دراسات قانونيةسلايد 1
آليات تسوية النزاعات المرتبطة بعقود التجارة الالكترونية
مقدمة:
يعد تحقيق العدالة أسمى ما تصبو اليه البشرية قديما وحديثا، ويعد الوصول اليها والعيش في كنفها من مظاهر السعادة والأمان بعيدا عن الصراعات التي كان الاحتكام في حلها يتم الى قانون القوة لا الى قوة القانون.
وقد كان طبيعيا ان تنشب نزاعات بين الافراد والجماعات نظرا لتضارب المصالح، ولذلك وضعت التشريعات لتنظم العلاقات التي تربط بين الناس وتفصل في منازعاتهم عن طريق جهاز القضاء الذي يفترض فيه ان يكون حارسا لحمى العدالة، ومفعلا لمبادئها بحيث يصبح المرجع الذي يتم الاحتكام اليه كلما نشب بين الافراد نزاع أو هضمت لهم حقوق.
بيد ان التطور الذي عرفه مجال القضاء[1] من خلال اعتماده على مساطر طويلة وإجراءات معقدة قد عرقل مصالح بعض الفئات أولا تتلاءم وطبيعة بعض المجالات، جعل بعض البدائل تأخذ مكانه باعتبارها قادرة على ان تتجاوز تعقيداته، وتستطيع التلاؤم مع بعض القضايا التي تحتاج الى كثير من السرعة بل قد تخرج عن دائرة القضاء الوطني الذي يعتبر رمزا من رموز السيادة في الدولة الحديثة.
فالتزايد الكبير في استخدام المعلوميات في الميدان التجاري أصبح يشكل ظاهرة عالمية نتيجة التبادل الالكتروني للمعطيات مع سائر الدول[2] مما أدى الى تنوع المعاملات التجارية الالكترونية وتطورها، وبالمقابل تطور أسباب النزاعات بين مستخدمي هذه التقنية وكذا سبل فضها[3].
وفي هذا الإطار فإن استخدام شبكات الاتصال الالكتروني في انجاز معاملات التجارة يثير العديد من الإشكالات في القانون الدولي الخاص، اذ من الطبيعي ان تثور نزاعات بين أطراف هذه العقود تبتدأ بتحديد الاختصاص القضائي وتنازع القوانين، والذي يتطلب البحث عن بدائل جديدة تستجيب لخصوصيات البيئة الرقمية والبحث عن تحديد القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة في حل النزاع، ومدى قدرة قواعد التحكيم الالكتروني باعتباره من اهم وسائل حسم تلك المنازعات.
وهكذا يظهر لنا ان تسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية يحتل أهمية بالغة على المستوى النظري وكذلك على المستوى العملي.
فأما على المستوى النظري يظهر ان هذا المجال يعاني من فراغ تشريعي الامر الذي ينعكس على ندرة الكتابات في هذا المجال، ولعل ذلك راجع بالخصوص الى بطء عجلة صناعة التشريع بالمغرب، مما يدفع بالباحث الى التساؤل عن مدى إمكانية تنزيل تنظيم التجارة التقليدية وقواعد فض النزاع في صورتها العادية على هذا التنظيم الجديد وعلى هذا النوع المستحدث من العقود.
أما على المستوى العملي فلا يخفى على أحد ان هذا النوع من العقود عرف انتشارا كبيرا على مستوى العالم، ونظرا لعدم التقاء أطراف التعاقد في مجلس العقد، وتأخر أو عدم تزامن الايجاب بالقبول، ولانتمائهم لدول تتبع نظم قانونية مختلفة من خلال شبكة الانترنت المفتوحة على العالم، الأمر الذي يثير بعض المشاكل التي سبق وان أشرنا لبعضها أعلاه مما يستدعي تدخلا لحلها.
وعلى ضوء هذه الاهمية المزدوجة سواءاً على المستوى النظري أو المستوى العملي فإن الاشكالية التي تطرح نفسها في هذا الصدد تتعلق بمدى قدرة القضاء عن حل هذه المنازعات أم ان التحكيم الالكتروني يبقى هو الكفيل بحل هذه المنازعات.
ومحاولة منا الإجابة عن الاشكال المطروح أعلاه نقترح التقسيم التالي:
المطلب الأول: دور القضاء في تسوية المنازعات المرتبة عن عقود التجارة الالكترونية
المطلب الثاني: دور التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية
المطلب الأول: دور القضاء في تسوية المنازعات المرتبة عن عقود التجارة الالكترونية
يظهر من قواعد الاختصاص القضائي أنه متبنى من جميع القوانين والتشريعات الوطنية باختلاف المعايير أو الضوابط التي تستند إليها كل دولة، وقد تكون إقليمية أو شخصية، والاختصاص فيها قد يكون أصليا أو طارئا.
يتم فيه تحديد المحكمة المختصة بالنسبة للاختصاص الأصلي، على أساس الارتباط الإقليمي الذي يكون مرتبط بموطن المدعى عليه أو المدعى، او موضع المال محل النزاع أو مكان نشوء محل الالتزام أو مكان تنفيذه.[4]
تختص محاكم الدولة بالدعاوى التي ترفع على من كان متوطنا في إقليمها، فلا فرق في ذلك إن كان المدعى عليه وطنيا أو أجنبيا، وكذلك بالدعاوى المتعلقة بالالتزامات التي تنشأ أو تنفذ في إقليم الدولة التي تنتسب إليها المحكمة، فالدولة تبرر اختصاصها على أن سيادتها على أقاليمها تقضي بأن يكون لمحاكمها الولاية القضائية على الأشخاص المتواجدين على إقليمها، وذلك بغض النظر عن جنسيتهم وكذلك الأموال الموجودة والالتزامات التي تتم في إقليمها.[5]
وتجدر الإشارة الى ان المشرع المغربي لم ينظم قواعد الاختصاص القضائي الدولي إلا انه من المتفق عليها فقها هو إمكانية تمديد قواعد الاختصاص القضائي الداخلي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية الى المعاملات ذات الطبيعة الدولية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه الأخيرة.[6]
وقد اتفق اغلب الفقه على ان الضوابط العامة في تحديد المحكمة المختصة التي يجب الاستعانة بها إما ان تكون ذات طابع شخصي وذلك بناء على موطن أو جنسية أو محل أحد الأطراف (الفرع الأول) وإما لاعتبارات ذات طابع مكاني مثل مكان ابرام العقد أو تنفيذه، أو لاعتبارات مرتبطة بطبيعة الخصومة مثل اختصاص المحاكم الوطنية بالإجراءات الوقتية والضرورية للمحافظة على الحقوق (الفرع الثاني).
الفرع الأول: اختصاص محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه
سنحاول بحث اختصاص محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه من خلال التطرق للنصوص التشريعية التي كرسته (أولا) قبل استعراض ومناقشة الإشكالات المرتبطة بها (ثانيا).
