دراسات قانونية
مدى انسجام التشريعات الأردنية المتعلقة بحقوق الإنسان مع الأعراف والمواثيق الدولية (بحث قانوني)
بحث قانوني و دراسة حول مدى انسجام التشريعات الأردنية المتعلقة بحقوق الإنسان مع الأعراف و المواثيق الدولية
| اسم البحث: حرية التعبير في الأردن .. حجة بذاته لا يحتاج حجة لإثباته
| وصف البحث: بحث قانوني مقدم لوزارة الخارجية الأردنية
| صيغة البحث: مطبوع على صيغة word
| صاحب البحث: أحمد أبوزنط
مـقـدمـة
• “التأكيد على حرية الرأي والتعبير وضرورة إنجاز تشريعات تضمن حرية الاجتماعات والتعبير.”
• “حرية ممارسة العمل السياسي حق كفله الدستور وكفل التعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير في حدود القانون”
لما استخلف الله عزَّ وجل الإنسان في أرضه وأيده بروحه، ولمّا كرم الله الإنسان لإنسانيته قبل دينه ومعتقده، ولمّا حرم الله الظلم على نفسه وحرمه على خلقه، ولما خلق الله الإنسان حراً بيده أمره ونهيه؛ كان لا بد من صون أمنه وسلمه، وحفظ كرامته وسبلِ عيشه.
ولما كان الأردن دولة الدين والقانون، سائراً على نهج الحرية، ماضٍ في درب الديمقراطية، كان لابد له أن يُكرِس هذا المبدأ فوق كل أرض وتحت كل سماء؛ فالنصان السابقان هما ليس إلا فيض من غيض لنهج الأردن الحكيم في تكريس سيادة القانون، والتأكيد المستمر على كفالته ورعايته لحقوق الإنسان والتزامه الجدي بمبادئ العدالة والشرعية الدولية.
وبما أن الأردن يعي أن حقوق الإنسان ليست منحة، بل أنها واجب وطني على الدولة الأردنية اتجاه مواطنيها واتجاه الإنسانية جمعاء، وأن هذا الواجب لا بد من الالتزام به؛ سارع الأردن لترجمة هذه الحقوق على أرض الواقع لتصبح بعدها سلوكا اجتماعيا يمارسه المواطنون والمقيمون في الأردن، وهذا الأمر حقيقة لا يحتاج لبرهان، فهو يقين ثابت، حجة بذاته لا يفتقر لحجة في إثباته.
ولكن… ووضعا للنقاط على الحروف، وتأكيدا لنهج الأردن في مراقبة الذات، وتفعيلاً لمبدأ الشفافية والمصداقية، كان الأردن حريصا على أن يظهر مدى انسجام تشريعاته المتعلقة بحقوق الإنسان مع الأعراف والمواثيق الدولية.
لذا سيتناول هذا التقرير جزئية هامة من حقوق الإنسان في الأردن ألا وهي حرية الرأي والتعبير ومدى إعمالها في التشريع الداخلي وفقا للمعاهدات والمواثيق الدولية التي يكون الأردن طرفا فيها.
1. كفالة الدستور لحرية الرأي والتعبير:
منذ عام 1928 أي قبل سبعة عشر عاما من نشأة هيئة الأمم المتحدة وقبل عشرين عاما من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أكد الأردن الذي كان تحت (مسمى إمارة شرق الأردن)، على حقوق الإنسان في القانون الأساسي ونظمها ضمن الفصل الأول من القانون تحت عنوان “حقوق الشعب” وفي المادة (11) من القانون الأساسي اعترف الأردن بحرية الرأي و التعبير.
كذلك الحال في دستور عام 1947 أي قبل عام من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عاد الأردن ليؤكد على اعترافه بحقوق الإنسان وكفلت المادة (17) من دستور 1947 حرية الرأي والتعبير، وكان هذا الاعتراف مع بداية نشأة الأردن كمملكة مستقلة ذات سيادة.
وفي عام 1952 ومع دخول المملكة عهد التاريخ الحديث تم إنجاز الدستور المعمول به حتى الآن بالمملكة، وقد جاء هذا الدستور على درجة عالية من التقدم ليستشرف الأردنيون من خلاله المستقبل.
حرص الدستور الأردني على تخصيص فصل خاص ينظم فيه حقوق الأردنيين وواجباتهم، وذلك يضفي قدسية على هذه الحقوق، حيث يعتبر الدستور التشريع الأسمى في المملكة الذي لا يمكن أن يعارضه قانون آخر، وجميع القوانين في المملكة يجب أن تصدر وفق الدستور.
