دراسات قانونيةسلايد 1

أسلوب المركزية واللامركزية الإدارية في القانون (بحث قانوني)

ماهية أسلوب اللامركزية الإدارية :

تقوم اللامركزية الإدارية على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية من ناحية وهيئات أخرى تعمل علي أساس إقليمي أو علي أساس وظيفي (مصلحي) وتتمتع بدرجة من الاستقلال عن الحكومة المركزية، ويكون لها شخصية معنوية منفصلة عن شخصية الدولة ولكنها تخضع لرقابتها الوصائية(1).اللامركزية قد تأخذ ثلاثة أشكال اللامركزية السياسية واللامركزية المصلحية أو المرفقية واللامركزية الإدارية الإقليمية. فاللامركزية السياسية وضع دستوري يقوم علي توزيع الوظائف المختلفة للحكومة (السلطات الثلاث) التنفيذية والتشريعية والقضائية بين الحكومة القائمة في العاصمة وحكومات شبيهة في مناطق أو أقاليم أو ولايات أو مقاطعات. وقد درج دارسو القانون الدستوري علي تسمية هذا الشكل بالنظام الاتحادي المركزي (الفدرالي)، وتسمى الدول التي تأخذ به دولاً مركبة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا ويوغسلافيا السابقة والسودان، وهذا الوضع يتناسب مع الدول كبيرة الحجم، تلك التي تتعدد فيها القوميات أو التي توجد بها إختلافات واضحة في لغات وثقافات وتقاليد سكان وحداته السياسية المختلفة، وتوزيع السلطات الثلاثة في الاتحاد الفدرالي يتم بمقتضى الدستور، وتوجد هيئة عليا للفصل في المنازعات التي تنشأ يبن الحكومة الفدرالية (الاتحادية) وحكومات الوحدات العليا (وزارة العلاقات الاتحادية في السودان). والشكل الثاني هو اللامركزية الإدارية المصلحية أو (المرفقية) وهو أسلوب تنظيمي توزع بمقتضاه الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وهيئات مستقلة تتحدد اختصاصاتها علي أساس موضوعي وتمارس هذه الاختصاصات علي مستوى الدولة وهو ما تعارف عليه بالمؤسسات العامة، وتضطلع باختصاصات محددة علي أساس وظيفي، وقد نشأ هذا الأسلوب حديثاً بهدف إدارة هذه المؤسسات العامة علي أسس تجارية، الأمر الذي اقتضى إبعادها عن المؤثرات السياسية، وتحرير أسلوب إدارتها من بعض الإجراءات البيروقراطية المتبعة في الجهاز الإداري. أما اللامركزية الإدارية الإقليمية تعمل علي خلق عدد من الأشخاص الإدارية العامة بجانب الدولة لكل منها ذمته المالية المستقلة وكيانه القانوني الخاص. والأصل في تكوين هذه الأشخاص الإدارية المحلية أن تتخصص في إدارتها مجالس تتألف في مجموعها أو في أغلبها من أعضاء منتخبين بواسطة الشعب. ويتضح مما تقدم أن لنظام اللامركزية الإدارية جانبين، جانب قانوني وجانب سياسي فالجانب القانوني يتمثل في تفتيت ظاهرة التركيز في ممارسة السلطات العامة في الدولة، والجانب السياسي يتمثل فيما تقوم عليه اللامركزية الإدارية في توسيع مفهوم الديمقراطية حتى تنقل سلطة التقرير النهائي للشئون العامة إلي هيئات محلية(2). وبالرغم من القاعدة في الفقه التقليدي، إن اللامركزية الإقليمية واللامركزية المصلحية أو المرفقية هما صورتان لمشكلة واحدة تدور حول توزيع الوظيفة الإدارية بين أكثر من هيئة عامة وإن كان التوزيع يختلف في الحالتين فهو شخصي في الأولى وموضوعي في الثانية (نوع النشاط وطبيعة التصرفات والأعمال الممنوحة لهيئة عامة بغض النظر عن جماعة الأفراد الذين تمارس في مواجهتهم هذا النشاط). غير أنه قد قام رأي في الفقه(3) يعارض هذا الإستقرار يؤكد أن فكرة اللامركزية المصلحية لا علاقة لها بمفهوم اللامركزية الإدارية وأنها تتصل بموضوع تركيز أو عدم تركيز الاختصاصات الإدارية في يد الجهاز التنفيذي مركزياً كان أو لا مركزياً. ويرى هذا الاتجاه أن اللامركزية المصلحية استثناء من قاعدة تركيز النشاط الإداري الخاص بالمرافق العامة في يد الحكومة المركزية وهو ما يسمى بأسلوب عدم التركيز الإداري وهو ليس من صور اللامركزية بقد ما هو تطوير داخل النظام المركزي(4).

