دراسات قانونيةسلايد 1

مدى سلطة الادارة في احالة الموظف على التقاعد (دراسة قانونية)

مفهوم الاحالة على التقاعد :

ان علاقة الموظف بالادارة ليست علاقة ابدية لا تنقضي الا عن طريق واحد بوفاة الموظف العام ، بل على العكس من ذلك فان الرابطة الوظيفية تنقضي بطرق عديدة ، منها توقف الموظف عن شغل الوظيفة العامة عند بلوغه سنا معينة ، او عند بلوغ خدماته المقبولة للتقاعد حدا معيناً وعندها يتوقف الموظف عن شغل الوظيفة العامة وهذا ما يطلق عليه بالسن القانونية للتقاعد ، ويُعرف سن التقاعد بعدة تعريفات منها:-

(( السن التي ينسحب فيها العامل نهائياً من الهيئة العاملة ويتوقف مجهوده الانتاجي )) او هي (( السن التي يقدر فيها المشرع ان الموظف يصبح غير قادر على اداء العمل المناط به بكفاية وفاعلية بسبب تقدمه في العمر )) (1) كذلك فان السن القانونية للتقاعد لا ترتبط دائماً بالقدرة على الانتاج او كفاية العمل وانما يرتبط ايضاً بمدة الخدمة الوظيفية وعليه فقد تدخل المشرع ونص في قوانين الوظيفة العامة على الاحالة على التقاعد وظروفها وعواملها . والحكمة من تحديد سن قانونية للتقاعد تعود الى اسباب عدة ، فمن ناحية يتوجب على الموظف العام ان يأخذ قسطاً من الراحة بعد خدمة طويلة كرس خلالها سنين شبابه في العمل الوظيفي لينصرف الى الاهتمام بنفسه وبشؤون اسرته ، ومن ناحية اخرى يجب على الموظف ان يفسح المجال امام العناصر الشابة الجديدة لتأخذ دورها في الخدمة العامة حيث تكون هذه الاخيرة بحاجة الى ديمومة نشاطها بصورة مستمرة ومتجددة ، ووضع الاستمرار بهذا الشكل لا يتحقق الا بالعناصر الشابة من الموظفين الذين يمتلكون قدرة عضلية وذهنية عالية للمحافظة على دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد .(2) وبالاضافة الى ما تقدم نرى ان تحديد سنٍ قانونية معينة للتقاعد يعود الى ان الموظف الذي يبلغ سناً معينة من حقه تقديم طلبه لأحالته على التقاعد واحترام رغبته في ترك العمل ، لان موقفه هذا جاء من عناء السنين الطويل وفناء عمره في خدمة الادارة فمن حقه متى شاء ان يترك العمل الوظيفي اذا بلغ السن القانوني المحدد لذلك . والاحالة على التقاعد تعد وسيلة طبيعية من وسائل انهاء الخدمة اذا ما تم اتخاذها عند حدوث واقعة بلوغ السن القانونية المحددة لانهاء الخدمة او بناء على طلب تقدم به الموظف بارادته المنفردة ودون تدخل من جانب الجهة الادارية التابع لها . واستناداً الى ما تقدم تعرف الاحالة على التقاعد بأنها :-

انهاء خدمة الموظف واخراجه نهائياً من الملاك على ان يخصص له راتب تقاعدي ويطبق هذا التدبير على الموظفين الذين بلغوا سناً معيناً وقضوا في الخدمة المدة القانونية وفقاً لاحكام القوانين النافذة .(3) او هي الخروج من خدمة الوظيفة بعد بلوغ السن مع الحصول على معاش تقاعدي .(4) ولكن قد تتدخل الادارة باحالة الموظف على التقاعد بارادتها المنفردة وفي غير ما ذكرناه سابقاً ولاسباب تأديبية فان مثل هذه الحالة سوف تثبت عليها صفة الجزاء التأديبي خاصة وانها ستكون ذات مساس بحقوق الموظف العام المحال على التقاعد ، وتحرمه من امتيازات الوظيفة التي كان يشغلها .(5) والاحالة على التقاعد تشبه الاستقالة من حيث ان كل منهما طريق للخروج من الوظيفة بصفة نهائية بواسطة الطلب الذي يتقدم به الموظف الى الادارة الا انه تختلف احداهما عن الاخرى من حيث الاثار المترتبة على كل منهما ، حيث يستحق الموظف المحال على التقاعد حقوق تقاعدية سواء كانت مكافئة تقاعدية ام راتب تقاعدي بحكم القانون من تاريخ احالته على التقاعد بينما الموظف المستقيل فلا يتمتع بمثل هذه المزايا وفي هذا الشأن نص المشرع العراقي في قانون التقاعد الموحد على انه :-

