دراسات قانونيةسلايد 1
المبادئ الشرعية والنظامية للعدالة الجنائية في السعودية
مقدمة
الحمد لله القائل: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] والصلاة والسلام على خير خلقه الذي قال فيه: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40]، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28]، وجعل شريعة الإسلام خاتمة الشرائع؛ فقال في محكم التنزيل: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85] وضمنها من المبادئ والأحكام الصالحة لكل زمان ومكان لتحقيق مصالح الناس بحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وكل ما يتعلَّق بها، وسنَّ في سبيل حمايتها من العقوبات ما يردع للأمن ورعاية الحقوق.
“فالشريعة مَبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عَدلٌ كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها؛ فكل مسألة خرَجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبَث – فليست من الشريعة وإن أُدخِلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقِه، وظلِّه في أرضِه”[1].
أهمية الموضوع:
تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق العدالة الجنائية؛ فإن دستورها هو: كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يدَيه ولا مِن خلفه، وسنَّة رسوله – صلى الله عليه وسلم – الذي لا يَنطِق عن الهوى، وقد نصَّت المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم في المملكة[2] أن “المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامَّة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله – تعالى – وسنَّة رسوله – صلى الله عليه وسلم -…”.
ونصَّت المادة السابعة منه على أنه:يَستمدُّ الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله – تعالى – وسنَّة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام (الأساسي) وجميع أنظمة الدولة”.
ونصَّت المادة السادسة والثلاثين على أن: “تُوفِّر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يَجوز تقييد تصرُّفات أحد أو توقيفه أو حَبسه إلا بموجب أحكام النظام”.
ونصَّت المادة الثامنة والثلاثون على أنَّ: “العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نصٍّ شرعيٍّ أو نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنصِّ النظامي”.
يلتزم النظام الأساسي في المملكة بالشريعة الإسلامية العليا وهي: نصوص الكتاب والسنة، وهو مُسيطِر على كافة أنظمة الدولة، وهي مرعية بمراعاتها أحكام الكتاب والسنة.
إن التزام المملكة العربية السعودية بالشريعة الإسلامية يُحقِّق الأمن والأمان للعباد والاستقرار في ربوع المملكة وتحقيق العدالة الجنائية.
منهج البحث:
يلتزم الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي بطريقته العلمية الاستقرائية الاستِنتاجية[3]؛ فهو الأنسب للدراسات الشرعية والنظامية؛ فنؤصِّل مبادئ العدالة الجنائية شرعًا من خلال نصوص القرآن الكريم وبيان السنَّة النبوية وشروحهما من كتب التفسير والحديث، مع إعمال القواعد الفقهية الخاصة بالموضوع في ضوء روح الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية.
ومن الناحية النظامية الرجوع إلى النظام الاساسي للحكم؛ فهو يبيّن شكل الدولة والسلطات فيها (التنظيمية والقضائية والتنفيذية) والعلاقة بينهما، وواجبات الدولة وحقوق الأفراد وحرياتهم، وضرورة وفاء الدولة بها[4].
وهو يحيل إلى النظم المرعية في المملكة، سواء كانت إجرائية كنظام الإجراءات الجزائية السعودية، أم موضوعية صادرة عن السلطة التنظيمية، ومِن أمثلتها نظام مكافَحة الرشوة.
خطة البحث:
يُقسم موضوع (المبادئ الشرعية والنظامية للعدالة الجنائية في المملكة)، إلى أربعة مباحث كالتالي:
المبحث الأول: مبدأ البراءة الأصلية في الشريعَة والنظام.
المبحث الثاني: مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في الشريعة والنِّظام.
المبحث الثالث: شخصيَّة المسؤولية الجنائية في الشريعة والنظام.
المبحث الرابع: عدم رجعية العُقوبات في الشريعَة والنِّظام.
خاتمة:
• أهمُّ النتائج.
• قائمة المراجع.
المبحث الأول
مبدأ البراءة الأصلية في الشريعة والنظام
مفهوم المبدأ في الشريعة
يُجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على أنَّ الأصل في الإنسان براءة ذمته؛ أي: تخلُّصها وعدم انشِغالها بحقّ آخَر، ثم إنهم يَبسُطون هذا الأصل على كافة التكليفات الشرعية وكذلك حقوق الله – عز وجل – وحقوق العباد؛ ذلك أن الإنسان قد خلَقه الله – عز وجل – على الفِطرة السويَّة في اعتقاده، فكان في غير ذلك مِن باب أولى؛ فإذا كان الله – عز وجل – قد خلَق الإنسان على الفِطرة خالي الصفحة من كل معصيَة أو خطيئة، فهو خاليها أيضًا في كل التزام وحقٍّ حتى يقوم سبب موجِب لذلك؛[5] فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مولود إلا يولَد على الفِطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمة بهيمةً جمعاء هل تُحسُّون فيها من جَدعاء؟))[6].
ومِن ثمَّ فإن الأصل في الإنسان البراءة، وتواتَرت أحكام الشريعة على تأكيد هذا المعنى؛ لأن البراءة أصل ولا يزول هذا الأصل إلا بيقين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].
فاليقين أن الإنسان بَريء مما يُنسَب إليه حتى يَثبُت خلاف ذلك؛ فقد روى ابن عباس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لو يُعطى الناس بدعواهم لادَّعى ناسٌ دماء رجال وأموالهم؛ ولكن اليمين على المُدَّعى عليه))[7]، فالأصل في الإنسان البراءة، وجعل البينة في طرف المُدعي دون المدعى عليه؛ إعمالاً لأصل البراءة المفترض في المُدَّعى عليه؛ فعلى مدعي خلاف هذا الأصل عبء الإثبات[8].
أصل براءة المتَّهم: يُعبَّر في الشريعة الإسلامية عن ذلك ببراءة الذمة؛ فالأصل في الإنسان براءة ذمته من الحقوق، وبراءة جسده من الحدود والقِصاص والتعزيرات[9]، والبراءة أصل في الإنسان بِناءً على استِصحاب البراءة الأصلية، وهو استِصحاب العدم الأصلي المعلوم؛ لأن البراءة هي الأصل[10].
