دراسات قانونية

بحث ودراسة قانونية حول عقوبة الاعدام في التشريعات الدولية

عقوبة الإعدام في فرنسا :

عرفت القوانین الفرنسیة عقوبة الإعدام كغیرھا من قوانین مختلف الدول حیث تغیرت النظرة إلى عقوبة الإعدام بتغیر المراحل التاریخیة التي مرت بھا فرنسا من حیث طریقة التنفیذ ونوع الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام ، فھل اتجه المشرع الفرنسي نحو إلغاء العقوبة أم انھ اكتفى بالتقلیل من تطبیقھا ؟ قبل الثورة الفرنسیة لم تكن لفرنسا مدونة عقابیة كاملة ، وكانت المسائل الجنائیة آنذاك تنظم بموجب أمر یصدر لمواجھة القمع في البلاد وقد تمیزت ھذه الأوامر في إقرارھا لعقوبة الإعدام بالخصائص التالیة :

رصد عقوبة الإعدام لعدد كبیر من الجرائم ،اقتران تنفیذ عقوبة الإعدام بالقسوة وللإنسانیة ،تنفیذ عقوبة الإعدام في الیوم التالي للنطق بھا ، الحكم بعقوبة الإعدام برأي اثنین فقط من ھیئة القضاة السبعة التي كانت تنظر في الجنایات وھذا یعني التعسف من جانب القانون بإقراره لعقوبة إسئصالیة برأي القلیة ، وقد تعرض ھذا إلى انتقادات عدیدة في القرن 18 ، من طرف المفكرین والفلاسفة والقانونین سعیا إلى تحسین ھذه الأوضاع ، وھو الشيء الذي أدى بالمشروع إلى التدخل عام 1770 لإلغاء عقوبة الإعدام على جریمة الفرار من الخدمة العسكریة (1) ، ثم تدخل مرة أخرى عام 1778 قرار إلغاء اختصاص محكمة ” فلا ندر ” العلیا بنظر جرائم وسرقة الخیول وھذا یعني إلغاء عقوبة الإعدام من ھذا النوع ، كذلك تدخل المشرع مرة أخرى في 8 ماي 1788 لیرفع عدد القضاة الذین یتقرر برأتھم حكم الإعدام من اثنین إلى ثلاثة (2) كانت العقوبات البدنیة وعقوبة الإعدام على وجه الخصوص تطبق في القانون الفرنسي القدیم ، وقد أبقى قانون العقوبات الصادر سنة 1791 على عقوبة الإعدام في اثنین وثلاثین حالة منھا قتل الأب والقتل البشع والتسمیم والإحصاء ، المتبوع بالوفاة قبل انقضاء أربعین یوما ، واختطاف الصغیر إذا حدث موته بعد اختطافه وجریمة أفعال العنف المرتكبة ضد الصغار بقصد إھلاكھم ، واقتران القتل بجنایة أخرى ، والحبس بدون وجه حق إذا اقترن بتعذیب بدني ، وجریمة شھادة الزور إذا نشأ عنھا صدور حكم بالإعدام وتم تنفیذه .

وكذا جریمة إحراق منزل مسكون إذا نشأ عنه موت إنسان وكان ذلك القانون یعرفھا بأنھا عقوبة الحرمان من الحیاة . وحین جاءت مدونة قانون العقوبات التي وضعھا نابلیون سنة 1810 أبقت على علامة الحدید المحمي على كتف بعض الجناة لاستخدامھا كدلیل للتعرف علیھم فیما بعد ، فضلا عن قطع الكف السابق على تنفیذ الإعدام في شخص قاتل أبیه ، وقد أضافت تلك المدونة أربعة جرائم أخرى تقرر الإعدام بشأنھا وأصبح مجموع الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام سنتا وثلاثین . بعد ثورة 1830 ، صدر قانون 28 إبریل سنة 1832 لیلغي الإعدام كعقوبة بالنسبة لتسع جرائم منھا جریمة تزییف المفكوكات وجریمة السرقة المصحوبة بظروف مشددة ، بل أتاح ذلك القانون للمحلفین أن یمنحوا الجاني میزة الظروف المخففة استبعادا لتطبیق عقوبة الإعدام وذلك باستعمال الرأفة ، في سنة 1848 میلادیة ألغى الدستور الفرنسي عقوبة الإعدام في المواد السیاسیة ، وفي غضون عام 1867 دار نقاش حول اقتراح موقع علیه من أربعة عشر ألف شخص مطالبین بإلغاء عقوبة الإعدام عرض على مجلس الشیوخ ، وقد أعلن مقرر المجلس قوله : ” لنحمل طرفي المشكلة كما حددتھا لجنتكم : ھما فاعلیة العقوبة وصعوبة إبدالھا بعقوبة أخرى على ذات الفاعلیة ، وأكرر القول بأن حل المشكلة لم یتھیأ إلا بحدوث نمو في الأخلاق العامة ، فھنا تكمن المشكلة لا في مكان آخر.” وقد تم استبعاد ھذا المشروع في 24 ینایر 1870 بأغلبیة مائة وإحدى عشر صوتا ضد سبعة وتسعین صوتا ، كما أنھ طرح مجلس النواب في عام 1882 ، مشروعا بقانون یتضمن إلغاء عقوبة الإعدام إلا أنھ قوبل بالرفض عقب خطاب لویس بلا (3) وفي عام 1901 ألغیت العقوبة بالنسبة للأم التي تقتل طفلھا حدیث العھد بالولادة ، وأصبح القانون الفرنسي لا یعاقب بالإعدام إلا على الاعتداءات التي تقع مباشرة أو بطریقة غیر مباشرة على حیاة الإنسان وكانت الحكومة الفرنسیة قد قدمت إلى البرلمان عام 1906(2) مشروع قانون تنص مادتھ الأولى على أن عقوبة الإعدام ملغاة باستثناء الحالات التي تكون مقررة فیھا بمقتضى قوانین العدالة العسكریة وكذا الجرائم المرتكبة في حالات الحرب ، وألغى وزیر العدل ” جویت دیسوجن ” بیانه بالمجلس مشیرا فیه إلى الأسباب الداعیة لإلغاء العقوبة وإحلال غیرھا مستشھدا بتجربة العدید من الدول التي قامت بذلك ، إلا أن ھذا الاقتراح لم یلق قبول المجلس أیضا . ولقاء حالة التوتر والخوف العام الراجعة إلى التفكیر في إلغاء الإعدام رفض مجلس النواب الفرنسي في 8 دیسمبر 1908 بأغلبیة 331 صوتا ضد 201 صوت ولم یستطع وزیر العدل ” أرسیتسد بریارد ” أن یقنع المجلس بإلغاء العقوبة (3) ، وبمقتضى القانون الصادر في 14 ینایر سنة 1937 قرر المشرع الفرنسي عقوبة الإعدام بشأن اختطاف الصغیر الذي لم یتجاوز خمس عشرة سنة إذا استتبع خطفھ حدوث موته . .

وفي الجانب الآخر كان القانون العسكري الفرنسي یقرر عقوبة الإعدام جزاء جریمة الھروب من وجه العدو كما كانت قوانین الملاحة البحریة تقرر الإعدام بشان جریمة القرصنة ، وبموجب المرسوم الصادر في 17 یونیو سنة 1938 تقرر الإعدام كجزاء لجریمة الخیانة ، ثم صدر قانون 29 یولیو سنة 1938 وقد نص على توقیع عقوبة الإعدام بالنسبة لجریمة التجسس (4) ، وفي عشیة إعلان الحرب صدر مرسوم بقانون في الأول من سبتمبر سنة 1939 ، لیعاقب بالإعدام مرتكبي جرائم النھب التي تقع زمن الحرب ، وكذا جرائم السرقة من مكان مسكون أو من مبنى أجنبي بفعل أحداث الحرب . وقد كان ذلك التطور التشریعي لعقوبة الإعدام بفرنسا حتى اندلاع الحرب العالمیة الثانیة ، وفي تلك الأثناء أصدرت حكومة فیشي قانون 19 یونیو سنة 1942 ، والذي تضمن النص على عقوبة الإعدام بالنسبة للسرقات والاعتداءات اللیلیة ، وللحریق العمدي للمحاصیل ثم بعد ذلك أصدرت حكومة فبشي قانون 7 أغسطس سنة 1942 ، والذي عاقب بالإعدام أیضا على استخدام أو حیازة مواقع رادیو كھربائیة غیر مرخص بھا، متى ارتكبت ھذه الجریمة بقصد الخیانة أو الجاسوسیة أو بقصد إثارة انقلاب اجتماعي أو وطني. ( 5) وبمقتضى قانون 8 سبتمبر سنة 1942 منحت جھات عدیدة سلطة القضاء الاستثنائي وتوقیع عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم الداخلة في اختصاصھا . غیر أن ھذه الأحكام القاسیة لم تدم طویلا كما أن جھات القضاء الاستثنائي ألغیت سنة 1944 بمقتضى قانون 9 أغسطس ، وأخیرا صدور قانون 4 أكتوبر سنة 1947 لیقرر الإعدام بشأن الجرائم التموینیة وكذا الجرائم الماسة بصحة الشعب. وبعد انتھاء حالة الحرب صدر قانون 30 مایو سنة 1950 مقررا عقوبة الإعدام كجزاء لمرتكبي جرائم الحریق العمد الذي یسفر عن عدوان جسیم على سلامة البدن ، ثم تبعه صدور قانون 23 نوفمبر سنة 1950 والذي نص على توقیع ذات العقوبة بالنسبة لجریمة السرقة المصحوبة باستخدام السلاح ، وبمناسبة أعمال العنف التي اجتاحت البلاد أصدر المشرع الفرنسي قانون 13 أبریل سنة 1954 الذي نص على توقیع عقوبة الإعدام لمرتكبي جرائم العنف على وجھ الاعتیاد والتي تقع على صغیر یقل عمره عن خمس عشرة سنة إذا أدت إلى وفاتھ، ولو بدون قصد إحداثھا (6) وجدیر بالذكر أنه قد جرى العمل في فرنسا على أن رئیس الجمھوریة یعفو باستمرار عن كل المحكوم علیھم تقریبا فنسبة من أعفي عنھم 89 % عن السنوات من 1901 ، حتى 1905 ، وذلك تھیئة النفوس عن طریق عدم تطبیق ھذه العقوبة في الواقع العملي ، كي تتقبل إلغائھا القانوني ، فقد جرت العادة على عدم تنفیذ عقوبة الإعدام رغم النطق بھا كما أحكمت المحاكم الفرنسیة عن إصدار العدید من أحكام الإعدام ، رغم توفرھا ما یوجب النطق بھا ، فأصدرت محكمة الجنایات ھناك 174 حكما بالإعدام في الفترة ما بین سنة 1960 ، وحتى 1972 ، ولم ینفذ منھا سوى تسعة أحكام فقط (7) أما عن محاكم أمن الدولة والتي أنشأت عام 1963 ، فقد ولت الإحصائیات ( 8) على أن مجموع الأحكام ، التي أصدرتھا من تاریخ إنشائھا وحى عام 1966 ، اثنان وثلاثون حكما بالإعدام ثلاثة عشر منه سن 1963 ، وثمانیة سنة 1964 وخمسة سنة 1965 وستة سنة 1966 ، ولم یصدر عنھا أحكام بالإعدام منذ عام 1966 1969 ، وكان أخر حكم بالإعدام تم تنفیذه بتاریخ 11/3/1969 ثم توقف إعمال تنفیذ الإعدام تماما وذلك بصدور عفو من رئیس الدولة بصفة دائمة وتلقائیة ، ولم تنفذ حالة واحدة بعد ذلك التاریخ ورغم ذلك صدر تعدیل تشریعي عام 1976 متضمنا إقراراه لعقوبة الإعدام ، والذي كان یعد انعكاسا للرأي العام الفرنسي بتأیده في الإبقاء على عقوبة الإعدام ، إلا أن الاتجاه السیاسي في فرنسا كان متجھا نحو إلغاء ھذه العقوبة ، وتبعا لذلك تم تشكیل لجنة عام 1977 لدراسة أسباب العنف والجریمة والانحراف وكان إحدى توصیاتھا اقتراح یتضمن إلغاء عقوبة الإعدام ، ثم شكلت لجنة خاصة في 16/6/1987 (9) ) ، للنظر في أمر الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام .

لقد توالت ھذه الحركة التشریعیة على الوجه المتقدم بیانھ رغم الحملات التي وجھت إلى عقوبة الإعدام مطالبة بإلغائھا ، وظلت المناقشات بین دعاة الإلغاء ومؤیدي عقوبة الإعدام قائمة، وباستفتاء الرأي العام الفرنسي سنة 1976 تبین أن 67.74 % كانت تجند الإبقاء على عقوبة الإعدام ، ولم یصوت بإلغائھا سوى 32.26 %، إلا أن رئیس الوزراء الفرنسي كان من مناھضي عقوبة الإعدام وانتھى الأمر إلى إلغاء عقوبة الإعدام بفرنسا سنة 1981(10) وكان ذلك القرار عقب صدور قرار اتخذه مجلس وزراء الدول العربیة سنة 1981(11) بمقتضاه ألحق بالاتفاقیة الأوربیة حول حقوق الإنسان بروتوكول إضافي ووافق علیه ذلك المجلس في سبتمبر 1982 ونصت المادة الأولى منه : “على أن عقوبة الإعدام ملغاة ولا یمكن أن تحكم على أحد بھذه العقوبة ولا تنفذ على أي شخص ” بمناسبة انضمام فرنسا إلى ھذا البروتوكول صار الإعدام ملغى من قانونھا ، إلا أنه رغم إلغاء العقوبة لم تھدأ حركة مؤیدي الإعدام في فرنسا بالإضافة إلى أن الرأي العام طالب بإعادة العمل بھا ، من أجل ذلك تقدم وزیر الداخلیة الفرنسي بمشروع ضمن ستة مشروعات قانون لإعادة عقوبة الإعدام بفرنسا ، كما تقدم آخرون بخمس مشروعات قانون في ذات المعنى غیر أن تلك المشروعات لم یصادق علیھا بالقبول رغم الھجمات التي یشنھا في البرلمان أنصار عقوبة الإعدام لإعادة العمل بھا وقد تبین في الانتخابات التي أجریت عام 1986 ، أن 290 عضوا منتخبا في الجمعیة الوطنیة كانوا من أنصار الإلغاء بینما بلغ عدد أصوات المؤیدین للعقوبة 289 أي بفارق صوت واحد . ومنه فقد تمت إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا في عھد الرئیس” فرانسوا میتبران” (12)، عندما عرض مشروع قانون على البرلمان في 29 أوت 1981 لإلغاء عقوبة الإعدام ، وتمت المصادقة علیه یوم 9 أكتوبر1981 ، وفي 9 فیفري 2007 تمت المصادقة على نص المادة 66 من الدستور من قبل البرلمان والتي تنص على انه لن یعاقب أي شخص بعقوبة الإعدام ، وھذا كان تأكید على التوجیه الذي تبنته فرنسا بشأن إلغاء عقوبة الإعدام .

