دراسات قانونيةسلايد 1
التشريعات السودانية وفاعليتها لدرء التقاليد المناهضة لحقوق الإنسان
مقدمة
ظل الطفل محوراً للاهتمام الوطني والدولي للعديد من الأسباب، أبرزها :أنه يمثل الحلقة الأضعف في سلسلة الإنسانية ،وهو محور الاهتمام والرعاية،و إن صيانة صحة الطفل تنعكس بشكل كبير على صحة المجتمع؛إذهو البذرة التي ستثمر في المستقبل, وقد أشارت اتفاقية حقوق الطفل 1989م إلي ضرورة إيلاء الطفل العناية القصوىوجعله هماً أولياً وعنصراً فاعلاً من عناصر تنمية المجتمع؛فلابد من إيلاء الاهتمام اللازم بأهمية رعاية الطفل وحمايتهلبناء مجتمع صحي معافى وسليم ، من خلال تسخير جميع الإمكانات المادية والمعنوية والتربوية والصحية والإدارية في الدولة للاهتمام بقضايا الطفل والأسرة, الأمر الذي يسهم في عكس صورة حضارية عن المجتمع .
إن صياغة تشريع يحمي حقوق الطفل لهو أمر في غاية الأهميةكون التشريع هو ما يجسد الحق ويضعه موضع التطبيق والإعمال والممارسة هذه ناحية ،ومن ناحية ثانية نلحظ أن العديد من التشريعات الحامية لحقوق الطفل تصدر هنا وهناك وفي شتي مناحي الحياة ، إلا إنها تظل حبيسة الأضابير والأرفف لافتقادها لعنصر الفاعلية لصعوبة أو استحالة إعمالها وتطبيقها في الواقع ، ولنا في السودان تجربة في هذا الصدد ([1]) فقانون رعاية الإحداثللعام 1983 (الملغي) لم يطبق تطبيقه كما ينبغي بسبب عدم إجراء الدراسات اللازمة قبل إصدارهما أنتج العديد من الثغرات ونقاط الضعف في القانون ، وكذلك بسبب ضعف آليات المتابعة والتنفيذ ،وأحيانا لضعف إرادةالإدارة نفسها في تنفيذ القانون وغيرها من الأسباب، وحتي قانون الطفل الحالي للعام 2010 ” أشمل قانون للطفل صدر بالسودان ” ما زال كسيحا لذات الأسباب سالفة الذكر أو لبعضها علي الأقل . ويبقي السؤال :كيف نضع تشريعا فاعلاً منتجاً لآثاره التي توخاها المشرع منه؟
القانون وتنظيم حركة المجتمع
يمتاز القانون بصفة عامة بخصائص عديدةمنها العمومية والتجرد ، إلا أن أبرزها هو أن ” القانون أداة اجتماعيه – تخرج من رحم المجتمع ولتساعد في الوقت ذاته في حل مشاكله – فضلا عن أن القاعدة القانونية مقترنة بعنصر الجزاء ( الثواب والعقاب )، وبذلك يكون القانون ممكن الإعمال وسهل التطبيق مؤديا لدورة في كفالة النظام المجتمعي،ومحققا للنظام المؤدي إلي التنمية الغاية النهائية .
ولكن تصعبأحيانا معالجة القانون لأنماط السلوك البشرية المتجذرة في المجتمع ، المرتبطة بالعادة والتقليد ،كعادة ختان الإناث علي سبيل المثل؛حيث إننا نمارسإسقاطاتنا السلوكية المستمدة من العاداتوالتقاليد علي الدين زاعمين – بغير حق – أن لها أصولا من الدين ، ورغم الآراء الصريحة والقوية التي صدرت من العديد من الفقهاء الذين أوضحوا موقف الدين الإسلامي من تحريم بل تجريم ختان الإناث ([2]) . وهنا يضحي دور التشريع أو القانون صعبا ومستحيلا أحيانا في الإصدار وفي التطبيق للممانعة الاجتماعية التي يقابل بها المجتمع القانون ،ويعد حظر ختان الإناث بقانون ([3]) من أوضح الأمثلة علي ذلك ، فالناظر إلي السياسة التشريعية الجنائية السودانية تجاه حظر الختان ومنذ قانوني 1899 و1925 وهما أول التشريعات الجنائية الصادرة في التاريخ السوداني الحديث إلي القانون الجنائي للعام 1991 مرورا بقانون العقوبات 1983 ومن قبله قانون 1974 ([4]) يلحظ الآتي:
أولا: إن المشرع السوداني قد جرم فعل الختان فيما يعرف بالختان الفرعوني ([5]) بينما غض الطرف عن أنواع الختانالأخرىكافة ، حيث إنه قسم الختان في هذا الصدد إلي قسمين: القسم الأول هو ما أسماه ” ختان قانوني أو شرعي ” وهو الختان الذي لا يشمل الجزء المستعلي من البظر . وقد ورد ذلك في قوانين التي صدرت في الأعوام 1899م و1925م و1974م وقانون المعاملات المدنية السوداني للعام 1984([6]). وعد ما عداه ختانا غير مشروع وغير جائز، وأوقع عليه عقوبة الغرامة والسجن.
ثانيا : التشريعات اللاحقة،وأقصد بذلك قانون العقوبات للعام 1983 والقانون الجنائي للعام 1991 والقوانين ذات الصلة مثل قانون الصحة العامة1975وغيرها من التشريعات ، فقد سكتت عن إبانة سياستها في الأمر بالكلية ، وهو ما يدرج الفعل – أي فعل الختان – في نطاق الفعل المباح تقريبا عملا بالقاعدة الأصولية ” الأصل في الأشياءالإباحة ” . ولا يغني في هذا الصدد ما تشير إليه المادتان( 138-139) من القانون الجنائي 1991 واللتان جاءتا تحت عنوان ” جريمة الأذى الجسيم ” باعتبار أن فعل الختان قد يندرج تحت أيٍّ من هذين النصين بوصفه أذى جسيما، حيث لم يطبق القضاء السوداني في تطبيقاته المختلفة هذين النصين علي ختان الإناث – حسب علمنا المتواضع- حتى الآن فضلا عن الاختلاف في أركان الجريمة في كل .
وبالنظر إلي دور الجوار العربي والأفريقي([7]) يلاحظ أن هناك العديد منها قد أصدرت تشريعات تجرم فعل الختان بصورة صريحة ،ويبقي السؤال هل نجحت تلكالتشريعات في أداء دورها في وأد هذا السلوك ؟
معظم الدراسات في هذا الصدد تجيب بالنفي . وقد برر فقهاء القانون والاجتماع ذلك بفشل التشريعات في مواجهة جذور الظاهرة بحسبان أن هنالك ارتباطا وثيقا بين ما تحاول التشريعات معالجته وبين الاعتقادات والقناعات الداخلية المستمدة من العادة أو العرف أو بعض المذاهب الدينية غير السوية ، الأمر الذي يصنع ممانعة قوية في نفسية المخاطب وفي المحيط الاجتماعي للمخاطب ، ضد القانون. ولكن ذلك لا يشكل ذلك حرجا من بذل الجهود في محاولة صياغة تشريع أو قانون يحاول تلافي كل سهام النقد التي أصابت الجهود السابقة . جهود تشارك فيها كل قطاعات المجتمع من باحثين اجتماعيين ونفسيين ورجال اقتصاد ومن بعد يأتي صانعي التشريع لصياغة خلاصة الجهد في صورة قواعد قانونية([8]).
هذا وتجدر الإشارة إلي أنه قد واجهت الجهود التي قام بها المجلس القومي لرعاية الطفولة في وضع قواعد تشريعية لحظر الختان العديد من العقبات المتمثلة عدم تفهم بعض رجال الدين وبعض التنفيذين وبعض التشريعيين لضرورة حظر ممارسة ختان الإناث بقانون . وقد ظهر ذلك جليا في سحب نص المادة(13) من مسودة قانون الطفل للعام 2010 والمتعلقة بحظر ختان الإناث بجميع أشكاله ، عندما عرض مشروع القانون علي منضدة مجلس الوزراء ([9])لإجازته بغرض رفعه للمجلس الوطني (البرلمان ) لإجازتهعلي الرغم التزام السودان وطنيا ([10]) ودوليا في مكافحة ختان الاناث ، ويبقي الأمل في أن تحقق الاستراتيجية القومية للقضاء علي ختان الإناث 2008-2018 أهدافها لاسيما أنها قد خصصت المحور التاسع من محاورها للدور القانوني([11]).
إن الجهود مستمرة تشريعيا علي مستوي الولايات السودانية البالغة ثماني عشرة ولاية ، حيث صدرت تشريعات لحظر الختان في ولايات (القضارف والبحر الأحمر وجنوب كردفان وغرب دارفور) .كما تسير الجهود حثيثة لإصدار تشريعات في ولايات (كسلا وشمال كردفان وجنوب دارفور) . ورغم أن النظام الفدرالي المطبق منهجا للحكم في السودان يبقي صدور تشريع مركزي من الأهمية بمكان وهو ما سنعرض له لاحقا .
ويمكن تقسيم الدراسة إلي قسمين يخصص الأول لدراسة الجهود الدولية للقضاء علي الظاهرة وموقف السودان منها، بينما نخصص القسم الثاني لدراسة المتطلبات اللازمة لإصدار تشريع سوداني للقضاء علي الظاهرة يتسم بالفاعلية والايجابية .
القسم الاول : حماية حقوق الطفل
الجهود الدولية لحماية حقوق الطفل وموقف السودان منها
إن النظام القانوني للحقوق والحريات العامة في نظامنا القانوني لم يقتصر علي النصوص المقررة في الدستور لمعالجة ختان الإناث ، إنما امتد إلي التشريعات والقوانين الأخرى وكذلك الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان لمعالجة هذا الموضوع ما يعني أن هناك تآلفاً مع مجموعة النصوص والأحكام الداخلية منأجل كفالة الحقوق والحريات وتنظيم ممارستها.