(( لا يمنع عزل الموظف او فصله او تركه للخدمة لاسباب اضطرارية عدا الاستقالة دون موافقة الجهة المختصة او ما في حكمها من استحقاقه الحقوق التقاعدية ولا يصرف الراتب التقاعدي الا اذا كان قد اكمل سن الخمسين من عمره ))(6) وهذا القانون لم يكن موفقاً في هذا الصدد حيث انه جاء مشابهاًً لموقف المشرع في قانون التقاعد الملغى(7) الذي كان منتقداً بسبب انه كان يحرم الموظف المستقيل من حقوقه التقاعدية ويضعه في مركز اسوأ من مركز الموظف الذي انتهت خدمته بالفصل او العزل مع العلم ان هذا الاخير شابت سلوكه الوظيفي شائبة اقتضت استبعاده من سلك الوظيفة ، في حين ان الموظف المستقيل لم يسند اليه أي ذنب وانما ترك العمل الوظيفي على النحو الوارد في احكام الاستقالة .

________________

1 – ينظر في ذلك الدكتور حمدي سليمان القبيلات : انقضاء الرابطة الوظيفية في غير حالة التأديب ( دراسة مقارنة ) ، الطبعة الاولى، دار وائل للنشر والتوزيع ، عمان ، 2003 ، ص 210 .

2 – ينظر في ذلك الدكتور حسن محمد عواضة : المبادى الاساسية للقانون الاداري ( دراسة مقارنة)، الطبعة الاولى ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،بيروت،1997 ، ص 124 .

3 – ينظر في ذلك الدكتور فوزت فرحات : القانون الاداري العام ، الكتاب الاول ( التنظيم الاداري – النشاط الاداري ) ، الطبعة الاولى ، جامعة لبنان ، 2004 ، ص 369 .

4 – ينظر في ذلك موريس نخلة والدكتور روحي البعلبكي وصلاح مطر : القاموس القانوني الثلاثي ( عربي ، فرنسي ، انكليزي ) ، الطبعة الاولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2002 ، ص556 .

5 – ينظر في ذلك عامر إبراهيم احمد الشمري : العقوبات المنهية للرابطة الوظيفية ( دراسة مقارنة ) ، رسالة ماجستير، كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، 2007 ، ص26.

6 – ينظر في ذلك الفقرة ( خامساً) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم ( 27 ) لسنة 2006 .

7 – ينظر في ذلك الدكتور حمدي سليمان القبيلات : انقضاء الرابطة الوظيفية في غير حالة التأديب ، مصدر سابق ، ص 195.

انواع الاحالة على التقاعد :

لقد ميز المشرع العراقي في قانون التقاعد المدني رقم (33) لسنة 1966 الملغى بين نوعين من انواع الاحالة على التقاعد ، هما الاحالة الجوازية والاحالة الوجوبية ، كذلك فان موقف المشرع العراقي لم يتغير تجاه الاحالة على التقاعد عند صياغة قانون التقاعد الموحد رقم ( 27) لسنة 2007 الجديد حيث انه ميز ايضاً بين نوعين من الاحالة ، والتي تتحدد في الاحالة الجوازية والاحالة الوجوبية وفيما يلي بيان لكل واحدة منهما :-

