دراسات قانونيةسلايد 1
ضمان إستحقاق المبيع في القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي دراسة مقارنة
علي هادي العبيدي
ملخص
يتحقق إستحقاق المبيع عندما يدعي شخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حقاً آخر عليه، ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي. ويكون البائع ضامناً للإستحقاق، أي يلتزم بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع. ويُعد هذا الإلتزام احتياطياً، إذ بعدما تعذر عل البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض. ويستطيع الرجوع عليه على البائع بدعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، كما يستطيع الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بتنفيذ التزاماته، ويستطيع أيضاً الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع الغير للغير على أساس أن البائع قد باع ملك الغير. إلا أنه طبقاً للقانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي يكون رجوع المشتري على البائع بموجب الدعوى الأخيرة. وقد قسمنا البحث إلى أربعة مباحث عالجنا فيها على التوالي ضمان الإستحقاق الكلي، وضمان الإستحقاق الجزئي، وهلاك المبيع المستحق للغير، وسقوط الحق في الضمان.
المقدمة
يلتزم البائع بمقتضى عقد البيع بعدة التزامات منها التزامه بضمان التعرض والإستحقاق. ويقوم هذا الإلتزام على أساس فكرة التقابل بين الالتزامات. وهو لا يقتصر على عقد البيع، وإنما يشمل جميع العقود الناقلة للحق كالمقايضة والقرض، بل ويشمل عقد الإيجار أيضاً(1). ويكون التعرض على نوعين، إما تعرضاً مادياً، ويتمثل في الأعمال المادية الصادرة من البائع أو من الغير والتي من شأنها أن تمنع المشتري من الانتفاع بالمبيع انتفاعاً هادئاً، أو تعرضاً قانونياً، ويتمثل في الادعاء بملكية المبيع أو الادعاء بأي حق آخر عليه. ويلتزم البائع بضمان تعرضه الشخصي المادي والقانوني، كما يلتزم بضمان تعرض الغير القانوني، أي يجب على البائع أن يمتنع عن التعرض للمشتري ويمنع غيره من التعرض إليه تعرضا قانونياً، وهذا ما يعرف بضمان التعرض. ولكن إذا حصل تعرض قانوني من الغير على المبيع وأخفق البائع في تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً، أي لم يتمكن من منع الغير من التعرض فاستحق المبيع له وجب عليه ضمان هذا الإستحقاق .
ويراد بالإستحقاق لغة معنيان :
- ثبوت الحق ووجوبه، فيقال استحق فلان الشيء، أي استوجبه، فالشيء مستحق له، ومنه قوله تعالى (فأن عُثِر أنّهُما استحقا اثما)(2)، أي وجبت عليهما عقوبة(3).
- طلب الحق، فالسين والتاء للطلب(4).
أما المعنى الاصطلاحي للإستحقاق فهو قريب من معناه اللغوي، إذ يراد به ادعاء الشخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حق آخر عليه ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي(5)، ويشترط لإصدار هذا الحكم أن يقوم القاضي بتحليف المستحق يمين الإستحقاق، وذلك بأن يحلف بالله على أنه ما باعه ولا وهبه ولا خرج من ملكه، فقد نصت المادة (54) من قانون البينات الأردني على أنه “لا يحلف من وجهات إليه اليمين إلا بطلب خصمه وبعد صدور قرار المحكمة بذلك ولكن تحلفه المحكمة يمين الاستظهار وعند الإستحقاق ورد المبيع لعيب فيه وعند الحكم بالشفعة ولو لم يطلب الخصم تحليفه”. ويماثل هذا النص ما ورد في المادة (83) من القانون المدني الأردني. وفي هذا المجال نصت المادة (120/2) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على أنه :” ويجوز للقاضي من تلقاء نفسه – توجيه اليمين للخصم في الحالات التالية : أ……ب ثبوت إستحقاقه لمال فإنه يحلف على أنه لم يبع هذا المال أو يهبه أو يخرج عن ملكه بأي وجه من الوجوه. ج……د……….”(6).
أما ضمان الإستحقاق فهو التزام البائع بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع(7). فهو بمثابة الإلتزام الاحتياطي، فبعد ما تعذر على البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض(8). يتبين لنا من ذلك أن اساس التزام البائع بالتعويض هو المسؤولية العقدية، وهذا هو المعنى الدقيق لضمان الإستحقاق(9).
وتجدر الإشارة إلى أن حق المشتري في الرجوع على البائع ولا يقتصر على دعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، إذ يحق له الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بالتزاماته، كما يحق له الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع للغير، وذلك على أساس أن البائع قد باع ملك الغير، وجدير بالذكر أن حكم بيع ملك الغير في القانون العراقي والأردني والإماراتي موقوف على إجازة المالك، أي المستحق، فإذا نقضه بطل وبالتالي يحق للمشتري الرجوع على البائع على أساس بطلان البيع. أما حكمه في القانون المصري والسوري فهو قابل للإبطال من قبل المشتري.
ونود أن نشير إلى أن الذي دفعنا لاختيار هذا الموضوع هو ما تضمنه القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي من نصوص وجدنا أنها بحاجة لمزيد من التأصيل والتوضيح.
وقد اتسم هذا البحث بالمقارنة ببعض القوانين وخصوصاً القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي ومجلة الأحكام العدلية والفقه الإسلامي عموماً.
وسوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مباحث نعالج فيها على التوالي: ضمان الإستحقاق الكلي، وضمان الإستحقاق الجزئي، وهلاك المبيع المستحق للغير، وسقوط الحق في ضمان الإستحقاق .
المبحث الأول
ضمان الإستحقاق الكلي
يتحقق الإستحقاق الكلي عندما يُنتزع المبيع من يد المشتري بعد ثبوت ملكيته للغير بموجب قرار قضائي(10). وفي هذه الحالة يحق للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة لهذا الإستحقاق. ومن أجل بيان عناصر التعويض الذي يستحقه المشتري سوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب نتناول فيها عناصر التعويض التالية :
- الثمن أو قيمة المبيع .
- المصروفات النافعة .
- الثمار.
- التعويض عن الأضرار الأخرى .
المطلب الأول
الثمن أو قيمة المبيع
نصت المادة (505) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536 مدنية إماراتي) على أنه :
1- إذا قضي بإستحقاق المبيع كان للمستحق الرجوع على البائع بالثمن إذا أجاز البيع ويخلص المبيع للمشتري. 2- فإذا لم يجز المستحق البيع انفسخ العقد وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن 3- ………………4-…………….”. يتضح من هذا النص أن المشرع قد اعتبر عقد البيع في حالة إستحقاق المبيع عقداً موقوفاً على إجازة المستحق، لأنه بيع لملك الغير. فإن أجاز المستحق العقد نفذ وخلصت ملكية المبيع للمشتري ورجع المستحق على البائع بالثمن استناداً إلى قاعدة الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة(11). ومن الواضح أن مشكلة الإستحقاق قد زالت بمجرد إجازة المستحق للعقد. وإذا ما نقض المستحق العقد بطل(12) ووجب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إبرام العقد(13). وفي هذه الحالة تثور مشكلة الإستحقاق، إذ يجب على المشتري إعادة المبيع إلى المستحق ويرجع على البائع بالثمن الذي دفعه له(14)، بتمامه نقصت قيمة المبيع أو زادات(15). ولا يسقط حق المشتري في الرجوع على البائع بالثمن حتى وإن كان عالماً بعدم ملكية البائع للمبيع. فقد نصت المادة (506/2) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 537/2 مدنية إماراتي) على أنه : “ولا يمنع علم المشتري بأن المبيع ليس ملكاً للبائع من رجوعه بالثمن عند الإستحقاق”. كما أن البائع يلتزم برد الثمن وإن كان حسن النية، أي لم يكن يعلم أنه يبيع ملك الغير وبالتالي لا يعلم أن ما يقبضه من ثمن لا يستحقه. فقد قضت المادة (300) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 324 مدنية إماراتي) الواردة في قواعد قبض غير المستحق بأن : “على المحكمة أن تلزم من قبض شيئاً بغير حق أن يرده إلى صاحبه……” دون أن تفرق بين حسن نية القابض أو سوء نيته .
يتبين لنا مما تقدم أن الأساس القانوني لالتزام البائع برد الثمن هو الإثراء بلا سبب لأنه قد قبض شيئاً غير مستحق له نظراً لبطلان عقد البيع، وعليه فإن رجوع المشتري على البائع لا يكون بموجب دعوى ضمان الإستحقاق، وإنما بموجب دعوى البطلان وهذا هو موقف القانون الأردني والإماراتي والعراقي واللبناني والفقه الإسلامي(16).