________________

1- انظر:محمد (عبد اللطیف عبد العال) ، عقوبة الإعدام دراسة مقارنة في الشریعة الإسلامیة والقانون الوضعي دار النھضة العربیة القاھرة 1989 ، ص . 124

2- كان القانون القدیم یحظر تنفیذ الأحكام بالإعدام أیام الأعیاد الوطنیة والدینیة والآحاده وإذا صرحت امرأة محكوم علیها بالإعدام أنھا حامل ، وتحقق ذلك فلا ینفذ الحكم إلا بعد الوضع والملاحظ عدم ترك مدة لما بعد الوضع .

3- انظر: الكیلاني (عبد الله عبد القادر) ، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري دراسة مقارنة ،الطبعة الأولى ، دار الھدى للمطبوعات ، الإسكندریة ، مصر 1990،ص . 38،37 .

4- المرجع السابق ، الصحة نفسھا .

5- انظر: رباح ( غسان) ،الوجیز في عقوبة الإعدام دراسة مقارنة حول نھایة العقوبة ، ط 1، منشورات الحلبي، 2008 ، ص . 52

6- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبدالقادر ) ، المرجع السابق ، ص . 38 .

7- عدد العقوبات المنفذ في فرنسا في بدایة الأربعینات من عام ( 1826- 1830) – 354 ، (1926- 1930) 44 عقوبة 1940 -3 عقوبات منفذة ، 1939 – 26 ، 1937 – 7

8- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، ص . 39 .

9- انظر: المرجع السابق ،ص 40

10- انظر:نفس المرجع ، نفس الصفحة .

11- انظر: رباح ( غسان ) ، المرجع السابق ، ص . 54 .

12- Claude (G).victor Huqo .libriri enerale française .1er publication .1995، P.31

13- انظر: بالرغم من أن الرأي العام یمیل إلى الإبقاء فقد نقلت الصحف غد رئیس الجمھوریة قولھ: بأن غالبیة الرأي العام مع عقوبة الإعدام أما أنا فلست كذلك . وما قاله وزیر العدل بادنتر أن الراي العام الفرنسي مع الإبقاء لان معلوماته في ھذا الموضوع ناقص ..”

14-Claude (G). OP .CIT.)

عقوبة الإعدام في التشریع البریطاني :

تعد بریطانیا من بین الدول التي ألغت عقوبة الإعدام من تشریعاتھا ،لكن قبل أن تصل إلى اتخاذ قرار الإلغاء مرت بمراحل مختلفة ،وھذا ما سنتطرق إلیه من خلال ھذه المحاور. كان یتم تنفیذ عقوبة الإعدام بقطع الرأس وذلك بموجب أمر ملكي بالنسبة لكافة الجرائم ، إلا انه كانت توقع عقوبات أخرى إضافیة فضلا عن الإعدام بالنسبة لمرتكب جریمة القتل البشع فإن كان المحكوم علیه رجلا كان یحمل على قطعة خشبیة یجرھا عربة إلى منصة الإعدام حرقا . أما بالنسبة لتنفیذ عقوبة الإعدام لمرتكبي جریمتي الحریق العمد لسفن الملك أو الرصیف الملكي أو للخیانة العظمى فكان المحكوم علیه یجر غلف عربة متدلیا أسل جسده حتى ینشط ھذا الجسد ویخرج منه أحشاؤه ویمزق إلى أربعة أجزاء ، ثم بعد ذلك تقصف رقبته ، وكانت الرأس والأجزاء الأربعة من الجسم تحریض بصفة دائمة في میدان مكشوف للعامة وعبد إلیھا في الملح لتفادي أي تعفن . وفي سنة 1814 صدر قانون تم بموجبه تحدید وسیلة تنفیذ الإعدام بالشنق على أن یتلوه قصف الرأس والتمزیق إلى أربعة أجزاء وذلك بالنسبة للرجال ، أما بالنسبة للنساء فلم یكن قصف أرسھن أو تمزیق إلى أربعة أجزاء إنما كن یحرقن . وفي سنة 1870 ، استبعدت كافة التعذیبات وذلك بموجب القانون الصادر في ھذا العام ، ما لم یصدر أمر ملكي بالتمزیق إلى أربعة أجزاء أو قطع الرأس بعد الشنق (1) كان القانون الانجلیزي قبل إلغاء عقوبة الإعدام یعاقب بھذه العقوبة على جرائم ظل عددھا مجھولا حتى أوائل القرن التاسع عشر ، فیما كان عدد تلك الجرائم یبلغ نحو خمسین جریمة في سنة 1700 ، فقد یجاوز مائتین وعشرین جریمة سنة 1800 ، منھا جرائم الغش والزواج من الغجریات والإضرار ببرك الصید وكتابة خطابات التھدید وانتحال شخصیة الغیر ووجود شخص متنكر في غابة أو حدیقة عامة ، أو في أرض صید الأرانب وقطع إحدى الأشجار ، والتجول في أراضي الغیر ، والتزییف ، و سرقة المتاجر ، وكانت عقوبة الإعدام في انجلترا تطبق على الأطفال حتى عھد الملكة فیكتوریا ، ففي سنة 1801 تم تنفیذ الإعدام في طفل لم یبلغ 13 سنة لإدانته باقتحام منزل وسرقته ملعقة ، كما شنقت طفلة بمدینة لاین عام 1808 لم تبلغ من العمر سبع سنوات ، وقد صدر في 1908 ، قانون یحرم تطبیق عقوبة الإعدام على من یقل عمره على ستة عشر سنة ثم عدل بعد ذلك لرفع الحد الأدنى إلى ثمانیة عشر عاما .

وكانت عقوبة الإعدام تحظى بتأیید كل من السلطتین التشریعیة والقضائیة وزعماء الكنیسة وكبار علماء الإخلاف كما أن الرأي العام بانجلترا لم یكن معارضھا لھا ، إلا أنه إبان تزاید معدل الإجرام والإفراط في تنفیذ الإعدام تكونت جمعیة عام 1810 ، لنشر المعومات عن عقوبة الإعدام مطالبین بإلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم التافھة ، وقدمت مشروعات بقوانین بذلك المضمون في السنوات 1810 ،1811 ،1813 ،1816،1818 ، إلا أنھا قوبلت بالرفض . ، وفي بدایة القرن التاسع عشرا بدأ الرأي العام الانجلیزي یتحول ضد عقوبة الإعدام وسیتنكر تطبیقھا في الجرائم غیر الجسیمة ، بل إن غالبیة المحلفین أسرفوا في تبرئة المدینین رغم یقیھم من ارتكابھم للجرائم المنسوبة إلیھم نظرا لعدم تناسب عقوبة الإعدام معھا (2) أثمرت جھود الفلاسفة ورجال الفكر في تلك الآونة ، والتي كان لھا بالغ الأثر على الرأي العام ، إلى إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لعدد كبیر من الجرائم منھا : جریمة سرقة الماشیة والجیاد والأغنام سنة 1932 وجرائم اقتحام المنازل سنة 1832 ، وجرائم انتھاك حرمة الكنیسة وسرقة موظفي البرید للخطابات سنة 1835 ، ثم جرائم تزییف العملة ، وترویج العملة المزیفة سنة 1832 ، وسرقة المنازل المسكونة سنة 1937 لدى اعتداء الملكة فیكتوریا العرش سنة 1837 ، لم یتبق من الجرائم المقرر لھا الإعدام إلا خمس عشرة جریمة من بینھا جریمة القتل والحریق العمد، وإثارة الشغب ، والجرائم الجنسیة ، والسرقة بالإكراه ، والقرصنة والتخریب ، وسرقة أوراق الحكومة ، ثم انحصر عدد الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام إلى أربع فقط سنة 1861 ، وھي القتل والخیانة والقرصنة بالإكراه والحریق العمد في حظائر سفن الحكومة وترساناتھا . وجدیر بالذكر أن القتل البشع كان یعتبر جریمة خیانة ، ومن قیل ذلك قتل الرجل زوجته أو احد خدمه وقتل الأسقف من قبل أحد أبناءه في الكھنوت ، وظل القانون الإنجلیزي یتضمن النص على تقریر الإعدام للقتل البشع حتى عام 1828 . وقد كانت القرصنة یعاقب علیھا بالإعدام إذا اقترن بھا فعل یعرض الحیاة للخطر إلا انه لم تعرض على المحاكم في إنجلترا حالة من حالات القرصنة منذ عام 1894 ، ما عدا حالة واحدة قلیلة الأھمیة ، أما جریمة إشعال الحریق في حظائر السفن الحكومیة وترساناتھا فقد تقررت عقوبة الإعدام بشأنھا بمقتضى قانون حمایة المنشآت البحریة الصادر سنة 1882(3) وفي غضون عام 1864 ، ولدى تولي حكومة ” دربي ” تم تشكیل لجنة ملكیة لدراسة مشكلة عقوبة الإعدام والتطبیق الأمثل لھا وقد انتھت اللجنة من عملھا وخلصت للتوصیات التالیة :

تقسیم جریمة القتل إلى قسمین مع الاحتفاظ بعقوبة الإعدام بالنسبة للقتل العمدي المقترن سبق الإصرار أو التي ترتكب لتسھیل جرائم أخرى ، ولم یكتب لھذه التوصیة النجاح إلا في عام 1957

– ضرورة التفرقة بین جرائم القتل الأطفال وقتل الكبار و إلغاء التنفیذ العلني .وقد تمت الموافقة على ، التوصیة الأخیرة فورا، أما بالنسبة لجرائم قتل الأطفال فلم یتم استبعادھا من عداد جرائم القتل إلا عام 1922 ثم عدل عام 1938 (4) في أوائل القرن العشرین تزاید الاتجاه نحو المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ، من اجل ذلك تم تكوین جماعتین بھذا الغرض ھما جماعتان خاصتان وغیر رسمیتین ، الأولى نشأت سنة 1921 وتدعى ” اتحاد ھورد ” والثانیة ثم تشكیلھا سنة 1925 وتدعى ” المجلس الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام ” لإصلاح العقوبات وكان احد أھدافھا الأساسیة ھو إلغاء عقوبة الإعدام في جرائم القتل ، وقد بذلت مجھودات كبیرة لتضمین قانون العدالة الجنائیة الصادر سنة 1948 ، إیقاف العمل بعقوبة الإعدام فترة تجریبیة وكانت ثمرة الجھود موافقة مجلس العموم سنة 1948 بأغلبیة 245 صوتا ضد 222 صوتا . إلا أنه لدى عرض مشروع ذلك القانون على مجلس اللوردات ، تصادف وقوع بعض حوادث قتل فردیة .فكانت نتیجة الاقتراع الأغلبیة الساحقة 181 صوت ضد 28 صوت بحذف الفقرة الخاصة بعقوبة الإعدام ، وعقب ذلك تقدمت الحكومة بفقرة جدیدة معدلة تضمنت تقسیم القتل إلى قسمین : أحدھما یطبق الإعدام بشأنه والأخرى تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد ، إلا أن مجلس العموم رفض تلك الفقرة بأغلبیة 307 صوت ضد 309 صوت، وتمت إحالة المشروع إلى مجلس اللوردات الذي رفض بدوره بأغلبیة 99 صوت ضد 19 صوت (5) وإثر ذلك أعلنت الحكومة في 18 نوفمبر سنة 1948 عزمھا على تشكیل لجنة ملكیة لبحث موضوع عقوبة الإعدام برئاسة ” أرنست جوتر “، وأثنى عشر عضوا آخرین حیث قدمت اللجنة تقریرھا في غضون شھر نوفمبر سنة 1953 والذي أشار إلى ضرورة تقسیم العقوبة بشأن جریمة القتل بحصر الظروف المشددة بسبق الإصرار في حالات قلیلة ، ورفع السن الذي لا یجوز الحكم به بالإدانة بالإعدام دون ثماني عشر سنة إلى إحدى وعشرین سنة ، ومنح المحلفین سلطة تقریر ما إذا كان من المستطاع استبدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد مدى الحیاة (6)

وقد تصادف وان وقعت أحداث قتل أثارت اھتمام الرأي العام والتي استغلھا مؤیدو الإعدام ضد حركة الإلغاء فالبر غم من موافقة مجلس العموم على قانون القتل إلا انھ لدى عرضھ في نفس السنة 1956 على مجلس اللوردات ثم رفضه بأغلبیة 238 صوت ضد 95 صوت ، وتم إعادة المشروع مرة أخرى لمجلس العموم للنظر فیه . أعلن ” أیدن ” في أواخر أكتوبر سنة 1956 ، في مجلس العموم أن حكومته قررت أن تقدم في الدورة التالیة مشروعا بقانون یتضمن الحد من تطبیق عقوبة الإعدام دون إلغائھا ، وقد كانت كل جریمة قتل عمدي في بریطانیا قبل عام 1957 یعاقب مرتكبھا بالإعدام ، ولم تكن ھذه العقوبة تنفذ حتما ، إذ كانت تستبدل في بعض الأحیان . وفي أوائل شھر نوفمبر أعلنت الحكومة نصوص القانون الجدید ، وقد تضمن الجزء الأول منه الخطوط العریضة لتوصیات اللجنة الملكیة ولجنة المحامین المحافظین ، أما الجزء الثاني فقد تضمن تصنیف جرائم القتل إلى جرائم جسیمة أو كبرى یطبق بشأنھا الإعدام ، وأخرى تقررت بشأنھا عقوبة السجن المؤبد وكانت أفعال القتل عمدا التي ظلت معاقبا علیھا بالإعدام تلك التي تھدد السلامة العامة كالقتل عمدا باستعمال سلاح ناري مثلا أو قتل احد رجال الشرطة ، في حین أن الأفعال التي لا تھدد السلامة العامة كالقتل بالسم مثلا لم تعد معاقبا علیھا بھذه العقوبة . ورغم معارضة مناھضي الإعدام لذلك المشروع إلا أن مجلس العموم وافق علیھ بأغلبیة ساحقة 317 صوت ضد 131 صوت في غضون شھر فبرایر سنة 1957 ، كما حظي بتأیید ملحوظ لدى عرضه على مجلس اللوردات رغم إعلان العمل به في مارس بالتصدیق علیه (7) . إلا أن دعاة الإلغاء استمروا في حمل لواء كفاحھم من اجل الإلغاء الكلي حیث صدر سنة 1965 (8) قانون إیقاف العمل بعقوبة الإعدام ، من اجل أفعال القتل عمدا ثم تقرر إلغائھا نھائیا بناء على موافقة مجلس البرلمان سنة 1969 ، وأصبحت الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص معاقبا علیھا بعقوبة سالبة للحریة تصل إلى السجن المؤبد حسب جسامة الجریمة وأصبح مجرد التھدید بالقتل یعاقب علیھ بالحبس مدة لا تتجاوز عشر سنوات . (9)