البند الأول: الإطار القانوني لاختصاص محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه
ينعقد الاختصاص طبقا لهذا الضابط لمحاكم الدولة التي يوجد بها موطن أو محل إقامة المدعى عليه، وهذا ما هو مستقر عليه في مختلف الأنظمة القانونية الداخلية للدول، ونفسه بالنسبة للقوانين الدولية التي تبنته عن طريق القوانين والاتفاقات الدولية الخاصة بالعقود الدولية[7]، والذي مفاده أن المدعى هو الذي يسعى إلى المدعى عليه في محكمته، ومراعاة لاعتبارات العدالة وحاجة المعاملات الدولية التي تقتضي توفير الرعاية للمدعى عليه بمقاضاته أمام محكمة موطنه، وقد أكدت على هذا الضابط اتفاقية بروكسل لدول الاتحاد الأوربي[8] ولا يختلف الأمر في مجال عقود التجارة التي تتم عبر الطرق الإلكترونية فمبدئيا يؤخذ بقاعدة اختصاص محكمة موطن المدعى عليه عملا بأحكام قانون المرافعات الداخلي والدولي، وبالتالي ليس هناك ما يمنع لرفع الدعوى أمام محكمة موطن المدعى عليه أو محل إقامته أو مكان تنفيذ الالتزام الرئيسي للمدعى عليه.[9]
أوردت اتفاقية بروكسل[10] عدة استثناءات فيما يخص تحديد الاختصاص القضائي وذلك على خلاف القاعدة الهامة في اختصاص محاكم موطن المدعى عليه، وهذا بالنسبة للمنازعات الخاصة بعقود المستهلكين، حيث نصت المادة 14 من اتفاقية “لوجانو” أنه:” في حالة عدم وجود اتفاق صريح في شأن الاختصاص بين طرفي العقد على أن يكون للمستهلك أن يرفع دعواه أمام محاكم الدولة التي يقع فيه موطن المتعاقد معه، أو محاكم الدولة التي يقع فيها موطن محل إقامة المستهلك”.[11]
اما على مستوى التشريع المغربي ففي هذه الحلة يتم إعمال القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وكذا باقي قوانين الإجراءات في باقي التشريعات الأخرى، ففي الحالة التي يتم فيها ابرام عقد دولي إلكتروني عبر شبكة الانترنت، سواء تعلق الامر بسلعة أو خدمة، فإنه يتم اللجوء الى القواعد العامة المتعلقة بالاختصاص، حيث يتم رفع الدعوى أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعى عليه[12] عملا بما هو مستقر وذلك مراعاة لاعتبارات العدالة وحاجة المعاملات الدولية التي تهدف الى حماية المدعى عليه، وهو نفس النهج الذي سار عليه المشرعين الفرنسي والمصري وكذلك المشرع اللبناني[13] الذي منح الاختصاص لمحكمة المدعى عليه أو أحد المدعى عليهم إن تعددوا كما أشارت الى ذلك المادة 47 من قانون أصول المحاكمات المدنية.[14]
البند الثاني: أهم الإشكالات التي تثيرها مسألة اختيار موطن المدعى عليه في عقود التجارة الالكترونية
تثير مسألة اختيار موطن المدعى عليه إشكالا في عقود التجارة الالكترونية لصعوبة التعرف على شخصية المدعى عليه ومكان وجوده، مما أدى بالفقيه باولو (BALLOW) الدعوة الى عدم تطبيق المفاهيم الموجودة في العالم الافتراضي، الأمر الذي فتح المجال أمام فكرة الموطن الافتراضي والذي هو مركز أعمال المورد على شبكة الانترنت،[15] الا ان جانبا من الفقه [16] يمسل الى تطبيق بعض القواعد الخاصة في التعاقد الالكتروني كما هو الحال بالنسبة للعقود التي تنصرف الى حماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، حيث ان هذا الرأي يرى بضرورة توفير حماية أكبر للمستهلك الإلكتروني عن طريق منح الاختصاص لمحكمة موطن المستهلك سيما المستهلك المتعاقد لأنه الطرف الأجدر بالحماية.
وهو ما نلمسه في التشريع الفرنسي وعلى الخصوص المادة 1-46 من قانون أصول المحاكمات الفرنسي والذي يمنح للمدعي في مجال العقود الدولية أن يقيم الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها تسليم الشيء المبيع أو أداء الخدمة، أي انه يكون للمدعي الخيار بين محكمة موطن المدعى عليه أو محكمة محل تنفيذ العقد.
الفرع الثاني: الاتفاق على اسناد الاختصاص لمحكمة معينة وانعقاد الاختصاص لمحكمة محل تنفيذ العقد او تنفيذه
سنحاول من خلال هذا الفرع الوقوف على الاتفاق على اسناد الاختصاص لمحكمة معينة كمعيار آخر للتحديد الاختصاص القضائي في ظل عقود التجارة الالكترونية (البند أول) ثم التطرق بعد ذلك انعقاد الاختصاص لمحكمة محل تنفيذ العقد او تنفيذه (البند الثاني).
البند الأول: الاتفاق على اسناد الاختصاص لمحكمة معينة
ومعناه قبول المدعى عليه في الدعوى عن اختيار وإرادة اختصاص محكمة دولة معينة ضمنا أو صراحة على الرغم من عدم اختصاصها بالأصل، لأنه من الثابت في فقه المرافعات المدنية الدولية التسيير على المدعي كي يستطيع الحصول على الحماية القضائية وبتلك المثابة يمكن الاتفاق بين الخصوم على خروج على تلك القواعد.[17]
وقد جرى التعامل في معظم الأنظمة القانونية المعاصرة على انه في العقد ذات الطابع الدولي يجوز لطرفي العقد الاتفاق على اسناد الاختصاص لمحكمة دولية معينة قصد البث في نزاع قائم أو محتمل، وان كان هذا الاتفاق ينزع ولاية الاختصاص من محكمة أخرى تكون هي المختصة أصلا للنظر في الدعوى، وذلك وفقا للقواعد العامة للاختصاص، وهو ما تبنته معاهدة بروكسيل في مادتها 17/18، ونفس الامر بالنسبة لقانون المرافعات المصري لعام 1968 في المادة 32، وكذلك المشرع الأردني وذلك بنص المادة 227 من قانون أصو المحاكمات المدنية لعام 1988، وكذا المشرع الفرنسي الذي اعتبر بموجب المادة 38 من قانون أصول المحاكمات المدنية ان كل شرط يخالف بصورة مباشرة أو غير مباشرة قواعد الاختصاص المكاني يعتبر كأن لم يكن، إلا ان هذا النص استثنى من حكمه العقود التي يكون فيها الأطراف تجارا، لكن على الرغم من ذلك يظل الرأي السائد على مستوى الفقه والقضاء الفرنسي [18] هو عدم الأخذ بهذا النص في مجال المعاملات الدولية ولعل السبب في ذلك هو الرغبة في حماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية.[19]
ومسألة الخضوع الاختياري أو الإداري لاختصاص دولة معينة مستقر عليه كمبدأ في التشريعات والاتفاقيات الدولية، ومع ذلك فمن المتفق عليه فقها وقضاء، أنه يلزم لكي ينتج هذا الاتفاق حول تحديد الاختصاص أثره توافر بعض الشروط المتمثلة[20] في:
وجود رابطة جدية بين النزاع المطروح والمحكمة التي تم اختيارها للفصل في النزاع.
ان تكون هناك مصالح مشتركة للطرفين.
ان لا يكون هذا الاختيار مبني على غش.
