دراسات قانونيةسلايد 1

حق التحرر من الألم في الفقه والقانون (دراسة قانونية)

إن حق الإنسان في التحرر من الألم أو ما يسمى الحق في السكينة الجسدية يمثل العنصر الثالث من عناصر حق الإنسان في سلامة جسمه، وهو ما يعني حق الإنسان في التحرر من آلام البدن، ويتحقق الإيلام البدني بما يلحق الشخص من أذىً في شعوره بالارتياح، وعلى ذلك فإن كل فعل يسبب للمجني عليه ألماً لم يكن موجوداً من قبل أو الزيادة من مقدار ألم كان المجني عليه يعانيه يعد اعتداءً على سلامة الجسم سواء ترتب على هذا الفعل المساس بصحة المجني عليه أو المساس بمادة جسده أم لم يترتب عليه شيء من ذلك، مثال ذلك لوي ذراع المجني عليه أو الضغط على عنقه أو صفعه على وجهه(1). السؤال الذي يطرح بهذا الشأن مدى صلاحية الإيذاء النفسي والمساس بالحق في الخصوصية في تحقق جرائم الاعتداء على حق الإنسان في التكامل الجسدي؟ ثار الجدل الفقهي بشأن الإيذاء النفسي الذي يخل بالقدرات الذهنية والنفسية للجسم وهو ما ينجم عن حالات الخوف والفزع والرعب، فقد ذهب البعض إلى عدم صلاحية ذلك لقيام جريمة الإيذاء بشكل مطلق(2)، فيما ذهب البعض الآخر إلى تقرير صلاحية الإيذاء النفسي لقيام جريمة الإيذاء(3).

ونرى أنه لا يجوز هدر الطمأنينة النفسية للفرد إذا ما ثبتت العلاقة السببية بين فعل الجاني والإيذاء النفسي الذي تعرض له المجنى عليه لا نرى مسوغاً يحول دون الاعتداد بهذه الصورة من الإيذاء لأن كيان الإنسان واحد لا يتجزأ وكل عنصر يؤدي وظيفة مادية كانت أو نفسية جدير بحماية القانون. فمثلاً يجرم القانون حالات الاغتصاب لأنها تشكل عدواناً على الحق في التكامل الجسدي المرأة فضلاً عن الحق في العرض(4). إن حريات الإنسان والحق في خصوصية الأفراد كانت ولا تزال من بين الحقوق الأساسية التي يحرص الإنسان على ضمانها وعدم المساس بها إلا في حدود معينة وضمن صيغ يحددها القانون، ونلاحظ نادراً ما تنص الدساتير وقوانين الدول على الحق في الخصوصية، فمن القوانين التي نصت على هذا الحق قانون إدارة الدولة العرقية للمرحلة الانتقالية (الدستور الانتقالي) الصادر في 8 آذار 2004 فقد نصت المادة (13/ح) منه أن: (للعراقي الحق بخصوصية حياته الخاصة) وهذا الحق يتم النص عليه لأول مرة في العراق ولم تتضمن المؤلفات القانونية العربية تعريفاً للحق في الخصوصية، ويمكن أن نعرف هذا الحق بأنه: (الحق الذي ينصب على مقومات وعناصر الشخصية في مظاهرها المختلفة إذ تعبر عما للشخص من سلطات مختلفة ترد على هذه المقومات). ويعرف أيضاً بأنه: (مصلحة الفرد في الاحتفاظ بأسرار حياته الخاصة وعدم السماح للآخرين بالاطلاع عليها)(5).

إن تمتع الفرد بالحق في الخصوصية أصبح يشكل عنصراً مهماً وفعالاً في أي نظام قانوني قائم على حماية حقوق الأفراد وحرياتهم وينبغي عدم المساس بهذا الحق إلا في حالات يحددها القانون وبأمر من السلطة المختصة قانوناً تقتضيه ضرورات الأمن وحفظ السلام وبأمر من السلطة المخولة قانوناً لأن كل فعل وإن كان لا يمس الجانب المادي من جسم الإنسان إلا أنه يترتب عليه المساس بالسكينة النفسية ويسبب له إيذاءً نفسياً يعد اعتداءً على حقه في سلامة جسمه في جانبه المعنوي منها الأفعال الماسة بالحق في الخصوصية كتجريده من ثيابه والتقاط الصور له(6)، والماسة بكرامته وهذه الأفعال قد تسبب آلاماً للمجني عليه نفسية قد تفوق في شدتها الآلام البدنية. ونرى من الضروري النص على هذا الحق بالدستور الدائم في العراق والذي سوف تتم صياغته من قبل السلطة المختصة وكذلك النص عليه في قانون العقوبات العراقي وتحديد العقوبة في حالة المساس بالحق في الخصوصية حتى نحميه من اعتداء الغير على هذا الحق إذ تتضمن دساتير الدول المختلفة نصوص تتعلق بحقوق وحريات الأفراد وتعد تلك الحقوق والحريات مصونة، ولكن الملاحظ أنها لم تنص على كيفية ممارسة أو صيانة هذه الحقوق والحريات بوضع الضمانات التي تجسد تلك الحقوق. من هذه الدساتير دستور 16 تموز 1970 المؤقت للجمهورية العراقية، فقد نصت المادة (22/أ) منه بأن: (كرامة الإنسان مصونة وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي) إن هذه الفقرة لم تكن سوى مجرد نص دستوري لم يتم احترامه خلال مرحلة نفاذ الدستور المذكور إذ كانت تمارس السلطة –آنذاك- مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ضد المتهم وكذلك انتهاك حق الإنسان في الخصوصية. إن الحماية الجزائية تعد الضمان القانوني لممارسة وتنظيم الحقوق، فلا تكفي النصوص الدستورية لحماية الحقوق من خطر الاعتداء وإن كانت تلك النصوص تصلح لأن ترسي مبادئ تمثل قواعد ثابتة لإقرار تلك الحقوق إلا أن إقرار الحقوق شيء وتنظيمها وحمايتها من اعتداء الغير شيء آخر، وتعد القوانين العقابية والإجرائية الأدوات الرئيسة للحماية الجزائية. وعليه فالمساس بالحق في الخصوصية قد تسبب آلاماً نفسية للمجني عليه(7) تفوق في شدتها الآلام البدنية. إن حق الإنسان أن يتحرر جسده من الآلام جميعاً فاحتفاظ الفرد بتكامله الجسدي وبمستواه الصحي يجعله في وضع يتلقى فيه شعوراً يعكس مستوى ارتياحه وتخلصه من الآلام والأوجاع(8).

