم الثاني :
حماية محكمتي القضاء الإداري و الإدارية العليا لحقوق الإنسان :
ليس من شك في أن مجلس الدولة المصري كان و ما زال و سيظل بإذن الله دوما كافل الحريات الفردية
و ركنها الركين , و و حامي الحقوق العامة موئلها الحصين , و مفزع المظلومين و قبلة المستعفين فقد أرسى الأس في مجال حماية حقوق الإنسان و أقر الدعائم و وطد الركائز و دافع عن حق الشعب النبيل في التمتع بكامل حرياته العامة و حقوق أفراده و راقب الإدارة لتكوين معتصمة دوما بالقانون بعيدا عن الهوى , و ناضل من أجل حق الوطن في أن تقوم نظم ثابتة مستقرة ترتكز على ركنين من القانون و العدالة فكان مجلس الدولة هو الغوث الذي يفزع إليه الأفراد و الجماعات متى ظن أحدهم أنه مسلوب الحق , وهم إذ يلجأون إليه سواء حكومة أو أفرادا إذ لا قوى لديه و لا ضعيف و إن هيمن القوى أخذ منه الضعيف متى استحقه لم يرهب أحد لقوته و لم يستخف بحق أحد لهوانه و ضعف حيلته , فقد عظم في أحكامه الحرمات و نهض بالتبعات و أماط الشبهات و لم يحفل أمام التضحيات و قام رجاله في جل العصور بجليل مهامهم بعد أن قاموا في محرابهم بما لزم ضمائرهم من الانقطاع لفرائض العدل و الصبر على مناكسه
و فيما يلي نعرض لما يحتمله مقام هذه الدراسة الموجزة من قضاء المحكمة الإدارية العليا و محكمة القضاء الإداري حمل فيه على عاتقه لواء حماية حقوق الإنسان
أولا : حماية الحريات الشخصية :
1- حماية حريتي التنقل و السفر :
2- حرص القضاء الإداري المصري في باكورة قضائه على التأكيد على حماية الحرية الشخصية فقر :
إن الحرية الشخصية حق مقرر لا يجوز الحد منه أو انتقاصه إلا لمصلحة عامة في حدود القوانين و اللوائح و دونما تعسف أو انحراف في استعمال السلطة
( حكم محكمة القضاء الإداري – الدعوى رقم 1474 / 5 ق – جلسة 12/1/1953)
كما أكد في مجال حماية حرية التنقل على أن :
إن حق التنقل و هو فرع من الحرية الشخصية للفرد لا يجوز مصادرته دون علة , و لا مناهضته دون مسوغ أو تقييده بلا مقتض
( حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه )
و قد فاض قضاء محكمتي القضاء الإداري و الإدارية العليا بعظيم الأحكام التي صانت للمواطن حقه في التنقل و السفر و إذ كان لنا في هذه الدراسة الموجزة إن نعرض لمثال لتوجيهات قضاء مجلس الدولة حديثا نحو حماية هذا الحق , فإننا نعرض لهذا الحكم محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد ) الصادر في الدعوى رقم 10431 لسنة 53 ق بجلستها المنعقدة قفي 23 من نوفمبر سنة 1999
حماية حرية القضاء الإداري لحريتي التنقل و السفر
تخلص وقائع تلك الدعوى في سيدة أقامتها طعنا على قرار وزير الداخلية بإدراج اسمها على قوائم الممنوعين من السفر و قالت إن هذا المنع جاء بناء على طلب من زوجها إضرارا بحقوقها و مساسا بمستقبلها و حريتها
و قد جاء حكم محكمة القضاء الإداري نموذجا رائعا لحماية أحد أعز حقوق الإنسان فلم يقتصر الحكم على التأكيد على حقي التنقل و السفر و ما يتصل بهما من مبادئ قانونية هامة و إنما استظهر مكا شاب القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر في مخالفات دستورية تمثلت في تخلي المشرع بغير مسوغ من الدستور عن اختصاصه و سلطاته بوضع تنظيم لحق التنقل و السفر يتم ممارسته في إطار من المشروعية و بما لا ينطوي على مصادرة لأصله و عصف بمضمونه و ذلك فيما أسنده المشرع لوزير الداخلية في المادتين ( 8 , 11 ) من القانون المشار إليه من تخويله سلطة تحديد شروط منح جواز السفر أو تجديده و سلطة تقدير سحب الجواز بعد إعطائه و ما يترتب على ذلك منن تنظيم وزير الداخلية بقرار منه لأمر منح أو تجدي جواز سفر الزوجة و ما يتفرع عنه من السماح لها بالسفر إلى الخارج من عدمه و منحها جواز السفر أو حجبه عنها و سلطة سحب الجواز منها بطلب من الزوج , و قد رأى قضاء محكمة القضاء الإداري الحامي لحريتي التنقل و السفر تصادم هذه النصوص مع أحكام المواد ( 41, 50, 51, 52) من الدستور , و لذلك كان حكمه بوقف الدعوى إحالة أوراقها بدون رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين ( 8, 11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه و النصوص الأخرى المرتبطة بهما و ذلك على نحو الموضح تفصيلا بالأسباب