وأخيرا فإن اختيار المحكمة المختصة من طرف الأطراف يمكن ان يكون صيحا كأن يدرج هذا الشرط في العقد ذاته، أو يتم الاتفاق صراحة بعد حدوث النزاع، كما يمكن أن يكون ضمنيا وذلك كأن يرفع المدعى عليه دعواه أمام محكمة دولية معينة ويحضر المدعى عليه ويقوم بدفوعه في الموضوع دون الدفع بعدم الاختصاص.[21]
البند الثاني: انعقاد الاختصاص لمحكمة محل تنفيذ العقد او تنفيذه
يكفل التحديد المسبق للقانون الذي يحكم العقد وفقا لما يراه المشرع أكثر صلة بالعقود الدولية، عند سكوت الإرادة عن اختيار قانون العقد صراحة أو ضمنيا، وهذا ما يعرف بالإسناد الجامد، ويقصد به أقرب القوانين صلة بالرابطة العقدية، مثل قانون الجنسية، موطن الأطراف، أو القانون بلد تنفيذه، وهو بذلك يتجاهل الطبيعة الذاتية للعلاقة العقدية ولظروف التعاقد، وهو ما يتعارض بالنتيجة مع الرابطة الأوثق والقانون الواجب التطبيق بشأنها، ويعد من أكثر المعايير شيوعا لدى القضاء والتشريعات المعاصرة كأساس للإسناد الجامد للعقد الدولي.[22]
قصد بهذا المبدأ اختصاص محكمة المكان الذي نشأ فيه الالتزام أو اختصاص محكمة الدولة التي تم تنفيذ الالتزامات التعاقدية فيها[23] يطبق هذا الاختصاص في أغلب الأحيان على الأطراف الأجنبية التي ليس لها موطن أو محل إقامة في لبلد الذي تم فيه إبرام أو تنفيذ العقد محل النزاع، أو الدعوى التي تتعلق بمال موجود على إقليم تلك الدولة أو كانت متعلقة بالتزام نشأ أو نفذ أو كان واجبا تنفيذه فيها.[24]
تنظر – حسب هذا الضابط – محكمة الدولة التي نشأ ولأول مرة الالتزام، تصرفا قانونيا أو فعلا ضارا، فكون الالتزام قد نشأ في إقليم دولة معينة، أو كونه نفذ فيها مما يفيد أن ثمة رباطا أو صلة بين الالتزام وتلك الدولة على النحو الذي يبرر انعقاد
الاختصاص به لمحاكمها، بحيث يأتي حكمها ترجمة لهذه الرابطة وتعبيرا عن هذه الصلة ونفس المبادئ التي يتم العمل بها بالنسبة لانعقاد الاختصاص للمحكمة التي يوجد فيها محل تنفيذ الالتزام.[25]
ومما سبق يمكننا القول ان اللجوء الى منح الاختصاص للمحكمة التي ابرم العقد بدائرة نفوذها أو تم تنفيذه بها وذلك في الحالة التي يتعذر فيها تحديد المحكمة المختصة بناء على المعيارين السابقين، وهو ما سارت عليه معظم التشريعات العربية والغربية أيضا، كما هو الشأن بالنسبة للمشرع المصري (المادة 3/20) من قانون المرافعات والقانون الفرنسي (المادة 4/194) والقانون الروماني (المادة 1/3) والقانون السويسري (المادة 4) واتفاقية بروكسيل (المادة 1/5).[26]
ولما كانت العقود الدولية المبرمة عبر الانترنت تعتبر ما بين حاضرين في الزمان وما بين غائبين في المكان فإن العبرة تكون بالمكان الذي علم فيه الموجب بالقبول مالم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك، حيث أنه بالنسبة للعقود الالكترونية يعتبر الموجب موجودا دائما في بلد الطرف الآخر، حيث ان عرضه للسلعة أو الخدمة دائما بصفة مستمرة وصالحا لأن يقترن بقبول وهو ما يتحقق بالقبول الذي يثبته المتعاقد على صفحة موقع الموجب بشبكة الانترنت، ومن تم فإن المحكمة المختصة في هذه الحالة هي محكمة المشتري.[27]
وعلى هذا الأساس فاذا لم يكن هناك اتفاق واضح على تحديد محكمة مختصة للنظر في النزاع، ولم تظهر الإرادة الضمنية للمتعاقدين في وثيقة العقد، فحينئذ يلجأ الى الضوابط والقواعد العامة المقررة والمعمول بها في سائر الأنظمة الدولية لتحديد اختصاص محاكمها بنظر القضية، وهي ضوابط تصلح لتحديد الاختصاص القضائي لمنازعات عقد التجارة الالكترونية.
المطلب الثاني: دور التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية
لقد صاحب الانتشار المتزايد في حجم التجارة الالكترونية زيادة في معدل الخلافات الناجمة عنها مما استتبع البحث عن وسائل لتسوية منازعاتها بطريقة الكترونية تتمشى وطبيعة تلك المعاملات من حيث السرعة وكونها تتم عبر شبكة اتصالات، فاللجوء الى القضاء ليس طريقا مقبولا لفض المنازعات الالكترونية وليس التحكيم العادي طريقا سريعا بدرجة كافية، ولذلك ظهر التحكيم الالكتروني أو التحكيم على الخط أو التحكيم الشبكي[28]، الذي يعد من أبرز مظاهر الثورة المعلوماتية في الوقت الحاضر، اذ خرج التحكيم كآلية لفض المنازعات عن نمطه التقليدي، واتخذ من شبكة الانترنت مسرحا لكل أطواره، وذلك لمجارات ازدياد العقود المبرمة بين أشخاص ينتشرون في شتى بقاع المعمور يصعب الجمع بينهم الاعن طريق الانترنت، وكذلك انسجاما مع الخلافات الناجمة عن العقود المبرمة بواسطة هذه التقنية، والتي تنامى عددها بشكل ملحوظ.
سنحاول بحث دور التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية من خلال معالجة ماهية التحكيم الالكتروني وأهميته في تسوية النزاعات (الفرع الأول) ثم القاء نظرة عن الإجراءات المعتمدة في التحكيم الإلكتروني (الفرع الثاني).
الفرع الأول: ماهية التحكيم الالكتروني وأهميته في تسوية النزاعات
يعتبر التحكيم أحد الوسائل البديلة عن القضاء لتسوية المنازعات التجارية، وشاع اللجوء له في العقود الدولية بشكل خاص، بحيث يندر أن نجد عقد دوليا لا يتضمن شرط التحكيم لتسوية المنازعات الناشئة عن العقد. ونقصد بالتحكيم هنا التحكيم الاختياري الذي يتفق فيه أطراف عقد تجاري على تسوية المنازعات التي ستنشأ أو نشأت بينهم بالنسبة لذلك العقد باللجوء إلى التحكيم.
البند الأول: ماهية التحكيم الالكتروني
سنعالج (أولا) تعريف التحكيم الالكتروني على ان نتطرق (ثانيا) لمميزات ومخاطر التحكيم الالكتروني.
أولا: تعريف التحكيم الالكتروني
يقصد بالتحكيم ذلك الاتفاق الذي بمقتضاه يتعهد الأطراف بأن يتم الفصل في المنازعات الناشئة بينهم، أو المحتمل نشوئها من خلال التحكيم، فلا يجوز لطرفي العقد التمسك به إلا باتفاق صريح بينهم على اللجوء إلى هذا الأسلوب، وقد يكون بند التحكيم في صورة شرط في العقد، أو في صورة اتفاق لاحق وهو ما يسمى بمشارطة التحكيم على اللجوء بالمنازعة القائمة بينهم إلى التحكيم سواء الفردي أو المؤسسي للفصل فيها[29] وهو الإجراء الذي يكون خارج المحكمة المختصة.
ويعرف أيضاً بأنه وسيلة يتم بموجبها تسوية المسألة محل النزاع ويعهد بهذه المسألة إلى شخص أو أكثر يسمى المحكم أو المحكمين شريطة اتصافهم بالحياد، ويقوم المحكمين بتسوية المسألة محل النزاع وفق الاتفاق المبرم بينهم وبين المحتكمين، ويكون حكمهم نهائياً وملزماً للأطراف. حيث تقوم التجارة الإلكترونية على السرعة في إبرام العقود وتنفيذها، ولا يتماشى ذلك مع بطء إجراءات القضاء العادي، تظهر أهمية التحكيم الإلكتروني؛ لما يتميز به من سرعة ومرونة لا تتوافر في القضاء العادي، حيث لا يلزم في التحكيم الإلكتروني انتقال أطراف النزاع أو الحضور المادي أمام المحكمين بل يمكن سماعهم عبر وسائط الاتصال الإلكترونية عبر الأقمار الاصطناعية. يضاف إلى ذلك سرعة إصدار الأحكام نظراً لسهولة الإجراءات حيث يتم تقديم المستندات والأوراق عبر البريد الإلكتروني، كما يمكن الاتصال المباشر بالخبراء أو تبادل الحديث معهم عبر الإنترنت؛ لذا انتشرت محاكم وهيئات التحكيم الإلكتروني؛ وبالتالي يمكن تعريف التحكيم الإلكتروني بأنه التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة الإنترنت، وهو يكتسب صفة الإلكترونية من الطريقة التي يتم بها، حيث تتم بطريقة سمعية بصرية عبر شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد، دون الحاجة إلى التقاء أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين. ويشمل نطاق التحكيم الإلكتروني النظم والتقنية المعلوماتية، والحوسبة التطبيقية، والمعاملات الإلكترونية وما يتصل بها، في القطاع الخاص، وفي القطاع العام، مع مراعاة إجراءات التحكيم في القطاع العام الواردة في نظام التحكيم بالمملكة ولائحته التنفيذية. ومن منطق ذلك التعريف يتبين إن التحكيم الالكتروني هو تحكيم طبيعي يختلف في الوسائل الالكترونية لممارسه إجراءاته بداية من إبرام اتفاق التحكيم حتى صدور الحكم التحكيمي مرورا بإجراءات خصومه التحكيم.
