دراسات قانونيةسلايد 1
حق البائع في فسخ عقد البيع وآثار فسخ العقد في القانون المدنى فى النظام السعودي
يكون للبائع ، إذا أخل المشتري بالتزام الوفاء بالثمن ، أن يطلب إلى القضاء في دعوى يرفعها إليه ، الحكم بفسخ عقد البيع ، و يسمى الفسخ في هذه الحالة بفسخ عقد البيع القضائي .
و يجوز للبائع أن يشترط مقدماً على المشتري اعتبار عقد البيع مفسوخاً من تلقاء ذاته دون حاجة إلى حكم قضائي إذا أخل المشتري بالتزام الوفاء بالثمن ، و يسمى الفسخ في هذه الحالة بفسخ عقد البيع الاتفاقي .
و يرتب فسخ عقد البيع ، سواءً أكان قضائياً أو اتفاقياً ، آثاراً محددة .
أولاً ـ فسخ عقد البيع القضائي : ( الفسخ القضائي لعقد البيع ) :
تقضي القواعد العامة أنه في العقود الملزمة للجانبين ، إذا لم يوفِ أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه ، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى .
40
و يعدّ عقد البيع من العقود الملزمة لجانبين ـ كما رأينا ـ و يجوز بالتالي للبائع إذا أخل المشتري بالتزامه بالوفاء بالثمن ، أن يطلب إلى القضاء ، في دعوى يرفعها إليه ، الحكم بفسخ عقد البيع ، و يسمّى الفسـخ في هذه الحالة بفسخ عقد البيع القضائي .
و يستطيع البائع طلب فسخ عقد البيع قضائياً , و لو كان قد طلب من المشتري تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن و رفع به دعوى ، لأنه يكون له أثناء هذه الدعوى أن يعدّل طلبه بتنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن إلى طلب فسخ عقد البيع .
و يشـترط ، حتى يستطيع البائع طلب فسخ عقد البيع لإخلال المشتري بالتزامه بالوفاء بالثمن :
A ـ إعذار المشتري ،
B ـ و عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن ،
C ـ و رجوع عدم التنفيذ إلى المشتري وحده .
أ ـ إعذار المشتري :
لا يستطيع البائع طلب فسخ عقد البيع لعدم تنفيذ المشتري التزامه بالوفاء بالثمن ، إلا إذا أعذر المشتري و طالبه بتنفيذ هذا الالتزام .
و تظهر الأهمية العملية لإعذار البائع للمشتري بتنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن قبل طلب فسخ عقد البيع ، في أن الإعذار يجعل القاضي أسرع استجابة لطلب فسخ عقد البيع , و أقرب إلى الحكم على المشتري بتعويض إضافة إلى الحكم بفسخ عقد البيع .
و يكون إعذار المشتري بإنذاره .
و يمكن أن يكون الإعذار بما يقوم مقام الإنذار .
و يقوم مقام الإنذار أية ورقة رسمية تظهر منها بجلاء رغبة البائع في أن ينفذ المشتري التزامه بالوفاء بالثمن ، كمحضر الحجز الذي هو من أعمال التنفيذ , والتنبيه الرسمي الذي يسبق التنفيذ , و ضبط المحاكمة .
و لكن يكون من مصلحة البائع أن يعذر المشتري بإجراء مستقل عن صحيفة الدعوى ، و لو كانت هذه الصحيفة تقوم مقام الإنذار ، لأنه إذا تم الإعذار في صحيفة الدعوى و بادر المشتري إلى تنفيذ التزامه بالوفاء بمجرد تبليغه صحيفة الدعوى ، تكون مصروفات الدعوى على البائع ، لأن المشتري يكون قد نفذ التزامه بالوفاء بالثمن بمجرد إعذاره .
# و لا تكفي الورقة غير الرسمية للإعذار في المسائل المدنية .
# و تكفي الورقة غير الرسـمية للإعذار في المسائل التجارية وفقاً للعرف التجاري ، بل و يكفي مجرد الإخطار الشفوي إذا كان العرف التجاري يسمح بذلك ، و كل ما يهم هو أن يثبت البائع أن الإعذار قد تم على هذا الوجه .