اولاً :- الاحالة الجوازية على التقاعد

اخذ قانون التقاعد الموحد رقم ( 27 ) لسنة 2006 الجديد بالاحالة الجوازية للموظف على التقاعد اذ انه نص على ان :-(( للموظف ان يطلب احالته الى التقاعد اذا كان قد اكمل سن ال ( 50 ) الخمسين سنة من العمر فأكثر او كانت له خدمة تقاعدية لا تقل عن ( 25) خمسة وعشرون سنة وعلى الوزير المختص او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة او من يخوله أي منهما البت في طلبه خلال (45) خمسة واربعون يوما من تاريخ تسجيل الطلب في دائرة الموظف ويعد الموظف محالاً الى التقاعد بانتهائها ))(1) نلاحظ من النص المذكور ان الاحالة الجوازية للتقاعد تتم بتقديم الموظف طلب يبغي فيه ذلك ، وحدد ايضاً مدة ( 45) يوم اوجب فيها على الوزير المختص او الجهة غير المرتبطة بوزارة او من يخوله أي منهما البت في الطلب خلالها وبانتهاء المدة المذكورة يعد الموظف محالاً على التقاعد بحكم القانون ، وما على دائرته الا ان تروج له معاملة التقاعد على وفق الاصول القانونية .(2) اما بالنسبة الى القانون الملغي فانه اعطى الصلاحية للبت في طلب الاحالة على التقاعد الى الوزير او رئيس الدائرة المختص واضافة اليهم القانون الجديد من يخولانه سواء أكان هذا التخويل من قِبل الوزير ام من قِبل رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة اما اذا صدر قرار الاحالة على التقاعد من جهة غير مختصة فانه يكون باطلاً وهذا ما ذهب اليه مجلس الانضباط العام في حكم له جاء فيه :-

(( ….. يكون امر احالة المدعي على التقاعد بامر اداري من جهة غير مخولة باصداره باطلاً لتخلف شرط من شروط صحة القرار الاداري والتي هي لازمة في الامر الاداري وفي سواه من التصرفات القانونية العامة لصيرورته تصرفاً قانونياً صحيحاً لينتج الآثار التي رتبها عليه القانون ، وان القرار المشوب بعدم الاختصاص يعتبراً امراً شابه العيب في جميع نواحيه فلا تحميه اية حصانة ، مما يخرجه من دائرة الاعمال الادارية ويدخل في طائفة الاعمال غير القانونية فلا يرتب أي اثر مما يستلزم اعدامه في أي وقت ومهما امتد به الزمن …….))(3) كذلك فان المدة المحددة للبت في الطلب هي خمسة واربعون يوم من تاريخ تسجيل الطلب في القانون الجديد اما القانون الملغي فان المدة كانت ثلاثين يوم التي بانقضائها يعد الموظف محالاً على التقاعد ويستحق حقوقه التقاعدية بموجب القانون .(4) ويرى جانب من الفقه الاداري العراقي ان سكوت الادارة هنا يمثل واقعة قانونية وليس عملاً قانونياً ، لان هذا الاخير يتطلب اظهار ارادة الادارة وبالتالي فان الآثار التي تترتب على سكوت الادارة تكون بفعل المشرع – رتبها القانون – وليس عمل الادارة .(5) اما بالنسبة الى الاثار التي ترتبها واقعة سكوت الادارة ، فهي اما تكون مساوية لأثار قرار بالرفض او قد تكون مساوية لأثار قرار ايجابي بالقبول . لكن هذا لا يعني في المقابل تهرب الادارة بسكوتها من رقابة القضاء ، بل بالعكس فانها سوف تخضع للرقابة القضائية كما هو الحال لو انها اتخذت قراراً صريحاً (6). ولكن هناك اختلاف بين الرقابة على القرارات الصريحة وبين حالة سكوت الادارة ، ففي الحالة الاولى يتحقق القاضي من توافر اركان القرار الاداري ومشروعيته ، اما في الحالة الثانية فانه يتحقق من فحص عناصر الواقعة القانونية التي يرتب المشرع عليها الاثار .وتتمثل الرقابة على سكوت الادارة في مجالين :-

المجال الاول : الرقابة على سكوت الادارة كواقعة تترتب عليها اثار قانونية معينة.

المجال الثاني : الزام الادارة بالاثار المترتبة على سكوتها، اذ قد تمتنع الادارة من احترام هذه الاثار والامتثال لها ، وقد تصدر قرار تخالف ذلك مما يدفع بصاحب الشأن طلب الغاء القرار المخالف .(7)

ثانياً: الاحالة الوجوبية على التقاعد

نص قانون التقاعد الموحد الجديد على الاحالة الوجوبية للموظف على التقاعد اذا جاء فيه انه :- (( تتحتم احالة الموظف الى التقاعد في احدى الحالتين الاتيتن :