تنظيم الدستور الأردني لحرية الرأي والتعبير:
المادة (15) من الدستور كفلت حرية الرأي والتعبير، حيث جاء في البند الأول منها ” تكفل الدولة حرية الرأي ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”
وأما البند الثاني من المادة ذاتها كفل حرية الصحافة حيث نص على: “الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون” وهذه المادة بما دعت إليه لا تخرج عن إطار المادتين (18) و(19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث جاء في المادة (18) ما نصه ” لكل شخص الحق في حرية الفكر والضمير والدين” أما المادة (19) فقد نصت على “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير”
كما حمى الدستور في المادة (14) حرية القيام بشعائر الأديان ولم يخرج بذلك عن إطار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (18) منه، كما أنه جاء متناغما مع نص المادتين (18) و(19) من العهد الدول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
أما المادة (16) التي كفلت حق الاجتماع وتشكيل الجمعيات والأحزاب السياسية وهذا الحق ليس إلا شكل من أشكال تطبيق حرية الرأي والتعبير، وهذه الضمانة الدستورية لحق الاجتماع متوافقة مع المادتين (21) و(22) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وإذا ما أبحرنا في مواد الدستور لوجدنا هنالك العديد من المواد التي كفلت بشكل أو بأخر حرية الرأي والتعبير كالمادة الثانية التي نصت على أن ” الإسلام دين الدولة…”، وترتبط هذه المادة بحرية الرأي والتعبير بكثير من الأوجه، ويتبين ذلك من خلال التزام الأردن وفقا للدستور بتعاليم بالإسلام، الذي حرم التمييز بين الناس ويتضح ذلك من خلال قوله تعالى: ،وقول رسول الله : “الناس سواسية كأسنان المِشط ”
ويتضح لنا من لفظ “العالمين” في الآية الكريمة ولفظ “الناس” في الحديث الشريف عدم تخصيص فئة بعينها أو دين بعينه بمعاملة خاصة، فالناس في الإسلام متساوون، سواء كانوا يدينون بالإسلام أو بغيره، كما كفل الإسلام حرية القيام بشعائر الأديان لقول الله تعالى:
هنالك طائفة من التشريعات في المملكة ذات أساس دستوري، حيث أنها تنظم الحقوق التي كفلها الدستور، وذلك من خلال سن القوانين التي تكفل بدورها إمكانية ممارسة هذه الحقوق وضمان تطبيقها وحصول المواطنين عليها، وفيما يلي عرض لإطار التشريعات التي نظمت حرية الرأي والتعبير والتشريعات التي عُدت قيدا على هذه الحرية، مع بيان مدى انسجام هذه القيود مع المواثيق الدولية.
2. قانون المطبوعات والنشر:
بناء على المادة (15) من الدستور والتي تم الإشارة لها سابقا تم إصدار قانون المطبوعات والنشر لتنظيم أعمال الصحافة والطباعة بوصفهما من ممارسات حرية الرأي والتعبير، وبناء على المادة (15/2) من الدستور تكون “الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون” وعلى ذات النهج كانت المادة (3) من قانون المطبوعات، التي كفلت لكل أردني أن يعرب عن رأيه بمختلف وسائل التعبير والإعلام، كما كفلت المادة (4) من القانون نفسه حرية الصحافة بممارسة أعمالها، ومن الحقوق التي أقرها القانون حق الحصول على المعلومة ، وضمن القانون للمطبوعة أو الصحفي حق الحفظ على سرية المعلومة ، كما اقر للأحزاب والأشخاص والشركات حق إصدار صحيفة ، وأعطى القانون الحق للصحف بالنقد المباح وحمّلهم مسؤولية نقل الأخبار والمعلومات غير الصحيحة.
كما سار باقي القانون على الأسلوب ذاته في تبيان حرية الرأي والتعبير، أما القيود التي وردت في قانون المطبوعات والنشر على حرية الرأي والتعبير فإنها تحد من وجود حرية مطلقة للصحافة والنشر لكن هذا التحديد له مبرراته ودواعيه، ولا يخرج عن إطار الشرعية الدولية، حيث أن حرية الرأي والتعبير من المعروف أنها حرية ليست مطلقة، وهذا لا ينافي طبيعة حقوق الإنسان، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (19/3) والمادة (20) وضع إطارا عاما للدول تستطيع من خلاله فرض بعض القيود على حرية الرأي والتعبير وفيما يلي تبيان القيود الواردة في القانون:
احترام حرية الآخرين وحقوقهم وعدم التعرض لحياتهم الخاصة (المادة7/أ)
هذا القيد لا يخرج عن نص المادة (19/3) من العهد الدولي التي أجازت إخضاع حرية الرأي والتعبير لبعض القيود وذلك في سبيل ضمان احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.
