دراسات قانونيةسلايد 1

بحث قانوني حول نظام الاستثمار السعودي – دراسة تحليلية نقدية

المُلخَّص

يتركَّز موضوع هذا البحث في القراءة التحليلية لنصوص مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد عام 1440 هـ – 2019م، بالمقارنة نظام الاستثمار الأجنبي القديم الصادر عام 1421هـ – 2000م؛ بغرض الوصول إلى رؤية نقديَّة بنَّاءة تخرج بتقييمٍ لنظام الاستثمار السعودي القادر على تحقيق رؤية المملكة 2030.

فالإشكاليَّة الكبرى التي تواجه مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد تتمثَّل في تقييم قدرته على تحقيق أعلى معايير جذب السيولة الأجنبيَّة، وتوفير مناخٍ جاذبٍ للاستثمار الأجنبي المباشر FDI بشكلٍ طاردٍ لمَخاوِفِ المستثمرين الأجانب، في مواجهة ضرورات ضبط الاستثمار الأجنبي حرصاً على المصلحة العامَّة.

وبناءً عليه، يجب تحليل بعض المبادئ الاستثماريَّة التي أقرَّها مشروع نظام الاستثمار مثل: المساواة وعدم التمييز بين المستثمرين، وحريَّة إدارة الأعمال الخاصَّة، والحوافز الماليَّة، ومسؤوليَّة المستثمرين، ومصادرة الأموال، وحل النزاع الاستثماري بالتحكيم.

كما نرى مقارنة الرؤية التنظيميَّة للاستثمار في المملكة مع تحليل الدليل الإرشادي الذي وضعه البنك الدولي منذ عام 1992 للاستثمار الأجنبي المباشر بهدف توضيح الغايات التشريعيَّة والفروقات الجوهريَّة، وذلك للوصول بالنتيجة إلى رؤية تقييميَّة لمشروع نظام الاستثمار في المملكة، ثم تقديم حلوٍل تنظيميَّةٍ لإشكاليَّة التعارض بين جذب الاستثمار الأجنبي وانضباطه في سبيل مواكبة رؤية المملكة 2030.

الكلمات المفتاحيَّة: الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، نظام الاستثمار السعودي، الهيئة العامَّة للاستثمار، دليل البنك الدولي، جذب الاستثمار، الحوافز الماليَّة، الدولة الأولى بالرعاية، المركز الدولي للتسوية نزاعات الاستثمار (ICSID).

المقدمة

يُمثِّل “الاستثمار الأجنبي المباشر”“Foreign Direct Investment” أحدَ أهمِّ قطاعات التمويل في الاقتصاد الوطني للدول النامية؛ حيث أنَّ حركة رأس المال الوطنيَّة قد تتباطأ أو تضيق على طموحات الدولة، ولذلك تسعى نحو جذب رأس المال الأجنبي حتى تتحقَّق غايات النمو والازدهار دون الاعتماد على عائدات المشتقات النفطية[1].

ولذلك، فلا يمكن للدولة أن تغلق حدودها أمام رأس المال الخارجي؛ فهي إن قامت بذلك، سينهار اقتصادها الوطني، وسينعزل بفعل المعاملة بالمثل، وسيحتاج مئات السلع والخدمات التي يعجز سوقها الوطني عن إنتاجها أو حتى استيرادها.

ومن هنا يَعتبِر جانب من الفقه الماليزي أنَّ الاستثمار الأجنبي المباشر هو في حقيقته فرصةٌ اقتصاديَّة[2]، وأمامنا تجربة الصين خير مثالٍ؛ حيث قامت الدولة الصينيَّة بإلغاء معظم قيود الاستثمار الأجنبي المباشر لديها عام 2002 لتتحوَّل بعدها إلى عملاقٍ اقتصاديٍّ نتيجة التكتُّل الصناعي لديها من جميع أنحاء العالم[3].

ولكن هذه الرؤية الورديَّة يكتنفها العديد من التناقضات؛ حيث إنَّ المستثمر الأجنبي يأتي إلى سوق الاستثمار الوطني كمُنافِسٍ للمستثمرين الوطنيِّين، كما أنَّه يحمل معه ثقافته وأهدافه المختلفة عنهم؛ فهو يهدف إلى تحقيق أكبر قدرٍ ممكنٍ من الأرباح، ثم سحب السيولة من أوسع شريحةٍ ممكنةٍ من الناس، وبعدها تحويل أمواله إلى وطنه، وهذا ما يُشكَّل سلبيَّاتٍ كثيرةٍ لهذا النوع من الاستثمار[4].

وببساطة، فإنَّ المستثمر الأجنبي يسعى إلى تحقيق مصلحته الشخصيَّة بالدرجة الأولى وأهداف اقتصاد دولته التي جاء منها بالدرجة التالية؛ ولذلك، فعلى الدولة المُضِيفَة للاستثمار أن تفرض الإطار التشريعي الكافي لضبط الاستثمار الأجنبي ضمن نطاق تحقيق المصلحة العامَّة والسياسة الوطنيَّة للاقتصاد.

وبناءً عليه، فإنَّه يوجد تعارضٌ دائمٌ بين مكاسب سياسة تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وبين ضرورات ضبط هذا الاستثمار في نطاق الأهداف الاقتصاديَّة الوطنيَّة؛ ولذلك فقد نشأ ما يُسمَّى نظام الاستثمار الأجنبي المباشر؛ حتى يقوم بالتوفيق بين الفرص المُمْكِنَةِ من جذب رأس المال الأجنبي، وبين المخاطر التي قد تنشأ عنه[5].

وفي المملكة العربيَّة السعوديَّة، فقد صدر نظام الاستثمار الأجنبي القديم بنوعيه المباشر وغير المباشر[6] عام 1421هـ – 2000م، ونظراً لتغيُّر الظروف الاقتصاديَّة في المملكة في ظلِّ الرغبة نحو تنويع الاقتصاد وزيادة فاعليَّته وفق رؤية المملكة 2030[7]، فقد أصدرت الهيئة العامَّة للاستثمار في المملكة مشروع نظام الاستثمار الجديد بغاية رفع معايير جذب الاستثمار الأجنبي بالترافق مع ترسيخ مبادئ ضبطه، ذلك إلى جانب وجود نظام شركات حديث صادر عام 1437 هـ- 2015م مُعدَّل عام 1439 هـ – 2018م بخصوص الاستثمار المباشر من الشركات الأجنبيَّة التي تنوي افتتاح فرع أو مركز تمثيل لها في المملكة أو السيطرة على أغلبية رأس مال شركات قائمة في السعودية بغرض تملكها وإدارتها.

في حين أنَّ البنك الدولي قد أصدر دليلاً إرشاديَّاً يهدف إلى توضيح كيفيَّة تنظيم مسائل الاستثمار الأجنبي من وجهة نظره، وهي تتوازى وتتلاقى وتتعارض مع مشروع نظام الاستثمار في المملكة فيما يخصُّ جذب الاستثمار وضبطه؛ ممَّا أوجب تقديم هذه الدراسة التحليليَّة النقديَّة المقارنة.

أهداف البحث

نهدف من هذا البحث بشكلٍ أساسيٍّ إلى:

توضيح المبادئ الأساسيَّة في أنظمة الاستثمار الأجنبي عبر الربط بين المبادئ من الناحية النظريَّة وبين غاياتها التشريعية إمَّا في جذب الاستثمار الأجنبي أو ضبطه.
توضيح نقاط التعارض بين جذب الاستثمار وضبطه في أنظمة الاستثمار الأجنبي في المملكة.
الوصول إلى رؤيةٍ تشريعيَّة متكاملةٍ ناتجةٍ عن المقارنة بين أنظمة الاستثمار الأجنبي في المملكة ودليل البنك الدولي.
تقييم مشروع نظام الاستثمار الجديد الصادر عام 1440هـ/2019م بغرض التأكُّد من اتِّساقه مع المملكة في ظل رؤية المملكة 2030.

فروض البحث

نَفتَرِضُ من خلال كمُنطلق لهذا البحث، ما يلي:

يوجد تعارض بين اعتبارات جذب الاستثمار الأجنبي وبين ضرورات ضبط هذا الاستثمار ضمن المصلحة الوطنيَّة والنظام العام.
مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد يُحاوِلُ منح المزيد من حوافز الاستثمار الأجنبي بما يتجاوز نظام الاستثمار القديم.
قواعد البنك الدولي للاستثمار الأجنبي تميلُ إلى مصلحة المستثمرين الأجانب على حساب الدول المُضيفة للاستثمار المباشر.

أهمية البحث

يحظى البحث بأهمية نظريَّة وعمليَّة عميقة؛ حيث إنَّ تأثير المسيرة التشريعيَّة المرتبطة بالاستثمار الأجنبي ستُحدِّد إلى حدٍّ كبيرٍ مدى نجاح مساعي تحقيق النمو والازدهار وفق رؤية المملكة 2030.

منهج البحث

سننتهج المنهج الوصفي التحليلي النقدي المقارن؛ حيث نصف مبادئ نظام الاستثمار بشكلٍ بسيطٍ ومختصرٍ؛ بغاية تحليل النصوص التنظيميَّة المتعلِّقة بها، ثم نقدها بطريقةٍ بنِّاءةٍ بالمقارنة مع نصوص البنك الدولي، وهذا كله بهدف ترسيخ المبادئ الأساسيَّة والقواعد التفصيليَّة التي تكفل الموازنة بين جذب الاستثمار الأجنبي وضبطه بما يضمن تحقيق رؤية المملكة 2030.

إشكالية البحث

تتمثّل إشكاليَّة البحث بالتساؤل التالي:

“كيف يمكن التوفيق بين اعتبارات جذب الاستثمار الأجنبي وضرورة ضبطه في نظام الاستثمار السعودي بالمقارنة مع دليل البنك الدولي بهدف تحقيق رؤية المملكة 2030؟”

مجال البحث

ينحصر مجال البحث في نطاق الاستثمار الأجنبي المباشر FDI، الذي يعني تأسيس أو امتلاك مشروع استثماري برأس مال أجنبي، سواءً أكان من أشخاص أجانب طبيعيِّين أم اعتباريِّين كالشركات متعدِّدة الجنسيَّة التي تؤسِّس فروعاً تابعة لها أو كالشركات القابضة التي تستحوذ على نسبة تخوُّل السيطرة والتأثير في قرارات شركات أخرى، وهذه النسبة تتمثَّل في 10-100% من رأس مال الشركة المُستهدَفة كما تعارف عليه دولياً[8]، وقد اعتمد مشروع نظام الاستثمار الجديد في المملكة هذه النسبة أيضاً[9].

وبالتالي يخرج عن نطاق البحث الاستثمار الأجنبي غير المباشر الذي يتمثَّل بالاستثمار في الأدوات المالية في السوق المالية على المدى القصير دون تحقيق نسبة 10% في رأس مال الشركات المدرجة في السوق فهذا الاستثمار لا يوحي بوجود نيَّة للسيطرة على قراراتها أو إدارتها.

مُخطَّط البحث

على اعتبار أنَّ جذب الاستثمار الأجنبي المباشر يكون مبدئياً عبر تكريس مبدأ المساواة بين المستثمرين من جهة، وأنَّ ضبط هذا الاستثمار يكون عبر تكريس مبدأ الحريَّة المسؤولة الاستثمار من جهة أخرى؛ فإنَّ مخطَّط البحث سيكون على الشكل التالي:

المبحث الأول: جذب الاستثمار الأجنبي المباشر عبر المساواة

المطلب الأول: المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي

المطلب الثاني: المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب

المبحث الثاني: ضبط الاستثمار الأجنبي المباشر عبر حريَّة الاستثمار المسؤولة

المطلب الأول: حريَّة الاستثمار الأجنبي

المطلب الثاني: مسؤوليَّة المستثمر الأجنبي والنزاع معه

المبحث الأول

جذب الاستثمار الأجنبي المباشر عبر المساواة بين المستثمرين

حيث إنَّ المستثمرين الأجانب يتنافسون مع الوطنيِّين ومع بعضهم البعض أيضاً، فينشأ عن فكرة المساواة بين المستثمرين مبدأين أساسيَّين، هما: المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي أولاً، والمعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب ثانياً.

المطلب الأول

المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي

يعني مبدأ المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي فرض حالةٍ من المساواة بين المستثمر المحلِّي والمستثمر الأجنبي، وسنتعمَّق في هذا المبدأ وفقاً لنظام الاستثمار الأجنبي السعودي القديم، ثم مشروع نظام الاستثمار الجديد، ثم دليل البنك الدولي.

أولاً: المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي القديم

يجب التأكيد على أنَّ نظام الاستثمار الأجنبي قد وُجِدَ حتى يوازن بين المصالح المُتضارِبَة والمتنافِسَةِ للمستثمرين الوطنيِّين مع الأجانب؛ فالمستثمر الوطني لا يحتاجُ من نظام استثمار سوى بعض التسهيلات الإداريَّة والحوافز التي تحميه من الروتين والتأخير.

إلاَّ أنَّ قدومَ مستثمرين أجانب حتى ينافسوا هذا المستثمر الوطني هي مصدَر المشكلة؛ حيث أنَّ المستثمر الأجنبي سيأتي –على الأغلب- برأس مالٍ خبيرٍ، وقدراتٍ ومعايير إنتاجٍ وخدماتٍ تفوق المُتاح في السوق الوطني، وتعلو فوق مستوى المنافسة قياساً بمستوى الإنتاج الوطني.