و يستطيع البائع طلب فسخ عقد البيع لعدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن ، دون إعذار المشتري و مطالبته بالتنفيذ في بعض الحالات . و ترجع هذه الحالات إلى الاتفاق أو إلى حكم القانون :
► فقد يتفق البائع و المشتري على أن يكون المدين ( المشتري ) معذراً بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر . و قد يكون هذا الاتفاق صريحاً و قد يكون ضمنياً . و يعدّ اتفاقاً ضمنياً أن يشترط البائع على المشتري أن يدفع الثمن في محل إقامته ، و لا يحضر المشتري للدفع يوم حلول الأجل .
► و قد يقضي القانون بعدم الحاجة إلى الإعذار . و قد نص القانون على عدم الحاجة إلى الإعذار :
A ـ إذا استحال على المشتري تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن ، إذ لا يكون هناك معنى لإعذاره في هذه الحالة .
B ـ و إذا صرّح المشـتري كتابةً أنه لا يريد تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن .
ب ـ عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن :
يشترط لطلب البائع فسخ عقد البيع ، أن لا ينفذ المشتري التزامه بالوفاء بثمن المبيع .
و لا يصعب تقرير فسخ عقد البيع عندما يكون عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن كلياً .
و تبدو الصعوبة في حالة ما إذا كان تنفيذ المـشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن متأخراً ، أو جزئياً . و يكمن هنا دور القاضي في الحكم بفسخ عقد البيع ، لأن له السلطة التقديرية في الحكم بالفسخ .
و تعدّ سلطة القاضي التقديرية ذات أهمية قصوى , لأن الحكم بفسخ عقد البيع ليس كاشفاً للفسخ بل منشأ له .
و يستهدي القاضي إذ يمارس سلطته التقديرية آنفة الذكر بدرجة أهمية عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن :
فإذا كان المشتري قد تأخر في تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن ، فيتوقف الحكم بفسخ عقد البيع على الظروف ، فقد يكون تأخر المشتري في تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن مساوياً لعدم التنفيذ حين يفوت التأخر على البائع فرصة ما .
و أما حيث لا يؤدي تأخر المشتري في تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن إلا إلى إصابة البائع بضرر بسيط ، فيقتصر القاضي على الحكم بالتعويض .
و كذلك الأمر بالنسبة لعدم تنفيذ المشتري جزئياً لالتزامه بالوفاء بالثمن ، فقد يسوغ الفسخ في فرض ، و لا يسوغه في فرض آخر ، و يتوقف هذا على شأن عدم التنفيذ الجزئي بالنسبة للبائع ، فإذا كان الجزء غير المنفذ قليل الأهمية ، اكتفى القاضي بالحم بالتعويض ، و أما إذا كان جوهرياً ، فعندئذٍ يقضي بفسخ عقد البيع .
و يستهدي القاضي عند ممارسة سلطته التقديرية آنفة الذكر أيضاً ، بسوء نية المشتري و حسنها ، فإذا كان المشتري قد تقصد إحداث ضرر للبائع من جراء عدم تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن ، يكون سهلاً على القاضي أن يستجيب لطلب البائع بفسخ عقد البيع .
و ظاهر أن هذه السلطة الممنوحة للقاضي ترد على البائع السيئ النية إذا حاول التحلل من عقد البيع الحاضر , بحجة وجود عيوب طفيفة في تنفيذ المشتري لالتزامه بدفع الثمن .
ج ـ عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن معزو إلى المشتري :
لا يسـتطيع البائع طلب فسخ عقد البيع , لعدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن , إلا إذا كان عدم التنفيذ معزواً إلى المشتري وحده .
و لا يجوز بالتالي للبائع طلب فسخ عقد البيع عندما يتسبب هو ذاته في عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن , كأن يرفض قبول الثمن المعروض عليه , أو كأن يخل بالتزامه بتسـليم المبيع فينشأ للمشتري حق الامتناع عن تنفذ التزامه بالوفاء بالثمن .
ثانياً – فسخ عقد البيع الاتفاقي : ( الفسخ الاتفاقي لعقد البيع ) :
يستطيع البائع أن يشترط مقدماً على المشتري استبعاد اللجوء إلى القضاء لتقرير
فسخ عقد البيع في حالة عدم تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن , ويتم ذلك بإدراج شرط فاسخ بمقتضاه يعد عقد البيع مفسوخاً من تلقاء ذاته دون حاجة إلى حكم قضائي .