أما موقف القانون المدني المصري، فهو مختلف عن ذلك، فقد نصت المادة (443) على أنه :”إذا استحق المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع: 1- قيمة المبيع وقت الإستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت. 2- ………………..3-…………………4-………………. 5-………………………. كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله”(17). يتضح من هذا النص أنه قد أعطى المشرع المصري للمشتري الحق في مطالبة البائع بقيمة المبيع وقت الإستحقاق(18)، سواء كانت هذه القيمة أكبر من الثمن أو أقل منه. ويتفق هذا الحكم مع قواعد المسؤولية العقدية لأن هذه القيمة تمثل الخسارة الحقيقية التي تعرض لها المشتري نتيجة لإستحقاق المبيع. إلا أن المشرع سمح للمشتري الرجوع على البائع على أساس الفسخ أو الإبطال بدلاً من المسؤولية العقدية، وعليه فقد يفضل المشتري الرجوع على البائع بموجب دعوى الفسخ أو البطلان وذلك عندما يكون الثمن أكبر من قيمة المبيع. كما يحق للمتشري المطالبة بالفوائد القانونية عن قيمة المبيع من وقت الإستحقاق، أي من وقت رفع الدعوى لأن حكم الإستحقاق الذي يثبت به حق المشتري في قيمة المبيع يستند أثره إلى تاريخ رفع الدعوى، وبالتالي فمن هذا التاريخ يثبت للمشتري حق الانتفاع بقيمة المبيع وتقابل هذه الفوائد حق المشتري في الانتفاع بالمبيع، لذا نرى بأنه كان ينبغي أن يعطى الحق للمشتري في الفوائد لا من تاريخ رفع الدعوى وإنما من تاريخ انتزاع المبيع منه أو من تاريخ حرمانه من الانتفاع به، ويستمر حقه في الفوائد لحين استلامه قيمة المبيع فعلاً(19). ويستحق المشتري هذه الفوائد حتى ولو كان المبيع لا ينتج ثماراً كالأرض الفضاء المعدة للبناء(20). كما أنه يستحق القيمة مع الفوائد بصرف النظر عن حسن أو سوء نية المشتري أو البائع(21).
المطلب الثاني
المصروفات النافعة
نصت الماة (505/3) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536/3 مدنية إماراتي) على أنه: ويضمن البائع للمشتري ما أحدثه في المبيع من تحسين نافع مقدراً بقيمته يوم التسليم للمستحق”. ويقصد بالتحسين النافع الذي أحدثه المشتري في المبيع الزيادة التي طرأت على قيمة المبيع نتيجة لما صرفه المشتري عليه من مصروفات نافعة، ولكنها ليست ضرورة للمحافظة على المبيع من التلف أو الهلاك، كما لو أقام بناء أو غرس أشجاراً في الأرض المبيعة أو أدخل الماء أو الكهرباء والخدمات الأخرى إلى العقار. ويقصد بعبارة (مقدراً بقيمته يوم التسليم للمستحق) أن المقدار الذي يلتزم البائع برده إلى المشتري هو ما يعادل قيمة الزيادة التي طرأت على المبيع يوم تسليمه للمستحق والتي حصلت بسبب ما صرفه من مصروفات نافعة. وتمثل قيمة الزيادة هذه الفرق بين قيمة المبيع قبل إجراء التحسينات وقيمته بعد إجراء التحسينات يوم التسليم للمستحق. ونرى أنه يحق للبائع الرجوع على المستحق بما دفعه للمشتري على أساس الإثراء بلا سبب لأن المستفيد من هذه المصروفات هو المستحق وليس البائع.
ومن أجل التعرف إلى أحكام المصروفات المختلفة التي يصرفها المشتري على المبيع المستحق للغير نورد نص المادة (1193) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 1329 مدنية إماراتي) المتعلقة بالمصروفات التي تصرف من قبل الحائز بشكل عام. فقد قضت هذه المادة بأن :”1- على المالك الذي يرد إليه ملكه أن يؤدي إلى الحائز جميع ما أنفقه من النفقات الضرورية اللازمة لحفظ العين من الهلاك. 2- أما المصروفات النافعة فتسري في شأنها أحكام المادتين( 1141، 1143) من هذا القانون. 3- ولا يلتزم المالك برد النفقات الكمالية، ويجوز للحائز أن ينتزع ما أقامه بهذه النفقات على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى، وللمالك أن يستبقيها لقاء قيمتها مستحقة للإزالة.
يتضح من هذا النص أن المصروفات التي تصرف من قبل الحائز هي على ثلاثة أنواع : مصروفات ضرورية، ومصروفات نافعة، ومصروفات كمالية.
فبخصوص المصروفات الضرورية يحق للحائز (المشتري) الرجوع بها على المالك (المستحق) ولا يحق له مطالبة البائع بها(22)، وتشمل هذه المصروفات كل ما صرفه المشتري من أجل ترميم وصيانة المبيع من الهلاك. وبخصوص المصروفات الكمالية كمصروفات المبيع وأحداث زخارف في جدران المنزل، فيحق للمشتري أن ينتزع ما أقامه على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى ما لم يطلب المستحق استبقاءها لقاء قيمتها مستحقة الإزالة(23). وفي كلتا الحالتين سيصاب المشتري بضرر ويحق له مطالبة البائع بالتعويض عنه بالاستناد إلى المادة (505/4 مدني أردني والمادة 536/4 مدنية إماراتي)(24).
أما ما يتعلق بالمصروفات النافعة، فقد أشارت المادة (1193) آنفة الذكر إلى تطبيق أحكام الاتصال الواردة في المادتين (1140، 1141)(25). وقد نصت المادة (1140) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 1269 مدنية إماراتي) على أنه : “إذا أحدث شخص بناء أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحبها كان لهذا أن يطلب قلع المحدثات على نفقة من أحدثها فإذا كان القلع مضراً بالأرض فله أن يتملك المحدثات بقيمتها مستحقة للقلع”. ونصت المادة (1141) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 1270 مدنية إماراتي) على أنه “إذا أحدث شخص بناء أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره بزعم سبب شرعي فإن كانت قيمة المحدثات قائمة أكثر من قيمة الأرض كان للمحدث أن يمتلك بثمن مثلها إذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات كان لصاحب الأرض أن يتملكها بقيمتها قائمة”.
ونتساءل عن الحكم الواجب التطبيق بخصوص المصروفات النافعة،هل هو ما ورد في المادة (505/3)، أم ما ورد في المادتين (1140، 1141)؟ وجوباً على ذلك نرى أنه ينبغي الجمع بينهما، فتطبق أولاً أحكام الاتصال الواردة في المادتين (1140، 1141) إذا كانت المصروفات قد صرفت في إ قامة بناء أو غراس أو منشآت أخرى، وبموجب هاتين المادتين ينبغي التفرقة في الحكم فيما إذا كان المشتري سيء النية أو حسن النية. فإذا كان سيء النية جاز للمستحق أن يطالبه بقلع المحدثات على نفقته، وإذا كان القلع مضراً بالأرض جاز له أن يتملك المحدثات بقيمتها مستحقة للقلع. أما إذا كان حسن النية فيحق له أن يتملك الأرض بثمن المثل إذا كانت قيمة المحدثات أكثر من قيمة الأرض، في حين إذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات فلصاحب الأرض (المستحق) أن يتملك المحدثات بقيمتها قائمة. أما إذا كانت المصروفات لم تصرف لأجل إقامة بناء أو غراس أو منشآت أخرى كإدخال بعض الخدمات للعقار كالكهرباء والماء والمصروفات التي تتم في سبيل الدعاية لمنطقة سكنية جديدة مما جعل الجمهور يقدم عليها فارتفعت أسعارها، ففي هذه الحالة لا تطبق أحكام الاتصال وإنما تطبق أحكام الإثراء بلا سبب والتي بموجبها يلتزم المثري (المستحق) بتعويض المفتقر (المشتري)(26)، وتطبق بعد ذلك أحكام المادة (505/3) مدني أردني والمادة 536/3 مدنية إماراتي فيحق للمشتري الرجوع على البائع بالمصروفات التي لم يتمكن من الحصول عليها من المستحق(27). وهي تمثل ما لحق المشتري من خسارة، ويستطيع المشتري الرجوع على البائع سواء أكان حسن النية أو سيء النية(28)، وإن كنا نرى بأن الأمر سيقتصر على الحالة التي يكون فيها سيء النية لأنه إذا كان حسن النية فسوف لا يتعرض لخسارة كما هو واضح من نص (المادتين 1140، 1141) مدني أردني والمادتين 1269، 1270 مدنية إماراتي) بخصوص المصروفات النافعة.
وبالاستناد إلى ما تقدم نرى أن ما أورده المشرع في(المادة 505/3 مدني أردني والمادة 536/3 مدنية إماراتي) محل نظر لأنه قد ألزم البائع بأن يضمن للمشتري ما أحدثه في المبيع من تحسين نافع دون أن يلتفت إلى ما أورده في(المادة 1193/2) مدني أردني والمادة 1329/2مدنية إماراتي) خصوص المصروفات النافعة)(29). وعلى العكس من ذلك نرى أن المشرع المصري قد التفت إلى هذا الأمر فنص في المادة (442/2) على أنه : “إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع المصروفات التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق”…..، وعليه نرى بأن على المشرع الأردني إما أن يعدل المادة (505/3) ليجعلها متفقة مع المادة (442/3) من القانون المدني المصري، أو يلغي هذه الفقرة بشكل كامل، وفي هذه الحالة سيرجع المشتري على البائع بكل المصروفات التي لم يتمكن من استردادها من المستحق باعتبارها من الخسائر التي لحقت به نتيجة للإستحقاق، وبالتالي يستحق عنه تعويضاً بالاستناد إلى الفقرة (4) من المادة (505). ونفس الشيء يقال بخصوص المادة (536/3) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي .
