دراسات قانونيةسلايد 1
أحكام الخُلع في القانون العراقي
الملخص :
أباحت الشريعة الإسلامية الغراء للزوجة الاتفاق مع زوجها على حَلّ رابطتهما الزوجية لقاء عوض مالي تبذله إليه . ومع أن المشرع العراقي قد أقر هذا النوع من الفرقة بين الزوجين ، إلا أنه لم يقنن كثيرا من أحكامه . يتضمن هذا البحث التعريف بالخُلع مفهوما وأحكاما وأثارا وفقا لما أستقر عليه القضاء العراقي ، وبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ .
مقدمــــــة :
مع أن الاستمرار هو الأصل في الرابطة الزوجية ، إلا أنه قد تطرأ بعض الظروف التي تعصف باستقرار هذه العلاقة الإنسانية السامية فتوقد بين طرفيها جذوة للشقاق تجعل من ديمومتها واقعا مضرا لكِلا الزوجين ولذريتهما ولأهليهما معا ، وبما يفرض أنهاء هذه الرابطة كخيار لا بد لتلافي أية نتائج أخرى غير محمودة العواقب . وإذا كان الزوج –في الغالب الأعم- هو مَن يملك الحق الحصري بإنهاء علاقته الزوجية وقتما يشاء – وهو المعروف اصطلاحا بأسم الطلاق – ، فأن حرص الشرائع والقوانين على تحقيق مبدأ التوازن في حق كُلٍ من الزوجين بإنهاء الرابطة الجامعة بينهما دفعا لما هو حالٌ أو متوقع من الأضرار ، قد حملها على منح الزوجة الحق بالطلب من القضاء الحكم لها بأنهاء رابطتها بزوجها عند تحقق سبب من أسباب الإضرار بها وهو المعروف اصطلاحا بأسم التفريق القضائي . كما ومنحتها أيضا حق الاتفاق مع زوجها على حَلّ الرابطة القائمة بينهما لقاء عوض مالي تبذله له درأً لما هو قائم بينهما من أسباب عدم الوفاق والوئام ، وهذا هو التفريق الاتفاقي المعروف في المباحث الفقهية الشرعية والقانونية أيضا بأسم الخُلع .
ولقد نَظَمَّ المشرع العراقي أحكام أنحلال عقد الزواج في الباب الرابع من قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم (188) لسنة 1959. فوَزَعَّ تلك الأحكام على ثلاثة فصول ، خصص الفصل الأول لبيان أحكام الطلاق بشكل عام ، والطلاق الواقع من الزوج بشكل خاص، وخصص الفصل الثاني لبيان حالات وأحكام التفريق بين الزوجين بحكم القضاء (التفريق القضائي) ، وخصص الفصل الثالث للتفريق الاختياري أو الخُلع .
أهمية البحث : في حين تناول المشرع العراقي أحكام الطلاق والتفريق القضائي بالبيان في العديد من المواد القانونية التي تقنن لهذين النوعين من الفرقة بين الزوجين ، فقد أفرد مادة قانونية واحدة في قانون الأحوال الشخصية النافذ تتألف من ثلاث فقرات لتقنين بعض أحكام الخُلع ، مما ترك فراغا تشريعيا واسعا بشأن العديد من المسائل المرتبطة بالخُلع مفهوما وأحكاما وأثارا .
إشكالية البحث :مع تعدد اجتهادات الفقهاء المسلمين وتباين رؤاهم بشأن العديد من مسائل الخُلع ، فقد أصبح من الضرورة الملحة التعرف على الأحكام الخاصة بالخُلع ، والتعريف بها ، وبما ينسجم مع حكم الفقرة (2) من المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية النافذ التي توجب الأخذ بمبادئ الشريعة الاسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون .
فرضية البحث : حيث أن مسائل قانون الأحوال الشخصية النافذ ، ومنها الفرقة بين الزوجين ، مستقاة من الشريعة الإسلامية ، لذا فأن الفقه الإسلامي يمدنا بأحكام الخُلع التي تتلائم مع نصوص هذا القانون .
منهجية البحث : للإحاطة بموضوع البحث والإجابة على تساؤلاته فقد أعتمدت منهج تحليل النظم لدراسة مضامين القواعد الشرعية والاجتهادات الفقهية والنصوص القانونية والمبادئ القضائية ذات العلاقة بموضوعه .
هيكلية البحث : تم تقسيم موضوع البحث على ثلاثة مباحث . أفردت المبحث الأول لتحديد ماهية الخُلع . وخصصت المبحث الثاني لبيان أركان الخُلع وشروطه ، وتناولت في المبحث الثالث الأثار القانونية المترتبة على الخُلع وإمكانية الرجوع عنه . ثم أنهيت البحث بخاتمة تلخص أهم الاستنتاجات والتوصيات .
المبحث الأول : ماهية الخلع
الإحاطة بماهية الخُلع تقتضي التعريف به لغة واصطلاحا والتعرف على تكييفه ، ومعرفة طبيعته وتمييزه عما يخالطه من مفاهيم . لذا سنقسم هذا المبحث على ثلاثة مطالب ، نفرد الأول منها للتعريف بالخُلع وتكييفه ، ونخصص المطلب الثاني لتحديد طبيعة الخُلع وتمييزه عن الطلاق على مال ، ونتناول في المطلب الثالث بيان أركان الخُلع وشروطه .
المطلب الأول : تعريف الخُلع وتكييفه
نتناول في هذا المطلب ، وفي فروعين متتاليين، التعريف بالخُلع وتكييفه.
الفرع الأول :التعريف بالخُلع
أولا : تعريفه اللغوي
الخُلعُ (بضم الخاء) من الخَلع . وخَلعَ الشيء يَخلَعهُ خَلعاً : كَنَزعه ، إلا أنَّ في الخَلعِ مُهلةٌ . وسوى بعضهم بين الخَلعِ والنَزعِ . كما ويأتي الخَلعُ بمعانٍ أخرى منها ، تخالعَ القومُ: نقضوا الحَلف والعَهد بينهم . وخَلَعَ الدابة : أطلقها من قيدها . وخَلَعَ القائد : أزالهُ عن منصبِهِ . وخَلَعَ الرجلُ أمرأتهُ خُلعَاً (بالضم) ، وخِلاعاً فأختلَعت منه وخالعَتهُ أي أزالها عن نفسه وطلّقَها على بذلٍ منها له . وسمي ذلك الفراق خُلعاً لأن الله تعالى جعلَ النساءَ لباسا للرجالِ والرجالَ لباسا لهن ، فقال عزَّ وجَلَّ :هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ[1]. فإذا افتدت المرأة بمالٍ تعطيه لزوجها ليبينها منه فأجابها إلى ذلك فقد بانت منه ، وخَلَعَ كلُ واحدٍ منهما لِباسَ صاحبهُ[2].
يستنتج مما تقدم أن الخُلع (بضم الخاء) لغة صورة من صور الفراق الشرعي البائن بين الزوجين ، يأتي بطلب من الزوجة ، وقبول من الزوج ، لقاء مالٍ تبذله له .
ثانيا :تعريفه في الاصطلاح الشرعي
للخُلع عند الفقهاء المسلمين عدة تعريفات تعددت بحسب مذاهبهم . فعَرَّفه أبن نجيم من فقهاء الأحناف بأنه :”إزالة
مُلك النكاح المتوقفة على قبولها ، بلفظ الخلع أو ما في معناه”[3]. ويختص هذا التعريف بالخلع المسقط للحقوق الذي يتحقق عادةً بلفظه الصريح أو ما في معناه مقابل مالٍ تفتدي به المرأة نفسها . فأن خالعها وقع طلاقا بائنا يبنهما ، ولزمها المال[4].وعَرَّفه الرملي من فقهاء الشافعية بأنه : “فرقة بعوض مقصود بلفظ طلاق أو خلعٍ راجع لجهة الزوج”[5]. والعوض المقصود هنا يصح أن يكون ديناً أو عيناً أو تقديرا ، ويجبأن يكون راجعا لجهة الزوج كله أو بعضه[6].وعَرفَّه فقهاء من الحنابلة بأنه : “فراق الزوج أمرأته بعوض يأخذه منها أو من غيرها ، بألفاظ مخصوصة”[7] . ومن فقهاء المالكية عَرَّفه الحطاب المالكي بأنه : “عقد معاوضة على البضع تملك المرأة به نفسها ويملك الزوج العوض”[8]. وهذا التعريف يشمل الخلع والطلاق بعوض[9] ، إذ المالكية لم يفرقوا بينهما[10] . أما عند الأمامية فقد عَرَّفه العاملي بأنه :”طلاق بعوض مقصود لازم لجهة الزوج”[11].
وهكذا يتضح من مجمل التعريفات المعروضة أن المذاهب الفقهية الإسلامية متفقة على أن الخُلع يُزيل حِل الرابطة الزوجية القائمة بين الزوجين ، فيقع برضائهما وباتفاقهما بلفظه المخصوص أو بما في معناه وبمقابل عوض مالي تبذله الزوجة لزوجها[12].
