دراسات قانونيةسلايد 1

تنازع القوانين في مجال العقود الاستهلاكية الدولية في القانون الجزائري

الملخص:
صدر قانون حماية المستهلك في الجزائر متضمنا مجموعة من الأحكام الموضوعية التي تهدف لحماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة القانونية، غير أن هذه الحماية تقتصر في حقيقة الأمر على العلاقات الداخلية، ولا تتعداها لتشمل العلاقات الدولية الخاصة التي ظلت خاضعة لقواعد الإسناد المتعلقة بتحديد القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية عموما.

لذلك فإن هذه الورقة تهدف أولا إلى البحث فيما إذا كانت هذه القواعد تشكل حماية كافية للمستهلك من جهة القانون الواجب التطبيق، كما أنها تهدف أيضا إلى اقتراح قواعد من شأنها توفير حماية كافية للمستهلك أسوة بالحلول المعتمدة بموجب اتفاقية روما المؤرخة في 17 جوان 2008 والمتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية.

مقدمة
أصدر المشرع الجزائري شأنه في ذلك شأن مختلف التشريعات الحديثة جملة من النصوص القانونية من أجل تحقيق هدف معلن يتمثل في حماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة القانونية التي يواجه فيها متدخلا قويا اقتصاديا.

ومع ذلك فإن الاطلاع على هذه النصوص القانونية من شأنه أن يسمح بالتوصل إلى أنها تقتصر في حقيقة الأمر على حماية المستهلكين من هيمنة المتدخلين الاقتصاديين في إطار العلاقات الداخلية، دون العلاقات الدولية الخاصة التي تخرج من مجال تطبيق قانون حماية المستهلك، مما قد يجعل الطرف الضعيف فيها محروما من الحماية التي يتمتع بها المستهلكون في إطار العلاقات الداخلية، من خلال قانون حماية المستهلك والنصوص القانونية ذات الصلة.

أثار هذا الموضوع انتباهي من خلال قراءاتي للكثير من البحوث العلمية التي تشيد بالجهد الذي بذله المشرع الجزائري من أجل حماية المستهلك، دون الإشارة لهذا الفراغ القانوني الذي يجعل المستهلك فريسة للمتدخل في أغلب الحالات التي يكون فيها العقد الجامع بينهما دوليا.

والواقع أنني حاولت الاطلاع على ما توصلت إليه التشريعات العربية المقارنة بهذا الخصوص، غير أن الوضع القانوني بها لا يختلف في مجمله عما هو كائن في التشريع الجزائري.

وعلى هذا الأساس فإن هذه الدراسة ستحاول الاستفادة من كيفية تعامل القانون المقارن مع العقود الاستهلاكية الدولية، بما تشمله من عقود مبرمة عن بعد أو عقود مبرمة داخليا ولكن يتخللها عنصر أجنبي، يجعلها في النهاية تخرج من مجال تطبيق قانون حماية المستهلك إلى القواعد العامة التي قد يجرد فيها المستهلك من الحماية، ليجد نفسه على قدم المساواة مع المتدخل المتعاقد معه.

فما هو سقف الحماية التي يوفرها القانون الجزائري للمستهلكين لجهة تحديد القانون الواجب التطبيق على العقود الاستهلاكية الدولية، وكيف يمكن إسعافه لتحقيق أكبر حماية للمستهلكين بهذا الخصوص.؟

ذلك ما نحاول البحث فيه ضمن مبحثين، نتطرق في أولهما للتعريف بالعقد الاستهلاكي الدولي باعتبار أن الأمر يتعلق بمسألة أولية تسمح بالإجابة عن إشكاليتين فرعيتين، تتمثل أولهما في تحديد مفهوم العقد الاستهلاكي، وتتعلق ثانيهما بالبحث في المعايير المعتمدة لاعتبار العقد الاستهلاكي دوليا، أما المبحث الثاني فنتعرض من خلاله للبحث في القانون الواجب التطبيق على العقود الاستهلاكية الدولية في التشريع الجزائري، بغية البحث في النقائص التي تعتريه ومحاولة سدها تحقيقا للسياسة التشريعية الرامية لحماية المستهلك.

المبحث الأول

ماهية العقد الاستهلاكي الدولي

إذا كان العقد استهلاكيا داخليا خرج من نطاق تطبيق أحكام القانون المدني إلى تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك وقمع الغش، أما إذا تعلق الأمر بعقد استهلاكي دولي فإنه يخرج من نطاق تطبيق قانون حماية المستهلك وقمع الغش إلى وجوب البحث في منهج التنازع لتحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية.

وعلى هذا الأساس يجب التطرق إلى تحديد نطاق العقد الاستهلاكي بالنظر إلى أطرافه أولا، وتحديد الحالات التي يكون فيها هذا العقد الاستهلاكي دوليا في مرحلة لاحقة.

المطلب الأول: نطاق العقد الاستهلاكي بالنظر إلى أطرافه

عقد الاستهلاك هو العقد الذي يبرم بين طرفين هما: المستهلك من جهة والمهني من جهة أخرى، حيث يلتزم المهني بأن يورد للمستهلك سلعة أو خدمة لاستعماله الشخصي مقابل مبلغ محدد.

هذا التعريف لعقد الاستهلاك يجمع بين المفهوم المادي والقانوني، ويقصد بالمفهوم المادي للاستهلاك فعل الاستهلاك الذي يتمثل في استخدام منتج أو سلعة معينة، أو التمتع بخدمة معينة، أما المفهوم القانوني فيقصد به كل تصرف قانوني يمكن أن يقوم به الشخص قصد الحصول على شيء أو خدمة لإشباع حاجاته الشخصية1.

وبذلك فإن أهم ما يميز عقد الاستهلاك هم أطرافه، حيث نجد أن هناك: المستهلك وهو الطرف الضعيف في العلاقة القانونية لكونه جاهلا بكل ما يتيح له تقدير قيمة السلعة أو الخدمة. ومن جهة أخرى هناك المهني أو المحترف وهو من أطلق عليه المشرع الجزائري مصطلح المتدخل بموجب قانون حماية المستهلك وقمع الغش الساري المفعول2، وهو الطرف القوي في العلاقة القانونية لإحاطته علما بكل ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة محل العقد.

وبناء عليه يمكن تحديد ماهية العقد الاستهلاكي من خلال التعرف على أطرافه على النحو التالي:

أولا – المستهلك سكت المشرع الجزائري عن تعريف المستهلك بموجب القانون رقم 89-02 المؤرخ في 07 فبراير 1989 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك3، إلا أن المرسوم التنفيذي رقم 90-39 المتعلق بمراقبة الجودة وقمع الغش4 قد تضمن تعريفا للمستهلك بموجب المادة الثانية منه التي نصت على أن المستهلك هو “كل شخص يقتني بثمن أو مجانا منتوجا أو خدمة معدين للاستعمال الوسيطي أو النهائي لسد حاجاته أو حاجات شخص آخر أو حيوان يتكفل به.”

كما أن القانون 04-02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية5 قد نص في المادة 2-3 منه على أن المستهلك هو “كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني سلعا قدمت للبيع أو يستفيد من خدمات عرضت مجردة من كل طابع مهني.”

ومن جهة أخرى نص المشرع الجزائري بموجب المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم 97-254 6 المتعلق بالرخص المسبقة لإنتاج المواد السامة التي تشكل خطرا من نوع خاص واستيرادها على أنه يقصد بالمنتوج الاستهلاكي في مفهوم هذا المرسوم، المنتوج النهائي الموجه للاستعمال الشخصي للمستهلك، كما أن الفقرة الثانية من نفس المادة نصت على أن المواد المستعملة في إطار نشاط مهني لا تعتبر منتوجات استهلاكية في مفهوم هذا المرسوم.

لقد لجأ المشرع الجزائري إذن إلى تعريف المستهلك في أكثر من مناسبة بموجب المراسيم التنفيذية لقانون حماية المستهلك الصادر سنة 1989، ورغم إلغاء هذا القانون بموجب القانون رقم 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش بقيت هذه المراسيم سارية المفعول في ظل القانون الجديد الذي لا يزال ينتظر صدور نصوص تنفيذية خاصة به1.