المطلب الثالث
الثمار
نصت المادة (511) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 542 مدنية إماراتي) على أنه : “للمستحق مطالبة المشتري بما أفاده من ريع المبيع أو غلته بعد حسم ما احتاج إليه الإنتاج من النفقات ويرجع المشتري على البائع بما أداه للمستحق”(30). بادئ ذي بدء نقول إنه ينبغي تفسير هذا النص في ضوء ما ورد في قواعد الحيازة. فقد نصت المادة (1192) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 1328 مدنية إماراتي) على أنه : “1- يكون الحائز سيء النية مسؤولاً عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها من وقت أن يصبح سيء النية. 2- ويجوز له أن يسترد ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار”. وعليه فلا يجوز للمستحق مطالبة المشتري بثمار المبيع إلا إذا كن المشتري سيء النية، أي أنه في الوقت الذي قبض فيه الثمار كان يعلم بحق الغير على المبيع. أما إذا كان حسن النية، فإنه يتملك هذه الثمار بالاستناد إلى نص المادة (1191) من القانون المدني الأردني (تطالصناعية والتجارية مدنية إماراتي) التي جاء فيها : “يملك الحائز حسن النية ما قبضه من الثمار والمنافع مدة حيازته”، ونص المادة (1295/1) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 1331 مدنية إماراتي) التي جاء فيها : “إذا انتفع الحائز حسن النية بالشيء معتقداً أن ذلك من حقه فلا يلتزم لمن استحقه بمقابل هذا الانتفاع”.
يتبين لنا من هذه النصوص أن التزام المشتري برد الثمار إلى المستحق يقتصر على الثمار التي قبضها بسوء نية، وبالتالي يرجع المشتري على البائع بقيمة هذه الثمار فقط، وعليه نرى أن معالجة المشرع المصري والمشرع العراقي لهذا الموضوع أدق من معالجة المشرع الأردني. فقد نصت المادة (442/2) من القانون المدني المصري على أنه : “إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع : قيمة الثمار التي ألزم المشتري بردها لمن استحق المبيع”(31). أما الثمار التي قصر في قبضها فهو ملزم بردها إلى المستحق أيضاً إذا كان سيء النية ولكن لا يستطيع مطالبة البائع بها(32).
ويعود السبب في إعطاء المشتري حق الرجوع على البائع بالثمار التي ألزم بردها إلى المستحق إلى أن المشتري يستحق ثمار المبيع منذ البيع في مقابل انتفاع البائع بالثمن(33). وعليه يلزم لتطبيق هذا الحكم أن يكون المشتري قد سدد كامل الثمن للبائع، وإلا فإنه يخصم من قيمة هذه الثمار قيمة فوائد الباقي في ذمته من الثمن(34). كما أن المشتري يستحق ثمار المبيع من تاريخ البيع ولحين حصوله على الثمن أو قيمة المبيع. وتجدر الإشارة بأنه طبقاً للقانون المصري يستحق المشتري الثمار لحين رفع دعوى الإستحقاق، وذلك لأنه ابتداءً من تاريخ رفع هذه الدعوى قد ألزم المشرع البائع بأن يدفع فوائد قانونية للمشتري عن قيمة المبيع(35).
ونود أن نشير أخيراً إلى أنه إذا تملك المشتري الثمار بسبب حسن نيته عند قبضها فإنه يحق للمستحق مطالبة البائع بها على أساس الفعل الضار لأنه قد تصرف في ملك الغير فحرمه من غلته وثماره .
المطلب الرابع
التعويض عن الأضرار الأخرى
نصت المادة (505/4) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536/4 مدنية إماراتي) على أنه : “,ويضمن البائع أيضاً للمشتري الأضرار التي نشأت بإستحقاق المبيع”. يتضح من هذا النص أن البائع يكون ملزماً زيادة على ما تقدم بتعويض المشتري عن الأضرار التي أصابته نتيجة إستحقاق المبيع. ومن أجل تحديد نطاق التعويض الذي لزم به البائع ينبغي التعرف على نوع مسؤولية البائع. هل هي مسؤولية عقدية، أم مسؤولية تقصيرية؟.
إن مسؤولية البائع عن إستحقاق المبيع في القانون المدني الأردني والقانون الإماراتي هي مسؤولية تقصيرية نظراً لبطلان عقد البيع وزواله(36). وعليه، فإن نطاق التعويض الذي يستحقه المشتري يكون بالاستناد إلى المادة (266) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 292 مدنية إماراتي) التي نصت على أنه :”يقدر الضمان في جميع الأحوال بما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار”. يتضح من هذا النص أن التعويض يشمل الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقف(37) بنوعية الخسارة اللاحقة والكسب الفائت(38). وعليه يستطيع المشتري مطالبة البائع بالتعويض من نفقات إبرام العقد ورسوم التسجيل ومصاريف السفر لمعاينة المبيع.
كما يستطيع مطالبته بالتعويض عما فاته من كسب كما لو كان المبلغ الذي دفعه المشتري كثمن موضوعاً في مصرف ويدر أرباحاً أو كان المشتري عازماً على استثمار هذا المبلغ في مشروع اقتصادي يدر عليه ربحاً أكيداً. ومن الأضرار التي يستحق المشتري عنها التعويض مصاريف دعوى الإستحقاق ودعوى ضمان الإستحقاق(39). ومن الأضرار التي لا يستحق عنها تعويضاً الفرق بين قيمة المبيع والثمن المسمى وذلك عندما تكون قيمة المبيع أكثر من الثمن المسمى. ونستنتج هذا الحكم من نص المادة (510) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 541 مدنية إماراتي) التي جاء فيها : “1- إذا وقع الادعاء بالإستحقاق بعد هلاك المبيع بيد المشتري ضمن للمستحق قيمته يوم الشراء ورجع على البائع بالثمن. 2- وإذا كانت القيمة التي ضمنها المشتري أكثر من الثمن المسمى كان له الرجوع بالفرق مع ضمان الأضرار التي يستحقها وفقاً للفقرة (4) من المادة (505)”. إذ يتضح من هذا النص أن المشتري يستحق الفرق فقط في حالة هلاك المبيع المستحق، كما يتضح منه أن الفقرة (4) من المادة (505) التي ألزمت البائع بتعويض المشتري عن الأضرار التي لحقت به بسبب إستحقاق المبيع لا تشمل الفرق بين قيمة المبيع والثمن المسمى)40).
ونشير أخيراً إلى أن المشتري يستحق التعويض عن الأضرار التي لحقت به بسبب إستحقاق المبيع وإن كان سيء النية، أي يعلم وقت الشراء أن المبيع مملوك لغير البائع(41). كما أنه يستحق التعويض وإن كان البائع حسن النية، أي لم يكن يعلم وقت البيع أن المبيع مملوك للغير. وهذه الأحكام نستنتجها من إطلاق نص المادة (505) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536 مدنية إماراتي) التي لم تشترط أي شرط لإلزام البائع بعناصر التعويض الواردة فيها. إذ يكتفي لتطبيق هاتي المادتين إستحقاق المبيع نتيجة لتصرف البائع في ملك الغير. وحيث أن مسؤولية البائع في القانونين الأردني و الإماراتي هي مسؤولية تقصيرية تقوم على الفعل الضار الصادر منه، لذا فإن هذه المسؤولية تقوم على أساس الخطأ المفترض الذي لايقبل إثبات العكس(42).
المبحث الثاني
ضمان الإستحقاق الجزئي
يتحقق الإستحقاق الجزئي عند ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير، سواء كان هذا الجزء مفرزاً أو شائعاً أو عند ظهور حق للغير على المبيع كحق رهن أو ارتفاق أو انتفاع أو غير ذلك(43). وحيث أن المشرعين الأردني والإماراتي قد فرّقا في الحكم بين حالتي الإستحقاق الجزئي(44). لذا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعالج في الأولى ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير ونبحث في الثاني ظهور حق للغير على المبيع.
