دراسات قانونيةسلايد 1

(بحث قانوني) الإعلام الأمني وتأثير الاعلام على تشكيل الرأي العام

مفهوم وسائل الإعلام وتقسيمها
وتأثيرها على تشكيل الرأي العام وقضايا الأمن

لا يمكن بحال من الأحوال التصدي لموضوع مدى تأثير وسائل الإعلام على المجتمعات ومن ثم على الأمن دون تقسيم هذه الوسائل وترتيبها من حيث درجة التأثير على الرأي العام ،حيث أن هذا التقسيم يساعد في التعرف على سبل وأدوات ووسائل جهات الأمن من أجل التصدي لمحاولات التضليل الإعلامي وذلك بحسب كل وسيلة تستخدم لنشر المعلومات الكاذبة .

ولذلك سوف يتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين متكاملين ، يتم من خلال الفرع الأول التعرف على مفهوم وسائل الإعلام وتقسيمها ، وفي الفرع الثاني على تأثير وسائل الإعلام على تشكيل الرأي العام وقضايا الأمن .
الفرع الأول
مفهوم وسائل الإعلام وتقسيمها
يشمل التعريف التقليدي لوسائل الإعلام كل من الأدوات الإعلامية المقروءه (كالصحف والمجلات) والمسموعة (كالمذياع ) والمرئية ( التليفزيون ) والتي تنقل للأفراد الخبر والحدث والمعلومة ، ومن سمات الإعلام التقليدي أنه يعمل على نقل المعلومة من المرسل إلى المستقبل عبر حوار أو فيلم أو مسلسل وما إلى ذلك ، إلا أن هذا المفهوم لا ينجح إلا في مجالات معينة حيث يصلح لإحداث تغييرات غير أساسية أو بناء نظام معلوماتي بسيط مثل نقل الأخبار [1]، كما أن الإعلام التقليدي يقوم على نظام ثابت ومعروف إما بطريقة الإتصال من واحد إلى واحد ، ومثال على ذلك الإتصال بالهاتف ، أو من واحد إلى الكثيرين ، ومثال على ذلك التليفزيون والراديو ، وهو بذلك يختلف عن الإعلام الجديد الذي غير هذا النمط بشكل جذري .
وإلى جانب الإعلام التقليدي ظهر الإعلام الجديد أو الإعلام الرقمي(Digital media) ، أو ما يطلق عليه البعض مصطلح الإعلام البديل
فالإعلام الجديد (New Media) [2] هو ” ما يشير إلى مجموعة من الأساليب والأنشطة الرقمية الجديدة التي مكنت من إنتاج ونشر وإستهلاك المحتوى الإعلامي بمختلف أشكاله من خلال الأجهزة الإلكترونية ( الوسائط) المتصلة أو الغير متصلة بالإنترنت ، وأتاحت إمكانيات هائلة للتواصل والإتصال الإجتماعي من خلال خدمات الهاتف المحمول ، والشبكات الإجتماعية على الإنترنت ” .
ويتشابه مصطلح الإعلام الجديد مع مصطلح الإعلام البديل (Alternative Media) ، والذي يعني ” الإعلام الذي يستعين بوسائل الإعلام ووسائل الإتصال الحديثة لتقديم وجهات نظر عديدة قد تكون بديلة عن الإعلام الحكومي أو التجاري ”
فالإعلام البديل ليس إعلاماً حكومياً أو تقليدياً ، وهو يهدف بصراحة ووضوح إلى تحدي مواقع تمركز السلطة على وسائل الإعلام والمشروعات التي تقف ضد الوسائل المسيطرة لصناعة الإعلام [3]
أقسام الإعلام الجديد
ويمكن تقسيم الإعلام الجديد إلى أربعة أٌقسام [4] :
1- الإعلام الجديد القائم على شبكة الإنترنتonline وتطبيقاتها ، وهو جديد كلياً بصفات وميزات غير مسبوقة ، وهو ينمو بسرعة وتتوالد عنه مجموعة من تطبيقات لاحصر لها .
2- الإعلام الجديد القائم على الأجهزة المحمولة ، بما في ذلك أجهزة قراءة الكتب والصحف ، وهو أيضاً ينمو بسرعة وتنشأ منه أنواع جديدة من التطبيقات على الأدوات المحمولة المختلفة ومنها أجهزة الهاتف والمساعدات الرقمية الشخصية وغيرها .
3- نوع قائم على منصة الوسائل التقليدية مثل الراديو والتليفزيون التي أضيفت إليها ميزات جديدة مثل التفاعلية والرقمية والإستجابة للطلب .
4- الإعلام الجديد القائم على منصة الكومبيوتر offline ، ويتم تداول هذا النوع إما شبكياً أو بوسائل الحفظ المختلفة مثل الإسطوانات الضوئية ، ويشمل العروض البصرية وألعاب الفيديو والكتب الإلكترونية وغيرها ، وهو حسب ليستر ( Lester ) ” مجموعة تكنولوجيات الإتصال التي تولدت من التزاوج بين الكومبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام – الطباعة والتصوير الفوتغرافي والصوت والفيديو ” .
أشكال الإعلام الجديد [5]
تأخذ صور الإعلام الجديد أو الإعلام البديل عدة صور أو أشكال ، ويمكن إيجازها في الآتي :
1- وسائل إعلام مغرقة في المحلية أو إعلام للشتات في المهجر
يمكن أن توجد وسائل الإعلام البديل أو الجديد كقطاع ثالث مستقل عن إعلام الدولة والسوق ، وهي تعمل على وفق الهيكليات الأفقية ، حيث يؤدي تمثيل المنظمات الإعلامية المسيطرة واسعة النطاق إلى إمتلاك هيكل أفقي بدرجة أكبر وبالتالي ظهور وسائل إعلام بديلة ذات الهيكل الأكثر أفقية ومضمون يعبر عن إيدلوجيات وطروحات وخطابات مختلفة ، حيث تعد حيز للتعبير عن الثقافات المحلية المختلفة وعن الأقليات العرقية في المناطق المحلية وهذا يمكنها من إنتاج مضمون أكثر تنوعاً بعكس وسائل الإعلام الجماهيرية[6].
وتعد الإذاعات المحلية من أكثر وسائل الإعلام البديل المعروفة وتستخدم هذه الإذاعات في نشر ثقافة الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ولها تأثير أكبر على المجتمع من باقي وسائل الإعلام المعروفة.
2- المدونات ومواقع التواصل الإجتماعي
المدونة(blog) هي إحدى تطبيقات شبكة الإنترنت وتعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى وهي عبارة عن صفحة ويب على شبكة الإنترنت تظهر عليها تدوينات( مدخلات) مؤرخة ومرتبة ترتيباً تصاعدياً ينشر منها عدد محدد يتحكم فيه مدير أو ناشر المدونة ، كما يتضمن النظام آلية لأرشفة المدخلات القديمة وتمكن المدونات المستخدم من نشر مايريد على الإنترنت مع إمكانية حفظ ما ينشر بطريقة منظمة يمكن الرجوع إليها [7] .
وتعتبر المدونات العربية منهل خصب لاتجاهات غير مألوفة في المجتمعات العربية منها ما هو سياسي واجتماعي وثقافي وعرقي وديني وغيرها من المواضيع. بالإضافة إلى كون الإنترنت فضاء للتواصل والأخبار والتجارة والعلوم وغيرها من المعارف والخدمات، ولا يمكننا تجاهل أن شبكة الإنترنت ومن خلال المدونات هي فضاء اتصالي لدعم حرية الفرد وذاتيته، كما أنه بإمكان الفرد أن يتحول إلى مؤسسة اتصالية مستقلة عن المؤسسات التقليدية الرسمية المتعارف عليها (صحافة، تلفزيون، إذاعة،…) [8] .
3- محطة إذاعية عبر الإنترنت
ظهرت فكرة الراديو عبر الإنترنت في عام 1993 على يد (كارل مالامود) والذي إبتكر أول محطة للإنترنت مستخدماً تقنية إسمها (MBone) كما بدأ بث أول محطة إذاعية عبر الإنترنت عام 1995 لمدة أربعة وعشرين ساعة متواصلة [9]
ويوجد العديد من الفوائد التي تميز راديو الإنترنت عن الراديو العادي، نذكر منها:[10]
· لا يعترف راديو الإنترنت بالحدود الجغرافية، إذ من الممكن الاستماع إلى البث الإذاعي عبر الإنترنت من أي مكان في العالم، مما يزيد أهميته للمهاجرين وأبناء الوطن الذين يتوقون إلى أوطانهم، ويتمسكون بثقافاتهم وتقاليدهم، وكذلك للذين يعشقون أنواعاً من الموسيقى لا توفرها لهم سوى محطات أوطانهم المحلية.
· لا يقتصر راديو الإنترنت على الصوت فقط، إذ يمكن مصاحبة البث الإذاعي عبر الإنترنت بالصور والرسوم والنصوص وغرف المحادثة ولوحات الرسائل، مما يتيح للمستمع ما هو أكثر من الاستماع، فيمكن للمستمع الإعلانٍ لِمعرضٍ ما أن يتقدم بطلب حجز مباشرة لمشاركته في المعرض، كما يمكن لمستمع إعلانٍ لِشاشات أن يطلب شراء هذه الشاشة.
· يمكن إجراء عمليات التدريب والتعليم.
· تقديم روابط للمستندات وخيارات الدفع والسداد.
· تكلفة البث الإذاعي على الإنترنت أقل بكثير من تكلفة البث الإذاعي الراديوي العادي.
· فريق العمل للمحطة لا يحتاج إلى أكثر من شخصين لإدارتها وتشغيلها بمنتهى الكفاءة.
· يمكن إنشاء المحطة في المنازل عبر حاسوب شخصي بسيط.
4- الإذاعات الخاصة
تعتبر المحلية إحدى الخصائص المميزة للإذاعة ووسائل الإعلام البديلة التي تخدم المجتمع المحلي ، وتوجه هنا الإذاعة بإتجاه خدمة المجتمع المحلي غير التجاري المعتمد على المشاركة الديمقراطية وعلى الحرية في التعبير ويقوم على إدارتها متطوعون بدرجة رئيسية .
وقد شوهد هذا النوع من الإذاعة في الستينيات بالولايات المتحدة الأمريكية ، ويعتبر راديو باسيفيكا في ولاية كاليفورنيا أول محطة إذاعية مجتمعية في أمريكيا ،ويعتبر قانون الإتصال لسنة 2003 وقانون الإذاعة المجتمعية لسنة 2004 الذي صدر في بريطانيا نقطتي تحول في تاريخ الإذاعة البديلة في بريطانيا ، حيث بدأت هيئة تنظيم الإعلام (أوفكوم) في منح ترخيص كامل لمحطات الإذاعة البديلة .
5- مواقع تعلن عن نفسها بأنها إعلام المواطن
وهي مواقع على شبكة الإنترنت تعلن عن نفسها بأنها إعلام المواطن وتتخذ لنفسها سياسة تحرير تعتمد على مرجعية صحافة المواطن وفلسفتها .
وفي هذا الجانب يمثل موقع (Agora vox.fr ) أول مبادرة أوروبية في صحافة المواطن وذلك على مستوى جماهيري ومجاني واسع ، فهو موقع على هيئة قاعدة بيانات متعددة الوسائط متوفر لكل المواطنين الراغبين في نشر أخبار ومعلومات مختلفة .
وتقوم هذه المواقع على ثلاث قواعد :
· كل مواطن هو باحث عن المعلومة ، كل شخص بإمكانه أن يتحول إلى مصدر للأخبار والمعلومات .
· التحول من وسائل الإعلام الجماهيرية إلى وسائل إعلام الجماهير ، حيث تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية على قاعدة نشر المعلومة من الفرد إلى المجموعة (from one to many) ويقوم موقع AgoraVox بقلب المعادلة والإعتماد على نشر المعلومة من الكل إلى الكل (from many to many) وذلك بالإعتماد على مواطنين صحفيين.
· سياسة تحريرية مختلفة ، إذ يعتمد هذا الموقع على سياسة تحرير خاصة به ، فالأخبار التي تنشر يجب أن تكون دقيقة ولها صلة بالأحداث الموضوعية ، وأن تتميز بأقصى قدر من السبق ، وهناك هيئة تحرير تقوم بدور الغربلة ، فيقع إخضاع كل معلومة إلى المراجعة وذلك مخافة أي توظيف سياسى أو أيديولوجي. [11]