ثانيا: مميزات ومخاطر التحكيم الالكتروني
أ: مميزات التحكيم الالكتروني
مميزات هذا التحكيم كثيرة ومرتبطة بالتجارة الإلكترونية والعقود الإلكترونية بطريقة تميزه عن اللجوء إلى المحاكم الوطنية وحتى عن التحكيم التجاري التقليدي، ومن هذه المميزات:
1- سرعة الفصل في القضايا المطروحة على التحكيم الإلكتروني
إن أهم ميزة للتحكيم الإلكتروني هو السرعة في الفصل بالنزاع، وهذه الميزة تفوق كثيراً ما يجري به تداول هذه المنازعات في أروقة المحاكم الوطنية من بطء وتكدس للقضايا خاصة مع ازدياد عقود التجارة الإلكترونية، حتى أن هذا التحكيم يفوق كثيراً سرعة الفصل في المنازعات المعروضة عليه مقارنة باللجوء للتحكيم التجاري العادي الذي يحتاج مدة أطول بكثير مما يتطلبه هذا التحكيم، وسبب ذلك هو الحضور المادي للأطراف ولهيئة التحكيم وتبادل المرافعات والبيانات بين أطراف الدعوى.
وهي أيضا الخاصية التي يعود لها الفضل في الإقبال الكبير على التحكيم الإلكتروني، نظرا لما تتطلبه المعاملات التجارية التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية من سرعة في التنفيذ، وهذا للاستفادة من السرعة الفائقة للبت في النزاع، والابتعاد عن البطء الذي يتميز به القضاء العادي وحتى التحكيم التقليدي[30] وهذا ما يؤدي وبالضرورة إلى سرعة إصدار الأحكام نظرا لسهولة الإجراءات المتبعة في عملية التحكيم الإلكتروني، حيث يتم تقديم جميع المستندات والأوراق المتعلقة بالنزاع بصورة إلكترونية عن طريق البريد الإلكتروني، مما ينتج عن ذلك حماية الحركة التجارية والتبادل العتاد للسلع بين الأطراف المشتركة في النشاط التجاري من الشلل.[31]
2- تجاوز مشكلة الاختصاص القضائي
تعد عقود التجارة الإلكتروني – ة وفق الرأي الراجح في الفقه- عقودا دولية، فالانترنت شبكة مفتوحة عالميا ولها إقليمها الخاص بها الذي لا يعبأ بالحدود الجغرافية، لذلك يصعب توطين العلاقات القانونية التي تجري في إطارها، فلم يعد يوجد على شبكة الأنترنت عقد دولي وعقد داخلي، لأن مثل هذه التفرقة يصعب تطبيقها.[32]
يثير النزاع الناشئ على أساس هذا العقد حتما مشكلة المحكمة المختصة بنظر النزاع، ولعل مما يزيد هذه المشكلة تعقيدا عدم وجود قواعد موضوعية موحدة تلتزم فيها الدول في مجال التجارة الإلكترونية، كما لا توجد قواعد موحدة تحدد الاختصاص القضائي وبما يتلاءم مع الطبيعة الخاصة للتجارة الإلكترونية.[33]
يشكل هذا تحديا قانونيا للمتعاملين عبر الأنترنت لأنه قد يؤدي إلى تطبيق قانون لا يعرف عنه أحد الطرفين أو كلاهما شيئا، وهذا الحل قد يصطدم بغياب الاعتراف بمثل هذه الحرية في اختيار الجهة القضائية في بعض الدول، إلا أن الأمر يكون على خلاف ذلك فيما لو اتفق الأطراف على اعتماد التحكيم وسيلة لفض نزاعهم، وهي بنفس الطريقة التي أبرم بها العقد أي بطريقة إلكترونية، ومن هنا تبدوا أهمية التحكيم الإلكتروني، إذ يكون اللجوء إليه أمرا مجديا لحل مشكلة تنازع الاختصاص، فالمحكم يمكنه تطبيق القانون المختار من الطرفين.
3- السرية في عملية التحكيم الإلكتروني
وهي ميزة التحكيم الإلكتروني من حيث وجوده ونتائجه وفي جميع المراحل، إذ لا تكون جلساته علانية، مما يحول دون إلحاق الضرر بسمعة الأطراف المحتكمين، والواقع أن السرية التي يكفلها التحكيم الإلكتروني
تبدوا أكثر أهمية في مجال العلاقات التجارية الدولية التي تبرم بطريقة إلكترونية[34] حيث أن الاتصالات تمتاز بالسرعة، ومن ثم فإن انتشار الأخبار التي تنطوي على أسرار تجارية أو صناعية أو مالية أو اقتصادية سيتم بسرعة كبيرة[35] فالسرية تمثل جوهر التحكيم الإلكتروني مقارنة بالجانب العلني الذي تتصف به إجراءات المحاكم بوجه عام، مما يحول بالإضافة إلى الحفاظ على سمعة الأطراف رفع الدعاوي من الغير، لاسيما إذا كانت المنازعات تتعلق ببراءة الاختراع.[36]
ب: مخاطر التحكيم الالكتروني
ومع الأهمية لهذه المميزات التي تميز التحكيم الإلكتروني عن القضاء العادي والتحكيم التقليدي، إلا أن فيه من المخاطر والانتقادات المصاحبة له، ما قد يشكك في مدى جدواه وفعاليته، ومن هذه الأخطار:
1- عدم مواكبة النظم القانونية الحالية للتطور السريع الحاصل في مجال التجارة الإلكترونية
إضافة إلى جمود القواعد القانونية الموجودة في كثير من دول العالم المتعلقة بإجراءات التقاضي والتحكيم التقليدي من الإعتراف بإجراء التحكيم بوسائل إلكترونية، وعدم تعديل التشريع الموجود للإعتراف بأحكام التحكيم الإلكترونية، ومن هنا ثار التساؤل عن مدى صحة إجراءات التسوية بالوسائل الإلكترونية، ومدى الإعتراف بالحكم التحكيمي الإلكتروني.
وكذلك هناك مسألة هامة وهي تحديد مكان التحكيم، والذي يترتب عليه آثار كثيرة ومهمة، فما هو المكان الذي يعتبر أنه مكان التحكيم، هل هو مكان المحكم الفرد أم مكان المورد، أو المستخدم في عقود خدمات المعلومات الإلكترونية، هذا إذا كان المحكم فرداً، أم مكان إبرام العقد أو تنفيذه. هذه المسائل خطيرة وترتب آثاراً مهمة بالنسبة لاعتبارات التنفيذ والاعتراف بالحكم التحكيمي الإلكتروني، هذه المسائل وغيرها بحاجة إلى دراسات شاملة لكل جزئية من هذه المسائل، وتتطلب تدخلاً تشريعياً من جانب الدولة إضافة إلى الاتفاقيات الدولية.
وقد كان للجنة (اليونسترال) دورّ واضح ومهم في إصدارها لإتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بإستخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية، والتي نصت في المادة (20/1) على ” تنطبق أحكام هذه الإتفاقية على إستخدام الخطابات الإلكترونية في سياق تكوين أو تنفيذ عقد أو إتفاق تسري عليه أي من الإتفاقيات الدولية التالية، التي تكون الدولة المتعاقدة في هذه الاتفاقية، أو قد تصبح دولة متعاقدة فيها:
– إتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك، 10 حزيران / يونيو 1958) “.
وبذلك فأن هذه الاتفاقية أعطت – عند شمولها لاتفاقية نيويورك (1958) – الكتابة الإلكترونية ميزة الكتابة العادية، وهذا ما هو موجود في نص المادة (2/2) من اتفاقية نيويورك، والمادة (5/1/أ) من اتفاقية نيويورك التي يجرى من خلالها تقدير صحة اتفاق التحكيم، والمادة (5/1/ب) من اتفاقية نيويورك بالنسبة لمخالفة إجراءات التحكيم لقانون هذه الدولة وبالتالي رفض الاعتراف بالحكم وتنفيذه، وهذا ما سنشرحه تفصيلاً في تنفيذ أحكام التحكيم.