المطبوعة والصحفي ملزمين بضمان التوازن والموضوعية والنزاهة. (المادة7/ج)
وهذا القيد له مبرره أيضا، فمن غير المعقول أن يتم استغلال منبر الحرية لتحقيق مآرب مشبوهة بعيدة عن المصداقية والنزاهة التي تتطلبها المعاهدات والأعراف الدولية، حيث أن المادة (5) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أقرت بأنه لا يجوز لأي دولة أو جماعة أو شخص تأويل أي حكم وارد في العهد على نحو يؤدي إلى إهدار أي من الحقوق والحريات المعترف بها، وعلى ذلك فإنه لا يجوز للصحافة أن تحيد عن التوازن والموضوعية والنزاهة لأن ذلك سيؤدي إلى إهدار حقوق الآخرين وسيضر بالنظام العام للدولة خلافا للمادة 19/3 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
كما يتوافق هذا القيد مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث جاء بالقرار: “… وأحد العناصر التي لا غنى عنها في حرية الإعلام هو توفر الإرادة والقدرة على عدم إساءة استعمالها، ومن قواعدها الأساسية الالتزام الأدبي بتقصي الوقائع وبنشر المعلومات دون سوء قصد”
الامتناع عن نشر كل ما من شأنه أن يثير العنف أو يدعوا للتفرقة بين المواطنين. (المادة7/د)
القيد السابق ينسجم مع المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ حيث نصت على:
1. تحظر بالقانون أية دعاية للحرب.
2. تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
ويظهر الانسجام جليا بين القيد الوارد في قانون المطبوعات والنشر مع المادة السابقة بحيث أنه لا يحتاج إلى مزيد من توضيح.
كما يتلائم القيد السابق مع نص المادة(19/3) من العهد الدولي حيث أنه من الواضح أن أي إثارة للعنف والتفرقة يمس الأمن القومي والنظام العام في الدولة. كما يستجيب القيد السابق لأهداف الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، خاصة المادة (4) من الاتفاقية التي تعتبر أن كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية وكل التحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض عليه يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وأخيرا يتوافق القيد السابق مع مقاصد هيئة الأمم المتحدة المذكورة في المادة (1) من ميثاق الهيئة والداعية لحفظ السلم والأمن الدوليين.
على المطبوعة أن تعتمد في مواردها على مصادر مشروعة ويحظر عليها تلقي أموال ودعم من جهات أجنبية. (المادة 20/أ)
هذا القيد مبرر وجوده لا يختلف عن سابقيه من حيث أن ذلك يعد ضمانة للدولة في حماية أمنها القومي ونظامها العام الذي لا يستقيم إلا بوجود الانتماء الصادق للوطن والمواطنة الصالحة، وهذا الأمر يتنافى مع وجود تمويل من جهات أجنبية قد يكون لها أجندة خارجية ومآرب مشبوهة تضر باستقرار أمن الدولة.
المطبوعة الأجنبية “المستوردة” يجب أن يتم إجازتها قبل توزيعها، ولا يتم إجازتها إذا كان فيها مخالفة للقانون. (المادة 31)
هذا القيد لا يعدو كونه قيدا شكليا على حرية الصحافة وذلك للتأكد من عدم مخالفة المطبوعة الأجنبية للقانون وهو أمر لو تحقق فلا شيء يدعو لوقف توزيعها، أمّا لو كانت الصحيفة الأجنبية مخافة للقانون فيكون مبرر منعها لا يختلف عن المبررات التي سيقت على القيود السابقة.
لا بد من إجازة الكتاب قبل البدء في طبعه، ولا يتم إجازته إذا فيه مخالفه للقانون. (المادة35/أ)
هذا القيد وكما سبق القول أنه ليس إلا قيدا شكليا منظما للحرية لا مانعا لها وبمجرد التأكد من عدم مخالفة القانون يسمح مباشرة بإصدار الكتاب وطبعه وتوزيعه.