أثر الإعلام الجديد على الإعلام التقليدي وتأثير ذلك على المجتمع
لقد تأثر الإعلام التقليدي إلى حد كبير بالثورة الإعلامية التي غيرت المفهوم التقليدي والقواعد الراسخة في العمل الإعلامي التقليدي وأرست هذه الأشكال الجديدة للإعلام البديل قواعد أخرى خاصة بها تختلف في مضمونها وشكلها عن قواعد الإعلام التقليدي ، ولعل هذا الصراع القائم والمحتدم قد أثر على وسائل الإعلام التقليدية ومن ثم على المجتمع وهيئاته ، وقد ظهر هذا جلياً على ثلاث محاور رئيسية كالآتي [12]:
أولاً : إرساء قواعد جديدة في بناء المادة الإعلامية
وتستند هذه القواعد الجديدة إلى فضاءات وشبكات معلوماتية تفتقد إلى المصدرية والمعالجة الفنية والعلمية للخبر والمعلومة خاصة، وكذا إلى الصياغة المؤسسة على المهنية والإحتراف ومراعاة أخلاقيات وأطر العمل الإعلامي وأساسياته المعرفية ،لتطرح إشكالات وقضايا مؤرقة للمنتج الإعلامي وفعاليته في بناء مجتمع المعلومات ، ومن أهم هذه القضايا والمشكلات :
1- مصدرية المادة الإعلامية
فوسائط الإعلام الجديد قد أتاحت فرصاً لم يسبق لها مثيل سواء كان ذلك في غزارة مصادر المعلومات ، أو في سرعة نقلها أو في إستخدامها ، وقد إنعكست هذه التطورات على أساليب جمع وإنتاج وتوزيع المعلومات .
2- مصداقية المادة الإعلامية
حيث يثير تدفق هذه المادة عبر أجهزة إلكترونية مباشرة ومترابطة قضية مصدر هذه المادة الحقيقي والأولي ومدى مصدقيته ومدى التحوير والتعديل والتشويه والقص والنسخ الذي حدث ويحدث لهذه المادة الخبرية بفعل تعاقب الأطراف الناقلة لها .
3- موضوعية المادة الإعلامية
إن تنوع وزيادة المصادر له تأثيره في توفير مناخ إبداعي وإنتاجي للرسالة أكثر موضوعية يتيح مساحة أكبر أمام وجهات النظر المختلفة ، ونجد أن القائمون على إعداد الرسالة الإعلامية في الوسائل التقليدية لم يعودوا يلتقون إلا نادراً ، فقد إختفت في بعض المؤسسات الأقسام وعها أسر التحرير ، وغابت مقارعة الأفكار وتلاقحها بين الصحفيين ورئيس التحرير ومسئول البرنامج ، كما غابت النقاشات حول التوجه الإعلامي ، وأكثر من ذلك فإن إجتماعات هيئات التحرير أصبحت نادرة مما أدى إلى تركيز الصلاحيات في بعض الأحيان في أيدي قلة ميسرة .
4- تحديد طبيعة المهارات الأساسية المطلوبة من القائمين على إعداد وإنتاج المادة الإعلامية
المسألة الأساسية التي تطرح الآن في خضم هذه السيطرة لتكنولوجيات الإعلام والمعلومات في إنتاج وإعداد وبث ونشر المادة الإعلامية تتعلق بالكفاءات والموارد البشرية ، فالتكوين المستمر لهذه الموارد والكوادر والتدريب والتحسين أصبحت من العمليات الحيوية الملحة أكثر من ذي قبل .
5- ضبابية وإختلال العلاقة بين المصدر والمراسل والمنتج والمقدم للمادة الإعلامية
لقد وفرت وسائل التكنولوجيا الحديثة للجميع المعلومات اللازمة لأن يتحول الجميع إلى مصادر أساسية للحدث والواقعة والخبر والقصة الإعلامية ، وبذلك تنقلب موازين العلاقة وتتداخل الأعمال والوظائف .
6- غالبية الصحفيين القائمين على المواقع الإلكترونية على سبيل المثال يصنفون في فئة الهواة غير المحترفين .
فهؤلاء الصحفيون يعملون وفق منطق الدافع والحس والفضول الصحفي ، وهو لم يتلقوا تعليماً في المجال ، ولم يكتسبوا خبرات تدريبية لممارسة وظيفة الإعلام والكتابة الإعلامية ، وقد أثر ذلك ومن منظور المنافسة على وسائل الإعلام التقليدية التي تحاول أن تواكب السرعة للوصول إلى المتلقين والإستحواذ عليهم من قبل وسائل الإعلام الجديد ، وذلك دون مراعاة النواحي الأساسية في العمل الإعلامي مثل تقديم الأخبار والمعلومات الصحيحة وغير المنقولة أو المنسوخة ، وعدم توخي الدقة والموضوعية في نشر الخبر في سبيل تقديم الخبر بسرعة ، أو إستخدام وسائل تنافي القيم السائدة في نشر الصور والمواضيع غير المفيدة ، وإحداث إثارة مفتعلة تحقق من خلالها شعبية أكبر وزيادة في عدد الزوار وتعليقاتهم .
ثانياً : خلخلة الإعلام المركزي
لقد ظهرت تغيرات واضحة في الواقع الذي تعيشه الدول ذات التوجه المركزي في إدارة وتوجيه وسائل إعلامها بالشكل الذي يضمن لها السيطرة المستمرة على الرأي العام وتوجيهه ، ولعل أهم هذه التغييرات يبرز في الأتي :
· أن الإعلام الجديد شكل عامل ضغط على الإعلام المركزي وبين الكثير من عيوبه ، وأرغم هذا الإعلام على محاولة تغيير في أساليبه ومحاولة جذب للجمهور المتوجه إلى الإعلام الجديد ، رغم أن الكثير من الآراء ترى أن هذه المحاولات دائماً ما تبوء بالفشل ، لأن الإعلام المركزي هو إعلام غير جاذب للجماهيرمهما غير من شكله أو نوع رسائله .

