دراسات قانونيةسلايد 1
بحث قانوني ودراسة حول الحماية القانونية للموارد المائية
ملخص:
شكلت الموارد المائية منذ القدم ولا زالت إنشغال العديد من الباحثين في شتى الميادين ومنها المجال القانوني على إعتبار أن المياه تمثل إحدى الأملاك الوطنية والمجالات البيئية التي تستوجب الحماية القانونية.
فسعت الجزائر إلى ضمان تلبية حاجيات المواطنين للمياه تحقيقا للأمن المائي، وأيقنت أهمية المحافظة على الموارد المائية وتسييرها له تسييرا عقلانيا باعتبارها مورداً أساسياً للتنمية الاقتصادية، وذلك من خلال وضع سياسة وطنية تهدف إلى حماية هذا المورد الحيوي وتوفيره مع ضمان إستدامته للأجيال القادمة.
فلا يمكن استعمال الملك العام المائي وحتى المياه غير العـــادية ســواء من طرف شخص طبيعي أو معنــوي خــاضع للقانون العــام أو القانون الخاص، إلا بموجب رخصة أو إمتياز يسلم من قبل الإدارة المختصة حسب الشروط والكيفيات التي يحددها القانون كنوع من الحماية والضمان لهذا المورد الحساس.
وعليه، تأتي هذه الدراسة لإبراز مظاهر الحماية القانونية للمياه على ضوء تشريع المياه وقانون الأملاك الوطنية الجزائري.
مقدمــة:
سعت معظم دول العالم ومنها الجزائر إلى ضمان تلبية حاجيات شعوبها من المياه لتحقيق أمنها المائي وأيقنت أهمية المحافظة على الموارد المائية وتسييرها تسييراً عقلانياً بإعتبارها موردا أساسيا للتنمية الاقتصادية، وأحد المكونات الأساسية لأملاكها الوطنية.
فيشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً، وتتضمن الحريات الحق في مواصلة الإستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة لإعمال الحق في الماء، والحق في عدم التعرض للتدخل، كالحق في عدم التعرض للوقف تعسفي لإمدادات المياه أو تلوثها، وبالمقابل تتضمن الحق في نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها والذي يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس جميعاً للتمتع بالحق في الماء.
ولكي تبرهن الدول على وفائها بإلتزاماتها العامة والمحددة، يتعين عليها أن تثبت أنها إتخذت الخطوات اللازمة والممكنة لإعمال الحق في الماء وفقاً للقانون الدولي.
وإن عدم التصرف بحسن نية لإتخاذ مثل هذه الخطوات يعتبر بمثابة إنتهاك لهذا الحق، وينبغي التأكيد على أنه لايمكن للدولة الطرف أن تبرر عدم إمتثالها للإلتزامات الأساسية المنصوص عليها قانونا.
فحاول المشرع الجزائري على إثرها إدماج قانون المياه في الأملاك الوطنية العامة، من خلال نظام قانوني خاص منذ سنة 1983 بإصدار قانون المياه (الملغى)[1]، والذي أعيد صاغته سنة 2005[2] مع ما عرفه من تعديل[3]، والذي حاول من خلاله وضع سياسة وطنية تهدف إلى حماية هذا المورد الحيوي وضمان استدامته للأجيال القادمة.
أهمية الدراسة: لقد مرّ مفهوم الأملاك المائية الوطنية في القانون الجزائري بمراحل تاريخية مختلفة، تأثر من خلالها بالتوجهات السياسية والإقتصادية العامة، وأخذ خلالها مفاهيم خاصة ومحلية، فتميز خلال المرحلة الإشتراكية بتوسيع نطاق الأملاك العمومية، وإستحداث تقسيمات مبتكرة في إطار الأملاك الوطنية، إضافة إلى الصرامة في الرقابة على هذه الأملاك.
وبصدور دستور1989 ظهرت النزعة الرأسمالية، فنصت المادة 18 بأنه:” الأملاك الوطنية يحددها القانون، وتتكون من الأملاك العمومية والخاصة التي تملكها كل من الدولة، والولاية، والبلدية.” وعليه فقد وجد المشرع الجزائري الدافع لإصدار المزيد من النصوص التشريعية التي تصب في نفس الإتجاه وبدأ العمل فيما بعد بالقانون رقم 90-30 المتعلق بالأملاك الوطنية[4]، كما تقرر معه الرجوع إلى التقسيم الثنائي المتعارف عليه للأملاك الوطنية على أساس إختلاف الأنظمة القانونية وطبيعة المنازعات، فاتضحت معايير التفرقة بين ما يعتبرعامًّا يشتمل مباشرة من طرف الجميع أو عن طريق التخصيص للمرافق العامة، وبين ما يعتبر من الأملاك الوطنية الخاصة على أساس أن إستغلاله يحقق عائدات مالية، أو أنه يؤدي وظيفة تملكية ويخضع في الكثير من أحكامه للقانون الخاص.
وما كان من المشرع الجزائري إلاّ أن نص في المادة 80 من الدستور الحالي بقوله:” يجب على كل مواطن أن يحمي الملكية العامة ومصالح المجموعة الوطنية ويحترم ملكية الغير”[5].
وما جاءت به المادة الأولى من القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه المعدل والمتمم[6] إلا التأكيد بأن هذا القانون يهدف إلى تحديد المبادئ والقواعد المطبقة لإستعمال الموارد المائية وتسييرها وتنميتها المستدامة كونها ملكاً للمجموعة الوطنية، وهذا وفق أهداف لإستعمال هذه الموارد المائية وتسييرها وتنميتها المستدامة، ومبادئ كالحق في إستعمال الموارد المائية لكل شخص طبيعي أو معنوي يخضع للقانون العام أو القانون الخاص في حدود المنفعة العامة وبإحترام الواجبات التي يحددها قانون المياه والنصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه.
فضروريات التنمية الاقتصادية والإجتماعية تفرض اللجوء إلى تهيئة الماء لتلبية حاجيات السكان التي تعرف تزايدا مستمراً، وغالبا ما تكون هذه الحاجيات تنافسية بل وحتى متناقضة، الأمر الذي يجعل عملية تدبير الماء جد معقدة وتنفيذها صعب.