المطلب الأول
ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير
نصت المادة (509) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 540 مدنية إماراتي) على أنه : 1- إذا استحق بعض المبيع قبل أن يقبضه كله كان للمشتري أن يرد ما قبض ويسترد الثمن أو يقبل البيع ويرجع بحصة الجزء المستحق. 2- وإذا استحق بعض المبيع بعد قبضه كله وأحدث الإستحقاق عيباً في الباقي كان للمشتري رده والرجوع على البائع بالثمن أو التمسك بالباقي بحصته من الثمن وإن لم يحدث عيباً وكان الجزء المستحق هو الأقل فليس للمشتري إلاّ الرجوع بحصة الجزء المستحق. يتبين لنا من هذا النص أن المشرع قد فرق في الحكم بين حالتين :
أولاً: إستحقاق بعض المبيع قبل قبضه كله: وتتحقق هذه الحالة عند ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير قبل تمام عملية تسلّم المبيع من قبل المشتري(45)، أي يجب أن تكون دعوى الإستحقاق الجزئي قد رفعت قبل تمام عملية قبض المبيع. إذ ان تاريخ رفع دعوى الإستحقاق يمثل تاريخ الإستحقاق لأن القرار القاضي بإستحقاق جزء من المبيع للغير يكون له أثر رجعي يستند إلى وقت رفع الدعوى. ونود أن نشير هنا إلى أنه لا يشترط في تسلم المشتري للمبيع أن يكون تسلماً حقيقياً بل يجوز أن يكون تسلماً رمزياً أو حكمياً. وقد منح المشرع المشتري في هذه الحالة خيارين، أما فسخ العقد وبالتالي يجب عليه إعادة الحالة إلى ما كانت عليه فيرد ما قبض ويسترد الثمن الذي دفعه أو الإبقاء على البيع بالنسبة للجزء المتبقي من المبيع، أي فسخ العقد فسخاً جزئياً بالنسبة للجزء المستحق من المبيع(46) مع المطالبة بإنقاص الثمن .
ثانياً: إستحقاق بعض المبيع بعد قبضه كله: وتتحقق هذه الحالة عند ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير بعد تمام عملية تسلّم المبيع من قبل المشتري. ويختلف الحكم القانوني الذي اعتمده المشرع في هذه الحالة عن الحكم الذي اعتمده في الحالة الأولى. فالأصل لا يجوز للمشتري طلب فسخ العقد وإنما يحق له فقط المطالبة بإنقاص الثمن بسبب إستحقاق جزء من المبيع. و قد استثنى المشرع من هذا الأصل حالتين منح فيهما المشتري الخيار بين فسخ العقد وبين المطالبة بإنقاص الثمن، والحالتان هما :
- إذا أحدث الإستحقاق عيباً في الجزء المتبقي، كما لو كان المبيع مما يضره التبعيض أو التجزئة. فلو اشترى شخص كتاباً مؤلفاً من عدة أجزاء واستحقت بعض أجزائه للغير، فإن ذلك يحدث عيباً في المتبقين أو اشترى شخص مجموعة من الأثاث المتناسقة مع بعضها واستحق بعضها، أو اشترى قطعة أرض ليقيم عليها مشروعاً فاستحق بعضها ولم يعد الباقي كافياً لإقامة المشروع.
- إذا كان الجزء المستحق يعادل نصف المبيع أو يزيد عليه، ونستنج هذه الحالة من مفهوم مخالفة نص (المادة 905/2 مدني أردني والمادة 540/2 مدنية إماراتي) التي تقول : “وإن لم يحدث عيباً وكان الجزء المستحق هو الأقل فليس للمشتري إلا الرجوع بحصة الجزء المستحق”، أي أنه إذا كان الجزء المستحق هو الأكبر أو كان معادلاً للجزء المتبقي فإنه يحق للمشتري فسخ العقد أو التمسك به والمطالبة بإنقاص الثمن، ونود هنا أن نشير إلى موقف القانون المصري من مسألة الإستحقاق الجزئي الجسيم التي تقابل ما أخذ به المشرع الأردني في المادة (509/2). فقد نصت المادة (444/1) على أنه :”إذا استحق بعض المبيع، أو وجد مثقلاً بتكليف وكانت خسارة المشتري من ذلك قد بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد، كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة، على أن يرد له المبيع وما أفاد منه”. يتبين لنا من هذا النص أن المشرع المصري قد ألحق حالة الإستحقاق الجزئي الجسيم بحالة الإستحقاق الكلي من حيث الكم .
ولغرض تقييم موقف المشرعين الأردني والإماراتي من مسألة ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير نورد الملاحظات التالية :
- تتعلق الملاحظة الأولى بحق المشتري في المطالبة بإنقاص الثمن. ونرى بأن الأساس القانوني الذي يقوم عليه حق المشتري في المطالبة بإنقاص الثمن في حالة الإستحقاق الجزئي هو نفس الأساس الذي يقوم عليه حقه في المطالبة بالثمن في حالة الإستحقاق الكلي وهو البطلان إلا أن البطلان هنا هو بطلان جزئي يتعلق بالجزء المستحق من المبيع. إذ نرى أن عقد البيع يكون في حالة الإستحقاق الجزئي موقوفاً بشكل جزئي على إجارة المستحق أن أجازه نفذ وإن نقضه بطل بالنسبة للجزء المستحق(47). ولم يتطرق القانونان الأردني والإماراتي لحالة الإجازة لأن مشكلة الإستحقاق لا تثور في هذه الحالة، وإنما افترضا حصول النقص وأعطيا الحكم على هذا الأساس .
- وتتعلق الملاحظة الثانية بحق المتشري في فسخ العقد. لقد فرق المشرع في مدى منح المشتري الحق في طلب فسخ العقد بين حالة إستحقاق بعض المبيع قبل قبضه كله وحالة إستحقاقه بعد قبضه كله. فقد منحه هذا الحق بشكل مطلق في الحالة الأولى، في حين منحه إياه بشروط في الحالة الثانية. ونتساءل عن الأساس القانوني الذي اعتمده المشرع في هذه التفرقة؟ وللإجابة عن ذلك ينبغي الرجوع إلى الأصل الذي استمد منه المشرع هذا الحكم وهو الفقه الإسلامي وخصوصاً المذهب الحنفي. ولدى الرجوع إلى هذا الأصل يبدو لنا أن الأساس الذي يقوم عليه حق الفسخ في الحالة الأولى يختلف عن الأساس الذي يقوم عليه هذا الحق في الحالة الثانية. إن أساس حق الفسخ في الحالة الأولى هو ثبوت خيار تفرق الصفقة للمشتري بسبب تجزئة المبيع عليه قبل تمام العقد. أما أساس حق فسخ العقد في الحالة الثانية فهو حصول العيب في الجزء المتبقي(48). وقد ألحق المشرع بهذه الحالة حالة كون الجزء المتبقي هو الأقل (49).
- أما الملاحظة الثالثة فهي تتعلق بمدى إستحقاق المشتري للتعويض في حالة الإستحقاق الجزئي، يبدو أن المشرع لم يمنح المشتري حق المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة للإستحقاق الجزئي(50). إذا خيره بين أمرين، أما فسخ العقد أو إنقاص الثمن. ويحق لنا أن نستاء عن العلة التي جعلت المشرع يحرم المشتري من عناصر التعويض التي يستحقها في حالة الإستحقاق الكلي؟!.
المطلب الثاني
ظهور حق للغير على المبيع
نصت المادة (509/3) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 540/3 مدنية إماراتي) على أنه :”فإذا ظهر بعد البيع أن على المبيع حقاً للغير كان للمشتري الخيار بين انتظار رفع هذا الحق أو فسخ البيع والرجوع على البائع بالثمن”. يتبين من هذا النص أنه إذا ظهر بعد البيع أن على المبيع حقاً للغير سواء كان حقاً عينياً أو شخصياً أو معنوياً(51)، كما لو ظهر أن على المبيع حق إرتفاق أو حق إنتفاع أو ظهر أنه مستأجر من قبل الغير أو غير ذلك، ولم يكن المشتري يعلم بذلك عند الشراء فقد منحه المشرع الخيار بين أمرين، إما انتظار رفع الحق أو طلب فسخ العقد. ولنا على هذا الحكم الملاحظات التالية :
- تتعلق الملاحظة الأولى بالخيار الممنوح للمشتري في انتظار رفع الحق. نرى أن هذا الانتظار لا يعد خياراً إنما هو مجرد موقف سلبي يتخذه المشتري. ومما لا شك فيه أن المشرع حتى ولو لم ينص على ذلك فليس هناك ما يمنع المشتري من الانتظار، كما أنه لا يوجد ما يمنع المشتري في الحالة السابقة المتعلقة بثبوت ملكية جزء من المبيع للغير من الانتظار لربما يتمكن البائع من إنهاء الأمر مع المستحق. وعليه نرى أنه كان من الأولى بالمشرع أن يمنح المشتري الحق في طلب التنفيذ العيني، أي مطالبة البائع برفع الحق متى كان ذلك ممكناً(52).
- وتختص الملاحظة الثانية بحق المشتري في طلب الفسخ. لقد أعطى المشرع للمشتري الحق في طلب فسخ العقد بمجرد ظهور حق للغير على المبيع دون شرط أو قيد. ونتساءل لماذا فرق في الحكم بين هذه الحالة والحالة التي سبقتها التي تبين لنا فيها أن المشتري إذا قبض المبيع فلا يحق له طلب الفسخ إلا إذا كان الجزء المتبقي هو الأقل أو حدث فيه عيب نتيجة إستحقاق الجزء الآخر.