· ظهور الإعلام الجديد شكل تحدياً للحكومات في وجوب تغيير نظرتها للإعلام الذي تقدمه وأن سياسات التحكم في نشر المعلومات لم يعد مجدياً في عالم أصبحت فيه المعلومة متاحة بشكل أيسر للجميع من أي وقت مضى، وهذا ما يحتم على هذه الدول النظر إلى وسائلها الإعلامية المركزية بشكل مختلف وبوجوب تغيير السياسات الإعلامية المتبعة والإتجاه نحو إعطاء الوسائل الإعلامية المزيد من الحرية والإنفتاح.

· الإعلام الجديد وبقدراته وأساليبه الحالية بات يشكل تهديداً للسلطة ، خاصة في البلاد التي تتقلص فيها حرية الرأي ، وتكون فيها وسائل الإعلام مضبوطة بحسب ما تريد السلطة إيصاله من رسائل إلى الجمهور ، خاصة وأن هذا الإعلام الجديد بات يشكل بديلاً لوسائل الإعلام الخاضعة للرقابة ومتنفساً لممارسة النقد أمام الأشخاص الذين يرغبون في التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم، كما أنه أصبح طريقة سهلة ومضمونة للتحايل على الرقيب سواء كان الرقيب سياسي أو أمني أو إجتماعي .

· أن السلطة باتت تدرك مدى الخطورة التي تمثلها هذه الوسائل الإعلامية الجديدة عليها ، ولكنها وفي نفس الوقت تشعر بنوع من العجز على السيطرة على مثل هذا الإعلام ، لأن الأدوات الرقابية تختلف عن المستخدمة مع الوسائل التقليدية ، فالسلطة تدرك أن هذه الوسائل قد قللت كثيراً من تأثير إعلامها المركزي .

ثالثاً : التطورات الراهنة في تكنولوجيا الإعلام الجديد ، خاصة في مجال الإرسال والإستقبال التلفازي والإنترنت كان لها أثرها في الصحافة .

ففي السنوات الأخيرة تناقص عدد الجرائد بشكل ينذر بالخطر على مستوى العالم نظراً إلى أنها تحمل معلومات إخبارية تنقلها الآن الفضائيات المحلية والإقليمية والدولية للناس بصورة مستمرة وسريعة لمواكبة الحدث ، وبسبب الإنترنت الذي يحدث أخباره كل عشر دقائق ، وهذا الذي لايتوافر للصحافة المكتوبة نظراً إلى عمليات الطباعة والتوزيع التي تستغرق وقتاً كبيراً نسبياً .