غير أن هذا القانون أورد بين طياته تعريفا للمستهلك بالنص على أنه هو “كل شخص طبيعي أو معنوي، يقتني بمقابل أو مجانا، سلعة أو خدمة موجهة للاستهلاك النهائي من أجل تلبية حاجاته الشخصية أو تلبية حاجات شخص آخر أو حيوان متكفل به.”

وبذلك يكون التشريع الجزائري قد تضمن أكثر من تعريف للمستهلك، غير أن موضوع دراستنا لن ينصب بالضرورة على المقارنة بينها، ولا على النظر إليها بنظرة الناقد التي سبقتنا إليها أقلام كثيرة، عملت على بيان التناقض الذي وقع فيه المشرع الجزائري بشأن تعريفه للمستهلك2، وإنما سنكتفي بتحديد نطاق العقد الاستهلاكي بالنظر إلى أطرافه وفق ما جاء في قانون حماية المستهلك وقمع الغش الساري المفعول.

إن التحليل الحرفي لنص المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك وقمع الغش يؤدي إلى القول بأن تطبيق هذا القانون من حيث الأشخاص يتطلب أن يكون أحد أطراف العلاقة مستهلكا، وأن هذا الوصف لا يمكن إطلاقه اعتباطيا، وإنما يكون بتوافر جملة من الشروط تتمثل إتباعا فيما يلي:

الشرط الأول: أن يتعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي: يتبين من استقراء المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك وقمع الغش الساري المفعول أن المستهلك يمكن أن يكون شخصا طبيعيا كما يمكن أن يكون شخصا معنويا3.

حيث أن هذا القانون لم يترك مجالا للشك فيما إذا كان من الممكن أن يكون الشخص المعنوي مستهلكا، بالنص صراحة على أن المستهلك هو كل شخص طبيعي أو معنوي، خلافا للمادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم 90-39 المعدل والمتمم التي لم تنص صراحة على إمكانية اعتبار الشخص المعنوي مستهلكا1.

الشرط الثاني: أن يقوم الشخص الطبيعي أو المعنوي بالاقتناء: يتعلق تعريف المستهلك الوارد في قانون حماية المستهلك وقمع الغش بالشخص الطبيعي والمعنوي الذي يقوم باقتناء سلعة أو خدمة، حيث أن التفسير الحرفي لنص المادة الثالثة من هذا القانون من شأنه أن يؤدي إلى القول بأن المستعمل غير مشمول بالحماية التي تقررها نصوص قانون حماية المستهلك وقمع الغش2، غير أن عدم ذكر المشرع للمستعمل بموجب هذا النص قد يرجع إلى أن صفتي اقتناء المنتوج واستعماله غالبا ما تجتمع في نفس الشخص3.

ولعل ما يؤخذ على المشرع الجزائري بخصوص المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك وقمع الغش أنه نص على أن صفة المستهلك تمنح لمن يقتني السلعة أو الخدمة مجانا أو بمقابل، في حين أن الاقتناء لا يمكن أن يكون لفظا إلا بمقابل، مما دفع بالبعض إلى القول أن المشرع الجزائري أراد أن يشمل بالحماية، من يستهلك السلعة دون أن يكون قد دفع ثمنها، كما في الحالات التي يتحصل فيها المستهلك على المنتوج كهدية أو هبة، وفي هذه الحالة ينبغي استبدال فعل الاقتناء بلفظ آخر يفيد هذا المعنى في منطوق النص4.

الشرط الثالث: أن يكون محل العقد سلعة أو خدمة: وضع المشرع الجزائري بموجب قانون حماية المستهلك وقمع الغش تعريفا للمنتوج محل عقد الاستهلاك بالنص على أن المنتوج هو كل سلعة أو خدمة يمكن أن تكون موضوع تنازل بمقابل أو مجانا5.

والسلعة هي كل شيء مادي قابل للتنازل بمقابل أو مجانا مثل المنقولات المادية، دون أن تقتصر على الأشياء التي تستهلك بأول استهلاك كالأغذية، لتشمل جميع المنتجات التي تستهلك بمرور الزمن كالسيارات والأجهزة المنزلية، دون أن يتم التمييز بين ما إذا كانت السلعة جديدة أو قديمة1.

أما الخدمة فهي كل عمل مقدم غير تسليم السلعة ولو كان هذا التسليم تابعا أو مدعما للخدمة المقدمة2، حيث أن المشرع نص على إخراج تسليم السلعة من مفهوم الخدمة، وأبقى عليه التزاما مستقلا يقع على عاتق البائع أو المحترف في عقد البيع بموجب المادة 364 من القانون المدني من أجل تحقيق التوازن بين التشريعات3.

ومهما يكن من أمر فإن الخدمة يمكن أن تكون في شكل أداءات ذات طبيعة مادية كالفندقة، أو مالية كالقروض أو فكرية كالعلاج4.

الشرط الرابع: أن تكون السلعة أو الخدمة موجهة للاستعمال النهائي: حتى تتوفر صفة المستهلك في شخص المقتني يجب أن تكون السلع والخدمات موجهة للاستهلاك النهائي، ذلك ما نص عليه المشرع الجزائري صراحة بموجب قانون حماية المستهلك وقمع الغش، واضعا بذلك حدا للجدل الذي كان قائما بشأن المادة الثانية من المرسوم رقم 90-39 المعدل والمتمم5 فيما يتعلق باعتبار المستهلك الوسيط داخلا في نطاق الحماية المقررة للمستهلكين من عدمه6.

وبذلك تنتفي صفة المستهلك عمن يقتني سلعا أو خدمات موجهة للاستعمال الوسيط كونها بهذا الوصف تستخدم لأغراض مهنية، كإعادة الإنتاج والتصنيع والاستثمار وليس للاستهلاك7.

الشرط الخامس: أن يكون الهدف من التعاقد تحقيق غرض شخصي: يعد الغرض من الاقتناء أو الاستعمال معيارا جوهريا فيما يتعلق بتحديد المستهلك المشمول بالحماية بموجب قانون حماية المستهلك والنصوص القانونية ذات الصلة، ذلك أن مصطلح المستهلك ينصرف إلى كل من يهدف إلى تحقيق غرض شخصي أو عائلي بعيدا عن مقتضيات مهنته، كما أن هذا اللفظ يمتد أيضا ليشمل المتعاقد من أجل تلبية حاجات شخص آخر أو حيوان متكفل به[1].

ثانيا: المتدخل

يعد المتدخل ثاني أطراف العلاقة القانونية في العقد الاستهلاكي، وهو المتواجد في مركز قوة مقارنة بالمستهلك، بالنظر لما يتمتع به من قدرات فنية واقتصادية، تجعل منه المهيمن على العلاقة الاستهلاكية، وذلك هو ما يبرر تدخل مختلف التشريعات ومنها التشريع الجزائري من أجل توفير الحماية القانونية للطرف الضعيف وإعادة التوازن للعقد.

هذا وقد كان المشرع الجزائري قد عبر عن هذا الطرف المهيمن بموجب المرسوم التنفيذي رقم 90-266 المتعلق بضمان المنتجات والخدمات[2] باستعمال مصطلح المحترف بمقتضى المادة الثانية التي نصت على أن المحترف هو كل منتج أو صانع أو وسيط أو حرفي أو تاجر أو مستورد أو موزع، وعلى العموم كل متدخل ضمن إطار مهنته في عرض المنتوج أو الخدمة للاستهلاك.

أما قانون حماية المستهلك وقمع الغش فقد امتنع عن تعداد المتدخلين في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك، كما أنه استعمل مصطلح المتدخل للدلالة على المهيمن على العلاقة التعاقدية الاستهلاكية[3]، وقد كان ذلك بموجب المادة الثالثة التي نصت على أن المتدخل هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتدخل في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك.