وقد لوحظ أن الرأي العام الإنجلیزي یقف في صف عقوبة الإعدام رغم تصویت ممثلي الشعب على إلغائھا فقد تقدم أحد نواب حزب المحافظین ویدعي ” جیفري ” ، بمشروع تضمن إعادة العمل بعقوبة الإعدام وذلك نتیجة تفشي قتل الأطفال ، إلا أن ھذا المشروع رفض في 16 مارس 1987 ، وإذ صوت مائة وعشرة نواب لإعادة عقوبة الإعدام بینما صوت ضد إعادتھا 175 نائبا ، فقد حدث في إنجلترا منذ سنة 1950 ، أن بلغت وقائع قتل الأطفال ثلاثة أضعافھا الأمر الذي دعا” السیدة تاتشر” إلى المطالبة بإعادة الإعدام وأیدھا في ذلك ” نورمان تنیت ” رئیس حزب المحافظین ، إلا انھ في أوائل أبریل سنة 1987 رفض مجلس العموم الاقتراح بإعادة الإعدام بأغلبیة 342 صوت ضد 230 صوت (10) وقد جاءت بالفشل أخر محاولات إعادة العمل بعقوبة الإعدام، لرفض البرلمان البریطاني بأغلبیة كبیرة إعادة قرار العمل بالعقوبة وتلك الأغلبیة تمثل 83 صوت مقابل 186 صوت ضد مشروع القانون الذي تقدم به أعضاء یمنیون لإعادة توقیع العقوبة على مرتكبي جرائم قتل رجال الشرطة. كما رفض مشروع قانون إعادة العمل بعقوبة الإعدام بصدد جرائم القتل بصفة عامة بأغلبیة 403 صوت ضد 159 صوت ، وقد برر وزیر الداخلیة ” مایكل ھوارلا ” رفضه للعقوبة أمام مجلس العموم بوقوع عدة أخطاء في تطبیق العدالة و لا سیما في الآونة الأخیرة .

_______________

1- انظر: الكیلاني (عبد الله عبد القادر) ، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري دراسة مقارنة ،الطبعة الأولى ، دار الھدى للمطبوعات ، الإسكندریة ، مصر 1990، ص . 46

2- انظر: المرجع السابق ، ص . 44

3- انظر : المرجع نفسه ، ص. 47 .

4- – انظر: بن براھیم فخار (حمو)، عقوبة الإعدام دراسة مقارنة ( رسالة ماجستیر ) ،جامعة الجزائر، كلیة الحقوق . 20، ص . 75 .

5- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، ص . 48 .

6- ا نظر: المرجع نفسه ، ص . 49

7- انظر: رباح ( غسان) ،الوجیز في عقوبة الإعدام دراسة مقارنة حول نھایة العقوبة ، ط 1، منشورات الحلبي، 2008 ، ص . 57 .

8- انظر: عبد القادر الكیلاني ( عبد الله ) ، المرجع السابق ، ص. 50 .

9- یفي ھذا القانون نافذ المفعول حتى تاریخ 31 /7/1970 بحیث أثرت بعدھا غرفتا المجلس النیابي یمدد مفعوله ، وخلال الفترة بین 1954- 1958 صدر في انجلترا مئة حكم بالإعدام فقد نفذ منھا 28 ( إحصاء الأمم المتحدة ) .

10- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، 51.

عقوبة الإعدام في تشریع الولایات المتحدة الأمریكیة :

إن تاریخ عقوبة الإعدام في الولایات المتحدة الأمریكیة یتسم بالتضارب وعدم الاستقرار على وضع خاص، حیث تختلف الولایا ت فیما بینھا ، بین مبق للعقوبة وملغ لھا . عند دراسة لكل الولایات یتضح أن الحركة التشریعیة قد شملت أثنین وعشرین ولایة ، یستخلص من ذلك أن الولایات الباقیة ظلت مبقیة على عقوبة الإعدام دون تناولھا بأي إلغاء جزئي أوكلي ، یستفاد من ھذا أن بعض الولایات قد ألغت العقوبة كلیة وھي فرجینا الغربیة ، وایسرا، وأوریجون ، ومتشجن وألاسكا ، وھاواي ومنسیوري ، مان ویسكونس ، أي أنه قد ألغي الإعدام في 9 ولایات أمریكیة وأبقي على عقوبة الإعدام ولو بقصرھا على بعض الجرائم في باق الولایات . وقررت ولایة نیومكسیكو الإبقاء على عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم قتل ضباط البولیس أو حارس سجن في أثناء تأدیتھما لمھام وظیفتھما ، وكذا في حالة توصیة المحلفین بتقریر الإعدام لارتكاب المتھم بجنایة قررت بشأنھا عقوبة الإعدام في حالة العودة لجریمة للمرة الثانیة (1) وأبقت ولایة نیویورك على عقوبة الإعدام بالنسبة للأشخاص الذین ارتكبوا قتل أحد الضباط في أثناء تأدیة واجبه أو المساجین المحكوم علیھم بالسجن مدى الحیاة إذا ما أوقعوا القتل على أحد الضباط أو حرس السجن أو سجن آخر في أثناء وجودھم بالسجن أو في أثناء ھروبھم منھ ، كما أبقت ولایة” فرمونت” على الإعدام كذلك بالنسبة لمن یرتكب قتلا للمرة الثانیة بعد أن یكون قد عوقب بالسجن مدى الحیاة عن جریمة القتل أما ولایة” أیسلند ” فقد أبقت على عقوبة الإعدام بالنسبة للسجین الذي یرتكب القتل بعد إدانتھ بالسجن مدى الحیاة حتى ولو لم تكن الجریمة التي حوكم من أجلھا قتلھا ، أما ولایة متجن فقد أبقت على عقوبة الإعدام بالنسبة لجریمة الخیانة العظمى فقط ، وتختلف نسبة المحكوم علیھم بالإعدام بصدد تنفیذ العقوبة من سنة إلى أخرى والملاحظ رغم اضمحلال عقوبة الإعدام في السنوات الأخیرة في العالم لا یزال لھذه العقوبة كیانھا المعزز في الولایات المتحدة الأمریكیة ، نظرا لتعلق الشعب الأمریكي عاطفیا بعقوبة الإعدام خلال العشرین عاما الأخیرة على إثر حوادث الاغتیال التي ذھب ضحیتھا كثیرون من قادة الحكومة الأمریكیة وبالذات ” جون كیندي ” و السیناتور ” روبرت كیندي ” و ” مارتن لوثركینج ” ، والحاكم جورج ولسن (2)

ورغم أن ھذه الاغتیالات فضلا عن الأعمال الإرھابیة قد روعت الشعب الأمریكي إلا أن السیناتور ” إدوارد كیندي ” أحد الذین اغتیلوا كان من أشد المعارضین لعقوبة الإعدام ، وقد أظھر استفتاء ” جوب ” في ینایر سنة 1985 ، أن 72 % من الشعب یؤید عقوبة الإعدام ، كما أن استطلاعا آخر للرأي قامت به في ولایة فلوریدا جمعیة ” أمنتي ” الدولیة أثبت أن 84 % من الأشخاص الذین اخذ رأیھم یؤیدون عقوبة الإعدام . إلا انه رغم التأیید الشعبي الكبیر لعقوبة الإعدام في الولایات المتحدة الأمریكیة ، فأن الإعدام ظل ینازعه رأیان في فقھ القانون الأمریكي بین مؤید ومعارض ، وكان على رأس المؤیدین رجال البولیس والنیابة العامة والجمعیة الدولیة لرؤساء البولیس والجمعیة الوطنیة لأعضاء النیابة ، أما المناھضون لعقوبة الإعدام فضلا عن الجانب الآخر من الفقھاء فقد انضمت إلیه منظمة العفو الدولیة والتي اقترحت تكوین لجنة رئاسیة في الولایات المتحدة الأمریكیة لإعادة النظر في عقوبة الإعدام .كما أن الكنیسة الوحدویة الأمریكیة تعد ھي الأخرى من المناھضین لعقوبة الإعدام وذلك تأسیسا على أن من یسلب الحیاة ھو فقط واھبھا . بین عام 1930 والعام 1980 ، أعدم في الولایات المتحدة الأمریكیة 3860 شخصا لارتكابھم ثمانیة أنواع من الجرائم المختلفة : 86 % جرائم قتل ، 12 % اغتصاب ، و 2 % سلب مسلح ، خطف ، تھدید ، سطو مسلح على المنازل ، واعتداءات خطرة وتجسس، أما العدد التفصیلي لكل من ھذه الجرائم فھو غیر معروف والأكثریة الساحقة من الذین نفذ بھم حكم الإعدام ھم من الذكور ( منھم فقط 32 امرأة ، 12 مھن من السود ) . أما التفصیل السنوي فكان التالي : (3) خلال الثلاثینیات 167 شخصا ، في الأربعینات 128 شخصا في الخمسینیات 72 شخصا و في الستینات 19 شخصا أما في السبعینیات فثلاثة أشخاص ( كلھم ذكور ومن البیض ) ، وقلیلة ھي الحالات التي عرضت على محاكم الاستئناف أو بحث في دستوریتھا ، أما فیما بعد فقد ازدادت ھذه الحالات وانقسم الرأي حولھا إلى طریقین :

الأول : یعتبر أن عقوبة الموت لا تتصف بالقسوة أو عقوبة غیر العادیة .

الثاني : یرى فیھا مخالفة دستوریة للمبادئ التي تحمیلھا التعدیلات الأربعة عشر المعروفة في الدستور الأمریكي ولم یكن لھذه الطریق من نصیب في الظھور إلا مع بدایة الستینیات .

أصدرت المحكمة العلیا حكمھا في 29/6/1972 (4) بأغلبیة خمسة أصوات مقابل أربعة أصوات قضت بموجبه أن الإعدام تمثل على خلاف الدستور معاملة قاسیة ومتطرفة ورأت المحكمة أن السلطة التقدیریة غیر المحددة الممنوحة للقضاة والمحلفین لتطبیق الإعدام أدت إلى فرضھ تحكما وعلى نحو غیر متسق كما قرر قضاة عدیدون أن ھذه العقوبة كانت تقع على وجھ مخل بالمساواة على الأوساط المحرومة وفئات الأقلیات ، غیر انھ في سنة 1976 قررت تلك المحكمة ذاتھا بأغلبیة سبعة أصوات مقابل صوتین ” أن عقوبة الإعدام كما نصت علیھا القوانین الخاصة بكل من ولایة فلوریدا ، جورجیا وتكساس متوافقة مع الدستور. وبمقتضى ھذا الحكم أعادت ولایات أخرى غیر الولایات المشار إلیھا عقوبة الإعدام ، وفي الفترة من 17 ینایر 1977 أو حتى 1983 ، بلغ مجموع الحالات المنفذ فیھا الإعدام إحدى عشرة وفي خلال السنوات الثلاث التالیة ارتفع معدل تنفیذ عقوبة الإعدام إلى سبع وخمسین حالة ، ثلاث منھا نفذت على صغار . وفي سنة 1987(5) صدر حكم من المحكمة العلیا بأغلبیة خمسة أصوات ضد أربعة أصوات بموجبه رفضت الاعتراضات المقدمة إلیھا من زنجي یدعى ” ماكلسكي ” حكم علیھ بالإعدام لقتله رجل أبیض ،ورغم عدم دستوریة القانون الجنائي لولایة جورجیا بسبب ما فیه من تحیز ضد السود ، ومنه ھذا الحكم لم یحد من اعتراضات المطالبین بإلغاء ھذه العقوبة و یستفاد من اعتراضاتھم ما یلي :

– إن العدالة الأمریكیة تبدو أكثر قسوة على الأشخاص الملونین وان تفرقتھا في المعاملة أكثر ظھورا في ولایات الجنوب حتى أن في كل من ولایة فلوریدا ن وتكساس ، یتعرض السود القاتلین للبیض من خمس إلى ست مرات للإعدام أكثر من تعرض البیض للإعدام في حالة قتلھم لبیض آخرین.

– ومن بین المحكوم علیھم بالإعدام یوجد 50.400 % من البیض ، 41 % من السودن 103 % من الھنود الأمریكیین ، 59 % من لاسبانیین ، 0.5 % مم الأموین ، بینما الضحایا 75 من البیض ، 13 % من السود .

– اتضح أن في سنوات العشرینات والثلاثینیات نفذت نسبة النصف من عقوبة الإعدام في ولایات الجنوب ، حتى أن مقدار الثلثین من تلك العقوبات سنة 1977 ، نفذ في ولایات

– فلوریدا وتكساس وجورجیا لیستفاد من ھذا أن النطق بعقبة الإعدام یتوقف على مكان وقوع الجریمة أكثر مما یتوقف على نوعھا .

– ما أغضب المنادین بإلغاء عقوبة الإعدام بصفة خاصة تنفیذ الإعدام في الصغار فمنذ 1900 نفذ الإعدام على نحو 100 صغیر معظمھم سود ، وفي سنة 1948 عادت إلى الظھور.