الفرع الثاني
تأثيرالإعلام الجديد
على تشكيل الرأي العام وقضايا الأمن

أصبح للإعلام الجديد المتمثل في الأشكال السالف الإشارة إليها والتي يعتبر الإنترنت أو شبكة المعلومات العنكبوتية العنصر الأكثر فعالية فيها دوراً بارزاً لا يمكن جحده أو تجاهله في تشكيل الرأي العام وتنمية المعرفة ، الأمر الذي يمكن تطويعه لتحقيق أكبر قدر إستفادة منه في مجال الامن القومي ومواجهة الأزمات .
وعلى ذلك سوف نتناول تأثير الإعلام على تشكيل الرأي العام وقضايا الأمن من خلال محورين أساسيين
المحور الأول : تأثير الإعلام على تشكيل الرأي العام وتوعية المجتمع بخطط التنمية ودور الأمن
يؤكد علماء الاجتماع والنفس بأن الإعلام بوسائله المتعددة هو أكثر وسائل التأثير على عقول وأفكار الناس، وبذلك فإنه الوسيلة الأولى التي تشكل اتجاهات الناس نحو المواضيع والمواقف الحياتية اليومية التي تعيشها وتواجهها المجتمعات العالمية[13].
وهذا التأثير يسير في إتجاهين :
الإتجاه الأول : تشكيل الرأي العام
أولاً : مفهوم الرأي العام وأنواعه
يرى البعض أن الرأي العام هو ” وجهة نظر أو رأي أغلبية الجماعة الذي لا يفوقه أو يجبّه رأي آخر ، وذلك في وقت معين وإزاء مسألة معينة تعني الجماعة وتدور حولها المناقشة صراحةً أو ضمناً في إطار هذه الجماعة “[14] .
ويقسم الرأي العام إلى أنواع متعددة فبحسب طبيعته يقسم إلى رأي عام ظاهر ورأي عام كامن ، وحسب ثباته يقسم إلى الرأي العام الثابت والرأي العام المؤقت ، وحسب تأثيره ومشاركته السياسية يقسم إلى رأي عام إيجابي ورأي عام سلبي ، وحسب نطاق إنتشاره الجغرافي والإجتماعي يقسم إلى الرأي العام المحلي والرأي العام الوطني والرأي العام الإقليمي والرأي العام العالمي ، وحسب حجم الجمهور يقسم إلى رأي الأغلبية ورأي الأقلية والرأي الإئتلافي والرأي العام الساحق، وحسب تأثيره يقسم إلى الرأي العام القائد أو النابه والرأي العام المثقف والرأي العام المنساق [15] .
ثانياً : وظائف الرأي العام
يمكن إجمال أبرز وظائف الرأي العام في النقاط الآتية :[16]
1- الضبط الإجتماعي ، حيث أن الرأي العام قوة كبيرة تصدر حكمها في الحال على السلوك الذي ينتهك حرمة المعايير الإجتماعية والأخلاق أو التقاليد أو القانون .
2- رعاية المثل الإجتماعية ، ودعم الخلفية الثقافية التي تتضمن القيم والعادات والتقاليد التي يتوارثها الشعب ويسير عليها جيلاً بعد جيل .
3- إذكاء الروح المعنوية ، ودفعها نحو القضايا المهمة وهو ينشّط إهتمام أفراد الجماعة ويجعل منهم قوة ملتحمة وراء القضايا العامة ولاسيما في حالات الحروب أو الكوارث أو تهديد المصالح من الخارج .
4- التعبئة الإجتماعية الجماهيرية ، وهي إثارة الرأى العام وتهيئته لتقبل تغيير ما ، أو لإصدار قانون ما أو لتعديل ما .
5- تحسين الذوق والأخلاق والسلوك الإنساني ، يؤدي الرأي العام المناهض أو الرافض لأحد مظاهر المجتمع الشاذة إلى خلق مناخ لطرد هذه الظاهرة ومحاربتها إجتماعياً .
6- الوظيفة السياسية للرأي العام ، حيث يعمل الرأي العام عمل الموجه لحركة النظام السياسي فهو يقدم الدعم والتأييد حين تكون تلك الحركة متسمة بالمشروعية ، كما يعمل عمل المعدل أو المغير حين تكون تلك الحركة غير منسجمة مع المصالح العامة .
7- الوظيفة الإقتصادية ، يؤثر الرأي العام بشكل فاعل في تحريك عجلة الإقتصاد وإنجاح خطط التنمية وتعمل القوى الإقتصادية على إستمالة الرأي العام وكسبه للترويج لبضاعة أو خدمة أو سلعة .
8- تساعد معرفة الرأي العام في عملية التخطيط في الصعد المختلفة وفي حل الكثير من مشكلات المجتمع .
9- الرأي العام يساهم في تثقيف أفراد المجتمع من خلال إثارة الموضوعات التي تهم المجتمع في شتى الميادين ولاسيما من خلال قادة الرأي .
10 – يعمل الرأي العام على بلورة معايير وقيم جديدة لكل المستجدات في المجتمع وفي المجالات كافة .
ثالثاً : دور وسائل الإعلام الجديد في عملية تكوين الرأي العام .[17]
تمر مرحلة تكوين أوتشكيل الرأي العام بعدة مراحل ، يختلف في كل مرحلة دور وسائل الإعلام الجديد وعلى رأسها صحافة الإنترنت بحسب عوامل عديدة منها ، وزن القضية أو الحدث ، طبيعة الناس المهتمين ، الوعي بأهمية القضية أو الحدث ، الأوضاع القائمة ، القيم السائدة ، درجة الحرية المتاحة ، وأخيراً المعلومات المتوفرة .
ويمكن إيجاز هذه المراحل كما يلي :
· نشأة المشكلة أو القضية أو الموضوع العام ، وقد يحدث ذلك بصورة فجائية أو تدريجية وفي مجالات الحياة المختلفة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، ويمكن لصحافة الإنترنت[18] أن تساهم مساهمة واضحة في هذه المرحلة من خلال تركيز الإنتباه نحو القضية أو المشكلة .