ويقوم هذا العنصر على الاعتبار الشخصي بغض النظر عن الاعتبار الموضوعي، فمستوى الارتياح والشعور بالآلام يختلف من شخص إلى آخر، إذ يتحدد هذا الشعور بحسب طبيعة كل فرد من حيث البنية والعمر والبيئة، ويعد ماساً بالسلامة الجسدية كل فعل يؤدي إلى الإخلال بالسكينة الجسدية من خلال إحداث آلام أو أوجاع جديدة لم تكن موجودة من قبل أو ضاعف تلك الآلام التي كان يشعر بها مهما كانت درجتها حتى وإن لم تؤد تلك الآلام إلى المساس بالتكامل الجسدي أو بالمستوى الصحي للفرد(9). وينبغي الإشارة إلى أن السكينة الجسدية لا تقتصر على مصلحة الفرد في التحرر من الآلام البدنية أو العضوية بل هي على قدر من السعة لتشمل الآلام النفسية، فحماية القانون للسلامة الجسدية تشمل أجزاء الجسم التي تؤدي وظائف عضوية في الجسم كالقلب والرئة والتي تؤدي وظائف نفسية كمراكز الإحساس والشعور بالجسم، فلا يمكن لنا إسباغ الحماية على أجزاء الجسم الأولى من غير الثانية، فالسكينة الجسدية تستلزم التمتع بمشاعر الارتياح لتخليص الفرد من الأوجاع والآلام البدنية والنفسية والإخلال بذلك يعد مساسا بالحق في التكامل الجسدي، وتطبيقاً لذلك فإن الإتيان بفعل يؤدي إلى إصابة الغير بإرباك في ملكاته الذهنية من خلال إشعاره بالخوف أو الفزع أو الرهبة أو القلق الشديد يعد عملاً ماساً بسلامة الجسم(10). ومثال ذلك التهديد باستعمال القوة أو الاعتداء على حق الإنسان في الصورة (الفوتوغرافية أو التلفزيونية) كالتقاط الصور للأفراد في أوضاع خاصة لا يرغبون في اطلاع الآخرين عليها والتهديد بنشرها، مما يجعلهم في وضع نفسي غير مستقر يسبب لهم آلاماً نفسية شديدة أو يزيد من آلامهم بصورة غير طبيعية(11).

والنقطة المهمة في الموضوع هي أن الاعتداء على السكينة النفسية قد يترك أثراً في السكينة البدنية، فالقلق النفسي الشديد يؤدي إلى زيادة في دقات القلب وضيق التنفس وتوتر عضلة الحجاب الحاجز وارتفاع في ضغط الدم وفقدان الشهية والصداع وغيرها من الآلام البدنية وبالمقابل فقد تتأثر السكينة النفسية بأي خلل يصيب السكينة البدنية، فالإصابات والجروح لاسيما تلك التي تترك أثراً في الجسم كالتشوهات والحروق تسبب من جهة أخرى أمراضاً نفسية مزمنة قد يصعب التخلص منها، مما يعكس حالة الترابط بين سكينة الجسم البدنية والنفسية. إن مفهوم الصحة وحسب تعريف منظمة الصحة الدولية (W.H.O) يعني السلامة التامة للشخص بدنياً ونفسياً واجتماعياً وليس مجرد خلو الفرد من الأمراض(12)، أما الصحة النفسية هي التوافق التام أو التكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة على الإنسان ومع الإحساس الإيجابي بالسعادة والكفاية. إن الصحة النفسية ليست مجرد خلو من الأمراض(13)، إذ أنها التوافق التام أو التكامل بين الوظائف النفسية المختلفة. ولكن هل يعد الحق في التكامل الجسدي دعامة من دعامات الحرية الشخصية؟ إن تمتع الفرد بالسلامة الجسدية أصبح يشكل عنصراً مهماً وفعالاً في أي نظام قانوني قائم على حماية حقوق الأفراد وحرياتهم(14). ولضرورة تأمين هذا الحق وخطورة هدره كان لابد من ضمان راسخ يحول دون استخفاف السلطة به وتعطيل مضمونه في ثنايا نشوة ممارسة السلطة، فكانت الحرية الشخصية خير حصن يدرع به إزاء انحراف ممثلي السلطة عند ممارسة وظائفهم، لذا سنبحث مضمون الحرية الشخصية وصفة العدوان الواقع من ممثلي السلطة العامة على حق الإنسان في التحرر من الألم، وتنص الدساتير على احترام حقوق الأفراد ومنها الحرية الشخصية، ومن هذه الدساتير قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الصادر في آذار 2004، فقد نصت المادة (13/1) منه على أن: (الحريات العامة والخاصة مصانة)(15).

والسؤال الذي يطرح بهذا الشأن ما هو مضمون الحرية الشخصية؟

تعد الحرية بشكل عام أهم محك للخلاف بين الحكام القابضين على سلطان الدولة من جهة وبين المحكومين أفراداً تمارس السلطة تجاه كل واحد منهم. ذلك أن مقتضى الحرية أن يتمتع الأفراد بالقدرة على منع السلطة من القيام بعمل معين(16). إذ أن هذه القدرة تكون تجاه السلطة فإن درجة التزام الأخيرة بغل يدها عن التعرض للفرد في بعض نواحي أنشطته المادية والمعنوية، يعد مؤشراً حقيقياً على تمتع الأفراد بالحرية، وبذلك تكون الحرية عبارة عن (مجموعة تحديدات ترد على السلطة العامة وتدخل في النظام القانوني للدولة من خلال التشريعات المقيدة لسلطاتها). إن المقصود بالحرية الشخصية مكنة الفرد في أن يحيا آمناً على نفسه وأهله وماله وعرضه(17). ويكاد الفقه أن يجمع على تحديد مكونات الحرية الشخصية وهي الحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية والحق في الأمن والحق في الخصوصية(18). فالحرية الشخصية هي قدرة الأفراد على منع السلطة من التعرض لبعض النشاطات التي تمثل مصالح أساسية وضرورية لاستمرار حياتهم بصورة طبيعية، فقد نصت المادة (346) من قانون العقوبات الأردني بأن (كل من قبض على شخص وحرمه حريته بوجه غير مشروع يعاقب بالحبس…).

يتضح لنا مما تقدم أن الحق في التكامل الجسدي يعد مصلحة ضرورية للأفراد يعد دعامة أساسية من دعامات الحرية الشخصية بثباته تثبت سارية الحرية الشخصية ويعلو سنامها وبانتهاكه تنهار أهم ركائزها ويخفت شعاعها(19).

