دراسات قانونيةسلايد 1

بحث حول تملك الأجانب العقارات بدولة المغرب

تقـــديـــم
دفعت الأزمة الاقتصادية التي عرفها العالم مؤخرا خاصة بالدول الأوربية العديد من مواطنيها إلى النزوح نحو المغرب و الاستقرار فيه، حيث تزايد وبشكل كبير في السنوات الأخيرة عدد الأجانب المقيمين بالمدن المغربية ( خاصة المدن السياحية كمراكش مثلا).

وقد ساهمت عدة عوامل تحفيزية في اختيار المغرب كوجهة للسياحة وكبلد ثان للإقامة و لإنشاء مقاولات و مشاريع أجنبية، من بين هذه العوامل الاستقرار السياسي و الموقع الجغرافي القريب من أوروبا تدني تكلفة المعيشة بالمغرب و تداول اللغات الأجنبية وكذا طبيعة المناخ الحار صيفا و المعتدل خلال باقي أيام السنة.

بالإظافة إلى هذه العوامل، هناك الترسانة القانونية التي تكلف للأجنبي التمتع بمجموعة من الحقوق و تضمن له الأمن و الاستقرار و تمنح له الحق كما للمواطن المغربي في تملك عقار خاص.

كل هذه مغريات ساهمت في الرفع من عدد الأجانب الوافدين على المغرب بحثا عن الإقامة و العيش و خلق مشاريع استثمارية فيه.

ما هو الإطار القانوني الذي ينظم حق الأجانب في تملك العقارات بالمغرب؟ وما هي المسطرة المعمول بها في هذا المجال؟
أولا : الإطار القانوني المنظم لعمليات تملك الأجانب العقارات بالمغرب
إذا كان دستور المملكة المغربية (الفصل 35) و القوانين الجاري بها العمل في بلادنا تؤكد مبدأ حرية تملك العقارات من خلال النص على أن : “يضمن القانون حق الملكية.

ويمكن الحد من نطاقها و ممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد.

ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون”، فإن هذه الحرية تتقيد بالشروط و الضوابط المعمول بها في هذا المجال.

وفي المغرب، وعلى مستوى عمليات تملك العقارات من قبل الأجانب ومع ضرورة أن يكون التملك عن طريق الشراء وفقط،، فإن هناك تعدد في النصوص القانونية المنظمة لهذه العمليات، و ذلك بحسب ما إذا تعلق الأمر بتملك عقارات داخل أو خارج المجال الحضري، و تتحدد هذه النصوص في :

1ـ ظهير الالتزامات و العقود؛

2ـ قانون رقم 51.00 يتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك عقار؛

3ـ قانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية؛

4ـ قانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات؛

5ـ القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات؛

6ـ الظهير الشريف المؤرخ في 19 رجب 1333 الموافق ل2 يونيو 1915 الخاص بتحديد التشريع المطبق على العقارات المحفظة؛

7ـ ظهير شريف رقم 171/59/1 المؤرخ في 12 ماي 1959 بشأن العمليات العقارية التي تحققها دولة أجنبية أو مؤسسة عمومية أجنبية؛

8ـ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 645/73/1 المؤرخ في 23 أبريل 1975 المتعلق باقتناء العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة خارج الدوائر الحضرية؛

9ـ ظهير شريف رقم 613/73/1 المؤرخ في 2 مارس 1973 المتعلق باسترجاع الأراضي الفلاحية من الأجانب؛

10ـ ظهير شريف رقم 345/63/1 المؤرخ في 13 نونبر 1963 ينظم تملك الأجانب و الأشخاص المعنوية للأراضي الفلاحية؛

11ـ ظهير شريف رقم 288/63/1 المؤرخ في 26 شتنبر 1963 الخاص بمراقبة العمليات العقارية الواجب إنجازها من طرف بعض الأشخاص و المتعلقة بالأملاك الفلاحية القروية؛

12ـ ظهير شريف رقم 1.63.289 الصادر في 7 جمادى الأولى 1383 ( 26 شتنبر 1963) بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي الاستعمار.