· إدراك المشكلة أو القضية ، في هذه المرحلة تتولى صحافة الإنترنت عملية تحديد المشكلة أو القضية وطرح أبعادها وتبيان مدى أهميتها للمجتمع ولأفراده بغية المساعدة في إدراك المشكلة أو القضية وفهمها بوضوح ، كما يبرز في هذه المرحلة أيضاً دور قادة الرأي الذين يأخذون على عاتقهم عملية شرح القضية ومناقشتها من خلال وسائل التواصل الإجتماعي .
· المناقشة والفحص والتمحيص ، إذ تظهر التساؤلات حول مدى أهمية أو خطورة المشكلة ، وتعمل صحافة الإنترنت هنا على تزويد الجمهور بالحقائق والمعلومات المتعلقة بالمشكلة حتى يتسنى لهذا الجمهور إستكشاف الحلول الممكنة التي يتطلع هذا الجمهور الوصول إليها .
· بزوغ المقترحات ، وتأتي من خلال المناقشات وتبادل الآراء والمعلومات ، وتوفر صحافة الإنترنت في هذه المرحلة الفرصة لتدفق المعلومات وتبادل الآراء بما يفضي إلى ظهور إقتراحات يتم مناقشتها بهدف الوصول إلى حل المشكلة .
· صراع الآراء ، تتيح صحافة الإنترنت المجال للجميع للتعبير عن وجهات نظرهم حيال القضية أو المشكلة ، مما يعني بروز وجهات نظر وآراء متباينة ومختلفة قد تصل إلى درجة الصراع .
· تبلور الآراء ، في ضوء المعلومات والمعرفة والتفكير والجدل والنقاش والتسوية بين وجهات النظر المتباينة ، تتبلور الآراء لتتحدد في ثلاثة إتجاهات أما مؤيدة أو معارضة أو محايدة ، وتعمل صحافة الإنترنت في هذه المرحلة على المتابعة المستمرة والتواصل مع التطورات في الإتجاهات كافة .
· تقارب الآراء ، وهي المرحلة التي تسبق مرحلة تكوين الرأي العام ، إذ أن تواصل المناقشات يفضي إلى الوصول إلى الرأي الوسيط بين وجهات النظر المختلفة بعد أن يتم إستبعاد الآراء الضعيفة أو غير الواقعية أو التي لاتتوافق مع مصلحة الجماعة .
· الإتفاق الجماعي ، وهي مرحلة تكوين الرأي العام والتي تأتي على أثر الوصول إلى إتفاق غالبية أفراد الجماعة إلى الحل الأنجح للمشكلة ويكون هذا الحل هو الرأي الأكثر قوة وإعتدالاً وواقعية ، وهذا هو الرأي العام الذي يمثل الرأي السائد بين أغلبية أفراد الجماعة في المدة الزمنية المعينة التي شهدت ظهور المشكلة أو القضية .
ويعتبر الرأي العام نتاج تفاعل جميع هذه المراحل ، وقد يستمر الرأي العام في حركته التي تتصاعد وطئتها أو تخف بحسب الظروف السائدة حتى يصل الرأي العام بعد ذلك إلى مرحلة الإختفاء أو التفكك ومن ثم ليتحول إلى قضية أو مشكلة أخرى تظهر في الحياة العامة .
وتساهم وسائل الإعلام البديل المرتكزة أساساً على شبكة الإنترنت في عملية تكوين الرأي العام من خلال حضورها الفاعل في مراحل تكوين هذا الرأي .
الإتجاه الثاني : دور وسائل الإعلام الجديد في توعية المجتمع
ويمكن أيضاً تقسيم دور وسائل الإعلام الجديد أو البديل في مجال توعية المجتمع إلى قسمين:
1- التوعية بخطط التنمية ودور الأمن
2- تنمية الفهم والمعرفة
أولاً : دور وسائل الإعلام الجديد في التوعية بخطط التنمية ودور الأمن[19]
تعتبر وسائل الإعلام من أفضل الوسائل التي يتعين إتباعها لتوعية المواطن توعية شاملة بأهداف التنمية وإنجازاتها وأهمية دور المواطن في هذه التنمية ، ذلك لأن وسائل الإعلام تتميز بالخصائص الآتية :
– فهي تغطي أماكن واسعة من البلاد بشكل يزداد عاماً بعد عام .
– كما أن الإذاعة والتليفزيون والبث الفضائي بشكل خاص تخاطب قطاعات كبيرة من المواطنين الذي لا يجيدون القراءة والكتابة ما يجعلها الوسيلة المثلى للوصول إلى هذه القطاعات .
– وتمتلك وسائل الإتصال والإعلام الحديثة العديد من الأساليب الفنية التي تمكنها من تقديم الرسالة الإعلامية بأشكال متنوعة وفي قوالب متعددة مما يزيد الإقناع بأهدافها الإعلامية والتوجيهية .
– تأثيرات الإنترنت ومواقعه المتنوعة وتوافر هذه الخدمة في مكان العمل والبيت والمراكز المتخصصة قدم فرصة أكبر لزيادة وعي المواطن بأمور كثيرة ومنها التنمية .
وتؤكد الدروس المستفادة من التجارب الإتصالية في العديد من دول العالم على ضرورة إحداث درجة عالية من التكامل بين وسائل الإعلام الحديثة وطرق وأساليب الإتصال التقليدية في المجتمع ، تأسيساً على أن مبدأ آثار الإتصال لا تحدث نتيجة إستخدام وسيلة إتصالية واحدة ، كما أنها لا تتم على أساس خطوة إتصالية واحدة فقط إنما تحدث نتيجة للجهود التراكمية لمجموعة وسائل الإتصال المتاحة في المجتمع ، كما يحدث الإتصال وإنتشار المعلومات على أكثر من خطوة تتكامل فيها وسائل الإعلام مع طرق وأساليب الإتصال التقليدية وتأثير قادة الرأي في المجتمع .
وتعتبر أول سهام النقد الموجه إلى الدول النامية تجاه الإستخدامات الإعلامية في مجال التنمية خلال العقود الماضية أنها لم تفرق بين وظائف ووسائل الإتصال في المجتمعات النامية والمجتمعات المتقدمة ، ولا بين طبيعة تلك الوسائل في كل من هذين المجتمعين ، كما أن الدول النامية لم تهتم بالإختلافات النوعية لتحديد دور وسائل الإتصال في تنمية المجتمعات فمجال التنمية السياسية غير التنمية الإقتصادية والإجتماعية وغيرها [20] .