وبِناءً على ذلك فتُبنى إدانة المتَّهم على دليل جازم يُثبِت التهمةَ، ويرفع ما ثبَت له أصلاً من افتراض البراءة، وحيث تَفتقِر الدعوى الجزائية إلى مِثل هذا الدليل، فإنه يتعيَّن الحكم بتبرئة المتَّهم[11].
إن أصل براءة المتهم هو مقصد من مقاصد التشريع الإسلامي، ومِن المصالح الضرورية التي يجب الالتزام به، والمُحافَظة عليه؛ لأنه يحمي الحقوق والحريات التي كفلت النصوص حمايتها؛ فقد قال – صلى الله عليه وسلم -: ((فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحُرمة يومكم هذا، في شَهرِكم هذا، في بلدكم هذا، ليُبلغ الشاهد الغائب؛ فإن الشاهد عسى أن يُبلِّغ مَن هو أوعى له منه))[12].
وليس أدلَّ على أن أصل البراءة مِن مقاصد التشريع الإسلامي من قوله – تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 112]، “فهذه الآية تدعو إلى ضرورة حماية البراءة في كل إنسان من أن يُصيبها العدوان مِن قِبَل متعمِّد، أو مُخطِئ يُريد أن يقذف شخصًا هو في الأصل بريء؛ مما يُوحي معها أن البراءة أمر هائل ثقيل الوزن في ميزان الله”[13].
وإن مقاصد الشريعة الإسلامية مِن الأدلَّة القطعيَّة الثابتة بالاستقراء الكلي لكل مصادرها[14]، ومن القواعد الأصولية في الإسلام أن الإنسان يُولَد على الفِطرة، فلا يرتكب الجريمة؛ لأنها أمر شاذٌّ، وبالتالي فالأصل فيها العدم، والعدم يقين، واليقين لا يَزول إلا بيقين مثله، فلا يزول بالشك، والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يَثبُت عَكسُه.
وكذلك تُعتبر البراءة أصلاً في الإنسان بِناءً على الاستصحاب، ومِن أنواع الاستصحاب، استِصحاب البراءة الأصلية وهو “استِصْحاب العدم الأصلي المعلوم، وذلك كبراءة الذمَّة مِن التكاليف حتى يقوم الدليل على التكليف بأمر من الأمور، فإذا لم يَقُم دليل: بقي ما كان على ما كان، وهو: أن كل شيء مباح للإنسان؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة”[15].
وعلى ذلك فمِن حقِّ كل مُتَّهم في الإسلام أن تُفترَض براءته إلى أن يُقدِّم الدليل الذي يَصِل إلى حدِّ الجزم واليَقين، يَدحَضُ هذه البراءة بِناءً على حكم نهائي بذلك، وبالتالي فكل شكٍّ يُفسَّر لصالحِه؛ لأنه يُقوّي جانب أصل البراءة فيه، فالإدانة تقوم على اليقين، أما البراءة فتقضى بِناء على الشك والاحتمال”[16].
وإن الأمر المتيقَّن هو البراءة، وإن الإدانة شكٌّ فلا يَزول الأمر المتيقن – وهو البراءة – بهذا الشك الطارئ حتى يَثبُت ذلك الشك باليقين؛ فالأصل أن المتَّهم بريء مما نُسب إليه من الفعل أو الجريمة حتى يَثبُت ذلك باليقين، فتزول عنه صفة البراءة وتثبت بحقِّه الإدانة.
فلا يَصِحُّ الحكم بالعقوبة إلا بعد التثبُّت من أن الجاني ارتكب الجريمة، وأن النصَّ المُحرَّم مُنطبِق على الجريمة، فإن كان هناك شكٌّ في أن الجاني ارتكب الجريمة، أو في انطِباق النص المُحرم على الفعل المنسوب إلى الجاني، وجَب الحكم ببراءته؛ لأن براءة المُجرِم في حال الشك خير للجماعة، وأدعى إلى تحقيق العدالة مِن عقاب البريء مع الشك.
مبدأ البراءة الأصلية في النظام:
نَصُّ النظام الأساسي للحكم في مادته السادسة والعشرين على أنه: “تَحمي الدولة حقوق الإنسان وَفق الشريعة الإسلامية”.
وحيث إن المملكة تتَّخذ الشريعة الإسلامية دستورًا ومنهاجًا، وأن قاعدة الأصل في المتَّهم البراءة؛ فقد وردَت نصوص في نظام الإجراءات الجزائية السعودي، وغايته استيفاء حق الدولة في توقيع الجزاء على المُدان مع المحافظة على الحقوق الأساسية للإنسان، ومنها حقُّه في البراءة الذي يظلُّ قائمًا حتى يَصدُر حكم نهائي بالإدانة، فنصَّت المادة الثانية على أنه: “لا يَجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه أو سَجنُه، إلا في الأحوال المنصوص عليها نظامًا، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصَّصة لكلٍّ منهما، وللمدة المُحدَّدة مِن السلطة المختصَّة”.
ونصَّت المادة الثالثة على أنه: “لا يَجوز توقيع عقوبة جزائية على أيِّ شخص إلا على أمر مَحظور، ومُعاقَب عليه شرعًا، أو نظامًا، وبعد ثبوت إدانته بِناءً على حكم نهائي بعد محاكمة تجري وَفقًا للوجه الشرعي”.
وهكذا يتَّضح: أن المنظِّم السعودي قد نصَّ صراحة على أن الأصل في المتهم البراءة؛ وذلك تمشيًا مع الشريعة الإسلامية التي تُعتبَر دستور ومِنهاج المملكة.