_____________

1- راجع د فؤاد العطار، محاضرات في تنظيم الإدارة العامة، دار النهضة العربية ، ط 1956م ، ص175.

2- د. طعيمة الجرف – القانون الإداري – دار النهضة العربية ، ط 1978م ، ص 39.

3- د. طعيمة الجرف، مرجع سابق ، ص49.

4- المرجع السابق، ص49.

العناصر الأساسية لنظام اللامركزية الإدارية :

إن مضمون اللامركزية الإدارية هو الإقرار بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية العامة وأن يعهد بإدارة هذه المصالح المحلية إلي هيئات محلية مستقلة ويمكن القول بأن العناصر الأساسية اللامركزية الإدارية تتمثل في الآتي:

1- الإقرار بمصالح محلية تتميز عن المصالح القومية العامة.

2- وجود هيئات محلية مستقلة عن السلطة المركزية تستقل بإدارة تلك المصالح.

3- توافر الرقابة علي هذه الهيئات المحلية في مباشرة اختصاصاتها من قبل السلطة المركزية.

أولاً: وجود مصالح محلية تتميز عن المصالح القومية:

مضمون فكرة اللامركزية هو اقتطاع جزء من الوظيفة الإدارية من اختصاص السلطة التنفيذية وإسناده إلي هيئات إقليمية ويتفرع عن ذلك تمتع هذه الوحدات أو الهيئات اللامركزية بشخصية معنوية مستقلة، ويكون لهذه الهيئات ذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة وأهلية قانونية خاصة بها(1). ويختلف مدى المصالح المحلية التي تسند إدارتها إلي الهيئات اللامركزية باختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكل دولة.

ثانياً: وجود هيئات مستقلة عن السلطة المركزية، تستقل بإدارة المصالح المحلية:

يجب أن تعهد إدارة الهيئات المحلية لسلطة إدارة محلية تتولى تمثيلها في ممارسة الاختصاصات الإدارية التي يقررها القانون(2). إذا كان الفقه الإداري يسلم بضرورة تمتع السلطات المحلية بقدر من الاستقلال في مواجهة السلطة المركزية إلا أن الخلاف يثور حول كيفية تحقيق هذا الاستقلال.(3)

ذهب فريق غالب في الفقه إلي أن ذلك الإستقلال يتطلب أن يتم تكوين السلطات الإدارية المحلية عن طريق الانتخاب، ويعتبر شرطاً لازماً لإستقلال السلطات المحلية بإعتبار أن الإنتخاب وحده هو الذي يكفل تحقيق الاستقلال ولان اللامركزية تعد من دعائم الديمقراطية في مجال الإدارة(4). ويرى فريق آخر من الفقه بعدم اعتبار الإنتخاب شرطاً لازماً لإستقلال السلطات المحلية ويمكن تكوين الهيئات المحلية عن طريق التعيين بالضمانات الكافية للأعضاء المعينين وإستقلالهم في ممارسة عملهم بعيداً عن سيطرة الإدارة المركزية وهيمنتها(5). ويسوق أنصار هذا الرأي اعتبارات الأخذ بوسيلة التعيين، إن الانتخاب قد يأتي بأعضاء لا تتوافر فيهم الكفاية المنشودة وفي ذلك إضرار بصالح الإقليم وبالتالي بصالح الدولة. وفي ضوء ما تقدم نؤيد ما ذهب إليه الرأي الثاني الذي يري أن الانتخاب ليس شرطاً يلزم توافره لإستقلال السلطة المحلية.

ثالثاً: الرقابة الإدارية:

إن إستقلال السلطات المحلية بمباشرة اختصاصاتها يجب ألا ينظر إليه علي أنه استقلال مطلق بحيث تستقل هذه الهيئات المحلية عن السلطة المركزية تماماً وإلا لأصبحت الهيئات المحلية دولاً داخل دولة. فرقابة السلطة المركزية علي الهيئات المحلية ضرورة يجمع عليها أهل الفقه حرصاً علي صيانة الوحدة القانونية والسياسية للدولة. وتأتي أهمية الرقابة علي السلطات المحلية من ناحية أخرى للحد من ميل هذه السلطات إلي الإسراف في حماية مصالحها المحلية. بالرغم من اتفاق الفقه الإداري بضرورة رقابة السلطة المركزية علي الهيئات المحلية إلا أن البحث يثور حول وسائل هذه الرقابة ومداها. ويمكن أن نميز في نطاق هذه الرقابة ومداها بين أسلوبين متعارضين وفيما يلي بيان ذلك:

أولاً : الرقابة علي الهيئات المحلية في النظام الإنجليزي:

إن قدم تجربة الإدارية المحلية في بريطانيا قد أدى إلي تدعيم استقلال اختصاصات الهيئات المحلية في النظام الإنجليزي، والسلطات المركزية ترعى إستقلال هذه الهيئات وتقدم لها العون والمشورة، والرقابة في النظام الإنجليزي القصد منها ليس الحد من حربة هذه الهيئات المحلية إنما القصد هو التحقق من توفير أكبر قدر من الفاعلية والكفاية لنشاطها وإدارتها للمرافق المحلية التي تدخل في اختصاصها.