ثالثا : تعريفه في القانون
أورد المشرع العراقي تعريفه للخُلع في المادة السادسة والأربعون ف1 من قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 النافذ فجاء فيها :”الخُلع إزالة قيد الزواج بلفظ الخُلع أو ما في معناه ، وينعقد بإيجاب وقبول أمام القاضي مع مراعاة أحكام المادة التاسعة والثلاثين من هذا القانون” . فيفهم من هذا التعريف أن المشرع العراقي قد أخذ بما أجتمع عليه رأي سائر الفقهاء المسلمين باعتبار الخُلع من عقود المعاوضة ، وأخذ بإتجاه الجمهور منهم في التمييز بين الخُلع وبين الطلاق بعوض فقرر أن الخُلع لا يقع إلا بلفظه أو بما في معناه . ومع أن المشرع العراقي قد قَيَّد -في صدر نص المادة أعلاه- وقوع الخُلع بانعقاد أيجابه وقبوله من الزوجين أمام القاضي المختص مرجحا بذلك رأي الأقلية من الفقهاء المسلمين[13] إلا أنه قرر -في نهاية النص- مراعاة أحكام المادة التاسعة والثلاثون من ذات القانون التي تجيز فقرتها الأولى أيقاع الطلاق خارج المحكمة المختصة[14]وهو ما يتوافق مع
رأي الغالبية من الفقهاء المسلمين في عدم احتياج الخُلع إلى قاضٍ لانعقاده كالبيع والنكاح[15].
الفرع الثاني : تكييف الخُلع
لا خلاف بين الفقهاء المسلمين على ثبوت الفرقة بين الزوجين بالخُلع ، غير أن اقتران هذه الفرقة بالعوض أثار التساؤل عندهم حول حقيقة الخُلع أهو طلاق أم فسخ ؟. وفي الإجابة على هذا التساؤل انقسموا إلى فريقين . فريق يذهب إلى أن الخُلع فسخ ، وهم الأقلية[16]. وفريق يذهب إلى أن الخُلع طلاق ، وهم الأكثرية[17]. ولكل فريق من الفريقين حججه واستدلالاته من الكتاب العزيز والسنة المطهرة ومن المعقول ، إلا أن أدلة الفريق القائل بأن الخُلع طلاق أقوى حجة وأحسن توجيها وبالتالي فرأيهم أكثر ترجيحا عند جمهرة من العلماء والباحثين في الفقه الإسلامي[18]، هذا علاوة على أن القول بذلك فيه حفظ لحق الزوجة في الخلاص مقابل ما ملكه الزوج من البدل[19]. وبهذا الرأي أخذ المشرع العراقي حيث قضى في المادة/السادسة والأربعون ق2 من قانون الأحوال الشخصية النافذ “ويقع بالخُلع طلاق بائن” . ويترتب على كون الخُلع طلاقا ما يلي[20] : –
أن الخُلع ينهي حِل الرابطة الزوجية بلفظ الخُلع أو ما في معناه .
أن الفرقة بالخُلع تنقص عدد ما يملكه الزوج من التطليقات على زوجته ، وبالتالي فلو خالعها ثلاثا بانت منه بينونة كبرى فلا تحل له بعد ذلك إلا أن تنكح زوجا غيره .
أن الفرقة بالخُلع في زمن الحيض طلاق بدعي لا خلاف بين الفقهاء المسلمين على أنه حرام يأثم موقعه ، مع أن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى أنه يرتب آثاره أن وقع.
المطلب الثاني : طبيعة الخُلع وتمييزه
نتناول في فرعين مستقلتين طبيعة الخُلع وتمييزه عن الطلاق على مال .
الفرع الأول : طبيعة الخُلع
تقدم بنا أن لا خلاف بين الفقهاء المسلمين على أن الخُلع من المعاوضات ، غير أن طبيعته تختلف عند طرفيه . فهو بالنسبة للزوج يكون بمعنى اليمين ، لأنه عَلَّقَ طلاقه على قبول المال ، والتعليق يمين في اصطلاح الفقهاء المسلمين . أما بالنسبة للزوجة فهو معاوضة بمال[21] ، لأنها التزمت بدفع المال في مقابل افتداء نفسها وخلاصها من الزوج .
ويترتب على كون الخُلع يمينا من جانب الزوج النتائج التالية[22] : –
إذا أوجب الزوج الخُلع لزمه فلا يصح له الرجوع عنه قبل قبول الزوجة ، إذ التعليق لا يجوز الرجوع عنه .
لا يقتصر إلزام أيجاب الزوج للخُلع على مجلسه وإنما يبقى ملزما له حتى لو أنفض المجلس ، وعليه لو قبلت الزوجة الخُلع بعد انفضاض المجلس يكون قبولها صحيحا ويرتب الخُلع آثاره .
لا يصح للزوج أن يشترط الخيار في الخُلع لنفسه في مدة معلومة ، حيث أن الخُلع يمين من جانبه لذا فلا يملك الرجوع عنه . فإذا ما أشترط الخيار أو المدة بطل الشرط دون الخُلع . فلو خالع الزوج زوجته على أن له الخيار مدة ثلاثة أيام مثلا ، وقَبلت الزوجة : وقعت الفرقة في الحال ، ولزمها العوض الذي تعهدت به .
يجوز للزوج أن يعلق الخُلع على وقوع أمر في المستقبل أو بصيغة إلى زمن المستقبل ، فيقول لزوجته : أن خرجت من البيت غدا خالعتك على كذا ، أو يقول لها : لقد خالعتك على كذا أول الشهر القادم ، فإذا قبلت الزوجة عند حدوث الأمر المعلق عليه ، أو عند حلول الأجل ، وقعت الفرقة ولزمها المال ، ورتب الخُلع آثاره .
ويترتب على كون الخُلع معاوضة فيها شبهة التبرع من جانب الزوجة النتائج التالية[23] :-
إذا أوجبت الزوجة فيصح لها الرجوع عن أيجابها قبل قبول الزوج .
يقتصر قبول الزوجة للخُلع أن كانت حاضرة في مجلس الإيجاب ، أو مجلس علمها بالإيجاب أن كانت غائبة عن مجلسه ، وذلك بالنظر إلى أن المعاوضات المالية تبطل إذا تفرق المتعاقدان بعد الإيجاب وقبل القبول .
يجوز للزوجة أن تشترط لنفسها الخيار في مدة معلومة يكون لها فيها الحق بقبول الخُلع أو رده ، حيث يجوز اشتراط الخيار في المعاوضات .
لا يصح للزوجة تعليق الخُلع ولا أضافته إلى زمن مستقبل ، إذ الخُلع من جانبها تمليك والتمليك لا يقبل التعليق ولا الإضافة.
الزوجة غير ملزمة ببدل الخُلع إلا إذا كانت أهلا للتبرع ، بأن تكون بالغة عاقلة رشيدة ، لأن الخُلع وأن أعتبر معاوضة من جانبها إلا أن فيه شبه التبرع ، والتبرع لا يصح إلا من كامل الأهلية[24] .
الفرع الثاني : تمييز الخُلع عن الطلاق على مال
تتحقق الفرقة بين الزوجين في الخُلع وفي الطلاق على مال على السواء ، غير أنهما يتفقان في بعض الآثار المترتبة على كل منهما ويختلفان في آثار أخرى ، مما يقتضي معه ضرورة التمييز بينهما . فكلاهما يتفقان في اشتراط العوض (البدل) لوقوع الفرقة بين الزوجين ، وفي قبول الزوجة بأي منهما دون أكراه ، والتزامها بدفع العوض وتلعقه بذمتها كدين لحين وفاءها به أو ضمانه من غيرها ، وفي وقوعهما طلاقا بائنا تنقص به عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته (للقائلين بأن الخُلع طلاق وليس فسخ) . لكنهما يختلفان بما يلي[25] :-
أن الخُلع لا يقع إلا بلفظ الخُلع أو ما في معناه كالمبارأة ، بينما يقع الطلاق على مال بلفظ الطلاق أو ما في معناه ، كأن يقول لزوجته طلقتك بكذا .
أن الخُلع يسقط كل حق ثابت لأي من المتخالعين بسبب الزواج الذي تم به الخُلع ، بينما لا يسقط بالطلاق على مال أي من حقوق الزوجين قِبَل الآخر في الزواج الذي تم به الطلاق على مال إلا إذا أتفق كلاهما على ذلك .
إذا طلق الزوج زوجته ، أو خالعها ، على مالٍ غير مشروع التعامل فيه (الخمر مثلا) بطل العوض ولا يلزم الزوجة منه
شيء ، ويقع الطلاق على مال رجعيا بينهما لصراحة لفظه ، فيما يقع الخُلع طلاقا بائنا لأنه كناية ، والكناية يقع بها الطلاق بائنا .
ولم يرد في القانون العراقي ذكرا لهذا النوع من الطلاق ، حيث قصر المشرع العراقي ذكر الخُلع كتفريق اختياري في الفصل الثالث من الباب الرابع في قانون الأحوال الشخصية النافذ .
المبحث الثاني أركان الخُلع وشرطه
نتعرف في هذا المطلب ، وفي فرعين مستقلين ، على أركان الخُلع وشروطه القانونية .