وبناءً عليه، يخشى المستثمرون الوطنيُّون هذه المنافسة غير المتكافئة، ويطلبون من الدولة أن تَحمِيَهُم منها، إلاَّ أنَّ الدولة في المقابل تسعى إلى تشغيل طاقات العمل لديها، وتغذية الطلب الواسع على السيولة فيها، واستثمار منشآتها الراكدة أو إنشاء عمليَّات صناعيَّة وتجاريَّة تنْقُصُها الكوادر والتقنيَّات والبنية المُتخصِّصة التي لا تتوافر في سوق الاستثمار الوطني، وهذا ما يوجب التوظيف المباشر لعمليَّات الاستثمار الأجنبي[10].

وقد صدر آخر نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة عام 1421 هـ – 2000م حتى ينشرَ مناخاً استثمارياً مُشجِّعاً للمستثمرين الأجانب؛ أي عدم تمييز المستثمر الوطني عن الأجنبي، حتى تكون المنافسة بينهما عادلةً وخلاَّقةً في خدمة المستهلك والاقتصاد السعودي في النهاية، وهو ما يعني أنَّ نسبة ملكيَّة المستثمر الأجنبي في المشروع يمكن أن تصل إلى 100% من رأس المال[11].

فقد نصَّ هذا النظام على أنَّه: “يتمتَّع المشروع المرخص له بموجب هذا النظام بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتَّع بها المشروع الوطني حسب الأنظمة والتعليمات”[12].

ومن خلال تحليل هذا النص يتبيَّن لنا أنَّ:

نصَّ نظام الاستثمار الأجنبي على صفة “المشروع المُرخَّص له” وليس “المستثمر الأجنبي” في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنَّ التعامل بالمساواة ستتَّجه نحو المشروع المُرخَّص له في المملكة، وليس نحو المستثمر بشخصه[13].
المساواة بين المشروع الأجنبي المرخَّص له وبين المشروع الوطني تنحصر في “المزايا والحوافز والضمانات” دون الإشارة إلى الظروف التي قد تتغيَّر معها مثل هذه العناصر؛ فقد تقلُّ وفقاً للظروف الماليَّة للدولة بحسب حالة الركود أو الازدهار.
أكَّد النص السابق على أنَّ المقارنة بين المشروع الأجنبي المرخص له ستكون في مُقابل “المشروع الوطني” النظير له، وليس “المستثمر الوطني”.

ومن خلال التحليل السابق يبدو أنَّ نظام الاستثمار القديم قد سلكَ منهجاً مُعتدلاً من حيث مبدأ المساواة بين المستثمر الأجنبي والوطني، حيث التفت عن هذا المستثمر بشخصه وركَّز نظره على المشروع المَملُوكِ لمستثمرٍ أجنبيٍّ؛ فهذا المشروع مؤسَّسٌ في المملكة، ويستحق –تبعاً لذلك فقط- تطبيق مبدأ المساواة عليه مع المشروع الوطني ضمن ضوابط الأنظمة والتعليمات.

فيما يبدو أنَّ مشروع نظام الاستثمار الجديد قد تجاوز هذه الرؤية إلى مزيدٍ من المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي.

ثانياً: المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي في مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد

حاول مشروع نظام الاستثمار الجديد في المملكة تحقيق نقلةٍ نوعيَّةٍ في معاملة المستثمرين الأجانب، فاعتمد مبدأ “المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي”[14]، وهي درجةٌ من المساواة أعلى بمراحلٍ ممَّا كان عليه الأمر في نظام الاستثمار الأجنبي القديم؛ بهدف تقديم اقتصادٍ سعوديٍّ يحظى بـ: “تنافسيَّة جاذِبَة”، وهي من المبادئ الأساسيَّة لرؤية المملكة 2030[15].

وبالتالي، فإنَّ مشروع النظام الجديد قد ساوَى –من حيث المبدأ- بين المستثمر الأجنبي والمستثمر الوطني، حتى أنَّه وسَّع من مفهوم “المستثمر الوطني”[16] “National Investor” إلى مصطلح “المستثمر المحلِّي” “Local Investor” حتى يشمل هذا المصطلح أيَّ مستثمرٍ “يُعامَل معاملةً مُماثلةً للمواطن السعودي”[17]، كما أنَّ هذا المشروع قد نظَّم الاستثمار الوطني والأجنبي معاً؛ وكلُّ ذلك يصبُّ في خانة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحقيق فوائده في إطار التنمية[18].

ثم نصَّ المشروع الجديد على مبدأٍ ارتقى فيه بالمساواة بين المستثمر المحلِّي والأجنبي، بما مفاده:

“يتمتَّع المستثمر الأجنبي المُسجَّل في المملكة بمعاملة لا تقلُّ تفضيلاً عن المعاملة الممنوحة للمستثمر المحلِّي في ظروف مماثلة، ويتمتَّع المستثمر الأجنبي بموجب هذا النظام بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتَّع بها المستثمر المحلِّي في ظروف مماثلة، ويشمل ذلك ما يتعلق بالتوسُّع في الاستثمارات، وإدارتها، وبيعها، والتصرُّف فيها، وفق الأنظمة واللَّوائح ذات العلاقة”[19].

فإذا كان هذا المستثمر شركةً أجنبيَّةً، فتُعتبر قائمةً باستثمار أجنبي مباشر إن سيطرت على ما نسبته 10% من رأس مال شركة موجودة في المملكة[20]، وإذا افتتحت فرعٍ لها في المملكة أو مركزاً لتمثيل أعمالها، فهذه الشركة تخضع حينئذٍ أيضاً لأحكام الشركات الأجنبيَّة في نظام الشركات[21]، وهذه القواعد تفرِض الترخيص والتسجيل في السجل التجاري كما هو عليه الأمر بصدد الشركات الوطنيَّة[22]، ووفق نموذج عقد تأسيس الشركات[23].

وبناءً عليه، فإنَّ مشروع النظام الجديد للاستثمار قد اختلف جذرياً عن مشروع الاستثمار الأجنبي القديم في النقاط التالية:

المشروع الجديد يتعامل مع المستثمر بشخصهِ وليس مع المشروع المؤسَّس في المملكة كما كان عليه الأمر في النظام القديم.
أتاح المشروع الجديد المساواة بين المستثمر الوطني ومَن تتمُّ معاملته وكأنَّه مواطنٍ سعوديٍّ تحت مُسمَّى المستثمر المحلِّي.
ثم ساوى المشروع بين المستثمر المحلِّي بمفهومه الواسع وبين المستثمر الأجنبي في المعاملة.
راعى المشروع الجديد الظروف المختلفة التي قد يمرُّ بها كلا المستثمر المحلِّي والأجنبي، فأكَّد على ترسيخ المساواة بينهما وفقاً للظروف المُماثِلَة التي يمكن تمرُّ بهما في بيئة الاستثمار.

ولكن تبقى هذه الرؤية مبدئيَّة؛ ففي الواقع يخضع المستثمر الأجنبي وفقاً لمشروع النظام الجديد لقاعدة “التسجيل”؛ فـ: “يجب على المستثمر الأجنبي التسجيل لدى الهيئة قبل ممارسة أيِّ نشاطٍ استثماريٍّ في المملكة وتقديم تفاصيلٍ عن استثماراته…”[24]، وهو ما يُشيرُ بصفةٍ نهائيَّةٍ إلى أنَّ المساواة بين المستثمر المحلِّي والأجنبي ليست مطلقةً في المشروع الجديد[25].

حتى أنَّ المشروع لدى تكريسه المساواة بين المستثمر المحلِّي والأجنبي قد نصَّ على أنَّه: “يخضع المستثمر الأجنبي- بعد استكمال إجراءات تسجيله –لأحكام التأسيس والترخيص التي يخضع لها المستثمر المحلِّي”[26]؛ الأمر الذي يعني أنَّ نقطة الفرق الأساسي في المعاملة الوطنيَّة تكمن في إجراءات التسجيل بغرض قبول المستثمر الأجنبي[27].

وهو ما يؤكِّد برأينا على أنَّ إجراءات تسجيل المستثمر الأجنبي يجب أن تتَّسم بالمرونة والسرعة حتى تُسَاهِم في جذب الاستثمار الأجنبي من ناحية، والارتقاء أكثر في مفهوم المعاملة الوطنيَّة من ناحية أخرى، تلك التي ينشدها البنك الدولي.

ثالثاً: المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي في دليل البنك الدولي

لقد أرسى البنك الدولي المبدأ الأساسي في المعاملة على أساس “العدالة والمساواة” “Fair and Equitable” [28]؛ وقد أكَّد أيضاً على إطار مبدأ العدالة والمساواة بما يمسُّ المستثمر الوطني أو الأجنبي في نفس الظروف[29].

ويبدو من موقف البنك الدولي ما يلي:

النص على صفة المستثمر الوطني وليس المحلِّي كما أشار مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد.
حرصه على مبدأ المعاملة العادلة على أساس المساواة بين المستثمر الوطني أو الأجنبي كمبدأ عام.
النص على احترام مسألة التساوي في الظروف فيما يتعلَّق بتطبيق مبدأ المساواة.

ولكن نقطة الاختلاف بين مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد ودليل البنك الدولي تتركَّز في مسألة الترخيص والإجراءات اللاَّزمة لاستخدامه، حيث فرض البنك الدولي أن تخضع هذه الأمور للمعاملة بالمساواة بين المستثمر الوطني والأجنبي[30]، في حين أخضع مشروع نظام الاستثمار المستثمر الأجنبي وحده لنظام التسجيل تحت اسم: “دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق”[31].

وفي الحقيقة، تبدو إجراءات التسجيل الواجب على المستثمر الأجنبي اتِّبعها قبل السماح له بالولوج إلى سوق الاستثمار في المملكة أمراً طبيعياً؛ كون الهيئة العامَّة للاستثمار تجهلُ شخصيَّة هذا المستثمر الأجنبي ونشاطاته، فمن حقِّها أن تطلب منه بعض الوثائق حتى تتعرَّف عليه وتقبل تسجيله والترخيص له بممارسة النشاط الاستثماري.

ولكن الواقع قد ينشئُ بعض الممارسات الروتينيَّة خلال مرحلة تسجيل المستثمر، وهو الأمر الذي يجب تلافيه؛ لأنَّ الانطباع الأول الذي يجب أن يجده المستثمر الأجنبي هو مرونة وسهولة إجراءات التسجيل وسرعة الاستجابة من الهيئة، وسرعة اتِّخاذ القرار سواءً بقبول تسجيل المستثمر الأجنبي أم برفض التسجيل، ففي عالم الأعمال يكون للوقت ثمنٌ باهظٌ.

ويمكن أن يتمَّ الاستعانة بالجهات الدوليَّة التي تسجِّل بيانات المستثمرين ومدى ملاءتهم الماليَّة، وكذلك بالشركات التي تقوم على تسجيل وتقييم ملاءة العملاء، أو شركات التقييم الائتماني ذات النشاط الدولي.

فإن كانت المعاملة الوطنية من مبادئ المساواة التي ينشدها المستثمر الأجنبي مع الوطني، فما هو المبدأ الذي يكفل المساواة بين المستثمرين الأجانب أنفسهم؟.

المطلب الثاني

المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب

لا يكفي أن تلتزم الدولة بمبدأ المعاملة الوطنيَّة للمستثمر الأجنبي حتى يتكامل مبدأ المساواة بين المستثمرين، بل يجب أن يتمَّ تكريس الشقِّ الآخر من هذا المبدأ، ألا وهو المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب دون تمييز بعضهم عن بعض.

وسنقوم تحليل النصوص التي تُشيرُ إلى هذه المعاملة الموضوعيَّة في كلٍّ من نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة أولاً، ومشروع نظام الاستثمار الجديد ثانياً، ودليل البنك الدولي ثالثاً.

أولاً: المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي القديم

لم ينص نظام الاستثمار الأجنبي القديم في المملكة على المساواة بين المستثمرين الأجانب في المعاملة، حيث خلت نصوصه من أيَّة إشارة إلى هذه المساواة رغم أهميَّتها على صعيد جذب المستثمرين الأجانب[32]، ومنع ممارسات التمييز بينهم[33].

ويمكن اعتبار النصِّ التالي استثناءً عن غياب المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب، حيث جاء في نظام الاستثمار الأجنبي القديم أنَّه:

“تُعامَل جميع الاستثمارات الأجنبيَّة المرخَّص لها بموجب هذا النظام طبقاً لأحكام الضرائب المعمول بها في المملكة العربيَّة السعوديَّة وما يطرأ عليها من تعديلات”[34].

وبالتالي فإنَّ إطار المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب يقتصر على الجانب الضريبي[35]، فيما تبدو مسائل مثل الترخيص وسير الأعمال وحريَّة نقل الأموال وغيرها من القضايا الأساسيَّة في الاستثمار الأجنبي غيرَ مشمولةٍ صراحةً بالمساواة بين المستثمرين الأجانب.

وهذا الأمر لا يُعتبَر ثغرةً في نظام الاستثمار القديم فقط، بل عامِلاً غير إيجابيٍّ على صعيد جذب الاستثمار الأجنبي؛ فالمستثمر يخشى كساد تجارته نتيجة تفضيل مستثمرين أجانب من جنسيَّة أخرى عليه، حيث أنَّ الاستثمار يعتمد على مفهوم المنافسة الحرَّة والعادلة، وهو ما يناله ترك مبدأ المعاملة الموضوعيَّة للمستثمرين الأجانب، ولذلك كان على مشروع النظام الجديد سد هذه الثغرة.

