دراسات قانونية

القانون البيئي بالمغرب (بحث قانوني)

القانون البيئي بالمغرب بين التشريع المعجل والتطبيق المؤجل

ياســـيـــن الكــــعيوش

باحــــث بســلك الدكتـــوراه

جامعة سيدي محمد بن عبد الله

  موضوع هام للقراءة :  رقم هيئة الابتزاز

كلـــية الحقــــوق – فــــاس

مقدمة:

من المعلوم أن حماية البيئة أصبحت تشغل حيزا هاما ضمن الاهتمامات الأساسية على الصعيدين الوطني والدولي، وذلك بالنظر للتدهور المستمر والمتزايد الذي أضحى يطال البيئة في مختلف مكوناتها، الشيء الذي أفضى إلى مشكلات بيئية متعددة من قبيل تلوث الهواء، وتلوث المياه، وتراجع الغطاء الغابوي وتفاقم مشكلة النفايات وانتشار الأمراض…[1]، هذا ما لزم الدولة اعتماد برامج إستراتيجية وتشريعية، تأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي كمعيار حقيقي للتنمية المستدامة، مما يؤكد وعي المشرع بضرورة حماية حق الإنسان في العيش ضمن بيئة سليمة ومتوازن( [2]).

إن ما يحدث للبيئة من الجرائم الواقعة عليها لا يشكل خطرا على المنطقة التي تقع فيها الجرائم البيئة فقط بل يتعداها إلى مسافات بعيدة، ونتيجة لهذا الخطر المستفحل اتسمت الجرائم البيئية([3]) وانتهاكاتها بطابع الجرائم العابرة للحدود. لذلك استشعر المنتظم الدولي، بالمخاطر والأضرار الفادحة الناشئة عن الإخلال بالتوازن البيئي والاستنزاف المتزايد للموارد الثروة الطبيعية، الأمر الذي جعل الدول تبذل قصارى جهدها من خلال مؤسساتها وأنظمتها المعنية بحماية البيئة([4])، للحد من تلك المخاطر والأضرار التي أصبحت تهدد وجود الإنسان، والمحافظة على الكائنات الحية بمختلف أنواعها.

علاوة على ذلك، شهد القرن الماضي اهتمام دولي وإقليمي متزايد، بانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المتعلق بالإنسان والبيئة المنعقد في استكهولم سنة 1972 الذي تمخض عنه إقرار مجموعة من المبادئ والتوصيات([5])، وكذا مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المعروف باسم قمة الأرض، الذي عقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل يونيو 1992 والذي أقر حق الدول في استثمار مواردها، بشرط أن لا تسبب ضررا بالبيئة([6])، بالإضافة إلى انعقاد قمة المناخ أواخر سنة 2015 بباريس قصد توقيع اتفاق ملزم بين الدول لمواجهة التغيرات المناخية الخطيرة التي أصبحت تشهدها دول المعمور، إلى جانب مؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية الذي عقد أيام 7 إلى 18 نونبر 2016 بمراكش،.وغيرها من المؤتمرات التي حظيت فيها البيئة والجرائم المرتكبة ضدها بالاهتمام والعناية، للوصول إلى الحلول الناجعة لمعالجة هذا النوع من الأضرار.

كل هذه المؤتمرات حتمت على الدول ومن بينها المغرب إصدار تشريعات بيئية وملاءمتها مع المرجعية الدولية، من أجل تأمين المجال البيئي ضد الأضرار والأفعال غير المشروعة، الناتجة عن سوء استعمال الموارد الطبيعية. حيث اعتمد المغرب مقاربة قانونية مندمجة ترتكز على تدخل الدولة في تدبير المخاطر البيئية والسهر على احترام المجال البيئي وحمايته والحفاظ عليه، وقد وضع لأجل ذلك مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة من الأضرار والمحافظة على صحة وسلامة المواطنين، حيث عمل على تقنين الأنشطة الإنتاجية الملوثة، كما كان المغرب من بين الدول السباقة إلى توجيه السياسة التشريعية إلى خلق الأجهزة والمؤسسات التي تعنى بحماية البيئة بدءا بإحداث كتابة الدولة في البيئة منذ سنة 1972، إلى تأسيس المجلس الوطني للبيئة سنة 1995 ثم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بموجب دستور2011.