– عند اكماله سن الـ (63) الثالثة والستين من العمر وهو السن القانوني للتقاعد بغض النظر عن مدة خدمته مالم ينص القانون على خلاف ذلك .
– اذا قررت اللجنة الطبية الرسمية عدم صلاحيته للخدمة ))(8) نجد ان القانون الجديد جاء اكثر توفيقاً من سابقه ، لانه لم يحدد الحالات في الفقرة (ب) من المادة المذكورة سابقاً والتي بموجبها يحال الموظف على التقاعد ، بعد تقرير اللجنة الطبية الرسمية ، وانما ترك ذلك الى اللجنة هي التي تحدد عدم صلاحية الموظف للخدمة ، بينما نجد في القانون الملغى ان المشرع حدد الحالات والتي بموجبها يحال الموظف على التقاعد وهي اذا ثبت عجز الموظف عن القيام بواجبات وظيفته نتيجة اصابته بعاهة جسدية او عقلية وتحتمل ان تكون مزمنة مع تأييد ذلك بقرار من اللجنة الطبية الرسمية .(9) اما في مصر فان المشرع كان قد حدد الحد الاعلى لسن التقاعد ببلوغ سن الستين حيث نص على ان :-

((تنتهى خدمة العامل ببلوغه سن الستين وذلك بمراعاة أحكام القانون رقم 79 لسنة1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعى والقوانين المعدلة له.))(10) وقد حصر المشرع المصري حالات الاحالة الوجوبية على التقاعد بحالتي العجز البدني والقصور المهني وذلك طبقاً للقانون رقم 71 لسنة 1973 . وقد تتخذ الاحالة على التقاعد صفة الجزاء التأديبي ، وفي العراق كان مجلس قيادة الثورة المنحل هو الجهة التي قررت هذه العقوبة وله حق تقرير اسبابها وفقاً لكل حالة على حده ، ويعود السبب في ذلك الى عدم النص على هذه العقوبة في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل.(11) ومن هذه القرارات ، القرارالمرقم ( 1131 ) والذي تضمن (( تخويل امين السر العام لمجلس قيادة الثورة صلاحية توقيع قرارات مجلس قيادة الثورة الخاصة بالاحالة على التقاعد والفصل عن الوظيفة بالنسبة للعمال والموظفين الذين تقل درجتهم عن درجة مدير عام )(12) والقرار المرقم ( 486 ) (( تخويل رئيس ديوان الرئاسة بعض الصلاحيات بعد حصول موافقة الرئاسة عليها ومنها الاحالة على التقاعد ما عدا ضباط الجيش وضباط قوى الامن الداخلي ومن هم بدرجة وزير فما فوق ))(13) والقرار المرقم ( 309 ) (( تخويل وزير الثقافة والاعلام صلاحية احالة أي فنان على التقاعد ) (14) بينما نجد القضاء الاداري العراقي قد اخذ بهذه العقوبة في حكم حديث النشأة له جاء فيه :-(( من حق رئيس الدائرة احالة الموظف على التقاعد لثبوت عدم كفاءته لانه نسب اليه الاخلال بواجبات وظيفته اخلالاً جسيماً ومتعمداً ))(15)

الا ان اتجاه القضاء في هذا المجال منتقد بسبب ان العقوبات التأديبية محددة على سبيل الحصر في القانون ولذلك يتوجب ذكر ذلك في قانون انضباط الموظفين من اجل فرضها على الموظف المخالف مع اتاحة الفرصة للموظف للاعتراض على ذلك امام القضاء الاداري لانه الحصن الحصين للحريات العامة . وفي فرنسا فان المادة ( 30 ) من الامر القانوني رقم ( 244) لسنة 1959 نصت على هذه العقوبة وبينت بان فرض مثل هذه العقوية يعود الى اسباب تتعلق بالصالح العام وتتحدد في توافر عنصر الصلاحية او الكفاءة الوظيفية في شخص الموظف ويشترط لتوقيع مثل هذه العقوبة ان يكون الموظف قد أمضى مدة الخدمة التي يجوز معها إحالته على المعاش . وفي مصر فقد نص القانون على :-

(( الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين هي…….. الاحالة على المعاش ))(16) نستنتج من هذه النصوص ان هذه العقوبة تخضع ايضاً للسلطة التقديرية للجهة التي تقرر فرضها على الموظفين استناداً للقانون .

___________________

1 – ينظر في ذلك الفقرة (رابعاً) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول للقانون المذكور.

2 – ينظر في ذلك الدكتور غازي فيصل مهدي : شرح احكام قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل ، الطبعة الاولى ، بغداد ، 2008 ، ص 21.

3 – ينظر في ذلك حكمه المرقم ( 23/ 2007 ) ذي العدد ( 4 / مدنية / 2007 ) الصادر في 22/ 2/ 2007 ، غير منشور .