يوجد حظر على المطبوعة بنشر ما يتعلق بأي مرحلة من مراحل التحقيق حول أي قضية أو جريمة تقع داخل المملكة إلا إذا أجازت النيابة العامة ذلك. (المادة 38/أ)
المبررات لهذا القيد كثيرة وتم الإشارة لها ضمنا في إطار عرض القيود السابقة، إلا أن الأمر الجدير بالذكر في هذا المقام أنه وحفاظا على النظام العام وحماية واحتراماً لحقوق الآخرين وسمعتهم وضمانا لنزاهة القضاء ولعدم تأثره بالشائعات ولعد الإخلال بمصلحة العدالة؛ جاء هذا القيد محققا للغرض الذي من أجله كانت المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك المادة 14 من العهد نفسه التي أجازت منع الصحافة من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي.
يحظر على دور الدراسات والبحوث ودور قياس الرأي العام والصحفيين والعاملين على المطبوعة أن يتلقوا أي هبات أو معونة من أي جهة فيما يتعلق بأعمالهم، إلا الحالات التي يستثنيها الوزير بالنسبة لدور الأبحاث. (المادة:38 و39)
لا جديد يمكن أن يضاف بالنسبة لهذا القيد، فقد جاء القيد ضمانة لقيام هذه المؤسسات بالواجبات الموكولة إليها، بعيدا عن مواطن الشبهات والاملاءات الخارجية أو الداخلية والتي من شأنها تعكير صفو الأمن القومي والنظام العام خلافا للمادة 19 من العهد الدولي وخلافا لقرار رقم (59/د/1) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي سبقت الإشارة إليه.
جميع القيود السابقة تشاركت بضرورة فرضها، كما أن فرضها مستند بوجوده إلى القانون أي أنها محددة بنص القانون، وهذا يدل على مدى شرعية هذه القيود في ظل القانون الدولي وذلك بناء على نص المادة 19/3 من العهد الدولي التي نصت على “تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية.”
3. قانون الأحداث:
المادة 12 من قانون الأحداث حظرت نشر اسم أو صورة الحدث الجانح ونشر وقائع المحكمة أو ملخصها في أي وسيلة من وسائل النشر.
المادة 14 من العهد الدولي أجازت منع الصحافة من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي، وشددت على هذا المنع بالنسبة لقضايا الأحداث، كما أن المادة 19/3 من العهد نفسه أجازت وضع قيود على الصحافة احتراما لحرية الآخرين ولسمعتهم.
4. قانون حماية أسرار ووثائق الدولة.
يشكل قانون حماية أسرار ووثائق الدولة قيداً على حرية الرأي والتعبير، حيث أنه لا يجوز إفشاء أسرار الدولة بحجة ممارسة حرية الرأي، وقد حدد القانون مجموعة من الحالات التي يعتبر إفشائها جريمة يعاقب عليها مرتكبها، وبشكل عام جميع هذه الحالات هي عبارة عن أسرار ووثائق قد تكون معلومات شفوية أو وثيقة مكتوبة أو مطبوعة أو مختزلة يؤدي إفشاؤها إلى تهديد الأمن القومي والنظام العام مما قد يلحق ضررا بسيادة الدولة أو مواطنيها أو سلامة الدول العربية الشقيقة.
هذا القيد على حرية الرأي والتعبير جائز بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك بموجب المادة 15/2 من العهد ذاته التي لم تحل دون محاكمة ومعاقبة من ارتكب جريمة خلافا لأحكام القانون.
5. قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992
يعتبر قانون الدفاع من أهم القوانين المقيدة للحريات العامة والمادة (4) من هذا القانون تسرد مجموعة من الحريات والحقوق التي يتم تقييدها بموجب حالة الطوارئ، الفقرة (ط) من المادة (4) تقيد حرية الرأي والتعبير من خلال فرض رقابة على المطبوعات وأعمال الصحافة وجميع وسائل التعبير الأخرى.
المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أجازت في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة اتخاذ الإجراءات والتدابير المخالفة للعهد وذلك في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، وقد حددت الفقرة (2) من المادة ذاتها مجموعة من المواد لا يجوز مخالفتها، واستنادا لهذه المادة وبما أن حرية الرأي والتعبير ليست من مجموعة المواد التي يحظر مخلفتها، يجوز تقييد حرية الرأي والتعبير ضمن حدود القانون وبالقدر الذي يتطلبه الوضع، كما تجيز المادة 19 من العهد الدولي هذا التقييد حماية للأمن القومي والنظام العام.
وقد حرص قانون الدفاع على الموازنة بين الأمن وكفالة الحريات وذلك من خلال إقرار مبدأ التعويض عن الأضرار التي تنشأ جراء تطبيق قانون الدفاع كما كفل حق التظلم للقضاء تماشيا مع المادة 14 من العهد الدولي.