نفس هذه المادة عرفت عملية وضع المنتوج للاستهلاك بكونها مجموع مراحل الإنتاج والاستيراد والتخزين والنقل والتوزيع بالجملة وبالتجزئة، كما عرفت الإنتاج بكونه مجموع العمليات التي تتمثل في تربية المواشي وجمع المحصول والجني والصيد البحري والذبح والمعالجة والتصنيع والتحويل والتركيب وتوضيب المنتوج بما في ذلك تخزينه أثناء مرحلة تصنيعه وهذا قبل تسويقه الأول.

وبناء على ذلك فإن مصطلح المتدخل هو مصطلح عام يشمل كل من يتدخل في العملية الإنتاجية، سواء كان منتجا للسلعة أو الخدمة، أو مستوردا أو مخزنا أو ناقلا، أو موزعا بالجملة أو التجزئة، لا فرق في ذلك بين ما إذا كان المتدخل شخصا طبيعيا أو معنويا[4].

وفي جميع الأحوال فإن المتدخل يتمتع دائما بمركز أقوى من مركز المستهلك بما لديه من معارف ومعلومات تقنية تتعلق بالمنتجات التي يعرضها واقتداره المالي والمادي، وهو الدائن بالالتزامات الواردة في قانون حماية المستهلك وقمع الغش الذي جاء من أجل تحقيق التوازن بينه وبين المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة القانونية، وليس بغية إعاقة النشاط الاقتصادي للمتدخل الذي لا ينتمي إلى طبقة تختلف عن الطبقة التي ينتمي إليها المستهلك، فكل شخص يمكن وصفه بالمستهلك متى كان الغرض من الاقتناء الاستعمال النهائي للمنتوج أو الخدمة، كما يمكن أن يكون متدخلا، حيث أن التاجر الذي يشتري غذاءه وحاجاته اليومية يتصرف بهذا الوصف كمستهلك، فالعبرة بالوظيفة الاستهلاكية لا بالمركز أو الطبيعة الفئوية التي ينتمي إليها الشخص[5].

المطلب الثاني: معايير دولية العقد الاستهلاكي

يتجاذب تحديد دولية العقود اتجاهان، يعتمد أولهما المعيار القانوني ويأخذ ثانيهما بالمعيار الاقتصادي.

أولا – المعيار القانوني

يرى أنصار المعيار القانوني أن العقد يعد دوليا إذا كان يتخلله عنصر أجنبي يجعله مرتبطا بأكثر من نظام قانوني، سواء كان هذا العنصر متمثلا قي السبب المنشئ للعلاقة القانونية أو متعلقا بأحد أطرافها أو محلها[6].

وبناء عليه فإن العقد الاستهلاكي يعد دوليا وفق هذا المعيار في الحالة التي تختلف فيها جنسية أطرافه، أو في الحالة التي يكون فيها تنفيذه في دولة غير تلك التي يتم فيها الإبرام، أو عندما يتم إبرام العقد في دولة غير الدولة التي يحمل جنسيتها أطراف العقد[7].

وبناء على ذلك فإن العقد الذي يجمع بين جزائري وتونسي يعتبر دوليا، شأنه في ذلك شأن العقد الذي يجمع بين جزائريين، في الحالة التي يتم فيها الإبرام داخل حدود دولة أجنبية.

ومع ذلك فإن أنصار المعيار القانوني قد انقسموا إلى قسمين في تعاملهم مع العناصر الأجنبية التي تجعل من العقود المبرمة دولية، فكانت النتيجة أن ظهر اتجاهان:

الاتجاه الأول: اعتمده الفقه التقليدي ويميل إلى المساواة بين جميع العناصر القانونية المرتبطة بالعقد، حيث يترتب على وجود أحد العناصر القول بتوافر العنصر الأجنبي المرتبط بالعقد والذي يجعله مكتسبا للصفة الدولية، مما يتيح للأطراف إمكانية اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد المبرم بينهما[8].

هذا الرأي كان محل نقد مفاده أنه يتميز بالجمود لكونه يؤدي إلى إخضاع العقد لقواعد القانون الدولي الخاص بمجرد ارتباطه بعنصر أجنبي أيا كانت درجة أهميته[9].

الاتجاه الثاني: اعتمده الفقه الحديث الذي يرفض اعتبار جميع العناصر المرتبطة بالعقد متساوية من حيث الفعالية، مفرقا في ذلك بين العناصر الأجنبية الفعالة وغير الفعالة، فإذا كان العقد مرتبطا بعنصر أجنبي فعال كان دوليا، أما إذا كان ارتباطه متعلقا بعنصر أجنبي غير فعال فلا يمكن اعتباره دوليا، ولا مجال لإعمال قواعد التنازع بشأنه[10].

وعلى هذا الأساس يذهب أنصار هذا الرأي إلى أن اختلاف جنسية الأطراف المتعاقدة لا يمكن اعتباره عنصرا أجنبيا فعالا، لأن ضابط الجنسية ليس من شأنه التعبير عن طبيعة العقد، إلا إذا اجتمع هذا العنصر مع عناصر أخرى[11].

كما أن مكان إبرام العقد لا يمكن اعتباره وفق هذا الاتجاه عنصرا فعالا، لأنه عنصر محايد لا يمكن أن يؤدي إلى إصباغ العقد بالصفة الدولية، لاسيما في الحالات التي يمكن فيها تحديد محل إبرام العقد من قبيل الصدفة[12].

أما مكان تنفيذ العقد واختلاف موطن المتعاقدين، فإنها من العناصر الفعالة التي يؤدي تواجدها إلى اعتبار العقد من العقود الدولية، لا فرق في ذلك بين ما إذا كان أطرافه متحدي الجنسية أو حاملين لجنسيات مختلفة3.

ومعنى ذلك أنه إذا أبرم عقد بين جزائريين يقيم أحدهما في تونس والآخر في سوريا، فإن هذا العقد يعتبر عقدا دوليا وفق هذا الاتجاه الفقهي، على أساس أن تسليم البضاعة تتم في دولة تختلف في الأغلب عن الدولة التي سيدفع فيها الثمن، لسبب بسيط هو أن محل إقامة المتعاقدين مختلف.

ومهما يكن من أمر فإن اعتماد المعيار القانوني في وصف العقد من حيث كونه دوليا أو وطنيا، يعني ارتباط العقد بعنصر أجنبي، فإذا أخذنا بالرأي القائل بأن العنصر الأجنبي يجب أن يكون فعالا، فإنه يتعين على القاضي الوطني تكييف العنصر الأجنبي المرتبط بالعقد، بالبحث فيما إذا كان فعالا أم لا، ويعد ذلك مسألة أولية يجب إخضاعها لقانون القاضي تحت رقابة المحكمة العليا باعتبار المسألة مسألة قانون لتعلقها بتكييف العلاقة القانونية، وهو تكييف أولي يهدف إلى تحديد ضابط الإسناد ويخضع لقانون القاضي المعروض أمامه النزاع1.

ثانيا: المعيار الاقتصادي

إذا كان المعيار القانوني متمثلا في ارتباط العقد بأكثر من نظام قانوني، فإن المعيار الاقتصادي يعتبر العقد دوليا متى كان يتعدى بتبعاته وآثاره الاقتصاد الداخلي للدولة، وبحركة رؤوس الأموال خارج الحدود2.

والنتيجة هي أن العقد يعتبر دوليا وفقا للمعيار الاقتصادي متى كان من شأنه المساس بمعطيات التجارة الدولية3، مما يعني أنه يرتب نقل بضاعة من دولة لأخرى، مقابل نقل الثمن أو نقل بضاعة من الدولة الثانية للدولة الأولى4. ولعل هذا المعيار يجد تكريسا له في مجال العقود الاستهلاكية الالكترونية على أساس أن المجال الرئيسي الذي يكثر فيه هذا النوع من التعاقد هو التجارة الالكترونية التي تتم عبر شبكات الانترنت، وبناء على ذلك فإن هذا المعيار يبني الصفة الدولية للعقد على أساس طبيعته الاقتصادية الدولية التي تظهر من خلال ما يلي5:

أولا- أن العقد يعد دوليا إذا كان من شأنه نقل البضائع ورؤوس الأموال والخدمات عبر الحدود، وهو ما يتم في الغالب في مجال التعاقد الإلكتروني.