المطلب الأول : أركان الخُلع
للخُلع عند جمهور الفقهاء خمسة أركان هي المختلع والمختلعة والصيغة والعوض والمعوض سوى الفقهاء الأحناف فللخُلع عندهم ركنين -كسائر العقود- هما الإيجاب والقبول. وبتدقيق تعريف الخُلع الوارد في المادة السادسة والأربعون من قانون الأحوال الشخصية النافذ يتبين أن المشرع العراقي قد أخذ بإتجاه الفقه الحنفي . لذا سنتناول ركني الخُلع في فقرتين متتابعتين .
الفرع الأول: الإيجاب
الإيجاب في الخُلع هو التعبير الصادر عن أحد الزوجين يعرض فيه حَلّ الرابطة الزوجية القائمة بينهما لقاء عوض
معين[26]. ولا فرق بين أن يكون الإيجاب صادرا من الزوج أو من الزوجة[27] ، لأن الخُلع من عقود المعاوضة التي يأخذ فيها كل من المتعاقدين مقابلا لما أعطاه . ويجب في الموجب للخُلع أن يكون أهلا لإيقاعه بأن يكون أهلا لإيقاع الطلاق ، هذا ما قضت به المادة السادسة والأربعون ف2 من قانون الأحوال الشخصية[28]. وعليه فلا يصح الخُلع من ناقص الأهلية أو فاقدها كالصغير والمجنون والمعتوه والسكران ومن كان فاقدا للتمييز من غضب أو مصيبة أو كِبَر أو مريض ، أو كان مريضا في مرض الموت أو في حالة يغلب في مثلها الهلاك[29]. ويجب أن يصدر الإيجاب بالخُلع من الزوج أو الزوجة نفسيهما ، فالقانون العراقي لا يعتد بالوكالة في أيقاع الطلاق[30]. كما ولا يعتد بالخُلع الواقع من الولي ، لأن الزوج هو الذي تكون عقدة النكاح بيده ، وهو من يملك حَلها وليس الولي[31] . لكن ليس ثمة ما يمنع من أن ينقل الإيجاب الصادر بالخُلع من أحد الزوجين إلى الآخر شخص ثالث فحكمه هنا حكم الرسول بينهما .
ويشترط في الإيجاب بالخُلع أن يكون صريحا بلفظ الخُلع ، كأن يقول الزوج لزوجته : خالعتك على كذا ، أو أن يكون بما في معناه (كناية) مع انصراف النية والقرينة اليه ، كأن يقول لها : بارأتك على كذا ، أو فارقتك على كذا ، أو أبنتك على كذا ، أو طلقي نفسك على كذا . كذلك يكون لفظ المفاداة صريحا في دلالته على الخُلع لقوله تعالى :فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[32]. ولكن هل يشترط بلفظ الخُلع أن يكون منطوقا به فقط ، أم يجوز أن يأتي بما يقوم مقامه من الكتابة أو الإشارة ؟
لم يرد نص صريح بجواز ذلك من عدمه في قانون الأحوال الشخصية النافذ . ولكن إعمال المادة الأولى ف2 من القانون والتي تنص على :”إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون” ، تحيلنا للأخذ بما ذهب اليه جمهور الفقهاء المسلمين بشأن وقوع الطلاق بما يقوم مقام اللفظ من كتابة أو إشارة مفهومة ، وذلك لأنهم كيفوا الخُلع على أنه طلاق . فلقد أجازوا وقوع الطلاق بالكتابة المستبينة ؛ أي الكتابة الظاهرة التي يبقى أثرها كالكتابة على الورق أو على الأرض بخلاف الكتابة على الهواء أو الماء التي تعد كتابة غير مستبينة . ولم يشترطوا لوقوع الطلاق بالكتابة عدم قدرة المُطَلَّق على النطق ، بل أجازوها مع قدرته عليه . كما ويقع عند الأحناف طلاق الأخرس عند عجزه عن الكتابة إذا كانت أشارته مفهومة ، وعند الجعفرية ولو كان يحسن الكتابة[33].
ويجب أن يتضمن إيجاب الخُلع تحديد العِوَض تحديدا نافيا للجهالة ، إذ لا يجوز قانونا المخالعة على مجهول أو معدوم . ولكن لا ضير من أن يكون العوض أكثر أو أقل من مهر الزوجة . حيث نصت المادة السادسة والأربعون – ثالثا :”للزوج أن يخالع زوجته على عوض أكثر أو أقل من مهرها”[34]. وكما تصح أن تكون النقود بدل من الخُلع يصح أن يكون غيرها كذلك من كل ما يكون مال مقوما أو منفعة تقابل بالمال كسكنى الدار وزراعة الارض وكإرضاع ولدها منه ، أو حضانته ، أو الأنفاق عليه وما اشبه[35] .
الفرع الثاني : القبول
القبول في الخُلع يمكن أن يأتي من الزوجة إذا وجه اليها الإيجاب به ، كما يمكن أن يأتي من الزوج إذا كانت هي الموجبة بالخُلع . وسواء كان القابل الزوج أم الزوجة فيجب أن يكون أهلا له . فالخُلع لا يلزم الزوجة إلا إذا كانت أهلا للتبرع . وذلك لأن الخُلع – كما سبق وعرفنا- وأن كان من عقود المعاوضة إلا أنه يتضمن شبهة التبرع بالنسبة للزوجة . لذا لا يصح القبول بالخُلع إلا من الزوجة البالغة العاقلة الرشيدة . وسن الرشد القانوني هو تمام الثامنة عشرة من العمر[36]. فأن لم تكن كذلك زالت عنها أهلية التبرع فلا يصح بذلها[37].كأن تكون فاقدة الأهلية لجنون أو عته أصابها[38]. أو أن تكون ناقصة الأهلية لكونها قاصرة لم تتم الثامنة عشرة من عمرها[39]، أو أن تكون مصابة بعارض من عوارض الأهلية بأن كانت سفيهة أو من ذوات الغفلة[40] ، أو أن تكون تحت مانع من موانع الأهلية كالعاهة المزدوجة[41] ، أو أن تكون إرادتها معيبة بعيب من عيوب الرضا[42].
ويجب أن يقترن قبول الخُلع بإيجابه في مجلس الإيجاب أو مجلس العلم به ، فإذا قامت الزوجة من أي من المجلسين ولم يصدر عنها ما يفيد القبول سقط الإيجاب بالخُلع ، ولا يرتب قبولها به لاحقا أي أثر . لكنه يصلح أن يكون حينها إيجابا جديدا موجها منها لزوجها –أن تضمن العناصر الاساسية في الإيجاب- ، ويشكل بذلك دعوة جديدة للتخالع تنتظر قبول الزوج به شريطة أن يقترن ذلك بذات المجلس أو في مجلس علم الزوج به[43].
ويجب أيضا أن يكون القبول متطابقا تماما مع الإيجاب وذلك بأن يتضمن لفظ القبول صراحة أو ضمنا إعلان الموافقة على كل ما يتضمنه الإيجاب من عناصر ليقترن به وينعقد بهما الخُلع . فلا يصح –مثلا- أن يقول لها : خالعتكِ على ألفين ، فترد عليه : قبلتُ بألف .
كما ويجب أن يصدر القبول بالخُلع من الزوجة نفسها ليصح بذلها قانونا[44]، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يتولى الخُلع عن الزوجة الصغيرة أو السفيهة أبوها بحسب ولايته عليها . فأن التزم هو بأداء البدل من ماله بحيث لا يرجع عليها به ، صح الخُلع ووقعت الفرقة طلاقا بائنا ولزم الأب المال . أما إذا لم يلتزم الأب بأداء البدل من ماله بل أضافه إلى مال أبنته الصغيرة أو السفيهة ، فأن الطلاق يقع بائنا أيضا بين الزوجين (لأن كل طلاق على مال يقع بائنا في فقه الشريعة الإسلامية) ، لأنه تعلق بقبول الأب ، إلا أن البدل لا يلزم الصغيرة أو السفيهة لعدم تمتع أي منهما بأهلية التبرع ، ولعدم صلاحية الأب للتبرع من مالهما ، وعليه فالبدل في هذه الحالة لن يُلزم أحدا[45]. وقد جاء في قرار لمحكمة التمييز بهذا الصدد :”يجوز لأبي الصغيرة أن يخلعها من زوجها ، فأن خلعها بمالها أو بمهرها ولم يضمنه طُلِقَت بائنا ، ولا يلزمها المال ، ولا يلزمه ، ولا يسقط مهرها . وإن خلعها على مهرها أو على مال وألتزم بأدائه من ماله للمخالع صح ووقعت الفرقة ولزمه المال أو قيمته إن استحق ، ولا يسقط المهر بل تطالب به المرأة
زوجها وهو يرجع به على ابيها إن كان الخُلع على المهر”[46].
كما ويشترط في التعبير عن القبول أن يكون صريحا قاطعا في دلالته على قبول الإيجاب ، سواء جاء باللفظ الصريح
بقولها : قَبِلتُ ، أو بالكناية كما في قولها : خالعتكَ ، أو بارئتكَ ، أو وافقتك . وسواء جاء بالكتابة ، أو بالإشارة المفهومة من الخرساء ، وعلى الوجه الذي سبق بيانه في التعبير عن الإيجاب .