ولمواجهة هذه الوضعية كان من الضروري التوفر على أدوات قانونية ناجعة قصد تنظيم توزيع الموارد المائية ومراقبة إستعمالها وكذا ضمان حمايتها والحفاظ عليها.
إشكالية البحث: تأتي هذه المقالة لإبراز مظاهر الحماية القانونية للمياه على ضوء القانون رقم 90-30 المتعلق بالأملاك الوطنية مرورا بالتشريع الخاص بالمياه، من خلال التطرق لمفهوم ومكونات الملك العام المائي والمزايا التي منحت له في إطار قانون المياه وقانون الأملاك الوطنية، وعليه نطرح الإشكال الآتي:
فيما تتمثل آليات حماية الملك العام المائي في القانون الجزائري؟.
ومنه نطرح الأسئلة التالية:
– كيف حمى المشرع الجزائري الملك المائي؟.
– ماهي الحماية التي خصصها المشرع للماء في قانون الأملاك الوطنية وقانون المياه؟.
فرضية البحث: إن أول اهتمامات الدولة هو حماية أملاكها ومراقبة عملية تدبيرها لأجل ذلك عملت على إدخال المفاهيم القانونية الدولية الجديدة في التشريعات الوطنية، مسايرة للتطورات العالمية، وتقوية لتشريعاتها الداخلية، ومنه كان لابد من البحث حول طبيعة هذه الحماية القانونية الموضوعة للمياه.
منهجية الدراسة: كان البحث في هذا الموضوع يتطلب إختيار منهج تحليلي، بتحليل مضمون العملية الرقابية على الملك المائي، بحيث يستهدف هذا الوصف التحديد الدقيق والموضوعي لفكرة المياه وكيف حماها المشرع الجزائري.
حدود الدراسة: وللإجابة على ذلك تم التطرق للبحث عن النقطتين التاليتين، وهـمــــــا:
1- مفهوم ومكونات الملك العام المائي، وهذا من خلال المبحث الأول.
2- أمـــا المبحث الثاني فتم تخصيصه للبحث حول عملية الإشراف على الملك العام المائي وحمايته من خلال المزايا الممنوحة في إطار قانون المياه وقانون الأملاك الوطنية، والبحث في آثار حماية الملك العام المائي.
المبحث الأول: مفهوم ومكونات الملك العام[7] المائي
إن أصل كل الأملاك العقارية هو الأرض، وهي تشمل ما فوقها وما تحتها، ومنها المياه الموجودة بباطنها، ولقد جاء المشرع الجزائري على ذكر تصنيفه للأملاك العقارية في المادة 23 مـن القانـون رقـــم 90-25 المتضمـن التوجيـه العقــاري المعدل والمتمـم بالأمــر رقـم 95-26 [8]بقولـه: ” تصنف الأملاك العقارية على إختلاف أنواعها ضمن الأصناف القانونية الآتية :
– الأملاك الوطنية.
– أملاك الخواص، أو الأملاك الخاصة.
– الأملاك الوقفية.
ولقد تبع القانون 90-25 صدور القانون 90-30 المتعلق بالأملاك الوطنية الذي تبنى المشرع الجزائري فيه نظرية إزدواجية الأملاك الوطنية، وقد جاء في المادة الأولى منه بقولها:” يحدد هذا القانون مكونات الأملاك الوطنية وكذا القواعد الخاصة بتكوينها وتسييرها ومراقبة إستعمالها”.
وإن تسيير هذه الأملاك الوطنية واستغلالها واستصلاحها يكون إما مباشرة من قبل هيئات الدولة والجماعات العمومية الأخرى المالكة، وإما بموجب رخصة أو عقد، أو من قبل أشخاص معنويين تابعين للقانون العام أو القانون الخاص أو أشخاص طبيعيين.
وبناءا على ذلك نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة 05 من القانون 90-30 بقوله: “…ولهذا الغرض، يتعين عليها السهر على حماية الأملاك الوطنية وتوابعها والمحافظة عليها.”
فيتعين على المستفيدين ومستعملي الأملاك الوطنية وحائزيها السير وفق القوانين والتنظيمات الجاري بها العمل والهدف المسطر لهذا المرفق.
وإن جميع المياه مهما كان شكلها تدمج في الأملاك العامة المائية ومن ثم لا يمكن للموارد المائية أن تكون موضوع تملك خاص باستثناء المياه التي اكتسبت عليها حقوق قانونية وقد صدرت بعد ذلك نصوص أخرى لمواجهة الحاجيات الجديدة التي ظهرت.
وبالفعل، فإن الشروط الحالية لإستعمال الماء لم تعد هي تلك التي كانت سائدة قديماً حيث لم تكن الموارد المائية مطلوبة بنفس الإلحاح الذي يميز الوقت الراهن وذلك بسبب كثرة الطلب على الماء.
المطلب الأول: تعريف الموارد المائية
يعتبر الماء موردا طبيعيا أساسيا للحياة ومادة ضرورية يرتكز عليها الجزء الأكبر من الأنشطة الاقتصادية للإنسان، كما أنه مورد نادر يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان، وهو شديد التأثر بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية[9].
والماء هو أحد الموارد الطبيعية المتجددة في هذا الكوكب، وهو من العناصر الأساسية على الأرض، وإنّ من أهم ما يجعله متفردا عن غيره كمركب كيميائي هو ثباته، حيث إن كمية الماء الموجودة على الأرض، هي نفسها التي كانت منذ خلق الله الأرض وهو موجود على اليابسة وفي البحار والمحيطات وفي حالته الصلبة كجليد في القطبين المتجمدين، ويتكون جزيء الماء من ارتباط ذرّة من الأكسجين وذرّتين من الهيدروجين.
ويعد الماء أساس بدأ الحياة على كوكب الأرض وأساس وجودها واستمرارها، وهو من أكثر ضروريات الحياة أهمية، فلا حياة تسير بدون ماء[10].
الفرع الأول: من خلال القوانين الوطنية
فالأرض كعقار، تشمل ما فوقها وما تحتها، ومن ثم فالمياه الموجودة بباطن الأرض وتلك المناسبة على السطح تعتبر عقارات بطبيعتها مادامت يد الإنسان لم تمتد إليها وتعزلها عن مكمنها الطبيعي، فتتحول نتيجة لذلك إلى منقولات بطبيعتها.
