دراسات قانونيةسلايد 1

النظام القانوني للتجارة الالكترونية (بحث قانوني)

مقدمة

إلى وقت ليس بالبعيد كانت جل المعاملات القانونية تتسم بالوضوح والتحديد في مضمونها، وكذلك من حيث الطريقة التي تتم من خلالها. ناهيك عن توافر قدر من الأمان والثقة فيها، والسبب يعود إلى أنها كانت تحرر على مستندات مادية، يمكن الوصول إليها والتأكد منها في أي وقت إذا استدعت الضرورة ذلك.

كما أن هو لم يكن من الهين إنكار هذه التعاملات القانونية أو تغيير مضمونها، وهذا راجع لوجود توقيع يقر صحة الكتابة التي تعبر عن مضمون تلك المعاملات، وبالتالي لم تكن لتثور أي تعقيدات في إثبات تلك المعاملات لدى القضاء[1].

غير أنه و في ظل الثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم اليوم و التي قلبت العديد من الأعراف القانونية السائدة سواء على مستوى القانون العام أو الخاص ، الشيء الذي دفع العديد من الدول إلى القيام بالإصلاح و المواكبة التشريعية لهذا التقدم التكنولوجي الهائل.

و تعتبر البيئة الإلكترونية من أكثر المجالات التي تأثرت بهذه التغييرات الجذرية بحيث أصبحت تشكل أحد الركائز الأساسية و المهمة التي تتم عبرها جميع المعاملات الاقتصادية، كما أصبحت تشكل الجزء المهيمن في جل التعاملات التجارية بسبب ما تتوفر عليه من سرعة في ابرام الصفقات و المعاملات .

هذا وتعتبر التجارة الإلكترونية وليدة هذه التطورات إذ كان لها الدور الفعال في زيادة حجم التبادل التجاري و دعم اقتصاد الدول بمليارات الدولارات ،لما وفرته للعملاء في أنظمة تواكب التطور التقني و منها نظام تبادل المعلومات الإلكتروني و التحولات المالية الإلكترونية ، و فتح الحسابات من خلال شبكة الإنترنيت الأمر الذي شجع المستهلكين في اختيار شبكة الإنترنيت كطريقة للتسويق، و التي ساهمت في جعل التنمية الاقتصادية تتدفق بصورة لم يشهد لها التاريخ من قبل.

رسالة لنيل دبلوم الدرارات العليا المعمقة في القانون الخاص :المصادقة على التعاملات الالكترونية دراسة مقارنة –

ونظرا لإنتشار مصطلح التجارة الإلكترونية كمصطلح رنان ضرب واجتاح مختلف التشريعات الوطنية و العالمية فقد عملت على تعريف هذا المصطلح ، إذ عرف قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التجارة الالكترونية للأمم المتحدة وتحديدا في المادة 2 التجارة الالكترونية بأنها ” نقل المعلومات من حاسوب إلى حاسوب آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات “.

إلا أن المشرع المغربي في القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية لم يتعرض لمسألة تعريف التجارة الإلكترونية ، وحسنا فعل لأن مصطلح التجارة الإلكترونية هو مصطلح غير ثابت يتغير تبعا للتقدم التكنولوجي الذي يعرفه العالم اليوم تلو الآخر.

وقد ركب المغرب بدوره موجة إصلاحات على غرار التشريعات المقارنة حيث عمل وضع ترسانة قانونية من شأنها مواكبة التقنيات الجديدة التي يعرفها العالم و يتعلق الأمر باستراتيجية المغرب الرقمي الذي يضم في ثناياه مجموعة من المقتضيات الجديدة الخاصة بالتصرفات القانونية الإلكترونية ، بدءا بالقانون رقم 53.05 المشار إليه أعلاه، القانون رقم 18-95 المتعلق بميثاق للاستثمارات ، والمرسوم رقم 2-08-310 المؤرخ 23 شوال 1429 23/10/2008 المحدث بموجبه جواز السفر البيومتري و القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك الالكتروني، و القانون رقم 07.03 بتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بجرائم نظم المعالجة الآلية للمعطيات ، و القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ، منشور الوزير الأول رقم 2009 / 17 القاضي بتفعيل المجلس الوطني لتكنولوجيات الإعلام والاقتصاد الرقمي ،المرسوم رقم 2-08-444 المتعلق بإحداث المجلس الوطني لتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي وصدر أيضا القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ، و القانون رقم 34.05 القاضي بتغيير و تتميم القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة ، و القانون رقم 99.02 المغير و المتمم لمدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة ، وصولا إلى القانون رقم 24.96 المتعلق بالبريد و المواصلات[2] .

ولما كانت هذه المسائل القانونية التي أفرزتها التجارة الإلكترونية ذات تأثير فعال على مجالات الحياة المختلفة و بالأخص المجال القانوني منها فقد ارتأينا إلى دراسة ما استطعنا منها في هذا الموضوع المتخصص و ذلك من خلال تحليل الإشكالية التالية :

إلى أي حد استطاع المشرع المغربي وضع ترسانة قانونية تستوعب كل الإشكاليات التي تطرحها التجارة الإلكترونية على غرار التشريعات المقارنة ؟

سلسلة الأبحاث الجامعية والأكاديمية – العدد 17 – تضريب التجارة الإلكترونية واقع وآفاق

للإجابة على هذه الإشكالية إرتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين :

المبحث الأول: التنظيم القانوني للعقد الموجه بطريقة إلكترونية في التشريع المغربي والمقارن .

المبحث الثاني : الترسانة القانونية المنظمة للتوقيع الإلكتروني و التشفير و المصادقة الإلكترونية .

المبحث الأول: التنظيم القانوني للعقد الموجه بطريقة إلكترونية في التشريع المغربي والمقارن.

لقد أضاف المشرع المغربي القانون 53.05 والمتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية إذ تضمن هذا الأخير أحكام جديدة سواء من حيث تنظيمه للكيفية إبرام العقد الإلكتروني ( المطلب الأول )،وأيضا من حيث حجية هذا الأخير في الإثبات (المطلب الثاني).

المطلب الأول: كيفية تنظيم العقد المبرم بشكل إلكتروني.
سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين ، الأولى سنخصصها للإيجاب الإلكتروني (العرض) ، أما الثانية سنعالج فيها القبول الإلكتروني ( الطلب ) .

الفقرة الأولى : الإيجاب الإلكتروني (العرض)
بالرجوع للقانون رقم 53.05 والمتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية وتحديدا في الفصل 3-65 الذي ينص على أنه:

“يمكن استخدام الوسائل الإلكترونية لوضع عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام عقد من العقود.

يمكن توجيه المعلومات المطلوبة من أجل إبرام عقد أو المعلومات الموجهة أثناء تنفيذه عن طريق البريد الإلكتروني إذا وافق المرسل إليه صراحة على استخدام الوسيلة المذكورة.

يمكن إرسال المعلومات إلى المهنيين عن طريق البريد الإلكتروني ابتداء من الوقت الذي يدلون فيه بعنوانهم الإلكتروني.

إذا كان من الواجب إدراج المعلومات في استمارة، تعين وضع هذه الأخيرة بطريقة إلكترونية رهن إشارة الشخص الواجب عليه تعبئتها”.

إذن يتبين لنا أنه وفي إطار انتشار تقنية التواصل عن بعد فإنه أصبح بالإمكان بيان الجهة المنوي التعاقد معها بمقتضى عرض موجه للعموم في شكل إيجاب يتضمن مشروع التعاقد، ويعتبر البريد الإلكتروني من أبرز الوسائل المعتمدة في هذا الباب لنقل مضمون العرض للغير، إلا أنه إذا تم الاتفاق على تمرير هذه المعلومات في شكل استمارة، فإنه من الواجب وضع هذه الأخيرة رهن إشارة الجهة الواجب عليها ملؤها، حسب الفقرة 4 من الفصل 3-65.

إلا أن هذا العرض وحتى يكون صحيحا من الناحية القانونية فيتعين أن يكون مستجمعا لكافة الشروط والعناصر المقررة في الفصل 4-65 إذ نص في فقرته الأولى على أنه:

“يتعين على من يقترح، بصفة مهنية وبطريقة إلكترونية، توريد سلع أو خدمات أو تفويت أصول تجارية أو أحد عناصرها، أن يضع رهن إشارة العموم الشروط التعاقدية المطبقة بشكل يمكن من الاحتفاظ بها واستنساخها”.

ونص الفصل 4-65 أيضا في فقرته الثالثة على أنه وعلاوة على ذلك يجب أن يتضمن العرض مجموعة من البيانات الإلزامية وهي كما يلي:

1-الخصائص الرئيسية للسلعة الخدمة المقترحة أو الأصل التجاري المعني أو أحد عناصره.

2-شروط بيع السلعة او الخدمة أو شروط تفويت الأصل التجاري.

3-مختلف المراحل المتبعة لإبرام العقد بشكل إلكتروني لا سيما الوسائل التي بواسطتها يمكن للأطراف التحرر من التزاماتهم المتبادلة.

4-الوسائل التقنية التي تمكن المستعمل المحتمل قبل إبرام العقد من كشف الخطاء المرتكبة أثناء تحصيل المعطيات وتصحيحها.

5-اللغات المقترحة من اجل إبرام العقود.

6-طريقة حفظ العقد في الأرشيف من لدن صاحب العرض وشروط الاطلاع على العقد المحفوظ إذا كان من شأن طبيعة العقد أو الغرض منه تبرير ذلك.

7-وسائل التعرف بطريقة إلكترونية على القواعد المهنية والتجارية التي يعتزم صاحب العرض لخضوع لها، عند الاقتضاء.

وباستقرائنا للفقرة الأخيرة من الفصل 4-65 يتبين لنا أن المشرع وضع تنبيها دقيقا من شأنه إفراغ العرض من محتواه القانوني ويتعلق الأمر بالعرض الغير متضمن لأحد البيانات المشار إليها في الفصل أعلاه إذ نص على أن ” كل اقتراح غير متضمن لكافة البيانات المشار إليها في هذا الفصل لا يجوز اعتباره عرضا بل يبقى مجرد إشهار، ولا يلزم صاحبه”.

