دراسات قانونيةسلايد 1

عقد البيع في القانون المدني (بحث قانوني)

المبحث الأول : تعريف عقد البيع وخصائصه :

أولا : تعريف عقد البيع :

عرفت المادة (454) البيع على أنه “عقد على تمليك شيء أو نقل حق مالي آخر لقاء عوض نقدي” , والمشرع أرود في هذا التعريف أهم خصائص عقد البيع وهي تمليك المال أي نقل ملكية الحق المالي في مقابل عوض نقدي , ووفقا لذلك فإن البيع لا يقتصر على نقل الملكية بل يجاوز ذلك إلى نقل أي حق مالي آخر , فقد يقع على حقوق عينية غير الملكية كحق الانتفاع أو حق الارتفاق , وقد يقع على حقوق شخصية كما في حوالة الحق إذا كانت في مقابل مبلغ من النقود , أما بالنسبة للحقوق العينية التبعية وهي الرهن الرسمي والرهن الحيازي وحق الامتياز فمن غير المتصور أن يبيع صاحب الحق العيني التبعي حقه إستقلالا إلا أنه إذا باع الدائن حقه الشخصي إلى الغير عن طريق الحوالة فإن البيع يشمل توابع الحق المحال بما في ذلك التأمينات العينية .
ثانيا : خصائص عقد البيع :

1- عقد البيع من العقود الرضائية :

أ‌- عقد البيع عقد رضائي : إن عقد البيع ينعقد بمجرد التعبير عن الرضاء أيا كانت طريقة هذا التعبير فللمتعاقد أن يعبر عن إرادته باللفظ أو الكتابة أو الإشارة الشائعة الاستعمال أو بالمبادلة الفعلية أو باتخاذ موقف آخر لا يدع مجالا للشك في دلالته على حقيقة المقصود منه ما لم يتطلب القانون حصول التعبير عن الارادة على نحو معين , وعقد البيع كقاعدة ليس عقدا شكليا , إلا أن المشرع قد يخرج عن هذه القاعدة في بعض الحالات ويجعل من البيع عقدا شكليا كعقد بيع السفية يجب أن يتم بورقة رسمية أو بمقتضى حكم حائز لقوة الأمر المقضي به .

ب‌- الكتابة في عقد البيع : إن عقد البيع يغلب أن يكون مكتوبا في محرر وذلك لإثباته وليس لإنعقاده , فالمحرر يعتبر أداة للإثبات فقط وليس شكلا لازم لانعقاد العقد , فالكتابة المطلوبة للإثبات تختلف عن الكتابة التي يستلزمها المشرع كشكل لبعض التصرفات القانونية , حيث تكون هذه الكتابة شرطا لوجود وصحة التصرف الشكلي ويؤدي تخلفها إلى انعدام التصرف ذاته , أما الكتابة المطلوبة للاثبات لا علاقة لها بصحة التصرف وتخلفها لا يؤدي إلى أكثر من صعوبة إثباته .

ت‌- التسجيل في عقد البيع : إن عقد البيع يظل عقدا رضائيا حتى لو استلزم المشرع التسجيل لنقل الملكية , كما هو الشأن بالنسبة لعقد البيع العقاري لأن إجراءات التسجيل ليست شكلا مطلوبا لانعقاد التصرف وإنما مجرد إجراءات تهدف لشهر التصرف وإعلام الناس به .

– التمييز بين الكتابة المطلوبة لانعقاد التصرف (الشكل) والكتابة المطلوبة للشهر :

أ‌- الكتابة المطلوبة لانعقاد التصرف (الشكل) : هي أسلوب مفروض للتعبير عن الإرادة يفترض وجود إرادة تسعى إلى إبرام تصرف قانوني وترغب في التعبير عن نفسها تعبيرا قانونيا يعتد به المشرع , فالشكل يرتبط بالارادة الفردية فهي أحد عناصر وجود التصرف ولذلك فإن تخلف الشكل يؤدي إلى بطلان التصرف القانوني .

ب‌- الكتابة المطلوبة للشهر : إن إجراءات الشهر تفترض وجود تصرف قانوني منتج لآثاره ويرغب أصحابه في جعل هذه الآثار نافذة في حق الغير , فالشهر إذن يرتبط بالتصرف القانوني ذاته وليس بالإرادات الفردية المشاركة في تكوينه فهو ينصب على التصرف ليكفل العلم به وهي لاحقة على تكوين التصرف القانوني ولذلك فإن تخلف الكتابة المطلوبة للشهر لا يمس سلامة التصرف الخاضع للشهر وإنما يظل سليما منتجا لآثاره إلا أن كل أو بعض هذه الآثار لا يكون نافذا في مواجهة الغير , ولذلك فإن التصرفات الخاضعة لإجراءات الشهر لا تعد تصرفات شكلية .

د‌- إتفاق المتعاقدين على الكتابة : إن عقد البيع يظل عقدا رضائيا حتى ولو اتفق المتعاقدان على ضرورة الكتابة الرسمية لانعقاده , ومثل هذا الشكل الاتفاقي ليس من شأنه أن يحول العقد الرضائي إلى عقد شكلي , فالإتفاق المبرم بين الأفراد في مثل هذه الحالات لا يعد تعاقدا تاما وإنما مشروع عقد غير ملزم , ومن ثم يجوز للمتعاقدين أن يحيدا عنه جملة وتفصيلا , وعلى ذلك لا يمكن لأحدهما أن يجبر الآخر على استيفاء الشكل المتفق عليه كي يصل إلى إبرام العقد , فعندما يشترط المتعاقدان لقيام العقد إتباع شكل معين في إبرامه فإنه لا يجوز لأحدهما بدون رضاء الآخر أن يتمسك بقيامه ما لم يأت في الشكل المتفق عليه , أما عندما يقدم المتعاقدان على إبرام العقد بصورة نهائية ولم يتلزما بما ورد في مشروع العقد ومن بينه شرط الشكل فليس لأحدهما أن يمتنع عن تنفيذ التزاماته محتجا بأن العقد لا ينعقد إلا في الشكل الرسمي لأن ذلك يعد بمثابة إتفاق من جانبيهما سواء صريح أو ضمني على التخلي عن الشكل الرسمي , وحتى لو أبرما العقد في الشكل الرسمي فإنه لا يعني أنهما ملتزمان بذلك فمشروع العقد غير ملزم بطبيعته , وعلى ذلك عندما توجد حرية اختيار الشكل فإن التصرف القانوني يكون رضائيا ولا يغير من ذلك أن يكون مثبتا بتصرف رسمي .

2- عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين :

إن عقد البيع ينشئ التزمات على عاتق كل من البائع والمشتري بمجرد انعقاده , فيصبح كل منهما دائنا ومدينا للأخر في نفس الوقت , فالبائع يكون ملتزما بنقل الملكية والتسليم والضمان والمشتري يكون ملتزما بدفع الثمن , ويوجد ارتباط بين التزامات البائع والتزمات المشتري يجعل كل منهما سببا لالتزامات الآخر فإذا امتنع أحدهما عن تنفيذ التزاماته جاز للطرف الآخر أن يمتنع عن تنفيذ التزاماته أو يطلب الفسخ ليتحلل من العقد , وإذا استحال على أحدهما تنفيذ التزاماته انقضى هذا الالتزام بسبب استحالة التنفيذ وانفسخ العقد من تلقاء نفسه .

3- عقد البيع من عقود المعاوضات :

إن في عقد البيع يأخذ كلا من طرفي العقد مقابل لما يلتزم به , فالبائع يحصل على الثمن مقابل المبيع , والمشتري يحصل على المبيع مقابل الثمن , ولذلك يعتبر البيع من الأعمال الدائرة بين النفع والضرر , فيلتزم لإبرامه توافر أهلية التصرف , وعند قيام الصبي المميز لهذا التصرف فإن تصرفه يقع صحيحا ولكنه قابلا للطبلان النسبي لمصلحته .

4- عقد البيع عقد محدد القيمة :

إن الأصل في عقد البيع أنه عقد محدد القيمة , لأن كلا من طرفيه يعلم لحظة إبرام العقد قدر ما يعطي وقدر ما يأخذ , إلا أن البيع قد يكون في بعض الأحوال عقدا احتماليا وذلك إذا ربط المتعاقدان أحد الالتزامات الناشئة من العقد بحادث غير محقق كما لو اتفق المتعاقدان على أن يكون الثمن إيرادا مرتبا مدى الحياة فإن البائع وإن كان يعرف وقت البيع القدر الذي يعطيه إلا أنه لا يستطيع في ذلك الوقت تحديد القدر الذي سيأخذه لأن الثمن مرتبط بالموت وهو حادث غير معلوم وقت حصوله , وأهمية هذه التفرقة تظهر في تطبيق أحكام الغبن حيث الطعن على أساس الغبن مقصور على العقود المحددة القيمة دون العقود الاحتمالية

5- عقد البيع عقد ناقل للملكية :

إن القصد الأساسي من عقد البيع هو نقل الملكية إلا أن الفقه انقسم حول انتقال الملكية هل تنتقل بمجرد العقد ؟ أم أن العقد يولد التزاما ينقلها على عاتق البائع ؟

أ‌- الرأي الأول : يرى أن انتقال الملكية ليس أثرا لعقد البيع وإنما هو أثر الالتزام بنقل الملكية الذي ينشئه البيع فالبيع كغيره من العقود يقتصر أثره على إنشاء الالتزامات , وهذا الالتزام قد يقضي تنفيذه القيام ببعض الإجراءات كالإفراز والتجنيب إذا كان المبيع منقولا معينا بالنوع أو التسجيل إذا كان المبيع عقارا , وقد ينفذ الالتزام بنقل الملكية بقوة القانون دون حاجة للقيام بأي إجراءات وكذلك إذا كان المبيع منقولا معينا بالذات , ولا يمكن القول بأن عقد البيع ينقل الملكية بذاته إذا كان المبيع عقارا أو منقولا معينا بالنوع , أما إذا كان المبيع منقولا معينا بالذات فإن انتقال الملكية يحدث في هذه الحالة بمجرد انعقاد العقد وذلك لا يعني أن العقد بذاته نقل الملكية مباشرة وكل ما هناك أن العقد تولد عنه التزام بنقل الملكية وهذا الالتزام لا يحتاج تنفيذه للقيام بأي إجراء فهو ينفذ بقوة القانون لأنه يولد وينفذ في لحظة واحدة .

ب‌- الرأي الثاني : يرى أن البيع في التشريع الحديث ينقل الملكية بذاته أي مجرد العقد ولا يقتصر أثره كقاعدة عامة على مجرد إنشاء التزام بنقلها , إلا في بعض البيوع التي لا تسمح طبيعتها بذلك فعندما يكون المبيع منقولا معينا بالذات فإن ملكيته تنتقل بمجرد العقد , فيكون العقد في هذا الفرض ناقلا للملكية , فإذا كان العقد ينشئ التزاما فإن هذا الالتزام ينفذ بمجرد نشأته وإلا صح أن يقال أن العقد هو الذي نقل الملكية بدون حاجة إلى تصور وجود التزام موهوم لا وجود له من حيث الواقع , أما إذا كان المبيع منقولا معينا بالنوع أو كان عقارا فإن الملكية لا تنتقل بمجرد العقد وإنما ينشئ التزاما على عاتق البائع بنقلها إلى المشتري وعلى ذلك يمكن القول بإن البيع في القانون الحديث أصبح نوعين الأول ينقل بذاته ملكية المبيع إلى المشتري والثاني يقتصر على أنه ينشئ في ذمة البائع التزاما بنقلها.

ت‌- المشرع الكويتي : أخذ المشرع الكويتي بالرأي الثاني من الفقه المصري فعرف البيع بأنه عقد على تمليك شيء أو نقل حق مالي آخر مقابل عوض نقدي , بما يفيد أن البيع ينقل بذاته الملكية ولا يقتصر على مجرد إنشاء التزام بنقلها .

المبحث الثاني : تمييز عقد البيع عن غيره من العقود :

أولا : البيع والإيجار :

عرف المشرع الكويتي الإيجار بأنه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة محدودة في مقابل عوض نقدي , بينما عرف البيع بأنه عقد على تمليك شيء أو نقل حق مالي آخر لقاء عوض نقدي .

ثانيا : التمييز بين البيع والإيجار :

1- البيع يرد على الملكية أو نقل الحق المالي أما الإيجار فإنه يرد على المنفعة .
2- البيع يتميز عن الإيجار بأنه يقتضي خروج المال وانتقاله من ذمة البائع إلى ذمة المشتري بحيث يكون المشتري خلفا للبائع أما الإيجار فإن المؤجر يمكن المستأجر في حدود الشروط التي يتفقان عليها من الانتفاع بالشيء المؤجر , بحيث يكون المستأجر دائنا للمؤجر لا خلفا له .
3- البيع عقد فوري لا دخل للزمن في تحديد كم الاداءات فيه , أما الايجار من عقود المدة أو العقود الزمنية أي تلك العقود التي يعتبر الزمن عنصرا جوهرايا فيها .