المبحث الثاني:
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في الشريعة والنظام
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في الشريعة
وهو مبدأ قرَّرته الشريعة الإسلامية، وجعلته نقطة انطلاق للتجريم والعقاب؛ حيث لا توجد جريمة أو عقوبة من موجبات الحدود والقِصاص إلا وهناك نصٌّ أو دليل شرعي تستند اليه، ويُستدَلُّ على مضمون هذا المبدأ من عدة نصوص قرآنية؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]، فهذه الآية تنصُّ على أن الله لم يَترُك الخلقَ سُدًى بل أرسل إليهم رسلاً، وفي هذا دليل على أن الأحكام لا تَثبُت إلا بالشرع،[17] وقد استنتَج الفقهاء من هذه الآية مبدأ: “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصٍّ”.
ومن قوله تعالى: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 165]، فهذا النص القرآني واضِح الدَّلالة على أن العمل بهذه القاعدة – قاعدة شرعية – على سبيل الإطلاق بما في ذلك الشقُّ الجنائي.
من القواعد الفقهيَّة العامة عند فقهاء الشريعة الإسلاميَّة، والتي تتضمَّن مبدأ الشرعية الجنائية قولهم: “الأصل في الأشياء الإباحة”[18]، فلما لم يَرِد نصٌّ بتحريمه فلا مسؤولية على فاعله أو تاركه، فلا حرَج قبل ورود النصِّ في إتيان الفعل أو ترْكه.[19]
ومثله قولهم: “لا حكم لأفعال العقلاء قبل وُرود الشرعِ”[20]؛ أي: إن الأفعال في الأصل لا محظورة ولا مُباحة؛ ولذلك لا حرَجَ في إتيانها أو تَركِها حتى يَرِد نصٌّ أو دليل على حَظرِها أو إباحتها، ولا فرقَ بين هذه القاعدة والقاعدة السابقة عليها مِن حيث مبدأُ: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصٍّ؛ فلا يُمكن وصف الفعل بأنه جَريمة، ولا يُمكن المعاقبة عليه حتى يقود الدليل الشرعي على التجريم والعقاب.
ويُقصَد بشرعية الجرائم في نطاق النظام الجنائي الإسلامي: البحث في مدى انطباق الشق الأول من مبدأ “لا جريمة إلا بنصٍّ” على جرائم الحدود والقصاص والتعزيز، “ولقد طُبِّق هذا الشق على جرائم الحدود والقصاص تطبيقًا دقيقًا؛ حيث وردت بشأنها جميعًا نصوص تجريميَّة، وقد سُميَت بالجرائم ذات العقوبات المُقدَّرة لهذا السبب؛ حيث حُدِّدت العقوبات سلفًا بالنص الشرعي”[21].
وإن وصْف المحظور بالحَظرِ لا يتحقَّق إلا إذا وجد حُكمان:
أولهما: الحكم التكليفي؛ يَقتضي مِن المُكلَّف طلب فعل أو الكف عن الفعل.
ثانيها: حكم وضعي، يُبيِّن العقوبة المقرَّرة في حالة مخالفة المكلَّف للحكم التكليفي[22].
ولا يَكفي لقيام الجريمة وتحقُّق وَصفِها بذلك مجرد إتيان هذين المحرَّمين من فعل محرَّم أو ترك واجب؛ بل لا بدَّ مِن أن تُقرَّر لكل منهما عقوبةٌ دنيوية، حدًّا كانت أم قصاصًا أم تعزيرًا.
وبهذا يُمكن القول: إن المشروعية الجنائية في الفقه الإسلامي تستند إلى حكم تكليفي ورَدَ بشأنه نص صريح من الشارع، ولا يَكفي في ذلك ترك وصف المشروعية للعقل أو المَنطِق؛ بل لا بد من وجود نصٍّ خاص يُحدِّد صراحة الحكم التكليفي فتتحدَّد به الجريمة، كما يَصف الحكم الوضعي فتتحدَّد به العقوبة من حيث سببُها وشروطها وما يتعلَّق بها مِن موانع، ومِن ثَمَّ فإن الفعل المحرَّم لا يُعتبَر جريمة إلا بتقرير عقوبة دُنيويَّة عليه، سواء أكانت العقوبة حدًّا أو قصاصًا أو تعزيزًا، وهذا هو مبدأ الشرعية، ومؤدَّاه أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصٍّ.[23]
فالتجريم والعقاب في الشريعة الإسلامية يقوم على مبدأ الشرعية الجنائية، ويكون إعمال مبدأ الشرعية في الجرائم والعقوبات، إما أن تكون ذات عقوبة مُقدَّرة منصوص عليها كما الحال في جرائم الحدود والقصاص بذات العقوبة المقدَّرة؛ لأنها جميعًا وردت بشأنها نصوص تجريميَّة وحُدِّدت لها عقوبات بالنصِّ الشرعي.[24]
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في النظام:
إن الشريعة الإسلامية هي المرجعية العليا لجميع الأنظمة والسلطات، وفي ضوئها تَصدُر التشريعات – القوانين أو الأنظِمة – فإن الأحكام تبعٌ لذلك، وقد جاء النص صريحًا في النظام الأساسي للحكم في أن صدور جميع الأحكام، ومنها الاحكام الجنائيَّة التي تُصدِرها المحاكم تكون طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وجاء في المادة (48) من النظام الأساسي للحكم ما نصه: “تُطبِّق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقًا لما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، وما يُصدِره وليُّ الأمر من أنظمة لا تتعارَض مع الكتاب والسنَّة”.
والسلطة التنظيمية وفقًا للمادة (67) من النظام الأساسي للحكم مقيَّدة في ممارسة اختِصاصاتها من خلال وضع الأنظمة واللوائح وفقًا لقواعد الشريعة، وهذا من خلال استنباط الأحكام التفصيلية من أدلتها وقواعدها الكلية ومَصادرِها المعتمدة.