ثانياً: المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب في مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد

لقد كان مشروع نظام الاستثمار الجديد في المملكة واعياً لوجود نقصٍ تنظيميٍّ في مسألة المساواة بين المستثمرين الأجانب، ونتيجةً لذلك فقد منح اهتماماً خاصَّاً بهذه المسألة الإشكاليَّة؛ خاصَّة أنَّ الاقتصاد السعودي مُقدِمٌ على مرحلة إعادة بناء مدنٍ اقتصاديَّةٍ كاملةٍ؛ وهو بحاجة تبعاً لذلك إلى جذب الاستثمارات النوعيَّة، والكفاءات العالمية وفق رؤية المملكة 2030[36].

وبناءً عليه، فقد فرض مشروع النظام الجديد مبدأً عامَّاً مفاده:

“لا يجوز التمييز بشكلٍ مقصودٍ، وفي الحالات المتشابهة، بين المستثمرين الأجانب بأيِّ شكلٍ من الأشكال، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: جنسيَّتهم، ومكان إقامتهم، وبلد المنشأ لرأس المال، والموطن الأصلي للمستثمر، وأيِّ اعتباراتٍ أخرى”[37]، وبخصوص الشركات الأجنبيَّة، فلا يجوز التمييز بينها وبين الشركات الوطنيَّة بصدد استثمار أموالها عبر تأسيس شركة مساهمة جديدة في المملكة مثلاً فيما يتعلَّق بقواعد وإجراءات التأسيس[38]، وكذلك فيما يخصُّ قواعد مشروعيَّتها وفق نظام الشركات السعودي[39].

ويبدو لنا من تحليل هذه القواعد أنَّ:

مشروع نظام الاستثمار لم يحظرْ كلَّ أشكال التمييز بين المستثمرين الأجانب، بل حظر فقط التمييز “المقصود”؛ فإن نشأ التمييز عن إهمال من أحد موظفي الهيئة العامَّة للاستثمار مثلاً، فلن يُعتبَر ذلك تمييزاً بين المستثمرين حتى وإن كان الإهمال الذي ارتكبَه هذا الموظَّف جسيماً.
نصَّ المشروع على حظر الحالات المُشَابِهَة للتمييز المقصود التي تتمُّ بأيِّ شكلٍ من الأشكال؛ وهو ما يُشيرُ برأينا إلى أيَّة ممارسةٍ مقصودةٍ تُفضي إلى عدم المساواة بين المستثمرين الأجانب مهما كانت بسيطةً؛ كأن يتمَّ طلب وثائق أكثر بالنسبة للمستثمرين من دولٍ معيَّنةٍ أو أصولٍ معيَّنةٍ لدى تسجيلهم في الهيئة.

إلاَّ أنَّ هذه الرؤية التنظيميَّة الواضحة في طرح المساواة بين المستثمرين الأجانب قد شابها استثناءَيْن، هما: مبدأ الدولة الأولى بالرعاية أولاً، والحوافز الاستثماريَّة ثانياً.

1- مبدأ الدولة الأولى بالرعاية: تُبرِم الدولة اتِّفاقيَّاتٍ استثماريَّةٍ مع دولٍ أخرى بغرض تسهيل حركة التجارة والاستثمار فيما بينهم؛ وفي سبيل ذلك تُقدِّم الدولة المُضِيفَة للاستثمار للدولة مَوطِن المستثمرين مجموعةٍ من الحوافز والضمانات خاصَّة.

وبالنتيجة سيحظى المستثمرون من مواطِني الدولة المتعاقدة مع دولة أخرى بمعاملةٍ تفضيليَّةٍ متميِّزةٍ عن معاملة باقي المستثمرين الأجانب، فهل يُعتبَر ذلك خرقاً لمبدأ المساواة يبنهم؟

يبدو أن العرف الدولي مستقرٌّ على استثناء مستثمِرِي الدول المتعاقدة من مبدأ المساواة بين المستثمرين الأجانب؛ وذلك حرصاً على منح الدول المُضِيفَة للاستثمار الفرصة للإيفاء بالتزاماتها التعاقديَّة مع الدولة موطن المستثمرين من جهة، وتكريس حق الدول المُضِيفَة للاستثمار في استغلال البيئة الاستثماريَّة فيها عبر حقِّها بإبرام “اتِّفاقيَّات الاستثمار الثنائيَّة” “Bilateral Investment Agreements (Bits)”[40] أو الجماعيَّة من جهة أخرى.

2- الحوافز الاستثماريَّة: قد تجد الدولة ضعفاً في قطاع إنتاجٍ مُعيَّنٍ كقطاع التكنولوجيا مثلاً، فتُقدِّم تسهيلات ضريبية في هذا القطاع بشكل عام، أو تجدُ فرصاً تمويليَّةً كبيرةً في هذا القطاع لدى إحدى الدول أو التكتُّلات الاقتصاديَّة –كالاتحاد الأوروبي مثلاً- بشكل خاص، فتقوم بمنح حافزٍ للمستثمرين من تلك الدول أو التكتُّلات عبر خفض الضرائب مثلاً[41] دون ضرورة وجود اتِّفاقيَّات دوليَّة بذلك، وهو ما سيؤدِّي إلى توفير الاستثمار المطلوب وسدِّ النقص الحاص في إنتاج التكنولوجيا.

وتختلف الحوافر الماليَّة عن النقديَّة من حيث شكلها وأدواتها إلاَّ أنَّها تخدم ذات الهدف[42]؛ فالحوافز الماليَّة قد تأخذ الشكل النقدي وتَسْتَخْدِم أدوات مثل خفض معدلات الفائدة على قروض مشاريع إنتاج التكنولوجيا، الأمر الذي يُشجِّع على الاقتراض ثم ضخِّ الأموال المُقتَرَضَة في قطاع الإنتاج الضعيف الذي ترغب الدولة تحفيز الاستثمار فيه.

وقد نصَّ مشروع نظام الاستثمار بصراحةٍ على أنَّه لا يخل بالمساواة وأحكام عدم التمييز بين المستثمرين الأجانب: “… تقديم أو عدم تقديم أو تعديل أو تجديد أو عدم تجديد أيٍّ من الحوافز الماليَّة أو غير الماليَّة الممنوحة من قبل المملكة أو إلغاؤها أو تخفيضها”[43]، ولكن قيَّد المشروع تقديم تلك الحوافز[44] بأن تُمْنَحَ: “بموجب شروط مُحدَّدة وواضحة ووفقاً لمعايير استحقاقها من دون أيِّ تمييزٍ”[45]؛ والتمييز هنا محصور بين المستثمرين المستفيدين من الحوافز[46].

ولكن ألا يُعتبَر تقديم الحوافز بشكل خاص تمييزاً لبعض المستثمرين الأجانب من غير المستحقِّين للحوافز الاستثماريَّة عن البعض الآخر المُستحقِّ لها؟

ثم ألا يُعتبَر ذلك معاملةً تفضيليَّةً تنتهك مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، وتنتهك معايير الحد الأدنى للمعاملة من عدم جواز “التمييز المستهدف لأسباب غير مشروعة…”[47]؟

تبدو حالة المساواة بين المستثمرين الأجانب غير قائمةٍ في حال انعدام وجود اتِّفاقيَّة دوليَّة على تقديم الحوافز الماليَّة وتقديمها لبعضهم وحرمان بعضهم منها؛ حيث إنَّ المساواة وحظر المعاملة التفضيليَّة جاءت كمفهومٍ مطلقٍ يمكن استثناء الاتِّفاقيَّات الدوليَّة منه حرصاً على احترام التزامات الأطراف فيها، إلاَّ أنَّ تقديم الحوافز دون قيدٍ اتِّفاقيٍّ يَظهِرُ بشكلٍ غير متوافقٍ مع مفهوم المساواة بين المستثمرين الأجانب.

ولكن في الواقع، تبدو الحوافز أمراً مُتعارفاً عليه على الصعيد الدولي؛ فالدول التي تستقطب الاستثمار تختلف احتياجاتها بشكلٍ جذري، وتُحتِّم عليها مصالحها الاقتصاديَّة المتنوِّعة عدم انتظار شريحةٍ معيَّنةٍ من المستثمرين حتى يَقدُمُوا إليها بل تقديم الحوافر لهم حرصاً على انتعاش وحركة اقتصادها الوطني.

فهل هذا هو موقف دليل البنك الدولي أيضاً؟

ثالثاً: المعاملة الموضوعيَّة بين المستثمرين الأجانب في دليل البنك الدولي

لقد ارتكز دليل البنك الدولي للاستثمار الأجنبي المباشر على فرضيَّة: “المعاملة المتساوية” “Equal Treatment” للمستثمرين في الحالات المتشابهة من جهة، وعلى “المنافسة الحرَّة” “Free Competition” بينهم جميعاً من جهة أخرى؛ بغرض إنشاء بيئةٍ استثماريَّةٍ إيجابيَّةٍ[48].

مثل هذه البيئة التنافسيَّة الإيجابيَّة مع انتشار التقنيَّات الحديثة كانت أهم عوامل نجاح الصين في جذب الاستثمار المباشر، حيث أنَّ الإصلاحات التنظيميَّة التي انتهَجَتْهَا الصين قد أدَّت إلى زيادة تدفُّق رؤوس الأموال الأجنبيَّة لديها واستضافة تكتُّلٍ صناعيٍّ كبيرٍ، كلُّ ذلك كان لانتشار حالةٍ من المنافسة العادلة بين جميع المستثمرين[49].

ولكن دليل البنك الدولي لم يرفضْ فكرة حوافز الاستثمار، بل إنَّ هذا الدليل قد أشار إلى أنَّ الحوافز الاستثماريَّة الماليَّة بصفةٍ خاصَّةٍ من الدول النامية بالتحديد[50] تُعتبَر عنصراً فعَّالاً بغرض الترويج للاستثمار[51].

إلاَّ أنَّ دليل البنك الدولي قد فصَّل في مواصفات حوافز الاستثمار، ولكن بالمقابل يجب:

أن تكون الحوافز الاستثماريَّة مُبرَّرة من الدولة المانِحَة لها[52].
قد تكون تلك الحوافز آليَّة أي مرتبطةً بنوعٍ من أنواع النشاط[53].
أن يكون المساواة في الحوافز ليس فقط بين المستثمرين الأجانب بل أيضاً مع المستثمرين الوطنيِّين في نفس الظروف[54].

وبالتالي، لا يبدو لنا من تحليل هذه الشروط أنَّه يمكن تقديم حوافز الاستثمار لمستثمرين أجانب بعينهم بشكل خاص، بل يجب أن تُمْنَح هذه الحوافز بشكل “آلي” “Automatically” من ناحية، و “مُرتَبِط بنوع النشاط” “linked to the type of activity” من ناحية ثانية[55]؛ أي بمعنى آخر أن تكون حوافزاً موضوعيَّةً بالكامل لا تتناول التمييز بين الأشخاص، بل التمييز بين النشاطات الاستثماريَّة.

وبناءً عليه، فإن منح الدولة لحوافز استثماريَّة في قطاع التكنولوجيا هو أمرٌ طبيعيٌّ لا ينتهك مبدأ المساواة ولا يُعتبَر معاملةً تفضيليَّةً، ولكن إن حصرت الدولة تقديم هذه الحوافز في المستثمرين الأوروبيِّين مثلاً، فعندها يكون هؤلاء المستثمرين دوناً عن غيرهم قد استفادوا من معاملةٍ تفضيليَّةٍ تُميِّزهم عن غيرهم من المستثمرين الأجانب والوطنيِّين دون وجود اتِّفاقيَّة دوليَّة تُلزم الدولة بذلك.

وبالتالي، يجب –وفقاً لدليل البنك الدولي- أن يتمَّ تقييد منح حوافز الاستثمار الماليَّة أو غير الماليَّة بناءً على المنهج الموضوعي الآلي المُرتَبِط بالنشاط وليس بصفة المستثمرين.

كما أقرَّ مبدأ دليل البنك الدولي عدم جواز فرض الحوافز على الدولة[56]؛ فلا يجوز فرض النفوذ على الدول النامية حتى تضطرَّ إلى منح الحوافز رغماً عن إرادتها وفي غير اتِّجاه مصلحتها.

وكنتيجة مبدئيَّة، تظهر قواعد جذب الاستثمار الخارجي بشكلٍ ضاغطٍ على الدولة حتى تستطيع تقديم المعاملة العادلة والمساواة غير التفضيليَّة للمستثمرين الأجانب مقارنةً بالوطنيِّين أو فيما بينهم، إلاَّ أنَّ تطبيق هذه القواعد دون قيودٍ سيؤدِّي إلى جعل الاستثمار في الدولة مَرتَعَاً لانتهاك حقوق الدولة في اتِّفاقها مع المستثمر الأجنبي ويخلق بيئةً خصبةً للجرائم الماليَّة والاقتصاديَّة.

وهذا ما يوجب منح الدولة الحقَّ بضبط الاستثمار الأجنبي ضمن إيقاعها النظامي الخاص عبر منح المستثمر الأجنبي الحريَّة لكن بصيغتها المسؤولة كما سنرى في المبحث الثاني.