المطلب الثاني : شروط الخُلع
اشترطت المادة/ السادسة والأربعون ف1 من قانون الأحوال الشخصية النافذ وقوع الخُلع أمام القاضي ، فجاء فيها :”الخُلع إزالة قيد الزواج بلفظ الخُلع أو ما في معناه ، وينعقد بإيجاب وقبول أمام القاضي مع مراعاة أحكام المادة التاسعة والثلاثين من هذا القانون” . فيتضح من صراحة هذا النص أن القانون العراقي يُلزم الزوجين الراغبين بالتخالع إيقاع خلعهما أمام المحكمة المختصة ، وهي محكمة الأحوال الشخصية[47]. فالخُلع – وفقا لهذا النص- لا ينعقد إلا باقتران إيجاب الموجب فيه بقبول الطرف الآخر أمام القاضي المختص . مما يفهم من ذلك ابتداءً أن القانون العراقي لا يجيز إيقاع الخُلع خارج المحكمة المختصة . غير أن المشرع العراقي قد أضاف الى نص المادة المذكورة عبارة :”مع مراعاة أحكام المادة التاسعة والثلاثين من هذا القانون”. فهل لذلك تأثير على فحوى ما يفهم من هذا النص ؟ .
تتألف المادة/التاسعة والثلاثون من القانون من ثلاثة فقرات ونصها هو :”1- على مَن أراد الطلاق أن يقيم الدعوى في محكمة الأحوال الشخصية يطلب إيقاعه واستحصال حكم به ، فإذا تعذر عليه مراجعة المحكمة وجب عليه تسجيل الطلاق في المحكمة خلال مدة العدة . 2- تبقى حجة الزواج معتبرة إلى حين إبطالها من المحكمة . 3- إذا طلق الزوج وتبين للمحكمة أن الزوج متعسف في طلاقها وأن الزوجة أصابها ضرر من جراء ذلك ، تحكم المحكمة بطلب منها على مطلقها بتعويض يتناسب وحالته ودرجة تعسفه ، يقدر جملة ، على أن لا يتجاوز نفقتها لمدة سنتين علاوة على حقوقها الثابتة الأخرى” .
فالشطر الأول من الفقرة (1) لهذه المادة يُلزِم مَن أراد الطلاق بأن يقيم الدعوى بطلب إيقاعه لدى محكمة الأحوال الشخصية المختصة واستحصال حكم منها بذلك . وهذا النص –كما هو واضح- مطابق في حكمه لنص المادة/ السادسة والأربعون ف1 من القانون السالف ذكرها ، فكِلا النصين يوجبان إيقاع الفرقة (طلاقا كانت أم خُلعا) لدى محكمة الأحوال الشخصية المختصة . غير أن الشطر الثاني من المادة التاسعة والثلاثون ف1 والذي جاء فيه :”فإذا تعذر عليه مراجعة المحكمة وجب عليه تسجيل الطلاق في المحكمة خلال مدة العدة” ، قد أباح أيضا إيقاع الطلاق خارج المحكمة المختصة . حيث جرى العرف في العراق ، ومنذ حقب زمنية ، على أن يقصد الزوج الراغب بطلاق زوجته رجل الدين الذي يقيم ضمن محل إقامته ، أو رجل الدين الذي يقلده في الفتيا ، ويوقع الطلاق أمامه بحضور شاهدين وفقا للصيغة المخصوصة شرعا . فهذا الطلاق برغم وقوعه خارج المحكمة المختصة إلا أن المشرع العراقي قضى بتصديقه في المحكمة المعنية ضمن مهلة محددة ، وبما يفهم منه إجازته له دون أن يرتب أية تبعات قانونية على إيقاعه خارج المحكمة كما قضى بذلك الشطر الأول من المادة نفسها[48].
أذن يتضح مما تقدم بأن القانون العراقي لا يمنع أيضا إيقاع الخُلع بين الزوجين خارج المحكمة المختصة (أو دون شرط حضور القاضي-كما هو متداول في الفقه الإسلامي- )[49]. لكنه يوجب على الزوج المختلع مراجعة محكمة الأحوال الشخصية المختصة خلال مدة عدة مختلعته لتصديق الطلاق الخلعي الواقع بينمها .
ويستفاد من حكم الفقرة(2) من المادة التاسعة والثلاثون بأن حجة الزواج بين الزوجين المتخالعين تبقى معتبرة لحين صدور قرار من المحكمة المختصة بوقوع الخُلع بينهما .
أما الفقرة (3) من المادة التاسعة والثلاثون التي أعطت الحق للمطلقة طلب التعويض من مطلقها إذا كان متعسفا في طلاقه لها وأصابها ضرر من تعسفه ، فلا مورد لتطبيقها في الخُلع الواقع بين الزوجين ، بالنظر إلى أن الخُلع عقد معاوضة يقوم على أساس التراضي بين طرفيه فيأخذ كل منهما مقابلا لما أعطاه[50]، فالزوج في الخُلع سيأخذ العوض من زوجته في مقابل تسريحه لها ، والزوجة ستبذل العوض لزوجها في مقابل طلاقها منه . وهذا حتما لن يتحقق إلا بتراضيهما بإرادتهما الحرة عليه . وهكذا فلا مجال للحديث عن إمكانية تعسف الزوج في الطلاق الخلعي ، بل ليس ثمة أي مبرر منطقي لتصور ذلك في ظل الرضائية القائمة بين الزوجين والتوافق بينهما على أنهاء علاقتهما الزوجية .
التعسف في الطلاق –إذن- يمكن أن يرد من الزوج في حالة الطلاق الاعتيادي الذي يوقعه ذلك الزوج بزوجته كونه المالك شرعا وقانونا لهذا الحق ، ولكنه لا يمكن أن يرد في الطلاق الخلعي ، لأن الخُلع لا يقع إلا بإيجاب وقبول من الزوجين كما قضت بذلك المادة/ السادسة والأربعون ف1 السالف ذكرها .
وفي منحى غريب أصدرت هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية في محكمة التمييز الاتحادية قرارا مناقضا لهذا الاتجاه اعتبرت فيه أن لفظ “الطلاق” الوارد في قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (127) لسنة 1999 الذي قضى بأن :”تستوفي المرأة مهرها المؤجل ، في حالة الطلاق ، مقوما بالذهب بتاريخ عقد الزواج ” ، قد جاء مطلقا ، ولم يشر إلى نوع من أنواع الطلاق بعينه ، لذا -وحيث أن المطلق يجري على إطلاقه- ، فأن حكم القرار المذكور يشمل الطلاق الخلعي أيضا[51] .
إلا أن الهيئة المذكورة ، وبذات تشكيلتها القضائية التي توافقت على أصدار قرار الحكم سالف الذكر ، عادت بعد مرور خمسة أشهر فقط ، فأصدرت قرارا يعتبر إن لفظ “الطلاق” الوارد في قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (127) لسنة1999 يخص “الطلاق الذي يوقعه الزوج وليس الخُلع الذي هو تفريق اختياري”[52]. وهو ما يعني أن لا مورد لشمول الطلاق الخلعي بمضمون الفقرة (3) من المادة التاسعة والثلاثون من القانون . بل أن هذا القرار الأخير للهيئة المذكورة قد تضمن النص صراحة على أن قضاءها قد استقر على هذا الإتجاه .
المبحث الثالث : أثار الخُلع والرجوع عنه
إذا صدر الإيجاب بالخُلع من أحد الزوجين كاملي الأهلية متضمنا العوض وأقترن -قبل انفضاض مجلس الإيجاب أو مجلس العلم به- بقبول الأخر ، تحقق الخُلع بينهما ولزمهما وترتبت آثاره القانونية والشرعية . نتناول في هذا المبحث وفي مطلبين مستقلين الأثار المترتبة على الخُلع ، وإمكانية الرجوع عنه .
المطلب الاول : الأثار المترتبة على الخُلع
يترتب على الخُلع أثرين قانونيين اساسيين حال انعقاده وهي وقوع الطلاق البائن بين الزوجين ، ولزوم بعض الحقوق
المالية تجاه المتخالعين . وسنتناول كل أثر من هذين الأثرين في فرع مستقل .
الفرع الأول : وقوع الخُلع طلقة بائنة
جاء في المادة/ السادسة والأربعون ف2 من قانون الأحوال الشخصية :”ويقع بالخُلع طلاق بائن”[53]. والخُلع تنقص به عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته . وعليه يسوغ للمختلع أن يتزوج ثانية من مختلعته برضاها وبعقد ومهر جديدين[54]، إلا أن تكون قد تطلقت منه لمرتين سابقتين وأنقضت عدتها حينها تبين عنه بينونة كبرى فيحرم عليه الزواج منها[55] إلا بعد أن تنكح زوجا غيره[56]. وقد قضت المادة/ السابعة والأربعون من قانون الأحوال الشخصية النافذ بوجوب العدة الشرعية على الزوجة المختلعة[57] فور وقوع الخُلع[58] إلا إذا وقع الخُلع قبل الدخول ، إذ “لا عدة شرعية على طلاق الزوجة غير المدخول بها”[59].كما وقضت المادة/الثامنة والأربعون ف1 من القانون نفسه بأن عدة المطلقة ثلاثة قروء[60]. وهذا ما أستقر عليه القضاء العراقي حيث جاء في قرار لمحكمة التمييز الاتحادية :”الطلاق الخلعي الواقع بين الزوجين يكون طلاقا بائنا بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد . وعلى الزوجة العدة الشرعية ثلاثة قروء اعتبارا من تاريخ الطلاق”[61]. وهذا طبعا إذا وقع الخُلع بعد الدخول بالزوجة ، أما إذا وقع قبل الدخول بها فلا عدة عليها.