ومما لا شك فيه أن الحماية القانونية للبيئة([7])، تشكل أحد المداخل الأساسية لصيانة البيئة وضبط أوضاعها، لذلك ظهر الاهتمام بإيجاد الوسائل القانونية لحماية البيئة منذ وقت مبكر، حيث يزخر التشريع المغربي بالعديد من النصوص القانونية التي تغطي مجموعة من المجالات البيئية، من مياه وغابات ونباتات وتطهير ومكافحة التلوث وحماية الثروة الحيوانية. لهذا أصبح المشرع يسعى إلى تحقيق أقصى صور الحماية القانونية للبيئة([8]). ومن هنا يمكن القول إن البيئة تعتبر هدفا أساسيا من أهداف المحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاث (الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة)، والتي تشكل ما يسمى “بالنظام العام البيئي” إذ يعني الاستهجان الجماعي القاضي بحماية البيئة ضد كل اعتداء، والذي يتخذ شكلين الأول ايجابي يتمثل في التزام الدولة بضمان نوع من التوازن المنسجم بين الإنسان والبيئة، والثاني سلبي يتمثل في ذلك الالتزام القانوني المفروض على الأفراد بعدم إحداث أي اضطراب في المجال البيئي([9]).

ويكتسي موضوع البيئة أهمية بالغة بالنظر إلى المكانة التي أصبح يحتلها في الوسط الأكاديمي والفقهي، فضلا عما يشهده العالم عامة والمغرب خاصة، من اهتمام متزايد بقضايا الأمن البيئي، وعيا منه بالخطر الذي يهدد كل شيء في حياة الإنسان من صحته واقتصاده وأمنه ومائه وهوائه وأرضه، خصوصا بعد التحولات الشاملة في قطاعات الصناعة والاستثمار، والتي تعتبر فيها المحافظة على البيئة تحديا كبيرا للدولة.

أما بخصوص الأهمية العملية التي يطرحها الموضوع، فيمكن تلخيصها في التطور المجال العلمي والتكنولوجي وكذا الأنشطة الاقتصادية للمعامل والمصانع، التي تسعى للربح ولو على حساب الاعتداء على البيئة، فيستتبع ذلك تطور نسب الأضرار المرتبط بالبيئة، لذا لابد من تقييم التشريع البيئي ومدى ومسايرته لمختلف التحولات التي يشهده المجال التنموي.

إن التوجهات التي أخذتها السياسة التشريعية البيئية للحد من الانتهاكات الفظيعة التي تحول دون السير قدما بالمجال البيئي، والتي لم تعد تعتمد على الحلول التقنية والتكنولوجية فقط، بل ركزت على المقاربة القانونية، بالنظر إلى وعي الدول بضرورة الاعتماد على الترسنة القانونية التي من شأنها إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة، وضبط سلوك الإنسان في تعامله مع بيئته. لهذا كان المشرع في ظل القانون البيئي حريصا على حماية البيئة والحفاظ عليها من مختلف أشكال التهديد والتخريب، ثم عمل جاهدا من أجل وضع منظومة قانونية شاملة بالمجال البيئي، غير أن هذه الأخيرة لم تسلم من الاختلالات والعراقيل والانتقادات من قبيل ضعف الإطار التشريعي وعدم مواكبته للتقدم الحاصل في إطار التنمية الاقتصادية، في ظل السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة المكلفة بحماية البيئة. وبالتالي يبقى الإشكال المطروح حول:

ما هي العراقيل والصعوبات التي تحد من نجاعة وفعالية التشريع البيئي المغربي لحماية البيئة على أرض الواقع ؟

هذا ما سنحاول مقاربته من منطلق التصور التالي:

المبحث الأول: غياب فلسفة ملائمة التشريع البيئي مع الواقع

المبحث الثاني: عدم تبني سياسة صادقة في إطار التنمية المستدامة

المبحث الأول: غياب فلسفة ملائمة التشريع البيئي مع الواقع

إن معظم مشكلات البيئية مازالت تزداد كثافة و ليس هناك ما يدعو للتفاؤل ولا تـزال التحديات البيئية تبعث على الرهبة. فبالنسبة للنصوص القانونية تعتبر في مجموعها عبارة عن تشريعات متفرقة تهم مجالات مختلفة لا يجمع بينهما منطق شمولي يحيط بالبيئة في إطارها العام وفق سياسة بيئية يستهدف دمج الاعـتبارات البيئية فـي المخططات الاقتصادية و الاجتماعية. بالإضافة إلى غلبة التشتت وعدم الانسجام على مستوى المؤسساتي.

وإذا كانت القواعد البيئية المتعلقة بمكافحة التلوث والمضار أو المحافظة على الأوساط الطبيعية تكتسي أهمية بالغة في ضمان تجسيد الطابع الوقائي للسياسات البيئية، فإن طابعها العلمي والفني المحض يجعلها تعاني أثناء وضعها من صعوبة تحقيق الإجماع العلمي بسبب تطور الحقيقة العلمية، كما أن كثرة القواعد التي تحكم مختلف العناصر والأوساط البيئية ينجم عنها صعوبة لدى الإدارة في تطبيقها لاصطدامها باعتبارات واقعية تتعلق بالمركز الاقتصادي للمنشآت الاقتصادية، وبالتالي تستعمل أثناء تطبيقها للقانون البيئي سلطة تقديرية واسعة (المطلب الثاني)، وهذا ناتج عن عدم أخذ المشرع عند صياغته للقوانين البيئة باعتبارات واقع البيئة المغربية. مما جعل التشريع البيئي في جل مضامينه لا يواكب التقدم الحاصل في المجال الاقتصادي (المطلب الأول).