بما أن النظام الإنجليزي يحدد اختصاص الهيئات المحلية علي سبيل الحصر ومن ثم فإن وضوح حدود اختصاص هذه السلطات المحلية يلازمه من الناحية المنطقية تمتعها بقدر وافر من الحرية في مباشرة هذه الاختصاصات وتأخذ السلطات المركزية في رقابتها علي السلطات المحلية عدة وسائل نستعرض بعضها:

1- رقابة القضاء: معلوم أن الرقابة القضائية علي أعمال الإدارة في النظام الإنجليزي تقوم علي قاعدة القضاء الموحد ومعنى هذه القاعدة كما أسلفنا من قبل أن تخضع الدولة كالأفراد للقانون العادي وللمحاكم العادية سواءً بسواء وإن هذه الرقابة لا تقف عند حد إلغاء الأوامر الإدارية الفردية والتنظيمية المخالفة للقوانين واللوائح ولكنها تمتد إلي أبعد من ذلك حيث لا يعرف النظام الإنجليزي قاعدة استقلال الإدارة في مواجهة القضاء فللقاضي أن يصدر الأوامر والنواهي الملزمة للإدارة.

2- تفتيش أعمال الهيئات المحلية وإسداء النصح إليها وتقديم تقارير سنوية عن أعمالها.

3- التظلم إلي الوزير: وتمثل هذه الصورة من الرقابة تعقيب السلطة المركزية علي ما تتخذه الهيئات المحلية من قرارات في بعض المسائل التي تؤثر في حقوق الأفراد ويكون للأفراد حق التظلم إلي الوزير المختص في شأن هذه القرارات.

4- للسلطة المركزية حق الحلول محل الهيئات المحلية إذا قصرت هذه الأخيرة في أداء واجباتها والحق في الحلول يأخذ صورتين في التطبيق.

ففي الصورة الأولى: إذا قدر الوزير المختص أن سلطة محلية قد قصرت في أداء الواجب المفروض عليها أو مباشرة عمل معين فله أن يصدر أمراً بذلك فإذا مانعت السلطة المحلية عن تنفيذ هذا الأمر فإن للوزير أن يلجأ إلي المحكمة العليا لإستصدار أمر قضائي بإلزام السلطة المحلية بأداء ذلك الواجب.

والصورة الثانية تمثل فيما تنص عليه بعض التشريعات إن من حق الوزير المختص إذا رأى هناك تفسير من قبل السلطة المحلية أن ينقل الوزير الاختصاص من السلطة المحلية إلي سلطة محلية أخرى أو إلي الوزير نفسه.

ثانياً: الرقابة علي الهيئات المحلية في النظام الفرنسي:

يطلق علي الرقابة علي الهيئات المحلية في النظام الفرنسي (الوصاية الإدارية) وهي في قواعدها علي العكس من الرقابة الموجودة في النظام الإنجليزي حيث تختص المجالس المحلية كل في حدود نطاقه الإقليمي بكل مرافق هذا الإقليم إلا ما ستثنى بنص خاص يمنح الاختصاص به صراحة للسلطات المركزية وتخضع الهيئات المحلية لنوع من الرقابة أكثر دقة وإحكام عنه في النظام الإنجليزي(6).

وتمارس السلطة المركزية وفق هذا النظام رقابتها علي الهيئات المحلية في إحدى صورتين فقد تنصب هذه الرقابة علي الهيئات المحلية ذاتها وقد تتناول أعمال وتصرفات الهيئات المحلية(7) .

i- الرقابة علي الهيئات المحلية وأعضائها:

وتتمثل هذه الرقابة في حق السلطات المركزية في تعيين كافة أعضاء هذه الهيئات المحلية توقيع جزاءات تأديبية في حالة ارتكابهم المخالفات الإدارية كما يعطي القانون للسلطة المركزية حق وقف أحد هذه الهيئات المحلية.

ii- الرقابة علي أعمال الهيئات المحلية:

وتتمثل هذه الرقابة فيما تملكه السلطات المركزية من حقوق في مواجهة أعمال الهيئات المحلية وإجراءات تنفيذها علماً بأن هذه الرقابة لا تتناول جانب مشروعية هذه الأعمال لكنها إلي جانب الملاءمة(8).