وملكية العقار تعطي حق الملك لكل ما ينتجه، وما يضم إليه وما يدمج فيه بالإلتصاق إما طبيعياً أو إصطناعياً.
ولقد تم إقرار الملكية العامة للمياه بموجب القانون 90-30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية، فكل المياه تشكل جزءا من الأملاك العامة بإستثناء الحقوق المكتسبة على هذه المياه والمعترف بها.
ودأب المشرع الجزائري في القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه على تحديد مكونات الأملاك العمومية الطبيعية والإصطناعية للمياه والإرتفاقات المتعلقة بها ولم يعطي تعريفا للمياه.
الفرع الثاني: من خلال الفقه القانوني
ولقد جرت عادة شراح القانون على أن يطلقوا إصلاح المياه الداخلية على أية مياه تتغلغل داخل إقليم الدولة، وهي تشمل الموانئ والخلجان والمضايق والأرخبيلات والبحيرات والبحار المغلقة والقنوات البحرية والأنهار.
وقد جاء في معجم المعاني تعريف الماء على أنه سائل عليه عماد الحياة في الأرض، وهو في نقائه شفّاف لا لون له ولا رائحة ولا طعم، يغلى عند درجة حرارة 100 مئوية، ويتجمد عند درجة الصفر، ويتكون من إتحاد ذرتية من غاز الهيدروجين بذرة واحدة من الأكسجين.
ولقد تباينت وجهات نظر الدول وفقهاء القانون بخصوص الوضع القانوني للمياه، خاصة المياه البحرية ومدى إمكانية فرض السيادة عليها، وعليه فقد أصبحت هناك ضرورة ملحة لتدوين القواعد التي تنظم إستخدام وإستغلال المياه[11].
وأغلب فقهاء القانون لم يعرفوا المياه، بل أعطوا تعريفات من خلال الإتفاقيات والمعاهدات الدولية لمصطلحات مشابهة كالمياه الداخلية، والمياه الإقليمية، والأرخبيلات، و الوديان والأنهار، كإتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1997 حول الأنهار الدولية وجميعها تنصب على إتفاقيات لتدعيم الجهود للمحافظة على المياه.
المطلب الثاني: مكونات الملك العام المائي
فتتكون الأملاك الوطنية العمومية من الحقوق والأملاك المنقولة والعقارية التي يستعملها الجميع والموضوعة تحت تصرف الجمهور المستعمل إما مباشرة وإما بواسطة مــرفق عام، شــريطــة أن تكيف في هــذه الحــالة بحكم طبيعتها أو تهيئتها الخــاصـة، تكييفهــا مطلقــاً أو أساسيا مع الهدف الخاص لهذا المرفق، وهذا تطبيقا لنص المادة 12 في فقرتها الأولى من قانون الأملاك الوطنية.
وأما عن تكوين الأملاك الوطنية العمومية المائية فهي تتكون من صنفين أساسيين هما، الأملاك العمومية الطبيعية، والأملاك العمومية الإصطناعية.
الفرع الأول: الملك العام المائي الطبيعي
فتشتمل الأملاك العمومية الطبيعية حسب مانصت عليه الفقرات 05 و07 من المادة 15 من القانون رقم 90-30 على:
– شواطئ البحر
– قعر البحر الإقليمي وباطنه
– المياه البحرية الداخلية
– طرح البحر ومحاسره
– مجاري المياه ورقائق المجاري الجافة، وكذلك الجــزر التي تتكـــون داخــل رقــائق المـجـــاري والبحيــرات والمســاحات المـائية الأخرى أو المجالات الموجودة ضمن حدودها كما يعرفها القانون المتضمن قانون المياه.
ومما جاء في الفقرة الأخيرة من نفس المادة قولها:”….الثروات والموارد الطبيعية السطحية والجوفية المتمثلة في الموارد المائية بمختلف أنواعها …..”
وبالعودة إلى المادة 04 من القانون 05-12 نجدها جاءت بتفصيل مكونات الأملاك العمومية الطبيعية للمياه وبأنها تتكون من:
الميــاه الجــوفية بما في ذلك المياه المعترف بها كمياه المنبع والمياه المعدنية الطبيعية ومياه الحمامات بمجرد التأكــد من وجــودها أو إكتشافها خاصة بعد الإنتهاء من أشغال الحفر أو التنقيب الإستكشافية مهما كانت طبيعتها المنجزة من طرف كل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون العام أو القانون الخاص.
المياه السطحية المشكلة من الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط وكذا الأراضي والنباتات الموجودة في حدودها.
الطمي والرواسب التي تتشكل طبيعيا في مجاري المياه.
الموارد المائية غير العادية التي تتكون مما يأتي:
– مياه البحر المحلات والمياه المالحة المنزوعة منها المعادن من أجل المنفعة العمومية.
– المياه القذرة المصفاة والمستعملة من أجل المنفعة العمومية.
– كل أنواع المياه المدمجة في الأنظمة المائية بتقنية إعادة التموين الإصطناعي.
وبالرجوع إلى نص المادة 15 كذلك من القانون رقم 84-16 المتعلقة بالأملاك الوطنية[12] (الملغى) نجدها قد أكدت من قبل بأنه يعد من الأملاك الوطنية:
– سواحل البحر.
– قعر البحر الإقليمي وباطنه.
– المياه البحرية الداخلية.
– طرح البحر ومحاسره.
– مجاري المياه ورقائق المجاري الجافة، كما يعرفها القانون المتضمن قانون المياه (أي القانون رقم 83-17 المتضمن قانون المياه، الملغى).
– البحيرات
– الجزر التي تتكون داخل رقائق المجاري.
– المجال الجوي الإقليمي.
– الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخاصة.
وعليه فالأملاك العمومية الطبيعية للمياه تحدد بتعيين حدود الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط باعلى مستوى بلغته المياه ولا سيما بالنسبة للوديان فيكون بمستوى الفيضانات السارية بلا عراقيل إلى غاية تدفقها.
ولكن نظرا لندرة الحصول على المياه في الوقت الحالي حاول المشرع إبتكار وسائل وتقنيات لإستخراج المياه وحماية التعرض لها، فما كان منه إلا أن نص على نوع آخر من الأملاك المائية صنفه في تصنيف آخر.