أما بخصوص الفترة زمنية التي يتعين الإبقاء فيها على العرض كأرضية صالحة للمفاوضات فإن المشرع ميز في القانون (53.05) كما هو الحال في قانون الالتزامات و العقود بين الحالات التي يتضمن فيها العرض أجلا لسريانه[3] (العرض الملزم) حيث يبقى العارض ملزما به طيلة فترة الأجل المحددة في العرض، وبين الحالات التي يكون فيها العرض مطلقا[4] حيث يظل ملزما بعرضه طالما بقي الولوج إلى مضمون العرض متيسرا بطريقة إلكترونية، وهو ما ذهب إليه المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 4-65 .

وفي المقابل نجد قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية (الجمعية العامة للأمم المتحدة) في فصله الثالث و تحديدا في المادة 11/1[5] أنه يجوز للأطراف مالم يتفقان على خلاف ذلك استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض و قبوله، وأنه عند استخدام رسالة البيانات فتكوين عقد من العقود فإنه لايفقد قابليته للتنفيذ و لا يفقد صحته لمجدر استخدام هذه الرسالة لذلك الغرض.

و المقصود برسالة البيانات”المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها أو تسلخها أو تخزينها بواسطة وسائل إلكترونية أو ضوئية إو بوسائل أخرى مشابهة، بما في ذلك تبادل البيانات الإلكترونية أو البريد الإلكتروني أو التلكس أو النسخ البرقي ” طبقا للمادة 2/أ من قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية الصادر بتاريخ 16/ ديسمبر 1996..

وخلافا للمشرع المغربي في القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، نجد أن قانون الأونسيترال النموذجي قد فصّل فيما يتعلق بإسناد رسائل البيانات حيث أقر في المادة 13 منه على ما يلي:

” 1 – تعتبر رسالة البيانات صادرة عن المنشئ إذا كان المنشئ هو الذي أرسلها بنفسه .

2 – في العلاقة بين المنشئ و المرسل إليه ، تعتبر رسالة البيانات أنها صادرة عن المنشئ إذا أرسلت :

أ- من شخص له صلاحية التصرف نيابة عن المنشئ فيما يتعلق برسالة البيانات .

ب- من نظام معلومات مبرمج على يد المنشئ أو نيابة عنه للعمل تلقائيا .

3 – في العلاقة بين المنشئ و المرسل إليه ، يحق للمرسل إليه أن يعتبر رسالة البيانات أنها صادرة عن المنشئ و أن يتصرف على أساس هذا الافتراض ، إذا :

أ- إذا طبق المرسل إليه تطبيقا سليما ، من اجل التأكد من أن رسالة البيانات قد صدرت عن المنشئ ، إجراء سبق إن وافق عليه المنشئ لهذا الغرض .

ب- أو كانت رسالة البيانات كما تسلمها المرسل إليه ناتجة عن تصرفات شخص تمكن بحكم علاقته بالمنشئ او بأي وكيل للمنشئ من الوصول إلى طريقة يستخدمها المنشئ لإثبات أن رسائل البيانات صادرة عنه فعلا.”.

وفصّل أيضا فيما يخص الإقرار باستلام رسائل البيانات وهو ما أكدته المادة 14 بقولها : 1– تنطبق الفقرات من 2 الى 4 من هذه المادة عندما يكون المنشئ قد طلب من المرسل إليه ، وقت أو قبل توجيه رسالة البيانات ، او بواسطة تلك الرسالة ، توجيه إقرار باستلام رسالة البيانات ، أو اتفق معه على ذلك .

2 – إذا لم يكن المنشئ قد اتفق مع المرسل إليه على ان يكون الإقرار بالاستلام وفق شكل معين أو على أن يتم بطريقة معينة ، يجوز الإقرار بالاستلام عن طريق :

أ- أي إبلاغ من جانب المرسل إليه سواء أكان بوسيلة آلية أو بأية وسيلة أخرى .

ب- أو إي سلوك من جانب المرسل إليه .

و ذلك بما يكون كافيا لعلم المنشئ بوقوع استلام رسالة البيانات.

3 – إذا كان المنشئ قد ذكر أن رسالة البيانات مشروطة بتلقي ذلك الإقرار بالاستلام ، تعامل رسالة البيانات و كأنها لم ترسل أصلا إلى حين ورود الإقرار .

4 – إذا لم يكن المنشئ قد ذكر أن رسالة البيانات مشروطة بتلقي الإقرار بالاستلام ، ولم يتلق المنشئ ذلك الإقرار في غضون الوقت المحدد أو المتفق عليه ، أو في غضون وقت معقول إذا لم يكن قد تم تحديد وقت معين أو الاتفاق عليه ، فإن المنشئ :

أ- يجوز له أن يوجه إلى المرسل إليه إشعارا يذكر فيه أنه لم يتلق أي إقرار بالاستلام و يحدد فيه وقتا معقولا يتعين في غضونه تلقي ذلك الإقرار .

ب – و يجوز له ، إذا لم يرد الإقرار بالاستلام في غضون الوقت المحدد في الفقرة الفرعية (أ) ، بعد توجيه إشعار إلى المرسل إليه أن يعامل رسالة البيانات كأنها لم ترسل أصلا أو يلجا إلى التمسك بما قد يكون له من حقوق أخرى .

5 – عندما يتلقى المنشئ إقرارا بالاستلام من المرسل إليه ، يفترض أن المرسل إليه قد استلم رسالة البيانات ذات الصلة . و لا ينطوي هذا الافتراض ضمنا على ان رسالة البيانات التي أرسلت تتطابق مع الرسالة التي وردت .

6 – عندما يكون الإقرار بالاستلام الذي يرد أن رسالة البيانات ذات الصلة قد استوفت الشروط الفنية سواء المتفق عليها أو المحددة في المعايير المعمول بها ، يفترض أن تلك الشروط قد استوفيت.

7- لا تتعلق هذه المادة إلا بإرسال رسالة البيانات أو استلامها ، و لا يقصد منها أن تعالج العواقب القانونية التي قد تترتب سواء على رسالة البيانات أو الإقرار باستلامها .

الفقرة الثانية : القبول الإلكتروني (الطلب)
يعتبر القبول الإلكتروني من ركائز إقامة العقود الإلكترونية، ذلك أن الإيجاب الإلكتروني (العرض) لا يكفي لوحده لصحة إبرام العقد، بل لابد أن يعقب العرض قبول إلكتروني مطابق له. وقد نظم المشرع المغربي أحكام القبول الإلكتروني في الفصل 5-65 من القانون منظم للتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية (53.05)، الذي يؤكد على ضرورة تأكيد القبول في الفقرة الأولى من الفصل 5-65 و هذه نقطة تحسب للمشرع المغربي لأن مسألة تأكيد القبول من شأنها حماية المستهلك أو المتعاقد الإلكتروني من احتمال الضغط خطأ دون وعي منه.

و ينتج عن القبول انعقاد العقد الإلكتروني بمجرد توصل الموجب بتأكيد قبول العرض وإشعاره القابل بتسلم القبول، وفق الفصل 5-65 الذي ينص على أنه :

–”يشترط لصحة إبرام العقد أن يكون من أرسل العرض إليه قد تمكن من التحقق من تفاصيل الإذن الصادر عنه ومن السعر الإجمالي ومن تصحيح الأخطاء المحتملة ، وذلك قبل تأكيد الإذن المذكور لأجل التعبير عن قبوله .

يجب على صاحب العرض الإشعار بطريقة إلكترونية، ودون تأخير غير مبرر ، بتسلمه قبول العرض الموجه إليه .

يصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل لا رجعة فيه.

يعتبر قبول العرض وتأكيده والإشعار بالتسلم متوصلا بها إذا كان بإمكان الأطراف المرسلة إليهم الولوج إليها”.

وبتأملنا للفصل أعلاه نستشف أن المشرع المغربي لم يحسم في مسألة تحديد زمان و مكان إبرام العقد الإلكتروني، وهو ما نجح فيه قانون الأونسيترال النموذجي حيث فصل في هذا الأمر عن طريق تقريره في المادة 15 التي تحدد زمان و مكان إرسال و استلام رسائل البيانات التي تنص على ما يلي :

” 1- ما لم يتفق المنشئ و المرسل إليه على خلاف ذلك ، يقع ارسال رسالة البيانات عندما تدخل الرسالة نظام المعلومات لا يخضع لسيطرة المنشء او سيطرة الشخص الذي أرسل رسالة البيانات نيابة عن المنشئ .

2 – ما لم يتفق المنشئ و المرسل غليه على غير ذلك ، يتحدد وقت استلام رسالة البيانات على النحو التالي :

أ- إذا كان المرسل إليه قد عين نظام معلومات لغرض استلام رسائل البيانات يقع الاستلام : + وقت دخول رسالة البيانات نظام المعلومات المعين.

+ وقت استرجاع المرسل إليه لرسالة البيانات ، إذا أرسلت رسالة البيانات إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكن ليس هو النظام الذي تم تعيينه .

ب- إذا لم يعين المرسل إليه نظام معلومات ، يقع الاستلام عندما تدخل رسالة البيانات نظام معلومات تابعا للمرسل إليه.

3 – تنطبق الفقرة (3) و لو كان المكان الذي يوجد فيه نظام المعلومات مختلفا عن المكان الذي يعتبر ان رسالة البيانات استلمت فيه بموجب الفقرة (4) .

4- ما لم يتفق المنشئ و المرسل إليه على غير ذلك ، يعتبر ان رسالة البيانات أرسلت من المكان الذي يقع فيه مقر عمل النشئ ، ويعتبر أنها استلمت في المكان الذي يقع فيه مقر عمل المرسل إليه . ولأغراض هذه الفقرة :

أ- إذا كان المنشئ أو المرسل إليه لأكثر من مقر عمل واحد ، كان مقر العمل هو المقر الذي له أوثق علاقة بالمعاملة المعنية ، اة مقر العمل الرئيسي إذا لم توجد مثل تلك المعاملة.

ب – إذا لم يكن المنشئ أو المرسل إليه مقرعمل ، يشار من ثم إلى عمل اقامته المعتاد.”

المطلب الثاني : المحررات الإلكترونية وحجيتها في الإثبات.
سنتطرق في هذا المطلب إلى تعريف المحرر الإلكتروني في الفقرة الأولى ، بعد ذلك سنتحدث عن الإثبات بالكتابة في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى : مدلول المحرر الإلكتروني.
بقراءتنا للقانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية نجد أن المشرع المغربي لم يعرف صراحة المحرر الإلكتروني، لكنه منح المحررات الإلكترونية نفس القوة الثبوتية التي تستأثر بها المحررات الورقية طبقا للفصل 1-417[6] من نفس القانون، وهو نفس التوجه الذي سار عليه المشرع العماني في المرسوم رقم (69/2008) بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية (سلطنة عمان).