– بكثرة حالات الإعدام على الصغار والتي تتناقض مع المعاھدات الموفقة علیھا من الحكومة الأمریكیة وغیر المصدق علیھا من جانب الكونجرس . (6)

عرفت الولایات المتحدة خمس طرق تنفیذ لعقوبة الموت: الشنق ، إطلاق الرصاص ، الكرسي الكھربائي غرفة الغاز السام ، الحقن السامة ، وكل من تلك الطرق كانت موضوع مراجعة دستوریة أمام عدة محاكم فمن أجل تخفیف من لا إنسانیة وسیلة الشنق ، كان البدیل بتقدیم ولایة ینویورك استعمال وسیلة الكرسي الكھربائي وذلك في عام 1890 ، ومنذ ھذا العام لا تزال سبعة عشر ولایة تقوم باستخدام ھذه الوسیلة ، إلى جانب لجوء بعض الولایات الأخرى إلى الحقن الغازیة ( لینفادا وتكساس ) ، مثلا باستثناء حالات تطبیق القانون العسكري حیث بقیت وسیلة الشنق ووسیلة الرمي بالرصاص ھما السائدتین ومن الناحیة العلمیة ولا سیما الطبیبة ، لم تستقر الأبحاث على اختیار الوسیلة الأسلم (7)ففي عام 1980 وجھت اللجنة الملكیة لعقوبة الإعدام توصیة بعدم اعتماد الحقن الغازیة ( 8) بسبب أن تلك الوسیلة تعتبر خرقا صارخا لدور الطب في المجتمع ، بالإضافة إلى السمة أللإنسانیة في استعمال تلك الوسیلة في الجرائم التي ارتكبتھا النازیة خلال الحرب العالمیة الثانیة أما بالنسبة لمكان تنفیذ تلك العقوبة فإنھا تجري في غرفة معدة خصیصا في سجن الولایة . ومع بدایة الخمسینات وبظھور جھاز التلفاز دعا أنصار العقوبة إلى وجوب نقل تنفیذھا على المباشر بینما رأى أنصار الإلغاء أن من شأن تلك الطریقة أن تمس الشعور العام. وبالرغم من المحاولات الناجحة لإلغاء عقوبة الإعدام في كثیر من الولایات فإن نشوب الحرب الأھلیة فیھا ( 1861 – 1865 ) أنھى تیار الإلغاء وعلى مستوى البلاد كافة وظل الأمر على تلك الحال حتى بدایة الحرب العالمیة الأولى .

وعلى مستوى الرأي العام نجد أن عدة استطلاعات له قد أظھرت في بدایة الستینیات میلا كبیرا نحو الإلغاء ، بینما في السبعینات كانت الاستطلاعات معاكسة حیث أن واحدا وحتى اثنان من ثلاثة أشخاص حبذوا عقوبة الإعدام وذلك للأسباب التالیة : الخوف من زیادة الضحایا ، الإیمان بالقدرة الرادعة لتنفیذ حكم الإعدام ، النظر إلى عقوبة الإعدام على أنھا رمز لتقویم الانحراف الذي یرافق الحیاة الاجتماعیة.. إن توقیف ألفي حكم بالإعدام خلال 1960- 1970 بسبب إعادة النظر بھا استئنافا خفف من صیحات دعاة الإعدام ، الا أن الدعوة للإلغاء لم تتوقف بل اكتسبت إبعادا عالمیة عن طریق ھیئة الأمم المتحدة وھذه النظرة دعمھا خلال فترة السبعینات نشاطات منظمة العفو الدولیة ، ومنظمة حقوق الإنسان .

ولایة نیو میكسیكو : ألغت العقوبة سنة 1929 وأبقت علیھا في الجرائم التالیة :

قتل ضابط شرطة أثناء أو بسبب الخدمة .، القتل الذي یرتكبه مسجون ضد آخر، القتل الذي یرتكبه مسجون ضد حارس السجن ، إذا كانت الجریمة یعاقب علیھا القانون بالإعدام وأوصت لجنة المحلفین بإعمالھا ، أیضا في ارتكاب شخص لجریمة جسیمة، وارتكابھ جریمة أخرى جسیمة في فترة كان یمكن لھ التروي قبل ارتكابھا .

– ولایة فرمونت : ألغت عقوبة الإعدام سنة 1965 ، باستثناء إعمالھا في الحلة التي یتھم فیھا شخص بارتكاب جریمة قتل من الدرجة الأولى ثم یرتكب جریمة قتل أخرى غیر مرتبطة بالأولى ، قتل واحد من رجال الضبطیة القضائیة أو مستخدمین السجون أثناء مباشرتھم لواجباتھ وظیفتھم .

– ولایة فورت داكوتا : ألغت عقوبة الإعدام فیھا سنة 1915 ، وأبقت علیھا في جریمة الخیانة ، القتل التي یرتكبھا مسجون أثناء تمضیته لعقوبة السجن مدى الحیاة لجریمة قتل من الدرجة الأولى . والجدیر بالذكر أن بعض الولایات الأمریكیة دعت غل إلغاء عقوبة الإعدام ثم عادت إلى تطبیقھا بشكل كلي ومن ھذه الولایات ” تنسي ” ، ” أریزونا ” ، ” نیویورك “وھذا ما تمیل إلیھ الاتجاه الحالي في الولایات المتحدة الأمریكیة ، فمن الولایات التي ألغت العقوبة وعادت إلى تقریرھا نجد :

– ولایة كولوراد وألغت العقوبة سنة 1897 واعداتھا سنة 1901

– ولایة واشنطن ألغت عقوبة الإعدام سنة 1913 وأعادتھا سنة 1919

– ولایة میسوري ألغت العقوبة سنة 1917 وأعادتھا سنة 1919

– ولایة داكوتا ألغت العقوبة سنة 1915 وأعادتھا سنة 1939

– ولایة كانسیس تم الإلغاء سنة 1917 وأعادتھا سنة 1930

– ولایة دولار ألغت العقوبة سنة 1958 وأعادتھا سنة 1961

– وھناك بعض الولایات ألغت عقوبة الإعدام ولازالت على ھذا الإلغاء ومن بین ھذه الولایات :

– ولایة ویبكوس ألغت عقوبة الإعدام سنة 1803

– ولایة وست فرجینیا ألغت عقوبة الإعدام سنة 1957

– ولایة ھاوي ألغت عقوبة الإعدام سنة 1957

– ولایة كینسونا ألغت العقوبة سنة 1911

– كما توجد ولایات أخرى ألغت العقوبة وأعادتھا ثم ألغتھا مرة أخرى ھي :

– مثل ولایة إیوا ألغت عقوبة الإعدام سنة 1872 فأعادتھا سنة 1878 ثم عادت إلى إلغائھا في 1960.

________________

1- انظر: الكیلاني (عبد الله عبد القادر) ، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري دراسة مقارنة ،الطبعة الأولى ، دار الھدى للمطبوعات ، الإسكندریة ، مصر 1990 ،ص52.

2- انظر : المرجع نفسه ، ص . 53 .

3- ا نظر: المرجع نفسه ، ص . 64

4- انظر: رباح ( غسان) ،الوجیز في عقوبة الإعدام دراسة مقارنة حول نھایة العقوبة ، ط 1، منشورات الحلبي، 2008، ص. 65 .

5- انظر: عبد القادر الكیلاني ( عبد الله ) ، المرجع السابق ، ص 54

6- انظر: عبد القادر الكیلاني ( عبد الله ) ، المرجع السابق ، ص 56 .

7- انظر: رباح ( غسان ) ، المرجع السابق ، ص. 66 .

8- كان أول من نفذ فیھ حكم الإعدام بالإبرة في وریده ، مجرم خطیر یدعي ” ھیس ” وقد تم ذلك في سجن ” أو كلاھوما ” وكانت الحقنة تحتوى على ثلاث نقط من شانھا أن تفقده الوعي ، وتشل قلبه ، وكان المنفذ ( 3في أمریكا ، في 14/9/1981 شخص غیر طبیب ، احتراما لیمین أبقیراط .

عقوبة الاعدام في التشريع الايطالي :

ما وضع عقوبة الإعدام في ایطالیا ، ھل اتجھت ایطالیا نحو الإلغاء أم أنھا أبقت على عقوبة الإعدام في قوانینھا ؟ بمناسبة قیام الوحدة الإیطالیة ثار الجدل بشأن عقوبة الإعدام في القانون الجنائي الموحد لا سیما أن بعض المقاطعات كانت قد ألغت العمل بعقوبة الإعدام في قوانینھا الداخلیة قبل قیام الوحدة مما كان له بالغ الأثر على حركة الإلغاء التي تبناھا مناھضو الإعدام ، والتي أثمرت عن صدور قانون العقوبات الإیطالي سنة 1889(1) والذي خلت نصوصه من عقوبة الإعدام وفي أعقاب إلغاء العمل بعقوبة الإعدام شھدت إیطالیا سلسلة من الجرائم البشعة مما أضطر معه موسولیني على إعادة العمل بھذه العقوبة بشان جرائم امن الدولة وذلك بمقتضى القانون الصادر في 25 نوفمبر سنة ، 1926 فقد تم تنفیذ عقوبة الإعدام في ظل الحكم الفاشي ضد من ارتكبوا عدوانا على سیادة الدولة أو جرائم قتل جسیمة و مصحوبة بسبق الإصرار أو مقترنة بظروف مشددة ، وقد دعت الظروف الداخلیة لإیطالیا أن تمتد العمل بعقوبة الإعدام في مجال القانون العام فصدر قانون العقوبات في 19 أكتوبر193 متضمنا الإشارة إلى ھذه العقوبة ومحددا تاریخ بدء العمل بھا اعتبارا من أول یولیو عام 1931(2)

وفي أعقاب الحرب العالمیة الثانیة عمت البلاد حركة إصلاحیة لإرضاء الرأي العام ، أثمرت عن حركة تشریعیة في مجالات عدة منھا المرسوم بقانون الصادر في شھر أوت عام 1944 والذي تقرر بموجبه إلغاء العمل بعقوبة الإعدام بشان جرائم القانون العام ، وذلك رغم انھ قد ورد بالمذكرة الخاصة بقانون العقوبات التي رفعت إلى رئیس الدولة آنذاك : ” انه لا توجد عقوبة مماثلة لعقوبة الإعدام في قوتھا الزاجرة ، وفي إرضائھا لمشاعر المجني علیه ،وفي تجاوبھا مع الرأي العام الساخط على فعل الجاني .” وقد صدر الدستور الإیطالي الحالي سنة (3) 1747 ، ونص في مادته 27 على ” أن عقوبة الإعدام لیست مقبولة إلا في الحالات التي تنص علیھا القوانین العسكریة الخاصة بحالة الحرب. وعقب الفقه الإیطالي على موقف الدستور من إلغاء عقوبة الإعدام على انه لیس صحیحا وذلك لان إلغاء الإعدام لیس له أي تأثیر على الإجرام ، ففي فرنسا في الفترة من 1902 – 1907 ،كانت عقوبة الإعدام فیھا معطلة من الناحیة العملیة قد ازدادت الجرائم الجسیمة على وجه مریع ، وأما القول أن الخطأ القضائي في توقیع عقوبة الإعدام لا یمكن تداركه بعد أن تكون قد وقعت فیرد علیه بان ” العفو عن العقوبة لمجرد وجود شك حول قیام الشك في ذلك الخطأ أمر یكفي للرد على تلك الحجة ” ، وشأن عقوبة الإعدام في ذلك شأن العملیات الجراحیة فلا یحول دون الاستجابة لضرورتھا مجرد قیام شك (أو احتمال ) والعفو كفیل بتفادي تنفیذ عقوبة الإعدام . (4)

وقد انتقد الأستاذ” منسیتي” المادة 27 من دستور إیطالیا الصادر سنة 1947 عقب انھیار الفاشیة وقد تضمنت إلغاء عقوبة الإعدام، أین ورد النص علیھا بالنسبة للقوانین العسكریة الخاصة بحالة الحرب وذكر في انتقاده (5) أن ھناك حالات كثیرة نص فیھا بصفة أصلیة على عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة ، وذكر بشأنھا انه إذا توافر شرط مشدد معین تصیر عقوبة الإعدام بدلا من الأشغال الشاقة المؤبدة ، وبعد إلغاء الإعدام شل التشدید المنصوص علیه في تلك المواضیع فرغم ضرورته أصبح من غیر الممكن إعماله إذا لم تعد ھنا عقوبة أشد من الأشغال المؤبدة . ما یمكن قوله حول إیطالیا (6) أن الإلغاء لیس في الحقیقة مطلقا ، فھي ملغاة فقط في شأن الجرائم العادیة في وقت السلم أما في زمن الحرب وفقا للقوانین العسكریة فتطبیقھا یكاد یكون ھاما في جمیع البلاد ، وقد طبقت فعلا مع المتعاونین مع الأعداء إبان الحرب الأخیرة في بعض البلاد التي لم تطبقھا منذ زمن طویل .

______________________

1- صدر قانون 1889 دون النص على الاعدام ، “Ergastlo وھي عقوبة بدیلة لعقوبة الإعدام وتتمثل في عقوبة 3 سنوات على الأقل في حبس إنفرادي ، وفي نھایة ھذه المدة یمكن السماح بالعمل في الورش لخارجیة مع العزل اللیلي ، وكانت توقع على جرائم القتل مع سبق الإصرار وقتل أحد الوالدین ، القتل بالسم ، جرائم المساس بأمن الدولة ، أنظر: محمد (عبد اللطیف عبد العال) ،عقوبة الإعدام دراسة مقارنة في الشریعة الإسلامیة و القانون الوضعي ، دار النھضة العربیة ، القاھرة ، 19 ، ص . 146

2- انظر: الكیلاني (عدالله عبد القادر )، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري ، ط 1 ، دار الھدى للمطبوعات ، 199 ، ص 43

3- انظر: نفس المرجع ،نفس الصفحة.

4- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، ص. 42 .

5- انظر:المرجع نفسه ، الصفحة السابقة .

6- الملاحظ أن القانون الإیطالي لا یسمح بتسلیم المطلوبین من قبل دول أخرى إذا كانت قوانینھا یجیز عقوبة الإعدام انظر :المرجع السابق ، ص 59.

المؤلف : جودي زينب .