و يستلزم لاستبعاد اللجوء إلى القضاء لتقرير فسخ عقد البيع في حالة عدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن عند إدراج الشرط الفاسخ , أن يتضمن هذا الشرط استبعاد تدخل القضاء صراحة :
لأنه إذا اقتصرت صياغة الشـرط على أن يكون عقد البيع مفسوخاً دون استبعاد تدخل القضاء صراحة , فلا يغني ذلك عن الالتجاء إلى القضاء للحكم بفسـخ عقد البيع , بما يتضمنه ذلك من سلطة تقديرية للقاضي قد يحكم معها بفسخ العقد وقد لا يحكم .
ويتعين على البائع , إذا أراد أن يستبعد , ليس فقط سلطة القاضي التقديرية , بل وتدخله أيضاً , أن يشترط صراحة وقوع فسخ عقد البيع دون حاجة لتدخل القضاء إذا لم ينفذ المشـتري التزامه بالوفاء بالثمن , ويلتزم القاضي في هذه الحالة بإعمال الفسخ , وليس له منح المشتري أية مهلة للوفاء بالثمن .
ولا تغني صياغة الشرط الفاسخ على أن يكون عقد البيع مفسوخاً دون تدخل القضاء إذا لم ينفذ المشتري التزامه بالوفاء بالثمن , عن ضرورة إعذار البائع للمشتري بوجوب تنفيذ التزامه بالوفاء بالثمن .
و يتعين على البائع , إذا أراد أن يستبعد الإعذار , أن يشترط صراحة فسخ عقد البيع دون حاجة لتدخل القضاء , و دون الحاجة إلى إعذار , ويلتزم القاضي في هذه الحالة بإعمال الفسخ , ولا يحتاج البائع إلى توجيه الإعذار .
ولكن يعفى البائع من الإعذار دون اشتراط على اسـتبعاده صراحة في حالة واحدة خاصة ببيع المنقولات , وردت في المادة 429 من القانون المدني التي تنص على أنه :
” في بيع العروض و غيرها من المنقولات إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن و تسـلم المبيع , يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك , و هذا ما لم يوجد اتفاق على غيره ” .
ــ آثار فسخ عقد البيع :
يرتب فسـخ عقد البيع لعدم تنفيذ المشتري التزامه بالوفاء بالثمن , سواء أكان قضائياً أو اتفاقياً , آثار تتمثل في زوال عقد البيع بأثر رجعي , فينحل عقد البيع إذا فسخ , لا من وقت النطق بالحكم , بل من وقت نشوء العقد .
و يعد العقد المفسوخ كأن لم يكن , و يسقط أثره حتى في الماضي .
و يكون للفسخ هذا الأثر الرجعي فيما بين المتبايعين وبالنسبة للغير .
أ- الأثر الرجعي لفسخ عقد البيع بين البائع والمشتري :
يزول عقد البيع , إذا فسخ لعدم تنفيذ المشتري التزامه بالوفاء بالثمن , بأثر رجعي فيما بين المتبايعين .
و يرتب على زوال عقد البيع بأثر رجعي فيما بين المتبايعين , أنه يجب إعادة الحال بينهما إلى ما كانت عليه قبل العقد , فيرد المشتري المبيع إلى البائع إن كان قد تسلمه , ويرد البائع ما قبضه من ثمن إلى المشتري .
و يرد المشتري المبيع إن كان قد قبضه بثمراته , ويرد البائع ما قبضه من ثمن بفوائده القانونية , ويكون الرد من وقت المطالبة القضائية طبقاً للقواعد العامة .
و يكون استرداد كل متبايع لما أعطاه على أساس استرداد دفع غير المستحق .
و يحكم بالتعويض إذا استحال إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل العقد .
و يؤسس الحكم بالتعويض هنا على المسؤولية التقصيرية , لا العقدية , لأن عقد البيع يعد بعد الفسخ كأنه لم يكن .