وقد أضاف المادة 1316 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بالإثبات بالوسائل الإلكترونية في تعريفها للمحرر المستعمل في الإثبات بأنه “كل تتابع للحروف أو الرموز أو الأرقام أو إشارات تدل على المقصود منها ويستطيع الغير أن يفهمها”[7].

وبانتقالنا المشرع التونسي وبالضبط في الفصل 453 مكرر من قانون الالتزامات والعقود التونسي بأنها “الوثيقة المكونة من مجموعة من أحرف أو أرقام أو أي إشارات رقمية أخرى بما في ذلك تلك المتبادلة عبر وسائل الاتصال تكون ذات محتوى يمكن فهمه ومحفوظة على حامل الكتروني يؤمن قراءتها والرجوع إليها عند الحاجة”.

وقد عرف كذلك البند (التاسع) من المادة 1 من القانون العراقي المستندات القانونية بأنها ” المحررات و الوثائق التي تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كليا أو جزئيا بوسائل إلكترونية بما في ذلك تبادل البيانات إلكترونيا أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي و يحمل توقيعا إلكترونيا “.

كما نجد أن الفقرة (ب) المادة 1 من قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004 عرف المحرر الإلكتروني بأنه :

“رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ وتدمج، أو تخزن، أو ترسل، أو تستقبل كليا أو جزئيا، بوسيلة الكترونية، أو رقمية، أو ضوئية، أو بأية وسيلة أخرى مشابهة”

الفقرة الثانية : الإثبات بالكتابة
رجوعا للفقرة (أ) المادة 1 من قانون التوقيع الالكتروني المصري نجدها قد عرفت الكتابة الالكترونية بأنها ” كل حروف أو أرقام أو رموز أو أي علامات أخرى تثبت على دعامة الكترونية أو رقمية ،أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطي دلالة قابلة لإدراك ”

وعلى خلاف القانون المصري نجد المشرع المغربي في القانون (53.05) قد أضاف مكسبا جديدا في ميدان الإثبات عند تأكيده في الفصل 1-417 بأنه ” تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.

وقد نحى المشرع العماني في المرسوم رقم (69/2008) بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية (سلطنة عمان)، نحو نظيره المغربي إذ نجده قد أقر في المادة (7) أن ” تنتج الرسالة الإلكترونية أثرها القانوني وتعتبر صحيحة وقابلة للتنفيذ شأنها في ذلك الوثيقة المكتوبة…”[8]

وقد نص القانون النموذجي للتجارة الالكترونية كذلك في مادته (6) على أنه ” عندما يشترط القانون ان تكون المعلومات مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليه لاحقا.

تسري أحكام الفقرة (1) سواء اتخذ الشرط المنصوص عليه فيها شكل التزام أو اكتفى في القانون بمجرد النص على العواقب التي تترتب ‘ذا لم تكن المعلومات مكتوبة.”

وقد ذهب كذلك المشرع الفرنسي في الفقرة (1) المادة 1316/3 :« L’écrit sous frome électronique est admis en preuve ou même litre que l’écrit sur support papier , sous réserve que puisse être dument identifiée la personne dont il emane et qu’il soit établi et conservé dans les conditions de nature à en garanti »

كما اعترفت المادة 323 مكرر1 من القانون المدني الجزائري 10.05 المؤرخ في 20 جوان 2005 المعدل و المتمم للقانون المدني، بالكتابة الإلكترونية في إثبات التصرفات و العقود من جهة، و جعلتها معادلة في حجيتها للوثسقة المخطوطة على دعامة ورقية من جهة أخرى.[9]

و للإعتداد بهذه المحررات الإلكترونية كوسيلة في الإثبات فقد اشترط فيها المشرع المغربي في القانون 53.05 و بالضبط في الفقرة (2) من الفصل 1-417 الذي يقر على أنه ” تقبل الوثيقة المحررة بشكل الكتروني الإثبات، شأنها في ذلك شان الوثيقة المحررة على الورق ن شريطة أن يكون بالإمكان التعرف ، بصفة قانونية ، على الشخص الذي صدرت عنه و أن تكون معدة و محفوظة وفق شروط من شانها ضمان تماميتها “.

ويتضح من الفصل أعلاه أن الوثيقة الإلكترونية يجب أن تكون:

1-محررة على دعامة إلكترونية.

2-أن يكون بالإمكان التعرف بصفة قانونية عللى الشخص الذي صدرت عنه.

3-أن تكون محفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها وقانونيتها.

وحسب قانون سلطنة عمان في المرسوم رقم (69/2008) بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية في المادة 11 على أنه “…وتكون لهذه الرسالة حجية في الإثبات، مه مراعاة الآتي:

أ- مدى إمكانية الاعتماد على الطريقة التي تم بها تنفيذ واحدة أو أكثر من عمليات التفيذ أو الادخال أو الإنشاء أو المعالجة أو التخزين أو التقديم أو الارسال .

ب- مدى إمكانية الاعتماد على الطريقة التي تمت بها المحافظة على سلامة المعلومات.

ج- مدى إمكانية الاعتماد على مصدر المعلومات إذا كان معروفا.

د- مدى إمكانية الاعتماد على الطريقة التي تم بها التحقق من هوية المنشئ إذا ذات صلة .

ه- أي عامل آخر ذو صلة …”

المبحث الثاني : الترسانة القانونية المنظمة للتوقيع الإلكتروني و التشفير و المصادقة الإلكترونية .
من أجل تعزيز الثقة وحماية المحررات الإلكترونية عن طريق إتباع عمليتي التوقيع الإلكتروني و التشفير ( المطلب الأول ) ، عمل التشريع المغربي و المقارن خلق مؤسسة المصادقة الإلكترونية ( المطلب الثاني).

المطلب الأول : التوقيع و التشفير في عقود التجارة الإلكترونية.
سنخصص (الفقرة الأولى) لتعريف التوقيع الإلكتروني و حجيته في الإثبات ، و سنعالج في (الفقرة الثانية) التشفير الإلكتروني .

الفقرة الأولى : التوقيع الإلكتروني المؤمن.
مدلول التوقيع الإلكتروني .
بخلاف القانون المغربي الذي لم يعرف صراحة التوقيع الإلكتروني عند تنظيمه لأحكام العقد الإلكتروني ، ذهب قانون الأونسيترال النموذجي الصادر سنة 2001 عن لجنة الأمم المتحدة للتجارة الدولية عكس مسار المشرع المغربي إذ نص في مادته 2 ” البيانات الإلكترونية الموجودة في رسائل البيانات و المرتبطة منطقيا بها و التي تستخدم للتحقق من شخصية الموقع في إطار هذه الرسائل و نشير إلى قبوله المعلومات التي تتضمنها “.

و قد تدخل المشرع الفرنسي بدوره فعرف التوقيع الإلكتروني في المادة 1316 في فقرتها 4 من القانون المدني الفرنسي المعدل و المتمم بقانون رقم 2000-230 بتاريخ 13 مارس 2000 المتعلق بالإثبات بأنه ” التوقيع ضروري لاكتمال التصرف القانوني الذي يجب أن يميز هوية صاحبه كما يعبر عن رضى الأطراف بالتزامات الناشئة عنه … وإذا ما تم التوقيع في شكل إلكتروني وجب استخدام طريقة موثوق بها تميز هوية صاحبه واتجاه إرادته لإلتزام بالعمل القانوني المقصود “.

كما عرفه المشرع المصري في المادة (1/أ) في قانون التوقيع الإلكتروني بأنه ” ما يوضع على المحرر الإلكتروني و يتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له طابع متفرد ويسمح بتحديد شخص الموقع و يميزه عن غيره “.

وقد ذهب جارنا الجزائري من خلال القانون 04-15 المتعلق بتحديد القواعد العامة المتعلقة بالتوقيع و التصديق الإلكترونيين فعرّف التوقيع الإلكتروني من خلال المادة 2 بأنه ” بيانات في شكل الكتروني مرفقة أو مرتبطة منطقيا ببيانات أخرى تستعمل كوسيلة توثيق ، أي أنه يستعمل لتوثيق هوية الموقع و إثبات قبوله مضمون الكتابة في الشكل الإلكتروني “.

و الملاحظ من خلال هذا التعريف للمشرع الجزائري أنه ساير قانون الأونسيترال النموذجي شأننه شأن باقي الدول العربية في تعريفها للتوقيع الإلكتروني.

وقد تعرض المشرع الأردني في قانون معاملاته الالكترونية رقم (85) لسنة 2001 لتعريف التوقيع الالكتروني بأنه “البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ، وتكون مدرجة بشكل الكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أي وسيلة أخرى مماثلة في رسالة معلومات أو مضافة إليها أو مرتبطة بها و لها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ، ويميزه من غيره من اجل توقيعه و بغرض الموافقة على مضمونه.

2-حجية التوقيع الإلكتروني المؤمن.

من الضروي أن يكتنف التوقيع الإلكتروني لبسط آثاره القانونية مجموعة من الشروط الأساسية ، و قد أوردها المشرع المغربي في المادة 6 من قانون 53.05 إذ نصت على أنه “يجب ان يستوفي التوقيع الالكتروني المؤمن المنصوص عليه في الفصل 3-417 من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات و العقود الشروط التالية :

– أن يكون خاصا بالموقع[10].

– أن يتم إنشاؤه بوسائل يمكن للموقع الاحتفاظ بها تحت مراقبته الخاصة بصفة حصرية.

– أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به بكيفية تؤدي إلى كشف أي تغيير لاحق أدخل عليها .

يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية لإنشاء التوقيع الإلكتروني ، تكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة …”.

و تتمثل آلية إنشاء التوقيع الالكتروني حسب المادة 8 من نفس القانون في معدات أو برمجيات أو هما معا يكون الغرض منها توظيف معطيات انشاء التوقيع الالكتروني التي تتضمن العناصر المميزة الخاصة بالموقع ،كمفتاح الشفرة الخاصة المستخدم من لدنه لإنشاء التوقيع الالكتروني .

يتعين أن يشار إلى معطيات التحقق من التوقيع الإلكتروني المؤمن في الشهادة الإلكترونية المؤمنة المنصوص عليها في المادة 10 من هذا القانون.