و لم يتف هذا القضاء النبيل بالوقوف عند هذا القدر من الحماية الواجبة في نطاق شبهة عدم الدستورية التي اكتنفت تلك النصوص سالفة البيان بل كان أمعن في الإصرار على تحقيق كامل ما يمتلكه من وسائل الحماية لهذا الحق الغالي فلم يقتصر الحكم على وقف الدعوى و الإحالة إلى المحكمة الدستورية و إنما تصدت المحكمة بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه و أوقفت تنفيذه على سند من انتفاء التعارض بين القضاء بوقف التنفيذ و وقف الدعوى و الإحالة إلى المحكمة
الدستورية العليا لمل لكل منهما من مجال يحكمه و لما أكدته من ألا يكون للمادة ( 3) من قرار وزير الداخلة الذي ركنت إليه جهة الإدارة في منع المدعية من السفر أيا ما يكون من صحة حكمها بذاتها موضوعا إلا بافتراض دستورية المادتين ( 8 , 11 ) من القانون المشار إليه , و قد أحاطت بهما ظلال كثيفة من عدم الدستورية لذا لزم الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه
و من أهم المبادئ التي قررها هذا الحكم في مجال حماية حق التنقل و السفر المبادئ التالية :
1- أن الدستور المصري الصادر سنة 1971 , خلافا للدساتير السابقة يكون قد ارتقى بالحرية في التنقل و السفر في مدارجه المشروعة , و رفعها إلى مصاف الحريات و الحقوق الدستورية , مع ما يتيحه ذلك من حقيقية الضرب في واسع أرض الله و السعي في عريض مناكبها سواء في ذلك أن يكون الحق في السفر إلى الخارج مما تخاطبه , بيانا و تنظيما أحكام المادة 41 من الدستور على ما ذهبت إليه أحكام محكمة النقض المصرية أو كان السفر إلى الخارج مما ينصرف إليه خطاب المادة 52 منه على نحو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا بحسبان أن المادة 41 إنما تتعلق بحرية الإقامة و التنقل في الداخل فتكون محل إقليمية الدستور المصري , فإنه , و أيا ما يكون الأمر بشأن السند الدستوري لحرية السفر إلى الخارج فإنه في جمع الأحوال يتبعن أن يكون المنع من لسفر بأمر قضائي تستدعيه ضرورة التحقيق و أمن المجتمع وفقا للقانون على نحو ما جرى به نص المادة 41 من الدستور , أن يكون تنظيم هذا الأمر بقانون على وجه ما يوضح نص المادة 52 منه فأيا ما يكون الأمر لا يجوز دستوريا أن يعهد القانون الذي يصدر في هذا الشأن بتنظيم الحق لغيره من السلطات أو الجهات لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بالالتزام الدستوري بأن يكون هذا التنظيم بقانون و ليس بأداة أدنى
2- إذا كان المشرع الدستوري قد أكد على حرية التنقل , بل قرر حق المواطنين في الهجرة الدائمة أو الموقوتة و عهد إلى قانون تصدر طبقا له الأوامر القضائية بالمنع من التنقل أو السفر على نحو ما ورد بالمادة 41 أو بقانون ينظم الحق في الهجرة و مغادرة البلاد على ما جاء بالمادة 52 فإنه مما يشتبه في تصادمه مع هذه النصوص و يمثل خروجا على مقتضاه ما ورد بالمادتين ( 8 , 11 ) من قانون جوازات السفر التي تعطي للإدارة تفويضا تشريعيا و اختصاصا تقديريا لا أساس له من الدستور و بينما لا يتأتى لغير المشرع أن ينظم الحرية أو لحق الدستوري و في هذا الشأن يكون حتما مقضيا على المشرع ألا يتخذ من هذا التنظيم سبيلا للعصف بالحق أو الانتقاص منه أو التغول عليه