- أما الملاحظة الثالثة فتتعلق بعدم جواز المطالبة بإنقاص الثمن. إذ لم يمنح المشرع المشتري الحق في إنقاص الثمن متى اختار الإبقاء على المبيع على غرار ما فعله في الحالة السابقة بخصوص الإستحقاق الجزئي. كما أنه لم يمنحه الحق في طلب التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة ظهور هذا الحق والذي رافقه إخلال من جانب البائع بالتزامه بتسليم المبيع مجرداً من كل حق للغير(53). ونرى بأن المشتري يستحق التعويض طبقاً للقواعد العامة في المسؤولية العقدية.
وختاماً ندعو المشرع إلى توحيد الحكم في حالتي الإستحقاق الجزئي، حالة ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير وحالة ظهور حق للغير على المبيع، وذلك على غرار ما فعلته القوانين الأخرى(54).
المبحث الثالث
هلاك المبيع المستحق للغير
نصت المادة (510) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 541 مدنية إماراتي) على أنه : “1- إذا وقع الادعاء بالإستحقاق بعد هلاك المبيع بيد المشتري ضمن للمستحق قيمته يوم الشراء ورجع على البائع بالثمن. 2- وإذا كانت القيمة التي ضمنها المشتري أكثر من الثمن المسمى كان له الرجوع بالفرق مع ضمان الأضرار التي يستحقها وفقاً للفقرة (4) من المادة (505)”. لقد عالج هذا النص مسألة هلاك المبيع بيد المشتري في حالة الإستحقاق الكلي. وسوف نبحث هذه الحالة في مطلبين، نبين في الأول الأثر القانوني المترتب على هلاك المبيع المستحق للغير، ونقوم في الثاني بتقييم موقف القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي من هذه المسألة.
المطلب الأول
الاثر القانوني المترتب على هلاك المبيع المستحق للغير
لقد تبين لنا في المبحث الأول أن الحكم القانوني للبيع في حالة إستحقاق المبيع كلياً للغير هو أنه عقد موقوف على إجازه المستحق إن أجازه نفذ وإن نقضه بطل. وإذا هلك المبيع المستحق للغير فإن عقد البيع يبطل حتماً، وذلك لأن من شروط صحة إجازة التصرف الموقوف وجود المتصرف فيه وقت الإجازة(55). كما تبين لنا أيضاً أنه في حالة بطلان البيع يسترد المستحق الشيء من يد المشتري ويرجع هذا الأخير على البائع بالثمن وقيمة التحسينات والثمار التي ألزم بردها إلى المستحق والتعويض عن الأضرار الأخرى التي لحقت به. وحيث أن المبيع قد هلك في يد المشتري في المسألة موضوع البحث، لذا فقد ألزم النص المشتري بدفع قيمته يوم الشراء سواء زادت هذه القيمة بعد ذلك أو نقصت وذلك لأن العقد باطل فيلزم إعادة الحالة إلى ما كانت عليه وقت إبرام العقد(56). فلو كان المبيع موجوداً التزم المشتري برده عيناً وإن كان هالكاً التزم برد المثل في المثليات والقيمة في القيميات. وقد أعطى النص للمشتري بعد ذلك الحق في الرجوع على البائع بالثمن نظراً لبطلان العقد المبرم بينهما، كما أعطاه الحق في المطالبة بالفرق بين الثمن والقيمة إن كانت القيمة التي ضمنها أكثر، كما أعطاه الحق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتجية إستحقاق المبيع للغير. ويشمل التعويض الذي يحصل عليه المشتري الأضرار المتوقعة وغير المتوقعة سواء كانت خسارة لحقت به أو كسب فات عليه، وذلك لأن التزام البائع بدفع التعويض يقوم على أساس المسؤولية التقصرية. ونرى بأن ما يستحقه المشتري من تعويض هنا يشمل ذات العناصر التي يستحقها في حالة الإستحقاق الكلي المبينة في المبحث الأول، ويضاف لها الفرق بين الثمن والقيمة عندما تكون القيمة أكثر.
وقبل أن نختتم هذا المطلب نورد الملاحظتين التاليتين :
- نرى بأن المقصود بالهلاك الوارد في (المادة 510 مدني أردني والمادة 541 مدنية إماراتي) هو الهلاك الحاصل بسبب أجنبي وذلك لأنه لو كان الهلاك بسبب البائع لأعطى المشرع المستحق الحق في الرجوع على البائع وليس على المشتري لأنه هو المتسبب في الهلاك، كما أنه لو كان الهلاك بسبب المشتري لما أعطاه الحق في الرجوع بالفرق بين القيمة والثمن عندما تكون القيمة أكثر.
- لقد اشترط المشرع لتطبيق حكم (المادة 510أردني والمادة 541 مدنية إماراتي) أن يكون الادعاء بالإستحقاق، أي رفع دعوى الإستحقاق، قد وقع بعد هلاك المبيع بيد المشتري. ونرى بأنه كان يفترض في المشرع أن يقول : إذا قضي بإستحقاق المبيع، أي صدر قرار قضائي بثبوت ملكية المبيع للغير، يعد هلاكه بيد المشتري. فلو فرضنا أن الادعاء بالإستحقاق قد وقع والمبيع ما زال قائماً ولكنه هلك أثناء سير الدعوى ففي هذه الحالة ينبغي تطبيق ذات الحكم الوارد في (المادة 510 مدني أردني والمادة 541 مدنية إماراتي) في حين يبدو من النص أن هذا الحكم لا يطبق إلا إذا رفعت الدعوى بعد هلاك المبيع، وذلك لأن علة رجوع المستحق على المشتري بالقيمة من أنه بعدما قضي بإستحقاق المبيع تعذر على المستحق الحصول عليه بسبب الهلاك.
المطلب الثاني
تقييم موقف القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي
تبين لنا في المطلب الأول أن المادة 510) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 541 مدنية إماراتي) قد ألزمت المتشري بأن يضمن للمستحق قيمة المبيع وأعطته الحق في الرجوع على البائع بالثمن مع الفرق بين القيمة التي ضمنها والثمن إن كانت القيمة أكثر من التعويض عن الأضرار الأخرى. ويبدو من ظاهر هذه المادة أن الذي تحمل تبعة هلاك المبيع هو البائع، إلا أن الحقيقة هي عكس ذلك لأن المشتري هو الذي تحمل تبعة الهلاك. ولتوضيح ذلك نفترض أن شخصاً قد اشترى مالاً معيناً بمائة دينار وكانت قيمته الحقيقية مائة وخمسين ديناراً ثم هلك هذا المال بيد المشتري واستحق للغير. ففي هذه الحالة يلتزم المشتري بدفع القيمة إلى المستحق وهي (150) ديناراً ويحق له الرجوع على البائع بالثمن وهو (100) ديناراً وبالفرق وهو (50) ديناراً يتضح من هذا المثال أن مجموع المبالغ التي دفعها المشتري هي (250) ديناراً ومجموع ما استرده هو (150) ديناراً فقط. وبذلك يكون قد خسر مائة دينار وهو الثمن وعليه فالمشتري الذي تحمل تبعة الهلاك.
ونتساءل عن مدى صحة الحكم من الناحية القانونية ومدى انسجامه مع قواعد العدالة؟ وجواباً على ذلك نرى أن هذا الحكم يعد حكماً صحيحاً من الناحية القانونية وذلك لأن تبعة هلاك المبيع بعد التسليم تكون على المشتري. و رب قائل يقول : إن المشتري هنا لا يتحمل تبعة الهلاك لأنه لم يتملك المبيع وذلك لأن عقد البيع موقوف ثم بطل بعد هلاك المبيع. ويمكن الرد على هذا القول من جهتين :
- أن تحمل المشتري لتبعة الهلاك لا يتوقف على تملكه للمبيع، وإنما يتوقف على تسلمه له. والدليل على ذلك ما نصت عليه المادة (527) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 563 مدنية إماراتي) على أنه : إذا قبض المشتري شيئاً على سوم الشراء وهلك أو فقد في يده وكان الثمن مسمى لزمه أداؤه فإن لم يسم الثمن فلا ضمان على المشتري إلا بالتعدي أو التقصير”. يتضح من هذا النص أن الراغب في الشراء يتحمل تبعة هلاك الشيء المقبوض على سوم الشراء على الرغم من عدم وجود عقد بيع أصلاً.
- لو افترضنا جدلاً صحة القول السابق، ففي هذه الحالة إذا كان المبيع منقولاً وكان المشتري حسن النية فإنه يتحمل تبعة الهلاك لأنه قد تملك المبيع بموجب قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز. بينما إذا كان المشتري سيء النية، فإنه لا يتحمل تبعة الهلاك لعدم تملكه للمبيع بموجب القاعدة آنفة الذكر. ومما لا شك فيه فإن هذه النتيجة تجافي العدل والمنطق.