ولما كان النص الدستوري واضحًا في أن مرجعية الشريعة الإسلامية في الأحكام، وتحديدًا القضايا الجنائية نصَّت المادة الأولى من نظام الإجراءات الجزائية[25] على أن: “تُطبِّق المحاكم على القضايا المعروضةِ أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وَفْقًا لما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة وما يُصدِره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارَض مع الكتاب والسنَّة”، وَفْقًا للمادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية ونصُّها: “لا يَجوز توقيع عقوبة جزائية على أيِّ شخص إلا على أمر مَحظور، ومُعاقَب عليه شرعًا أو نظامًا، وبعدها ثبوت إدانته بِناءً على حكم نهائي بعد محاكمة تَجري وفقًا للوجه الشرعي”.
ومن الأمثلة للجرائم التعزيزية وعقوبتها:
صدور نظام مكافَحة الرِّشوة في المملكة العربية السعودية بالمرسوم الملكي رقم (م / 36) بتاريخ 29 / 12 / 1412هـ.
والرشوة هي: جريمة الموظَّف العام الذي يَطلُب أو يقبَل أو يأخذ وعدًا أو عطيةً لأداء عمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة، أو الإخلال بواجباتها في أيِّ صورة.
وقد ورَد النصُّ على التجريم والعقاب في الرشوة الأصلية (بمعناها الدقيق) في النظام السعودي في المواد (1 – 3) من نظام مكافحة الرشوة؛ وبيَّنت الجرائم وعقوبتها في المادة الأولى والتي نصُّها: “كل موظَّف عام طلَب لنفسه أو لغيره أو قَبِل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفتِه، ولو كان هذا الامتناع مشروعًا – يعدُّ مُرتشيًا ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوَز عشر سنوات، وبغرامة لا تَزيد عن مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظَّف إلى عدم القيام بالعمل الذي وُعِد به”.
المبحث الثالث:
مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية في الشريعة والنظام
مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية في الشريعة
قال تعالى: ﴿ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 93]، وقال سبحانه: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
تعرف المسؤولية الجنائية بأنها: استحقاق مرتكب الجريمة العقوبة المقررة لها. وتتعلق هذه المسؤولية بفاعل آخر أخل بما خوطِب به مِن تكليف جنائي، فحقَّت عليه العقوبة المُقرَّرة لحماية هذا التكليف.
هذا هو تَعريفنا للمسؤولية الجنائية في ذاتها، أما جانبها المُفترَض فهو الأهليَّة الجنائية إذ يُفترَض أن يَكون الفاعل قد توافرتْ لديه الأهلية الجنائية حتى يُمكن مساءلته جنائيًّا عما يَصدُر عنه من أفعال، ومفاد هذا أنه إذا تخلَّفت أهليته الجنائية انتفَت مسؤوليته الجنائية عنها، أما عُنصُرا المسؤولية الجنائية فهما القدرة على الإدراك والقدرة على الاختيار.[26]
“إن المسؤولية الجنائية تعني: أن يتحمل الإنسان نتائج الأفعال المحرَّمة التي يأتيها وهو مختار ومُدرِك لمعانيها ونتائجها”[27].
إن اصطِلاح أساس المسؤولية الجنائية إن لم نجدْه بنفس التعبير في الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، فإنه مُحدَّد بنَصٍّ صريح في عِدة آيات من القرآن الكريم، المصدر الأصيل والمرجع الأول والحكم العادل؛ فقد قال – سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، حمَلها الإنسان الذي تميَّز من بقية الخلائق بالإرادة والإدراك، ويَهتدي إلى ناموس ربه بتدبيره وتبصره، ويعمل وفق هذا الناموس بإرادته وإدراكه فيُقاوم انحرافاته ونزعاته ومجاهدة ميوله وشهواته، هذا المخلوق الصغير حجمًا، القليل قوة، الضعيف حولاً، المحدود عمرًا – حمَل هذه الأمانة وتقبَّل اقتِحام مخاطرها، أنه بذلك ظلوم لنفسه وجهول لطاقته إذا ما قورنت بضخامة مسؤوليته.
بيد أن هذه المميزات من الإدراك والإرادة وتحمُّل المسؤولية أمانة التكليف، هي التي كانت مناط تكريمه المنصوص عليه في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وأساسًا لسيادته على خلائق هذا الكون المسخَّر لخِدمته؛ ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ [الجاثية: 13]، ومِن هنا نستطيع في ضوء القرآن الكريم أن نَصِل إلى حقيقة واضحة وهي أن: أساس اختيار الإنسان من بين موجودات هذا الكون لحَمل أمانة التكليف والمسؤولية هو امتيازه بالإرادة والإدراك؛ غير أن هذا لا يَعني أن كل إنسان مُريد ومُدرِك، سوف يُصبِح محلاًّ للمَسؤولية الجنائية بل سيظلُّ مكرمًا مُعزَّزًا سيدًا من بين الخلائق مالم يَرتكِب عن وعي وإدراك واختيار خطيئة خيانة الأمانة التي كلِّف بها هو وحده.
وانطلاقًا من هذه الحقيقة يتَّضح لنا أن أساس مسؤولية الإنسان الجنائية هو الخطيئة أو الخطأ التي تتكوَّن من ثلاثة عناصر: الإدراك، الاختيار، وخيانة الأمانة أو السلوك الإجرامي، ويؤكِّد هذه الحقيقة ما ورَد في النصوص القرآنية الأخرى من الآيات التالية:
1- قوله تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 81].
2- قوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 97].
3- قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 29].
4- قوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾ [القصص: 8].
وتدلُّ هذه النُّصوص وغيرها بوضوح على أن أساس المسؤولية الجنائية هو الخطيئة، وخلاصة القول أن القرآن الكريم قرَّر مبدأ شخصيَّة المسؤولية في كثير من آياته، ومنها قوله – عز وجل -: ﴿ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164]، ففي الآية إخبار من المولى – عز وجل – بأنه تعالى لا يؤاخذ أحدًا بذنب غيره، وأنه لا يُعذِّب الأبناء بذنب الآباء،[28] فلا تحلُّ نفسٌ غير مُذنِبة محلَّ غيرها في العقوبة، وإنما تؤخَذ كل نفسٍ بجَريرتها التي اكتسبتها، “وهذا إنما بيَّنه – تعالى – لهم ردًّا على اعتِقادهم في الجاهلية مِن مؤاخَذة الرجل بابنه، وأبيه بجَريرة حليفه”[29].