و على ذلك يكون الإطلاق الذي تضمنته المادتان ( 8 , 11 ) من القانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه و إن كان يخضع حقا لرقابة المشروعية التي يجريها القاضي الإداري إلا من شأنه الانتقاص من الحق الدستوري , فلا يعرف المواطن مسبقا و على وجه اليقين موقفه إزاء ما تقرره الدستور من حق في هذا الشأن بل يبقى رهين مشيئة الإدارية , إن شاءت منحته جواز السفر و هو الصك الذي بمقتضاه يكون ممارسة الحق و بدونه يزول الحق و يصبح هباء منثورا , و لو شاءت حجيته عنه أو نزعته منه , و في أي وقت تراه فكل ذلك من شأنه أن يصم المادة ( 11 ) من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر و ما ورد بالمادة ( 8) من ذات القانون من تفويض وزير الداخلية في وضع شروط منح السفر بشبهة مخالفة الدستور
3- لا تعارض بين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه و وقف الدعوى و إحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية النصوص القانونية التي يستند إليها القرار المطعون فيه , إذ لكل من القضائيين على ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا مجاله الذي لا يختلط فيه بالأخر
حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادتين ( 8 , 11 ) من قانون جوازات السفر و سقوط النص المانع للزوجة من السفر إلا بموافقة الزوج :
تتويجا لجهود قضاء مجلس الدولة الساعية إلى حماية الحقوق و الحريات الأساسية و منها حق السفر و التنقل بناء على ما انتهى إليه قضاء محكمة القضاء الإداري بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1999 في الدعوى رقم 10431 لسنة 53 قضائية من وقف لدعوى و إحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين 8 , 11 من القانون رقك 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر و النصوص الأخرى المرتبطة بهما فقد انتهت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 243 لسنة 21 قضائية دستورية بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 إلى الحكم :
بعدم دستورية نص المادتين 8 , 11 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر , و بسقوط نص المادة 3 من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 و قد قام الحكم على أسو أسباب أهمها ما يأتي :
1- إن حق المواطن في استخراج و حمل جواز سفر لا يعد فحسب عنوانا لمصريته التي يتشرف بها داخل وطنه و خارجه بل يعكس فوق ذلك رافد منت روافد حريته الشخصية التي حفى بها الدستور بنصه في المادة 41 منه
2- إن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصا ما بتنظيم شيء مما يقيد الحقوق التي كفلها الدستور من الهجرة و حرية التنقل و أن نص المادتين 8 , 11 المطعون عليهما يترتب عليهما تنصل مشرع من وضع الأسس العامة التي تنظم موضوع جوازات السفر بأكمله على الرغم من كونها الوسيلة الوحيدة لتمكين المواطن من مغادرة بلده و رجوع إليه و أن مسلك المشرع بذلك يكون مخالفا للدستور
3- إن حرية الانتقال من الحريات العامة فلا يجوز تقييدها دون مقتضى مشروع و قد عهد الدستور بنص المادة 41 منه إلى السلطة التشريعية دون غيرها بتقدير هذا المقتضى و لازم ذلك أن يكون تعيين شروط إصدار وثيقة السفر بيد هذه السلطة و الأصل فيها هو المنح استصحابا لأصل الحرية في الانتقال و الاستثناء هو المنع , فإن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة ,و يعهد إليه القانون بذلك دون تدخل من السلطة التنفيذية
و هذا القضاء الحامي لحقوق الإنسان إنما يأتي تأكيدا لحماية الحريات الأساسية المنصوص عليها بالدستور من ناحية و تلك التي قررتها المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على أن :