المطلب الأول: تشريع لا يواكب التحولات الاقتصادية

يرجع عدم التلاؤم النسبي للتشريع البيئي أولا إلى مصدره الخارجي، فالعديد من النصوص ترجع في أغلبها إلى فترة الحماية، حيث كان الانشغال الأساسي آنذاك، ليس هو حماية البيئة أو المحافظة عليها، وإنما العمل على إيجاد الآليات القانونية الكفيلة بتسهيل الاستغلال المكثف للثروات الطبيعية الوطنية؛ كما أن بقاء التشريع البيئي في هيئته الأولى لعدم تحيينه وتكميله أدى إلى شيخوخه، وأضحى بالتالي متجاوزا في كثير من مضامينه، لأنه لم يعد يساير التطورات المتسارعة في أنماط الإنتاج والاستهلاك التي ولدت أنشطة صناعية واقتصادية جديدة تؤثر سلبا على البيئة.

كما أن جل المقتضيات أصبحت لا تساير بتاتا التحولات الإيكولوجية للأنظمة البيئية ببلادنا، هذا بالإضافة إلى تأخرها كثيرا عن الأخذ بالتقنيات والاتجاهات القانونية المعتمدة لمواجهة خصوصيات الجرائم البيئية بعد أن تبين عدم ملائمة كثير من القواعد التقليدية في هذا المجال.

بالرغم من أولوية المحافظة على البيئة في الوقت الحالي وزيادة الاهتمام بمشاكلها، فإن الثغرات العديدة التي تكتنف باقي النصوص القانونية البيئية والتي تحد من فعاليتها ومن قدرتها على إيجاد الحلول الملائمة للمشاكل البيئية المستجدة، فهي تتسم بقدمها، وقصورها، وعدم ملائمة مضمونها للواقع، لأنها لا تساير المعطيات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة التي أدت إلى ظهور سلوكات جديدة ضارة بالبيئة، وهي نصوص مشتتة وتفتقد إلى الانسجام والرؤية الشمولية في معالجة القضايا البيئية، كما أن الجزاءات والإجراءات الوقائية التي تتضمنها لا تمنح القوانين الفعالية المطلوبة لعدم كفايتها، فهي تقليدية وغير بناءة، وضعيفة لا تتناسب وحجم التخريب البيئي([10]).

ومن النماذج التي نسوقها لتأكيد قدم القانون البيئي ظهير 1914 المتعلق بالمؤسسات الخطيرة والمزعجة والمضرة بالصحة التي تم تنظيمها بنص قانوني يعود إلى سنة 1914([11]) وظهير 10 أكتوبر 1917…إلخ، والتي أصبحت متجاوزا على مستوى قانون البيئة لعدم أخذه بالتقنيات والاتجاهات القانونية الحديثة؛ مما جعله يفقد كل ترابط واتصال مع الحقائق الاقتصادية والاجتماعية، و ذلك راجع إلى تقادمه إذ لم يتم تعديله وتتميمه بما يناسب الواقع الاجتماعي للأجيال الحالية بل بقي جامدا نسبيا.

كما يتميز التشريع البيئي المغربي في معظمه بعدم الكفاية، نتيجة الثغرات التي تحد من فعاليته وقدرته على إيجاد الحلول الملاءمة للمشاكل البيئية، فدون شك أن بعض النصوص التشريعية والتنظيمية الموروثة عن الماضي، قد قدمت في السابق وبدرجة متفاوتة بعض الحلول للمشاكل البيئية التي لم تكن ذات أهمية وقت صدورها، فعدم تحيينها طيلة القرن الذي صدرت فيه، لم تعد قادرة على تقديم الحلول الملائمة للمشاكل البيئية المستجدة التي أصبحت أكثر تعقيدا، باستثناء بعض النصوص الحديثة أو التي تم تحيينها كقانون 10.95 المتعلق بالماء المعدل في 2016 بقانون 36.15، والقانون رقم 08.01 المنظم لاستغلال المقالع، والقانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، والقانون رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة، والقانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء، والقانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها…الخ.