ولكن ما مشروعية استخدام العنف في القبض على المتهمين وإجراءات التفتيش النفسي والبدني وتأثيرها في الحق بالتكامل الجسدي؟

إن أهمية مجموعة الحقوق التي تقوم عليها الحرية الشخصية تجعل من الأخيرة شرطاً لازماً لاحتفاظ الأفراد بوجودهم وإنسانيتهم من جهة، ومن جهة أخرى لاستقرار المجتمع وانتظام أواصره(20). ومحصلة ذلك أن انتهاك أي حق من هذه الحقوق لاسيما حق الإنسان في التحرر من الألم وذلك من قبل السلطة العامة يعد اعتداءً على الحرية الشخصية فضلاً عن كونه يمثل اعتداءً على الحق في التكامل الجسدي، إلا أن انتهاك الحرية الشخصية للفرد يغطي أثره ويطغي خطره على مجرد المساس بأي حق من الحقوق المكونة للحرية الشخصية، ومرد ذلك أن السلطة العامة في الدولة ملزمة بغل يدها عن جوانب معينة في نشاط الأفراد انسجاماً مع مقتضيات الحرية بشكل عام، وفيما يتعلق بالحرية الشخصية فإن كانت السلطة ملزمة بغل يدها عن التعرض لأمن وسلامة وخصوصية كل فرد، فإن التزامها هذا يكون فضلاً عن الواجب الذي يقع على عاتق الأفراد كافةً سواءً أكانوا أعضاء في السلطة أم لم يكونوا، إلا أن السلطة فوق ذلك مكلفة بالمحافظة على النظام ومن ثم ضمان تمتع الأفراد بحقوقهم وحرياتهم على أكمل وجه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العلاقة القائمة بين السلطة والفرد تختلف عن العلاقة القائمة بين الأفراد فيما بينهم، فهي في الحالة الأولى علاقة تربط بين طرف قوي تمثله السلطة وطرف ضعيف يمثله الفرد، بينما تكون العلاقة في الحالة الثانية متكافئة بين الطرفين، لذلك كانت الإمكانات التي تملكها السلطة والتي تعينها في القيام بمهامها تشكل خطراً على الحريات العامة وخصوصاً الحرية الشخصية فيما لو أسيء استخدامها(21). ومن هنا كان الإخلال من جانب السلطة في غل يدها يشكل عدواناً على الحق المعتدى عليه، من جهة أخرى إذ يكون إخلال السلطة أشد وقعاً من الإخلال الواقع من الأفراد العاديين في التزامهم بعدم المساس بحقوق الآخرين. فعلى الرغم من أن محل الاعتداء هو جسم الفرد في كلتا الحالتين، إلا أن الاعتداء الواقع من الأفراد العاديين يوصف بأنه اعتداء على الحق في سلامة الجسم، أما الاعتداء الواقع من السلطة العامة فيوصف بأنه اعتداء على الحرية الشخصية وتقويض الحريات العامة، فأعمال القسوة التي تقع من أحد ممثلي السلطة اعتماداً على وظيفته والتي تمس سلامة جسم المعتدى عليه تعد اعتداءً على الحرية الشخصية وتقويضاً للحريات العامة(22).

أما إذا كانت تلك الأعمال قد وقعت من فرد عادي فإنها لا تعد سوى اعتداء على السلامة الجسدية(23). لأن الاعتداء في الحالة الأولى وقع على الحق بعده دعامة من دعامات الحرية الشخصية، أما في الحالة الثانية فإن الاعتداء وقع على الحق في ذاته ليس بعده دعامة للحرية الشخصية وكذلك الحال إذا ما قام رب الأسرة بإمساك أحد أبنائه ومارس مختلف أصناف التعذيب لإخضاعه لسلطته، فإنه يكون معتدياً على حق الابن في سلامة جسمه، أما إذا كان التعذيب واقعا من موظف على متهم مرغماً إياه على الاعتراف بالتهمة المنسوبة إليه فيعد اعتداءً على الحرية الشخصية للمتهم لأنه أهدر أحد دعاماتها الأساسية وهي حق الإنسان في التكامل الجسدي(24). وقد منعت الدساتير اللجوء إلى مثل هذه الأساليب منها دستور سوريا عام 1973 في المادة (28/3) منه التي تنص على الأتي (لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك)، ومقتضى هذا التمييز بين الحالتين وما يتضح فيه من تفوق عدوان السلطة وخطورته على العدوان الواقع من الأفراد ينبغي أن يحاط نشاط السلطة بالقيود التي يفترض فيها أن تشكل درعاً حصيناً لحماية الحريات العامة وخصوصا الحرية الشخصية بالقدر الذي يحول دون هيمنة وسطوة النفوذ على القانون، وعلى هذا تكون تلك القيود المفروضة على نشاط السلطة أثقل وأشد صرامة من تلك المفروضة على نشاط الأفراد. إن عملية القبض(25) ووضع الأفراد قيد الاعتقال تعد تقييداً للحرية الشخصية تستلزمها ضرورة المحافظة على النظام العام، ولخطورة هذا الإجراء لما ينطوي عليه من تهديد للحرية الشخصية، فتكفلت القوانين بتنظيم شروط وحالات القبض والوسائل المتبعة في ذلك(26) وتحدد العقوبات للمخالفين(27).

إن عملية القبض سواءً أكان القائم بها ممثلاً للسلطة ملزماً بذلك أم كان فرداً عادياً مجازاً له القيام بذلك(28) قد تتطلب قدراً من العنف والشدة تتفاوت جسامته بحسب مقاومة المتهم أو المشتبه به مما قد يؤدي إلى المساس بالتكامل الجسدي للمقبوض عليه. ويعطي القانون هامشاً من السلطة التقديرية لممثل السلطة عند أداء واجبه لضمان حسن أدائه(29)، فإباحة استعمال القوة بالقدر اللازم من غير السلاح الناري أو معه تكون مقدرة بحسب خطورة كل حالة(30). ولا يتأتى لممثل السلطة استعمال القوة ضد المتهم أو المشتبه به عند عدم المقاومة فالانصياع للأوامر دليل على الاستسلام، فيكون باستعماله القوة في هذه الحالة مخالفاً للقانون لأنها لا تدخل ضمن صلاحياته وهي تشكل جريمة يعاقب عليها القانون للاعتداء على حق الإنسان في التكامل الجسدي(31). إلا أن مقاومة المتهم أو المشتبه به ومحاولته الهرب والإفلات من قبضة السلطة تبيح لممثل السلطة استعمال القوة اللازمة لإرغامه على التوقف وإجباره على الاستسلام، وإذا كان القانون قد ترك لتقدير ممثل السلطة تحديد جسامة القوة اللازم استعمالها، فإنه وضع حدوداً لا يجوز تجاوزها، فإيقاع الإيذاء على جسم المتهم للقبض عليه مباح قانوناً إذا كانت الوسيلة الوحيدة لذلك وبالقدر المناسب من غير استعمال السلاح الناري(32). ومع ما يتضمن استعمال السلاح الناري من مخاطر فإن القانون يبيح استخدامه عادةً إذا كان المجرم خطراً(33). وقد يجيز قتله في بعض الأحيان(34). وتتجلى هذه الضوابط بمبدأ حسن النية وهو واجب في كافة أفعال المنفذ المباحة وعلى عكس ذلك لا يعفى المنفذ من العقاب إذا كانت نيته سيئة وغير مبنية على سبب قانوني مشروع. مما تقدم يتضح أن المساس بالحق في التكامل الجسدي للمجرم لا يكون عدواناً على حريته الشخصية لأنه بعصيانه لأوامر القانون وضع نفسه خارج نطاق الحماية القانونية، إذ يعد عصيانه بمثابة عدوان على النظام العام لأنه يخل بسيادة القانون فيما يكون نشاط ممثل السلطة تأدية لواجب يفرضه القانون.