الفرع الثاني: الملك العام المائي الإصطناعي
فلما تحدث المشرع الجزائري في نص المادة 16 حول الأملاك الوطنية العمومية الإصطناعية أتى في سياق حديثه حول ما يسمى المنشآت الفنية الكبرى والمنشآت الأخرى وتوابعها المنجزة لغرض المنفعة العمومية.
وهذه المنشآت والهياكل التي تنجز وتدخل ضمن الأملاك العمومية الإصطناعية للمياه حسب ما جاء تفصيليه في قانون المياه، لاسيما ما يأتي منها:
– كالمنشآت والهياكل المنجزة قصد البحث عن الموارد المائية ومعاينتها وتقييمها الكمي والنوعي.
– منشآت حشد الموارد المائية الجوفية والسطحية وتحويلها ومحطات المعالجة والخزّانات ومنشآت نقل الماء وتوزيعه عبر شبكات القنوات والأنابيب وكذا مرفقاتها المخصصة للإستعمال العمومي قصد تزويد التجمعات الحضرية والريفية بالمياه أو سقي وصرف مياه مساحات السقي.
– مجمعات المياه القذرة ومياه الامطار ومحطات التصفية وكذا مرفقاتها المخصصة للإستعمال العمومي لتطهير التجمعات الحضرية والريفية.
– منشآت تسوية المرتفعات الخاصة بالفيض والحجز وتهيئة مجاري وحواف الوديان المنجزة قصد ضمان الحماية من فيضانات المناطق الحضرية أو المناطق المعرضة للفيضانات.
كما عمد المشرع الجزائري إلى إنشاء مؤسسة عمومية وطنية ذات طابع صناعي وتجاري سماها ” الجزائرية للمياه ” بموجب المرسوم التنفيذي رقم 01-101[13]، والتي كلفها في إطار السياسة الوطنية للتنمية بضمان تنفيذ السياسة الوطنية لمياه الشرب على كامل التراب الوطني من خلال التكفل بنشاطات تسيير عملياّت إنتاج مياه الشرب والمياه الصناعية ونقلها ومعالجتها وتخزينها وجرّها وتوزيعها والتزويد بها وكذا تجديد الهياكل القاعدية التابعة لها وتنميتها.
وهذه المؤسسة تم إنشاؤها بموجب القانون رقم 83-17 المتعلق بالمياه وهي تخضع في علاقاتها مع الدولة للقواعد الإدارية، وتعد تاجرة في علاقاتها مع الغير.
كما أن هناك إرتفاقات متعلقة بالأملاك العمومية الإصطناعية للمياه، فيتعين مثلا على الأفراد المجاورين لقنوات تحويل المياه وقنوات جر المياه، وكذا مجاوري مجمعات مياه التطهير الفلاحي أن يسمحوا بحرية المرور على ممتلكاتهم الخاصة لمستخدمي الإدارة وعتادها أو المقاولين المكلفين بصيانتها، وكذا تفريغ مواد التنقية على اتساع خمسة (05) أمتار على جانبي الأملاك العمومية الإصطناعية للمياه.
كما يمنع كل بناء جديد وكل تشييد لسياج ثابت أو كل غرس للأشجار داخل المناطق الخاضعة لإرتفاق المرور أو التفريغ.
ويمكن كل مالك عقار خاضع لإرتفاق التفريغ أن يلزم المستفيد من هذا الإرتفاق إقتناء هذه الأرض في أي وقت.
ويجوز للدولة والجماعات الإقليمية والمؤسسات العمومية وأصحاب الإمتياز والمفوض لهم الخدمة العمومية الذين ينجزون تهيئة ذات منفعة عمومية، أن يستفيدوا من الإرتفاقات الخاصة بوضع قنوات باطنية أو مكشوفة على الأراضي الخاصة غير المبنية.
المبحث الثاني: الإشراف على الملك العام المائي
أما من حيث الإشراف على الملك العام المائي فقد نظم المشرع الجزائري طرقاً لذلك، فنصت المادة 59 الفقرة 01 من القانون 90-30 بأنه: ” تتمتع السلطات الإدارية المكلفة بتسيير الأملاك الوطنية العمومية، بمقتضى التشريع أو التنظيم، كل واحدة في حدود إختصاصها، بسلطة إتخاذ الإجراءات الخاصة بإدارة الأملاك الوطنية العمومية قصد ضمان حمايتها وحفظها..”
كما أنه لايمكن لمن لم تسلمه السلطة المختصة إذنا وفق الأشكال التي ينص عليها التنظيم، أن يشغل قطعة من الأملاك الوطنية العمومية أو يستعملها خارج الحدود التي تتعدى حق الإستعمال المسموح به للجميع، حيث بينت الفقرة 01 من المادة 61 من نفس القانون أيضـا بأنه: ” يمكن أن يستعمل الجمهور الأملاك الوطنية العمومية إستعمالا مباشرا أو عن طريق مصلحة عمومية في شكل تسيير بالوكالات أو إستغلال بالإمتياز على أن تكون هذه المصلحة العمومية قد إختصت بتلك الأملاك.
ومايلاحظ أن المشرع منح إمكانية أن يكتسي من جهة أخرى إستعمال الأملاك الوطنية العمومية طابعاً عاديا أو غيرعادي.
ومن أجـل ذلك يتعين على الأشخـاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانـون العـام أو القانون الخاص، أن يحوزوا على رخصة لإستعمال الملك المـائي العمـومـي الطبيـعي[14]، كما يمكن لهم إستعماله بناءاً على عقد إمتياز ويسمون أصحاب إمتياز الإستغلال.
المطلب الأول: المزايا الممنوحة في إطار قانون المياه وقانون الأملاك الوطنية
لقد وضع المشرع الجزائري في إطار قانون الأملاك الوطنية قواعد خاصة بتكوينها وتسييرها ومراقبتها، وفي هذا الإطار عمل على حماية مصادر المياه من مختلف أنواع التلوث ووضع الشروط اللازمة لذلك.