وفي إطار جهود السودان في التصدي لانتهاك حقوق الطفل شارك السودان ،كما هو معلوم،بوفد رفيع المستوى بقيادة السيد رئيس الجمهورية في سبتمبر 1990 في أكبر تجمع لقادة دول العالم في تاريخ الأمم المتحدة بنيويورك ( 170 رئيس دولة ورئيس حكومة) وأجمع المشاركون على مبادرة إنسانية تاريخية غير مسبوقة تستهدف أطفال العالم لحمايتهم وتنميتهم حيث وقع السودان ثم صادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل للعام 1989م ، تلا ذلك المصادقة على معظم الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الطفل على المستويين الدولي والإقليمي ، ولاسيما البرتوكولان الاختياريان لاتفاقية حقوق الطفل بشأن النزاعات المسلحة وبيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية وكذلك الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته والخطة العربية للطفولة وإعلانات المؤتمرات الإسلامية المتعلقة بالطفولة.
عكس هذا الالتزام من قبل الدولة في السودان إيمانا عميقا بقضايا الأطفال بحسبانها شأناً إنسانياً بكل أبعاده التنموية لقطاع عريض من السكان يمثل 48,5% فيالفئة العمرية دون 18 عاماً ([12])، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً في الاهتمام بهم ورعايتهم وتقديم الخدمات كافة لهم ، تدعمها بالضرورة رؤية واعية لحماية هذا القطاع العريض من السكان من كل أنواع الاستغلال والإساءة والإهمال من أجل مستقبل واعد بالخير والنماء ، حيث شهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي وما بعدها جهوداً مستمرة لمعالجة قضايا الأطفال على المستوى الوطني وفق منهج حديث النشأة لتقوية التنمية البشرية والأمن الإنساني، وقد أدى هذا الاهتمامإلى مواجهة بين الواقع والرغبة في تغيير هذا الواقع ؛وذلك استناداإلىمحورين أساسين لإنفاذ حقوق الطفل :
أشار المحور الأول إلىأن الأطفال أصحاب حقوق غير قابلة للتجزئة . بينما ألقى المحور الثاني على الدولة المسؤولية الكاملة في تهيئة الظروف المناسبة لإنفاذ هذهالحقوق .
أشار الدستور السوداني الانتقالي للعام 2005 م إلي أهمية إيفاء السودان بالتزاماته الدولية ([13])) منه حيث ورد في الدستور أن جميع الصكوك الدولية التي صادق عليها السودان هي في مقام النصوص الدستورية واجبة النفاذ ، الأمر الذي يتطلب من المشرع اتخاذ التدابير الإدارية والتشريعية اللازمة لإنفاذ التزام السودان بما التزم .
وقد أصدرت الدولة السودانية تنفيذا لالتزامها بعد المصادقة علي اتفاقية حقوق الطفل والبرتوكولات الملحقة وتنفيذا لها وفي إطار التدابير التشريعية قانون الطفل للعام 2004 ثم أعقبهقانون الطفل للعام 2010 الذي شمل حماية الجزء الأكبر من حقوق الطفل السوداني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمدنية الأمر الذي بعد خطوة واسعة في هذا المجال .
وتنفيذاً لالتزام السودان الناتج من مصادقته علي اتفاقية حقوق الطفل المتمثل في إنشاء الهياكل الإدارية اللازمة لتنفيذ الاتفاقية، فقد صدر قانون المجلس القومي لرعاية الطفولة 1991 حيث يرتكز عمل المجلس بشكل أساس على التزامات السودان بالأحكام الواردة في الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بالطفولة التي صادقعليها والأهداف التنموية للألفية الثالثة،كما يرتكز بشكل أساس كذلك على المرجعيات الوطنية سالفة الذكر .كذلك حمي الدستور المرأة والطفل من العادات الضارة ([14])وأشار تحديدا الي حظر ختان الاناث في المادة (14) توفر الدولة الرعاية الصحية للأمومة والطفولة والحوامل عندما نص علي أن الدولة تحمي حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها السودان
ختان الإناث المفهوم والممارسة
يعدّ ختان الإناث ممارسةً متجذرّةً العمق في شرائح معينة وواسعة في المجتمع السوداني ، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببعض المجموعات العرقية المحددة في شمال ووسط السودان معوجودأقل في بقية الأرجاء .وكما هي الحال في عدة بلدان أخرى يمارس فيها الختان، يسود اعتقاد بأن هذا الأخير كفيل بالمحافظة على أخلاق الفتاة وعفتها وإخلاصها، ما يجعلها مؤهلةً للزواج([15])
وختان الإناث أو الخفاض حسب تعريف منظمة الصحة العالمية هو” أي عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي” ([16]) وهو بهذا الوصف تعدى على سلامة الجسد ، ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تنتهي بالموت ، كما وله مضار نفسية على المدى الطويل لذا فهو مخالف للحق في سلامة الجسد الذي هو حق طبيعي كفله الإسلام وكل المواثيق الدولية .
فبالرغم من الحق في سلامة الجسد يعد من أهم حقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية والقوانين الوضعية يمثل ختان الاناث المظهر الأكثر بروزاً في التعدي علي هذا الحق الأمر أثار جدلا واسعا في المجتمع وهي ممارسة في غاية الخطورة علي الحياة وسلامة الجسد .
يقع هذا الفعل على البنات ابتدأ من عمر العامين ، ما يشكل انتهاكا واضحاً لحقوق الطفل وما يترتب على هذه الممارسة البشعة من آثار صحية جسدية كالنزف والتلوث وللالتهابات المزمنة واضطرابات التبول والآلام المتعلقة بالولادة وبعد إجرائها والتعقيدات والمشاكل التي تعاني منها النساء المتزوجات ، وقد تؤدي كذلك للوفاة من جراء عملية أجريت لهن في سن الطفولة ؛ حيث إن هذه العملية ضارة بصحة الأم والطفل معا ، فضلا عن كونه أحد مسببات نقل مرض الايدز وآثار ونفسية على المدى البعيد والقريب تتمثل في الهلع والخوف الدائم للبنت من إجراء هذه العملية ، فضلا عن الأضرار الجنسية([17])
يمارس الختان او الخفاض (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية) بوصفه أحد الطقوس الثقافية أو الدينية في أكثر من سبع وعشرين دولة في أفريقيا([18]) ويوجد بأعداد أقل في آسيا وبقية مناطق الشرق الأوسط. .وبتجاوز عدد الإناث اللاتي أجريت لهم عملية الختان (125) مليونأنثى. مصر وإثيوبيا ونيجريا والسودان هي أكثر الدول التي تمتلك أعداد فتيات مختونات حول العالم. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت 6 فبراير “يوما عالميا لرفض ختان الإناث” Statement on the International Day Against Female Genital Mutilation. حيث تعد تلك العادة خطرا على صحة الفتيات والنساء ([19])
الجهود الدولية لدرء عادة ختان الإناث
صادق السودان علي العديد من المواثيق الدولية والإقليمية التي وفرت الحماية للأطفال من التعديات كافة، التي تقع عليهم عامة وعلي ممارسة ختان الإناث علي وجه التخصيص ، حيث قرر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في سنة 1948 في المادة الثالثة منه ” أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية ” . ثم جاءت المادة الخامسة منه لتنص علي أنه “لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية – بالكرامة كما نصت المادة (25 ) منه مؤكدة حقه في الصحة.
كذلك أقر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر في سنة 1966 مبادئ حماية حقوق الطفل الصحية حيث نصت المادة السابعة ” أنه لا يجوز إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة قاسية وغير إنسانية أو مهينة علي وجه الخصوص فإنه لا يجوز إخضاع أي فرد دون رضائه – للتجارب الطبية او المعملية وغيرها من المواثيق والصكوك الدولية ([20]).
.1.3اتفاقية حقوق الطفل
نصت اتفاقية حقوق الطفل للعام 1998 في المادة التاسعة منها علي منع أشكال العنف كافةأو الضرر أو الإساءة البدنية للطفل وتحريمها. عليه فإن ختان الإناث يعد تعذيبا ومعاملة قاسية لا يجوز تعريض الأنثى لها.
2.3 وثائق الأمم المتحدة
جاء في التوصية العامة رقم (14) في الدورة التاسعة للجمعية العامة للأمم المتحدة 1990 أن اللجنة المعنية بالقضاء علي التمييز ضد المرأة إذ يقلقها استمرار ممارسة ختان الإناث والممارسات التقليدية الأخرى التي تضر بصحة المرأة وعواقبه الوخيمة علي النساء والأطفال.. ([21])
وتوصي الدول الأطراف باتخاذ التدابير الملائمة والفعالة بغية القضاء علي ممارسة ختان الإناث وذلك عن طريق:
قيام جامعات أو جمعيات طبية وهيئات أخرى بجمع ونشر بيانات أساسية عن هذه الظاهرة .
تقديم الدعم علي الصعيدين الوطني والمحلي إلي التنظيمات النسائية التي تعمل علي القضاء علي ختان الإناث .
وأن تضمن السياسات الصحية الوطنية استراتيجيات ملائمة تهدف إلى القضاء علي ختان الإناث في الرعاية الصحية العامة ، وأن تطلب المساعدة والمعلومات المنشودة من مؤسسات منظومة الأمم المتحدة.
وكذلك التوصية رقم 24([22]) ، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم ( 165/59/2005 ) بشان العمل من أجل القضاء علي الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات باسم الشرف وذلك باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والبرامجية اللازمة .
الجهود الإقليمية
أقر الميثاق الإفريقي لحقوق الطفلحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي فقد جاءت المادة 21 /1 من الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته حيث تنص علي أن ” تتخذ الدول الأطراف كافة التدابير الملائمة للقضاء علي الأعراف والممارسات الاجتماعية والثقافية الضارة التي تؤثر علي رفاهية الطفل وكرامته ونموه العادي وتنميته.
جاء إعلان داكار حول دور البرلمانيين للقضاء على ختان الإناث 2005 حاضا رجال السلطة التشريعية علي ضرورة مناصرة التشريعات التي تحظر ختان الاناث
وكذلك نص الميثاق العربي لحقوق الإنسان حق الإنسان العربي دونما تمييز وقرر حماية الأسرة وحظر مختلف أشكال العنف داخلها
إعلان الرباط حول قضايا الطفولة في الدول الإسلامية للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي 2005 – 1426هـ والذي اصدر العديد من التوصيات حيث دعا المؤتمر في محور الصحة وفي مجال حماية الطفل من العنف والاستغلال إلي التالي :
التوصية رقم (10)” ندعو جميع الدول الأعضاء إلي اتخاذ الإجراءات الضرورية للقضاء علي جميع إشكال التمييز ضد الفتيات وعلي الممارسات التقليدية او العرفية الضارة مثل زواج الأطفال والخفاض وذلك في ضوء إعلان القاهرة بشأن الآليات القانونية لمنع تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وبرتوكول مابوتووسن التشريعات المناسبة ووضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات الوطنية لحماية الفتيات عند الحاجة “.