كما يعاني التشريع البيئي من الطابع المتفرق على المستوى الزمني، وحتى في مختلف المصادر التشريعية التنظيمية منها والإدارية، فالظهائر والمراسيم والقرارات انصبت على مجالات متعددة ومختلفة وبالتالي فقد التشريع البيئي كل انسجام إجمالي ولم يستطيع الانصهار في كل قالب متماسك وصلب، وهو ما أدى بدوره إلى تشكيل مفهوم غير واضح يكتنفه الغموض، سواء من طرف الباحث أو الإدارة أو القاضي الذي لا يتوفر على الوسائل القانونية الواضحة للدفاع وحماية البيئة، وبالتالي شكل القضاء في هذه المادة تأخرا كبيرا لانعدام رجال القانون المتخصصون في الميدان.

إضافة إلى ذلك، هناك عيوب أخرى تكشف عن ضعف التشريع البيئي في المغرب، راجعة إلى الثـغرات التي يتضمنها خاصة في مجال محـاربة التلوث والحد من الانبعاثات الملوثة وهي مسـائل لــم تحظى بالاهتمـام التشريعي في فترة كان المغرب يعيش ركودا صناعيا، هكذا فإن المواد الكيميائية الخطيرة والنفايات الصناعية والضجيج و تلوث الهواء على سبيل المثال لا الحصر، لم يأخذها المشرع المغربي بعين الاعتبار.

كما أن ضعف الوسائل التقنية وقلة الموارد البشرية حالت دون ذلك، وهو ما يتكرر الآن مع قانون مكافحة تلوث الهواء الصادر سنة 2003 والذي يهدف إلى الحد من انبعاث الملوثات الجوية التي يمكن أن تلحق أضرارا بصحة الإنسان والحيوان والتربة والمناخ والثروات الثقافية والبيئة بشكل عام، ويطبق على كل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يمتلك أو يحوز أو يستعمل أو يستغل عقارات أو منشات منجمية أو صناعية أو تجارية أو فلاحية، أو منشآت متعلقة بالصناعة التقليدية أو عربات أو أجهزة ذات محرك أو آليات لاحتراق الوقود أو إحراق النفايات أو للتسخين أو التبريد؛ إن شساعة المجال الذي يهدف قانون مكافحة تلوث الهواء إلى حمايته، وأمام ضعف الوسائل المالية والبشرية المخصصة لقطاع البيئة، وللبيئة بشكل عام، يحول دون ذلك، مما يفقد النصوص القانونية هيبتها أمام المواطن.

إن المقتضيات التشريعية الموجودة بعيدة كل البعد عن تنظيم البيئة تنظيما عقلانيا بل تبقى موجهة نحو المنع والقمع وتهمل المقتضيات الوقائية من جهة وإدماج السياسة البيئية في مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى.

لذا نستنتج أن المنظومة القانونية البيئية تبقى غير كافية بل عاجزة عن مواجهة التحديات المطروحة على الصعيد البيئي، مما يفرض اعتماد إطار مؤسساتي يسهر على ترجمة النصوص القانونية على أرض الواقع والرفع من قدرة التشريع البيئي وتفعيله وتعزيزه لصون والمحافظة على المجال البيئي، والانتقال من الخطاب السياسي النظري إلى خطاب عملي إجرائي لأن المجال البيئي أصبح يعاني يوم بعد يوم، الشيء الذي يشكل خطورة على الأجيال القادمة.

المطلب الثاني: السلطة التقديرية للإدارة تعطيل للقواعد البيئية

من المعلوم أن طبيعية القواعد البيئية تحدد شكل التدخل الإداري، الذي يتراوح بين الأسلوب الوقائي والأسلوب الردعي، لكن على الرغم من اكتساب الإدارة لهذين الأسلوبين للتدخل من أجل حماية البيئة، فإن درجة فعالية تدخلها تتحدد وفقا لنجاحها في اختيار الأداة الملائمة الردعية أو الوقائية ومدى تحقيق تكامل بين الأسلوبين، وإذا اختل الانسجام في تطبيق نظام الرقابة المزدوج، تختل معه فعالية تطبيق القواعد البيئية التقنية، خصوصا في ظل إرساء استثناءات تشريعية وإدارية لتعطيل تطبيقها.

ورغم الدور المحوري للوظيفة الوقائية لجملة من الآليات البيئية التقنية في تحديد مسار إنشاء المشروعات الملوثة وتصور كل التوقعات المحتملة على المحيط للتخلص من الملوثة، إلا أن المشرع المغربي حد من فعالية مختلف هذه الآليات الوقائية وربطها بالقدرة الاقتصادية للمؤسسات الاقتصادية، حين اعتبر أن مبدأ الوقائي وتصحيح الأضرار البيئية بالأولوية عند المصدر يهم دراسة البعض دون الكل .