كما قام من خلال القانون المتعلق بالمياه إلى وضع الأسس والمعايير البيئية السليمة لإقامة محطات الصرف الصحي مع تحديد شروط ومتطلبات إقامة مكاب النفايات وتحديد مواقع طرح النفايات، وتحديد الشروط الصحية الواجب توفرها في معالجة أو تطهير أو نقل أو حفظ المياه، ووضع الأسس والارشادات والمتطلبات لترشيد استهلاك المياه.
الفرع الأول: الحق في الاستعمال والاستغلال
إن استغلال المياه الموجودة بباطن الأرض يمكن أن يقتضي تعليمات تحديد كمية الماء القصوى المراد استغـــلالها بالنسبــة للآبـــار أو التنقيبات وإن شمل ذلك على استعمال عدد من الآبار أو التنقيبات أو على كل تدبير آخر كفيل باجتناب التفاعلات المضرة وبتحقيق حفظ الموارد المائية الحالية، ويبقى حق الانتفاع بالماء تابعا لأرض معينة في نطاق إستعمال محدد.
كما أنه وفي حالة تجزئة الأرض فإن توزيع المياه على القطع الناتجة عن التجزئة يصبح موضوع حقوق إنتفاع جديدة بالماء تحل محل حق الانتفاع الأصلي[15].
كما أن بعض التشريعات المقارنة ترى بأنه إذا كونت مياه العيون عن خروجها من العقار الذي تنبع منه مجرى ماء يكتسي صبغة الماء الجاري فان مالك الأرض لا يمكن له تحويل المياه المذكورة عن مجراها الطبيعي في غير صالح المنتفعين الموجودين بأسفل الوادي، وأن لكل مالك الحق في استعمال مياه الأمطار التي تنزل بأرضه والتصرف فيها.
ويمكن توجيه المياه المستعملة الآتية من المساكن المزودة بالماء، بواسطة قناة تحت الأرض في إتجاه منشآت جمع أو تصفية حسب النصوص والتعليمات المتخذة في هذا المجال والخاصة بجلب المياه.
ويشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً، فتتضمن الحريات الحق في مواصلة الاستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة لإعمال الحق في الماء، والحق في عدم التعرض كالحق في عدم التعرض لوقف تسعفي لإمدادات المياه أو تلوثها.
وبالمقابل تتضمن الحقوق، الحق في نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بالحق في الماء.
الفرع الثاني: واجبات مستعملي الملك العام المائي
فيمنع التجاوز بأي شكل من الأشكال خاصة بواسطة بنايات، على حدود الضفاف الحرة لمجاري المياه المؤقتة أو الدائمة والسـواقي والبحيرات وأنابيب المياه وقنوات المـلاحة أو الري أو التطهير التي تدخل في الملك العام المائي.
كما أن القانون يمنع إنجاز أو إزالة إيداعات أو أغراس أو مزروعات في الملك العام المائي بدون ترخيص، وهذا الأمر يكون بناءا على إلتماس رأي الهيئات المكلفة بالتقييم والتسيير المدمج للموارد المائية كالوكالة الوطنية للموارد المائية، ووكالات الأحواض الهيدروغرافية ومصالح الصيد البحري والفلاحة والبيئة، وعلى أساس نتائج التعليمة التقنية تمنح رخصة إستعمال الموارد المائية بقرار من الوالي[16].
المطلب الثاني: آثار حماية الملك العام المائي
إن الحق في المياه كان وما زال يشكل أحد الأسباب الرئيسية للكثير من الخلافات والمشاحنات بين الأفراد أو الجماعات أو حتى الدول فيما بينها.
ففي بعض الأحيان أدت الخلافات بسبب المياه بين ملاك الأراضي على التأثير بشكل سلبي على مصادر المياه وكيفية استغلالها وبالتالي تراجع التنمية والتطور، وهذا ما حدث في العديد من بقاع الأرض.
فبالنظر إلى أهمية المياه كمصدر طبيعي والحاجة إلى الإدارة السليمة لها، والتي تتطلب جهودا دولية للعمل على تنظيم عملية إستغلالها وإدارتها والمحافظة عليها، وبالنظر إلى الطلب المتزايد على كمية المياه نتيجة للانفجار السكاني الذي أصبح يستلزم تطبيقات جدية للدراسات والنتائج العلمية حول المياه، والإدارة السليمة لها لضمان المحافظة على نوعية وكمية المصادر المائية، من خلال تشديد القوانين الرقابية الداخلية وتفعيل العمل بالمعاهدات الدولية.
الفرع الأول: حماية المياه في المعاهدات الدولية
لقد حددت الفقرة الأولى من المادة 11 من العهد الدولي[17] لحقوق الإنسان عدداً من الحقوق الناشئة عن إعمال الحق في مستوى معيشي كافٍ، والتي لا يمكن الاستغناء عنها لإعمال ذلك الحق، بما في ذلك “… ما يفي بحاجتهم من الغذاء، والكساء، والمأوى”. ويشير استخدام عبارة “بما في ذلك” إلى أن قائمة الحقوق هذه لا يراد منها بأن تكون حصرية، بل إن الحق في الماء يقع ضمن فئة الضمانات الأساسية لتأمين مستوى معيشي كافٍ، نظراً إلى أنه واحد من أهم الشروط الأساسية للبقاء، وفضلاً عن ذلك فقد إعترفت اللجنة سابقاً بأن الحصول على الماء حق من حقوق الإنسان[18] وارد في الفقرة الأولى من المادة 11 من العهد الدولي.
كما أن الحق في الماء هو حق لا يمكن فصله عن الحق في أعلى مستوى من الصحة الجسمية يمكن بلوغه وعن الحق في مأوى مناسب وغذاء كافٍ.
كما ينبغي النظر إلى هذا الحق بالإقتران مع حقوق أخرى مجسّدة في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان[19]، وأهمها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية.
وقد إعترفت مجموعة واسعة من الوثائق الدولية، بما فيها المعاهدات والإعلانات وغيرها من المعايير الدولية بالحق في الماء، فمثلاً نصت الفقرة الثانية من المادة 14 من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة[20]، على أنه تكفل الدول الأطراف في المعاهدة للمرأة الحق في “التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق ب […] الإمداد بالماء”.
