دراسات قانونية
أحكام اتفاقية سيداو وأثرها على الأسرة الجزائرية وتعزيز ثقافة حقوق المرأة في بحث قانوني
الدكتورة امحمدي بوزينة أمنة، أستاذة محاضرة صنف ( أ)
كلية الحقوق والعلوم السياسية- جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف، الجزائر
Abstract:
The issue of women and their rights has always been the subject of debate away from any objectivity among those who carried the flag of defense and demanded freedom and absolute equality and those who carried out the banner of attack on women and every attempt to enshrine their rights under the guise of customs and traditions and sometimes under the pretext of religion, The book of Allah and his Sunnah confirms the validity of these claims, and between this and that women’s rights were lost in many cases, and in this regard we draw on the evidence of what Sheikh Muhammad al-Ghazali said in his book Women’s Issues between the stagnant traditions and the coming is that: With wings of men and women with And that the breaking of one of the wings means stopping and landing. “Thus, talking about women’s rights has been a conflict between domestic legislation and international conventions and civil society organizations in terms of the scope of rights and their status in social and family life and areas of empowerment in proportion to their nature. Therefore, the importance of our study is that we will try to ensure as much as possible the issue of the empowerment of women at the level of international conventions as well as the legal texts approved by the Algerian legislator, in particular the rules of family law which is considered the area where women are often discriminated against. Algeria, under pressure from defenders of women’s rights and in accordance with Algeria’s obligations under the conventions it has ratified in the field of the national implementation of women’s rights and the entrenchment of their rights. The Algerian legislator has largely succeeded in reconciling the requirements of Islamic law as a basic source of family law. Provisions of the Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women.
ملخص
لطالما كان موضوع المرأة وحقوقها محلا للنقاش بعيدا عن كل موضوعية بين من حملوا راية الدفاع عنها وطالبوا بحريتها والمساواة المطلقة وبين من حملوا لواء الهجوم على المرأة وعلى كل محاولة لتكريس حقوقها تارة تحت ستار العادات والتقاليد وتارة أخرى تحت ذريعة الدين، رغم أنه50 لا يوجد لا في كتاب الله وسنته ما يؤكد صحة تلك المزاعم، وبين هذا وذاك ضاعت حقوق المرأة في كثير من الأحيان، وفي هذا المجال نستند للدليل على ذلك مما قاله الشيخ محمد الغزالي في كتابه قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة وهو أن: “القرآن قاطع في أن الإنسانية تطير بجناحين الرجل والمرأة معا، وأن انكسار أحد الجناحين يعني التوقف والهبوط”، وبهذا فإن الحديث عن حقوق المرأة عرف تجاذبا بين التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية وتنظيمات المجتمع المدني من حيث نطاق الحقوق التي تتمتع بها ومكانتها في الحياة الاجتماعية والأسرية ومجالات تمكينها بما يتناسب وطبيعتها.
ومن ثم، فإن أهمية دراستنا تكمن في أننا سنحاول الإحاطة قدر الإمكان بمسألة تمكين المرأة من حقوقها على مستوى الاتفاقيات الدولية وكذا النصوص القانونية التي أقرها المشرع الجزائري وبخاصة قواعد قانون الأسرة التي تعتبر المجال الذي عرف في كثير من الحالات إجحاف في حق المرأة؛ مما دفع المشرع الجزائري وبضغوط من المدافعين عن حقوق المرأة وتكريسا لالتزامات الجزائر بموجب الاتفاقيات التي صادقت عليها في مجال الإعمال الوطني لحقوق المرأة وتكريس حقوقها، حيث تمكن المشرع الجزائري إلى حد كبير في التوفيق بين مقتضيات الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي لقانون الأسرة وبين أحكام اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
مقدمة
لطالما كان موضوع المرأة وحقوقها محلا للنقاش بعيدا عن كل موضوعية بين من حملوا راية الدفاع عنها وطالبوا بحريتها والمساواة المطلقة وبين من حملوا لواء الهجوم على المرأة وعلى كل محاولة لتكريس حقوقها تارة تحت ستار العادات والتقاليد وتارة أخرى تحت ذريعة الدين، رغم أنه لا يوجد لا في كتاب الله ولا في سنته ما يؤكد صحة تلك المزاعم، وبين هذا وذاك ضاعت حقوق المرأة في كثير من الأحيان؛ وفي هذا المجال نستند للدليل على ذلك مما قاله الشيخ محمد الغزالي في كتابه قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة وهو أن القرآن قاطع في أن الإنسانية تطير بجناحين الرجل والمرأة معا وأن انكسار أحد الجناحين يعني التوقف والهبوط، وبهذا فإن الحديث عن حقوق المرأة عرف تجاذبا بين التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية وتنظيمات المجتمع المدني من حيث نطاق الحقوق التي تتمتع بها ومكانتها في الحياة الاجتماعية والأسرية ومجالات تمكينها بما يتناسب وطبيعتها.
ومع أن لا أحد ينكر أن الإسلام رسخ وشرع للمرأة من الحقوق ما لم تشرعه أمة من الأمم في عصر من العصور، فتحسنت في ظله وتعززت مكانة المرأة وحصلت على حقوقها غير منقوصة، كما رفع عنها وزر الإهانات التي واكبتها عبر التاريخ وفي كل حضارة من الحضارات التي سبقت الإسلام أو عاصرته، فقد أعلن للمرأة إنسانيتها وأهليتها التامة عن طريق وضعه للقواعد التي تكفل لهذه الأخيرة المساواة في الحقوق مع الرجل على ضوء مراعاة وجود تمايز في الخصائص والوظائف بين الرجل والمرأة، كما وضع الإسلام قواعد تحفظ وتصون كرامتها وتمنع استغلالها جسديا وعقليا، ومع ذلك ظل المجتمع الدولي وخصوصا الغربي، يرى أن المرأة لا تتمتع بالمساواة الفعلية والكلية مع الرجل في حقوقها وتعاني من تمييز واسع النطاق ضدها، مما يعد اعتداء على مبدأ المساواة الذي يمثل أهم ركائز منظومة حقوق الإنسان، من هذا المنطلق فكر واضعي الاتفاقيات الإنسانية بإقرار اتفاقية لكفالة حماية حقوق المرأة ومنع أي تمييز بينها وبين الرجل مهما كان أساسه، ونتج عن ذلك وضع اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979.
ومن ثم، فإن أهمية دراستنا تكمن في أننا سنحاول الإحاطة قدر الإمكان بمسألة تمكين المرأة من حقوقها على مستوى الاتفاقيات الدولية وكذا النصوص القانونية التي أقرها المشرع الجزائري وبخاصة قواعد قانون الأسرة التي تعتبر المجال الذي عرف في كثير من الحالات إجحاف في حق المرأة؛ مما دفع المشرع الجزائري وبضغوط من المدافعين عن حقوق المرأة وتكريسا لالتزامات الجزائر بموجب الاتفاقيات التي صادقت عليها في مجال الأعمال الوطني لحقوق المرأة وتكريس حقوقها في مجال انعقاد الزواج وانحلاله وآثارهما عليها وعلى الأسرة عموما والأطفال خصوصا، ومحاولة المقارنة بينها للوقوف على مدى التزام المشرع الجزائري بأحكامها خاصة مع تفشي ظاهرة العنف ضد المرأة على الصعيد الأسري وزيادة حالات الطلاق التعسفي والذي انعكست أثاره عليها بالسلب هي والأولاد بالدرجة الأولى، ثم على المجتمع بشكل عام الرغبة الملحة في بيان ضرورة حماية حقوق المرأة في جميع الأحوال؛ فإن البحث عن ماذا أقرت المجموعة الدولية لحماية حقوق المرأة وضمانات التي وضعتها وموقف المشرع الجزائري من تلك النصوص من خلال قانون الأسرة الجزائري.
وبالرغم من كون الحياة الأسرية في الجزائر تبقى محكومة بشكل مباشر بقواعد الشريعة الإسلامية، إلا أن ذلك لم يمنع الجزائر من المصادقة على العديد من الإتفاقيات الدولية بما في ذلك أحكام اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979 التي لها علاقة مباشرة بأعضاء الأسرة، مع الإشارة إلى أنها تحفظت على بعض مواد هذه الإتفاقية، التي شكلت في بعض بنودها مخالفة صارخة وانتهاكا كبيرا لبعض القواعد الشرعية وكذا قواعد قانون الأسرة الجزائري، وفي هذا الإطار ينبغي أن نشير إلى تحفظ سلطات التصديق الجزائرية على بعض نصوص هذه الاتفاقية؛ حيث جاء بالتحفظات والإعلانات المقدمة من الجزائر فيما يخص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر بتاريخ 22 ماي 1996، أنه: “تُعلن حكومة جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية أنها على استعداد لتطبيق أحكام هذه الاتفاقية بشرط عدم تعارضها مع أحكام قانون الأسرة الجزائري”، مع ذلك تغير الوضع في الفترة الأخيرة، حيث ظهرت مطالبات بوجوب إلغاء التحفظ على النصوص محل عدم مصادقة السلطات الجزائرية عام 1996، وهي مبادرة صرح بها رئيس الجمهورية، وذلك بموجب ضغوطات مارستها بعض المنظمات النسوية التي طالبت بوجود إلغاء التحفظ على بنود الاتفاقية وإعادة النظر في تعديل قانون الأسرة الجزائري بما يتناسب مع هذا التوجه الجديد وهو ما دفعها السلطات الجزائرية لتتراجع وترفع تحفظها عن المادتين 2 و9 بتاريخ 28 ديسمبر 2008([1]).
وتبقى المشكلة الأساسية، ليس تعديل قانون الأسرة في حد ذاته ولا إلغاء التحفظ على نصوص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، وإنما المشكلة الحقيقية أن مثل هذا الموقف وذلك التعديل، سيؤدي إلى التغيير في أحكام قطعية الدلالة وثابتة بموجب أحكام الشريعة الإسلامية وخصوصا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة منها الولي في الزواج، تعدد الزوجات، أحكام الميراث، وجوب عدم تحديد النسل، القوامة، العدة وغيرها، وهو ما يجعل المشكلة جديرة بالبحث والدراسة لأهميتها في الحفاظ على أهم عنصرين في المجتمع المسلم وهما: الأسرة والدين.
بهذا تهدف دراستنا إلى البحث في انعكاسات إلغاء التحفظات عن أحكام اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة على الأسرة الجزائرية، تلك الاتفاقية التي أكدت على حق الرجال والنساء في الحماية والكرامة الإنسانية والسلامة البدنية والنفسية، وذلك من خلال أحكامها وموادها التي تفرض على الدول الأطراف اتخاذ تدابير تشريعية وغير تشريعية من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة، وكون الاتفاقية تتسم بالطابع الإلزامي جعلتها تكتسب مكانة هامة في سلم المصادر التي بني عليها المشرع الجزائري تشريعاته الوطنية، ولذلك فقد كان لهذه الاتفاقية عدة أثار على المنظومة التشريعية الجزائرية، وهذا في إطار الإصلاحات الوطنية التي شرع فيها المشرع الجزائري.
وبالفعل فقد كان لتصديق الجزائر على هذه الاتفاقية عدة أثار وانعكاسات على المنظومة التشريعية كونها تتعارض مع الاتفاقية التي تهدف إلى المساواة المطلقة بين الجنسين فولدت عدة تغييرات وتعديلات، ومن أهم القوانين التي عدلت نذكر منها: قانون الأسرة وقانون الجنسية، وكذلك إعادة النظر في مكانة المرأة الجزائرية في مناصب صنع القرار أو في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية، هذا ما أدى بنا إلى البحث عن الأحكام والقواعد القانونية التي جاءت بها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وما هي أهم انعكاساتها على المنظومة التشريعية الجزائرية؟، وما هي الأحكام والقواعد القانونية التي جاءت بها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وما هي أهم انعكاساتها على الأسرة؟.
وعلى هذا الأساس، فإن المنهج المتبع في دراسة المنهج المقارن للمقارنة بين ما جاء في المواثيق الدولية المختلفة من الاتفاقيات والتشريعات الجزائرية وعلى وجه خاص قانون الأسرة الجزائري بغرض الموازنة بين بنود اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة وأحكام الشريعة الإسلامية من جهة، وعند المقارنة بين القوانين الجزائرية التي تتماشى وتتعارض مع الاتفاقية من جهة ثانية، كما إستعنا بالمنهج التحليلي لدراسة وتحليل مختلف النصوص القانونية المتعلقة بحماية المرأة سواء على مستوى الاتفاقيات أو في إطار القوانين الجزائرية،كما استعنا قليلا بالمنهج الاستدلالي في عند الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية والأسانيد الشرعية.
للإجابة على التساؤلات السابقة قسمنا دراستنا إلى النقطتين التاليتين، وهما على النحو التالي:
المبحث الأول: مظاهر مطابقة قانون الأسرة للالتزامات المقررة في اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1979.
المبحث الثاني: قراءة نقدية لبعض نصوص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979.
المبحث الأول: مظاهر مطابقة قانون الأسرة للالتزامات المقررة في اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1979
إن المبدأ الأساسي في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (Cedaw) لعام 1979([2]) هو مبدأ المساواة بين الجنسين في جميع الحقوق([3])، ويشكل هذا المبدأ أساس الاتفاقية وفلسفتها القانونية التي تصبو إلى تحقيقها([4]).
وتتضمن الإتفاقية بصورة أساسية لائحة بحقوق المرأة الإنسان وتهدف إلى إرساء قواعد قانونية لحماية حقوق النساء، كما أنها تكتسب أهميه لأنها أقرت مبدأ عدم التمييز ضد النساء كمبدأ متصل بحقوق الإنسان؛ فهي وثيقة تعرف بمفهوم التمييز ضد المرأة وتعتبره انتهاكا لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، وتؤكد على كون الحقوق الإنسانية شاملة لا تقبل التجزئة ولا التصرف([5]).
وممّا لا شك فيه أن قانون الأسرة سواءٌ في الجزائر أو في الدول العربية والإسلامية الأخرى له سمات وملامح تميّزه عن باقي القوانين، وذلك مرّده إلى الأصل للذّي انبثق عنه وهو الشريعة الإسلامية، والتّي تعتبر أحكاما صالحة في كل زمان ومكان، ومع التزام الجزائر بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بما فيها تلك التي تحمي المرأة وتكفل حقوقها، كان من الضروري الامتثال لالتزاماتها الدولية، فحرصًا منها على توافق بنود الاتفاقيات مع قانون الأسرة، لجأت إلى إجراء تعديلات على جملة من المواد سواء ما تعلق بأحكام انعقاد الزواج أو انحلاله.
بالرجوع إلى التعديلات التي تبنتها الجزائر في تشريعاتها يظهر الاهتمام الذي آلته للمرأة، وقد تجسد ذلك في مراجعة العديد من القوانين وملائمتها مع الإتفاقيات الدولية المصادق عليها بهدف إلغاء جميع مظاهر التمييز على أساس الجنس، لحماية المرأة والرقي بها إلى مركزها الحقيقي باعتبارها المسؤول الأول في إعداد هذا المجتمع والتي لا يتسنى لها القيام بهذا الدور، إلا في جو يسوده الاطمئنان: النفسي، والمادي، والاستقرار الاجتماعي، وهذا يؤثر إيجابيًا على ما تقدمه لهذا المجتمع.
وقد ألزمت الاتفاقية الدول الأطراف بانتهاج سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة في كافة المجالات سواء فيما يخص الحقوق السياسية والمساواة بين الجنسين فيما يخص الحقوق الاقتصادية، بالإضافة إلى المساواة بين الجنسين فيما يخص الحقوق الاجتماعية والثقافية، كما توجب الاتفاقية بمناهضة التمييز ضد المرأة في كافة الشؤون القانونية والأسرية، فكانت البداية عند المشرع الجزائري في إطار تنفيذ التزاماته بموجب اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 بالتطرق إلى تعديل قانون الأسرة، ثم إلى قانون الجنسية الذي أضفى مزيدًا من الحماية للمرأة، كما تم التعرض لقانون العمل وكذلك الدستور الجزائري، وهو ما سنفصله فيما يلي:
المطلب الأول: القضاء على التمييز في الحقوق السياسية للمرأة بين اتفاقية سيداو والتشريعات الجزائرية
تناول الجزء الثاني من الاتفاقية حماية الحقوق السياسية للمرأة في الانتخاب والترشح وكفالة مشاركتها على قدم المساواة مع الرجل في الحياة السياسية والعامة للبلاد وتمثيل بلادها على الصعيد الدولي واتخاذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ذلك([6])، ومن أهم هذه الصكوك الاتفاقية، محور الدراسة التي أوجبت على الدول الأطراف القضاء على التمييز ضد المرأة فيما يخص الحقوق السياسية وذلك من خلال حقها في التصويت، حقها في الترشح والحق في تقلد الوظائف العامة، وهذا ما سنوضحه عند محاولة مطابقة ما قررته الاتفاقية مع القانون الجزائري.
الفرع الأول: مضمون اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة فيما يخص الحقوق السياسية
إن المساواة بين الجنسين في التمتع بالحقوق السياسية هو ناتج طبيعي للمبدأ العام الذي أرسته الإعلانات العالمية والاتفاقيات الدولية([7])، وهو ما سنبرزه فيما يلي:
أولا: حق المرأة في التصويت
ألزمت المادة (7فقرة أ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979([8]) الدول الأطراف منح المرأة حق التصويت في الانتخابات، وذلك من أجل تمكينها من المشاركة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع الرجل؛ فحق المرأة في التصويت لا بد أن يكون في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، وجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
إن مشاركة المرأة في التصويت في الانتخابات داخل الدول تجعل صوتها له أهمية يحسب، وبالتالي تؤدي هذه المشاركة إلى تحسين أوضاعها الاجتماعية، إن ما كرسته نص المادة (7فقرة أ) من الاتفاقية؛ قد تم التعرض له بأكثر تعمق من خلال الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن بين هذه الاتفاقيات، الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية للمرأة، أكدت على حق المرأة في التصويت ومساواتها بالرجل فنصت المادة الأولى منها على ما يلي: “للنساء حق التصويت في جميع الانتخابات بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز”، إن الهدف الذي تصبوا إليه اتفاقية الحقوق السياسية هي إكمال مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في حق التصويت دون أي تمييز([9]).
يتضح لنا من خلال هذا النص، أن للمرأة الحق في التصويت ومشاركة الرجل في السياسة، وفي اختيار من يمثلها في المجالس النيابية والمحلية دون قيد أو شرط أو تمييز لأن مبدأ المساواة في الحقوق وتولي المسؤوليات، يمكن المرأة من ممارسة حقوقها وحرياتها الأساسية ([10]).
ثانيا: الحق في الترشح
إن مسألة حق المرأة في صنع القرار تعتبر من بين المسائل الشائكة التي مازالت تعاني منها المرأة، فهي ليست مسألة مقتصرة على حق الرجال فقط، بل إن المرأة تعتبر هذا الحق من حقوقها الأساسية من أجل التعبير عن رأيها بكل حرية، ومن غير المعقول أن تهمش المرأة في مجال المشاركة في عملية صنع القرار([11])، ويعتبر الحق في الترشح للمناصب الانتخابية من الحقوق الأساسية للمرأة فمن خلاله تستطيع أن تشارك في تسيير الشؤون العامة للبلاد، وقد تم النص على هذا الحق في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في نص المادة (7فقرة ب) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979، التي أوجبت على الدول الأطراف أن تتخذ التدابير المناسبة من أجل المساواة بين الجنسين في الحياة السياسية، وذلك من خلال مشاركة المرأة في صياغة سياسة الحكومة قصد تمكينها من الترشح وطلب الحق في العضوية سواء في البرلمان أو المجالس المحلية، وألزمت الدول الأطراف في الاتفاقية بأن تخلو نصوصها التشريعية من القيود في هذا المجال.
ثالثا: حق المرأة في تقلد الوظائف العامة
إن مقتضى مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة، أن يكون لجميع الناس حق تولي الوظائف العامة، إذا توفرت فيهم شروط الأهلية والاستحقاقات التي تحددها القوانين، وهذا دون أي تمييز سواء بسبب الجنس أو اللغة، أو الأصل. إلا أن المرأة لا تزال محرومة من حقها في تولي الوظائف العامة حتى بعد انتشار الديمقراطية وإعلان مبادئ المساواة، هذا ما أدى باتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة بالنص من خلال نص المادة (7 فقرة ب) على ضرورة تساوي المرأة مع الرجل في حق تقلد الوظائف العامة، بالإضافة إلى تأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية ([12]).
كما نصت المادة (8) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979([13]) على إلزام الدول الأطراف منح المرأة فرصة تمثيل حكومتها على المستوى الدولي، فللمرأة الحق في أن تكون أحد أعضاء السلك الدبلوماسي وتقوم بتمثيل بلدها في كافة الاجتماعات سواء الإقليمية أو الدولية بالإضافة إلى مشاركتها في اجتماعات الهيئات التابعة للأمم المتحدة، أو أي هيئة أخرى أو وكالة المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وهذا من أجل تشجيع المرأة وإعطائها الفرصة في تقلد أرفع المناصب([14]).