ثانيا– أن العقد يكون دوليا إذا كان متضمنا لعمليات تتجاوز النطاق الاقتصادي الداخلي، وعقد الاستهلاك كثيرا ما يتسم بالطابع الاقتصادي الدولي ضمن ما يسمى بعقود التجارة الإلكترونية الدولية6.

المبحث الثاني

القانون الواجب التطبيق على العقد الاستهلاكي الدولي في التشريع الجزائري

خص المشرع الجزائري الالتزامات التعاقدية في إطار منهج التنازع بمادتين هما:

1- المادة 18 من القانون المدني التي تنص على ما يلي: “يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين، إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد،

وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة،

وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون محل الإبرام،

غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه.”

ومعنى ذلك أن المشرع الجزائري اعتمد ضابط إسناد أصلي هو قانون الإرادة، وثلاث ضوابط إسناد احتياطية هي: قانون الموطن المشترك، قانون الجنسية المشتركة، وقانون محل الإبرام1.

2- المادة 02 من قانون التجارة الإلكترونية التي تنص على ما يلي:” يطبق القانون الجزائري في مجال المعاملات الإلكترونية في حالة ما إذا كان أحد أطراف العقد الإلكتروني متمتعا بالجنسية الجزائرية، أو مقيما إقامة شرعية في الجزائر، أو شخصا معنويا خاضعا للقانون الجزائري، أو كان العقد محل إبرام أو تنفيذ في الجزائر.”

وبناء عليه فإن تحديد القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية الدولية من حيث الموضوع يتطلب الرجوع إلى هذه المواد تحديدا، حتى ولو كان الأمر متعلقا بعقد دولي استهلاكي يحتاج فيه المستهلك لحماية تشريعية خاصة، سواء في مرحلة إبرام العقد أو في مرحلة تنفيذه، وذلك لعدم وجود نصوص قانونية أخرى تسمح بمعاملته معاملة حمائية على النحو المعمول به في إطار العقود الداخلية الخاضعة لأحكام موضوعية خاصة.

وعلى هذا الأساس سنتطرق للبحث في القانون الواجب التطبيق على العقد الاستهلاكي الدولي في التشريع الجزائري، بالبحث في ضوابط الإسناد المعتمدة تشريعا، قبل اللجوء إلى تقييم درجة الحماية التي يتمتع بها المستهلك في العقود الاستهلاكية الدولية طبقا للقانون الجزائري.

المطلب الأول: ضوابط الإسناد المعتمدة في قانون المدني الجزائري باعتباره شريعة عامة:

يتبين من استقراء المادة 18 من القانون المدني الجزائري أن تحديد القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية بما فيها العقود الاستهلاكية الدولية يتطلب التفرقة بين حالتين:

الحالة الأولى هي التي يكون فيها محل العقد عقارا، وهي لا تثير أي إشكال لأن موضوع العقد الذي يكون محله عقارا يخضع لقانون موقع العقار الذي يتحدد بالقانون الجزائري إذا كان العقار موجودا في الجزائر، ويتعين في مثل هذه الحالة إعمال قانون حماية المستهلك وقمع الغش على المستهلك الذي يكون طرفا في العقد، بما يوفره هذا القانون من حماية خاصة له باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة القانونية إذا كان المتعاقد معه مهنيا، لا فرق في ذلك بين ما إذا كان العقد داخليا أو دوليا.

الحالة الثانية هي التي يكون فيها محل العقد منقولا، وهي الحالة التي يتعين التفرقة بشأنها بين ما إذا كان هناك اتفاق يلجأ بموجبه أطراف العقد إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع العقد في حالة المنازعة، وبين ما إذا سكت أطراف العقد الدولي عن تحديد القانون الواجب التطبيق على المنازعات التي تنشأ بينهم.

وبناء على ذلك فإن العقد الدولي قد يخضع لضابط إسناد أصلي هو قانون الإرادة، وقد يخضع لضوابط إسناد احتياطية.

أولا- قانون الإرادة باعتباره ضابط إسناد أصلي

إذا اتفق الأطراف على إخضاع المنازعات الناشئة عن عقدهم لقانون معين، كانت جميع منازعاتهم خاضعة لهذا القانون طبقا لما اصطلح على تسميته في القانون الدولي الخاص بقانون الإرادة1.

هذا الاتفاق قد يدرج في العقد في صورة بند اتفاقي، وقد يكون في صورة اتفاق مستقل عن الاتفاق الأصلي2.

وفي جميع الأحوال قد يكون التعبير عن الإرادة صريحا، كما قد يكون ضمنيا، ومقتضى التعبير الصريح أن يتفق الطرفان على إخضاع عقدهما لقانون معين بصريح عبارات العقد، أما مقتضى التعبير الضمني فيتمثل في أن لا يصرح الطرفان بإخضاع عقدهما لقانون معين، وإنما يتم استخلاص هذا القانون من ظروف التعاقد كاللغة التي يتم تحرير العقد بها ضمن ما يسمى بقانون الإرادة الضمني3.

وبالرجوع إلى القانون الجزائري يلاحظ أن الفقه الجزائري قد اختلف في تفسيره لنص المادة 18 من القانون المدني منقسما بهذا الخصوص إلى اتجاهين4: الاتجاه الأول: يرى وجوب الاعتداد بالإرادة الصريحة وحدها، على أساس أن المشرع الجزائري لو أراد الأخذ بالإرادة الضمنية لنص على ذلك صراحة كما فعلت بعض التشريعات الأجنبية.

الاتجاه الثاني: يرى وجوب الاعتداد بالإرادة الصريحة والضمنية، على أساس أن التعبير عن الإرادة في التشريع الجزائري قد يكون صريحا أو ضمنا5.

خلاصة القول أنه في الحالة التي يتم فيها تكييف العقد على أنه عقد استهلاكي بالنظر إلى الشروط التي تضمنتها هذه الدراسة، وكان هذا العقد دوليا وفق ما تم توضيحه سابقا، فإنه سيخرج من الاختصاص التشريعي الجزائري، ليطرح تساؤل مهم يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق عليه من الناحية الموضوعية، ويتم ذلك مبدئيا وفق المادة 18 من القانون المدني الجزائري التي يؤدي إعمالها إلى إخضاع عقد الاستهلاك الدولي لقانون الإرادة، أي للقانون المتفق عليه بين المستهلك والمتدخل، سواء كان هذا الاتفاق صريحا لا يحتاج لأي اجتهاد، أو ضمنيا يقوم القاضي باستخلاصه من ظروف التعاقد1.

ومع ذلك يجب أن يكون هناك حد أدنى من الارتباط بين العقد الدولي والقانون المتفق عليه، وهو ما عبر المشرع الجزائري في المادة 18 من القانون المدني بقوله إن القانون المختار يجب أن تكون له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.

ذلك هو جديد القانون رقم 05-102 المعدل والمتمم للقانون المدني الصادر بموجب الأمر رقم 75- 583 الذي لم يكن يقيد قانون الإرادة بوجوب وجود صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد4. ومع ذلك ينبغي التساؤل عن الحالة التي يختار فيها المتعاقدين قانونا لا علاقة له بهما أو بعقدهما، وذلك ما نجيب عنه فيما يلي:

ثانيا- ضوابط الإسناد الاحتياطية:

تلحق الحالة التي يختار فيها الطرفان المتعاقدان قانونا لا علاقة له بهما أو بعقدهما، بالحالة التي يسكتان فيها عن تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد صراحة، وتلك التي يستحيل فيها على القاضي استخلاصه من ظروف التعاقد، حيث يتعين على القاضي في جميع هذه الحالات إعمال ضوابط إسناد أخرى تضمنتها المادة 18 من القانون المدني وهي على التوالي: قانون الموطن المشترك للمتعاقدين، قانون الجنسية المشتركة للمتعاقدين، قانون محل إبرام العقد.