وعمل المشرع السعودي بدوره على تحديد مجموعة من الشروط حتى يكون للتوقيع الإلكتروني حجيته التامة و هذا ما نجده في المادة 10 من اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية (ربيع الأول 1429ه) ، إذ نجدها تنص على أنه :

” 1 – تنعقد حجية التوقيع الإلكتروني ، إذا تم الالتزام بالضوابط و الشروط التالية :

أن يكون التوقيع مرتبطا بشهادة تصديق رقمي صادرة من مقدم خدمات تصديق مرخص له من قبل الهيئة ، أو بشهادة تصديق رقمي معتمدة من المركز.
أن تكون شهادة التصديق المرتبطة بالتوقيع نافذة المفعول و قت إجراء التوقيع .
الحفاظ على سلامة بيانات هوية الموقع ، وتوافقها مع شهادة التصديق الرقمي .
إذا تم التوقيع بالاشتراك مع منظومة بيانات إلكترونية لدى الموقع ، فيشرط سلمة الارتباط المنطقي و الفني بين منظومة التوقيع الإلكتروني ، ومنظومة البيانات الإلكترونية ، ومن ثم خلوهما من العيوب الفنية التي قد تؤثر في صحة انعقاد التوقيع و إرساله.
توافر الحد الأدنى من البنية الفنية و الإدارية ، وكذلك الموارد ذات الصلة التي تحقق بهما السيطرة على إجراءات التوقيع وضمان سرية البيانات حسب الشروط الفنية الواردة في إجراءات التصديق الرقمي الخاصة بمقدم خدمات التصديق .
التزام الموقع بجميع الشروط الواردة في إجراءات التصديق الرقمي الخاصة بمقدم خدمات التصديق فيما يتعلق بإجراءات التوقيع الإلكتروني ، بما لا يتعارض مع الأنظمة و اللوائح.
وقد نصت المادة 7 من القانون النموذجي من التجارة الالكترونية على الاعتراف بالتوقيع الالكتروني بشرط ان يكون التوقيع دالا على هوية الشخص الموقع.

الفقرة الثانية : التشفير الإلكتروني .
عرّف المشرع المغربي وسيلة التشفير الالكتروني في المادة 12 من قانون (53.05) ” يراد بوسيلة التشفير كل عتاد أو برمجية أو هما معا ، ينشأ أو يعدل من اجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية أو من اجل انجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها.

أما فيما يخص المرسوم السلطاني رقم (69/2008) بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية وتحديدا في مادته 1 الفقرة الأخيرة بأنه ” عملية تحويل نص بسيط أو وثيقة نصية أو رسالة الكترونية إلى رموز غير معروفة أو مبعثرة يستحيل قراءتها أو معرفتها بدون إعادتها إلى هيئتها الأصلية “.

كما اهتم المشرع الفرنسي بتعريف خدمات التشفير في المادة 28/1 من القانون رقم 90-1170 الصادر في 29 ديسمبر 1990 بأن تنظيم الاتصالات عن بعد بأنها ” أي خدمات تهدف إلى تحويل معلومات او رموز واضحة إلى معلومات أو رموز غير مفهومة بالنسبة للغير وذلك عن طريق اتفاقات سرية أو تنفيذ عكس هذه العملية بفضل وسائل مادية أو برامج مخصصة بهذا الغرض “,

في ذات الاتجاه يشير قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية إلى أن التشفير هو” فرع الرياضيات التطبيقية الذي يعني بتحويل الرسالة إلى أشكال تبدو غير مفهومة ثم إعادتها إلى أشكالها الأصلية”

أما قانون التوقيع الإلكتروني المصري فلقد جاء خاليا من الإشارة لتحديد المقصود بالتشفير ، إلا ان اللائحة التنفيذية لقانون المذكور قد عالجت ذلك الأمر حيث أوردت في المادة 1/9 تعريفا للتشفير بأنه ” منظومة تقنية حسابية تستخدم مفاتيح خاصة لمعالجة وتحويل البيانات و المعلومات المقروءة الكترونيا بحيث تمنع استخلاص هذه البيانات و المعلومات إلا عن طريق استخدام مفتاح أو مفاتيح فك الشفرة “.

أما في يتعلق المشرع التونسي فقد عرّف التشفير في الفصل (3) بأنه ” استعمال رموز أو إشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات المرغوب تمريرها أو إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير أو استعمال رموز أو إشارات لا يمكن الوصول إلى المعلومة بدونها “.

و تهدف وسائل التشفير على الخصوص إلى ضمان سلامة تبادل المعطيات القانونية بطريقة الكترونية أو تخزينها أو هما معا ، بكيفية تمكن من ضمان سريتها و صدقيتها و مراقبة تماميتها و هذا ما نصت عليه المادة 12 من قانون 53.05[11].

وحسب المادة 13 من نفس القانون الذي تنص على أنه ” للحيلولة دون استخدام التشفير لأغراض غير مشروعة و من أجل الحفاظ على مصالح الدفاع الوطني و امن الدولة الداخلي أو الخارجي ، فإن استيراد وسائل التشفير أو تصديرها أو توريدها أو استغلالها أو استخدامها أو تقديم خدمات متعلقة بها يخضع لما يلي :

أ- التصريح المسبق عندما ينحصر الغرض من هذه الوسيلة أو هذه الخدمة في التصديق على إرسالية أو ضمان تمامية المعطيات المرسلة بطريقة الكترونية .

ب – الترخيص المسبق من الإدارة عندما يتعلق الأمر بغرض غير الغرض المشار إليه في البند (أ) أعلاه .

تحدد الحكومة :

ا- لوسائل او الخدمات المستوفية للمعايير المشار إليها في البند (أ) أعلاه .

2- الطريقة التي يتم وفقها الإدلاء بالتصريح و منح الترخيص : المشار إليهما في الفقرة السابقة .

يجوز للحكومة ـن تقرر نظاما مبسطا للتصريح أو الترخيص أو الإعفاء من التصريح أو من الترخيص بالنسبة إلى بعض أنواع وسائل أو خدمات التشفير أو بالنسبة إلى بعض فئات المستعملين.

وطبقا للمرسوم رقم 2.08.518 الصادر في 25 من جمادى الأولى 1430( 24 ماي 2009) لتطبيق القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية وحسب المادة (3) ” يودع التصريح المسبق لاستيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير لدى السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة مقابل وصل يحمل رقم التسجيل ، وذلك قبل ثلاثين (30) يوما على الأقل من التاريخ المحدد لإنجاز العملية المعنية بهذا التصريح ، أو يوجه إلى السلطة المذكورة بواسطة رسالة مضمونة مع وصل بالتسليم داخل نفس الأجل المذكور، الذي يحتسب ابتداء من التاريخ الذي يحمله وصل التسلم.
ويشفع هذا التصريح المسبق بملف يتكون من جزء إداري يسمح بإثبات هوية المصرح وكذا موضوع وطبيعة أنشطته ومن جزء تقني يشتمل على وصف لوسيلة أو لخدمة التشفير ولكيفية استغلالها.

كما يجب إخبار السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة بكل تغيير يطرأ على أحد العناصر التي ينبني عليها التصريح.

وانطلاقا من المادة (4) من نفس المرسوم على أنه يحدد شكل التصريح المسبق ومحتوى الملف الذي يرافقه بموجب قرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة ، يتخذ بناء على اقتراح من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.

وأيضا أقرت المادة (5) بأنه في حالة تسليم ملف غير كامل أو تتعارض أحد مستنداته ، يطلب من المصرح، بواسطة رسالة مضمونة مع وصل بالتسلم، الإدلاء بالمستندات المطلوبة داخل أجل أقصاه شهر يسري ابتداء من تاريخ تسلم ملف التصريح. وفي هذه الحالة، يسري الأجل المنصوص عليه و هو ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ تسلم المستندات المذكورة.

و عند انقضاء أجل ثلاثين يوما ، وفي حالة سكوت السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة، يجوز للمصرح القيام بالعمليات موضوع التصريح.

و إذا تبين خلال دراسة الملف أو وسيلة أو خدمة التشفير المصرح بها تخضع لنظام الترخيص المسبق ، يدعى المصرح ، بواسطة رسالة مضمونة مع وصل التسلم ، إلى تقديم طلب الحصول على ترخيص مسبق داخل أجل شهر يحتسب ابتداء من تاريخ تسلم أو تتميم الملف ، وذلك وفق الشروط المحددة في الباب الثالث من هذا المرسوم.

وأوردت المادة (6) أنه يجوز أن يشفع التصريح المسبق لاستيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير، بتصريح للاستخدام العام يبين مجال استخدام وسيلة أو خدمة التشفير وكذا أصناف المستخدمين المحتملين الموجهة إليهم الوسيلة أو الخدمة.

و يقصد بتصريح الاستخدام العام: التصريح الذي يسمح لكل شخص ذاتي أو معنوي غير المصرح باستخدام وسيلة أو خدمة تشفير خضعت لتصريح مسبق.

وفي إطار المادة (7) أنه ينجز التصريح المسبق من أجل توريد وسائل أو خدمات التشفير مرة واحدة عن كل وسيلة أو خدمة تشفير معينة، حتى لو كانت هذه الوسيلة أو الخدمة تورد من قبل موردين متعددين أو سلمت لمرات متعددة. ينجز هذا التصريح قبل شهر على الأقل من تاريخ التسليم الأول سواء تم هذا التسليم مجانا أو بمقابل ، ويعتبر التصريح المسبق الذي ينجر وفقا لأحكام هذا الباب بمثابة تصريح مسبق بالنسبة للوسطاء الذين يضمنون عند الإقتضاء، نشر وسيلة التشفير التي يوردها المصرح .

وبانتقالنا للباب الثالث بالمرسوم السابق المتعلق بكيفيات تسليم التراخيص المسبقة من أجل استيراد أو تصديرأو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفيرو حسب المادة (8) فإنه يجب أن يودع طلب الترخيص المسبق من أجل استيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير لدى السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة مقابل وصل يحمل رقم تسجيل الطلب المذكور وذلك قبل ستين (60) يوما على الأقل من تاريخ إنجاز العملية ، أو يوجه إلى السلطة الحكومية المذكورة بواسطة رسالة مضمونة مع وصل بالتسليم داخل نفس الأجل والذي يحتسب ابتداء من التاريخ الذي يحمله وصل التسلم.يشفع هذا الطلب بملف يشتمل على جزء إداري وجزء تقني.