1- لكل فرد الحق في حرية التنقل و في اختيار محلل إقامته داخل حدود الدولة
2- لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بله
3- حماية حرية الملبس :
تندرج حرية الملبس في نطاق الحريات الشخصية التي كفلها الدستور المصري , و قد كان لقضاء مجلس الدولة دورا رائدا في حماية هذه الحرية
حماية محكمة القضاء الإداري لحرية الملبس :
و تخلص وقائع الدعوى في أن إحدى الجامعات المصرية قد أوردت ضمن التنظيمات المتصلة بالاستعداد لبدء الدراسة بندا يتضمن حظرا دخول الطالبات إلى حرم الجامعة و كلياتها بالنقاب فطعنت إحدى الطالبات على ذلك القرار , فكان حكم محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه
وقد أقامت المحكمة قضائها على أساس هذا المبدأ التالي :
إن الحرية الشخصية مكفولة في الدستور و القانون و من فروعها الأصلية حق اشخص في ارتداء ما يشاء من ملابس دون تقييد إلا في حدود القوانين و اللوائح تحقيقا للمصلحة العامة , و قد حظر القرار المطعون فيه زيا محددا بالذات هو النقاب الذي يعد الزى الشرعي الواجب على المرأة المسلمة ارتداؤه في رأي بعض الفقهاء من المسلمين , كما لا يتضمن إخلالا بالنظام العام أو انتهاكا لحرمة الآداب العامة إنه يمكن للكلية التحقق من خصية المنقبة بتكليفها عن الشك بالكشف عن وجهها
حماية المحكمة الإدارية العليا لحرية الملبس :
تم الطعن على الحكم المشار إليه على أساس أن الحق في ارتداء الملابس ليس حقا مطلقا بل يخضع لمقتضيات النظام العام على نحو ما تقدره الإدارة
انتهت المحكمة الإدارة العليا إلى رفض الطعن و أقامت قضائها على الأس و المبادئ التالية :
إذ كان جمهور علماء المسلمين قد رأوا أن وجه المرأة ليس بعورة فيجوز لها اكشف عنه , إلا أنهم لم يحظروا عليها ستره إلا في الطواف حول الكعبة لمشرفة كما أن هناك علماء رأوا وجوب حجب المرأة وجهها بصفة عامة و مفاد هذا إسدال المرأة النقاب أو الخمار على وجهها إخفاء له عن الأعين إن لم يكن واجبا شرعا في رأي فإنه كذلك في رأي أخر و هو في جميع الأحوال غير محظورا شرعا فضلا عن أن القانون لا يحرمه و العرف ى ينكره و بذا يظل النقاب طليقا في غمار الحرية الشخصية , و محررا في كنف الحرية العقيدة فلا يجوز حظره بصفة مطلقة أو منعه بصورة كلية على المرأة و لو في جهة معينة أو مكان محدد مما يحق لها ارتياده لما يمثله هذا اخطر المطلق أو المنع الكلي من مساس بالحرية الشخصية في ارتداء الملابس و من تقييد لحرية العقيدية و لو إقبالا على مذهب ذي عزيمة أو إعراض عن أخر ذي رخصة دون تنافر مع قانون أو اصطدام بعرف بل تعريفا وافيا لصاحبته و مظهرا مغريا بالحشمة و رمزا داعيا للخلق القويم عامة فلا جناح على المرأة أخذن على نفسها بمذهب شدد بالنقاب و لم تركن إلى أخر خفف بالحجاب أيا كان الرأي في حق المشرع الوضعي الدستور في الانتصار لمذهب شرعي على أخر في مسألة أدخل في العبادات , أسوة بحقه هذا في نطاق المعاملات رفعا بالخلاف فيها و توحيدا للتطبيق بشأنها فهذا الحق لا يثبت لغير السلطة التشريعية و لو كان من القائمين على المسئولية في غيرها مثل مجلس الجامعة أو رئيسها أو عميد الكلية فلا يجوز لأيهم فرض ذلك الحظر المطلق و المنع التام للنقاب في الجامعة أو الكلية و إن كان له كراع مسئول عن تصريف أمور الجامعة أو الكلية أو يواجه بالقدر اللازم ما ينشأ عرضا من ضرورة تقتضي التحقق من شخصية المرأة في مواطن معينة سدا لذريعة أو أخرى
و يلاحظ أن هذا الحكم قد وفق بين الحرية و بين النظام فاحترام مبدأ الحرية الشخصية في ارتداء الملبس و في ذات الوقت راعى الضرورة التي قد تقتضي المساس بهذه الحجرية , و رأى ضرورة أن تقدر
ثانيا : حماية حرية الرأي :
كفل الدستور المصري حرية الرأي فنصت المادة 47 من الدستور على أن :