الفرع الثاني : الحقوق المالية للمتخالعين
تتمثل الحقوق المالية المترتبة قانونا على وقوع الخُلع بين الزوجين في أداء البدل من الزوجة ، ووجوب نفقة العدة على الزوج . وضمن هذا النطاق أيضا نواجه تساؤلين هامين وهما : ما مصير الحقوق المالية الثابتة للزوجين من رابطتهما الزوجية القائمة قبل وقوع الخُلع بينهما ؟ . وهل يمس الخُلع حقوق الزوجين المتخالعين المالية الأخرى والتي لم تنشأ عن رابطتهما الزوجية التي أنحلت بالخُلع ؟. لذا سنقسم هذا الفرع على ثلاثة فقرات ، نفرد الفقرة الاولى للزوم أداء بدل الخُلع ، ونخصص الفقرة الثانية لثبوت نفقة العدة ، ونتناول في الفقرة الثالثة أثر الخُلع على الحقوق المالية الأخرى للمتخالعين .
أولا :لزوم أداء البدل
يلزم الزوجة المختلعة البدل الذي سبق واتفقت عليه مع زوجها المختلع كمقابل للخُلع ، ويتعلق بذمتها لحين وفاءها به .
ثانيا :ثبوت نفقة العدة
قضت به المادة الخمسون من قانون الأحوال الشخصية بوجوب نفقة العدة للمطلقة على زوجها الحي لكامل مدة عدتها الشرعية. وأن ما يفهم من أطلاق نص هذه المادة شمول المطلقة طلاقا خلعيا بحكمها[62].
ثالثا : الحقوق المالية الأخرى للمتخالعين
الحقوق المالية الثابتة للزوجين من رابطتهما الزوجية المنحلة بالخُلع :لم يورد المشرع العراقي نصوصا صريحة في القانون النافذ حول ما ينال الحقوق المالية الثابتة للزوجين المتخالعين بموجب عقد زواجهما بعد وقوع الخُلع بينهما ، غير أن القضاء العراقي قد أستقر على عدم تأثر سائر الحقوق المالية الأخرى الثابتة للزوجين من رابطتهما الزوجية بوقوع الخُلع إلا إذا تضمن عقد الخُلع الاتفاق على غير ذلك[63]. وعليه فلا يسقط – مثلا- حق الزوجة المختلعة بالمطالبة بما لها في ذمة زوجها من نفقة ماضية لم يؤدها اليها أو لم تستلمها منه بشرط عدم تنازلها عنها مسبقا وعدم تضمن أتفاق المخالعة أسقاطها عنه . كما ولا يسقط –مثلا أيضا- حق الزوج المختلع بالمطالبة بما عجل لزوجته المختلعة من نفقة مقبوضة من قبلها عن أية مدة مستقبلية لاحقة لوقوع الخُلع بينهما[64].
الحقوق المالية الأخرى التي لم تنشأ عن الرابطة الزوجية المنحلة : أن جميع الحقوق المالية التي لا تتعلق برابطة الزوجية التي وقع عليها الخُلع كالدين والقرض والوديعة وسواها من الحقوق الأخرى تبقى متعلقة بذمة المدين بها من الزوجين المتخالعين ولا ينالها السقوط بالخُلع إلا إذا أتفقا في عقد خُلعهما على خلاف ذلك .
المطلب الثاني : الرجوع عن الخُلع
إذا أنعقد الخُلع ، فهل يصح لأي من طرفيه الرجوع عنه ؟ . يمكن تصور حالتين لذلك . أولاهما حالة رجوع الزوجة
عن بذلها مما يترتب عليه نقض قبولها الذي سبق وأقترن بإيجاب الخُلع الصادر عن زوجها . والحالة الثانية هي رغبة الزوج المتخالع الرجوع بزوجته المختلعة خلال عدتها مما يترتب عليه نقض الفرقة البائنة بينهما المتحققة بالخُلع .
لم يرد في القانون النافذ ما يفيد الإجابة على هذا التساؤل ، ولا ما يفيد الحكم لأي من الحالتين المذكورتين . غير أعمال نص المادة الأولى ف2 من قانون الأحوال الشخصية والتي تقضي بالحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون عند عدم وجود نص قانوني[65] قد وجه القضاء العراقي للاجتهاد في هذا الموضوع وفقا لمضمون نص المادة اعلاه .
فبالنسبة للحالة الأولى فقد قضى القضاء العراقي في أكثر من مناسبة بجواز رجوع الزوجة المختلعة عن بذلها في عدتها من الطلاق الخلعي ، إذا كانت على المذهب الجعفري ، وينقلب الخُلع الواقع بينها وبين زوجها طلاقا رجعيا يجيز له مراجعتها فيه[66] ، حتى أستقر ذلك مبدأً قضائيا معتمدا في المحاكم العراقية مفاده :”إذا كانت الأحكام الفقهية التي جرى بموجبها عقد الزواج والطلاق الخلعي تجيز للزوجة الرجوع عن بذلها في فترة عدتها ، فأن واقعة الطلاق الخلعي تنقلب إلى طلاق رجعي”[67]. وعلى الرغم من إقرار محكمة التمييز الاتحادية لهذا المبدأ ، إلا أنه يبقى مخصوصا بأتباع المذهب الجعفري الذي يجيز للزوجة المختلعة الرجوع عن بذلها ويوجب على الزوج المتخالع أن يرد لها بذلها وينقلب طلاقهما حينئذٍ رجعيا يجوز له مراجعتها فيه أن شاء[68]، إذ لم يفتي بهذا الرأي أي من فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى سوى أبن حزم الأندلسي لأنه أصلا يعتبر الخُلع طلاقا رجعيا[69].
أما الحالة الثانية ، فلم نقف على قرار أو مبدأ قضائي بشأن أجازته مما يفهم من ذلك ضمنا عدم الإجازة ، وهذا ما يتوافق مع رأي جمهور الفقهاء المسلمين في أن الزوج المتخالع لا يملك مراجعة زوجته المختلعة منه ولو كانت في عدتها ، لأن الخُلع يقع طلاقا بائنا[70].
الخاتمة :
من خلال دراسة نصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ المنظمة للخُلع وقرارات القضاء العراقي الصادرة بشأنه ، والبحث في الأحكام الشرعية الخاصة به المنسجمة مع نصوص القانون المذكور ، فقد توصلت لما يلي :
أولا : الاستنتاجات
الخُلع فرقة اختيارية بين الزوجين .
ينعقد الخُلع بإيجاب وقبول ويستهدف حَلُّ الرابطة الزوجية لقاء عوضٍ تبذله الزوجة لزوجها .
يجب أن يكون الزوج أهلا لإيقاع الطلاق وقت وقوع الخُلع، كما يجب أن تكون الزوجة متمتعة بالأهلية القانونية الكاملة .
لا يقع الخُلع إلا بلفظه الصريح أو ما في معناه ، ويجوز أن يكون التعبير عن الإيجاب والقبول فيه باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المفهومة من الأخرس .
الخُلع طلاق في القانون ، وهو عند جمهور الفقهاء المسلمين بمعنى اليمين بالنسبة للزوج ، ومعاوضة بالنسبة للزوجة .
يجب أن يكون العوض في الخُلع معلوما ومشروعا ، ويجوز أن يكون أكثر من مهر الزوجة أو أقل منه.
لا تجوز الوكالة قانونا في إيقاع الخُلع .
يقع بالخُلع طلاقا بائنا تنقص به عدد تطليقات الزوج على زوجته .
يصح الخُلع من ولي الصغيرة أو السفيهة ، ولا يلزمها البدل سواء أكان من ماله أو من مالها .
بوقوع الخُلع صحيحا يلزم البدل الزوجة ويتعلق بذمتها .
تلزم العدة الشرعية الزوجة المختلعة ، وتثبت لها النفقة طيلة مدتها بذمة زوجها المتخالع ، ولكن لا عدة ولا نفقة إذا تم الخُلع قبل الدخول .
لا تسقط ولا تتأثر كافة الحقوق المالية الثابتة للزوجين من رابطتهما الزوجية قبل وقوع الخُلع ، وكذلك الحقوق المالية الأخرى غير المتعلقة برابطتهما الزوجية ، إلا إذا تضمن عقد الخُلع على خلاف ذلك .
ينفرد المذهب الجعفري عن مذاهب أهل السنة والجماعة الأربعة بجواز رجوع الزوجة عن بذلها خلال مدة عدتها من الخُلع ، وحينها ينقلب طلاقها رجعيا ، يمكن لزوجها أن يراجعها خلال عدتها منه.