المبحث الثاني

ضبط الاستثمار الأجنبي المباشر عبر حريَّة الاستثمار المسؤولة

يمكن للدولة أن تُمارس سيادتها، فتفرض على المستثمر الأجنبي شتَّى أنواع الإجراءات التي تصبُّ في مصلحة المستهلِكِين والمستثمِرِين الوطنيِّين حتى تُعِيدَ الانضباط إلى سوق الاستثمار وفق الأنظمة واللَّوائح الوطنيَّة، ولكنَّ هذه الوضعيَّة هي بالذات التي يخشاها المستثمرين الأجانب، ولذلك فإنَّ ما يُسمَّى بـ: “ضوابط الاستثمار”[57] يُمثِّل مناخاً طارداً للاستثمار الأجنبي.

فالمستثمر الآتي من ثقافةٍ مختلفةٍ يسعى لاستثمار أمواله في دولةٍ غريبة ٍعنه بهدف الاستفادة من فرصةٍ غيرِ مُتاحةٍ في بلده، إلاَّ أنَّه يسعى لتجنُّب تطبيق الأنظمة الوطنيَّة لدولةٍ أجنبيَّةٍ عليه أو الخضوع لسلطة مُحَاكِمِها.

ولذلك فإنَّ الأسلوب الأنجح لضبط الاستثمار الأجنبي هو منح المستثمر الحريَّة الكاملة في تحريك وإدارة أمواله تحت مِظلَّة الأنظمة وقواعد الضبط التي يخضع لها جميع المستثمرين في هذه الدولة أولاً، ولكن مع إقامة مسؤوليَّة المستثمر الأجنبي عن الخضوع لمجموعة من المعايير المتعلِّقة بالاستثمار في الدولة ثانياً.

ولذلك، سنقوم بتحليل النصوص الاستثماريَّة الخاصَّة بضبط مبدأ حريَّة الاستثمار الأجنبي في المطلب الأول، ثم مسؤوليَّات المستثمر الأجنبي والنزاع معه في المطلب الثاني.

المطلب الأول: ضبط حريَّة الاستثمار الأجنبي

سنبحث في قواعد ضبط حريَّة الاستثمار الأجنبي كما جاءت في نظام الاستثمار الأجنبي القديم في المملكة أولاً، ثم في مشروع نظام الاستثمار الجديد ثانياً، وأخيراً وفق دليل البنك الدولي ثالثاً.

أولاً: ضبط حريَّة الاستثمار الأجنبي في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي القديم

لقد أتاح نظام الاستثمار الأجنبي القديم في المملكة أن تكون المنشأة الاستثماريَّة مملوكةً بشكلٍ كاملٍ لمستثمرٍ أجنبيٍّ[58]، وأن يتملَّك العقارات في حدود الغرض من المشروع[59]، أمَّا إن كان المشروع في الاستثمار العقاري فإنَّ المعايير التنظيميَّة تختلف[60].

كما منح هذا النظام المستثمر الأجنبي كامل الحق في: “إعادة تحويل نصيبه من بيع حصَّته أو من فائض التصفية أو الأرباح التي حقَّقتها المنشأة للخارج أو التصرُّف فيها بأيَّة وسيلةٍ مشروعةٍ أخرى، كما يحقُّ له تحويل المبالغ الضروريَّة للوفاء بأيِّ التزامات تعاقديَّة خاصَّة بالمشروع”[61].

ويبدو أنَّ نظام الاستثمار القديم قد منح للمستثمر الأجنبي جميع الصلاحيَّات الماليَّة الكفيلة بإدارة التدفُّقات النقديَّة الخاصَّة بمشروعه، سواءً أكان بتحويلها إلى الخارج أم بالتصرُّف فيها بوسيلةٍ أخرى مثل افتتاح مشروعٍ جديدٍ؛ حيث سمح نظام الاستثمار القديم بالترخيص للمستثمر الأجنبي بأكثرَ من مشروعٍ واحدٍ[62]، مع كامل الحق في تحويل المبالغ الماليَّة إلى الخارج ضمن إطار الوفاء بالالتزامات التعاقديَّة للمشروع.

إلاَّ أنَّه من الواضح أنَّ نظام الاستثمار الأجنبي القديم لم يأتِ على ذكر حريَّة المستثمر في إدارة المنشأة من حيث النشاط؛ حيث يبدو أنَّها تخضع لرقابة الهيئة العامَّة للاستثمار ولسلطة الأنظمة النافذة.

فالفكر التنظيمي القائم في النظام القديم يُشيرُ إلى عدم تكريس حريَّة المستثمر في “إدارة المشروع” بشكلٍ صريحٍ، وإنَّما حريَّته في التصرُّف بـ: “ثمار إدارة المشروع”، وهو الفكر الذي عمل مشروع نظام الاستثمار الجديد على تطويره والارتقاء به.

ثانياً: ضبط حريَّة الاستثمار الأجنبي في مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد

أكَّدت رؤية المملكة 2030 على فكرة جذب الاستثمار، إلاَّ أنَّ الرؤية قد قيَّدت هذا الأمر بأن يكون في إطار: “… أولوياتنا الوطنيَّة”[63]؛ وهو ما يُشيرُ إلى وجوب انضباط الأهداف الاستثماريَّة في إطار النظام العام والأهداف الاقتصاديَّة الاستراتيجية في المملكة.

وقد جاء مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد بمبدأٍ واضحٍ على صعيد حريَّة المستثمر الأجنبي في إدارة مشروعِه، حيث نصَّ على أنَّه:

“… لكلِّ مستثمر الحريَّة في إدارة منشأته، بما في ذلك القدرة على توظيف الموارد البشرية وعزلها وفق نظام العمل والأنظمة والقواعد واللَّوائح الأخرى ذات العلاقة، وحريَّة إدارة الاستثمار وتحديد إجراءات العمل، والمُدخَلَات والمُخرَجَات والأسعار، وله حريَّة بيع المنشأة أو إغلاقها…” [64].

إلى جانب حُريَّته في التصرُّف بثمار مشروعه عبر تحويل العملات إلى أيَّة عملاتٍ قابلةٍ للتحويل في المملكة وفق الأنظمة[65]، ثم تحويل الأموال التي تُمثِّل الأرباح أو تلك الضروريَّة لأجل إدارة المشروع وتَطوِيرِه في إطار الأنظمة[66]، باستثناء حدوث حالات تمنع التحويل مثل الإفلاس أو الجرائم أو إصدار الأوراق الماليَّة والعقود[67] التي ترتبط بمخاطرٍ ماليَّةٍ كبيرةٍ تحتاجُ إلى منحِ الجهات المختصَّة بعض الوقت للتأكُّد من عدم وجود احتيالٍ قبل أن تقبل بتحويل ثمار الاستثمار بالأوراق الماليَّة إلى الخارج.

وبالتالي، فإنَّ المستثمر الأجنبي سيَحْظَى وفق مشروع نظام الاستثمار الجديد بمطلق الحريَّة الإداريَّة في منشأته من الناحية الإداريَّة، وهي نقطة مؤثِّرة على حقوق العمَّال والموظَّفين من المواطنين.

كما أنَّ العمليَّات الإداريَّة في المشروع تخضع بكاملها من حيث بدايتها ونهايتها وتسعير بضائِعِهِا وخدماتها لرؤية المستثمر الأجنبي، إلاَّ أنَّ ضبط هذه الحريَّة الواسعة في مشروع نظام الاستثمار الجديد قد فَرَضَ الاستثناءات التالية:

مراعاة الأنظمة واللَّوائح السعوديَّة النافذة[68]؛ فلا يجوز للمستثمر الأجنبي –كما لا يجوز لأيِّ مستثمرٍ- انتهاك حقوق العمال الواردة في أنظمة العمل، أو ممارسة عمليَّات تهدف إلى الإخلال بتوازن الاقتصاد، أو غيرها من الممارسات غير المشروعة.
الحفاظ على معايير عامَّة مثل السلامة الصحيَّة، أو حقوق الإنسان، أو حقوق العاملين، أو إدارة الموارد، أو المعايير البيئيَّة[69]؛ فإن كانت المنشأة الصناعيَّة التي تعود للمستثمر الأجنبي على جانب كبير من الخطورة على العمَّال نتيجة عدم صيانة آلات المصنع أو كانت تُنتِجُ سلعاً غذائيَّةً مخالفةً للمواصفات السعوديَّة أو تلوِّث البيئة[70]، أو غيرها من الممارسات الماسَّة بالنظام العام.
صلاحيَّة الهيئة العامَّة للاستثمار أو الجهات الحكومية بالتدخل الضروري لتحقيق أهداف السياسات العامَّة في المملكة، وذلك بغرض “الحفاظ على الأمن الوطني وحماية المواطنين والمقيمين… ضمان استقرار النظام الاقتصادي الوطني وسلامته… التأكُّد من الالتزام بالأنظمة واللَّوائح السارية في المملكة”[71].

ويبدو لنا أنَّ جميع الاستثناءات الواردة على مبدأ حريَّة المستثمر الأجنبي في الإدارة والتصرُّف بمنشأته تصبُّ في خانةٍ واحدةٍ هي الأنظمة النافذة في المملكة؛ أي أنَّ حريَّة المستثمر الأجنبي تُطابِق فكرة الحريَّة المُنْضَبِطَة ضمن إطار النظام العام.

ولكن أحقيَّة الهيئة العامَّة للاستثمار بالتدخُّل الضروري المذكور في الاستثناء رقم 3 لم يُحدِّدها مشروع الاستثمار الجديد بشكلٍ حصريٍّ، وإنَّما أعطى عليها مجموعة من الأمثلة، وبالتالي فقد يقع موظَّفو الهيئة بسوءِ تقديرِ صلاحيَّة التدخُّل الضروري هذه أو أن يتمَّ إساءة التصرف بهذه الصلاحيَّة خاصَّةً مع المستثمرين الأجانب؛ الأمر الذي سيُشكِّل عنصراً سلبيَّاً في نظام الاستثمار.

فيما تبدو رؤية البنك الدولي في هذا الخصوص في اتِّجاه تضييق الخناق أكثر على ضبط حريَّة الاستثمار الأجنبي.

ثالثاً: ضبط حريَّة الاستثمار الأجنبي في دليل البنك الدولي

لقد أكَّد دليل البنك الدولي حول الاستثمار الأجنبي المباشر على أحقيَّة المستثمر الأجنبي في تعيين المدراء الكبار في منشأته من غير المُواطِنِين في الدولة موطن الاستثمار[72]، وهو الأمر الذي يجب على الدولة عدم تقييده في إطار تشغيل عمالتها بل يبقى خاضعاً لإرادة المستثمر الأجنبي.

كما أنَّ على هذه الدولة أن تسمح بتحويل المدخرات والأجور بحدودٍ معقولةٍ[73]، والسماح بحريَّة تحويل صافي الإيرادات المُحقَّقة من الاستثمار الأجنبي هذا إلى الخارج[74]، وغير ذلك من حالات تحويل الأموال المُرتَبِطَة بإدارة المشروع[75]، وهذا يتطلَّب حريَّة المستثمر الأجنبي في اختيار العملة التي يرد التعامل بها وتصريفها بسعر السوق[76].

إلاَّ أنَّ دليل البنك الدولي قد أتاح للمستثمر الأجنبي حق “العزل المُبكِّر للعمالة ” “Earlier Termination of the Employment”[77]، وهو الأمر الذي يبقى محلَّ نقاشٍ؛ على اعتبار إمكانيَّة مُخَالَفَتِهِ لحقوق العمَّال المذكورة في أنظمة العمل، حيث تجدُ الدراسات الحديثة أنَّ قانون العمل الذي يحفظ حقوق العمَّال هو من أهمِّ العوامل السلبيَّة لجذب الاستثمار[78].

كما أنَّ الدليل المذكور قد فرض على الدولة قبول وتسهيل “إعادة استثمار” “Reinvestment” المستثمر الأجنبي لأمواله التي حصَّلها من استثماراته[79]، دون الإشارة إلى ضرورةِ وجودِ رغبةٍ لدى الدولة المُضِيفَة للاستثمار؛ ممَّا يُشيرُ إلى نشوء حقٍّ للمستثمر بإعادة الاستثمار بمجرَّد قبول الاستثمار لأول مرة في الدولة، وهو أمر لا يتَّسق مع الطبيعة الرضائيَّة لقبول الدولة بالاستثمار الجديد من نفس المستثمر.

فيما أقرَّ البنك الدولي للدولة موطن الاستثمار منع ومراقبة “الممارسات التجاريَّة الفاسدة” “Corrupt Business Practices” وتعزيز مبادئ الشفافيَّة بالتعاون مع الدول الأخرى لتطوير الإجراءات والآليَّات الكفيلة بذلك[80]؛ ممَّا يعني أنَّ حريَّة المستثمر الأجنبي تقفُ ليس عند انتهاك قوانين الدولة المُضِيفَة للاستثمار بل عند القيام بالممارسات الفاسدة التي تُشير إلى مفهوم تلك الممارسات وفق العرف الدولي[81].

وعلى الرغم من أنَّ البنك الدولي قد أكَّد على أنَّ دليله هذا يُطبَّق على الاستثمارات الأجنبيَّة “حسنة النيَّة” “Bona Fide” وبخضوع تامٍّ لقوانين الدولة المُضِيفَة للاستثمار[82]، إلاَّ أنَّ وجود خلافٍ بين تلك القوانين وقواعد البنك الدولي يُشيرُ إلى ضرورة تعديل القوانين الوطنيَّة بغرض مُسَايَرَة الاتِّجاه الدولي، وتوحيد الأنظمة، وتحقيقِ أعلى جذبٍ مُمكنٍ للاستثمار الأجنبي.