أما عن مدى انسجام هذا الحكم مع قواعد العدالة، فنرى أنه قد يجافيها. فلو كان المشتري حسن النية، أي لا يعلم بحق الغير على المبيع، ففي هذه الحالة نرى أن تحمل المشتري لتبعة الهلاك يعد أمراً لا يتفق مع قواعد العدالة خصوصاً إذا ما كان البائع سيء النية، فالبائع هو الذي تجاوز على ملك الغير وتصرف فيه دون إذنه ولولا ذلك لما تعامل المشتري معه وبالتالي لما تحمل الخسارة بسبب الهلاك. وعليه فلا يعقل أن الذي تجاوز على ملك الغير وكان المتسبب في الإستحقاق لا يتعرض لخسارة في حين يتحمل المشتري حسن النية تلك الخسارة.
ونرى بأن الحكم الذي يتفق مع قواعد العدالة هو أن يتحمل البائع تبعة الهلاك. ويمكن تبرير هذا الحكم من الناحية القانونية من خلال المادة (488) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 541 مدنية إماراتي) التي ألزمت البائع بتسليم المبيع إلى المشتري مجرداً من كل حق. وعليه فإذا سلم البائع المبيع وهو مثقل بحق للغير فلا يكون قد نفذ التزامه بالتسليم إذا هلك المبيع يكون قد هلك قبل التسليم وإن كانت حيازته الفعلية لدى المشتري. لذا يمكن القول أن البائع هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع لأن الهلاك حصل قبل التسليم ما لم يكن المشتري عالماً بحق الغير على المبيع لأن علمه هذا يعد بمثابة التنازل الضمني عن حقه في تسلّم مبيع خال من أي حق للغير .
وهناك سند قانوني آخر يؤيد ما ذهبنا إليه يتمثل في المادة (281) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 306 مدنية إماراتي) الواردة في مجال الغصب والتي جاء فيها: “إذا تصرف الغاصب في المال المغصوب معاوضة أو تبرعاً أو تلف المغصوب كلاً أو بعضاً في يد من تصرف له الغاصب كان للمغصوب منه الخيار في تضمين من شاء منهما فإن ضمن الغاصب صح تصرفه وإن ضمن من تصرف له الغاصب رجع هذا على الغاصب وفقاً لأحكام القانون”. وختاماً نقترح أن يكون الحكم القانوني بالشكل التالي : 1- يضمن البائع للمستحق قيمة المبيع إذا كان المشتري حسن النية. 2- يحق للمشتري الرجوع على البائع بالثمن والتعويض عن الأضرار التي أصابته .
المبحث الرابع
سقوط الحق في ضمان الإستحقاق
تبين لنا فيما تقدم أن هناك عدة عناصر لضمان الإستحقاق في مقدمتها رد الثمن إلى المشتري. ويصح الاتفاق على الإعفاء من ضمان الإستحقاق ما لم يكن البائع قد تعمد إخفاء سبب الإستحقاق أو كان الإستحقاق ناشئاً عن فعله(57). ويشمل هذا الاتفاق كل عناصر الضمان سوى رد الثمن. فقد نصت المادة (506/1) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 537/1 مدنية إماراتي) على أنه : “لا يصح اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند إستحقاق المبيع ويفسد البيع بهذا الشرط”(58). و العلة في فساد البيع بهذا الشرط هي حصول الغرر. كما أن هذا الشرط يعد شرطاً مناقضاً لمقتضى عقد البيع، فالبيع هو تمليك مال بعوض، إذ إن التزام المشتري بدفع الثمن يقابل التزام البائع بالتمليك، فإذا استحق المبيع انتفى التمليك وتبعاً لذلك ينتفي التزام المشتري بالثمن(59). وعليه نرى أن التزام البائع بضمان الثمن يعد من جوهر البيع(60).
وبعد هذه المقدمة نود أن نشير إلى أن أغلب التشريعات قد تعرضت لحالتين يسقط فيهما حق المشتري في ضمان الإستحقاق بشكل كامل هما : إستحقاق المبيع بسبب إقرار المشتري أو نكوله عن اليمين. وهناك حالة ثالثة قد يسقط فيها حق المشتري في الضمان وهي تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق. وعليه سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعالج في الأول حالتي الإقرار والنكول عن اليمين ونبحث في الثاني حالة الصلح .
المطلب الأول
الإستحقاق الناشئ عن إقرار المشتري أو نكوله عن اليمين
نصت المادة (507) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 538 مدنية إماراتي) على أنه : “لا يملك المشتري الرجوع على البائع إذا كان الإستحقاق مبنياً على إقراره أو نكوله عن اليمين”(61). يتبين لنا من هذا النص أن حق المشتري في ضمان الإستحقاق يسقط في حالتين. وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فرعين:
الفرع الأول : الإستحقاق الناشئ عن إقرار المشتري
وتتحقق هذه الحالة عندما ترفع دعوى الإستحقاق من قبل الغير على المشتري ويدعي فيها بأنه هو المالك أو بأن له حقاً على المبيع سابقاً على البيع أو لاحقاً له ولكنه ناشئ عن فعل البائع، إلا أن المدعي لا يتمكن من إثبات دعواه بالبينة القانونية اللازمة لذلك، وإنما تثبت دعواه بسبب إقرار المشتري بالحق المدعى به، وبناء على هذا الإقرار تصدر المحكمة قراراً يقضي بإستحقاق المبيع كلياً أو جزئياً للمدعي .
وتعقيباً على ذلك نود أن نشير إلى أن الخصم الحقيقي في دعوى إستحقاق المبيع هو البائع وليس المشتري وذلك لسببين، يتعلق الأول بسبب الإستحقاق، فهو إما أن يكون سبباً سابقاً على البيع وهذا يعني أن حق الدعي كان موجوداً على المبيع عندما كان في ملك البائع أو يكون سبباً لاحقاً للبيع ولكنه ناشئ عن فعل البائع، ويختص الثاني بتبعة الإستحقاق هو البائع وليس المشتري ذلك لأنه يحق للمشتري الرجوع غلى البائع بضمان الإستحقاق، إذ أن الذي يتحمل تبعة الإستحقاق. عليه وبالاستناد إلى هذين السببين فإنه إذا اقر المشتري بحق المدعي فإنه في الواقع لا يقر بحق على نفسه وإنما يقر بحق على الغير وهو البائع وهذا غير جائز. فقد نصت المادة (44) من قانون البينات الأردني على أن : “الإقرار هو إخبار الإنسان عن حق عليه لآخر(62). وعليه فالصحيح هو أن ما يقوم به المشتري لا يعد إقراراً وإنما شهادة(63). لذا نرى بأنه ليس بإمكان المحكمة أن تأخذ بإقرار المشتري وتبني عليه حكمها بالإستحقاق. كما نرى أنه لو أقيمت الدعوى على البائع وأقر بحق المدعي فإن إقراره هذا يكون حجة قاصرة عليه ولا يتعدى أثره إلى المشتري(64). فقد نصت المادة (51) من قانون البينات الأردني على أن : “الإقرار حجة قاصرة على المقر”. وعليه فإننا نعتقد بأن لكي تصدر المحكمة قرارها بإستحقاق المبيع ويسري أثر هذا القرار في حق المشتري يلزم إقرار كل من البائع والمشتري(65).
وعلى أي حال فإن ما ذكرناه أعلاه يعبر عن وجهة نظرنا بخصوص مدى صلاحية الإقرار كوسيلة من وسائل إثبات الإستحاق. أما الموقف القانوني والفقهي عموماً، فقد أخذ بإقرار المشتري كوسيلة من وسائل إثبات الإستحقاق وحرمه من الرجوع بالضمان على البائع على أساس أن الإقرار حجة قاصرة على المقر وهو المشتري وعليه ينبغي أن لا يتضرر البائع من هذا الإقرار وبعكس ذلك سيحصل التواطؤ بين المدعي والمشتري ضد البائع(66). ولكننا نتساءل عن مدى انسجام هذا الحكم مع قواعد العدالة؟ فلو أن المشتري قد أقر بحق المدعي بحسن نية، أي كان يعتقد بأن المدعي محق في دعواه، وذلك بعدما أعذر البائع بدعوى الإستحقاق وطلب منه التدخل فيها إلا أنه لم يفعل فأدى ذلك إلى تعزيز قناعة المشتري بأحقية المدعي لأنه لو كان لدى البائع ما يدفع به الدعوى لتدخل فيها. فإقرار المشتري هو من أجل تجنب إضاعة الوقت والجهد. فهل من العدل سقوط حق المشتري في الضمان في هذه الحالة(67)؟ ولهذا السبب ذهب فقهاء الشريعة الإسلامية إلى إعطاء المشتري في دعوى الإستحقاق الحق في تحليف البائع اليمين على عدم أحقية المستحق(68).
الفرع الثاني : الإستحقاق الناشئ عن نكول المشتري عن اليمين
وتتحقق هذه الحالة عندما يعجز المدعي عن إثبات دعواه بإستحقاق المبيع ولا يقر له المشتري بذلك وعندما تطلب المحكمة من المدعي باعتباره عاجزاً عن الإثبات أن كان يرغب في توجيه اليمين الحاسمة(69) إلى المدعي عليه ليحلف بأن مدعي الإستحقاق لا يملك المبيع وليس له أي حق عليه. فإن حلف خسر المدعي دعواه وإن نكل عن الحلف ربح المدعي دعواه وقضي له بإستحقاق المبيع بناء على ذلك(70).