حرية الرأي مكفولة , و لكل إنسان التعبير عن رأيه و نشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي و النقد البناء ضمانا لسلامة البناء الوطني
و إذ كانت أحكام مجلس قضاء مجلس الدولة المصري في شأن حرية الرأي و ما يرتبط
بها من فروع لهذه الحرية سواء حرية العقيدة و الديانة أو حرية الصحافة و النشر و غيرها
لا يحدها حد بما يقصر هذا ابحث عن الإشارة إليها , فإننا قد رأينا أن نعرض لتطبيق قضائي حدث في مجال حماية حرية الصحافة و النشر على كون مجال عرض العديد من التطبيقات بحث أخر في مناسبة أخرى
حماية حرية الصحافة و النشر :
جاءت المادة 48 من الدستور المصري لتنص على أن :
حرية الصحافة و الطباعة و النشر و وسائل الإعلام مكفولة و الرقابة على الصحف محظورة و إنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور
1- التطبيق القضائي الأول لحماية حرية الصحافة :
موقف محكمة القضاء الإداري من حماية حرية الصحافة :
تصدت محكمة القضاء الإداري في حكم حديث لها لحرية إصدار الصحف و كانت وقائع الدعوى التي صدر فها الحكم تتحصل في أن المدعي تقدم إلى الجهة الإدارية بطلب ( بصفته وكيلا عن مؤسسي إحدى شركات الطباعة و الصحافة و النشر ) للترخيص له بقيام الشركة المساهمة وفقا لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 إلا أن القانون رقم 3 لسنة 1998 صدر متضمنا تعديل المادة 17 من القانون المشار إليه فصار البند (ب) منها يشترط لذلك تقديم موافقة مجلس الوزراء على تأسيس الشركة إذا كان غرضها أو من بين أغراضها العمل في مجال إصدار الصحف و لذلك سارع المدعي إلى تقديم الطلب بذلك إلى رئيس مجلس الوزراء إلا أنه رغم مضي يتلق ردا على طلبه الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 7626 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإداري – دائرة منازعات الأفراد طالبا الحكم بوقف تنفيذ و إلغاء القرار السلبي بامتناع مجلس الوزراء عن إعطاء الموافقة على تأسيس الشركة و كذا قرار مصلحة الشركات بالاعتراض على تأسيس الشركة
و بجلسة 18 من يناير سنة 2000 أصدرت المحكمة حكمها الذي عبرت فه عن حمايتها لحرية الصحافة و صاغت الكثير من المبادئ الهامة فحكمت :
– بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما على النحو المبين بالأسباب و ما يترتب على ذلك من أثار
– بوقف الدعوى و إحالة أوراقها بدون رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة (ب ) من المادة 17 من قانون شركات المساهمة و شركات التوصية با؟لأسهم و الشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 بعد تعديله بالقانون رقم 3 لسنة 1998 فما تضمنه من ضرورة موافقة مجلس الوزراء مسبقا على تأسيس الشركة التي يكون غرضها إصدار صحيفة
و لقد جاء هذا الحكم الهام زاخرا بالعديد من المبادئ القانونية الهامة التي تؤكد الحماية التي يوليها قضاء مجلس الدولة المصري اهتمامه , دعما و تأكيدا لحرية الصحافة
أهم المبادئ القانونية التي تضمنها الحكم :
1- إن المشرع الدستوري بعد أن أكد على حرية الصحافة بدستور سنة 1971 و جعل منها إحدى الحريات و الحقوق العامة ارتأى سنة 1980 إسباغ وصف السلطة على الصحافة فجعل منها سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالة مستقلة تمارس رسالة من وصف ثقيل المضمون و عظيم الشأن الدستوري
2- إن المجلس الأعلى للصحافة الذي استلزم المشرع الدستوري إنشاؤه هو الجهة التي يقوم على شئون الصحافة , بل إن دلالة المادة 53 من القانون لا تخفي في أنها تؤكد إن اتخاذ شكل شركة المساهمة بغرض لإصدار صحيفة إنما هو أحرى يكون مرده إلى المجلس الأعلى للصحافة بحسبان أن شركة المساهمة أو شركة التوصية بالأسهم متى كانت
