سلايد 1قرارات محكمة
الكويت: «الاستئناف»: الآراء في قروبات شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة… مباحة
القروبات الخاصة، التي تدار فيها الآراء، وإن كانت تخالف القانون، لا عقاب قانونياً عليها، وذلك لأن القوانين المعاقبة على الجرائم التي تتم عن طريق الرأي تتطلب ركن العلانية، وهو الأمر الذي تفتقده القروبات الخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي.
في حكم قضائي بارز أيدت محكمة الاستئناف الجزائية، برئاسة المستشار نصر ال هيد، حكم محكمة الجنايات ببراءة أربعة متهمين، من مخالفة قانون الوحدة الوطنية وجرائم الإساءة، وذلك لأن الوسيلة التي صدرت فيها العبارات لا تتضمن العلانية، وهي قروب خاص على شبكة التواصل الاجتماعي «إنستغرام».
وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت اسباب حكم محكمة أول درجة ببراءة المتهمين، والذي أصدرته محكمة الجنايات برئاسة المستشار فيصل راشد الحربي من التهم المنسوبة إليهم من النيابة العامة.
التشكك في صحة إسناد التهمة
وقالت «الجنايات»، في حيثيات حكمها، ان الجرائم المؤثمة والمنسوبة الى المتهمين بركنيها المادي والمعنوي تتوافر بقيام مسائل الواقع الذي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب ما دامت تقيم قضاءها على ما ينتجه، وكان من المقرر في قضاء التمييز ان العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم او ببراءته، وانه يكفي في المحاكمات الجزائية ان تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة الى المتهم لكي تقضي له بالبراءة متى داخلها الشك في عناصر الإثبات، او لعدم كفاية ادلة الثبوت، او عدم توافر اركان الجريمة، ما دام الظاهر انها محصت الدعوى، واحاطت بكل ظروفها وأدلة الثبوت فيها، ووازنت بينها وبين أدلة النفي، فرجحت دفاع المتهم، أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تحمله، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
اقتناع المحكمة
وأوضحت أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يصح مطالبته بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات، وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
وقالت المحكمة ان الثابت لديها من مطالعة مستخرج العبارات موضوع الدعوي، ومما شهد به الضابط بإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وما قرره المتهمون من أن العبارات الصادرة عنهم كتابة قد تمت على الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) من خلال محادثات جماعية، جرت بداخل مجموعة خاصة (قروب)، تم إنشاؤها ببرنامج «إنستغرام» للتواصل الاجتماعي بعدد محدد من الأعضاء، ولا يمكن لأحد آخر خلافهم الدخول إلى تلك المجموعة، وهم من يمكنهم الاطلاع على المحادثات الواردة فيه، وكان الركن المادي للجرائم المسندة للمتهمين والقائمة في مجملها على الدعوة والإذاعة والنشر، والمتمثلة في العبارات الصادرة عنهم كتابة، قد تمت من خلال تلك المجموعة الخاصة، الأمر الذي تنتفي معه صفة العلانية؛ لأن المحادثات التي تجري عليها تقتصر على أعضاء المجموعة دون سواهم، بما يضفي على تلك المحادثات صفة الخصوصية، وتفقد الجريمة بذلك أحد أركانها؛ ذلك أن العلانية كركن في الجرائم التي يشكل عنصرا من عناصرها المتطلبة قانونا، ومنها جرائم الوحدة الوطنية والجرائم الواردة بقانون المطبوعات والنشر إذا ارتكبت عن طريق الشبكة المعلوماتية أو باستخدام وسيلة من وسائل تقنية المعلومات المبينة بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين؛ أولهما أن يتم توزيع الكتابة أو النشر المتضمن للعبارات المؤثمة على عدد من الناس بغير تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب او منشور، ولا يتطلب القانون ان يكون التوزيع او النشر بالغا حداً معيناً، بل يكفي ان يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلا، ما دام ذلك لم يكن الا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور انه كان يجهلها.