ويسمح الجزء الإداري للملف بإثبات هوية الطالب ويوضح مجال استخدام الوسيلة أو الخدمة ومكان إقامتها وكذا فئات المستخدمين المحتملين الموجهة إليهم الوسيلة أو الخدمة، بالنسبة لطلب ترخيص مسبق للاستخدام العام.
ويشتمل الجزء التقني من الملف على وصف كامل لوسيلة أو خدمة التشفير وكيفية استغلالها.

و إذا كان ملف طلب الترخيص المسبق كاملا، يوجه التبليغ بالمقرر المتخذ بشأن هذا الطلب إلى صاحب الطلب بواسطة رسالة مضمونة مع وصل بالتسلم داخل أجل ستين (60) يوما يحتسب ابتداء من تاريخ تسليم وصل إيداع الطلب ، ويعتبر الملف كاملا إذا لم تتم داخل أجل ستين (60) يوما ،دعوة صاحب الطلب، بواسطة رسالة مضمونة مع وصل بالتسلم ، للإدلاء بالمستندات التكميلية. في هذه الحالة، يحتسب أجل ستين (60) يوما المحدد في الفقرة السابقة ابتداء من تاريخ تسلم المستندات المطلوبة لإتمام المل، وهذا مانصت عليه المادة (9).

ويحدد شكل ومحتوى طلب الترخيص المسبق والملف الذي يرافقه بموجب قرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة يتخذ بناء على اقتراح من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات. (المادة 10 )

كما يحدد كل طلب ترخيص مسبق من أجل استيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال وسائل أو خدمات تشفير المدة التي يطلب الترخيص المسبق من أجلها، والتي لا يمكن أن تتجاوز خمس (5) سنوات ، و يقدم طلب الترخيص المسبق من أجل الاستغلال أو الاستخدام العام لوسيلة أو خدمة تشفير من قبل صاحب ترخيص مسبق من أجل توريد هذه الوسيلة أو الخدمة حيث يمكن تقديم الطلبين في آن واحد،كما يقدم طلب الترخيص المسبق من أجل الاستغلال أو الاستخدام الشخصي من قبل الشخص الذاتي أو المعنوي الذي يرغب في استغلال أو استخدام وسيلة أو خدمة تشفير والذي لا يستفيد من ترخيص مسبق من أجل الاستغلال أو الاستخدام العام.(المادة 11)

و يكون الترخيص المسبق لاستغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير عاما، وهو بذلك يصلح لأي شخص ذاتي أو معنوي، أو شخصيا بحيث لا يصلح إلا لصاحبه.

ويجوز تجديد الترخيص المسبق بطلب من المستفيد منه وفق نفس شروط تسليمه أول الأمر. في هذه الحالة، يودع طلب التجديد قبل ستين (60) يوما على الأقل قبل تاريخ انتهاء مدة الترخيص المسبق الساري المفعول. (المادة 12)

ويحمل الترخيص المسبق من أجل استيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير البيانات التي تمكن من التعرف على المستفيد منه، ويشير إلى رقم الترخيص المسبق وتاريخ تسليمه ومدة صلاحيته ، وكذا إلى وسائل أو خدمات التشفير التي سلمت من أجلها، يبلغ صاحب الطلب بواسطة رسالة مضمونة مع وصل التسلم بكل رفض تسليم ترخيص مسبق مع بيان أسباب الرفض. ( المادة 13 )

ويجوز تعليق العمل بالترخيص المسبق من أجل توريد أو استغلال أو استخدام وسيلة أو خدمة التشفير لمدة لا يجب أن تتعدى ثلاثة (3) أشهر في حالة تغيير المواصفات التي سمحت بتسليم الترخيص المسبق المذكور. وفي هذه الحالة، يشير مقرر التعليق إلى التغييرات التي يجب إدخالها وكذا إلى الأجل المسموح به من أجل إحداث التغييرات المذكورة وذلك حتى يتمكن المستفيد من الترخيص المسبق من الاستجابة للشروط اللازمة للحفاظ على الترخيص المسبق.(المادة 14)

وقد نصت المادة 15 على أنه يمكن أن يسحب الترخيص المسبق في الحالات التالية :

– تقديم تصريح خاطئ من أجل الحصول على الترخيص المسبق المذكور ؛

– عدم تقيد المستفيد من الترخيص المسبق بالتشريعات والتنظيمات المتعلقة بالتشفير؛

– عدم مطابقة المواصفات المبينة في مقرر التعليق بعد انصرام الأجل المحدد في مقرر التعليق؛

– في حالة وقف المستفيد من الترخيص المسبق ممارسة النشاط الذي سلم إليه الترخيص المسبق من أجله؛

– في حالة سحب الاعتماد، إذا كان المستفيد من الترخيص المسبق موردا لوسائل أو خدمات التشفير[12].

وبذهابنا إلى الباب الرابع المعنون تحت “أحكام متعلقة باعتماد الأشخاص الراغبين في توريد خدمات التشفير الخاضعة للترخيص “وتحديدا من المواد ( 16 إلى 20 ) التي نصت على أنه ” تطبيقا لأحكام المادة 14 من القانون رقم 05.53 المشار إليه يجب على الأشخاص الراغبين في توريد وسائل أو خدمات التشفير الخاضعة للترخيص الحصول مسبقا على الاعتماد بصفتهم مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية وفقا للأحكام المنصوص عليها في الباب الخامس أدناه.

غير أنه يجب على الأشخاص الذين لا يتوفرون على الاعتماد بصفتهم مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية والذي يرغبون في توريد خدمات التشفير الخاضعة للترخيص الحصول على الاعتماد بهذا الخصوص لدى السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة.

ولهذا الغرض، يجب على الأشخاص المذكورين إيداع طلب، لدى مصالح السلطة المذكورة، مقابل وصل مشفوع بدفتر تحملات يعد وفق شروط نموذج تعده الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ويصادق عليه بموجب قرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة ، ينشر بالجريدة الرسمية.

و يتضمن دفتر التحملات المنصوص عليه في المادة 16 أعلاه ، على الخصوص :

– معلومات عن هوية وكفاءات المستخدمين المكلفين بتوريد هذه الخدمات والمؤهلات التي يتوفرون عليها في هذا المجال؛

– الشروط التقنية أو الإدارية التي تضمن تقيد مقدم الخدمة بالتزاماته بموجب أحكام القانون المشار إليه أعلاه رقم 05.53 والنصوص المتخذة لتطبيقه ؛

– تعداد خدمات التشفير التي يرغب مقدم الخدمة في توريدها ؛

– قائمة وسائل التشفير التي يرغب مقدم الخدمة في استخدامها أو استغلالها لهذا الغرض ؛

– وصف الإجراءات والوسائل التي سيتم إعمالها لتوريد الخدمات ؛

– الخصائص التقنية للتجهيزات والآليات التي ستستخدم لتوريد الخدمات ؛

– الشروط التي سيتم وفقها نقل الاتفاقيات السرية للتشفير إلى هيئة معتمدة أخرى، في حالة وقف النشاط أو بطلب من مستخدم هذه الاتفاقيات؛

– الشروط التقنية لاستخدام الاتفاقيات السرية أو وسائل أو خدمات التشفير والإجراءات الضرورية لضمان تماميتها وسلامتها ؛

– الحجم الإلكتروني المعاير الذي تدون فيه الاتفاقيات السرية في حالة وقف النشاط أو سحب الاعتماد.
وتبت السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة بشكل صحيح في طلبات الاعتماد في أجل أقصاه ستين (60) يوما يحتسب ابتداء من تاريخ الإيداع. ويثبت الطلب بتسليم المعني بالأمر وصلا يحمل رقم تسجيل الطلب المذكور.

وتعد السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة مقرر الاعتماد ، الذي يجب أن يحمل على الخصوص إسم مورد الخدمات المعني ورقم الاعتماد المذكور وتاريخ تسليمه

وتسمية الشركة وعنوانها ، اللذان يجب أن يدرجا في جميع الوثائق التي تصدر عنها ، وكذا الخدمات التي تشكل غرض الاعتماد ومدة صلاحية الاعتماد التي لا يجب أن تتجاوز خمس (5) سنوات.

كما يجب إخبار السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة، بدون أجل، بكل تغيير يطرأ على أحد العناصر التي بني على أساسها الاعتماد المسلم.

و في حالة رفض منح الاعتماد، يجب على السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة إخطار الطالب بأسباب هذا الرفض بواسطة رسالة مضمونة مع وصل بالتسلم.

كما يجوز تجديد الاعتماد بطلب من المستفيد وفق نفس شروط تسليمه أول مرة. في هذه الحالة، يودع طلب التجديد لدى السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة على الأقل ستين (60) يوما قبل تاريخ انتهاء صلاحية الاعتماد الأول.

و في حالة تأكد للسلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيات الحديثة، من خلال التحقيقات التي يقوم بها الأعوان أو الخبراء المكلفون لهذا الغرض، أن المستفيد من الاعتماد لم يعد يستجيب لإحدى الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات ، أو أن أنشطته أصبحت تتعارض مع أحكام القانون المشار إليه أعلاه رقم 53.05 أو مع النصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه، تقوم بدعوة المستفيد من هذا الاعتماد إلى التقيد بالشروط أو الأحكام المذكورة داخل الأجل الذي تحدده.

وبعد انصرام هذا الأجل، وفي حالة عدم استجابة المستفيد من الاعتماد تقرر السلطة الحكومية :

– وقف العمل بالاعتماد لأجل أقصاه 3 أشهر، مع اعذار المعني بالأمر من أجل التقيد بالمواصفات المذكورة في مقرر الوقف ؛

– أو سحب الاعتماد إذا لم يستجب المعني بالأمر للشروط المذكورة في مقرر الوقف بعد انصرام الأجل المذكور في المقرر المذكور”[13].

المطلب الثاني : التنظيم القانوني لمؤسسة المصادقة الإلكترونية.
في معالجتنا لهذا المطلب سنتطرق في (الفقرة الأولى ) لجهات المصادقة الإلكترونية ، وفي ( الفقرة الثانية ) سنورد واجبات مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية ومسؤولياته .

الفقرة الأولى : جهات المصادقة الإلكترونية.
1- الهيئة المكلفة باعتماد و مراقبة مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية.