هذا بالنسبة للدول الخاضعة لاتفاقية نيويورك أما بالنسبة للدول غير الخاضعة، أو بالنسبة للتحكيم الإلكتروني الداخلي فإن هذا الأمر يحتاج إلى تدخل تشريعي.[37]
2- عدم تطبيق المحكم للقواعد الآمرة:
يخشى الأطراف وخاصة الطرف الضعيف في العقد من اللجوء إلى التحكيم بصفة عامة، والتحكيم الإلكتروني بصفة خاصة، وذلك بسبب الخشية من عدم تطبيق القواعد والأوامر الحمائية المنصوص عليها في القانون الوطني له، خاصةً إذا كان هذا الطرف مستهلكاً مما يترتب عليه بطلان حكم التحكيم وعدم إمكانية تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع.
وكذلك عند اختيار القانون الواجب التطبيق غير قانون المستهلك الوطني ليحكم النزاع، فإن المحكم لن يطبق هذه القواعد الحمائية المنصوص عليها في قانون المستهلك الوطني لأنه لا يطبق إلا القانون المختار، وذلك لأنه ليس قاضياً فلا يلتزم بتطبيق القواعد الآمرة، حتى في الدولة التي بوجد فيها مقر محكمة التحكيم. لذا فقد عارض كثيرون اللجوء للتحكيم؛ لأن حماية الطرف الضعيف تكون دائماً من خلال القواعد الآمرة التي يضعها مشرعوا الدولة لحماية طائفة خاصة أو مصالح جماعية، ولا يهتم المحكم إلا بحل النزاع بين الأطراف دون النظر إلى مصالح السياسة التشريعية العليا للدول. وإزاء هذا الانتقاد، دافع البعض الآخر عن التحكيم سواء الإلكتروني أو التقليدي مؤكدين جوانب تطبيقه وعملية وقانونية يراعيها المحكم عند نظر منازعات التجارة الإلكترونية ومنها:
أن المحكم لا يهمل المصلحة العامة، ولكن على العكس تماماً يأخذ في إعتباره القواعد الآمرة التي تنص عليها التشريعات الوطنية، خاصة عند نظر منازعات يكون أحد أطرافها مستهلكاً، وقد يطبق قواعد تحقق مصالح أكبر من تلك التي نص عليها التشريع الوطني، تكون موجودة في قانون الطرف الآخر أو من طبيعة الأعراف التجارية وفقاً لطائفة معينة من طوائف التجارة.
أن المحكم يهدف إلى تحقيق مصالح وأهداف المجتمع الدولي، والوسائل التي يمكن له استعمالها لاحترام وحماية مصالح الطرف الضعيف أو المستهلكين تكون أكثر من تلك الممنوحة للقاضي الوطني، حيث يمكن للمحكم أن يختار ضمن عدة قوانين القانون الذي يحقق الأهداف الحمائية للطرف الضعيف أو المستهلك.
البند الثاني: أهمية ودور التحكيم الالكتروني
نتيجة التقدم العلمي في المجال الالكتروني، وما تبعه من تنمية معلوماتية واتساع في حجم التجارة الالكترونية واتجاه التجارة الدولية نحو هذا النوع من التجارة التي تقوم على السرعة في ابرام العقود وتنفيذها، أثر في الكثير من جوانب المعاملات بين الافراد ومنها التأثير البالغ على المراكز القانونية، واسس المسؤولية المدنية والجنائية وبروز تساؤلات تحول تكييف المعاملات الالكترونية والقانون الواجب التطبيق وما الى ذلك من تساؤلات لكن امام اتساع مجال التجارة الالكترونية وما ينجم عنه من ابرام عقود الكترونية فإن من شأن ذلك أن يؤدي الى بروز خلافات بين المتعاملين في هذا الاطار، ومما يستدعي حلها وبالتالي البحث عن وسائل أكثر فعالية لحل هذه الخلافات، ومن هذه الوسائل نجد التحكيم الالكتروني أو عبر الانترنت باعتباره وسيلة تقوم على أساس السرعة، وما يلعبه من دور مهم في ذلك، خاصة وان له مميزات تجعله قادرا على ذلك مقارنة مع التحكيم العادي.[38]
ويلعب التحكيم الالكتروني دورا مهما في الحفاظ على إيقاع التجارة الالكترونية واستقرارها لما يتميز به من سرعة ودقة، فالتحكيم الالكتروني تتجلى أهميته أو دوره في اعتماده عن طرق عصرية حديثة لم يألفها المتقاضون من قبل وكذلك رجال القانون حيث يقع على عاتقهم عبء مواجهة هذا التطور المنهل في ثورة الاتصالات. ولعل الدور الذي يلعبه التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية يستمد ذلك أو نابع من دوافع اللجوء الى هذا النوع من التحكيم وهي الرغبة في عرض النزاع على اشخاص ذوي خبرة فنية خاصة وتجنب بطء القضاء ونفقاته وكذلك الرغبة في عدم التعرض لعلانية القضاء.[39]
وتجسيد لدور الذي يلعبه التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية، فإنه تم انشاء مراكز التحكيم الالكتروني أو التحكيم عن بعد والتي هي عبارة عن وسيط محايد ونزيه موجود في شكل مراكز عن شبكة الانترنت يوافق أطراف النزاع على العمل ومعه الوصول الى حل فرضي للناع مع إعطاء السلطة الكاملة للأطراف لحل النزاع دونها أي قرارات يفرضها الوسيط أو غيره. كما ان التحكيم الالكتروني يهدف أساسا الى تنقية وتأمين العمل الالكتروني، وما يتصل بها من خلال تسوية المنازعات الالكترونية القائمة وتقديم الخدمات الاستشارية التي من شأنها منع حدوث المنازعات من أجل مجتمع رقمي معا وذلك من خلال تقديم خدمات التحكيم عن طريق محكمين خارجين عبر وسائط الاتصالات الالكترونية.[40]
ولتفعيل دور التحكيم الالكتروني في تسوية المنازعات بين الافراد تم انشاء عدة مراكز تختص بذلك، ذلك ان الانطلاقة كانت من خلال اعداد مشاريع لحل النزاعات الناجمة عن التجارة الالكترونية، حيث تم وضع أسس وقواعد تنظيم إجراءات التحكيم منذ ابداء الرغبة في عرض النزاع للتحكيم لحين اصدار حكم التحكيم، فأولى هذه المشروعات أنأتها شركة ((cyber settle سنة 1996 لتضع بذلك حجر الأساس في حل النزاعات عبر الانترنت، محاولة بذلك البعد عن الروتين الاجرائي ومداهمته لوقت المتنازعين، عارضة مشروعها على الموقع www.cybersettle.com مضمنة إياه ما يهم المتنازعين من إجراءات رفع النزاع وكيفية فضه، وبعد ذلك بلغ مراكز التحكيم عبر الانترنت 20 مركزا.[41]
وقد عملت بعض المؤسسات غير الحكومية كمركز أبحاث القانون العام في كلية الحقوق في جامعة مونتريال بكندا بتطوير مشروع تجريبي أعلن عنه رسميا في عام 1998 يجري بمقتضاه استخدام الوساطة أو التحكيم عبر وسائط إلكترونية في تسوية بعض المنازعات الناشئة عن المعاملات الإلكترونية، وأطلق عليه مصطلح ” محكمة تحكيم إلكترونية”، أو ” المحكمة الافتراضية”.[42]
هذا ويهدف نظام المحكمة الفضائية الذي يقوم أصحابه بتسويقه لدى منظمات الأعمال، إلى وضع قواعد سلوك تتفق وطبيعة التجارة الإلكترونية وتكفل سلامة بياناتها من ناحية، وتسوية منازعاتها بموجب نظام يكفل مصداقية الإجراءات الإلكترونية، وينضم إليه أطراف النزاع ويتحقق الارتباط به بموجب إطار تعاقدي من ناحية أخرى، كما تصدر هذه المحكمة شهادات مصادقة على المواقع الشبكية التي تستوفي الشروط المطلوبة بغرض بث الثقة بين الأطراف المتعاملة، وهذه الشهادات تفيد التزام أصحاب المواقع بتسوية الخلافات والمنازعات مع المتعاملين معهم وفقا للائحة إجراءات المحكمة الفضائية، ويراعي أن تسوية النزاع عبر المحكمة الفضائية يتطلب رضاء صريح من أطرافه بطرحها على أجهزتها.[43]
الفرع الثاني: الإجراءات المعتمدة في التحكيم الإلكتروني
يعتمد في التحكيم الإلكتروني على نفس الإجراءات المعتمدة في التحكيم التقليدي أو العادي، ويضاف إليها وباتفاق الأطراف قواعد إضافية خاصة بالتحكيم الإلكتروني، ومن أبرزها طريقة التواصل بين المتخاصمين والمحكمين، فتتم العملية عن بعد باستعمال الأنترنت – الوسيلة الأكثر استعمالا- وكيفية تقديم المستندات إلكترونيا وأهمية الحفاظ على سرية المعلومات التجارية والصناعية التي تهم أطراف موضوع النزاع، كما يمكن للأطراف تحديد إجراءات التحكيم الإلكتروني عن طريق اتفاق التحكيم.[44]
من خلال هذا الفرع سنحاول مناقشة الإجراءات السابقة لعملية التحكيم الالكتروني (البند الأول) ثم نتناول سير عملية التحكيم الإلكتروني (البند الثاني) على ان نتطرق لتنفيذ الحكم التحكيمي الإلكتروني وطرق الطعن في حكم التحكيم الإلكتروني (البند الثالث).