4 – ينظر في ذلك الفقرة ( رابعاً ) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 ، وينظر ايضاً الفقرة ( اولاً ) من المادة ( 3) من القانون رقم ( 33) لسنة 1966 الملغى.

5 – ينظر في ذلك الدكتور ماهر صالح علاوي : سكوت الادارة العامة في القانون العراقي ( دراسة مقارنة ) ، مجلة العلوم القانونية ، العدد الثاني ، المجلد العاشر ، كلية القانون ، جامعة بغداد ،1994، ص87 .

6 – ينظر في ذلك الدكتور غازي فيصل مهدي : تعليقات ومقالات في نطاق القانون العام ، الطبعة الاولى ، جامعة النهرين ، 2004، ص 15 – 16 .

7 – ينظر في ذلك الدكتور ماهر صالح علاوي : سكوت الادارة العامة في القانون العراقي ( دراسة مقارنة ) ، مجلة العلوم القانونية ، العدد الثاني ، المجلد العاشر ، كلية القانون ، جامعة بغداد ، 1994، ص 105 .

8 – ينظر في ذلك الفقرة ( ثانياً ) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 .

9 – اشارت الفقرة ( رابعاً ) من المادة ( 3) من قانون التقاعد رقم (33) لسنة 1966 الملغى الى انه ( يحال الموظف على التقاعد وجوباً في الحالتين التاليتين

1-….. 2 – يحال الموظف على التقاعد بصرف النظر عن مقدار خدمته التقاعدية اذا ثبت عجزه عن القيام بواجبات وظيفته لاصابته بعاهة جسدية او عقلية يحتمل ان تكون مزمنة وتأييد ذلك بقرار من لجنة طبية رسمية )

10 – ينظر في ذلك المادة ( 95 ) من قانون العاملين المدنيين في الدولة رقم ( 47 ) لسنة 1978.

11 – ذكرت المادة ( 8 ) من القانون المذكور العقوبات التأديبية وهي :- (( لفت النظر ، الانذار ، قطع الراتب ، التوبيخ ،انقاص الراتب ، تنزيل الدرجة ، الفصل ، العزل ))

12 – ينظر في ذلك القرار الصادر في 24/8 /1981 ، والمنشور في الوقائع العراقية ذي العدد ( 2848 ) بتاريخ 7 / 9 /1981 ، ص 838 .

13 – ينظر في ذلك القرار الصادر في 29/5 /1986 ، والمنشور في الوقائع العراقية ذي العدد ( 3102 ) بتاريخ 16 / 6 /1986 ، ص 374 .

14 – ينظر في ذلك القرار الصادر في 9/5 /1987 ، والمنشور في الوقائع العراقية ذي العدد ( 3151 ) بتاريخ 25 / 5 /1987 ، ص 276 .

15 – ينظر في ذلك حكم الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة بصفتها التمييزية المرقم ( 320 / انضباط / تمييز / 2006 ) الصادر في ( 18 / 12 / 2006 ) ، صباح صادق جعفر الانباري : مجلس شورى الدولة ، الطبعة الاولى ، بغداد ، 2008، ص 389 .

16 – ينظر في ذلك المادة ( 80 ) من قانون العاملين المدنيين في الدولة رقم ( 47 ) لسنة 1978.

سلطة الادارة في احالة الموظف على التقاعد والآثار المترتبة على ذلك :