13ـ دورية مكتب الصرف رقم 1711 بتاريخ فاتح غشت 2006؛

14ـ دورية مكتب الصرف رقم 1589 بتاريخ 15 شتنبر 1992؛

15ـ دورية مكتب الصرف رقم 1507 بتاريخ 14 مارس 1988؛

ثانيا : مسطرة تملك الأجانب العقارات بالمغرب
تختلف شروط و إجراءات نقل الملكية العقارية للأجانب بالمغرب بحسب الغرض من هذه الملكية، أي بحسب ما إذا تعلق الأمر بتملك عقارات بالمجال الحضري بغرض السكنى أو الاستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو بتملكها بالمجال القروي بغرض الفلاحة.

تملك الأجانب العقارات في المجال الحضري
نشطت حركة التملك بالمغرب لدى الأجانب عند تراجع الحكومة المغربية عن قانون المغربة الذي سنته عام 1974،

ومنذ ذلك الحين تزايد الاهتمام الأجنبي على العقار المغربي بحكم عدة عوامل تحفيزية ساعدت على دلك منها ، الموقع الجغرافي المتميز و رخص المستوى المعيشي و الكلفو المنخفضة للعقار المغربي ،

بالإظافة على إطار قانوني يضمن حقوق الملاك الأجانب و يراعي عدم تعقد مسطرة و إجراءات تملك العقارات بالنسبة للأجانب، حيث يكفل لهؤلاء كل الصلاحيات التي يتمتع بها المواطن المغربي لملكية عقار فوق التراب المغربي، لاكن مع بعض الشروط الغير المعقدة.

وهكذا فإن شراء الأجنبي لعقار في المغرب يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإلتزامات و العقود المغربي في القسم الخاص ( بالبيع الذي لم يميز بهذا الخصوص بين الوطنيين و الاجانب و إنما وضع شروطا عامة أهمها التراضي بين العاقدين و إتفاقهما على المبيع و الثمن و شروط العقد الأخرى الفصل 488)،

مع ضرورة أن يحرر عقد كتابي حسب الفصل 489 الذي ينص على أنه : ( إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب ان يجري البيع كتابتا في محرر تابت التاريخ ،

ولا يكون له اثر في مواجهة الغير إلاا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون ، وتسلم العقارات المبيعة بتخلي البائع عنها، وبتسليم مفاتيحها إذا كانت من المباني، بشرط ألا يكون تمت عائق يمنع المشتري من وضع اليد عليها (الفصل 500)،

ويشمل بيع العقارات كذلك الخرائط و تقدير المصروفات ، و الحجج و الوثائق المتعلقة بملكيته ، و إذا تعلقت حجج الملكية بالمبيع و بغيره من الاشياء التي لا تدخل في البيع ، لم يكن البائع ملتزما إلا بأن يسلم نسختا رسميتا للجزء المتعلق منها بالعين المبيعة ( الفصل 519).

هذه بعض القواعد العامة لبيع و شراء العقارات بالمغرب و التي تسري على البائع او المشتري للعقار بصرف النظر عن جنسيته.

كما ان مقتضيات الضهير الخاص بتحديد التشريع المطبق على العقارات المحفظة تخول لجميع الاشخاص الداتيين أو المعنويين ، بغض النظر عن جنسيتهم ، الحق في التمتع أو التصرف في العقار شريطة ألا يستعمل هذا الحق استعمالا تمنعه القوانين او الأنظمة الجاري بها العمل.

وفي حالة ما إذا كان المشتري الأجنبي يرغب في الحصول على قرض لشراء عقار ، فإن المغرب يرخص للأجانب غير المقيمين الإستفادة من القروض الخاصة بالممتلكات العقارية ، حيث أصبح من حق المصارف المغربية تقديم قروض بالدرهم خاصة بالممتلكات العقارية لهم بعد أن تم ترخيصها أخيرا من طرف مكتب الصرف ( دورية رقم 1711 بتاريخ فاتح غشت 2006) قصد تمويل بناء أو شراء ممتلكات عقارية بالمغرب ،

شريطة أن يقدم المستفيد من القرض مالا يقل عن 30% بالعملة الصعبة من قيمة العقار الذي يسعى لتمويله.