اعلان القاهرة
خرج المؤتمر بوثيقة “إعلان القاهرة للتشريع وختان الإناث عام 2008 حيث عقد اجتماعاً إقليمياً تحت عنوان “إعلان القاهرة +5″” والذي صدرت عنه توصيات عدة أهمها:
أن تطبق الحكومات، بالتشاور مع المجتمع المدني، تشريعات محددة بشأن ختان الإناث، وذلك بهدف تأكيد التزامها بمناهضة هذه الممارسة، وضمان حقوق المرأة والفتاة. كما يجب إدراج منع ممارسة ختان الإناث، في حالة إمكان ذلك سياسياً، ضمن التشريعات العامة والتي تتناول أيضا قضايا أخرى مثل: المساواة بين الجنسين / العنف ضد المرأة / الصحة الإنجابية للمرأة وحقوقها / حقوق الطفل.
استخدام القانون أحد مكونات المنهج المتعدد الجوانب لمناهضة ممارسة ختان الإناث. وفى الإطار القومي، فإنه من الضروري أن يكون نشاط المجتمع المدني والحكومات لرفع الوعى وتغيير السلوك نحو ختان الإناث سابقاً للتشريعات أو مصاحباً لها . كما يتعين أن توجه تلك الأنشطة إلى الشعب وتشمل المسؤولين المنتخبين ومسؤوليالحكومة وأعضاء المجتمع المدني، بما في ذلك قادة المجتمع، والقادة الدينيين ومقدمي الخدمة الصحية والمدرسين، والشباب، والأخصائيين الاجتماعيين، وجميع وسائل الإعلام بما في ذلك الإعلام عبر الإنترنت. وعلى وجه الخصوص، يتعين استهداف الرجال وأعضاء الأسرة بما فيهم الجدات والحموات. كما أن تتنوع الأنشطة طبقاً لإمكانات كل دولة بحيث تشمل اللقاءات المجتمعية، ووسائل الإعلام مثل الإذاعة والمسرح. .
جهود السودان قي التصدي لختان الاناث
بذل السودان جهودا في التصدي لظاهرة ختان الإناث شأنه شأن العديد من الأقطار العربية والإفريقية كالسنغال ([23])
كما تعلمون فقد صادق السودان علي معظم الصكوك الدولية ذات العلاقة بالطفل في مجال الصحة النفسية والجسدية ومن بينها قضية الختان كما شارك في العديد من النشاطات الدولية والاقليمية في هذا الصدد منها علي سبيل المثال والوفاء بالتزامات السودان الدولية الإقليمية كالأهداف التنموية للألفية الثالثة ، إعلان ومنهاج عمل بكين ، اتفاقية الحقوق الطفل ([24])، إعلان الأمم المتحدة رقم ( ٥١ ) الخاص بالعنف ضد الطفلة ،الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته المادة (٢١) . إعلان داكار حول دور البرلمانيين للقضاء علي ختان الإناث ٢٠٠٥م.، إعلان الرباط حول قضايا الطفولة في العالم الإسلامي الصادر عن المؤتمر الإسلامي الأول للوزراء المكلفين بالطفولة نوفمبر ٢٠٠٥م. إعلان الخرطوم الصادر عن المؤتمر الإسلامي الثاني للوزراء المكلفين بالطفولة : الخرطوم -جمهورية السودان : ٢ــ ٣ فبراير ٢٠٠٩ .
1.5 تقارير السودان أمام لجنة حقوق الإنسان
في التقرير رقم (3) الذي قدمه السودان في 26 يونيه 2006م الي لجنة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعروفة بلجنة (لجنة حقوق الإنسان)([25]) حيث ورد في مجال الرد علي الملاحظات الختامية التي ابدتها لجنة حقوق الإنسان بشأن التقرير الثاني في الفقرة (14) ما يلي من تقرير السودان حيث ورد فيه أن
” ” ختان الإناث من الموروثات والعادات الضاربة الجذور في المجتمع السوداني ويصنفهالقانون الجنائي السوداني من الجراح العمد ، التي يعاقب مرتكبوها بالسجن والغرامة دون المساس بالحق في الدية المنصوص عليه في المادة (139) من القانون ، وقد تصلعقوبة ختان الإناث إلي حد الحكم بالإعدام ، كما تنص عليه المادة (130) من ذات القانون الجنائي للعام 1991 “([26])“
وأضاف التقرير ([27]) أنه ” من المصاعب التي واجهت تطبيق القانون علي مرتكبي تلك الممارسة ، حدوثها بعيداعن أعين السلطات ووقوعها علي أطفال صغار برضاء أولياء أمورهم ، … وقد بذلت الحكومة التي تنظيم حملات توعية قومية لبث الوعي بإضرار تلك الظاهرة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف ومنظمات رعاية الطفولة البريطانية والأمريكيةوجمعية محاربة العادات الضارة … وعلي سبيل المثال فقد عقدت الأمانة العامة للمجلس القومي للسكان منتدى حوار يهدف إلي وضع قانون مستقل لمحاربة ختانالإناث بالتعاون مع منظمة اليونيسيف . وأوصي ذلك المنتدى بوضع قانون مستقل لمحاربة نلك الظاهرة ويتوقع ان توضع تلك التوصيات موضع التنفيذ قريبا ” انتهي التقرير . كما أشار ذات التقرير في الفقرة (157 ) منه في إطار جهوده لمكافحة الختان إلي ان ” الحكومة ممثلة في المجلس الطبي السوداني اصدرت قرارا يمنع الأطباء في السودان من ممارسة عمليات ختان الإناث ، كما قامت الدولة بتمويل العديد من حملات التوعية بمضار ختان الإناث “
وجاء في الفقرة( 158) من ذات التقرير انه ” وعلي المستوي الديني ، أصدر مجلس الإفتاء الشرعي فتوي شرعية ، حرم بموجبها الختان الفرعوني الذي يمثل أسوأ أنواع ختان الأنثى “([28])
2.5 السياسية القومية للسكان
صدرت بقرار مجلس الوزراء السوداني رقم ( 48 )للعام 2002 م والتي ورد بها ” أن الدراسات المتوافرة عن ممارسة العادات الضارة قد أكدت العلاقة بين ختان الإناث ومضاعفات الحمل والولادة ، وبالرغم من الجهود المبذولة لختان الإناث إلا أن الظاهرة منتشرة وتمارس علي ما يفوق ال 80% من الإناث بالسودان .
وقد تبنت الدولة الاستراتيجية القومية لختان الإناث (2008-2018) بالشراكة مع المنظمات المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة وناشطات لمناهضة العنف ضد المرأة والطفل وتصادق الدولة كذلك على المواثيق الدولية والاتفاقات الإقليمية التي تعمل على حماية حقوق الطفل ليأتي التزام السودان بالأمومة الآمنة.
القسم الثاني : شروط أداء القانون لدوره في درء العادات والتقاليد
شروط أداء القانون لدورة في درء ختان الإناث ﻳﻨﻈﺮاﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ من عدة جوانب سواء من حيث محتواها المادي أو من حيث طبيعة الجهة التي وضعتها (الجانب العضوي أو من حيث الغاية …. الخ، هذا ويعد الجانب المرتبط بالوظيفة المنوطة بها أهم زاوية تحلل خلالها القاعدة القانونية ، إذ إن القانون علي عكس ما يذهب إليه البعض لا يعكس دوما الواقع الاجتماعي في مختلف جوانبه ، بل كثيرا ما يطلب منه إعادة هيكلة بعض أنماط السلوكالاجتماعية وإعادة ترتيب الأولويات وغيرها من القيم الاجتماعية ، فيطلب من القانون إعداد تصورات جديدة لأنماط سلوكيتعين إرساؤها في المجتمع ،كما ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻰ حظر وﻣﻨﻊ ﺗﺼﺮﻓﺎت سالبة اﻋﺘﺎد الأﻓﺮاد ﻋﻠﻴﻬﺎ. فلم يعد القانون يعكس ما هو موجود في الميدان الاجتماعي ، بل ينشئ ويخلق ما هو غير موجود وما قد يكون بعيدا عن الواقع الاجتماعي.
وقد ادي التطور الذي عرفه المجتمع في مختلف المجالات إلى استبعاد الأنماط القديمة لإنتاج القانون والمتمثلة في الأعراف والتقاليد واستبدالها بآلية التشريع الوضعي اﻟﺼﺎدرﻋﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ.ليس هذا فحسب وإنما أضحي للقانون دورٌ رياديٌّتجاوز به الأدوار التقليدية التي كان يسدها ، فأضحي القانون عنصرا فاعلا من عناصر تحقيق التنمية في مفهومها الشامل(الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .. الخ ) ، لا ينفصل عنها وذلك من خلال أداء أدوار إيجابية جديدة حيث يبادر إلى التنبؤ بالظواهر السالبة قبل وقوعها والعمل على التصدي لها بالمعالجة ، بعد أن كان القانون التقليدي يتخذ موقفا سلبيا بعدم التدخل في حركة المجتمع إلا رد فعل لسلوك محدد ومعين ، حيث يبادر القانون – بالفهم الحديث- إلى استشراف حل المشكلات قبل إفراز آثارها السالبة بالتدخل وفرض أساليب معالجة القصور المجتمعي في شتي مناحي الحياة قبل أن يظهر هذا القصور إلىالواقع المعاش فيأي صورة من الصور ، ولقد أدي الطابع المعقد والمركب للنشاطات الحكومية التي تتولاها السلطة العامة في الدولة إلى تكييف القاعدة القانونية من حيث محتواها ، ومن حيث شكلها ومن حيث دورها ، لكي تتمكن من تسخيرها لتحقيق مختلف البرامج المسطرة وتجسيد الأهداف التنموية المرسومة .
وعلي هذا الأساس تعد القاعدة القانونية وسيلة للحكم وآلة لتجسيد وتحقيق غرض الوظيفة الحكومية وآلة لتحقيق التنمية بمفهومها الكلي ، ﻓﺴﻮاء الهيئة اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ أو الهيئة اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ،ﺗﻜﺎد ﺗﺤﺘﻜﺮ وظيفة التشريع وﺻﻨﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ.