ان سلطة الادارة في احالة الموظف على التقاعد تختلف باختلاف نوع التقاعد فلأدارة سلطة تقديرية اذا كانت الاحالة جوازية ، فلها احالة الموظف على التقاعد او عدم احالته بحسب ما تراه مناسباً للصالح العام ولديمومة المرافق العامة ، ولكن تراعي في الوقت ذاته رغبة الموظف في ترك العمل وحريته في التوقف عنه .لذا فانه يتوجب عليها البت في طلب الموظف خلال ( 45) يوما(1) من تاريخ تسليمه الى دائرته اما اذا مضت هذه المدة دون ان تبت الادارة في طلب الموظف هذا فيعد الموظف عندئذ محالاً على التقاعد بمضي المدة ويستحق كل الحقوق التقاعدية .(2) الا ان سلطة الادارة مثلما تكون تقديرية فانها قد تكون مقيدة في احالة الموظف على التقاعد ويكون ذلك بالنسبة للاحالة الوجوبية ، فخدمة الموظف هنا تنتهي باكمال السن القانونية المحددة وهي ثلاث وستون سنة بالنسبة للعراق فاذا ما اكمل الموظف هذا السن وجب احالته على التقاعد ، الا ان القانون استثنى بعض الحالات من السن القانونية واجاز لبعض الاشخاص ممارسة الوظيفة العامة حتى بعد تجاوزهم هذا السن .(3) وان اعطاء سلطة للادارة سواء كانت تقديرية ام مطلقة حيال احالة الموظف الى التقاعد هي لتحقيق اهداف معينة(4) كأن تكون ادارية او اقتصادية او اجتماعية ، فالمشرع من خلال قيامه بتحديد سن قانونية تنتهي معها خدمة الموظف اذا اكملها حكما انما يبغي من وراء ذلك المحافظة على توازن الاجهزة الادارية بين اعداد الموظفين الذين يدخلون الى الوظيفة العامة وبين الخارجين منها . كما ان هذا الطريق يمنح المشرع اداة يقضي من خلالها على حالات التضخم فاذا ما وجد المشرع بان اعداد الموظفين قد زادت عن الحاجة فانه سوف يلجأ الى خفض الحد الاعلى لسن التقاعد ، وبالتالي يحافظ على الجهاز الاداري من التضخم الناتج عن ذلك .

واما بالنسبة الى الاهداف الاقتصادية فتتمثل في مستوى الانفاق العام في الدولة فاذا كانت الدولة ترمي الى تخفيض عدد الموظفين الذين يتقاضون اجورهم من الخزينة العامة بعد اكمالهم السن المقررة قانوناً ، كذلك فهي تستطيع ان تقضي على حالة البطالة لدى الفئات الشبابية عن طريق افساح المجال امام العاطلين من الشباب والمؤهلين لشغل الوظائف العامة. اما الاهداف الاجتماعية فانها تتمثل في حق الموظف العام على الادارة ، والذي افنى زهرة شبابه في خدمتها ان توفر له حياة كريمة عند كبره تغنيه عن سواه ، وتسمح له بالاستمتاع ببقية العمر وهو في حالة صحية جيدة تمكنه معها ممارسة بعض الانشطة الخاصة ، اضافة الى حقه في ترك العمل الوظيفي متى شاء مع اتباع الاجراءات القانونية في ذلك .(5) اما بالنسبة الى الاثار المترتبة على احالة الموظف على التقاعد فلا بد ان نشير مقدماً الى ان هذه الاثار تكون متشابهة سواء كانت الاحالة على التقاعد جوازية ام وجوبية ام كانت كعقوبة تفرض على الموظف المخالف ، وتتمثل هذه الاثار بانتهاء خدمة الموظف الوظيفية وانقطاع العلاقة بينه وبين الدولة وعليه فان الاحالة على التقاعد تعني خروج الموظف من الوظيفة بصفة نهائية وهي اما تكون لبلوغ السن القانونية التي حددها القانون وهنا تكون احالة اعتيادية واما تكون كجزاء تأديبي يتمثل بالعقوبة التي تفرضها الادارة على الموظف عند ارتكابه خطأ يبرر معاقبته بهذه العقوبة ويترتب عليها الاثار ذاتها التي تترتب على الاحالة الاعتيادية من حيث انها تؤدي الى انهاء خدمة الموظف وسقوط ولاية الموظف على وظيفته بمجرد توقيع مثل هذه العقوبة .(6) كما يترتب على احالة الموظف على التقاعد استحقاقه للراتب التقاعدي ، فقد حرصت القوانين الوظيفية على تامين مصدر مالي للموظف بعد انتهاء خدمته ، وهذا ما اكده القضاء العراقي في حكم له جاء فيه :-