البند الأول: الإجراءات السابقة لعملية التحكيم الإلكتروني
تسبق عملية التحكيم الالكتروني مجموعة من الإجراءات نتناولها تبعا ضمن هذا البند، بدءا من تقديم طلب التحكيم (أولا) مرورا بالقانون الواجب التطبيق على التحكيم الإلكتروني (ثانيا) ثم إخطار أطراف التحكيم بموعد التحكيم (ثالثا) وصولا الى تعيين المحكم.
أولا: تقديم طلب التحكيم
يتم التقدم بطلب التحكيم إلى مركز التحكيم العين عن طريق كتابة النموذج المبين على موقع الأنترنت والمعد سلفا من قبل المركز[45] أو الجهة المعنية بالتحكيم مبينا فيه طبيعة الخلاف الناجم عنه النزاع، وما قد يقترحه من حلول مناسبة.
تتضمن وجوبا وثيقة التحكيم تعيينا لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين، وغالبا ما تشترط مراكز التحكيم تضمين طلب التحكيم البيانات الشخصية والموضوعية منها: أسماء الأطراف وطبيعة أعمالهم وعناوينهم الإلكترونية، وصف لطبيعة النزاع وظروفه، الغرض من الطلب وطبيعة التسوية المطلوبة، قائمة أدلة الإثبات، نص بند التحكيم أو مشارطة التحكيم أو أية معلومة أخرى تفيد ذلك.[46]
ثانيا: القانون الواجب التطبيق على التحكيم الإلكتروني
تمنح حرية كاملة للأطراف في اختيار القواعد التي تنظم إجراءات المنازعة[47] سواء بوضع هذه القواعد في اتفاق التحكيم أو بالإحالة لقانون معين لتنظيم هذه الإجراءات[48] وخصوصيات العالم الافتراضي تفرض على الأطراف الخضوع لإجراءات التحكيم الإلكتروني، والتي تهدف إلى تحديد أنظمة الإثبات وتحديد الوسائل الفنية التي تضمن احترام مبادئ المواجهة والدفاع والقواعد المتعلقة بالاجتماعات الإلكترونية، وللأطراف الحرية في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع أيضا، كما يمكن للمحكم القيام بهذا الاختيار في حالة غياب اتفاق الأطراف شرط ألا يتعارض ذلك مع قواعد النظام العام.[49]
ثالثا: إخطار أطراف التحكيم بموعد التحكيم
يقوم المركز بعد إخطار المدعى عليه في التحكيم من طرف أمانة المركز، وقبوله التحكيم الإلكتروني، بإدراج القضية ضمن جدول أعماله، ويقوم المركز بالاتصال بالأطراف بواسطة البريد الإلكتروني لمتابعة الإجراءات،
وذلك وفق فترات زمنية معينة، ومن ثم يتم أداء الرسوم الإدارية المحددة التي تختلف من مركز تحكيم إلى أخر[50] وإخطار الطرفين بأول جلسة للاستماع والمناقشة، وتبادل الوثائق والطلبات.
رابعا: تعيين المحكم
يحق للأطراف تعيين المحكمين سواء بالنص على تعيينهم في اتفاق التحكيم مباشرة، أو بالإشارة إلى نظام تحكيم مؤسسي كنظام المحاكم الافتراضية، لكن يبقى أن الاتفاق على تحكيم نظامي تقيد الأطراف في اختيار المحكم، فنظام المحكمة الافتراضية هو أن تختار أمانة المحكمة المحكم أو المحكمين.[51]
البند الثاني: سير عملية التحكيم الإلكتروني
يسعى برنامج التحكيم الالكتروني للقاضي الافتراضي الذي تم تنظيمه من طرف كلية شيكاڤو كنت إلى محاولة استلام الشكاوى الواردة لبرنامج التحكيم وفضها من خلاله في مهلة 72ساعة، تسري من تاريخ قبول الشكوى لديها.[52]
يتم أول إجراء أمام المحكمة الافتراضية التوجه لموقع برنامج التحكيم على شبكة الإنترنت، للإطلاع على نموذج التحكيم المعد مسبقا من المحكمة، ليتم تعيين طبيعة النزاع والحلول المقترحة، إعداد قائمة للبيانات المادية والشخصية المستند عليها في الشكوى.[53]
أولا: تبادل البيانات بين الأطراف
تعتبر الوسائل التكنولوجية المتاحة في هذا المجال وسيلة لتبادل النصوص والصور والأصوات، بشكل فوري ولحظي بين الأطراف كما أن تقنية البريد الإلكتروني تسمح بنقل المستندات والبيانات عبر الأنترنت[54] وكذا إجراء المؤتمرات المرئية أين يتواجد الأطراف بطريقة افتراضية، وفي هذا الصدد نجد لائحة المحكمة الإلكترونية تنص في المادة 1/21على أنه: ” للمحكمة أن تستخدم كل وسيلة معقولة لتسمح بتبادل البلاغات بشكل مناسب بين الأطراف”.[55]
ثانيا: صدور الحكم التحكيمي
تقوم المحكمة بإغلاق باب المرافعة بعد التأكد من تمكن الأطراف من تقديم دفاعهم، ومن ثم تصدر المحكمة حكمها في النزاع خلال 30يوما من إغلاق باب المرافعة ما لم تمد الأمانة هذا الميعاد بناء على طلب المحكمة، ويجب أن يتضمن الحكم أسبابه، تاريخ ومكان الصدور، نفقات العملية وأجور المحكمين والخبراء[56] ويصدر الحكم بالأغلبية في المحكمة النظامية، ويتم توقيعه إلكترونيا.[57]
يبلغ الحكم للأطراف عن طريق البريد الإلكتروني المشفر وتضعه المحكمة على الموقع الشبكي للقضية، ولهؤلاء العودة إلى الهيئة للاستفسار عن أي غموض يشوب هذا الحكم أو تصحيح أخطاء مادية خلال مدة 30 يوم من تاريخ استلامهم للحكم التحكيمي.[58]
البند الثالث: تنفيذ الحكم التحكيمي الإلكتروني وطرق الطعن في حكم التحكيم الإلكتروني
نناقش (أولا) تنفيذ الحكم التحكيمي الالكتروني ونتطرق (ثانيا) لطرق الطعن في الحكم التحكيمي الالكتروني.