وفي مَعرِض تقرير الشريعة لهذا المبدأ يقول الله – عز وجل -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38][30].
مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية في النظام:
وفي ضوء تقرير الشريعة لمبدأ شخصية المسؤولية فغاية ما يَرمي إليه الدستور السعودي في تقرير هذا المبدأ وهو ما أخذتْ به الشريعة الإسلامية، وسبَقت إليه في تقرير هذا المبدأ فالحاكم على الدستور السعودي الشريعة الإسلامية،[31] وهذا المبدأ مِن مُقتضيات تَحقيق العدالة التي قرَّرها الدستور السعودي.[32]
ورغم كون مبدأ شخصيَّة العقوبة مبدأً راسخًا في النظام الأساسي للحكم لمُطابقتِه للشريعة الإسلامية، ومع أن هذه المسألة واضحة وداخلة ضمنًا في مواد أخرى تضمَّنها الدستور السعودي إلا أن النظام السعودي حرص على تأكيد هذا المبدأ في مادة مُنفصِلة مستقلَّة تنصُّ على أن “العقوبة شخصية، ولا جَريمة ولا عقوبة إلا بِناءً على نصٍّ شرعي أو نظامي”[33]، وهذه الضمانة الدستورية لهذا المبدأ متفرِّعة عن مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية، فكما أن العقوبة لا تَنزل بغير صاحبها، فلا يُسأل عن الجريمة إلا صاحبها، فالجريمة لا يؤخَذ بجريرتها غير جُناتها.
وترجمة لهذا المبدأ الدستوري قامَت الأنظمة التعزيرية في المملكة العربية السعودية على مبدأ شخصيَّة المسؤولية، ومِن ذلك في عقوبة المُخدِّرات، وعقوبة الإبعاد، وعقوبة الغرامة، وعقوبة المصادرة، وعقوبة الرشوة، وعقوبة التزوير.[34]
المبحث الرابع
عدم رجعيَّة العقوبات في الشريعة والنظام
مبدأ عدم رجعية العقوبات في الشريعة
إن من أهمِّ نتائج مبدأ الشرعية الجنائية أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور النصوص الجنائية المُجرِّمة وهو ما يُعبَّر عنه بقاعدة: “عدم رجعية النصوص الجنائية”.
ويُقصَد بقاعدة عدم رجعية النصوص الجنائية: عدم جواز مُعاقَبة شخصٍ عن فعلٍ لم يكن مُعاقبًا عليه وقت اقترافه إياه، وكذلك عدم جواز مُعاقَبة شخص بعقوبة أشدَّ من العقوبة التي كانت مُقرَّرةً للفعل الذي اقترَفه وقت اقترافه[35].
وهي قاعدة لها أساسها في مجال الفقه الجنائي الإسلامي؛ فالشريعة الإسلامية لا تُقرِّر عقابًا لشخص إلا إذا أُنذر سالفًا؛ قال تعالى ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]، وقال: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ [القصص: 59]، وقال – جل شأنه -: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]، في ذلك يُقرِّر القاضي أبي يَعلى الحنبلي أنه عند تقرير عقوبات تعزيرية يَجب على الحاكم أن يُقدِّم الإنكار ولا يعجَل التأديب قبل الإنذار[36].
الأثر الرجعي للنصِّ الأصلَح للمُتَّهم:
تَكمُن العِلَّة في تقرير قاعدة عدم الرجعية في العمل على مصلحة المتَّهم، وهي قاعدة مُقرَّرة لمصلحة المتَّهم حتى لا يُفاجأ بجزاء لم يُنذَر به وقت أن اقترَف أو تورَّط في اقتراف السلوك المُجرَّم، وإذا كانت مصلَحة المتَّهم هي التي اقتضَت تقرير هذه القاعدة فهي أيضًا التي اقتضَت تجاوزها من أجلِ هذه المصلحَة، وذلك في الحالات التي يكون النص الجديد في صالحِه، ولذا في مجال إعمال قاعدة عدم الرجعية إنما يَنحصِر بالنسبة للقواعد الموضوعية في النصوص التي تأتي بأحكام تعدُّ أسوأ بالنسبة للمتَّهم، أو تُوسِّع من نطاق التجريم بصورة تضرُّ بمركز المتَّهم، ويَكون التجاوز عن قاعدة عدم الرجعية لصالح المتَّهم بإعمال الأثر الرجعي للنصوص الجديدة.
المقصود بالنصِّ الأصلح للمتَّهم:
النص الجنائي الأصلح هو النصُّ الموضوعي الذي يأتي بميزة للمتَّهم، وهذه الميزة قد تتمثَّل في تخفيف الجزاء أو الإعفاء منه أو محو صفة الجريمة نهائيًّا عن الفعل.
ويأخذ التخفيف صورًا مُتعدِّدة، مثالها:
1- استبدال عقوبة سالبة للحرية بالعقوبة السالبة للحياة.
2- استبدال عقوبة الغَرامة بعقوبة الحَبس.
3- جعل العقوبة مُتراوِحة بين حدَّين بعد أن كانت ذات حدٍّ واحد أعلى من الحد الأدنى الجديد.
4- منْح القاضي سلطة تقديرية أكبر، والسماح له بالاختيار بين الجزاء الذي كان مُقرَّرًا للجريمة وجزاءات أخرى أخف.
5- النزول بالحدِّ الأدنى للجزاء المقرَّر بالنصِّ مع ثبات الحدِّ الأعلى.
6- النزول بالحد الأعلى للجزاء المقرَّر بالنص مع ثبات الحد الأدنى.
7- النزول بالحدَّين الأدنى والأعلى للجزاء المقرَّر بالنص[37].