3- الصحيفة إقليمية أو مجلة شهرية هي من قبل و من بعد , الشكل الذي استلزمه القانون , إعمالا لحكم المادة 209 من الدستور , في الشخص الاعتباري الخاص كشركة مساهمة إن هو إلا أداة و وسيلة للممارسة الحق في إصدار الصحيفة الأمر الذي يهيمن عليه بحكم الدستور للمجلس الأعلى للصحافة
4- إذ كان قانون الشركات المساهمة المشار إليه بعد تعديله بالقانون رقم 3 لسنة 1998 يستلزم في المادة ( 17 /ب) حتى تبدأ مراحل تأسيس شركة كمساهمة أو التوصية بالأسهم التي غرضها أو من أغراضها إصدار صحيفة موافقة مجلس الوزراء دون ضابط أو قيد و في إطلاق يتأباه كون إصدار الصحف من الحريات العامة التي تنص عليها الدستور فلا ضابط أسباب الموافقة أو عدم الموافقة و لا قيد على وجوب الرد على طالب التأسيس في وقت معين أو اعتبار فوات الميعاد بمثابة الموافقة أو الاعتراض فيكون كل ذلك بادي التصادم و التضاد مع صريح عبارة و حقيقة المراد من حكم المواد ( 47 ,’ 48 ) و من ( 206) إلى ( 211) من الدستور التي مفادها الارتقاء إلى حرية الصحافة لأن تكون في المدارج العلى من القواعد الأساسية التي يقوم عليها المجتمع بجعلها من الحريات و الحقوق العامة الدستورية و حمايتها و صونها في كنف مجلس أعلى للصحافة يؤدي الرسالة و يحافظ على ما ائتمن عليه من أمانة لصون حرية الصحافة في إطار مراعاتها للأحكام الهادية لحدود حريتها بعدم المساس بمقومات المجتمع أو الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي
5- +يكون هذا النص ملتبسا بشبهات كثيفة من عدم الدستورية تتعلق بما أورده على قيد تكوين الشركات التي غرضها إصدار الصحف , تأخذ بناصيته و تزعزع من دستوريته و مشروعيته فكان ذلك و ما يضاف إليه مما لا يخفي من إعطاء السلطة التنفيذية اختصاصا لا يجد في النص المقرر له حدودا يلتزمها أو قيودا ينزل على مقتضاها موضوعا أو تقدير مراعاة لقدر الحرية و حرية الرأي و حرية الصحافة المقررين دستوريا مما يتأبى مع صحيح التقدير لما أراده المشرع الدستوري
6- إن إسباغ اختصاص غير مقيد لجهة الإدارة لتقدير الموافقة أو عدم الموافقة على إنشاء شركة غرضها إصدار صحيفة أي ممارسة الحق الدستوري في حرية التعبير , هو من ذات الجنس حظر الصحيفة أو إلغاؤها النهي عنه دستوريا
7- إ‘ن ذلك يكشف بجلاء عن استكمال شبهة العصف بالحق في إصدار الصحيفة متى أعطى الاختصاص بالموافقة على تأسيس الخص الاعتباري الخاص الذي يجوز لمجلس الوزراء الذي هو الهيئة التنفيذية و الإدارية العليا للدولة حسبما جاء بالمادة 153 من الدستور و من المعروف أنه في ظل النظام الحزبي الذي يأخذ به النظام الدستوري المصري و يجعله أسا له على نحو ما قرره بالمادة 5 من الدستور , فإنه متى كانت السلطة التنفيذية من نتاج اقوى السياسي فإن الحكومة التي تمثل قمة الجهاز التنفيذي التي هي مجلس الوزراء لا شك في كونها ممثلا للتيار الحزبي الغالب و تكون موافقتها على تأسيس شركة غرضها إصدار صحيفة مما يرجح أن تكون للانتماء الحزبي غالب الأثر في إجراء اعتبارات الموازنة التي كما سبق لبيان لا تجد في النص حدا تلتزمه لا اعتبارا لا تتعداه
8- و لما كان غرض الشركة محل الدعوى الماثلة هو إصدار صحيفة و هذا الغرض بذاته غير مخالف للقانون و لا للنظام العام , فإنه لا يجوز التعلل برأي منسوب لجهة عن أنه ليس سببا من تلك التي اعتد ببيانها حصرا و تحديدا القانون أساسا و تكئة صالحة للاعتراض على تأسيس الشركة
9- إن المطالبة بحق أو حرية من الحقوق أو الحريات الدستورية يتوافر أو تتوافر بشأنه أو بشأنها حالة الاستعجال اللازمة بوقف التنفيذ
موقف المحكمة الإدارية العليا من هذا القضاء :