وبناءً عليه، تبدو رؤية البنك الدولي بعيدةً بعض الشيء عن رؤية مشروع نظام الاستثمار في المملكة على صعيد حريَّة المستثمر الأجنبي بالخصوص؛ حيث إنَّ الحريَّة التي اشترطها البنك الدولي تمسُّ بعض الصلاحيَّات النقديَّة للدولة فيما يخصُّ اختيار عملة التحويل، دون تقييد حالات إتاحة التحويل إلاَّ بحالة الفساد، كما أنَّه أتاح إنهاء العمالة مُبَكِّرَاً ممَّا قد يشكِّل خرقاً لأنظمة العمل في الدولة.

ولذلك يبدو لنا أنَّ حريَّة إدارة الأعمال الخاصَّة للاستثمار الأجنبي يُعتبَر مبدأً إشكاليَّاً تتعارض فيه المصالح الدوليَّة مع الوطنيَّة بشكلٍ واضحٍ؛ الأمر الذي يُوجِب على الدولة توخِّي الحذر في مُسايَرَة الاتِّجاه الدولي، وتحديد تفاصيل حريَّة المستثمر بما لا يُخالِف نظامها العام ولا أهدافها الاستراتيجيَّة.

فالاستثمار الأجنبي إنْ انجذبَ إلى دولةٍ بطريقةٍ تَنتَهِكُ رؤيتها الذاتيَّة، فإنَّه لن يخدم أهدافها ولن يصبَّ في مصلحة اقتصادها بل سيُحقِّق خدمةً فرديةً للمستثمر، وهو الأمر الذي يُخالف غاية نظام الاستثمار.

ولذلك تجب دراسة مسؤوليَّات المستثمر أمام الدولة في المطلب الثاني؛ حتى تكتمل رؤية أحكام ضبط الاستثمار الأجنبي.

المطلب الثاني

مسؤوليَّات المستثمر الأجنبي والنزاع معه

كما أنَّ للمستثمر الأجنبي حقوقاً ضمنُ إطاراً مُعيَّناً من الحريَّة تجاه الدولة المُضِيفَة للاستثمار، فإنَّ عليه مجموعة من المسؤوليَّات القانونيَّة تِجَاه هذه الدولة، فإذا أخلَّ المستثمر بإحدى هذه المسؤوليَّات صار من حقِّ الدولة أن تُقِيمَ مسؤوليَّته.

وبالمقابل فإنَّ النزاع المُمكن بين الطرفين قد ينشأ نتيجة إخلال الدولة بمسؤوليَّاتها تجاه المستثمر، أو بسبب إخلال المستثمر بمسؤوليَّاته تجاه الدولة، فهنا ينشأ نزاعٌ استثماريٌّ دوليٌّ يجب أن يحظى بأحكامٍ خاصَّةٍ نتيجة خصوصيَّة الاستثمار الأجنبي.

وسنرى كيف تمَّ تنظيم هذه المسائل الهامَّة وأثرها على ضبط الاستثمار في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي القديم أولاً، ثم مشروع نظام الاستثمار الجديد ثانياً، ثم دليل البنك الدولي ثالثاً.

أولاً: مسؤوليَّات المستثمر الأجنبي والنزاع معه في نظام الاستثمار الأجنبي السعودي القديم

لقد كان نظام الاستثمار الأجنبي القديم في المملكة صارماً مع المستثمر الأجنبي بخصوص حماية نظام الاستثمار[83]؛ حيث أنَّه في حال إخلاله بأيٍّ من مسؤوليَّاته باحترام الأنظمة واللَّوائح، فهنا يحدث الآتي:

“تُبلِّغ الهيئة المستثمر الأجنبي كتابيَّاً عند مخالفة أحكام هذا النظام ولائحته لإزالة المخالفة خلال مدَّة زمنيَّة تُحدِّدها الهيئة تتناسب وإزالة المخالفة”[84].

وبعد هذا التبليغ فإنَّ النظام القديم قد مَنَحَ مجلس إدارة الهيئة العامَّة للاستثمار صلاحيَّة فرض عقوباتٍ تأديبيَّةٍ على المستثمر[85]، بحيث تشمل: حظر الحوافر، ثم الغرامة بما لا يتجاوز 500 ألف ريال، ثم إلغاء الترخيص[86]، فيما يكون التظلُّم إلى ديوان المظالم[87].

ولكن يظهر من إقرار العقوبات التأديبيَّة أنَّها تميل إلى جانب الدول في حال وجود أي نزاع مصالح مع المستثمر الأجنبي، كون الدولة قادرة على ردع المستثمر بشكل فوري عبر العقوبات التأديبية القادرة على إنهاء مشروعه بشكلٍ نهائيٍّ وفوريٍّ، الأمر الذي سيتبعه خسائر كبيرة يخشى المستثمر الوقوع فيها.

وبخصوص منازعات مصادرة أموال المستثمر الأجنبي فقد نصَّ النظام القديم على أنَّه: “لا تجوز مصادرة الاستثمارات التابعة للمستثمر الأجنبي كلاًّ أو جزءاً إلاَّ بحكم قضائي، كما لا يجوز نزع ملكيَّتها كلاًّ أو جزءاً إلاَّ للمصلحة العامَّة مقابل تعويضٍ عادلٍ، وفقا للأنظمة والتعليمات”[88]؛ وبالتالي فقد فرَّق هذا النص بين المصادرة نتيجة ارتكاب فعلٍ غير مشروعٍ؛ كالجرائم الاقتصاديَّة، فهي لا تجوز إلا بحكمٍ قضائيٍّ من ناحية، وبين نزع الملكيَّة الذي يكون بقرارٍ للمنفعة العامَّة وهو يجب أن يقترن بالتعويض العادل[89] من ناحيةٍ أخرى.

وتُعتَبَر قواعد مصادرة ونزع الملكيَّة هي ذاتها القواعد العامَّة لهذه العمليَّات المؤثِّرة جداً على جذب الاستثمار الأجنبي، والتي قد يتَّخذ المستثمر قراره في القدوم إلى دولةٍ معيَّنةٍ من عدمه بناءً عليها.

أمَّا بخصوص تسوية الخلافات بين الدولة والمستثمر الأجنبي[90]، فقد نصَّ نظام الاستثمار الأجنبي القديم على أنَّه: “تتمُّ تسوية الخلافات التي تنشأ بين الحكومة والمستثمر الأجنبي فيما له علاقة باستثماراته المرخَّص لها بموجب هذا النظام وديَّاً قدر الإمكان، فإذا تعذَّر ذلك يُحلُّ الخلاف حسب الأنظمة”[91].

وبالتالي فإنَّ الحل الودِّي هو الأولى، لكن إن استشرى النزاع فلا بدَّ من اللُّجوء للأنظمة في حسمه لدى القضاء أو عبر التحكيم الذي لم يأتِ النظام القديم على ذِكْرِهِ رغم أهميَّته العمليَّة الكبيرة ورغم حدوث الحل الودِّي بعد الانتقال إلى مرحلة التحكيم.

ففي حال اتَّفقت الدولة مع المستثمر على فضِّ النزاع بعد عرضه للتحكيم فهنا يمكنُ وقف إجراءات التحكيم كما حدث في نزاع مصر مع شركة ASA International S.p.A. الإيطاليَّة أمام مركز التحكيم الدولي ICSID عام 2016[92]؛ ففي هذا إعلاءٌ للاعتبار الودِّي في حسم النزاع قبل الاعتبار القانوني.

ولكن يبقى لنقص الكبير في نظام الاستثمار القديم كامناً في التحديد الدقيق لمسؤوليَّات المستثمر وتنظيم مسألة التحكيم التي أفرد لها مشروع النظام الجديد اهتماماً خاصَّاً.

ثانياً: مسؤوليَّات المستثمر الأجنبي والنزاع معه في مشروع نظام الاستثمار السعودي الجديد

نصَّت رؤية المملكة 2030 على أنَّ: “الفاعلية والمسؤوليَّة مفهومان جوهريَّان نسعى لتطبيقهما على جميع المستويات لنكون وطناً طموحاً بإنتاجه ومنجزاته”[93].

فعلى الرغم الحرص الكبير الواضح من مشروع نظام الاستثمار الجديد في المملكة على جذب الاستثمار الأجنبي، إلاَّ أنَّ ذلك كان منضبطاً في إطار الأنظمة واللَّوائح[94]، وبشكلٍ خاصٍّ: “حقوق الإنسان وحماية البيئة والعمل”، وأكَّد المشروع على أنَّ من حقِّ الجهات المختصَّة إيقاع الجزاءات والعقوبات على المُخالِفين لهذه الأنظمة[95].

وتنقسم مسألة انضباط المستثمر الأجنبي عبر فرض مجموعة من المسؤوليَّات عليه ومحاسبته إلى الأفكار التالية:

(أ) تحديد مسؤوليَّات المستثمر

لم يكتفِ مشروع نظام الاستثمار الجديد بالمسؤوليَّة العامَّة، بل أفرد مجموعةً من الواجبات والالتزامات على عاتق المستثمرين عامَّة ومنهم الأجانب[96]، وهي[97]:

“مراعاة قيم المجتمع السعودي.
الاحتفاظ بحسابات وسِجلاَّت مُستقلَّة للمنشأة وفق المعايير المحاسبيَّة المعتمدة في المملكة.
تزويد السلطات المختصَّة والجهات الحكوميَّة ذات العلاقة بأيِّ معلومات تطلبها وبما يُمكِّنها من إنجاز مهمَّاتها المنوطة بها بفاعليَّة وكفاءة.
إتاحة وصول الجهات المختصَّة بدعم الاستثمار إلى المعلومات اللاَّزمة لها وفق ما تُحدِّده الأنظمة واللَّوائح ذات العلاقة.
استيفاء المعايير المحليَّة والعالميَّة المُحدَّدة لحوكمة القطاع المُستَثْمَر، بما يتعلَّق بحجم الاستثمار وطبيعته، أو اتِّباعه معايير أفضل.
تنمية الاستثمار على النحو الأكفأ الذي يُحقِّق الاستغلال الأمثل للموارد واستدامتها والمشاركة في تطوير البنية المحليَّة والإسهام في المسؤوليَّة المجتمعيَّة في المملكة”.

ومن الواضح أنَّ المعايير السابقة لقبول المستثمرين تمسُّ بشكلٍ خاصٍّ الأجانب منهم؛ فهي معاييرٌ مُرتَبِطَةٌ بتشغيل المشروع الاستثمار، وبمُحَاسَبَةِ بياناته، وكفاءته، ونزاهَةِ إدارته وحوكمتها، وهي معايير ضبطٍ للمستثمر الأجنبي إلى أقصى حدٍّ؛ حتى أنَّه إذا اختلفت المعايير السابقة كان على المستثمر الالتزام بالمعايير الأعلى[98].

لكن الأهم كان بخصوص التزام المستثمر بالمساهمة في استدامة الموارد والمسؤوليَّة المجتمعيَّة؛ حيث إنَّ هذا الالتزام يفرض على المستثمر الأجنبي عدم الدخول إلى السوق السعوديَّة بشكل استغلاليٍّ أو لامبالٍ بالقضايا الاجتماعيَّة في مجتمع المملكة.

وهي نقطةٌ فكريَّةٌ بغاية الأهميَّة؛ حيث إنَّ المستثمر بطبعِهِ يُفكِّر بمصلحته الشخصيَّة الضيقة التي تكفل له تحقيق أعلى مستوىً من الأرباح دون الالتفات إلى مصالح الدولة المُضِيفَة للاستثمار أو حتى مع الإضرار بمصالحها.

ولذلك، يبدو التزام المستثمر الأجنبي بالمساهمة في استدامة الموارد والمسؤوليَّة المجتمعيَّة التزاماً هامَّاً على صعيد الحفاظ على موارد المملكة والارتقاء بمجتمعها من جهة، إلاَّ أنَّ هذا الالتزام يحتمل الكثير من التفاصيل والمعاني التي قد يُسَاء استخدامها ممَّا يُشكِّل مناخاً طارداً للاستثمار الأجنبي من جهة أخرى.

وبناءً عليه، يجب تحديد المقصود بالتزام المستثمر الأجنبي فيما يتعلَّق باستدامة الموارد والمسؤوليَّة المجتمعيَّة، حتى تتقيَّد الجهات الرقابية في إطار المفهوم المُحدَّد؛ كأن يتم حظر الاستهلاك الجائر في الموارد إلى الدرجة التي تؤثِّر على احتياطيَّات الدولة، أو أن يتمَّ إلزام المستثمر بالمشاركة بالمبادرات الاجتماعيَّة والإنسانيَّة الخاصَّة بالعمَّال بشكلٍ دوريٍّ مثلاً.

(ب) مصادرة أموال المستثمر

وبخصوص مصادرة أموال المستثمر فقد نصَّ مشروع نظام الاستثمار على أنَّه: “يتمتَّع المستثمرين بالحماية من مصادرة الأملاك، إلا للمصلحة العامَّة، ولقاء تعويض عادل وذلك وفقاً لأحكام الأنظمة واللَّوائح ذات العلاقة”[99].