طابع خاص
وتابعت: لما كان ذلك، وكانت المجموعة المتاحة ببرنامج التواصل الاجتماعي (إنستغرام) والتي كانت مجالاً للمحادثات موضوع الاتهام تتسم طبيعتها بطابع خاص، بحسبان انها تكون دوما منحصرة بين معلومين لبعضهم ممن هم اعضاء في هذه المجموعة، ولا يتسنى للغير الاطلاع على ما يجري بين اطراف المحادثات من رسائل نصية او مسموعة او مصورة تكون قد تبودلت بينهم، فيترتب على ذلك لزوما ان ينتفي عنصر العلانية عن المحادثات الجماعية التي تتم عبر المجموعات الخاصة، بما تفقد معه الجرائم سالفة البيان مقوما اساسيا من مقومات وجودها لثبوت ان العبارات موضوع الاتهام لم تخرج عن حيز المحادثات التي جرى تداولها بين المتهمين بذواتهم ولا يتسنى لغيرهم الدخول إلى موقع المجموعة والاطلاع على الحوارات التي يتبادلها أطرافها، ولا ينال من ذلك ما قرره ضابط جهاز امن الدولة في أقواله من ان المجموعة التي جرت فيها المحادثات مجموعة عامة، وبأن عدد اعضائها غير ثابت باعتباره قد جاء مرسلا لم يعول بدليل، وتتشكك المحكمة في صحته لاسيما وقد نقضه ما جاء بأقوال ضابط مكافحة الجرائم الإلكترونية، وما قرره المتهمون الذين أكدوا أن المجموعة خاصة بأعضائها ومن ثم وإزاء انتفاء ركن العلانية قوام هذه الجرائم، وخلو الأوراق مما يدل على اتجاه إرادة المتهمين، كل فيما نسب إليه، الى اذاعة ونشر العبارات وتوزيعها على الغير بدون تمييز، الأمر الذي ينتفي معه كذلك القصد الجنائي في حق المتهمين، وتقضي معه المحكمة ببراءتهم مما اسند إليهم من اتهام عملا منها بالمادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وذلك على النحو الوارد بالمنطوق.
براءة
وحيـث إن مـا أورده الحكـم المسـتأنف علـى السـياق المتقـدم يكشـف عـن إلمامـه الكامـل بواقـع الـدعوى، وجـاء قضـاؤه ببـراءة المتهمـين قائمـا علـى أسـباب سـائغة مـن شـأنها أن تـؤدي إلـى مـا انتهـى إليـه، ومـن ثـم فـإن المحكمـة تقـر ذلـك القضـاء وتأخـذ بـه مـحمـولا علـى أسـبابه، لاسيما أن النيابـة الـعـامة لـم تقـدم مـا يـنـال مـن سـلامة الحكـم المسـتأنف، ممـا يضـحي معـه اســتئنافها فـي غيـر محلـه، وتقضـي المحكمـة تبعـا لـذلك برفضـه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهمين.
قالت «الاستئناف» في حيثيات حكمها، عن اسـتئناف النيابـة العامة للثبوت، إن البين مـن مطالعـة الأوراق، أن الحكـم المسـتأنف قـد مـحـص الـدعوى وأحـاط بظروفهـا وملابسـاتهـا عـن بصـر وبصـيرة، كمـا عـرض لأدلـة الثبـوت التي سـاقتها النيابـة العامـة، وانتهـى إلـى بـراءة المتهمـين مـن الاتهامـات المنسـوبة الـيهم، تأسيسـا على أن الثابـت لـدى المحكمـة أن العبـارات الصـادرة مـن المتهمـين كتابـة قـد تمـت علـى الشـبكة المعلوماتيـة مـن خـلال محادثـات جماعيـة بـداخل مجموعـة خاصـة (قـروب)، تـم إنشـاؤها ببرنـامج «إنستغرام» للتواصـل الاجتمـاعي بعـدد محـدد مـن الأعضـاء ولا يمكـن لأحـد آخـر خلافهـم الـدخول إلـى تلـك المجموعـة، وهـم مـن يمكـنهم الاطـلاع علـى المحادثـات الـواردة فيـه، الأمـر الـذي تنتفـي مـعـه صـفة العلانيـة عـن تلـك المحادثـات، لأنهـا تقتصـر علـى أعضـاء المجموعـة دون سـواهم، بمـا يضـفـي عليهـا صـفة الخصوصـيـة، حيـث لا يتسـنى للغيـر الاطـلاع علـى مـا يجـري بـين اطـراف تلـك المحادثـات مـن رسـائل نصـية أو مســموعة أو مصـورة، الأمـر الـذي تعقـد معـه الجـرائم المنسـوبة للمتهمـين مقومـا أساسـا مـن مقوماتهـا، وهـو ركـن العلانيـة، وأن مـا قـرره ضـابط جهـاز أمـن الدولـة فـي أقوالـه مـن أن المجموعـة التـي جـرت فيهـا تلك المحادثـات مجموعـة عامـة فـإنـه قـد جـاء قـولا مرسـلا لـم يؤيـد بـدليل آخـر، وتتشـكك المحكمـة فـي صـحته، وقـد نقضـه مـا جـاء بـأقوال ضـابط مكافحـة الجـرائم الإلكترونيـة ومـا قـرره المتهمـون بـأن المجموعـة خاصـة بأعضـائها وأن انتفـاء ركـن العلانيـة وخلـو الأوراق ممـا يـدل علـى اتجـاه إرادة المتهمـيـن كـل فيمـا نسـب إليـه إلـى إذاعـة ونشـر العبـارات وتوزيعهـا علـى الغيـر بـدون تمييـز يترتـب عليـه انتفـاء القصـد الجنـائـي كـذلك فـي حق المتهمين.
المصدر: الجريدة