ونود أن نشير هنا إلى أنه يشترط في الواقعة التي تم توجيه اليمين بشأنها أن تكون متعلقة بشخص من وجهت إليه، فلا يجوز تحليف الخصم عن وقائع لا تتعلق بشخصه إلا إذا أريد تحليفه على عدم علمه بهذه الوقائع، وبالتالي فهو يحلف على عدم العلم لا على البتات وتسمى اليمين في هذه الحالة (يمين عدم العلم)(71)، وهذا ما نصت عليه المادة (55/1) من قانون البينات الأردني بقولها : “يجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين فإن كانت غير شخصية انصبت اليمين على مجرد علمه بها”.
واستناداً إلى ذلك نرى بأن اليمين التي توجه إلى المشتري تنصب على واقعة لا تتعلق بشخصه لأن الحق الذي يدعيه المدعي حق سابق على البيع أو حق لاحق ولكنه ناشئ عن فعل البائع، وفي كلتا الحالتين تتعلق الواقعة بشخص البائع. وعليه فالمشتري لا يحلف على البتات وإنما يحلف على عدم علمه بحق المدعي على المبيع، وإذا نكل عن حلف هذه اليمين خسر الدعوى(72).
ولكننا نثير هنا ذات السؤال الذي طرحناه بخصوص الإقرار، أي مدى انسجام هذا الحكم مع قواعد العدالة؟ فلو أن المشتري نكل عن حلف اليمين بحسن نية، أي كان يعلم بأن المدعي صاحب حق. فهل من العدل أن يفقد حقه في الضمان؟ وهل المشرع يحث المشرع على حلف اليمين وإن كانت كاذبة وإلا فقد حقه في الضمان(73)؟ وخصوصاً إذا كان المشتري قد طلب من البائع التدخل في الدعوى فلم يفعل إذ لو تدخل البائع في الدعوى لوجهت اليمين له ولتخلص المشتري من المأزق الذي وضع فيه(74).
المطلب الثاني
تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق
نصت الماد (647) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 722 مدنية إماراتي) على أن “الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي”. ويقوم الصلح على ثلاثة أسس هي : 1- نزاع قائم أو محتمل. 2- نية حسم النزاع. 3- نزول كل من المتصالحين عن جزء من ادعائه.
وقد نصت المادة (508) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 539 مدنية إماراتي) على أنه: 1- إذا صالح المشتري مدعي الإستحقاق على مال قبل القضاء له وأنكر البائع حق المدعي كان للمشتري أن يثبت أن المدعي محق في دعواه وبعد الإثبات يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو ردّ الثمن إلى المشتري. 2- وإذا كان الصلح بعد القضاء للمستحق احتفظ المشتري بالمبيع وحق له الرجوع على البائع بالثمن”. يتضح من هذا النص أنه ينبغي التفرقة بين حالتين حالة تصالح المشتري مع المدعي الإستحقاق قبل صدور القرار في دعوى الإستحقاق وحالة تصالح المشتري مع المستحق بعد صدور القرار بإستحقاق المبيع. وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فرعين لمعالجة هاتين الحالتين.
الفرع الأول : تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق قبل صدور القرار في دعوى الإستحقاق
إن التزام البائع بضمان الإستحقاق لا يتحقق إلا بعد صدور القرار في دعوى الإستحقاق الذي يقضي بإستحقاق المبيع كلياً أو جزئياً للمدعي. وعليه لو صالح المشتري مدعي الإستحقاق على مال قبل صدور هذا القرار وأنكر البائع حق المدعي فلا يستحق الضمان لأن المدعي قد يخفق في دعواه ولا يستعجل الصلح. إلا أن حق المشتري في الضمان لا يسقط في حالتين، إحداهما إذا أقر البائع بحق المدعي على المبيع، والأخرى إذا أثبت المشتري أن المدعي محق في دعواه(75)، ويكون هذا الإثبات في الدعوى التي يرفعها على البائع لمطالبته بالضمان. وفي هذه الحالة يخير البائع بين رد الثمن أو ما يعادل بدل الصلح وذلك لمنع احتمالات تواطؤ المشتري مع مدعي الإستحقاق(76). كما يلتزم البائع بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر ننتيجة تصالحه لتوقي إستحقاق المبيع كالتعويض عن الضرر الذي لحق به بسبب رفع دعوى الإستحقاق عليه ورفعه هو لدعوى الضمان على البائع عند إنكاره لحق المدعي وغير ذلك(77). إلا أنه لا يلتزم بعناصر الضمان الأخرى المقررة قانوناً في حالة الإستحقاق الكلي، وذلك لأن المشتري لم يفقد المبيع.
ونرى بأن أساس التزام البائع برد الثمن أو ما يعادل بدل الصلح مع التعويض عن الأضرار الأخرى هو المسؤولية العقدية، وذلك لأن عقد البيع لم يبطل بل ما زال قائماً. كما نرى بأن الأدق أن يقول المشرع : (يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو ما يعادل الثمن إلى المشتري) وذلك لأن التزام البائع برد الثمن يعني أن العقد قد زال بالفسخ أو البطلان وهذا لم يحدث .
ونود أن نشير إلى أن هناك ثلاث صور من الصلح هي : الصلح عن إقرار، والصلح عن إنكار والصلح عن سكوت(78). ونرى بأن الصلح المقصود هنا هو الصلح عن إنكار أو سكوت من جانب المشتري(79)، لأنه إذا كان الصلح عن إقرار فإن حق المشتري في الضمان سوف يسقط بالاستناد إلى (المادة 507 مدني أردني والمادة 538 مدنية إماراتي) بشرط أن يكون قد قضي بإستحقاق المبيع بناء على هذا الإقرار. كما نشير إلى أن نص (المادة 508 مدني أردني والمادة 538 مدنية إماراتي) قد بين حكم الصلح في حالة الادعاء بالإستحقاق الكلي فقط ولم يتطرق لحالة الإدعاء بالإستحقاق الجزئي”.
وهذا ما نستنتجه من عبارة (رد الثمن) الواردة في النص. إلا أننا نرى بأن هذا النص يمكن أن يطبق على حالة الإدعاء بالإستحقاق الجزئي، غير أن البائع في هذه الحالة يخير بين رد ما يعادل بدل الصلح أو رد حصة الجزء المستحق من الثمن.
الفرع الثاني : تصالح المشتري مع المستحق بعد صدور القرار بإستحقاق المبيع
إذا قضي بإستحقاق المبيع للمدعي اعتبر البيع موقوفاً، لأنه قد ورد على ملك الغير، وعليه فالمستحق إما أن يجيز البيع فينفذ ويرجع على البائع بالثمن وعندها يخلص المبيع للمشتري، أو ينقضه فيبطل البيع ويسترد المبيع من المشتري(80). وإذا ما أقدم المشتري على التصالح مع المستحق، فإن هذا يدل على عزم المستحق على نقض البيع وانتزاع المبيع من المشتري، إذ تفادياً لهذه النتيجة أقدم المتشري على الصلح. وعليه نرى أن الصلح في هذه الحالة يأخذ حكم البيع الجديد(81) الذي بموجبه يشتري المشتري المبيع مرة ثانية من المستحق ببدل الصلح، كما أن هذا الصلح هو بمثابة النقض الضمني للبيع الأول من قبل المستحق.
وعليه فإن أساس التزام البائع بالضمان في هذه الحالة هو المسؤولية التقصيرية وليس العقدية، فهو يلتزم برد الثمن نظراً لزوال عقد البيع، كما يلتزم بتعويض المشتري عن الأضرار التي لحقت به بسبب الإستحقاق. إلا أنه لا يلتزم بعناصر الضمان الأخرى المقررة قانوناً في حالة الإستحقاق الكلي لأنه قد احتفظ بالمبيع(82). كما أنه لا يلتزم بتعويض المشتري عن الفرق بين بدل الصلح الذي دفعه والثمن إن كان بدل الصلح أكثر.
وأخيراً نتساءل عن المقصود بالقرار القاضي بالإستحقاق هل هو القرار القطعي أم القرار الأولي؟ مما لا شك فيه أن الإستحقاق لا يتحقق إلا باكتساب القرار الدرجة القطعية. وعليه يقصد بالصلح الواقع بعد الإستحقاق الصلح الواقع بعد صدور القرار القطعي(83). إلا أننا نود أن نشير هنا إلى أن صدور القرار القطعي يؤدي إلى إنهاء النزاع وبذلك ينتفي أحد الأسس التي يقوم عليها اللح وهو أن يرد على نزاع قائم أو محتمل لغرض حسمه، ولكن من الممكن حصول الصلح بعد ذلك كما لو حصل النزاع حول تنفيذ الحكم أو تفسيره(84).