ثالثا : صعوبة التمييز بين البيع والإيجار في حالتين :

أولا : العقد الواقع على ثمار الشيء أو منتجاته :

إن المقصود بالثمار هو ما نتج عن الشئ بصفة دورية متجددة دون أن ينقص من أصله كمحصولات الأراضي الزراعية وثمار الحدائق وكلاء المراعي , أما المنتجات فهي ما تنتج عن الشئ بصفة غير دورية وتنتقص من أصله كالمعادن المستخرجة من المناجم والأحجار المتقطعة من المحاجر والبترول المستخرج من باطن الأرض فهذه كلها منتجات لأنها غير دورية ومصيرها إلى النفاذ .
1- إذا كان العقد ينصب على المنتجات فإنه يكون بيعا لتلك المنتجات وليس إيجارا للشيء الأصلي لأن الإيجار يقتضي أن يرد المستأجر الشئ المؤجر بحالته التي تسلمه بها , وهذا يتناقض مع تخويل المتعاقد مع المالك حق الحصول على المنتجات إذا أنها تنتقص من الأرض ومصيرها إلى النفاذ .
2- إذا كان العقد ينصب على الثمار فإنه يكون إيجارا لأنه يقع على منفعة الأرض المتجددة التي لا تنفذ .
3- إن العبرة في التمييز بين البيع والإيجار يكون بنية المتعاقدين ويمكن للقاضي أن يستخلص هذه النية من الظروف المحيطة بإبرام العقد , لأنه قد يبيع صاحب الارض المحصول الناتج منها وهو لا يزال في الأرض فيكون العقد بيعا لهذا المحصول لا إيجارا للأرض , وقد يؤجر صاحب المنجم أو المحجر منجمه أو محجره ليستغله المستأجر في مقابل أجره دورية فيكون العقد إيجارا لا بيعا .
ثانيا البيع الإيجاري :

1- تعريف البيع الإيجاري :

هو عقد إيجار يسلم البائع للمشتري الشئ المبيع وعادة ما يكون منقولا لينتفع به لمدة معينة مقابل مبلغ دوري يعتبر أجره عن الانتفاع بالشئ المؤجر فإذا قام المشتري بالوفاء بجميع الأقساط حتى نهاية المدة المتفق عليها انقلب العقد بيعا واعتبرت الأجرة أقساطا للثمن , ووفقا لهذا العقد يعمد المتعاقدان إلى إخفاء البيع بالتقسيط تحت ستار عقد إيجار وتظل الملكية باقية للبائع حتى سداد آخر قسط .

2- الحماية التي يحقهها البيع الإيجاري للبائع :

أ‌- إن تصوير العقد على أنه إيجارا يؤدي إلى إحتفاظ البائع بملكية المبيع حتى وفاء المشتري بآخر قسط وبالتالي يستطيع أن يسترده إذا ما توقف المشتري عن الوفاء بأيا منها نتيجة لإعمال قواعد فسخ الإيجار بسبب توقفه عن الوفاء بالأجرة ولا يلزم عندئذ برد ما تسلمه من هذه الأقساط باعتبارها أجره , أما لو كان العقد بيعا فإن فسخه يؤدي إلى نشوء التزام على عاتق البائع برد الاقساط التي تسلمها كجزء من الثمن في مقابل التزام المشتري برد المبيع .

ب‌- إن تصوير العقد على أنه إيجارا يؤدي إلى اعتبار يد المشتري على المبيع يد أمين ولذلك إذا تصرف فيه قبل الوفاء بكافة الأقساط فإنه يعد مرتكبا لجريمة خياة الأمانة , أما لو كان العقد بيعا فإن تصرف المشتري في المبيع لا يعتبر خيانة أمانة حتى ولو كان نقل الملكية فيه مؤجلا أو معلقا على إتمام الوفاء بكامل الثمن .

ت‌- إن تصوير العقد على أنه إيجار يحمي البائع في حالة إفلاس المشتري إذ يدخل البائع في التفليسة بوصفة مؤجرا فيكون له حق استرداد الشئ المؤجر , أما إذا كان العقد بيعا علق فيه انتقال الملكية على شرط واقف هو دفع كامل الثمن فلا يحق للبائع الحماية إذا أفلس المشتري فإن البائع يدخل في التفليسه بوصفه دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء .

3- تكييف البيع الإيجاري :

إن أغلب أحكام القضاء وآراء الفقه لم تأخذ باعتبار العقد إيجارا لأن غاية المتعاقدين منذ البداية هي البيع وأن تسميته بالايجار لا تهدف إلى ترتيب آثار الإيجار إلا في حدود تحقيق مصلحة البائع وحمايته , وقد كيف المشرع الكويتي هذا العقد بأنه بيعا بالتقسيط علق فيه انتقال الملكية على الوفاء بكامل أقساط الثمن , وعلى ذلك فإن تصرف المشتري في الشئ قبل سداد باقي الأقساط لا يعرضه لعقوبة خيانة الأمانة وقد نظم المشرع الكويتي أحكام البيع بالتقسيط على نحو يحقق مصلحة كل من البائع والمشتري :
أ‌- بالنسبة للبائع : حظر على المشتري بالتقسيط التصرف في المبيع قبل أداء الأقساط بأكلمها دون موافقة البائع كتابة , ويترتب على مخالفة هذا الحظر عدم نفاذ التصرف في مواجهة البائع إذا ثبت علم الغير وقت التصرف بعدم سداد كامل المبلغ , ويجوز للبائع في حالة التصرف في المبيع قبل أداء كامل الثمن أن يطالب المشتري بأداء الأقساط الباقية فورا .

ب‌- بالنسبة للمشتري : إذا لم يدفع المشتري أحد أقساط الثمن المتفق عليه فلا يجوز الحكم بفسخ البيع إذا تبين أنه قام بتنفيذ الجز الأكبر من التزاماته وهذا الحكم حكما آمرا لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه لأن الحماية الحقيقية للمشتري لا تتحقق بغير ذلك .

الفصل الأول : التراضي في عقد البيع

المبحث الأول : شروط الانعقاد :

المطلب الأول : التراضي على المسائل الجوهرية :

يجب لإبرام العقد أن يتفق المتعاقدان على طبيعة العقد المراد إبرامه وعلى الشيء المبيع وعلى الثمن فإن اتفقا على البيع والمبيع والثمن فإن العقد ينعقد وإن لم يتفق على أكثر من ذلك كميعاد دفع الثمن أو تسليم المبيع فمثل هذه المسائل لا يحول عدم ذكرها دون انعقاد العقد لأن القانون تكفل بتنظيم الأحكام الخاصة بكل هذه المسائل عند سكوت المتعاقدين عنها .

1- إذا عرض المتعاقدان لشئ من هذه المسائل التفصيلية ولم يتفقا على مسألة منها فإن المبيع لا يتم لعدم تطابق الإرادتين ولكي ينعقد العقد يجب أن يكون القبول مطابقا للإيجاب مطابقة تامة في كل المسائل التي تناولها الايجاب سواء كانت جوهرية أم مسائل ثانوية , فإذا كان القبول غير مطابق للايجاب زيادة أو نقصا أو تعديلا فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضا متضمنا إيجابا جديدا , إلا أن إبرام العقد لا يستلزم ضرورة الاتفاق على جميع مسائل العقد مسألة مسألة فيكفي لانعقاد البيع تطابق الإيجاب والقبول بشأن المسائل الجوهرية .

ملاحظة : عدم الاتفاق على المسائل التفصيلية يعد أمرا طبيعيا يفرضه الواقع العملي , ويستفاد ضمنيا من قيام المشرع بوضع قواعد تفصيلية لتنظيم العقود المختلفة .

2- نصت المادة (52\1)مدني على أنه ” إذا اتفق المتعاقدان على جميع المسائل الجوهرية في العقد وعلقا أمورا ثانوية على أمل اتفاقهما عليها مستقبلا , فإن ذلك لا يمنع من انعقاد العقد ما لم يظهر أن إرادتهما المشتركة قد انصرفت إلى غير ذلك ” , شروط تطبيق هذه المادة (لشروط الواجب توافرها للقول بأن العقد انعقد ) :

أ‌- الشرط الأول : اتفاق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد : يجب للقول بأن العقد قد انعقد أن يكون المتعاقدان قد اتفقا على جميع المسائل الجوهرية في العقد , أما مسألة كيفية دفع الثمن وتسليم المبيع فإنها تعتبر من المسائل الثانوية المتعلقة بتنفيذ العقد ,ومن ثمن فإن عدم الاتفاق بشأنها لا يحول دون انعقاد العقد , إلا أن ذلك دون اعتبار تسليم المبيع أو كيفية دفع الثمن من المسائل الجوهرية متى ثبت ذلك لدى القاضي من مجموع الظروف التي أحاطت بتكوين العقد أن أحد المتعاقدين ما كان ليبرم العقد لو لم يتم الاتفاق على هذه المسألة ويمكن أن يستخلص ذلك من ظروف وملابسات العقد .

– العناصر الجوهرية يمكن تصنيفها إلى مجموعتين :

الأولى : يتم استخلاصها من التنظيم التشريعي للعقد وهذه واحدة بالنسبة للعقد الواحد في سائر الأحوال وبدون توافر هذه العناصر لا يمكن أن ينعقد العقد .

الثانية : يتم استخلاصها من الظروف المحيطة بتكوين العقد وهذه تختلف من حالة لأخرى وبالتالي فإن هذه العناصر تختلف بالنسبة للعقد الواحد من حالة لأخرى بحسب ما تتجه إليه إرادات المتعاقدين وهي عناصر تعتبر بحسب التنظيم التشريعي للعقد عناصر ثانوية إلا أنها تحولت إلى عناصر جوهرية نظرا لما اكتسبته من أهمية ذاتية في نظر المتعاقدين .

– القاعدة : ليس للقاضي أن ينحرف بالارادة المشتركة للطرفين أو أن ينسب إليها قصدا لا تحتمله عند ممارسته لسلطته التقديرية في التفسير , كما لا يجوز له من باب أولى أن يحل إرادته محل إرادة الأطراف لتحديد العناصر الجوهرية للعقد , فالقاضي يكشف عن وجود عقد ولا ينشئه , ولذلك فإن القاضي يتحرى الإرادة المشتركة للمتعاقدين للوقوف على حقيقة الغرض الذي ابتغاه من العقد , فهذا التحديد إذن ليس تحكميا وإنما يستخلصه من المفاوضات التي تمت ومن الخطابات المتبادلة وكذلك من مشروعات الاتفاقات الغير ملزمة واتفاقات المبادئ وغيرها, وبعد دراستها وإعطائها التكييف القانوني يقرر القاضي ما إذا كان هناك عقدا أم لا .

ب‌- الشرط الثاني : الاحتفاظ بالمسائل الجوهرية : يجب أن يكون الأطراف قد احتفظوا بمسائل تفصيلية للاتفاق عليها فيما بعد سواء تم ذلك بطريقة صريحة أو بطريقة ضمنية , أي أن تكون المسألة التفصيلية قد أثيرت أثناء المفاوضات وثار الخلاف بشأنها ورؤى إحالتها لاتفاق لاحق , أو لم يثر خلاف ولكن اتفق على تسويتها بموجب اتفاق لاحق .

ت‌- الشرط الثالث : ألا يكون المتعاقدان قد اتفقا على تعليق انعقاد العقد على حدوث اتفاق بشأن المسائل التفصيلية : يمكن للمتعاقدان أن يعلقا انعقاد العقد على ما يترأى لهما من شروط , ولا شك في أن تعليق انعقاد العقد على حدوث اتفاق بشأن مسألة من المسائل يجعل هذه المسألة أمرا جوهريا بالنسبة للمتعاقدين ولا يمكن في مثل هذه الحالة القول بانعقاد العقد , ولكن نص المادة (52) يقيم قرينة قانونية على أن المتعاقدين قد أرادا عدم تعليق انعقاد العقد على حدوث اتفاق بشأن المسائل التفصيلية , طالما لم يرد نص صريح في العقد يفيد ذلك ومجرد ذكر المسائل التفصيلية والتحفظ بشأنها دون ذكر , إذا كان انعقاد العقد يتوقف على حسمها أم لا يفترض معه وفقا للنص أن المتعاقدين قد أرادا إبرام العقد بصرف النظر عن الوصول إلى اتفاق بشأن هذه المسائل , وبذلك على المتعاقد الذي يدعي أن العقد قد علق انعقاده على حدوث اتفاق بشأن المسائل التفصيلية المؤجلة أن يثبت ذلك لأنه يدعي بعكس الثابت قانونا .

3- قيام القاضي بإكمال العقد : نصت المادة (52\2)مدني على أنه ” إذا لم يصل المتعاقدان إلى اتفاق في شأن ما علقاه من الأمور الثانوية تولى القاضي حسم الخلاف في شأنها وفقا لطبيعة المعاملة والعرف الجاري ومقتضيات العدالة ” , وعلى ذلك فإن القاضي يقوم باستكمال العقد استنادا لهذا النص , وقيام القاضي باستكمال العقد لا يكون متصورا إلا إذا كان قد انتهى إلى أن العقد قد انعقد لأنه إذا لم يكن قد انعقد فلا يوجد أي مبرر لتدخله لأن المتعاقداين مازلا في مرحلة التفاوض , ومن ثم يجب أن يترك لهما تنظيم هذه المسائل التفصيلية المعلقة , ولذلك فإن القاضي لا يمارس هذه السلطة إلا في المرحلة اللاحقة على إبرام العقد وتحديدا في مرحلة إنتاج العقد لآثاره فقيام القاضي بإكمال العقد مسألة متعلقة بآثار العقد وليس تكوينه .

المطلب الثاني : أوصاف التراضي :

أولا : البيع بشرط التجربة أو المذاق :

1- تعريف البيع بشرط التجربة أو المذاق :

أ‌- البيع بشرط التجربة : هو البيع الذي يحتفظ فيه المشتري بحق تجربة المبيع ليتبين مدى مناسبته له أو مدى صلاحيته للغرض الذي أعد له , واحتفاظ المشتري بهذا الحق غالبا ما يكون يناء على شرط صريح في العقد ولكنه قد يكون ضمنيا يستخلص من طبيعة المعاملة أو من ظروف التعامل , وقد يستقر العرف على أن أشياء معينة يكون شراؤها معلقا على شرط التجربة فيفهم الشرط ضمنيا عن طريق العرف , ولا يكفي أن يرد البيع على مثل هذه الاشياء التي تحتاج إلى تجربة للاستيثاق منها حتى يكون العقد معلقا على شرط التجربة بل لابد من اتجاه إرادة المتعاقدين إلى ذلك .

مثال : جرت العادة عند شراء الملابس القيام بتجربتها وكذلك الآلات والمعدات الدقيقة الصنع , وكذلك عند بيوع الاشياء المستعملة كالسيارات والأجهزة الكهربائية .