أولا: تنفيذ الحكم التحكيمي الإلكتروني
يتم تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة التحكيمي بالتراضي بين الطرفين[59] ودون تأخير وهو ما أكدته لائحة غرفة التجارة الدولية بباريس في نص المادة 6/28 الذي يقرر أن كل حكم تحكيمي يكتسي بطابع إلزامي بالنسبة للأطراف، وذلك نتيجة لخضوع نزاعهم للائحة الحالية، ويتعهد الأطراف بتنفيذ الحكم دون إمهال وبتنازل عن كافة طرق الطعن[60] لكن إذا كان الطرف المعني بالتنفيذ سيئ النية، يلزم الطرف المستفيد من الحكم اللجوء إلى القضاء الوطني لدولة التنفيذ لطلب تنفيذ الحكم، وما عليه إلا تقديم أصل الحكم أو صورة طبق الأصل منه للاعتراف به لتنفيذه.
تبقى هذه القاعدة مقبولة في التحكيم العادي، إلا أن التحكيم الإلكتروني يثير صعوبة تتمثل في عدم التمييز بين الأصل والصورة في المجال الإلكتروني، وصعوبة التصديق على الوثائق الإلكترونية، ولقد عملت المادة 10 من القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية على حل هذه المشكلة، حيث نصت على تماثل الوثيقة مع الأصل شريطة:
سهولة الاطلاع على المعلومات التي تتضمنها هذه الوثائق في وقت لاحق؛
الاحتفاظ برسالة البيانات بالشكل الذي أنشئت أو أرسلت أو تم استلامها به؛
الاحتفاظ بالمعلومات التي تتعلق بمنشأ رسالة البيانات وجهة وصولها وتاريخ ووقت إرسالها واستلامها.[61]
ثانيا: طرق الطعن في حكم التحكيم الإلكتروني
أكدت قواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية حسب نص المادة 24 تحت عنوان الصيغة النهائية والتنفيذية للقرار الذي يصدر عن المحكمة التحكمية على ان ” قرار التحكيم نهائي، وبما أن الطرفين أخضعا نزاعهما لتحكيم غرفة التجارة الدولية فإنهما يلتزمان بتنفيذ القرار دون تأخير ويتنازلان عن جميع طرق الطعن التي يمكن أن يتنازلا عنها “،[62] الا أن تمتع القرار التحكيمي بالحجية فور صدوره لا يعني عدم إمكانية الطعن فيه، فأغلب الأنظمة القانونية الداخلية تتمسك بجميع طرق الطعن المتاحة عند توفر إحدى الأسباب التي تسمح بالطعن ضد القرار، سواء لأسباب متعلقة بمحتوى القرار، أسباب متعلقة باختصاص هيئة التحكيم وأسباب متصلة بإجراءات التحكيم وانعدام الأهلية في أطراف التحكيم.
خاتمة
لا يختلف اثنان في ان التجارة الالكترونية أصبحت اليوم رافدا من روافد التنمية الاقتصادية الشاملة وذلك بالنظر الى التقنيات التكنولوجية ووسائل الاتصال الحديثة التي تعتمدها هذه التجارة، دون اغفال التحديات العلمية والاقتصادية التي أصبحت ترخي بظلالها وتفرض نفسها في ظل اشتداد المنافسة الاقتصادية على المستوى العالمي وكذا انفتاح جميع الدول على الجانب العلمي والتقني لتوظيفيه في التنمية الاقتصادية بصفة عامة، وهو ما أدى الى بروز أنواع جديدة من المعاملات التجارية وتنوعها وتعقدها بفعل تعدد الأطراف المتدخلة فيها مما أدى الى ظهور عقود تجارية ذات صبغة دولية مختلطة أفرزت العديد من الاشكاليات القانونية عجزت عنها القوانين الوطنية التقليدية في ضبطها وإيجاد حلولها. لذلك كان من الضروري وضع قوانين خاصة بالتجارة الالكترونية وآليات أخرى لتسوية النزاعات المرتبطة بهذه العقود سواء من حيث ابرامها او تنفيذها، من خلال تقرير حماية كافية للمستهلك، من جهة أخرى فالتحكيم بصفة عامة والتحكيم الالكتروني بصفة خاصة آلية قانونية قادرة على تسوية المنازعات المرتبطة بالعقود الدولية ومنها عقود التجارة الالكترونية، إلا أنه وبالرغم من ذلك يظل التساؤل مطروحا حول مدى اعمال التحكيم الالكتروني في التشريعات الدولية وذلك في ظل غياب قانون دولي موحد يحدد القانون الواجب التطبيق سواء على مستوى عقود التجارة الالكترونية أو حتى على اتفاق التحكيم.
[1] محمد سلام، الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مداخلة في الندوة الجهوية الحادية عشر التي نظمها المجلس الأعلى، احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيسه، في قصر المؤتمرات بالعيون يومي 1 و2 نونبر 2007 والتي نشرت أعمالها تحت عنوان: الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، مطبعة الأمنية، الرباط، (دون ذكر المطبعة ولا سنتها)، ص:307 وما بعدها.
[2] عبد الكريم غالي، المعلوميات ودورها في التأهيل القضائي، مقال منشور بمجلة الملحق القضائي عدد 33، يناير 1998، ص:158.
[3] طارق البختي، التجارة الالكترونية وآليات تسوية النزاعات المرتبطة بها، مجلة الحقوق، العدد 21، دار نشر المعرفة 2019، ص:136.
[4] عبد الفتاح بيومي حجازي، التجارة الالكترونية في القانون العربي النموذجي لمكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت، دار الكتب القانونية، مصر، 2007، ص:324.
[5] بولين أنطونيوس أيوب، تحديات شبكة الأنترنت على الصعيد القانون الدولي الخاص، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2006، ص:84.
[6] طارق البختي، م.س، ص:139.
[7] بولين أنطونيوس أيوب، م.س، ص:84.
[8] محمد أمين الرومي، النظام القانوني للتحكيم الإلكتروني، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006، ص:84.
[9] فيصل محمد محمد كمال عبد العزيز، الحماية القانونية لعقود التجارة الالكترونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2008، ص:710.
[10] فيصل محمد محمد كمال عبد العزيز، م.س، ص:720.
أبرمت اتفاقية بروكسل في 27 سبتمبر 1968بين دول الجماعة الأوربية الاقتصادية، وامتد تطبيقها إلى الدول الأعضاء في الجمعية الأوربية للتجارة الحرة بمقتضى اتفاقية لوجانو المبرمة في 16 ماي، 1988ونجد أن التكامل الأوربي من الوجهة الاقتصادية يتأسس على أربع مبادئ، تتمثل في حرية انتقال البضائع، حرية انتقال الخدمات وحرية انتقال الأفراد، وحرية انتقال رؤوس الأموال، وما كان يمكن أن تكون هذه المبادئ فاعلة وحقيقية دون تعاون واسع في مجالي الأحكام القانونية والتعاون القضائي، وقد حققت اتفاقية بروكسل حرية تبادل وانتقال القرارات القضائية، وأصبحت هذه الاتفاقية نافذة منذ عام 1988بموجب اتفاقية لوجانو.
[11] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، عقود خدمات المعلومات الالكترونية في القانون الدولي الخاص، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، مصر، 2003، ص:340.
[12] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص: 330.
[13] أحمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص الالكتروني البيئي والسياحي، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى 2000، ص:71.
[14] الياس ناصيف، العقود الدولية – العقد الالكتروني في القانون المقارن، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، ص:312.
[15] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص: 331.
[16] الياس ناصيف، م.س، ص:318.
[17] عبد الرحيم حامي الدين، خصوصيات المعاملات الالكترونية دراسة مقارنة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص السنة الجامعية 2015/2016، جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، ص:223.
[18] B.Audit, “Droit international privé”, économica, éd 1997, n° 38, N.Batillof et P.Lagarde, droit international privé, II, 7ème , édition, dolloz, p675..
[19] طارق البختي، م.س، ص:140.
[20] احمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص الالكتروني البيئي والسياحي، ص:73.
[21] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص:333.
[22] أيت عبد الوهاب فهيمة وخرفلاوي سهيلة، القانون الواجب التطبيق على منازعات عقود التجارة الإلكترونية، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص: القانون الخاص الشامل، جامعة عبد الرحمان ميرة – بجاية- كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم القانون الخاص، 2016/2017، ص:33.