وبهذه الطريقة فقد ساوى المشروع بين المصادرة دون مقابل لارتكاب جرم جزائي وبين “نزع الملكيَّة للمصلحة العامَّة” “Government Expropriations” التي تكون لقاء تعويضٍ عادلٍ[100]، وهي ثغرةٌ تجب تلافيها.

(ج) النزاع مع المستثمر

تُعتبَر القواعد التي تحكم النزاع مع المستثمر الأجنبي من أكثر القواعد تأثيراً على جذب المستثمرين الأجانب؛ لأنَّها تُوضِّح لهم إلى أين سينتهي النزاع مع الدولة المُضِيفَة للاستثمار هل إلى القانون الوطني والمحاكم الوطنيَّة أم إلى مراكز التحكيم الدوليَّة وقواعدها الخاصَّة مثل مركز ICSID.

في حين أقرَّ مشروع نظام الاستثمار الجديد قاعدةً فرض بموجبها على المستثمر عدم اللُّجوء للقضاء حتى تبتَّ الهيئة العامَّة للاستثمار بموضوع النزاع بعد شكوى المستثمر[101]، وذلك بعد التأكيد على التزام الهيئة بـ: “مبدأ العدالة والموضوعية والمبادئ النظامية”، وعلى التزام: “الجهات الحكوميَّة ذات العلاقة بالتعاون مع الهيئة لإيجاد حلٍّ مقبولٍ لجميع الأطراف”[102].

فإن لم تستجبْ الهيئة لهذه الشكوى خلال 60 يوم، عندها فقط سيحقُّ للمستثمر اللُّجوء للمحكمة المختصَّة في المملكة[103]، ذلك إن أراد حل النزاع محليَّاً[104] أو اللُّجوء للتحكيم في حال موافقة المملكة على التحكيم من الأساس[105].

وتُعتبَر هذه القواعد قاسيةً في تعامُلِهَا مع المستثمرين الأجانب خاصَّةً؛ فالنزاعات الاستثماريَّة كثيراً ما ترتبط بمطالباتٍ مُستعجَلَةٍ وملحَّةٍ قد تُسبِّب للمستثمر خسائراً وغراماتٍ كبيرةٍ.

وبناءً عليه، تبدو قاعدة حظر اللُّجوء للقضاء بعيدةً عن أهداف نظام الاستثمار، وقد تُشكِّل هاجساً سلبيَّاً لدى المستثمرين، ولذلك نرى ضرورة إتاحة المطالبات القضائيَّة من المستثمرين مباشرةً إلى القضاء المستعجل بالخصوص.

وبالنسبة للتحكيم، فإنَّ قبول المملكة بالتحكيم الخارجي سيعني قبولها بتنفيذ الأحكام الصادرة في بلدٍ أجنبيٍ على غير أنظمتها، وهو أمر استثنائيٌّ قد ينال من التزامات المستثمر بالمحافظة على موارد الدولة؛ فقد يأتي الحكم التحكيمي جائراً على المصالح الوطنيَّة.

ولذلك فمن الأفضل التوصُّل إلى تسوية مرضية مع المستثمر معاً حتى وإن وصل الأمر إلى مركز التحكيم، كما حدث مع أندونيسيا في نزاعها مع شركة Cemex Asia Holdings Ltd. من سنغافورا حيث تمَّ تسجيل التسوية في حكم مركز ICSID بينهما عام 2007[106].

وحيث إنَّ قرار المملكة بقبول التحكيم هو قرارٌ ذاتيٌّ يُراعي المصالح الاستراتيجيَّة ويأخذ بعين الاعتبار خروج السلطة القضائيَّة إلى جهةٍ أجنبيَّةٍ، فنرى ضرورة النص في نظام الاستثمار على أنَّ قبول التحكيم يجب أن يقترن بموافقةٍ صريحةٍ من المملكة في عقد الاستثمار المُبرَم مع المستثمر الأجنبي، دون أن يحقَّ لهذا المستثمر اللُّجوء للتحكيم في حالة عدم وجود هذا النص الصريح.

ففي حال وجود اتِّفاقيَّة استثمار ثنائية BIT موقعة بين المملكة وهذه الدولة الأجنبيَّة على حل النزاعات الاستثماريَّة في مركز تحكيم دولي معيَّن مثل ICSID، فإنَّ المستثمر الأجنبي من مواطِنِي هذه الدولة سيُحاول تفسير نصوص الاتفاقية في مصلحته بغرض حسم النزاع في مركز تحكيم أجنبي.

رغم أنَّ المملكة إذْ هي كانت قد وافقت على هذه الاتفاقية فهي كانت تقصد مثلاً حسم النزاعات الاستثماريَّة التي تأخذ الطابع الحكومي من الشركات الأجنبيَّة الحكومية التابعة لهذه الدولة الأجنبيَّة المتعاقدة معها، وليس المستثمرين الأجانب الذين يحملون جنسيَّتها.

أو أن يستند المستثمر إلى اتِّفاقيَّة BIT رغم النص في عقد الاستثمار على عدم جواز اللُّجوء للتحكيم الدولي؛ فيكون الغرض من هذه الاتِّفاقيَّة إتاحة التحكيم مع رعايا هذه الدولة وليس فرض التحكيم في جميع النزاعات معهم.

وبالتالي، فإنَّ نص نظام الاستثمار على ضرورة موافقة المملكة بصراحة على التحكيم في عقد الاستثمار حتى يُصَارُ إلى تحويل النزاع لمركز تحكيمٍ أجنبيٍّ، سيؤدِّي إلى عدم استفادة المستثمر الأجنبي من اتِّفاقيَّات الاستثمار الثنائيَّة ذات الطابع العام أو الحكومي إن لم يتمَّ النص على مثل هذا البند.

وفي ظل هذه الوضعيَّات القانونيَّة المعقَّدة، كيف كان موقف البنك الدولي؟

ثالثاً: مسؤوليَّة المستثمر الأجنبي والنزاع معه في دليل البنك الدولي

رغم أنَّ المستثمر قد لا يرتكب أيَّ خطأٍ أو جرمٍ، فقد يظهر من خلال أداء المشروع الاستثماري الأجنبي أنَّه يُمثِّل عنصراً سلبياً في القطاع الذي ينشط فيه؛ الأمر الذي بدأ يؤثِّر على السوق الوطنيَّة؛ ممَّا يستوجب تدخُّل الدولة العاجل لإنهاء أو تغيير هذه الحالة رغم كون المستثمر لم يَنتَهِكْ قوانين الدولة بشكلٍ صريحٍ.

ففي هذه الحالة، وعلى الرغم أنَّ البنك الدولي قد ذهب إلى آخر مدى في حماية المستثمر الأجنبي من السلطة غير التعاقديَّة للدولة المُضِيفَة للاستثمار، إلاَّ أنَّه قد أتاح لهذه الدولة إنهاء التعاقد أو تعديله أو التنصُّل من المسؤوليَّة مع هذا المستثمر ليس لسببٍ تعاقديٍّ تجاريٍّ بل لسببٍ “سياديٍّ” “Sovereign”[107].

ولكن البنك الدولي اشترط لتطبيق صلاحيَّة الدولة في فسخ عقد الاستثمار الأجنبي من طرفٍ واحدٍ أن تُقدِّم الدولة للمستثمر تعويضاً “مناسباً” “Appropriate”؛ ومعنى أن يكون التعويض مناسِباً أي أن يكونَ[108]:

“كافياً” “Adequate” دون نقصان،
“فعَّالاً” “Effective” دون وضع عوائقاً إداريَّةً مثل تحويل العملة مثلاً،
“فورياً” “Prompt” دون أيَّة مماطلةٍ أو تأخيرٍ.

وبالتالي، فإنَّ الدولة المُضِيفَة للاستثمار تملك زمام ضبط الأمور بخصوص الاستثمار الأجنبي في حال انحرف عن الغاية التي جاء من أجلها أو أساء إدارة المشروع وفقاً لرؤية الدولة.

إلاَّ أنَّ الدولة المُضِيفَة للاستثمار إذ هي تملك صلاحيَّة التعديل أو الفسخ من طرفٍ واحدٍ، فلا يكون ذلك دون مُقابلٍ طالما أنَّ خطأ المستثمر لا يخرق القوانين الوطنيَّة؛ فإذاً لم يتقبَّل البنك الدولي فكرة مصادرة أموال المستثمر بلا مقابل هنا.

ونرى أنَّ موقف دليل البنك الدولي منطقيٌّ في وجوب التعويض في هذه الحالة؛ لأنَّ التصرُّف بالاتِّفاق قد جاء من طرفٍ واحدٍ، إلاَّ أنَّ البنك الدولي لم يراعِ درجة خطأ المستثمر في تقدير التعويض الأمر الذي سيشكِّل انتهاكاً لمبادئ العدالة.

أمَّا إن كان المستثمر الأجنبي قد انتهك القوانين الوطنيَّة؛ كأن يرتكب جرماً اقتصادياً أو تهرباً ضريبياً، فهنا يمكن للدولة المُضِيفَة أن تقوم بمعاقبته بـ: “المصادرة” “Taking” دون تعويضٍ أو بعد اختصار مبلغ التعويض[109].

وفي حال تطوُّر موضوع النزاع بين للدولة المُضِيفَة للاستثمار والمستثمر الأجنبي إلى حدود المحاكم، فقد شجَّع دليل البنك الدولي على اللُّجوء إلى التحكيم المستقل الذي لا يتمُّ فيه تحديد أعضاء لجنة التحكيم من أطراف النزاع[110]، وبشكل خاص التحكيم في مركز ICSID[111].

وبناءً عليه، يبدو أنَّ الصلاحيَّات التي منحها دليل البنك الدولي للدولة المُضِيفَة سيتمُّ حسم مدى صِحَّتها خارج أروقة المحاكم الوطنيَّة بالأعمِّ الأغلب؛ وهو ما سينخفض بمستوى أهميَّة وفعاليَّة تلك الصلاحيَّات.

فالتحكيم الذي شجَّع عليه البنك الدولي -بما يُشبه الإلزام- يُخرِجُ مسألة تكييف خطأ المستثمر، وتقدير التعويض المُستحقِّ له، وتكييف أفعاله على الأنظمة الوطنيَّة من سلطة القضاء الوطني، أو حتى هيئات التحكيم المستقلَّة الاختياريَّة، ويمنح كل تلك الصلاحيَّات لمركز ICSID الذي قد ينحاز لطرف المستثمرين الأجانب.

وبالتالي، فإنَّ مسألة ضبط الاستثمار وفقاً لدليل البنك الدولي يعتريها الكثير من الثغرات الهيكلية ليس في صلاحيَّات الضبط بل في الصلاحيَّات الواقعيَّة لإقرار مدى صِحَّة هذا الضبط.

الخاتمة

تتواجه في الاستثمار الأجنبي المباشر اعتبارات جذب الاستثمار وضبطه بشكلٍ حادٍّ؛ الأمر الذي يجعل كلَّ قواعد نظام الاستثمار مُجرَّد موازنةٍ أو مُفاضلةٍ بين هذَيْن الاعتبارَيْن.

وبالتالي فإنَّ الفائدة المرجوَّة من نظام الاستثمار الوطني تتمثَّل في الموازنة بين اعتبارات الشفافية ومرونة من طرفها تجاه الاستثمار الأجنبي الملتزم من جهة، وبين اعتبارات الضبط اللازمة للحفاظ على توازن الاقتصاد الوطني من جهة أخرى.

وإن كانت الدولة المُضِيفَة للاستثمار الأجنبي في موقف قوة لدى قبولها للمستثمر من عدمه طالما تنوَّعت أمامها الاختيارات، فإنَّ صلاحيَّاتها ومسؤوليَّاتها في ضبط الاستثمار الأجنبي قد تصبح محلَّ تقييمٍ من جهات تحكيمٍ أجنبيَّةٍ غير لا يمكن ضمان حياديَّتها في ظلِّ نفوذ دولة المستثمر؛ الأمر الذي قد يضع على الدولة أعباءً ماديَّةً من تعويضاتٍ للمستثمر تتجاوز بكثيرٍ الفائدة من جذب الاستثمار.

ولذلك يمكن للمملكة الاستفادة من التكتُّلات الاقتصاديَّة الآسيويَّة أو الإقليميَّة التي تضمُّ مجموعةً كبيرةً من الدول النامية؛ فهذه الدول تتشارك مع المملكة في كونها موطن للاستثمار والطاقة، وهكذا يتمُّ التخفيف من قدرة المستثمرين الأجانب على فرض وجهة نظرهم عبر التحكيم الدولي؛ لأنَّ ردَّة الفعل ستكون حينها تجاه هذا المستثمر إقليميَّةً أو دوليَّةً من مركز ثقلٍ اقتصاديٍّ قادرٍ على التأثير في بشكل عميق في مصالحه.

ففي هذه الحالة ستكون سوق الاستثمار سوقاً موحَّدةً قويَّةً، أو كما اصطلح الفقه الماليزي “تكامل السوق الموحَّدة” “Single Market Integration”[112]، وهذه الرؤية لن تتحقَّق إلاَّ عبر التعاون مُتعدِّد الأطراف بين الدول النامية[113].

وبهذه الطريقة سيتمُّ الجمع بين الأساليب التنظيميَّة والعمليَّة الواقعيَّة لضبط الاستثمار بعد إتاحة المساواة والحريَّة اللاَّزمة لتحريك رأس المال الأجنبي في الاتِّجاه الذي يخدم الاقتصاد الوطني.