الفرع الثاني: تكريس الدساتير الجزائرية للحقوق السياسية للمرأة المقررة ضمن اتفاقية سيداو لعام 1979
إن ما نصت عليه اتفاقية من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 تم إدراجه لاحقا في الدساتير الجزائري، فقد حاول المشرع الجزائري من خلال الدساتير المتعاقبة على الجزائر منذ عام 1963 كأول دستور لآخر تعديل 2016، إلى تشبثه بمبدأ أساسي أن الحقوق والإنسانية والحريات والمواطنة والعدالة الاجتماعية كلها كيان موحد غير قابل للتجزئة أو التمييز بين رجل أو امرأة وسنوضح ذالك باختصار:
أولا: ترقية المشاركة السياسية للمرأة بموجب (المادة 31 مكرر) من التعديل الدستوري لعام 2008
تدعيما لتحقيق المساواة ونبد كل تمييز بين الرجل والمرأة تدعم دستور 1996 بتعديل 2008 أين تضمن زيادة 14 مادة خصص في مادته الثانية مادة تتعلق بترقية الحقوق السياسية للمرأة بإضافة المادة (31 مكرر) ، التي حررت كما يلي: “تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، يحدد القانون العضوي كيفيات تطبيق هذه المادة “؛ إذ فتحت هذه المادة مجالا واسعا للمرأة بالتواجد في المجالس المنتخبة على اختلاف درجاتها، بداية من المجالس الشعبية البلدية والولائية، وصولا إلى المجالس الشعبية الوطنية، بقدر ما يتناسب مع قيم وأهداف السياسة الإصلاحية الوطنية الشاملة([15])، عن طريق تبني نظام الحصص (الكوتا) ، إذ يعد مكسب للمرأة وتعزيز لمبادئ الدستور والتي نتجت عنه زيادة عدد النساء في المجال السياسي ككل.
ثانيا: المساواة بين الرجل والمرأة في المواطنة والعدالة الاجتماعية
أشار دستور عام 1996 إلى الحقوق والحريات وبنفس الصياغة بداية من الديباجة التي فيها إلى مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد، حيث نصت المادة (29) على المساواة ونبذ كل تمييز وأن المواطنين سواسية أمام القانون ولا يمكن أن يتذرع بأي تميز يعود سببه إلى المولد أو العرق أو الجنس…الخ، كما تضمنت المادة (32) من ذات الدستور التأكيد أن الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة وتكون تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات وواجبهم أن ينقلوه من جيل إلى جيل لكي يحافظوا على سلامته وعدم إنتهاك حرمته، كما تضمن التعديل الدستوري الجديد الصادر في مارس 2016 عدة أحكام ترسي قواعد المساواة بين النساء والرجال من بينها المادة (32) التي تنص على أنه: “كل المواطنين سواسية أمام القانون، ولا يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد أو العرف أو الجنس أو الرأي ،أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي أو اجتماعي”.
وحظر التعديل الدستوري الجديد الصادر في مارس 2016 جميع ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة والحاطة بالكرامة، وذلك من خلال نص المادة (40) منه، التي نصت على أنه: “تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الإنسان، وتحظر أي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي يقمعها القانون”([16]).
ونحن مع المشرع الجزائري في التأكيد على هذا الحق، باعتبار أن إعطاء المرأة فرصة المشاركة في الحياة السياسية والعامة للبلد من خلال حقها في الترشح في الأحزاب السياسية، وكذلك في جميع الانتخابات على قدم المساواة مع الرجل يمكنها من المساهمة في تنمية المجتمع، وكذلك يعد من بين التحفيزات الضرورية من أجل دعم الديمقراطية في جميع البلاد.
ثالثا: المساواة بين الرجل والمرأة في سوق التشغيل
جاء تعديل 2016 ليحمل في طياته الجديد في ما يتعلق بحقوق الإنسان وحريات الأساسية وأكد على تقوية بعض الحقوق الموجودة سابقا، إذ بين في ديباجته المعدلة ضرورة وأساس مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية نحو تحقيق العدالة والمساواة وضمان الحرية في إطار دولة ديمقراطية([17])، إذ جاء في كل من المواد (32) و(34) و (35) و (38) بنفس الصيغة التي وردت في التعديل الأخير، التي نصت في مجملها على المساواة أمام القانون دون تمييز للعرق وجنس أو الرأي… الخ، على أن تستهدف المؤسسات ضمان كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات وإزالة العقبات، وعلى ترقية حقوق المرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، وأن الحريات والحقوق مضمونة للمواطنين وضرورة أن تكون تراثا ينقل من جيل إلى آخر.
وعليه، فالإطار الدستوري لحماية المرأة في الجزائر موجود تقريبا في جل الدساتير الجزائرية، ولكنه إطار عام لم يخص الزوجة المعنفة بذاتها، وإنما يخص المرأة بصفة عامة وبغض النظر عن أنواع العنف سواء كان العنف بدني أو معنوي أو إلى غير ذلك من أنواع العنف، ولكن من ناحية أخرى؛ فالدستور عادة ما يتضمن المبادئ العامة، أما التفصيلات الأخرى يحيلها على القوانين العادية وفي هذه الحالة لابد من الرجوع إلى قانون الأسرة وقانون العقوبات الجزائري.
المطلب الثاني: القضاء على التمييز ضد المرأة فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
تعتبر المساواة الركيزة الأساسية لكل مجتمع ديمقراطي يسعى إلى تكريس الحرية والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وفي كثير من المجتمعات وأوجه النشاط تتعرض النساء العاملات لمظاهر مختلفة من عدم المساواة في الواقع والقانون، وهذا الوضع يسببه ويزيد من حدته وجود تمييز في الأسرة والمجتمع وفي مكان العمل، حيث اعتمدت مكانة المرأة العاملة تاريخيا على الأعراف والتقاليد للبلدان التي تعيش فيها، وحسب بعض الأعراف والتقاليد حرمت تلك المرأة من حقوقها المشروعة في ظروف عمل تتلائم وطبيعة تكوينها الأنثوي، لذلك كان طبيعيا أن تتضافر الجهود الدولية لمنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني للحد من تلك الظاهرة([18]).
الفرع الأول: مضمون الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اتفاقية سيداو لعام 1979
مما لا شك فيه أن الاتفاقية –محل البحث- تسعى لتقديم علاج لكافة المشاكل التي تعاني منها المرأة، ومنحت الاتفاقية للمرأة نفس حق العمل مثلها مثل الرجل، فيعتبر مؤشر مدى مساهمة المرأة في عملية الإنتاج الاقتصادي هو مدى مساهمتها في قوة العمل([19])، وبذلك يساعدها على التحرر من الأعراف والتقاليد الذي فرضها المجتمع عليها([20]).
لذلك سنتناول تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين في العمل، ثم نتطرق إلى المساواة بين الجنسين في الحقوق المتعلقة بالعمل.
أولا: المساواة بين الرجل والمرأة في العمل
لقد نصت المادة (14) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979([21]) على تقرير حق العمل لكل امرأة ومساواتها بالرجل باعتباره حقا ثابتا لجميع البشر، فهذا الحق يعتبر بمثابة الحق في الحياة، ولابد للمرأة أن تتمتع بنفس فرص العمالة، وحقها في حرية اختيار المهنة ونوع العمل، فلكل شخص الحق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية([22])، وتضمن للمرأة تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل اهتماما كبيرا بالمرأة العاملة، فقررت (OIT).
وفي هذا السياق، أولت منظمة العمل الدولية لها مظاهر متعددة من الحماية القانونية تتناسب مع وضعها وظروفها سواء الجسدية أو الاجتماعية([23])، وخاصة ما يتعلق بظروف العمل القاسية، ومن الاتفاقيات التي اعتمدتها منظمة العمل الدولية التي تنطبق على جميع العمال سواء الرجل أو المرأة([24])، هي اتفاقية منع التمييز في العمل وشغل الوظائف وهي الاتفاقية رقم 111 لسنة1958 ([25])التي عرفت التمييز في مادتها الأولى، على أنه: “كل ما ينطوي على أية تفرقة أو استبعاد أو تفضيل على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني وينتج عنه التمييز في المساواة في الفرص أو في المعاملة على صعيد العمل، وشغل الوظائف”، ومن أجل تجسيد هذا المبدأ ألزمت الاتفاقية كل طرف فيها أن يتبع سياسة وطنية تقضي على نمط التمييز بين الجنسين من خلال إصدارات تشريعية وطنية تتماشى وروح الاتفاقية([26]).
لقد أولت القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، اهتمام بوضعية المرأة الريفية والتي تعيش في معاناة أكثر مما يعيشها الرجل، وذلك بسبب تدني المستوى المعيشي وقلة الثروة وضعف المدخول وعدم انتظامه، مما أدى بالاتفاقية الدولية إلى منح المرأة الريفية الحقوق الاقتصادية التي تساعدها بالوقوف على قدم المساواة مع الرجل، وذلك من خلال نص المادة (14) التي أوجبت على الدول الأطراف بأن تلتزم باتخاذ جميع التدابير المناسبة من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة في المناطق الريفية، ومشاركتها في التنمية الريفية مثلها مثل الرجل وذلك بموجب الفقرات (أ.ه.ز)، من نفس المادة، فمنحت المرأة حق المشاركة في وضع وتنفيذ التخطيطات التنموية والحصول على قروض زراعية وتسهيلات التسويق والمساواة بينهما تتطلب دخول المرأة لأسواق القروض الزراعية([27]).
ومما تجدر الإشارة إليه، أن المؤتمر العالمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية الذي انعقد في روما عام 1979، اعترف بدور المرأة الحيوي في الحياة الاقتصادية والأنشطة الزراعية، واعتبر أن مشاركة المرأة شرط جوهري من أجل نجاح سياسات التخطيط والتنمية الريفية، وهذا ما أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال القرار رقم39 /165 ([28]).
وللوقوف على موقف الجزائر، نجد أن تعديل دستور سنة 2016 أضاف مادة جديدة فيما يخص ترقية حقوق المرأة، بالنسبة للمساواة في سوق التشغيل، وكذا توليها مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية على مستوى المؤسسات، إذ نصت المادة (36) على أنه: “تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل، تشجع الدولة ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية على مستوى المؤسسات” ([29]).
ثانيا: المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المتعلقة بالعمل
أقرت القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة على مناهضة التمييز ضد المرأة فيما يخص الحقوق المتعلقة بالعمل، ومن بين هذه الحقوق: حق المساواة في الأجر وفي جميع الحوافز المادية وكذلك حقها في الضمان الاجتماعي ولاسيما حالة التقاعد والمرض والعجز والشيخوخة، بالإضافة إلى حقها في الوقاية الصحية وسلامة ظروف العمل بما في ذلك حماية وظيفة الإنجاب([30]).
1- حق المساواة في الأجر والعمل ذو القيمة المتساوية
كرست اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة مبدأ المساواة بين الجنسين في الأجر، وذلك بموجب المادة (11 فقرة 1/د) ([31])، ونصت على ما يلي:… “الحق في المساواة في الأجر بما في ذلك الاستحقاقات، والحق في المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالعمل ذي القيمة المتساوية وكذلك المساواة في المعاملة وفي تقييم نوعية العمل”، ويعرف الأجر على أنه عنصر أساسي في عقد العمل فهو المقابل النقدي أو العيني الذي يتقاضاه العامل لقاء عمله([32]).
2- حق المرأة في الضمان الاجتماعي
إن كل مجتمع في العالم يتكون من مجموعة أفراد لهم حقوق وعليهم واجبات ولكي يكون هذا المجتمع سليم ومنتجا لا بد من التكافل والضمان الاجتماعي بين أفراده، ودون أي تمييز فلكل فرد الحق في الضمان الاجتماعي، وذلك من أجل حمايته من الأخطار التي قد تكون ناتجة عن الطوارئ والأمراض المهنية، فالهدف من الضمان الاجتماعي هو إعانة المضمون مع أفراد عائلته الملزم بالإنفاق عليهم، وكذلك من أجل تمكينه من مواجهة المصاعب الحياتية المستقبلية.
نظرا لما تعانيه المرأة من تمييز في هذه المسألة أولت القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة اهتماما كبيرا بهذا المشكل ونصت خلال المادة (11 فقرة 1/ه) على التزام الدول الأطراف في الاتفاقية بضمان المرأة حقها في الضمان الاجتماعي باعتباره حق مقرر لها ولاسيما في حالة التقاعد والبطالة والشيخوخة([33]).
كما نصت المادة (14فقرة 2/ب) من الاتفاقية على استفادة المرأة الريفية بصورة مباشرة من حقها في الضمان الاجتماعي ومساواتها بالمرأة الحضارية.
3- حق المرأة العاملة في الإجازة والحماية الصحية
عالجت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مشكلة معاناة المرأة أثناء العمل، وذلك بسبب الحمل أو عطلة الأمومة، فألزمت الدول الأطراف في الاتفاقية أن تتخذ التدابير اللائقة من أجل عدم فصلها من العمل وذلك عن طريق إدخال نظام الأمومة المدفوعة الأجر المشفوعة بمزايا وعلاوات دون فقدانها لمنصبها في العمل.
وقد سبق وأن أكدت الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، اتفاقية متعلقة بحماية الأمومة، وهي اتفاقية رقم 03 لسنة 1919، وقد تمت مراجعتها بموجب اتفاقيتين أخريين هما الاتفاقية رقم 103 لسنة 1952، بشأن حماية الأمومة، والاتفاقية رقم 183 لسنة 2000 بشأن مراجعة اتفاقية حماية الأمومة لسنة 1952، وتطرقت هذه الاتفاقيات المذكورة إلى تنظيم الحقوق الأساسية للأم العاملة، والمتمثلة في حقها في الحماية الصحية، وحقها في الإعانات المالية، مساواة مع الرجل ([34]).
حق المرأة العاملة في الإجازة
نصت المادة (11 فقرة 2) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979، على أنه: “توخيا لمنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الأمومة وضمانا لحقها الفعلي في العمل تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة :”أ- لحظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة الأمومة والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية، مع فرض إجازات على المخالفين”.
إدخال نظام إجازة الأمومة المدفوعة الأجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو للأقدمية أو للعائلات الاجتماعية
تطرقت الاتفاقية رقم 183 لسنة 2000 إلى تنظيم حق الأم العاملة في الإجازة، بحيث نصت مادتها الرابعة على أن من حق أي امرأة عاملة الحصول على إجازة أمومة مدتها أربعة عشر أسبوعا، من جانب آخر نصت المادة الخامسة من هذه الاتفاقية على حكم خاص بالمضاعفات المرضية الناتجة عن الحمل والولادة، بحيث منحت للأم العاملة إجازة إضافية قبل بداية إجازة الأمومة أو بعد انتهائها، وذلك في حالة إصابتها بمضاعفات مرضية ناتجة عن الحمل والولادة، ويتم تحديد طبيعة هذه الإجازة والحد الأقصى لطولها وفقا للتشريعات الداخلية([35]).
حق المرأة العاملة في الحماية الصحية
أوجبت القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة بموجب المادة (11فقرة 2/د) على توفير للمرأة الحامل ظروف عمل مناسبة، وألا تقوم بأعمال تعود عليها بالضرر على حمله، وهذا ما أكدت عليه المادة الثالثة من اتفاقية حماية الأمومة رقم 183 لسنة 2000 بنصها، على أن تتخذ كل دولة عضو في الاتفاقية بعد التشاور مع المنظمات الممثلة لأصحاب العمل والعمال، تدابير مناسبة لضمان ألا تضطر المرأة الحامل أو المرضعة إلى أداء عمل تعتبره السلطة المختصة ضارا بصحة الأم أو الطفل، وبموجب هذه المادة لا يجوز لصاحب العمل أن يعرض المرأة الحامل أو المرضعة لظروف عمل غير مناسبة، من شأنها أن تلحق بها أو بطفلها الأذى، وإذا خالف صاحب العمل هذا الأمر فإن الاتفاقية توصي الدولة الموقعة عليها باتخاذ إجراءات رادعة ضده([36]).
الفرع الثاني: تكريس التشريعات الجزائرية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة
نلاحظ أن المشرع الجزائري يؤكد أن تكون شروط الالتحاق بالعمل محددة بالأطر العلمية العقلانية التي تعتمد على الكفاءة والتأهيل طالب العمل بغض النظر على نوع جنسه، تبعًا لذلك نصت المادة (17) من قانون العمل رقم 90/11 المؤرخ في 21 أفريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، على أنه: “تعد باطلة وعديمة الأثر كل الأحكام المنصوص عليها في الاتفاقيات الجماعية أو عقد العمل التي من شأنها أن تؤدي إلى التمييز بين العمال كيفما كان نوعه في مجال الشغل والأجرة أو ظروف العمل، على أساس: السن، والجنس، أو الوضعية الاجتماعية أو النسبية أو القرابة العائلية، والقناعات السياسية، والانتماء إلى نقابة، أو عدم الانتماء إليها“.
كي تحقق العدل والمساواة الحقيقية وتكافؤ الفرص بين المرأة العاملة والرجل العامل قانونًا؛ يتحتم أن تنال المرأة العاملة، إضافة إلى حقوق العامل، حقوقًا خاصة بها كامرأة هي في مجملها: حقوق خاصة لحماية طبيعتها الجسمية والصحية، وحقوق حماية الأمومة ليست امتيازات؛ لأن الأمومة وظيفة اجتماعية على المجتمع المشاركة في تحمل أعبائها ([37]).
وقد منح المشرع الجزائري حماية للمرأة العاملة في هذا المجال من خلال تحديده للأوقات التي لا يمكن أن تعمل أثناءها؛ حيث نجد المشرع في البداية حدد ساعات العمل الليلي، وهو ما نص عليه في المادة (27) من القانون رقم 90/11 بأن يحدد العمل الليلي بثماني ساعات، وذلك من الساعة التاسعة ليلًا إلى الساعة الخامسة صباحًا.
وتركت مسألة تحديد قواعد وشروط العمل الليلي والحقوق المرتبطة به إلى الاتفاقيات أو الاتفاقيات الجماعية، والمادة (28) تنص على منع تشغيل العمال من كلا الجنسين الذين يقل عمرهم عن تسع عشرة سنة كاملة في أي عمل ليلي.
واستثنى المشرع في هذه الحالة النساء العاملات من العمل بالليل -مهما كانت سنهن- وذلك بترخيص خاص، يمنح من طرف مفتش العمل المختص إقليميًا، وذلك عندما تبرر طبيعة النشاط وخصوصيات منصب العمل.
نستنتج مما سبق، أن جميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق العمل بالإضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة حاولت جاهدة تلبية آمال المرأة العاملة وذلك من أجل الحصول على ظروف عمل تكون لائقة ومناسبة للمرأة، وعملت على القضاء على التمييز ضد المرأة في مجال العمل سواء قبل الالتحاق بالعمل أو أثناء ممارسته([38]).
أولا: القضاء على التمييز ضد المرأة فيما يخص الحقوق الاجتماعية والثقافية
لا يمكن للمجتمعات الإنسانية أن تنمو وتتطور في ظل سيطرة الجهل والأمية على عقول الأفراد، فالعقل البشري بحاجة إلى تغذية بنور العلم والمعرفة، لكي ينمو نموا صحيحا وسليما، ونظرا لكون التعلم هو الوسيلة الأساسية لتقدم المجتمعات وتطورها ينبغي على الدول أن تضمن لكل فرد دون أي تمييز بسبب الجنس الحق في التعليم، وفي إطار مساواة المرأة مع الرجل في مجال التربية والتعليم ألزمت القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة الدول الأعضاء بالقضاء على التمييز ضد المرأة في هذا المجال، كما ألزمت الاتفاقية الدول الأطراف بتوفير الخدمات الرعاية الصحية للمرأة.
المساواة بين الرجل والمرأة في مجال التربية والتعليم
أكدت الاتفاقية على حق المرأة في التعليم باعتباره من الحقوق الأساسية للإنسان ونصت المادة (10) منها على وجوب المساواة بين الجنسين في مجال التربية والتعليم وذلك من خلال الحصول على الدرجات العلمية في المؤسسات التعليمية سواء في البيت أو في أماكن العمل أو في المجتمع بصفة عامة([39])، وفرصة التساوي في الحصول على المنح الدراسية، وكذا تشجيع الفتيات على إكمال الدراسات العليا، ودعم تعليم الكبار ومحو الأمية وتضييق الفجوة في مجال التعليم.
فقد تضمن الجزء الثالث من الاتفاقية، كفالة القضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان التربية والتوجيه الوظيفي والمهني في المناطق الريفية والحضرية على السواء، خاصة القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولاسيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم المجاني، وضمان إمكانية الحصول على معلومات تربويه محدده تساعد على كفاله صحة الأسر ورفاهها بما في ذلك المعلومات والإرشادات التي تتناول تنظيم الأسرة.
وبهذا، فإن الاتفاقية تقضي على المفاهيم والمعوقات التي تقيم التمييز ضد المرأة في مجال التعليم، فقبل إقرار الاتفاقية كانت نسبة التعليم البنات في التعليم العالي ضئيلة مقارنة بالرجل، كما كانت المرأة في الريف محرومة من التعليم، لكن بمجرد مصادقة الدول على الاتفاقية، شهد مطلع الثمانينات تطورا ملحوظا فيما يخص بنهوض المرأة في قطاع التربية، فأصبح تعليم البنات من بين الأولويات التي تهتم بها الحكومات؛ وفي نفس الوقت أصبحت المرأة تنظر إلى التعليم نظرة جديدة، من خلال إبراز قدراتها العلمية والمساهمة في بناء ترقية المجتمع([40]).