ثانيا : التوصيات
ضمانا للتطبيق السليم لنصوص القانون نوصي المشرع العراقي بما يلي :
ضرورة تقنين الأحكام الشرعية ، والمبادئ التي أستقر عليها القضاء العراقي الخاصة بالخُلع .
تعديل الشطر الأخير من المادة السادسة والأربعون ف1 من قانون الأحوال الشخصية لتكون كالآتي : “… مع مراعاة أحكام الفقرتين (1و2) من المادة التاسعة والثلاثين من هذا القانون” .
المصادر بعد القرآن الكريم
أولا : كتب اللغة
إبراهيم أنيس وأخرون ، المعجم الوسيط ، ج1 ، ط2 ، المكتبة الاسلامية للطباعة والنشر ، اسطنبول.
أحمد بن فارس بن زكريا ، معجم مقاييس اللغة ، ج2 ، ط3 ، مكتبة الخانجي ، مصر ، 1402 هـ .
أحمد بن محمد المقري الفيومي ، معجم المصباح المنير ، ج1 ، المكتبة العلمية ، بيروت ، 1985.
جبران مسعود ، معجم الرائد ، ط7 ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1993.
مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ، القاموس المحيط ، ط8 ، دار الرسالة ، بيروت ، 2005.
محمد بن أبي بكر الرازي ، مختار الصحاح ، مكتبة لبنان ، بيروت ، 1986 .
محمد أبن منظور ، لسان العرب ، مج3 ، دار الحديث ، القاهرة ،
ثانيا : كتب الفقه الإسلامي
أبن عبد البر القرطبي ، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ، ج2 ، ط1 ، مكتبة الرياض الحديثة ، الرياض- السعودية ، 1978.
أبي عبدالله محمد الخرشي ، الخرشي على مختصر خليل ، ج4 ، دار صادر ، بيروت.
أحمد الدردير ، الشرح الكبير على مختصر خليل مطبوع على حاشية الدسوقي ، ج2 ، مطبعة عيسى الحلبي ، مصر.
د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، الخلع في الشريعة الاسلامية (دراسة فقهية مقارنة) ، ط1 ، مكتبة الوفاء القانونية ، 2016 ، الاسكندرية .
زين الدين بن نجيم الحنفي ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، ج4 ، ط2 ، دار الكتاب الإسلامي ، القاهرة.
زين الدين العاملي ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج6 ، دار العالم الإسلامي ، بيروت.
شمس الدين بن محمد الطرابلسي (المعروف بالحطاب الرعيني المالكي) ، مواهب الجليل في شرخ محتصر خليل ، ج4 ، ط3 ، دار الفكر دمشق ، 1992.
شمس الدين السرخسي ، المبسوط ، ج6 ، دار المعرفة ، بيروت ، 1406 هـ .
شمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي ، نهاية المحتاج شرح المنهاج ، ج6 ، مطبعة مصطفى الحلبي، 1967 .
عامر سعيد نوري الزيباري ، أحكام الخُلع في الشريعة الإسلامية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى، مكة المكرمة ، 1982
عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي ، المغني لابن قدامة، ج7 ، مكتبة القاهرة ، 1968 .
محمد أبو زهرة ، الأحوال الشخصية ، ط3 ، دار الفكر العربي ، 1957.
محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ، المحلى ، ج10 ، المكتب التجاري للطباعة والنشر ، بيروت.
منصور بن ادريس البهوتي ، شرح منتهى الإرادات ، ج3 ، دار الفكر ، بيروت .
نجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي ، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، مج2 ، ط11 ، دار القارئ ، بيروت ، 2004.
موفق الدين محمد بن قدامة المقدسي ، المغني ، ج3 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1392 هـ .
د. وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ، ج7 ، ط6 ، دار الفكر ، دمشق ، 2008 .
ثالثا : الكتب القانونية
د. أحمد عبيد الكبيسي ، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ، ج1 – الزواج والطلاق وأثارهما ، العاتك لصناعة الكتاب ، القاهرة.
أبراهيم المشاهدي ، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز في الأحوال الشخصية ، مطبعة أسعد ، بغداد ، 1989 .
أياد أحمد سعيد الساري ، الموسوعة الشرعية والقانونية في الأحوال الشخصية والأوقاف ، ط1 ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2018.
بدران أبو العنين بدران ، أحكام الزواج والطلاق في الإسلام (بحث تحليلي ودراسة مقارنة) ، ط2 ، مطبعة التأليف ، القاهرة ، 1961
عبد المنعم عبد الوهاب محمد ، أثر الأحكام القانونية لإيقاع الطلاق على أزدياد حالاته في المجتمع العراقي ، بحث منشور ضمن أعمال المؤتمر الدولي المحكم حول : التفكك الأسري – الأسباب والحلول المنعقد في مدينة طرابلس- لبنان 21-22/12/2018 تحت رعاية مركز جيل للبحث العلمي .
رابعا : القوانين العراقية
القانون المدني رقم (40) لسنة 1951
قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969
قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 .
خامسا : المواقع الالكترونية
الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى في العراق hjc.iq .
[1]سورة البقرة : الآية 187.
[2]ينظر : محمد أبن منظور ، لسان العرب ، مج3 ، دار الحديث ، القاهرة ، 2003 ، ص182. مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ، القاموس المحيط ، ط8 ، دار الرسالة ، بيروت ، 2005 ، ص713-714 . محمد بن أبي بكر الرازي ، محتار الصحاح ، مكتبة لبنان ، بيروت ، 1986 ، ص78 . أحمد بن فارس بن زكريا ، معجم مقاييس اللغة ، ج2 ، ط3 ، مكتبة الخانجي ، مصر ، 1402 هـ ، ص109 . أحمد بن محمد المقري الفيومي ، معجم المصباح المنير ، ج1 ، المكتبة العلمية ، بيروت ، 1985 ، ص178 . أبراهيم أنيس وأخرون ، المعجم الوسيط ، ج1 ، ط2 ، المكتبة الاسلامية للطباعة والنشر ، اسطنبول ، ص250 . جبران مسعود ، معجم الرائد ، ط7 ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1993 ، ص 342 وما بعدها .
[3]زين الدين بن نجيم الحنفي ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، ج4 ، ط2 ، دار الكتاب الإسلامي ، القاهرة ، ص77.
[4]د. وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ، ج7 ، ط6 ، دار الفكر ، دمشق ، 2008 ، ص458.
[5]شمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي ، نهاية المحتاج شرح المنهاج ، ج6 ، مطبعة مصطفى الحلبي ، 1967 ، ص393 .
[6]د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، الخلع في الشريعة الإسلامية (دراسة فقهية مقارنة) ، ط1 ، مكتبة الوفاء القانونية ، 2016 ، الاسكندرية ، ص36.
[7]ينظر : منصور بن إدريس البهوتي ، شرح منتهى الإرادات ، ج3 ، دار الفكر ، بيروت ، ص107 . عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي ، المغني ، ج7 ، مكتبة القاهرة ، 1968 ، ص67 .
[8] شمس الدين بن محمد الطرابلسي المغربي (المعروف بالحطاب الرعيني المالكي) ، مواهب الجليل في شرخ محتصر خليل ، ج4 ، ط3 ، دار الفكر دمشق ، 1992 ، ص 4 .
[9] د. وهبة الزحيلي ، مصدر سابق ، ص 459 .
[10] عامر سعيد نوري الزيباري ، أحكام الخُلع في الشريعة الإسلامية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1982 ، ص30.
[11]زين الدين العاملي (المعروف بالشهيد الثاني) ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج6 ، دار العالم الإسلامي ، بيروت ، ص87 .
[12]ينظر : د. أحمد عبيد الكبيسي ، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ، ج1 – الزواج والطلاق وأثارهما ، العاتك لصناعة الكتاب ، القاهرة ، ص246-247 . عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص34 .
[13]منهم الحسن البصري وأبن سيرين وسعيد بن جبير . ينظر : عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص189 .
[14]نصت المادة التاسعة والثلاثون ف1 على :”على مَن أراد الطلاق أن يقيم الدعوى في المحكمة الشرعية بطلب إيقاعه واستحصال حكم به ، فإذا تعذر عليه مراجعة المحكمة وجب عليه تسجيل الطلاق في المحكمة خلال مدة العدة” .
[15]وهو رأي عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب سائر الصحابة (رض) ، والقاضي شريح وطاووس والزهري واسحاق بن راهويه وإليه ذهب الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية وأبن حزم الظاهري . ينظر : د. وهبة الزحيلي ، مصدر سابق ، ص 463 . د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص158.
[16] ومنهم عبدالله بن عباس وعكرمة وطاووس وأبو ثور واسحاق والإمام الشافعي في القديم والإمام احمد في أحدى الروايتين عنه وأبن تيمية وأبن القيم والشوكاني . ينظر : د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص 129 . عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص202 .