ب‌- البيع بشرط المذاق : هو البيع الذي يحتفظ فيه المشتري بحق المذاق ولا يثبت إلا بالاتفاق عليه ,ولكن هذا الاتفاق لا يشترط أن يكون صريحا فقد يكون ضمنيا يستخلص من الظروف والملابسات التي تحيط بإبرام العقد وأهمها طبيعة المبيع فبعض المبيعات لا يدرك إدراكا تاما إلا بمذاقه , ولا يكفي فيها علم المشتري بالمبيع أن تحدد أوصافه أو أن يشاهده بعينه بل لابد من تذوقه حتى يرى مدى ملائمته لذوقه الشخصي , كالزيوت بأنواعها , والخل والزيتون وبعض أنواع الفاكهة .

ث‌- الفرق بين البيع بشرط التجربة والبيع بشرط المذاق : إن التجربة قد تكون للتثبت من صلاحية الشئ في ذاته وقد تكون لتبين مدى ملائمة الشئ لحاجة المشتري , أما المذاق فلا غاية له سوى التأكد من مناسبة الشئ لذوق المشتري فالعبرة بذوقه الشخصي وهو الذي يقرر ذلك لا الخبراء , والمشرع الكويتي لم يفرق بين البيع بشرط التجربة والبيع بشرط المذاق ونص على إخضاعها لحكم واحد .

2- قواعد إجراء التجربة أو التذوق :

أ‌- القيام بالتجربة : الأصل أن التجربة أو التذوق يقوم به المشتري شخصيا , ولكن لا يمنع ذلك قيام البائع بالتجربة في حضور المشتري أو من يمثله , إلا أنه لا يتصور أن يقوم البائع بالتذوق حتى ولو كان ذلك في حضور المشتري وإنما من الممكن أن يعهد المشتري إلى شخص ثالث بالتذوق .

ب‌- تمكين المشتري من التجربة : يجب على البائع أن يمكن المشتري من التجربة أو التذوق , وللمشتري عند امتناع البائع أن يطلب تنفيذ ذلك الالتزام عينا إن كان ممكنا وله أن يطلب الحكم على البائع بالغرامة التهديدة لحمله على تمكين المشتري من التجربة , كما يجوز للمشتري أن يطلب الفسخ مع التعويض إن كان له محل .

ت‌- المدة : يلتزم المشتري بإجراء التجربة خلال المدة التي يتفق على إجرائها فيها سواء تم تحديد هذه المدة صراحة أو ضمنا , فإن لم يكن هناك تحديد للمدة كان للبائع أن يحدد لذلك مدة معقولة ويخضع في هذا التحديد لرقابة القضاء , ويتعين على المشتري أن يعلن رأيه للبائع خلال هذه المدة , فإن قبل المبيع اعتبر البيع من إعلان القبول بيعا تاما , أما إذا رفضه فإن البيع يعتبر كأن لم يكن من وقت إعلان الرفض , وإذا انقضت المدة التي يجب إجراء التجربة فيها ولم يعلن المشتري البائع برأية بالقبول أو الرفض ولم يكن هناك ما يحول دون قيامه بالتجربة اعتبر سكوته قبولا للمبيع .

ث‌- التجربة للملائمة أم للصلاحية : الأصل أن التجربة يقصد بها التأكد من أن المبيع مناسب لحاجة المشتري , فالعبرة ليست بصلاحية المبيع في ذاته بل بملائمته للمشتري فقد تكون الملابس صالحه في ذاته ولكنها لم ترق للمشتري , ولكن ليس هناك ما يمنع البائع والمشتري من أن يتفقا على أن المقصود بالتجربة هو فقط تبين ما إذا كان المبيع صالحا في ذاته للأغراض المقصودة منه كأن يكون المبيع آله ميكانيكية للحرث فيتم تجربتها ويتضح أنها تصلح للحرث فهنا لا يجوز للمشتري أن يرفض المبيع بحجة أنه غير صالح , لأن العبرة هنا بكون المبيع صالح للغرض المقصود منه وعند الخلاف حول هذه الصلاحية يكون الرأي لأهل الخبرة .

ج‌- حالة الاختلاف في الصلاحية والملائمة : إن العبرة تكون باتفاق المتعاقدين فإن قصدا من التجربة صلاحية الشئ في ذاته كان للخبراء القول الحاسم وإن قصدا منها مناسبة الشئ لحاجة المشتري الشخصية كان قول المشتري هو القول الأخير , وإذا وقع شك في قصدهما فإن المقصود يكون بمناسبة المبيع لحاجة المشتري ويكون القول الحاسم في صلاحية المبيع للمشتري , أما بالنسبة للمذاق فإنه أمر شخصي بحت يجب أن يترك تقديره لمشيئة ورغبة المشتري دون معقب حتى ولو كان المشتري تاجرا واشترط مذاق المبيع فالعبرة بذوقه .

3- التكييف القانوني للبيع بشرط التجربة أو المذاق :

أ‌- البيع معلق على شرط واقف : يكون البيع معلقا على شرط واقف إذا كان المبيع معلقا على قبول المشتري للمبيع عقب التجربة أو المذاق , ويترتب على ذلك أن البيع لا يكون نافذا قبل تحقق التجربة ويكون أثر الشرط قبل تحققه هو أن المشتري يكتسب ملكية المبيع ملكية معلقه على شرط واقف كما أن البائع يظل مالكا للشئ المبيع ولكن ملكيته معلقه على شرط فاسخ , والشرط الذي يعتبر واقف بالنسبة للمشتري والفاسخ بالنسبة للبائع هو قبول المشتري المبيع بعد التجربة بإعلانه هذا القبول في الموعد المتفق عليه أو في الميعاد الذي حدده البائع

·تحقق الشرط بقبول المشتري المبيع بعد تجربته : إن البيع يعتبر باتا من وقت إبرامه بأثر رجعي وليس من وقت تحقق الشرط , ويترتب على ذلك أن المشتري يعتبر مالكا للمبيع من وقت إبرام العقد وكل ما رتبه من حقوق عينية على المبيع بعد البيع وقبل تحقق الشرط يظل قائما , أما البائع فيعتبر غير مالك للمبيع من وقت إبرام البيع ومن ثم تزول كل الحقوق العينية التي رتبها على المبيع بعد البيع .

· تخلف الشرط برفض المشتري للمبيع : إن البيع يزول بأثر رجعي , فلا يعتبر المشتري مالكا للمبيع وتزول كل الحقوق العينية التي رتبها على الشئ المبيع , أما البائع فإن ملكيته تتأكد بزوال الشرط الفاسخ بالنسبة له وتبقى كل الحقوق التي رتبها على المبيع .

· سكوت المشتري بعد التجربة : إذا سكت المشتري عن إبداء رأيه في المدة المحددة مع تمكنه من تجربة المبيع فالمشرع اعتبر سكوته بمثابة القبول وتترتب عليه أثار تحقق الشرط .

· هلاك المبيع : إذا هلك المبيع لسبب أجنبي وهو تحت التجربة وقبل ظهور نتيجتها فإنه يهلك على البائع لأنه من غير المعقول أن يقبل المشتري المبيع بعد هلاكه , فيعتبر الهلاك بمثابة رفض للمبيع , وبالتالي يكون الشرط الواقف قد تخلف فيهلك المبيع على مالكه وهو البائع ولا يحتج على ذلك بأن تبعة الهلاك مرتبطة بالتسليم وأن المشتري قد تسلم المبيع لتجربته فتكون عليه تبعة الهلاك , لأن هذه القاعدة لا تسري الا على البيع المنجز وليس على المبيع المعلق على شرط .

ب‌- البيع معلق على شرط فاسخ : إن البيع يكون معلق على شرط فاسخ إذا اتفق على أن يفسخ المبيع إذا لم يقبل المشتري المبيع بعد تجربته أو تذوقه متى أعلن للبائع بذلك , ويترتب على ذلك أن البيع يكون نافذا منذا إبرامه مرتبا لكافة آثاره ولكنه يكون مهددا بالزوال فالمشتري يصبح مالكا للمبيع ملكية معلقه على شرط فاسخ بينما يصبح البائع مالكا له ملكية معلقة على شرط واقف , والشرط الذي يعتبر فاسخا بالنسبة للمشتري وواقفا بالنسبة للبائع هو رفض المشتري للمبيع وإعلان البائع بهذا الرفض .
· تحقق الشرط برفض المشتري : إذا أعلن المشتري البائع رفضه للمبيع فإن البيع يفسخ بأثر رجعي ويصبح كأن لم يكن , فيعتبر المشتري كأنه لم يملك المبيع ويعتبر البائع هو المالك له منذ البداية وبالتالي تزول كافة الحقوق التي ترتبت من جهة المشتري على المبيع وتبقى تلك التي ترتبت من جهة البائع .

· تخلف الشرط بقبول المشتري : إذا أعلن المشتري البائع بقبوله المبيع أو سكت عن إبداء رأيه في المدة المحددة فإن البيع يصبح باتا منذ انعقاده ويعتبر المشتري مالكا ملكية باته منذ البداية وتزول ملكية البائع بأثر رجعي , ومن ثم تبقى الحقوق التي ترتبت على المبيع من جانب المشتري بينما تزول الحقوق التي ترتبت من جانب البائع .

· هلاك المبيع : إذا هلك المبيع لسبب أجنبي وهو تحت التجربة فإنه يهلك على المشتري لأنه كان مالكا لهذا الشئ وقت هلاكه وذلك حتى لو تحقق الشرط الفاسخ بعد ذلك فليس لتحققه أثر رجعي

ملاحظة : إذا لم يتضح من عقد البيع ما إذا كان الشرط واقفا أم فاسخا فإن الرأي الغالب في الفقه يعتبره واقفا .

ثانيا : البيع بالعربون :

1- تعريف البيع بالعربون وأحكامه :

· العربون : هو مبلغ من النقود يدفعه أحد المتعاقدين إلى المتعاقد الآخر وقت انعقاد العقد , ويكون له إحدى دلالتين فقد يراد بالعربون أن يكون جزءا من الثمن لتأكيد انعقاد العقد فيعتبر دفعه بدءا في التنفيذ , وقد يراد بالعربون أن يكون وسيلة للعدول تمكن كلا من المتعاقدين من الرجوع في العقد فإذا عدل دافع العربون فقد ما دفعه وإذا عدل من قبض العربون التزم برده ومثله .

· أحكام العربون : نصت المادة (74) مدني على أن ” دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من طرفيه خيار العدول عنه , ما لم يظهر أنهما قصدا غير ذلك أو كان العرف يقضي بخلافه ” , وعلى ذلك فإن المشرع وفقا لهذه المادة أقام قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس تقضي بأن الأصل في دفع العربون أن يكون دلالة للعدول إلا إذا أتفق الطرفان صراحة أو ضمنا على أن دفع العربون معناه تأكيد العقد والبدء في تنفيذه أو كان العرف يقضي بخلاف ذلك .

1- قصد المتعاقدين في العربون :

إذا تبين للقاضي أنهما قصدا بالعربون تأكيد انعقاد العقد وأن يكون جزءا من الثمن كان العقد منعقدا بشكل بات لا رجعه فيه وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الآخر بتنفيذ العقد , أما إذا لم يستطع القاضي أن يتبين دلالة العربون فعليه أن يعتبر العربون وسيلة للعدول إعمالا بأنها قرينه قانونية فيكون لكل من المتعاقدين حق الرجوع في العقد , ومن القرائن التي يستفاد منها إتجاه النية إلى برام بيع بات أن يكون مبلغ العربون المدفوع كبير فجسامة المبلغ تفيد اعتباره جزءا معجلا من الثمن , أما تفاهته فترجح اعتبار العربون ثمنا للعدول .

2- إذا كان العربون وسيلة للعدول عن العقد :

أ‌- إن لم يعدل أحد المتعاقدين عن البيع في المدة المحددة للعدول أصبح البيع باتا واعتبر العربون جزءا من الثمن , فإن لم يكن هناك اتفاق على تحديد المدة كان العدول جائزا في أي وقت , إلا أنه من الجائز أن يتم النزول عنه صراحة أو ضمنا بطلب التنفيذ أو قيام المتعاقد بتنفيذ التزاماته .

ب‌- إذا لم ينفذ أحد المتعاقدين التزاماته في الأجل المحدد أو تراخى في ذلك مدة تتجاوز المألوف جاز للمتعاقد الآخر أن يعتبر ذلك عدولا منه عن العقد وذلك حتى لا تظل مدة مباشرة الخيار مفتوحة إلى ما لا نهاية فالمشرع جعل الأمر بيد المتعاقد الآخر فقد تكون له مصلحة في التعجيل باستخلاص العدول ولهذا له أن يعتبر خيار العدول لا زال قائما لم ينقض .

ت‌- إذا عدل أحد المتعاقدين عن البيع في الميعاد المحدد تعين على من عدل أن يدفع ثمن عدوله وهو قيمة العربون فإذا كان من عدل هو المشتري فقد العربون الذي قدمه وإذا كان الذي عدل هو البائع التزم برد العربون إلى المشتري ومعه مثله ما لم يكن هناك تعسف في استعمال حق العدول فتكون الزيادة تعويضا عن التعسف لا تعويضا عن العدول في ذاته .

· التكييف القانوني للبيع بالعربون :

1- الرأي الأول : يرى أن البيع بالعربون بيع معلق على شرط واقف وهو عدم استعمال حق العدول ويترتب عليه أن توقف آثار البيع حتى يختار المتعاقد إمضاء العقد أو حتى تمضي المدة المحددة للعدول فيسقط الحق فيه وعندئذ تترتب آثار العقد من وقت إبرامه طبقا للأثر الرجعي للشرط وتكون تبعة الهلاك قبل تحقق الشرط الواقف على البائع لا على المشتري .

2- الرأي الثاني : يرى أن البيع بالعربون بيع معلق على شرط فاسخ هو استعمال حق العدول , فينفذ البيع في الحال ويرتب آثاره ولكن يجوز لكل من المتبايعين فسخ العقد وذلك باستعماله لحقه في العدول فيزول العقد بأثر رجعي ويخسر العربون .