كما أن الفقرة الثانية من المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل[21] تطالب الدول الأطراف فيها بمكافحة الأمراض وسوء التغذية “عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية”.
وقد عالجت اللجنة باستمرار مسألة الحق في الماء من خلال تقارير الدول الأطراف، ووفقاً لمبادئها التوجيهية العامة المنقحة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها بموجب المادتين 16 و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعليقاتها العامة.
كما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن القيام خلال السنوات من 2005إلى2015 عن إبرام عقد دولي للعمل تحت شعار” الماء من أجل الحياة ” والهدف الرئيسي من ذلك هو العمل في سبيل تحقيق الإلتزامات الدولية بشأن قضايا المياه المتصلة به ووضع الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015 وهذا لمواجهة أخطار الكوارث المرتبطة بالمياه التي تهدد الأمن المائي[22]، وكانت البلدان قد وافقت بموجب الأهداف الإنمائية والإلتزامات التي تعهدت بها في مؤتمر القمة العالمية للتنمية المستدامة في سنة 2002 لمواجهة مشكلة إنخفاض عدد السكان الذين لا يمكنهم الحصول على مياه آمنة وخدمات النظافة الصحية.
كما حددت المفوضية الأوروبية مجموعة من الأهداف ضمن سياستها المائية لتوفير مصادر آمنة لمياه الشرب وبكميات كافية، وبجودة مقبولة لتلبي المتطلبات الاقتصادية من صناعية وزراعية والمحافظة على نوعية وكمية المصادر المائية لحماية ودعم عمل البيئة المائية وضمان استمرار الحالة البيئية الطبيعية لها.
كما قامت بالعمل على إدارة المصادر المائية للمنع أو للتقليل من الآثار السلبية للفيضانات وكذلك خفض حدة تأثير الجفاف.
وقد جاء في البروتوكول الأول لإتفاقية جنيف المتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة الصادر سنة 1977 جاء أكثر وضوحاً من الإتفاقية في تقرير حماية الأعيان المدنية، إذ تناول كافة الأعيان المختلفة من موارد طبيعية ومنشآت وممتلكات عامة، كذلك شمل كافة الأفعال من مهاجمة أو تدمير أو نقل للأعيان والموارد التي لاغنى عنها لبقاء السكان المدنيين، ومنها مرافق المياه وشبكاتها ومنشآت الري، وهذا ماتناولته المادة 48 والتي نصت على ضرورة أن: ” تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية “.فتناولت المادة الخامسة (05) الحماية العامة للأعيان المدنية، وتناولت المادة 55 موضوع حماية البيئة الطبيعية.
الفرع الثاني: حماية المياه في القوانين الوطنية
إن حماية المياه تظهر جليـــا من خـــــلال القـانون رقـم 05-12 المعـدل والمتمم بــالأمر 09-02 المتعلق بالميـاه، والقــانون رقـــم 90-30 المتعلق بالأمـلاك الـوطنية حيـن تنظيمـه للمـلك العـام المـائي، ولأجل ذلك وضع المشرع الجزائري حماية لهذه المياه، فجاء في المادة 123 من القانون 90-30 بأنه :” يعاين الأعوان المؤهلين قانونا أنواع المساس بالأملاك الوطنية العمومية … “، كما أن المادة 131 من نفس القانون نصت على أنه: ” تمارس المؤسسات الوطنية وهيئات التصفية الإدارية وأسلاك الموظفين، ومؤسسات المراقبة، كل فيما يخصه، رقابة إستعمال الأملاك التابعة للأملاك الوطنية وفقاً للقوانين والتنظيمات التي تحدد إختصاصاتهم “.
وعليه فمن غيــر الممكن إستعمــال المـــوارد المائية هكذا ســواء بالنسبة للأشخــاص الطبيعيين أو المعنويين إلا بمــوجب رخصـــة أو إمتياز، وبموجب هذه الرخصة فقط التي تعد عقداً من عقود القانون العام يمكن من خلالها إستغلال هذا الماء، وهذا بناءاً على طلب المعني.
وعليه فتكون المخالفات المسجلة في التعدي على المياه يناط متابعتها من قبل شرطة المياه كما جاء تحديدها في المادة 159 من القانون 05-12 المتعلق بالمياه، وهي تتكون من أعوان تابعين للإدارة المكلفة بالموارد المائية، وتكون المخالفات المضبوطة من قبلهم محل بحث ومعاينة وتحقيق يقوم به ضباط وأعوان الشرطة القضائية وكذا أعوان شرطة المياه.
ولقد بينت المادة 138 من القانون رقم 90-30 المتعلق بالأملاك الوطنية بأنه تتم معاينة المخالفات المنصوص عليها في المادة 136 وملاحقها طبقاً للقواعد والإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجزائية.
كما أن أجهزة الرقابة المقررة قانوناً والأشخاص المؤهلون بملاحقة وقمع المخالفات وفق الشروط والإجراءات التي يحددها القانون في ذلك.
وبالمقابل إذا أهمل هؤلاء الأعوان المكلفون بمهام رقابة هذا المال العام المائي فهم كذلك سيعاقبون على ذلك، ولقد جاء المادة 119 مكرر من قانون العقوبات[23] بقولها:” يعاقب بالحبس من ستة (6) أشهر إلى ثلاث (3) سنوات وبغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج، كل موظف عمومي في مفهوم المادة 02 من القانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته[24]، تسبب بإهماله الواضح في سرقة أو إختلاس أو تلف أو ضياع أموال ومكافحته، تسبب بإهماله الواضح في سرقة أو إختلاس أو تلف أو ضياع أموال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقود أو أموال منقولة وضعت تحت يده سواء بحكم وظيفته أو بسببها.
كما اعتبر المشرع جريمة التعدي على المياه مخالفة من خلال القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه وعاقب عليها بغرامات مالية متفاوتة، أو في بعض الأحيان بالحبس الذي قد يصل إلى خمس سنوات.
الخــاتمة:
إن الماء مورد طبيعي أساسي للحياة ومادة ضرورية له، ومنه كان إرتكاز أغلب الأنشطة الاقتصادية للإنسان عليه، فكان لا بد من تهيئة الماء تهيئة خاصة، وسن تشريع مناسب يجعل عملية تسييره وحمايته من بين أولويات المشرع الجزائري، وهي التي عمل عليها.