النتائج

تطور العمل التنظيمي بشكل واضح من نظام الاستثمار الأجنبي القديم في المملكة باتِّجاه المزيد من تحرير حركة رؤوس الأموال الأجنبية واستثمارها عبر مشروع نظام الاستثمار الجديد الذي يُواكِب رؤية المملكة 2030.
إنَّ المعايير التي طلبها البنك الدولي في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر أعلى من مشروع النظام الجديد بما يميل باتِّجاه مصلحة المستثمرين الأجانب على حساب الدول المُضيفة للاستثمار المباشر.
ابتعد كلا نظامَي الاستثمار عن دليل البنك الدولي بخصوص ضبط الاستثمار الأجنبي المباشر عندما اشترط النظام الجديد لجوء المستثمر للهيئة العامَّة للاستثمار عبر تقديم شكوى قبل السماح له باللُّجوء للقضاء، بينما منح النظام القديم لمجلس إدارة الهيئة الحق بفرض عقوبات على المستثمر.
تبدو صلاحيَّة فرض المساواة بغرض جذب الاستثمار الأجنبي المباشر خاضعةً لإرادة الدولة المُضِيفَة للاستثمار، بينما يبدو تقدير صِحَّة إجراءات ضبط هذا الاستثمار خاضعاً لمراكز التحكيم الأجنبيَّة في غالب الأحيان، وأبرزها مركز ICSID.

التوصيات

التأكُّد من مرونة إجراءات تسجيل المستثمرين الأجانب لدى الهيئة العامَّة للاستثمار قبل تطبيقها عبر امتحانها عملياً واستبيان آراء المستثمرين حتى يتمَّ ضمان توفير البيئة المناسبة لرؤية المملكة 2030.
حصر منح الحوافز الاستثماريَّة بشكلٍ موضوعيٍّ تجاه جميع المستثمرين الأجانب دون تمييز.
عدم اتِّخاذ إجراءات ضبط للاستثمار الأجنبي المباشر من طرفٍ واحدٍ قبل الاجتماع مع المستثمر الأجنبي وإيجاد تسوية ثنائية إمَّا بالتزام المستثمر أو بفسخ عقد الاستثمار أو باللُّجوء إلى فض النزاع عبر الطرق النظاميَّة.
النص في نظام الاستثمار على أنَّ المملكة لا تقبل تحويل النزاع إلى مراكز التحكيم الدوليَّة إلاَّ إذا نصَّ العقد المُبرَم مع المستثمر على تحويل النزاع إلى مركز تحكيم دولي محدَّد ليس بالضرورة أن يكون مركز ICSID.

المراجع

أولاً: المراجع باللُّغة العربيَّة

– آل جمعان، سعد، التطورات القانونيَّة في نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة العربيَّة السعوديَّة “دراسة مقارنة”، رسالة لنيل درجة دكتوراه الفلسفة في القانون، كلية القانون، جامعة الخرطوم، نوقشت عام 2008.

– آل داوود، عبد الله، نظام الاستثمار الأجنبي بالمملكة العربيَّة السعوديَّة ومدى جلبه للاستثمار؟، مجلة المنارة للعلوم القانونيَّة والإدارية، مركز المنارة للدراسات، الرباط، المغرب، العدد 4، عام 2014.

– البقمي، صالح، شركة المساهمة في النظام السعودي –دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي-، مركز البحث العلمي، جامعة أم القرى، الكتاب 39، المملكة العربية السعودية، عام 1406هـ-1985م.

– بوراوي، ساعد، الحوافز الممنوحة للاستثمار الأجنبي المباشر في دول المغرب العربي (الجزائر – تونس – المغرب) “دراسة مقارنة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الاقتصاد، جامعة باتنة، الجزائر، نوقشت عام 2008.

– بونقاب، مختار – زواويد، لزهاري، الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر سبيل للتخلص من التبعية للمحروقات: المعوقات القانونيَّة والإدارية المطروحة والحلول المقترحة، مجلة شعاع، معهد العلوم الاقتصاديَّة والتجاريَّة وعلوم التسيير، تیسمسیلت، الجزائر، العدد 3، مارس 2018.

– الجبر، محمد حسن، القانون التجاري السعودي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، عام 1417هـ-1996م.

– جعفر، محمد راضي، الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي العربي، مجلة الخليج العربي، المجلد 39، العدد 3-4، عام 2011.

– سي فضيل، الحاج، آليات فض منازعات عقود الاستثمار الأجنبي المباشر، أطروحة مُقدَّمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، تخصص القانون الدولي للأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مستغانم، الجزائر، نوقشت عام 2019.

– الشعلان، عبد اللطيف بن إبراهيم، الحماية النظامية للاستثمار الاجنبي في المملكة العربيَّة السعوديَّة دراسة مقارنة، أطروحة مُقدَّمة لنيل درجة الماجستير في القانون، جامعة نايف العربيَّة للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، السياسة الجنائية، نوقشت عام 2012.

– الشمري، سعود بن عياد بن سيار، مخالفات المستثمر الأجنبي وعقوباتها في النظام السعودي والقانون المصري، أطروحة مُقدَّمة لنيل درجة الماجستير، جامعة نايف العربيَّة للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، نوقشت عام 2009.

– ضمرة، مهند، محاضرات في القانون التجاري، كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع، قسم العلوم الإدارية والإنسانية، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، عام 1435هـ-2013م.

– نوارة، تيزا حسين، مفهوم التعويض في نظام الاستثمار الأجنبي، مجلة الفقه والقانون، المغرب، العدد 2، 2014.

– هارفارد بزنس ريفيو، المفاهيم الإداريَّة، الحوافز الاستثماريَّة. أنظر: www.hbrarabic.com (13-9-2019).

ثانياً: المراجع باللُّغة الإنجليزيَّة

1- Papers

– Azémar, Céline and Dharmapala, Dhammika, Tax Sparing Agreements, Territorial Tax Reforms, and Foreign Direct Investment, 2019. See:

http://pubdocs.worldbank.org/en/281751559591312068/celine-Azmar.pdf (23-9-2019)

– CHILTON, Adam S., et. al., Reciprocity and Public Opposition to Foreign Direct Investment, Coase-Sandor Working Paper Series in Law and Economics, 2017.

– COLE, Matthew A., et. al., Foreign Direct Investment and the Environment, Annual Review of Environment and Resources, Vol. 42, 2017.

– FALK, Martin, A Gravity Model of Foreign Direct Investment in the Hospitality Industry, Tourism Management, Vol. 55, 2016.

– FOTAK, Veljko, et. al., A BIT of Investor Protection: How Bilateral Investment Treaties Impact the Terms of Syndicated Loans, 2019. See:

https://efmaefm.org/0EFMAMEETINGS/EFMA%20ANNUAL%20MEETINGS/2017-Athens/papers/EFMA2017_0344_fullpaper.pdf (23-9-2019)

– HANAPI, Mohamad, Foreign Direct Investment Law in ASEAN Countries: Prospect for ASEAN Economic Community, Yustisia, Vol. 8, No. 1, January-April 2019.

– HSU, Wen-Tai, et. al., Does Foreign Direct Investment Lead to Industrial Agglomeration, Research Collection School of Economics, 2018.

– LU, Yi, et. al., Does Environmental Regulation Drive Away Inbound Foreign Direct Investment? Evidence from a Quasi-Natural Experiment in China, April 2015. See:

http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.710.8287&rep=rep1&type=pdf (23-9-2019).

– PINTO, Pablo M. and ZHU, Boliang, Fortune or Evil? The Effect of Inward Foreign Direct Investment on Corruption, International Studies Quarterly, Vol. 60, 2016.

– ROBINSON, Douglas M., Chinese Agricultural Foreign Direct Investment in Dairy: Could Germany Become a Chinese Cash Cow?, GEWISOLA, 2019.

– UDEH, Sergios and ODO, Jhon, Impact of Foreign Direct Investment on the Economic Growth of Nigeria, Journal of Global Accounting, Vol. 5, No. 2, August 2017.

– YAO, Yao and ZHOU, Yizhen, Research on Outward Direct Investment in Emerging Economies, Advances in Social Science, Education and Humanities Research, Vol. 268, 2019.

2- ICSID Cases

– Cemex Asia Holdings Ltd v. Republic of Indonesia (ICSID Case No. ARB/04/3), February 23, 2007. See the link:

https://icsid.worldbank.org/en/Pages/cases/casedetail.aspx?CaseNo=ARB/04/3 (23-9-2019).

– ASA International S.p.A. v. Arab Republic of Egypt (ICSID Case No. ARB/13/23), August 3, 2016. See the link:

https://icsid.worldbank.org/en/Pages/cases/casedetail.aspx?CaseNo=ARB/13/23 (23-9-2019).

[1] بونقاب، مختار – زواويد، لزهاري، الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر سبيل للتخلص من التبعية للمحروقات: المعوقات القانونية والإدارية المطروحة والحلول المقترحة، مجلة شعاع، معهد العلوم الاقتصادية والتجاريَّة وعلوم التسيير، تیسمسیلت، الجزائر، العدد 3، مارس 2018، الصفحة 104.

[2] HANAPI, Mohamad, Foreign Direct Investment Law in ASEAN Countries: Prospect for ASEAN Economic Community, Yustisia, Vol. 8, No. 1, January-April 2019, page 47.

[3] HSU, Wen-Tai, et. al., Does Foreign Direct Investment Lead to Industrial Agglomeration, Research Collection School of Economics, 2018, page 8.

[4] “… in fact that FDI may cause some disadvantages as well”. See: FARID, Samar and ADLY, Nourhan, Evaluating the effect of Country risk on Foreign Direct Investment in Egypt, thesis of Finance, Future University in Egypt, June-2016, page 42.

[5] “… the opportunities and risks in outward direct investment for emerging economies”. See: YAO, Yao and ZHOU, Yizhen, Research on Outward Direct Investment in Emerging Economies, Advances in Social Science, Education and Humanities Research, Vol. 268, 2019, page 300.

[6] يكون الاستثمار مباشراً في حال قدوم المستثمر إلى الدولة المضيفة وإنشائه مشروعاً فيها، ويكون غيرَ مباشرٍ إن لم يقم المستثمر الأجنبي بإنشاء أو إدارة المشروع بل قدم له قرض عبر شراء السندات أو اكتتب بالأوراق المالية الصادرة عن مشروع وطني. أنظر: د. مهند إبراهيم فندي، د. بشرى خالد تركي، التنظيم القانوني للاستثمار العقاري الأجنبي –دراسة مقارنة-، مجلة الرافدین للحقوق، المجلد 16، العدد 58، 2013، الصفحة 16.

ولا تُفرِّق أنظمة الاستثمار عادةً بين هذين النوعين. أنظر: سي فضيل، الحاج، آليات فض منازعات عقود الاستثمار الأجنبي المباشر، أطروحة مُقدَّمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، تخصص القانون الدولي للأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مستغانم، الجزائر، نوقشت عام 2019، الصفحة 526.

[7] رؤية المملكة 2030، الصفحة 42.

[8] جعفر، محمد راضي، الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي العربي، مجلة الخليج العربي، المجلد 39، العدد 3-4، عام 2011، الصفحة 93.

[9] المادة 1، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019، موقع الهيئة العامة للاستثمار sagia.gov.sa.

[10] “Direct foreign investment (DFI) is any method of increasing international business that requires a direct investment in foreign operations”. See: FARID, Samar and ADLY, Nourhan, op.cit., page 3.

[11] آل جمعان، سعد، التطورات القانونية في نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية “دراسة مقارنة”، رسالة لنيل درجة دكتوراه الفلسفة في القانون، كلية القانون، جامعة الخرطوم، نوقشت عام 2008، الصفحة 5.

[12] المادة 6، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، الصادر عام 1421 هـ – 2000م

[13] يوجد في جانب من الفقه مثل هذا التوجُّه؛ حيث يتمُّ اصطلاح الصناعة المعينة إلى جانب الاستثمار الأجنبي المباشر، وليس المستثمرين في قطاع مُعيَّن، أنظر دراسة بالاستثمار في “صناعة الضيافة” “Hospitality Industry”؛ مثل الفنادق لدى:

FALK, Martin, A Gravity Model of Foreign Direct Investment in the Hospitality Industry, Tourism Management, Vol. 55, 2016, page 1.

[14] المادة 6، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[15] رؤية المملكة 2030، الصفحة 48.

[16] د. مهند إبراهيم فندي، د. بشرى خالد تركي، مرجع سابق، الصفحة 8.

[17] المادة 1، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[18] أظهرت دراسة صينيَّة حديثة أنَّ الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع الزراعي مثلاً يُساهِم في تحقيق الأمن الغذائي، كما هو عليه الأمر بين الصين وألمانيا في صناعة الألبان. أنظر:

ROBINSON, Douglas M., Chinese Agricultural Foreign Direct Investment in Dairy: Could Germany Become a Chinese Cash Cow?, GEWISOLA, 2019, page 1.

[19] المادة 6-1-أ، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[20] المادة 1، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[21] المادة 194، نظام الشركات السعودي لعام 1437 هـ – 2015م، المعدل بالمرسوم الملكي رقم م/79 لعام 1439 هـ – 2018م.

[22] المادة 195، 197، نظام الشركات السعودي.

[23] ضمرة، مهند، محاضرات في القانون التجاري، كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع، قسم العلوم الإدارية والإنسانية، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، عام 1435هـ-2013م، الصفحة 76.