مبدأ عدم رجعية العقوبات في النظام:
يُقصد بهذا المبدأ: أن النُّصوص الجنائية لا تَسري إلا بعد صدورها وعِلم الناس بها، ومِن ثَمَّ فهي لا تَسري على الوقائع السابقة على صدورها أو العلم بها.
ومُقتضى هذا المبدأ أن النصوص الجنائية ليس لها أثر رجعي، وأن التجريم يعاقب عليه بالنصوص المعمول بها وقت هذه الجرائم [38].
وقد نصَّت المادة (38) من النظام الأساسي للحكم من الدستور السعودي على: “ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنصِّ النظامي”، وهذا تأكيد أن المملكة العربية السعودية قد جعلت الشريعة أساس أنظمتها.
استثناءات قاعدة عدم رجعيَّة القانون الجزائي:
تتَّفِق القوانين الوضعية مع الشريعة الإسلامية على وجود خمسة استثناءات لقاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية إلا أنه تَختلِف معها في مضمون بعضها، نبيِّنها فيما يلي:
• رجعية التشريعات الجزائية الموضوعية الأصلح للمتَّهم:
لقد ذكرْنا أنه لا أثر رجعي للقانون الجزائي، وبيَّنا فيما تقدم أنه يتضمَّن بعض الاستثناءات التي تَخدم المحكوم عليهم بموجب قوانين جديدة، كما وأن لكلِّ قاعدة استثناءً فاستثناءات قاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية تَنحصِر في اختيار العقوبة الأنسَب للمَحكوم عليه بين قانونين: قانون قَديم طُبِّق عليه، وقانون جديد، ويكون القانون الجديد أصلح للمَحكوم عليه في النقاط التالية:
1- إذا أُلغي نَصُّ التجريم.
2- إذا عدِّل شروط التجريم تعديلاً ينفَع المحكوم عليه.
3- إذا أُلغيت العقوبة المنصوص عليها في القانون القديم أو خُفِّفت.
4- إذا عُدِّلت طريقة تنفيذ إحدى العقوبات تعديلاً يغيِّر ماهيتها، وفيه مراعاة للمُدعى عليه أو المحكوم عليه.
5- إذا عُدِّل حق الملاحقة بما يتَّفق مع مصلحة المُدَّعى عليه.
6- إذا عُدِّل القانون ميعاد التقادُم على جرم أو عقوبة سَرى هذا الميعاد وفقًا للقانون، على أن لا يتجاوز مداه الميعاد الذي عيَّنه القانون الجديد، تبدأ مدته من يوم نَفاذه.[39]
خاتمة
تتحصَّل في النتائج الآتية:
• إن التزام المملكة العربية السعودية بالشريعة الإسلامية يُحقِّق الأمن والأمان للبلاد والعباد، ويحقِّق العدالة الجنائية.
• إن النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية والأنظمة الجنائية يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
• إن أساس البراءة في الشريعة الفطرة التي فطَر الله الإنسان عليها، وأكَّدتها القواعد الفقهية من استصحاب الحال، وأن اليَقين لا يزول بالشكِّ، وأن نصوص النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية التزمَت بها.
• إن أساس مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات نصوص من القرآن الكريم، ثم القاعدة الفقهية “الأصل في الأشياء الإباحة”، ونصوص من النظام الأساسي، ونظام الإجراءات الجزائية، والنظم التعزيرية في المملكة.
• إن مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية، ومبدأ عدم رجعية العقوبات في الشريعة أساسهما نصوص صريحة من القرآن الكريم، ونصوص في النظام الأساسي للحكم في المملكَة والأنظمة التعزيريَّة.
وآخِر دعونا أن الحمد لله ربِّ العالَمين
المصادر والمراجع:
• إثبات موجبات الحدود والقِصاص والتعازير في الشريعة والقانون؛ محمد محيي الدين عوض، (الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية)، (ط 1417هـ).
• أحكام القرآن؛ أحمد بن علي الرازي أبو بكر الجصاص، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي، (بيروت، دار إحياء التراث) (ط 1405 هـ).
• أحكام القرآن؛ أبو بكر محمد بن عبدالله بن العربي، (بيروت، دار الفكر للطباعة) (د ت).
• إعلام الموقِّعين عن رب العالمين؛ لابن قيم الجوزية، تحقيق: مشهور بن حسن آل سليمان (السعودية، الرياض، دار ابن الجوزي، ط 1، رجب 1423 هـ).
• الأحكام السلطانية؛ لأبي يَعلى الفراء، تصحيح وتعليق: محمد حامد الفقي، (القاهرة) (ط 1357 هـ).
• الأحكام العامَّة للنظام الجزائي في ضوء أنظمة المملكة السعودية؛ عبدالفتاح الصيفي (الرياض، جامعة الملك سعود – كلية العلوم الإدارية) (ط 1416 هـ).
• الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية؛ جلال الدين السيوطي، الطبعة الأولى (بيروت، دار الكتب العلمية) (ط 1399 هـ).
• الجامع لأحكام القرآن؛ عبدالله بن أحمد الأنصاري القرطبي، (القاهرة، المطبعة الأميرية) (ت د).
• الجامع لمسائل أصول الفقه؛ عبدالكريم بن علي النملة،، ط 4 (الرياض مكتبة الرشد)، (ط3 142هـ).
• الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي؛ محمد أبو زهرة، (القاهرة، دار الفكر العربي)،(د ت).
• الحسبة في النظام الأساسي للحكم؛ فؤاد عبدالمنعم أحمد، بحث ضمن ندوة الحسبة التابعة للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• الحق في العدالة الجنائية، من مجموعة بحوث أعمال الندوة العلمية؛ محمد محيي الدين عوض، حقوق الإنسان بين الشريعة والقانون الوضعي، الطبعة الأولى، (الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم ألأمنية)، (ط 1422 هـ – 2011م).