وقد حدد مكتب الصرف المغربي، أنه ينبغي على المصرف أن يفرض لمنح القرض إما رهنا على العقار و إما ضمانة من مصرف أجنبي، في الوقت الذي يتعين فيه على المصارف الوسيطة أن تقدم تقريرا لمكتب الصرف برسم القروض التي منحت إلى الأجانب غير المقيمين بمجرد منحها، تبين الحصة من العمولات الأجنبية التي قام بها الأجنبي غير المقيم،

وكذا مبلغ القرض الموافق عليه مع تحديد فترة التسديد و معدل الفائدة المطبق، فضلا عن تقديم تقرير كل ثلاثة أشهر يبين من خلالها التسديدات التي يقوم بها المستفيدون من القرض و طرق التمويل المستعملة.

و إذا رغب الأجنبي بيع عقاره و استغلال أرباحه داخل المغرب، فهو يعامل مثله مثل جميع المغاربة، حيث أنه طبقا لدورية مكتب الصرف رقم 1507 بتاريخ 14 مارس 1988، المتعلقة بشروط إجراء عمليات تفويت العقارات بالمغرب المملوكة من طرف الأجانب، يتمتع هؤلاء بحرية بيع العقارات سواء لأشخاص من جنسيات أجنبية، كيفما كان مكان إقامتهم، أو لفائدة مواطنين مغاربة مقيمين بالخارج أو لفائدة مواطنين مقيمين بالمغرب، دون طلب ترخيص من طرف مكتب الصرف.

وبصفة استثنائية، عندما يكون البيع بين الأجانب أو من طرف هؤلاء لفائدة مغاربة مقيمين بالخارج، فإن أداء قيمة العقارات يمكن أن يكون خارج المغرب بالعملة الأجنبية وفق القوانين الجاري بها العمل في بلد الإقامة.

أما عندما يرغب المستثمر الأجنبي في ترحيل أرباحه إلى الخارج، فقد تم إنشاء نظام تحويل الدرهم بمقتضى دورية صادرة عن مكتب الصرف تحت رقم 1589 بتاريخ 15 شتنبر 1992،

التي يمكن للمستثمرين بموجبها القيام بعمليات استثمار بالمغرب بما فيها عمليات تملك العقارات و حقوق الانتفاع المتصلة بها، وكذا تحويل مداخيلها إلى الخارج بطريقة مباشرة عن طريق النظام البنكي.

في هذا الإطار، فإن البنوك المعتمدة بالمغرب تتوفر على الصلاحية القانونية للقيام بعمليات تحويل مداخيل هذه الاستثمارات دون أن يتم تحديد سقف لهذه التحويلات، شريطة أداء الضرائب و الرسوم.

و إضافة إلى هذه المقتضيات، اتخذ المغرب مجموعة من التدابير ذات الطابع الضريبي و المالي و العقاري و الإداري، تهدف إلى التحفيز على الاستثمار، حيث تمت ترجمتها بسن قانون إطار رقم 18.95 بتاريخ 3 أكتوبر 1995 بمثابة ميثاق الاستثمارات.

وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية على الخصوص، فقد نصت المادة 16 من قانون الإطار هذا ، على أن :

الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون الأجانب سواء أكانوا مقيمين أم غير مقيمين و كذا الأشخاص الطبيعيون المغاربة المستقرون بالخارج الذين ينجزون في المغرب استثمارات ممولة بعملات أجنبية، يستفيدون فيما يخص الاستثمارات المذكورة و بالنظر إلى الصرف، من نظام لقابلية التحويل يضمن لهم كامل الحرية للقيام بما يلي :

تحويل الأرباح الخالصة من الضرائب دون تحديد للمبلغ أو المدة
تحويل حصيلة بيع الاستثمار أو تصفيته كلا أو بعضا بما في ذلك زائد القيمة.
كما ينص نفس قانون الإطار في مادته 21 على إحداث جهاز أداري يتكفل باستقبال المستثمرين و توجيههم و تقديم المعلومات و المساعدة لهم كما يعهد إليه بإنعاش الاستثمارات.