الخاتمة
يتحقق إستحقاق المبيع عندما يدعي شخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حقاً آخر عليه، ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي. ويكون البائع ضامناً للإستحقاق، أي يلتزم بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع، ويُعد هذا الإلتزام التزاماً احتياطياً، إذ بعدما تعذر على البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض. ويستطيع المشتري الرجوع على البائع بدعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، كما يستطيع الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بتنفيذ التزاماته، ويستطيع أيضاً الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع للغير على أساس أن البائع قد باع ملك الغير. إلا أنه طبقاً للقانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي يكون رجوع المشتري على البائع بموجب الدعوى الأخيرة.
وفي حالة إستحقاق المبيع كلياً للغير يلتزم البائع برد الثمن والمصروفات النافعة التي لا يستطيع المشتري إلزام المستحق به، والثمار التي ألزم بردها إلى المستحق. كما يلتزم بتعويض المشتري عما لحق به من خسارة وما فات عليه من كسب بسبب إستحقاق المبيع بشرط أن يكون الضرر مباشراً، متوقعاً كان أو غير متوقع، وذلك على أساس المسؤولية التقصيرية نظراً لبطلان عقد البيع.
أما إذا استحق المبيع إستحقاقاً جزئياً بثبوت ملكية جزء منه للغير، ففي هذه الحالة يحق للمشتري المطالبة بإنقاص الثمن على أساس البطلان الجزئي للعقد أو المطالبة بفسخ العقد بسبب تفرق الصفقة وذلك إذا كان الإستحقاق قد حصل قبل قبض المبيع. أما إذا حصل الإستحقاق بعد القبض فيثبت للمشتري ذات الحق،ولكن لا يجوز له طلب الفسخ إلا إذا أحدث الإستحقاق عيباً في الجزء الباقي أو كان الجزء المستحق هو الأقل، ويكون سبب الفسخ في هذه الحالة حصول العيب في المبيع وليس تفرق الصفقة أما إذا كان الإستحقاق الجزئي بظهور حق للغير على المبيع فيحق للمشتري طلب فسخ العقد أو انتظار رفع هذا الحق.
وإذا استحق المبيع كلياً للغير ولكنه هلك في يد المشتري بسبب أجنبي، ففي هذه الحالة يضمن المشتري للمستحق قيمته يوم الشراء ويرجع على البائع بالثمن مع الفرق بين القيمة والثمن إن كانت القيمة أكثر ومع التعويض عن الأضرار التي أصابته .
ويسقط حق المشتري في الضمان إذا كان القرار القاضي بإستحقاق المبيع مبنياً على إقراره بحق المدعي على المبيع أو نكوله عن حلف يمين عدم العلم بحق الدعي على المبيع. كما ويسقط المشتري في الضمان إذا صالح مدعي الإستحقاق على مال قبل صدور القرار القاضي بإستحقاق المبيع وأنكر البائع حق المدعي ولم يتمكن المشتري من إثبات أن المدعي محق في دعواه .
ونخلص من هذا البحث إلى مجموعة من التوصيات من أبرزها:
- نوصي بإجراء تعديلين على المادة (505) مدني أردني والمادة (536) مدنية إماراتي وبالشكل التالي :
- إبدال عبارة (أفسخ العقد) بعبارة (بطل العقد) ليكون النص منسجماً مع ما ورد في المادة(175) مدني أردني والمادة (217) مدنية إماراتي بخصوص موضوع رفض إجازة العقد الموقوف .
- تعديل الفقرة (3) الشكل التالي: “ويضمن البائع للمشتري ما صرفه على المبيع من مصروفات نافعة لا يستطيع أن يلزم المستحق بها”. وبذلك تكون هذه الفقرة منسجمة مع ما ورد في المادة (1193/3) مدني أردني والمادة (1329/2) مدنية إماراتي بخصوص موضوع حق الحائز في إسترداد المصروفات النافعة .
- نوصي بإضافة فقرة ثانية إلى المادة (507) مدني أردني والمادة (835) مدنية إماراتي وذلك بالشكل التالي : “2- إلا أنه إذا كان المشتري حسن النية وكان قد أعذر البائع بدعوى الإستحقاق في الوقت الملائم ودعاه للدخول معه فيها فلم يفعل فلا يسقط حقه في الضمان، ما لم يثبت البائع أن المستحق لم يكن على حق في دعواه”. وبذلك يكون النص أكثر انسجاماً مع قواعد العدالة.
- نوصي بإجراء تعديلين على المادة (805) مدني أردني والمادة (935) مدنية إماراتي وبالشكل التالي :
- إبدال عبارة (يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو رد الثمن إلى المشتري بعبارة (يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو ما يعادل الثمن إلى المشتري).
- إضافة فقرة ثانية إلى النص وجعل الفقرة رقم (2) فقرة ثالثة، وتتضمن الفقرة الجديدة ما يلي: “2- إلا أنه إذا كان المشتري حسن النية وكان قد أعذر البائع بدعوى الإستحقاق في الوقت الملائم ودعاه للدخول معه فيها فلم يفعل فلا يسقط حقه في الضمان، ما لم يثبت البائع أن المستحق لم يكن على حق في دعواه. وبذلك يكون النص أكثر انسجاماً مع قواعد العدالة”.
- نوصي بإلغاء المادة (509) مدني أردني والمادة (540) مدنية إماراتي ليحل محلها النص التالي:
“1- إذا استحق بعض المبيع أو كان مثقلاً بتكليف لا علم للمشتري به وقت العقد، كان للمشتري أن يفسخ العقد. 2- وإذا اختار المشتري استبقاء المبيع فله أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الإستحقاق”. وبذلك نكون قد ألغينا التفرقة لا أساس لها في القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي، فعقد البيع يكون تاماً قبل القبض. وبهذا التعديل أيضاً نكون قد ألغينا عبارة “انتظار رفع الحق” التي لا حاجة لها.
- نوصي بتعديل المادة(510)مدني أردني والمادة (541)مدنية إماراتي لتكون بالشكل التالي:(إذا قضى بإستحقاق المبيع بعد هلاكه بيد المشتري حسن النية ضمن البائع للمستحق قيمته يوم الشراء، ويحق للمشتري الرجوع على البائع بالثمن مع التعويض عما أصابه من ضرر). وذلك لأن النص الحالي لا ينسجم مع قواعد العدالة، وخصوصاً عندما يكون المشتري حسن النية والبائع سيء النية، فالبائع هو الخسارة الناجمة عن هلاك المبيع لا أن يتحملها المشتري حسن النية.
- نوصي بتعديل المادة (511)مدني أردني والمادة (542)مدنية إماراتي وذلك بالشكل التالي:(إذا استحق المبيع للغير كان للمشتري أن يطلب من البائع قيمة الثمار التي ألزم بردها للمستحق). وبذلك يكون هذا النص منسجماً مع ما ورد في موضوع الحيازة بخصوص حق الحائز حسن النية في تملك الثمار بمجرد القبض.
- نوصي بحذف رقم (1143) وإبداله برقم المادة (1140) الوارد في نص الفقرة(2) من المادة (1193) المتعلقة بموضوع المصروفات النافعة التي ينفعها الحائز، وبذلك يستقيم معنى النص.
المراجع
- أحمد نشأت، رسالة الإثبات، ج2، ط7.
- د. أنور سلطان، العقود المسماة، شرح عقدي البيع والمقايضة، دار النهضة العربية، 1980.
- د. توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية، 1979.
- د. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني – 3 – في العقود المسماة، المجلد الأول : عقد البيع، ط5، 1190.
- د. سمير تناغو، عقد البيع، منشأة المعارف بالاسكندرية.
- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الأجزاء (2، 4، 5).
- د. علي هادي البعيدي، الوجيز في شرح القانون المدني الأردني، الحقوق العينية، 1998.
- د. علي هادي العبدي، الوجيز في شرح القانون المدني الأردني، العقود السماة في البيع والإيجار، ط2، 1999.
- د. كمال قاسم ثروت، شرح أحكام عقد البيع، مطبعة الرصافي، بغدد، ط2، 1976.
- د. محمد الزعبي، العقود المسماة، شرح عقد البيع في القانون الأردني، ط1، 1993.
- د. مصطفى الجمال، البيع في القانون اللبناني والمصري، الدار الجامعية، 1986.
- مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، العقود المسماة، عقد البيع والمقايضة، مطابع فتى العرب، دمشق، ط6، 1384هـ-1965م.
- د. مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ط1، 1988.
- د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج5، ط3، 1409هـ- 1989م.
- د. وهبة الزحيلي، العقود المسماة.
- الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف، الكويت، ط4، 1414هـ – 1993م.
القوانين :
- القانون المدني الأردني ومذكراته الإيضاحية.
- قانون المعاملات المدنية الإماراتي .
- القانون المدني المصري مع مجموعة الأعمال التحضيرية.
- القانون المدني العراقي .
- القانون المدني السوري.
- قانون الموجبات والعقود اللبناني.
- مجلة الأحكام العدلية.
- مرشد الحيران.