3- الرأي الثالث : يرى أن البيع بالعربون هو بيع عادي غير معلق على شرط وكل ما هنالك أنه التزام بدلي فهو يرى أن العربون مقابل للرجوع في البيع أي بدل عن هذا الرجوع فيمكن تكييفه بأنه البدل في التزام بدلي ويكون المدين بائعا كان أو مشتريا ملتزما أصلا بالالتزام الوارد في البيع ودائنا في الوقت ذاته بالحق الذي يقابل هذا الالتزام ولكن تبرأ ذمته من الالتزام إذا أدى العربون فدفعه يعتبر تنفيذ للعقد وليس فسخا له .

ثالثا : بيع الوفاء :

1- المقصود ببيع الوفاء :

هو بيع يتضمن شرطا لمصلحة البائع يكون له بموجبه الحق في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة نظير رد ما أخذه من الثمن والمصروفات إلى المشتري , فهو بيع معلق على شرط فاسخ هو رد البائع للثمن والمصاريف خلال المدة المحددة لذلك , فإذا تم الرد أعتبر ذلك تحققا للشرط يترتب عليه زوال آثار العقد بأثر رجعي ويعود المبيع إلى ملك البائع , أما إذا تخلف الشرط فإن البيع يكون نهائيا وتستمر الملكية للمشتري وهذا البيع يعد صحيحا وفقا للقواعد العامة .

2- حكم بيع الوفاء :

نصت المادة (508) مدني على أنه ” إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع في مقابل رد الثمن والمصروفات اعتبر العقد قرضا مضمونا برهن حيازي ” , ووفقا لذلك إذا احتفظ البائع عند المبيع بحق استرداد المبيع من المشتري في مقابل رد الثمن والمصروفات إليه اعتبر العقد قرضا مضمونا برهن حيازي وسرت عليه جميع أحكام الرهن الحيازي بما فيها بطلان الاتفاق على تملك العقار المبيع عند عدم رد الثمن أو الاتفاق على بيعه دون مراعاة للإجراءات التي فرضها القانون وذلك حماية للبائع .

المبحث الثاني : شروط الصحة :

المطلب الأول : الأهلية :

أولا : تمييز الأهلية عن الولاية على المال :

1- الأهلية :

إن المقصود بالأهلية هنا هي أهلية الأداء وهي صلاحية الشخص لإبرام التصرفات القانونية لمصلحة نفسه , وعلى ذلك فإن عقد البيع من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر سواء بالنسبة للبائع أو للمشتري فيشترط في كل من عاقديه أن يكون بالغا سن الرشد والعبرة في توافر الأهلية هي بوقت إبرام التصرف فلا أثر لما يصيب أهلية البائع بعد انعقاد العقد , فإذا أبرم الصبي المييز عقدا فإن العقد الذي ينعقد يكون قابلا للإبطال لمصلحته , أما إذا أبرم العقد الصبي غير المميز أو المجنون فإن العقد لا ينعقد أصلا لانعدام الأهلية فيقع باطلا بطلانا مطلقا .

2- الولاية :

هي صلاحية الشخص لإبرام التصرفات القانونية لمصلحة غيره ومصدر الولاية هو القانون أو القضاء بالنسبة لناقصي الأهلية وفاقديها وقد يكون مصدر الولاية هو الاتفاق كما في حالة الوكالة إذ بمقتضاها يكتسب الوكيل ولاية بالنسبة لمال الموكل في حدود الوكالة , ولذلك إذا قام بإبرام البيع شخص لا يتمتع بولاية إبرامه فإن تصرفه لا ينفذ في حق هذا الغير طبقا لمبدأ نسبية آثار التصرفات القانونية إلا إذا أجازه , وسلطة النائب في إبرام عقد البيع تختلف بحسب ما إذا كانت النيابة اتفاقية فإن المرجع في تحديد ما إذا كان للوكيل سلطة البيع أم لا هو عقد الوكالة , أما إذا كانت النيابة قانونية فإن المشرع هو الذي يحدد سلطة النائب كالولي والوصي والقيم والوكيل عن الغائب .

3- الفرق بين الأهلية والولاية :

أ‌- أهلية الأداء هي صلاحية الشخص لإبرام التصرف القانوني لمصلحة نفسه , بينما الولاية هي صلاحية الشخص في إبرام التصرف القانوني لمصلحة الغير .

ب‌- يؤدي نقص الأهلية أو انعدامها إلى إبطال التصرف القانوني أو بطلانه في حين أن تخلف الولاية يؤدي إلى عدم نفاذ التصرف في حق الغير الذي تم النصرف لحسابه .

4- بيع النائب لنفسه :

إن المشرع حظر تعاقد الشخص مع نفسه بأن يبرم العقد وحده وإن تعددت صفته كأن يشتري لنفسه المال الذي فوض في بيعه أو يشتريه لحساب سخص آخر ينوب عنه لأنه في الحالة الأولى يوجد تعارض مصلحة الأصيل ومصلحة النائب وفي الحالة الثانية يوجد تعارض بين مصالح من ينوب عنهما , إلا أنه يستثنى من ذلك حالتين .

أ‌- الأولى : حالة الإذن السابق بالتعاقد فهذا الإذن يصدر ممن يملك إعطاؤه كالقاضي في حالات النيابة القانونية والموكل في حالات النيابة الاتفاقية .

ب‌- الثانية : الحالات التي ينص عليها القانون على جواز تعاقد النائب مع نفسه أو يقضي فيها العرف التجاري بذلك , كما هو الشأن بالنسبة للأب عندما يكون وليا على ابنه القاصر حيث يجوز له أن يتعاقد مع نفسه بشان أموال هذا القاصر .

ثانيا : تمييز الأهلية عن حالات المنع من التصرف :

1- منع رجال القضاء وأعوانهم من شراء الحقوق المتنازع عليها :

نصت المادة (513)مدني على أنه ” لا يجوز لرجال القضاء ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا لكتبة المحاكم ولا لمأموري التنفيذ أن يشتروا ولو باسم مستعار حقا متنازعا فيه , وإلا كان العقد باطلا ” , وعلى ذلك فإن المشرع يمنع رجال القضاء وأعوانهم من شراء الحقوق المتنازع عليها والحكمة من ذلك هي المحافظة على سمعة القضاء وكرامته والبعد به عن الشبهات , وهذا المنع عام يشمل دولة الكويت كلها , كما أنه منع مطلق فلا يجوز لرجال القضاء وأعوانهم شراء الحقوق المتنازع عليها بأسمائهم أوباسماء مستعارة , كما لا يجوز ذلك لأزواجهم وأقاربهم وأصهارهم حتى الدرجة الثانية , ويتعبر هذا المنع استثنائيا لأنه خروجا على القاعدة العامة التي تبيح لكل شخص تتوافر فيه الأهلية أن يشتري ما يشاء من الحقوق , ولذلك يجب عند تطبيق هذا النص عدم التوسع في تفسيرة ولا القياس عليه .

أ‌- الأشخاص الممنوعين من الشراء : هم القضاة وأعضاء النيابة والمحامون وكتبة المحاكم ومأموري التنفيذ , ولا يمتد هذا الحظر إلى غيرهم كما هو الشأن بالنسبة للخبراء ورجال الشرطة ووكلاء المحامين وعمال وفراشي المحاكم .

ب‌- صفة الأشخاص الممنوعين من الشراء : يجب أن تتوافر الصفة في الأشخاص الممنوعين من الشراء وقت الشراء , أما إذا اكتسبت الصفة بعد الشراء فإن الشراء لا يؤثر في صحة العقد كما يجب ملاحظة أن الحظر على هؤلاء الأشخاص هو الشراء فقط أما البيع فهو جائز لانتفاء علة الحظر .

ت‌- الحقوق الواردة على الحظر : إن الحقوق الواردة على الحظر هي الحقوق المتنازع عليها ويعتبر الحق متنازعا عليه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أمام القضاء أو قام بشأنه نزاع جدي وأضاف القضاء المصري علم المشتري وقت الشراء بأن الحق متنازع فيه , ومفاد ذلك أن الحق المتنازع فيه لا يخرج من أمرين :

الأول : يكفي أن يقوم بشأن الحق نزاع جدي كما لو كان محلا لمفاوضات ودية للتوصل إلى حل ودي للنزاع وقاضي الموضوع هو من يقدر ما إذا كان الحق قد قام بشأنه نزاع جدي أم لا دون رقابة من محكمة التمييز , وإذا انتهى النزاع بالحق جاز التعامل فيه لكونه أصبح غير متنازع فيه

الثاني : إذا رفعت دعوى بالحق فإنه يكون متنازع فيه طوال فترة نظرها أمام القضاء وحتى يصدر فيها حكم نهائي فإذا صدر الحكم فلا يعد الحق متنازعا فيه إلا إذا طعن على الحكم بالتمييز .

ث‌- جزاء مخالفة المنع من الشراء : إن مخالفة هذا الحظر بالشراء هو البطلان المطلق لأن الحفاظ على هيبة القضاء وإبعاد عن الشبهات مسألة تتعلق بالنظام العام .

2- منع السماسرة والخبراء من شراء الحقوق المعهود إليهم بيعها أو تقدير قيمتها أو مباشرة الخبرة في شأنها:

نصت المادة (514\1) على أنه ” لا يجوز للسماسرة ولا للخبرء أن يشتروا ولو باسم مستعار الأموال المعهود إليهم في بيعها أو في تقدير قيمتها أو مباشرة الخبرة في شانها ” , والحظر هنا حظر مطلق فلا يجوز لهم الشراء بأسمائهم أو بأسماء مستعارة , كما لا يجوز ذلك أيضا لأزواجهم وأقاربهم وأصهارهم حتى الدرجة الثانية , كما أن الحظر يقتصر على السماسرة والخبراء فلا ينصرف إلى غيرهم كما أنه يقتصر على الأموال المعهود إليهم بيعها أو تقدير قيمتها أو مباشرة الخبرة بشأنها دون غيرها من الأموال فهذه الأموال لا يجوز لهم شرائها كلها أو بعضها و ويرى جانب من الفقه أن هذا الحظر حكم تمليه القواعد العامة في النيابة عن الغير ولذلك يرى بأن جزاء مخالفة هذا الحظر هو عدم نفاذ التصرف في مواجهة من تم البيع لحسابه وليس بطلان التصرف المخالف , ومن جانب أخر يرى أن جزاء مخالفة الحظر هو البطلان النسبي للتصرف وليس عدم نفاذ التصرف في مواجهة من تم البيع لحسابه لأننا بصدى منع قانوني من التصرف وليس نيابة في التعاقد فالسمسار والخبير لا يعد كل منهم نائبا وبحسب الأصل يقوم كل منهم بعمل مادي وليس تصرف قانوني .

ملاحظة : إن الحظر من الشراء سواء كان بالنسبة لرجال القضاء وأعوانهم أو بالنسبة للسماسرة والخبراء لا علاقة له بتوافر أهلية الأداء لديهم وإنما يتعلق بأهلية الوجوب لديهم .

المطلب الثاني : انتفاء عيوب الإرادة :

· عيوب الإرادة وشرط العلم الكافي بالمبيع : يجب أن يكون الرضاء بالبيع أو بالشراء سليما خاليا من عيوب الإرادة طبقا للقواعد العامة , كما أن المشرع قد أورد نصا خاصا بالبيع يتصل بتنظيم هذه العيوب يقضي بأنه يجب أن يكون المشتري عالما بالمبيع علما كافيا وإلا كان له حق طلب إبطال البيع .

1- خيار الرؤية في الشريعة الإسلامية :

إن خيار الرؤية هو ما يثبت لأحد المتعاقدين عند رؤية محل العقد من الحق في فسخ العقد أو إمضائه بسبب عدم رؤية محله عند إنشاء العقد أو قبله , ولذلك فإن سبب ثبوت خيار الرؤية للعاقد هو عدم رؤيته محل العقد حين العقد أو قبله ولذا يثبت بدون اشتراطه في العقد سواء أوصف له المحل عند التعاقد فوجده كذلك عند رؤيته أو لم يوصف له فلا يغني الوصف عن الخيار , ويثبت خيار الرؤية للمشتري دون البائع ووقت ثبوته هو وقت الرؤية لا قبلها حتى لو أجاز المشتري البيع قبل الرؤية ورضي بالمبيع فإن له بالرغم من ذلك أن يرده إذا رآه لأن نزوله عن الخيار قبل أن يثبت له لا يعتد به لأنه إسقاط للخيار قبل وجوده ولا يصح إسقاط الحقوق قبل وجودها , ولا يقصد بخيار الرؤية مجرد الإبصار وإنما العلم بمحل العقد على الوجه الذي يناسبه فتتحق الرؤية بالإبصار إن كان المبيع من المرئيات وبالشم إن كان من المشمومات وبالتذوق إن كان من الطعام ويكفي رؤية بعض المحل إذا كانت هذه الرؤية تؤدي إلى معرفة كلها كما في المثليات ورؤية جميعه إذا كان من الحيوان والدور , ورؤية الوكيل كرؤية الموكل وخيار الرؤية لا يورث لأنه إرادة ومشيئة والوارث لا يرث مورثه في رغبته .

أ‌- العقد حال قيام خيار الرؤية غير لازم للمشتري فله الرجوع عنه وفسخه بعد الرؤية أما البائع فلا خيار له لأن العقد يكون لازما من جهته وعدم لزوم العقد من جهة المشتري يقوم على أساس فكرة الغلط .

ب‌- وقت الرؤية : إن وقت الرؤية يثبت من حين رؤية المبيع وينتهي بصدور ما يدل على الرضاء أو الفسخ وإن تأخر ذلك أو بحصول ما يسقطه , وقد ذهب البعض إلى أنه مؤقت وينتهي وقته بمضي أي زمن يتمكن فيه المشتري من الفسخ ثم لا يفعل فإذا مضى هذا الزمن ولم يفسخ سقط الخيار .