6. قانون العقوبات رقم 16 وتعديلاته
تحت عنوان الذم والقدح والتحقير، حدد قانون العقوبات الأردني الجزاء المترتب على أي من الأفعال السابقة، وقد فصل القانون بين حرية الرأي والتعبير من جهة وبين ارتكاب جرائم الذم و القدح و التحقير، فلا يمكن ارتكاب هذه الجرائم تحت ستار الحرية وممارسة حقوق الإنسان، وهذا الأمر متوافق مع القانون الدولي الذي منع إساءة استعمال الحرية، وشدد على ضرورة الالتزام بتقصي الوقائع ونشر المعلومات دون سوء قصد ، ويمكن رؤية التزام الأردن بالمعايير الدولية عند تجريمه لأفعال الذم والقدح والتحقير، حيث عرف قانون العقوبات هذه الجرائم كما يلي:
الذم: بأنها إسناد مادة معينة إلى شخص ولو في معرض الشك والاستفهام من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته، أو التعرض لبعض الناس وتحقيرهم.(المادة 188/1)
القدح: هو الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره ولو في معرض الشك والاستفهام من دون بيان مادة معينة. (المادة 188/2)
التحقير: هو كل تحقير أو سباب –غير الذم والقدح- يوجه إلى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة. (المادة 190)
وهكذا يبدو جليا أن هذه الجرائم ومن خلال تعريفها لا تعتبر ممارسة لحرية التعبير بل هي تعدٍ على حرية الغير، وقد حمى قانون العقوبات الآخرين من الممارسة الخاطئة التي قد تقع في حقهم نتيجة التستر بغطاء الحرية، تجريم الأفعال السابقة لا يخرج عن نص المادة 19/3 من العهد الدول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي أجازت كما ذكر سابقا وضع قيود بنص القانون إذا كانت هذه القيود ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، وما هذه الجرائم إلا تعدي على هذه الحقوق، كما أن قانون العقوبات جاء منسجما مع المادة 15/2 من العهد الدولي التي لم تحل دون ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة من يرتكب جريمة بنص القانون، كما أن الأردن بموجب العهد الدولي وفي المادة الثانية منه تعهد باحترام الحقوق المعترف بها وبكفالة هذه الحقوق وما جرمه قانون العقوبات ليس إلا تنفيذا من جانب الأردن لهذا التعهد بحماية حقوق الإنسان من أي تعدي.
الأردن لم يعتبر كل ذم وقدح في الآخرين جريمة، وذلك حفاظا على حرية الرأي وفصلا بين ممارسة الحقوق وحمايتها وممارسة الأخطاء والمعاقبة عليه؛ لذلك في نص المادة 198 من قانون العقوبات استثنى المشرع من مفهوم الذم والقدح كجريمة بعض الصور واعتبرها مشروعة ولا يعاقب عليها وهذه الصور هي: إذا كان القدح أو الذم صحيحا ويعود نشره بالفائدة على المصلحة العامة، كما يوجد مجموعة من الاستثناءات على المؤاخذة في النشر إذا كان موضوع الذم أو القدح قد نشر من قبل الحكومة أو مجلس الأمة أو من قبل شخص اشترك في إجراءات قضائية كالقاضي أو الشاهد أو المحامي أو إذا كان النشر الواقع بيان صحيح لأي أمر قيل أو أذيع في مجلس الأمة، ولم تشترط المادة أن يكون النشر لموضوع الذم والقدح في الحالات السابقة قد وقع بسلامة نية كما أقرت إعفاء أي شخص قام بهذه الأفعال من العقوبة.
والمادة 199 من القانون نفسه اشترطت لعدم المؤاخذة على الذم والقدح أن يكون النشر وقع بسلامة نية ويكون كذلك إذا كان الناشر عليه التزام قانوني بمواجهة صاحب المصلحة بالنشر، أو إذا كان للناشر مصلحة شخصية مشروعة بشرط أن لا يتجاوز الحد المسموح به في القانون.
ومما تقدم وبناء على المادتين السابقتين (198 و199) يتضح أن المشرع لم يقيد حرية الرأي والتعبير بشكل يتنافى مع مقاصد الشرعية الدولية أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، فكل ما هنالك انه استطاع أن يحقق توازن بين تعارض حرية الرأي والتعبير مع الحرية الشخصية للأفراد والتي أيضا كفلها الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي لم يجز التعرض للآخرين والانتقاص من احترامهم.