تملك الأجانب العقارات في المدار القروي
إذا كان للأجانب نفس صلاحيات المواطنين المغاربة فيما يخص اقتناء و تملك عقارات في المجال الحضري المغربي،فإن الأمر خلاف ذلك بالنسبة للأراضي الفلاحية.

ذلك أن و بعد حصول المغرب على الاستقلال صدر الظهير الشريف بتاريخ 27 نونبر 1959 و الذي نص في فصله الاول على أنه :

تتوقف على إذن إداري جميع الإقتناءات العقارية من طرف غير المغاربة المباشرة بعوض أو بدون عوض في الأملاك الفلاحية أو القابلة للفلاحة

و إلى قبل 1975 كان يمكن للأجانب تملك الأراضي الفلاحية أو المعدة للفلاحة الواقعة خارج الدوائر الحضرية استنادا إلى ترخيص السلطات المعنية بالأمر.

حيث كان الأمر يتطلب لكي يتكمن الأجنبي من تملك أرض فلاحية ضرورة الحصول على رخصة إدارية من الحكومة المغربية، في شكل طلب يحرر في مطبوعات تقدمها الإدارة،

و يجب أن يتضمن هذا الطلب على الخصوص اسمي الطرفين المعنيين بالأمر و حالتهما المدنية و جنسيتهما و مهنتهما و الأراضي الفلاحية الجارية على ملكهما أو المستغلة من طرفهما وكذا نوع العملية المزمع القيام بها، وموقع و مساحة و محتويات العقار و البيانات المتعلقة بحالته القانونية،

كما يجب على الطالبين أن يعينوا محلا للمخابرة معهم بالمغرب ( الفصل 2 من ظهير 26 شتنبر 1963 الخاص بمراقبة العمليات العقارية الواجب إنجازها من طرف بعض الأشخاص و المتعلقة بالأملاك الفلاحية القروية)،

يودع بمقر الإقليم الواقع العقار بترابه حسب الفصل 3 من ذات الظهيرة، و يرجع لوزير الداخلية بعد موافقة وزيري الفلاحة و المالية أمر تسليم أو رفض الرخصة المذكورة في أجل خمسة و ألابعين يوما على الأكثر يبتدئ من يوم إيداع الطلب إذا كان الأمر يتعلق بملك بيع عن طريق المزاد العلني

وفي ظرف ستة أشهر على الأكثر ابتداء من يوم إيداع الطلب في الحالات الأخرى، و يعتبر سكوت الإدارة بمثابة رفض لطلب الرخصة ( الفصل 4 من نفس الظهير ).

إلى أن صدر ظهير 645/73/1 المؤرخ في 23 أبريل 1975 المتعلق باقتناء العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة خارج الدوائر الحضرية المشار إلى مرجعه سابقا،

و الذي أكد في فصله الأول على أن اقتناء العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة الكائنة كلا أو بعضا خارج الدوائر الحضرية يحتفظ به للأشخاص الذاتين أو المعنويين المغاربة المحددة وفقا لهذا الظهير، و الذي أقصى الأجانب سواء أكانوا في شكل أشخاص طبيعيين أو معنويين من إمكانية تملك تلك العقارات.

خلاصة
من خلال هذا التوضيح للإطار القانوني المنظم لتملك الأجانب للعقارات بالمغرب و المسطرة المتبعة لهذه الغاية، يمكن تلخيص ما سبق في نقطتين أساسيتين :

للأجنبي نفس الإمكانية المتاحة للمواطن المغربي في تملك عقارات فوق التراب الحضري المغربي، و ذلك وفق نفس المسكرة و تبعا لنفس الشروط ؛

إذا كان في ما سبق يمكن للأجنبي تملك أرض زراعية بترخيص من السلطات الحكومية المغربية، فإن الأمر لم يعد كذلك حيث أصبح يمنع على الأجانب تملك عقارات فلاحية بالمغرب.

إغلاق