نستطيع من خلال دراسة كتابات الباحثين في مجال توظيف القانون من أجل التنمية، ومن خلال واقع القانون في الدول النامية أن نقرر أن هناك عدداً من الشروط التي يتعين توافرها حتى نستطيع أن نضع تشريعاً قادراً على توجيه السلوك المتمثل في التخلي عن العادات والتقاليد الضارة الراسخة والضاربة بجذورها في عمق المجتمع (ويمثل ختان الإناث مثل حيوي علي ذلك) نحو سلوك يدعم التوجه الإيجابي للمجتمع لوأد تلك الظاهرة وليدة العادات والتقاليد غير المرتبطة بالدين كما يزعم البعض بغير حق ، قانون يراعي في تجريم ممارسة تجريم ختان الاناث طبيعة الفعل الخاصة المتمثلة في أن الجناة هم أقرباء المجني عليه علاوة علي انتفاء سوء النية لديهم إلي حد ما ([29]):
فإذا كنا بصدد قانون فعال يسهم في وأد هذه العادة فإنه تتعين المناداة بضرورة توافر عناصر عديدة يمكن إجمالها في ضرورة إجراء الدراسة الدقيقة للمجتمع ، ثم توافر قدرة الدولة علي تنفيذ القانون (إصدارا وتطبيقا ) من ناحية ، وقدرة المواطن علي طاعة القانون كما يتعين العمل على سد الثغرات أمام فرص التلاعب بالقانون . وسوف أتناول هذه الشروط ببعض التفصيل كما يلي:
1.6 الدراسة الدقيقة الشاملة للمجتمع:
لا يجوز الإقدام على وضع تشريع يستهدف تغيير الأوضاع والسلوك في مجتمع ما بهدف تجاوز هذه العادة المتجذرة في المجتمع فيه إلا بعد إجراء دراسة دقيقة وشاملة لكل ظروف وطبيعة إنسان هذا المجتمع والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والجغرافية الخاصة بهذا المجتمعبالذات. بل والظروف الدولية المحيطة بهذا المجتمع أيضاً ، مع تكثيف الدراسة بصفة خاصة على الجماعة المخاطبة بالقانون في القري والحضر بالذات إذا ما كان القانون خاصاً بجماعة بعينها في داخل المجتمع مثل بعض الأطباء أو الممرضين والقابلات، والكثير من ….والجدات ، وبعض رجال الدين الإسلامي ، وغيرها من الفئات الداعمة لعملية الختان. وتكون عملية وضع التشريع تالية لتلك الدراسة بحيث يوضع على نحو يمكنه من تحقيق هدفه في ضوء الظروف الحقيقية لمجتمعه بالذات ، ولا يسعف في هذا الحال نقل القانون من دولة إلى أخرى ما لم يثبت توافق ذلك القانون تماماً مع ظروف الدولة المنقول إليها ولا يجوز أيضاً تصور إمكان نقل قانون ناجح من دولة إلى دولة أخرى استناداً إلى تماثل الدولتين في بعض الصفات، ذلك أن الاتحاد في تلك الصفات لا يحول دون التباين الكامل في الظروف الواقعية لكلتا الدولتين في الكثير من الحالات([30]).
ولا شك أن عملية استيراد القوانين سواء من الدول المتقدمة أو من دول متخلفة أخرى هي التي أدت إلى تحول تلك القوانين في العديد من الدول المختلفة إلى مجرد قوانين شكلية غير قابلة للتنفيذ وغير قادرة على أحدث أي لون من ألوان التغيير الحقيقي لأوضاع المجتمع وقيادتها نحو التنمية([31]).
2.6 مواجهة القانون للأسباب الجذرية لختان الاناث :
حتى يتسنى للقانون أن يسهم في عملية وأد هذه العادة فإنه لا يجوز أن يتجه إلى مجرد محاولة التغلب على ظاهرة الختان التي تبدو على سطح المجتمع وإنما يتعين تعرف العوامل أو المسببات الجذرية لمظاهر الختان ثم العمل على توجيه القانون نحو التغلب على تلك العوامل أو المسببات في توقف بذلك المصدر الأصلي الذي يبعث في المجتمع المظهر وتلاشيه([32])
وهكذا فإنه يتعين على القانون أن يتجه أساساً إلى التغلب على تلك المسببات الجذرية التي تحول دون إقلاع المجتمع عن هذه الممارسة حيث يعزي البعض تمسكه بعادة الختان إلى أسباب دينية كما سبق أن أوضحنا ويري جانب آخر منهم أن ختان الإناث يعمل علي المحافظة علي عفتهن وشرفهن ، وهنا يظهر تكامل الأدوار بين علم الاجتماع الذي يتكفل بتحديد جذور المشكلة بدراسة المجتمعات المحلية وتحدي ميولها واتجاهاتها والعمل علي تعديل المفاهيم الخاطئة، من ناحية وبين منظمات المجتمع المدني التي تعمل علي تنوير المجتمع حول مضار تلك الممارسات من ناحية ثانية وفق خطة استراتيجية تضعها الدولة من ناحية ثالثة.ومن هنا لابد من وجود قدر كبير من التنسيق والتفاعل بين القطاعات القانونية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني تحت مظلة الجهد الحكومي .
3.6 إمكانية إطاعة القانون:
يتعين في القانون الرامي إلى إحداث تغيير أوضاع المجتمع نحو تحقيق وأد الختان أن يكون بإمكان المخاطب بحكمه أن يمتثل له بأن لا يضعه القانون في وضع لا يمكن احتماله أو يفرض عليه وضعاً لا تتوافر إمكانيات تحقيقه. فالقانون الذي يرمي إلى محاربة الظاهرة لا يمكن أن يحقق هدفه بمجرد تقرير عقوبة جنائية عن ارتكاب فعل الختان ذلك أن الممارس لفعل الختان له مبرراته التي يسند بعضها إلى الدين والبعض الآخر إلى العادة والتقليد ومظاهر الشرف وصون عفة المختونة وما شاكل ذلك لا يمكنه إطاعة هذا القانون حيث تضعه تلك الطاعة في وضع اجتماعي لا يمكنه هو او هي أو أسرته احتماله من خلال الوصمة التي يطلقها المجتمع علي الفتاه غير المختونة([33]).
4.6 قدرة السلطة على تنفيذ القانون:
حين تضع الدولة قانوناً هادفاً لتغيير الأوضاع تحقيقاً للتنمية فإن تحقيق هذا الهدف لا يتأتى إلا إذا توافرلسلطة الدولة إمكان تنفيذ هذا القانون أو فرض الالتزام بحكمه ، فالدولة حين تصدر تشريعاً لفرض الالتزام على الجميع بحظر ممارسة عادة الختان بكل أشكاله بهدف حماية الحق في الحياة وتحقيق أقصي قدر من الحماية الصحية في المجتمع ، فإن ذلك الهدف لن يتحقق إذا لم يكن لدى الدولة الإمكانات اللازمة لتوفير آليات الرقابة المزودة بالإمكانات المادية والبشرية المدربة والمحفزة جيدا وقبل كل ذلك لابد من تهيئة البيئة المناسبة بالعمل علي تعديل المفاهيم الخاطئة في المجتمع والسعي لخلق رأي عام غالب ومؤيد لفكرة درء الختان حيث تتوافر القناعة المجتمعية بضرورة اطاعة القانون كما سيلي ([34]).
5.6 تقدير المخاطب بالقانون لمصلحته في إطاعته([35]):
عادة ما بفرض القانون الهادف إلى تغيير الأوضاع وتحقيق التنمية (قانون حظر الختان علي سبيل المثال) تغييراً في السلوك أو سلوكاً جديداً من جانب الفرد العادي أو سلطة الدولة ، ويكون المخاطب بحكم هذا القانون بين خيارين هما أن يطبع هذا القانون أو أن لا يطيعه ويتحقق هدف القانون إذا قرر المخاطب إطاعة حكمه ولا يتحقق هذا الهدف في الحالة العكسية. وحين يقرر المخاطب بالقانون إطاعته أو عدم إطاعته فإنه يقوم بحساب المزايا التي تعود عليه والخسائر أو التضحيات التي يتكبدها في حالة الطاعة وفي حالة عدم الطاعة ويقرر إطاعة القانون إذا تبين له أن مصلحته تتحقق في حالة الطاعة نظرا لأن مزاياها ستكون أكثر من خسائرها ، ويقرر عدم الطاعة في الحالة العكسية.
1.5.6التقدير الخاص بالقانون:
وتقدير المخاطب بالقانون لمصلحته في الطاعة تشتمل على:
تقييمه للعقوبات التي يقررها القانون لمخالفته أو التضحيات التي يفرضها وتقييمه أيضاً للفوائد التي يقدمها القانون لمن يمتثل لحكمه . ويختلف تقييم العقوبات والتضحيات والفوائد من مخاطب إلى آخر فعقوبة الغرامة التي تقدر بعشرة آلاف جنيه مثلاً قد تعد رادعاً مخيفاً لشخص فقير في حين أنها لا تمثل رادعاً كافياً لشخص غني.ولا يتوقف حساب المخاطب بالقانون لمصلحته في ضوء العقوبات والتضحيات والمثوبات التي يقررها القانون على مجرد ما ينص عليه القانون.
وإنما يدخل في حسابه دائماً قدرة السلطة الفعلية في التحقيق الفعلي لتلك العقوبات أو تلك المثوبات ، وهو في ذلك يقدر تلك القدرة بتجربته الشخصية وبتجارب الآخرين وبالتاريخ السابق وبالسمعة السائدة عن السلطة القائمة على تنفيذ القانون.
فالمواطنة التي تعلم بأن هناك قانونا يقرر عقوبة جنائية عن ارتكاب الختان قد تجد أن مصلحتها تتحقق بارتكاب فعل الختان لأنه رغماً عن علمها بالعقوبة الجنائية لأنها قد قدرت أن السلطة لن تكتشف فعلتها، ليس هذا فحسب، وإنما قد لا توقع عليها العقوبة([36])إنكشفت فعلتها ، ثم إن هناك عديد العوامل التي تصعب من مهمة الجهاز التنفيذي في اكتشاف الفعل ومطاردة الجناة لانعدام الآليات الملائمة لذلك ، وعجز الجهاز القضائي في توقيع العقاب للطبيعة الخاصة للفعل كما سبق أن أوضحنا .