أما المواد الأخرى في هذا الموضوع والتي تحرم إطالة اللسان على جلالة الملك، فذاك لا يدخل ضمن حرية الرأي والتعبير، بل من يرتكب هذا الجرم فانه يعتدي على رمز الدولة وعلى النظام العام خلافا لأحكام المادة 19/3 من العهد الدولي التي أجازت تقييد حرية الرأي حماية للأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة، وهذا القيد الأخير لا يخرج عن إطار المادة سالفة الذكر.
قانون العقوبات وفي المواد (150 و 151 و 152 و 153) حصر الأفعال التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفاء بين عناصر الأمة، وقيد القانون حرية الرأي والتعبير في هذا المجال حماية للوحدة الوطنية وللنظام العام دون أن يخرج عن إطار المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ودون المساس بالمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفيما يلي بيان ذلك:
حرمت المادة 150 من قانون العقوبات استخدام وسائل الرأي والتعبير بصورة تسيء للوحدة الوطني أو تحرض على ارتكاب الجرائم أو تزرع الأحقاد وتبذر الكراهية وتؤدي إلى الشقاق بين أفراد المجتمع أو إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الإساءة لكرامة الأفراد وسمعتهم وحرياتهم الشخصية أو الترويج للانحراف أو فساد الأخلاق ونشر المعلومات أو الإشاعات الكاذبة أو تحرض على الاضطرابات أو الاعتصامات بشكل ينافي القانون أو الإتيان بفعل من شأنه المس بهيبة الدولة أو سمعتها أو كرامتها ، وذلك من خلال الكتابة والخطابة أو أي عمل يذاع بأي وسيلة كانت أو من خلال نشر خبر بالصحف.
كما حرمت المادة 152 من القانون نفسه النيل من مكانة الدولة المالية من خلال ادعاء ملفق ومزاعم كاذبة بهدف زعزعة الاستقرار الاقتصادي للدولة.
ويتبين من خلال نص المادتين السابقتين أن المشرع الأردني حرص على حماية أمن البلاد واستقرارها وحرص على حماية النظام العام للدولة، ومبررات المشرع في ذلك على صعيد القانون الدولي كثيرة ومتعددة وهي كالآتي:
• المادة 19 من العهد الدولي أجازت للدول حماية أمنهم القومي ونظامهم العام وضمان احترام الآداب العامة حتى لو أدى ذلك لتقييد الحرية بعض الشيء
• المادة 20 من العهد الدولي حرمت أي دعاية للحرب وحظرت كل دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
• المادة 18 من العهد الدولي حثت على احترام حرية الفكر والوجدان والدين، وبذلك تكون المادة 150 من قانون العقوبات أكدت على فرض هذا الاحترام حيث حرمت بدورها أي إثارة للنعرات المذهبية، وهذا أيضا ينطوي على المبدأ ذاته الذي جاءت به المادة 27 من العهد الدولي والتي أكدت على حماية واحترام الأقليات الإثنية أو الدينية أو اللغوية.
• المادة 30 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكدت على أنه لا يجوز لأي دولة أو جماعة أو فرد تأويل أي نص من الإعلان بهدف هدم الحقوق الواردة فيه، وعلى ذلك لا يجوز استخدام حرية الرأي والتعبير بهدف النيل من الحقوق الأخرى أو المساس بها، وهذا ما يتوافق مع نص المادة 150 من قانون العقوبات.
• المادة الأولى من ميثاق هيئة الأمم المتحدة وضحت مقاصد الهيئة والتي بمجملها تؤكد على حفظ السلم والأمن الدوليين، ولما كان استخدام حرية الرأي والتعبير بطريقة مسيئة قد يؤدي إلى تقويض الأمن الدولي وتهديد السلم العالمي، فإن المادة 150 من قانون العقوبات كانت محقة بفرض هذه القيود.
وإن كان البعض يشكك بمدى تأثير إساءة استخدام حرية الرأي والتعبير على الأمن العالمي فإن الوقائع السوداوية كافية بالرد على هذه الشكوك، حيث أنه لا أحد يستطيع إنكار الأزمة التي يشهدها العالم اليوم بسبب التطاول على مقام حضرة النبي محمد الهاشمي، فأي أزمة سينتظرها العالم أسوء من تلك التي حصلت.