إن التعليم هو حق لكل فرد في المجتمع وقد أقرت به المواثيق الدولية وذلك منذ سنة 1946، أكدت اليونسكو على الحق في المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بدون تمييز في العرق أو الجنس أو الدين، وذلك من خلال المؤتمر العام لليونسكو الذي تبنى سنة 1960، اتفاقية خاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم([41])، ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال المادة (26) على أنه: “لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يوفر التعليم مجانا على الأقل في المرحلة الابتدائية والأساسية ويكون التعليم مجانا للجميع”.
كما نصت المادة (13) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حق كل شخص في التربية والتعليم اللذين يتمكن من خلالهما بالإسهام في تطور المجتمع، وكذلك من أجل ضمان الممارسة لهذا الحق أقرت الدول الأطراف الجميع على قدم المساواة، تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها إلى أبعد حد ممكن من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة في الابتدائي، وقد أكد إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة حق المساواة بين الرجل والمرأة في التعليم([42]).
ثانيا: المساواة بين المرأة والرجل في مجال الصحة
نصت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في ديباجتها على عدم جواز التمييز وأن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولاحظت وجود تمييز واسع النطاق ضد المرأة مما شكل انتهاك لمبدأ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والثقافية، ويعوق نمو ورخاء المجتمع ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها والبشرية وأن النساء يعانون من حالات الفقر ولا ينلن أدنى نصيب من الغذاء والصحة([43]).
وبذلك عالجت الاتفاقية بموجب المادة (12) التمييز القائم ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية، بإلزام الدول الأطراف أن تضمن للمرأة حق الحصول على الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة والخدمات اللازمة للحمل والولادة والتغذية الكاملة والكافية خلال فترة الحمل والإرضاع ويكون كذلك مجانا عند الضرورة ([44])، حيث نصت على اتخاذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل في مجال الصحة الخاصة الحق في الوقاية الصحية لسلامة ظروف العمل بما في ذلك حماية وظيفة الإنجاب ومنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج والأمومة وتوفير الخدمات الاجتماعية المساندة اللازمة لتمكين الوالدين من الجمع بين الالتزامات العائلية بين المسؤولية العمل والمشاركة في الحياة العامة والتوفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحمل في الأعمال التي أثبت أنهم هدية لها وضمان المساواة بين المرأة والرجل في الحصول على الخدمات الصحية.. الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة والقضاء على التمييز ضد المرأة في المجالات الأخرى الحياة الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك في المناطق الريفية([45]).
وتشمل الخطوات التي تتخذها الدول الأطراف في هذا العهد للوصول إلى العمل على خفض نسبة الوفيات في المواليد من أجل التنمية الصحية للطفل، وكذلك تحسين والوقاية من الأمراض المعدية والمتفشية ومعالجتها، بالإضافة إلى تهيئة الظروف التي من شأنها أن تؤمن الخدمات والعناية الطبية في حالة المرض([46]).
بالنسبة للحماية المقررة للمرأة الحامل، نجد أن المشرع الجزائري قد أنفذ الالتزامات التي قررتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة من خلال نص المادة (55) من قانون العمل رقم 90-11، التي نصت على أنه: “تستفيد العاملات خلال فترات ما قبل الولادة وما بعدها من عطلة الأمومة طبقًا للتشريع المعمول به، ويمكنهن الاستفادة –أيضًا- من تسهيلات حسب الشروط المحددة في النظام الداخلي للهيئة المستخدمة، وللوقوف على الإجراءات المتخذة في هذا المجال سيتم التعرض للتأمين على الولادة، والحماية الاجتماعية”.
1 ـ التأمين على الولادة: إن نظام الضمان الاجتماعي الجزائري يستجيب لخصوصيات المرأة العاملة، ففي مجال التأمين على الولادة وطبقًا للقانون رقم 83-11 بتاريخ 2 يوليو 1983 المتعلق بالتأمينات الاجتماعية في مجال التأمين على الولادة تنص المادة (32) منه: على أن تشمل أداءات التأمين على الولادة:
الأداءات العينية: كفالة المصاريف المترتبة عن الحمل والوضع وتبعاته.
ففيما يخص وللمزيد من التوضيح تنص المادة 26 من القانون 83-11 على أن تعويض المصاريف المتعلقة بالتأمين على الولادة وفقا للشروط التالية:
ـ تعويض المصاريف الطبية والصيدلية على أساس 100 من التعريفات المحددة عن طريق التنظيم.
ـ تعويض مصاريف إقامة الأم والمولود في المستشفى على نفس الأسس لمدة ثمانية أيام.
الأداءات النقدية: دفع تعويض يومية للمرأة العاملة التي تضطر بسبب الولادة إلى الانقطاع عن العمل.
وفيما يتعلق باستحقاقات الإجازة، نصت المادة 28 من القانون رقم 83-11 المعدل والمتمم بالأمر رقم 96-17 المؤرخ في 6 يوليو 1996 على أن: يكون للمرأة العاملة التي تضطر على التوقف عن عملها بسبب الولادة الحق في تعويض يومية تساوي 100 من الأجر اليومي بعد اقتطاع اشتراك الضمان الاجتماعي والضريبة “.
ويحدد المشرع الجزائري الشروط والمدة في المادة (29) من نفس القانون المعدل والمتمم بالأمر رقم 96/17 المؤرخ في 6 يوليو 1996:”على أن تتقاضى المؤمنة لها، شريطة تتوقف عن كل عمل مأجور أثناء فترة التعويض، تعويض يومية لمدة أربعة عشر أسبوعا متتاليًا، تبدأ على الأقل ستة أسابيع، منها قبل التاريخ المحتمل للولادة، وعندما تتم الولادة قبل تاريخ المحتمل لا تقلص فترة التعويض المقدرة أربعة عشر أسبوعًا”([47]).
2 ـ الخدمات الاجتماعية التكميلية: تستفيد المرأة العاملة من الخدمات الاجتماعية المنصوص عليها في المادة الثالثة من المرسوم رقم 82/179 المؤرخ في 15 مايو سنة 1982 الذي يحدد محتوى الخدمات الاجتماعية وكيفية تمويلها على أنها من حيث المبدأ، تعد الخدمات الاجتماعية التابعة للهيئة المستخدمة مكملة لأعمال الدولة والجماعات المحلية والهيئات المتخصصة ويتم التكفل بها تطبيقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما([48]).
المطلب الثالث: القضاء على التمييز في الحقوق القانونية والأسرية للمرأة بين اتفاقية سيداو وقانون الأسرة الجزائري
تمثل الأسرة للإنسان المأوى الدافئ، والملجأ الأمن، والعلاقة الطبيعية المفترضة بين أركان هذه الأسرة (الزوج والزوجة والأولاد) هي الحب والمودة. وتقع مسؤولية ذلك بالدرجة الأولى على المرأة بحكم التركيبة العاطفية التي خلقها الله تعالى عليها، ولكي تتمكن الزوجة من القيام بهذا، فهي تتوقع من الزوج التعاون والتقدير بالإضافة للعطاء والاحترام المتبادل، ولكن في بعض الأحيان قد تتحول الأسرة إلى حلبة صراع، حيث يلجأ أحد أفراد الأسرة إلى إستخدام القوة المادية والمعنوية إستخداماً غير مشروع لإلحاق الأذى ضد أفراد آخرين من هذه الأسرة.
وتُبين جميع الدراسات التي تجريها الدول العربية على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتها أن الزوجة هي الضحية الأولى وأن الزوج هو المعتدي الأول، مما يجعله قضية حساسة كونه أمر عائلي بين الزوج والزوجة([49]).
وقد أوجبت المواد (2)، (15/2)، (16)، من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة على منح النساء المكانة القانونية الممنوحة للرجل والمساواة بينهم في كافة الشؤون القانونية، وكذلك حق المساواة بين الجنسين في الزواج والعلاقات الأسرية.
الفرع الأول: المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق القانونية
من بين الحقوق القانونية التي ذكرتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، حق المساواة في قوانين الجنسية، كما نصت على حق المساواة في أهلية إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وهو ما سنفصله فيما يلي:
أولا: المساواة بين المرأة والرجل في الجنسية
أوجبت الاتفاقية في نص المادة (9) على جميع الدول الأطراف أن تعطي للمرأة نفس الحقوق مع الرجل فيما يتعلق باكتساب الجنسية أو تغييرها أو الاحتفاظ بها([50])، وفي حالة زواجها من أجنبي لا يتوجب عليها تغيير جنسيتها أو تصبح بلا جنسية أو تفرض عليها جنسية الزوج الأجنبي، ففي هذه الحالة يجب ترك تقدير المصلحة للزوجة نفسها؛ فهي تقرر بمحض إرادتها فيما إذا كانت مصلحتها تقتضي الدخول في جنسية زوجها والاستفادة من المزايا المقررة للمواطنين في دولة زوجه، كما ألزمت الاتفاقية على الدول الأطراف أن تسمح للمرأة بمنحها حق مساوي لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها.
فقد أكدت اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 على منح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها، وضمان ألا يترتب على الزواج من أجنبي أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تغير تلقائيا جنسية الزوجة أو أن تصبح بلا جنسيه أو أن تفرض عليها جنسيه الزوج، وكرس هذا الجزء في مادته التاسعة منح المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها([51]).
وبالعودة إلى موقف المشرع الجزائري، نجد أن هذا الأخير سارع إلى تنظيم الجنسية الجزائرية غداة الاستقلال مباشرة؛ حيث صدر أول قانون ينظم الجنسية رقم 63/96 المؤرخ في 27/03/1963، والذي ألغي وعوضه قانون الجنسية رقم 70/86 المؤرخ في 15/12/1970، الذي عدل وتمم بموجب القانون 05/01 المؤرخ في 27/02/2005 الذي جاء بالأهداف التالية:
موائمة القانون المتعلق بالجنسية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها الجزائر.
تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين؛ حيث تم الاعتراف بالجنسية الجزائرية الأصلية بالنسب عن طريق الأم من خلال المادة 06 من قانون الجنسية الجزائري.
إمكانية اكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج من جزائري أو جزائرية بموجب مرسوم متى توفرت الشروط وهذا حسب المادة 09 مكرر من قانون الجنسية الجزائري.
حق المرأة الجزائرية في نقل جنسيتها إلى أبنائها
قانون الجنسية الجزائري قبل التعديل، كان من التشريعات التي جعلت دم الأم يأتي في المرتبة الثانية أو بعبارة أخرى من التشريعات التي أخذت به بصفة احتياطية، غير أن المشرع الجزائري قد عدل عن هذا الحكم بتعديل المادة 06 بموجب القانون رقم 05/10 الصادر في شهر فيفري 2005، التي تنص أنه: “يعد جزائريًا الولد المولود من أب جزائري أو أم جزائرية“، أي تبنى مبدأ المساواة بين الجنسين، وهو المبدأ الذي كرسته الدساتير المتعاقبة ودستور 1996 من خلال المادة 29 منه والذي كرسته جل المواثيق الدولية.
ويمكن القول من خلال هذه الصياغة الجديدة لنص المادة السادسة، يكون المشرع قد منح للأم الجزائرية الحق في نقل جنسيتها الأصلية إلى أبنائها على قدم المساواة مع الأب.
فهذا التعديل يقضي على المشاكل التي تعاني منها الأمهات الجزائريات المتزوجات مع أجانب أو للواتي يعشن مع أبنائهن في الجزائر؛ بحيث كان الأبناء يعاملون معاملة الأجانب، فيحرمون من الحقوق السياسية والحقوق الأخرى :كالتعليم، والعمل، والإقامة الشرعية، أما بعد التعديل، فإن هؤلاء أصبحوا من رعايا الدولة الجزائرية، يتمتعون بجميع الحقوق كغيرهم من المواطنين الجزائريين.
2 ـ إكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج.
فتح المشرع الجزائري في قانون الجنسية الجزائري المعدل بموجب القانون رقم 05/10 الصادر في شهر فيفري 2005، الباب أمام الزوجة أو الزوج لتوحيد جنسية الأسرة عن طريق الزواج، بشرط احترام إرادة الفرد في اكتساب جنسية الزوج، وهو ما تقضي به المادة 9/2 مكرر من قانون الجنسية الجزائري؛ حيث تشترط أن يكون الزواج قانونيًا وقائمًا فعليًا منذ ثلاث سنوات على الأقل عند تقديم الطلب “.
وعامة، فإن تعديل قانون الجنسية مكسب جديد لترقية وتعزيز حقوق الأم التي أصبحت لا فرق بينها وبين الأب الجزائري([52]).
ثانيا: المساواة في إبرام العقود: جاء في نص المادة 15 من اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1979 على أنه يحق للمرأة أن تتمتع بنفس الحقوق مع الرجل أمام القانون، فلها أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل وتساوي بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية، فلها الحق في إبرام العقود وكذلك إدارة الممتلكات([53])، فالجزء الرابع من هذه الاتفاقية، كرس الاعتراف للمرأة بالمساواة مع الرجل أمام القانون، ومنحها أهلية قانونية مماثله لأهلية الرجل في الشؤون المدنية، وفي فرص ممارسة تلك الأهلية وإبرام العقود وإدارة الممتلكات، وفي جميع مراحل الإجراءات القضائية، واعتبر جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي يكون لها أثر قانوني يستهدف الحد من الأهلية القانونية للمرأة باطلة؛ كما منح الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم([54]).
والملاحظ، أن قضية أهلية المرأة في الشؤون المدنية ليست مشكله عامة في جميع أنحاء العالم، ففي عدة حضارات احتفظت المرأة بالذمة المالية المستقلة وبشخصيتها القانونية المستقلة عن أهلها وعن زوجها، وتعترف العديد من الثقافات بأهلية المرأة في تحرير العقود والالتزام بها، فالمرأة في ظل الشريعة الإسلامية منذ أكثر من 14 قرنا تتمتع بذمة مالية مستقلة عن ذمه الرجل وأهلية كاملة عن أهلية الرجل المالية، فلها حق تملك جميع أنواع العقارات والمنقولات والأموال السائلة الرجل سواء بسواء، وحق التصرف فيما تملكه؛ فلها أن تبيع وتشتري وتقايض وتوصي ولا يتوقف شيء من ذلك على رضا الزوج أو غيره([55]).
الفرع الثاني: المساواة بين المرأة والرجل في الشؤون الأسرية
تلزم المادة 16 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 الدول الأطراف باتخاذ تدابير مناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، فهو يعتبر حقا طبيعيا لكل إنسان وهو سنة من سنن الحياة، ويعتبر السبيل الوحيد لاستمرارية الجنس البشري، فيكون للمرأة نفس الحق في عقد الزواج، وكذلك نفس الحق في حرية اختيار الزوج، كما يجب أن يكون لها نفس الحقوق فيما يتعلق بالأطفال من حيث الإنجاب، والولاية، والقوامة والوصاية وكذلك الحضانة، ويجب أن يعطى للمرأة الحق في اختيار اللقب العائلي والمهنة والوظيفة، وكذا لها نفس الحق مع الرجل في فسخ زواجها.
كما أكدت المادة 16 فقرة 2 على أنه لا يكون لخطوبة الطفل أو زواج الأطفال أي أثر قانوني، وأنه يتعين على الدول الأطراف في هذا اتخاذ جميع التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعية لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمر إلزامي([56]).
كما أكدت الاتفاقية على ضرورة اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كل ما يتعلق بالزواج والعلاقات الأسرية([57]) خاصة المساواة بين المرأة والرجل في انعقاد الزواج وفي حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل، وفي الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، واختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل([58])، وكذا فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والتمتع بها والتصرف فيها، وفي الأمور المتعلقة بأطفالها بغض النظر عن حالتهما الزوجية بما فيها الولاية والقوامة والوصاية على الأطفال على أن تمنح الأولوية دائما لمصلحه الأطفال وكذا المساواة بين الوالدين في الأمور المتعلقة بتبني أولادهما أو ما شابهه من الأعراف في الحالات التي تسمح التشريعات الوطنية فيها بذلك، إضافة إلى التأكيد على حق المرأة في أن تقرر بكل حرية وبإدراك للنتائج عدد أطفالها والفاصل بينهم، وفي الحصول على المعلومات والوسائل التي تمكنها من التمتع بهذا الحق.
ونظرا لما أثبته الواقع من انتشار لظاهرة زواج القاصرات خاصة في المجتمعات الفقيرة، أكدت الاتفاقية على حظر تزويج الأطفال من خلال اعتبار خطوبة الطفل أو زواجه دون أي أثر قانوني وحث الدول الأطراف على اتخاذ كل التدابير الضرورية بما فيها تشريع القوانين اللازمة لتحديد سن أدنى للزواج، وجعل تسجيل عقد الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا حماية للمرأة فيما يتعلق بآثار الزواج.
وفي مجال تكريس المشرع الجزائري للضمانات التي أقرتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، فالأمر 05/02 المؤرخ في 27 فيفري 2005 المعدل والمتمم للقانون رقم 84/11 المؤرخ في09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة، جاء ليجسد واحد من الإلتزامات الكبرى التي إلتزمت بها من أجل ترقية الأسرة -عمومًا- والمرأة على وجه الخصوص، فتلك الضمانات التي كفلها تشريع الأسرة الجزائري المعدل للمرأة، بحيث نستخلص أهم التعديلات التي تهم المرأة وتعمل على ترقية حقوقها، بمقتضى هذا الاتفاقية من خلال العناصر التالية:
أولا: الزواج
توحيد سن الزواج فالمشرع الجزائري كرس المساواة بين الرجل والمرأة في إبرام عقد الزواج في سن 19 سنة، وهذا حسب الأهلية المدنية بعد أن كانت أهلية الرجل في الزواج بتمام 21 سنة وأهلية المرأة بتمام 18 سنة حسب المادة 07 من قانون الأسرة قبل التعديل، فيكتسب الزوج القاصر أهلية التقاضي فيما يتعلق بأثار عقد الزواج من حقوق وواجبات.
فالمشرع الجزائري كرس مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في إبرام عقد الزواج في سن 19 سنة وهذا حسب الأهلية المدنية المنصوص عليها في القانون المدني([59])، بعد أن كانت أهلية الرجل في الزواج بتمام 21 سنة وأهلية المرأة بتمام 18 سنة حسب المادة 07 من قانون الأسرة قبل التعديل، وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل هذا السن وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل هذا السن بعد تأكده بأن كلا الطرفين قادران على الزواج؛ وذلك للضرورة ([60]).
2 ـ أضاف المشرع كلمة رضائي في تعريف الزواج المادة 04 أن: “الزواج هو عقد رضائي يتم بين رجل وامرأة على وجه الشرعي، من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب”، وبالتالي لا يمكن للولي أو غيره أن يجبر أبنته القاصرة على الزواج دون موافقتها، وهذا ما نصت عليه المادة 13 من قانون الأسرة.
3 ـ كما أعطت وزارة الشؤون الدينية الأوامر لكل الأئمة على مستوى الوطني، أن قراءة الفاتحة أثناء الخطبة وفي مجلس العقد لا تتم إلا بعد إحضار عقد الزواج أو الدفتر العائلي؛ وهذا حماية للمرأة التي تتزوج بالفاتحة فقط، أي زواج شرعي، وتطلق بعد الدخول بها والذي قد ينجر عنه إنجاب أطفال؛ وبالتالي يترتب لهؤلاء مشكلة إثبات النسب وللأم ضياع حقوقها.
ث ـ تغيير دور شرط الولي في الزواج في التعديل الجديد بحيث لم يبق الولي الشرعي ركن من أركان عقد الزواج، وإنما أصبح من شروط صحة الزواج المادة 9 مكرر من قانون الأسرة الجزائري، فالمشرع أخذ بمبدأ المساواة بين الجنسين في كل الجوانب المتعلقة بإبرام عقد الزواج([61])، إذ بإمكان المرأة الراشدة أن تعقد زواجها بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره، أي أن المرأة الراشدة أصبحت تختار وليه،كما يمكن أن يكون القاضي ولي لها بوصفه ولياً من لا ولي له، ومن خلال هذا يتضح أن المشرع أخد بمبدأ المساواة بين الجنسين في كل الجوانب المتعلقة بإبرام عقد الزواج.
أما بالنسبة لزواج القاصرة، فإن زواجها يتولاه الأب أو أحد الأقارب الأولين والقاضي ولي من لا ولي له، إلا أن هناك من يرى أن هذا التعديل في شرط الولي هو توجه علمان من خلاله تم المساس بالمفهوم الإسلامي لدور الولي في الزواج نتيجة مطالبات منظمات حقوق المرأة، التي ترى أن الولي حاجز يجعلها قاصرة حتى في اختيار شريك حياتها، إلا أننا وفي رأينا الشخصي أجد أن هناك لا مبرر من هذه المادة خاصة وأن مجتمعنا مجتمع إسلامي وتربينا تربية إسلامية ومن ترعرعت على يد أبيها وهي طفلة كيف لها أن تطلق هذه الرعاية وفضل الولي عليها بمجرد أنها صارت راشدة حسب رأينا وحسب ما تشهده أقسام شؤون الأسرة من مشاكل الطلاق يكون سببها الرئيس في اعتقادنا هو هذا المشكل، فمن تزوجت بدون رضا وليها استنادا على هذه المادة كيف لها أن تربي جيل يخضع لها ويعتبرها قدوة اجتماعية.لذا أرى من الضروري إعادة صياغة هذه المادة واستعمالها للضرورات القصوى.