المطلب الثاني: ضوابط الإسناد المعتمدة في قانون التجارة الإلكترونية الجزائري

يجب التعامل مع المادة الثانية من قانون التجارة الإلكترونية على أنها قاعدة إسناد استثنائية عن القاعدة العامة الواردة في المادة 18 من القانون المدني لتعلقها بالعقود الدولية الإلكترونية حصرا، وهي قاعدة قام المشرع الجزائري بصياغتها بطريقة أحادية، بحيث أنها تؤدي إلى تطبيق القانون الجزائري دون غيره.

ويتطلب تطبيق هذه المادة بإخضاع العقد الاستهلاكي الدولي للقانون الجزائري أن يكون العقد إلكترونيا، ومعنى ذلك أن يكون قد أبرم عن بعد دون الحضور الفعلي والمتزامن لأطرافه باللجوء حصرا لتقنية الاتصال الإلكتروني، كما أنه يجب أن يكون أحد أطراف هذا العقد جزائريا أو مقيما في الجزائر أو شخصا معنويا خاضعا للقانون الجزائري أو أن يتعلق الأمر بعقد اتخذ أطرافه من الجزائر مكانا للإبرام أو مكانا للتنفيذ.

ومقتضى ذلك أن الأمر لا يخلوا في القانون الجزائري بشأن القانون الواجب التطبيق على موضوع العقود الاستهلاكية الدولية من أحد الاحتمالين الآتيين:

– إما أن يدخل العقد الاستهلاكي الدولي في مجال تطبيق قانون التجارة الإلكترونية بأن يكون عقدا إلكترونيا ومتوافرا على الشروط المنصوص عليها في الماد 02 من قانون التجارة الإلكترونية وهنا يخضع للقانون الجزائري دون سواه،

– وإما ألا يدخل العقد الاستهلاكي الدولي في مجال تطبيق قانون التجارة الإلكترونية وهنا يتعين إخضاعه للقاعدة العامة الواردة في المادة 18 من القانون المدني باعتبارها الشريعة العامة.

المطلب الثالث: تقييم موقف المشرع الجزائري

يكمن الهدف من إدراج مثل هذا العنوان في الوقوف عند القصور الذي يعاني منه التشريع الجزائري لجهة تحديد القانون الذي يحكم العقد الاستهلاكي الدولي، قبل الانتقال إلى اقتراح كيفية سد هذا النقص التشريعي بسن قاعدة إسناد حمائية لفائدة جميع المستهلكين الذين يكونون طرفا في عقد دولي دون استثناء، وتقديم حلول انتقالية في انتظار ذلك.

أولا- قصور التشريع الجزائري لجهة تحديد القانون الذي يحكم العقد الاستهلاكي الدولي

إن العقد الاستهلاكي هو في النهاية عقد من شأنه أن ينشئ التزامات في ذمة الطرفين المتعاقدين، وعندما نتحدث عن الالتزامات نتحدث بالضرورة عن الحقوق، لأن كل التزام يقابله حق من حيث أن كل من الالتزامات والحقوق وجهان لعملة واحدة.

كما أن الحديث عن الحقوق يستدعي بالضرورة التعرض لكيفية حمايتها بتمكين صاحب المصلحة من الولوج إلى القضاء عن طريق الدعوى القضائية التي يكون موضوعها إلزام أحد طرفي العقد الاستهلاكي الدولي على تنفيذ التزاماته التعاقدية.

يتعلق الأمر إذن بالحماية التي يتمتع بها المستهلك عند عدم تنفيذ المتدخل للالتزامات التعاقدية في التشريع الجزائري، والهدف هو تسليط الضوء على مدى الحماية التي يتمتع بها المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد الاستهلاكي الدولي، بالبحث عن مدى تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة في مرحلة تنفيذ هذا العقد.

لا أحد ينكر أن المشرع الجزائري خص المستهلك بحماية خاصة ضمن قانون حماية المستهلك ومراسيمه التطبيقية المختلفة، ومع ذلك فإن الاطلاع على هذه النصوص من شأنه أن يسمح بالتوصل إلى أنها تقتصر على حماية المستهلكين في إطار العلاقات الداخلية دون العلاقات الدولية الخاصة التي تخرج من مجال إعمالها، لاسيما فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الاستهلاكي الدولي الذي يخرج من مجال تطبيق قانون حماية المستهلك، مما يجعل الطرف الضعيف فيه خاضعا للأحكام العامة مبدئيا، ومحروما بالتالي من الحماية التي يتمتع بها المستهلكون في إطار العلاقات الداخلية من خلال قانون حماية المستهلك والنصوص القانونية ذات الصلة.

ويقصد بالأحكام العامة هنا نص المادة 18 من القانون المدني الجزائري وهي قاعدة إسناد قام المشرع بتعديلها سنة 2005 محتفظا بضوابط الإسناد الاحتياطية، ومقيدا قانون الإرادة بوجوب كونه ذا صلة بالمتعاقدين وبالعقد.

و الملاحظ حين تحليل نص المادة 18 من القانون المدني قبل تعديله أن إخضاع العقد الدولي الاستهلاكي لقانون الإرادة من شأنه أن يؤدي إلى تجريد المستهلك الجزائري من الحماية المقررة له في إطار قانون حماية المستهلك لمجرد كونه قد أبرم عقدا دوليا مع محترف أدرج شرطا في العقد مقتضاه إخضاع العقد الذي يجمع بينهما لقانون يخدم مصلحته.

ومع أن المشرع الجزائري عدل نص المادة 18 من القانون المدني، فإن المتدخل يبقى له هامش حرية في اختيار القانون الذي يوفر أدنى حماية للمستهلك من بين القوانين المرتبطة بالعقد وبالمتعاقدين.

هذا ومن الممكن القول إن المشرع الجزائري كان له عذره قبل 2005 تاريخ تعديل القانون المدني، في ترك المستهلك مجردا من الحماية في إطار العقود الدولية الاستهلاكية لجهة تحديد القانون الواجب التطبيق، على أساس أن السياسة التشريعية لم تكن قد اتجهت بعد نحو حماية المستهلكين حين صدور القانون المدني الجزائري سنة 1975.

أما بعد سنة 2005 فقد كان يجب عليه أن يأخذ بعين الاعتبار وجود عقود استهلاكية دولية عندما عدل قاعدة الإسناد التي تحكم العقود الدولية عموما، حيث كنا نتوقع أن يتأثر المشرع الجزائري بقانون حماية المستهلك بشكل أكبر عن طريق إدراج قاعدة إسناد خاصة بالعقود الدولية الاستهلاكية يرفع من خلالها سقف حماية المستهلكين.

وظل الواقع التشريعي على ما هو عليه إلى سنة 2018 تاريخ صدور قانون التجارة الإلكترونية1 الذي نص عل إخضاع العقود الاستهلاكية الإلكترونية الدولية للقانون الجزائري متى كان أحد أطراف العلاقة القانونية جزائريا، أو مقيما في الجزائر، أو كان شخصا معنويا خاضعا للقانون الجزائري، أو كانت الجزائر مكانا لإبرام العقد أو تنفيذه.

ومعنى ذلك أنه يتعين تطبيق الأحكام القانونية المتعلقة بحماية المستهلك المنصوص عليها في القانون الجزائري في جميع الحالات التي يتعلق فيها الأمر بعقد استهلاكي إلكتروني دولي شريطة أن يكون أحد أطراف العلاقة جزائريا، أو مقيما في الجزائر، أو أن يتعلق الأمر بشخص معنوي خاضع للقانون الجزائري، أو أن يكون العقد قد أبرم في الجزائر، أو أن تكون الجزائر هي مكان التنفيذ، مع ما يشكل ذلك من حماية للمستهلكين بضمان الحماية القانونية المقررة لصالحهم بمقتضى قانون حماية المستهلك الجزائري، ولكن هذه الحماية تقتصر فقط على العقود الاستهلاكية الالكترونية دون غيرها، مما يعني أن المستهلك في العقد الاستهلاكي الدولي غير الالكتروني محروم من هذه الحماية من حيث بقائه خاضعا لقانون الإرادة تطبيقا للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 18 من القانون المدني.