حيث شهدنا حرقا للسفارة الدنماركية في دمشق، وغضب شعبي عارم بالإضافة للمقاطعة الاقتصادية الشعبية واضطرابات على مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الدول الإسلامية والدنمارك، بالإضافة لتنمية روح التطرف والعدائية وأعمال العنف والثأر، ناهيك عن نصوص الشرعية الدولية التي انتهكت والقاضية باحترام الأديان وتحريم أي دعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية والتي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف، تلك النصوص الثابتة في ضمير المجتمع الدولي من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وبالنهاية يتم التذرع بحرية الرأي والتعبير لفلسفة الأخطاء وانتهاك المواثيق والأعراف الدولية، مع أن هذه الأعراف والمواثيق استقرت على أن الدولة مسؤولة عن ضمان حماية حقوق الإنسان ولا يجوز لها التذرع بأن هذه الحقوق تعارض القانون الداخلي، ونرى ذلك واضحا جليا في المادة 2 من العهد الدولي والتي تعهدت بموجبها دول العالم بما فيها الدنمارك بكفالة حماية هذه الحقوق واتخاذ الإجراءات التشريعية لضمان تنفيذها.
• المادة (4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تعتبر أن كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية وكل التحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض عليه يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وهذا هو لا يختلف عن منطوق المادة 150 من قانون العقوبات.
• المادة 150 من قانون العقوبات جاءت منسجمة ومتناغمة مع إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام ومع الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي لم تصادق عليه سوى الأردن.
7. قانون الانتخابات:
كفل قانون الانتخابات حق الانتخاب للمواطنين كحق دستوري، أقرته المواثيق الدولية خاصة المادة 25 من العهد الدولي، وبالنسبة للانتقادات التي توجه لهذا القانون في الأردن فتتمثل بأنه قيد حرية الانتخاب بالنسبة للعاملين في القوات المسلحة والأمن العام والأمن العام والدفاع المدني والمخابرات العامة طيلة فترة وجودهم في الخدمة الفعلية، ومبرر الانتقاد هنا أن الدستور الأردني نص على أن الأردنيون أمام القانون متساوون في الحقوق والواجبات، وأن تقييد حرية العسكريين يتنافي مع مبدأ المساواة، ومع أن هذا الانتقاد له أسبابه الوجيهة، إلا أنه وحفاظا على نزاهة الانتخابات والشفافية، وبعدا عن مواطن الريبة والشكوك، وتحقيقا للمبدأ الدستوري الذي أكد على سلامة الانتخابات ، ونأيا عن دخول العسكريين متاهات العمل السياسي وهو الأمر الذي قد يؤثر على مبادئ العمل العسكري القائم على روح الانضباط والوفاء للوطن بمعزى عن أي اعتبارات أخرى، وتحييدا للمؤسسة العسكرية عن الوقوع في شرك التجاذبات السياسية لتبقى درع الوطن الحامي وجداره المصون؛ لكل هذه الاعتبارات ارتأى المشرع أن يقيد حرية العسكريين في الانتخاب.
كما قيد المشرع في القانون نفسه حرية المحكوم بإفلاسه ولم يستعد اعتباره قانونيا ومن كان محجورا عليه ولم يرفع الحجر عنه ومن كان محكوما عليه بالسجن مدة تزيد على سنة لجريمة غير سياسية ولم يشمله عفو عام ولم يرد اعتباره.
هذه القيود سالفة الذكر سواء على الفئات المذكورة أخيرا أو على العسكريين، لها أيضا مبرراتها حيث أن المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أجازت وضع قيود على أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة تحول دون ممارسة بعض حقوقهم السياسية حماية للنظام العام صيانة للأمن القومي، والجدير بالذكر أن القيود الواردة على العسكريين مرتبطة فقط بطيلة فترة وجودهم في الخدمة الفعلية ولا تمتد إلى ما بعد ذلك، وهذا يعد دليلا على أن القيد مرتبط وجوده بالعمل العسكري وليس مفروضا على العسكري بصفته الشخصية؛ أي أن هذا القيد هو قيد واقف لممارسة الحق وليس مسقطا له.
وبالنسبة للفئات الباقية فمن الظاهر أنهم ليسوا أهلا لممارسة حق الانتخاب وأن أهليتهم القانونية يشوبها عارض قد يؤثر على إرادتهم الحقيقية، وهذا يتنافى مع طبيعة حق الانتخاب القائم على الوعي بممارسة هذا الحق، وبالنسبة للمفلس فإنه لم يكن أهلا للائتمان على الأموال فكيف سيعطى حق الانتخاب الذي يعبر عن إرادة الأمة ويشكل نقطة ارتكاز لرفعة الدولة.