[17] ومنهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن عمر وأبن مسعود والحسن البصري وأبي سلمة وشريح وإبراهيم النخعي والشعبي ومكحول والثوري والاوزاعي وأبن أبي ليلى ، والأحناف والمالكية والإمام الشافعي في الجديد والإمام احمد في أحدى الروايتين عنه وأبن حزم الظاهري والإمامية والزيدية . ينظر : المصدرين السابقين ، ص130 و ص200 على التوالي .
[18] ينظر : د. وهبة الزحيلي ، مصدر سابق ، ج7 ، ص 482 ، و ، ج9 ، ص 280 . د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص 246 . بدران أبو العنين بدران ، أحكام الزواج والطلاق في الاسلام (بحث تحليلي ودراسة مقارنة) ، ط2 ، مطبعة التأليف ، القاهرة ، 1961 ، ص261 وما بعدها .محمد أبو زهرة ، الأحوال الشخصية ، ط3 ، دار الفكر العربي ، 1957 ، ص332 . د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص146 . عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص220 وما بعدها .
[19] د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص 147 .
[20]ينظر : بدران أبو العنين بدران ، مصدر سابق ، ص263 . د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص203-204 .
[21]ويرى الإمام أبي حنيفة انها ليست معاوضة محضة ، وإنما فيها شبه التبرع حيث أن بديل العوض ليس مالا شرعا ، وإنما هو افتداء المرأة نفسها . فيما يرى أبي يوسف ومحمد أن الخُلع يمين من الطرفين فلم يجيزا للزوجة ما لا يجوز للزوج كشرط الخيار ووافقهما في ذلك الحنابلة أيضا. ينظر : د. وهبة الزحيلي ، مصدر سابق ، ص466.
[22]ينظر : د. وهبة الزحيلي ، مصدر سابق ، ص 465-466 . د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص 247-248 .
[23]ينظر : المصدرين السابقين ، ص466-467 و ص248-249 على التوالي .
[24]ينظر : المصدرين السابقين ، ص 465-467 و ص 247-249 على التوالي .
[25]ينظر : د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص250-251 . عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص234 وما بعدها .
[26]سوى المالكية الذين يذهبون إلى جواز وقوع الخُلع بلفظه أو ما في معناه ولو بدون عوض ، ويقع به طلاقا بائنا ، قال الخرشي :”حكم طلاق الخُلع البينونة ، ولو وقع بغير عوض..” وروى أشهب عن الإمام مالك قوله :”أن الخُلع بدون عوض يقع به طلاقا رجعيا” . ينظر : أبن عبد البر القرطبي ، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ، ج2 ، ط1 ، مكتبة الرياض الحديثة ، الرياض- السعودية ، 1978 ، ص593 . أبي عبدالله محمد الخرشي ، الخرشي على مختصر خليل ، ج4 ، دار صادر ، بيروت ، ص15 . أحمد الدردير ، الشرح الكبير على مختصر خليل مطبوع على حاشية الدسوقي ، ج2 ، مطبعة عيسى الحلبي ، مصر ، ص 347.
[27]د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص 246 .
[28]جاء في الفقرة : يشترط لصحة الخُلع أن يكون الزوج أهلا لإيقاع الطلاق وأن تكون الزوجة محلا له ..” . وُيقرُّ الفقه الإسلامي قاعدة بهذا الشأن مفادها : “كلُ مِن صح طلاقه صح خلعه ” ينظر : شمس الدين السرخسي ، المبسوط ، ج6 ، ص 178 . موفق الدين محمد بن قدامة المقدسي ، المغني ، ج3 ، ص 263 .
[29]نصت المادة/35 من قانون الأحوال الشخصية على :” لا يقع طلاق الأشخاص الآتي بيانهم : 1-السكران والمجنون والمعتوه والمكره ومن كان فاقد التمييز من غضب أو مصيبة مفاجئة أو كِبَر أو مرض . 2- المريض في مرض الموت أو في حالة يغلب في مثلها الهلاك إذا مات في ذلك المرض ، أو تلك الحالة وترثه زوجته” . لكن القضاء العراقي قد أستقر – خلافا على لما عليه جمهور الفقهاء المسلمين- على وقوع الطلاق من : 1- السفيه لأنه يملك إنشاء عقد الزواج ، فيملك ما هو من آثاره وهو الطلاق . 2- الهازل لقوله (ص) ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق ، فيقع طلاق الهازل زجرا له وسدا لذريعة الهزل . 3- المخطىء فهذا يقع طلاقه قضاء ، لان القاضي ليس له إلا الظاهر . ينظر : د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص196 .
[30]نصت المادة/ الرابعة والثلاثون – ثانيا من قانون الأحوال الشخصية على :”لا يعتد بالوكالة في إجراءات البحث الاجتماعي والتحكيم وفي إيقاع الطلاق” .
[31]د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص196 . وإلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء المسلمين من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية . ينظر : عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص80 .
[32]سورة البقرة : الآية 229 .
[33]وقد جاء في قرار لمجلس التمييز الشرعي :”كتابة الطلاق تقوم مقام التلفظ به سواء قدر المطلق على النطق أم لا ..” (القرار رقم 125 في 20/3/1962) ينظر : د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص 195.
[34]وهذا هو رأي جمهور الفقهاء إلى جانب قلة منهم لم يجيزوا العوض بأكثر من المهر . فيما أتفقوا على جواز الخُلع بكل ماله قيمة مالية معترف بها شرعا معلومة ومملوكة للباذل. ينظر : د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص 108 . عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص146 .
[35]د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص250 .
[36] المادة/ 106 من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 .
[37] ويتفق الفقهاء المسلمون على أن الزوجة لا يصح بذلها في الحالات التالية : 1–إذا كانت الزوجة التي قبلت الخُلع محجور عليها لسفه . 2-إذا كانت الزوجة صغيرة مميزة تفهم معنى الخُلع وآثاره وقبلت به . 3-إذا كانت الزوجة التي قبلت الخُلع مريضة مرض الموت ، فأن ماتت وهي في عدة الخُلع أو بعد انقضاءها يستحق الزوج الأقل من بدل الخُلع وثلث التركة . ينظر : د. وهبة الزحيلي ، مصدر سابق ، ص 466 وما بعدها . د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص96 وما بعدها . عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص95 وما بعدها . د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق، ص251 وما بعدها .
[38] نصت المادة/94 مدني :” الصغير والمجنون والمعتوه محجورون لذاتهم” .
[39] قضت المادة/3-أولا من قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة 1980 بأن كل من لم يبلغ سن الرشد وهو تمام الثامنة عشرة من العمر ، فجاء فيها : “يعد قاصرا :1- الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد” .
[40]جاء في المادة/95 مدني :” تحجر المحكمة على السفيه وذوي الغفلة ..” . وجاء في المادة /109 مدني :”1- السفيه المحجور هو في المعاملات كالصغير المميز ..” . ونصت المادة/110 مدني :” ذو الغفلة حكمه حكم السفيه” .
[41] العاهة المزدوجة وهي أن يكون الشخص جامعا بين عاهتين كأن يكون أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم ، ومثل أولئك محجور عليهم بأذن المحكمة استنادا للمادة/104 مدني .
[42]عيوب الرضا هي الإكراه والغلط و التغرير مع الغبن (أو التدليس) والاستغلال المنصوص على أحكامها في المواد (112-125) من القانون المدني.
[43] ينظر : د. عصمت عبد المجيد بكر ، النظرية العامة للالتزامات ، ج1 ، ط1 ، منشورات جامعة جيهان الأهلية ، اربيل- العراق ، 2011 ، ص136.
[44]جاء في المادة/السادسة والأربعون ف1 من قانون الأحوال الشخصية :”الخُلع إزالة قيد الزواج بلفظ الخُلع أو ما في معناه وينعقد بإيجاب وقبول أمام القاضي ” .
[45]د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص251-252 .
[46] القرار 119/ش/1972 في 24/2/1972 . منشور في مجلة القضاء تصدرها نقابة المحامين العراقيين ، العددان 3و4 ، س27 ، تموز-ك1/ 1972، ص317.
[47]جاء في المادة/300 من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 على :”تحتص محكمة الأخوال الشخصية بالنظر في الأمور الآتية : 1- الزواج وما يتعلق به من مهر ونفقة ونسب وحضانة وفرقة وطلاق وسائر أمور الزوجية” .
[48]ينظر : عبد المنعم عبد الوهاب محمد ، أثر الأحكام القانونية لإيقاع الطلاق على أزدياد حالاته في المجتمع العراقي ، بحث منشور ضمن أعمال المؤتمر الدولي المحكم حول : التفكك الأسري – الأسباب والحلول المنعقد في مدينة طرابلس- لبنان 21-22/12/2018 تحت رعاية مركز جيل للبحث العلمي ، ص 132 وما بعدها .
[49]والفقهاء المسلمون على رأيين بهذا الشأن . أقلية منهم تشترط إيقاع الخُلع عند القاضي ، ومنهم الحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جبير . وأكثرية لا تشترط ذلك وبضمنهم فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية . ينظر : عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص189-197 .
[50] ينظر : د. عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، مج1 – مصادر الالتزام ، ط3 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2000 ، ص 174 .
