دراسات قانونية

بحث ودراسة قانونية حول الحكم والنص التشريعي في نظام الرقابة الدستورية

كتبت الاستاذه : مروة ابوالعلا

تحديد المقصود بالحكم في مجال الرقابة الدستورية :

الحكم ، لغة ، القضاء وقد (حَكَم) بينهم يَحْكُم بالضم (حُكْماً) و (حَكَم) له و (حَكَم) عليه(1) . واصطلاحاً ، الحكم القضائي ، هو قرار صادر عن محكمة مشكلة تشكيلاً صحيحاً في خصومة رفعت إليها على وفق قواعد المرافعات سواء أكان صادراً في موضوع الخصومة ام في شق منها أم في مسألة متفرعة عنها(2). والحكم الصادر في الدعوى الدستورية هو حكم قضائي صادر في دعوى قضائية ، وهو بهذه المثابة يخضع لقواعد نظرية الأحكام في قانون المرافعات المدنية ، شأنه شأن أي حكم قضائي، وذلك بما لا يتعارض وطبيعة الدعوى الدستورية . وتنتمي الدعوى الدستورية إلى طائفة القضاء العيني لتوجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري توصلاً للحكم بعدم دستوريتها ، أو إلى الحكم بدستوريتها وبراءتها من جميع المثالب وأوجه البطلان . (3) والحكم في الدعوى الدستورية هو إعلان لفكر القاضي الدستوري إزاء المسالة الدستورية، يكون بأحد أمرين : إما رفض الطعن الموجه إلى النص التشريعي ومن ثم إقرار دستوريته ، وإما قبول الطعن والقضاء بعدم دستوريته . وهو حكم قطعي بصدوره تستنفذ المحكمة ولايتها بشأن ما فصلت فيه . (4)

والقاضي الدستوري في مجال رقابته لدستورية النصوص التشريعية المطعون عليها يقوم أولاً بتحديد المسألة الدستورية محل البحث إذ يشترط أن يكون الحكم في هذه المسألة لازماً للفصل في الطلبات المطروحة امام محكمة الموضوع وتفترض سلطة القاضي الدستوري عند تحديد المسألة الدستورية الاستيثاق من الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية قبل الخوض في عيوبها الموضوعية. ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية التي يتصدى فيها القاضي الدستوري لبحث القانون – النص التشريعي – من الناحية الموضوعية لمعرفة مدى تطابقه أو تعارضه مع الدستور ، وذلك عن طريق تفسير النص التشريعي ، وتفسير النص الدستوري والمطابقة بينهما. (5)

ولا يلزم أن يكون النص التشريعي ظاهر التعارض مع النص الدستوري ، إذ أن السلطة التشريعية ليست بالسذاجة بحيث يكون تعارض نصوص تشريعاتها مع الدستور واضحاً ، بل أن لديها من الوسائل ما يمكنها من إخفاء المخالفة . وبغير الفحص الدقيق والتفسير العميق من جانب القاضي لا يتوصل إلى معرفة وجه المخالفة وبغير هذا لا تكون للرقابة الدستورية جدوى كبيرة . والقاضي في قيامه بهذا التفسير لا يخرج عن مهمته القضائية والقانونية، ذلك أنه لا يفسر النص الدستوري بأفكاره وآرائه الشخصية وإنما لهذا التفسير أصول وضوابط يراعيها القاضي الدستوري . (6) وأخيرا تأتي مرحلة الفصل (الحكم) في المسألة الدستورية إذ يفصل القاضي الدستوري في ضوء مدى مطابقة التفسير الذي حدده للنص التشريعي مع التفسير الذي أعطاه للنص الدستوري . فإذا وجد أن النصوص التشريعية المطعون عليها مطابقة للدستور حكم برفض الدعوى الدستورية ، أما إذا كانت هذه النصوص غير مطابقة للدستور حكم بعدم دستوريتها.(7)

إغلاق