((يستحق الموظف او المستخدم الراتب التقاعدي بصرف النظر عن مدة خدمته التقاعدية اذا اصيب اثناء الخدمة بمرض يجعله عاجزا عن العمل كليا ويستوجب احالته على التقاعد والمقصود بالعجز عن العمل الوظيفي وليس العجز الكلي بمفهومه العام المطلق ))(7) حيث نجد ان الراتب التقاعدي هذا يكفل للموظف ولعائلته حياة انسانية كريمة فضلاً عن امكانية استعماله كحافز ايجابي يدفع الموظف الى اداء واجبه بصورة صحيحة لكي لا يحرم منه ، وهذا المصدر المالي الذي يستخدمه الموظف بعد انتهاء خدمته هو ما يعرف بالحقوق التقاعدية (8) والتي تكون على نوعين اما راتب تقاعدي يتخذ شكل مبلغ نقدي يتقاضاه الموظف بصفة دورية بعد انتهاء خدمته ، ومكافأة تقاعدية تتخذ شكل مبلغ مقطوع يتقاضاه الموظف جملة اثر انتهاء خدمته .(9) والراتب التقاعدي اذا كان يمثل في جزء منه الاستقطاعات التقاعدية من راتب الموظف في ضوء النسب التي حددتها التشريعات فان هذا الراتب يعد بالاضافة الى ذلك مظهراً من مظاهر امتيازات الوظيفة العامة في نظام الخدمة المدنية المغلق والذي يعتمد نظام السلم الوظيفي لترقية الموظف الى حد وصوله الى اعلى الدرجات.(10) نلاحظ مما سبق ان المشرع ضيق من حرية الموظف العام في التوقف عن العمل سواء في حالة الاحالة على التقاعد ام في حالة الاستقالة ، حيث انه في الحالة الاولى لا يحق للموظف ترك العمل الا اذا بلغ سناً معينة وخدمة معينة في الوظيفة وفي الحالة الثانية اذا استقال الموظف من الوظيفة فانه يحرم من الحقوق التقاعدية بعكس الموظف المفصول او المعزول فانه يستحق الحقوق التقاعدية ، مما يدل على ان القانون لم يترك خيارات جيدة للموظف بترك العمل فأما ان يستمر في الخدمة الوظيفية لحين بلوغ سن التقاعد للحصول على الحقوق التقاعدية ، او ترك العمل الوظيفي قبل ذلك – الاستقالة الوظيفية – في مقابل خسران الحقوق التقاعدية .

___________

1 – ينظر في ذلك الفقرة ( رابعاً ) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 .

2 – ينظر في ذلك الدكتور ماهر صالح علاوي : مبادى القانون الإداري ( دراسة مقارنة ) ، دار الكتب للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، 1996، ص 136 .

3 – نصت الفقرة ( ثالثاً ) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 على ان :- (( لرئيس مجلس الوزراء باقتراح من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة تمديد خدمة الموظف لمدة لا تزيد على ( 3) ثلاث سنوات عند إكماله السن القانوني لـــلإحالة على التقاعد مع مراعــاة ندرة الاختصاص و نوعية الوظيفة وحاجة الدائرة لخدماته)) 0

4 – ينظر في ذلك الدكتور حمدي سليمان القبيلات : انقضاء الرابطة الوظيفية في غير حالة التأديب ( دراسة مقارنة ) ، الطبعة الاولى، دار وائل للنشر والتوزيع ، عمان ، 2003 ، ص 211 وما بعدها .

5 – ينظر في ذلك الدكتور حمدي سليمان القبيلات : انقضاء الرابطة الوظيفية في غير حالة التأديب ، مصدر سابق ، ص 211.

6 – ينظر في ذلك الدكتور عبد الفتاح حسن : مبادى القانون الاداري الكويتي ، دار النهضة العربية ، للطباعة والنشر ، بيروت ، 1969، ص 339 وما بعدها .

7 – ينظر في ذلك حكم مجلس الانضباط العام ذي الرقم ( 704 / مدنية خامسة تقاعد / 1976 ) الصادر في 23 / 12 / 1976 ، منشور في مجموعة الاحكام العدلية ، العدد الرابع – السنة السابعة ، ( تشرين الاول – تشرين الثاني – كانون الاول ) ، وزارة العدل ، 1976 ، ص 259 .

8 – ينظر في ذلك الفقرة ( اولاً- ح ) من المادة ( 1 ) من قانون التعديل الاول لقانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 .

9 – ينظر في ذلك الدكتور محي الدين القيسي : مبادى القانون الاداري العام ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2003 ، ص 259 .

10 – ينظر في ذلك الدكتور علي محمد بدير ود . عصام عبد الوهاب البرزنجي ود . مهدي ياسين ألسلامي : مبادى وأحكام القانون الإداري ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ، بغداد ، 1993 ، ص 346 – 347 .

المؤلف : اسماء عبد الكاظم مهدي العجيلي
الكتاب أو المصدر : حرية الموظف العام في التوقف عن العمل

إغلاق