لان الجريمة قد ترتكب في خفاء وتكتم بتواطؤ من أفراد الأسرة أو العائلة .
2،5،6 التقدير الخاص بالوسط الاجتماعي:
وحين يقوم المخاطب بحكم القانون بحساب مصلحته فإنه لا يدخل في تقديره مجرد العقوبات والمثوبات التي يقررها القانون للمخاطب وإنما يدخل في تقديره أيضاً العقوبات والمثوبات التي يفرضها الوسط الاجتماعي المحيط للامتثال وعدم الامتثال لحكم هذا القانون. وفي بعض الأحيان تكون العقوبات والمثوبات التي يفرضها المحيط الاجتماعي موجهة نحو إحداث سلوك اجتماعي مناقض للسلوك الذي يتطلبه القانون ، فالوصمة التي توصم بها غير المختونة تكون أحيانا لدي البعض أشد من أي عقوبة جنائية يمكن أن توقع عليها . ، فهذه التقديرات يتعين علي واضعي القانون مراعاتها([37]) وهنا نعود إلي أهمية خلق البيئة المناسبة وتهيئة الأجواء قبل إصدار التشريع وهنا نشير إلي ضرورة الاسترشاد بتجارب الدول النظيرة لنا سواء علي المستوي الأفريقي أو المستوي العربي ، مع مراعاة عدم النقل الحرفي
وقد تصدر العقوبات والمثوبات النابعة من المحيط الاجتماعي من داخل الجماعة التي ينتمي إليها المخاطب بحكم القانون ذاته ، حيث يمكن أن يواجه الشخص المنتمي إلى عائلة أو عشيرة معينة بعقاب اجتماعي من عائلته أو عشيرته في حالة التزامه بحكم القانون الذي يوجب الابتعاد عن الختان ، ويحصل على استحسان وتعاطف كبير من جانب عائلته أو عشيرته في حالة مخالفته لهذا القانون لصالح أفراد تلك العائلة أو العشيرة.وقد يواجه المخاطب بالقانونبعقاب اجتماعي من جانب مجتمعه التي ينتمي إليه في حالة التزامه بحكم القانون الذي يوجب عدم الختان، (كالاعتقاد الملازم للبعض بان غير المختونة قد تقل فرصها في الزواج بأن لا تجد لها زوجاً في المستقبل)
3.5.6 التقدير الخاص بالالتزام الفكري أوالعقدي:
لا يقيم المخاطب بحكم القانون مصلحته في إطاعة القانون بالموازنة بين العقوبات والمثوبات التي يقررها القانون والتي يقررها محيطه الاجتماعي فقط ،وإنما يدخل في تلك الموازنة العقوبات والمثوبات التي يفرضها التزامه الفكري أو العقيدي أو الديني ، فالقانون قد يقيم نظاماً يحظر الختان ويزوده بقدر كبير من المثوبات أو الحوافز يتمثل في دعم الدولة للأسر الممتنعة عن ممارستها ماديا ومعنويا علي سبيل المثال وتوفير المزايا لها ، وفقاً لهذا النظام ، ولكن المخاطب بحكم هذا النظام قد لا يستجيب له نظراً لأن التزامه الديني يتضمن عقابا للختان بحسبانه نوعاً من الأشياء غير المحظورة دينياً ليس هذا فحسب بل ويثاب الفاعل دينيا علي إجراء ختان الإناث، وعلى العكس فإن القانون قد يقيم نظاماً للمساعدة الاجتماعية للفقراء ولا يقرر أية مزايا لقاء الإسهام في ذلك النظام ولكن القانون يلقى تجاوباً كبيراً من الأفراد الملتزمين دينياً نظراً لما يقدمه التزامهم الديني من مثوبات لقاء الإسهام في مثل ذلك النظام.
ويختلف أثر العقوبات والمثوبات الناتجة عن اللالتزام الفكري أو العقيدي أو الديني باختلاف درجة ذلك الالتزام وشيوعه حيث يمكن أن يبلغ في بعض الأحوال إلى درجة من القوة والشيوع إلى حد يلغي كل أثر للعقوبات والمثوبات التي يقررها القانون في صدد موضوعات معينة (ختان الإناث) في القرى والمناطق الريفية وأطراف المدن مثلا ، في حين أن ذلك الالتزام قد يتدنى في بعض الأوقات أو الأماكن إلى درجة لا تشكل مثوباته أو عقوباته أي أثر في حسابات المخاطب بحكم القانون أو أن تشكل مجرد قيمة ثانوية قليلة الأهمية كبعض المدن([38])
تجميع التقديرات وأهمية مراعاة القيم الأصلية في المجتمع:
وترتيباً على ما تقدم فإن واضعي القانون الرامي إلى إيجاد أوضاع جديدة تهدف إلى تحقيق حظر ختان الإناث ، عليهم أن يقرروا قيمة العقوبات والمثوبات التي يفرضها المحيط الاجتماعي والتي يفرضها الالتزام الفكري أو العقيدي أو الديني على المخاطب بحكم القانون وأن يقدروا تلك العقوبات والمثوبات، لا من وجهة نظرهم هم-المشرعين- وإنما من وجهة النظر الحقيقية لذات المخاطبين بحكم القانون ذلك أن بعض تلك العقوبات أو المثوبات قد لا تشكل أية قيمة في اعتقاد واضع القانون في حين أنها قد تشكل قيمة لا تعادلها قيمة أخرى لدى المخاطب بحكم القانون.
وحيث يتوافر لدى واضعي التشريع التقييم الصحيح لتقدير المخاطبين بحكم هذا التشريع لمحصلة العقوبات والمثوبات الناتجة عن محيطهم الاجتماعي والتزامهم الفكري أو العقيدي أو الديني ، فإنهم يزودون تشريعهم بالقدر المناسب من العقوبات والمثوبات التي تؤكد أن حسابات المخاطب بالتشريع ستسفر عن تيقنه بتحقق مصلحته بإطاعته لهذا التشريع نظراً لزيادة جملة المثوبات التي ستتحقق له عن جملة التضحيات التي سيتحملها في حالة طاعته لهذا التشريع. وهذا لا يتحقق إلا بالعمل الجاد والممنهج والاستراتيجي في مجال التوعية بمضار هذه العادة ، وهو ما يلقي علي عاتق الفاعلين عبئا ثقيلا في النشر والتنوير والتبصير الإيجابي – العلمي والاجتماعي والديني – في المجتمعات المخاطبة بالقانون ([39]).
وهكذا فإنه كلما كانت العقوبات والمثوبات الناتجة عن المحيط الاجتماعي والالتزام الفكري أو العقيدي أو الديني كبيرة القدر وموجهة للسلوك نحو اتجاه متوافق مع ما يرمي إليه التشريع كلما قلت حاجة ذلك التشريع إلى تزويده بالعقوبات والمثوبات وكلما توافر اليقين بتجاوب المخاطبين مع حكم التشريع ومن ثم تحقيقه للهدف المقصود منه ، ولذا فإن التشريع الناجح في مجال التنمية هو التشريع الذي يتحقق فيه التجاوب مع القيم الإيجابية الأصلية في المجتمع والقيم الفكرية والعقيدية والدينية الإيجابية لدى المخاطبين بحكم القانون.
حيث يضمن بذلك الامتثال الطوعي للمخاطبين لتحقيق أهداف التشريع باستخدام أقل من قوة الإجبار وباستخدام أدنى قدر من الإمكانات المادية اللازمة لتوفير المثوبات وفي ذلك تقرر وثيقة صادرة عن قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية الدولية للأمم المتحدة ” أن هناك أمراًمهماً في الدول النامية وهو الحاجة إلى البناء على الأسس الاجتماعية والثقافية الموجودة بالفعل فيها ، فعبر القرون كونت العديد من الدول النامية نظماً اجتماعية أثبتت استقرارها وإمكان الاعتماد عليها وفائدتها الكبرى للمواطنين ، وهذه النظم التي من أمثلتها الأسر الممتدة والحكم الذاتي المحلي من خلال المجالس القبلية وكبار القرية وأساليب الأمن الاجتماعي الأهلي لكبار السن والمعاقين ، يجب أن تدعم وتقوى. وقد حدثت معاناة من محاولات غير سليمة لإدخال أنظمة منقولة من الخارج للمعونة الاجتماعية فلم تثبت هذه المحاولات عدم جدواها وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها بل أنها أدت إلى توليد معارضة لكل إجراءات التنمية المستجلبة من الخارج. فلابد من حسن توظيف تلك الآليات في النضال ضد عادة الختان”([40])
ومن ناحية أخرى فإن المشرع حين يتجه إلى إصدار قانون يرمي إلى مقاومة إحدى الممارسات السلبية في المجتمع التي يدفع المخاطب بحكم القانون إلى التمسك بها بحكم قدر كبير من العقوبات والمثوبات الصادرة من المحيط الاجتماعي ،أو من فهمه لالتزامه الفكري أو العقيدي فإن هذا القانون يتعين أن يزود بقدر كبير من العقوبات أو المثوبات على نحو ترجع معه مصلحة المخاطب بالقانون في حالة امتثاله له ما يحقق له من مصلحة في حالة مخالفته ، وتوضيحا لذلك إن المشرع إذا أراد أن يقاوم ظاهرة الختان فإنه سيواجه بعقوبات ومثوبات كبيرة نابعة من المحيط الاجتماعي تدفع المخاطب بحكم القانون الرامي إلى محاربة أي من هاتين الظاهرتين إلى عدم الامتثال لحكم هذا القانون ، وهنا يتعين أن يزود القانون بقدر من العقوبات الجسيمة وبأساليب فعالة للكشف عن وقوع الفعل وتوقيع العقوبة عنه على نحو يجعل مصلحة المخاطب في أن يمتنع عن ارتكاب هذا الفعل راجحة على مصلحته في ارتكابه.
سد الثغرات أمام فرص التلاعب بالقانون:
قد يوضع التشريع أصلاً من أجل تحقيق هدف مهم من أهداف تنمية المجتمع،ولكن ثغرات معينة فيه قد تفتح المجال للتلاعب به لتحقيق مصالح خاصة معينة والحيلولة دون تحقق الهدف الأصلي الذي وضع من أجله.