– وتشير الدراسات النظرية والميدانية إلى العلاقة الترابطية الوثيقة بين أنشطة الإعلام وأنشطة التنمية الشاملة حيث يتمثل دور الإعلام في الشرح والتبسيط والتفسير والتوجيه والإرشاد والتحقيق من خلال مضامين البرامج والحملات المتخصصة في مجال محدد من مجالات خطة التنمية .[21]
ويعتبر تخطيط وتنفيذ الحملات الإعلامية عنصراً هاماً ورئيسياً في الخطة الإعلامية لتعريف المواطن بأهداف التنمية ،وذلك بإستخدام الإعلام المباشر والإعتماد على برامج اللقاءات المباشرة مع المواطنين والخبراء والمختصين وعند تنفيذ الحملات الإعلامية لابد أن يكون لها هدفين ، هدف إعلامي يتلخص في تعريف المواطن بأهداف الخطة التنموية ومجالاتها ويستخدم فيها مزيج إتصالي من خلال وسائل الإعلام المختلفة وكافة الفنون الإعلامية التي تقرب المعلومات إلى أذهان المواطنين ، أما الهدف الثاني فهو هدف توجيهي يعمل على تركيز الأضواء على المعوقات المختلفة التي تواجه عملية التنفيذ وتحث المواطن على التخلص من الأفكار التي تعوق التنمية في كافة المجالات [22] .
– وبالنسبة لتأثير الإعلام في مجال الأمن فإنه تتعدد مجالات التوعية بتعدد وشمولية مهام الأمن العام في أي مجتمع من المجتمعات، فكلما كان الأمن مهدداً في مكان ما أصبح المجال رحباً أمام الإعلام الأمني لتولى دوره التثقيفي التوعوي ، وهناك مجالات تعتبر من صميم العمل الشرطي، كالعمل في مجال مكافحة الجريمة، وتسيير المرور، وأعمال الدفاع المدني، وحماية البيئة وصيانتها، ولذا اُعد دليل عربي نموذجي للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة يتناول مختلف الميادين والمجالات الأمنية، اشتمل هذا الدليل على ثلاثة أقسام أو محاور رئيسية هي التوعية المرورية، التوعية في مجال الدفاع المدني والتوعية لوقاية المواطن العربي من الوقوع ضحية الجريمة [23] ، وسوف نستعرض دور الإعلام الأمني في التوعية الإجتماعية بقضايا الأمن بصورة أكثر وضوحاً في المطلب الثالث من هذا البحث .
ثانياً : دور وسائل الإعلام الجديد في تنمية الفهم والمعرفة
يرى (راسل أكوف) المنظر في علم المعلومات أن الفهم هو عملية تحليلية يستطيع الفرد بواسطتها أن يحصل على المعرفة وأن يصنفها [24] .
أما المعرفة فيعرفها البعض[25] بأنها ” حصيلة الإمتزاج بين المعلومات والخبرة والمدركات الحسية والقدرة على الحكم ”
وفي عصر تقنية المعلومات والإتصالات الفضائية والوسائط المتعددة لايمكن لهذه التقنية بمفردها أن تعمل على إيجاد بيئة مبنية على المعرفة ، كما لا تستطيع أن تعمل في فراغ وإنما تحتاج إلى إستراتيجيات مساندة وإلى معايير ثقافية وسلوكية لرفع مستوى فاعليتها وتأثيرها .[26]
دور وسائل الإعلام في نقل المعرفة لتحقيق الفهم [27]
إن للفهم أهمية كبيرة في إستيعاب المعلومة وكذلك تحديد شكل هذا الإستيعاب حيث يشيع إعتقاد أن الكلمات تحدد طبيعة الأفكار، لذا فإن للإتصال اللفظي عبر وسائل الإعلام ورموزه دور في نقل المعرفة وطريقة فهمها ، حيث تشكل الكلمات نقطة البداية في أسلوب التعبير ، لذا تسبب الكلمات الجديدة والمستوردة مشكلات في عملية الفهم والإستيعاب مما يزيد من الفجوة بين الأجيال والأمم .
لذا فإن تحليل لغة الإعلام يقودنا إلى مؤشرات عن حدود الحداثة والتجديد ليس في اللغة وحدها بل وفي الحياة الإجتماعية ومظاهرها العلمية والفنية والفكرية، وتطور لغة الإعلام تسبب بظهور مفردات على أساس مستجدات المجال الواقعي والمعنوي والعاطفي الذي تطلب إيجاد ترجمات تتفق ومستجدات العصر [28] .
ومجتمع المعرفة ” هو الذي يقوم أساساً على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها على عدد من الأركان وهي :
· إطلاق حرية الرأي والتعبير المتزن
· الحكم الصالح الرشيد
· النشر الكامل للتعليم عالي النوعية.
· إحتضان العلم والمعرفة والتقنية وتوظيفها لخدمة البشرية .
· بناء القدرات الذاتية في جميع نشاطات البحث والتطوير .
· العمل الحثيث على دمج فئات المجتمع وشرائحه في تشكيلة مجتمع المعرفة بغية غرس هذا المفهوم في تكوينه [29] .
لذا فإنه من جميع ما سبق يتضح أن إكتساب المعرفة من المهام الأساسية التي تقع على عاتق وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية ،لأن إنتاج المعرفة هو السبيل الوحيد للتنمية الإنسانية ، وأن هذه المهمة بحاجة إلى تطوير مؤسسات التعليم ودعم البحث العلمي وتحسين أشكال الإنتاج الإعلامي والثقافي .[30]
وقد حدد الخبراء ثلاثة نماذج للمجتمعات العربية في عصر المعرفة وتوطين التكنولوجيا في وسائل الإتصال [31] :
النموذج الأول : يضم دول الخليج العربية حيث تمثل تكنولوجيا الإتصال وجوداً خدمياً وإستثمارياً نامياً .
النموذج الثاني : يضم لبنان ومصر والأردن يتقدمون على طريق بناء قواعد علمية لتطوير وإبتكار والإفادة من هذه التطورات .
النموذج الثالث : يضم باقي الدول العربية التي لاتزال في مرحلة إدخال تكنولوجيا المعلومات والإتصال وبناء قاعدة لها .