[24] المادة 5-2، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[25] قد ترى بعض الشركات الوطنيَّة أنَّ الشركات الأجنبية تقوم بالاستحواذ على السوق، ولذلك قد تُعارِض هذه الشركات بشِدَّة دخول الاستثمار الأجنبي المباشر. أنظر:

“… opposition to foreign acquisitions of domestic companies”. See: CHILTON, Adam S., et. al., Reciprocity and Public Opposition to Foreign Direct Investment, Coase-Sandor Working Paper Series in Law and Economics, 2017, page 1.

[26] المادة 5-4، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[27] آل جمعان، سعد، مرجع سابق، الصفحة 43.

[28] “Each State will extend to investments established in its territory by nationals of any other State fair and equitable treatment…”. See: Section III-2, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, Legal Framework for the Treatment of Foreign Investment, report no. 11415, 1992, page 33.

[29] “… such treatment will, subject to the requirement of fair and equitable treatment mentioned above, be as favorable as that accorded by the State to national investors in similar circumstances”. See: Section III-3-a, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[30] “… granting of permits, import and export licenses and the authorization to employ, …, and other legal matters relevant to the treatment of foreign investors as described in Section 1 above…”. See: Section III-3-a, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[31] المادة 5، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[32] آل داوود، عبد الله، نظام الاستثمار الأجنبي بالمملكة العربية السعودية ومدى جلبه للاستثمار؟، مجلة المنارة للعلوم القانونية والإدارية، مركز المنارة للدراسات، الرباط، المغرب، العدد 4، عام 2014، الصفحة 81.

[33] وهي تُعتبَر من السلوكيَّات غير المُلائِمَة خلال مرحلة تنفيذ المشروع، والتي تُؤدِّي إلى إيجاد مناخ طارد للاستثمار الأجنبي. أنظر: بونقاب، مختار – زواويد، لزهاري، مرجع سابق، الصفحة 118.

[34] المادة 14، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، لعام 2000.

[35] تحتاج بيئة العمل الضريبي في الدول المُضِيفَة للاستثمار إلى إصلاحاتٍ كبيرةٍ قبل البدء بسياسة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ويُمكن أن تكون هذه الإصلاحات إقليميَّةً عبر إبرام اتِّفاقيَّات ثنائيَّة. أنظر:

Azémar, Céline and Dharmapala, Dhammika, Tax Sparing Agreements, Territorial Tax Reforms, and Foreign Direct Investment, 2019, page 1. See:

http://pubdocs.worldbank.org/en/281751559591312068/celine-Azmar.pdf (23-9-2019)

[36] رؤية المملكة 2030، الصفحة 48.

[37] المادة 6-1-ب، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[38] الجبر، محمد حسن، القانون التجاري السعودي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، عام 1417هـ-1996م، الصفحة 293.

[39] البقمي، صالح، شركة المساهمة في النظام السعودي –دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي-، مركز البحث العلمي، جامعة أم القرى، الكتاب 39، المملكة العربية السعودية، عام 1406هـ-1985م، الصفحة 257.

[40] FOTAK, Veljko, et. al., A BIT of Investor Protection: How Bilateral Investment Treaties Impact the Terms of Syndicated Loans, 2019, page 1. See:

https://efmaefm.org/0EFMAMEETINGS/EFMA%20ANNUAL%20MEETINGS/2017-Athens/papers/EFMA2017_0344_fullpaper.pdf (23-9-2019)

[41] تبدو الضرائب أكثر الحوافز الاستثماريَّة تأثيراً في جذب المستثمرين الأجانب، ولكن بالمقابل إن كانت هذه الحوافز غيرَ ضريبيَّةٍ فإنَّ فرضَ ضريبةٍ غير مدروسةٍ عليها سيُفقِدُ الحافز قيمته، وهذا من أكثر العوامل التي تُلغِي تأثير الحوافز الجاذب للاستثمار. أنظر:

Azémar, Céline and Dharmapala, Dhammika, op. cit., page 1.

[42] هارفارد بزنس ريفيو، المفاهيم الإدارية، الحوافز المالية. أنظر: www.hbrarabic.com (13-9-2019).

[43] المادة 6-2، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[44] أنظر لدى: بوراوي، ساعد، الحوافز الممنوحة للاستثمار الأجنبي المباشر في دول المغرب العربي (الجزائر – تونس – المغرب) “دراسة مقارنة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الاقتصاد، جامعة باتنة، الجزائر، نوقشت عام 2008.

[45] المادة 12-2-ب، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[46] للاطلاع بالتفصيل على أنواع هذه الحوافز، راجع: آل جمعان، سعد، مرجع سابق، الصفحة 77.

[47] المادة 7-2-د، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[48] “These Guidelines are based on the general premise that equal treatment of investors in similar circumstances and free competition among them are prerequisites of a positive investment environment”. See: Section I-10, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[49] HSU, Wen-Tai, et. al., page 33.

[50] وحول تجربة نيجيريا، أنظر:

UDEH, Sergios and ODO, Jhon, Impact of Foreign Direct Investment on the Economic Growth of Nigeria, Journal of Global Accounting, Vol. 5, No. 2, August 2017, page 10.

[51] “Fiscal incentives provided by some investors’ governments for the purpose of encouraging investment in developing States are recognized in particular as a possibly effective element in promoting such investment”. See: Section III-10, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[52] “… such incentives are deemed to be justified by the State…”. See: Section III-9, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[53] “… they may to the extent possible be automatically granted, directly linked to the type of activity to be encouraged and equally extended to national investors in similar circumstances”. See: Ibid.

[54] “… equally extended to national investors in similar circumstances”. See: Ibid.

[55] “… automatically granted, directly linked to the type of activity to be encouraged …”. See: Ibid.

[56] “Nothing in this Guideline suggests that a State should provide foreign investors with tax exemptions or other fiscal incentives”. See: Ibid.

[57] آل جمعان، سعد، مرجع سابق، الصفحة 46.

[58] المادة 5-2، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، لعام 2000.

[59] المادة 8، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، لعام 2000.

[60] د. مهند إبراهيم فندي، د. بشرى خالد تركي، مرجع سابق، الصفحة 1.

[61] المادة 7، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، لعام 2000.

[62] المادة 4، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي، لعام 2000.

[63] رؤية المملكة 2030، الصفحة 48.

[64] المادة 8، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[65] المادة 10-1، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[66] المادة 10-2، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[67] المادة 10-3، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[68] المادة 8، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[69] المادة 17-1-أ، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[70] راجع حول تأثير أنظمة البيئة على الاستثمار الأجنبي المباشر لدى:

LU, Yi, et. al., Does Environmental Regulation Drive Away Inbound Foreign Direct Investment? Evidence from a Quasi-Natural Experiment in China, April 2015, page 2. See:

http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.710.8287&rep=rep1&type=pdf (23-9-2019).

ولكن هذه الرؤية التقليديَّة ليست دائماً صحيحة، فقد وجدت دراسة بريطانيَّة أنَّ الشركات المحلِّية قد تكون أكثر تلويثاً للبيئة من الشركات الأجنبيَّة. أنظر:

COLE, Matthew A., et. al., Foreign Direct Investment and the Environment, Annual Review of Environment and Resources, Vol. 42, 2017, page 465.

[71] المادة 17-1-ب، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[72] “… the investor’s freedom to employ top managers regardless of their nationality”. See: Section III-5-b, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[73] “freely allow regular periodic transfer of a reasonable part of the salaries and wages of foreign personnel… allow immediate transfer of all savings from such salaries and wages”. See: Section III-6-(1)-a, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[74] “freely allow transfer of the net revenues realized from the investment”. See: Section III-6-(1)-b, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[75] “allow the transfer of such sums as may be necessary for the payment of debts contracted, or the discharge of other contractual obligations incurred in connection with the investment as they fall due”. See: Section III-6-(1)-c, d, e, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[76] Section III-6-(2), World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[77] “… earlier termination of the employment”. See: Section III-6-(1)-a, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[78] FALK, Martin, op. cit., page 21.

[79] “Each State will permit and facilitate the reinvestment in its territory of the profits realized from existing investments and the proceeds of sale or liquidation of such investments”. See: Section III-7, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[80] “Each State will take appropriate measures for the prevention and control of corrupt business practices and the promotion of accountability and transparency in its dealings with foreign investors, and will cooperate with other States in developing international procedures and mechanisms to ensure the same”. See: Section III-8, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[81] وقد تساءل جانب من الفقه هل إنَّ الاستثمار الأجنبي المباشر يجلب “الثروة” أم “الشر”. أنظر:

PINTO, Pablo M. and ZHU, Boliang, Fortune or Evil? The Effect of Inward Foreign Direct Investment on Corruption, International Studies Quarterly, Vol. 60, 2016, page 693.

[82] “The application of these Guidelines extends to existing and new investments established and operating at all times as bona fide private foreign investments, in full conformity with the laws and regulations of the host State”. See: Section I-2, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[83] الشعلان، عبد اللطيف بن إبراهيم، الحماية النظامية للاستثمار الاجنبي في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة، أطروحة مُقدَّمة لنيل درجة الماجستير في القانون، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، السياسة الجنائية، نوقشت عام 2012.

[84] المادة 12-1، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي لعام 2000.

[85] الشمري، سعود بن عياد بن سيار، مخالفات المستثمر الأجنبي وعقوباتها في النظام السعودي والقانون المصري، أطروحة مُقدَّمة لنيل درجة الماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، نوقشت عام 2009.

[86] المادة 12-2، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي لعام 2000.

[87] المادة 12-4، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي لعام 2000.

[88] المادة 11، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي لعام 2000.

[89] نوارة، تيزا حسين، مفهوم التعويض في نظام الاستثمار الأجنبي، مجلة الفقه والقانون، المغرب، العدد 2، 2014، الصفحة 41.

[90] تُصنَّف منازعات الاستثمار في إطار المنازعات الدولية الاقتصادية، أنظر: سي فضيل، الحاج، مرجع سابق، الصفحة 5.

[91] المادة 13-1، نظام الاستثمار الأجنبي السعودي لعام 2000.

[92] “The Tribunal issues a procedural order taking note of the discontinuance of the proceeding pursuant to ICSID Arbitration Rule 43(1)”. See: ASA International S.p.A. v. Arab Republic of Egypt (ICSID Case No. ARB/13/23), August 3, 2016. See the link: https://icsid.worldbank.org/en/Pages/cases/casedetail.aspx?CaseNo=ARB/13/23 (23-9-2019).

[93] رؤية المملكة 2030، الصفحة 13.

[94] أكَّد جانب من الفقه على أنَّه كما قد يكون للاستثمار الأجنبي المباشر تأثيرٌ إيجابيٌّ في مجال الحوكمة، فإنَّه قد يحمل معه آثاراً سلبيةً للدولة المُضِيفَة خاصَّةً من “الشركات مُتعدِّدة الجنسيَّات” “Multinationals”. أنظر:

“… for every analysis describing FDI as a vehicle for the diffusion of good governance, another account vilifies multinationals and their alleged deleterious effects on host countries”. See: PINTO, Pablo M. and ZHU, Boliang, op. cit., page 307.

[95] المادة 11-1، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[96] لتفاصيل إضافية عن هذه المسؤوليات، أنظر: د. مهند إبراهيم فندي، د. بشرى خالد تركي، مرجع سابق، الصفحة 26.

[97] المادة 11-2، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[98] المادة 11-3، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[99] المادة 9، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[100] FOTAK, Veljko, et. al., op. cit, page 39.

[101] المادة 13-1، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[102] المادة 13-2، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[103] المادة 13-3، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[104] المادة 14، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[105] المادة 15، مشروع نظام الاستثمار السعودي، لعام 2019.

[106] “Settlement agreed by the parties and settlement recorded at their request in the form of an award (Award embodying the parties’ settlement agreement rendered on February 23, 2007, pursuant to Arbitration Rule 43(2)”. See: Cemex Asia Holdings Ltd v. Republic of Indonesia (ICSID Case No. ARB/04/3), February 23, 2007. See the link: https://icsid.worldbank.org/en/Pages/cases/casedetail.aspx?CaseNo=ARB/04/3 (23-9-2019).

[107] “State may unilaterally terminate, amend or otherwise disclaim liability under a contract with a foreign private investor for other than commercial reasons, i.e., where the State acts as a sovereign and not as a contracting party”. See: Section IV-11, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[108] “Compensation for a specific investment taken by the State will, according to the details provided below, be deemed “appropriate” if it is adequate, effective and prompt”. See: Section IV-2, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[109] “Compensation according to the above criteria will not be due, or will be reduced in case the investment is taken by the State as a sanction against an investor who has violated the State’s law and regulations which have been in force prior to the taking, as such violation is determined by a court of law”. See: Section IV-9, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[110] “… where the majority of the arbitrators are not solely appointed by one party to the dispute”. See: Section V-2, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[111] “… each State is encouraged to accept the settlement of such disputes through arbitration under the Convention establishing the International Centre for Settlement of Investment Disputes (ICSID)…”. See: Section V-3, World Bank, Guidelines on the Treatment of Foreign Direct Investment, 1992.

[112] HANAPI, Mohamad, op. cit., page 66.

[113] “… multilateral cooperation amongst emerging economies facilitates outward direct investment”. See: YAO, Yao and ZHOU, Yizhen, op. cit., page 302.

إغلاق