كما أكدت المادة 04 من قانون الأسرة على أساس الزواج الصحيح وأهدافه، فهو كل عقد رضائي يتم بين الرجل والمرأة على وشه شرعي([62])، ومن أهم أركانه الرضا، لهذا نصت كذلك المادة 13 أنه لا يجوز للولي أيا كان أو غيره، أن يجبر القاصرة لتي في ولايته على الزواج ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها وبالتالي توفر هذه المادة حماية للمرأة القاصر حتى تبلغ سن 18 أو بإذن من القاضي([63])، متى تأكد من قدرتها، وحتى توافق على الزواج، وإلا كان الزواج باطلا، ليؤكد كذلك في نص المادة 36 على حقوق وواجبات كل من الزوجين وتنظيم الحياة الزوجية والمعاشرة بالمعروف والاحترام المتبادل والتشاور والحوار والمحافظة على روابط القرابة حسن المعاملة ([64]).
ثانيا: تعدد الزوجات
تم إخضاع تعدد الزوجات للرضا المسبق للزوجة أو الزوجة الثانية وكذا ترخيص رئيس المحكمة الذي يتولى التأكد من حصول التراضي، والتأكد من توفر المبرر الشرعي وقدرته على توفير العدل، وهذا حسب المادة 08 مكرر من قانون الأسرة، وفي حالة إخفاء الزوج على إحدى زوجاته زواجه يعد هذا الفعل تدليسًا، ويحق للزوجة المتضررة رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتطليق حسب المادة 8 مكرر من قانون الأسرة، كما نص القانون على ضرورة فسخ الزواج الجديد قبل الدخول إذا تزوج الزوج بدون ترخيص من القاضي.
فما يمكن ملاحظته، أنه يمكن للعدل المادي أن يحصل إذا كان طالب الزواج ثانية ميسور الحال لكن العدل المعنوي لا يمكن أن يحصل ويصعب إثباته، ففي هذا المقام تحضرني إحدى القصص المتعلقة بسيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما سألوه عن العدل المعنوي بين زوجاته فقال لهم لا تلوموني فيما لا أملك، والمعنى من هذه القصة أن العدل المعنوي يصعب تحقيقه.
وبالتالي، فإن طلب الترخيص بالزواج يعتبر ضمان قانوني لحماية الزوجة الأولى والزوجة المستقبلية من أي تدليس يمكن أن يوهم الزوج به، بحيث اعتبر المشرع إخفاء الزوج زواجه من امرأة ثانية تدليس ويجوز للزوجة المتضررة رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتطليق([65])، لذا نرى أنه كان من الضروري على المشرع النص على حقها في المطالبة بالتعويض في حالة حصول الضرر كما أن التدليس واقعة مادية تثبت بمختلف وسائل الإثبات المدنية.
كذلك نصت نفس المادة على ضرورة فسخ الزواج الجديد قبل الدخول إذا تزوج الزوج بدون ترخيص من القاضي،لكن الواقع العملي يشهد الكثير من هذه القضايا لأن منح الترخيص غير مقترن بجزاء في حال المخالفة لأن غالبية الأزواج في هذه الحالة يتزوجون زواج عرفي وبعد ذلك يتم إثباته بحكم قضائي([66])، بالإضافة إلى حق الزوجين في أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق كل الشروط التي يرونها ضرورية لاسيما شرط عدم تعدد الزوجات وعمل المرأة شريطة أن لا يتنافى مع أحكام هذا القانون ([67])، وفي حال مخالفة هذه الشروط يحق للمرأة طلب التطليق حسب ما نصت عليه المادة 53 مع إمكانية الحكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها.
ثانيا: الحقوق والواجبات بين الزوجين
حسب المادة 36 قانون الأسرة، تم استعادة التوازن في الحقوق والواجبات بين الزوجين، بحيث كرست مبدأ المساواة في العلاقات ما بين الزوجين والتساوي فيما بينهما في الحقوق والواجبات، تطبيقا لمات نصت عليه اتفاقية سيداو لعام 1979، كذلك إن فكرة رب الأسرة قد حذفت من المادة 39 قانون الأسرة قبل التعديل، كما تم الإقرار حسب المادة 37 أنه لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، بمعنى أن للمرأة الحق في إدارة ممتلكاتها، غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول الأموال المشتركة وتحديد النسب لكل واحد منهما التي تؤول إليه عند الطلاق.
ثالثا: استقلالية الذمة المالية: جاء في نص المادة 37 نص صريح أن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن الآخر، مع وجوب نفقة الرجل على المرأة وأولاده ولا يجوز للزوج أن يجبر زوجته تحت التهديد بالطلاق أو بأي شيء آخر حتى يتصرف في أموالها بدون موافقتها، غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول الأموال المشتركة بينهما التي يكسبانها خلال الحياة الزوجية وتحديد النسب التي تؤول لكل منهما، كما يمكن أن يضمنا في العقد كل الشروط التي يريانها ضرورية كشرط تعدد زوجات بالنسبة للرجل الذي أصبح يشترط عليه موافقتها المسبقة ورضاها، وشرط الخروج للعمل للمرأة([68])، وبالتالي يوجد سبيل لدرأ مشكل العمل لدى المرأة بتضمينها شرط في عقد زواج على موافقته على عملها.
رابعا: الحق في الميراث
أكد المشرع أن للمرأة حقها الكامل في الميراث كنظيرها الرجل طبقا للشريعة الإسلامية وقانون الأسرة الجزائري، ورغم ذلك لا تزال العديد من العائلات الجزائرية في بعض مناطق الوطن تحرم المرأة من الميراث بشكل نهائي، وتعتبر التركة حقا من حقوق الذكور فقط، متحججين في ذلك بأن المرأة إذا تحصلت على نصيبها من الإرث، فإنها ستمنحه لزوجها الغريب عن العائلة، لذلك يُفضلون حرمانها تماما من الميراث حتى لا يأخذ زوجها شيئا منه، فقد جاءت المادة 142 تؤكد أن النساء الذين يرثن البنت وبنت الابن وإن نزل والأم والزوجة والجدة من الجهتين وان علت والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم([69])، وهذا تعبير واضح على حقها في الميراث، كما بين قانون الأسرة مواد تحدد أنصبتها وفروضها، لذا يجب نشر التوعية بأن الميراث حق للمرأة وليست صدقة([70]).
خامسا: فك الرابطة الزوجية
لقد وفر المشرع الحماية للمرأة إذا لم تستقم الحياة الزوجية بأن يتم حل هذا الزواج إما بإرادة الزوج أو بإرادتهما أو بالإرادة الزوجة، فلها أن تطلب التطليق وفق للأسباب التي حددتها المادة (53)، كعدم النفقة الواجبة التي حددتها المادة (74) (عنف الاقتصادي) أو الهجر في المضجع أو الغياب فوق العام بدون مبرر (عنف معنوي)، الشقاق المستمر (عنف لفظي ) كل ضرر معتبر (عنف جسدي أو بدني ) ارتكاب جريمة ماسة بالشرف (عنف جنسي) أو لها أن تخالع نفسها بمقابل مالي([71])، كما بين المشرع أنه بإمكان القاضي أن يحكم بتعويض للزوجة عن الضرر اللاحق بها إذا تبن له تعسف الزوج في الطلاق، أو عن أي ضرر آخر لحق بها([72])، وهو ما أكده كذلك في نص المادة (55) في حالة نشوز أحد الزوجين يمكن للقاضي أن يحكم بالطلاق وبالتعويض للطرف المتضرر.
وتم إضافة ثلاث حالات لطلب المرأة التطليق حسب المادة 53 بالإضافة للحالات السبعة المذكورة في السابق تتمثل هذه الحالات في: الشقاق المستمر بين الزوجين، مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج) تعدد الزوجات أو شرط العمل (،كل ضرر معتبر شرعًا: كعدم العدل بين الزوجات الذي يشكل الضرر المعتبر شرعا([73]).
كما أصبح الخلع تصرف انفرادي من طرف الزوجة حسب المادة 54 من قانون الأسرة؛ حيث يجوز لها دون موافقة الزوج أن تخالع نفسها بمقابل مالي، وإذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم، وهذا التعديل جاء استجابة لطلبات رفع الظلم عن المرأة وكرد ضد الطلاق التعسفي الذي هو في ارتفاع مستمر([74])، حيث يجوز لها أن تخالع نفسها دون موافقة زوجها بمقابل مالي، وإذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم، ويستشف من خلال هذا النص أنه جاء تكريسا للاجتهاد القضائي للمحكمة العليا الذي يؤكد حق المرأة في خلع نفسها دون موافقة الزوج، إلا أن هذا الأخير يمكن أن يعارض المقابل المالي للخلع فقط، وهذا التعديل جاء استجابة لطلب رفع الظلم عن المرأة ورد ضد الطلاق التعسفي الذي هو في ارتفاع مستمر وبالتالي إحداث نوع آخر من فك الرابطة الزوجية من طرف الزوجة، ألا وهو الخلع القضائي أو الإلزامي الذي يوقعه القاضي جبرا على الزوج، لكن هذا التعديل قد يخالف شروط الخلع التي نصت عليها الشريعة الإسلامية والمذهب المالكي وقول سادة الجمهور اعتبروا أن الخلع عقد رضائي يتم بين الزوجين، وأنه رخصة تمنح للزوجة عندما تضيق بها الحياة الزوجية وأن القاضي لا يقضي به دون رضا الزوج، ومن هذا المنطلق يكون للزوجة وسيلتين لإنهاء الزواج وهما التطليق والخلع.
فيما يخص إثبات النسب، يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثباته، وهذا حسب المادة 40 من قانون الأسرة التي نصت على أنه يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32، 33 و34 من هذا القانون ويعتبر هذا من ضمانات حقوق المرأة والطفل على حد سواء.
تغيير الترتيب بالنسبة لأصحاب الحضانة، حيث أصبح الأب في المرتبة الثانية بعد الأم لممارسة الحضانة ولكن مع مراعاة مصلحة المحضون ([75])مع توفير مسكن ملائم لممارسة الحضانة وإن تعذر عليه ذلك يدفع بدل الإيجار،كما أن عمل المرأة لا يشكل سبباً من أسباب سقوط الحضانة، كما تم توسع صلاحيات القاضي بتأهيله للبث في القضايا الإستعجالية عن طريق الأوامر([76]).
إحداث صندوق النفقة واعتباره من الضمانات القانونية التي تستفيد منها المرأة المطلقة وأطفالها بعد تعذر حصولها على النفقة المستحقة بموجب حكم قضائي نتيجة لامتناع أو عجز أو غياب الزوج، لذلك، وضمانا لكرامة المرأة المطلقة وحماية حقوق الأطفال من الضياع، وبالتالي ما يتعين على الأم إلا أن تتقدم فقط بملف تشرح فيه وضعيتها للهيئة المختصة التي تقوم فيما بعد بدراسة الموضوع، ثم تحديد المبلغ المالي التي ستستفيد منه الأم وأبناؤها بصفة شهرية([77])·
وتجدر الملاحظة في هذا المقام أن المشرع بإنشائه لصندوق النفقة وتنظيمه وفق إطار قانوني يكفل فيه حق المطلقة وأطفالها في النفقة المستحقة بعد الطلاق كإجراء احترازي، فرغم أهميته من الناحية الاجتماعية والقانونية إلا أنه أثار العديد من الإشكاليات التي ترتبط أساسا بالفئات المستفيدة من هذا الصندوق وإجراءات الاستفادة منه والموارد المالية المرصودة له، فبالنسبة للفئات المستفيدة منه فإن المشرع حصر الفئات المستفيدة منه في المطلقة ومستحقات النفقة من الأطفال بعد انحلال العلاقة الزوجية، أو حتى أثناء رفع دعوى الطلاق وفقا لما تضمنته أحكام المادة الثانية من قانون 15-01، ومن ثم لابد من التأكيد على أن المشرع لم يكن منصفا في تقريره على هذا الأساس،حيث تحيز لصالح الفئات المذكورة على حساب الصندوق فيما يقدمه من دعم ومساعدة لفئات أخرى هي في أمس الحاجة لهذا الدعم مثل الأم المعوزة غير المطلقة، الأرامل وغيرهم.
وانطلاقا من هذا، كان على المشرع أن يجعل الاستفادة من المخصصات المالية للصندوق غير قاصرة على من حصرهم، لتشمل كل من تجب لهم النفقة وفقا لأحكام قانون الأسرة([78])، ليصبح صندوقا للأسرة بدلا من صندوق للمطلقات للمحافظة على تماسك الأسرة قد تلجأ إليه الزوجة المهمل زوجها للنفقة على أبنائها بدل اللجوء إلى الطلاق للاستفادة من المخصصات المالية لصندوق النفقة.
وبالتالي، فإذا كانت التطبيقات القضائية في مادة النفقة تكاد تكون موحدة عبر المحاكم فإن قيمة النفقة المحكوم بها والتي تعادل المبلغ المستحق من صندوق النفقة لم يراعى في تقديرها الفوارق الاجتماعية بين الأسر الجزائرية ما يجعل هذه المبالغ زهيدة ولا ترقى للمستوى الاجتماعي الذي يضمن كرامة الأسرة، وهذا ما يستدعي بالضرورة إعادة النظر في سقف المستحقات المالية لهذا الصندوق لتستجيب للحاجيات الأساسية للمرأة المطلقة وأطفالها.
المبحث الثاني: قراءة نقدية لبعض نصوص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979.
أبرز نقطة جوهرية وجدت صراعاً حاداً بين أطياف المجتمع الجزائري )المحافظين والعلمانيين( وداخل البرلمان هي مسألة الولاية على المرأة، فهذه الأخيرة تبرم كافة العقود المالية بكل حرية ومن دون رقابة، باستثناء عقد الزواج، حيث تكون إرادتها قاصرة حيث تحتاج إلى ولي يعبر عن إرادتها ([79]).
وأبرز دليل يؤكد أن البرلمان الجزائري وصل إلى طريق مسدود جراء هذا النزاع الحاد، هو عملية تعديل قانون الأسرة، بعد عشرين سنة من صدوره، بموجب أمر رئاسي، بتاريخ 27 فبراير 2005، أي على بعد يومين من افتتاح البرلمان الجزائري لدورته الربيعية، وبالتالي الأمر 05/02 وضع حداً لهذا النزاع التشريعي داخل البرلمان، ليبقى على هذا الأخير فقط الموافقة على هذا الأمر فيما بعد، وسنتناول هنا، مسألة تعارض نصوص مساواة اختيار المرأة لزوجها بكل حرية، ومسألة تعدد الزوجات، مع نصوص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979، وهو ما سنبرزه فيما يلي:
المطلب الأول: تَعَارض نص المادة 2 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة مع قانون الأسرة.
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أو سيداو (CEDAW) هي معاهدة دولية تم اعتمادها في 18 ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم عرضها للتوقيع والتصديق والانضمام بالقرار 34/180 في 18 ديسمبر 1979، وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للمرأة([80]).
تشكل المادة (2) جوهر الاتفاقية وموضوعها وغرضها الأساسي العمل على إعمالها على كافة المستويات الممكنة، مثل: مستوى الدستور، القانون، مستوى الممارسة الواقعية، مستوى الدولة ومؤسساتها، مستوى المجتمع بتكويناته وقواه وهياكله، مستوى المؤسسات العامة أو المنظمات، مستوى الأفراد، وتتكامل هذه المادة مع سابقتها، في أن الاتفاقية تعمل بالتدريج، أي تنتقل من نطاق إلى نطاق بتدرج ونظام، وذلك على مستويين:
أولهما: تعديل أية تشريعات تعتبر تمييزية وفقا لما ورد في نصوص الاتفاقية.
وثانيهما: إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية المتعارضة معها، باعتبار الاتفاقية ناسخة لغيرها من التشريعات والأحكام.
وبهذا تشكل الاتفاقية ببنودها حزمة أو منظومة مترابطة ومتلاحمة، بما يُحكم الخناق حول الحكومات؛ لإجبارها على تغيير كافة تشريعاتها الوطنية بما يحقق المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، وفي هذا الإطار ينبغي أن نشير إلى تحفظ سلطات التصديق الجزائرية على نص هذه المادة؛ حيث جاء بالتحفظات والإعلانات المقدمة من الجزائر فيما يخص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر بتاريخ 22 جوان 1996، أنه: “تُعلن حكومة جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية أنها على استعداد لتطبيق أحكام هذه المادة بشرط عدم تعارضها مع أحكام قانون الأسرة الجزائري”([81])، وفيما يلي الملاحظات التفصيلية على بنود المادة الثانية، وهي:
يفرض البند (أ) هذا البند على الدول العمل على مستويين:
الأول: مستوى الدساتير، وهو القانون الأعلى، أو مصدر القوانين والمحدد للمعالم الأساسية لها.
الثاني: مستوى القوانين التفصيلية أو التشريعات، ومن ثم، فإن قبول هذا البند معناه أن الاتفاقية تتدخل في إطار سيادة الدولة، وما يحدده دستورها من معالم شتى تنبني على أساسها قوانينها.
يعمل البند (ب) على مستويين:
الأول: المستوى الإيجابي، وهو التدخل بفرض تدابير تشريعية، ووضع جزاءات (عقوبات) لمرتكبي فعل التمييز.
الثاني: المستوى السلبي، وهو تعهد الدول بالامتناع عن أي عمل أو ممارسة تعدها الاتفاقية تمييزًا، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.
مما يؤكد أن لفظ التمييز هو مصطلح قانوني فرضت له الاتفاقية رؤية خاصة، وله تداعياته وآثاره القانونية المترتبة على اقتراف فعل (التمييز).
البند (جـ)، يتعلق بمحاولة تقنين الاتفاقية، وتثبيت مفاهيمها داخل الأنظمة القانونية للدول، وذلك عبر عمل المحاكم الوطنية، حيث يخلق عمل المحاكم الوطنية شبه اليومي وقائع لا حصر لها تكرس مفهوم التماثل، وتخلق له – كذلك- سوابق قانونية تطبيقية.
يعمل البند (د) على مستوى السلطات والمؤسسات العامة، وهو المستوى الواقعي في فرض الاتفاقية، حيث تمثل تلك المؤسسات دولاب العمل الحكومي اليومي وهي ضرورية لفرض رؤية الاتفاقية، ليس من خلال النصوص والمواثيق فقط، وإنما أيضًا من خلال ممارسات يومية تفرض نمط الحياة، وطريقة العيش، وهما أخطر مجالات التأثير؛ لأنهما يفرضان تغييرًا في البنية الذهنية والسلوكية للأفراد، وتصوراتهم للإنسان والكون والحياة.
يعمل البند (هـ) على مستوى الفرد وعلى مستوى المنظمة والمؤسسة، باتخاذ جميع التدابير المناسبة نحو كل من (يُميّز) ضد المرأة، سواء صدر عن شخص أو منظمة أو مؤسسة.
لكن الملفت للنظر بحق ما جاء في البند (و): فبمقتضى هذا البند تتعهد الحكومات بتعديل أو إلغاء كافة الأنظمة والأعراف والممارسات، وبذلك تضع الاتفاقية نفسها مصدرًا أعلى من مصادر القانون عند أغلب مجتمعات العالم (الدين- العرف- التقاليد)، بل تجعل من نفسها ناسخًا لكل القوانين الأخرى، وتصبح هي مرجعية في ذاتها.
وبهذا تدعو الاتفاقية من خلال هذا الجزء، إلى اتخاذ جميع التدابير بما في ذلك التشريع، لإبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التي تُميز بين الرجل والمرأة في قوانينها، وأن تستبدل بها قوانين تؤكد القضاء على هذه الممارسات، سواء أكانت صادرة عن أشخاص أو ناتجة عن تقاليد أو أعراف دون استثناء، حتى تلك التي تقوم على أساس ديني، وهي مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية؛ لأنها لا تقتصر على المسائل المدنية، بل تمتد لتشمل قوانين الأسرة أيضًا، أو ما يُسمَّى بقوانين الأحوال الشخصية، وهي أخص خصائص المجتمعات والشعوب؛ لاعتماد هذه القوانين على أسس دينية، وخصوصيات حضارية وثقافية،….”.
فإذا كانت الفقرات الأولى من المادة (2) مناسب تطبيقها والعمل بها على المستوى العالمي، فإن ما جاء في الفقرة (و) من المادة (2)، يتعارض مع الخصوصيات الحضارية والثقافية والقانونية، لبعض الدول بما في ذلك الإسلامية وفرض نمط واحد من الوسائل والأفكار والسلوكيات على مستوى العالمية فيه إهدار لكل المبادئ المتعلقة باحترام التنوع الديني والثقافي، وسيادة الدول، وحق الشعب في تقرير المصير، والتي نصت عليها المواثيق الدولية، وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة- وهو دستور المجتمع الدولي، والذي يعلو على كافة المعاهدات الأخرى([82])، وميثاق الأمم المتحدة قد نص على احترام ثقافات الشعوب، كما نصت عليه العديد من الاتفاقيات الدولية، ومنها وثيقة القاهرة للسكان، وسوف يتطلب برنامج العمل إقامة أرضية مشتركة، مع الاحترام الكامل لمختلف الأديان والقيم الأخلاقية، والخلفيات الثقافية، غير أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تغلب عليها نظرة واحدة للإنسان والكون والحياة، هي النظرة الغربية التي ليس للقيم الدينية أو الخصوصيات الحضارية مكان فيها.