عقوبة الإعدام في فرنسا :

عرفت القوانین الفرنسیة عقوبة الإعدام كغیرھا من قوانین مختلف الدول حیث تغیرت النظرة إلى عقوبة الإعدام بتغیر المراحل التاریخیة التي مرت بھا فرنسا من حیث طریقة التنفیذ ونوع الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام ، فھل اتجه المشرع الفرنسي نحو إلغاء العقوبة أم انھ اكتفى بالتقلیل من تطبیقھا ؟ قبل الثورة الفرنسیة لم تكن لفرنسا مدونة عقابیة كاملة ، وكانت المسائل الجنائیة آنذاك تنظم بموجب أمر یصدر لمواجھة القمع في البلاد وقد تمیزت ھذه الأوامر في إقرارھا لعقوبة الإعدام بالخصائص التالیة :

رصد عقوبة الإعدام لعدد كبیر من الجرائم ،اقتران تنفیذ عقوبة الإعدام بالقسوة وللإنسانیة ،تنفیذ عقوبة الإعدام في الیوم التالي للنطق بھا ، الحكم بعقوبة الإعدام برأي اثنین فقط من ھیئة القضاة السبعة التي كانت تنظر في الجنایات وھذا یعني التعسف من جانب القانون بإقراره لعقوبة إسئصالیة برأي القلیة ، وقد تعرض ھذا إلى انتقادات عدیدة في القرن 18 ، من طرف المفكرین والفلاسفة والقانونین سعیا إلى تحسین ھذه الأوضاع ، وھو الشيء الذي أدى بالمشروع إلى التدخل عام 1770 لإلغاء عقوبة الإعدام على جریمة الفرار من الخدمة العسكریة (1) ، ثم تدخل مرة أخرى عام 1778 قرار إلغاء اختصاص محكمة ” فلا ندر ” العلیا بنظر جرائم وسرقة الخیول وھذا یعني إلغاء عقوبة الإعدام من ھذا النوع ، كذلك تدخل المشرع مرة أخرى في 8 ماي 1788 لیرفع عدد القضاة الذین یتقرر برأتھم حكم الإعدام من اثنین إلى ثلاثة (2) كانت العقوبات البدنیة وعقوبة الإعدام على وجه الخصوص تطبق في القانون الفرنسي القدیم ، وقد أبقى قانون العقوبات الصادر سنة 1791 على عقوبة الإعدام في اثنین وثلاثین حالة منھا قتل الأب والقتل البشع والتسمیم والإحصاء ، المتبوع بالوفاة قبل انقضاء أربعین یوما ، واختطاف الصغیر إذا حدث موته بعد اختطافه وجریمة أفعال العنف المرتكبة ضد الصغار بقصد إھلاكھم ، واقتران القتل بجنایة أخرى ، والحبس بدون وجه حق إذا اقترن بتعذیب بدني ، وجریمة شھادة الزور إذا نشأ عنھا صدور حكم بالإعدام وتم تنفیذه .

وكذا جریمة إحراق منزل مسكون إذا نشأ عنه موت إنسان وكان ذلك القانون یعرفھا بأنھا عقوبة الحرمان من الحیاة . وحین جاءت مدونة قانون العقوبات التي وضعھا نابلیون سنة 1810 أبقت على علامة الحدید المحمي على كتف بعض الجناة لاستخدامھا كدلیل للتعرف علیھم فیما بعد ، فضلا عن قطع الكف السابق على تنفیذ الإعدام في شخص قاتل أبیه ، وقد أضافت تلك المدونة أربعة جرائم أخرى تقرر الإعدام بشأنھا وأصبح مجموع الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام سنتا وثلاثین . بعد ثورة 1830 ، صدر قانون 28 إبریل سنة 1832 لیلغي الإعدام كعقوبة بالنسبة لتسع جرائم منھا جریمة تزییف المفكوكات وجریمة السرقة المصحوبة بظروف مشددة ، بل أتاح ذلك القانون للمحلفین أن یمنحوا الجاني میزة الظروف المخففة استبعادا لتطبیق عقوبة الإعدام وذلك باستعمال الرأفة ، في سنة 1848 میلادیة ألغى الدستور الفرنسي عقوبة الإعدام في المواد السیاسیة ، وفي غضون عام 1867 دار نقاش حول اقتراح موقع علیه من أربعة عشر ألف شخص مطالبین بإلغاء عقوبة الإعدام عرض على مجلس الشیوخ ، وقد أعلن مقرر المجلس قوله : ” لنحمل طرفي المشكلة كما حددتھا لجنتكم : ھما فاعلیة العقوبة وصعوبة إبدالھا بعقوبة أخرى على ذات الفاعلیة ، وأكرر القول بأن حل المشكلة لم یتھیأ إلا بحدوث نمو في الأخلاق العامة ، فھنا تكمن المشكلة لا في مكان آخر.” وقد تم استبعاد ھذا المشروع في 24 ینایر 1870 بأغلبیة مائة وإحدى عشر صوتا ضد سبعة وتسعین صوتا ، كما أنھ طرح مجلس النواب في عام 1882 ، مشروعا بقانون یتضمن إلغاء عقوبة الإعدام إلا أنھ قوبل بالرفض عقب خطاب لویس بلا (3) وفي عام 1901 ألغیت العقوبة بالنسبة للأم التي تقتل طفلھا حدیث العھد بالولادة ، وأصبح القانون الفرنسي لا یعاقب بالإعدام إلا على الاعتداءات التي تقع مباشرة أو بطریقة غیر مباشرة على حیاة الإنسان وكانت الحكومة الفرنسیة قد قدمت إلى البرلمان عام 1906(2) مشروع قانون تنص مادتھ الأولى على أن عقوبة الإعدام ملغاة باستثناء الحالات التي تكون مقررة فیھا بمقتضى قوانین العدالة العسكریة وكذا الجرائم المرتكبة في حالات الحرب ، وألغى وزیر العدل ” جویت دیسوجن ” بیانه بالمجلس مشیرا فیه إلى الأسباب الداعیة لإلغاء العقوبة وإحلال غیرھا مستشھدا بتجربة العدید من الدول التي قامت بذلك ، إلا أن ھذا الاقتراح لم یلق قبول المجلس أیضا . ولقاء حالة التوتر والخوف العام الراجعة إلى التفكیر في إلغاء الإعدام رفض مجلس النواب الفرنسي في 8 دیسمبر 1908 بأغلبیة 331 صوتا ضد 201 صوت ولم یستطع وزیر العدل ” أرسیتسد بریارد ” أن یقنع المجلس بإلغاء العقوبة (3) ، وبمقتضى القانون الصادر في 14 ینایر سنة 1937 قرر المشرع الفرنسي عقوبة الإعدام بشأن اختطاف الصغیر الذي لم یتجاوز خمس عشرة سنة إذا استتبع خطفھ حدوث موته . .

وفي الجانب الآخر كان القانون العسكري الفرنسي یقرر عقوبة الإعدام جزاء جریمة الھروب من وجه العدو كما كانت قوانین الملاحة البحریة تقرر الإعدام بشان جریمة القرصنة ، وبموجب المرسوم الصادر في 17 یونیو سنة 1938 تقرر الإعدام كجزاء لجریمة الخیانة ، ثم صدر قانون 29 یولیو سنة 1938 وقد نص على توقیع عقوبة الإعدام بالنسبة لجریمة التجسس (4) ، وفي عشیة إعلان الحرب صدر مرسوم بقانون في الأول من سبتمبر سنة 1939 ، لیعاقب بالإعدام مرتكبي جرائم النھب التي تقع زمن الحرب ، وكذا جرائم السرقة من مكان مسكون أو من مبنى أجنبي بفعل أحداث الحرب . وقد كان ذلك التطور التشریعي لعقوبة الإعدام بفرنسا حتى اندلاع الحرب العالمیة الثانیة ، وفي تلك الأثناء أصدرت حكومة فیشي قانون 19 یونیو سنة 1942 ، والذي تضمن النص على عقوبة الإعدام بالنسبة للسرقات والاعتداءات اللیلیة ، وللحریق العمدي للمحاصیل ثم بعد ذلك أصدرت حكومة فبشي قانون 7 أغسطس سنة 1942 ، والذي عاقب بالإعدام أیضا على استخدام أو حیازة مواقع رادیو كھربائیة غیر مرخص بھا، متى ارتكبت ھذه الجریمة بقصد الخیانة أو الجاسوسیة أو بقصد إثارة انقلاب اجتماعي أو وطني. ( 5) وبمقتضى قانون 8 سبتمبر سنة 1942 منحت جھات عدیدة سلطة القضاء الاستثنائي وتوقیع عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم الداخلة في اختصاصھا . غیر أن ھذه الأحكام القاسیة لم تدم طویلا كما أن جھات القضاء الاستثنائي ألغیت سنة 1944 بمقتضى قانون 9 أغسطس ، وأخیرا صدور قانون 4 أكتوبر سنة 1947 لیقرر الإعدام بشأن الجرائم التموینیة وكذا الجرائم الماسة بصحة الشعب. وبعد انتھاء حالة الحرب صدر قانون 30 مایو سنة 1950 مقررا عقوبة الإعدام كجزاء لمرتكبي جرائم الحریق العمد الذي یسفر عن عدوان جسیم على سلامة البدن ، ثم تبعه صدور قانون 23 نوفمبر سنة 1950 والذي نص على توقیع ذات العقوبة بالنسبة لجریمة السرقة المصحوبة باستخدام السلاح ، وبمناسبة أعمال العنف التي اجتاحت البلاد أصدر المشرع الفرنسي قانون 13 أبریل سنة 1954 الذي نص على توقیع عقوبة الإعدام لمرتكبي جرائم العنف على وجھ الاعتیاد والتي تقع على صغیر یقل عمره عن خمس عشرة سنة إذا أدت إلى وفاتھ، ولو بدون قصد إحداثھا (6) وجدیر بالذكر أنه قد جرى العمل في فرنسا على أن رئیس الجمھوریة یعفو باستمرار عن كل المحكوم علیھم تقریبا فنسبة من أعفي عنھم 89 % عن السنوات من 1901 ، حتى 1905 ، وذلك تھیئة النفوس عن طریق عدم تطبیق ھذه العقوبة في الواقع العملي ، كي تتقبل إلغائھا القانوني ، فقد جرت العادة على عدم تنفیذ عقوبة الإعدام رغم النطق بھا كما أحكمت المحاكم الفرنسیة عن إصدار العدید من أحكام الإعدام ، رغم توفرھا ما یوجب النطق بھا ، فأصدرت محكمة الجنایات ھناك 174 حكما بالإعدام في الفترة ما بین سنة 1960 ، وحتى 1972 ، ولم ینفذ منھا سوى تسعة أحكام فقط (7) أما عن محاكم أمن الدولة والتي أنشأت عام 1963 ، فقد ولت الإحصائیات ( 8) على أن مجموع الأحكام ، التي أصدرتھا من تاریخ إنشائھا وحى عام 1966 ، اثنان وثلاثون حكما بالإعدام ثلاثة عشر منه سن 1963 ، وثمانیة سنة 1964 وخمسة سنة 1965 وستة سنة 1966 ، ولم یصدر عنھا أحكام بالإعدام منذ عام 1966 1969 ، وكان أخر حكم بالإعدام تم تنفیذه بتاریخ 11/3/1969 ثم توقف إعمال تنفیذ الإعدام تماما وذلك بصدور عفو من رئیس الدولة بصفة دائمة وتلقائیة ، ولم تنفذ حالة واحدة بعد ذلك التاریخ ورغم ذلك صدر تعدیل تشریعي عام 1976 متضمنا إقراراه لعقوبة الإعدام ، والذي كان یعد انعكاسا للرأي العام الفرنسي بتأیده في الإبقاء على عقوبة الإعدام ، إلا أن الاتجاه السیاسي في فرنسا كان متجھا نحو إلغاء ھذه العقوبة ، وتبعا لذلك تم تشكیل لجنة عام 1977 لدراسة أسباب العنف والجریمة والانحراف وكان إحدى توصیاتھا اقتراح یتضمن إلغاء عقوبة الإعدام ، ثم شكلت لجنة خاصة في 16/6/1987 (9) ) ، للنظر في أمر الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام .

لقد توالت ھذه الحركة التشریعیة على الوجه المتقدم بیانھ رغم الحملات التي وجھت إلى عقوبة الإعدام مطالبة بإلغائھا ، وظلت المناقشات بین دعاة الإلغاء ومؤیدي عقوبة الإعدام قائمة، وباستفتاء الرأي العام الفرنسي سنة 1976 تبین أن 67.74 % كانت تجند الإبقاء على عقوبة الإعدام ، ولم یصوت بإلغائھا سوى 32.26 %، إلا أن رئیس الوزراء الفرنسي كان من مناھضي عقوبة الإعدام وانتھى الأمر إلى إلغاء عقوبة الإعدام بفرنسا سنة 1981(10) وكان ذلك القرار عقب صدور قرار اتخذه مجلس وزراء الدول العربیة سنة 1981(11) بمقتضاه ألحق بالاتفاقیة الأوربیة حول حقوق الإنسان بروتوكول إضافي ووافق علیه ذلك المجلس في سبتمبر 1982 ونصت المادة الأولى منه : “على أن عقوبة الإعدام ملغاة ولا یمكن أن تحكم على أحد بھذه العقوبة ولا تنفذ على أي شخص ” بمناسبة انضمام فرنسا إلى ھذا البروتوكول صار الإعدام ملغى من قانونھا ، إلا أنه رغم إلغاء العقوبة لم تھدأ حركة مؤیدي الإعدام في فرنسا بالإضافة إلى أن الرأي العام طالب بإعادة العمل بھا ، من أجل ذلك تقدم وزیر الداخلیة الفرنسي بمشروع ضمن ستة مشروعات قانون لإعادة عقوبة الإعدام بفرنسا ، كما تقدم آخرون بخمس مشروعات قانون في ذات المعنى غیر أن تلك المشروعات لم یصادق علیھا بالقبول رغم الھجمات التي یشنھا في البرلمان أنصار عقوبة الإعدام لإعادة العمل بھا وقد تبین في الانتخابات التي أجریت عام 1986 ، أن 290 عضوا منتخبا في الجمعیة الوطنیة كانوا من أنصار الإلغاء بینما بلغ عدد أصوات المؤیدین للعقوبة 289 أي بفارق صوت واحد . ومنه فقد تمت إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا في عھد الرئیس” فرانسوا میتبران” (12)، عندما عرض مشروع قانون على البرلمان في 29 أوت 1981 لإلغاء عقوبة الإعدام ، وتمت المصادقة علیه یوم 9 أكتوبر1981 ، وفي 9 فیفري 2007 تمت المصادقة على نص المادة 66 من الدستور من قبل البرلمان والتي تنص على انه لن یعاقب أي شخص بعقوبة الإعدام ، وھذا كان تأكید على التوجیه الذي تبنته فرنسا بشأن إلغاء عقوبة الإعدام .