ونصت المادة 58 من قانون تدبير النفايات والتخلص منها 28.00([12]) على أنه ” لا يمكن لمنشآت معالجة النفايات الخطرة أو النفايات الصناعية أو الطبية والصيدلية أو تثمينها أو لإحراقها أو التخلص منها أو إيداعها في مطارح أن تزاول نشاطها إلا بعد إيداع ضمانة مالية؛ تخصص هذه الضمانة المالية، إذا اقتضت الضرورة ذلك، لتغطية التدخلات المحتملة في حالة وقوع حوادث قبل إغلاق المنشاة أو بعد إغلاقها، وكذا للحفاظ على سلامتها وحراسة الموقع، غير أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال تخصيص هذه الضمانة المالية لتغطية التعويضات المستحقة على المستغل للأغيار الذين قد يتعرضون لضرر ناتج عن تلوث أو حادثة بسبب المنشأة. كما سمحت المادة 98 من القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء([13]) على استيفاء إتاوات عن تسليم الترخيص بإلقاء أو سيلان أو إيداع مباشر أو غير مباشر في مياه سطحية أو طبقات جوفية من شأنه أن يغير المميزات الفيزيائية بما فيها الحرارية والإشعاعية والكيميائية والبيولوجية أو البكتيرولوجية.

فهذه المقتضيات وغيرها التي تسمح بتلويث البيئة مقابل مبالغ مالية، هي مساومة على المجال البيئي تجعل من سلطة الإدارة صاحبة القرار في تفعيل القوانين البيئية الهادفة لحماية البيئة أو تعطيلها؛ حيث تعتبر جملة الاستثناءات التشريعية المتعلقة بتعطيل أو تأجيل تطبيق القواعد البيئية عن احتراز السلطات العامة من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للتطبيق الصارم والفجائي للقواعد البيئية، ورغم مشروعية هذا الانشغال في التعامل المرن مع المنشات الملوثة، إلا أن الواقع الاقتصادي والإيكولوجي يجعل من تطبيق هذه الاستثناءات مبدأ، ويبقى الاستثناء هو خضوع عدد قليل من المؤسسات الملوثة لكل المتطلبات التي تفرضها القواعد البيئية، وبذلك تصبح بعض مقتضيات قانون البيئة يؤسس للتلويث بإرادة الإدارة، ويزداد التدهور البيئي بصفة مضطردة ومشروعة([14]).

كما أن المهل الإدارية التي تخضع للسلطة التقديرية الكاملة للإدارة إحدى الإجراءات الانتقالية التي تلجأ إليها الإدارة لحث وتشجيع الملوثين للامتثال إلى القواعد البيئية المعنية، قبل أن تلجأ إلى التدابير الصارمة والمتمثلة إما في وقف المنشأة أو غلقها أو إحالتها على القضاء([15])، وبالرغم من الطابع الموضوعي الذي يكتسيه منح المنشات الملوثة آجالا للامتثال للتدابير القانونية المتعلقة بمكافحة التلوث، إلا أن الغموض الذي يحيط بسلطة الإدارة في منح هذه الآجال قد يجعل منها في الناحية العلمية غير مطبقة بصورة متساوية وعادلة على جميع المنشات المخالفة لأحكام القانون البيئي، لأن تحديد هذه الآجال قد يطول أو يقصر حسب السلطة التقديرية للإدارة.

هذا الفيتو الإداري المتمثل في سلطة إصدار تراخيص مخالفة لمبدأ وقاية البيئة ومنح أجال ومهل انفرادية أو اتفاقية بحسب حالة الملوثين، يخول الإدارة سلطة خطيرة تتمثل في تعطيل أو تأجيل التطبيق الصارم للنتائج العلمية المكرسة في القواعد البيئية، وبذلك فإن الهيئات الفنية أو التقنية لا تملك إلا سلطة عرض القياسات والتحاليل والبيانات والتدابير البيئية على الإدارة لتنتهي مهمتها، ولتتولى الإدارة بعد ذلك تقدير الاستعدادات والإمكانيات المتاحة لتطبيق هذه القواعد، وكذا الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لتطبيق هذه النتائج العلمية على أرض الواقع. وهو عكس ما ينبغي أن تقوم به الإدارة بتفسر حالة الشك والتضارب لصالح مبدأ الاحتياط الذي يقضي بأن لا يكون عدم وفرة التقنيات نظرا للمعارف العلمية والتقنية الحالية، سببا في عدم اتخاذ التدابير الفعلية والمناسبة للوقاية من خطر الأضرار الجسيمة المضرة بالبيئة([16]).