[1] – د.محمد حسين أبوصالح – التخطيط الإستراتيجي للإعلام – ص9 .
[2] – د. رحيمة الطيب عساني – الصراع والتكامل بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي- مجلة الباحث الإعلامي ، العدد 20 سنة 2013 ،ص 52 .
[3] – د. سحر خليفة الجبوري – الإعلام البديل .. الواقع والآفاق ، دراسة نظرية في نماذج وأشكال الإعلام البديل – مجلة الباحث الإعلامي ، العدد 15 ، ص 48 ،49 .
[4] – د. رحيمة الطيب عساني- المرجع السابق – ص 53 .
[5] – د . سحر خليفة الجبوري – المرجع السابق – ص49 ومابعدها
[6] – أولجا جوديس بيلي وآخرون، فهم الإعلام البديل، ترجمة : علا أحمد صلاح ، مجموعة النيل العربية ، القاهرة ،2009 ، ص45،46 .
[7] – د. فيصل أبو عيشة – الإعلام الإلكتروني – دار أسامة للنشر والتوزيع عمان 2010 ، ص 151 – 152 .
[8] – الدكتور جمال الزرن- المدونات الإلكترونية وسلطة التدوين- مجلة “شؤون عربية” العدد 130 صيف 2007 ، منشور على الموقع الإلكتروني http://jamelzran.arabblogs.com/archive/2007/7/280497.html