فالمياه تمثل أحد المجالات البيئية التي تستوجب الحماية، حيث سعى المشرع من خلال قانون الأملاك الوطنية وقانون المياه إلى ضمان تلبية حاجيات المواطنين من المياه لتحقيق الأمن المائي، وهذا لتيقنه بأهمية المحافظة على الموارد المائية وتسييرها تسييرا عقلانيا باعتبارها مورداً أساسياً للتنمية الاقتصادية.
فكان من بين الأهداف الأساسية لحماية هذا المورد الحيوي، هو توفير متطلبات الحياة الاجتماعية والاقتصادية مع ضمان إستدامته للأجيال المستقبلية.
وعليه يمكن أن نستخلص النتائج التالية:
– أن هناك حماية كمية ونوعية للأملاك العقارية في مجموعها مع وجوب المحافظة عليها.
– من شأن قانون المياه وقانون الأملاك الوطنية أن يساهم في تحسين الوضع البيئي المائي للموارد العامة البيئية.
– أن قانون الأملاك الوطنية وقانون المياه هو أداة فعالة لمحاربة أي مساس بالملك العام المائي.
– إعتبر المشرع الماء ملك عام، وبالتالي لا يمكن أن يكون موضوع تملك خاص.
– أن الحق في إستعمال الماء يكون فقط وفق شروط وضوابط محددة قانوناً ويعاقب الشخص حال مخالفة القواعد القانونية المرصودة لهذا الغرض.
قائمة المصادر والمراجع:
القوانين:
– القانون رقم 83-17 المؤرخ في 16 جويلية سنة 1983، يتضمن قانون المياه (الملغى)، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 30، السنة العشرون.
قانون رقم 84-16 المؤرخ في 30 جــوان سنة 1984 المتعلق بالأملاك الوطنية (الملغى)، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 27.
– المرسوم الرئاسي رقم 89-67 المؤرخ في 16 ماي سنة 1989 المتضمن الإنضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الإختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الموافق عليها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 16 ديسمبر سنة 1966، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 20.
– المرسوم التشريعي رقم 92- 06 المؤرخ في 17 نوفمبر سنة 1992، يتضمن الموافقة مع تصريحات تفسيرية، على إتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1989، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 83.
– القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990، يتضمن التوجيه العقاري، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 49، المعدل والمتمم بالأمر رقم 95-26 المؤرخ في 25 سبتمبر1995، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 55.
– المرسوم الرئاسي رقم 96- 51 المؤرخ في 22 جانفي سنة 1996، يتضمن إنضمام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مع التحفط، إلى إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 06.
– المرسوم التنفيذي رقم 01-101 المؤرخ في 21 أفريل سنة 2001، يتضمن إنشاء الجزائرية للمياه، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 24.
– القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه، المؤرخ في 04 أوت سنة 2005، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 60.
– القانون رقم 90-30 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990 المتضمن الأملاك الوطنية، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 52، المعدل والمتمم بالقانون رقم 08-14 المؤرخ في 20 جويلية سنة 2008، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 44.
– المرسوم التنفيذي رقم 08-148 المحدد لكيفيات منح رخصة استعمال الموارد المائية، المؤرخ في 21 ماي سنة 2008، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 26.
– القانون رقم 08-03 المؤرّخ في 23 جانفي سنة 2008 يعدّل ويتمّم القانون رقم 05-12 المؤرخ 04 أوت سنة 2005 والمتعلق بالمياه، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 04.
– القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري سنة 2006، يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 14، المتمم بالأمر رقم 10- 05 ممضي في 26 أوت 2010، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 50، مؤرخة في 01 سبتمبر 2010، المعدل والمتمم بالقانون رقم 11- 15 المؤرخ في 02 أوت سنة 2011، والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 44.
– الأمر رقم 09-02 المؤرخ في 22 جويلية سنة 2009، يعدل ويتمم القانون رقم 05-12 المؤرخ في 04 أوت سنة 2005 والمتعلق بالمياه، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 44.
– القانون رقم 11- 14 المؤرخ في 02 أوت سنة 2011 يعدل الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 جويلية سنة 1966 والمتضمن قانون العقوبات، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 44.
– القانون رقم 16-01، المؤرخ في 06 مارس سنة 2016، يتضمن التعديل الدستوري، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 14.
المؤلفات:
– الجوهري السيَد عبد العزيز، محاضرات في الأموال العامة-دراسة مقارنة- الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1987.
– حجو عبد المقصود، المياه العربية والصراع الشرق الأوسط، دار الكتاب العلمية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، مصر، 2006.
– محمد الزواوي خالد، الماء الذهب الأزرق في الوطن العربي، مجموعة النيل العربية للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، 2004.
– مخلف عارف صالح، الإدارة البيئية – الحماية الإدارية للبيئة-، البازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2007.
– وحيد الدين محمد سوار، الحقوق العينية الأصلية، مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الأردن، 1994.
Les ouvrages :
– Decaux Emmanuel, Droit international public, 5e édition, Dalloz, Paris, France, 2006.
– Zella Lakhdar, L’eau Pénurie Ou Incurie, Office Des Publications Universitaires, Algérie, 2007.
[1] القانون رقم 83-17 المؤرخ في 16 جويلية سنة 1983، يتضمن قانون المياه (الملغى)، (ج.ر)، عدد: 30، السنة العشرون، ص. 1895.
[2] القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه، المؤرخ في 04 أوت سنة 2005، (ج.ر)، عدد: 60، ص. 03.
[3] القانون رقم 08-03 المؤرّخ في 23 جانفي سنة 2008 يعدّل ويتمّم القانون رقم 05-12 المؤرخ 04 أوت سنة 2005 والمتعلق بالمياه، (ج.ر)، عدد: 04، ص. 07، وكذلك الأمر رقم 09-02 المؤرخ في 22 جويلية سنة 2009، يعدل ويتمم القانون رقم 05-12 المؤرخ في 04 أوت سنة 2005 والمتعلق بالمياه، (ج.ر)، عدد: 44، ص. 26.