ثانيا ضرورة سن ضابط إسناد حمائي لفائدة المستهلكين عموما

إذا كان قانون التجارة الإلكترونية الجزائري قد جاء بنص قانوني من شأنه توفير الحماية للمستهلك الجزائري على الأقل في إطار العقود الاستهلاكية الإلكترونية الدولية بعدم تركه خاضعا لقانون الإرادة، فإن أغلب التشريعات العربية سكتت عن إيراد ضابط إسناد حمائي لمصلحة المستهلكين في إطار العقود الاستهلاكية الدولية عموما، مما يؤدي إلى ترك المستهلكين فريسة لقانون الإرادة، لاسيما عندما لا يتفاوضون لجهلهم بوجود بند اتفاقي يحدد القانون الواجب التطبيق على موضوع العقد، أو لعدم وعيهم بمدى تأثير هذا البند على حقوقهم.

أما دول الاتحاد الأوروبي- بما في ذلك فرنسا وباستثناء الدانمارك والمملكة المتحدة- فقد أدرجت اتفاقية روما ضمن قوانينها الوطنية التي أصبحت تتضمن قاعدة إسناد خاصة بالعقود الاستهلاكية الدولية عموما، هدفها الأول والأخير حماية المستهلك في إطار العقود الدولية1.

ومقتضى هذه القاعدة يتمثل في إخضاع العقد الاستهلاكي الدولي لقانون الإرادة مع وجوب التفرقة بين حالتين للتقليص من مجال إعمال هذا القانون2:

الحالة الأولى: إذا سكت الأطراف عن تحديد هذا القانون فإن العقد الاستهلاكي يخضع لقانون محل إقامة المستهلك المعتاد، شريطة أن يكون المحترف ممارسا لنشاطه الاحترافي في الدولة التي يقيم فيها المستهلك، أو أن يكون موجها لنشاطه الاحترافي بأي وسيلة كانت نحو هذا البلد، وأن يكون محل العقد داخلا ضمن هذا النشاط.

الحالة الثانية: إذا تم اختيار القانون الواجب التطبيق، فإنه يجب احترام هذا الاختيار متى كان القانون المختار يحقق للمستهلك سقف حماية أكبر مقارنة بسقف الحماية التي يوفرها له قانون محل إقامته، أما إذا كانت الحماية التي يوفرها قانون الإرادة للمستهلك لا ترقى إلى الحماية المقررة له بموجب قانون محل إقامته، فإنه يجب استبعاد القانون المختار لصالح قانون محل إقامة المستهلك المعتاد.

مثل هذا الحل يحقق سقف حماية معتبر للمستهلك، وهو حل يمكن اعتماده في التشريع الجزائري حتى لا يبقى المستهلك فريسة للمتدخل لجهة تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع العقد الاستهلاكي الدولي غير الإلكتروني.

غير أنه في انتظار ذلك يمكن اعتبار الشرط الذي يتم بموجبه إخضاع العقد الاستهلاكي الدولي لقانون معين بمثابة شرط تعسفي متى أدى إلى خلق إخلال ظاهر بالتوازن بين حقوق وواجبات الأطراف، لا سيما إذا كان المتدخل قد اشترط في العقد إخضاع المستهلك لقانون معين يختلف عن القانون الذي يخضع له هو في حالة التنازع تحقيقا لمصلحته، أو في الحالة التي يتم فيها إخضاع المستهلك لقانون معين، و ترك الخيار للمتدخل في تحديد القانون الذي يريد الخضوع له عند حصول النزاع.

ومع ذلك فإن إمكانية الاستنجاد بهذا الحل في إطار القانون الجزائري يبقى محدودا من حيث أن التنظيم التشريعي للشروط التعسفية في ظل قانون الممارسات التجارية يقتصر على عقود البيع دون غيرها من العقود الاستهلاكية1.

لذلك يرجى من القاضي الجزائري أن لا يتوانى في استبعاد القانون المختار كلما نزل بسقف حماية المستهلك مقارنة بقانون محل إقامة هذا الأخير، وتأسيس هذا الحكم يمكن أن يندرج تحت مخالفة قانون الإرادة للنظام العام الجزائري تطبيقا للمادة 24 من القانون المدني2، على اعتبار أن قانون حماية المستهلك يتضمن أحكاما آمرة لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها.

ولكن ما هو الحل إذا كان القانون المختار يحقق سقف حماية أعلى للمستهلك مقارنة بالقانون الجزائري؟

لا يمكن في تقديري تجزئة فكرة النظام العام، وبالتالي فإذا أردنا اعتماد المادة 24 من القانون المدني لاستبعاد قانون يحقق حماية أدنى للمستهلك، فالمفروض اعتماد نفس المادة لاستبعاد قانون يحقق للمستهلك حماية أكبر من تلك التي يحققها قانونه الوطني، اللهم إلا إذا تمسك القاضي الجزائري بوجوب تطبيق القانون المختار حماية للمستهلك الجزائري بدعوى أن السياسة التشريعية تسير في الجزائر نحو تحقيق أكبر حماية للمستهلك باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقات التعاقدية الداخلية والدولية.

غير أنه درءا للشك ننتظر أن يتأثر المشرع الجزائري إيجابا بقانون حماية المستهلك لجهة القانون الواجب التطبيق على العقود الاستهلاكية الدولية جميعها إلكترونية كانت أو غير إلكترونية، وذلك بكبح جماح قانون الإرادة الذي يصلح أن يكون قاعدة إسناد أصلية على النحو الوارد في المادة 18 من القانون المدني فيما يتعلق بالعقود الدولية المتكافئة الأطراف، خلافا لعقود الاستهلاك الدولية التي يتعين على المشرع الجزائري حماية المستهلك الذي يكون طرفا فيها باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة القانونية في جميع الأحوال.

الخاتمة

ظهرت رغبة المشرع الجزائري في حماية المستهلكين ابتداء من عام1989 بمناسبة إصداره لقانون حماية المستهلك ومراسيمه التطبيقية منتهجا السياسة التشريعية لمختلف دول العالم بغية حماية الطرف الضعيف في العلاقة القانونية.

ومنذ هذا التاريخ أصبحت العقود الاستهلاكية تخرج عن نطاق تطبيق الأحكام العامة المنصوص عليها في القانون المدني، ومع ذلك فقد ترك المشرع الجزائري المستهلكين في العقود الاستهلاكية الدولية فريسة للمحترفين لجهة تحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية، لكونه سكت عن وضع قاعدة إسناد خاصة بهذا النوع من العقود تاركا إياها خاضعة لنص المادة 18 من القانون المدني، إلى غاية سنة 2018 تاريخ صدور قانون التجارة الالكترونية الذي صاغ قاعدة إسناد أحادية من شأنها توفير حماية خاصة للمستهلك في العقود الدولية الالكترونية دون غيرها لجهة تحديد القانون الواجب التطبيق.

وعلى هذا الأساس فإنه يجب تطبيق المادة 18 من القانون المدني الجزائري كلما كان العقد الدولي غير إلكتروني، وفي هذه الحالة يتعين تقييد قانون الإرادة المنصوص عليه في هذه المادة ليس فقط بوجوب كونه مرتبطا بالعقد أو بأحد المتعاقدين، وإنما أيضا بوجوب توفيره لسقف حماية أدنى هو سقف الحماية التي يوفرها له قانون محل إقامته.

أما الحلول المقترحة في هذا المقال فإنها لا تعدو أن تكون حلولا انتقالية يمكن إعمالها في انتظار تدخل المشرع الجزائري من أجل تخصيص قاعدة إسناد من شأنها إخراج جميع العقود الاستهلاكية الدولية من نطاق المادة 18 من القانون المدني.

قائمة المراجع والمصادر باللغة العربية

أولا – الكتب

1- حبار محمد/ القانون الدولي الخاص، دار الرؤى للنشر والتوزيع، الجزائر، 2013.

2- علي علي سليمان/ مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري، الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1980.

3- قادة شهيدة/ المسؤولية المدنية للمنتج، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2007.

4 – محمد بودالي/ حماية المستهلك في القانون المقارن، دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي، دار الكتاب الحديث، 2006.