• الحماية الجنائية للحق في أصول البراءة دراسة مقارنة؛ عبدالمنعم سالم الشيباني، الطبعة الأولى، (القاهرة، دار النهضة العربية) (ط 1427 هـ).
• شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات؛ أحمد شوقي أبو خطوة، (القاهرة، دار النهضة العربية) (ط2003م).
• علم أصول الفقه؛ عبدالوهاب خلاف، ط 8، (القاهرة، مكتبة الدعوة الإسلامية – شباب الأزهر)، (ط 1956 م).
• فتح الباري بشرح البخاري؛ لابن حجر العسقلاني، (بيروت، دار المعرفة)، (ت د).
• الفقه الجنائي الإسلامي – القسم العام؛ فتحي بن الطيب الخماسي، الطبعة الأولى، (دمشق، دار قتيبة) (ط 2004 م).
• في أصول النظام الجنائي الإسلامي؛ محمد سليم العوا، دراسة مقارنة، الطبعة الثالثة، (القاهرة، نهضة مصر).
• قواعد الأحكام في مصالح الأنام، لابن عبدالسلام، العز بن عبدالسلام، تحقيق: نزيه حماد وعثمان جمعة ضميرية، الطبعة الأولى، (دمشق، دار القلم)، (ط1 142 هـ – 2000 م).
• “المبادئ الجنائية الدستورية في النظام الإسلامي للحكم في المملكة العربية السعودية؛ خالد بن عبدالله الشافي، أطروحة مقدمة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الفلسفة في العلوم الأمنية، (الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية) (ط1 143 هـ 2010).
• المحصول في أصل الفقه؛ لابن العربي، أبو بكر، تحقيق: حسين بن علي البدري، سعيد فوده الطبعة الأولى، (عمان، دار البيارق، 420 1هم – 999 1م).
• المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة بالقانون؛ مصطفى إبراهيم الزلمي، (مطبعة أسعد بغداد)، (ط 1981م – 1982م).
• “الموافقات؛ إبراهيم بن موسي الشاطبي، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، الطبعة الأولى،(مصر، دار بن عفان)، (ط1421هـ).
• “النظام الجنائي أسُسه العامة في الاتجاهات المُعاصِرة والفقه الإسلامي، عبدالفتاح خضر، (معهد الإدارة العامة، المملكة العربية السعودية) (ط 1402هـ1982م).
فهرس الموضوعات
الموضوع | رقم الصفحة |
أهمية الموضوع | 2 |
منهج البحث | 3 |
خطة البحث | 4 |
المبحث الأول: | 5 |
مبدأ البراءة الأصلية في الشريعة والنظام | 5 |
مفهوم المبدأ في الشريعة | 5 |
مبدأ البراءة الأصلية في النظام | 8 |
المبحث الثاني: | 10 |
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في الشريعة والنظام | 10 |
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في الشريعة | 10 |
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في الشريعة والنظام | 12 |
المبحث الثالث: مبدأ شخصيَّة المسؤولية الجنائية في الشريعة والنظام | 14 |
مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية في الشريعة | 14 |
مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية في النظام | 16 |
المبحث الرابع: عدم رجعية العقوبات في الشريعة والنظام | 18 |
مبدأ عدم رجعية العقوبات في الشريعة | 18 |
مبدأ عدم رجعية العقوبات في النظام | 19 |
خاتمة | 21 |
المصادر والمراجع | 22 |
[1] إعلام الموقعين عن رب العالمين؛ لابن قيم الجوزية، تحقيق، مشهور بن حسن آل سليمان (السعودية، الرياض، دار ابن الجوزي، ط 1، رجب 1423هـ) (4: 337).
[2] الصادر بالأمر الملكي (أ – ١: ٩) وتاريخ 27: 12: 1412هـ.
[3] كتابة البحث العلمي صياغة جديدة؛ عبدالوهاب أبو سليمان، الطبعة العاشرة، (الرياض، مكتبة الرشد) (ط 2009م)، (ص: ٣٢، ٣٣، ٦٤، ٦٥).
[4] الحسبة في النظام الأساسي للحكم؛ فؤاد عبدالمنعم أحمد، (4: ١١٨، ١١٩)، ضمن أبحاث ندوة الحسبة وعناية المملكة العربية السعودية، الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خلال الفترة من 11 – 12 / 4 / 1431هـ.
[5] قواعد الأحكام في مصالح الأنام؛ لابن عبدالسلام، العز بن عبدالسلام، تحقيق: نزيه حماد وعثمان جمعة ضميرية، ط1 (دمشق، دار القلم، 1421هـ – 2000م) (2: 52).
[6] صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب “إذا أسلم الصبيُّ فمات، هل يُصلَّى عليه؟”، رقم:1271، صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى: ((كل مولود يولد على الفطرة)) وحكم الموت، رقم803.
[7] صحيح البخاري؛ لمحمد بن إسماعيل البخاري، كتاب تفسير القرآن الكريم، باب: “إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم”، رقم ٤١٧٨، صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن حجاج بن مسلم، كتاب الأقضية، باب: اليمين على المدعى عليه، رقم 3228.
[8] قال ابن حجر العسقلاني: “قال العلماء: الحِكمة في ذلك لأن جانب المُدَّعي ضعيف؛ لأنه يقول خلاف الظاهر فكُلِّف الحجَّة القوية، وهي البيِّنة؛ لأنها لا تَجلب لنفسها نفعًا ولا تدفع عنها ضررًا فيقوى بها ضعف المدَّعي، وجانب المدعى عليه قوي؛ لأن الأصل فراغ ذمته فاكتفى باليمين وهي حجة ضعيفة”؛ فتح الباري بشرح صحيح البخاري؛ لابن حجر العسقلاني، (بيروت، دار المعرفة (دون تاريخ) (5: ٢٨٣).
[9] قواعد الأحكام في مصالح الأنام؛ لابن عبدالسلام، مرجع سابق (2: 65).