تحدث قانون 53.05 على السلطة الوطنية المكلفة باعتماد و مراقبة المصادقة الإلكترونية في الفرع الأول من نفس القانون إذ نصت المادة 15 على أنه ” يعهد إلى السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية المسماة بعده السلطة الوطنية ، علاوة على المهام المسندة إليها بموجب مواد أخرى من هذا القانون ، بالمهام التالية :

– اقتراح معايير نظام الاعتماد على الحكومة واتخاذ التدابير اللازمة لتفعيله

– اعتماد مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية ومراقبة نشاطهم .

وتابعت المادة 16 حديثها عن مهام هذه الهيئة إذ تقوم هذه الأخيرة بنشر مستخرج من قرار الاعتماد في الجريدة الرسمية وبمسك سجل بأسماء مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المعتمدين ينشر في نهاية كل سنة بالجريدة الرسمية [14].

وعلى نفس المنوال أقرت المادة 17 بأنه “تتأكد السلطة الوطنية من احترام مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية الذين يسلمون شهادات إلكترونية مؤمنة ، للالتزامات المنصوص عليها في أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه “.

وأخيرا تناولت المادتين 18 و 19 من نفس القانون على أنه يجوز للسلطة الوطنية ، إما تلقائيا واما بطلب من شخص يهمه الأمر ، القيام بالتحقق من مطابقة نشاط مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية الذي يسلم شهادات إلكترونية مؤمنة لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه ، و يمكنها أن تستعين بخبراء لإنجاز مهامها المتعلقة بالمراقبة . كما يخول أعوان السلطة الوطنية والخبراء المعينون من قبلها، خلال ممارسة مهمة التحقق المكلفين بها ، بعد إثبات صفاتهم ، حق ولوج أية مؤسسة والاطلاع على كل الآليات والوسائل التقنية المتعلقة بخدمات المصادقة الإلكترونية المؤمنة التي يعتبرونها مفيدة أو ضرورية لإنجاز مهمتهم . .

وبتأملنا للمواد المشار إليها أعلاه نجد ان المشرع المغربي لم يحدد السلطة الوطنية المكلفة بمراقبة مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية ، ولكن استنجادا بالمادة (4) من المرسوم التطبيقي رقم 2.08.518 نجدها قد نصت في آخرها على عبارة “… يتخذ بناءا على اقتراح من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.”

وباطلاعنا على قانون سلطنة عمان في مرسومها السلطاني رقم (2008/69) نجده قد حدد السلطة المختصة بخدمات التصديق الإلكتروني في المواد 25 إلى 32 من نفس المرسوم [15].

وفي ذات الاتجاه حدد المشرع السعودي في طيات أحكام اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية الهيئة المكلفة بالتصديق الإلكتروني ،في ” الفصل السادس ” حيث أطلق على هذه الهيئة ” المركز الوطني للتصديق الرقمي ” و قد عملت هذه اللائحة على تنظيم أحكام هذا المركز من المواد (13 إلى 16 )[16].

2 – مقدمو خدمات المصادقة الإلكترونية .

لم يتطرق المشرع المغربي إلى تحديد مفهوم مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية على عكس التشريعات المقارنة ، إذ عرفه المشرع السعودي في الفصل الأول المتعلق بالتعريفات في المادة الأولى / الفقرة 20 بأن مقدم خدمات التصديق هو “شخص مرخص له بإصدار شهادات التصديق الرقمي ، أو أي خدمة أو مهمة متعلقة بها و بالتوقيعات الإلكترونية وفقا لهذا النظام “.

كما عرفه قانون الأونيسترال النموذجي بشأن التوقيعات الالكترونية لعام 2001 في مادته الثانية / الفقرة الخامسة ” بالشخص الذي يصدر الشهادات و يجوز أن يقدم خدمات أخرى ذات صلة بالتوقيعات الالكترونية “.

و قد عرفه المشرع المصري في اللائحة التنفيذية لقانون التوقيعات في المادة الأولى/الفقرة السادسة جهات التصديق الإلكتروني هي :” الجهات المرخص لها بإصدار شهادة التصديق الإلكتروني وتقديم خدمات تتعلق بالتوقيع الإلكتروني”.

و بالرجوع للجمهورية العربية السورية في قانونها للتوقيع الإلكتروني و خدمات الشبكة بموجب القانون رقم (4) لسنة 2009 ، وتحديدا في المادة الأولى إذ عرفت مزود خدمات التصديق الإلكتروني بأنه ” جهة مختصة مرخص لها بإصدار شهادات التصديق الإلكتروني ، و تقديم أي خدمات أخرى تتعلق بذلك “.

كما نجد القانون التونسي في الفصل 2 من القانون الخاص بالمبادلات و التجارة الالكترونية الصادر بتاريخ 9 أغسطس 2000 عرف مزود خدمات المصادقة الإلكترونية بأنه” بكل شخص طبيعي أو معنوي يحدث ويسلم و يتصرف في شهادات المصادقة ويسدي خدمات أخرى ذات علاقة بالإمضاء الالكتروني “.

بتأملنا لكل تعريفات التشريعات المقارنة العربية منها و الدولية، نجدها تشترط مجموعة شروط من الواجب توافرها في الشخص لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية ، و عليه نجد أن المشرع المغربي أقر بدوره بضرورة وجود مجموعة من الشروط لاكتساب صفة مقدم الخدمات و هذا ما نجده في 21 إذ تنص على انه ” ويشترط من أجل الاعتماد لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية أن يكون طالب الاعتماد مؤسسا في شكل شركة يوجد مقرها الاجتماعي بتراب المملكة وأن يكون :

متوفرا على شروط تقنية تضمن :
أ) الوثوق بخدمات المصادقة الإلكترونية التي يقدمها ، ولا سيما ما يتعلق بالسلامة التقنية و التشفيرية الخاصة بالوظائف التي تقوم بها نظم ووسائل التشفير المقترحة من لدنه

ب) سرية المعطيات المتعلقة بإنشاء التوقيع الإلكتروني التي يقدمها للموقع ؛

ج) توافر مستخدمين لهم المؤهلات اللازمة لتقديم خدمات المصادقة الإلكترونية؛

د ) الإمكانية التي تتيح للشخص الذي سلمت إليه الشهادة قصد إلغائها في الحال وبكل يقين ه‌) التحديد الدقيق لتاريخ وساعة تسليم الشهادة الإلكترونية وإلغاؤها؛

و‌) وجود نظام للسلامة ، قادر على اتقاء تزوير الشهادات الإلكترونية والتأكد من أن معطيات إنشاء التوقيع الإلكتروني تطابق معطيات التحقق منه عندما تقدم في آن واحد المعطيات معا؛

قادرا على المحافظة ، عند الاقتضاء بشكل إلكتروني ، على جميع المعلومات المتعلقة بالشهادة الإلكترونية التي قد تبدو ضرورية لإثبات التصديق الإلكتروني أمام القضاء بشرط أن تضمن نظم المحافظة على الشهادات الإلكترونية .
أ‌) أن إدخال المعطيات وتغييرها لا يسمح بهما إلا للأشخاص المرخص لهم لهذا الغرض من لدن مقدم الخدمة؛

ب‌) إن اطلاع العموم على شهادة إلكترونية لا يتأتى دون موافقة سابقة من صاحب الشهادة ؛

ج) أن بالإمكان كشف أي تغيير من شأنه أن يخل بسلامة النظام…”.

وعلى نفس المسار سار المشرع السعودي في لائحته التنفيذية على تعداد مجموعة من الشروط في الفصل السابع المتعلق بتقديم خدمات التصديق في المادة 15 إذ نصت على انه:

” 1-تحدد الهيئة الشروط و الإجراءات اللازمة للحصول على ترخيص تقديم خدمات التصديق ، و ما يتبع ذلك بشأن الترخيص من حيث تحديد مدته، و أحكام تجديده ، ووقفه ،و إلغائه ،والتنازل عنه، والتزامات المرخص له.

2- مع مراعاة شروط الترخيص الصادرة عن الهيئة ، يجب ان يتوفر المتقدم بطلب الترخيص لتقديم خدمات التصديق الرقمي مايلي :

أ- منظومة بيانات الكترونية و منظومة لشهادات التصديق الرقمي و للتوقيع الإلكترونية ، ضمن ببيئة عمل فنية قياسية لا تقل عن المستوى المني للمعايير المحددة من المركز ، حسبما يرد في سياسة الشهادة الرقمية و إجراءات التصديق الرقمي ، وفقا للضوابط التالية :

عدم قابلية الاستنتاج أو الاستنباط للمفاتيح الخاصة أو للبيانات المكونة للتوقيع الإلكتروني . و يحدد المركز مواصفات قياسية للمفاتيح و البيانات المكونة للتوقيع الإلكتروني .

الحفاظ على سرية البيانات ، وحمايتها من التلف أو التزوير او الاختراق ، و فق المستوى المني المحدد من قبل المركز.

ب- بنية تحتية فنية ، وموارد إدارية على درجة عالية من الكفاءة و المعمارية بمستوى لا يقل عن المقاييس المعتمدة من المركز ، لتشغيل إدارة جميع عمليات التصديق الرقمي التي من أهمها :

إصدار شهادات التصديق ، و ما يتيح ذلك من تجديد للشهادات ، وتعليقها و إلغائها و إعادتها.
إدارة عمليات التشفير و ما يتبعها من حفظ للمفاتيح الخاص بمقدم خدمات التصديق ، وكذا المفاتيح العامة.

ج- إتاحة البيانات الخاصة بالتحقق من صحة الشهادات ، و التواقيع الإلكترونية لجميع أطراف التعامل الإلكتروني ، مع ضمان ربطها مباشرة بقوائم الشهادات الموقوفة و الملغاة.

د- تأسيس جميع الموارد الإلكترونية وتشغيلها و إدارتها ، وفق آلية تضمن عمليات الحفظ و (الأرشفة ) ، و كذلك النقل إلى منظومات وقواعد بيانات قياسية أخرى ، مع توفير البدائل و الخطط التي بموجبها يتم ضمان استمرار الخدمة .

الفقرة الثانية : واجبات مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية ومسؤولياته
1- إلتزامات مقدم خدمات التصديق الإلكتروني .