ت‌- سقوط خيار الرؤية :

النوع الأول : سقوط خيار الرؤية قبل الرؤية أو بعدها : تصرف المشتري في المحل تصرفا يوجب حقا للغير كبيعه بغير شرط الخيار له , ورهنه , وإجارته , وتعيب المحل في يد المشتري , وموت من له الخيار لأن الخيار لا ينتقل بالوراثه , وزيادة المحل في يد المشتري .

النوع الثاني : سقوط خيار الرؤية بعد الرؤية : القول الدال على الاسقاط , والتصرف في المحل تصرفا لا يوجب حقا للغير كالهبة من غير تسليم , والاعارة , والفعل المتصل بالمحل كالانتفاع به وعرضه للبيع وقبضه بعد رؤيته ودفع الثمن , وطلب الأخذ بالشفعة بسبب المحل .

2- أحكام العلم بالمبيع في القانون :

إن القواعد العامة في القانون لا تشترط رؤية المبيع وإنما تشترط أن يكون المبيع معينا تعيينا كافيا يمنع الخلط بينه وبين غيره ويكون من شأنه نفي الجهالة الفاحشة فإذا لم يعين المبيع على هذا النحو فلا ينعقد العقد .

أ‌- معنى العلم الكافي بالمبيع : إن الأصل في العلم بالمبيع أن يكون بمعاينته معاينة ذاتية على النحو الذي يتناسب مع طبيعته فتتحقق هذه المعاينة بالإبصار إن كان المبيع من المرئيات أو بالشم إن كان المبيع المشموات كالروائح العطرية , أو بالتذوق إن كان المبيع من الطعام , إلا أن المشرع لم يجعل من المعاينة الذاتية للمبيع الطريق الوحيد لتحصيل العلم به بل جعل إلى جانب ذلك ثلاث طرق أخرى :

الأولى : أن يشتمل عقد البيع على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بيانا يمكن من تعرفه , فإذا باع شخص لآخر منزلا معروف للناس كان المبيع معينا تعيينا كافيا ولكن المشتري قد لا يكون رأى المنزل وليس له سابق علم به فلا يكفي لصحة البيع أن يكون المنزل معينا تعيينا كافيا وإنما يجب بيان أوصافه الأساسية بيانا يمكن من تعرفه فيذكر موقع المنزل وحدوده ومساحته وعدد طوابقه وما يتبعه من ملحقات مما يجعل صورة المنزل مرسومة في ذهن المشتري فهذا الوصف يقوم مقام المعاينة الذاتية .

الثانية : إقرار المشتري في عقد البيع بأنه عالم بالمبيع , فإقرار المشتري في عقد البيع بالعلم بالمبيع يقوم مقام المعاينة الذاتية لأن إقراره هذا إما أن يتفق مع الواقع فيتوافر العلم فعلا وحقيقة , وإما أن يخالفه فيفيد أن المشتري لا يعلق أهمية على علمه بالمبيع أو أنه يتنازل عن الطعن في العقد , إلا أن المشتري وإن كان لا يستطيع بعد إقراره بأنه عالم بالمبيع أن يطعن في البيع بالإبطال بدعوى عدم علمه بالمبيع , يمكنه أن يطعن فيه بالإبطال بدعوى التدليس إذا أثبت أن إقراره في العقد بعلمه بالمبيع قد جاء نتيجة تدليس البائع عليه .

الثالثة : تسلم المشتري للمبيع وعدم اعتراضه عليه خلال فترة معقولة لأن سكوت المشتري مدة تكفي للوقوف على حالة المبيع دون أن يصدر منه ما يدل على عدم الرضاء يعد رضاء , وبهذا الرضاء يتحقق العلم بالمبيع .

ب‌- جزاء عدم توافر العلم بالمبيع : إن المشرع جعل جزاء عدم توافر العلم بالمبيع هو قابلية العقد للإبطال لمصلحة المشتري وهذا مخالف للشريعة الإسلامية التي تجعل للمشتري عند رؤية المبيع الحق في فسخ العقد وهذا الفسخ يقع دون حاجة إلى تقاض أو تراض , وعى ذلك فقد اختلف الفقه بشأن ما إذا كان العلم بالمبيع يعتبر تطبيقا لأحكام الغلط أم لا .

· ذهب الرأي الأول إلى أن أحكام العلم بالمبيع لا تتعارض مع الأحكام العامة للغلط لأن العلم الكافي الذي يسلتزمه المشرع هو الذي يحول دون وقوع المشتري في الغلط أما البائع فمفروض علمه بالمبيع , وكل ما فعله المشرع هو إيجاد قرينة قانونية على وقوع المشتري في غلط في حالة عدم علمه بالمبيع وهي قرينة يجوز للبائع إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات .

· ذهب الرأي الآخر إلى أن أحكام العلم بالمبيع تختلف عن أحكام الغلط لأن النص يعطي للمشتري الحق في طلب الإبطال ولو لم يكن هناك غلط في صفة جوهرية أو غير جوهرية , فللمشتري مطلق الحرية في استعمالها إلى أن يوجد ما يبطلها وليس عليه أن يثبت وقوعه في الغلط ولا أن يثبت أن المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه كما تقضي بذلك أحكام الغلط , وعليه يرى أصحاب هذا الرأي أن العلم بالمبيع يعتبر شرطا مستقلا لصحة رضاء المشتري وبالتالي لصحة البيع .

ت‌- مسقطات حق الإبطال لعدم العلم بالمبيع : إن الفقه يرى أن حق الإبطال لعدم العلم يسقط بالأسباب التي تقضي بها القواعد العامة في سقوط حق الإبطال , كما يسقط بأغلب الأسباب التي بها خيار الرؤية في الشريعة الإسلامية باعتبار أن خيار الرؤية يعتبر المصدر الذي استقى منه المشرع أحكام العلم بالمبيع , وإعمال لحكم المادة الأولى من القانون المدني التي تحيل إلى أحكام الفقه الإسلامي فيما لا يوجد بشأنه نص , يسقط حق المشتري في طلب إبطال البيع لعدم العلم بالمبيع بأحد الأسباب التالية :

· إذا لم يتمسك المشتري بالإبطال خلال 3 سنوات من تاريخ علمه بالمبيع وبحد أقصى 15 من وقت تمام العقد .
· إجازة العقد صراحة أو ضمنا وذلك بأن يصدر من المشتري قول أو فعل يدل على رضائه بالمبيع كقوله رضيت أو أجزت أو بتصرفه في المبيع كبيعه أو هبته أو إجارته أو بانتفاعه أو دفع ثمنه ,
· تصرف المشتري في المبيع حتى قبل الرؤية .
· تعيب المحل في يد المشتري لأنه لا يجوز أن يرده إلى صاحبه معيبا وقد تسلمه سليما .
· تعذر رد بعضه بهلاك أو بعيب أو بتصرف لأن خيار الرؤية لا يثبت في البعض .
– ويرى بعض الفقه أن حق الإبطال يسقط بموت المشتري قياسا على أحكام الفقه الإسلامي في خيار الرؤية , ويرى البعض أن حق الإبطال لعدم العلم الكافي بالمبيع لا يسقط بموت المشتري قياسا على حق الشفعه .

الفصل الثاني : المحل في عقد البيع

المبحث الأول : المبيع

المطلب الأول : وجود المبيع أو قابليته للجود :

أولا : وجود المبيع : يجب أن يكون المبيع موجودا وقت انعقاد البيع , أو أن يكون ممكن الوجود بعد ذلك فإذا كان المبيع غير موجود أصلا ولا يمكن وجوده في المستقبل فإن البيع يكون باطلا وكذلك الشان إذا وجد المبيع ثم هلك قبل البيع فالبيع يكون باطلا وذلك لاستحالة المحل , أما إذا كان المبيع موجود وقت البيع ولكنه هلك قبل التسليم فإن البيع ينفسخ إذ كان هلاك المبيع راجعا لسبب أجنبي , اما إذا كان الهلاك راجعا إلى خطأ البائع فإن العقد يكون قابلا للفسخ , وإذا قصد المتعاقدان أن يقع البيع على شئ موجود فعلا لا على شئ ممكن الوجود فإذا ثبت أن المبيع لم يكن موجودا وقت البيع حتى ولو أمكن وجوده في المستقبل كان البيع باطلا , أما إذا كان المبيع شيئا معينا بالنوع فإن البحث في وجود لا يكون وقت انعقاد العقد وإنما عند تنفيذ الالتزام .

ثانيا : قابلية المبيع للوجود ( بيع الأشياء المستقبلية ) : إن بيع الأشياء المستقبلية باطل وفقا لأحكام الشريعة الأسلامية أما في القانون فإنه جايز من حيث الأصل وهي بيع شئ محتمل الوجود كبيع مصنع كمية معينة من منتجاته قبل أن يبدأ صنعها , بعكس عقود الغرر التي يمقتضاها تتجه إرادة المتعاقدين ألى ان يلتزم المشتري بدفع الثمن كاملا بصرف النظر عن وجود المبيع أو عدم وجوده وبصرف النظر عن مقداره إذا وجد كبيع صياد ما يخرجه من شبطته من الأسماك وفي نية المتعاقدين أن يدفع المشتري الثمن حتى ولو خرجت الشبكة خالية تماما وهذا البيع يبطله القانون والشريعه معا لأن وجود الشئ رهين بمحض الصدفة , ولا يعد مجازفة أن يلتزم المشتري بدفع الثمن كاملا إذا وجد المبيع أيا كان مقداره وقد لا يجازف المشتري لا في وجود المبيع ولا في مقداره وذلك في بيع الشئ المستقبل بثمن الوحدة كمن يشتري محصول القمح الذي تنتجه أرض معينه بسعر معين للطن ويذهب الرأي الراجح إلى أن بيع الشئ المستقبل في هذين الفرضين معلق على شرط واقف هو وجود المبيع .

ثالثا : تحريم التعامل على التكرة المستقبلة : إذا كان القاعدة في القانون هي جواز بيع الأشياء المستقبلة إلا أن هذه القاعدة ليست مطلقة لأن القانون يقرر أن التعامل على تكرة إنسان لا زال على قيد الحياة باطل ولو تم منه أو برضاه إلا في الأحوال الخاصة التي يجيزها القانون , فلا يجوز للوارث أن يتعامل في نصيبه في التركة المستقبلة ولا للموصى له أن يتعامل فيما أوصى له به مستقبلا , وعلى ذلك فإذا كان التعامل على التركة المستقبلة قد وقع من الوارث أو من المورث فإنه يكون باطلا بطلانا مطلقا والحكمة من التحرم هو أن أحكام الميراث والوصية من النظام العام , وقد جعل المشرع صيغة المنع من التعامل على التركة المستقبلة صيغة عامة تشمل جميع التصرفات فلا يجوز للوارث أن يبيع ميراثه المستقبل أو يهبه أو يقسمه أو يقايض علي أو يقدمه حصه في شركة أو يصالح علي أو ينزل عنه بإرادته أو أن يؤجره أو أن يجري عليه أي نوع من أنواع التعامل إلا في ما أجازه القانون بنص صريح , ولذلك لا يعتبر باطلا أن يبيع شخص كل أمواله الحاضره ولكن إذا تصرف في كل أمواله الحاضرة والمستقبلة إلى وقت وفاته عد ذلك تعاملا في تركة مستقبله , وكذلك لا يعد تصرفا واردا على تركة مستقبله أن يؤجل المدين وفاء الدين موت مورثه ولو كان الباعث له على ذلك هو أمله في سداد الدين من التركة التي سيرثها فهذا مجرد تحديد لأجل الدين لا علاقة له بالتركة .

المطلب الثاني : تعيين المبيع أو قابليته للتعيين :

يجب أن يكون المبيع معينا أو قابلا لتعيين ولم يضع المشرع قواعد خاصة لتعيين المبيع ومن ثم تطبق القواعد العامة التي تسري في تعيين محل الالتزام بوجه عام , فإذا وقع البيع على الأشياء القيمية فإنه يجب أن يعين تعيينا ذاتيا فإذا كان المبيع أرضا وجب تحديد موقعها وبيان مساحتها وتعين حدودها , أما إذا كان المبيع من المثليات فإن يجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره كأن يقال مئة طن من القمح الهندي ويمكن الاكتفاء بتحديد النوع فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين المقدار كتعهد شخص بتوريد أغذية إلى المستشفيات فالمقدار اللازم من هذه الأغذية وإن لم يحدد في العقد فإنه قابل للتحديد وفقا لحاجة المستشفى , وقد يقتصر التعيين على بيان النوع والمقدار دون تحديد درجة الجودة ووفقا لهذه الحلة يتم تحديد الجودة وفقا للعرف وظروف العقد واذا تعذر ذلك فإن يتعين أن يكون الشئ من صنف متوسط .

أولا : البيع بالتقدير والبيع الجزاف :

1- البيع بالتقدير : هو البيع الذي يرد على المثليات ولكنه يحتاج في تعيينه إلى وزن أو كيل أو مقاس أو عد لأن المبيع لا يتعين إلا بعد أن يقدر بالوزن أو الكيل أو المقاس أو العد , ويتم التقدير في الزمان والمكان المتفق عليهما , فإذا لم يكن هناك إتفاق أتبع العرف وإلا كان التقدير في مكان تسليم المبيع وفي الوقت الذي يجب فيه التسليم .

2- البيع الجزاف : هو البيع الذي يرد على المثليات إلا أنه يتم تعيينه تعيينا ذاتيا كما هو الشأن عندما يبيع شخص لآخر كل كمية السكر أو القمح أو القماش و البيض التي توجد في مخزنه , ويكون البيع جزافا إذا باع نصف أو ربع الكمية الموجود بالمخزن أو أي جزء شائع فيها , ويظل البيع جزافا حتى ولو كان المبيع قد قدر بمقدار معين كما إذا باع كل ما في المخزن أو نصفه أو ربعه على انه مائة طن فالبيع في هذه الحالة وقع على كل القمح الموجود في المخزن أو على نصفه أو على ربعه وإذا تبين أن الكل أو النصف أو الربع ينقص عن مائة طن أو يزيد فهذه مسالة تتعلق بالضمان ولا يغير من اعتبار البيع جزافا أن يحتاج الثمن إلى قدير فالبيع يكون جزافا لأن المبيع لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير والعبرة في بيع الجزاف أن يكون المبيع هو الجزاف سواء قدر الثمن جزافا أو أحتاج إلى تقدير .