كذلك، هذا النقد ثبتت صحته عمليًّا في إطار الأمم المتحدة ووحداتها المتخصصة، ففي عام 1989 بدأ العقد العالمي للتنمية الثقافية، وفي نهاية العقد تبين أن فشل كثير من برامج الأمم المتحدة يعود إلى عدم مراعاة الخصوصيات الحضارية.
أما بخصوص ما تطرحه الاتفاقية من حقوق وواجبات، فإنه يغلب عليها سيادة النظرة الغربية التي تحمل مضمونًا لمنظومة الحقوق والواجبات يختلف عن مضمون منظومة الحقوق والواجبات لدى كثير من حضارات العالم، ومن ثم، فإن فرض الرؤية الغربية على الاتفاقية يشكك في مصداقيتها في التعبير عن الاحتياجات الحقيقية لكل نساء العالم، فالاتفاقية ركزت على نظرتها للمرأة على أنها كائنًا ماديًّا يستمد قيمه وأفكاره من القوانين الطبيعية المادية، ويخضع لنفس الظروف المادية، وللحتميات الطبيعية دون غيرها، ومن ثم، فإن الحقوق الإنسانية للمرأة التي تتحدث عنها الاتفاقية هي حقوق لإنسان- عبارة عن امرأة، أية امرأة- يمثل كائنًا فرديًّا منعزلاً، أحاديّ البعد، غير اجتماعي، ولا علاقة له بأسرة أو مجتمع أو دولة، أو مرجعية تاريخية أو أخلاقية، وهذه الفلسفة في مجملها تمثل جوهر مفاهيم الحضارة الغربية، ونظرتها للإنسان والكون والحياة، وتصوراتها للخالق، ومساحات الثابت والمتغير في الحياة الإنسانية، بمعنى النظر للمرأة كفرد، وليس كعضو في أسرة، ذلك أن الحضارة الأوربية تقوم على الفرد والفردية، وهذا ما يتعارض مع نظرة الإسلام الذي وإن اعترف للمرأة بما توجبه إنسانيتها من حقوق، فإنه لا يقوم أصلاً على نظرية الغاية الفردية، وله نظرة وسطية متوازنة بين الفردية والجماعية، ويحترم الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وتظهر في مجال المرأة باعتبارها إنسانا وأنثى، وأنها والرجل صِنوان في الحقوق الإنسانية العامة، وفي خطاب التكليف، وفي الثواب والعقاب، ووضَع قيمًا وضوابط وآدابًا لتنظيم العلاقة بينهما وضبطها، فقد اعترف الإسلام بإنسانية كاملة للمرأة وجعلها والرجل سواء بسواء قال تعالى: “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة” النساء، وقال أيضا: “الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”([83]).
كما أن المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة إلى درجة التماثل أو التطابق التام تشمل جميع مناحي الحياة كحل أوحد وأساس، تقوم على رفض حقيقة وجود تمايز في الخصائص والوظائف بين الرجل والمرأة، فليست كل تفرقة ظلمًا؛ بل إن العدل- كل العدل- يكون في التفرقة بين المختلفين، كما أن الظلم- كل الظلم- في المساواة بينهما، والتفرقة بين المتماثلين، فالمساواة ليست بعدل إذا قضت بمساواة الناس في الحقوق رغم تفاوت واجباتهم وكفاياتهم وأعمالهم، فليس من العدل والإنصاف أو المصلحة أن يتساوى الرجال والنساء في جميع الاعتبارات، مع التفاوت في الخصائص التي تناط بها الحقوق والواجبات، فالمتمعن في الفلسفة الكامنة وخلفيات التي تقوم عليها نصوص الاتفاقية بصفة عامة، تكشف أنها لا تهدف إلى مجرد المساواة، وإنما إلى التماثل التام أو التطابق ولو في حالة اختلاف الخصائص والقدرات، وهو عين الظلم وليس المساواة، وبالرجوع إلى المادة 2 من الاتفاقية، نجدها قد نصت على التماثل والتطابق التام بين الرجل والمرأة، وهي مخالفة لحقائق كونية وشرعية في آنٍ واحد، فالله لم يخلق فردًا واحدًا مكررًا من نسختين، بل خلق زوجين: ذكرًا وأنثى، وهي حقيقة كونية كذلك ﴿ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾([84])، ومن ثم، فإن دعوات وحدة الجنس (unisex)، هي دعوات مصادمة لنواميس الفطرة والخلق وطبائع الاجتماع، فالعدل يقوم على المساواة بينهما فيما اتفقا فيه، ويخالف بينهما فيما اختلفا فيه، ويقنن لكل وضع بحسبه، وليس بحسب ما تفرضه رؤية التماثل التام.
وإن التغيير الظاهري للتشريع الإسلامي الذي يمنح للمرأة نصف ميراث الرجل قد يراه المتأمل أنه تمييزا ضد المرأة، إلا أن تناول نظام الميراث في الشريعة الإسلامية كنظام متكامل يظهر بأن الإسلام لم يجعل ميراث المرأة نصف ميراث الرجل كقاعدة عامة في الميراث، بل أن هذه القاعدة لا تنطبق إلا في بعض الحالات والأسباب([85])، التي يمكن شرحها فيما يلي :
العدل يستوجب تفاوتًا بينهما بالنظر إلى فالعبء المالي الذي يوجبه الشرع على الرجل دون المرأة، لقوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ في أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾([86])؛ فالآية الكريمة تساوي في الميراث بين الرجل والمرأة؛ لأن الذكر الوارث هنا- في حالة تساوي درجة القرابة والجيل- مكلف بإعالة زوجة أنثى، بينما الأنثى- الوارثة- إعالتها فريضة على الذكر المقترن بها، وحالات هذا التميز محدودة جدًّا إذا ما قيست بعدد حالات المواريث.
المرأة تأخذ أحيانا نصف ميراث حصة الرجل، لقوله: ﴿ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾([87])، فهي تعطي الأبوين السدس دون تمييز وأحيانا تأخذ المرأة أكثر من الرجل، كما لو توفي شخص وترك بنتا واحدة وأبويه فعندئذ يأخذ الأبوان كل واحد منهما السدس، بينما تأخذ البنت النصف أي أكثر من جدها الرجل؛ بل وأحيانا تأخذ البنت الثلاثة أرباع الباقية ،كما في حالة وجودها مع الجد الذي يستحق في هذه الحالة الربع وتستحق حفيدته ثلاث أرباع الميراث.
حق المرأة في الميراث لا يمكن فهمه إلا في ضوء الموازنة العادلة بين الحقوق والواجبات المالية التي تقررها الشريعة على كل من الرجل والمرأة، فالإسلام يلزم الرجل بالإنفاق على المرأة: زوجة، وكذلك يلزمه بالإنفاق على البنت والأم والأخت عند حاجتهن، ولا يُلزم الزوجة بالإنفاق على نفسها أو أسرتها ولو كانت غنية، فجميع ما تملك من أموال لها وحدها، وهي غير مكلَّفة أو ملزمة بالإنفاق على أحد، إلا في حدود ضيقة جدًّا، والرجل وحدَه مكلَّف وملزَم بالإنفاق على بيته، وتتسع دائرة إنفاقه على أقاربه شرطَ يَساره وحاجتهم.
بل إن توزيع الميراث في الإسلام لم ينتقص من حق المرأة شيئا، ثم أن سبب نقص ميراث المرأة في بعض الحالات مقارنة مع الرجل لا يعود لكونها امرأة، بل لأسباب تخص الميراث والتوزيع والعدالة الاجتماعية، ودرجة القربى، عند الورثة، ومن خلال استقرائنا لحالات الميراث في الشريعة الإسلامية، التي ساوت بين الجنسين نجد أن لها مدلول أوسع من تلك المقررة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولاسيما قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم (884/د) الذي أكد على أن: “أن يكون للرجال والنساء في درجة القرابة نفسها مع الشخص المتوفى، الحق في حصص متساوية في الميراث ومتساوية في ترتيب الورثة” (([88]).
المطلب الثاني: تَعَارض نصي المادتين 15 و 16 من اتفاقية سيداو مع قانون الأسرة الجزائري.
تحفظت الجزائر على نص المادة (15فقرة 4) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وجاء التحفظ على النحو التالي: “تعلن حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أن أحكام الفقرة 4 من المادة15 المتعلق بحق المرأة في اختيار مكان إقامتها وسكنها ينبغي أن لا يفسر على نحو يتعارض مع أحكام الفصل الرابع المادة (37) من قانون الأسرة الجزائري”([89]).
إن سبب تحفظ الجزائر على المادة (15 فقرة 4) يقتصر على المسألة المتعلقة بسكن المرأة المتزوجة حسب هذا الصدد تلزم أحكام قانون الأسرة للمرأة المتزوجة السكن في بيت الزوجية ولا تستطيع السفر أو التنقل إلا بإذن زوجها، كما أن التعاليم الدينية والأعراف تقضي بأن تسكن المرأة غير المتزوجة مع عائلتها، وبالتالي التحفظ الخاص بمسكن المرأة المتزوجة يأتي كنتيجة منطقية لما يعنيه عقد الزواج من ضرورة إقامة الزوجة في السكن الذي يعده لها الزوج، لكي تتمكن من القيام بمسؤوليتها كزوجة ووالدة في منزل الزوجية، علما أن حق النفقة يسقط إذا صدر حكم قضائي بنشوزها أي في حالة عدم التزامها في السكن الزوجية دون أي مبرر مقبول([90]).
كما يوجد تَعَارض بين نص المادة (16) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 مع قانون الأسرة الجزائري، حيث خصصت المادة (16) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979، للتأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة عند وضع نصوص التشريعات الأسرية، وبالتحديد عند وضع قوانين الأحوال الشخصية، حيث جاء فيها:” 1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وبوجه خاص تضمن- على أساس تساوي الرجل والمرأة:
أ- نفس الحق في عقد الزواج.
ب- نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.
ج- نفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
د- نفس الحقوق والمسئوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها، وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
ه- نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسئولية عدد أطفالها، والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.
و- نفس الحقوق والمسئوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنشطة المؤسسية الاجتماعية حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.
ح- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتع بها، والتصرف فيها، سواء بلا مقابل، أو مقابل عوض ذي قيمة.
2-…. يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية- بما فيها التشريع- لتحديد سن أدنى للزواج، ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرًا إلزاميًّا”.
من خلال استقراء نص المادة (16) من الاتفاقية، يمكن إيراد الملاحظات التالية:
هذه المادة خاصة بالأسرة تدعو إلى منح المرأة والرجل نفس الحقوق على قدم المساواة في عقد الزواج وأثنائه وعند فسخه، وكذلك في القوامة والولاية على الأبناء، وذلك يتعارض مع قاعدة ولي الزوجة عند عقد الزواج، ومع المهر، وقوامة الرجل على المرأة في الأسرة، وتعدد الزوجات، ومنع زواج المسلمة بغير المسلم وأحكام الطلاق والعدة، وعدة الوفاة، وحضانة الأولاد، ففي كل تلك الأمور شرع الإسلام أحكامًا للمرأة تختلف عن مثيلاتها للرجل؛ لصيانتها، وحفظ حقوقها من الضياع، مع أنه تجب الإشارة إلى التحفظ الصادر في 22 جوان 1996 عن السلطات الجزائرية على نص المادة عند التصديق على الاتفاقية، حيث جاء في نص التحفظ: ““تعلن حكومة جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية أن أحكام المادة (16) المتعلقة بتساوي حقوق الرجل والمرأة في جميع الأمور التي لها صلة بالزواج، أثناء الزواج وعند فسخه على السواء، ينبغي ألا تتعارض مع أحكام قانون الأسرة الجزائري“([91]).
هذه المادة من أخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق، وهي تضم مجموعة بنود تعمل على مستوى (الأحوال الشخصية): زواج- طلاق- قوامة- وصاية- ولاية- حقوق وواجبات الزوجين- حقوق الأولاد، باختصار: كل ما يمس الأسرة كمؤسسة، ونظام قيم، ونمط حياة، كما أن هذه المادة تمثل نمط الحياة الغربي، وهي تتجاهل معتقدات شعوب العالم، ومنظوماتها القيمية، وأنساقها الإيمانية.
فالجزائر تحفظت على المادة (16) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، ما لم تتعارض وأحكام قانون الأسرة الجزائري، والملاحظ أن أحكام هذه المادة متعلقة بالزواج والأسرة والتساوي في الحقوق والمسؤوليات المترتبة عن الزواج وفسخه، والحقوق والمسؤوليات المناطة بالوالدة في الأمور المتعلقة بأطفالها وبالولاية والقوامة والوصاية على أطفالها، فكل هذه المواضيع نظمها قانون الأسرة الجزائري، فبموجب الأمر 05/02 عمل المُشرع على تعديل وإلغاء بعض النصوص المُنظمة للولاية، وعليه يأتي هذا التحفظ للأسباب التالية([92]):
1.بالنسبة لأهلية المرأة في حق تزويج نفسها يعد رضا المرأة ركن أساسي ولإبرام عقد الزواج، فلا يصح عقد الزواج بدون رضاها الحر والكامل، كما يجب أن تحصل المرأة على رضا وليها إذا كانت بكرا، وتعود الحكمة إلى وجود الولي، هو ضمان مصلحتها، ويعد كذلك مبدأ الولاية هو مبدأ التضامن وتحمل المسؤولية؛ إذ يعتبر عقد الزواج له خطورة، ولا يمكن لفرد واحد تحمل مسؤوليته والولاية في عقد الزواج يعتبر مظهر تكريم لا علاقة له بالجنس، فمظهر الزواج مظهر اجتماعي وهو سنة من السنن الكونية، وتعتبر الولاية من باب الإحاطة والسعي لتحقيق المصلحة لهذه المرأة، وقد جعلت الولاية للذكر باعتباره يتصرف بالمنطق أكثر من العاطفة([93])، وفي هذا الإطار باتت المادة (04) من قانون الأسرة الجزائري، تنصت نص على أنه: “الزواج عقد رضائي يتم بين رجل وامرأة”، وكانت قبل التعديل تنص على أنه: ” الزواج عقد يتم بين رجل وإمرأة”.
في تأكيد من المشرع على رضائية عقد الزواج كسائر العقود الأُخرى، جاء في المادتين 9و 9مكرر من قانون الأسرة الجزائري، بعد التعديل، ما يلي: “ينعقد الزواج بتبادل رضا الزوجين”،” يجب أن تتوفر في عقد الزواج شروط الآتية: أهلية الزواج.-الصداق، الولي.- شاهدان.-انعدام الموانع الشرعية للزواج”، فالمشرع فرق بين ركن الزواج المنحصر في الرضا، وما عداه يندرج تحت الشروط، بما فيها الولاية.
وعُدلت المادة 11 من قانون الأسرة الجزائري: “تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها، وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره”. وأُلغيت المادة 12 من قانون الأسرة الجزائري التي كانت تنص: “لا يجوز للولي أن يمنع من في ولايته من الزواج إذا رغبت فيه وكان أصلح لها…”، وعُدِلت المادة13 من قانون الأسرة الجزائري: “لا يجوز للولي أباً كان أو غيره أن يُجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج، ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها”، وهذا قبلما كانت تنص: “لا يجوز للولي أباً كان أو غيره أن يُجبر من في ولايته على الزواج، ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها “.
وعليه، فالجبر لم يعد يمارس إلا على القاصرة فقط، أما الراشدة فتبرم عقد زواجها بمفردها، وما حضور وليها إلا إجراء شكلي لا يترتب عليه بطلان العقد.
وكقراءة تحليلية لهذه النصوص المُعدلة والمُلغاة، يتبين أن القصد من ورائها هو تجسيد مبدأ المساواة بين الجنسين ([94])، حتى تتواءم والاتفاقيات الدولية ) المادتين 2 و16) ولقد انتقدت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في ردها على التقرير الثالث والرابع للجزائر على عدم إلغاء شر الولي كليةً من طرف الجزائر، فهذا مفاده أن المشرع وجد نفسه بين جهتين ضاغطتين هما لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وبين أصالة المجتمع الجزائري المُحافظ([95]).
. وصياغة المادة (11) المعدلة الركيكة تُؤكد ذلك، فهو سعى إلى تجسيد المساواة بالتأكيد على رضائية عقد الزواج، وإلغاء ولاية الإجبار على المرأة الراشدة، من دون أن يسحب التحفظات الواردة على المادتين ) المادتين 2 و16) صراحة، كما فعل ذلك صراحة في المادة (9) من اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة المتعلقة بجنسية المرأة.
وبالتالي تعديل المادة (11) من قانون الأسرة الجزائري، بهذا الشكل يكون محاولة جس نبض الشارع الجزائري، تمهيداً لإلغائها كليةً كما تُطالب بذلك لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، وهذا كما تضمنه تقرير الجزائر الأول المقدم للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة:”..ولا ينبغي التقليل من شأن هذه التناقضات الظاهرة، بل يجب أن تعالج في ضوء عنصر أساسي هام ينصب على مكانة ودور القانون الإسلامي في إعداد الأعمال القانونية والقضائية في الجزائر، ويمكن اعتبار أن هذه المكانة أو هذا الدور بدأ يتضاءل بإستمرار من جراء تعقد المشاكل المطروحة في هذا العصر وتداخل الثقافات والعمليات العلمانية الجارية في المجتمع الجزائري.
وعليه، نحن ننتقد هذا التوجه، لأن الولاية كما أشرنا في الباب الأول، ليست تمييزا ضد المرأة كما يُصوره الغرب وأتباعه، وليس فيها مساس بمبدأ المساواة بين الجنسين، بل على العكس من ذلك؛ فالولي هو الناطق الرسمي للمرأة يوصل إرادتها كما هي للشخص الذي يريد الزواج بها، ويُحافظ على كرامتها وشرفها وعفتها، بل هو أحرص الناس على أن تكون موليته في أيدي أمينة في المستقبل.
فالولاية ولاية مُشاركة؛ حيث لا يجوز كأصل عام أن تنفرد المرأة بإبرام عقد الزواج بمفردها، بل يُشاركها وليها في ذلك، فبعد رضاها الكامل والحر من غير إكراه تُفوض وليها ليقوم بإبرام العقد نيابةً عنها. وبهذا نكون لم نخرج عن أعراف وتقاليد مجتمعنا ذو الغالبية المالكية وعملنا على تأكيد وحدة الأسرة الجزائرية من التفكك والوحدة التي تعرفها الأسرة في الغرب([96]).
وفي إطار حُرية المرأة في اختيار زوجها، اِنتقدتْ اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الجزائر، حيث لاحظت أنه على الرغم من تعديل قانون الأسرة، إلا أنه يمنع المرأة من حرية اختيار زوجها بسبب الدين، حيث تنص المادة (30) من قانون الأسرة الجزائري:” يحرم من النساء مؤقتاً:…-زواج المسلمة مع غير المسلم”، الأمر الذي يتعارض والمادة (16 /ب) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والمادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:”للرجل والمرأة..حق تأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين([97])”.
فانطلاقاً من الخصوصية الإسلامية لقانون الأسرة ([98])، لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم) كتابي أو مشرك(، ولا يُعتبر ذلك قيداً للحرية في الزواج بسبب الدين، بل هو واجب صيانة الأسرة من الإنحلال، بسبب الإختلاف في الدين عند عدم احترام الزوج بموجب عقيدته لمقدسات زوجته، مما يُنفر الزوجة المسلمة من زوجها، ومن ثمة، تتعرض الأسرة للخصام الذي ينتهي بوضع حد لنهاية هذه الأسرة ([99])، والدليل على هذه الحرمة من الكتاب قوله تعالى: ﴿ ولا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِين حتىٰ يُؤْمِنُوا﴾([100])، حيث يُفسر الطبري هذه الآية بأن الله تعالى قد حرم على المؤمنات ألا ينكحن مُشركاً([101]).
وقد أجمعت الأمة على أن المُشرك لا يطأ المؤمنة بوجه، لِما في ذلك من الغضاضة على الإسلام([102]).
ويُجمع الأئمة على ذلك ([103])، حيث يذهب المالكية إلى القول لا ولاية لكافر على مسلم سواءً كان ذمياً أو حربياً أو مرتداً، على مسلمة لقوله تعالى: ﴿ ولن يجْعل اللهُ لِلْكافِرِين على الْمُؤْمِنِين سبِيلًا ﴾([104])، ونفس الأمر ذهب إليه الحنفية، ذلك أن تحريم نكاح المؤمنة الكافر علته خوف وقوع المؤمنة في الكفر، فالزوج يدعوها إلى دينه، والنساء عادة يتبعن الرجال فيما يؤثرون من الأفعال، ويُقلدنهم في الدين([105])وإلى نفس الأمر يذهب الشافعية والحنابلة([106]).
وإذا كان المشرع المغربي قد وافق نظيره الجزائري([107])، فإن المشرع التونسي قد سكت عن هذه المسألة، اعتماداً على كفالة الدستور التونسي لحرية الدين والمعتقد، فالإشارة الوحيدة للمعتقد جاءت ضمن الفصل (59) من مجلة الأحوال الشخصية التونسية الذي جاء فيه، أن: “إذا كانت مستحقة الحضانة من غير دين أب المحضون فلا تصح حضانتها…. “.