نظرا للإختصاصات التي ينفرد بها مقدمو خدمات المصادقة الإلكترونية فقد عمل المشرع المغربي على الحد من هذه الإختصاصات عن طريق سن مجموعة من القوانين المفروض عليه إحترامها و عدم الإخلال بها ، وبهذا نصت المادة 21 على أنه يشترط من أجل الاعتماد لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الالكترونية أن يكون طالب الاعتماد مؤسسا في شكل شركة يوجد مقرها الاجتماعي بتراب المملكة و ان يكون : … 3- ملتزما :

1-3 – بالتحقق من هوية الشخص الذي سلمت له شهادة إلكترونية ومطالبته بالإدلاء بوثيقة هوية رسمية للتأكد أن الشخص يتوفر على الأهلية القانونية للالتزام ، من جهة ، والصفة التي يدعيها من جهة أخرى، والمحافظة على مميزات ومراجع الوثائق المدلى بها لاثبات هذه الهوية وهذه الصفة ؛

2-3 بالتأكد وقت تسليم الشهادة الإلكترونية أن :

أ‌) المعلومات التي تحتوي عليها صحيحة

ب‌) الموقع المشار فيها إلى هويته يمتلك معطيات لإنشاء التوقيع الإلكتروني تطابق معطيات التحقق من التوقيع الإلكتروني المضمنة في الشهادة .

3-3 بإخبار الشخص الذي يطلب تسليمه شهادة إلكترونية كتابة بما يلي قبل إبرام عقد تقديم خدمات المصادقة الإلكترونية ؛

أ‌) كيفيات وشروط استعمال الشهادة؛

ب‌) كيفيات المنازعة وطرق تسوية الخلافات

4-3 بتقديم عناصر الإخبار المنصوص عليها في النقطة السابقة إلى الأشخاص الذين يستندون إلى شهادة إلكترونية إذا كانت العناصر المذكورة مفيدة لهم ؛

5-3بإخبار أصحاب الشهادات المؤمنة ستين (60) يوما على الأقل قبل تاريخ انتهاء صلاحية شهاداتهم لحلول أجلها ودعوتهم إلى تجديدها أو إلغائها .

6-3بإبرام تأمين لتغطية الأضرار الناتجة عن أخطائهم المهنية .

7-3 بإلغاء شهادة إلكترونية إذا:

أ‌) تبين أن تسليمها تم بناء على معلومات مغلوطة أو مزورة ، أو أن المعلومات الواردة في الشهادة المذكورة لم تعد مطابقة للواقع أو أن سرية المعطيات المتعلقة بإنشاء التوقيع قد تم خرقها ؛

ب‌)أمرته السلطات القضائية بالقيام في الحال بإخبار أصحاب الشهادات المؤمنة المسلمة من قبله بعدم مطابقتها لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه .

و قد عمل نظام التعاملات الإلكترونية السعودي بدوره على فرض مجموعة من الإلتزامات الواردة في المادة الثامنة عشرة ، إذ نصت على أنه يجب على مقدم خدمات التصديق الالتزام بما يأتي:

1- الحصول على الترخيص اللازم من الهيئة قبل البدء في ممارسة نشاطه.
2- إصدار شهادات التصديق الرقمي، وتسليمها وحفظها وفقاً للترخيص الصادر له من الهيئة والضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة.
3-استعمال وسائل موثوق بها لإصدار الشهادات وتسليمها وحفظها واتخاذ الوسائل اللازمة لحمايتها من التزوير والتدليس والتلف وفقاً لما يحدد في اللائحة والترخيص الصادر له.

4- إنشاء قاعدة بيانات للشهادات التي أصدرها وحفظ تلك البيانات وما يطرأ عليها من تعديل بما في ذلك الشهادات الموقوفة والملغاة. وان يتيح الاطلاع الكترونياً على تلك البيانات بصفة مستمرة.
5- محافظته – ومن يتبعه من العاملين – على سرية المعلومات التي حصل عليها بسبب نشاطه، باستثناء المعلومات التي سمح صاحب الشهادة – كتابياً أو الكترونياً – بنشرها أو الإعلام بها أو في الحالات المنصوص عليها نظاماً.
6- أخذ المعلومات ذات الصفة الشخصية من طالب الشهادة مباشرة، أو غيره بشرط أخذ موافقة كتابية من طالب الشهادة على ذلك.
7- إصدار الشهادات متضمنة البيانات الموضحة في اللائحة ومطابقة لشروط أمن الأنظمة وحمايتها وقواعد الأنظمة وحمايتها وقواعد شهادة التصديق الرقمي التي يضعها المركز.
8- تسليم المعلومات والوثائق التي في حوزته إلى الهيئة وذلك في جميع حالات وقف نشاطه ليتم التصرف بها وفقاً للأحكام والمعايير الموضحة في اللائحة.

ونفس الأمر نصت عليه المادة التاسعة عشرة قائلة :

لا يجوز لمقدم خدمات التصديق التوقف عن مزاولة نشاطه المرخص به أو التنازل عن الترخيص الصادر له أو الاندماج في جهة أخرى الا بعد الحصول على موافقة كتابية مسبقة من الهيئة وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة.

و أخيرا حسب المادة الحادية والعشرون:
يجب على مقدم خدمات التصديق الغاء الشهادة أو ايقاف العمل بها عند طلب صاحبها ذلك أو في الحالات التي تحددها اللائحة. كما يجب عليه ابلاغ صاحب الشهادة فورا بالإلغاء أو الايقاف وسبب ذلك، ورفع أي منهما فوراً إذا انتفى السبب ويكون مقدم خدمات التصديق مسؤولاً عن الضرر الذي يحدث لأي شخص حسن النية نتيجة لعدم وقف العمل بالشهادة أو إلغائها.

2- مسؤولية مقدم خدمات التصديق الإلكتروني.

في حالة تجاوز مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية فقد رتب المشرع المغربي مسؤوليات في حق هذا الأخير وتتمثل حسب المادة 30 من قانون 53.05 التي تنص على ” بصرف النظر عن المقتضيات الجنائية الأكثر صرامة ، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 20.000 إلى 50.000 درهم كل من أفشى المعلومات المعهود بها إليه في إطار ممارسة نشاطاته أو وظيفته أو حرض على نشرها أو ساهم في ذلك .

غير أن أحكام هذه المادة لا تطبق على أعمال النشر أو التبليغ المرخص به ، كتابة على دعامة ورقية أو بطريقة إلكترونية ، إذا قام بها صاحب الشهادة الإلكترونية أو على النشر أو التبليغ المرخص به بموجب النصوص التشريعية الجاري بها العمل “.

ونصت أيضا المادة 34 على أنه “يعتبر الأشخاص الذين يقدمون خدمات تشفير لأغراض سرية ، ما لم يثبتوا عدم ارتكابهم أي خطأ متعمد أو تهاون ، مسؤولين ، فيما يخص الخدمات المذكورة ، عن الضرر اللاحق بالأشخاص الذين كلفوهم بتدبير اتفاقاتهم السرية في حالة المس بتمامية المعطيات المحولة بواسطة هذه الاتفاقات أو سريتها أو توفرها” .

وأيضا المادة 36 حيث أقرت بأنه ” يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم وبالحبس من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر كل مقدم لخدمات المصادقة الإلكترونية لا يتقيد بوجوب بإخبار السلطة الوطنية المنصوص عليه في المادة 23 أعلاه.

علاوة على ذلك ، يمكن أن يتعرض مرتكب المخالفة طوال مدة خمس سنوات للمنع من ممارسة كل نشاط يتعلق بتقديم خدمات المصادقة الإلكترونية “.

بالإضافة إلى ذلك صرحت المادة 39 بأنه “عندما تعاين السلطة الوطنية ، بناء على تقرير أعوانها أو خبرائها ، أن مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية الذي يسلم شهادات مؤمنة لم يعد متوفرا على أحد الشروط المنصوص عليها في المادة 21 أعلاه أو أن نشاطه غير مطابق لأحكام هذا القانون أو الأنظمة المتخذة لتطبيقه ، تطلب منه التقيد بالشروط أو الأحكام المذكورة داخل الأجل الذي تحدده.

إذا انصرم الأجل المذكور دون أن يتقيد مقدم الخدمات بالشروط أو الأحكام المذكورة ، قامت السلطة الوطنية بسحب الاعتماد المسلم وبشطب مقدم الخدمات من سجل مقدمي الخدمات المعتمدين وبنشر مستخرج من قرار سحب الاعتماد في الجريدة الرسمية .

إذا كان من شأن نشاط المخالف أن يمس بمتطلبات الدفاع الوطني أو أمن الدولة الداخلي أو الخارجي فان السلطة الوطنية تؤهل لاتخاذ جميع التدابير التحفظية الضرورية لوضع حد للنشاط المذكور ، دون الإخلال بالمتابعات الجنائية التي تترتب عليها “.

أما فيما يخص الأشخاص المعنوية فقد نصت المادة 40 على أنه “إذا كان مرتكب الجريمة شخصا معنويا ، رفعت الغرامات المنصوص عليها في هذا الباب إلى الضعف دون إخلال بالعقوبات التي يمكن تطبيقها على مسيريه المرتكبين لإحدى الجرائم المنصوص عليها أعلاه .

علاوة على ذلك ، يمكن أن يتعرض الشخص المعنوي لإحدى العقوبات التالية :

-المصادرة الجزئية لممتلكاته ؛

-المصادرة المنصوص عليها في الفصل 89 من القانون الجنائي؛

-إغلاق مؤسسة أو مؤسسات الشخص المعنوي التي استعملت في ارتكاب الجرائم”.

وأخيرا نصت الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية بشكل ضمني على قواعد المسؤولية التقصيرية الواردة في الفصل 77 من قانون الإلتزامات و العقود[17]، إذ نصت (ف/2) من المادة (24) من قانون (53.05) : ” يتحملون وفق القواعد القانونية العادية ، مسؤولية تهاونهم أو قلة كفاءتهم أو قصورهم المهني سواء تجاه المتعاقدين معهم أو تجاه الأغيار”.

كما نجد المادة 20 من نظام التعاملات الالكترونية السعودي تنص على انه :

” يتحمل مقدم خدمات التصديق مسؤولية ضمان صحة المعلومات المصدقة التي تضمنتها الشهادة وقت تسليمها وصحة العلاقة بين صاحب الشهادة وبياناتها الالكترونية. وتقع عليه مسؤولية الضرر الذي يحدث لأي شخص وثق – بحسن نية – بصحة ذلك.”