3- أهمية التفرقة بين البيع الجزاف والبيع بالتقدير : غن في البيع الجزاف تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد إنعقاد المبيع أما في بيع التقدير فلا تنتقل ملكية المبيع بمجر انعقاد البيع وإنما تنتقل بالإفراز لأن انتقال الملكية لا يتصور انتقالها إلا في شئ معين بالذات ولا يتعين المبيع المعين بالذات في بيع التقدير إلا بالإفراز .

ثانيا : البيع بالعينة :

1- العينة أحد طرق تعيين المبيع : هو تقديم أحد المتعاقدان إلى الآخر عينة يجب أن يكون المبيع مطابقا لها كأن يعطي بائع الورق للمشتري عينة من الورق الذي يبيعه إياه يحتفظ بها المشتري حتى يضاهي عليها ما يستلمه من البائع من ورق , وعلى ذلك فإن تعيين المبيع على هذا النحو يكون أكثر دقة من تعيينه عن طريق الوصف لأن العينة لا تعدو أن تكون سوى المبيع ذاته مصغرا ولذلك فإن العينة تغني عن تعيين المبيع بأوصافه كما أنها تغني عن رؤية المبيع لأن المشتري برؤيته للعينة يكون في حكم من رأى المبيع .

2- مطابقة المبيع للعينة : يجب أن يكون المبيع مطابقا للعينة مطابقة تامة , وللمشتري أن يرفض المبيع كله أو أي جزء منه إذا كان غير مطابق للعينة حتى ولو أثبت البائع أن المبيع أعلى صنفا او أجود من العينة ذاتها , أما إذا جاء المبيع مطابقا للعينة فلا يستطيع المشتري رفضه حتى ولو وجده غير ملائم لحاجته , وإذا ثار خلاف مع موجد العينة فيما يتعلق إذا كان المبيع مطابقا لها أو غير مطابق فإن البائع هو الذي يتحمل عبء إثبات أن المبيع مطابق للعينة ويجوز اللجوء إلىالخبراء في ذلك .

ثالثا : جزاء عدم مطابقة المبيع للعينة : إذا لم تطابق العينة للمبيع جاز للمشتري أن يختار أحد ثلاثة أمور :

1- الأول : أن يطالب بالتنفيذ العيني فيجبر البائع على تسليم شيئا آخر يكون مطابقا للعينة , ويستطيع أن يحصل على شئ مطابق للعينة على نفقة البائع بعد استئذان القضاء أو دون استئذان في حالة الاستعجال .

2- الثاني : أن يطلب فسخ العقد لعدم قيام البائع بتنفيذ التزامه بتقديم شئ مطابق للعينة , وله أن يطلب تعويضا عما أصابه من ضرر بسبب عدم تنفيذ البائع لالتزامه وفقا للقواعد العامة .

3- الثالث : أن يقبل المبيع غير المطابق للعينة ويطلب إنقاص الثمن إذا كانت قيمة المبيع أقل من قيمة الشئ المطابق للعينة .
رابعا : إثبات العينة : قد يحتاج أحد المتعاقدين إلى إثبات العينة إذا شكك فيها المتعاقد الآخر وهو ما يظهر في حالتين :

1- الأولى : عندما لا يحتاط المتعاقدين فلا يقوما بوضع علامة متفق عليها على العينة بحيث تميزها عن غيرها سواء كانت في يد المشتري أو يد البائع وينكر الطرف الآخر أنها هي ذاتها العينة المتفق عليها في هذه الحالة من كانت بيده العينة هو المدعى عليه والآخر هو المدعي وعلى المدعي أن يثبت أن العينة التي في يد المدعى عليه ليست هي ذات العينة المتفق عليها .

2- الثانية : عندما يفقد العينة ما كانت بيده أو تلفت أو هلكت ولو دون خطأ من أحد , فإذا حدث ذلك وهي في يد المشتري وادعى أن المبيع غير مطابق للعينة كان عليه أن يثبت ذلك لأن البائع لا يد له في فقد العينة أو ضياعها , أما إذا كانت العينة في يد البائع وادعى المشتري عدم مطابقة المبيع لها فعلى البائع أن يثبت المطابقة ويكون الاثبات من الطرفين بجميع طرق الاثبات بما في ذلك البينة والقرائن .

المطلب الثالث : صلاحية المبيع للتعامل فيه :

يجب أن يكون المبيع صالحا للتعامل فيه وإلا كان البيع باطلا ,ويكون المبيع صالحا للتعامل فيه إذا كنت طبيعته أو الغرض الذي خصص له مشروعا وغير مخالف للنظام العام .

أولا : عدم الصلاحية للتعامل الواجعة إلى طبيعة الشئ :

إن الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها , أي الأشياء التي يشترك في الانتفاع بها جميع الناس بحيث لا يحول انتفاع أحد الأشخاص بها دون الآخر كالهواء واشعة الشمس وماء البحر , ولكن إذا كانت هذه الاشياء لا يمكن الاستئثار بها في مجموعها فإنه يمكن الاستيلاء على مقادير محددة منها وفي هذه الحالة تصلح لأن تكون محلا للبيع كما هو الشان بالنسبة للهواء المضغوط والماء المنقول في آنية .

ثانيا : عدم الصلاحية للتعامل الراجعة إلى حكم القانون :

إن الأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون هي التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق المالية , أي الأشياء التي ينص القانون على عدم جواز التعامل فيها بوجه عام فخروج هذه الأشياء عن التعامل لا يرجع إلى طبيعتها فهي بحسب طبيعتها يمكن حيازتها والاستئثار بها , وإنما يرجع ذلك إلى رغبة المشرع في ذلك وهذه الأشياء تتمثل في قسمين :

1- الأول : الأشياء التي يتم تخصيصها للمنفعة العامة كالطرق والكباري والمدارس الحكومية والمستشفيات العامة وهذه الأشياء يتم تخصيصها إما بالفعل أو بمقتضى القانون , ولكن إذا فقدت هذه الأشياء صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بموجب القانون أو بالفعل فإنها تعود إلى نطاق المعاملات وبالتالي تصبح صالحة لأن تكون محلا للبيع .

2- الثاني : الأشياء التي يقضي المشرع بخروجها عن التعامل حفظا للنظام العام والىداب كالمخدرات ولا يغير من وصف هذه الأشياء وكونها غير صالحة للتعامل إجزة نوع معين من التعامل في هذه الأشياء كإباحة استعمال المواد المخدرة لأغراض طبية , وكذلك الحقوق اللصيقة بالشخصية فإنها لا تصلح لأن تكون محلا للمعاملات فلا يجوز لأحد التنازل عن حريته الشخصية ولا للناخب بيع صوته لمرشح , وكذلك الشان بالنسبة للحقوق المتنازع عليها فلا يجوز للقضاة وأعوانهم أن يشتروا الحق المتنازع فيه وكذلك لبيع الحق في تركة مستقبلة يعتبر مخالفا للنظام العام والآداب .

ثالثا : بيع العملاء :

يرى الفقه أنه يجوز بيع عملاء الحرفة كعملاء النجار والحداد والمقاول , وعملاء المهنة الحرة كالطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب تبعا لبيع محل الحرفة ذاته أو المكان الذي تباشر فيه المهنة الحرة , فيجوز للمحامي أن يبيع مكتبه بما فيه من أجهزة وكتب ومهمات وأدوات وبما يشتمل عليه من حقه في إيجار المكان وبمن يتصل به من العملاء , إلا أنه يجب معرفة أن بيع العملاء ليس بيعا للعملاء أنفسهم فهو لا يلزم العملاء بان يتعاملوا مع المشتري أو بأن يمتنعوا عن التعامل مع البائع لأنه لا يتصور إلزاهم باتفاق لم يكونوا أطرافا فيه وغاية الأمر ان عنصر العملاء يعتبر من المزايا التي تزيد من قيمة المتجر أو العيادة أو المكتب , وعلى ذلك لا يجوز له أن يفتح متجرا أو عيادة أو مكتب للمحاماة في ذات المكان الذي يوجد به متجره الأول أو عيادته الأولى أو مكتبه الأول لأن هذا من شانه أ يحفظ له صلته بعملائه السابقين .

المطلب الرابع : ملكية البائع للشئ المبيع :

الأصل أن يكون البائع ماكلا للشئ المبيع حتى يمكنه نقل ملكيته إلى المشتري لأنه إذا لم يكن مالكا للمبيع لما أمكنه نقل ملكيته .

أولا : بيع ملك الغير :

هو البيع الذي ينصب على شئ معين بالذات لا يملكه البائع إذا قصد بالبيع نقل الملكية في الحال ,ويستوي أن يكون البائع عالما بأنه لا يملك المبيع أو يعتقد بأن يملكه , كما يستوي أن يكون البيع مساومة أو بيعا قضائيا ويستوي في البيع القضائي أن يكون جبيرا أو اختياريا فقد يبيع الأب ملك ولده لا باعتباره نائبا عنه بل باعتباره أصيلا عن نفسه , والزوج قد يبيع مال زوجته دون أن يكون موكلا في ذلك , والوصي قد يبيع مالا مملوكا للقاصر على أنه ماله الخاص , والشريك في الشيوع قد يبيع كل العين الشائعة وهو لا يملك إلا حصته فيها , وواضع اليد على ملك الغير قد يبيع هذا الملك , وعلى ذلك لا تعد البيوع الآتية بيوعا لملك الغير .

1- بيع الشئ غير المعين بالذات وبين الشئ المستقبل : فإذا باع شخص مائة طن من القطن أو باع شيئا لم يوجد بعد ولكنه سيوجد في المستقبل فلا يعد هذا بيعا لملك الغير حتى ولو كان البائع وقت البيع غير مالك للمبيع لأن الشئ المعين بالنوع لا يمكن وصفه بانه مملوك أو غير مملوك .

2- تعهد الشخص عن مالك الشئ : فإذا تعهد شخص لآخر بان يجعل المالك يبيع له الشئ محل التعاقد فهذا تعهد عن الغير وليس بيعا فمحل التزام المتعهد ليس نقل الملكية وإنما القيام بعمل هو الحصول على رضاء المالك بأن يبيع الشئ .

3- بيع الشئ المعين بالذات غير المملوك للبائع إذا علق البائع البيع على شرط اكتسابه ملكية البيع : البيع لا يعد بيعا باتا وإنما معلق على شرط واقف هو امتلاك البائع للمبيع فإذا تحقق الشرط انتقلت الملكية إلى المشتري وإذا لم يتحقق سقط البيع , وهذا البيع لا يعد بيع لملك الغير لاتفاق المتعاقدين على أن البيع ليس باتا وإنما معلق على شرط

4- بيع الشئ المعين بالذات المملوك للبائع تحت شرط : إذا كانت ملكية البائع للمبيع غير مؤكدة وذلك عندما يكون ملكه معلق على شرط واقف أو فاسخ , فتنتقل الملكية للمشتري بهذا الوصف فيكون بدوره مالكا للمبيع تحت شرط واقف أو فاسخ فاذا تحقق الشرط الواقف أو لم يحتقق الشرط الفاسخ تصبح ملكية المشتري باته .

5- بيع الشريك للمال المشاع : قد يبيع الشخص شيئا يملكه على الشيوع مع شركاء آخرين فلا يبدو أنه يبيع ملك غيره ويتوقف الأمر في النهاية على نتيجة القسمة فإذا وقع هذا الشئ المبيع كله في حصة البائع أعتبر أنه قد باع ملكه وإن لم يقع في حصته أعتبر بائعا لملك الغير

ثانيا : أحكام بيع ملك الغير :

1- فيما بين المتعاقدين : إن بيع ملك الغير يقع صحيحا في العلاقة بين البائع والمشتري لأن بائع ملك غيره وإن كان يستحيل عليه أن ينقل ملكية المبيع إلى المشتري , فإن هذه الإستحالة لا تمنع من قيام العقد لأنها استحالة ذاتية تتعلق بالمدين نفسه وليست اسحتالة موضوعية فالعقد صحيحا , إلا أن صحة العقد لا تمنع المشتري(حسن النية) من طلب البطلان على أساس الغلط إذا كان لا يعلم عند إبرام العقد أن البائع ليس مالكا للمبيع , أما إذا كان المشتري (سيء النية ) يعلم بذلك فليس له أن يطلب البطلان لمجرد أن البائع غير مالك , كما له أن يطلب فسخ العقد على أساس إخلال البائع بالتزاماته حتى ولو كان المشتري سئ النية أي يعلم أن البائع غير مالك للمبيع , والمشتري حسن النية يكون له الخيار بين دعوى البطلان ودعوى الفسخ , وفي كلا الحالتين له الحق في طلب التعويض عما أصابه من ضرر نتيجة للبطلان أو الفسخ , كما يحق للمشتري أن يتمسك بصحة العقد وبالتالي الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق على أساس العقد , أما إذا آلت الملكية للبائع بعد العقد لأي سبب من الأسباب كالميراث أو الوصية مثلا فإنه يصبح بمقدوره نقل الملكية للمشتري وبذلك يرتب عقد البيع آثاره كلها .
ملاحظة : الحق في طلب البطلان للغلط يسقط بمرور 3 سنوات من يوم انكشافه , بينما دعوى الفسخ لا يمنع سماعها إلا بعد مرور 15 سنة طبقا للقواعد العامة .