وتتمثل هذه الصورة من الرقابة علي ما يلي:

1- أن تخضع أعمال وتصرفات الهيئات المحلية لضرورة الحصول علي إذن سابق أو تصديق لاحق من السلطة المركزية.

2- للسلطة المركزية الإختصاص في حالات معينة بإلغاء قرارات الهيئات المحلية، ويكون هذا مقرراً فقط في حالة عدم مشروعية قرار الهيئات المحلية غير أنه في حالات أخرى يمتد اختصاص السلطة المركزية بإلغاء قرارات الهيئات المحلية(9).

3- حلول السلطة المركزية محل الهيئات المحلية في أداء الواجبات التي تمتنع الهيئات المحلية عن القيام بها رغم إلتزامها القيام بذلك قانوناً ويطلق علي تصرف السلطة المركزية في هذه الحالة إصطلاح الحلول.

وحق الحلول من قبل السلطة المركزية لا يكون إلا في حالة امتناع الهيئات المحلية عن القيام بعمل مفروض عليها قانوناً، أي أن الحلول لا يكون إلا لعدم مشروعية امتناع الهيئة المحلية عن التصرف، وممارسة السلطة المركزية لحقها في الحلول محل الهيئات المحلية ليس جائزاً إلا في الحالات التي يخولها القانون بذلك صراحة، أي أنه لا يوجد اختصاص عام للسلطة المركزية بالحلول محل الهيئات المحلية في أداء ما تقصر فيه هذه الأخيرة من واجبات وأعمال يفرضها القانون(10).

التمييز بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية:

تقوم اللامركزية الإدارية علي توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية وهيئات أخرى تمارس اختصاصاتها علي أساس إقليمي أو مرفقي، أما اللامركزية السياسية فتعتبر نوعاً من أساليب التنظيم الدستوري للدولة، وتعرف بالنظام الاتحادي أو الفدرالي، ويقوم التمييز بين النظامين علي أساس أن نظام اللامركزية الإدارية مجرد أسلوب إداري يتصل بطريقة تسيير الوظيفة الإدارية في الدولة أما الثانية فتعد نوعاً من أساليب الحكم في الدولة وتقوم علي حساب وحدتها التشريعية والتنفيذية والقضائية(11).

فيري بعض الكتاب أن الفارق بين النظامين هو مجرد فارق في الدرجة والمدى، ففي اللامركزية الإدارية تتوزع الوظيفة الإدارية أما في اللامركزية السياسية فيشمل التوزيع إلي جانب سلطة التنفيذ سلطتي التشريع والقضاء(12). والفارق الجوهري بين النظامين أن اللامركزية الإدارية لا تخول لأقاليم الدولة أي اختصاص تشريعي أو قضائي محلي، بل يخول لها بعض مظاهر الوظيفة الإدارية طبقاً للقانون(13).

ويري البعض الآخر من الفقه أن الفارق بين النظامين هو فارق في الطبيعة والجوهر فيقوم الدستور بتوزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة والهيئات اللامركزية (المحلية)(14) .

كما تخضع وحدات اللامركزية الإدارية للرقابة الوصائية من جانب الحكومة المركزية، أما الولايات في الاتحاد الفدرالي تملك اختصاصات أصيلة ونهائية تستمدها من الدستور الاتحادي.

بالرغم من هذه الفروق الجوهرية بين النظامين فقد ذهب رأي في الفقه(15)، إلي محاولة التقريب بين الفكرتين علي أساس أنهما مظهران لمشكلة واحدة تتعلق أساساً بالتنظيم الحكومي في الدولة.

ونرى بأرجحية رأي الفقه التقليدي بإنعدام محاولة التقريب بين النظامين لجملة الفروق التي كشفنا عنها فيما سبق.

تقدير النظام اللامركزي:

إن النظام اللامركزي بالرغم من أنه نظاماً إدارياً إلا أنه لا يتجرد من الطابع السياسي، وعند تقدير هذا النظام لابد من النظر إلي مزاياه وعيوبه السياسية أيضاً علاوة على مزاياه وعيوبه الإدارية.(16)

فمن الناحية السياسية فإن النظام اللامركزي نظام ديمقراطي، إذ يسمح لسكان الإقليم بإختيار أعضاء منهم للإشتراك في إدارة الشئون المحلية.