فالنص يُقر بطريقة غير مباشرة حق الاختلاف في الدين بين الزوجين.
وفي هذا يقول عمار الداودي: ” وبصرف النظر عن الآراء ومدى تطابقا أو اختلافها مع الأحكام التقليدية للفقه الإسلامي، فإننا نعتبر هذا الحق أصيلاً ومحمياً بنصوص الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس، كما وقع تكريسه بالدستور وبنصوص القانون الجزائي والمدني” ([108])، وهو تحليل منطقي من الناحية القانونية.
أما بالنسبة لحق القوامة: وهو لا يعني بأي حال من الأحوال تسلط الرجل واستبداد الزوج أو تجريد المرأة أو الزوجة من دورها في الأسرة، بل القوامة هي مسؤولية يمارسها الزوج في إطار الإنفاق على الأسرة والمعاشرة بالمعروف، والتي لا تتحقق إلا بمراعاة التوازن والتقابل في الحقوق والواجبات، فالمبدأ الأساسي، في إدارة الحياة الزوجية في الإسلام هو التشاور وهذا ما يشير إليه القرآن الكريم صراحة بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾([109])، وهذا يدل على أن هناك قدرا من التفاعل وتبادل الرأي بين الزوجين في أمور حياتهما المشتركة.
3.أما فيما يخص الحقوق المتعلقة لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، فإن الجزائر تأخذ في هذا الشأن أحكام قانون الأسرة المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية بحيث يكون للمرأة ذمة مالية مستقلة عن ذمة المالية للزوج، ومعنى هذا أن ليس للزواج أي تأثير على أهليتها إذا كانت بالغة سن الرشد، فهي ليست في حاجة لا إلى إذن الزوج، ولا إلى مساعدته حتى تقوم بكل التصرفات في أموالها فالزوجة إذن تبقى مالكة لكل الأموال التي جاءت بها قبل الزواج أو أثناءه ونفس القاعدة تنطبق على أموال الزوج ولكن ليس بصفة مطلقة لأنه يتحمل أعباء مالية لا تقع على المرأة ([110])، ولكن ليس ما يمنع أن يتفق الزوجان في عقد الزواج على نظام الذمة المالية المشتركة، أي أن كل ما يكتسبه أي زوج من أمواله خلال الزوجية تعتبر ملكية مشتركة بينهما ([111]).
نوضح فيما يلي، الرؤية الإسلامية حول كل بند من بنود المادة: (16) على النحو التالي:
الفقرة (1): بند (أ) الذي ينص على نفس الحق للرجل والمرأة في عقد الزواج، وهو ما يعني أن يسمح للمرأة المسلمة بالزواج من الكتابي من باب التساوي مع الرجل، الذي له الحق في الزواج بكتابية، وفي ذلك مخالفة واضحة للشريعة الإسلامية؛ فالرجل المسلم منح هذا الحق- دون المرأة- لأن المسلم لن يمنع زوجته المختلفة معه ديانة من ممارسة شعائر دينها؛ لأنه يؤمن بالديانتين المسيحية واليهودية كجزء من عقيدته الإسلامية، أما الزوجة المسلمة، فقد يعيقها زواجها بمن لا يؤمن بديانتها من ممارستة شعائر دينها بحرية، فلقوامة الرجل عليها تأثير في تقديرها للأمور، فقد يحملها على إتباع دينه أو على الأقل هجر دينها، والزهد في إقامة شعائره، وتنطبق نفس هذه المقولة على ما سيتمخض عنه هذا الزواج من الأولاد؛ لأنهم سينشئون في كنف أب غير مسلم، فإما أن يدعوهم إلى دينه أو أن يزهدهم في الإسلام، وفي ذلك خسران بالدنيا والآخرة!.
أما عن منع تعدد الزوجات، من باب التساوي بين الرجل والمرأة، والتي لا يسمح لها بالتعدد، فقد علقت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالأمم المتحدة على تقارير بعض الدول الإسلامية بشأن التعدد، بما يلي: «كشفت تقارير الدول الأطراف عن وجود ممارسة تعدد الزوجات في عدد من الدول، وإن تعدد الزوجات يتعارض مع حقوق المرأة في المساواة مع الرجل»، ويمكن أن تكون له نتائج انفعالية ومادية خطيرة على المرأة وعلى مَن تعول؛ ولذا فلابد من منعه.
وقد انتقدت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة وبشِدة المشرع الجزائري على تكريسه للتمييز الصارخ والجلي للمرأة، وذلك بإبقائه على نظام تعدد الزوجات، المتنافي ونصوص الاتفاقية، وكان رد الحكومة الجزائرية صريحاً بالإشارة إلى أن مسألة التعدد غير مطروحة للنقاش في تلك الفترة، كونه لا يُشكل سوى نسبة %3، ولقد شدد المشرع الجزائري على شروط التعدد بموجب الأمر 05/02 المادة (8)، حيث اشترط، وجود المبرر القانوني، والذي حصره في المرض المزمن، والعقم، إلى جانب إعلام الزوجة السابقة، أو الزوجات السابقات، والمخطوبة اللاحقة، وأن لا تكون الزوجة قد أدرجت في عقد الزواج، أو عقد رسمي لاحق شر عدم الزواج عليها من طرف الزوج، ويُضاف إلى هذه الشروط، الترخيص القضائي بالزواج بأمر من رئيس المحكمة([112]).
ولذا استنكرت اللجنة- في تعليقها- اتخاذ بعض الدول الإسلامية مرجعيات أخرى غير اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 (CEDAW)، حيث جاء فيه: “إن العديد من الدول تعتمد في حقوق الزوجين على تطبيق مبادئ القانون العام أو القانون الديني أو العرفي بدلاً من الاتفاقية”.
هذا، وإذا سعى المشرع إلى إضافة قيود كثيرة على التعدد إلى حد محاولة إلغائه، فسيترتب عن ذلك عدة آثار خطيرة تعصف بالمجتمع، منها انتشار الزواج العرفي، انتشار الزنا بمفهومه الشرعي وليس القانوني، وبالتالي زيادة الأُمهات العازبات، ارتفاع معدلات الإجهاض، زيادة دور الطفولة المسعفة… وغيرها من الآثار السلبية.
فإذا كانت توصيات لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة شديدة على الجزائر من ناحية تعدد الزوجات، كونها تُخالف نصوص القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، فلماذا لا توجه نفس المُلاحظات لدول أخرى تُخالف نصوص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشكل عام، ثم إن زواج مثليي الجنس([113]) المقنن في فرنسا يتعارض مع المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه: “الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع”، ويتعارض مع توصية الجمعية العامة بشأن الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج، وذلك بموجب قرارها رقم 2018 (د20-) المؤرخ في أول نوفمبر 1965، حيث جاء في ديباجته: “إن الجمعية العامة إذ تدرك أن من الواجب تعزيز كيان الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية في كل مجتمع، وأن للبالغين من الذكور والإناث حق في التزوج وتكوين أسرة “.
فهكذا، يتضح لنا النظرة الإزدواجية لهذه اللجنة، فما يُعتبر موافقاً وملائماً لنصوص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة إذا كان من طرف الغرب، لا يُعتبر كذلك إذا كان من طرف الدول العربية الإسلامية، ومن بينها الجزائر، الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل على هذه المُفارقة.([114])
إلغاء العدة للمرأة (بعد الطلاق، أو وفاة الزوج) لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد الطلاق أو وفاة الزوجة.
إلغاء الولاية، فكما أن الرجل لا ولي له، كذلك يرى البند- بموجب التساوي التام- ألاّ يكون هناك أي نوع من الولاية أو الوصاية على المرأة.
ويأتي البند (ب) والذي تعتبر من أخطر بنود الاتفاقية على الإطلاق ليؤكد على إطلاق الحرية للبنت التي لم يسبق لها الزواج في اختيار من تشاء لتتزوجه حتى دون موافقة وليها، لأنها تمثل حزمة من البنود التي تهدد الهويّة الوطنيّة؛ فهذه المادة تكرّس نمط الحياة الغربية، فتتجاهل معتقدات شعوب العالم ومنظوماتها القيمة وأنساقها الإيمانية، فهي تتجاهل مسألة الولاية على البنت وتمنحها الحرية التّامة في اختيار الزوج وإن كان كافرا وتتجاهل ما يفرضه الإسلام على الزوج من تقديم للمهر، وتأثيث منزل الزوجية، والتكفل بالنفقة وغير ذلك، وتتجاهل وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، وتسمح بأن ينسب الولد لأمه، وهذا مخالف للإسلام، فقرار الزواج هو محصلة توافق آراء بين البنت ووليها، الذي هو أكثر دراية بمصلحتها، لذا يشترط أن يكون له رأي في إقرار الزواج، والبكر لا يصح تزويجها إلا بعد استئذانها، إذ ينظر الإسلام إلى الزواج بوصفه عقدًا يشترط لصحته أن يكون العاقد بالغًا راشدًا راضيًا بالعقد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل” رواه الترمذي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ”، متفق عليه.
البند (ج): الذي يطالب بإعطاء المرأة نفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه، يعني: إلغاء القوامة، وتجاهل ما يفرضه الإسلام على الزوج من تقديم المهر للزوجة، وتأثيث منـزل الزوجية، وتكفُّل بالنفقة، وتحمل الخسائر كاملة إذا فصمت عُرَى الزوجية، من تأثيث منـزل للحاضنة، ومن متعة ونفقة وكفالة أبناء، في حين أن المرأة غير ملزمة بالإنفاق لا على نفسها ولا على أسرتها، ولو كانت غنية وصاحبة مال، فليست عليها أي تبعات مادية، وفي حالة الخُلْعِ ليس عليها أكثر من رد ما أخذته مهرًا، ومن ثم، فإن اختلاف الالتزامات والواجبات ينتج عنه اختلاف المسئوليات والحقوق، ومن هنا تنشأ قوامة الرجل على زوجته في إطار الأسرة وشؤونها وقراراتها، وينشأ حق المرأة في المشاورة، وأن تخرج قرارات الأسرة معبرة عن توافق وجهتي نظر الزوج والزوجة.
البند (د): يفصل بين مسئولية الأم كوالدة ووضعها كزوجة، والشريعة الإسلامية مع اتفاقها مع هذا البند فيما يختص بالرعاية الإنسانية والصحية للأم والطفل، إلا أنها تضع أحكامًا خاصة بثبوت النسب وغير ذلك، في حالة ما إذا كان الحمل نتيجة زواج أم لا.
البندان (هـ) و(و): ويأتي) ليتجاهلا- مرة أخرى- وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، للزوج قوامة فيها أي الأسرة، مصداقا لقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ ([115])، كما أن له أيضًا الولاية على الصغار، رغم أن هذا لا يعني انفراد الزوج بتحديد القرارات دون رأي الزوجة، فالأمر شورى، ومحصلة توافق آراء، مع ترجيح رأي الزوج الذي لا يسيء استعمال حقوقه، أو يتعسف في استعمالها، ومن هذا المنطلق تطالب الاتفاقية بأن يكون قرار الإنجاب أو عدمه متروكًا تمامًا للمرأة، أخذًا في الاعتبار أن تلك الاتفاقيات لا يعنيها بالمرة كون المرأة متزوجة أم لا، وقد انتقد تقريرُ الحريات ([116])المملكةَ العربية السعودية لإعطائها الزوج حق مشاركة الزوجة في قرار الإنجاب، أو حتى قرار التعقيم([117]).
البند (ز): الخاص بالتساوي في الحقوق الشخصية بما فيها اختيار اسم الأسرة والمهنة والوظيفة: فيما يخص إعطاء المرأة حق اختيار اسم عائلتها على قدم المساواة مع الرجل، فلدينا في هذا البند وجهان، هما:
الأول: هو أن هذه النظرة هي نظرة غربية تمامًا، حيث تنسب المرأة فور الزواج إلى عائلة الزوج، وهي غير موجودة في الإسلام، فالشريعة تقرر انتساب الزوجة نفسها إلى عائلتها، وليس إلى عائلة الزوج.
والثاني: في حال تطبيق هذا البند- وهو ما تم بالفعل في بعض البلدان الغربية- فإن ذلك يعني أن يحمل الأبناء اسم الأم كما يحملون اسم الأب، وفي هذا تعارض صريح مع الشريعة الإسلامية التي لا تجيز نسبة الأولاد لغير آبائهم ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ﴾([118])، كما أن الابن لا يحمل اسم أمه إلا في حالة واحدة فقط، هي حالة الزنا؛ لتعير به الأم، فإذا ما صار قانونًا عامًّا، وأعطت كلُّ الأمهات أسماء أسرهن لأبنائهن، اختلط الحابل بالنابل، وضاعت الحكمة من نسب ابن الزِّنا لأمه، فالكل صار يحمل اسم الأم.
البند (ح): هذا البند هو تعبير عن نموذج لتصدير المشكلات الاجتماعية الغربية للعالم، فبأثر من انتفاء الذمة المالية للزوجة في الغرب قرونًا طويلة، ظلت المرأة الغربية تناضل لاسترداد ذمتها المالية المستقلة، لذا تم النص على هذا الحق في كل معاهدات واتفاقات وإعلانات حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة، أما الشعوب والحضارات التي ظلت فيها النساء محتفظات بذمتهن المالية، فلا يشعرن بحاجة للدخول في معركة من هذا النوع، وتقبل هذه (الرؤية النقدية) هذا البند دفاعًا عن كل نساء العالم، وحقّهنّ في أن يسترددن ذمتهن المالية المستقلة أُسوة بالمرأة المسلمة التي كرّمها الله تعالى.
الفقرة (2): لا تعد الاتفاقية ممارسة العلاقة الجنسية خارج نطاق الزواج عنفًا ضد المرأة، بل على العكس تشجع عليه، وتعمل على تيسير تلك العلاقات المحرّمة، وتحفظ لها سريتها وخصوصيتها، كما تنص على رعاية المُراهِقة الحامل، وضرورة توفير كل خدمات الرعاية الصحية أثناء الوضع، وضمان توفير خدمات تنظيم النسل (بما فيها الإجهاض)، حتى تتعلم كيف تحمي نفسها من الحمل في المستقبل!؛ تعتبر الاتفاقية زواج الفتاة تحت سن الثامنة عشرة عنفًا ضدها!! ، في حين تحثّ الشريعة الإسلامية على التبكير بزواج الشباب درءًا لسقوطهم في مستنقع الشهوات، فعن عبد الله بن مَسعودٍ أن رسول الله () قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»([119])، وعن أبي هُريْرةَt قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (): «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ؛ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»([120]).
لكن مع ذلك، أعربت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في إحدى توصياتها العامة وبعد دراستها لتقارير مقدمه من الدول الأطراف عن قلقها إزاء العدد الكبير من التحفظات التي بدا أنها لا تتناسب مع موضوع وغايات الإتفاقية ([121])، كما اعتبرت لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أن هذه التحفظات هي قرينة على وجود تمييز فعلي ضد المرأة في القوانين الداخلية لهذه الدول، رغم أن معظم الدساتير العربية كالدستور الجزائري تنص على المساواة بين الرجال والنساء، فإذا كانت مقتضيات القوانين الوطنية المعمول بها في الدول العربية هي سبب إبداء التحفظات على هذه الاتفاقية؛ فإنها بالأساس تعتبر مخالفة لمقتضيات الدساتير الوطنية لهذه البلدان، وعليه، فإن هذه القوانين التي تميز بين النساء والرجال غير دستورية من الأساس([122]).
وفي هذا، تنتقد المحامية الأمريكية والأستاذة بجامعة بريغهام يونق، ومديرة منظمة صوت الأسرة “كاثرين بالمفورت” لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، بالقول: “تلجأ الأنثويات المتطرفات، ودُعاة تحديد النسل، ونشطاء حقوق الشواذ الذين يشكلون جبهة معادية للأسرة، لكل الوسائل التي يمكن من خلالها فرض إرادتهم على الشعوب التي تدعم الأسرة الطبيعية، إنهم يستخدمون أساليب غير ديمقراطية، وطرق نقاش غير عادلة، بل غالباً ما يلجئون للخداع”، من ثم، فإن العُصبة المُعادية للأسرة استهدفت منظومة حقوق الإنسان لكونها الطريق المباشر للنفوذ، لتحجيم حرية غالبية الشعوب، وللمفارقة بإسم حقوق الإنسان، فليس من المستغرب أن أكثر الأنشطة راديكالية ما يحدث في لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، فهي تسعى إلى تشجيع أنما مُدمرة للأسرة، وعليه نؤيد الدكتورة في كل ما أشارت إليه.
الخاتمة
من خلال ما سبق، نُؤيد موقف المشرع الجزائري كأصل عام في مسعاه إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في إطار إبرام عقد الزواج، وذلك حتى تتلائم مع الاتفاقيات الدولية، فالإجراءات والتدابير التشريعية التي اتخذها المشرع، والمتمثلة في تعديل قانون الأسرة بموجب الأمر 05/02 وقانون الجنسية بموجب القانون رقم 05/10 كان لها أثارها الإيجابية في إبراز رضائية عقد الزواج وتكريس لكثير من حقوق المرأة المؤكد عليها ضمن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 والتي التزمت الجزائر بأحكامها، ولكن مع أهميتها في مجال تعزيز حقوق المرأة في مختلف المجالات إلا أنها نُخالف في بعض مضامينها النظام العام الجزائري خاصة في جانبه الشرعي من خلال محاولتها إلغاء نظام الولاية، وتقييد نظام تعدد الزوجات، والمساواة بين الرجل في الميراث وتقييد النسل ذلك أن للجزائر خصوصيتها الدينية، وأيديولوجيتها التشريعية التي يجب احترامها، انطلاقاً من سيادتها التامة من جهة، ومن جهة أُخرى عامل خصوصية حقوق الإنسان التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصبح عالمية، وبالأخص في مجال الأحوال الشخصية التي ترتبط في الدولة الجزائرية بأحكام الشريعة الإسلامية كأصل عام.
ونشير في الأخير، أنه على الرغم من تبرير الجزائر لتحفظاتها بمخالفة بعض بنود إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة للشريعة الإسلامية وهو أمر تعود دراسته وتقديره لذوي الاختصاص، إلا أننا نجد اختلافا بين البلدان العربية في إبداء تحفظاتها سواء من حيث المواد والفقرات المتحفظ عليها أو من حيث تراجع بعض الدول العربية والإسلامية وسحب تحفظاتها كالأردن والكويت والجزائر، وتعديل قوانينها حسب ما يسمح به أو يحضر هذا المذهب أو ذاك، أو حتى وجود بلدان عربية لم تتحفظ أصلا على أي مادة من الاتفاقية كاليمن، رغم أن من المفروض أن الشريعة الإسلامية واحده، وهو الأمر الذي ربما قد يرجع لاختلاف في المذاهب الفقهية المتبعة في هذه البلدان، كما أنه قد تم تسويق صورة سلبية عن الإسلام أنه دين يكرس التمييز والاضطهاد ضد المرأة، رغم أن النصوص الشرعية في القران الكريم والسنة النبوية الشريفة أنصفت المرأة ومنحتها كامل حقوقها قبل أن توجد هذه القوانين الوضعية العدالة والمساواة بين البشر جميعا نساءا ورجال، ولم تستثني المرأة بنصوص خاصة في بعض الأحوال إلا حماية وتقديرا لها بما يتناسب مع خلقتها وتكوينها الجسدي والنفسي لحكمه هذا الدين الإسلامي الذي أوصى رسوله الكريم بالنساء كل خير.
على أنه قبل أن نختم بحثنا، سنعرض ما توصلنا إليه من نتائج وملاحظات التي حاولنا من خلالها الوقوف على عمق الإشكالية ومختلف الأسباب التي أدت إلى قيامها، وذلك ما يبرز من خلال الوقوف على نتائج الدراسة على النحو التالي:
جاء قانون الأسرة الجزائري متميزا عن غيره من القوانين العربية المتعلقة بالأحوال الشخصية، حيث تمكن المشرع الجزائري إلى حد كبير في التوفيق بين مقتضيات الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي لقانون الأسرة وبين إلتزامات الجزائر بمقتضى أحكام اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 سواء عند انعقاد الزواج أو خلال قيامها أو بعد انحلالها لأنه إذا كانت الأسرة أساس المجتمع، فإن هذه الأسرة والمرأة لما لها من وظائف هامة جعل عنصر فاعل في الأسرة والمجتمع ككل.
سعت الجزائر بالمصادقة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 من أجل أن تتماشى منظومتها التشريعية مع الضوابط والمعايير الدولية بخصوص ترقية وحماية حقوق المرأة، إلا أن الجزائر تحفظت على بعض بنود الاتفاقية التي تتعارض أحاكمها مع قوانينها الداخلية، غير أن هذا التحفظ اعتبرته لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة يمس بهدف وغرض الاتفاقية، مما أدى بالجزائر إلى مراجعة هذه التحفظات، وذلك من خلال إدخال تعديلات على التشريعات التي لا تتماشى مع الاتفاقية كون المعاهدات الدولية المصادق عليها تسمو على القانون، ولها الأسبقية على القانون الداخلي.