تمارس السلطة العامة في مختلف الأنظمة القانونية نشاطاً ضبطياً مكملاً لوظيفة الضبط الإداري درج الفقهاء على تسميته بالضبط القضائي(35). وأعمال الضبط القضائي الذي لازلنا نبحث فيها تعد في مجموعها قيوداً على حقوق الأفراد وحرياتهم، ومن هذه الحقوق حق الإنسان في التكامل الجسدي. إن عملية كشف الجريمة وإدانة المجرم لا تكون سهلة المنال في الأحوال كلها وخصوصاً مع تغيرات العصر، فاستغلال التطور التكنولوجي من المجرم وتسخيره لارتكاب الجرائم بات أمراً متيسراً في متناول اليد مما ألقى على كاهل سلطة الضبط مسؤولية مواكبة التطور والتحديث والاستعانة بالاكتشافات العلمية لتحقيق العدل وإقامة النظام، فكانت الاستعانة ببعض الوسائل العلمية أمراً مستغرباً للوهلة الأولى لما تثيره من شكوك في مدى مصداقية نتائجها وما يترتب عليها من إخلال بالتكامل الجسدي للمتهم، ولغرض التعرف على مشروعية استخدام مثل هذه الوسائل وتأثيرها في الحق في التكامل الجسدي سنتناول دراسة بعض هذه الوسائل بإيجاز وهي:

أولاً: التحاليل المختبرية لمكونات التكامل الجسدي:

تعد أعمال التحليل المختبري من أهم الاكتشافات العلمية التي أسهمت في تطور العلوم الطبيعية مما دفع إلى المطالبة باستخدام هذه التحاليل في مجال التحقيق للمساعدة في اكتشاف الجرائم والتعرف على المجرمين(36) كما لو أريد التأكد من كون المجرم تحت تأثير شراب مسكر عند ارتكاب الجريمة. فتحليل الدم إن كان يسعف في تبرئة أو إدانة المتهم ليس هناك ما يمنع من إجرائه وكذلك الحال بالنسبة للسائل المنوي ومادة اللعاب والشعر والأظافر، لأن توفر مثل هذه الأدلة لابد أن يفضي إلى نتيجة تتوصل إليها سلطة التحقيق مما يعزز إمكانات السلطة في دفاعها عن الأمن والنظام عند تعرضه للعدوان. إلا أن هذه المطالبة أثارت معارضة شديدة في الجهة الأخرى(37). فتعرض أجزاء الجسم للفحص المختبري يعد مساساً بحق الفرد في الخصوصية(38). فضلاً عن الحق في سلامة الجسم إذا ما أخل بأحد عناصر السلامة الجسدية، ومع استمرار الجدل بين الأخذ والرد بدأت الحقائق تتكشف عن مدى صلاحية عد هذه الوسائل حجة قانونية لنفي أو إثبات التهمة، وهذا ما يميل إليه المشرعون في أغلب الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنمسا وألمانيا(39). إن التحاليل المختبرية لأجزاء الجسم قد تؤدي أحياناً إلى المساس بحق الخصوصية من غير المساس بالحق بالتكامل الجسدي(40). وقد تؤدي في أحيان أخرى إلى المساس بسلامة الجسم(41). وفي كلتا الحالتين إن الفائدة المرجوة من إجراء هذه التحاليل هو مجرد كشف لحقيقة موقف المتهم وحماية النظام العام في عدم إفلات المجرم من العقاب، وهذه المصلحة تفوق مصلحة الفرد في المحافظة على سلامة الجسم، وأن هذا المساس هو في صورة الإيذاء الخفيف، وحسناً فعل المشرع العراقي إذ قرر الأخذ بهذه الوسيلة(42). والمشرع العراقي يعد النتيجة المستخلصة من إجراء هذه التحاليل دليلاً مهماً يسهم في قناعة المحكمة والحكم بناءً على هذه القناعة(43). إننا نرى أن الأخذ بهذه الوسيلة يجب أن يكون على وفق ضوابط محددة، فإجراء التحليل يجب أن يكون من مختص وأن يقتصر التحليل على ما يفيد التحقيق وبالقدر اللازم للحصول على النتيجة من غير تعريض جسم المتهم لتحاليل لا ضرورة لها ومن ثم تكون اعتداءً على حق الإنسان في التكامل الجسدي وعلى أن تتم هذه التحاليل المختبرية لمكونات الجسم متى ما توفرت في التحقيق أدلة تدعو إلى إجراء هذه التحاليل للخروج بتكييف معين للقضية من خلال مقارنة هذه الأدلة مع حالة المتهم وأن لا يلجأ إلى هذه الوسيلة إلا بعد إعلام المتهم بذلك من غير استعمال العنف ما لم يمتنع عن الموافقة، على أن يكون العنف بالقدر اللازم للحصول على العينة من جسم المتهم لغرض التحليل، إذ تنص المادة (24) من قانون الطب العدلي العراقي بأنه (إذا رفض الشخص إجراء الفحص الطبي العدلي، عليه تشعر الجهة التحقيقية حالاً لاتخاذ ما يقتضي). بالنسبة لموقف الشريعة الإسلامية من هذا الموضوع فيجيز الفقه إجراء مثل هذه التحاليل إذا ما كانت تساعد في كشف الجريمة وحقن دم المتهم البريء ومعاقبة المجرم الحقيقي(44).

ثانياً: تفريغ محتويات المعدة

تعد عملية تفريغ محتويات المعدة من أهم إجراءات التفتيش البدني المثيرة للجدل الفقهي، فإذا كان القانون قد أباح لسلطة الضبط تفتيش المتهم ومعرفة ما بحوزته من أدلة تفيد التحقيق، فهل يمتد هذا الإجراء ليشمل الأحشاء الداخلية للجسم ؟ لقد اختلف الفقه في هذا الشأن وانقسم على فريقين، الفريق الأول رفع مبدأ (إياك أن تمسني)(45) أي رفض إجراء مثل هذه العملية على جسم الإنسان لما تسببه من آلام نفسية وبدنية ولكونها تمثل اعتداء على حق الإنسان في التحرر من الألم. وعلى النقيض من ذلك كان موقف الفريق الثاني من الفقهاء منادياًَ بجواز الأخذ بهذه الوسيلة إذا كانت ضرورية لكشف الجريمة، وقد حصل هذا الفريق على تأييد القضاء له في أغلب النظم القانونية(46). ونرى أن تفريغ محتويات المعدة إن كان لضرورة بحسب تقدير سلطة التحقيق عند توافر شكوك تثير الشبهة فلا مانع من القيام بذلك، ولا يعد ذلك عدواناً على الحرية الشخصية للمتهم إذا ما تم في ظل القانون، وبالنسبة للآلام التي يعاني منها المتهم من جراء هذه العملية فلا تمثل اعتداءً على حقه في سلامة الجسم وإن كانت تتضمن مساساً بسلامته لأن إباحة مثل هذا الإجراء مقررة لحماية حقوق الأفراد أصلاً، فعملية تفريغ المعدة تستخدم إزاء متهم لم يتم البت بعد في إدانته، فإن كان بريئاً كانت هذه العملية بمثابة وسيلة لانتشاله من دائرة الشبهة ولضمان عدم تعرضه لعقوبة على جرم لم يرتكبه، أما إذا كان المتهم هو المجرم فعلاً فإن بسلوكه الإجرامي وعدم اعترافه يكون مسؤولاً عن تلك الآلام التي يعانيها على أن لا يترك الحبل على الغارب، فالضرورة تقدر بقدرها، فإذا كان المتهم مثلاً مسناً أو مريضاً لا يقوى على إجراء عملية الغسل فلا يجبر على ذلك إذا كان الخطر محدقاً به. إن موقف الشريعة الإسلامية الغراء من عملية تفريغ المعدة ومدى تأثير ذلك في حق الإنسان في التكامل الجسدي، إن ضرورة جمع الأدلة والبراهين لكشف الجريمة ومعرفة الحقيقة تبيح تفتيش المتهم وإن استلزم ذلك إجباره على التقيؤ وإخراج ما في معدته(47).