أصدرت المحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ 11 من يونية سنة 2000 حكمها بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري تأسيسا على القول بانتفاء القرار الإداري و طال حكمها بالإلغاء و الإحالة إلى المحكمة الدستورية التي وردت بالحكم المطعون عليه و قد أبدينا في دراسة مطولة أوجه اختلافنا مع هذا القضاء و لا تزال المحكمة الدستورية العليا تنظر الدعوى الدستورية المتصلة بموضوع تلك الدعوى بعد أن اتصلت بها و لم يصدر حكمها بعد عند إعداد هذه الدراسة
و لسوف يظل بإذن الله قضاء مجلس الدولة سواء بمحكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا حاميا دوما للحقوق و الحريات
3- التطبيق القضائي الثاني لحماية حرية الصحافة
تصدت محكمة القضاء الإداري في بعض من أحكامها الحديثة للدفاع عن حرية الصحافة و أرسلت العديد منن المبادئ الهامة في هذا المجال و من هذه الأحكام ما يلي :
حكم محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد ) في الدعوى رقم 10972 لسنة 53 ق و الدعوى رقم 11040 لسنة 53 ق و الصادر بجلة 14 من ديسمبر سنة 1999 و فيه قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للصحافة فيما تضمنه من اعتبار تعديل دورية إصدار جريدة النبأ الوطني من أسبوعية إلى يومية مخالفا للقانون مع ما يترتب على ذلك من أثار
القسم الثالث
حماية محكمة نقض المصرية لحقوق الإنسان
إذ كانت المحكمة الدستورية العليا و قضاء محاكم مجلس الدولة قد كان لهم الدور البارز في حماية حقوق الإنسان فإن دور القضاء العادي و على رأسه محكمة النقض لم يكن دوره يقل عن ذلك حيث لم يقف الأمر في النظام القانوني المصري عند حد الاعتراف الدستوري للفرد بحريته الشخصية إنما امتد إلى إحاطة الحقوق التي تقوم عليها تلك الحرية بسياج من الحماية الجنائية التي تكفل احترامها من عدوان السلطة 0 صحيح أن هذه الحقوق تلقى كذلك حماية المجتمع من العدوان الواقع عليها من الفرد لكن هذه الحماية مقررة لتلك الحقوق استقلالا و باعتبارها في ذاتها حقوقا جديرة بالحماية لا باعتبارها من دعامات الحرية الشخصية
أولا: الحقوق التي تركز عليها الحرية الشخصية :
و من أهم الحقوق التي ترتكز عليها الحرية الشخصية و تتمتع بالحماية الجنائية ما يلي :
1- الحق في حماية الأمن الشخصي :
فلكل فرد الحق في الأمن اشخصي فلا يجوز القبض عله أو حبسه أو حجزه أو معاقبته إلا في الحالات التي ينص عليها القانون و بإتباع الإجراءات المقررة فيه , و قد تقررت الحماية الجنائية لهذا الحق بمقتضى المادة ( 28 من قانون العقوبات )
2- الحق في حماية السلامة البنية و الذهنية :
و لكل فرد من ناحية أخرى الحق في السلامة البنية و الذهنية ليس فقط في علاقة السلطة به إذ عليها أن تعامله بما يحفظ عليه كرامة الإنسان و لا جوز لها إي1اؤه بدنيا أو معنويا
و قد تقررت الحماية الجنائية لهذا الحق بمقتضى المادة ( 126) و ( 129) من قانون العقوبات
3- الحق في حماية حرمة المسكن :
و لكل فرد من ناحية ثالثة الحق في حماية حرمة مسكنه فلا يجوز دخوله إلا في الأحوال المحددة في القانون و بمراعاة القواعد المقررة فيه
و قد تقررت الحماية الجنائية لهذا الحق بمقتضى المادة ( 128) من قانون العقوبات
4- الحق في حماية حرمة الحياة الخاصة :
و لكل فرد من ناحية أخيرة الحق في حماية حرمة حياته الخاصة خصوصا ما يتعلق منها بأحاسيسه الخاصة أو الهاتفية
و قد تقررت الحماية الجنائية لهذا الحق بمقتضى المادة ( 309 ) مكررا
ثانيا : جرائم العدوان على الحرية الشخصية :
يلزم لاعتبار التصرف الصادر من ممثلي السلطة اعتمادا على وظائفهم تصرفا إجراميا و مشكلا لجريمة من جرائم الاعتداء على الحرية الشخصية أن يكون مستجمعا للخصائص القانونية المشكلة لإحدى الجرائم التي وردت بالقانون الخاص بالعقوبات :
1- جريمة القبض بدون وجه حق