5- هشام صادق/ القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، دراسة تحليلية ومقارنة، منشأة المعارف، الأسكندرية، طبعة 1995.

ثانيا- المقالات

1- أنور رسلان/ الحماية التشريعية للمستهلك، بحث منشور في إطار أعمال مؤتمر المستهلك في الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة 6 و7 ديسمبر 1998.

2- عبد الرزاق بولنوار/ المهني والمستهلك طرفان متناقضان في العلاقة الاستهلاكية، دراسة في ضوء القانون الجزائري والفرنسي، مجلة دفاتر السياسة والقانون، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، العدد الأول، جوان 2009.

3- عبد النور أحمد/ حماية المستهلك ضد اتفاق الخضوع الاختياري في القانون الدولي الخاص الجزائري، المركز الجامعي البيض، 2014.

4- محمد بودالي/ مدى خضوع المرافق العامة ومرتفقيها لقانون حماية المستهلك، مجلة الإدارة، عدد 24، المدرسة الوطنية للإدارة، 2002.

5- محمد عماد الدين عياض/ مداخلة ضمن أعمال الملتقى الوطني الخامس بجامعة سكيكدة حول حماية المستهلك في ظل القانون 09-03، دون ذكر للتاريخ.

6- مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة/ القانون الواجب التطبيق على عقود الاستهلاك الالكترونية ذات الطابع الدولي، دراسات علوم الشريعة والقانون، المجلد 41، العدد الثاني، 2014.

7- زوزو هدى/ آليات حماية المستهلك من مخاطر التعاقد الإلكتروني في التشريع الجزائري، مجلة الحقوق والحريات، العدد الرابع، 2017.

ثالثا- المذكرات

1- جرعود الياقوت/ عقد البيع وحماية المستهلك، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية الحقوق، بن عكنون، 2003.

2- شعباني حنين / التزام المتدخل بضمان سلامة المستهلك في ضوء قانون حماية المستهلك وقمع الغش، مذكرة ماجستير في العلوم القانونية، فرع المسؤولية المهنية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2011-2012.

3- صياد الصادق/ حماية المستهلك في القانون الجديد 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية والإدارية، 2013-2014.

رابعا- النصوص القانونية

الأمر 75- 58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن للقانون المدني الجزائري المعدل والمتمم بالقانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
القانون رقم 89-02 المؤرخ في 7 فبراير 1989، المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية عدد 06، الصادرة بتاريخ 8 فبراير 1989.
المرسوم التنفيذي رقم 90-39 المؤرخ في 30 جانفي 1990 المتعلق بمراقبة الجودة وقمع الغش، الجريدة الرسمية عدد5، معدل ومتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 01-315 المؤرخ في 16 أكتوبر 2001، الجريدة الرسمية عدد 61، الصادرة في 21 أكتوبر 2001.
المرسوم التنفيذي رقم 90-266 المتعلق بضمان المنتجات والخدمات، المؤرخ في 15 سبتمبر 1990، جريدة رسمية عدد 40 .
المرسوم التنفيذي رقم 97-254 المتعلق بالرخص المسبقة لإنتاج المواد السامة التي تشكل خطرا من نوع خاص واستيرادها، مؤرخ في 08 جويلية، الجريدة الرسمية 1997، عدد 46، الصادرة في 9 جويلية 1997.
القانون 04-02 المؤرخ في 23 جوان 2004، يحدد القانون المطبق على الممارسات التجارية، الجريدة الرسمية عدد 41، الصادرة في 27 جوان 2004 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 10-06 المؤرخ في 15 أوت 2010، الجريدة الرسمية عدد 46، الصادرة في 18 أوت 2010.
القانون رقم 09-03 المؤرخ في 25 فبراير 2009 يتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، الجريدة الرسمية عدد 15، الصادرة بتاريخ 8 مارس 2009.
المرسوم التنفيذي رقم 12-203 المؤرخ في 6 ماي 2012، يتعلق بالقواعد المطبقة في مجال أمن المتوجات، الجريدة الرسمية العدد28، المؤرخة في 6 ماي 2012.
القانون رقم 18-05 المؤرخ في 10 ماي 2018 المتعلق بالتجارة الإلكترونية، الجريدة الرسمية عدد 28.
ثانيا- المراجع باللغة الفرنسية

Henri Battiffol/ contrats et conventions, Encyclopédie-Dalloz, droit international privé.
Kouadia Pacome Fieni/ la preuve sur internet : le cas de la vente en ligne, mémoire DEA,
Pierre Mayer, DIP, Paris, Montchresten, 1977, n° 670
Règlement CE n° 593-2008 du parlement européen et du conseil du 17 Juin 2008 sur la loi applicable aux applications contractuelles Rome I, publié au journal n° L177/ 4 Avril 2008, page 8 concernant les contrats conclus à partir du 17 Décembre 2009.

1 أنور رسلان/ الحماية التشريعية للمستهلك، بحث منشور في إطار أعمال مؤتمر المستهلك في الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة 6 و7 ديسمبر 1998ص 81.

2 القانون رقم 09-03 المؤرخ في 25 فبراير 2009 يتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، الجريدة الرسمية العدد 15، الصادرة بتاريخ 8 مارس 2009.

3 القانون رقم 89-02 المؤرخ في 7 فبراير 1989، المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية العدد 06، الصادرة بتاريخ 8 فبراير 1989.

4 المرسوم التنفيذي رقم 90-39 المؤرخ في 30 جانفي 1990 المتعلق بمراقبة الجودة وقمع الغش، الجريدة الرسمية عدد5، معدل ومتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 01-315 المؤرخ في 16 أكتوبر 2001، الجريدة الرسمية عدد 61، الصادرة في 21 أكتوبر 2001.

5 القانون 04-02 المؤرخ في 23 جوان 2004، يحدد القانون المطبق على الممارسات التجارية، الجريدة الرسمية عدد 41، الصادرة في 27 جوان 2004 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 10-06 المؤرخ في 15 أوت 2010، الجريدة الرسمية عدد 46، الصادرة في 18 أوت 2010.

6 المرسوم التنفيذي رقم 97-254 المتعلق بالرخص المسبقة لإنتاج المواد السامة التي تشكل خطرا من نوع خاص واستيرادها، مؤرخ في 08 جويلية، الجريدة الرسمية 1997، عدد 46، الصادرة في 9 جويلية 1997.

1 صدر لهذا القانون مرسوما تنفيذيا واحدا، ويتعلق الأمر بالمرسوم التنفيذي رقم 12-203 المؤرخ في 6 ماي 2012، يتعلق بالقواعد المطبقة في مجال أمن المتوجات، الجريدة الرسمية العدد28، المؤرخة في 6 ماي 2012.

2 يراجع على سبيل المثال صياد الصادق/ حماية المستهلك في القانون الجديد 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية والإدارية، 2013-2014.

3 نفس هذا الموقف تبناه المشرع الجزائري في تعريفه للمستهلك بموجب القانون رقم 04-02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية، الجريدة الرسمية الصادرة في 18 أوت 2004، العدد 52 المعدل والمتمم.

1 تنص هذه المادة على أن المستهلك هو كل شخص يقتني بثمن أو مجانا منتوجا أو خدمة معدين للاستعمال الوسيطي أو النهائي لسد حاجته أو حاجة شخص آخر أو حيوان يتكفل به.”

2 زوزو هدى/ آليات حماية المستهلك من مخاطر التعاقد الإلكتروني في التشريع الجزائري، مجلة الحقوق والحريات، العدد الرابع، 2017، ص 321.

3 ومع ذلك يلاحظ أن المشرع الجزائري تفادى هذا الانتقاد حين استخدم لفظ الاستعمال في الأمر رقم 95-07 المتعلق بالتأمينات حيث نص في المادة 168/1 على أنه: “يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بصنع أو ابتكار أو تحويل أو تعديل أو تعبئة مواد معدة للاستهلاك أو للاستعمال، أن يكتتب تأمينا لتغطية مسؤوليته المدنية المهنية تجاه المستهلكين والمستعملين وتجاه الغير”: تراجع في ذلك شعباني حنين / التزام المتدخل بضمان سلامة المستهلك في ضوء قانون حماية المستهلك وقمع الغش، مذكرة ماجستير في العلوم القانونية، فرع المسؤولية المهنية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2011-2012، ص 29.