ثالثاً: عمليات غسيل المخ جراحياً

لقد حددنا فيما سبق مفهوم الجسم وتوصلنا إلى أنه يتكون من مجموعة أعضاء تؤدي وظائف ذهنية ونفسية(48). ولا يمكن الفصل والتمييز بين وظيفة وأخرى في إسباغ حماية القانون لها فبمجموع هذه الوظائف يتميز الإنسان عن باقي المخلوقات. يعد المخ مركزاً للسيطرة والتحكم بأعضاء الجسم، ومن ثم فهو يمارس وظيفة ذهنية للجسم تتمثل في إمكانية التفكير واتخاذ القرار المناسب، وبذلك فإن أي خلل بهذه الوظيفة يعد اعتداء على حق الإنسان في التكامل الجسدي. وبدوران عجلة التطور العلمي تم اكتشاف وسائل جديدة يمكن استخدامها للتأثير في طريقة تفكير الأفراد وتوجيهها نحو اتجاه معين دون الآخر، ومن هذه الوسائل زرع أسلاك معدنية دقيقة في الرأس بعد الولادة بعدة أشهر ومن ثم توجيه إشارات لاسلكية كهرومغناطيسية تؤثر في خلايا الدماغ المعنية باتخاذ القرارات(49). ومن هذه الوسائل أيضاً إجراء عملية جراحية في الرأس بقصد استئصال جزء من خلايا المخ واستبدالها بأخرى للتأثير في طريقة التفكير واتخاذ القرارات. وقد أثير التساؤل عن مدى جواز استخدام هذه الوسائل للحصول على نتائج إيجابية للمجتمع تصب في المصلحة العامة، ومن ذلك إجراء مثل هذه العمليات على المجرمين الخطرين في السجن بغية تأهيلهم لإعادتهم إلى المجتمع وقد زالت عنهم خطورة ارتكاب الجريمة، ومن ذلك أيضاً استعمال هذه الوسيلة لتوجيه الجنود في القوات المسلحة. إن استعمال مثل هذه الوسائل للتأثير في طريقة تفكير الأفراد يعد عدواناً على الحرية الشخصية لأنه ينتهك حق الإنسان في التكامل الجسدي فضلاً عن كونه يمثل عدواناً على الحرية السياسية لأنه ينتهك حق الإنسان في إبداء الرأي الشخصي(50). لا نرى وجاهة الحجج المسوغة لاستعمال هذه الوسائل كتنظيف المجتمع وتأهيل المجرمين وتحقيق الصالح العام، فاستعمال العنف وارتكاب الجريمة من الفرد، ليس بالضرورة أن يكون نتيجة مرض في عقله وأن للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تأثير لا يستهان به في الانحراف(51). إذ أننا لا ننكر أهمية التدابير الاحترازية الواجب اتخاذها تجاه بعض الأفراد عندما تستلزم حالتهم الصحية ذلك(52). لكن لا يمكن أن يصل التدبير إلى حد الإخلال بالتكامل الجسدي للإنسان واستئصال جزء منته أو استبداله بآخر. إن إباحة استعمال هذه الوسائل يعد عدواناً على الحرية الشخصية والسياسية لأنها تنتهك كرامة الأفراد وتنتقص من آدميتهم وتشكل اعتداءً على حق الإنسان في التحرر من الألم. إذا كان التفتيش البدني للمتهم يعد إجراءً ضرورياً للحصول على الأدلة فإن صحة النتائج المستحصلة من هذا الإجراء لا تثير اللبس في مدى مطابقتها لواقع حال المتهم، فنتيجة تحليل الدم مثلاً تكون مؤكدة الصحة إذا ما تمت حسب الأصول العلمية المتبعة من غير مخالفة للقانون، إلا أن التفتيش النفسي للمتهم يعد عملية معقدة فضلاً عن كون النتائج المستحصلة من هذا الإجراء تقوم على احتمالية الصحة، فإن العقبة أمام إجراء هذه العملية هي حق الإنسان في التحرر من الألم.

ولغرض بحث هذا الموضوع مع ما يثيره من مشاكل ارتأينا دراسة العقاقير المخدرة والتنويم المغناطيسي وتعذيب المتهمين.

أولاً: العقاقير المخدرة

المقصود بالعقاقير المخدرة المواد التي تسبب عند تناولها تخدير أو شل القدرة على التحكم الإرادي وكذلك التأثير على قدرة الإدراك(53). وأثناء هذه المدة التي يكون فيه الفرد تحت تأثير العقار(54) يمكن التعرف على ما يجول في فكره من غير أن يملك السيطرة والتحكم بالإجابة من خلال طرح الأسئلة والاستفسارات، ومن الواضح أن تناول مثل هذه العقاقير سواءً أكان من خلال الفم أم من خلال زرق الإبر تعد مساساً بالسلامة الجسدية لأنها تخل بالمستوى الصحي المعتاد للأفراد، إذ تتعطل القدرة الذهنية للفرد لمدة معينة مهما قصرت، ومن هنا ثار الجدل الفقهي حول جواز استعمال مثل هذه العقاقير من سلطة التحقيق عند استجواب المتهم للاستعانة بها في كشف الجريمة ومعرفة الحقيقة. فقد نادى جانب من الفقه بضرورة مسايرة التقدم العلمي ومواكبة التطور والاستعانة بالوسائل الحديثة لما تحققه من فائدة تصب في المصلحة العامة(55). فيما رفض الجانب الآخر من الفقه استعمال هذه العقاقير لكونها تمثل عدواناً على حق المتهم في سلامة جسمه وفي الصمت(56). أن الاتجاه الثاني من الفقه يستند على الأسباب الآتية:

1.إن استعمال هذه العقاقير يؤدي إلى الإضرار بصحة الأفراد لأنها تخل بسير وظائف الجسم بشكل طبيعي مما يشكل إخلالاً بالمستوى الصحي المعتاد للفرد.

2.إن هذه العقاقير تنتقص من كرامة الإنسان وآدميته لأنها تحول دون السيطرة على الإرادة(57).