[10] المحصول في أصل الفقه؛ لابن العربي، أبو بكر، تحقيق: حسين بن علي البدري، سعيد فودة، ط١، (عمان، دار البيارق،1420هـ – 1999م) (ص: 130).
[11] في أصول النظام الجنائي الإسلامي؛ محمد سليم العوا، دراسة مقارنة، ط 3 (القاهرة، نهضة مصر) (ص: 124).
[12] الجامع الصحيح؛ محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البغا، مرجع سابق، كتاب العلم، باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((رُبَّ مبلغ أوعى من سامع))، رقم الحديث: 67، (1: 37).
[13] الحماية الجنائية للحق في أصل البراءة دراسة مقارنة؛ عبدالمنعم سالم الشيباني، ط 1 (القاهرة، دار النهضة العربية، 1427هـ) (ص: 61).
[14] الموافقات؛ إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، ط1 (مصر، دار ابن عفان،1421هـ، 1: 18 – 19 – 20).
[15] الجامع لمسائل أصول الفقه؛ عبدالكريم بن علي النملة، ط4؛ (الرياض، مكتبة الرشد،1423هـ) ص375.
[16] الحق في العدالة الجنائية، من مجموعة بحوث أعمال الندوة العلمية؛ محمد محيي الدين عوض، حقوق الإنسان بين الشريعة والقانون الوضعي، ط 1 (الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 1422هـ 2001م) (2: 494).
[17] الجامع لأحكام القرآن؛ عبدالله بن أحمد الأنصاري القرطبي، (القاهرة المطبعة الأميرية) (ت د)، (10: 231).
[18] الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية؛ جلال الدين السيوطي، الطبعة الأولى، (بيروت، دار الكتب العلمية)، (ط 1399 هـ)، (ص:60)، الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان؛ ابن نجيم زين العابدين بن إبراهيم، (لبنان دار الكتاب العلمية) (1400هـ)، (ص: 66).
[19] إثبات موجبات الحدود والقصاص والتعازير في الشريعة والقانون؛ محمد محيي الدين عوض، (الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الامنية) (ط 1417هـ)، هامش (ص: 15).
[20] الإحكام في أصول الأحكام، سيف الدين علي بن أبي علي محمد بن سالم الآمدي، (بيروت دار الكتب العربية) (ت د)، (1: 130).
[21] الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي؛ محمد أبو زهرة، (القاهرة دار الفكر العربي) (د. ط) (ص: 32).
[22] يُعرَّف الحكم التكليفي في الفقه الإسلامي بأنه: “الخطاب المتعلِّق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير”، وكما يعرف الحكم الشرعي هو: “خطاب الشرع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين طلبًا أو تخييرًا أو وضعًا، والحكم الوضعي هو “ما اقتضى وضع شيء سببًا لشيء أو شرطًا له أو مانعًا له”؛ علم أصول الفقه؛ عبدالوهاب خلاف، ط 8، (القاهرة، مكتبة الدعوة الإسلامية شباب الأزهر) (ط1956م)، (ص: 100) وما بعدها.
[23] الأحكام العامة للنظام الجنائي في ضوء أنظمة المملكة السعودية؛ عبدالفتاح الصيفي، (الرياض جامعة الملك سعود – كلية العلوم الإدارية) (ط 1415هـ)، (ص: 79).
[24] الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي؛ محمد أبو زهرة، د.ت (القاهرة، دار الفكر العربي)، (ص: 45).
[25] صدر نظام الإجراءات الجزائية بالمرسم الملكي رقم (م: 39) وتاريخ 28 / 7 / 1422هـ.
[26] الأحكام العامة للنظام الجزائي؛ عبدالفتاح مصطفى الصيفي، (جامعة الملك سعود، الرياض) (1416هـ)، (ص: 449 – 440).
[27] المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة بالقانون؛ مصطفى إبراهيم الزلمي، (مطبعة أسعد، بغداد) (ط1981م – 1982م)، (1: 9).
[28] أحكام القرآن؛ أحمد بن علي الرازي أبو بكر الجصاص، تحقيق: محمد الصديق قمحاوي، (بيروت دار إحياء التراث)، (ط 1405هـ)، (4: 200).
[29] أحكام القرآن؛ أبو بكر بن محمد بن العربي، (بيروت دار الفكر للطباعة) (د ت)، (2: 300).
[30] شرح الأحكام العامة لقانون العقوبات؛ أحمد شوقي أبو خطوة، (القاهرة دار النهضة العربية) (ط2003م)، (ص: 616).
[31] المادة (7) من النظام الأساسي، مرجع سابق.
[32] المادة (8) من النظام الأساسي، مرجع سابق.
[33] المادة (38) من النظام الأساسي، مرجع سابق.
[34] المبادئ الجنائية الدستورية في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية؛ خالد بن عبدالله الشافي، أطروحة مقدمة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الفلسفة في العلوم الأمنية، (الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية) (1431هـ 2010)، (ص: 137 – 138).
[35] في النظام الجنائي الإسلامي؛ للعوا، (ص: 60)، الجريمة والعقوبة؛ لأبي زهرة: مرجع سابق، (1: 331).
[36] الأحكام السلطانية؛ لأبي يَعلى الفراء، تصحيح وتعليق: محمد حامد الفقي (القاهرة)، (ط1357 هـ)، (ص: 227).
[37] النظام الجنائي أسسُه العامة في الاتجاهات المعاصرة والفقه الإسلامي؛ عبدالفتاح خضر، (معهد الإدارة العامة، المملكة العربية السعودية) (1402هـ1982م)، (1: 108 – 109، 113 – 114).
[38] التشريع الجنائي الإسلامي مقارنًا بالقانون الوضعي؛ عبدالقادر عودة، ط 14، (بيروت، مؤسَّسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع) (ط 1419هـ)، (ص: 261).
[39] الفقه الجنائي الإسلامي – القسم العام؛ فتحي بن الطيب الخماسي، الطبعة الأولى، (دمشق، دار قتيبة) (ط2004م)، (ص: 189 – 191).