2- جريمة التعذيب و جريمة استعمال القسوة
3- جريمة الدخول غير القانوني للمنزل
4- جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة
و ليس من شك في أهمية الوقوف على حدود كل جريمة من هذه الجرائم و التي لم يألوا القضاء جهدا إلا و تصدى لها بأحكام عزيزة غالية لم نجد متسعا في مقام البحث لشمولها و قد تحين المناسبة لسردها بما يكشف عظمة القضاء المصري على طول المدى دفاعا و نضالا و حماية لهذه الحقوق و الحريات
ثالثا : حماية القضاء العادي لحقي الانتخاب و الترشيح :
إذا كان كل من حق الانتخاب و حق الترشيح قد نال الكثير من الحماية القضائية بواسطة كل من القضاء و الدستور و القضاء الإداري فإن حماية القضاء العادي و على قمته محكمة النقض المصرية كان علامة بارزة في تاريخ القضاء المصري
و فيما يلي نعرض لأهم المبادئ القانونية التي قررها الدستور ذلك القضاء في مجال حماية حقي الانتخاب و الترشيح
1- حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية :
أصدرت المحكمة حكمها بعد أن رفض مجلس العشب المصري الأخذ بتحقيقات محكمة النقض المنتهية إلى بطلان انتخابات دائرة الظاهر و الأزبكية و كان ذلك في الدعوى رقم 17115 لسنة 91 ق بجلسة 23/5/1992 و قضت بتعويض المدعي فيها بمبلغ خمسون ألف جنيه , و ق تأيد الحكم استئنافيا بجلسة 5/12/1992 بالحكم التالي
3- حكم محكمة استئناف القاهرة :
و كان ذلك في الاستئناف رقم 7346 و 8507 لسنة 109 ق و من المبادئ التي قررها ما يلي :
أن الثابت من تقرير محكمة النقض أو محاضر إجراءات الفرز نموذج 48 ش و كشوف فرز الأصوات نموذج 50 ش في اللجان الفرعية أرقام 1 , 6 , 7 , 11 , 18 , 24 , 26 , 27 , 33 , 56 , 61 , 62 , 63 , 64 , 66 , 70 , 85 , 88 , 92 , 94 , 59 أنها غير موقعة من رؤساء لجانها الفرعية البالغ عددهم 95 , و إنه ثمة عجز ثابت بمحاضر اللجان الفرعية بينما وجدت زيادة في بعض اللجان الفرعية و إن ثمة تعديل لبعض الأعداد في كشوف الناخبين بالزيادة على خف الحقيقة , فإن هذه العملية الانتخابية و قد وقعت من العاملين تحت إشراف وزير الداخلية فإنه يسأل عنها وفق نص المادة 174 من القانون المدني
4- حكم محكمة النقض :
قضت محكمة النقض المصرية بتعويض العديد من المرشحين لعضوية مجلس الشعب و الذين كانت تحقيقات محكمة النقض قد أثبتت بطلان عضوية من أعلن فوزه إلا أن مجلس الشعب كان قد غض الطرف عن تلك التقارير
و من هذه الأحكام ( حكمها في الطعن رقم 249 لسنة 58 ق بجلسة 28/2/1990 , و حكمها في الطعن رقم 538 لسنة 46 ق بجلسة 27/2/1983 )
و من أبرز ما أكده قضاء هذه المحكمة في هذا الشأن ما يلي :
إن سلطة مجلس الشعب بالفصل في صحة العضوية لا تتأبى على مبدأ المساءلة القانونية بالنسبة لإجراءات عملية الانتخاب
إن اختصاص محكمة النقض بتحقيق صحة الطعون غايته أن يستقيم لمجلس الشعب قراره بإقامته على دعامات مستمدة من تحقيق قضائي محايد لأن الفصل في صحة العضوية يحتكم إلى خصومة تدخل في وظيفة القضاء و يحتاج إلى نزاهته و حيدته
كما قررت أيضا :
إن الضمانات العامة التي كفلها الدستور للأفراد مقدمة على الضمانات المكفولة لأي سلطة من سلطات الحكم و آية ذلك أن الدستور نص عليها في الأبواب الثاني و الثالث و الرابع منه مقدمة على نظام الحكم بسلطاته المختلفة الذي نص عليه في الباب الخامس
إن مراقبة القضاء للإجراءات السابقة على الاقتراع على صحة العضوية و تقدير ما شابهها من أخطاء لتعويض الضر عنها يخضع لأحكام المسئولية التقصيرية
و أكدت أيضا :
إذا كانت الأعمال المنسوبة لمجلس الشعب قد تمت على خلاف ما تقضي به أحكام الدستور فإنها تكون قد فقدت سند مشروعيتها و أضحت أعمالا غير مشروعة لإحصائه لها ضد التقاضي في شأن تعويض من أصابه ضرر منها على هذا اضرر