________________

1- انظر:محمد (عبد اللطیف عبد العال) ، عقوبة الإعدام دراسة مقارنة في الشریعة الإسلامیة والقانون الوضعي دار النھضة العربیة القاھرة 1989 ، ص . 124

2- كان القانون القدیم یحظر تنفیذ الأحكام بالإعدام أیام الأعیاد الوطنیة والدینیة والآحاده وإذا صرحت امرأة محكوم علیها بالإعدام أنھا حامل ، وتحقق ذلك فلا ینفذ الحكم إلا بعد الوضع والملاحظ عدم ترك مدة لما بعد الوضع .

3- انظر: الكیلاني (عبد الله عبد القادر) ، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري دراسة مقارنة ،الطبعة الأولى ، دار الھدى للمطبوعات ، الإسكندریة ، مصر 1990،ص . 38،37 .

4- المرجع السابق ، الصحة نفسھا .

5- انظر: رباح ( غسان) ،الوجیز في عقوبة الإعدام دراسة مقارنة حول نھایة العقوبة ، ط 1، منشورات الحلبي، 2008 ، ص . 52

6- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبدالقادر ) ، المرجع السابق ، ص . 38 .

7- عدد العقوبات المنفذ في فرنسا في بدایة الأربعینات من عام ( 1826- 1830) – 354 ، (1926- 1930) 44 عقوبة 1940 -3 عقوبات منفذة ، 1939 – 26 ، 1937 – 7

8- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، ص . 39 .

9- انظر: المرجع السابق ،ص 40

10- انظر:نفس المرجع ، نفس الصفحة .

11- انظر: رباح ( غسان ) ، المرجع السابق ، ص . 54 .

12- Claude (G).victor Huqo .libriri enerale française .1er publication .1995، P.31

13- انظر: بالرغم من أن الرأي العام یمیل إلى الإبقاء فقد نقلت الصحف غد رئیس الجمھوریة قولھ: بأن غالبیة الرأي العام مع عقوبة الإعدام أما أنا فلست كذلك . وما قاله وزیر العدل بادنتر أن الراي العام الفرنسي مع الإبقاء لان معلوماته في ھذا الموضوع ناقص ..”

14-Claude (G). OP .CIT.)

عقوبة الإعدام في التشریع البریطاني :

تعد بریطانیا من بین الدول التي ألغت عقوبة الإعدام من تشریعاتھا ،لكن قبل أن تصل إلى اتخاذ قرار الإلغاء مرت بمراحل مختلفة ،وھذا ما سنتطرق إلیه من خلال ھذه المحاور. كان یتم تنفیذ عقوبة الإعدام بقطع الرأس وذلك بموجب أمر ملكي بالنسبة لكافة الجرائم ، إلا انه كانت توقع عقوبات أخرى إضافیة فضلا عن الإعدام بالنسبة لمرتكب جریمة القتل البشع فإن كان المحكوم علیه رجلا كان یحمل على قطعة خشبیة یجرھا عربة إلى منصة الإعدام حرقا . أما بالنسبة لتنفیذ عقوبة الإعدام لمرتكبي جریمتي الحریق العمد لسفن الملك أو الرصیف الملكي أو للخیانة العظمى فكان المحكوم علیه یجر غلف عربة متدلیا أسل جسده حتى ینشط ھذا الجسد ویخرج منه أحشاؤه ویمزق إلى أربعة أجزاء ، ثم بعد ذلك تقصف رقبته ، وكانت الرأس والأجزاء الأربعة من الجسم تحریض بصفة دائمة في میدان مكشوف للعامة وعبد إلیھا في الملح لتفادي أي تعفن . وفي سنة 1814 صدر قانون تم بموجبه تحدید وسیلة تنفیذ الإعدام بالشنق على أن یتلوه قصف الرأس والتمزیق إلى أربعة أجزاء وذلك بالنسبة للرجال ، أما بالنسبة للنساء فلم یكن قصف أرسھن أو تمزیق إلى أربعة أجزاء إنما كن یحرقن . وفي سنة 1870 ، استبعدت كافة التعذیبات وذلك بموجب القانون الصادر في ھذا العام ، ما لم یصدر أمر ملكي بالتمزیق إلى أربعة أجزاء أو قطع الرأس بعد الشنق (1) كان القانون الانجلیزي قبل إلغاء عقوبة الإعدام یعاقب بھذه العقوبة على جرائم ظل عددھا مجھولا حتى أوائل القرن التاسع عشر ، فیما كان عدد تلك الجرائم یبلغ نحو خمسین جریمة في سنة 1700 ، فقد یجاوز مائتین وعشرین جریمة سنة 1800 ، منھا جرائم الغش والزواج من الغجریات والإضرار ببرك الصید وكتابة خطابات التھدید وانتحال شخصیة الغیر ووجود شخص متنكر في غابة أو حدیقة عامة ، أو في أرض صید الأرانب وقطع إحدى الأشجار ، والتجول في أراضي الغیر ، والتزییف ، و سرقة المتاجر ، وكانت عقوبة الإعدام في انجلترا تطبق على الأطفال حتى عھد الملكة فیكتوریا ، ففي سنة 1801 تم تنفیذ الإعدام في طفل لم یبلغ 13 سنة لإدانته باقتحام منزل وسرقته ملعقة ، كما شنقت طفلة بمدینة لاین عام 1808 لم تبلغ من العمر سبع سنوات ، وقد صدر في 1908 ، قانون یحرم تطبیق عقوبة الإعدام على من یقل عمره على ستة عشر سنة ثم عدل بعد ذلك لرفع الحد الأدنى إلى ثمانیة عشر عاما .

وكانت عقوبة الإعدام تحظى بتأیید كل من السلطتین التشریعیة والقضائیة وزعماء الكنیسة وكبار علماء الإخلاف كما أن الرأي العام بانجلترا لم یكن معارضھا لھا ، إلا أنه إبان تزاید معدل الإجرام والإفراط في تنفیذ الإعدام تكونت جمعیة عام 1810 ، لنشر المعومات عن عقوبة الإعدام مطالبین بإلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم التافھة ، وقدمت مشروعات بقوانین بذلك المضمون في السنوات 1810 ،1811 ،1813 ،1816،1818 ، إلا أنھا قوبلت بالرفض . ، وفي بدایة القرن التاسع عشرا بدأ الرأي العام الانجلیزي یتحول ضد عقوبة الإعدام وسیتنكر تطبیقھا في الجرائم غیر الجسیمة ، بل إن غالبیة المحلفین أسرفوا في تبرئة المدینین رغم یقیھم من ارتكابھم للجرائم المنسوبة إلیھم نظرا لعدم تناسب عقوبة الإعدام معھا (2) أثمرت جھود الفلاسفة ورجال الفكر في تلك الآونة ، والتي كان لھا بالغ الأثر على الرأي العام ، إلى إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لعدد كبیر من الجرائم منھا : جریمة سرقة الماشیة والجیاد والأغنام سنة 1932 وجرائم اقتحام المنازل سنة 1832 ، وجرائم انتھاك حرمة الكنیسة وسرقة موظفي البرید للخطابات سنة 1835 ، ثم جرائم تزییف العملة ، وترویج العملة المزیفة سنة 1832 ، وسرقة المنازل المسكونة سنة 1937 لدى اعتداء الملكة فیكتوریا العرش سنة 1837 ، لم یتبق من الجرائم المقرر لھا الإعدام إلا خمس عشرة جریمة من بینھا جریمة القتل والحریق العمد، وإثارة الشغب ، والجرائم الجنسیة ، والسرقة بالإكراه ، والقرصنة والتخریب ، وسرقة أوراق الحكومة ، ثم انحصر عدد الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام إلى أربع فقط سنة 1861 ، وھي القتل والخیانة والقرصنة بالإكراه والحریق العمد في حظائر سفن الحكومة وترساناتھا . وجدیر بالذكر أن القتل البشع كان یعتبر جریمة خیانة ، ومن قیل ذلك قتل الرجل زوجته أو احد خدمه وقتل الأسقف من قبل أحد أبناءه في الكھنوت ، وظل القانون الإنجلیزي یتضمن النص على تقریر الإعدام للقتل البشع حتى عام 1828 . وقد كانت القرصنة یعاقب علیھا بالإعدام إذا اقترن بھا فعل یعرض الحیاة للخطر إلا انه لم تعرض على المحاكم في إنجلترا حالة من حالات القرصنة منذ عام 1894 ، ما عدا حالة واحدة قلیلة الأھمیة ، أما جریمة إشعال الحریق في حظائر السفن الحكومیة وترساناتھا فقد تقررت عقوبة الإعدام بشأنھا بمقتضى قانون حمایة المنشآت البحریة الصادر سنة 1882(3) وفي غضون عام 1864 ، ولدى تولي حكومة ” دربي ” تم تشكیل لجنة ملكیة لدراسة مشكلة عقوبة الإعدام والتطبیق الأمثل لھا وقد انتھت اللجنة من عملھا وخلصت للتوصیات التالیة :

تقسیم جریمة القتل إلى قسمین مع الاحتفاظ بعقوبة الإعدام بالنسبة للقتل العمدي المقترن سبق الإصرار أو التي ترتكب لتسھیل جرائم أخرى ، ولم یكتب لھذه التوصیة النجاح إلا في عام 1957

– ضرورة التفرقة بین جرائم القتل الأطفال وقتل الكبار و إلغاء التنفیذ العلني .وقد تمت الموافقة على ، التوصیة الأخیرة فورا، أما بالنسبة لجرائم قتل الأطفال فلم یتم استبعادھا من عداد جرائم القتل إلا عام 1922 ثم عدل عام 1938 (4) في أوائل القرن العشرین تزاید الاتجاه نحو المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ، من اجل ذلك تم تكوین جماعتین بھذا الغرض ھما جماعتان خاصتان وغیر رسمیتین ، الأولى نشأت سنة 1921 وتدعى ” اتحاد ھورد ” والثانیة ثم تشكیلھا سنة 1925 وتدعى ” المجلس الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام ” لإصلاح العقوبات وكان احد أھدافھا الأساسیة ھو إلغاء عقوبة الإعدام في جرائم القتل ، وقد بذلت مجھودات كبیرة لتضمین قانون العدالة الجنائیة الصادر سنة 1948 ، إیقاف العمل بعقوبة الإعدام فترة تجریبیة وكانت ثمرة الجھود موافقة مجلس العموم سنة 1948 بأغلبیة 245 صوتا ضد 222 صوتا . إلا أنه لدى عرض مشروع ذلك القانون على مجلس اللوردات ، تصادف وقوع بعض حوادث قتل فردیة .فكانت نتیجة الاقتراع الأغلبیة الساحقة 181 صوت ضد 28 صوت بحذف الفقرة الخاصة بعقوبة الإعدام ، وعقب ذلك تقدمت الحكومة بفقرة جدیدة معدلة تضمنت تقسیم القتل إلى قسمین : أحدھما یطبق الإعدام بشأنه والأخرى تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد ، إلا أن مجلس العموم رفض تلك الفقرة بأغلبیة 307 صوت ضد 309 صوت، وتمت إحالة المشروع إلى مجلس اللوردات الذي رفض بدوره بأغلبیة 99 صوت ضد 19 صوت (5) وإثر ذلك أعلنت الحكومة في 18 نوفمبر سنة 1948 عزمھا على تشكیل لجنة ملكیة لبحث موضوع عقوبة الإعدام برئاسة ” أرنست جوتر “، وأثنى عشر عضوا آخرین حیث قدمت اللجنة تقریرھا في غضون شھر نوفمبر سنة 1953 والذي أشار إلى ضرورة تقسیم العقوبة بشأن جریمة القتل بحصر الظروف المشددة بسبق الإصرار في حالات قلیلة ، ورفع السن الذي لا یجوز الحكم به بالإدانة بالإعدام دون ثماني عشر سنة إلى إحدى وعشرین سنة ، ومنح المحلفین سلطة تقریر ما إذا كان من المستطاع استبدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد مدى الحیاة (6)

وقد تصادف وان وقعت أحداث قتل أثارت اھتمام الرأي العام والتي استغلھا مؤیدو الإعدام ضد حركة الإلغاء فالبر غم من موافقة مجلس العموم على قانون القتل إلا انھ لدى عرضھ في نفس السنة 1956 على مجلس اللوردات ثم رفضه بأغلبیة 238 صوت ضد 95 صوت ، وتم إعادة المشروع مرة أخرى لمجلس العموم للنظر فیه . أعلن ” أیدن ” في أواخر أكتوبر سنة 1956 ، في مجلس العموم أن حكومته قررت أن تقدم في الدورة التالیة مشروعا بقانون یتضمن الحد من تطبیق عقوبة الإعدام دون إلغائھا ، وقد كانت كل جریمة قتل عمدي في بریطانیا قبل عام 1957 یعاقب مرتكبھا بالإعدام ، ولم تكن ھذه العقوبة تنفذ حتما ، إذ كانت تستبدل في بعض الأحیان . وفي أوائل شھر نوفمبر أعلنت الحكومة نصوص القانون الجدید ، وقد تضمن الجزء الأول منه الخطوط العریضة لتوصیات اللجنة الملكیة ولجنة المحامین المحافظین ، أما الجزء الثاني فقد تضمن تصنیف جرائم القتل إلى جرائم جسیمة أو كبرى یطبق بشأنھا الإعدام ، وأخرى تقررت بشأنھا عقوبة السجن المؤبد وكانت أفعال القتل عمدا التي ظلت معاقبا علیھا بالإعدام تلك التي تھدد السلامة العامة كالقتل عمدا باستعمال سلاح ناري مثلا أو قتل احد رجال الشرطة ، في حین أن الأفعال التي لا تھدد السلامة العامة كالقتل بالسم مثلا لم تعد معاقبا علیھا بھذه العقوبة . ورغم معارضة مناھضي الإعدام لذلك المشروع إلا أن مجلس العموم وافق علیھ بأغلبیة ساحقة 317 صوت ضد 131 صوت في غضون شھر فبرایر سنة 1957 ، كما حظي بتأیید ملحوظ لدى عرضه على مجلس اللوردات رغم إعلان العمل به في مارس بالتصدیق علیه (7) . إلا أن دعاة الإلغاء استمروا في حمل لواء كفاحھم من اجل الإلغاء الكلي حیث صدر سنة 1965 (8) قانون إیقاف العمل بعقوبة الإعدام ، من اجل أفعال القتل عمدا ثم تقرر إلغائھا نھائیا بناء على موافقة مجلس البرلمان سنة 1969 ، وأصبحت الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص معاقبا علیھا بعقوبة سالبة للحریة تصل إلى السجن المؤبد حسب جسامة الجریمة وأصبح مجرد التھدید بالقتل یعاقب علیھ بالحبس مدة لا تتجاوز عشر سنوات . (9)