إلا أن كلمة الفصل متروكة لتقدير القضاء، وقد ذهب الأخير إلى عدم مشروعية استعمال هذه العقاقير في أغلب الدول(58). وبالنسبة للعراق فقد نص الدستور الصادر في 16 تموز 1970 على مبدأ عام يضمن احترام كرامة الإنسان(59). وكذلك أكد قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل ذلك، فقد نصت المادة (127) منه بأنه (لا يجوز استعمال أية وسيلة غير مشروعة للتأثير في المتهم…). إن استعمال هذه العقاقير في العراق عمل غير مشروع وهذا ما أجمع عليه الفقه في العراق(60). ونص قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في المادة (15/ي) منه بأن (يحرم التعذيب بكل أشكاله الجسدية والنفسية وفي كل الأحوال كما يحرم التعامل القاسي المهين وغير الإنساني…) من كل ما تقدم نصل إلى نتيجة مفادها أن استعمال العقاقير المخدرة من قبل سلطة التحقيق في أية مرحلة من مراحل التحقيق يعد عدواناً على الحرية الشخصية للمتهم، إذ ينتهك حقه في التكامل الجسدي فضلاً عن حقه في الخصوصية إذا ما استخدمت هذه الوسيلة للاطلاع على أسرار شخصية تتعلق بخصوصياته، وأن النتائج المستخلصة بناءً على استعمال هذه الوسيلة تكون متحصلة بالإكراه وخلافاً للقانون(61).

ثانياً: التنويم المغناطيسي

تعد عملية التنويم المغناطيسي إحدى المسائل الحيوية في نطاق علم النفس، لكن محاولة الاستفادة من هذه العملية في مجال التحقيق الجنائي أعطى طابعاً مغايراً لتكييف هذه العملية، وعموماً فإن عملية التنويم المغناطيسي تتمثل في افتعال إيحاءات معينة من شخص معين توحي بفكرة النوم تسيطر على ملكات العقل الإرادية (العقل الظاهر) من دون ملكاته غير الإرادية (العقل الباطن) على نحو يمكن معه الاطلاع على ما يجول بفكر من يخضع للتجربة من غير مقاومة(62). وبدافع المصلحة العامة ومتطلبات العدالة وإقامة النظام العام ظهر اتجاه فقهي ينادي بإمكانية الاستفادة من هذه الوسيلة في كشف الجرائم من خلال إخضاع المجرمين والشهود إلى هذه العملية(63). إلا أن الرأي الراجح لدى أغلب الفقهاء يميل إلى منع استعمال هذه الوسيلة(64). ونرى أن استخدام هذه الوسيلة يعد عدواناً على الحرية الشخصية للفرد وذلك لأن التنويم المغناطيسي ينتهك حق الإنسان في التكامل الجسدي لإخلاله بالمستوى الصحي طيلة المدة التي تستغرقها عملية التنويم المغناطيسي، إذ تشل الوظيفة الأساسية للعقل وهي السيطرة على الإرادة والتحكم بها، هذا فضلاً عن الحجج العلمية والقانونية المعارضة لاستخدام هذه الوسيلة في إجراءات التحقيق. وبالنسبة للتشريع العراقي فإن عملية التنويم المغناطيسي تعد من الوسائل غير المشروعة لأنها تنتقص من كرامة الإنسان المنصوص على حمايتها في الدستور وكذلك تعد وسيلة من وسائل الضغط على المتهم لأنها تؤثر في إرادته(65). وخطورة هذه الوسيلة غير المشروعة على حقوق الأفراد لاسيما في التكامل الجسدي.

ثالثاً: تعذيب المتهمين

إن الغرض من استجواب المتهم هو الحصول على بعض الأقوال التي يمكن عدها أدلة ضده في الإثبات وفي الوقت نفسه أصبح ينظر إليه بعدِّه وسيلة دفاع إذ يسمح له بأن يحاط علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويتيح الفرصة أمامه لكي يدلي بالإيضاحات التي تساعد على إثبات براءته، فهو لم يعد إجراء لإثبات الجريمة على المتهم فقط كما كان سائداً في القوانين الجنائية القديمة بل أخذ يهدف أيضاً الوصول إلى الحقيقة(66). وبخصوص التعذيب فإن المقصود به الأعمال التي تعرض الفرد للإيذاء بصوره كافة سواءً أكان التعذيب بالضرب والجرح وإعطاءه مواد ضارة واستخدام العنف أم بالقيام بأي عمل خلافاً للقانون(67). ومن ثم فإن عملية التعذيب تتحقق بأية وسيلة مؤذية، ومن ذلك الضرب بالسياط وتوثيق اليدين أو القدمين بالطريقة التي تخلف سحجات في الجسم والتعريض للصدمات الكهربائية أو الكي بأعقاب السكائر وإجبار المتهم بالجلوس على قارورة زجاجية مكسورة العنق واقتلاع الأظافر أو حلق جزء من اللحية أو الشارب أو الحاجبين(68) وارتكاب الفاحشة كرهاً، ومن ذلك أيضاً الحرمان من الطعام والشراب أو الحرمان من النوم والإنزال في زنزانة مغمورة في المياه القذرة(69)، وتسطيح أجسام المتهمين على ألواح من الخشب مزروعة بالمسامير وقرص لحومهم بكماشات وتعليق المتهم وربط مواد ثقيلة بعضوه الذكري وإشعال النار تحته(70). وغير ذلك من الأساليب التي يصعب حصرها، وفي هذا الشأن نود الإشارة إلى بعض المسائل منها ما تتعلق في أعمال التعذيب النفسي فهل ينطبق عليها الحكم نفسه بشأن أعمال التعذيب الذي يصيب البدن؟ إن التعذيب النفسي لا يقل خطورة عن التعذيب الذي يصيب البدن، وأي إخلال بمستوى الراحة من الشعور بالآلام النفسية أو البدنية هو إخلال بالحق في التكامل الجسدي، وتنصرف أعمال التعذيب النفسي إلى كل ما يبعث الرهبة والخوف والقلق ويشكل بمجموعه ضغطاً معنوياً على إرادة الفرد يفسد اختياره ومن ثم لا مناص من عد أعمال التعذيب النفسي كافية للنهوض بالركن المادي لجريمة التعذيب وعلى ذلك يعد تعذيباً إكراه الرجال على لبس ثياب النساء أمام الآخرين أو إلجامهم بلجام الخيل أو إتيان الفاحشة مع ذويهم أمامهم أو تجريدهم من ملابسهم(71). والمسألة الأخرى تتعلق بمشروعية استخدام الكلاب البوليسية للتعرف على المجرمين، إذ تستخدم الكلاب البوليسية أحياناً في الكشف عن المجرمين لاسيما عند محاولة التعرف على بقايا الجريمة، لكن ما يهمنا هو طريقة استخدام هذه الكلاب والغرض منه، فإذا كان الغرض من ذلك محاولة تتبع آثار الجاني أو التعرف على دليل معين أو البحث عن أداة من أدوات الجريمة بالشكل الذي لا يعرض سلامة المتهم للخطر. أما إذا استخدمت هذه الكلاب في التأثير على إرادة الإفراد وإضعافها كأن تترك الكلاب للوثوب عليهم وأن يسمح لها بتمزيق ثيابهم وإيذائهم فلا يمكن إجازة ذلك لأنها سوف تدفع المتهم إلى قول أي شيء، فقط ليدفع عنه ما يهدد سلامته ومن ثم فلا قيمة للاعتراف أو الشهادة إن كانت قد قدمت اتقاء شر هذه الكلاب لأن ذلك من قبيل التعذيب ويعد اعتداء على حقوق الأفراد في التكامل الجسدي(72). أما ما يتعلق بعملية عرض المشبوهين أمام الكلاب وترك الأخيرة تتعرف على أحدهم فإن ذلك يعد إهانة لكرامة الإنسان وهدراً لآدميته وإذلالاً لها(73). وعليه لا ينبغي اللجوء إلى مثل هذه الأساليب لأن التعذيب النفسي لا يقل خطورة عن التعذيب الذي يصيب البدن(74)، وأن التعذيب هو في حقيقة الأمر إيذاءً، وهذا الإيذاء العمد يعاقب عليه القانون(75). ومن وسائل التعذيب البدني تعليق المتهم من قدميه وتركه ليتدلى للأسفل وإنزاله إلى الماء وإخراجه وتكرار العملية لعدة مرات(76). أما موقف الشريعة الإسلامية من تعذيب المتهم فقد اختلف الفقهاء المسلمون في ذلك ولكن الراجح عدم جواز تعذيب المتهم لإجباره على الاعتراف بالتهمة المنسوبة إليه(77).