وبالرغم من ذلك فمن أهم المساوئ السياسية لهذا النظام قيامه بخلق مجموعة من الوحدات الإدارية المستقلة داخل الدولة وأن في ذلك مساس بالوحدة السياسية للدولة وقد يؤدي إلي تفتيت وحدة السلطة العامة داخل الدولة ويرى الأستاذ الدكتور طعيمة الجرف أنه لا يصح الإغراق في توهم هذا الخطر لسببين(17):

الأول: أنه لا يزال سمة فارق جوهري يفصل بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية فاللامركزية الإدارية لا تتصل إلا بتوزيع الوظيفة الإدارية وحدها دون الوظائف التشريعية والقضائية التي تظل موحدة رغم الأخذ بالأسلوب اللامركزي.

الثاني:إن الهيئات المحلية لا تزال خاضعة للرقابة الإدارية التي تمارسها عليها الهيئات المركزية وليس في شك أن ممارسة هذه الرقابة لابد أن يساعد علي تحقيق قدر من الانسجام والتجانس في أعمال الوظيفة الإدارية.

ومن الناحية الإدارية فإن أهم محاسن النظام اللامركزي تتركز في تخفيف العبء علي الحكومة المركزية وذلك لإستحالة قيام السلطة التنفيذية وحدها بمباشرة الوظيفة الإدارية بعد أن اتسع نطاقها وذلك نتيجة لتدخل الدولة في الميادين المختلفة(18).

وإن النظام اللامركزي يقوم بمنح الوحدات الإدارية المحلية الاستقلال التام في إدارة المشاريع والمرافق المحلية المتصلة بالحاجات المحلية.

وعلى الرغم من ذلك ومما يعد من مساوئ النظام اللامركزي، من الناحية الإدارية خلق مجموعة من الوحدات المستقلة المتخصصة في الشئون المحلية قد يكون سبباً لتفضيلها المصالح المحلية علي المصالح القومية علاوة مما قد يوجده من تنابذ بين الهيئات اللامركزية، إلا أن إحكام الرقابة الإدارية والقضائية يؤيدان إلي تحديد هذا الخطر والقضاء عليه(19).

_______________

1- راجع، فؤاد العطار، محاضرات في تنظيم الإدارة العامة، دار النهضة العربية ، ط 1956م ، ص 176.

2- مبادئ القانون الإداري ، د. طعيمة الجرف ، طبعة 1962م ، دار النهضة العربية ، القاهرة .ص 59.

3- راجع في ذلك الخصوص: النظرية العامة للقرارات الإدارية .،د. سليمان الطماوي الطبعة الأولي لسنة 1957م ، دار النهضة العربية القاهرة ، ود.طعيمة الجرف، تنظيم الإدارة المحلية، ص60

4- راجع د.محمد عبد الله العربي، نظم الإدارة المحلية، بحث منشور بمجلة القانون والاقتصاد، يونيو1959م،ص373

5- راجع ما فصله د. فؤاد العطار، من حجج ، ص 178، مرجع سابق.4

6- د.مبادئ القانون الإداري ، د. طعيمة الجرف ، طبعة 1962م ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ص 76.

7- د. بركات موسى الحواتى، ص 10.

8- د. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص 69.

9- راجع: د. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص69.

10- د. فؤاد العطار ، مرجع سابق، ص 72.

11- أنظر: د. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص43

12- راجع: د. يسري العصار، مرجع سابق، ص99.

13- د. الجرف، مرجع سابق، ص43.

14- د. محاضرات في القانون الإداري ، د. يسري العصار ، وحد الطبع والتصوير جامعة القاهرة فرع الخرطوم 1989م ، ص 100.

15- المرجع السابق، ص100.

16- راجع: الدكتور طعيمة الجرف، في مؤلف نظم الإدارة المحلية، السابق الإشارة إلي، ص74.

17- راجع: الدكتور طعيمة الجرف، في مؤلف نظم الإدارة المحلية ، المرجع السابق، ص74.

18- المرجع السابق، ص75.

19- راجع في ذلك: د. فؤاد العطار ص190، ود. طعيمة الجرف، ص 75.

أساليب اللامركزية الإدارية :

تختلف الدول في تحديد الخط الفاصل بين القطاع المركزي والقطاع اللامركزي تبعاً لظروف كل دولة ويمكن التمييز بين أسلوبين متعارضين في هذا الشأن(1).

1- الأسلوب الإنجليزي (نظام الحكم المحلي):

ويقوم علي أساس تحديد المشرع لإختصاص الهيئات اللامركزية علي سبيل الحصر وترك باقي الاختصاصات للجهات المركزية بحيث يكون لهذه الأخيرة الولاية الشاملة بينما لا يجوز للهيئات اللامركزية الخروج علي إختصاصاتها المحددة في القانون، هذا علي أن تكون للهيئات المحلية أن تمارس اختصاصاتها بحرية تامة تحت رقابة البرلمان والقضاء أساساً، مع رقابة محدودة للحكومة المركزية(2).