[4] القانون رقم 90-30 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990 المتضمن الأملاك الوطنية، (ج.ر) عدد: 52، المعدل والمتمم بالقانون رقم 08-14 المؤرخ في 20 جويلية سنة 2008، (ج.ر) عدد 44.
[5] القانون رقم 16-01، المؤرخ في 06 مارس سنة 2016، يتضمن التعديل الدستوري، (ج.ر)، عدد 14.
[6] نصت المادة الأولى من القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه، المعدل والمتمم أنه: ” يهدف هذا القانون إلى تحديد المبادئ والقواعد المطبقة لإستعمال الموارد المائية وتسييرها وتنميتها المستدامة كونها ملكا للمجموعة الوطنية.”
[7] إنّ للأموال العامة نظام قانوني بذاته، فكل ما يتصل بهذه الأموال العامة من أعمال أو تصرفات يخضع لقواعد القانون العام وبالتحديد لقواعد القانون الإداري، غير أنّ الأموال الخاصة التي تملكها الدولة الأشخاص المعنوية العامة الأخرى ملكية خاصة فهي تخضع لقواعد مختلفة كقواعد القانون الخاص، عبد العزيز السيَد الجوهري، محاضرات في الأموال العامة-دراسة مقارنة- الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1987، ص. 03.
[8] القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990، يتضمن التوجيه العقاري، ج.ر، عدد: 49، المعدل والمتمم بالأمر رقم 95-26 المؤرخ في 25 سبتمبر1995، (ج.ر)، عدد: 55، ص.11.
[9] Lakhdar Zella, L’eau Pénurie Ou Incurie, Office Des Publications Universitaires, Algérie, 2007, p. 31.
[10] خالد محمد الزواوي، الماء الذهب الأزرق في الوطن العربي، مجموعة النيل العربية للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، 2004، ص. 72.
[11] عبد المقصود حجو، المياه العربية والصراع الشرق الأوسط، دار الكتاب العلمية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، مصر، 2006، ص. 13.
[12] قانون رقم 84-16 المؤرخ في 30 جــوان سنة 1984 المتعلق بالأملاك الوطنية (الملغى)، (ج.ر)، عدد: 27، ص. 1006.
[13] المرسوم التنفيذي رقم 01-101 المؤرخ في 21 أفريل سنة 2001، يتضمن إنشاء الجزائرية للمياه، (ج.ر)، عدد: 24، ص. 04.
[14] من ذلك ما نصت عليه المادة الثانية (02) من المرسوم التنفيذي رقم 08-148 المحدد لكيفيات منح رخصة استعمال الموارد المائية، بأنه يوجه طلب رخصة إستعمال الموارد المائية إلى إدارة الولاية المكلفة بالموارد المائية ويجب أن يتضمن مجموعة من التوضيحات، كالمعلومات الشخصية لصاحب الطلب، والتبرير بعقد رسمي لشغل الأرض أو الأراضي المخصصة لموقع إقامة منشآت أو هياكل إستخراج الماء، إضافة إلى الطبيعة والموقع الجغرافي ومخطط وضعية منشأة أو هيكل إستخراج الماء، والفترة المقررة للأشغال، معدل المنسوب أو الحجم الذي سيستخرج، ومدة الإستغلال، إستعمال أو إستعمالات الماء الذي سيستخرج، إضافة إلى تحديد الوثائق التقنية المطلوبة لإنجاز كل صنف منشأ، أو هيكل إستعمال الموارد المائية بقرار من الوزير المكلف بالموارد المائية. وإن طلب الحصول على الرخصة أي رخصة إستعمال الموارد المائية تمنح بقرار من الوالي وإن إستعمال الموارد المائية يخضع إلى تعليمة تقنية تعدها مصالح إدارة الولاية المكلفة بالموارد المائية.
[15] محمد وحيد الدين سوار، الحقوق العينية الأصلية، مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الأردن، 1994، ص. 23.
[16] المرسوم التنفيذي رقم 08-148 المحدد لكيفيات منح رخصة استعمال الموارد المائية، المؤرخ في 21 ماي سنة 2008، (ج.ر)، عدد: 26، ص. 07.
[17] اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس 1976 وفقا لأحكام المادة 49، وصادقت عليه الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-67 المؤرخ في 16 ماي سنة 1989 المتضمن الإنضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الإختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الموافق عليها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 16 ديسمبر سنة 1966، (ج.ر)، عدد: 20، ص. 531.
[18] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وثيقة تاريخية هامة في تاريخ حقوق الإنسان صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف، بوصفه أنه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، وهو يحدد، وللمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالميا، وترجمت تلك الوثيقة المبينة للحقوق إلى 500 لغة من لغات العالم.
[19] Emmanuel Decaux, Droit international public, 5e édition, Dalloz, Paris, France, 2006, p. 201.
[20] المرسوم الرئاسي رقم 96- 51 المؤرخ في 22 جانفي سنة 1996، يتضمن إنضمام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مع التحفط، إلى إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، (ج.ر)، عدد: 06، ص. 04.
[21] الإتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20-11-1989 بتصديق 20 دولة عليها، وصادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم التشريعي 92- 06 المؤرخ في 17 نوفمبر سنة 1992، يتضمن الموافقة مع تصريحات تفسيرية، على إتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1989، (ج.ر)، عدد: 83، ص. 2123.
[22] عارف صالح مخلف، الإدارة البيئية – الحماية الإدارية للبيئة-، البازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2007، ص. 34.
[23] القانون رقم 11-14 المؤرخ في 02 أوت سنة 2011 يعدل الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 جويلية سنة 1966 والمتضمن قانون العقوبات، (ج.ر)، عدد: 44، ص. 04.
[24] القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري سنة 2006، يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، ج.ر عدد: 14، ص. 04، المتمم بالأمر رقم 10- 05 ممضي في 26 أوت 2010، (ج.ر)، عدد: 50 مؤرخة في 01 سبتمبر 2010، ص. 16، المعدل والمتمم بالقانون رقم 11- 15 المؤرخ في 02 أوت سنة 2011، والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، ج.ر، عدد: 44، ص. 04.
من إعداد الباحث: د/ مـشـنـف أحـمـد أستـاذ محــاضر”ب”
معهد الحقــوق، المركز الجامعي أحمد زبانة -غليزان- الجزائر