4 شعباني حنين / مرجع سابق، ص 30.

5 لم يشترط القانون رقم 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش أن تكون السلعة منقولا عل عكس المرسوم التنفيذي رقم 90-39 المتعلق بمراقبة النوعية وقمع الغش الذي عرف السلعة بكونها كل شيء منقول مادي يمكن أن يكون موضوع معاملة مالية.

1 محمد عماد الدين عياض/ مداخلة ضمن أعمال الملتقى الوطني الخامس بجامعة سكيكدة حول حماية المستهلك في ظل القانون 09-03، ص 3: أشار إليه صياد الصادق/ المرجع السابق، ص 54.

2 محمد بودالي/ حماية المستهلك في القانون المقارن، دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي، دار الكتاب الحديث، 2006، ص 30.

3 تنص الماد 364 من القانون المدني الجزائري على ما يلي: ” يلتزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع.”

4 جرعود الياقوت/ عقد البيع وحماية المستهلك، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية الحقوق، بن عكنون، 2003، ص ص 72-73.

5 المرسوم التنفيذي رقم: 90-39 المؤرخ في 30 جانفي 1990 المتعلق برقابة الجودة وقمع الغش، الجريدة الرسمية عدد 06 .

6 قادة شهيدة/ المسؤولية المدنية للمنتح، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2007، ص 69: أشار إليه عبد النور أحمد/ حماية المستهلك ضد اتفاق الخضوع الاختياري في القانون الدولي الخاص الجزائري، مجلة الدراسات الحقوقية، العدد الأول، جامعة البيض، ص 133.

7 محمد عماد الدين عياض/ المداخلة السابقة، ص 03.

[1] مجمد بودالي/ مدى خضوع المرافق العامة ومرتفقيها لقانون حماية المستهلك، مجلة الإدارة، عدد 24، المدرسة الوطنية للإدارة، 2002، ص 50 .

[2] المرسوم التنفيذي رقم 90-266 المتعلق بضمان المنتجات والخدمات، المؤرخ في 15 سبتمبر 1990، جريدة رسمية عدد 40، سنة 1990.

[3] شعباني حنين/ مرجع سابق، ص 16.

[4] محمد عماد الدين عياض/ نطاق تطبيق قانون حماية المستهلك وقمع الغش، دفاتر السياسة والقانون، العدد التاسع، جوان 2013، ص68.

[5] عبد الرزاق بولنوار/ المهني والمستهلك طرفان متناقضان في العلاقة الاستهلاكية، دراسة في ضوء القانون الجزائري والفرنسي، مجلة دفاتر السياسة والقانون، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، العدد الأول، جوان 2009، ص 233.

[6] مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة/ القانون الواجب التطبيق على عقود الاستهلاك الالكترونية ذات الطابع الدولي، دراسات علوم الشريعة والقانون، المجلد 41، العدد الثاني، 1345.

[7] «Le contrat est international quand par les actes concernant sa conclusion ou son exécution, ou la situation des parties quant-à leur domicile, ou leur nationalité ou la localisation de son objet, il a des liens avec plus d’un système juridique » : Henri Battiffol/ contrats et conventions, Encyclopédie-Dalloz, droit international privé, page 564, cité par Kouadia Pacome Fieni/ la preuve sur internet : le cas de la vente en ligne, mémoire DEA, 2006.

[8] أشار إليه مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة / المرجع السابق، ص 1346.

[9] هشام صادق/ القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، دراسة تحليلية ومقارنة، منشأة المعرف، الأسكندرية، طبعة 1995، ص 65.

[10] مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة / المرجع السابق، ص 1346.

[11] Philippe Kahn/La vente commerciale internationale cité par Kouadia Pacome Fieni/ op.cit .

[12] Pierre Mayer, DIP, Paris,Montchresten, 1977, n° 670 : cité par par Kouadia Pacome Fieni/ ibid.

3 مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة / المرجع السابق، ص 1346.

1 تنص المادة التاسعة من القانون المدني الجزائري على ما يلي:” يكون القانون الجزائري هو المرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق.”

2 مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة / المرجع السابق، ص 1347.

3 عبد النور أحمد/ حماية المستهلك ضد اتفاق الخضوع الاختياري في القانون الدولي الخاص الجزائري، المركز الجامعي البيض، 2014، ص 137.

4 حبار محمد/ القانون الدولي الخاص، دار الرؤى للنشر والتوزيع، الجزائر، 2013، ص 148.

5 مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة / المرجع السابق، ص 1347.

6 وبذلك فإن من ذهب إلى أن المعيار الاقتصادي لا يصلح استخدامه في عقود الاستهلاك قد جانب الصواب: يراجع في ذلك عبد النور أحمد/ المرجع السابق، ص 138.

1 هذه الضوابط تحكم موضوع العقد الدولي، أما شكل العقد الدولي فيخضع للمادة 19 من القانون المدني التي تنص عل ما يلي: “تخضع التصرفات القانونية في حانبها الشكلي لقانون المكان الذي تمت فيه.

ويجوز أن تخضع لقانون الموطن المشرك للمتعاقدين أو لقانونهما المشترك أو للقانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية.” .

1 علي علي سليمان/ مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري، الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، ص 117.

2 مهند عزمي أبو مغلي، ومنصور عبد السلام الصرايرة/ المرجع السابق، ص 15.

3 يراجع في ذلك المثال الذي أدرجه حبار محمد في مرجعه المذكور سابقا، ص 153.

4 جبار محمد/ مرجع سابق، ص ص 153 و154.

5 تنص المادة 60 من القانون المدني الجزائري على ما يلي: التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا، كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه.

ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا.”

1 حبار محمد/ المرجع السابق، ص 153.

2 القانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 .

3 الأمر 75- 58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975.

4 كانت المادة 18 من القانون المدني قبل تعديلها تنص على ما يلي:” تسري على الالتزامات التعاقدية قانون المكان الذي يبرم فيه العقد ما لم يتفق المتعاقدان على تطبيق قانون آخر ….”

1 القانون رقم 18-05 المؤرخ في 10 ماي 2018 المتعلق بالتجارة الإلكترونية، جريدة رسمية عدد 28.

1 Règlement CE n° 593-2008 du parlement européen et du conseil du 17 Juin 2008 sur la loi applicable aux applications contractuelles Rome I, publié au journal n° L177/ 4 Avril 2008, page 8 concernant les contrats conclus à partir du 17 Décembre 2009.

2 L’article 5 de la Convention de Rome pose une double règle: d’une part « le choix par les parties de la loi applicable ne peut avoir pour effet de priver le consommateur de la protection que lui assurent les dispositions impératives de la loi du pays dans lequel il a sa résidence habituelle » (art. 5 /2) ; d’autre part, à défaut de choix, le contrat est régi par la loi du pays dans lequel le consommateur à sa résidence habituelle (art. 5 / 3).

1 ذلك أن القانون 04-02 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية المعدل والمتمم بالقانون 10-06 تضمن بموجب المادة الثالثة منه تعريفا للشرط التعسفي معتبرا إياه كل بند أو شرط بمفرده أو مشترك مع بند واحد، أو عدة بنود أو شروط أخرى، من شأنه الإخلال الظاهر بالتوازن بين حقوق وواجبات أطراف العقد..

غير أن نفس المادة نصت على أن العقد هو كل اتفاق أو اتفاقية تهدف إلى بيع سلعة أو تأدية خدمة حرر مسبقا من أحد أطراف العقد، بحيث لا يمكن لهذا الأخير إحداث تغيير حقيقتي له.

2 تنص المادة 24 من القانون المدني الجزائري على ما يلي:” لا يجوز تطبيق القانون الأجنبي بموجب النصوص السابقة إذا كان مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة في الجزائر، ……”

إغلاق