بالإضافة إلي الأخذ بقاعدة تعدد الأنماط والأساليب الإدارية بقدر تعدد الهيئات الإدارية الإقليمية، بحيث يكون لكل هيئة منها أسلوبها الخاص ونمطها المتميز طبقاً لظروف الأقاليم الجغرافية وتبعاً لاحتياجاتها المحلية(3).

2- الأسلوب الفرنسي (نظام الإدارة المحلية):

ويقوم هذا النظام علي أساس أن يمنح القانون للهيئات المحلية الولاية العامة في الشئون المحلية بحيث لا يخرج من اختصاصها من هذا المجال إلا ما يستثنى بالنص صراحة للسلطات المركزية، علي أن تخضع الهيئات المحلية في ممارستها لهذه الاختصاصات لنوع من الرقابة أكثر دقة وإحكام من مثيلاتها في النظام الإنجليزي فهي تخضع لرقابة البرلمان والقضاء كما تخضع لرقابة واسعة المدى من جانب الحكومة المركزية.(4)

_______________

1- محاضرات في القانون الإداري ، د. يسري العصار ، وحد الطبع والتصوير جامعة القاهرة فرع الخرطوم 1989م ، ص97.

2- المرجع السابق، ص 97.

3- المرجع السابق، ص 97.

4- مبادئ القانون الإداري ، د. طعيمة الجرف ، طبعة 1962م ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ص 272.

تعريف المركزية الإدارية وبيان عناصرها :

المركزية تعني التوحيد وعدم التجزئة أما في مجال التنظيم الإداري فالمركزية تقوم علي أساس مباشرة الاختصاصات والصلاحيات المتعلقة بالوظيفة الإدارية بواسطة الحكومة المركزية وأجهزة تابعة لها خاضعة لسلطانها بدون أن تتمتع هذه الأجهزة بالشخصية المعنوية المستقلة(1). والمركزية قد تكون مركزية سياسية، كما كان سائداً عند نشأة الدولة الحديثة في أواخر القرن الخامس عشر، حيث قامت هذه الدولة علي منطق نظرية الحق الإلهي، والتي اقتضى قيامها على أساس النظام الملكي المطلق، والذي يتحدد بناؤه الدستوري علي مبدأ تركيز السلطات، وأخذت هذه الدولة الحديثة بالمركزية السياسية، ذلك ضماناً لتحقيق وحدتها السياسية والقانونية حتى لا تعود للنظام الإقطاعي الذي كان سائداً من جديد حيث كانت السلطة فيه مقننة. وقد تأخذ المركزية صورة اقتصادية، حيث يكون توجه الاقتصاد القومي في كلياته وجزئياته مرهوناً بإرادة سلطات عامة مركزية في الدولة وهذا هو الطابع الغالب في الدولة الإشتراكية المتطرفة، كما تأخذ به بعض الدول المتخلفة التي تسعى سعياً حثيثاً نحو تحقيق التنمية الاقتصادية عن طريق توجيه النشاط الاقتصادي مركزياً ووفقاً لخطة مرسومة وفي إطار زمني محدد. ويتخذ النظام المركزي شكل الهرم إذ توجد في قمته الوزراء وفي قاعدته يوجد الموظفين العموميين وتعدد وحدات الجهاز الإداري لا يهدر المفهوم العام للمركزية طالما كانت الوظيفة الإدارية في النهاية في يد السلطة الموحدة بالمركز، وأن هذه الوحدات المتعددة مرتبطة فيما بينها برباط التبعية العضوية وخاضعة لرئاسة عليا واحدة(2).

ويتضح لما سبق أن المركزية الإدارية تقوم على ثلاثة عناصر هي:

1- تجميع الاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية.

2- التدرج الإداري والسلطة الرئاسية.

3- السلطة الرئاسية.

العنصر الأول: تجميع الاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية.

وهذا يعني تركيز سلطة البت النهائي في أمور الوظيفة الإدارية في يد الحكومة المركزية، ولا يمنع ذلك من إنشاء هيئات إدارية تابعة للسلطة المركزية تعاونها في القيام بنشاطها وتمارس اختصاصات في جزء من إقليم الدولة. ولكن هذه الوحدات لا تصدر القرارات إلا بإسم الحكومة المركزية أي أنها لا تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة، وتظل تابعة للسلطة المركزية(3).