________________________

1- الدكتور محمد عيد الغريب، المصدر السابق، ص440.

2- أنظر جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الخامس، الطبعة الأولى، مطبعة الاعتماد، مصر، 1942، ص781.

3- الدكتور عوض محمد، القسم الخاص، المصدر السابق، ص153؛ والدكتور جلال ثروت، جرائم الاعتداء على الأشخاص، الجزء الأول، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1967، ص407.

4-أنظر المواد (393 – 394) من قانون العقوبات العراقي.

5- Jean Morange، Libertes Publiques Premier Edition، Presses Universitaires de France، Paris، 1985، p.144.

6- صباح سامي داود، المسؤولية الجنائية عن تعذيب الأشخاص، رسالة دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، آب، 2000، ص21.

7- القاضي الدكتور علي أبو حجيلة، الحماية الجزائية للعرض في القانون الوضعي والشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى، الأردن، عمان، دار وائل للنشر والتوزيع، 2003، ص6؛ الدكتور محمد عيد الغريب، المصدر السابق، ص440.

8- الدكتور سلطان الشاوي، المرجع السابق، ص595.

9-الدكتور محمود نجيب حسني، المرجع السابق، ص546.

10- الدكتور أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985، ص611 – 612.

11- الدكتور عصام أحمد محمد، المرجع السابق، ص125.

12- الدكتور صالح الشيخ كمر، الجريمة – الجوانب النفسية والعقلية للجريمة، الطبعة الأولى، 1989، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، ص17.

13- الدكتور صالح شيخ كمر، المرجع السابق، ص18.

14- Jean Gicquel، op. cit.، p.19.

15- إن المواد (24 – 26) من دستور 16 تموز 1970 المؤقت للجمهورية العراقية تضمنت وجوب احترام الحرية الشخصية إن المواد المذكورة آنفاً في دستور 1970 لم يتم احترامها من قبل نظام الحكم السابق في العراق، وكذلك المادة (13/2) من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية الصادر في 12/7/1991 التي تنص بأن: (وتضمن الدولة شرف المواطن وحياته الخاصة وحرمته الشخصية ومسكنه ومراسلاته ويمنع كل شكل من أشكال العنف المعنوي والجسدي).

16- الدكتور محمد عبد العال السناري، النظرية العامة للحقوق والحريات العامة، الطبعة الأولى، المكتبة القانونية، القاهرة، بلا سنة نشر، ص31؛ والدكتور نعيم عطية، النظرية العامة للحريات الفردية، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1965، ص109.

17-الدكتور كريم يوسف أحمد كشاش، الحريات العامة في الأنظمة السياسة المعاصرة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1987، ص61 وما بعدها؛ والدكتور نعيم عطية، المصدر السابق، ص223؛ والدكتور محمد عبد العال السناري، المصدر السابق، ص51.

18- الدكتور نعيم عطية، المصدر السابق، ص223؛ والدكتور كريم يوسف أحمد كشاش، المصدر السابق، ص61؛ والدكتور كامل السعيد، شرح قانون العقوبات، الجرائم الواقعة على الشرف والحرية، عَمّان، الأردن، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1996، ص205.

19- Jean Rivero، Les Libertes Publiques، Presses Universitaires de France، Paris، p.31; George Burdeau، Les Libertes Publique Quatrieme Edition Librairie Generale de Droit et de Jurisprudence، Paris، 1972، p.97.

20- الدكتور محمد زكي أبو عامر، الحماية الجنائية للحريات الشخصية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1979، ص20.

21- الدكتور محمد زكي أبو عامر، المصدر السابق، ص50.

22- أنظر المادة (332) من قانون العقوبات العراقي والخاصة باستعمال الموظف أو المكلف بخدمة عامة القسوة مع أحد الناس فأخل باعتباره أو شرفه أو أحدث ألماً ببدنه وذلك اعتماداً على وظيفته.

23- أنظر المواد (412 – 415) من قانون العقوبات العراقي.

24- أنظر المادة (333) من قانون العقوبات العراقي وكذلك المادة (129) من قانون العقوبات المصري.

25- المقصود بالقبض حرمان الفرد من التنقل من غير تحديد المدة، أنظر حكم محكمة النقض المصرية رقم 105 في 27/4/1959، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجنائية، المكتب الفني، السنة العاشرة، العدد 2، ص482.

26- أنظر المادة (103) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.

27- أنظر المادة (322) من قانون العقوبات العراقي.

28- لقد أجازت المادة (102) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي لكل شخص وبدون أذن من السلطات أن يلقي القبض على الأشخاص في الحالات المنصوص عليها قانوناً والفرد هنا وإن كان يمارس نشاطاً اختيارياً قد جعل منه ممثلاً للسلطة عند عدم وجود من يمثلها وقت الحادث وحتى عند وجود من يمثلها إذا ما طلب منه تقديم المساعدة وبذلك أجاز له القانون أن يمارس نشاطاً ضبطياً اقتضته ضرورة المحافظة على النظام العام.

(29) أنظر المادة (الثانية/ أولاً) من قانون واجبات رجل الشرطة في مكافحة الجريمة رقم 176 لسنة 1980.

30- Jean Rivero، op. cit.، p.33.

31- المادة (332) من قانون العقوبات العراقي.