قامت الجزائر بسحب بعض التحفظات على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 خاصة المادة التاسعة منها، ومن أجل تكييف القوانين الداخلية مع التزامات الجزائر فيما يخص الاتفاقية؛ قام المشرع الجزائري باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي ترمي إلى ضمان حماية حقوق المرأة تماشيا مع المعايير الدولية المتخذة في هذا الشأن، حيث أنه تم إعادة النظر في مجموعة من القوانين لتدارك مواطن النقص التي تتعارض مع مبدأ المساواة بين الرجل، فقد تم مراجعة أحكام قانون الجنسية الذي كان لا يجيز للمرأة منح جنسيتها لأولادها وفقا لتعديل المادة (6) من القانون رقم 05/01.
لم تعدل بعض مواد قانون الأسرة وفقا لما نصت عليه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مثلا في مسألة تعدد الزوجات ومسألة ميراث المرأة، وذلك من أجل عدم المساس بالخصوصيات الثقافية للمجتمع الجزائري.
قام المشرع الجزائري بتفعيل مشاركة المرأة في مجال الحقوق السياسية، وذلك من خلال التعديل الذي أجري على الدستور بإضافة المادة (31 مكرر) عام 2008 التي تقر على ترقية الحقوق السياسية للمرأة، وذلك عن طريق توسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، وبهذا التزمت الجزائر بأن تتماشى منظومتها القانونية تدريجيا مع الضوابط والمعايير الدولية بخصوص ترقية حقوق المرأة، وبالضبط مع الاتفاقية وبهذا يمكننا القول أن الجزائر تسعى تدريجيا إلى إعطاء المرأة حقوقها على كافة الأصعدة، كما يحرص القانون الجزائري على عدم وجود أي تمييز بين الرجل والمرأة في أي ميدان من ميادين الحياة وعلى تمتعها بالمساواة التامة في الحقوق والواجبات.
حرص المُشرع الجزائري من خلال قانون الأسرة على تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في إبرام عقد الزواج، وذلك تماشياً مع المواثيق الدولية، وخاصة اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي صادق عليها الجزائر بتحفظ، فعلى مستوى الخِطبة يجوز للمرأة أن تُبادر بالإعلان عن الخِطبة، كما وحد المُشرع السن القانونية ب 19 سنة كاملة لِكلا الجنسين، وألغى المُشرع الجزائري ركن الولي في عقد الزواج، على أساس الأهلية القانونية الكاملة للمرأة في إبرام عقد زواجها بنفسها على غِرار باقي العقود الأُخرى، من غير أي وصاية عليها من طرف الولي، كذلك أكد المشرع على الرضا الذي يجب توفره في كل من الرجل والمرأة عند عقد الزواج وجعله الركن الوحيد في عقد الزواج وكذا إجازاته للمرأة الراشدة عقد زوجها وكذا المساواة بينهما في إمكانية كل من الزوجين الاشتراط في عقد الزواج كما يشاء شريطه بشرط عدن تعارضه مع مقتضيات عقد الزواج وهو ما يوافق إلى حد ما جاء في أحكام الاتفاقيات الدولية من وجوب المساواة بين الجنسين في عقد الزواج ورغم نصه على جواز تعدد إلا أنه أضاف قيود جديدة لتعدد الزوجات من أجل عدم انتشاره في المجتمع سعياً منه لِأُحادية الزوجة.
يتضح لنا جليا أن التحفظات التي أبدتها الجزائر تجاه المواد 2، 4/15 ، 16/2 تعتبر تحفظات تمس بهدف وغرض الاتفاقية لأن الهدف الأساسي للاتفاقية يدور حول تشجيع وحث الدول على تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين في جميع المجالات والنص على هذا المبدأ في قوانينها الداخلية، إذ كما يقال تعتبر هذه الاتفاقية الوثيقة النموذجية لتكريس المساواة بين الجنسين.
في الأخير نؤكد أننا، نُؤيد المشرع الجزائري فيما ذهب إليه من إبدائه التحفظات على المواد 2، 15/4، 16 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة لعام 1979، وذلك حفاظا منه على أمنه القانوني وعلى النظام العام الذي من بين أهم الأسس التي يقوم عليها الشريعة الإسلامية، خاصة وأن مضامين تلك النصوص ما هي إلا تكريس للنموذج الغربي الرامي إلى القضاء على الخصوصية التي تتعلق بطبيعة المرأة المسلمة، من هنا يجب دحض وعدم قبول كل ما هو دخيل على نظامنا العام المستمد من الشريعة الإسلامية، ونتمنى على الُمشرع أن يتمسك بالشريعة الإسلامية في قانون الأسرة لأنها مصدره الأصيل، فالمرأة الجزائرية في نظرنا تتمتع بالمساواة وحقوق منحتها إياها الشريعة الإسلامية وجسدتها سنة نبيه، وكل مضاربة على غير ذلك؛ فهي من باب التحرر الذي يرفضه ديننا وتنكره شريعتنا.
وإن كانت اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، بمثابة الشرعة الدولية لحقوق المرأة على المستوى العالمي، باعتبارها عنيت بحقوق المرأة في على كافة المستويات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أنها وضعت آليات لضمان تنفيذها، إلا أننا نرى أن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة تتضمن في طياتها أثار خطيرة من حيث محاولاتها فرض قيم ومبادئ غربية عن ديننا وعن مجتمعاتنا، التي لها خصوصيتها وطابعها المتميز والذي يقوم على مبدأ المساواة ولكن في إطار المساواة الموضوعية التي تقوم على الاعتراف بالاختلاف بين طبيعة الرجل والمرأة وعلى ضوء هذا الاختلاف، فالمساواة الحقة تتأسس على التمييز لا التماثل الذي يعتبر في جوهره مخالفة للشريعة، ذلك أن المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة إلى درجة التماثل أو التطابق التام تقوم على رفض حقيقة وجود تمايز في الخصائص والوظائف بين الرجل والمرأة، فليست كل تفرقة ظلمًا؛ بل إن العدل- كل العدل- يكون في التفرقة بين المختلفين، كما أن الظلم- كل الظلم- في المساواة المطلقة بينهما، والتفرقة بين المتماثلين، فالمساواة ليست بعدل إذا قضت بمساواة الناس في الحقوق رغم تفاوت واجباتهم وكفاياتهم وأعمالهم، فليس من العدل والإنصاف أو المصلحة أن يتساوى الرجال والنساء في جميع الاعتبارات، مع التفاوت في الخصائص التي تناط بها الحقوق والواجبات، وبالتالي عدم وتضع هذا الاعتبار في الحساب سيؤدي لا محالة إلى تدمير القيم والمبادئ التي تحفظ استقرار الأسرة الجزائرية والمجتمع الإسلامي ككل.
وعليه، نُعاود التأكيد على المشرع الجزائري أنْ يتمسك بخُصوصية الشريعة الإسلامية في مجال قانون الأسرة، على اعتبارها المصدر الأول له، وعدم الخضوع لِضُغوطات لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة وغيرها، فهي في مُجملها تدعو إلى تفكك وانحلال الأسرة، بذريعة خلق المساواة بين الجنسين، فالغرب على دِراية تامة، بذلك فقد استطاع علمنة أغلب تشريعات الدول العربية بما فيها القانون الجنائي باستثناء قانون الأسرة، ونفس الأمر بالنسبة للخمر واليناصيب، والمعاملات الربوية وغيرها من الأمثلة التي لا يوافق فيها المشرع الجزائري الشريعة الإسلامية.
قائمة المــــــراجـــع
أولا: المراجع باللغة العربية
الكـــــــتب والمؤلفات
خالد مصطفى فهمي، حقوق المرأة، حقوق المرأة بين الاتفاقيات الدولية والشريعة الإسلامية والتشريع الوضعي (دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر، 2007.
عبد الغني محمود، حقوق المرأة في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991.
محمود شريف بسيوني وآخرون، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية، الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، 1989.
الطبري محمد بن جرير بن يزيد، جامع البيان عن تأويل القرآن، الجزء الثاني، دار الفكر، بيروت، 1984.
بلحاج العربي، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري، الزواج والطلاق، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، الجزائر، 2005.
خديجة كرار الشيخ الطيب بدر، الأسرة في الغرب أسباب تغيير مفاهيمها ووظيفتها، دراسة نقدية تحليلية، الطبعة الأولى، دار الفكر، دمشق، 2009.
عطا الله تاج، المرأة العاملة في تشريع العمل الجزائري بين المساواة والحماية القانونية (دراسة مقارنة) د.م.ج، الجزائر، 2006.
عمار عبد الواحد عمار الداودي، العلاقات بين الزوجين جدلية التقليد والتجديد في القانون التونسي والمقارن، مركز النشر الجامعي، تونس.
عمار مساعدي، مبدأ المساواة وحماية حقوق الإنسان في أحكام القرآن ومواد الإعلان، الطبعة الأولى، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006.
القرطبي محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 06 20.
محمد الشافعي، قانون الأسرة في دول المغرب العربي )الجزائر، تونس، المغرب، ليبيا، موريطانيا(، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، المغرب، 2009.
محمد شريف بسيوني وآخرون، حقوق الإنسان، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية، الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، د.د.ن، 1989.
محمد علوشيش الورتني، أحكام التعامل مع غير المسلمين والاستعانة بهم )دراسة فقهية مقارنة(، دار التنوير، الجزائر، 2004.
محمد يوسف علوان، محمد خليل موسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان، الجزء الثاني: “الحقوق المحمية”، الطبعة الأولى، دار الثقافة، 2007.
هنري عوام، المرأة العربية والعمل، مشاركة المرأة العربية في القوى العاملة ودورها في عملية التنمية سلسلة كتب المستقبل العربي (15)، الطبعة الثانية ، م.د.و.ع، بيروت-لبنان، 2004.
نهى قاطرجي، المرأة في منظومة الأمم المتحدة-رؤية إسلامية-، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان، 2006.
المجلات والمقالات والدراسات
أحمد زوكاغي،” اعتناق الديانة الإسلامية وأثره على صحة الزواج من المرأة الكتابية”، مجلة الملحق القضائي، المعهد العالي للقضاء، المغرب، مطبعة السلام، العدد (43)، 2010.
أعمر يحياوي، الإجراءات الايجابية، “أي حل لمعالجة اللامساواة الفعلية بين الرجل والمرأة”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، العدد (01)، الجزائر، 2008.
بوتخيل معطي، “أهم تحديات الأسرة الجزائرية والرهانات المطروحة”، مجلة الثقافية الإسلامية، العدد التجريبي، جامعة البليدة، 2004.
تشوار جيلالي، “تحفظات الجزائر على بعض بنود الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة الأسرية بين التراجع والتمسك”، مجلة العلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة تلمسان، العدد (12)، 2012.
تشوار جيلالي، عدم المذهبية الصرف، “عدم المذهبية الصرف كمنهج تبناه المُشرع الجزائري لوضع الأحكام الأسرية”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، العدد (02)، 2007.
حنان نجمة، الأحكام الخاصة بالمرأة العاملة في تشريعات العمل، مجلة الحق، فصلية يصدرها إتحاد المحامين العرب، السنة (36)، العددين (1 و2) لسنة 2005.
دليلة عمران حربال، “قضية حاسي مسعود”، المرأة والمواطنة، مجلة الدراسات والنقد الاجتماعي، العددين (22 و23)، 2006.
سعيد بويزري،” قانون الأسرة الجزائري ماله وما عليه”، مجلة البصيرة للبحوث والدراسات الإنسانية، العدد (5)، مارس 2000.
عبد الرحمن بن حسن النفيسه،” مسائل في الفقه”، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، مجلة علمية متخصصة في الفقه الإسلامي، ( مارس، أفريل، ماي)، العدد (70)، مطابع دار البحوث، الرياض، 2006..
عمار مانع، “المرأة العاملة في المنظومة التشريعية الجزائرية”، مجلة علوم الإنسانية، جامعة مسيلة، العدد (29)، جوان 2008.
عيسى جعنيط،، المرأة والأسرة الجزائرية في مواجهة التغريب والعولمة، مجلة البصيرة للبحوث والدراسات الإنسانية، العدد الثامن، سبتمبر 2004.
فرج سليمان أحمودة، “مركز المرأة العاملة في القانون الدولي”، مجلة جامعة الأسمرية، العدد (5)، الجماهيرية الليبية ، 2004.
نابد بلقاسم وبوطالب خيرة، “تطور التشريعات الوطنية في مجال حماية حقوق المرأة -قراءة في التشريع الجزائري-“، مجلة جيل حقوق الإنسان، السنة الرابعة، العدد (17)، لبنان، مارس 2017.
هجيرة دنوني،” النظام المالي للزوجين في التشريع الجزائري”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، العدد (1)، الجزائر، 1994.
الرسائل والدراسات الجامعية
أعمر يحياوي، المساواة بين الرجل والمرأة، في القانون الدولي والتشريع الجزائري، رسالة لنيل درجة الدكتوراه بالقانون العام، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2007.
بركات مولود، التعديلات الدستورية في النظام الدستوري الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون دستوري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2010.
حجيمي حدة، الحماية القانونية للمرأة في الجزائر، مذكرة ماجستير في إطار مدرسة الدكتوراه فرع الدولة والمؤسسات العمومية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، 2014.
حمود حمبلي، المساواة في تولي الوظائف في القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية رسالة مقدمة للحصول على الدكتوراه، جامعة الجزائر، السنة الدراسية: 1992-1993.
عومر محمد الصالح، المساواة بين الجنسين في إبرام عقد الزواج في قانون الأسرة الجزائري والمواثيق الدولية أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، السنة الجامعية: 2015-2016.
مطاري هند، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة وإنعكاساتها على القانون الداخلي الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع “قانون التعاون الدولي، معهد الحقوق بالمركز الجامعي بالبويرة العقيد أكلي محند أولحاج، السنة الدراسية: 2010-2011.
المؤتمرات والمداخلات العلمية
نهى القاطرجي، قراءة إسلامية في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة -، بحث مقدم لمؤتمر أحكام الأسرة بين الشريعة الإسلامية والاتفاقات والإعلانات الدولية، جامعة طنطا، مصر، المنعقد بتاريخ 7-9 أكتوبر 2008.
عايدة أبو رأس، إتفاقية القضاء على كافه أشكال التمييز ضد المرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا “الاسكوا”، الدوحة- قطر 19-20 نوفمبر 2012.
كاميليا حلمي، مصطلح الأسرة في أبرز المناطق الدولية دراسة تحليليه بحث مقدم في مؤتمر الخطاب الإسلامي المعاصر، الأردن، من 29 و28 يوليو 2011.
المواثيق والقوانين
الوثائق الدولية
إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979.
اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969، انضمت إليها الجزائر بتحفظ بموجب المرسوم رقم 87/222 المؤرخ في 13/10/1987، الجريدة الرسمية العدد (42) المنشورة بتاريخ 14/10/1987.
القوانين والتشريعات
الأمر 75/58 المؤرخ في 23 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني، المعدل بالقانون 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 المتعلق بتعديل قانون الأسرة الجزائري.
قانون رقم 15/01 المؤرخ في 4 يناير 201، يتضمن إنشاء صندوق النفقة، المنشور بالجريدة الرسمية، العدد (01) المؤرخة في 7 يناير 2015
القانون رقم 16/01، المؤرخ في 06 مارس 2016، المتضمن التعديل الدستوري، المنشور في الجريدة رسمية، العدد (14)، الصادرة بتاريخ 07 مارس 2016.
المرسوم الرئاسي رقم 96/51 المؤرخ في 2 رمضان 1416ه/الموافق ل 22 جانفي 1996م المنشور في الجريدة الرسمية رقم (6) بتاريخ 24 جانفي 1996.
المرسوم الرئاسي رقم 08/ 426 المؤرخ في 30 ذي الحجة 1429 ه/الموافق ل 28 ديسمبر 2008 م المنشور بالجريدة الرسمية رقم (5) بتاريخ 21 جانفي 2009.
الجرائد وتقارير الوكالات
جريدة المساء اليومي، الأربعاء، العدد (4488)، 16 نوفمبر 2011.
التقارير والنشرات
تقرير الأمين العام عن حالة الاتفاقيـــــــة (A/56/328) ، وأخذت الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات الصادرة في الفترة من 1 آب/أغسطس 2001 إلى 1 تموز/يوليه 2002 من موقع المعاهدات المتعددة الأطراف على الشبكة العالمية.
التقرير الصادر في إبريل 2008، بعنوان: ” قاصرات إلى الأبد- انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن نظام الولاية والفصل بين الجنسين في المملكة العربية السعودية”.
المقالات والمواقع الالكترونية
العنف الأسري الأسباب والنتائج، تم الاطلاع عليه في الرابط التالي بتاريخ 20/02/2017، منشور على الموقع الإلكتروني التالي:
http://ma3looma.net/
ثانيا: المراجع باللغات الأجنبية
Ahooja Patel Krishna “les Droit de la femme” Droit international, bilan et perspective Mohamed Bedjaoui, (s/d) édition, A, Pédome, tome2, Paris.
GUIRID Djamel, “les femmes, travail et société: la société à toujours le dernier mot” communication à l’atelier sur femmes et développement à l’issue des travaux préparatoire à la 4eme conférence sur les femmes; Alger, 18‐21 octobre, 1994, C.R.A.S.C Oran 1995.
http://www.cairn.info/ Revue de.l.ofce, 2004 page.194.htm
Mahfoud Draoui Dors, “la démocratisation et participation des femmes à la prise de décision dans la vie privée et dans la vie publiques en jeu et perspective” in “femme et démocratisation en Afrique, en jeu et perspectives “bureau régional de l’.U.N.I.F.E.M, 1995.
Marie Théres Lanquetin, Marie Théres Letablier, Hèlène Rérivier, Acquisition des droits sociaux et égalité entre les femmes et les hommes, Revue de l'(O.F.C.E) , N° 9, 2004.
Valentine Moghadam et Lucie Senftovra , Mesurer l’autonomisation des femmes: participation et droits dans les domaines civile, politique, social, économique, et culturel (R.I.S.S) n°184, 2005.
Yves de Curriaize et Rejane Hugoumeng, “inégalité de salaire entre femme et Hommeet discrimination”, Revue de l'(O.F.C.E), N°90. Juillet 2004.
([1]) صادقت الجزائر على إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بتاريخ 22 جانفي 1996 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96/ 51 المؤرخ في 2 رمضان 1416ه/الموافق ل 22 جانفي 1996 المنشور في الجريدة الرسمية رقم (6) بتاريخ 24 جانفي 1996 مع التحفظ على المواد 2 و9 و15 و16 و29 لتعود فيما بعد وترفع تحفظها عن المادتين 2 و9 بتاريخ 28 ديسمبر 2008 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 08/ 426 المؤرخ في 30 ذي الحجة 1429 الموافق ل 28 ديسمبر 2008 المنشور بالجريدة الرسمية رقم 5 بتاريخ 21 جانفي 2009.
([2])CEDAW: Convention on the Elimination of all forms of Discrimination Against Women
([3]) بدأت مفوضيه مركز المرأة في الأمم المتحدة بإعداد إتفاقية سيداو (Cedaw) في سنه 1973 وساهم المؤتمر العالمي الذي عقد بمناسبة السنة الدولية للمرأة في مكسيكو سنه 1975 في التسريع لإعدادها، وبعد أن اعتمدت الجمعية العامة هذه الإتفاقية في قرارها رقم 34 /180 المؤرخ في 18 ديسمبر 1979صدرت الإتفاقية عام 1979 واعتمدت كإطار دولي يضمن للمرأة التساوي الكامل مع الرجل دون أي تفرقة أو تمييز أو تقييد على أساس الجنس, في الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والمدنية، فقد ألزمت الإتفاقية الدول تحقيق سياسة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ودخلت حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1981 بعد تلقي مسابقه الدولة l20. أنظر: نهى القاطرجي، قراءة إسلامية في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة -، بحث مقدم لمؤتمر أحكام الأسرة بين الشريعة الإسلامية والاتفاقات والإعلانات الدولية، جامعة طنطا، مصر، المنعقد بتاريخ 7-9 أكتوبر 2008، ص 02.
([4]) عايدة أبو راس، إتفاقية القضاء على كافه أشكال التمييز ضد المرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا “الاسكوا”، الدوحه- قطر 19-20 نوفمبر 2012، ص 2.
([5]) محمد يوسف علوان، محمد خليل موسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان، الجزء الثاني: “الحقوق المحمية”، الطبعة الأولى، دار الثقافة، 2007، ص. 508.
([6]) أنظر المواد 7-8 من نفس الاتفاقية.
([7]) محمود شريف بسيوني وآخرون، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية، الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، 1989، ص326. للمزيد من التفاصيل حول التمييز ضد المرأة فيما يخص الحقوق السياسية ، أنظر :
Valentine Mogadam et Lucie Senftovra , Mesurer l’autonomisation des femmes: participation et droits dans les domaines civile, politique, social, économique, et culturel (R.I.S.S) n°184, 2005, p 433.
([8]) تنص المادة (7فقرة أ) من الاتفاقية: “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص، تكفل المرأة”.
([9]) خالد مصطفى فهمي، حقوق المرأة بين الاتفاقيات الدولية والشريعة الإسلامية والتشريع الوضعي، المرجع السابق، ص 126، 128.
([10]) Ahooja‐Patel‐Krishna “les Droit de la femme” Droit international, bilan et perspective Mohamed Bedjaoui, (s/d) édition, A, Pédome, tome (2), Paris, p 1175.