ويتمثل هذا التركيز من الناحية الإدارية في المظاهر الآتية:

1- تركيز سلطات الأمن والشرطة، إذ من المعلوم أن وظيفة حماية الأمن داخل ربوع الدولة كانت ولا تزال تمثل أهم وظائف الدولة، وطالما كانت هذه السلطات موزعة بين أفراد أو هيئات أخرى غير الدولة فإن فكرة الدولة كوحدة قانونية وسياسية متكاملة يكون في حكم المستحيل.

2- تركيز الاختصاصات الفنية، كسلطات التخطيط والبحث الفني والضروري لإعداد المشروعات القرارات المختلفة التي تتعلق بممارسة الوظيفة الإدارية.

3- تركيز ولاية البت النهائي لسلطة التعيين في الوظائف العامة بإعتبار أن الموظفين القائمين بأعمال هذه الوظائف هم مجموعة المعاونين لها رئاسياً.

العنصر الثاني: التدرج الإداري والسلطة الإدارية:

الأخذ بالنظام المركزي يستتبع أن يخضع الموظفون لفكرة السلم الإداري بحيث ينتظم الموظفون علي طول السلم الإداري في رابطة ذات مدارج تصاعدية تنتهي إلي الرئيس الإداري الأعلى وهو (رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي والوزير في النظام البرلماني). وتعرف هذه الصورة بقاعدة التبعية حيث تلتزم الدرجات الأدنى بالخضوع للدرجات الأعلى في الجهاز الإداري(4). وهذا يعني أن تكون هناك تبعية عضوية ترتبط بها جميع المصالح العامة، علي طول السلم الإداري الذي تتجمع حوله الحكومة المركزية وهيئاتها في الأقاليم. وعلي هذا الأساس فإن المركزية لا تعني تركيز الوظيفة في القمة ولكنها تسمح بإنحدار بعض مظاهر هذه الوظيفة من قمة السلم الإداري تجاه القاعدة، ولوحدات الجهاز الإداري أن تمارس جزاءاً من هذه الوظيفة في حدود اختصاصها علي أن تخضع هذه الوحدات فيما بينها لفكرة التبعية الإدارية للوحدة التي تعلوها(5).

العنصر الثالث: السلطة الرئاسية :

وتعني السلطة الرئاسية أن كل درجة من درجات الجهاز الإداري يوجد علي رأسها رئيس أعلى يتعبه الموظفون الذين يعملون في هذه الدرجة، وتعتبر السلطة الرئاسية أصلاً من أصول الوظيفة العامة حيث تثبت للرؤساء الإداريين دون حاجة لوجود نص قانوني صريح بإقرارها، ولا تنتفي هذه السلطة إلا بنص صريح يقر لموظف معين أو مجموعة من الموظفين اختصاصاً نهائياً دون تعقيب الرؤساء الإداريين(6). وتتضمن السلطة الرئاسية التي يجريها الرئيس علي مرؤسيه عنصرين أحدهما هو عنصر التوجيه ويهدف إلي إرشاد وتوجيه الموظفين عن طريق إصدار الأوامر والتعليمات تكون واجبة الاتباع والخضوع لها، إلا إذا كانت هذه الأوامر غير مشروعة. والعنصر الثاني وهو عنصر الرقابة، وهذه الرقابة قد تكون علي أعمال الموظفين أو علي أشخاصهم.

ففي الأولى: للرئيس حق رقابة أعمال مرؤسيه علي إقرارها أو إلغائها أو الحلول محلهم في أدائها.

فمن ناحية يحق للرئيس الإداري إقرار وإجازة تصرفات مرؤسيه وقد يكون هذا الإقرار صريحاً أو ضمنياً ومن ناحية ثانية يستطيع الرئيس الإداري وقف قرارات مرؤسيه أو تعديلها أو إلغائها أو سحبها، إلا إذا ترتب عليه حق للغير ففي هذه الحالة لا يجوز للرئيس إبطالها وكذلك للرئيس حق الحلول محل المرؤوس في تأدية عمله والأصل أن يسري هذا الحق علي كافة المرؤوسين إلا ما استثنى بنص خاص.

وفي الثانية تتضمن هذه الرقابة طريقة تعيين الموظفين وتنقلاتهم وترقياتهم ومسائلتهم تأديبياً(7).

_______________

1- راجع مبادئ القانون الإداري ، د. طعيمة الجرف ، طبعة 1962م ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ص 175.

2- راجع د. عثمان خليل عثمان – القانون الإداري، ط2، 1958م،ود. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص175.

3- راجع مبادئ وأحكام القانون الإداري ، د. توفيق شحاتة ، طبعة 1953م ، دار النهضة العربية ، ص174

4- راجع د. شقيق شحاتة – القانون الإداري – مرجع سابق، ص174.

5- راجع د. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص 176.