[51] القرار رقم 5455/هيئة الاحوال الشخصية والمواد الشخصية /2016 في 28/8/2016 وجاء فيه :”لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف لأحكام الشرع والقانون ، إذ أن المدعية كانت قد تنازلت عن مهرها المعجل وكذلك النفقات والأثاث الزوجية والتي وردت في قرار الحكم بتصديق الطلاق الخلعي الصادر من محكمة الأحوال الشخصية في الكرادة العدد (..) المؤرخ في 22/9/2015 ولم يكن من بين الحقوق التي تنازلت عنها المدعية(الزوجة) مهرها المؤجل ، لذا فهي تستحقه حسب ما ورد في عقد الزواج ومقوما بالذهب اشارة الى القرار المرقم (127) لسنة 1999 . وحيث أن القرار المذكور أشار إلى ((الطلاق)) مطلقا ، والمطلق يجري على اطلاقه ، فأنه لم يشر إلى أي نوع من أنواع الطلاق ، عليه فأن المدعية تستحق مهرها المؤجل مقوما بالذهب بتاريخ عقد الزواج ..”(نقلا عن القاضي سالم روضان الموسوي ، الخُلع طلاقٌ أم تفريق (تعليق على قرار تمييزي) ، مقالة منشورة على الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى في العراق www.hjc.iq ، تاريخ الزيارة 7/12/2018 .
[52] القرار (ت/765) في 1/2/2017 وجاء فيه :”لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف لأحكام الشرع والقانون ، لأن القرار 127 في 24/7/1999 هو استيفاء المرأة لمهرها المؤجل في حالة الطلاق مقوما بالذهب ، والقصد من ذلك هو الطلاق الذي يوقعه الزوج وليس الخلع الذي هو تقريق اختياري ، لذا فأن المرأة في مثل هذه الحالة تستحق مهرها الموصوف في عقد الزواج إذا لم تبذله اثناء الخلع وعلى هذا أستقر قضاء هذه المحكمة..” ( نقلا عن : صفحة معلومات قانونية وقرارات تمييزية على موقع الفيس بوك . تاريخ الزيارة 11/12/2017)
[53]والفقهاء المسلمون على رأيين في ذلك . فجمهور الفقهاء يرون أن الخُلع يقع طلاقا بائنا ، فيما يرى القلة منهم وفيهم سعيد بن المسيب والزهري وابن جزم الاندلسي أن مناط الأمر متعلق بالزوج فأن أمسك بالعوض فلا رجعة له وأنقلب خُلعه طلاقا بائنا ، وأن رَدَّ العوض كانت له الرجعة أن لم تكن هذه طلقته الثالثة أو كانت الزوجة غير مدخول بها ‘ لان الطلاق قبل الدخول يقع بائنا . ينظر : المصدر السابق ، ص223 .
[54]هذا ما عليه إجماع الفقهاء المسلمين ، وبه قضت المادة/ الثامنة والثلاثون (أ) من قانون الأحوال الشخصية لقولها :” بينونة صغرى : وهي ما جاز فيه للزوج التزوج بمطلقته بعقد جديد ” .
[55]جاء في المادة/الثامنة والثلاثون (ب) من قانون الأحوال الشخصية :” بينونة كبرى : وهي ما حرم فيه على الزوج التزوج من مطلقته التي طلقها ثلاثا متفرقات ومضت عدتها” .
[56]لقوله تعالى : : (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (سورة البقرة : الآية230) .
[57]جاء في المادة :”تجب العدة على الزوجة في الحالتين الآتيتين :1- إذا وقعت الفرقة بينهما وبين زوجها بعد الدخول ، سواء كانت عن طلاق رجعي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى أو تفريق أو متاركة أو فسخ أو خيار بلوغ ” .
[58]نصت المادة/التاسعة والأربعون من قانون الأحوال الشخصية على :”تبتدئ العدة فورا بعد الطلاق أو التفريق أو الموت ولو لم تعلم المرأة بالطلاق أو الموت” .
[59] القرار 375/عدة شرعية/2008 في 21/7/2008 . منشور على الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى في العراق www.hjc.iq تاريخ الزيارة 10/2/2019 .
[60]نصت المادة/الثامنة والأربعون ف1 من قانون الأحوال الشحية على :”عدة الطلاق والفسح للمدخول بها ثلاثة قروء” . وهذا ما يوافق رأي جمهور الفقهاء المسلمين ، فيما خالفهم ثلة قليلة من الفقهاء وقالوا بأن عدة المختلعة هي حيضة واحدة . ينظر : د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص 205 وما بعدها .
[61] القرار 386/طلاق/2008 في 27/3/2008 . منشور على الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى في العراق www.hjc.iq تاريخ الزيارة : 10/2/2019 .
[62] نصت المادة/الخمسون من قانون الأحوال الشخصية على :”تجب نفقة العدة للمطلقة على زوجها الحي ولو كانت ناشزا ولا نفقة لعدة الوفاة” .
[63] جاء في قرار لمحكمة التمييز :”لا تسقط حقوق الزوجة المطلقة طلاقا خلعيا إلا بالنسبة لما وقع عليه البذل دون بقية الحقوق الأخرى” . (القرار 1529/شخصية/74 في 19/2/1975) . أبراهيم المشاهدي ، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز في الأحوال الشخصية ، مطبعة أسعد ، بغداد ، 1989 ، ص64 .
[64] ومسلك القضاء العراقي هذا يتطابق مع ما عليه جمهور الفقهاء المسلمين ، ويخالف ما عليه الفقه الحنفي الذي يرى أن الخُلع إذا جاء بلفظ الخُلع أو ما في معناه عند أبي حنيفة ، وبلفظ المبارأة فقط عند أبي يوسف ، فأنه يُسقط سائر الحقوق المالية الثابتة للزوجين المتخالعين بموجب عقد زواجهما بعد وقوع الخُلع بينهما ، فيسقط حق الزوجة بالمطالبة بمهرها الذي لم تقبضه كليا أو جزئيا سواء تم الدخول بها أم لم يتم . كما ويسقط بالخُلع أيضا حقها بالمطالبة بما في ذمة زوجها لها من نفقة ماضية . وفي المقابل يسقط حق الزوج بمطالبة الزوجة بما عجله لها من مهرها المسمى الذي قبضته قبل الدخول بها وقبل وقوع الخُلع ، كما ويسقط حقه أيضا بمطالبتها عما عجل لها من النفقة التي قبضتها عن أية مدة مستقبلية لاحقة لوقوع الخُلع بينهما . أما الحقوق المالية التي لا تتعلق برابطة الزوجية التي وقع عليها الخُلع كالدين والقرض والوديعة وسواها من الحقوق الأخرى فتبقى متعلقة بذمة المدين فيها ولا ينالها السقوط إلا إذا أتفق الزوجين المتخالعين في عقد خُلعهما على غير ذلك . ينظر : د. أحمد عبيد الكبيسي ، مصدر سابق ، ص 250-251 .عامر سعيد نوري الزيباري ، مصدر سابق ، ص237 .
[65]نصت الفقرة على :”إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون”.
[66]جاء في قرار لمحكمة التمييز :” إذا تم الخُلع فللزوجة الرجوع عن بذلها ما دامت في العدة – عند الجعفرية- فاذا رجعت أنقلب الخُلع طلاقا رجعيا” . وجاء في قرار أخر للمحكمة :” يجوز لمقلدي المذهب الجعفري الرجوع عن البذل خلال مدة العدة . وبذلك يصبح الطلاق رجعيا ” (القرار 3311/شخصية/85 في 10/8/1985) . ابراهيم المشاهدي ، مصدر سابق ، ص 205 .
[67]القرار 3906/شخصية أولى/2006 في 24/1/2006 . نقلا عن : أياد أحمد سعيد الساري ، الموسوعة الشرعية والقانونية في الأحوال الشخصية والأوقاف ، ط1 ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2018 ، ص 261 .
[68]قال المحقق الحلي :”إذا صح الخُلع فلا رجعة له ، ولها الرجوع في الفدية ، ما دامت في العدة ، ومع رجوعها يرجع أن شاء” ، وعلق السيد صادق الشيرازي على النص بقوله :”إذا رجعت الزوجة وطلبت من الزوج إرجاع الفدية ، وجب على الزوج ارجاعها ما دامت في العدة ، وحينئذ يجوز له ايضا ارجاعها وابطال الخُلع” . نجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي ، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، مج2 ، ط11 ، دار القارئ ، بيروت ، 2004 ، ص49.
[69]ينظر : محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ، المحلى ، ج10 ، المكتب التجاري للطباعة والنشر ، بيروت ، ص240 .
[70]وبذلك قال عبد الله بن مسعود والحسن وعطاء وطاووس والنخعي والثوري والأوزاعي ، وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والإمامية والزيدية . ولم يخالفهم في ذلك سوى سعيد بن المسيب والزهري وأبن حزم الذي – وكما سبق القول- يعتبر الخُلع طلاقا رجعيا . ينظر : د. جمال عبد الوهاب عبد الغفار الهلفي ، مصدر سابق ، ص141 وما بعدها .
د. عبد المنعم عبد الوهاب العامر، نقابة المحامين، البصرة، العراق