2- بالنسبة إلى المالك الحقيقي : إذا كان بيع ملك الغير صحيحا في العلاقة بين المتعاقدين فإنه لا يسري في حق هذا الغير لأنه ليس طرفا في العقد , ولم يتعهد بأي شيء فهو أجنبي عن العقد ووفقا لقواعد العامة فغن العقود لا تنصرف آثارها إلى المتعاقدين ولا تضر ولا تنفع غيرهما , ويترتب على ذلك إذا سلم البائع المبيع إلى المشتري فإن الملك الحقيقي يستطيع أن يرجع على المشتري بدعوى الاستحقاق وأن يرجع على البائع بدعوى التعويض , ويرجع المشتري من جانبه على البائع بضمان الاستحقاق أو بدعوى الفسخ أو بدوعى الابطال .

أ‌- إذا كان المبيع منقولا وتسلمه المشتري وهو حسن النية أي يجهل أنه اشترى من غير مالك فإنه يتملكه بمقتضى قاعدة الحيازة في المنقول سند للمكلية , إذا كان المبيع عقارا وسجل العقد وكان المشتري حسن النية فإنه يتملكه بالتقادم الخمسي إذا استمرت حيازته خمس سنوات .

ب‌- إذا كان المشتري سيء النية فإنه قد يكتسب ملكية المنقول أو العقار بالتقادم الطويل , فإذا اكتسب ملكية المبيع بالحيازة أو بالتقادم لم يستطع المالك الحقيقي أن يسترده منه , ولا يبقى للمالك في هذه الحالة إلا أن يرجع على البائع بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية لأن تصرفه فيما لا يملك يعتبر خطأ لا سيما إذا كان سيء النية فإنه يكون في هذه الحالة مغتصبا .

3- إقرار المالك الحقيقي البيع : إذا كان بيع ملك الغير لا يسريفي حق المالك فإن يستطيع أن يقره بالرغم من أنه أجنبي عنه وهذه خصوصية في بيع ملك الغير فيسري في حقه من وقت صدوره , فالملكية لا تنتقل منه إلى المشتري إلا من تاريخ هذا الإقرار أو من تاريخ تسجيله إذا كان المبيع عقارا , ويترتب على ذلك أن الإقرار لا يؤثر في الحقوق التي يكون المالك قد رتبها للغير قبل صدور الإقرار , فإذا كان المالك قد رهن العقار المبيع أو رتب عليه حق ارتفاق قبل أن يقر البيع الصادر من الغير , وكان الدائن المرتهن أو مكتسب حق الارتفاق قد شهر حقه قبل تسجيل الإقرار انتقلت الملكية إلى المشتري محملة بالرهن أو الارتفاق .

4- سريان العقد في حق المالك الحقيقي :

أ‌- ذهب رأي إلى أن العقد يظل مرتبا لالتزاماته فيكون البائع ملتزما بنقل الملكية وقد نقلت فعلا باقرار المالك , ويكون ملتزما بضمان الاستحقاق كما إذا كان المالك قد رتب حقا عينيا على المبيع قبل إقراره للبيع وملتزما بضمان العيوب الخفية أما المشتري فيكون ملتزما بدفع الثمن والمصروفات وبتسلم المبيع .

ب‌- ذهب رأي آخر إلى أن إقرار المالك للبيع الصادر من غيره يترتب عليه حلول المالك المقر محل البائع من وقت صدور الإقرار في جميع حقوقه والتزاماته في العقد , فتقوم العلاقة بينه وبين المشتري مباشرة , وتبرأ ذمة البائع من الالتزامات الناشئة عن البيع , ولهذا يجوز للمالك مطالبة المشتري بالثمن ومطالبة البائع بما يكون قد قبضه منه وللمشتري مطالبة المالك المقر بالتسليم وله الرجوع عليه بضمان التعرض والاستحقاق وبضمان العيوب الخفية .

المبحث الثاني : الثمن :

شروط الثمن هي أن يكون نقودا , ومقدرا أو قابلا للتقدير , وأن يكون جديا

المطلب الأول : تقدير الثمن أو قابليته للتقدير :

يجب أن يكون الثمن مقدرا في العقد باتفاق المتعاقدين , فلا يستقل به أحدهما دون الآخر , وهما في هذا التقدير لا يخضعان , بحسب الأصل لأية قيود على حريتهما فيه , إلا أن القانون يتدخل في بعض الأحيان لفرض ثمن بعض السلع كالتسعير الجبري أو تسعير المرافق العامة كالمياه والنور والغاز , إلا انه ليس من الضرور أن يكون الثمن مقدرا بل يكفي أن يكون قابلا للتقدير مادامت الأسس التي يقوم عليها تقديره متفقا عليها بين المتابعين , أما أذا ترك المتعاقدان الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير فإن البيع لا ينعقد لتخلف ركن من أركانه وهو الثمن .

أولا : أسس تقدير الثمن : قراءة ص 145

1- تقدير الثمن استنادا إلى سعر السوق : قد يتفق المتعاقدان على أن يكون الثمن هو سعر السوق وفي هذه الحالة يكون الثمن غير مقدر ولكنه قابل للتقدير ويمكن تقديره بالرجوع إلى سعر السوق , وغالبا ما يحدد المتعاقدان زمان ومكان السوق الذي يرجع إليه في ذلك , أما إذا اقتصرا على ذكر سعر السوق دون ان يبينا أية سوق فقد قرر المشرع أن يكون سعر السوق في المكان والزمان اللذين تم البيع فيهما , أما إذا كان المكان الذي تم البيع فيه ليس به سوق , فإن يجب الرجوع إلى المكان الذي يقضي العرف بان تكون أسعاره هي السارية , وقد يقضي العرف في هذه الحالة بأن تكون أسعار أقرب سوق هي الأسعار السائدة .

2- تقدير الثمن استنادا غلى السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتقاعدين : إن البيع يكون باطلا إذا لم يحدد المتعاقدين الثمن إلا أن في بعض الأحيان أن يكون سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن منطويا تبعا للظروف والملابسات التي أحاطت بالتعاقد على اتفاق ضمني على أن يكون الثمن هو السعر في تحديد الثمن وهذا يحدث عندما يكون بينهما تعامل سابق بأن كان أحدهما قد اعتاد أن يورد للآخر سلعة معينة بسعر معين فاستمر الأول في توريد السلعة واستمر الآخر دون ذكر الثمن يكون معناه أنهما متفقان ضمنا على أن يكون الثمن هو هذا السعر المعين الذي سبق التعامل به .

3- تقدير الثمن بواسطة أجنبي يتفق عليه المتعاقدين : نصت المادة (459) مدني على أنه “إذا ترك تقدير الثمن لأجنبي عن العقد فلا ينعقد العقد إلا إذا رضي المتعاقدان بهذا التقدير وعند الخلاف يعتد بسعر المثل” , وبذلك يكون تقدير الأجنبي غير ملزم للمتعاقدين إلا إذا رضيا به وإن اختلفا بشانه فإنه يعتد بسعر المثل , وكذلك الشأن في حالة عدم قيام الأجنبي بتقدير الثمن لأي سبب كان , وبذلك يكون المشرع الكويتي أزال الجهالة المتعلقة بتقدير الثمن حول هذا الأساس ومن ناحية أخرى حال دون انقضاء العقد في حالة عدم قيام الأجنبي بتقدير الثمن أو في حالة عدم قبول المتعاقدين لتقديره , إلا أن هذا النص لا يخلو من التناقض فهو يقرر أن البيع لا ينعقد إلا إذا رضي المتعاقدان بتقدير الأجنبي ومعنى ذلك أنه قبل هذا الرضاء لا يوجد بيع , ومن ناحية أخرى يقرر أنه في حالة الخلاف يعتد بسعر المثل وهو ما يعني أن العقد قائم من قبل رضاء المتعاقدين بتقدير الأجنبي وان اختلافهما بشأن هذا التقدير لا يؤثر في صحة العقد ووجوده حيث يعتبر الثمن في هذه الحالة هو ثمن المثل .

4- تقدير الثمن استنادا إلى الثمن الذي اشترى به البائع : نصت المادة (462)مدني على أنه ” يجوز البيع تولية أو إشراكا أو مرابحة أو وضيعة , إذا كان الثمن الذي اشترى به البائع معلوما وقت العقد , وكان مقدار الربح في المرابحة ومقدار الخسارة في الوضيعة محددا ” , إن هذه البيوع تسمى بيوع الأمانات ووفقا لذلك قد يتفق المتعاقدان على أن يتخذ الثمن الذي سبق أن اشترى به البائع أساسا لتقدير ثمن المبيع فيشتري المشتري بمثل ما اشترى به البائع أو بأكثر منه أو أقل , فيجب على البائع أن يكون أمينا في إعلانه عن الثمن الذي اشترى به وفي كشفه عن الملابسات التي أحاطت بشرائه وإلا عد مدلسا وخائنا للأمانة , وللمشتري أن يثبت عدم صدق البائع بكافة طرق الإثبات وهذه البيوع أربعة هي :

أ‌- بيع المرابحة : فيه يشتري المشتري بأكثر مما أشترى به البائع كأن يتفق على أن الثمن هو نفس الثمن الذي اشترى به البائع مضافا إليه نسبة 10% مثلا فمقدار الزيادة أو الربح يجب أن يكون محددا , ولذلك يجب علم المشتري بالثمن الذي اشترى به البائع لأن أساس تقدير الثمن كما يجب أن يحدد نسبة الزيادة أو الربح لأنها بعض الثمن .

ب‌- بيع الوضيعة : في يشتري المشتري بأقل مما أشترى به البائع كما لو اتفق على أن يكون الثمن أقل من الثمن الأصلي بنسبة محددة نظرا لقدم المبيع أو لما أصابه من عيب او كمقابل للإستهلاك , فالبائع يتحمل خسارة تتمثل في الفارق بين الثمن الذي اشترى به والثمن الذي باع به ويجب أن يكون مقدار الخسارة محددا .

ت‌- بيع التولية : فيه يشتري المشتري كل المبيع بمثل ما اشترى به البائع دون زيادة أو نقصان .

ث‌- بيع الإشراك : فيه يشتري المشتري بعض المبيع بما يقابله من الثمن الذي اشترى به البائع دون زيادة أن نقصان , كأن يشارك المشتري البائع في نصف أو ربع المبيع .

· على البائع أن يكشف كل ما أحاط بالثمن من ملابسات وما أقترن به من أوصاف يكون من شأنها التأثير على رضاء المشتري , فيجب أن يبين ما إذا كان الثمن معجلا أو مقسطا أو مؤجلا لأن الثمن المعجل يختلف عن الثمن المؤجل أو المقسط وهذا من شأنه أن يؤثر في تقدير المرابحة أو الوضيعة , كما يجب أن يكشف الملابسات التي أحاطت بعقد شرائه كأن يكون قد اشترى مثلا خلال أزمة عالمية تتعلق بالسلعة التي اشتراها فإن الثمن يكون مرتفعا وقد تكون هذه الظروف أو الأزمة قد زالت وقت البيع , وأي كذب من جانب البائع في هذا الشأن يجعل البيع مشوبا بالتدليس ومن ثم قابلا للإبطال .

· في جميع البيوع يجب لاعتبار الثمن قابلا للتقدير ان يكون الثمن الذي اشترى به البائع معلوما وقت البيع وإلا انتفى أساس تقدير الثمن , وإذا أثبت المشتري أن الثمن الذي اشترى به البائع أقل مما ذكره كان له أن يتمسك بالثمن الحقيقي أي يطلب انقاص الثمن الذي حدد في العقد على أساس الثمن غير الحقيقي أو المبالغ فيه , ويرى الفقه أنه ليس للمشتري أن يطلب الإبطال لأنه قبل الشراء بالثمن الأصلي ومن ثم فإن الثمن لم يكن يؤثر على مبدأ العقد فالجزاء يتمثل فقط في إنقاص الثمن .

المطلب الثاني : جدية الثمن :

أولا : الثمن الجدي :

1- الثمن الصوري : هو الثمن الذي يذكر في العقد استكمالا للشكل فقط مع انصراف نية المتعاقدين إلى عدم إلزام المشتري بدفعه , وفي مثل هذه الحالة لا يكون العقد بيعا ولكنه يكون هبة مستترة في صورة بيع ووفقا للقانون يكون باطلا لأن المشرع الكويتي لا يعفي الهبة المستترة من الرسمية , فعندما يبرئ البائع في عقد البيع نفسه المشتري من الثمن المذكور في العقد أو أن يهبه ففي هذه الحالة يكون العقد هبه وليس بيعا ولكنها هبه مكشوفة يلزم لانعقادها أن تكتب في ورقة رسمية ومن ثم فإنها تكون باطلة , ولكن إذا انعقد البيع متضمنا ثمنا جديا للمبيع , فليس هناك ما يمنع من أن يقوم البائع بعد ذلك بإبراء المشتري من الثمن أو أن يهبه إياه فيظل البيع صحيحا بالرغم من ذلك , وبذلك لا يكون الثمن جديا إذا كان صوريا .
2- الثمن التافه : هو مبلغ من النقود لا يتناسب مطلقا مع قيمة المبيع بحيث يدفع إلى الاعتقاد بأنالبائع لم يتعاقد بقصد الحصول على مثل هذا الثمن التافه وإن كان قد حصل عليه فعلا كمن يبيع منزلا قيمته مليون دينار بألف دينار فمثل هذا التصرف لا يمكن اعتباره بيعا وإنما هبه وبالتالي يجب أن تستوفي شروط الشكل الرسمي وإلا كانت باطله ولذلك لا يكون الثمن جديا إذا كان تافها .