[9] – م. محمد حمامي- المحطات الإذاعية الرقمية – مجلة المعلوماتية ، العدد 9 ،شهر تشرين الثاني 2006 .
[10] – م . محمد حمامي – المرجع السابق .
[11] – د. جمال الزرن- صحافة المواطن ، المتلقي عندما يصبح مراسلاً – مجلة علوم الإتصال التونسية ، العدد 51-52 سنة 2009 .
[12] – د. رحيمة الطيب عساني- المرجع السابق – ص55-58 .
[13] – د. وجدي حلمي عيد عبد الظاهر- دور وسائل الإعلام الحديثة في التوعية ومواجهة الأزمات الأمنية – بحث منشور عن جامعة أم القرى علة الموقع الإلكتروني https://uqu.edu.sa/page/ar/93208865
[14] – د. كرم شلبي – معجم المصطلحات الإعلامية – القاهرة ، دار الشروق ، 1989 ، ص 48 .
[15] – د. كمال خورشيد مراد – مدخل إلى الرأي العام – عمان ، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، 2011 ، ص 76- 83 .
[16] – د. كمال خورشيد مراد- المرجع السابق – ص 107.108 .
[17] – د. حسين على إبراهيم الفلاحي – أهمية صحافة الإنترنت في تكوين الرأي العام ،دراسة في طبيعة إسهامات صحافة الإنترنت في عملية تكوين الرأي العام – مجلة جامعة الأنبار للعلوم الإنسانية ، العدد الأول –آذار2012 ، ص 300 .
[18] – تعرف الصحافة الإلكترونية بأنها ” الصحف التي يتم إصدارها ونشرها على شبكة الإنترنت سواء أكانت هذه الصحف نسخاً أو إصدارات لصحف ورقية أو موجزاً لأهم محتويات النسخ الورقية ، أو كجرائد ومجلات إلكترونية ليست لها إصدارات عادية مطبوعة على الورق ، وهي تتضمن مزيجاً من الرسائل الإخبارية والقصص والمقالات والتعليقات والصور والخدمات المرجعية ” ، انظر د. حسين على ابراهيم الفلاحي – المرجع السابق – ص292 .
[19] – د. أيسر خليل إبراهيم – توظيف التخطيط الإعلامي لخدمة التنمية – مجلة الجامعة الإسلامية ، العدد 24/2 .، ص41
[20] – د. أيسر خليل إبراهيم- المرجع السابق- ص 42
[21] – د. عواطف عبد الرحمن- الإعلام العربي وتحديات العولمة – مجلة النهج ، العدد 4 ، 998 ، مشار إليه د. أيسر خليل إبراهيم- المرجع السابق- ص 43
[22] – محمد قيراط – الإعلام والمجتمع ( الرهانات والتحديات ) – بيروت ، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع ، مشار إليه د. أيسر خليل إبراهيم- المرجع السابق- ص 43

[23] – د. وجدي حلمي عيد عبد الظاهر- المرجع السابق
[24] – محمود علم الدين – تكنولوجيا المعلومات والإتصال ومستقبل صناعة الصحافة – القاهرة ، دار السحاب ،2005 ، ص 17 .
[25] – د. نبيل على – العرب وعصر المعلومات – الكويت ، سلسلة عالم المعرفة ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، العدد 184 ،1990 ، ص 44 .
[26] – مؤتمر تنمية الموارد البشرية في إقتصاد مبني على المعرفة ، أبوظبي ، مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإسترتيجية 2004 ، ص17 ، مشار إليه م .م إيثار طارق خليل – الإعلام وحرية التعبير ودورها في تنمية متمعات المعرفة العربية – مجلة كلية التربية / واسط ، ص 360 .
[27] – م .م إيثار طارق خليل- المرجع السابق – ص 362 .
[28] – د . هادي نعمان الهيتي – فلسفة اللغة والإعلام – القاهرة ، الدار الثقافية للنشر ، 2006 ، ص 66-68 .
[29] – د . سعيد بن حمد الربيعي – التعليم العالي في عصر المعرفة – عمان ، دار الشروق ، 2008 ، ص 109 .
[30] – تقرير التنمية البشرية لعام 2003 ، ص37 ، مشار إليه – م .م إيثار طارق خليل- المرجع السابق – ص367 .
[31] – د . عبد الحسن الحسيني – التنمية البشرية وبناء مجتمع المعرفة- بيروت ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، 2008 ، ص 213 .

للباحث
المستشار القانوني
منصور حسن السيد سراج

إغلاق