6- محاضرات في القانون الإداري ، د. يسري العصار ، وحد الطبع والتصوير جامعة القاهرة فرع الخرطوم 1989م ، ص 69.

7- د. يسري العطار ، مرجع سابق، ص 73، ود. فؤاد العطار، محاضرات في تنظيم الإدارة العامة، دار النهضة العربية ، ط 1956م ، ص 70.

صور المركزية الإدارية :

تأخذ المركزية الإدارية في التطبيق العملي إحدى صورتين هما(1):

1- المركزية الكاملة أو المطلقة:

وهي تقوم علي تجميع كل الاختصاصات المتعلقة بالوظيفة الإدارية بيد السلطة المركزية وأن تكون سلطة البت النهائي في جميع صور نشاط الوظيفة الإدارية رهن إرادة السلطة التنفيذية المركزية وحدها ويطلق علي هذه الصورة أسلوب التركيز الإداري أو المركزية المتطرفة.

توجد هذه الصورة المتطرفة من المركزية، في بعض الدول الأفريقية والآسيوية التى نالت استقلالها في أوائل الستينات خشية الأنظمة السياسية في أن يتحول أي توزيع للسلطة للأقاليم إلي تمزيق جسم الدولة وتهديد وحدتها السياسية خاصة تلك الأقاليم التي تكثر فيها النعرات القبلية المتحيزة جغرافياً، كما أن ضيق الموارد وضآلة عدد الموظفين عاملان آخران لتركيز السلطة في الرئاسة الإدارية.

غير أنه لم تعد هذه الصورة من نظام المركزية الإدارية أمراً يمكن التحقق، وأصبح في حكم المستحيل أن تمتد يد الوزير إلي كل صغيرة وكبيرة في شئون وزاراته في الأقاليم والمصالح المختلفة.

كما أن ضرورة الإصلاح الإداري تستوجب التخفيف عن الوزراء من ناحية حتى يتفرغوا لأمهات المسائل القومية المشتركة بين جميع أقاليم الدولة، لذلك بدأ الفقه الإداري يشعر بالحاجة إلي تكوين الهيئات التي تتولى أمر النشاط الإداري والبت في بعض الأمور الخاصة بالأقاليم بعيداً عن العاصمة وبإستقلال عن الوزارات(2).

2- المركزية النسبية أو الجزئية:

وهي تقوم علي توزيع سلطة البت النهائي في شئون الوظيفة الإدارية بين السلطات التنفيذية المركزية وبين فروعها في الأقاليم، بحيث يكون لبعض وحدات الجهاز الإداري أن تتصرف فيما يقرره لها القانون من اختصاصات، في البت النهائي في بعض الأمور.

كما يخول لها القانون سلطات تطبيقية بحتة تنحصر في تنفيذ ما أصدرته السلطات المركزية من قرارات.(3)

ويطلق علي هذه الصورة أسلوب عدم التركيز الإداري ويحقق هذا الأسلوب ميزتين فهو من ناحية يخفف العبء من الوزارات التي اتسعت أنشطتها كثيراً ومن ناحية أخرى يحقق الفعالية والكفاءة في ممارسة الإدارة العامة لنشاطها لأن هذه الهيئات المحلية تكون أكثر خبرة ومعرفة بظروف الأقاليم ومشاكلها

تقييم نظام المركزية الإدارية:

يري أنصار المركزية الإدارية، أنها تقوي سلطة الدولة وتدعمها مما يترتب علي ذلك جملة نتائج جوهرية تعتبر من حسنات هذا النظام وأهم هذه الحسنات(4):

1- يؤكد نظام المركزية علي الوحدة القانونية والسياسية للدولة ويسهم بقدر في تثبيت سلطات الحكومة وفي التمكين لها.

2- يقوم النظام المركزي علي توحيد الإدارة وتناسقها ويؤدي ذلك إلي توحيد أنماط وأساليب النشاط الإداري في مختلف مرافق الدولة.

3- تؤدي المركزية إلي تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين أمام خدمات الدولة المركزية وتمكنهم جميعاً من الاستفادة من الإمكانيات المادية للدولة.

_________________

1- مبادئ القانون الإداري ، د. طعيمة الجرف ، طبعة 1962م ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ص 24.

2- د. يسري محمد العصار – محاضرات في القانون الإداري – جامعة القاهرة ط 1989م ، ص 73، ود فؤاد العطار، محاضرات في تنظيم الإدارة العامة، دار النهضة العربية ، ط 1956م ، ص70

3- د. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص 24.

4- د. طعيمة الجرف ، مرجع سابق، ص 37.

المصدر : مبادئ القانون الاداري

المؤلف : يوسف حسين محمد البشير

إغلاق