ثانيا : الثمن البخس :

الأصل ان للمتعاقدين حرية تقدير الثمن ولا يشترط أن يكون الثمن مساويا لقيمة المبيع فاختلاف التعادل لا يعتد به طالا أن هذا الاخلال لم يصل إلى حد جعل الثمن تافها , أما إذا كان الثمن بخسا أي يقل عن قيمة المبيع كثيرا ولكنه لم يصل إلى الحد الذي يصبح فيه تافها فإنه يصلح أن يكون ثمنا جديا طالما قصد البائع أن يتقاضاه وبالتالي يكون العقد صحيحا ما لم يكن عدم التعادل بين الثمن وقيمة المبيع نتيجة استقلال أحد المتعاقدين للآخر فيكون البيع قابلا للإبطال وفقا للقواعد العامة , وقد خرج المشرع عن هذه القاعدة حيث اعتد بالغبن , أي عدم تعادل الاداءات في حالة العقود التي تبرمها الدولة وناقصي الأهلية حيث نصت المادة (163) على أنه ” 1- إذا نتج عن العقد غبن فاحش للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة , أو لأحد من عديمي الأهلية أو ناقصيها أو لجهة الوقف جاز للمغبون أن يطلب تعديل التزام الطرف الآخر أو التزامه هو بما يرفع عنه الفحش في الغبن . 2- ويعتبر الغبن فاحشا إذا زاد عند إبرام العقد على الخمس . 3- ولا يحول دون الطعن بالغبن أن يكون العقد قد أجري عن المغبون ممن ينوب عنه وفقا للقانون أو أذنت به المحكمة ” , كما يجوز للمتعاقد مع المغبون أن يتوقى تعديل أثر العقد بطلب الفسخ وذلك ما لم يكن المغبون هو الدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة .

الباب الثاني : آثار العقد

الفصل الأول : نقل ملكية المبيع

المبحث الأول : نقل ملكية المنقول :

المطلب الأول : نقل ملكية المنقول المعين بالذات :

إذا كان المبيع عينا معينة بالذات ومملوكة للبائع انتقلت الملكية فورا إلى المشتري بمجرد العقد أي بقوة القانون دون حاج لى أي إجراء آخر , وبصرف النظر عما إذا قام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري أم لا وبصرف النظر عما إذا كان المشتري قد قام بدفع الثمن أم لا , فالمشتري يصبح مالك للمبيع بمجرد انعقاد العقد و ولذلك إذا قام البائع ببيعه مرة ثانية فإنه يكون قد باع ما لا يملك فيكون للمشتري الأول أن يسترد المبيع من المشتري الثاني , إلا أن المشتري الثاني يستطيع أن يتمسك في مواجهته بقاعدة الحيازة في المنقول سند للملكية إذا كان حسن النية , فيكتسب الملكية إستنادا لقاعدة الحيازة لا استنادا للتصرف القانوني بوصفه مشتريا , وعلى ذلك فإن قاعدة انتقال الملكية بمجرد العقد قاعدة مكملة يجوز الاتفاق الاتفاق على مخالفتها فقد يتفق الأطراف على أن الملكية لا تنتقل إلا بعد فترة محددة أو يعلقوا انتقال الملكية على شرط معين وفي هذه الأحوال لا تنتقل الملكية إلى المشتري إلا بعد مرور المدة أو تحقق الشرط , فيجوز الاتفاق بين البائع والمشتري على أن يحتفظ البائع بملكية المبيع إلى أن يقوم المشتري بالوفاء بالثمن وهو ما يعرف بشرط الاحتفاظ بالملكية وهو شرط يدرج عادة في البيوع المقسطة ففي هذه البيوع لا تنتقل الملكية إلى المشتري إلا بعد الوفاء بآخر قسط إلا أنها تنتقل بأثر رجعي من تاريخ العقد مالم يتفق على غير ذلك , أما إذا تخلف الشرط ولم يوف المشتري بالأقساط كان للبائع أن يطلب فسخ العقد مع التعويض , إلا أن المشرع استثنى بيوع السيارات من هذا الحكم فلم يجز لبائعي السيارات الاحتفاظ بملكيتها وعلى ذلك إذا وجد شرط الاحتفاظ بالملكية في عقد بيع السيارات فإنه يقع باطلا بطلانا مطلقا لارتباط الحظر بالمصلحة العامة .

المطلب الثاني :

نقل ملكية المنقول المعين بالنوع : إذا كان المبيع عينا معينة بالنوع فلا تنتقل الملكية إلا الإفراز , لأن المعين بالنوع قبل الإفراز غير محدد بالذات فتكون هناك استحالة طبيعية في أن تنتقل ملكيته إلى المشتري قبل إفرازه لأن الملكية كحق عيني يتمثل في سلطة مباشرة لشخص على شيء لا يتصور أن يرد إلا على شيء معين بالذات فلا يتصور ان يكسب الحق على معين بنوعه فقط .

أولا : الإفراز : هو العملية التي يتم بها تحويل الشيء من شيء معين بالنوع إلى شيء معين بالذات والطريقة التي يتم بها إفراز الشيء تختلف بحسب طبيعته فقد يتم ذلك عن طريق الوزن أو الكيل أو المقاس أو العد .

ثانيا : حق المشتري : ليس للمشتري قبل الإفرازسوى حق شخصي يتمثل في طلب إزام البائع بالقيام بما يلزم لنقل الملكية إليه , فإذا أفلس البائع قبل الإفراز فإن المشتري بوصفه دائن شخصي يخضع لقسمة الغرماء , أما إذا وقع الإفلاس بعد الإفراز فإن المشتري بوصفه مالك للمبيع يحق له أن يسترده ولا يزاحمه فيه باقي دائني البائع المفلس .

ثالثا : الإفراز باعتباره التزاما على عاتق البائع : إن الإفراز باعتباره التزام على عاتق الباعئ فإنه لا يلزم للقيام به حضور المشتري أو موافقته , بالإضافة إلى أن المشتري عندما قبل أن يشتري مبيعا معينا بالنوع فإن يكون قد قبل أن ينقل إليه البائع ملكة الشيء بعد فرزه ما دام مطابقا لما اتفق عليه , وإذا كان حضور المشتري أو موافقته لا يلزم لإتمام الإفراز فإنه يلزم إخطاره به لأن الوقت التي يتم فيه الإفراز هو الوقت الذي تنتقل فيه الملكية إليه .

رابعا : الإفراز والتسليم : إن الإفراز مقدمة ضرورية للتسليم يستهدف تحويل المبيع من شيء معين بالنوع إلى شيء معين بالذات , ولا يتصور التسليم بدون الإفراز , أما التسليم فيكون بوضع المبيع تحت تصرف المشتري , فإذا امتنع البائع عن القيام بإفراز المبيع فإن المشتري يكون له الحق في طلب التنفيذ العيني متى توافرت شروطه , فيجبر البائع على القيام بالإفراز كما يكون له أيضا أن يقوم بالتنفيذ على نفقة البائع بشراء المتفق عليه من الأسواق بعد الحصول على إذن من القاضي أو دون الحصول على إذن من القاضي في حالة الإستعجال , وإذا لم يرغب المشتري في التنفيذ العيني , فله أن يطلب التنفيذ بمقابل أي التعويض فيحصل على قيمة الشيء وفي الحالين يحق للمشتري أن يطلب التعويض عما لحقه من ضرر وفقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية .

المبحث الثاني : نقل ملكية العقار :

نصت المادة (890) مدني على أنه ” إذا كان المتصرف فيه عقارا فلا تنتقل الحقوق العينية أو تنشأ إلا بمراعاة أحكام قانون التسجيل العقاري ” , إن التصرفات العقارية يكون شهر الحقوق العينية الأصلية فيها عن طريق التسجيل أما شهر الحقوق العينية التبعية يكون عن طريق القيد .

المطلب الثاني : تسجيل المكلية العقارية بعد العمل بالقانون رقم 5 لسنة 1959 :

أولا : جزاء عدم التسجيل : إن جزاء عدم التجسيل هو حرمان التصرف غير المشهر من إنتاج أحد أهم آثاره القانونية , فالتصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله يترتب علىى عدم القيام بتسجيلها أن هذه الحقوق لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا النسبة إلى غيرهم ولا يكون التصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن , وعلى ذلك فالبيع العقاري غير المسجبل لا ينقل الملكية بالنسبة إلى الغير بعدم سريان التصرف في حق الغير , كما أنه لا ينقل الملكية بين ذوي الشأن , ويترتب على ذلك أن المشتري لا يصبح مالكا للعقار المبيع ما دام البيع لم يسجل فلا يستطيع أن يرفع على البائع دعوى استحقاق يطالب فيها بتثبيت ملكيته على العقر المبيع وييبقى البائع مالكا للعقار المبيع ويترتب على ذلك ان دائن البائع يستطيع التنفيذ على العقر المبيع الذي لا يزال مملوكا لمدينه ويترتب على ذلك أيضا أن الملكية لا تنتقل لى المشتري الذي لم يسجل عقده كما أن دائني هذا المشتري لا يمكنهم التنفيذ على العقار المبيع فهو ليس مملوكا لمدينهم , كما تنتقل ملكية العقار المبيع بالوفاة إلى ورثة البائع وليس المشتري , فإذا البائع وارث البائع العقار إلى مشتر آخر فإنه يكون قد باع ما يملك لأن ملكية العقار قد انتقلت إليه من مورثه فإذا سجل وارث البائع حق الإرث وسجل المشتري منه عقد شرائه فضل وارث البائع على المشتري من المورث نفسه إذا سبقه في التسجيل .

ثانيا : عقد البيع العقاري ليس عقدا شكليا : إذا كان عدم التسجيل له هذا التأثير الفعال على عقد البيع العقاري فإن الأمر لا يمكن أن يصل إلى حد القول بأن عقد البيع العقاري قد أصبح عقدا شكليا وأن إجراءات الشهر قد أصبحت بمثابة عنصر من عناصر تكوين التصرف ويترتب على تخلفها بطلان التصرف وانعدام آثاره القانونية , فمن ناحية عقد البيع غير المسجل لا يزال ينتج آثارا قانونية , ومن ناحية فإنه يمكن عن طريقه الوصول إلى نقل الملكية .

1- عقد البيع العقاري غير المسجل ينتج آثارا قانونية :

أ‌- فيما يتعلق بالتزامات البائع : يلتزم البائع بموجب هذا البيع غير المسجل بتسليم العقار المبيع إلى المشتري , ويجبر على التسليم حتى قبل تسجيل البيع , وإذا سلمه لم يستطع استرداده بالرغم من أنه لا يزال مالكا له لأنه ضامن لاستحقاقه , ويجري هذا الحكم على وارث البائع فلا يجوز له أن يمتنع عن تسليم المبيع إلى المشتري أو أن يسترده منه بعد تسلمه إياه , وتنتقل تبعة هلاك المبيع إلى المشتري بعد تسلمه ولو قبل التسجيل , ويضمن البائع للمشتري التعرض الصادر منه أو التعرض الصادر من الغير والاستحقاق فلا يجوز للبائع أن يبيع العقر مرة ثانية , وإذا سجل المشري الثاني قبل أن يسجل المشتري الأول ضمن البائع للمشتري الأول التعرض الصادر منه الناشئ عن استحقاق المشتري الثاني , كما يمضن العيوب الخفية وللمشتري أن يرجع على البائع بدعوى العيب الخفي حتى قبل أن يتسلم المبيع وحتى قبل أن يسجل البيع .

ب‌- فيما يتعلق بالتزامات المشتري : يلتزم المشتري بموجب البيع غير المسجل بدفع الثمن والمصروفات وبتسلم العقار المبيع , ويستطيع البائع قبل تسجيل المبيع أن يطالبه بتنفيذ كل هذه الالتزامات ويترتب على البيع غير المسجل آثاراه بوصفه بيعا فيؤخذ فيه الشفعة .

2- عقد البيع العقاري غير المسجل يمكن عن طريقه نقل الملكية بالفعل من البائع إلى المشتري :

إن البيع غير المسجل وإن كان لا ينقل الملكية بمجرد انعقاده فإنه ينشئ التزاما على عاتق البائع بنقلها إلى المشتري فإن لم يقم البائع بتنفيذ التزامه بالقيام بالأعمال الواجبة لتسجيل العقد ونقل ملكيته إلى المشتري جاز للمشتري مطالبته بها , ولا يكتفي بأن يطالب البائع بالتعويض عن الإخلال بالتزامه بل يجوز له أن يصل إلى إجبار البائع على تنفيذ التزامه عينا ونقل الملكية بالتسجيل عن طريق دعوى صحة العقد التي يطالب فيها المشتري الحكم له بثبوت اليع وصحته ونفاذه فإذا صدر هذا الحكم فإنه يعتبر بمثابة سند يغني عن عقد البيع الصالح للتسجيل , فيمكن المشتري أن يسجل هذا الحكم باعتباره سندا قاطعا على وقوع البيع ولا يحتاج إلى تدخل البائع ومتى سجله انتقلت إليه ملكية المبيع .

ثالثا : الأثر المترتب على التسجيل : إن التسجيل يرد على المحرر المثبت للتصرف ولا يمس التصرف ذاته , ولذلك فإن التسجيل بمفرده لا يؤدي إلى نقل الملكية وإنما تنتقل الملكية بالتصرف والتسجيل معا أي بالتصرف المسجل , وقد استقر القضاء على ان الملكية لا تنتقل إلا من تاريخ التسجيل , فالعبرة إذن في نقل الملكية بتاريخ التسجيل وليس بتاريخ انعقاد العقد , وهذا ما أخذت به المذكرة التفسيرية لقانون التسجيل , ويترتب على أن المكلية لا تنتقل إلا بالتسجيل سواء فيما بين المتعاقدين أم بالنسبة إلى الغير , أن البائع يظل مالكا للمبيع حتى تمام التسجيل , وبالتالي فإن كل تصرف يصدر منه قبل التسجيل يعتبر صادرا من مالك .
مثال : إذا باع شخص عقاره إلى مشتر ولم يسجل عقده ثم باع ذات العقار إلى مشتر آخر وقام بتسجيل العقد فإنه يكون قد تصرف فيما يملك ويترتب على تسجيل البيع الثاني انتقال الملكية إلى المشتري الذي سجل عقده فالأفضلية تكون للعقد المسجل على العقد غير المسجل , وإذا تعدد المشترين لعقار واحد وكانت عقودهم حقيقية وصحيحة وصادرة ممن له حق التصرف فإن الأفضلية تكون لمن يسبق منهم إلى تسجيل عقده حتى ولو كان سيء النية أو متواطئا مع البائع .

عقد البيع في القانون المدني الكويتي

من صفحة 5 إلى ص 198 محمد رباح

إغلاق