ومن ناحية أخرى تؤدي بعض الوضعيات الخاصة إلى خلق صعوبات بالغ للإدارة في تطبيق القواعد البيئية، مثل الحالة التي تنجم عن تراكم مواد ملوثة ذات مصادر مختلفة والخارجة عن الوسط الذي تقام فيه المنشأة، إذ يستعصي اتخاذ أي قرار ضد المؤسسة الملوثة والتي لم تساهم إلا بقسط محدود في التلويث القادم من أوساط مخلفة أخرى، وهنا تثار إشكالية المسؤولية التضامنية لجميع الملوثين أمام الإدارة([17])، إذ أنها حتى وإن حاولت تطبيق النص فسيكون طويلا وشاقا، هذا إن لم تركن إلى الجمود، لأنه من جهة يعتبر كل ملوث محترم لعتبات التلوث ومن جهة أخرى تزداد نسبة تدهور الأوساط المستقبلية تصاعديا.

المبحث الثاني: عدم تبني سياسة صادقة في إطار التنمية المستدامة

إن وجود القوانين البيئة على اختلاف مجالاتها، كان نتاج محاولة المشرع التخفيف من الآثار السلبية الصناعة، بفرض ضوابط إجرائية أو مالية، لكن النظام الجبائي الوطني أصبح لا يعطي إلا أهمية قليلة لفكرة المحافظة على البيئة، بالنظر إلى كون الهدف المنشود هو أساسا هدف مالي ولا يشجع السلوكات والمواقف الملائمة لحماية البيئة والتنمية المستدامة كما هو الشأن بالنسبة لبعض الدول الأخرى([18]). حيث أثبتت التجارب الدولية في مجال استعمال الآليات الاقتصادية بهدف حماية البيئة في أوروبا وغيرها، قد بينت الأهمية الأساسية لهذه الآليات كرافعة مهمة لتطوير سلوكيات جماعية جديدة ملائمة لحماية البيئة والتنمية المستدامة. كل هذا غلب المصلحة الاقتصادية والتنموية على مصلحة المحافظة على البيئة (المطلب الأول) في ظل التوسع العمراني السريع أيضا (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تغليب المصالح الاقتصادية على مصلحة البيئة

تعد المصالح الاقتصادية داخل الدولة أبرز اهتمامات هذه الأخيرة، إذ من شأنها التقليل من البطالة والمساهمة في ضمان مستوى معيشي أنسب للمواطن، ومن ثم فإن ميزان المصلحتين الاقتصادية والبيئية يميل دوما إلى جانب الأولى، هذا الأمر جعل الدول ومن بينها المغرب تؤثر حماية أنشطتها الاقتصادية بالدرجة الأولى على حماية البيئة.

إن التحول الطارئ في الأنشطة الاقتصادية يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في التدهور البيئي نتيجة للعاملين الاقتصادي والديمغرافي، خاصة إذا ما علمنا أن أهم الأنشطة الصناعية توجد على الساحلين الأطلسي والمتوسطي؛ حيث شهد المغرب في العقود الأخيرة تطورا اقتصاديا مهما بفضل نمو القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية كالصناعة والفلاحة والصيد البحري والعمران والبنيات التحتية والسياحية، إذ صاحبت هذا التطور انعكاسات سلبية على البيئة، ويتطلب تصحيح هذه الاختلالات موارد مالية جد ضخمة من شأنها أن تشكل عائقا أمام تطور اقتصاد بلادنا([19])؛ فالمقذوفات الملوثة في الوسط الطبيعي بأشكالها السائلة الصلبة والغازية والاستغلال المفرط للثروات الطبيعية، تشكل عوامل مهددة للثروة الطبيعية وذات أثار سلبية على البيئة وعلى إطار مستوى عيش السكان.

ويعد القطاع الصناعي المستهلك الأول للموارد الطبيعية والمواد الخام وهو أكبر ملوث بامتياز، فحدة هذه التداعيات تزداد انعكاساتها تحت ضغوط تفاقم الأثر الناجمة عن التغيرات المناخية التي تستأثر اليوم باهتمام كبير من طرف المجتمع الدولي([20])؛ وما يزيد الأمر حدة هو تنوع وتعدد مصادر التلوث، حيث تعد الأنشطة الصناعية ووسائل النقل من أهم مصادر تلوث الهواء، إذ يؤدي اعتماد المصانع والمنشات الإنتاجية على مجموعة من المواد الأحفورية كمصادر الطاقة (الفحم والبترول والغاز الطبيعي) إلى ظهور العديد من المواد والتفاعلات الملوثة للهواء([21])، كما يتسبب قطاع النقل بالمغرب في انبعاث 90% من غاز ثاني أكسيد الأزوت من جراء ارتفاع عدد محركات الديزيل التي تعرف تزايدا سنويا يقدر بنسبة 3.5 % بسبب اعتماد القطاع على منتوجات نفطية ذات تكرير أقل جودة من الناحية البيئية([22]).