فقد يوضع تشريع معين لتشجيع عموم المواطنين على عدم ممارسة عادة الختان بهدف تحقيق التنمية البشرية وضمان السلامة الصحية وتقليل نسب وفيات الأطفال والأمهات وضمان التنشئة الصحية السليمة ، وغيرها من الأهداف المحققة للتنمية ، ولكن ذلك التشريع قد يتضمن ثغرة في نصوصه أو في أساليب الرقابة على تنفيذه على نحو يسمح لفئات قليلة من بعض الأطباء أو القابلات وهن يمارسن هذا الممارسة ، او بعض المجتمعات علي ممارسة هذه العادة.
لذلك فإن واضعيالتشريعات الرامية لتحقيق حظر هذه العادة يتعين أن يراعوا الدقة في وضع تلك التشريعات ، ووضع الضوابط التي تكفل تنفيذ القانون على النحو الذي يحقق هدفه التنموي دون إمكان التلاعب به ، وذلك مع ملاحظة التغلب على الدور الكبير الذي تلعبه مظاهر الفساد الإداري في التمكين من القيام بمختلف أساليب التلاعب بالقانون(*) مع ملاحظة أن ختان الإناث في الغالب الأعم يقع علي طفلة مفتقدة لعنصر الإدراك ، وان من يشرف علي الممارسة هو من الأقرباء او الأوصياء القانونين ، فضلا عن حسن النية المحيط بالمسألة .
خلق الحافز الإيجابي لتنفيذ القانون
ساد الاعتقاد زمنا لدي الكثير من المخاطبين بالقواعد القانونية أنها تفرض العقاب علي من يخالف أحكامها ، وقد نسوا ونسي أيضا معهم بعض المشرعين ، فالقانون بقدر حرصه علي ضمان حسن تنفيذه من خلال ربطه بعنصر الجزاء ، يحرص بذات الوقت علي إثابة من يلتزم لخلق الدافع للآخرين وصنع الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة ولست الآن في مقام حصر هذا المثوبات بقدر حرصي علي غرس الفكرة في ذهن المشرع السوداني ، خاصة إذا ما كان الامتناع ذو صبغة جماعية كما في بعض المجتمعات الصغيرة كالقرى والمدن الطرفية حيث تنتشر الظاهرة علي سبيل .
الإعلام بالقانون:
إن استخدام القانون للإسهام في درء العادة يفترض احتواء ذلك القانون على توجيه العاملين بالدولة والمواطنين العاديين نحو سلوك جديد يتعين عليهم الالتزام به ، ولكن إتباع هذا السلوك لن يتحقق بصورة سليمة ما لم يتم إعلام المخاطبين كافة بحكم هذا القانون بصورة مؤكدة ودقيقة بالسلوك المطلوب منهم.
وفي الدول المتقدمة تقوم الدولة بنشر القانون في الجريدة الرسمية ([41]) ويتبع ذلك النشر فوراً نشر متتابع من جانب العديد من دور النشر والهيئات القانونية والعلمية التي تقوم بنشر القوانين على نطاق واسع جداً على كل القانونيين والمعنيين بالأمر ونشر الأحكام القضائية ذات العلاقة بالقانون ، وإصدار فهارس تبين القوانين والأحكام الصادرة في كل موضوع حتى أحدث وقت. وفي ذات الوقت فإن إصدار التشريعات – في تلك الدول – عادة ما يسبقه طرح لمشروعاتها في وسائل الإعلام وتبادل الرأي حولها على نطاق واسع بواسطة الرأي العام ومختلف جماعات المصالح المعنية بالأمر سيما المجتمع المدني على نحو يتيح أوسع فرصة ممكنة للمخاطبين بحكم القانون أن يعلموا بما يتطلبه هذا القانون من التزامات سلوكية مفروضة عليهم ، خاصة مع ما يقترن مع ما سبق من ارتفاع مستوى التعليم في تلك الدول والقدرة الواسعة للمواطنين على حيازة وسائل الإعلام.
ولكن الوضع القائم في الدول المتخلفة يتميز بالضعف الشديد في مجال الإعلام بالقانون ، فالدستور أو التشريع قد يسمح بنفاذ التشريع من وقت التصديق عليه من جانب السلطة المختصة وقبل النشر فتصدر بذلك تشريعات وتصبح نافذة دون أن يعلم عنها شيء حتى من جانب أكثر المتخصصين بل ومن جانب المحاكم ذاتها كما في بعض الحالات([42]).
وقد يتطلب الدستور أو التشريع لنفاذ التشريع في الدول المتخلفة أن يتم نشره في الجريدة الرسمية فيقتصر النشر على تلك الجريدة أو على عدد محدود جداً من الدوريات المتخصصة بالإضافة إليها ، وتكون وسائل النشر لما يصدر من لوائح ونشرات تفصيلية لتلك التشريعات وما يصدر من أحكام قضائية متعلقة بها غاية في الضعف ومتأخرة جداً بحيث يكون العلم بالقانون وكيفية تطبيقه عسيراً جداً ومتأخراً جداً بالنسبة للمتخصصين في مجال القانون ويصبح منعدماً تقريباً بالنسبة لعموم المواطنين خاصة مع انتشار الأمية وضعف الوعي بالقانون وصدور معظم القوانين دون مناقشات علنية مسبقة يسمح فيها صوت الرأي العام أو الطوائف المخاطبة بحكم القانون ، ويضاعف من سوء الاعلام بالقانون كثرة الجهات المصدرة للقوانين واللوائح وتوالي التعديل والإلغاء على فترات متقاربة ([43]) وبناء على ما تقدم فإن الكثير من القوانين قد تصدر ولا يعلم هؤلاء المواطنين عنها شيئاً ، ، ومن ثم لا تتحقق الاستجابة لتلك القوانين ولا تتحقق بالتالي الأهداف التي ترمي إليها . يضاف إلي ما تقدم أن جهل الناس بالقانون يجعل أمر تفسيره وتطبيقه في كثير من الأحيان في يد بيروقراطية غير مؤهلة من الناحية القانونية ، ويشوبها الفساد في أحيان كثيرة فتوجه التشريعات التي قصد منها أصلاً أحداث أي لون من ألوان التنمية نحو التربح غير المشروع للبيروقراطية والعناصر المستغلة المرتبطة بها.
وترتيباً على ما تقدم فإن إحداث الأثر المقصود من القوانين الرامية إلى تحقيق التنمية في الدول المتخلفة يتطلب توفير قدر مناسب من الإعلام بإحكامها على نحو يتناسب مع ظروف المجتمعات المتخلفة وما يسود فيها من أمية وضعف في الوعي بالقانون ، وضعف في القدرة على حيازة وسائل الإعلام ويتطلب ذلك أولاً أن تستبعد كلياً فكرة نفاذ القانون قبل نشره، وأن تعدل القواعد الخاصة بنشر مختلف القواعد القانونية بحيث لا يجوز أن يقتصر النشر على الجريدة الرسمية وإنما يتعين نشر نصوص القوانين كاملة في الصحف اليومية كافة ، يضاف إلى ما تقدم أنه في سبيل كفالة الإعلام المناسب بالقوانين المتعلقة بالتنمية فإنه يمكن استخدام الإعلام الكثيف والواضح والمبسط عن طريق الإذاعة والتلفزيون وعن طريق مخاطبة أجهزة الإدارة للمواطنين بما يعنيهم من القوانين وعن طريق الوحدات القاعدية للأحزاب والتنظيمات الشعبية والتجمعات النقابية والتعاونية ، ويمكن للدولة في ذلك الصدد أيضاً أن تعتمد على الجهد الطوعي للمؤسسات الدينية والمدنية والاجتماعية ، على أن يقترن ذلك بالطبع بتزويد كل تلك الهيئات الوسيطة أولاً بأول بالتشريعات وما يرتبط بها من لوائح وأحكام قضائية.
الخاتمة
في ختام هذه الدراسة يتعين علي إن أشير إلي المستخلصات التالية :
علي الصعيد الدولي بذلت الدولة السودانية جهودا كبيره في التفاعل الإيجابي مع الجهود الدولية لحظر ختان الإناث ولعل التقارير التي رفعتها لجنة حقوق الإنسان تؤكد ذلك . ليس هذا فحسب بل التزم أحد التقارير بإصدار قانون يحظر ختان الإناث
علي المستوي الوطني أجاز الجهاز التنفيذ العديد من السياسات والخطط والبرامج والتي سبقت الإشارة إليها في هامش الصفحة (5) من هذه الدراسة ، والشراكات التي أبرمها مع المنظمات الدولية الحكومية والمستقلة من أجل درء هذه العادة ما يعطي إشارة قوية علي رغبة الحكومة في حظر ختان الإناث . وقد حدث ذلك بالفعل عندما حظر ختان الإناث حظرا تاما في مشروع قانون الطفل 2010 في المادة (13) ، إلا إن مجلس الوزراء أجهض هذا النص من خلال حذفه من مسودة القانون في اجتماعه الخاص بإجازة مشروع القانون كما أشرنا إلى ذلك قبلا ، الأمر الذي شكل انتكاسة كبري للمشروع .
أما التوصيات التي توصلت إليها الدراسة فيمكن إجمالها فيما يلي:
إن صدور تشريع يستهدف حظر هذه الظاهرة يجب أن لا يتأخر أكثر مما تأخر بعد ثبوت الأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لهذه العادة ، فضلا عن ضعف سندها الديني ،بشرط استيفاء ما تمت الإشارةإليه في صدر هذه الدراسة من شروط لأداء القانون لدوره في حظر ختان الإناث .
علي الدولة بذل الجهد في مجال تهيئة الأوضاع قبل إصدار القانون بتوعية المجتمع بأضرار هذه العادة وتعديل المفاهيم السلبية عن ترك الفتاة سليمة . مع ضرورة التعاون والتنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين كافة وضرورة تنفيذ الإستراتيجية القومية للقضاء علي ختان الإناث 2008—2018 وغيرها من الخطط والبرامج .
ضرورة تفعيل الإرادة السياسية لدي الجهازين التنفيذي والتشريعي في التعاطي الإيجابي لحظر ختان الإناث ، والتصدي لمعارضي إصدار تشريع يحظره ، طالما هو برنامج مجاز من الحكومة السودانية .