([11]) Mahfoud Draoui Dors, “la démocratisation et participation des femmes à la prise de décision dans la vie privée et dans la vie publiques en jeu et perspective” in “femme et démocratisation en Afrique, en jeu et perspectives “bureau régional de l’.U.N.I.F.E.M, 1995, p 97-98
([12]) حمود حمبلي، المساواة في تولي الوظائف في القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الجزائر، السنة الدراسية: 1992-1993، ص 148، 129.
([13]) إن ما تبنته الاتفاقية القضاء على التمييز العنصري ضد المرأة، فيما يخص مبدأ المساواة بين الجنسين في حق تقلد الوظائف العامة قد تم النص عليه في الاتفاقيات الدولية، نذكر منها: المادة (27 /2) كذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لعام 1948، كما تطرقت المادة 3 من اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة، المادة 6 من إعلان القضاء على التمييز العنصري، وأكدت عليه المادة 25 فقرة/ج من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
([14]) خالد مصطفى فهمي، حقوق المرأة، المرجع السابق، ص. 147.
([15]) بركات مولود، التعديلات الدستورية في النظام الدستوري الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون دستوري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، السنة الجامعية: 2010، ص 154. أنظر أيضا: بن عطا الله بن علية، المرجع السابق، ص 144.
([16]) القانون رقم 16/01، المؤرخ في 06 مارس 2016 المتضمن التعديل الدستوري، المنشور في الجريدة الرسمية، العدد (14)، الصادرة بتاريخ 07 مارس 2016.
([17]) مقتطف من ديباجة دستور عام 1996.
([18]) فرج سليمان أحمودة، “مركز المرأة العاملة في القانون الدولي”، مجلة جامعة الأسمرية، العدد (5)، الجماهيرية الليبية، 2004، ص 331.
([19]) هنري عوام، المرأة العربية والعمل، مشاركة المرأة العربية في القوى العاملة ودورها في عملية التنمية سلسلة كتب المستقبل العربي 15، الطبعة الثانية ، م.د.و.ع، بيروت، 2004، ص. 55.
([20]) GUIRID Djamel, “les femmes, travail et société: la société à toujours le dernier mot” communication à l’atelier sur femmes et développement à l’issue des travaux préparatoire à la 4eme conférence sur les femmes; Alger, 18‐21 octobre, 1994, C.R.A.S.C Oran 1995, p 37.
([21]) عطا الله تاج، المرأة العاملة في تشريع العمل الجزائري بين المساواة والحماية القانونية، دراسة مقارنة د.م.ج، الجزائر، 2006، ص 62، 78.
([22]) أنظر: عطا الله تاج، نفس المرجع، ص 89.
([23]) مطاري هند، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة وإنعكاساتها على القانون الداخلي الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع “قانون التعاون الدولي، معهد الحقوق بالمركز الجامعي بالبويرة العقيد أكلي محند أولحاج، الجزائر، السنة الدراسية: 2010-2011، ص 31.
([24]) Ahooja Patel Krishna, op‐cit, p‐p. 1191-1192.
([25]) صادقت عليها الجزائر بموجب الأمر رقم 69/ 51 المؤرخ في 22 ماي 1969، المنشور في الجريدة الرسمية، العدد (49) الصادرة بتاريخ.1969/06/06
([26]) أعمر يحياوي، المساواة بين الرجل والمرأة، في القانون الدولي والتشريع الجزائري، رسالة لنيل درجة الدكتوراه بالقانون العام، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2007، ص87.
([27]) مطاري هند، المرجع السابق، ص 32.
([28]) عبد الغني محمود، حقوق المرأة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، المرجع السابق، ص. 102.
([29]) القانون رقم 16/01، المؤرخ في 06 مارس 2016، المتضمن التعديل الدستوري الجزائري.
([30]) Yves de Curriaize et Rejane Hugoumeng, “inégalité de salaire entre femme et Hommeet discrimination”, Revue de l'(O.F.C.E), N°90. Juillet 2004, p 195.
http://www.cairn.info/ Revue de.l.ofce, 2004 page.194.htm
([31]) وعلى صعيد الأحكام التي كرستها الصكوك الدولية بالنسبة لمبدأ المساواة في الأجر بين النساء والرجال في الأجر، كالمادة 23 فقرة ب.من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك المادة 7 العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأصدرت منظمة العمل الدولية اتفاقية رقم 100 لسنة 1951 المتعلقة بمبدأ المساواة في الأجر بين العمال، ونصت مادتها الأولى فقرة -ب- أنه لابد أن تحدد نسبة الأجر دون أي تمييز قائم على أساس الجنس (وفي هذا الإطار نصت المادة الأولى فقرة 2 من تعليمة مجلس المجموعة الأوروبية رقم 75 /117 المؤرخة في 10 فيفري 1976 المتعلقة بتقريب تشريعات الدول الأعضاء الخاصة بتطبيق مبدأ المساواة في الأجور بين العمال الرجال والنساء أنه: “عند استعمال نظام تصنيف الوظائف قصد تحديد الأجور يجب أن يعتمد هذا النظام على معايير مشتركة بين العمال الرجال والنساء وأن يقام بشكل يستبعد التمييز القائم على الجنس”.
أنظر: أعمر يحياوي، المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، المرجع السابق، ص 31 -32، وأيضا: مطاري هند، المرجع السابق، ص 33-34.
([32]) عطا الله تاج، المرأة العاملة في التشريع الجزائري، المرجع السابق، ص. 114.
([33]) فرج سليمان أحمودة، المرجع السابق، ص. 338.
([34]) مطاري هند، المرجع السابق، ص 34.
([35]) فرج سليمان أحمودة، المرجع السابق، ص. 340.
([36]) فرج سليمان أحمودة، نفس المرجع، ص. 346.
([37]) حنان نجمة، الأحكام الخاصة بالمرأة العاملة في تشريعات العمل، الحق مجلة فصلية يصدرها إتحاد المحامين العرب، السنة 36، العددين 1-2، لسنة 2005، ص 62.
([38]) تجدر بنا الوقوف هنا لمعرفة حالة وضعية المرأة الجزائرية فيما يخص: “العمل”، بحيث نذكر حادثة حدثت لبعض النسوة اللاتي كن يعملن في مدينة حاسي مسعود سنة 2001، حيث تم الهجوم على حي كان يقضي به النساء العاملات، اللاتي قدمن من كل ولايات الوطن بهدف العمل، تعرضن للاعتداء والضرب والاغتصاب والتجريد من الثياب والرمي عاريات في الشارع، وكان العدد النساء 83 امرأة، وامتثل المعتدين الذي تم القبض عليهم أمام قاضي التحقيق، وتم اتهام 40 شخص، إلا أنه لم تحبس سوى 6 أشخاص فقط ؟.
إن هذه الحادثة تترجم بأن مبدأ عدم التمييز بين الجنسين في مجال العمل في الجزائر مازال قائما، بالرغم من جميع هذه الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة ومناهضة التمييز وللمزيد من التفاصيل حول هذه القضية يمكن الرجؤع: دليلة عمران حربال، “قضية حاسي مسعود”، المرأة والمواطنة، مجلة الدراسات والنقد الاجتماعي، العددين 22 و23، 2006، ص 76، 37. كما تكررت هذه الحادثة مؤخرا وذلك في شهر أفريل 2010 حيث تم مهاجمة النساء اللواتي يعملن في حاسي مسعود في نفس المنطقة فتعرضن للاعتداء والاغتصاب، وهذا دليل على أن مبدأ التمييز ضد المرأة في مجال العمل مازال قائما في المجتمع الجزائري إلى يومنا هذا. أنظر: مطاري هند، المرجع السابق، ص 37.
([39]) أعمر يحياوي، المساواة بين الرجل والمرأة، المرجع السابق، ص. 54 للمزيد من التفاصيل حول حق المساواة بين الجنسين فيما يخص الحقوق الاجتماعية، أنظر :
Marie Théres Lanquetin, Marie Théres Letablier, Hèlène Rérivier, Acquisition des droits sociaux et égalité entre les femmes et les hommes, Revue de l’O.F.C.E , N° 9, 2004, p p. 467-468.
([40]) عبد الغني محمود، حقوق المرأة في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991، ص69..
([41]) صادقت عليها الجزائر بموجب الأمر رقم 68/15. المؤرخ عام15/10/ 1968، الجريدة الرسمية العدد (87)، المنشورة بتاريخ 1968/10/25
([42]) أنظر نص المادة 9 من إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لعام 1979.
([43]) خالد مصطفى فهمي، حقوق المرأة بين الاتفاقيات الدولية والشريعة الإسلامية والتشريع الوضعي (دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2007، ص 60.
([44]) وإن هذا الحق أقرت به المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي سبقت الاتفاقية، ولاسيما العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 التي نصت في المادة 12 فقرة 1 منها، على أنه: “تقر الدول الأطراف في العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه”.
([45]) أنظر المادة 10 من الاتفاقية.
([46]) مطاري هند، المرجع السابق، ص 40.
([47]) نابد بلقاسم وطالب خيرة، “تطور التشريعات الوطنية في مجال حماية حقوق المرأة -قراءة في التشريع الجزائري-“، مجلة جيل حقوق الإنسان، السنة الرابعة، العدد (17)، طرابلس-لبنان، مارس 2017، ص 58.
([48]) عمار مانع، “المرأة العاملة في المنظومة التشريعية الجزائرية”، مجلة علوم الإنسانية، جامعة مسيلة، العدد 29، جوان 2008، ص 162.
([49]) العنف الأسري الأسباب والنتائج، تم الاطلاع عليه في الرابط التالي بتاريخ 20/02/2017، منشور على الموقع الإلكتروني التالي:
http://ma3looma.net/
([50]) أنظر نص المادة 9 من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979.
([51]) Ahooja‐Patel‐Krishna “les Droit de la femme” Droit international, bilan et perspective Mohamed Bedjaoui, (s/d) édition, A, Pédome, tome 2, Paris, p 1175.
حجيمي حدة، المرجع السابق، ص49.. ([52])
([53]) أعمر يحياوي، الحقوق السياسية للمرأة في الشريعة الإسلامية والقانون الدولية، المرجع السابق ، ص . 115
([54]) أنظر المادة 15 من نفس الاتفاقية.
([55]) كاميليا حلمي، مصطلح الأسرة في أبرز المناطق الدولية دراسة تحليليه بحث مقدم في مؤتمر الخطاب الإسلامي المعاصر، الأردن، من 29 و28 يوليو 2011، ص 67.
([56]) راجع نص المادة 16 / 2من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1979.
([57]) المادة 16 من إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1979.
([58]) محمد شريف بسيوني وآخرون، حقوق الإنسان، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، د.د.ن، 1989، ص. 324.
([59]) المادة 40 من الأمر 75-58 المؤرخ في 23 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني، الجريدة الرسمية 30 سبتمبر 1975، العدد 78، المعدل بالقانون 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
([60])ـ حجيمي حدة، الحماية القانونية للمرأة في الجزائر، مذكرة ماجستير في إطار مدرسة الدكتوراه فرع الدولة والمؤسسات العمومية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1، 2014، ص 31.
([61]) المادة 9 مكرر من قانون الأسرة الجزائري.
([62]) أنظر المادة 04 من الأمر رقم 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 المتعلق بتعديل قانون الأسرة الجزائري.
([63]) أنظر المادة 07 من قانون الأسرة الجزائري.
([64]) أنظر المادة 36 من قانون الأسرة الجزائري.
([65]) المادة 8 مكرر من قانون الأسرة الجزائري.
([66]) المادة 22 من قانون الأسرة الجزائري.
([67]) المادة 19 من قانون الأسرة الجزائري.
([68]) أنظر المواد من 19 إلى 37 من قانون الأسرة الجزائري.
([69]) أنظر المادة 142 من قانون 84/11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة الجزائري.
([70]) نابد بلقاسم وبوطالب خيرة، المرجع السابق، ص 49-50.
([71]) أنظر المادتين 53 ،54، من قانون الأسرة الجزائري.
([72]) أنظر المادة 53 مكرر من قانون الأسرة الجزائري.
([73]) المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري.
([74])حجيمي حدة، المرجع السابق، ص 35.
([75]) المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري.
([76]) المادة 57 مكرر من قانون الأسرة الجزائري.
([77]) القانون رقم 15-01 المؤرخ في 4 يناير 201، يتضمن إنشاء صندوق النفقة، المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 01 المؤرخة في 7 يناير 2015.
([78]) راجع الفصل الثالث المتعلق بالنفقة من قانون الأسرة الجزائري.
([79]) أعمر يحياوي، المساواة في الحقوق، المرجع السابق، ص 239 وما بعدها.
([80])وقد دخلت حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1981، وتعتبر الولايات المتحدة الدولة المتقدمة الوحيدة التي لم تصادق على اتفاقية سيداو إضافة لثماني دول أخرى لم تنضم إليها بالأساس بينها إيران، الفاتيكان، السودان، الصومال وتونغا، وكان موقف الجزائر من هذه الاتفاقية بأن صادقت عليها بموجب المرسوم رقم: 96/51 المؤرخ بتاريخ 22 جوان 1996 الذي يتضمن إنظمام الجمهورية الجزائرية مع التحفظ على بعض موادها كالتالي: 02 و09 و15 و16.
للإطلاع على المرسوم والتحفظات، منشور على الموقع التالي: www.amnesty.org // http
([81]) أنظر: نص التحفظات والإعلانات المقدمة من الجزائر فيما يخص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر بتاريخ 22 جوان 1996. وكذلك: وثيقة الأمم المتحدة (CEDAW/SP/2002/2)، وتتضمن هذه الوثيقة نص الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات الصادرة عن الدول الأطراف فيما يتعلق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بصيغتها المستنسخة في المعاهدات المتعددة الأطراف المودعة لدى الأمين العام: الحالة في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999(منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع ( E.99.V.5)، وقد أخذت أيضا الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات من تقرير الأمين العام عن حالة الاتفاقيـــــــة (A/56/328)، وأخذت الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات الصادرة في الفترة من 1 آب/أغسطس 2001 إلى 1 يوليه 2002 من موقع المعاهدات المتعددة الأطراف على الشبكة العالمية.
([82]) حيث جاء في المادة (103) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 أنه: “إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقًا لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به، فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق.
([83]) سورة الأحزاب: الآية [35].
([84]) سورة الذاريات: الآية [49].
([85]) مطاري هند، المرجع السابق، ص 86.
([86]) سورة النساء: الآية [11].
([87]) سورة النساء: الآية [11].
([88]) أعمر يحياوي، المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في القانون الدولي والتشريع الجزائري، المرجع السابق، ص 117-118.
([89]) الفصل الرابع من قانون الأسرة الجزائري، يدخل ضمن حقوق وواجبات الزوجين.
([90]) مطاري هند، المرجع السابق، ص 88-89.
([91]) أنظر: نص التحفظات والإعلانات المقدمة من الجزائر فيما يخص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر بتاريخ 22 جوان 1996. وكذلك: وثيقة الأمم المتحدة (CEDAW/SP/2002/2)، وتتضمن هذه الوثيقة نص الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات الصادرة عن الدول الأطراف فيما يتعلق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بصيغتها المستنسخة في المعاهدات المتعددة الأطراف المودعة لدى الأمين العام: الحالة في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999(منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع ( E.99.V.5.)، وقد أخذت أيضا الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات من تقرير الأمين العام عن حالة الاتفاقيـــــــة (A/56/328) ، وأخذت الإعلانات والتحفظات والاعتراضات والإشعارات بسحب التحفظات الصادرة في الفترة من 1 آب/أغسطس 2001 إلى 1 تموز/يوليه 2002 من موقع المعاهدات المتعددة الأطراف على الشبكة العالمية.
([92]) تشوار جيلالي، عدم المذهبية الصرف، “عدم المذهبية الصرف كمنهج تبناه المُشرع الجزائري لوضع الأحكام الأسرية”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، العدد (02)، 2007، ص. 307
([93]) بلحاج العربي، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري، الزواج والطلاق، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص 118، 126.
([94]) الأمر الذي أكدته الوزيرة “نوارة جعفر ” الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة، عند إشرافها على افتتاح الورشة التكوينية حول النوع الاجتماعي والأسرة بالمعهد الوطني للصحة العمومية بالأبيار. أنظر، جريدة المساء اليومي، الأربعاء، العدد (4488)، 16 نوفمبر 2011، ص. 4.
([95]) أعمر يحياوي، الإجراءات الايجابية، “أي حل لمعالجة اللامساواة الفعلية بين الرجل والمرأة”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، العدد (01)، 2008، الجزائر، ص 205-206.
([96]) عومر محمد الصالح، المساواة بين الجنسين في إبرام عقد الزواج في قانون الأسرة الجزائري والمواثيق الدولية أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، السنة الجامعية: 2015-2016، ص 313.
([97]) بوتخيل معطي، “أهم تحديات الأسرة الجزائرية والرهانات المطروحة”، مجلة الثقافية الإسلامية، العدد التجريبي، جامعة البليدة، 2004، ص143. أنظر أيضا: عيسى جعنيط،، “المرأة والأسرة الجزائرية في مواجهة التغريب والعولمة”، مجلة البصيرة للبحوث والدراسات الإنسانية، العدد الثامن، سبتمبر 2004، ص 145 وما بعدها.
([98]) عومر محمد الصالح، المرجع السابق، ص 314.
([99]) عمار مساعدي، مبدأ المساواة وحماية حقوق الإنسان في أحكام القرآن ومواد الإعلان، الطبعة الأولى، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006، ص. 96 وفي هذا الإطار ينتقد سعيد بويزري المشرع لعدم تحريمه لزواج المسلم من غير المرأة الكتابية. أنظر: سعيد بويزري،” قانون الأسرة الجزائري ماله وما عليه”، مجلة البصيرة للبحوث والدراسات الإنسانية، العدد (5)، مارس 2000، ص 195.
([100]) سورة البقرة: الآية [ 221].
([101])الطبري محمد بن جرير بن يزيد، جامع البيان عن تأويل القرآن،ج 2، دار الفكر، بيروت، 1984، ص 379.
([102]) القرطبي محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، ط 1، ج 3، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 06 20، ص. 72.
([103]) محمد علوشيش الورتني، أحكام التعامل مع غير المسلمين والاستعانة بهم )دراسة فقهية مقارنة(، دار التنوير، الجزائر، 2004، ص 127 وما بعدها.
([104]) سورة النساء، الآية 141..
([105]) تشوار جيلالي، “تحفظات الجزائر على بعض بنود الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة الأسرية بين التراجع والتمسك”، مجلة العلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة تلمسان، العدد (12)، 2012، ص. 17
([106]) عبد الرحمن بن حسن النفيسه،” مسائل في الفقه”، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، مجلة علمية متخصصة في الفقه الإسلامي،( مارس، أفريل، ماي)، العدد (70)، مطابع دار البحوث، الرياض، 2006، ص 290 وما بعدها.
([107]) أحمد زوكاغي،” اعتناق الديانة الإسلامية وأثره على صحة الزواج من المرأة الكتابية”، مجلة الملحق القضائي، المعهد العالي للقضاء، المغرب، مطبعة السلام، العدد (43)، 2010، ص 10.
([108]) عمار عبد الواحد عمار الداودي، العلاقات بين الزوجين جدلية التقليد والتجديد في القانون التونسي والمقارن، مركز النشر الجامعي، تونس، 2007، ص. 241.
([109]) سورة البقرة: الآية [233].
([110]) هجيرة دنوني،” النظام المالي للزوجين في التشريع الجزائري”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، العدد (1)، الجزائر، 1994، ص. 164.
([111]) مطاري هند، المرجع السابق، ص 91.
([112]) عومر محمد الصالح، المرجع السابق، ص 314.
([113]) تقول”مونيلاك ويتق”، أنه: “يجب تغيير نظام الأسرة والعلاقات الشخصية، بالقضاء على التقسيم الثنائي )رجل/امرأة(، وهذا لا يتحقق إلا بتحطيم نظام الزوجية )ذكر/أنثى(، وإحلال محلها النمط الاجتماعي الوحيد الذي يكفل الحرية. ” نقلا عن: خديجة كرار الشيخ الطيب بدر، الأسرة في الغرب أسباب تغيير مفاهيمها ووظيفتها، دراسة نقدية تحليلية، الطبعة الأولى، دار الفكر، دمشق، 2009، ص 289 ، 293.
([114]) محمد الشافعي، قانون الأسرة في دول المغرب العربي )الجزائر، تونس، المغرب، ليبيا، موريطانيا(، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، المغرب، 2009، ص 129.
([115]) سورة الأحزاب: الآية [5].
([116]) التقرير الصادر في إبريل 2008، بعنوان: ” قاصرات إلى الأبد- انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن نظام الولاية والفصل بين الجنسين في المملكة العربية السعودية”.
([117]) متجاهلين أن الزوج سيحرم بهذا الفعل (التعقيم) من النسل، فلابد أن يكون موافقًا على ذلك.
([118]) سورة النساء: الآية [34].
([119]) حديث صحيح، رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، والدارمي، واللفظ للبخاري.
([120]) حديث حسن، رواه الترمذي وابن ماجة.
([121]) عايده أبو راس، المرجع السابق، ص 16.
([122]) نهى قاطرجي، المرأة في منظومة الأمم المتحدة-رؤية إسلامية-، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان، 2006، ص 235.