كما نجد كذلك المادة 23من نفس القانون تنص على انه :

يعد مخالفة لأحكام هذا النظام، القيام بأي من الأعمال الآتية:
1- ممارسة نشاط مقدم خدمات التصديق دون الحصول على ترخيص من الهيئة.
2-استغلال مقدم خدمات التصديق المعلومات التي جمعها عن طالب الشهادة لأغراض أخرى خارج إطار أنشطة التصديق دون موافقة كتابية أو الكترونية من صاحبها.

3-إفشاء مقدم خدمات التصديق المعلومات التي اطلع عليها بحكم عمله ما لم يأذن له صاحب الشهادة – كتابياً أو الكترونياً – بافشائها أو في الحالات التي يسمح له بذلك نظاماً.
4-قيام مقدم خدمات التصديق بتقديم بيانات كاذبة أو معلومات مضللة للهيئة أو أي سوء استخدام لخدمات التصديق….”.

و كنظيره العربي عمل المشرع التونسي من خلال قانون عدد 2000-83 الخاص بالمبادلات و التجارة الإلكترونية على تقرير مسؤولية مزود خدمات المصادقة الإلكترونية ، وذلك من خلال الفصل 22 إذ نص على أنه ” يكون مزود خدمات المصادقة الإلكترونية مسؤولا عن كل ضرر حصل لكل شخص وثق عن حسن نية في الضمانات المنصوص عليها بالفصل 18 من هذا القانون.
ويكون مزود خدمات المصادقة الإلكترونية مسؤولا عن الضرر الحاصل لكل شخص نتيجة عدم تعليق أو إلغاء شهادة طبقا للفصلين 19 و 20 من هذا القانون.
لا يكون مزود خدمات المصادقة الإلكترونية مسؤولا عن الضرر الناتج عن عدم احترام صاحب الشهادة لشروط استعمالها أو شروط إحداث إمضائه الإلكتروني”.

وأيضا في الباب السابع المتعلق بالمخالفات و العقوبات من نفس القانون و بالضبط في الفصول 43،44،45،46 ، إذ نصت هذه الفصول على أنه :
“تتم معاينة المخالفات لأحكام هذا القانون من قبل أعوان الضابطة العدلية والأعوان المحلفين للوزارة المكلفة بالاتصالات والوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية وأعوان المراقبة الاقتصادية وفق الشروط المنصوص عليها بالقانون عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالمنافسة والأسعار والنصوص المنقحة والمتممة له.
كما يسحب الترخيص من مزود خدمات المصادقة الإلكترونية ويتم إيقاف نشاطه، إذا أخل بواجباته المنصوص عليها بهذا القانون أو بنصوصه التطبيقية. وتتولى الوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية سحب الترخيص بعد سماع المزود المعني بالأمر.
وعلاوة على العقوبات المبينة بالفصل 44 من هذا القانون يعاقب كل مزود خدمات المصادقة الإلكترونية لم يراع مقتضيات كراس الشروط المنصوص عليه بالفصل 12 من هذا القانون بخطية تتراوح بين 1.000 و10.000 دينار.
ويعاقب كل من يمارس نشاط مزود خدمات المصادقة الإلكترونية بدون الحصول على ترخيص مسبق طبقا للفصل 11 من هذا القانون بالسجن لمدة تتراوح بين شهرين و3 سنوات وبخطية تتراوح بين 1.000 و10.000 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

خاتمة

بإحاطتنا المتواضعة لموضوع النظام القانوني للتجارة الإلكترونية يمكن القول أن هذا الأخير بصفته موضوعا مستحدثا لم تعهده الساحة القانونية على المستوى الوطني و العالمي، يطرح إشكالات متعددة سواء في ما يخص كيفية إبرام العقود الإلكترونية أو فيما يتعلق بحجية هذه العقود .

وبهذا يتجلى الرهان الأكبر بالنسبة للدول العالمية ، و الدولة المغربية على وجه الخصوص في تحقيق التنمية، ما دام أن تكنولوجيا المعلومات تمثل أدوات رئيسية للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، وذلك لن الاستعمال الفعال و المؤثر للمعلومات يعتبر عاملا رئيسيا لإنتاج قيمة مضافة بعد رأس المال و العمل ، وبالتالي خلق قيمة مضافة و تحسين مستوى العيش و الرفاهية و الاجتماعية لمواطنيه .

لائحة المراجع
الكتب :

عبد الحكيم زروق ، التنظيم القانوني للمغرب الرقمي .

القوانين :

قانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية .

مرسوم رقم 2.08.518 المتعلق بتطبيق القانون 53.05

قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية الصادر سنة 1996 .

قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية الصادر سنة 2001 .

القانون التونسي الخاص بالمبادلات و التجارة الالكترونية قانون عدد 83 سنة 2000 .

قانون الالتزامات والعقود التونسي

قانون الالتزامات والعقود المغربي ( ظهير 12 غشت 1913 )

القانون رقم 230 لسنة 200 الذي عدل مقتضيات القانون المدني الفرنسي / Loi n°2000-230 du 13 mars 2000 – art. 1 JORF 14 mars 2000

نظام التعاملات الإلكترونية / اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية (السعودية)

مرسوم سلطاني رقم (69/2008) بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية (سلطنة عمان).

القانون رقم 10.05 المؤرخ في 20 جوان 2005 المعدل و المتمم للقانون المدني الجزائري.

قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004. قانون المعاملات الالكترونية الأردني رقم (85) لسنة 2001.

قانون التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة بموجب القانون رقم (4) لسنة 2009 (الجمهورية العربية السورية).

المواقع الإلكترونية :

– الإطار القانوني / برنامج الحكومة الإلكترونية للمغرب –http://www.egov.ma/ar/cadre-juridique-et-reglementaire

الفهرس

مقدمة. 1

المبحث الأول: التنظيم القانوني للعقد الموجه بطريقة إلكترونية في التشريع المغربي والمقارن. 3

المطلب الأول: كيفية تنظيم العقد المبرم بشكل إلكتروني. 3

الفقرة الأولى : الإيجاب الإلكتروني (العرض) 3

الفقرة الثانية : القبول الإلكتروني (الطلب) 6

المطلب الثاني : المحررات الإلكترونية وحجيتها في الإثبات. 8

الفقرة الأولى : مدلول المحرر الإلكتروني. 8

الفقرة الثانية : الإثبات بالكتابة. 9

المبحث الثاني : الترسانة القانونية المنظمة للتوقيع الإلكتروني و التشفير و المصادقة الإلكترونية . 11

المطلب الأول : التوقيع و التشفير في عقود التجارة الإلكترونية. 11

الفقرة الأولى : التوقيع الإلكتروني المؤمن. 11

الفقرة الثانية : التشفير الإلكتروني . 13

المطلب الثاني : التنظيم القانوني لمؤسسة المصادقة الالكترونية. 20

الفقرة الأولى : جهات المصادقة الإلكترونية. 20

الفقرة الثانية : واجبات مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية ومسؤولياته. 23

خاتمة. 28

لائحة المراجع. 29

الفهرس……………………………………………………………………………. 30

عبد الحكيم زروق ، التنظيم القانوني للمغرب الرقمي ، مكتبة الرشاد ، سطات ، سنة النشر لم تذكر، ص 5. – [1]

2- الإطار القانوني / برنامج الحكومة الإلكترونية للمغرب .

http://www.egov.ma/ar/cadre-juridique-et-reglementaire

– أنظر المادتين 29،30 من قانون الإلتزامات و العقود[3]

– أنظر المادة 26 من قانون الإلتزامات و العقود.[4]

5- أنظر المادة 11 – 1 تكوين العقود وصحتها :
في سياق تكوين العقود ، وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك ، يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض وقبول العرض . وعند استخدام رسالة بيانات في تكوين العقد ، لا يفقد صحته او قابليته للتنفيذ لمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض

6- ينص الفصل 417-1 من ق ل ع : ” تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق .

تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات ، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق ، شريطة أن يكون بالإمكان التعرف ، بصفة قانونية ، على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تما ميتها “.

– تنص المادة 1316 من القانون المدني الفرنسي :7

Article 1316

Loi n°2000-230 du 13 mars 2000 – art. 1 JORF 14 mars 2000

La preuve littérale, ou preuve par écrit, résulte d’une suite de lettres, de caractères, de chiffres ou de tous autres signes ou symboles dotés d’une signification intelligible, quels que soient leur support et leurs modalités de transmission.

المرسوم رقم (69/2008) بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية (سلطنة عمان). للمزيد من التفصيل راجع المادة 7 من -[8]

9- تنص المادة 323 مكرر1 من قانون رقم 10.05 المؤرخ في 20 جوان 2005 المعدل و المتمم للقانون المدني الجزائري ” يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كلإثبات بالكتابة على الورق …”.

10- و الموقع حسب المادة 6 من نفس القانون هو الشخص الطبيعي الذي يعمل لحسابه الخاص أو لحساب الشخص الطبيعي او المعنوي الذي يمثله و الذي يستخدم آلية إنشاء التوقيع الالكتروني

– أنظر المادة 12 من قانون 53.05.[11]

12- أنظر المواد من 3 الى 15 من المرسوم رقم 2.08.518 الصادر في 25 من جمادى الأولى 1430(24 ماي 2009) لتطبيق القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ، الجريدة الرسمية عدد 5744 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1430(18 يونيو 2009) ص 3554 كما تم تغييره و تتميمه.

[13] – أنظر المواد من 16 الى 20 من المرسوم رقم 2.08.518 الصادر في 25 من جمادى الأولى 1430(24 ماي 2009) لتطبيق القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ، الجريدة الرسمية عدد 5744 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1430(18 يونيو 2009) ص 3554 كما تم تغييره و تتميمه.

14- تنص المادة 16 من قانون 53.05 على أنه “تقوم السلطة الوطنية بنشر مستخرج من قرار الاعتماد في الجريدة الرسمية وبمسك سجل بأسماء مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المعتمدين ينشر في نهاية كل سنة بالجريدة الرسمية” .

– للمزيد من التفصيل راجع المواد من 25 إلى 32 من مرسوم سلطنة عمان السلطاني رقم (2008/69) .[15]

16- للمزيد من التفصيل راجع المواد من 13 إلى 16 من أحكام اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية الهيئة المكلفة بالتصديق الإلكتروني في فصله السادس .

17- ينص الفص 77 من ق.ل.ع على أنه :

” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر

وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر”.

أنس المدن طالب باحث بماستر المدني والأعمال

إغلاق