[23] CHATILLON Stéphane, op.cit, p. 296. -3
– En matière contractuelle, un défendeur domicilie sur le territoire d’un Etat contractant – Le Règlement Communautaire et la Convention de Bruxelles et de Lugano – peut être attrait dans un autre Etat Contractant devant le tribunal du lieu ou l’obligation qui sert de base à la demande a été ou doit être exécutée, art 05/1 de la convention.
[24] أحمد شرف الدين، الجوانب القانونية للتجارة الإلكترونية وآليات تسوية منازعاتها العقود والاتفاقات في التجارة الالكترونية، أوراق ندوة عقود التجارة الالكترونية ومنازعاتها، إعداد مجموعة من الخبراء، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، 2007، ص:170-169.
[25] عكاشة محمد عبد العالي، الإجراءات المدنية والتجارية الدولية، الاختصاص القضائي الدولي، القانون الواجب التطبيق على الإجراءات، تنفيذ الأحكام الأجنبية، مكتبة سعيد رأفت للنشر، القاهرة، 1985، ص:38.
[26] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص:336.
[27] طارق البختي، م.س، ص:141.
[28]خالد ممدوح إبراهيم، ابرام العقد الالكتروني دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2011، ص:402.
[29] Les parties désignent un arbitre, un collège ou une institution arbitral qui aura en charge de trancher les désaccords susceptible de survenir durant la vie du contrat, voir
LE CLAINCHE Julien, op.cit, p. 07. Et:
A.CAPRIOLI Eric, Arbitrage et Médiation dans le commerce électronique, “L’expérience du cybertribunal”, op.cit, p. 235
[30] هشام خالد، جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2005، ص:32.
[31] إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، القانون الواجب التطبيق في منازعات عقود التجارة الالكترونية، دراسة مقارنة، رسالة للحصول على درجة الدكتوراه، جامعة عين الشمس، كلية الحقوق، قسم الدراسات العليا، مصر، 2006، ص:340-341.
[32] صابر عبد العزيز سلامة، العقد الالكتروني، م.ط.غ.م، 2005، ص: 8-9.
[33] أحمد شرف الدين، جهات الاختصاص القضائي بمنازعات التجارة الإلكترونية، النسر الذهبي للطباعة، مصر، 2003، ص:6.
[34] سامح محمد عبد الحكم محمود، التحكيم الالكتروني، الدليل الالكتروني للقانون العربي، منشور على موقع www.arablawinfo.com ص:25.
[35] خالد ممدوح إبراهيم، التقاضي الإلكتروني، الدعوى الإلكترونية وإجراءاتها أمام المحاكم، مقال منشور على موقع www.kenanaonline.com، 2008، ص:2.
[36] عادل أبو هشيمة محمود حوته، م.س، ص:295.
[37] هند عبد القادر سليمان، ورقة تقديمية بعنوان، دور التحكيم الإلكتروني في حل منازعات التجارة الالكترونية، المؤتمر المغاربي الأول حول: المعلوماتية والقانون تحت شعار: نحو قانون مغاربي نموذجي للمعلومات، بدون ذكر التاريخ، ص:13.
[38] طارق البختي، م.س، ص:142.
[39] التحكيم عن طريق شبكة الانترنت للفصل في نزاعات التجارة الالكترونية، دورة في التحكيم الالكتروني، القاهرة، 22-18 فبراير 2007 عن موقع www.cyberlaww.net .
[40] عادل حماد أبو عزة، التحكيم الالكتروني في منازعات المعاملات الالكترونية، عن موقع www.aljazirah.com .
[41] محمد إبراهيم أبو الهيجاء، التحكيم بواسطة الانترنت، الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، الطبعة الأولى، 2002، ص:35.
[42] موقع هذه المحكمة على الانترنت هو www.cybertribunal.org
[43] توجان فيصل الشريدة، ماهية وإجراءات التحكيم الالكتروني، مؤتمر التحكيم التجاري الدولي، أهم الحلول البديلة لحل المنازعات التجارية، كلية الشريعة والقانون، وغرفة التجارة والصناعة، دبي أيام 30-28 ابريل 2008، ص:1095.
[44] خالد ممدوح إبراهيم، التحكيم الإلكتروني في عقود التجارة الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2008، ص:304.
[45] أبو الهيجاء محمد إبراهيم، م.س، ص:58.
[46] حسام الدين فتحي ناصف، التحكيم الالكتروني في منازعات التجارة الدولية، دراسة في ضوء الاتفاقات الدولية ولوائح هيئات التحكيم الدولية والقوانين المقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص:49 وتوجان فيصل الشريدة، م.س، ص:1097.
[47] تياب نادية، التحكيم كآلية لتسوية نزاعات عقود التجارة الدولية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع قانون الأعمال، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2006، ص:125.
[48] محمد أمين الرومي، النظام القانوني للتحكيم الإلكتروني، م.س، ص:113.
[49] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص:314-317.
– حيث نصت المادة 25من اتفاقية نيويورك حول تنفيذ الأحكام التحكيمية، ألا يتعارض الحكم التحكيمي مع قواعد النظام العام، تحت طائلة رفض تنفيذه إذا تعارض مع قواعد النظام العام في دولة التنفيذ، كما شددت المحاكم الافتراضية على احترام المحكم المبادئ العامة للقانون كمبدأ المساواة بين الخصوم، فضلا عن احترام مبادئ المواجهة وحقوق الدفاع.
[50] خالد ممدوح إبراهيم، ابرام العقد الالكتروني، م.س، ص:323
[51] عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص:318.
إن كان في المحاكم الافتراضية لا يمكن للأطراف الاعتراض على تعيين المحكمين، فإن غرفة التجارة الدولية تعطي كامل الحرية لاختيار المحكمين إلا في حالة عدم الاتفاق، حسب المادة 3/8 من القواعد المنظمة لها، ونفس الرأي بالنسبة لنص المادة 1/10 من القانون النموذجي الخاص بالتحكيم التجاري الدولي الذي يمنح الحرية التامة للأطراف في الاتفاق على عدد المحكمين.
[52] إيناس الخالدي، التحكيم الالكتروني، دار النهضة العربية القاهرة، 2009، 385.
[53] إيناس الخالدي، م.س، ص:386.
[54] NDIAYE Penda, op.cit, p.111
[55] خالد ممدوح إبراهيم، التحكيم الإلكتروني في عقود التجارة الدولية، م.س، ص:313.
[56] خالد ممدوح إبراهيم، التحكيم عبر الإنترنت، م.س، ص:323.
[57] حسام الدين فتحي ناصف، م.س، ص:63.
أقرت المادة 54 من لائحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والخاصة بتحكيم أسماء الحقول أمام لجنة المنازعات الإدارية أن الحكم يجب أن يغطى بالتوقيع الإلكتروني من لجنة التحكيم، وهذا تفاديا لإخراج التحكيم من إطاره الإلكتروني. حسام الدين فتحي ناصف، المرجع نفسه.
[58] حابت آمال، التحكيم عبر الأنترنت، الملتقى الدولي حول: التحكيم التجاري الدولي بين التكريس التشريعي والممارسة التحكيمية، بجاية أيام 15-14 يونيو 2006، الجزء الأولى، ص: 259-260.
هذه المدة التي أقرتها المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية في نظام التحكيم للمركز التابع لها، وهي نفس المدة التي قررها المركز لصدور الحكم التحكيمي، مع الإشارة أن للأطراف إنهاء المحاكمة عند توصلهما لحل ودي شريطة أن يكون ذلك قبل صدور الحكم.
[59] إيناس الخالدي، م.س، ص:463.
[60] حسام الدين فتحي ناصف، م.س، ص:66.
[61] كما أن لمبدأ سلطان الإرادة، أنه يمكن للأطراف في اتفاق التحكيم النص على قبول الوثائق الإلكترونية في الإثبات أنظر في هذا الموضوع: عادل أبو هشيمه محمود حوتة، م.س، ص:326.
[62] تياب نادية، م.س، ص:164.