وقد لوحظ أن الرأي العام الإنجلیزي یقف في صف عقوبة الإعدام رغم تصویت ممثلي الشعب على إلغائھا فقد تقدم أحد نواب حزب المحافظین ویدعي ” جیفري ” ، بمشروع تضمن إعادة العمل بعقوبة الإعدام وذلك نتیجة تفشي قتل الأطفال ، إلا أن ھذا المشروع رفض في 16 مارس 1987 ، وإذ صوت مائة وعشرة نواب لإعادة عقوبة الإعدام بینما صوت ضد إعادتھا 175 نائبا ، فقد حدث في إنجلترا منذ سنة 1950 ، أن بلغت وقائع قتل الأطفال ثلاثة أضعافھا الأمر الذي دعا” السیدة تاتشر” إلى المطالبة بإعادة الإعدام وأیدھا في ذلك ” نورمان تنیت ” رئیس حزب المحافظین ، إلا انھ في أوائل أبریل سنة 1987 رفض مجلس العموم الاقتراح بإعادة الإعدام بأغلبیة 342 صوت ضد 230 صوت (10) وقد جاءت بالفشل أخر محاولات إعادة العمل بعقوبة الإعدام، لرفض البرلمان البریطاني بأغلبیة كبیرة إعادة قرار العمل بالعقوبة وتلك الأغلبیة تمثل 83 صوت مقابل 186 صوت ضد مشروع القانون الذي تقدم به أعضاء یمنیون لإعادة توقیع العقوبة على مرتكبي جرائم قتل رجال الشرطة. كما رفض مشروع قانون إعادة العمل بعقوبة الإعدام بصدد جرائم القتل بصفة عامة بأغلبیة 403 صوت ضد 159 صوت ، وقد برر وزیر الداخلیة ” مایكل ھوارلا ” رفضه للعقوبة أمام مجلس العموم بوقوع عدة أخطاء في تطبیق العدالة و لا سیما في الآونة الأخیرة .

_______________

1- انظر: الكیلاني (عبد الله عبد القادر) ، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري دراسة مقارنة ،الطبعة الأولى ، دار الھدى للمطبوعات ، الإسكندریة ، مصر 1990، ص . 46

2- انظر: المرجع السابق ، ص . 44

3- انظر : المرجع نفسه ، ص. 47 .

4- – انظر: بن براھیم فخار (حمو)، عقوبة الإعدام دراسة مقارنة ( رسالة ماجستیر ) ،جامعة الجزائر، كلیة الحقوق . 20، ص . 75 .

5- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، ص . 48 .

6- ا نظر: المرجع نفسه ، ص . 49

7- انظر: رباح ( غسان) ،الوجیز في عقوبة الإعدام دراسة مقارنة حول نھایة العقوبة ، ط 1، منشورات الحلبي، 2008 ، ص . 57 .

8- انظر: عبد القادر الكیلاني ( عبد الله ) ، المرجع السابق ، ص. 50 .

9- یفي ھذا القانون نافذ المفعول حتى تاریخ 31 /7/1970 بحیث أثرت بعدھا غرفتا المجلس النیابي یمدد مفعوله ، وخلال الفترة بین 1954- 1958 صدر في انجلترا مئة حكم بالإعدام فقد نفذ منھا 28 ( إحصاء الأمم المتحدة ) .

10- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، 51.

عقوبة الإعدام في تشریع الولایات المتحدة الأمریكیة :

إن تاریخ عقوبة الإعدام في الولایات المتحدة الأمریكیة یتسم بالتضارب وعدم الاستقرار على وضع خاص، حیث تختلف الولایا ت فیما بینھا ، بین مبق للعقوبة وملغ لھا . عند دراسة لكل الولایات یتضح أن الحركة التشریعیة قد شملت أثنین وعشرین ولایة ، یستخلص من ذلك أن الولایات الباقیة ظلت مبقیة على عقوبة الإعدام دون تناولھا بأي إلغاء جزئي أوكلي ، یستفاد من ھذا أن بعض الولایات قد ألغت العقوبة كلیة وھي فرجینا الغربیة ، وایسرا، وأوریجون ، ومتشجن وألاسكا ، وھاواي ومنسیوري ، مان ویسكونس ، أي أنه قد ألغي الإعدام في 9 ولایات أمریكیة وأبقي على عقوبة الإعدام ولو بقصرھا على بعض الجرائم في باق الولایات . وقررت ولایة نیومكسیكو الإبقاء على عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم قتل ضباط البولیس أو حارس سجن في أثناء تأدیتھما لمھام وظیفتھما ، وكذا في حالة توصیة المحلفین بتقریر الإعدام لارتكاب المتھم بجنایة قررت بشأنھا عقوبة الإعدام في حالة العودة لجریمة للمرة الثانیة (1) وأبقت ولایة نیویورك على عقوبة الإعدام بالنسبة للأشخاص الذین ارتكبوا قتل أحد الضباط في أثناء تأدیة واجبه أو المساجین المحكوم علیھم بالسجن مدى الحیاة إذا ما أوقعوا القتل على أحد الضباط أو حرس السجن أو سجن آخر في أثناء وجودھم بالسجن أو في أثناء ھروبھم منھ ، كما أبقت ولایة” فرمونت” على الإعدام كذلك بالنسبة لمن یرتكب قتلا للمرة الثانیة بعد أن یكون قد عوقب بالسجن مدى الحیاة عن جریمة القتل أما ولایة” أیسلند ” فقد أبقت على عقوبة الإعدام بالنسبة للسجین الذي یرتكب القتل بعد إدانتھ بالسجن مدى الحیاة حتى ولو لم تكن الجریمة التي حوكم من أجلھا قتلھا ، أما ولایة متجن فقد أبقت على عقوبة الإعدام بالنسبة لجریمة الخیانة العظمى فقط ، وتختلف نسبة المحكوم علیھم بالإعدام بصدد تنفیذ العقوبة من سنة إلى أخرى والملاحظ رغم اضمحلال عقوبة الإعدام في السنوات الأخیرة في العالم لا یزال لھذه العقوبة كیانھا المعزز في الولایات المتحدة الأمریكیة ، نظرا لتعلق الشعب الأمریكي عاطفیا بعقوبة الإعدام خلال العشرین عاما الأخیرة على إثر حوادث الاغتیال التي ذھب ضحیتھا كثیرون من قادة الحكومة الأمریكیة وبالذات ” جون كیندي ” و السیناتور ” روبرت كیندي ” و ” مارتن لوثركینج ” ، والحاكم جورج ولسن (2)

ورغم أن ھذه الاغتیالات فضلا عن الأعمال الإرھابیة قد روعت الشعب الأمریكي إلا أن السیناتور ” إدوارد كیندي ” أحد الذین اغتیلوا كان من أشد المعارضین لعقوبة الإعدام ، وقد أظھر استفتاء ” جوب ” في ینایر سنة 1985 ، أن 72 % من الشعب یؤید عقوبة الإعدام ، كما أن استطلاعا آخر للرأي قامت به في ولایة فلوریدا جمعیة ” أمنتي ” الدولیة أثبت أن 84 % من الأشخاص الذین اخذ رأیھم یؤیدون عقوبة الإعدام . إلا انه رغم التأیید الشعبي الكبیر لعقوبة الإعدام في الولایات المتحدة الأمریكیة ، فأن الإعدام ظل ینازعه رأیان في فقھ القانون الأمریكي بین مؤید ومعارض ، وكان على رأس المؤیدین رجال البولیس والنیابة العامة والجمعیة الدولیة لرؤساء البولیس والجمعیة الوطنیة لأعضاء النیابة ، أما المناھضون لعقوبة الإعدام فضلا عن الجانب الآخر من الفقھاء فقد انضمت إلیه منظمة العفو الدولیة والتي اقترحت تكوین لجنة رئاسیة في الولایات المتحدة الأمریكیة لإعادة النظر في عقوبة الإعدام .كما أن الكنیسة الوحدویة الأمریكیة تعد ھي الأخرى من المناھضین لعقوبة الإعدام وذلك تأسیسا على أن من یسلب الحیاة ھو فقط واھبھا . بین عام 1930 والعام 1980 ، أعدم في الولایات المتحدة الأمریكیة 3860 شخصا لارتكابھم ثمانیة أنواع من الجرائم المختلفة : 86 % جرائم قتل ، 12 % اغتصاب ، و 2 % سلب مسلح ، خطف ، تھدید ، سطو مسلح على المنازل ، واعتداءات خطرة وتجسس، أما العدد التفصیلي لكل من ھذه الجرائم فھو غیر معروف والأكثریة الساحقة من الذین نفذ بھم حكم الإعدام ھم من الذكور ( منھم فقط 32 امرأة ، 12 مھن من السود ) . أما التفصیل السنوي فكان التالي : (3) خلال الثلاثینیات 167 شخصا ، في الأربعینات 128 شخصا في الخمسینیات 72 شخصا و في الستینات 19 شخصا أما في السبعینیات فثلاثة أشخاص ( كلھم ذكور ومن البیض ) ، وقلیلة ھي الحالات التي عرضت على محاكم الاستئناف أو بحث في دستوریتھا ، أما فیما بعد فقد ازدادت ھذه الحالات وانقسم الرأي حولھا إلى طریقین :

الأول : یعتبر أن عقوبة الموت لا تتصف بالقسوة أو عقوبة غیر العادیة .

الثاني : یرى فیھا مخالفة دستوریة للمبادئ التي تحمیلھا التعدیلات الأربعة عشر المعروفة في الدستور الأمریكي ولم یكن لھذه الطریق من نصیب في الظھور إلا مع بدایة الستینیات .

أصدرت المحكمة العلیا حكمھا في 29/6/1972 (4) بأغلبیة خمسة أصوات مقابل أربعة أصوات قضت بموجبه أن الإعدام تمثل على خلاف الدستور معاملة قاسیة ومتطرفة ورأت المحكمة أن السلطة التقدیریة غیر المحددة الممنوحة للقضاة والمحلفین لتطبیق الإعدام أدت إلى فرضھ تحكما وعلى نحو غیر متسق كما قرر قضاة عدیدون أن ھذه العقوبة كانت تقع على وجھ مخل بالمساواة على الأوساط المحرومة وفئات الأقلیات ، غیر انھ في سنة 1976 قررت تلك المحكمة ذاتھا بأغلبیة سبعة أصوات مقابل صوتین ” أن عقوبة الإعدام كما نصت علیھا القوانین الخاصة بكل من ولایة فلوریدا ، جورجیا وتكساس متوافقة مع الدستور. وبمقتضى ھذا الحكم أعادت ولایات أخرى غیر الولایات المشار إلیھا عقوبة الإعدام ، وفي الفترة من 17 ینایر 1977 أو حتى 1983 ، بلغ مجموع الحالات المنفذ فیھا الإعدام إحدى عشرة وفي خلال السنوات الثلاث التالیة ارتفع معدل تنفیذ عقوبة الإعدام إلى سبع وخمسین حالة ، ثلاث منھا نفذت على صغار . وفي سنة 1987(5) صدر حكم من المحكمة العلیا بأغلبیة خمسة أصوات ضد أربعة أصوات بموجبه رفضت الاعتراضات المقدمة إلیھا من زنجي یدعى ” ماكلسكي ” حكم علیھ بالإعدام لقتله رجل أبیض ،ورغم عدم دستوریة القانون الجنائي لولایة جورجیا بسبب ما فیه من تحیز ضد السود ، ومنه ھذا الحكم لم یحد من اعتراضات المطالبین بإلغاء ھذه العقوبة و یستفاد من اعتراضاتھم ما یلي :

– إن العدالة الأمریكیة تبدو أكثر قسوة على الأشخاص الملونین وان تفرقتھا في المعاملة أكثر ظھورا في ولایات الجنوب حتى أن في كل من ولایة فلوریدا ن وتكساس ، یتعرض السود القاتلین للبیض من خمس إلى ست مرات للإعدام أكثر من تعرض البیض للإعدام في حالة قتلھم لبیض آخرین.

– ومن بین المحكوم علیھم بالإعدام یوجد 50.400 % من البیض ، 41 % من السودن 103 % من الھنود الأمریكیین ، 59 % من لاسبانیین ، 0.5 % مم الأموین ، بینما الضحایا 75 من البیض ، 13 % من السود .

– اتضح أن في سنوات العشرینات والثلاثینیات نفذت نسبة النصف من عقوبة الإعدام في ولایات الجنوب ، حتى أن مقدار الثلثین من تلك العقوبات سنة 1977 ، نفذ في ولایات

– فلوریدا وتكساس وجورجیا لیستفاد من ھذا أن النطق بعقبة الإعدام یتوقف على مكان وقوع الجریمة أكثر مما یتوقف على نوعھا .

– ما أغضب المنادین بإلغاء عقوبة الإعدام بصفة خاصة تنفیذ الإعدام في الصغار فمنذ 1900 نفذ الإعدام على نحو 100 صغیر معظمھم سود ، وفي سنة 1948 عادت إلى الظھور.