لابد من مواصلة مناصرة الجهاز التنفيذي لحفزه علي المزيد من المصادقة علي الصكوك الدولية والاقليمية ذات الصلة.
([1]) علي سبيل المثال لا الحصر قانون خدم المنازل السوداني للعام 1955 وقانون التدريب المهني والتلمذة الصناعية للأطفال السوداني للعام 2001
([2]) علي سبيل المثال الشيخ يوسف القرضاوي عضو هيئة علماء العالم الاسلامي . حيث صدر له بحث كامل في عدم شرعية الختان بأدلة من الفقه القديم الذي تستريح له نفوس فقهاء مجمع الفقه. فالشيخ القرضاوي يقول (مَن نظر في القرآن الكريم لم يجده تعرَّض لقضية الختان تعرُّضا مباشرا في أي سورة من سوره المكية أو المدنية. ولكن فقهاء الشافعية الذين قالوا بوجوب الختان على الذكور والإناث، استدلُّوا – فيما استدلوا – بقوله تعالى في سورة النحل: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل:123]. وقالوا: إن الختان من مِلَّة إبراهيم، وقد ثبت في الصحيحين: أن إبراهيم اختتن وهو ابن ثمانين سنة. والحق أن الاستدلال بالآية استدلال متكلَّف، فالأمر باتباع مِلَّة إبراهيم: أكبر وأعمق من مجرَّد عملية الختان، بل المراد اتباع منهجه في إقامة التوحيد، واجتناب الطاغوت، والدعوة إلى وحدانية الله بالحكمة والحُجَّة، كما رأينا ذلك في دعوة إبراهيم لأبيه وقومه. فكل محاجَّاته معهم كانت حول التوحيد، ولم تكن حول شيء من جزئيات الأحكام، ولهذا لم يذكر في القرآن أي شيء من هذه الفرعيات). أما راوي حديث أم عطية فانه اتهم بالزندقة و{ وضّاع } ل 4000 حديث زورا، يقول القرضاوي (حديث أم عطية عند أبي داود: أن امرأة كانت تختِّن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تَنهَكي، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل” فإن أبا داود قال عن محمد بن حسان – أحد رواته -: مجهول، وهذا الحديث ضعيف. وذهب الحافظ عبد الغني بن سعيد إلى أن هذا الراوي ليس بمجهول، بل هو معروف، وهو محمد بن سعيد المصلوب! فهو محمد بن سعيد بن حسان، الذي قتله المنصور صلبا على زندقته، قالوا: وضع أربعة آلاف حديث، ليضلَّ بها المسلمين. فهو متروك هالك.(
و الراوي الآخر لحديث المكرمة اتهم بأنه مدلس وحديثه ذو إسناد ضعيف. يقول القرضاوي ايضا (أما حديث: “الختان سنة للرجال، مكرُمة للنساء”: فقد رواه أحمد عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه، وقال مخرِّجوه: إسناده ضعيف. حجاج – وهو ابن أرطاة – مدلس، وقد عنعن، وقد اضطرب فيه. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (8/325) من طريق حفص بن غياث، عنه بهذا الإسناد، والطبراني في الكبير (7/273). عن عكرمة، عن ابن عباس، وقال: هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ موقوف، وضعَّفه الألباني في الأحاديث الضعيفة (1935) وإذا لم يكن هناك دليل من السنة بالإيجاب أو الاستحباب، ولا دليل من القياس، فهل يوجد دليل من الإجماع؟ إن الذي يقرأ أقوال الفقهاء في ذلك، داخل المذاهب وخارجها، يتبيَّن له: أنه لا يوجد بينها اتفاق على حكم محدَّد بالنسبة لخفض الأنثى أو ختانها)
[3]بعد ختان الاناث من اخطر الممارسات التي تهدد الصحة البدنية والنفسية والاجتماعية للنساء والطفلات في السودان، الذي تنتشر فيه هذه الممارسة بنسبة تبلغ 69.4% حسب المسح الصحي للأسرة 2006م الذي اجرته وزارة الصحة والجهاز القومي للإحصاء. مذكرة لرئيس الجمهورية مذكرة حول اسقاط المادة (13) من قانون الطفل 2010
[4]فقد بدأت مناهضة ختان الاناث في السودان منذوقت طويل ففي القرن السابع عشر دعا الشيخ حمد ود ام مريوم -“المدفون بالخرطوم بحري في المقابر المسماة باسمه”- بالامتناععنهوفي سنة 1924 خاطب كل من مدير المخابرات ومدير الخدمات الطبية الحاكم العام وطلبا منه اصدار فتوى شرعية تمنع ختان الاناث –
وفي عام 1930 طلب حاكم مديرية كردفان من الحاكم العام إصدار قانون لمنع الختان. وفي عام 1944 نشرة جريدة النيل مقالا للسيد عبدالرحمن المهدي زعيم طائفة الأنصار يدعو فيه الي إيقاف ومحاربة ختان الإناث وفي عام 1946 بموجب الأمر التشريعي رقم 3 للعام 1946
صدر تعديل لقانون العقوبات للعام 1925 في المادة 284 (أ) والتي تنص “كل من سبب الأذى عمدا لأعضاء المرأة التناسلية الخارجيةيرتكب جريمة الختان غير المشروع. ثم جاء بعده قانون العقوبات سنة 1974 واستمر إليأنالغي وصدر قانون العقوبات للعام 1983 والذيجاء خاليا من أي إشارة لختان الإناث فقد تكلم عن جريمة تسبيب الجراح وقطع الأعضاء فقط ثم جاء قانون عقوبات سنة 1991 وفيه أصبح الختان جريمة وفي الحق الخاص لا يجوز ان تتخذ فيها الإجراءاتإلا ممن وقع عليه الجرم او من ولي أمره. اما قانون الصحةالعامة وقانون المجلس الطبي وممارسة عمل الأطباء لم يشر للختان وتم تعديل هذا القانون. وفي قانون الطفل للعام 2004 عرفالطفل كل ذكر او أنثى دون الثانية عشرة من العمر ما لم يبلغ سن الرشد بموجب القانون المطبق عليه.وبتفسير هذا النص نجد انالمشروع قد أشار ضمنا لتحريم ختان الإناث باعتباره من الامور الماسة بصحة الأنثى وكرامتها . للمزيد راجع د صلاح حسين معروف – ورشة عمل حول مناهضة ختان الإناث نظمها مركز المرأة لحقوق الإنسان بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بالسودان 2009 م
([5])الختان الفرعوني: Infibulation) هو استئصال جراحي للأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية ومحاولة دمجها من الفرج. ويكبيديا
([6]) في نص المادة (162) منه والتي جاءت تحت عنوان ” الإضرار الوظيفي والمهني”
([7]) علي سبيل المثال لا الحصر غانا في العام 1994 جيبوتي1995 بوركينافاسو وإفريقيا الوسطي 1996 . وفي مصر العربية فقد صدر قرارًا وزاريا يمنع الختان بالمستشفيات صادقت عليه المحكمة الإدارية العليا 1996.
([8] ) د احمد شوقي محمود ، استخدام القانون من اجل التنمية ، مجموعة محاضرات قدمت لطلبة دبلوم القانون العام – كلية الحقوق – جامعة القاهرة فرع الخرطوم 1990م ص 31
[9]في اجتماعه يوم 5/2/2009 اسقط مجلس الوزارة المادة (13) من مشروع قانون الطفل للعام 2009 التي تتناول ختان الإناث التزاما بفتوى مجمع الفقه الإسلامي التى تميز بين الختان الضار (الختان الفرعوني) و(ختان السنة )مبيحا الأخيرة وسماه بالختان الشرعي. وليست هذه الفتوى الأولي من مجمع الفقه فإننا نجد أنه في أيار (مايو) 2005 صدرت فتوى عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لرئاسة الجمهورية قالت أن ختان السنة “مستحب وواجب، وإذا تم فهو فعل مأجور”.
[10]منها علي سبيل المثال لا الحصر
إعلان السودان للأمومةالآمنة 1999م.
– اتفاقية السلام الشامل CPA
– المادة 32 من وثيقة الحقوق في الدستور السوداني والتي تنص على :(تعمل الدولة علي محاربة العادات والتقاليد الضارة التي تقلل من كرامة المرأة ووضعيتها.) – موجهات الإستراتيجية ربع القرنية 2007 – 2031م.
– السياسات القومية للسكان حسب قرار مجلس الوزراء رقم 48 للعام 2002م الذي يقرأ (اكدت الدراسات المتوفرة عن ممارسة العادات الضارة أن هنالك علاقة بين ختان الإناث ومضاعفات الحمل والولادة وبالرغم من الجهود المبذولة لمحاربة ختان الإناثإلاأن الظاهرة مازالت منتشرة وتمارس علي ما يفوق 80% من الإناث في السودان).
– إستراتيجية وخطة العمل للحد من ختان الإناث بالسودان وزارة الصحة الاتحادية 2001م الموقعة من قبل السيد وزير الصحة. – السياسة القومية لتمكين المرأة الصادر عن وزارة الرعاية الاجتماعية وشئون المرأة والطفل مارس 2007م الموقعة من قبل السيد رئيس الجمهورية والتي حددت شيوع ختان الإناثبحسبانه أحدأبرز تحدياتها وهدفت إلى اجتثاث ظاهرة ختان الإناث.
– قرار المجلس الطبي رقم 366 والذي يقرأ: (استنادا إليالقاعدةالأصولية انه لا ضرر ولا ضرار وقد اصدر المجلس الطبي التوصية الآتية :لايسمح للأطباء ممارسة اي عمل يضر بالإنسان او فيه شبة ضرر ويشمل ذلك ختان الإناث بكل صوره).
– قرار المجلس الوطني رقم 29 تاريخ 20/6/2007م. الذي أوصي بسن التشريعات اللازمة التي تمنع ختان الإناث وضرورة مكافحة كل العادات مع استنفار كل الجهات ذات العلاقة لدعم هذه الجهود .
[11]أعلنت الامينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة، أميرة الفاضل، انطلاق العمل بالخطة الاستراتيجية القومية للقضاء على ختان الاناث بالبلاد يوم الاحد المقبل، الموافق العاشر من الشهر الجاري. وأوضحت الفاضل ان السودان سيكون خالياً من ختان الاناث بحلول 2018،وأشادت بالمؤشرات الإيجابية التي ظهرت في تقرير الأمومة الآمنة بانخفاض نسبة الختان في البلاد من 90% إلي 4ر69%.