و يلاحظ مما تقدم أن دعوى فسخ عقد البيع من شانها أن تجعل البائع في مقام الدائن الممتاز من الناحية العملية , لأنه يسترد المبيع دون أن يشترك معه فيه بقية دائني المشتري , فهو ممتاز من هذه الناحية , و يكمن بالتالي تقريب دعوى فسخ عقد البيع من الناحية العملية من المقاصة و حق الحبس و حق الامتياز .
ب- الأثر الرجعي لفسخ عقد البيع بالنسبة إلى الغير :
يزول عقد البيع إذا فسخ لعدم تنفيذ المشتري لالتزامه بالوفاء بالثمن , بأثر رجعي بالنسبة إلى الغير .
و يترتب على زوال عقد البيع بأثر رجعي بالنسبة إلى الغير , أنه يجب إعادة الحال بالنسبة لهذا الغير إلى ما كانت عليه قبل العقد , فإذا باع المشتري المبيع إلى مشترٍٍ ثانٍ أو رتب عليه حقاً عينياً كحق ارتفاق أو حق انتفاع , ثم طالب البائع بفسخ عقد البيع وأجيب إلى طلبه , رجع إليه المبيع خالياً من هذه الحقوق , إذ من المقرر أنه متى سقط حق المتصرف سقط حق المتصرف إليه , و يعد هذا مقتضى القاعدة الرومانية القائلة : ” إذا زال حق المتصرف ( المشتري ) زال حق المتصرف إليه ( الغير ) ” .
و لكن يلقي المشرع على هذه القاعدة , تحقيقاً لاستقرار المعاملات وحماية للثقة والائتمان , قيوداً تحد من إطلاقها :
و يعد من هذه القيود بالنسبة للعقارات , أنه إذا اكتسب الغير من المشتري بحسن نية حقاً عينياً على عقار , فإن المشرع يحمي هذا الغير حسن النية , و يرجع ذلك إلى أن المشرع يفرق في الحكم بين التصرفات التي يأتيها المشتري قبل تسجيل دعوى فسخ عقد البيع , وبين تلك التي يأتيها بعد هذا التسجيل :
ý فأما بخصوص التصرفات الأولى , فإن أثر الحكم الذي يصدر بفسخ عقد البيع لا يمتد إلى الغير حسن النية , حماية لهذا الغير الذي تستند ملكيته إلى قيود السجل العقاري , وعملاً بالمادة 13 من القرار 188 التي تقضي باحترام الحقوق المكتسبة من حسن نية استناداً إلى قيود السجل العقاري .
ý و أما بخصوص التصرفات اللاحقة التي يقوم بها المشتري , بعد تسجيل دعوى فسخ عقد البيع , فإن أثر الفسخ يسري على الغير أيضاً , و لو كان هذا الغير حسن النية – أي يجهل أن سند المشتري مطعون فيه – لأن القانون افترض سوء النية بمجرد حصول التسجيل , فلا يستطيع الغير أن يحتج بعدم علمه بدعوى فسخ عقد البيع .
و أما القيود بالنسـبة للمنقولات فهي أنه إذا اكتسب الغير من المشتري منقولاً مادياً , ثم فسخ عقد البيع الذي اشترى بموجبه المشتري , فيمكن لهذا الغير مع ذلك أن يمتلك المنقول متى كان حسن النية , أي جاهلاً سبب فسخ عقد البيع , عملاً بالقاعدة القائلة : ” الحيازة في المنقول سند الحائز ” . وتطبق هذه القاعدة ليس فقط في حال تملك المنقول , بل في حالة اكتساب أي حق عيني عليه .
المبحث الثاني
الالتزام بتحمل مصروفات البيع
يتحمل المشـتري مصروفات البيع , ما لم يوجد اتفاق أو عرف يحمل البائع هذه المصروفات .
و تؤكد هذا الحكم المادة 430 من القانون المدني التي تنص على أن :
” نفقات البيع والطوابع و رسوم التسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشتري , ما لم يوحد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك ” .
و يعد من مصروفات البيع فيتحمله المشتري , مصروفات كتابة عقد البيع , وأتعاب المحامي الذي أعد عقد البيع وسجله , و مصروفات الإطلاع على العقار المبيع في السجل العقاري , و رسوم تسجيل عقد البيع الوارد على عقار في السجل العقاري , و رسوم التصديق على الإمضاءات عند تقديم عقد البيع للتوثيق العقاري .