كما أن التأخر الحاصل في ميدان تطهير السائل له عدة انعكاسات سلبية سواء فيما يتعلق بحماية الثروات المائية أو بمجال البيئة وصحة الساكنة، وفي الواقع يتم طرح المياه العادمة مباشرة في الوسط الطبيعي دون معالجة مسبقة؛ صاحب ذلك نموا مضطردا للمدن وانتشار الأحياء بالضواحي الهامشية، الذي واكب طلب متزايد في الحاجة إلى الوصول إلى الخدمات الأساسية، هذا الوضع جعل من عملية جمع ونقل والتخلص من النفايات الصلبة جد معقدة وصعبة.

ويسجل تعرض التنوع البيولوجي الوطني أيضا لعدة ضغوطات طبيعية، وتهم بالخصوص الأنشطة الاقتصادية، كالاستغلال المفرط للثروات الطبيعية واندثار الغابات والرعي الجائر والتعمير، ومختلف أنواع التلوث، كل هذا ساهم في إضعاف التنوع وانقراض بعض الأنواع الحية ومجموعة من التنوع البيولوجي([23]). وهذا ما يجعلنا ندعو المشرع المغربي إلى حمل المؤسسات الاقتصادية إلى الحد من التلوث من مصدره محمل الجد، وإلزامها بالانخراط الفعال في حماية البيئة بما يتوافق مع التنمية المستدامة المنشودة، لتصبح من بين أهم الآليات الفعالة في حماية البيئة بعد أن كانت من المصدر الرئيسية في إحداث التلوث والاستغلال المفرط للثروات الطبيعية([24]).

لذلك لابد من العمل جديا على حماية البيئية من جميع أشكال التلوث والابتعاد عن التناقض الذي يواصل النشاط الاقتصادي الملوث من جهة، والإدعاء سياسيا بالحفاظ على البيئة من جهة أخرى؛ إذ لابد من اختيار البديل لهذه الأنشطة الملوثة بتجسيد خيار التنمية المستدامة بشكل صادق([25])، والتي تعد أهم وسيلة للتقارب بين المصلحتين المتناقضتين، بحيث تحقق التنمية مع حماية البيئة.

ونظرا للصعوبات الموضوعية التي تواجه المخططين الاقتصاديين في تقدير وتقويم العناصر البيئية بشكل دقيق، يجب إقامة دراسات متعددة تسمح بتطوير معرفة التقاطعات بين البيئة والاقتصاد، كما يجب إقامة دراسات اقتصادية وبيان أثرها على البيئة والإنسان وتقديم اقتراحات سياسية للوصول إلى قرارات أكثر وضوحا وتأسيسا([26]).

وعلى على ذلك، فإن التقييم الاقتصادي للبيئة يسهل اتخاذ القرارات الصحيحة وتحديد الأهداف بالنسبة للسلطات العامة في المجال البيئي، ويسمح من ناحية أخرى للمؤسسات بتطوير نشاطاتها الصناعية وجعلها تتماشى مع الأهداف البيئية.

المطلب الثاني: خطورة التوسع العمراني على حساب البيئة

يشهد المغرب توسعا عمرانيا متسارعا، سبب في اكتساح المجال الأخضر من طرف الزحف الإسمنتي الذي يعد من بين التمظهرات الرئيسية للتنمية الحالية، لكن في نفس الوقت أدى إلى تفاقم المشاكل البيئية الاجتماعية، كتنامي ظاهرة الهجرة القروية نحو المدن، وانتشار التجزئات العشوائية والبناء غير القانوني؛ مما خلف واقعا عمرانيا مشوها أفرز مشاكل لا حصر لها على عدة مستويات، وأخل بشروط ومتطلبات التنمية العمرانية المتوازنة، مما أبان عن عجز الدولة في بعض الأحيان إلى تحقيق التوازن البيئي وتوفير شروط التنمية وتلبية الحاجيات الاجتماعية للسكان.

ومن الاختلالات المجالية أيضا داخل المدن المغربية، انتشار الصناعة بجانب المناطق السكنية، وتمركز غالبيتها على المحور الساحلي بين القنيطرة والجرف الأصفر، وتدهور نوعية الحياة بفعل المقذوفات السائلة والصلبة والغازية الناتجة عن مختلف الأنشطة الاقتصادية والمنزلية، والتوسع العمراني على حساب المناطق الفلاحية والمساحات الخضراء، التي تمثل رئة المدن وهي- أي المساحات الخضراء- بالنظر لحساسيتها ومورفولوجيتها، المكون الحضري الأكثر صعوبة في التسيير، لأنها أهم معيار يحدد مدى التوازن بين الإنسان والبيئة ومؤشر بالغ الدلالة على نوعية الحياة ودرجة الرفاه في المدن، كما تعد أيضا من الأكثر الأبعاد البيئية فعالية في التهيئة الحضرية والتعمير.