– بكثرة حالات الإعدام على الصغار والتي تتناقض مع المعاھدات الموفقة علیھا من الحكومة الأمریكیة وغیر المصدق علیھا من جانب الكونجرس . (6)

عرفت الولایات المتحدة خمس طرق تنفیذ لعقوبة الموت: الشنق ، إطلاق الرصاص ، الكرسي الكھربائي غرفة الغاز السام ، الحقن السامة ، وكل من تلك الطرق كانت موضوع مراجعة دستوریة أمام عدة محاكم فمن أجل تخفیف من لا إنسانیة وسیلة الشنق ، كان البدیل بتقدیم ولایة ینویورك استعمال وسیلة الكرسي الكھربائي وذلك في عام 1890 ، ومنذ ھذا العام لا تزال سبعة عشر ولایة تقوم باستخدام ھذه الوسیلة ، إلى جانب لجوء بعض الولایات الأخرى إلى الحقن الغازیة ( لینفادا وتكساس ) ، مثلا باستثناء حالات تطبیق القانون العسكري حیث بقیت وسیلة الشنق ووسیلة الرمي بالرصاص ھما السائدتین ومن الناحیة العلمیة ولا سیما الطبیبة ، لم تستقر الأبحاث على اختیار الوسیلة الأسلم (7)ففي عام 1980 وجھت اللجنة الملكیة لعقوبة الإعدام توصیة بعدم اعتماد الحقن الغازیة ( 8) بسبب أن تلك الوسیلة تعتبر خرقا صارخا لدور الطب في المجتمع ، بالإضافة إلى السمة أللإنسانیة في استعمال تلك الوسیلة في الجرائم التي ارتكبتھا النازیة خلال الحرب العالمیة الثانیة أما بالنسبة لمكان تنفیذ تلك العقوبة فإنھا تجري في غرفة معدة خصیصا في سجن الولایة . ومع بدایة الخمسینات وبظھور جھاز التلفاز دعا أنصار العقوبة إلى وجوب نقل تنفیذھا على المباشر بینما رأى أنصار الإلغاء أن من شأن تلك الطریقة أن تمس الشعور العام. وبالرغم من المحاولات الناجحة لإلغاء عقوبة الإعدام في كثیر من الولایات فإن نشوب الحرب الأھلیة فیھا ( 1861 – 1865 ) أنھى تیار الإلغاء وعلى مستوى البلاد كافة وظل الأمر على تلك الحال حتى بدایة الحرب العالمیة الأولى .

وعلى مستوى الرأي العام نجد أن عدة استطلاعات له قد أظھرت في بدایة الستینیات میلا كبیرا نحو الإلغاء ، بینما في السبعینات كانت الاستطلاعات معاكسة حیث أن واحدا وحتى اثنان من ثلاثة أشخاص حبذوا عقوبة الإعدام وذلك للأسباب التالیة : الخوف من زیادة الضحایا ، الإیمان بالقدرة الرادعة لتنفیذ حكم الإعدام ، النظر إلى عقوبة الإعدام على أنھا رمز لتقویم الانحراف الذي یرافق الحیاة الاجتماعیة.. إن توقیف ألفي حكم بالإعدام خلال 1960- 1970 بسبب إعادة النظر بھا استئنافا خفف من صیحات دعاة الإعدام ، الا أن الدعوة للإلغاء لم تتوقف بل اكتسبت إبعادا عالمیة عن طریق ھیئة الأمم المتحدة وھذه النظرة دعمھا خلال فترة السبعینات نشاطات منظمة العفو الدولیة ، ومنظمة حقوق الإنسان .

ولایة نیو میكسیكو : ألغت العقوبة سنة 1929 وأبقت علیھا في الجرائم التالیة :

قتل ضابط شرطة أثناء أو بسبب الخدمة .، القتل الذي یرتكبه مسجون ضد آخر، القتل الذي یرتكبه مسجون ضد حارس السجن ، إذا كانت الجریمة یعاقب علیھا القانون بالإعدام وأوصت لجنة المحلفین بإعمالھا ، أیضا في ارتكاب شخص لجریمة جسیمة، وارتكابھ جریمة أخرى جسیمة في فترة كان یمكن لھ التروي قبل ارتكابھا .

– ولایة فرمونت : ألغت عقوبة الإعدام سنة 1965 ، باستثناء إعمالھا في الحلة التي یتھم فیھا شخص بارتكاب جریمة قتل من الدرجة الأولى ثم یرتكب جریمة قتل أخرى غیر مرتبطة بالأولى ، قتل واحد من رجال الضبطیة القضائیة أو مستخدمین السجون أثناء مباشرتھم لواجباتھ وظیفتھم .

– ولایة فورت داكوتا : ألغت عقوبة الإعدام فیھا سنة 1915 ، وأبقت علیھا في جریمة الخیانة ، القتل التي یرتكبھا مسجون أثناء تمضیته لعقوبة السجن مدى الحیاة لجریمة قتل من الدرجة الأولى . والجدیر بالذكر أن بعض الولایات الأمریكیة دعت غل إلغاء عقوبة الإعدام ثم عادت إلى تطبیقھا بشكل كلي ومن ھذه الولایات ” تنسي ” ، ” أریزونا ” ، ” نیویورك “وھذا ما تمیل إلیھ الاتجاه الحالي في الولایات المتحدة الأمریكیة ، فمن الولایات التي ألغت العقوبة وعادت إلى تقریرھا نجد :

– ولایة كولوراد وألغت العقوبة سنة 1897 واعداتھا سنة 1901

– ولایة واشنطن ألغت عقوبة الإعدام سنة 1913 وأعادتھا سنة 1919

– ولایة میسوري ألغت العقوبة سنة 1917 وأعادتھا سنة 1919

– ولایة داكوتا ألغت العقوبة سنة 1915 وأعادتھا سنة 1939

– ولایة كانسیس تم الإلغاء سنة 1917 وأعادتھا سنة 1930

– ولایة دولار ألغت العقوبة سنة 1958 وأعادتھا سنة 1961

– وھناك بعض الولایات ألغت عقوبة الإعدام ولازالت على ھذا الإلغاء ومن بین ھذه الولایات :

– ولایة ویبكوس ألغت عقوبة الإعدام سنة 1803

– ولایة وست فرجینیا ألغت عقوبة الإعدام سنة 1957

– ولایة ھاوي ألغت عقوبة الإعدام سنة 1957

– ولایة كینسونا ألغت العقوبة سنة 1911

– كما توجد ولایات أخرى ألغت العقوبة وأعادتھا ثم ألغتھا مرة أخرى ھي :

– مثل ولایة إیوا ألغت عقوبة الإعدام سنة 1872 فأعادتھا سنة 1878 ثم عادت إلى إلغائھا في 1960.

________________

1- انظر: الكیلاني (عبد الله عبد القادر) ، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري دراسة مقارنة ،الطبعة الأولى ، دار الھدى للمطبوعات ، الإسكندریة ، مصر 1990 ،ص52.

2- انظر : المرجع نفسه ، ص . 53 .

3- ا نظر: المرجع نفسه ، ص . 64

4- انظر: رباح ( غسان) ،الوجیز في عقوبة الإعدام دراسة مقارنة حول نھایة العقوبة ، ط 1، منشورات الحلبي، 2008، ص. 65 .

5- انظر: عبد القادر الكیلاني ( عبد الله ) ، المرجع السابق ، ص 54

6- انظر: عبد القادر الكیلاني ( عبد الله ) ، المرجع السابق ، ص 56 .

7- انظر: رباح ( غسان ) ، المرجع السابق ، ص. 66 .

8- كان أول من نفذ فیھ حكم الإعدام بالإبرة في وریده ، مجرم خطیر یدعي ” ھیس ” وقد تم ذلك في سجن ” أو كلاھوما ” وكانت الحقنة تحتوى على ثلاث نقط من شانھا أن تفقده الوعي ، وتشل قلبه ، وكان المنفذ ( 3في أمریكا ، في 14/9/1981 شخص غیر طبیب ، احتراما لیمین أبقیراط .

عقوبة الاعدام في التشريع الايطالي :

ما وضع عقوبة الإعدام في ایطالیا ، ھل اتجھت ایطالیا نحو الإلغاء أم أنھا أبقت على عقوبة الإعدام في قوانینھا ؟ بمناسبة قیام الوحدة الإیطالیة ثار الجدل بشأن عقوبة الإعدام في القانون الجنائي الموحد لا سیما أن بعض المقاطعات كانت قد ألغت العمل بعقوبة الإعدام في قوانینھا الداخلیة قبل قیام الوحدة مما كان له بالغ الأثر على حركة الإلغاء التي تبناھا مناھضو الإعدام ، والتي أثمرت عن صدور قانون العقوبات الإیطالي سنة 1889(1) والذي خلت نصوصه من عقوبة الإعدام وفي أعقاب إلغاء العمل بعقوبة الإعدام شھدت إیطالیا سلسلة من الجرائم البشعة مما أضطر معه موسولیني على إعادة العمل بھذه العقوبة بشان جرائم امن الدولة وذلك بمقتضى القانون الصادر في 25 نوفمبر سنة ، 1926 فقد تم تنفیذ عقوبة الإعدام في ظل الحكم الفاشي ضد من ارتكبوا عدوانا على سیادة الدولة أو جرائم قتل جسیمة و مصحوبة بسبق الإصرار أو مقترنة بظروف مشددة ، وقد دعت الظروف الداخلیة لإیطالیا أن تمتد العمل بعقوبة الإعدام في مجال القانون العام فصدر قانون العقوبات في 19 أكتوبر193 متضمنا الإشارة إلى ھذه العقوبة ومحددا تاریخ بدء العمل بھا اعتبارا من أول یولیو عام 1931(2)

وفي أعقاب الحرب العالمیة الثانیة عمت البلاد حركة إصلاحیة لإرضاء الرأي العام ، أثمرت عن حركة تشریعیة في مجالات عدة منھا المرسوم بقانون الصادر في شھر أوت عام 1944 والذي تقرر بموجبه إلغاء العمل بعقوبة الإعدام بشان جرائم القانون العام ، وذلك رغم انھ قد ورد بالمذكرة الخاصة بقانون العقوبات التي رفعت إلى رئیس الدولة آنذاك : ” انه لا توجد عقوبة مماثلة لعقوبة الإعدام في قوتھا الزاجرة ، وفي إرضائھا لمشاعر المجني علیه ،وفي تجاوبھا مع الرأي العام الساخط على فعل الجاني .” وقد صدر الدستور الإیطالي الحالي سنة (3) 1747 ، ونص في مادته 27 على ” أن عقوبة الإعدام لیست مقبولة إلا في الحالات التي تنص علیھا القوانین العسكریة الخاصة بحالة الحرب. وعقب الفقه الإیطالي على موقف الدستور من إلغاء عقوبة الإعدام على انه لیس صحیحا وذلك لان إلغاء الإعدام لیس له أي تأثیر على الإجرام ، ففي فرنسا في الفترة من 1902 – 1907 ،كانت عقوبة الإعدام فیھا معطلة من الناحیة العملیة قد ازدادت الجرائم الجسیمة على وجه مریع ، وأما القول أن الخطأ القضائي في توقیع عقوبة الإعدام لا یمكن تداركه بعد أن تكون قد وقعت فیرد علیه بان ” العفو عن العقوبة لمجرد وجود شك حول قیام الشك في ذلك الخطأ أمر یكفي للرد على تلك الحجة ” ، وشأن عقوبة الإعدام في ذلك شأن العملیات الجراحیة فلا یحول دون الاستجابة لضرورتھا مجرد قیام شك (أو احتمال ) والعفو كفیل بتفادي تنفیذ عقوبة الإعدام . (4)

وقد انتقد الأستاذ” منسیتي” المادة 27 من دستور إیطالیا الصادر سنة 1947 عقب انھیار الفاشیة وقد تضمنت إلغاء عقوبة الإعدام، أین ورد النص علیھا بالنسبة للقوانین العسكریة الخاصة بحالة الحرب وذكر في انتقاده (5) أن ھناك حالات كثیرة نص فیھا بصفة أصلیة على عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة ، وذكر بشأنھا انه إذا توافر شرط مشدد معین تصیر عقوبة الإعدام بدلا من الأشغال الشاقة المؤبدة ، وبعد إلغاء الإعدام شل التشدید المنصوص علیه في تلك المواضیع فرغم ضرورته أصبح من غیر الممكن إعماله إذا لم تعد ھنا عقوبة أشد من الأشغال المؤبدة . ما یمكن قوله حول إیطالیا (6) أن الإلغاء لیس في الحقیقة مطلقا ، فھي ملغاة فقط في شأن الجرائم العادیة في وقت السلم أما في زمن الحرب وفقا للقوانین العسكریة فتطبیقھا یكاد یكون ھاما في جمیع البلاد ، وقد طبقت فعلا مع المتعاونین مع الأعداء إبان الحرب الأخیرة في بعض البلاد التي لم تطبقھا منذ زمن طویل .

______________________

1- صدر قانون 1889 دون النص على الاعدام ، “Ergastlo وھي عقوبة بدیلة لعقوبة الإعدام وتتمثل في عقوبة 3 سنوات على الأقل في حبس إنفرادي ، وفي نھایة ھذه المدة یمكن السماح بالعمل في الورش لخارجیة مع العزل اللیلي ، وكانت توقع على جرائم القتل مع سبق الإصرار وقتل أحد الوالدین ، القتل بالسم ، جرائم المساس بأمن الدولة ، أنظر: محمد (عبد اللطیف عبد العال) ،عقوبة الإعدام دراسة مقارنة في الشریعة الإسلامیة و القانون الوضعي ، دار النھضة العربیة ، القاھرة ، 19 ، ص . 146

2- انظر: الكیلاني (عدالله عبد القادر )، عقوبة الإعدام في الشریعة الإسلامیة والقانون المصري ، ط 1 ، دار الھدى للمطبوعات ، 199 ، ص 43

3- انظر: نفس المرجع ،نفس الصفحة.

4- انظر: الكیلاني ( عبد الله عبد القادر ) ، المرجع السابق ، ص. 42 .

5- انظر:المرجع نفسه ، الصفحة السابقة .

6- الملاحظ أن القانون الإیطالي لا یسمح بتسلیم المطلوبین من قبل دول أخرى إذا كانت قوانینھا یجیز عقوبة الإعدام انظر :المرجع السابق ، ص 59.

المؤلف : جودي زينب .

إغلاق