32- أنظر المادة (الثانية/ ثانياً) من قانون واجبات رجل الشرطة في مكافحة الجريمة رقم 176 لسنة 1980.

33- كأن يكون المجرم مسلحاً وهذا ما أخذ به المشرع العراقي، أنظر المادة (الثالثة/ أولاً/ 2) من قانون واجبات رجل الشرطة في مكافحة الجريمة رقم 176 لسنة 1980.

34- أنظر المادة (الثالثة/ ثانيا) من القانون المذكور اعلاه.

35- الدكتور ماهر صالح الجبوري، القانون الإداري، جامعة الموصل، 1989، ص114.

36- وتدخل هذه الأعمال في نطاق ما يسمى بالقانون الطبي، أنظر الدكتور مبدر الويس، أثر التطور التكنولوجي على الحريات العامة، منشأة المعارف، الإسكندرية، بلا سنة نشر، ص237.

37- كما في موقف الفقه في فرنسا، وللمزيد من التفاصيل أنظر الدكتور محمد علي سالم الحلبي، اختصاص رجال الضبط في التحري والاستدلال والتحقيق، الطبعة الأولى، جامعة الكويت، 1982، ص102.

38- Jean Morange، op. cit.، p.144.

39- الدكتور مبدر الويس، المصدر السابق، ص237.

40- كما لو تم تحليل البول أو الغائط.

41- كما لو تحليل الدم أو السائل المنوي أو الشعر أو اللعاب.

42- أنظر المادة (70) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.

43- أنظر المادة (213) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.

44- الدكتور معجب معدي العتيبي، الشرطة وحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، شركة مطابع الوحدة الوطنية العربية، بلا سنة نشر، ص66؛ والإمام شمس الدين محمد بن شهاب الدين الرملي، الفتاوى، الجزء الثاني، بلا سنة نشر، ص219.

45- وهو الشعار الذي ساد في أوساط المتعصبين للنزعة الفردية وخاصة في فرنسا Nole Melangere، أنظر الدكتور مبدر الويس، المصدر السابق، ص248.

46- ومن ذلك أحكام القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكذلك الحال في الدول العربية، فقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه (متى كان الإكراه الذي وقع على المتهم إنما كان بالقدر اللازم لتمكين طبيـب المستشفى من الحصول على متحصلات معدته فإنه لا تأثير على سلامة الإجراءات)، أنظر حكم محكمة النقض في 4/2/1957، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجنائية، المكتب الفني، السنة الثامنة، العدد الأول، رقم 31، ص104.

47- الدكتور معجب معدي العتيبي، المصدر السابق، ص65.

48- الدكتور محمد عيد الغريب، المصدر السابق، ص439.

49- الدكتور مبدر الويس، المصدر السابق، ص337.

50- الدكتور محمد عبد العال السناري، مرجع سابق، ص67؛ والدكتور نعيم عطية، المصدر السابق، ص233.

51- الدكتور أكرم نشأت، السياسة الجنائية، مرجع سابق، ص5.

52- أنظر المادة (105) من قانون العقوبات العراقي.

53- الدكتور مبدر الويس، المصدر السابق، ص398.

54- ومن هذه العقاقير مادة النركوفين وبنثوتال الصوديوم، أنظر الدكتور محمد فالح حسن، مشروعية استخدام الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي، الطبعة الأولى، بغداد، 1987، ص5.

55- الدكتور حسن صادق المرصفاوي، الأساليب الحديثة في التحقيق الجنائي، بحث منشور في المجلة الجنائية القومية، المجلد العاشر، العدد الأول، 1967، ص45.

56- الدكتور حمدي عبد الرحمن، الحقوق والمراكز القانونية، دار الفكر العربي للطباعة والنشر، 1975 – 1976، ص59؛ والدكتور صالح الشيخ كمر، المصدر السابق، ص11.

57- الدكتور محمد فالح حسن، المصدر السابق، ص59 وما بعدها؛ والدكتور مبدر الويس، المصدر السابق، ص398.

58- حكم محكمة النقض المصرية في 29/5/1933 وحكمها في 13/5/1933 أشار إليها الدكتور محمد فالح حسن، المصدر السابق، ص73.

59- تنص المادة (22/أ) منه بأنه (كرامة الإنسان مصونة وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي).

60- إن استعمال هذه العقاقير المخدرة غير مشروع في أغلب الدول، أشار أليه الدكتور محمد فالح حسن، المصدر السابق، ص73.

61- تنص المادة (126/ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي بأنه (لا يجبر المتهم على الإجابة على الأسئلة التي توجه إليه).

62- الدكتور محمد علي سالم الحلبي، المرجع السابق، ص100. لقد اوجد التنويم المغناطيسي من قبل (فرانز ميسمر) في أواخر القرن الثامن عشر وقد استعمل الطبيبان الفرنسيان الشهيران (شاركوت وبرنهايم) طريقة التنويم المغناطيسي سنة 1880 في علاج الهستيريا.

63- الدكتور مبدر الويس، المصدر السابق، ص394.

64- عدلي خليل، استجواب المتهم فقهاً وقضاءً، الطبعة الأولى، المكتبة الوطنية، القاهرة، 1986، ص144.

65- أنظر المادة (127) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.

66- الدكتور سلطان الشاوي، أصول التحقيق الإجرامي، بغداد، شركة أياد للطباعة الفنية، 1982، ص145.

67- أنظر المادة (412/1) من قانون العقوبات العراقي.

68- الأستاذ عبد الوهاب المريني، قضايا التعذيب والمعتقلين والسجناء في الوطن العربي، بحث منشور في مجلة الحقوقي العربي، العدد الثالث، 1979، ص148.

69- الدكتور عصام أحمد محمد، المصدر السابق، ص382.

70- صباح سامي داود، المصدر السابق، ص112.

71- الدكتور محمد زكي أبو عامر، المصدر السابق، ص58.

72- أنظر حكم محكمة النقض المصرية في 22/11/1949، الطعن رقم 1223 سنة 19 قضائية، مجموعة القواعد القانونية التي أقرتها محكمة النقض في 25 عاماً، الدائرة الجنائية، الجزء الأول، ص43.

73- الدكتور محمد علي سالم الحلبي، المصدر السابق، ص97.

74- Malherb E.J.، Medecine et Droit Moderne، mason، Et، Cit، 1969، p.114.

75- أنظر المواد (412 – 415) من قانون العقوبات العراقي.

76- Dr. Farage Fouda، Behind Closed Doors، Torture and Detention in Egypt، A Division of Human Rights Watch، U.S.A، 1992، p.76.

77- الإمام الغزالي، المستصفى من علم الأصول، الجزء الأول، الطبعة الأولى، المطبعة الأميرية ببولاق، مصر، 1322 هـ، ص297؛ الإمام شمس الدين محمد بن شهاب الدين الرملي، المرجع السابق، ص230.

المؤلف : حسين عبد الصاحب عبدة الكريم الربيعي
الكتاب أو المصدر : جرائم الاعتداء على حق الانسان في التكامل الجسدي

إغلاق