[12]التعداد السكاني للعام 2008
[13]حيث أكد علي ذلك في المادة( 27)
[14]في المادة (32) من الدستور
[15]خلافا لبعض التكوينات السكانية الافريقية حيث عرف غن قبيلة الفولاني / الفلبي المسلمة وهي فبيلة ضخمة واسعة الانتشار حيث تمتد من وسط السودان الي المحيط الهندي غربا حيث تتواجد في كل دول الغرب الافريقي بنسب مختلفة .حيث يبلغ مجموعها ال42 مليون نسمة اشتهرت هذه القبيلة بعدم ممارستها لعادة ختان الاناث حيث اشتهرت بتمسكها القوي بالإسلام دينا وخرج منها الامام دان فوديو واحمدو بيلو وهما من ابرز الدعاة في القارة الافريقية للمزيد راجع د. الطيب عبدالرحيم الفلاّتيفى كتابه ” الفلاتة في افريقيا “
[16](منظمة الصحة العالمية – تاريخ النشر فبراير-2012 – تاريخ الوصول 25 أكتوبر-2013)
[17]سامي الذيب الحوار المتمدن-العدد: 3853 – 2012 / 9 / 17 – 09:24 المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
[18]حسب تقرير منظمة اليونيسيفp. 9UNICEF 2013,.
[19]راجع( p. 50UNICEF 2013,- (UNICEF 2013 p. 2, -UNFPA: – p. 24. WHO 2013; WHO 2008, )
[20]منها :
(1 )1945 : منع التمييز على اساس الجنس
(2 ) 1981 : منع التمييز ضد المرأة
(3 ) 1992 : محاربة الممارسات التقليدية الضارة : حليمة ورزازى
(4) 1993 : اعلان القضاء على العنف ضد المرأة من الجمعية العامة
(5) 1994 : تعيين مقرر خاص للعنف ضد المرأة
(6) 2000 : قرار مجلس الامن 1325 منع” الايذاء الجنسي
(7) 2003 : برتوكول موبوتو لمنع الممارسات الضارة والعنف ضد المرأة
(8) 2012 : قرار الجمعية العامة بحظر ختان الاناث
[21] (مجموعة التعليقات العامة الصادرة عن الأمم المتحدة التوصية العامة التوصية رقم 14 (ختان الإناث)رقم 24(المادة 12- الصفحتان 211-212 الفقرتان الفرعيتان (أ ،ب )
[22](المادة 12 – المرأة والصحة )([22])
[23] ي يوليو 1997، أعلنت 40 امرأة من قرية “ماليكونا بامبارا” السنغالية أمام وفد من الصحفيين السنغاليين أن قريتهن قررت التوقف عن ممارسة عادة ختان الإناث. كانت النساء قد اتخذن القرار جنباً إلى جنب مع أزواجهن وعمدة القرية والقيادات الدينية، وذلك على إثر تنفيذ برنامج “توستان” التعليمي في القرية. ورغم أن أهالي “ماليكونابامبارا” قد تعهدوا من تلقاء أنفسهم القضاء على ختان الإناث، فإن عناصر برنامج “توستان” التعليمي لعبت دوراً محورياً في تعزيز قرارهم إذ شجعت غيرهم على السير فى نفس الطريق، فحذت 31 قرية سنغالية أخرى حذوهم والتزمت القضاء على ختان الإناث في مجتمعاتها عند اتخاذ قرارهن التاريخي بالقضاء على ختان الإناث أشارت نساء “ماليكونابامبارا” إلى مواد من مواثيق حقوق الإنسان كما تحدثن عن آثار الختان الضارة على صحة المرأة. ومثلت النساء مسرحية تتعرض فيها فتاة من القرية للموت متأثرة بنزيف على إثر ختانها. أما الأكثر أهمية على الإطلاق، فهو قيام النساء بمخاطبة القرى الأخرى في كافة أنحاء السنغال لكي يحذو حذوهن.
برنامج توستان التعليمي تعني كلمة “توستان” بلغة “وولوف” السنغالية “اختراق” أو “قفزة للأمام”. و”توستان” هي منظمة غير حكومية دولية تعليمية تأسست في عام 1991 في السنغال وترمي إلى تمكين العامة من اتخاذ قرارات واعية تخدم تنمية اوضاعهم الشخصية والمجتمعية ، وذلك من خلال رفع الوعي العام. وتمثلت الأهداف المحددة للبرنامج التعليمي المنفذ في القرى السنغالية فيما يلي:
الحد من الأمية
تعزيز التنمية الذاتية من خلال استخدام المواد التعليمية الملائمة
توفير برنامج نموذجي للتعليم الأساسي يمكن تطبيقه في أماكن أخرى
[24]المادة ١٩ من الاتفاقية
[25]بموجب المادة (40) من العهد
[26]تقرير لجنة حقوق الإنسان للعام2006 ص 5-7 .
[27] في ص (6-7) من التقرير
[28]يمكن الاطلاع علي التقرير الدوري الثاني الذي قدمه السودان والمحاضر الموجزة للجلسات التي نظرت فيها اللجنة في هذه التقارير انظر الوثائق (CCPR/C/SR/75/Add.2 )
[29]د أحمد المفتى جلسة تفاكرية حول ختان الاناث فى التشريعات الوطنية والقانون الدولى وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي مركز المرأة لحقوق الإنسان
[30][30]Black D. Black, The behavior of law, New York 1976.
1976; 1989, 1993) .
[31]Baumgartner The constitution of interests. Beyond the politics of rights, New York1999)،
[32]فهناك العديد من القناعات والاعتقادات التي تدفعهم لممارسة ختان الاناث منها علي سبيل المثال لا الحصر انه عمل حثت عليه الاديان ويسرع نمو الطفلة الى انثى , يحافظ على العفة – تلامس الملابس واحتكاكها بالبظر يثير البنت فيجب ختانها , يعطيها النظافة والنقاء , يعطى الجهاز التناسلي الشكل الجميل يزيد الفرصة في الزواج – الأزواج لا يتزوجون الأنثى غير المختونة – حتى لا يمنع الحمل وتزيد الخصوبة – البظر يفرز إفرازات قاتلة للحيوانات المنوية – يمنع الخيانة الزوجية – يعطيها احساس الامومة – يزيد من متعة الرجل – بظر الانثى ممكن ان يجرح عضو الرجل – الفرج له أسنان تضر الرجل والبظر آخر سن يجب قلعه – بظر الانثى ممكن ان يجعل الزوج عاجزاًجنسيا – بظر الانثى ممكن ان يجرح رأس الطفل اثناء الولادة وقديؤدى إلى وفاته .
[33] للمزيد حول هذا الموضوع راجع حقوق الانسان : دليل للبرلمانيين. شارك في نشره الاتحاد الدولي ومكتب المفوض الساميلحقوق الانسان 2005
[34]Somech, A. and Drach-Zahavy, A. (2002)
, Choice of Influence Strategies
.Journal of Organizational Behavior 23:
juridiques en droit positifalgérien p103-105 [35]Le phénomène de l’ineffectivité des normes “ﻇﺎهﺮة ﻋﺪم ﻓﻌﻠﻴﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻮﺿﻌﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮي
[36]ظاهرة عدم فاعلية القواعد القانونية – المرجع السابق ص 105
[37] للمزيد حول هذا الموضوع راجع د مصطفي العوجي ، الامن الاجتماعي مقوماته – تقنياته – ارتباطه بالتربية المدنية ، مؤسسة نوفل بيروت 1983م
[38]د مصطفي العوجي – ، الامن الاجتماعي مقوماته المرجع ص 127
[39]ريتشارد إبستين “قوانين بسيطة لعالم معقد” (كيمبريدج، ماساتشوستس: مطبعة جامعة هارفرد، 1995)، صفحة 21:
[40][40]- تقرير التقدم المحرز في تحقيق أهداف الالفية للتنمية اعداد UNDP-LEBANON.
*( ومن أمثلة ذلك الوضع أن الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت عددا من القوانين خلال القر ن التاسع عشر Homestead laws of the U.S.A., Desert , forestry and mining land Acts.وذلك لتعمير المناطق غير المأهولة في أمريكا واستغلال الثروات فيها ولكن قلة من الرأسماليين استطاعت أن تسيطر على معظم تلك المناطق عن طريق مختلف أساليب التحايل لاستغلالها في أعمال المضاربة على نحو يتناقض مع الهدف الأصلي لتلك القوانين التي كانت ترمي إلى توسيع نطاق التملك ليشمل أكبر عدد من الأفراد. ولذلك فإن واضعي مشروع قانون استصلاح أرض الغرب القاحلة في عام 1900 كانوا حريصين على وضع الضوابط المحكمة لحماية الأرض الجديدة من المحتكرين الرأسماليين المضاربين وأن تكون الأرض الجديدة بالفعل لمن سيقيمون فيها ويقومون باستغلالها بالفعل فنجح المشروع في تحقيق هدفه في صورة آلاف العائلات التي تملكت أراضي هذا المشروع وأقامت عليه بالفعل.
[41]Cohen, Stanley. 1995. Denial and Acknowledgement: The Impact of Information about
Human Rights Violations. Jerusalem: Centre for Human Rights, the Hebrew University of
Jerusalem.
[42]في بعض الحالات، قد تساعد التكنولوجيا على تسهيلالإجراءات، كما هو الحال في أندهرابراديش في الهند حيث قلّصت الحوسبة الوقت المطلوب لتسجيل تغيير ملكية الأرض من عشرة أيام إلى ساعة واحدة، ولكن ببساطة وفي معظم الحالات يبقى التخلص من عدد الهيئات المعنية والتصاريح المطلوبة خطوة أكثر فائدة. معهد كيتو، منبر الحرية، 23 كانون الثاني 2006.دور المؤسسات والقانون في التنمية الاقتصادية, 1.0 out of 5 based on 1 rating
[43]واصدق تطبيق علي ذلك في حالة قانون الطفل 2004م ، فما ان صدر القانون بدأ النقاش حول ضرورة تعديله في 2005 ورات مسودة قانون الطفل 2010 النور في عام 2006 . مما يشير الي التعجل في اصداره
أ.د. شهاب سليمان عبدا لله
جامعة شقراء – المملكة العربية السعودية