ومن الانتقادات الموجهة لقانون الانتخابات أيضا أنه جاء مخالف للدستور حيث أن المادة 75 من الدستور حددت شروط العضوية في مجلس النواب ومن الشروط الفقرة (هـ) من المادة 75 التي استثنت من عضوية مجلس النواب ” من كان محكوما عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يعف عنه”، هكذا كان القيد الدستوري إلا أن القيد الوارد في قانون الانتخابات قد تعدى على المادة السابقة، حيث اشترط أن يكون العفو عن المحكوم عليه عفوا عاما وهذا ما لم تشترطه المادة الدستورية التي جاء فيها النص عاما غير محدد، وهذا ما نراه من خلال النص نفسه الذي جاء فيه “… ولم يعف عنه” أي أن العفو قد يكون عفوا عاما أو خاصا دون تحديد، وبما أن المادة الثامنة من قانون الانتخابات قد حددت أن يكون العفو عاما فتكون بذلك قد خالفت بصريح العبارة النص الدستوري وتكون قد قيدت ما جاء عاما ومن المعروف أن القانون الأدنى لا يقيد الأعلى منه، فكيف إذا كان التقييد على ما جاء عاما في الدستور وهو القانون الأسمى في الدولة، لذا وجب تعديل المادة الثامنة بما يتوافق مع الدستور حيث أن تفسير كلمة العفو الواردة في الدستور على أنها تذهب فقط للعفو العام دون الخاص هو تحميل للنص أكثر مما يحتمل وهو الأمر الذي لا يجيزه القانون.
8. قانون الاجتماعات العامة
حق المواطنون بالاجتماع ليس إلا شكل من أشكال التعبير عن أرائهم في القضايا المطروحة والأحداث التي يمرون بها، وقد نظم قانون الاجتماعات العامة هذا الحق بحيث لا يتعارض مع أحكام القانون، ويشترط أن يكون الاجتماع لأهداف مشروعة وأن لا يلحق ضررا بالممتلكات العامة أو الخاصة كما يجب أن يؤخذ موافقة فبل عقد الاجتماع ويحدد الوزير الاجتماعات التي لا تحتاج لموافقة مسبقة.
المادة 21 من العهد الدولي كفلت حق الاجتماع والتجمع السلمي وشددت على عدم جواز تقييد هذا الحق إلا بموجب القانون ويجب أن تكون تلك القيود ضرورية لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو الآداب العامة أو حماية لحقوق الآخرين وحرياتهم، وهكذا نرى من المطالعة السطحية لنصوص القانون الدولي وقانون الانتخابات أن الأخير لم يتجاوز حدود القانون الدولي، حيث أن القيود المفروضة على حق التجمع أو الاجتماع لا تتجاوز كونها حماية للنظام العام والأموال العامة والخاصة.
الـخـاتـمـة
في النهاية نستنتج أن الأردن حرص على موائمة تشريعاته مع المواثيق الدولية، وإن كان هنالك بعض التشريعات التي تتناقض مع هذه المواثيق فإنه يسارع إلى تعديلها، ليقطع الأردن بذلك شوطا طويلا في مجال حقوق الإنسان، ومن الإنجازات الأردنية المتأصلة في مجال حقوق الإنسان، إنشائه للمركز الوطني لحقوق الإنسان بموجب قانون رقم 51 لسنة 2006 ، ومن الإنجازات أيضا إصداره وثيقة كلنا الأردن وهي وثيقة عمل وطنية أكد من خلالها احترام حقوق الإنسان، كما أن الأردن الدولة العربية الوحيدة التي صادقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، كما انضم الأردن ووقع على أهم المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتزم بها، كما وقع مؤخرا على البروتوكولات التالية:
البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشان بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية(OP-CRC-SC 2000)
البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشان اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة
(OP-CRC-AC 2000)
البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية.
الأردن كرس مبدأ سيادة القانون، فالأردنيون أمام القانون سواء، لا فرق بينهم ولا مفاضلة، الحاكم والمحكوم، الغني والفقير، الصغير والكبير، كلهم يخضعون لحكم القانون، الأردن دولة القانون والمؤسسات، أطلق شعار الإنسان أغلى ما نملك على لسان باني نهضة الأردن الحديث المغفور له بإذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال، ليترجم بعدها الأردن هذا الشعار إلى حقيقة لا مراء فيها ولا مهادنة، وما الأمن الذي يتمتع به الأردن إلا تجسيدا لهذه الحقيقة، فواحة الطمأنينة والسلام التي يشعر بها الأردنيون دوناً عن شعوب المنطقة ليست إلا دليلا على أن الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان هي الحامي الأول لهذا الوطن، فالحرية تخلق الأمن والآمن، لكن الأمن وحده لا يمكنه أن يخلق حرية.