فالتوسع العمراني أثر سلبا على المساحات الخضراء بجل المدن، حيث فقدت العديد من المدن رونقها وعانت من للتشوهات وفقدت مساحات فلاحية كبيرة خضراء تحت تأثير التمدن المتسارع، مع التكاثر الفوضوي لأشكال السكن غير اللائق، والاستهلاك المفرط لأراضي فلاحية خصبة بضواحي المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، سلا، المحمدية، برشيد، فاس، مكناس…إلخ، والتهميش التدريجي للساكنة ذات الدخل الضعيف([27]).

كما يبدو أن المخططين والمسؤولين الإداريين كانوا يعتبرون منذ زمن غير بعيد، أن التوفيق بين التعمير وتنمية البلاد بصفة عامة وحماية البيئة تعد مشكلة من الصعب حلها، وهذه الطريقة في التفكير أدت إلى هيمنة المقاربة القانونية والتقنية والمؤسساتية؛ كما يبدو أن المنتخبين تهيمن عليهم مقاربة ذاتية مرتبطة بمصالح شخصية؛ ويضاف إلى ذلك وجود مجموعات ضغط تتسم بالحساسية ضد الاكراهات المرتبطة بالبيئة بالنظر إلى الرهانات الكبرى والمصالح الخاصة التي تتسبب في تدهور البيئة، ويتشكل هذا اللوبي من المقاولات الكبرى التابعة للدولة والمقاولات الخاصة التي تمارس أنشطة تضر بالبيئة([28]).

فإذا كانت المادة 13 من قانون 90-12 المتعلق بالتعمير)[29]( مثلا، تنص بأن التصميم التنطيق يشمل على تحديد المناطق التي يحظر فيها البناء بجميع أنواعه وكذا تعيين المواقع المخصصة لإقامة التجهيزات الأساسية والاجتماعية كالطرق الرئيسية والمستوصفات والمدارس والمساحات الخضراء، فإنه من الملاحظ هو عدم التلاؤم الحاصل بين طبيعة التشريع في ميدان التعمير وواقع البيئة ببلادنا، حيث لا تعتبر القوانين ملزمة للغيرـ فالنصوص المتعلقة مثلا بالتطهير وبتجزئة الأراضي صارت متجاوزة نظرا لظواهر النمو العمراني السريع، والذي تتدخل فيه قرارات سياسية نابعة من البرامج الانتخابية أكثر مما هي قانونية([30]).

بعد الاطلاع على التشريع البيئي، يظهر واضحا إذن أن هناك فراغا قانونيا كليا أو جزئيا حسب القطاعات، يعبر عنه أحيانا بأن البلد الذي يكون في مرحلة الإقلاع الاقتصادي لا يمكن أن يكون له جهاز قانوني بيئي “كمالي” من شأنه عرقلة التنمية الاقتصادية. هذا النمط من التفكير مرفوض حاليا بعدما أثبتت الأبحاث العلمية خطورة تدهور المجال البيئي على حياة الإنسان وباقي الكائنات؛ ذلك أن وضع إطار قانوني متماسك وواقعي بعيدا على أن يعرقل التنمية الاقتصادية يمكن أن يسهل تحقيق التنمية المستديمة للبلد التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون الإخلال باحتياجات المستقبل.

ومن غير المحتمل أن يكون النمو مستداما إذا كان على حساب البيئة وصحة السكان؛ مما يقتضي إعادة النظر في المنظومة البيئية حتى تتلاءم مع التحولات المجالية المتسارعة، بل الأمر في حاجة ماسة إلى محاولة التوفيق بين هاجس التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة.

خاتمة:

إن تدعيم الإطار القانوني المتعلق بحماية البيئة يستلزم بذل مجهود تشريعي يصبو إلى تجاوز الثغرات والنقائص التي تكتنف التشريع البيئي، والتي تجعله متسما بالطابع التقني والتقادم والتشتت والتجزيء، مما يحد من فعالية الوسائل القانونية في مجال المحافظة على البيئة، إذ يقتضي تحيين المقتضيات القانونية المرتبطة بالبيئة، فضلا عن إعمال المقترب الشمولي عند التأطير القانوني لمجالات البيئة، والابتعاد بالتالي عن المقاربة التجزيئية والقطاعية التي تهيمن على مضمون التشريع البيئي لصالح مقاربة شمولية مندمجة، تجعل من البيئة مجموعة من المجالات المنسجمة والمتماسكة والموحدة، من أجل ضمان التوازن بين أمرين يظهران أحيانا متكاملين: المحافظة على البيئة بالنسبة للأجيال الحالية والمستقبلية ومتابعة التنمية الاقتصادية قصد تعزيز الأمن البيئي، مع الانتقال بالمجالات البيئة من مرحلة الرغبة في التقنين إلى النية في التطبيق والتفعيل.

 

(محاماه نت)

إغلاق